- لم أر راقصة من راقصات اللامينكو منذ وطأت قدماي الجزيرة.
- القليل منهن يؤدي تلك الرقصات في الفنادق الكبرى . إنها متعة كبرى ان تشاهدها , على الرغم من انها تؤدى خصيصاً للسياح.ريحانة
اما اهل مينوركا انفسهم فهم لا يتصرفون على هذا المنوال. إن فانيسا تقول إنهم يرقصون على متون الزوراق السياحية خارج جزيرة ماجوركا رقصة فيفا اسبانيا ويجعلون جميع الركاب يعزفون موسيقى الصنج. اما نحن فلا نفعل ذلك ههنا. إننا نحب للأشياء ان تكون طبيعية وهادئة.
- وكذلك أنا, هلم تعالي . إنني اموت جوعاً.
اختارت فانيسا المطعم ايضاً , احد المطاعم في الشوارع الخلفية للمدينة , اكثر هدوءاً من اماكن تجمعات السياح حول الميناء , وهو الذي يقدم اصناف الطعام الأصلية لأهل جزيرة مينوركا . تناولا السردين الطازج المجمد بالتوابل والثوم والبقدونس , واعقبه شرائح البفتيك.
قال لوران :
- لم تخبريني بعد, كيف حدث ان اتيت إلى الجزيرة.
- الفضل يرجع إلى خوان وصوفي اساساً في المقام الأول , ولأنني اردت ان اشغل نفسي في احد الأعمال الصيفية التي من شأنها ان توفر لي فرصة تحسين لغاتي.
ومضى يستمع إلى لوسي وهي تقص عليه دراساتها ومناهجها في الجامعة . لقد كانت تدرس منهجاً متخصصاً في دراسات الأعمال التجارية الدولية , وهي من الموضوعات التي تخلط وتجمع بين دراسة اللغات والمحاسبة والقانون التجاري. قال لوران صائحاً:
- وهذا هو مايفسر سبب تحدثك الفرنسية والألمانية بإتقان.
- والاسبانية , لهجة كاستيلان , على الأقل , برغم من ان تحدثي بها لا يزال ضئيلاً بعض الشيء. ولي معرفة سطحية باللغة الإيطالية, ايضاً. ويمتعني دائماً دراية اللغات, وكان والداي يأخذانني معهما في سفرياتهما كثيراً حينما كنت صغيرة السن ومنذ نعومة اظافري. غير انني اومن بأنهما كانا على صواب حينما نصحاني بضرورة الإنخراط في دراسة أكثر تأهيلاً للعمل في إحدى المهن العلمية بصرف النظر عن اللغويات, وعلى الرغم من ان الكثير من الناس يعتقدون بأن المحاسبة مادة تصيب دارسها بالملل , إلا انني اجد ان دراساتي لها مشوقة للغاية .منتديات ليلاس
- إذن , ما الذي سوف تفعلينه عقب تخرجك؟
قالت لوسي:
- شيئاً مماتفعله انت . منتديات ليلاس
لاحظت الدهشة تعلو وجه لوران. ولم يكن الأمر غير متوقع , فراحت تضحك , وهي تردف قائلة :
- إذا تحدثت لجدية , فإنني اقول إن هذا هو مايشغلني فعلاً. احب ان انخرط في العمل المتعلق بالتمويل الدولي, وفكرت في العمل خارج البلاد برهة من الزمن على الاقل , في باريس او فينيا او احد المراكز المالية العالمية الأخرى , ربما لا أكون كطموحة بمافيه الكفاية, كي اخوض التجربة حتى منتهاها , بيد انني افكر وقتاً لعمل مهني ملائم, وبمجرد تخرجي سيكون لدي من المؤهلات القدر الكافي الذي يرشحني لمنحة تدريبية في احد البنوك التجارية , او أي مكان من هذا القبيل , وعلى المدى الطويل , اعتقد بأنني اهدف إلى شيء شبيه جداً بنوع العمل الذي تخصصت انت فيه.
