مضى اسبوع على ملازمتها المنزل ولم يتصل المحامى بها . فذهبت الى العمل صباح الاثنين واضطرت للاعلان عن انفصالها عن زوجها أمام زملائها فى العمل وقالت لهم بأنهما لم يتفقا معا. كانت ترهق نفسها فى العمل وتبقى فى المكتب حتى بعد ذهاب كل الموظفين وتعود مساءً الى المنزل لترمى نفسها على السرير من التعب.
كان والدها ينصحها بأن ترتاح وان تبقى فى المنزل أو تخرج للترويح عن نفسها , لكنها كانت ترفض وكانها تريد أن تدفن حزنها فى العمل.
وبعد شهر كانت تشعر بالتعب وكانت لا تأكل جيدا ولا تقبل الخروج مع أحد , فشحب لونها ونقص وزنها واصيبت مرة بالاغماء فى الصالون , فاستدعى والدها الطبيب وعلم أنها حامل.
لماذا لم تخبرينى بأنك حامل ؟ قال يعاتبها.
لأننى كنت أفكر بالاجهاض.
لا تفكرى بذلك , أرجوك يا ابنتى , فالاجهاض يضر بك احتفظى بالجنين , فهو طفلك الشرعى ...
لا أريد أى شئ يذكرنى بوالده ... لقد مضى شهر ونصف ولم أحصل على الطلاق ...
لا تقلقى , سأرى ما يمكننى أن أفعله . لكنك لن تذهبى الى العمل بعد اليوم.

-10-

فى الأسبوع التالى , ذهبت الى الريف لقضاء بضعة أيام عند عمتها التى تعيش مع زوجها وابنتها ميلانى صديقة لين منذ الطفولة.
استقبلتها عمتها بالترحاب واصرت ميلانى على أن تشاركها غرفتها مدة اقامتها هنا.
وجدت لين بعض الراحة مع ميلانى وكانت الفتاتان تتنزهان كل يوم وتثرثران حتى عاد الاشراق الى وجه لين وعادت تأكل جيدا كما فى الماضى . لكنها ذات يوم تعثرت فى الطريق ووقعت وأصيبت بالاغماء , فاستدعى زوج عمتها فريبه الطبيب الذى حضر عىل الفور , ونصحها بعدم مغادرة الفراش مدة شهر كامل وألا ترهق نفسها فى السير لأن هناك خطر على الجنين.
اضطرت لين لتمديد اقامتها عند عمتها ولكن والدها كان يتصل بها يوميا تقريبا.
هكذا تبقين عندنا مدة أطول قالت لها ميلانى ممازحة.
أنا سعيدة بينكم , ميلانى , ولكن هذا الجنين يذكرنى بوالده
ألا تعتقدين أنه اذا علم بأنك حامل قد يأتى ويحاول اصلاح الأمور بينكما ؟
لو أنك رأيت الحقد فى عينه لعلمت بأنه لن يعود أبدا ووقفت امام النافذة تنظر الى البعيد.
أنت لا تزالين تحبينه , ولهذا السبب لا يمكنك نسيانه قالت ميلانى وهى تربت على كتفها.
قبل زواجنا كان يظهر كل حب ورغبة بى , لم يكن يبدو عليه ابدا أنه يكذب أو يمثل دور العاشق , صدقينى أننى حتى الآن لا أصدق أنه هو نفسه ذات الشخص الذى أحببته.

