كاتب الموضوع :
سارة منصور دوار الشمس
المنتدى :
قصص من وحي قلم الاعضاء
رد: رواية جديدة " لم تكن أنثى "
الفصل التاسع عشر
(ظ¤ظ£)
ينظر أمين بشرود إلى لميس النائمة بفراش المشفى يظهر عليها علامات الوداع الأخير* ومن حوله حسناء وصوفى اللتان تبكيان على ما فعلته لميس معهما وعدم اخبارهما بوجود أي اموال او ورث رافضة رفضًا قاطعًا أن تكشف لهما نواياها الخبيثة ..
زفرت صوفي بغضب وقلة حيلة أمام لميس الغائبة عن الوعي قائلة توجه كلماتها لأمين الذي كان تائهًا بحوار عاصم الأخير معه* .
"أنتِ .. ألم تخبركِ لميس عن أي دافع لإخفاء الأموال .."
اتسعت عين أمين فورًا بغضب شديد يلتفت إليها يرد بعصبية رافعا قبضته أمامها بتحذير حتى انتفض قلبها " أقسم إن تكملتي معي بتلك الطريقة مرة اخرى سأكسر أسنانك .."
تضايقت حسناء ولكزت ابنتها بتوجس ترمقها بتحذير ثم اقتربت من أمين قائلة " هل يوجد لديك خطة .؟."
ارتفع احدى حاجبي أمين بتساؤل يرد بدهشة " أي خطة ولما ؟.."
تعجبت حسناء وصوفي ليقولا بنفس واحد .."لقد تم بيع البيت .."
جحظت عين أمين لوهلة ثم عادت قسماته الى الارتخاء كعادته وكأنه يتوقع أي شيء قد تفعله لميس ..! .هتفت صوفي بتحد " طبعا ستذهب الى عاصم ..وهو يا أمي لن يفتكرنا بأي شيء وسينسى انه عاش معنا عدة سنوات* .." صاح أمين بوجهها متعمدًا بحقد دفين* " كنت مؤجر بأموال طائلة يا غبية .."
جزت صوفي على أسنانها قائلة بعصبية " بل دفعت لإخفاء أمرك امام عائلة امك .."
عض أمين شفتاه ويده مرفوعة أمام وجه صوفي يحاول قدر الامكان* ان لا يقوم بصفعها ، رمقته صوفي بصدمة وبعض الخوف يتملكها من ردة فعله ،كانت حسناء تتابعهما بصمت وخوف يعتريها من المستقبل ...
فجأة صدر صوت الجهاز المؤشر لنبضات القلب بلميس ظاهرا ان امر ما قد حصل فاختفت شحنات عضبهما امام ما يحدث ، هنا دخلت الممرضات يقفن حول لميس والتي غابت روحها للأبد ..
* * * * * * (ظ¤ظ¤)
بعد مرور عدة ساعات
كانت المشفى قد بدأت بتحضير الغُسل والتكفين ..
انتظر أمين خروج حسناء وصوفي من الغسل فور عودته من الخزنة الخاصة بدفع الاموال* ، وعندما خرجا حدق بهما بنظره يعرفاها جيدا* فخطي اليهما قائلا بحسم " قمت بدفع فاتورة المشفى هذا اخر شيء يمكنني ان افعله لكما .. شكرا على كل شيء مدام حسناء .."
قامت حسناء بإمساك يده برجاء وكأنها كانت تتوقع حدوث ذلك قائلة بوجع " لا تنسانا ابدا يا امين .. احنا عائلة* ،لطلما شعرت انك سند داعم لنا وان كنا لا نتحدث ..ولكن وجودك بالمنزل كان كفيل ليجعلني اطمأن "
ناظرها أمين متعجبًا من تصريحها فرمقها بامتنان ،رفعت صوفي شفتيها بتقليل شأن تخرج همهمة ساخرة ليقابلها أمين بنظرة كره ثم وجه انظاره الى حسناء قائلا " سنبقى على اتصال بالتأكيد .."
خطي أمين مبتعدا وشريط بقاءه معهما يعاد بلا ارادة تحت صوت صوفي التى صاحت " لن اترككما تنعما* بأموال عاصم من دوني .."
