كاتب الموضوع :
ضوء سرمدي
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: رواية : أنا وأخي
الفصل الخامس ..
موجوعة حتى النخاع ، شعور الخيانة ينهش روحها بلا رحمة ، وإحساس بالضعف والإنكسار يخنقها من كل الجهات ..
كانت تضع رأسها في أحضان والدتها المسنة ، وصوت نشيجها الحزين الموجوع أشبه بلحن عذب رقيق ، راقية حتى في طريقة بكاءها ..
ـ جمانة يمه قوليلي إيش صار ؟؟
قالتها أم سيف وهي تمسح على رأس ابنتها بحنان ، منذ مجيئها وهي على وضعها ، لا تعلم كم مر من وقت وابنتها على هذا الحال ، لكن قلبها كان يعتصر ألما لألم ابنتها ..
حتى عند وفاة زوجها لم تبكي كما تفعل الآن ، كانت حزينة متألمة .. لكن لم تكن منكسرة ولا ضعيفة كالآن ..
لم تجبها جمانة فأدركت أن ابنتها غير مستعدة بعد للتحدث ، لكنها كانت تنتظر على أعصابها ، أكثر شيء أرادت أن تسأل عنه هو الأطفال الذين قابلتهم عند دخولها المنزل ..
بدا لها خاصة الفتى مألوفا ، ومألوف جدا ، كان وجهه شبيه بشخص تعرفه حق المعرفة ، لكنها لم تُرد أن تستبق الأمور ، فالتزمت الصمت حتى هذه اللحظة ..
من حسن الحظ أنها اعتادت على إحضار خادمة ترافقها ، وقد أوكلت للخادمة مهمة الإهتمام بالطفلين ، فنرجس في غرفتها بطلب من أمها ، وأكدت على ألا تخرج من غرفتها حتى تطلب منها هي ..
تدرك أن ابنتها لا تريد لنرجس أن تراها منكسرة .. ضعيفة ، لذا فعلت ذلك رغم اعتراضات ابنتها التي بدت تائهة من عينيها ، ومضطربة جدا كحال والدتها ..
اخترق الباب صوت ضجيج من الخارج مصحوب بصوت بكاء غطى على صوت بكاء جمانة المكبوت ، تجاهلت في البداية لكن الأصوات لم تهدأ فأخذها القلق ..
قالت بهدوء وهي تنحني لابنتها : جمانة يمه ، خلينا نتطمن على الصغار ، مايصلح نتركهم مع الشغالة من دون رقابة ..
لكن جمانة لم تحرك ساكنا ، وظلت على وضعها ترفض التزحزح قيد أنملة ، أرادت أن تبقى في هذا الحضن الدافئ إلى أبد ، بعيدا عن كل ما يزعجها ..
.
.
في غرفة نرجس ..
كان شعور الغضب يتملكها أكثر من أي وقت آخر ، تدور في آرجاء غرفتها الواسعة الزهرية كالثور الهائج ، الكثير والكثير من الأسئلة يدور في خلدها لكن دون أن تجد إجابة أو أحدا يحتضن أسئلتها ..
أمها .. الشخص الذي تأملت أن تعطيها جوابا فاجأتها بأن طلبت منها أن تذهب لغرفتها وألا تخرج حتى يأتيها الإذن بذلك ..
وقفت أمام التسريحة تنظر إلى الصورة المؤطرة التي تجمعها بوالديها ، كانا جالسين على الأريكة بجوار بعضهما وهي تقف خلفها محتضنة والدها من الخلف ..
لا شعوريا خطفت الصورة وألقته أرضا بغضب ، كيف يتزوج والدها من امرأة وأخرى وينجب أطفالا آخرين ؟؟
لماذا تم خداعها من قبل والديها ، ولم يخبروها بأي شيء ؟؟
لماذا هي آخر من يعلم ؟؟
صرخت بهيجان : إيش اللي قاعد يصيييييييييييييييييييييييييييير ؟؟ أبغى أفهمممممممممممممم ، جاااااااااااوبووووووووووووووني ..
هي أرادت أن يكون لها إخوة وأخوات ، لكن ليس بهذا الشكل مطلقا ..
لم تُردهم من أم أخرى ، ولم تُرد أن تقابلهم بهذه الطريقة ، ولا حتى أن تكون آخر من يعلم عنهم ..
.
.
في الصالة ..
كانت الخادمة منشغلة مع روان التي ظلت تبكي محاولة التعبير عن جوعها ، لكن لا أحد يفهمها ، والخادمة تحملها بين يديها محاولة إسكاتها دون أن تعلم سبب بكائها ..