تلاشت الدهشة من على وجهه , وحل بدلاً منها تعبير ينم عن التهذيب والاهتمام. إذ قال مبتهجاً:
- لم يرد ذلك على خاطري ابداً, ياسندريللا. انت على حق , إذ ان تلك هي نوع المؤهلات التي تحتاجينها في مثل هذا النوع من التخصص في العمل الذي اضطلع به . ولا استطيع ان انكر انه يعود بالمكأفاة على المرء.

- إلا انه عمل شاق.ريحانة
- نعم. ثمة ظلم واجحاف علني ضد النساء في عالم المصارف هذه الأيام, غير ان هذه الأمور لا تصل إلى مستوى مجلس الإدارات , واعتقد ان السبب في ذلك يعزي إلى المشقة التي تقع عليهم, إذ يتطلب ذلك التفرغ التام وخلو الذهن للعمل دون سواه. فأنت لا تستطيعين في الواقع ان تجمعي بين مهنة عالية المستوى في عالم التجارة والمال وبين اسرة سعيدة عائلياً.
قالت لوسي:
- هل استطعت ذلك.
- فشلت ولم يحالفني النجاح.
كانت استجابته ورده كئيباً لدرجة ان لوسي لم تشأ ان تسبر غور الموضوع والدلوج إلى اعماقه قالت بعناية:
- إنه لأمر شاق على النساء في هذه الأيام , ان يجمعن بين العمل ورعاية الأسرة , والزواج . ويقيناً سوف اتزوج ذات يوم. واتخيل انني لن اكون سعيدة في حياتي مع رجل غير ناجح في عمله . غير انني احب حقيقة مشقة كبيرة بالنسبة للمرأة ان تركز حياتها حول رجل مشغول وغارق حتى اذنيه في وظيفة تستحوذ عليه وتبعده عنها . واتخيل نفسي وحيدة في المنزل طوال النهار, او مع اطفال صغار فحسب , ثم يتعين على ان استجيب واتصرف بكياسة ولطف حينما يدق الزوج جرس الهاتف ليقول إنه سوف يتأخر ساعتين او ثلاث ساعات على موعد العشاء!
اصدر لوران ابتسامة ساخرة , وصاح معترفاً:
- لقد اعتدت على فعل ذلك مراراً وتكراراً في الأسبوع الواحد مع كاترين.منتديات ليلاس
- يالها من امرأة مسكينة كاترين هذه.
- اوه, لقد علمت الآن كم كنت ظالماً لها. انها كانت عادة لا يمكنني تغييرها حتى اتجاوب وأكون مناسباً مع مايريحها .
- وبناء عليه ألا يكون هناك شيء مايمكن قوله عن المرأة التي يستغرقها عملها فتغرق فيها وتنس بيتها وزوجها؟.
- ثمة مساوئ لهذا النمط من الحياة ايضاً.
- واثق من ذلك, غير ان تلك المساؤى لايمكن ان تكون بنفس المقدار من البشاعة التي يستشعرها المرء الذي يعيش وينفق مدى حياته وحيداً.
رشف لوران من القهوة, بدلاً من ان يرد عليها , واحست لوسي انها قد تجاوزت الحد الذي ترضى عنه في المحاولة الأولى للإقتراب منه . وقالت مستطردة:
- على اية حال , انت لست وحيداً, أليس كذلك؟ هناك ابنك جيل .
- اجل , هناك جيل.
- هل تراه غالباً؟
- بقدر ما استطيع .
وابتسم ابتسامة حزينة بعض الشيء , واردف:
- في الواقع , أكثر مما كنت افعل حينما كنت أنا وكاترين نعيش معاً. وفي هذه الأيام ارتب مواعيد لكي اقابل جيل: لمدة ساعة بعه إنتهاء اليوم الدراسي وخروجه من المدرسة مرة في كل اسبوع , كي اصطحبه إلى ممارسة كرة القدم, ثم نخرج سوياً في ظهيرة كل يوم احد .
