كاتب الموضوع :
سارة منصور دوار الشمس
المنتدى :
قصص من وحي قلم الاعضاء
رد: رواية جديدة " لم تكن أنثى "
الفصل الخامس
يعلو صوت المذياع الموضوع على المكتب الخشبي الكبير بصوت المغنية اللبنانية "جارة القمر" تغني بنبرة هادئة تسكنها همسات البساتين اللطيفة" ضل افتكر فيى.. رجعت الشتوية.. يا حبيبى الهوى مشاوير.. وقصص الهوى مثل العصافير.. لا تحزن يا حبيبى إذا طارت العصافير.. وغنية منسية ع دراح السهرية "
ساد الصمت بين شفهاهم لثوان ولكن اعينهم جميعا بها صراع ،حرب، تحدى، يفصل عنهما نظرات التوأم المليئة بالحسرة والنفور..
جز شريف على أسنانه وهو يتربص بمكيدة لعاصم يخططها داخل عقله ومن جهة أخرى يراقب الحراسة تقترب من عاصم بحذر فقد اخبرهم قبلا ان اشار اليهم بسبابته بحركة معينة تعني ان يهجموا على الداخل بتوجس، فترقب الامساك به من الخلف وبيده الاخرى مقبوضة على ذراع امين بقوة.
نجحت الحراسة بالقبض على عاصم وكلا الرجلين اللذان اتيا معه من ذراعيهم، ففزع عاصم من تصرفهم الغير لائق فقد اتى لغرض نبيل، فهتف بغضب " لا تتسرع لتلقى الندم حليفك... انصت الى ما جئت لقوله.. لمصلحتك* ان اردت ان تكون الانتخابات عادلة "
عقد شريف حاجبيه بغرابة واراح قبضة يده عن ذراع امين* ثم رفع احدى حاجبيه بخبث أمرا حراسته "اتركوه".
كان عقل شريف يحلق عاليا مفكرا فيما يجول بعقل عاصم، يعلم ان بيده ان يفعل اي شيء يحطم سمعته وبكل سهولة فهو بموقف حساس جدا حاليا امام اهل بلدته، يحاول كسب نظرات الاستحسان اليه لتنجح خطته الخفية عن الجميع الى الآن رغم انه لم يتوقف بعد عن التهام عقولهم بالرشوة وفعل الخير.
يجلس بمكتبه بانتباه شديد يحدق بعينين عاصم البراقة بالغضب المختزن طوال تلك السنوات التي اخفى عنه طليقته نجلاء وحرمه منها لسبب لا يتوصل اليه مهما يفكر، فمن مصلحة شريف ان يتخلص منها حتي لا تكون عائق امامه وبناتها،* وبقسمات حديدية رمقه شريف قائلا بتحدي" افهم من كلامك يا عاصم انه تهديد؟ "
قاطعه عاصم بنبرة غاضبة حتى كادت عيناه تخرج من محجرهما " لما كذبت بشأن نجلاء..؟ "ارتسمت بسمة ساخرة على جانب فاه شريف بمكر" وهل أتيت بعد كل تلك السنوات متأكدا بانني كذبت عليك؟، ان كنت تريدها حقا لم تكن لتسألني على الهاتف
.. لا احد يبحث عن شيء يريده بحق وهو جالس مكانه يا عاصم بيه "
ران الصمت بينهما رغم شرارة اعينهما، لا يزال عاصم لا يفهم لما؟* يعلم ان عائلة نجلاء تخلت عنها منذ زواجها منت بل كانوا ينتظرون الخلاص منها ، لما الآن حين ارادها تمسكوا بها؟* الأجل الفتاتان ؟هل يخافوا عليهما منه؟* ربما..!!
لا لا كان ليعاملهما كأنهما ابنتاه ، لن يفرق بينهما وبين اولاده بدليل انه تكفل بأولاد زوجته؟، غصة بحلقه توقفت عن المرور لتبقى معلقة بسؤال يؤلمه فهتف به غصبا عن مكنونه فلم يريد ان تخرج منه تلك الكلمات فيبدو ضعيفا* "هل تراني ظالم لأنني طلقت نجلاء؟* ان اعتقدت ذلك فانت احمق برأس كلب.. لاني طلقتها لأجعلها حرة ولها حرية التصرف ان تحصل على ابناء مثلي تماما فلن اصبح ابدا سعيدا وهي بجانبي محرومة من طفل من رحمها
." مهلا.. مهلا.. توقف عن هذا الهراء... لا اهتم باعتقاداتك.. اعرف فقط ان كنت تحبها لما طلقتها "
يجيب بها شريف باستفزاز دون كلمة تريح بدن عاصم من عصف افكاره التي تحاول ان تلبسه الذنب رغم محاولته الدائمة بتكذيبها وتلبسها لمن حوله فلم يعد يتحمل اي قدر من الذنب بعد الآن.