كتم أمين غيظه وأكمل تحركه الى الممر المؤدي لبوابة الخروج من المشفى ،فقد* قرر ان يذهب مسرعا الى المنزل يبحث بغرفة لميس فربما يجد شيء يسهل عليه حياته فالان ماتت لميس وماتت معها الأسرار والتي فضلت أن تذهب معها بصمت معتقدة انها بذلك قدمت الجميل لشقيقتها نجلاء ،ولأن خبايا النوايا لها رأي أخر بتحقق مخاوف كلا من حسناء وامين ببيع المنزل خلاف موتها واخذها الأموال الطائلة الناتجة عن بيعه والتى لا يعلموا عنها اي شيء متسائلين بكيف يمكن لسيدة مسنة لا تستطيع ان تتحرك شبرا دون كرسيها المتحرك ان تخفى اموال ، فكان الامر شبه مستحيلا على امين ولا بد ان هناك سرا ورغم ذلك لا يستطيع ان يشك بحسناء مهما جال بخاطره انها ربما قامت هي ببيعه واخذت الاموال سرا* كل ذلك لا يهمه اكثر من حقيقة سراغتراب لميس ونجلاء عن اخواتها وسر كره العائلة للميس* ..
* * * * * ** (ظ¤ظ¥)
.......في تلك الاثناء ......
نادت الموظفة كلا من إسم ليندا ومنة وفتاة أخرى لدخول الى المقابلة بالبنك ..كانت القلوب تتصارع من شدة التوتر وخاصة منة التي لمحت عامر من الوهلة الاولي يجلس بجانب ثلاث موظفين متفاوتين بالعمر بمرحلة الشباب ، يبدو بشكل واضح ان عامر هو أصغرهم* ..كانت النظرات كلها متوجهة الى منة التى رفضت ان تصفف شعرها وبدت طبيعية بتسريحتها المعتادة "الكيرلي" وايضا كي لا يتعرف عليها عامر ويعرف انها نفس الفتاة التى لجئت بالهروب داخل منزلهم . كانت ليندا والفتاة الأخرى ترتديان الزي الرسمي على أبهى صورة مقارنة بزي منة المخالف بعض الشيء وخاصة ذلك الحذاء الرياضي ذو اللون الوردي.
أشار لهم احدى الموظفين ان يجلسن ، ظهرت علائم القلق بشكل كبير على منة التي تتهيأ للرفض حتما بعد تلك النظرات المريبة ،فندمت على تسريحة شعرها الثائر فأين كان عقلها* ..
بدأ عامر ومن معه يتصفحوا السيرة الذاتية الخاصة بالفتيات ، لفت انتباه عامر الدرجة العالية التي حصدتها ليندا بالجامعة ..فدار حوار داخلي بعقله بشأنها مع عمه رشيد بالأمس عقب حفل الخطبة ولكن فجأة قطعه أحد الموظفين موجها سؤالا غريبا لمنة بعد ان تصفح سيرتها الذاتية .." واضح انك تهتمين بالدراسة جيدا ولكنك لا تعرفين ان تختار ملابسك لتكون ملائمة بالعمل "
تفاجئ الجميع من هذا السؤال ولكن يعرفون عن ظهر قلب انه يقصد تسريحة شعرها ...
جحظت عينا منة فزاد توترها اكثر بشكل ملحوظ فأرجعت قدميها الى الخلف تخفي حذائها الملون* وهي جالسة وانحنت رأسها لأسفل بخجل تبحث عن اجابة جيدة قدر الامكان ، تنحنحت بعد ان وجدت رد يليق بهذا الموظف الذي لا تعجبها نظراته الجريئة فأبعدت بصرها عنه قائلة دون ان تنظر له* "حسنا امر تسريحة الشعر سهل ولكن ما يهم هو قدراتي ..."
تحولت نظرات الموظف بها الى شهوانية غير مسبوقة يسلط عيناه على شفتاها الممتلئة* وذقنها المتزين بدقه الحسن مع سمرتها الذي اذابته ووضعته بموقف محرج امام الجميع . يعرفه عامر جيدا وكم يبغض تلك الخصلة القذرة بصديقه جاد وكالعادة حاول ان يغير الاجواء وينقذ سمعه العمل فأخذ ملف السيرة الذاتية الخاصة بمنة من امام صديقه يتصفحها قائلا بتساؤل لمنة " ماهي نقاط قوتك ؟"
ابتلعت ريقها تعرف صوته جيدا المقرون بنبره غرور ليس لها حدود رفعت بصرها اليه تسبل اهدابها بخوف منه ومن سؤاله فهى بالأساس لا تعرف ما يميزها بنقاط القوة ،فجأة وجدت نفسها لا تسطيع ان تجيب بأي شيء فرأت الدمار أمام عيناها بفشلها ..