- ربما كنت تفعل ذلك حينما كنتما أنت وكاترين غير منفصلين.ريحانة
- ربما كان ذلك صحيحاً. إن الزوجين المشغولين على قدر علمي يفعلان نفس الشيء , مع بعضهما البعض , ومع اطفالهما. إنهما يحجزان ويرقبان للخروج من اجل تناول الغذاء والعشاء معاً خارج البيت مبكراً مدة ستة اسابيع.

ضحكت لوسي , حينما بدا لها ان لوران ينوي ان يفعل ذلك معها. واعتقدت في قرارة نفسها كم ان تلك الحياة سوف نكون مروعة . وهي تتخيل وجوب العمل من اجل إيجاد الوقت الذي ينفقه مع شريك حياته؟ غير انه لم يكن عدلاً ان تسخر وتهتزأ به, وراحت تتدبر ذلك في نفسها, إن أي زوجين تمكنا من ان ينجزا النجاح في الزواج الحديث يستحقان الإعجاب , وليس صب الانتقادات على الحلول التي يتوصلان إليها من اجل مشكلاتها؟.
قالت :
- هل لديك صورة لجيل؟
كان ذلك امراً مربكاً, وهي قد علمت ذلك بمجرد ان نطقت بالسؤال , ولكنها لم تستطع مقاومة الفضول في رؤية ابن لوران ومعرفة المزيد عنه . كما انه احسن الظن بالسؤال. قال وقد مد احد يديه إلى محفظة الجيب الخاصة به , وجذب صورة صغيرة, واحدق فيها بعطف وحنان قبل ان يناولها إياها , مردفاً:
- اجل , بالطبع , تم التقاط هذه الصورة في اعياد الميلاد العام الماضي.
نظرت لوسي فيها. كانت لصبياً صغيراً يبتسم ابتسامة عريضة , وهو يحمل نموذج طائرة يبدو جميلاً مؤثراً . وكان جيل اكثر جمالاً من ابيه, ذا عينين زرقاوين بدلاً من عيني لوران البنيتين , ولكن لوسي حسبت انها استطاعت رؤية التشابه بين الإثنين في الفم الواسع وعظم الوجنتين البارز لأعلى . واعربت عن ذلك للوران.منتديات ليلاس
طأطأ رأسه بالموافقة وصرح قائلاً:
- إن جيل مثلي ايضاً في عصبيته. إنه طفل كثير التفكير والتدبر , غير انه له قدراً كبيراً من المتعة والاستمتاع يحس بهما من يصاحبه . لقد افتقدته أكثر مما كنت اتوقع في هذا الشهر الأخير. منتديات ليلاس
- أرى عدم قدرتك ان تحضره معك إلى هنا.
- لا احبذ ان افعل ذلك في مثل تلك الظروف.
وحتى ذلك الحين , كانت لوسي قد تمكنت من نسيان كل شيء عن التهديدات بالاغتيال. ولقد آلمهما وجرحهما تذكر ذلك . إن هذا النوع من الأحداث لا يناسب ولا يلائم الحياة العائلية في شيء . غير ان طالما كانت التهديدات بالاغتيالات تطارد رجال البنوك وتمثل خطراً ماثلاً. وعلمت لوسي انه من العقل والحكمة ان يبعد لوران طفله عن اية مخاطر , شعرت ان الأمر سيكون يسيراً للغاية بالنسبة إليه, إذا ماوجد إنسانة يحبها , وتحبه , كي تساعده للخروج من محنته والوقت العصيب , تمنت لوسي قائلة :
- ربما كان ذلك في العام التالي فتأتي به معك.
وهي تعيد إليه الصورة الفوتوغرافية , وضعها لوران في احد جيوبه . وحول مجرى الحديث برشاقة إلى المياه الضحلة والموضوعات الهامشية .