اراح ظهره على الكرسي حين رأي داخل عينا شريف الشماتة والتلذذ بوجعه فتنهد قبل ان يقول بغضب اعتلا محياه بنبرة متملكة "اعطني التوأم" رفع شريف كلا مرفقيه وراء رأسه متنهدا باستفزاز وهو يرجع بظهر الى مسند الكرسي* فضحك بخفوت ساخر ثم قال بتعجب " حين رأيتك للمرة الاولى اعتقدت انك ذكى يا عاصم، وسألت نفسي ما الذي يجعلك تتقدم لخطبة نجلاء " رحمها الله" وهي ليست على هذا القدر من الجمال لتجعل شاب ذو مكانة مرموقة يتمسك بها حتى قام بقطع صلة رحمه،* والان.. عملت الاجابة... "
"لم اتي الى هنا للاستماع الى كلامك الفارغ" يصيح بها عاصم وهو ينتفض واقفا ويضرب على المكتب ببطان يده بقوة بفراغ صبر، فبادله شريف النظرات بأكثر حدة قائلا بحسم " التوأم اولاد اخي الكبير يا عاصم.. كما رأيت فتاة ترتدي فستان* والاخر فتى يرتدي بنطال بقصة شعر عصرية.. ونجلاء رحمها الله كان لديها بنتان "
عقد عاصم حاجبيه متسائلا بغرابة "كان؟"
حاول شريف قدر الامكان ان يرسم على قسماته الحزن بتمثيلية مكروهة قائلا وهو ينظر للأسفل بحزن " تعيش انت "
جحظت عينا عاصم من هول المفاجئة ليضيف شريف بمكر " لقد داس القطر عليهما ايضا".
"كذاب" يصيح بها عاصم مقاطعًا بها تمثيلية شريف وصدره يعلو ويهبط من موجه الغضب التي تهلك صدره العاجز امام كيد الشباب الذي يمارسه شريف، فرمقه بنظرات نارية واتجه صوب والباب وحين امسك مقبض الباب ليخرج التفت اليه وحدق به بقوة وكأن عيناه من تهدده بكلمات مقاتلة ولكن شعور يملأ صدره بالضيق الشديد فأفصح عما يشعر به بغضب "ستندم على لعبك معي" ثم خرج وهو يجذب الباب خلفه صافقا اياه بعنف شديد تاركا شريف يقهقه بسخرية، فكم يهوى ان يستشعر بؤس الآخرين من استفزازه،* فقد تربى بوسط عائلة متسلطة تهتم بالتسلق فوق اكتاف ضحاياهم دون فائدة تعود عليهم ، لهذا المرضي فاقدي الثقة بأنفسهم يغتنمون اصحاب الوجوه البشوشة لتحطيمهم حتى لا يروا اناس* افضل منهم بل يجب علي من حولهم ان يكونوا تعساء لا يشعرون بالسعادة ابدا.. فكم. عانى شريف في صغره من تلقى المعاملة السيئة من كلا ابويه دون سبب مقنع خاصةً ان ابيه كان يستفرد به ويزجره في القبو ويضع عليه ضغط عمله وخسائره على جسد الصغير.. لا ينكر انه كان قويا ليحتمل كل ذلك فلم يهلك بضعف جسده بل تولد داخله وحشا يريد ان يحطم من حوله سواء بسرقة فرحته ام بتحطيم افكاره بالسطو على ممتلكاته... فكان كل من حوله يعانون بسبب جشعه.
* * * * * * * * * (١٢)
داخل السرايا في غرفة نجلاء
ينتظر أمين ان تنتهي "منة" من شهقاتها تحت عيناه المحطمة بسبب ضعفه وحسرته أمام خاله وعقله الذي يصارع الافكار التي تلاحقه بالانتقام منه، ولكن الامر ليس هينا لكي يقتله ويهرب، بل ليس الامر بتلك السهولة، لطالما كان أمين عاقلا في قراراته صبورا بسبب ما مر به ، ربما لأجل ذلك لم يتهور بأي كلمة الى الآن، يعقد حاجباه مفكرا بما سيحدث ان هرب هو وشقيقته، فبعد ما رأه لن يبقي في ذلك المنزل لوهلة.
