كاتب الموضوع :
سارة منصور دوار الشمس
المنتدى :
قصص من وحي قلم الاعضاء
رد: رواية جديدة " لم تكن أنثى "
الفصل الخامس عشر
انتهي أمين من تنظيف الأماكن الموكل بإنهائها وكالعادة كان أخر من يخرج بالمدرسة ، عزم اليوم على الذهاب إلى الدكان مشيًا على الأقدام ،فقد شعر بالملل من ركوب سيارة الأجرة كل يوم* ، اراد* ان يستنشق بعض الهواء قليلا ..
وفي منتصف الطريق شعر بالتعب الشديد فقرر أن يوقف سيارة توصله .. ظل يشير العى سيارات الاجرة بوسط زحمة السير وكلما تقف سيارة ترفض الذهاب الى ذلك المكان بسبب شدة الزحام بالطرق المؤدية اليه ،حاول أن يتمالك نفسه ويكمل ماشيا ولكن هيهات...
فلأول مرة جسده يأبى أن يتحرك وكأن ضغط العمل بالأوان الاخيرة قد تراكم على بدنه فجأة دون مقدمات فظل ساكننا يجلس على ناصية الطريق يحدق بالناس ويركز بوجههم ،كل شخص منهم به تعبير مختلف عن الأخر ،تساءل إن كان احدهم يمر بنفس ظروفه* ؟ ويعيش بالخفاء مثله . جرت الساعات دون أن يشعر فنسمات الجو كان لطيفة بالمساء ، بغتة تذكر ان لديه عملا اخر ينتظره ولكن قدميه تأبى التحرك تساءل مفكرا ان اقدم رأفت على طرده لأجل غيابه اليوم مثلا ؟ .. فاستسلم لتعب بدنه وارتاح قليلا فلا يوجد اي مقاومة داخله حاليا.
هدأ الزحام قليلا مع مرور الساعات افترض ان الساعة الان الثانية عشر منتصف الليل ، حاول ان يقف على قدميه فنجح من المحاولة الأولى ،الأن عيناه ترفض المقاومة بفتحها فالنعاس يغلب عيناه تُرى ما الذي حدث له اليوم ليكون متعبا بتلك الطريقة* فهو يوم مثل باقي الأيام؟ خطى قليلا ناحية الرصيف وحاول أن يشير لسيارة أجرة رغم ثقل جسده ..رأي سيارة فجأة تأتي مسرعة جدا تظهر بنهاية الطريق ،ضيق عينيه ليراها بشكل اوضح ،كانت حمراء فارهة ،يكاد يصل اليه صوت الاغاني المشغلة بالداخل بصوت مرتفع جدا* ،جحظت عيناه بانتباه شديد حتى طار النوم من عينيه ، السيارة تأتي باتجاهه بسرعة جنونية وبلحظات تخطف الانفاس انعطفت السيارة من أمامه على اخر لحظة وارتطمت بنفس المكان الذي كان يجلس به على الارض ومن شدة سرعة السيارة عادت تندفع* نحوه من جديد ولكن العجلات قد لفت باتجاه الجانب الاخر مصدرة صوتا عاليا جدا يردد صداه بعيدا ..قلبه الذي ينبض الآن معجزة كبيرة فكان بينه وبينها خطوة ، فزيائيا* لابد وأن يكون تحتها الان محطما بين عجلاتها.
بقي يحدق بالسيارة وقلبه يكاد يقفز من بين ضلوعه ،تجمع الناس حوله* مصدومين غير مصدقين بوقوفه حيًا فقد اعتقدوا بموت هذا الشاب لا محالة ، اتجه بعض الشباب* والرجال الكبار الى السيارة المقلوبة يحاولوا فتح باب السائق وهما يقولا بنفس واحد "الله اكبر ،استرها يارب"
ظل واقفا متجمدًا مكانه يراقبهم تحت خفقان قلبه الذي يجعل الرؤيا سوداء بعينيه بين الحين والأخر ، نجحوا بإخراج شاب ملطخ بالدماء ، انصدم امين فور رؤيته بشدة فقد تكهن أنه نفس الشاب الذي كان يريد ان يضربه قبلا بالمدرسة مع صديقه لاعب الكرة ....
قلبه يتواثب هلعا وظلت قدميه متجمدة مكانها حتي أتت الاسعاف* ،ومن حظهم ان المشفى قريبة جدا منهم .