كان الجو مظلماً في الخارج حينما حل وقت انتهائها من احتساء الفنجان الثاني من القهوة . دفع لوران فاتورة الحساب . وبينما غادرا المطعم , وضع ذراعه حول كتفي لوسي . وكان يسيراً عليها ان تحس بجسده يلامس جسدها بينما كانا يسيران عبر الطريق.
وجال بخاطرها , انه لابد وانه مشتاق للغاية يستشعر الوحدة. ومهما يتظاهر , لم يبدو بالنسبة لها من النوع من الرجال الذين يمكنهم المعيشة بسعادة بمفردهم, يتخلص من شهيته الى الحب والغرام بالإنغماس في العلاقات الجنسية القصيرة العابرة الأجل. لقد قال عن جيل ابنه إنه على قدر كبير من الإمتاع الذي لم يستخدمه حتى أقصاه وحتى الثمالة مدة طويلة, حسبما احست. إنه يعوزه الحب في حياته , وحتى إذا وجده ولاقاه , يجد عسراً في إيجاد الوقت.
وعلى جزيرة مينوركا كان لديه الوقت على الأقل , ولم يكن ثمة مكاتب للعمل في الجزيرة تشغله, وتختطفه بعيداً عنها دائماً وابداً. وعلى جزيرة مينوركا لديها الفرصة, للاستحواذ على الكثير من وقته وانتباهه بأكثر مما يتوقع ان يفرده هو لأية امرأة اخرى يحدث ان يقابلها في باريس بصورة عارضة عابرة .ريحانة

إنها لن تثبت مكانتها في حياة لوران الحقيقية , وحياته العملية , إنها فحسب سوف تثبت نفسها لديه باعتبارها رقيقة تمضي وقتاً سعيداً معه في الأجازات . هل يمكن ان تقوم بعمل الإنتقالة من احد الحالتين إلى الحالة الأخرى؟ هل سوف يحدث ذات مرة ان ينظر إلى ماوراء سندريللا , إلى ماوراء لوسي مرشدة الزورق السياحي , ويبدأ في رؤية المرأة الذكية المتفكرة التي ربما شاركته حياته ذات يوم؟
لقد كانت مدركة ان سائر المحاولات المخلصة التي تبذلها من اجل ان تبدي له الجانب الجاد من شخصيتها , لم تلفت انتباهه بعد. وصلا إلى سيارته , ودخلا فيها. كان الشارع الجانبي هادئاً ومظلماً , ولم يكن ثمة شخص آخر تراه العين . مد لوران ذراعه واخذ لوسي بين ذراعيه.
كانت قبلات خفيفة , ترقص على ثغرها وحوله , ثم تنتقل بسلاسة إلى ملامسة وحك وجنتيها وعينيها , وخصلات الشعر الواقعة فوق أذنيها , لقد كانت تلك لذيذة , ومحبطة في نفس الوقت . لقد احست كما لو كانت لم تلامس رجلاً قد امضه البعد والشوق , كل ماهنالك انه كان يغازلها رفيق يبحث فحسب عن العلاقات الغرامية الرومانسية العارضة, وبدت لها لمسات لوران حينئذ كما لو كانت تقنيات باردة بدون عواطف خلفها , ولم يكن يقبل لوسي ساندرش الحقيقية , لقد كان فحسب يمنع نفسه بملامسة سندريللا.
وعلمت لوسي ان كل ذلك برمته خطأ. إذا لم تشأ له ان يأخذ الإنطباع بأنها ترحب بذلك, إذا اخذها عائداً إلى الفيلا الخاصة به, ومضى يغازلها بهذه الطريقة الخبيرة . إنها احست بما سوف يحدث آنذاك , سوف يلقي بها بمجرد ان تؤدي له الوظيفة اللحظية التي يتطلبها في حياته.ريحانة
ولكن في نفس الوقت , احست بأنه سوف ينزعج ويبتعد إذا استجابت له بكثافة اكبر كثيراً.