أما ريان فقد كان حتى الآن على آيباده ، مرت ساعات وهو على حاله ، كان يحبس بوله وحين وصل إلى أقصى درجة من التحمل ، ترك الجهاز وهو يتلفت حوله بحثا عن دورة مياه ، لكن المنزل كان ضخما وغير مألوفا لديه ، وكان من الصعب أن يبحث وهو في هذه الحالة ..
حاول سؤال الخادمة لكنها كانت منشغلة فلم تعره أي اهتمام ..
شعر أنه سيفعلها في أية لحظة ، فأسرع في زاوية من زوايا المنزل بعيدا عن الأعين ثم تبول فيها وهو يشعر بالتوتر ..
سمع شهقة من خلفه كانت الخادمة مصدرها وهي تقول بعربية مكسرة : إنت سوي إيش ؟؟
رفع بنطاله بسرعة ليصل بضع قطرات من بوله على سرواله ، ويقول بعصبية يغطي فيها فعلته : أنا ما سويت شيء ..
تحلطمت الخادمة بلغة لم يفهمها ، لكنها بدت غاضبة جدا ، خصوصا مع روان التي ترفض أن تتوقف عن البكاء ..
كان خائفا من أن تُخبر أحدا بما فعله ، كما أنه كان يلحظ المعاملة القاسية التي كانت تعامل بها اخته روان ، أغاظه تصرفها ، فدفعها بيده من الخلف دون أن ينتبه للطاولة الزجاجية التي كانت أمام الخادمة ، أفقدتها الضربة توازنها وارتطم رأسها بالطاولة ورأس الصغيرة بالأرض الرخامية محدثا أصوات مدوية وصل صداها إلى جميع مسامع المتواجدين في المنزل ..
تصنم ريان في مكانه .. والصدمة ألجمته بالكامل وأصابت جسده بالشلل ، عيناه شاخصة باتجاه البقعة القرمزية الكبيرة التي تكونت وبدأت بالتوسع ..
والصمت أطبق على المكان بشكل غريب قبل أن يُسمع صوت خطوات أقدام سريعة ، قادمة من عدة جهات ، صوت خطوات نرجس التي كانت تهبط الدرج الحلزوني بسرعة ، وخطوات الجدة التي جزعت من الصوت وخرجت من المجلس تتفقد الأمر برفقة جمانة التي تحركت مسرعة بعد سماع الصوت المدوي الذي لا يُبشر بالخير ..
وصلوا جميعا إلى المكان في الوقت نفسه ، لتفغر فاههم بهشة وتتوسع أعينهم من هول المنظر ، الخادمة والطفلة الصغيرة جثتين هامدتين على الأرض ، فوق بركة من دمائهما التي امتزجتا ببعض وشظايا الطاولة الزجاجية المتناثرة حولهم ..
لم يكسر صمت المكان إلا صرخة الجدة التي قالت : نرررررررررررررجسسس اتصللللللللي بالإسسسسعااااااااااف ..
***
خمسة أيام كانت كفيلة بإغلاق قضية موت الطفلة روان والخادمة الفلبينية ، رغم أن التحقيقات لم تكتمل خصوصا وأن ريان لم يتفوه بكلمة أثناء التحقيقات ، رغم أنه الشاهد الوحيد على الحادثة ، لكن أم سيف استعملت كل نفوذها من أجل إنهاء الموضوع بسرعة ، وكان لها ما أرادت ..
هي استطاعت أن تُسكت الشرطة ، لكنها لم تستطع أن تُسكت ألسنة الناس ، فخبر ظهور أبناء لأحمد الراحل انتشر بسرعة انتشار النار في الهشيم ، وما يزيد الموضوع إثارة هو وفاة الطفلة روان ، صحيح أن موتها كان مجرد حادثة لكن الأمر كان غريبا ومثيرا للشك ..
كثرت الأسئلة حول هذا الموضوع ، والعديد من الشائعات قد صدرت من ألسن ثرثارة ، والأقاويل تعددت ، لكن لا أحد يجرؤ على سؤال أصحاب الشأن بشكل مباشر ، لذا كلٌ فسر الأمر على الطريقة التي يريدونها ..
.
.
في غرفة نرجس ..
كانت إضاءة الغرفة خافتة ، والغرفة باردة وهادئة ، لم يطرق النوم جفون إيمان رغم أن الوقت متأخر ، ببساطة لأنها لم تعتد على النوم خارج غرفتها ، كان من المفترض لعنان أن تكون هنا مع نرجس ، لكن ولكونها منشغلة بالجامعة واختباراتها كان عليها هي أن تحل محل عنان ..