خطى اليه راجل طاعن بالسن قائلا له وهو يربت على ظهره " سبحان الله اعتقدت انك هتروح فيها* ،انها دعوات الأم يا بني* "* حدق به امين بغرابة طويلا حتي استوعب كلماته التى أثارت السخرية وجعلته يفق مما هو فيه* ثم قال " لا ،امي متوفية الحمد لله "
"اذا دعوات الاب "
ابتسم امين بسخرية امام العجوز* قائلا "توفى هو ايضا "
ضرب الرجل يديه ببعضها قائلا بحزن "لا تحزن .. تعالي لنرى ان كان اصابك شيء بالمشفى يا بني ،كمان نطمن على الشباب "
رفض امين قائلا "لا لا لقد تأخرت على المنزل "
امسك به العجوز وأقف سيارة فى ثانية واحدة وجذبه قائلا مشفقا عليه" لا والله لن ادعك حتى نطمن عليك "
لم يري امين احد غريب يشعر بالخوف عليه ،كان احساس لأول مرة ينتابه ،فاستسلم للعجوز ولانه لا يوجد داخل جسده قوة لمقاومته ايضا ، دخل معه السيارة متناسيًا حالته تماما .
وما ان وصلا الي المشفى قال له العجوز " لم تخرج بطاقة بعد* صحيح ؟"
جحظت عين امين وقد استوعب مما هو مقدم على فعلك ،هل يجن لكي ينسي امر حالته ويحعل طبيب يفحصه ..!
هنا..لمحا تجمع الشباب امام قسم الطواري الذين كانوا موجودين بالحادث** فقال له العجوز انتظر هنا حتي أسأل عن احوال الشباب المساكين ،الله يكون بعون اهلهم "
جاء احدهم* وقال يفزعهم جميعا بصوت عالي " لقد مات ثلاثة منهم فى الحال ، والسائق لا يزال به النفس "
كانت بعض الأهالي قد جاءت فبدأ صوت الصراخ يعلو والنحيب ، يظهر انهم عائلات غنية* ، جحظت عين أمين وهو يري اخر شخص كان يتوقع ان يراه هنا ،عاد خطوة الا الوراء بفزع وتلاقت اعينهما لوهلة وهو يجري امامه ويدخل الى قسم الطوارئ هاتفا بفزع "ابني..."ومن خلفه السيدة مروة تجري بصياح اقوي هلعا "عامر "
همس امين بين نفسه "عاصم؟"
رفض رجل الأمن ان يدخل الاهالي الى قسم الطوارئ حتي يأخذ منهم البطاقة الشخصية ،بدأ عاصم يبكي ويخرج بطاقته وهو يلهث بين شهقات بكاءه التي لا يستطيع ان يتحكم بها ..
استغل أمين الزحام وهرب حتي لا يدخل الى المشفى تحت نظرات العجوز الذي ظل ينادي عليه خلفه .
لا يعلم كم مر من الوقت الآن وهو يمشي بناحية الطريق* ،قدميه لم تشعر بكبر المسافة فباله منشغلا بنظرة عاصم ومروة ،تساءل من يكون ابنها بينهم* وهل مات ؟
لم يشعر بالفضول اتجاهها فهو سيعرف بالأمر غدا بالمدرسة ،فمن يهمه حقا هو ابن عاصم ، الرجل الذي انتظر ان يكون له اولاد بعد عمر طويل ،يفكر داخله بخيبة أمل ماذا لو كان أبيه لايزال حيا* بالتأكيد لم تكن تذهب والدته للعيش مع عائلتها ولم تكن منة تعرضت لتحرش الجسدي ونوبة الصرع التي اصابتها بسبب خالهما .حين يتوفى الاب تهدم الاسرة خاصةً ان كانت الزوجة متسلطة لا تحب الا نفسها كما هو الحال مع نجلاء يكاد يجزم انها هي من أثرت على أبيه بأمر اخفاء* علته بالماضي عن اي احد وقامت بإخفائه* تحت شهادة ميلاد بهوية لا تخصه ، لا ينكر انه فى بعض الاحيان لا يكون متأكد من حالته وخاصة بعد اخبار الطبيب له انه مترجح بين ان يكون رجلا او انثى** ،ربما ان كان والده لايزال حيا كان ليأخذ بيده ويكون سندا . تأفف مما يدور بعقله* وركل* صخرة صغيرة ملقيه على الارض بقدمه بنفاذ صبر وزفر بقوة وهو يسرع من خطواته لذهاب الى المنزل .