وإذا اوقفته ببساطة , ربما يفقد بسرعة اهتمامه الضئيل الذي ابداه حتى الآن بها, وسيكون لديها لا شيء من الفرص حتى تنحت لها مكاناً حقيقياً في حياته.
كان عقلها وذهنها شاردين في يأس , كانت متأكدة انها تحتاج إليه . لقد كانت تريد ذلك كله وأكثر. لقد مضى وقت طويل بالنسبة لها ايضاً أكثر من العام منذ ان لامسها احد الرجال ملامسة حميمة . اما هذا الرجل فقد كان خبيراً محنكاً, كانت لمسته بهجة , وعرف كيف يستطيع ان يثيرها ويثير استجاباتها البدنية الفيزيائية . إذا انسدلت يده إلى اسفل شعرها , ثم القى به جانباً , وتجرأت الى الربت على اكتافها . وكانت اصابعه الخبيرة تتعقب كل موضع من الأماكن الحساسة تحت بشرتها وجلدها.
لقد كانت لحظات لذيذة ولكن هل ستكون قادرة على احتمال الأمر إذا مكث , هكذا رجلاً مرغوباً , معقداً غريباً؟ هل سوف تكون قادرة على مواجهة نفسها بعد ذاك , إذا ما سلمت نفسها له , ولم تعط أكثر من الاشباع والارتواء الجسدي الزائل في مقابل ذلك؟
واحست بكيانها بتجاوب معه. وفجأة نهض لوران , مشيحاً بوجهه عنها . واودع قبلة اخيرة على فمها . وقال بهدوء:
- لوسي يا حبيبتي , افضل ان نكون في طريقنا عائدين.
شاهدته لوسي وهو يغلق حزام مقعده ويضغط على زر التشغيل والاحتراق. فشعرت بأنها في حالة من الترنح واللين والتلاشي. يالها من لهفة , لقد نسيت تماماً إنهما جالسان في السيارة في احد الشوارع الجانبية , حتى ان الظلام وحده هو الذي وفر لهما تلك الخلوة بالكاد.
شغل مفتاح شريط الكاسيت , فملأت موسيقى سونانة موزار ذات الأناقة والظرف , السيارة بالعزف . اخذ يقود السيارة في صمت , يطوي المسافة بما عليها من منازل في مدينة سيوداديلا خارجاً إلى الطريق المتوجه إلى مدينة ماهون.منتديات ليلاس

نظرت لوسي إلى الساعة المثبتة في لوحة اجهزة القياس الخاصة بالسيارة. لقد تناولا الطعام في ساعة متأخرة , لقد كانت الساعة الحادية عشرة . وحتى إذا قاد السيارة مباشرة إلى مدينة فيلا كارلوس, ستكون الساعة الثانية عشرة تقريباً في الوقت الذي يصلان فيه إلى فيلا خوان وصوفي . ولن يستطيع ان يأخذها معه إلى الفيلا الخاصة به ثم يوصلها ثانية إلى بيتها بحلول منتصف الليل كما وعد بذلك خوان. كما انه لا يستطيع ان يبادل الغرام معها في السيارة.
لم تكن لديها الخبرة الكافية التي تمكنها من التجاوب مع عواطفه . انتابها ضيق مزعج لضياع هذه الفرصة . فإذا كان قد حاول التقرب إليها فإنها لم تستغل الفرصة كما ينبغي لدفع علاقتهما في الاتجاه الذي تريده. لقد كان رجلاً محنكاً بالتأكيد لا يقنع بسطحيتها.
وإذا وافقت على ان تراه مرة ثانية, فسوف تكون على قدر من الاتقان كي تسايره وتجاريه.