سقطة عبرة حين تذكر والدته وكم كانت تحميه بقلقها وبحثها الدائم عنه حتى اهملت "منة" ووثقت ببقائها مع خالها، اي شخص طبيعي لن يشك بشقيقه بأن يقوم بهلك عرضه مع فلذة كبده مثلا!، فدائما كان الاخ يحافظ على عرض شقيقته امام الآخرين اليس كذلك؟* اذا لما حصل معهما ذلك..؟* ام انها المرة الاول الذي حاول فيها شريف ان يلتهم لحم "منة "بعد موت سدهما؟
قال امين وهو يقترب من مجلس" منة" على الفراش* "هل حقا هي المرة الأولى؟"
ابتلعت "منة" غصتها غصبا وهى ترفع بصرها الى أمين وتسبل اهدابها بتردد يهلك بدنها من الخوف، اشاحت بعيناها فورا عن عينا أمين الغاضبة فملأ الخوف عروقها فهزت رأسها منافية بعصبية ليضيف أمين "اذا ما سبب بكاءك؟"
ابتلعت ريقها بصعوبة هامسة بتردد "امي".
" افهم من ذلك انك تستمتعين حين يتحرش بك شريف "
برقت عيناها متغلغلة بكسرة تتلاحق لتخفي قدر الامكان توترها تخشي على امين من ان يتهور فيقتله مثلا؟.. فجثت على ركبتيها ارضًا امامه وهو يجلس على الفراش قائلة برجاء وتمسك بيده وتهزها* "ارجوك.. لا تفعل اي شيء، سيقتلنا..؟* ارجوك.."
ببرود يحاول ان يرتديه رغم الثورة التي بداخله "الا تخافي علي ايضا...؟ الم تفكري بصمتك ماذا يمكن ان يفعل خالك بي* ويكتشف حقيقتي"؟
عبست ملامحها* فجأة وتوقفت دموعها واستكانت على الصدمة وهى تمتم" مستحيل "
ساد الصمت بينهما تعلم "منة" ان امين شخصا صبورا امام خصمه، يفكر ويفكر حتي يأتي بخطة محكمة حتي ينجح بهلكه دون ان يمسه سوء.
لمعت عيناها حين لمحت البريق بعيناه يقفز بحماس اشعل بدنها بالرعب.. نعم الرعب من المستقبل.!
ابعد يدها عنه وهب واقفا يرنوا اليها بصمت بعينا افعى مليئة بالخبث، يحدق بها من علو ارتفاعه وهى على الارض،* فرفع قبضة يده امام عيناه قائلا بكيد مغامر " اليد التى رفعت على اختي سيتم كسرها بقبضة اكبر من تلك ، قبضة ستنهى ما قدمه واخره فى دنياه* ". قامت" منة" بإمساكه من تلابيب اقدامه لكي تمنعه عن الحركة فنفضها بعيدا وخرج مسرعا وقد أتت اليه فكرة جهنمية.
* * * * * * ** (١٣)
بعد مرور يومين
كان أمين ينتظر كل ليلة ان يذهب شريف* الى صالة تجمع كبار البلدة* للتحدث بأمر انتخابات العمدة، فيدخل بين الاشجار متسلقا بحذر بينهما حتي يصل الى سقف المكتب عبر الباب الخلفي ،يعبس بين الحاجات حتي يقوم بالحصول على بعض الاوراق التي يمسكها على خصمه في الانتخابات لكي يضره، فقد كان يسمع حواراته بالهاتف مع اصدقاءه حين كان يتلصص عليه مع الممرضة.