كانت حالة نرجس النفسية متدهورة تماما ، لذا كان لزاما على أحد أن يبقى معها ويلازمها حتى يُشغلها عن التفكير الكثير ويواسيها في محنتها ..
كانت تجلس على السرير بجوار نرجس التي كانت في عالم الأحلام وهي تعبث بهاتفها محاولة أن تُسلي نفسها ، أحست بحركة غريبة تصدر من نرجس ، نظرت إليها باستغراب وهي ترى رعشة جسدها الذي كان يتزايد ، وهمهمات غير واضحة تصدر منها ..
لم يكن هذه المرة الأولى التي ترى فيها نرجس في هذه الحالة ، فقد حصل هذا مرتين من قبل ..
حركت كتف نرجس برفق وهي تهمس بخفة : نرجس يانرجس ، بنت قومي إنت قاعدة تحلمي ..
أطلقت نرجس شهقة عالية قبل أن تفتح عينيها التي غرقت بالدموع ، وهي تنوح بذعر ، لتمسح إيمان على رأسها وتسمي عليها : بسم الله عليك يا نرجس ..
بينما قالت نرجس بنبرة مرعوبة : إحنا إلي قتلنا روان ، هي قاعدة تلومنا على موتها ، وناوية تنتقم مننا كلنا على إهمالنا ، روان رح تنتقم مننا ..
إيمان بهدوء : نرجس يا حبيبتي أهدي ، إلي صار لروان قضاء وقدر لا تلومي نفسك ..
لتصرخ نرجس بوجهها : إلاااااااااا ، إحنا السبب ، شفتها تناظر فيني في الحلم وتقول إنتوا السبب ، إنتوا إلي قتلتوني ، وشفت أبويه كمان قاعد يناظر فيني نظرة مخيفة ويقول ليش ما اهتمينا فيها ، ليش تركناها مع الشغالة ، إيمماان أنا خااااايفة ، إيش أسوي ؟؟ كيف أرجعها للحياة ؟؟ إيش أعمل دليييييننننننييييييي ..
إحتضنتها إيمان وهي تتلو بضع سور كانت تحفظها ، علّ القرآن يريحها ويطمئن قلبها ، هذا حالها منذ وفاة روان ، في كل ليلة كانت ترى أختها في أحلامها تلومها على موتها ، ويأتي والدها وينظر إليها نظرة غضب وسخط ..
لعل الكلمات التي قالتها بلسم كان سببا رئيسيا في الكوابيس التي تزورها ، فبعد وفاة روان وانتشار الخبر ، أتت بلسم وهي منهارة بالكامل ، أتتهم بشخصية لم يروها من قبل ..
دخلت عليهم كالإعصار الهائج ، رغم أنها كانت دائما كنسمة هواء عليلة ، صرخت عليهم بغضب كبركان ثائر ، رغم أنها كانت تُعرف بهدوئها ، ألقت على مسامعهم كلمات قوية واتهمتهم بالإهمال رغم أنها كانت عذبة الكلام جميلة العشرة ..
كانت مرعبة ، مخيفة .. كلماتها كانت قاتلة .. حادة كالخنجر ..
لم يجرؤ أحد على التفوه بكلمة ، وبعد الزوبعة الذي عملته أخذت ريان وغادرت المنزل دون أن تسمح لأحد بالرفض ، تاركة جمانة ونرجس وأم سيف في حالة صمت وذهول ، وجعلت تأنيب الضمير يحاصرهم ويخنقهم .. ويطاردهم حتى في أحلامهم لتحولها إلى كوابيس مزعجة تؤرقهم ..
ولهذا السبب ، اضطرت إيمان إلى مرافقة نرجس ، وأم سيف ترافق ابنتها وكلتاهما تهونان على الأخرى المصيبة ، وأم عماد تزورهم عصر كل يوم لتطمئن على أحوالهم ، فهي لديها منزل وزوج وواجبات ، ولو كانت متفرغة كانت لتمكث مع أختها جمانة ..
بعد عدة محاولات عادت نرجس إلى النوم ، ليدق النعاس جفون إيمان أخيرا ، فتغفوا هي الأخرى بعد أن شغلت قرآن بصوت الشيخ فارس عباد لتُدخل السكينة في قلب المسكينة نرجس ..
***
الساعة 2:46 ظهرا ..
في منزل أم بلسم ..
شعور بالغضب .. الذنب .. الألم .. القهر .. الندم .. كلها تملكوا بلسم ، فجردوها من هدوئها ورزانتها ، فأسقطت الإحترام وتفوهت بما لا يجب أن يٌقال لمن حولها ..