غير انها راحت تساءل نفسها قائلة : لوسي , ما الذي تريدينه ؟ حسناً , ثمة إجابة واحدة بسيطة جداً, انت تريدين ذلك الرجل. ولكن انت تريدينه على أي اساس ؟ هل على اساس امل واقعي بمافيه الكفاية من اجل الإستحواذ عليه؟ ألا تقبلين حقيقة انه يقترب منك بأكثر سرعة مروعة للغاية, مما تبدين أنت عليه في اقترابك منه؟
التفتت لتنظر إليه. كان وجهه ذو التجاعيد متوجهاً لينظر إلى الأمام وهو يقود السيارة . كم هو عزيز بالنسبة لها , وكم اصبح عزيزاً عليها منذ فترة خلت . وراحت تقول في نفسها , ولكم سيكون قادراً على جرحها إذا ماتركت نفسها تنجذب بأي قدر من العمق إلى هذه العلاقة الغرامية.ريحانة
قال فجأة :
- لقد استمتعت بالرحلة التي قمنا بها اليوم . ربما اكررها مرة ثانية ذات يوم. او ربما اتيت للإنضمام إلى الرحلة الغامضة معكم.
- لست واثقة من انك سوف تتمتع بالرحلة الغامضة على وجه الخصوص.
قالت لوسي ذلك بأمانة وصراحة , واضافت :
- إنها في حقيقة امرها رحلة بحرية تستكشف أي شاطئ ترسو عليه, وهي معدة للعائلات في المقام الأول. واحسب ان الرحلة التي تحبها , تلك التي تقوم بها العبارة التي تذهب إلى لازاريتو. وهناك الكثير مما تراه العيون على جزيرة الحجر الصحي القديمة .
- هل يقوم زورق سان فيليب بهذه الرحلة؟
- كلا, إنها عبارة مختلفة . ماهي إلا رحلة قصيرة , غير ان العبارة تشرع في الإبحار مرتين فقط في كل اسبوع ,في ايام الجمعة والاثنين اسبوعياً عند الساعة الخامسة والنصف.
- هل انت متفرغة ولديك الوقت للذهاب معي في يوم الجمعة.؟
يوم الجمعة؟ إذ ذلك اليوم سيكون بعد يومين من الآن. لقد كان هذا هو عين ما ارادت, حتى تستطيع ان تنفق بعض الوقت مع لوران على اساس من التسلية, وفي نفس الوقت بين القوم الآخرين فلا يلاحظون شيئاً. منتديات ليلاس
قالت بعد تفكر وتدبر ملياً:
- سوف يكون بمقدوري ان اقوم بتلك الرحلة .
اصدر لوران ضحكة قصيرة , وصاح:
- اجل, عندما تريدين ذلك انت فلن يكون ثمة مانع.منتديات ليلاس
- إذن سيكون علينا ان نتقابل في كاليس فونس.
اخذت لوسي تشرح من اين تبحر عبارة لازاريتو , ومن اين يستطيع لوران ان يشتري التذاكر, قال لوران :
- سأراك آنذاك.
وهو يسحب سيارته الرينو إلى الخارج من فيلا خوان وصوفي .
- ألان تأتي الآن إلى داخل الفيلا؟
- إن الوقت متأخر , لا اعتقد سأفعل.
وانحنى مائلاً نحوها يقبلها . ولم تمكث شفتاه على شفتيها كثيراً من الوقت , ثم تركها ليفتح باب السيارة , وهو يقول:
- استمتعي بنومك.منتديات ليلاس
شرعت لوسي تتدبر وتفكر , إذ ان يوم الجمعة سيكون بعد يومين من الآن . يومان كاملان سيمران قبل ان تراه مرة ثانية, ألا فانعمي بالوسي, بتلك الفترة الفاصلة , التي توفر لك الفرصة في التفكير مرة ثانية قبل ان تنخرط معه في اية علاقة عاطفية .
وبينما كانت تضغ المفتاح في ثقب الباب , سمعت صوت السيارة خلفها , ودوران محركها مزمجراً ومنطلقاً إلى اسفل الطريق نحو مدينة فيلا كارلوس.


نهاية الفصل