وبعدان وجد بعض الاوراق التي تثبت صحة الاتهامات الملفقة على الخصم وضعها على بطنه واحكمها بحزامه واخفتها تحت ملابسه ، وحين ثبتها بإحكام عاد الى سقف المكتب متسلقا الاشجار برشاقة، وبأحدي فروع الشجرة لم يسعفه الامساك بها جيدا فكان على وشك السقوط لولا فرع اخر قام بالتشبث به ولكن سقط منه بعض الاوراق، فطارت بفضل نسمات الهواء الى مقدمة الباحة الخلفية المقربة من سرايا المنزل، عض على شفتاه بندم وخوف، ابتلع ريقه وهو يتنقل بين فروع الاشجار* وعزم على الوصول الى خارج السور وما ان اقترب ترك الفرع ونزل على قدميه بسبب تلاهيه بالورق* نزل على مرتفع قليلا عن السابق فألمته قدماه اليمنى، فعرج بحذر الى مقدمة السرايا وهو يمسك ركبته بألم.*
عدل من ثيابه نفض عنه التراب وقام بتسريح شعره* ولم ينتبه الى ورقة الشجر التي لصقت بشعره من الخلف وما ان اقترب من بوابة السرايا وجد فلاح غريب الهيئة يتجه اليه مسرعا قائلا له وهو يقدم له ظرفا " عاصم بيه يريد ان يقابلكِ ضروري"
ران اليه امين بغرابة مستغربا من ذلك الفلاح المتوتر بخوف قاتل فلم ينتبه الى تحدثه بسبب نبرته السريعة في تلاحق الكلمات ببعضهما* واهتزاز مقلتاه بخوف من ان يراه احد ، فأعطى الظرف لأمين ثم ابتعد الفلاح بلمحة البصر.
* دخل امين الى ساحة السرايا بخطوات بطيئة وهو يقلب الظرف ويحدق به بتساؤل ولم ينتبه الى شريف الواقف امامه فارتطم بصدره بقوة حتى رجع الى الوراء عدة خطوات، حدق به شريف والى بنطاله الرمادي يبدو انه رثا بعض الشيء.. هنا... ارتجف امين واخفى الظرف وراء ظهره كردة فعل صادمة فعقد شريف حاجبيه واقترب منه قائلا "لو ما عندك ملابس نظيفة اخبريني سأشتري لك حتي لا يقول الفلاحين ان ابنة اختي ملابسها رثة"
قال كلمته الاخيرة وهو يقترب من امين ويسحب يده التى تخفي الظرف وراء ظهره ثم سحبه منه بقوة تحت انهزام امين من جذبه، سيترك له الظرف فى سبيل عدم كشف الاوراق المخبئة تحت صدره..
قطع* شريف الظرف وأخذ الورقة يقرأها حتي ارتسمت على جانب شفتاه بسمة ساخرة ثم انتهت بقهقهة وهو يضيف " الاحمق عاصم طليق والدتك يريد ان يهتم بتربيتكما.. بحجة تعويضكما عن وفاة نجلاء "
التمعت عينا امين بالأمل فكانت تلك خطة شريف* فأضاف شامتا " طبعا* ، فرحت ولا تعلم ان ذلك الوحش يريد انت ينتقم من فعل والدتكما بتركه والزواج من اخر حتى تنجب.. هل تصدق انه تزوج عليها ولم يرد ان تتركه حتى تكون تحت رحمته وتربي له اولاده من زوجته كالخادمة " وصلت نشوة السعادة الى اعماق وجدانه وهو يري الامل المتولد حديثا داخل عينا امين ينحرق بشعلة الحسرة وتتيتم نظراته، فأردف ممازحا بسخرية " سأرسل لك فاتن بفساتين حتى ترتديهم فى حفل نتيجة الانتخابات " رد امين بقسمات غاضبة "مبارك لك يخال.. متأكد انك ستكون افضل عمدة "* قهقه شريف بثقة واسعة بينما تمتم امين وهو يتجه داخل السرايا "اعدك انني سأرتديهم في جنازتك وانا اتبول على قبرك"
انتاب شريف القشعريرة بتقزز وهو يراقب خلفية امين وهو يتوجه نحو الداخل هامسا بين نفسه وهو يعض شفتاه بحنق " لما اشعر بالنفور من تلك البنت.. اعوذ بالله، عيناها تستفزني، حين تنتهي الانتخابات سوف اقوم بتزويجها من ابن اخي حاتم حتى اتخلص منها وتكون غاليتي "منة" بقربي.
* * * * * * * * (١٤)
ليلة يوم الجمعة
ذهب أمين الى منزل اكبر اعداء عائلتهم، طبعا هو لا يعلم اي شيء يخص العائلة وبفطرته المراهقة يدور برأسه الخطة دون البحث عن ماضي ذلك الخصم، فذهب الى الغفير وطلب منه مقابلته بضرورة..
دخل الغفير الى ساحة المنزل فرأي الرجل المطلوب يجلس مع اصدقاءه يشربون الخمور والشيشة ويتحدثون بأمور مهمة، فأشار الرجل الى الغفير لكي يتحدث.