لامت الجميع من حولها ، ولم تسثني أحد .. روعة .. أمها .. جمانة .. نرجس .. وأم سيف .. وهي قبلهم كلهم في رأس قائمة المتسببين في موت الصغيرة البريئة روان ..
هي وروعة وأمها تخلوا عنها في منزل لم يضمنوا فيها أمان الطفلين ، وجمانة وأم سيف ونرجس أهملوهما وأبقوهما مع الخادمة ، لم يُعنفوها لكن الإهمال هو الوجه الآخر لها ، وكانت النتيجة رحيل الطفلة ، وتلقي ريان صدمة قوية أخرسته وجعلته كالدمية التي تُحركها كيفما تشاء ..
ويتصرف كطفل في الثانية من عمره لا كطفل في السادسة ، يتبول على نفسه ، غير قادر على التعبير ، بل هو حتى لا يتواصل مع من حوله ، خائف على الدوام وتنتابه نوبات هلع وذعر أثناء نومه ..
حتى هذا اليوم لم تندم على ما تفوهت به لمن حولها ، بل لم تجد وقتا لتفكر بما قالته لهم ولا بالأثر التي تركته خلفها بكلماتها التي خرجت كرصاصات قاتلة أصابتهم في مواضع حساسة ، فقد كان ريان شغلها الشاغل من جهة ، وضميرها الذي كان يلومها على موت روان يمزقها ويؤرق نومها من جهة أخرى ..
يجلس ريان عن شمالها وكانت تطعمه بيدها ، فيفتح فمه عندما تٌقرب اللقمة من فمه ، ويأكلها بهدوء دون ممانعة أو مقاومة ..
كانت تُطعمه وشعور بالذنب يقتلها ألف مرة في الدقيقة الواحدة ، صمته .. خضوعه .. شروده .. كلها تخنقها ، وتتمنى لو يعود إلى صخبه وحيويته ليعود ويُخرب المكان كما كان يفعل في السابق ..
تُحدثه وتلاعبه محاولة أن تنتشله من صمته ، لكنه لا يُبد أي ردة فعل ، ينظر إليها وكأنه لا ينظر ، موجود معهم وكأنه غير موجود ..
رن هاتفها فأمسكت به وبمجرد أن وقع نظرها على المتصل حتى توقفت عن إطعام ريان وقالت برقة : حبيبي أخويه يتصل علي ، الحين أرجع أأكلك أستنى شويه ..
طوال الأيام السابقة كانت تتحدث إليه وتُخبره بكل ما تفعله أو ما ستفعله ، بل تستشيره وتُخيره ، ولكنه تضطر إلى الإختيار له كونه لا يجيبها ..
ردت على شادي المتصل بلهفة : هلاا ، هاا بشر ..
أتاها صوته الهادئ المماثل لهدوئها : الناس يسلموا أول ..
زفرت : السلام عليكم ..
ـ وعليكم السلام ..
ـ قول إن عندك أخبار سارة ( وبرجاء حار : تكفى ..
فقال : إيه أبشرك لقيت دكتور يمدحوه الناس ..
تهلل وجهها فرحا وهي تنظر إلى ريان الشارد : الله يبشرك بالخير ، أعطيني رقمه عشان أقدر أتواصل معاه عشان أحجز موعد في أقرب فرصة ..
شادي : أوكي بس حاب أخبرك بحاجة ، ترى أبوي مارح يتكفل بـ.....
قاطعته وهي تعرف طباع والدها جيدا ، فهو رغم غناه إلا أنه شحيح : مو مشكلة أنا رح أدبر الفلوس ، إنت بس أرسل لي رقمه وعنوانه ..
لكنه عاد ليقول : ترى تكلفة العلاج عنده غالي ، في أخصائي نفسي ثاني أرخص منه ..
لتقول بهدوء : شادي أرسل لي الحين رقم الدكتور وعنوانه ، بليز لا تكثر حكي ..
أنهت المكالمة ونظرت إلى ريان قائلة بهدوء وهي تمسكه من كتفيه وتنظر إلى عينيه التائهة : ريان ، رح أوديك عند أفضل أخصائي نفسي ورح تتحسن إن شاء الله ( وتابعت بابتسامة : يلاا خلينا نخلص صحنا عشان ننظف المطبخ سوا ، يلاا يا حبيبي ..
من أجله تركت كل شيء ورائها ، وأوله كان عملها ، نعم فضلت البقاء في المنزل ومراقبة هذا الطفل اليتيم المسكين على أن تذهب لعملها كمعلمة في الروضة ..
