رافقت لين والدها الى الحفلة رغما عنها لأنها كانت متأكدة من أنها ستضعف عند رؤية فيليب . ومع ذلك , كانت قد قضت فترة بعد الظهر كلها فى الاستعداد للحفلة , فاختارت أجمل ثوب فى خزانة ملابسها , انه ثوب اسود من الحرير , طويل مشقوق عند الركبة اليمنى , له كتف واحد تزينه حبال من استراس والخرز الفضى على صدره , أما شعرها فرفعته عند أفضل المزينين فى المدينة وزينت وجهها بمكياج هادئ , ووضعت الاقراط الماسية وزينت جيدها بعقد يبهر لمعانه الأبصار . وعندما دخل والدها الى غرفتها , اطرى على جمالها وطبع قبلة على خدها.
ستكونين أجمل فتاة فى الحفلة , أنى أشفق على كل الرجال الذى سيرونك , وخاصة فيليب ...
أبى , أرافقك الى حفلك هذا من أجلك أنت فقط , فلا تدعنى اغير رأيى , ثم تناولت حقيبة يدها المرصعة الصغيرة وتأبطت ذراع والدها.
فور وصولها الى الحفل , بحثت لين بعينيها عن فيليب فلم تجده بين الحضور , فشعرت بخيبة كبيرة ولكنها لم تشأ أن يلاحظ والدها خيبتها. وكان من بين الحضور جيرمى هارفى ابن المصرفى الشهير فريدريك هارفى الذى يتعامل والدها معه , وجيرمى هذا صحافى ناشئ يستغل علاقات والده لينشر بعض المقالات الى جانب اهتمامه بآخر مستجدات العصر فى عالم الأزياء.
وكان قد حاول مرارا أن يتقرب منها فى الماضى لكنها كانت تصده وتهزأ منه . لكنها اليوم ابتسمت له عندما اسرع لاستقبالها وقررت أن تتحمل سخافته كى لا تبقى وحيدة بين رجال الأعمال الذين فى أغلبهم من سن والدها.
انشغل والدها بالترحيب ببعض مدعويه , فدعاها جيرمى لشرب كأس على الشرفة بالفندق . لم تجد لين بدا من قبول دعوته ورافقته الى الشرفة لكنها ظلت تسترق النظر الى داخل الصالة بانتظار وصول فيليب.

شربت كأسها بسرعة وطلبت من جيرمى العودة الى الداخل.
هل تملين من رفقتى ؟ سألها وهو يضع يده على كتفها العارى.
لا ولكن يجب أن أكون بجانب والدى فى حفلته هذه قالت له بلطف مصطنع وهى ترفع يده عن كتفها.
فى نفس اللحظة التى كانت تدخل فيها مع جيرمى الى الصالة , كان فيليب يدخل من الباب الرئيسى مع امرأة رائعة الجمال تسير متأبطة ذراعه بدلال . فأحست لين بنار الغيرة تنهش قلبها . مهما كذبت على نفسها فهى تحبه ولا تتحمل فكرة أن تزاحمها امرأة أخرى فى قلبه . لكنها ومهما كان الثمن , لن تكشف له عن مشاعرها وبنفس الوقت لن تفسح له مجالا للتقرب منها , فهناك احساس عميق لديها بأنها ستتعذب فى حبها لهذا الرجل , وهذا ما يمنعها من اظهار مشاعرها وتلبية نداء عواطفها.
التقت نظراتهما للحظة لكن فيليب كان أول من أدار وجهه وقدم رفيقته لوالدها السيد باتريك هوزون الذى اسرع لاستقباله والتعريف به أمام بعض اصدقائه.
لاحظ جيرمى ارتباك لين وتبعت نظراته نظراتها.
أعتقد أنه المهندس الذى اختاره والدك لمشروعه . لست ادرى ما الذى دفعه للتعامل مع مهندس مبتدئ مجهول مثله . ما اسمه ؟
فيليب تورن قالت وهى تدير وجهها نحوه , لكنها ما أن تلفظت بهذا الاسم حتى أحست بقلبها يدق بسرعة , وخافت أن تخونها مشاعرها.
نادى السيد باتريك على ابنته فترددت قليلا ثم اقتربت منهم بعد أن استأذن جيرمى.
لين , تعالى قال والدها وهو يمسك يدها.
سيدة كريستين , أقدم لك ابنتى لين . لين , أقدم لك السيدة كريستين ماثر صاحبة أكبر دور الأزياء فى المدينة.