* * * * * * * * (٣٥)
تتفحص ذلك الهاتف الصغير وتتعلم ان تقوم بفتحه وتغلقه بتوجس خيفة من ان يراها أحد تمسكه بغرفتها ،فقد أعطتها ليندا ذلك الهاتف لتتواصل معها بحجة ان لديها اكثر من هاتف ،رفضت في بداية الامر ولكن وجدته شيء صغير لا يذكر امام ثروتها الكبيرة* ولما ترفضه فهي تستحق الاحسان بظروفها !
هى لن تستطيع شراء هاتف مثل ذلك وان طلبته من امين فثمنه بحق سنة كاملة من عمله* .
كانت تنتظر امين فقد تأخر بشدة* ولكي تضيع وقت فصلت ان تلعب بالهاتف وحتي لا تترك نفسها للخوف فيسيطر عليها وتصيبها نوبة وجسدها الضعيف لا يتحمل .
سمعت صوت باب المنزل يغلق* فارتعشت يدها وهى تخفي الهاتف تحت وسادتها وتقفز واقفه لكى تقابل امين ،وجدته يصعد على السلم وعيناه تتابع بازدراء صوفي وهى تشرب الدخان بشرفة البيت بالأسفل .
همست منة بقلق " لم تأخرت جدا "؟
كان امين لا يزال متأثرا برؤيته للحادث فكان يشعر بالتعب وهو يرد عليها " كان العمل كثير اليوم ، لا تشغلي بالك بي* ماذا فعلتي بالامتحان .."
هدأت قليلا بعد رؤيتها لأمين سالم معافي فتنهدت براحة قائلة وهى تمسك بيده ويدخلا الى الغرفة* "* تمام جدا .."
وبعد ان تحدثا قليلا ترددت منة ان تخبره بأمر ليندا فبادرت بقول تمهيدي" امين تعلم ليندا صحيح اخبرتك عنها قبلا .."
"ماذا بها ؟"
"طلبت منى ان اذهب معها الى بيتها ..."
رد امين مقاطعا لها بغضب " لا ،لا اخبرتك لا تذهبي الى بيت اي احد ابدا .. امثال شريف موجودين بكل مكان .."
شعرت بالرعشة تسري بداخلها برعب حتى أصبح وجهها احمر من شدة كبتها فرأي امين انه قد بالغ بردت فعله معها* ،فجلس مقربا منها يربت عليها هامسا بهدوء " لم اقصد ذلك .."* ابعدت منة يده عنها بضيق ،بعد ان شعرت انه أناني فهو يخرج بكل مكان ويتجول ويريد ان يحبسها بذلك البيت ، حتي انه لا يريدها ان تصادق صوفي ويوبخها بكل مرة يراها تقف معها* ، دفنت رأسها ببكاء داخل الفراش ودثرت نفسها* تبكي بصمت .
ألمه أمين رؤيتها بهذا الشكل ولكن لن يتهاون ابدا فى جعلها تذهب الى بيوت الناس ،فذلك الأمر يرفضه تماما .
* * * * * * * * (٣٦)
لم تسمع منة لكلام أمين هي ايضا تريد ان تشعر ان لها شخصية حرة غير مقيدة و لقد ملت من اوامر امين الصارمة ،لذا لم تتوقف عن زيارة ليندا فكل يوم تخبر صوفي قبل ذهابها* حتي لا تكتشف حسناء ذلك ولا لميس وتبرر امر اختفائها من البيت لهما بأي صورة ممكنة .
حتي أصبح أمر ذهابها الى صديقتها بشكل يومي روتيني ،وما شجعها اكثر ان اخوات ليندا بمدارس خارجية ببلاد اجنبية فلم تشعر باي خوف يهدد ذهابها اليها.
"اخبريني منة* الى اي جامعة تريدي ان تدخلي ؟"
تهتف بها ليندا وهى تجلس بحديقة منزلها الجميلة تشرب الشاي بجانب منة التى اخذت الاجابة على محمل الجد وبعض العاطفة قد تملكتها* فردت بخيبة* " كان حلمي ان اصبح طبيبة لكي اعالج حالة اخي ..ولكن الظروف كانت اقوي ..,لذا سأختار جامعة تناسب ظروفي "
بادلتها ليندا نظرة غرابة حتي قالت بتساؤل " حالت امين ..بما يشتكي لسمح الله "
جحظت عين منة وتسرب العرق من جبينها بتوتر فقد خرجت تلك الكلمة دون ان تشعر تماما فردت بتلكؤ* " لا أبدا لا يعاني من شيء " كشفتها نظرات ليندا بانها تمارس مهارة الكذب فأردفت بحذر " السكر يعاني من السكر الله يشفيه "
قطبت ليندا جبينها لترد بغرابة " العمل الشديد عليه غلط مع السكر .."