فهناك من سيحل محلها ، لكن هنا .. لاأحد هنا ليأخذ مكان والدته الغائبة التي لا يعرفون سمائها عن أرضها ، فمنذ أن وضعت الطفلين في منزلهم حتى اختفت كمن ابتلعته الأرض ..
تمنت لو أنها أقدمت على هذه الخطوة قبلا ، أي قبل أن تلقى روان مصرعها ، قبل أن تسلمها لزوجة خالها التي كان عدم الرضى باديا على تصرفاتها حتى لو لم تُظهرها ..
في كل مرة تقف عند هذه النقطة وتتعوذ من الشيطان ، فلو لن يُعيد الماضي ، وهي إنسانة مؤمنة بقضاء الله ، ولن تعترض على ما هو مكتوب ..
***
في زقاقة ضيقة قرب مدرسة ثانوية للشباب ..
مسح الدم الذي يخرج من شفته وهو يقول بحدة : ولد الـ*** والله لو أشوفه ثاني لأذبحه ..
ليضع تركي يده على كتف صديقه وابن عمه : خلاص يا فؤاد ، إنت ما قصرت معاه الولد كان بيموت في يدك لو إننا ماتدخلنا ..
ليعود فؤاد ليقول بغيظ : قهرررني يا تركي ، شفته كيف كان يتكلم عن بنت عمنا ؟؟ شفته كيف كان يتغزل فيها قدام أصحابه ؟؟ الله ياخذهم إثنينهم ..
نفض وافي الذي يكبرهم بعام ثوبه الذي اتسخ من الشجار وهو يقول بهدوء : إنت ما تقدر تمنعهم يتكلموا عنها دامها هي إلي قاعدة تستعرض بنفسها قدام العالم والخلق ..
لكم فؤاد بقبضته الجدار الذي كان أمامه : عمي ماجد ما أدري كيف يسمح لبنته تصور نفسها وحياتها وتعرضها للناس ، بنت ال*** شوهت سمعتنا الله يحرقها في جهنم ..
لم يكونا تركي ووافي أقل غضبا من فؤاد لكنهما كانا أكثر حكمة وأكثر قدرة على تمالك أعصابهما ..
لم يكن أحد ليستطيع منعها من الظهور على مواقع التواصل الإجتماعي إن كان والديها بذاتهما لا يُمانعا ذلك ، بل ويشجعانها بدافع أنها لم تعمل منكرا ، كل ما هنالك أنها تحب أن تُشارك الناس حياتها ..
العائلة كلها لم تكن موافقة على قرار كهذا ، فظهورها في مواقع التواصل دون نقاب وعبائات ملونة كان مرفوض تماما ، لكن والدها كان الدرع الصلب الذي صد كل هجمات العائلة وانتقاداتهم وكان سلاحها الذي يهاجم كل ما يقف في وجه حلم ابنته ..
قال وافي وهو ينظر لساعته التي أحاطت معصمه : شباب ترانا تأخرنا ، خلونا نرجع يلاا ..
ساروا ثلاثتهم إلى سيارة وافي المركونة في مكان قريب ، ولسان فؤاد لم يكف عن شتم ابنة عمه والدعاء عليها بينما الآخران ملتزمان الصمت ..
بمجرد أن توقفت السيارة أمام منزله حتى ترجل منها مسرعا حين دخل المنزل صادف والدته التي كانت قد اعتادت على رؤيته بهذا المظهر الرث ، لتعلم أنه دخل في شجار آخر مع أحد الشباب من جديد ..
زفرت بضيق : أبغى أفهم متى بتعقل وتبطل تضارب مع خلق الله ؟؟
تجاوزها ليرقى السلالم متجاهلا وجود والدته بوقاحة ، لتزفر أم شادي وهي تتمتم : الله يهديك يا فؤاد ..
أما هو فقد اتجه إلى غرفة أخته أسيل عوضا عن غرفته ، وفتح باب غرفتها دون طرقها ويقول بعنجهية : أسيل أعطيني جوالك أبغى أشوف حسااب الكـ** ..
انتفضت أسيل التي كانت على سريرها تعبث بهاتفها ، قالت بغضب : وجع إن شاء الله ، ما تعرف تدق الباب ؟؟
لم يهتم بما قالته : أفتحي لي حساب ذيك الواطية بنت عمك ..
قطبت جبينها : مين تقصد ؟؟
بصراخ أخاف أسيل : وفي أحد غيرها يعني ؟؟ رهفوووه الكـ**
تتمتمت أسيل بكلمات غاضبة لكنها لم تجرؤ على رفع صوتها ، ورغم ذلك فتحت ما طلب منها ، أرته حسابها على الإنستقرام لكنه خطف الجهاز من يدها وهو يرى الصور الجديدة التي قامت رهف بنشرها ..
