كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 1105 - أب بالصدفة - ان بيترز- دار النحاس
أخذ يحدق في بيتر وهو يسمع ذلك الصوت الداخلي , ما جعل صدره يضيق حتى صعب عليه التنفس . تذكر مشاعره وهو طفل وهم ينقلونه من مكان إلى آخر ومن بيت إلى بيت ولأسباب كان أصغر أو أكثر جهلاً من أن يفهمها ... أماكن كانوا دوماً يجدون ثمة ما ينقصها . تماماً كما تصور جيرالد أن ثمة ما ينقصه .
تباً لذلك ... لا أريد التفكير بهذا الشكل . تفجرت هذه الكلمات بكل العذاب والقنوط الذي يتملكه , معبراً بعنف عن معارضته للقوى خارج نفسه . تلك القوى التي بدت , مرة أخرى , تفوز بالسيطرة عليه .
كلا , فهو لن يسمح به . ليس هذه المرة .
وقال بصوت أجش وهو يضم الولد الخائف إلى صدره : " استمع إليّ الآن . ليس الامر هو إنني لا اريدك . فأنا ... أنا أحبك , أحبك حقاً . وأنا أريد ... أريد لك الأفضل , صدقني "
أخذ يمر بيده على الشعر الأشقر , وطبع قبلة على قمته ثم قال : " إنني ساعطي جدتك بعض المال , وسأرسل إليها المزيد كل شهر وبهذا يمكنها أن تشتري لك كل ما تحتاج إليه "
أثناء احتضانه للصبي شارحاً ملاطفاً , كان جزء منه يبكي , بينما جزء آخر يتساءل هازئاً عمن تراه يحاول إقناعه هنا , الصبي أم نفسه ؟
ولكن جيرالد أخذ يخمد في نفسه كل شعور ومضى يحاول تقديم كل مبرر ومنطق لما يقوم به .
وبعد أقل من ساعة , كان هو وبيتر في طريقهما مرة أخرى قاصدين بارستو .
" مضى وقت طويل لم نتحدث فيه بهذا الشكل , يا حبيبتي " قالت العمة لويزا ذلك وهي تتأمل ابنة أخيها باكتئاب وذلك في جلستهما المعتادة على السرير : " كانت آخر مرة قبل أن تتزوجي " وسكتت وعندما تابعت روني صمتها شاردة الذهن , أضافت تقول : " كنت أراك تزدادين حزناً منذ رحيل جيرالد وبيتر ,انك تفتقدينهما أليس كذلك ؟ "
توتر فم روني وانحدرت زاويتا فهمها وهي تقول بصوت تخنقه الدموع : " إنني أفتقده , أفتقد بيتر فقط "
لم تجبها عملتها على هذا , وقالت : " لقد اتصل جيرالد مرتين هذا النهار "
" أعلم ذلك , فقد أخبرني ليو "
" لماذا رفضت التحدث إليه ؟ "
" ليس لدي ما أقوله "
" يبدو أن جيرالد يظن أن هناك موضوعاً يريد إخبارك عنه "
فقالت ثائرة تقاطع عمتها وهي تنظر إليها بعينين ملتهبتين : " جيرالد , جيرالد ... هذا كل ما أسمعه منكم . إنه الوحيد الذي يهمكم أمره "
" هذا غير صحيح "
" بل هو صحيح . ليس منكم من اهتم مثقال ذرة بأنه حطم قلبي عندما أخذ مني... "
تهدج صوتها ولم تستطع الاستمرار . فعضت شفتها وهي تغطي عينيها وتشهق قائلة : " تباً لذلك " واخذت تنظر إلى السقف تغالب دموعها : " لم أبكي لهذا الامر بعد الآن .لن ... "
|