كان عامر يدرس شخصيتها بغرابة بإماءات وجهها التي تظهر بشكل واضح ان ذاتها تائهة ولا تملك ثقة بالنفس ابدا ..كما انها غير متحمسة بالإجابة مثل الباقين الذين سبقوها بالمقابلة فخمن انها جبانة لا تصلح للعمل كموظفة ببنك محترم* ،فعاود السؤال على ليندا التي أجابت بثقة كبيرة تحت نظرات منة الخاسرة ،هنا ..تأكدت انها فشلت بالحصول على وظيفة .
سأل عامر الفتاة الأخرى* " هل تتحدثي الانجليزية ؟"
وظل يسأل ليندا والفتاة الأخرى متجنبًا وجود منة تماما ..
وما ان انتهت المقابلة وأمر بانصرافهن* انتفضت منة من الكرسي تخطو نحوه قائلة بتماسك "استطيع ان اعمل تحت الضغط الكبير تلك هي نقطة قوتي"
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتاه ثم رفع حاجبيه يرد باستفزاز .
" هذا واضح "
ثم اشاح بوجهه متعمدًا عنها* يحاول ان يقف من الكرسي متشبثا بعكازه مقارنة بصديقة جاد الذي ظل متصفحا هائما بملامحها طوال المقابلة ..
وحين تأكد عامر من خروجهن حدق بجاد بقوة هامسًا " هل تريد تشويه سمعة البنك بأي طريقة ..؟"
ليرد عليه بعد أن سحب ملف منة من امامه .
"يارجل .. الم ترى شفتاها ؟ ولا عيناها الناعسة المثيرة ...الفتاة جعلتني اذوب بحق سأفعل المستحيل حتى تفوز واصطبح على هذا الجمال** "
رمقه عامر بتقزز قائلا بسخرية " ياللهي يا اخي كم انت اوفر ..، ما يدمرك حقا هو احلامك البسيطة* .."
"ماذا تعني ..!!"
" الباشا اختار من قبل المقابلة "
رفع جاد احدى حاجبيه قائلا بثقة* " سنرى "
* * * * * ** *****
امام البنك
تتجه ليندا مع منة للبحث عن سيارتها وسط صف كبير من السيارات ولأن الطريق امام البنك مزدحما بشكل كبير وبسبب الخريجين الذين حضروا المقابلة كانت تتناقل بينهم بعض الاقوال التى سمعتها منة وليندا وهما يمشيان .....( هل انت متأكدة ان شخص واحد سيتم قبوله بالعمل من ضمن مئات المقدمين ..).....ليرد احدى الشباب بغضب ..(هذا ظلم ..ظلم كبير ...)
علمت منة أن الذي سيتم قبوله هي ليندا بسبب الوسطة الكبيرة ..
هنا ..وجدت ليندا السيارة* بعد بحث دام لدقائق فجلستا بها تحت ضغط الحر الشديد هتفت ليندا وهى تشغل تكيف السيارة " لا تقلقي ..انا وانت سيتم قبولنا انا متأكدة جدا .."
رمقتها منة بعيون متحسرة من شدة الهم الذي سقط على رأسها فكم تحتاج الى تلك المقابلة حتى انها تركت خالتها بالمشفى بين الحياة والموت ..فهمست بقلة حيلة .
" ارجوك لا تتحدثي معي بهذا الامر مرة الاخرى* اريد ان انسى كل شيء حدث اليوم ..وكما اخبرتك بالصباح لا تنسي ان تذهبي الى هذا الاحمق وتأخذي منه الهاتف على انني صديقة مغتربة .."
"لا تقلقي بهذا الشأن* "
ردت منة متأففة " اوصليني الى هذا العنوان .."
تساءلت ليندا بغرابة* وهي تسترجع موقف عامر " الم تلاحظي نظراته لك وهو يقول انه واضح ، هل عرف انك نفس الفتاة ..؟"
شهقت منة فجأة " صحيح ..يمكن .."
رانت اليها ليندا قائلا بالنفى" لا لا مستحيل ..الشكل مختلف تماما .."
"ارجوك لا توتريني "
"حسنا ،حسنا "
زفرت منة* باستسلام بعد هدنة من الوقت بعد استنتاجها قائلة بوجع " اصلا لم يعد يهمني ان عرف ام لا أمر قبولى* للوظيفة مستحيلا اصلا .."
"لا تحملي هم هذا الموضوع اتركيه عليا "
ارجعت ليندا بصرها الى الطريق تقود بحذر فقد دخلت بالطريق السريع ..وبعقلها يدور انها لن تتوقف على الضغط على عمها حتي يوظف منة بأي شكل .