فبعد أن كانت تنشر صورها بالعبائة والحجاب نزعت العبائة من جسدها وأصبحت تصور ملابسها التي تكون ضيقة أحيانا وببناطيل الجينز الذي يفصل قدميها ..
كاد يلقي بالهاتف أرضا بغضب لولا أن أسيل أسرعت لتجذب الهاتف نحوها وهي تقول : يالمجنون جوااالي ..
نظر إليها وهو يقول بغضب أعماه : بنت عمك مجنونة ولا إيش ؟؟ كل مالها تنحط أكثر وأكثر ..
ضاقت أسيل ذرعا منه : طيب أنا إيش دخلني ؟؟ روح عني ..
خرج من غرفتها كالإعصار بينما أسييل قالت بقلق تحدث نفسها : الله يستر ، فؤاد مرة معصب ، خليني أكلم شادي أحسن لي هو يعرف يتصرف معاه قبل لا يقدم على خطوة مجنونة ..
وبالفعل إتصلت على شادي لكنه لم يجب عليها ، لأنه عادة ما يأخذ قسطا من الراحة بعد الغداء ..
رمت نفسها على السرير وهي تقول : أنا ليش شايلة همه ، بكيفه يسوي إلي بيسويه ، أنا مالي صلاح فيه ..
***
في المغرب ..
منزل أبو عماد ..
دخلت عنان المنزل وهي تلقي السلام ، ليأتيها صوت والديها يردان السلام من الصالة الداخلية ، توجهت نحوهما تقبل رأسهما لتسألها أم عماد : كيف حال جدتك وخالتك وبنتها ؟؟
لتزفر قائلة وهي تلقي بثقلها على الأريكة المجاورة لوالدتها : أنا ما صدقت إن نرجس تتجاوز موت أبوها ، الحين انتكس حالتها ثاني ، وجدتي وخالتي جمانة هادين على غير العادة ..
ليتمتم والدهم : الله يعينهم ..
فتقول أم عماد بغيظ : كله بسبب بلسم وكلامها إلي كان يسم البدن ..
وضعت عنان يدها على كف والدتها وبرقة : يمه والله بلسم ما قالت إلي قالته إلا من قهرها على الصغيرة ..
لتقول أم عماد بإنفعال : إلي كان فيهم مكفيهم ، ما تعمدوا يتركوها مع الشغالة عشان تمووت ، هم كانوا مصدومين من موتها زي صدمة بلسم ، وكانوا يلوموا نفسهم على اللي صار ، لكن هي جاات وزادت عليهم بكلامها ، لو تشوفي كيف كانت تتكلم ، ما احترمت كبر أمي وخالتك ولا حالة الحزن إلي كانوا فيها ، رمت كلامها وخرجت من المكان ولا كأنها عملت حاجة ..
شعرت عنان بالضيق وهي ترى والدتها تتحدث عن صديقة روحها بهذا الشكل ، بلسم تلك التي لم ترى منها إلا كل خير في لحظة غضب منها بددت تلك الصورة الجميلة ، لتطبع صورة سيئة عنها في ذهن والدتها ..
قالت وهي لازالت تدافع عن بلسم : يمه هي شكلها كانت معصبة وقتها ولا بلسم ترى زي النسمة الرقيقة ، مستحيل تغلط على أحد ..
رفعت أم عماد يدها أمام ابنتها : طيب وقتها كانت معصبة لكني ما أشوفها جات واعتذرت ، الظاهر إن هذا الوجه الحقيقي لها ، وترى إلي في بالك مارح يصير لو إيش ما صار ..
صمتت عنان خصوصا بعد الجملة الأخيرة ، هي كانت تتمنى لو تكون بلسم من نصييب أخيها عماد ، فلن تجد زوجة أخ أفضل من بلسم ..
هي لا تعلم ما قالته بلسم فلم تكن حاضرة وقتها ، لكن والدتها كانت حاضرة ولذا هي ساخطة على بلسم ، أرادت أن تسمع تبريرا من بلسم لكنها لم تكن ترد على إتصالاتها المتكررة ، ولا تجيب على رسائلها النصية حتى ..
حضر عماد بعد وقت قصير لينضم إلينا بينما كانت تروي ما حصل لها عصر اليوم مع الضيوف الذين أتوا لزيارتها بدون موعد ..
أم عماد : تخيلوا ما قعدوا إلا دقايق إلا ونطوا على طول لموضوع عيال أحمد إلي من مرته الثانية ، الظاهر إنهم ما جوا إلا عشان يشبعوا فضولهم ..