"* بنت صغيرة* يا بيه بتقول انها ستساعدك بالانتخابات بسهولة...* "
ابعد الرجل الشيشة عن فمه وحدق به باستغراب ومن برفقته فقال بتساؤل "بنت مين؟" رد الغفير بتلقائية "نعم بنت صغيرة ترتدي مثل الاولاد"
قال احد اصدقاء الرجل بفضول "ادخلها بسرعة"
خطي الغفير مسرعا نحو البوابة وفتحها ويرمق الفتاة باستهزاء قائلا "انت بنت مين؟"
دخل امين بثقة وهو يضع يده في جيبه مجيبا بتقليل شأن " وانت مالك "
"فتاة قليلة الرباية صحيح"
اشار اليه الغفير لكي يتبعه، تصفح الحديقة المطلة على المنزل .. كان المكان مظلما فى الشرفة الامامية لساحة السرايا، التقطت اذناه صوت اغاني تمتزج مع صوت صفير الحشرات، بعد ثوان اتضحت صوت الاغاني لست ام كلثوم وكلما يقترب يتضح الصوت اكثر حتى وصل اليه كلماتها تداعب اذناه بنشيج فخامتها رغم توتره مما هو مقدم عليه "يا حبيبي
الليل وسماه ونجومه وقمره، قمره وسهره
وإنت وأنا يا حبيبي أنا يا حياتي أنا
كلنا، كلنا في الحب سوا
والهوى آه منه الهوى
الهوى آه منه الهوى، آه منه الهوى، آه منه الهوى
سهران الهوى يسقينا الهنا ويقول بالهنا
والهوى آه منه الهوى* * " برقت عيناه بانتباه حين وصلا الى المكان ووجد من لم يكن يتوقعه، حتى رأه ايضا الاخر ينتفض واقفا يحدق به وكانه فاز باليانصيب، همس امين بتوتر "عاصم"؟
* * * * * * ** (١٥)
صباح يوم السبت موعد* نتيجة الانتخابات...
الساعة السابعة صباحا
يهدر امين" بمنة" لكى تصمت ولا تبكي اكثر حتى لا يستمع اليهما احد وهو يقوم بترتيب ملابسهما داخل حقيبة قد سرقها من خزانة خاله بالسر، فترمقه "منة" وهى تشهق بين قطرات دموعها هامسة بوجل* " من اين جئت بكل هذه الثقة بخساره خالك بالانتخابات " ترك امين كل شيء بيده واستدار اليها قائلا بصوت منخفض بعصبية "ارجوك دعينا نفر قبل ان ينتبه الينا الخدم، صوتك يبدوا مسموعا للحرباية تعلمين انها تنصت الى دابة النملة"
"حرام عليك يا امين، سنتشرد بالخارج، ولن يتركنا الخال"
حاول امين ان يكتم عصبيته وأخرج باقة من النقود من حقيبته فجحظت عينا "منة" قائلة بصوت مسموع "من اين جئت بكل تلك الفلوس؟* هل سرقت الخال ايضا؟"* اغمضت عيناها بالقهر وتساقطت العبارات بجنون ليكتم بيده ثغرها بقوة وبفزع هامسًا " ايتها الغبية السمجة سنقتل بسببك" مالت رأسها بإيجاب فتركها واكمل تعبئة الحقيبة بكل ما يلزمهما فتابعته" منة" بقهر دون ان تتوقف دموعها عن السيلان، فهمست بتساؤل" سأتبعك على شرط ان تخبرني ما هي خطتك "
انتهي امين من ترتيب حقيبته ولم يعد سوى تسللهما لخارج السرايا، كان امين قد خطط للهروب فالجميع مجتمع عند لجنة الانتخابات والسرايا فارغة ولا يوجد بها سوي الخدم والغفير،* وقد عزم على التسلل من الباب الخلفي..
فجذب "منة" من ذراعيها لكي تتبعه، فأبت ان تتحرك، وهمست تضيف وهى تمنعه عن جذبها "ان جئت معك الان ستموت.. صدقني اهرب انت؟"
سكنت ملامحه قائلا بعاطفية " مستحيل..؟* انا اهرب من اجلك* ...* لا استطيع ان اتركك فانت اختي.. قرة عيني.. توأمي.. صدقيني سننجو ثقي بي ارجوك.."
شهقة عبرت من ثغرها بانهزام فهمست اليه بعد ان شعرت أن احدهما يقترب من الغرفة " الى اين سنذهب؟ "
تنهد بارتياح بعد ان راي موافقتها فأجابها وهو يقبض على اناملها بقوة وكأنه يعترف انه بدونها لا شيء حقا " الإسكندرية... عند خالتنا "
يتبع
|