* * * * * ** ****
نزلت منة من السيارة تتجه الى المنزل الذي باد باهتا جدا هذا اليوم ، طرقت الباب عدة مرات وهي تحاول ان ترتدي قناع الوجه السعيد أو العادي المهم ان تخفي ملامح وجهها البائسة ..
فتح لها أمين الباب يرمقها بنظرات مريبة جعلتها تفشل بإخفاء بؤسها وتأكدت من حدوث شيء سيء ..
"هل حدث ..."
رد امين مقاطعا " ماتت لميس .."
شهقت منة وعادت للوراء خطوة تضع يدها على صدرها ويدها الأخرى على عيناها التي اسود كل شيء امامها وسقطت غائبة عن الوعي* غير متحملة الصدمة .
فى مساء اليوم
اتجهت منة فور افاقتها الى غرفة لميس* تحدق بها بحزن ،فقد احبتها وشعرت انها أحيت العرق الفاسد الخاص بالعائلة وبموتها الان اصبحا وحيدين مجددا ..
لمحها امين تتصفح صوره لميس بحزن ،فقال بحسم امر " لن اسمح لكي ان تذهبي الى المدفن ..ابقى هنا ..ولا تتحركي حتى اعود "
انتفضت منة قائلة بصياح " انت مجنون كيف لك ان تقول ذلك "
"اخفضي صوتك ..انت لا تتحملى اي شيء .."
ردت منة مقاطعة بصياح* " سأتي حتي ولو مت ..سأتي "
خاف عليها ومن عصبيتها الزائدة فرد عليها بهدوء
"انت حرة .."
هنا انفجرت بالبكاء والعويل وسط شهقات مؤلمة تجعل تنفسها غير مستقر ..
فقام أمين بعناقها يربت عليها قائلا " يا غبية انها مجرد مقابلة هل هو البنك الوحيد "
ردت منة وسط بكائها* "* لقد خسرنا كل شيء تقريبا انا فشلت ولن انجح ابدا ..ليس عندي نقاط قوة* ..."
توقف عن عناقها وحدق بها قليلا قائلا وهو يعاود حضنها " انت قوية جدا ومتفوقة وجميلة واستحملتى كثير وخرجنا من ظروفنا الصعبة انا وقفت على اقدامى من جديد واشتغلت ومع اموال الان لتجعلنا نعيش مكتفين بنفسنا دون الحاجه الى أحد* وانت تخرجتي وحصلتي على ليسانس فى التجارة بتقدير ممتاز* ..."
جلس على الفراش واجلسها بقربه يضيف "* اسمعي لا شيء يستحق ان نحزن لأجله لقد بدأنا من الصفر بعد هروبنا من الماضي ويجب ان نكمل الى النهاية ... الحياة معركة وانت جندية مميزة صدقيني ستكونين ناجحة جدا فى اي مجال تختارينه وانا اراهن بكل شيء عليك .. ...بالنسبة للميس كنا نعلم ان مرضها يقتلها ببطء لقد ارتاحت تلك المؤذية ..انت لا تعملين عنها شيء ..هي لم تحتوينا ابدا هي فقط أجرت لنا مسكن بأموال كثيرة ..هل نسيتِ ؟* ...مشاعرك ملغبطة الان ..ابقي هنا ارجوك ..ولا تتحركي سأذهب لمراسم الدفن وسأعود ، انها اخر ليلة سننام بها هنا ..الحقيرة قامت ببيع المنزل ..ضحكت علينا جميعا بانها مصابة بالزهايمر وهي كانت جبروت* ...الحمد لله انها سقطت من الدرج وماتت* "
كانت منة تتوقع بشكل كبير ان تبيع البيت عاجلا ام اجلا لذا لم تتفاجأ فابتعلت ريقها* وهي تتذكر ليلة البارحة حين استيقظت على صياح حسناء بسبب سقوط لميس من الدرج فقالت " هل تصدق فعلا انها سقطت من الدرج بمفردها .."
زفر امين بقوة يرد بضيق " ليس لنا شأن بتلك العائلة الملعونة** "
مالت منة رأسها بإيجاب فلأول مرة تري هذا الغضب المستوطن داخل عيناه ، ولكن كلماته وثقته بها تركت اثر طيب داخلها وجعلها ترتاح قليلا فقد نجح بإخماد الثورة التي كانت تحترق داخلها .
* * * * ** ( ظ¤ظ¦)
ذهب امين الى مراسم الدفن بالمقابر* الخاصة بعائلة زوج لميس راكبًا سيارة اجرة ، وبعد وصوله طلب مساعدة من احدي الرجال المسؤولين عن رعاية المقابر* ...