حاولت منة أن تغير مجري الحديث مسرعة " وانتِ ... ماهي جامعة احلامك احلامك* "
تنهدت بحزن بائس وكأن منة قد نجحت تماما بتغير الاجواء المتوترة الى اجواء اخري حزينة
" من مثلي لا يختار* ، امامي عدد من الجامعات التى ستقبل بي ،ولكن سأدخل كلية التجارة حتي اعمل بإحدى البنوك مع* .."
بغتةً وصلت سيارة فارهة امام بوابة الڤيلا مصدرة صوت عالي* قطعت حديثهما ،كانت ليندا متفاجئة كثيرا حتي خرجت كلمة " لا يمكن ان يكون "؟
هرعت ليندا الى البوابة كالطفلة الصغيرة ، فوضعت منة الارنب بجيبها* فهي لا تخرج بأي مكان الا بدونه* ،خطت ناحية ليندا ببطء فقد جاء ببالها انه يمكن ان يكون أبيها الذي تعشقه بجنون ولا تتوقف عن مدحه امامها حتى اصبحت متحمسة لرؤيته ،فهي دائما ما تأتي هنا وتجلس بالساعات ولم تقابل أي احد من عائلة ليندا لا امها ولا ابيها فقط الخدم .
توقفت منة عن الخطى حين وجدت شابا طويلا يرتدي ملابس كاجوال انيقة جدا بشكل مختلف عما اعتدت ان تراه بالمدينة ،رأته يحمل ليندا مُرحبا بها ويلف ويدور بها مثل ما تراه بالأفلام وهى لأول مرة تراها تضحك بتلك السعادة* ،تابعتها من على بعد عدة خطوات ،حتي انتبها اليها ، قالت ليندا تشير اليها " تعالي يا منة انه اخي فارس .."
بتوتر وكلمات متلعثمة ووجها لا يرتفع من على الأرض " اهلا ..مرحبا فارس ".كان قلبها يدق بجنون وخجل كبير وهي تري يده ممدودة امامها لكي يسلم عليها قائلا بلهجة فرنسية " مرحبا ..."* ثم وجهه انظاره لليندا مردفا " اخيرا عرفتي اشكال جميلة "
لا يعلم انها تفهم اللغة بشكل جيد جدا* ،سحب يده دون ان يظهر اي ضيق ،قالت ليندا "معذرة ..هي خجولة جدا ليست مثل فتيات باريس التي اخبرتني عنهن "
توترت اكثر ولا يزال وجهها بالأرض ،كانا يعتقدا انه خجل ولا يعلما انها حالة نفسية خطيرة* سقطت بها منة منذ ان قام خالها بهتك عرضها كل ذلك جعلها تري اي رجلا يحاول ان يلمس اي جزء بها عدوا لها ، هتفت بتوتر شديد ."ليندا سأذهب الان .."
التفت تعود بطريقها ولم تنتظر ردا* ليرتجف بدنها فجأة وهى تري يديه تتمسك بمعصمها يمنعها عن الذهاب قائلا* " انتظري .. لما انت مستعجلة هكذا ..ان كنت لا تحبي وجودي* سأذهب لداخل "
لم تعلم انها مجرد حركة يمارسها فارس مع المقربين منهم ولأنه نشأ ببلد اجنبيه منذ الصغر فعلها بعفوية ولم يعلم انه اجرم بحقها .
هنا صرخت منة صرخة جعلت الارض تهتز ثم سقطت ترتجف بالأرض بحالة الصرع والتشنجات تحت نظراتهما المصدومة ،فقد تحول وجه فارس امامها الى وجه شريف بابتسامته الحقيرة التى تكرهها فغابت عن الوعي ،هنا ..علمت ليندا وشقيقها انها تعاني من خطب ما* ،فشعرا بالشفقة عليها* .