سألت عنان بفضول : وانت إيش قلتي لهم ؟؟
أم عماد : هو أنا أعرف الموضوع أصلا عشان أقول لهم ؟؟ أنا للحين مو فاهمة السالفة زين ، بس ما حبيت أسأل أمي أو خالتكم لأن حالتهم النفسية ما تسمح ..
ليقول عماد بتساؤل : طيب دام إن عندهم ولد ثاني غير البنت إلي ماتت ، وينه الحين ؟؟
أم عماد بوجه عابس : مع عمته وبناتها ..
عماد باستغراب : وليش طيب مكشرة يمه ؟؟
تدخلت وقتها مغيرة دفة الحديث : إلا قول لي يا عماد وين كنت قبل شويه ؟؟ ما شفتك في بيت خالتي ..
ليجيب : أنا كنت في السوق جدتي أرسلتني أجيب بعض الأغراض للبيت ..
***
في بيت أبو أنس ..
في غرفة مظلمة وباردة ، وعلى ذلك فراشه الوثير ذو اللون الرمادي ، كان يلف جسده باللحاف الدافئ وجسده يرتجف من البرد ، جسده يتعرق بشكل غير طبيعي ، ووجهه محتقن بالإحمرار ، ..
أصابته الإنفلونزا منذ يومين ، ولم يطرق أحد بابه ، لم يسأل عنه أحد ، لم يفتقده أحد ، لم يكن أحد بجواره ، بل لم يلحظ أحد غيابه ..
كان يبكي بضعف وصمت ، وحيد وسيظل دائما وحيد ، رغم أن كل خلية في جسده تصرخ من شدة الألم لكن الألم النفسي غطى عليها جميعا ، فبات لا يشعر سوى بروحه التي تغوص في عتمة الحزن بوحدة ..
ينادي جدته بصوت ضعيف أقرب إلى الهمس ويهذي باسمها .. يستنجدها .. لكن دون جدوى ..
يغفو قليلا ليستيقظ على أمل أن يجد ذلك الوجه الدافئ يبتسم له واليد الحانية تطبطب عليه ، ليصاب بخيبة أمل كبيرة فيبدأ بالنحيب بوجع .. بألم .. بيأس ..
لطالما كان جسده ضعيفا ويسهل عليه إلتقاط الحمى أو المرض ، لكن في كل مرة كانت جدته إلى جواره تسانده ، ترعاه ، تهتم به ، تُطعمه بيديها ، تضع له الكمادات الباردة ، تمسح عرقه ، وتتلو بصوتها العذب آيات من القرآن لتُدخل السكينة إلى روحه المرهقة ..
إلتقطت أذناه حركة قرب باب غرفته ، فخُيل إليه أنها جدته ، نزل من السرير وهو يترنح في مشيته ، رغم الصداع الذي كان يفتك برأسه إلا أنه استطاع أن يصل إلى الباب ، ويفتحها بلهفة .. وشوق .. راسما إبتسامة ذابلة وسط دمووعه البائسة ووجهه المرهق ..
كان يأمل أن يرى جدته ، منبع حنانه وأمانه ، ولكنه أصيب بخيبة أمل كبيرة حين رأى إيمان التي خرجت لتوها من غرفة جدتها وهي تجر خلفها حقيبة متوسطة الحجم ..
عادت إيمان إلى منزلها لتأخذ بعض الحاجيات التي تحتاجها وبعض الغيار لجدتها أيضا ، حين خرجت من غرفة جدتها المجاور لغرفة ضياء ، تفاجأت برؤية ضياء الذي كان يبدو في حالة غير طبيعية ..
وجهه محتقن بالإحمرار وعينيه مورمتان وممتلئتان بالدموع ، ملابسه تبدو رثة رغم أنه دائما ما يهتم بمظهره ، وشعره أشعث بشكل فوضوي ..
أطلقت شهقة عالية وهي تقول : ضياء إيش فيك ؟؟
وجد نفسه يضحك بصوت خافت لسبب لم يعلمه ، والرؤية أصبحت ضبابية وأخذت تعتم إلى أن غرق في ظلام دامس ويتهاوى جسده أرضا بضعف ..
ذعرت حين رأته يتهاوى أمامها ، أسرعت تنادي الخادمة وطلبت منها إحضار والدها ، أما هي فلم تقترب منه بل ظلت تناديه من مسافة متوسطة ..
ماهي إلا دقائق حتى نزل والدها من الدور العلوي بخطوات واسعة ، وهو يقول : خير إيش صاير ؟؟
أشارت إيمان إلى حيث ضياء : يبه شوف إيش فيه ..
