كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 202 - ميناء الحب - سالي كووك - مكتبة مدبولي الصغير
بدا القوم الذين كانوا بالغرفة يتلاشون واحداً تلو الآخر , حتى صار هناك لوسي ولوران فحسب معاً.
لقد كان لوران ابن باريس , بطبيعة الحال, يرتدي بذلة داكنة جداً, وقميصاً ابيض ورابطة عنق خاصة بالبنك, اما شعره فقد كان غير متغضن , وكانت هي لوسي التي عرفت باريس وهي تواجهه , وذكرت نفسها بذلك . ولم تعد الفتاة التي ترتدي القميص التي شيرت الذي كان هو قد غطس ليخرجها من مياه ميناء ماهون لإنقاذها. والآن اصبحت محاسبة صغيرة في بداية حياتها. لقد كانت جزيرة مينوركا تمثل ذكريات الماضي البعيد بالنسبة له.منتديات ليلاس
ولذلك لماذا كان ينظر إليها بمثل هذه الطريقة بدهشة وتعجب في وجهه, لماذا كانت اللمسة الخفيفة من يده على يديها تجعل من ركبتيها رعشة , واحشاءها هلاماً؟ لماذا شعرت كما لوكانت الشهور الطويلة الخالية منذ ان رأته آخر مرة, تنمحي, ولم تمضي سوى لحظات قلائل فقط واصبحت اخيراً بين ذراعيه؟
لم يسبق لها ان شعرت ابداً من قبل بأنها انثى بذلك القدر من الكثافة, تشعر بتلك الحدة بتأوهات جسدها المتخفية تحت ثوبها الأزرق المتحفظ. قال لوران:
- هيا فلنخرج من هنا.
واحكمت يده قبضتها على يدها , وسحبها تقريباً نحو الباب. وكان الضيوف لا يزالوان يصلون إلى الحفل . ارشدها لوران عبرهم, في ادب وتصميم , يومأ برأسه لهذا, ويتمتم بالكلام لذاك من معارفه كما لو كان يؤكد لهم انه سوف يعود ادراجه إليهم فيما بعد.
انتظر هينهة , حتى استردت معطفها , ثم سرعان ما خرجا إلى الشارع. وأتيا إلى موقف خالي على الرصيف.منتديات ليلاس
نظر لوران فيما حوله , وقال :
- إن هناك احد البارات في الركن الكائن بهذا الشارع , فلنذهب إلى هناك.
وذهبا واشتر لهما كأسين من الشراب , وجلسا بجوار بعضهما البعض على المقاعد المعدنية.
قال لوران في بطء.
- إنها أنت إذن في حقيقة الواقع.
- أحقاً.
- لم يكن لدي فكرة في انك كنت في باريس.
ترددت لوسي . ولم تكن تعرف ما الذي تقوله . لقد كان هو لوران بعينه, إنه يبدو تحس وتسمع انه هو لوران . إن مجرد نظرة منه كفيلة بأن تقلب عالمها رأساً على عقب, ولكن في نفس الوقت كان غريباً عنها, وكانت هي غريبة عنه. ولم تعلم شيئاً عن حياته في باريس , ولم يعرف هو حتى انها كانت تقيم وتعيش في نفس المدينة.
- لقد وصلت إلى هنا منذ شهر يوليو, وتخرجت هذا الصيف , ثم بدأت العمل ههنا.
- لقد قلت بأن هذا هو ما اردت ان تفعليه , العمل في باريس.
إذن إنه يذكر ذلك, قالت لوسي في يأس:
- وقد فعلت .
- انت تنزلين ههنا بمفردك؟
- اجل, وكيف حالك أنت؟
قال لوران :
- اوه, لا زلت اعيش وحيداً.منتديات ليلاس
ثم صمت لحظة , واضعاً الشراب بين يديه , ثم قال مقاطعاً:
- هل تريدين ان تحاولي مرة ثانية؟.
هل كانت تريد؟ بدت لوسي برهة وهي تبدو كما لو كانت غير موافقة على نحو لا يصدق, من اجابتها . إن ذاكرة فصل الصيف في مينوركا كانت مكثفة حتى انها كانت تحس بأنها تستطيع شم رائحة الماء المالح في الميناء, وان تستشعر بالشمس على جسدها, والرياح القادمة التي تهب على زورق سان فيليب وتداعب شعرها . غير ان هذا لم تكن مينوركا , ولم تعد كذلك, وكان هناك عام من العمل الشاق, والوحدة والتي يفصل بين لوسي القديمة ولوسي الجديدة.
|