يبدو ذلك واضحا من ثوبها , قالت لين لنفسها وهى تمد يدها الى السيدة , لكنها لم تتمكن من الابتسام لها رغم جهدها الكبير.
السيدة كريستين تعرض أجمل الأزياء , وأنا متأكد أنها ستكون مسرورة بزيارتك لها ذات يوم قال فيليب بكل أدب واحترام.
بالتأكيد أنسة هوزون , أرحب بك فى أية ساعة تأتين , أتمنى أن يصطحبك فيليب معه لمشاهدة عرض الأزياء الصيفية للموسم القادم سنقدم العرض يوم السبت القادم فى فندق السان رايز.
انها تناديه فيليب فقط , يبدو أنهما على علاقة حميمة , لكنها تبدو أكبر منه سنا ... ولم لا ؟ أليس فيليب شابا طموحا وصوليا , ليس من المدهش اذاً ان يكون على علاقة بامرأة ناجحة وغنية كالسيدة ماثر هذه.
ليس لدى اى مانع قال فيليب مبتسما.
انضم اليهك بهض أصدقاء والدها وانشغل فيليب معهم بالحديث ولم يهتم لوجودها . ظلت لين تصغى لحديثه باعجاب , وهو يتكلم كأنه من كبار رجال الأعمال بشكل سلب انتباه الجميع , ولاحظت لين نظرات الاعجاب فى عينى السيدة ماثر بالغيرة من جديد ولم تمانع عندما اقترب جيرمى منها ودعاها للتعرف الى بعض أصدقائه.

-4-

بعد قليل افتتح والدها البوفيه بكلمة يعرف فيها بمشروعه وبالمهندس الشاب الذى يتولاه . صفق الجميع الا لين التى كانت مذهولة من حماس الجميع تجاه فيليب , وقد أحست بالتوتر أمام تجاهله اياها . فهو لم يحاول التقرب منها والكلام معها . يبدو أن نجاحه هو كل ما يشغل باله بالاضافة لهذه السيدة التى تلاحقه كظله عندما ارتفع صوت الموسيقى , اتجه البعض الى حلبة الرقص , ودعا فيليب السيدة ماثر للرقص معه , فنظرت لين اليه وهو يضع يده على خصر السيدة وأحست بجفاف فى حنجرتها وشربت كأسها دفعة واحدة وندمت على مجيئها.
أترغبين بالرقص ؟ سألها جيرمى الذى كان ينتظر هذه الفرصة.
بكل سرور وناولته يدها وتركته يقودها الى الحلبة , وقصدت من وراء ذلك أن تثبت لفيليب أنها غير مهتمة به وانها تتمتع بالسهرة.
ماذا تفعل صاحبة دار للأزياء وسط رجال الأعمال ؟ سألها جيرمى مشيرا برأسه نحو كريستين ماثر.
أنها ترافق السيد تورن أجابته باستخفاف :
يبدو انه يهتم بالأزياء ايضا . لقد دعتنى لحضور عرض موديلاتها لموسم الصيف القادم
وهل ستذهبين ؟
لا انوى ذلك

لا انوى ذلك
لكننى ساذهب لحضوره ويسرنى أن ترافقينى
أنا آسفة . لن أذهب وغيرت موضوع الحديث كى لا تظهر كرهها لهذه الامرأة.
كان جيرمى يرقص جيدا , لكنه حاول أن يستغل الفرصة وقد لاحظ أن الفتاة لطيفة معه اليوم , فضمها اليه أكثر
لم تكن الفتاة تريد أن تشجعه وبنفس الوقت لا تريد أن تبقى وحيدة . لكنه تجرأ بشكل لم يعد بامكانها تحمله فدفعته عنها قليلا , الا أن الشاب نظر اليها ببراءة وانحنى ليهمس بأذنها
أنت رائعة , لين ...
فرمقته بنظرة غاضبة عادت الى مكانها حيث يقف والدها تاركة الشاب وسط الحلبة.
انضم اليها جيرمى بعد لحظات واعتذر عن تصرفه , فابتسمت واعتذرت بدورها لأنها تركته وحده على الحلبة.
ظل فيليب يراقص السيدة ماثر الرقصة تلو الأخرى ولين تنظر بحسد وغيرة , وعندما عادت مع والدها الى المنزل , اسرعت الى غرفتها ورمت نفسها على السرير وأجهشت بالبكاء.
يا له من شاب مغرور وقح . حاول فى البداية التقرب منى للوصول الى والدى لدرجة انه عرض على الزواج , وعندما أدرك أنه كسب عطف والدى , تجاهلنى وكانه لا يعرفنى , أكرهه , أكرهه صرخت وهى تحاول طرد صورته من فكرها . لا بد أنه سعيد برفقة السيدة ماثر , ومن يدرى ؟ قد يكون يعيش معها ...