اكتشف ان أقارب زوج لميس من الاثرياء بحق فهما يملكان جناحا كاملا من المقابر، مبنى كبير راقي عن باقي العائلات هنا* ... وحين وصل الى المكان المقصود رأي خمس اشخاص واقفون امام مقبرة لميس* فجحظت عيناه وهو يرى ذئبا متربصا يعلمه جيدا من ظهره فتوقف عن التحرك برعب شديد ، يفرق بينهما نبضات القلوب الثائرة المليئة بالخوف والعودة بالذكريات الى الماضي ..
فجأة عاد أدراجه بهلع تاركًا الرجل الذي ساعده بالوصول وينتظرا منه الدخان ،
شعر وهو يجري ان خلفه يهرول قطيعا كاملا من الثيران الهائجة تريد هتك جسده بين قرونها ...
الغريب انه لا توجد سيارة واحدة بهذا المكان، اذا كيف وصل هذا الذئب الى المقابر .. ام توجد سيارات اخري تتربص بالوصول اليه ..
خاف ان ينظر خلفه فتتحقق هواجسه لا يريد ان يموت الان حتى يطمئن على منة على الاقل ..
واصل الجري تحت خفقان قلبه الذي يكاد ان ينقطع تحت لهاثه الشديد ...
برق عيناه بالأمل حين لمح ضوء سيارة تأتي من بداية الطريق* فذهب نحوها مسرعًا وقام باستقلالها دون تفكير* ..
عادت انفاسه الى وضعها رويدا رويدا وهو يري انه على وشك ان يصل الى بيته ..
فجأة جال بخاطره انه ربما قد بعث احد لخطف منة فهتف بصياح لسائق* " بسرعة بسرعة يا عم ..."
كان قلبه بنشق هلعا وخوفا على المسكينة ،يعرف جيدا إن رأته مجددا او علمت بوجوده ستموت لا محالة* ،فبعد ان استكانت روحها ونست بعض جروح* الماضي وبدأت تنمو شخصيتها هل* ستنهار مرة اخري* بكل سهولة ؟..هو لن يسمح بذلك ولو كان على حساب حياته .
وما ان وصل الي البيت لم يمهل حتي يدفع الاجرة لسائق بل هرول مبتعدا الى داخل البيت الذي وجد بابه مفتوح* ...فانخلع قلبه وكاد يتوقف وهو ينادي بأعلى صوته على منة .. بحث بكل ركن بالبيت فلم يجد لها أي اثر ..تسارعت قطرات دموعه تنهمر بغزارة وهو ينادي عليها بحسرة وقلة حيلة ..ليظهر صوتا قائلا يكاد لا يعرف ان كان حقيقيا ام من وحي الخيال .
"أمين ..؟ ماذا حدث "
انتفض جسده رافعا رأسه يحدق بها وهي تدخل من الباب ولم ينتبه الى الفتاة الواقفة بجانبها ... وكأن الشمس عادت الى حياته من جديد تشرق على نبضه لتعيد عروقه الى النور* ..اتجه اليها يعانق روحها لكي يشفى بما احدثه غيابها ولكي تختفي هواجسه المريبة ويتأكد انها هي بالفعل وليس حلما .
كان شعره يخفي بعض من وجهه فباد انهياره متخفيا قليلا وكل ذلك بسبب العرق الذي يملأ جسده وجبينه من المجهود الجبار بالهروب ..ولكن ظهر انهياره كاملا من نبرته وهو يقول " اين كنت ..؟"
"ماذا حدث ياحبيبي ..؟ اخبرني ...؟ "
بعض الشهقات تخرج من فمه دون ارادة لتضيف منة بخوف "لا تقلق انا بخير بأفضل حال ..، كنت مع ليندا بالخارج اجلس بسيارتها .. لما لم تعطيني رنة بالهاتف الجديد .."
اغمض عيناه بقوة فقد نسى امر الهاتف الذي قدمه لها بالصباح قبل ذهابها للمقابلة* ،فقد كاد يقتل نفسه من الخوف عليها* دون تفكير ،اجابها وهو لا يزال يعانقها " طار عقلي من شدة الخوف عليك ..اعتقدت ان حدث لك شيء ..."
فتح عيناه وابتعد عنها خطوة يمكسها من كلتا يديها بقلق قائلا بحسم متناسيا امر تلك الفتاة التى تقف بجانبهما وعيناها لا تنزل من عليه للحظة* " لملمي حاجتك سنذهب من هنا الان* "
"الى اين ؟"
"عاصم "
يتبع
|