* * * * * * * *****
كانا ينظرا اليها وهى نائمة على الفراش بهدوء قال فارس لليندا بسخرية " الا تصادقين سوى المرضى "
همست ليندا بغضب " ولما لا تقول انها فزعت بسب لحيتك والمسكينة افتكرت انك تريد خطفها ،تلك اللحية تجعلك تبدو مثل المجرمين* ،هي رقيقة جدا على ان تري امثالك "
"ماذا؟* يا الله انت اوفر جدا هل سمعتي يا امي ..، لولا انك اختي الكبيرة لكنت...."
فى تلك اللحظة شعرت ليندا انها على وشك ان تفق ،فأشارت لفارس بأن يتوقف عن التحدث ويخرج من هنا فتغشى ان تسمع كلماته وتفشى الأسرار التى تحاول جاهدة ان تخفيها .
استيقظت منة وهى تشعر بألم فظيع بمخها تتأوه بألم على الفراش* فتحت عيناها ببطء تسترجع ذكريات قبل غفوتها* رأت انها بغرفة بيضاء بها رائحة جميلة جدا ظهرت ليندا امامها تحدق بها بقلق قائلة بخوف " ماذا حدث لك يابنتي وقفتي قلبي "
شعرت منة بخجل كبير وحاولت ان تداري عن فعلتها ففارس لم يخطأ بحق* ،وكل مشاعرها المتضاربة تحدث غصبا دون ارادة منها .
"انا اسفة جدا .. هذا يحدث لي بين الحين والاخر ،اعتقد انني نسيت الدواء اليوم ،فانا اعاني من رهاب اجتماعي ،نعم انا انطوائية** "
"لا تكبري الموضوع اصلا هو غلطان ما كان يجب ان يمسك يدك .."
حاولت منة ان تبرر موقفها لكن** سيدة بالعقد الخامس تجلس على كرسي متحرك دخلت فجأة الغرفة ملامحها هادئة بنعومة كصوتها الجميل* وهي تقول "اخبرتك انها ستكون بخير "
أحست منة بالأمان اتجاه تلك السيدة همست منة ببعض التعب باتجاه ليندا التى توترت بجنون فور دخول تلك السيدة* " من هذه "؟لترد السيدة عليها "انا ام فارس .."
شعرت منة بالخجل الشديد وقالت "مرحبا سيدتي ،اسفة جدا على ما بدر مني تعبتكم معي "
قالت ليندا مقاطعة بتوتر** " الساعة خامسة مساءا لقد تأخرت سأتصل بالسائق لكي يوصلك الان .."
قفزت منة من الفراش متناسية امر وجع رأسها وهرعت مسرعةً تحت كلمات ام فارس* "* بهدوء يا حبيبتي .. هتوقعي مرة اخرى* خل بالك عليها يا ليندا اذهبي مع السائق حتي تتأكدي من دخولها الى المنزل* ."
وما ان وصلا الى البوابة رفضت منة ان تأتي معها ليندا وركبت بالسيارة بمفردها* واشارت بالسلام* لليندا ،لمحت فارس* من شباك السيارة يقف بالشرفة بعيدا ويحمل شيء عيناها لا تلتقطه ،اشاحت بوجها بسرعة ، هامسه " انا لا ارتاح لهذا الشاب ابدا "
* * * * * * ** *****
كان يعمل بتعب شديد بالدكان يحاول ان* يلبي طلبات الزبائن لكي يخفوا قليلا من الدكان ولكن استمر العمل الى الواحدة صباحا بمفرده ،وما ان انتهى بعد يوم طويل اغلق الدكان بالقفل والمفتاح وحين التفت يعود بطريقه الى المنزل ظهر أمامه للمرة الثالثة .. قائلا امامه بخيبة " لقد بحثت عنكي طويلا يا امنية ؟"
تواثبت نبضات أمين عاليا* وهو يرى عاصم أمامه خاصةً بعد أن قال " لم اعلم ان الظروف ستجعلكِ ترتدي مثل الاولاد هكذا !"