لكن اذا علم بأنك حامل منه , لا بد وأن يغير موقفه ...
لكنى أنا لن أغير موقفى , أحببته , ولا أزال أحبه , ولن أحب رجلا غيره , لكننى وان عاد وطلب السماح لن اسامحه , لقد أهاننى واحتقرنى و ... وأجهشت بالبكاء.
كان الطبيب يزورها كل يوم ويسألها عن صمتها , وكل يوم كان يحضر لها كتابا تتسلى بقراءته أثناء وجود ميلانى فى عملها قبل الظهر , وسرعان ما نشأت مودة بينها وبين الطبيب شارلز الذى كان لطيفا ومحدثا لبقا.
لقد مضى على ملازمتى السرير أكثر من أسبوعين , ألن تسمح لى بالخروج ولو قليلا كل يوم ؟
لا , أنت بحاجة للراحة أكثر , الا اذا لم تكن حياة الجنين تهمك أجابها شارلز ممازحا
لكن الفتاة وضعت يدها على بطنها وتذكرت فيليب , هذا الطبيب يشبه فيليب الذى كانت تعرفه قبل الزواج , طويل مثله وجذاب , لكن فيليب يتميز عنه بسحر نظراته . كم تشتاق لرؤيته ولو لمرة واحدة.
باتت تدرك الآن أن حياتها ارتبطت به للأبد , حتى ولو نسيته سيذكرها طفلها به . أنه قدرها الذى لا يمكنها تغييره.
بعد أيام , أكد لها الطبيب شارلز أنه بامكانها الخروج لكن يجب أن لا تجهد نفسها , ودعاه لزيارته فى العيادة غدا.

فى اليوم التالى , وبعد ذهاب ميلانى الى عملها , تناولت لين الفطور وذهبت لزيارته سيرا على الأقدام , وبقيت فى عيادته حتى الظهر , فاقترح عليها أن يرافقها فى طريق العودة الى المنزل فوافقت لأنها كانت تسر برفقته.
فى الطريق , جلست قليلا على جذع شجرة لترتاح , فجلس الطبيب بجانبها وأخذ يحدثها بمرحه المعتاد حتى وجدت نفسها تروى له قصتها مع فيليب دون أن تشعر بالحرج.
يا له من أحمق قال شارلز بانفعال :
كان يجب أن يصغى اليك بشكل أفضل عندما أخبرتيه بحقيقة والديه
أنه مقتنع بذنب أبى , ولا يمكن لأحد أن ينزع هذه الفكرة من رأسه.
ان كنت تحبينه , يجب أن تسامحيه ...
لكنه طردنى من حياته ولم يحاول رؤيتى أو الاتصال لى مرة ثانية , يبدو أنه لا يزال مقتنعا بآرائه ولم يغير موقفه , وبالتالى لن يعتذر ولن يطلب السماح ...
وان فعل ؟

لست أدرى , أحبه ولكنى لا أنسى كيف تخلى عنى يوم زفافنا وكيف عاملنى فى اليوم التالى ولا أنسى عندما جاء يطلب الصور ...
أتسمحين لى بالتدخل بينكما ؟
ولكن , شارلز ... أخشى ان تصطدم معه , كما وأنه قال بأنه سيسافر الى باريس ...
ألا تعرفين أحدا من أصدقائه أو من معارفه يمكنه ان يدلنا على مكان اقامته فى فرنسا ؟
أعرف محاميه ولكنه لن يفيدنا بشئ , واعرف السيدة ماثر قال بأنه يعرفها منذ مدة طويلة.
طالما أن صحتم تحسنت الآن , لماذا لا تزورينها وتسألينها عنه ؟
كنت أتوقع أن يقوم هو بالمبادرة لأنه هو الذى تسبب بانفصالنا ... نهضت وتابعت سيرها باتجاه منزل عمتها . لكن شارلز تبعها وقال :
عندما نحب لا نعرف الحقد . سأروى لك قصتى مع خطيبتى السابقة , كنت أحبها كثيرا ولا أتحمل أن لا أراها كل يوم , كانت ممرضة تعمل فى نفس المستشفى التى كنت أعمل فيها , فتقدمت لطلب يدها واعلنا الخطوبة وكانت تقول أنها تبادلنى الحب . وبعد شهر على خطوبتنا , أحبت شابا كان يجرى عملية للزائدة فى المستشفى وعندما شفى , أخذت تقابله فى الخارج حتى وقعت بحبه وأخبرتنى أنها كانت تعتقد أنها تحبنى وانها وجدت مع هذا الشاب الحب الذى كانت تبحث عنه , ولأننى كنت أحبها , تركتها تختار مستقبلها وجئت الى الريف مسقط رأسى لأبنى حياتى من جديد ...