كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 13 - تعالي - كاترينا بريت - روايات عبير - قلوب عبير القديمة
الشرفة تطل على حديقة غنية بالاشجار والازهار المتلألئة بأشعة شمس المغيب. وبعض الغيوم الوردية تعوم في السماء الزرقاء في بحيرة صغيرة تحيط بها الاشجار .ظلت المرأة صامتة تتأمل المياه الهادئة بعينين فاتحتين وبراقتين.
- تبدين سعيدة حقاً, يا حبي , ولأول مرة منذ عدة اسابيع . هكذا احب ان أراك دائماً , كأنما الشمس حبست اشعتها في شعرك الذهبي .
قهقت ضاحكة وقالت :
- انه لطف منك ان تستأجر هذه الفيللا الهادئة. لا مانع لدي ان اعيش في منزل والدتك , لكنك على حق ان تقرر السكن في الريف . الجو هنا مختلف كلياً ويطرد كل آلام المدينة , اليس كذلك؟
قال ببطء :
- حبيبتي , اينما تكونين هي الجنة بالنسبة اليّ. لكنني افهم ما تعنيه , وللقرية حقاً رونقها الخاص. هذا المكان وهذه الفيللا والعشاء الفاخر الذي احضره هنري. ليست كلها سوى امور مادية , مقارنة بالحاجات الروحية والعقلانية .
امسكت وجهه بين يديها وقالت :
- الهذا السبب جئت بي الى هنا؟ هل لأنني بحاجة الى السكينة , في بيئة مختلفة , لأداوي جروحات قلبي المعذب؟
امسك بمعصميها وقال :
- انا فخور جداً بك يا حبيبتي . تعرضت لصدمتين عنيفتين وخرجت منهما والابتاسمة على وجهك. لم تندبي خظك ابداً , كما لم تسأليني عن قضاء ثلاث ليال متوصالة في لندن, تاركاً اياك وحيدة في القرية. انا سعيد لأن هذه المأساة لم تجعلك مريرة . بالعكس ما زلت ناعمة وحالمة ومداعبة . ابقي على حالك يا حبي!
همست في اذنه قائلة :
- اعدك بذلك.
الفيللا تقع على مسافة نصف ساعة من باريس , استأجرها كورتيس من نحات مشهور , عرض معظم انتاجه في كل غرف الفيللا وحديقتها . اصرت فيليسيا على زوجها ان يجلب والدته لتناول العشاء معهما . لقد مرا عليها لدى وصولهما الى باريس , باصرار من فيليسيا التي ارادت تشكرها على الرسائل والهدايا التي بعثت بها خلال وجودها في المستشفى وبعد عودتها الى المنزل . بدت السيدة مونرو شديدة الاناقة في ثوبها المخملي الاخضر وعقد الزمرد البراق , وابتهجت لدى رؤيتها الفيللا الساحرة . فهي تعرف صاحبها معرفة جيدة , ثم راحت تقول لفيليسيا :
- نعم , انه نابغة عصره . يطلب اموالاً طائلة كي يصنع تمثالاً , اذا رآك سينحت لك تمثالاً مجاناً يا فيليسيا, لأن وجهك من نوع خاص .
ضحكت ثم اضافت :
- انه يحب النساء الجميلات , وله جاذبية قوية تجعلهن يقعن في حبه , في الحال .
قالت فيليسيا :
- لا شك انه شخصية مهمة وللاسف لن اراه .
- نعم , لن تريه . الم تقل له يا كورتيس, ان زوجتك ستأتي معك الى هنا ؟
- اخاف اذا رآها ان ينحتها ! ولن اترك لأحد المجال في ان يفعل هذا مع زوجتي.
شربوا القهوة على الشرفة بعدما جلسوا في مقاعد مريحة ومنخفضة . كان الليل حاراً وعطراً . ومن بعيد قرب البحيرة سمعوا شخصاً يعزف على قيثارة بطريقة خاصة والموسيقى الناعمة الحزينة كانت تصلهم مع النسيم العليل , ظلت فيليسيا تنظر الى زوجها الوسيم الذي كان ممدداً في مقعده يدخن سيكاره ببطء وهدوء , فجأة تغيرت الاضاءة وبدت البحيرة تلمع تحت الاضواء .
|