"ماذا تريد مني يا عاصم "
"أريد* ان احميكما "
رد امين ساخرا "احميكما !!؟ ،انت مجنون هل تريدني ان اصدق انك تريد ان تساعد ابناء طليقتك .. حجة رخيصة ..العبها فى مكان اخر "
رد عليه عاصم فأفحمه بالصمت والصدمة
" شريف يبحث عنكم بالإسكندرية "
* * * * * (٣٧)
* * ** (بعد مرور ست سنوات )
مرت السنون بصعوبة بالغة على أمين* فقد ترك المدرسة حين وصل الى سن الرشد فقط طلبوا منه البطاقة الشخصية لكي يحصل على خبرة عامل ويمكن ان يثبت بها براتب مجزي يتمناه والى الآن لم يقم بإجراء استخراج بطاقة شخصية حتي ! فكان حذرا جدا من تلك الامور التي تضعه بورطة فلا يريد ان يتخيل ان تكون له بطاقة مكتوب بها انه انثى!! اذا ماذا يريد او ماذا كان يتوقع حين يصل الى عمر الواحد والعشرين عام ؟ ،أصبح يخشى من أن يدخل بأي موقف يستدعي ان يطلب منه احد بطاقته ،فماذا سيقول لهم ..؟* . استمر بالعمل بالدكان كالآلة يري شريط حياته لن يتطور ابدًا بتلك المجازفة ،وما يثقل كاهله اكثر رفض منة دخولها لكلية الطب بمجموعها الكبير بالثانوية العامة ،وفضلت ان تدخل كلية التجارة ،كم يؤلمه انه كان غير قادر على تلبية احتياجاتها حتي تفكر دائما ان تعمل لتعيل نفسها الأخرى معتقدة انها بذلك تساعده ولا تعلم ان كلماتها تؤرقه وخاصةً ذلك الشعور الغريب الذي بدأ يكبر داخله ويلح عليه بأن يعطي لنفسه فرصة فربما يلقى دعم ويكون له محور شخصية كأي بشري له هوية تعريفيه ،كم يشعر بالحقد كلما يري شابًا يمشي واثقًا بنفسه يسرح بمحيط الحياة دون عبء لهويته ،كم يتمني داخليًا ان يكون رجلا كاملا وزوج* وأب حنونا ،فهل يتحقق امنياته التي تولدت بمخيلته بسبب عاطفته الجياشة اتجاه الجنس الناعم ،فالكثير من الفتيات التى تأتي لشراء بعض الحاجات من الدكان تحاول ان تناغشه قليلا بسبب حسن وجه وملامحه الجميلة وفى كل مرة يسدهن فلا يشعر بالراحة ابدًا* داخل جسده ذلك فبعض الاوقات يشعرانه غير كامل .
فكر عدة مرات ان يذهب لطبيب مختص وبالرغم من أن والدته توفت بكلماتها المسمومة التى كانت تزرعها داخله الا ان تلك الكلمات بحروفها لا تزال تنبض بالحياة داخل رأسه ،وخاصةً ذلك الطبيب الذي أخبره بماهية أمره بالماضي بأنه مرجح بين ان يكون رجل او امرأة .
لم يعلم انه عندما يكبر ان عقله سيتغير ومتطلباته ستتغير معه ،أصبح كل ما يدور بعقله هو البحث عن هويته فبعد تخرج منة وذهابها للبحث عن العمل بالبنك ،كم تمني لو يذهب معها ولكن لا أحد يدخل الى البنوك بدون بطاقة شخصية .
هناك خطة حديثة بدأت تتولد داخله وتدور بعقله ليل نهار ولكن يخاف من مجرد التفكير بها فأما ان يسرق الحلي الخاص بالميس واموالها التي اكتشف انها تخبئها من حسناء تحت فراشها* ،وحين يحسبها جيدا* فلن تأتي اموالها بهمها ، فإن اقدم على رحلة البحث عن هويته ومقابلة الأطباء والانتقالات بين الاقسام المختلفة سيتكلف اموال طائلة حتي وان قام باستئصال ثدييه فقط لابد وان يكون معه اموال تكفي ،لذا أتته خطة بأن يرجع للعزبة ويطلب ورث والدته* لكن من منظوره خطة فاشلة يمكن ان تؤدي بحياته سريعا .
تنهد وهو يركل* الكراتين الملقية على الارض بعد ان قام برص البضاعة ،فحياته اصبحت ضيقة هو ايضا يستحق ان يحلم ويقرر ماذا سيفعل ..قال متحسرا "ليتني كنت طائر أقسي طموحه ان يحلق عاليا "
جاء ردا من رأفت الذي جثا على ركبته يلتقط بعض الكراتين خلفه "الطيور ايضا تعمل يا امين ..،هل زهقت من العمل .."
انتبه امين الى وجوده فنظر اليه طويلا وهو يفكر بأمر مستحيل على أن يتصوره هو شخصيا .
**
يتبع....* *
* * * * * * * *
رأيكم
|