قطب أبو أنس حاجبه وهو يرى ابن أخيه ممددا على الأرض ، اقترب منه وحين أمسكه قال بذهول : حرارته مرة عالية ، قولي للسواق ييجي عشان نشيل ضياء ونوديه السيارة بسرعة ..
أومأت إيمان برأسها وفعلت ما طلب منها ، ثم وقفت حائرة ، كيف ستذهب إلى منزل عمتها بعد أن أخذ والدها السائق معه ؟؟
إتصلت على أخيها أنس لتطلب منه إيصالها لكنه كان خارج المنزل برفقة أصدقائه والحال نفسه مع الأخ الثاني رامي ..
نزلت أم أنس من الدور العلوي باحثة عن زوجها ، وتعجبت من رؤية إبنتها بالعباءة في صالة المنزل ..
سألتها : مو المفروض تكوني في بيت عمتك الحين ؟؟
لتجيب : جيت بآخذ بعض الأغراض حقي وحق جدتي ، بس ضياء طاح فجأة وأبويه أخذه ووداه المستشفى مع السواق ، والحين مافي أحد يوديني لبيت عمتي جمانة ..
شهقت أم أنس بقلق : ضياء تعبان وطاح علينا ؟؟ جدتك تدري ؟؟
إيمان : لا ماكلمتها للحين .....
أم أنس بسرعة : أجل لا تقولي لها ، أخاف لو درت بتلقي باللوم علي وتقول عني مهملة ..
فكرت إيمان قليلا : بس يمه ضياء محتاج أحد جنبه ( وبحزن : المسكين شكله كان تعبان من أول وماحد درى عنه ..
أم أنس بانفعال : يعني إنت كمان تقولي إني غلطانة لأني ما سألت عنه ؟؟
إيمان في محاولة لإمتصاص غضب والدتها : يمه فهمتيني غلط ، أنا بس قلت إنه تعبان وماحد كان جمبه ، تخيلي الإحساس إلي كان حسس به ، والله مسكين يحزني ..
زفرت أم أنس : والله أنا عارفة إنه وحيد بس فظاظته هي إلي تخلينا ننفر منه ، غير كذا جدتك بس توقف في صفه سواء كان على صح أو على غلط ، أنا ما أبغى أتورط معاه وما أبغى يكون في إحتكاك بينه وبين إخوانك ..
عادت بها ذاكراتها لأكثر من عشر سنوات ، عندما كان ضياء لا يزال في المرحلة الإبتدائية ، كان يتنمر هو وبعض من أصدقائه على أنس الذي كان يصغره بعام ، لازالت تذكر كيف كان يعود أنس بملابس ملطخة وقذرة ، ورغم كل ما يفعله لم يكن يستطيع والدها أن يوقف ضياء فقد كانت جدتها تهدده بأنها ستطرد أي شخص يحاول أذية ضياء الحفيد المحبوب لدى الجدة الصارمة ..
في النهاية اضطر والدها أن ينقل أنس إلى مدرسة أخرى ، ومع ذلك لم يكن يسلم من ضياء وأفعاله خصوصا وأنهما كانا يسكنان في منزل واحد ..
لذا لا تستطيع أن تلوم والدتها على تجنبها لضياء ، ولا أن تلوم أنس على كراهيته له ، ولا والدها على تجاهله ابن أخيه ..
***
في صباح اليوم التالي ..
ضربت أم سيف صدرها بغضب : ضياء تعبان وأنا آخر من يعلم ؟؟
إيمان بتوتر : كنت بخبرك أمس ، بس لمن جيت كنت نايمة فما حبيت أزعجك ..
صرخت أم سيف في وجهها : وليش ما قلتي لي لمن اتصلت علي ؟؟ قلت إنك بتتأخري بس ما قلت إنهم أخذوا ضياء للمستشفى ..
مسحت جمانة بيدها ظهر والدتها : خلاص يمه ، بعدين ما سمعتيها قالت إنهم أعطوه إبرة ورجع البيت ؟؟ حالته مو صعبة ..
تركت أم سيف الملعقة وقالت لإيمان : إتصلي على السواق وقولي له يجي ياخذنا ..
ثم التفتت إلى إبنتها جمانة وحفيدتها نرجس : وانتوا جهزوا أغراضكم رح تجوا معايه ..
فتحت جمانة فمها لتعترض ، لكن أم سيف كانت أسرع منها حين رفعت يدها أمام وجهها : ما أبغى أي اعتراض ، روحوا بسرعة وجهزوا أغراضكم ، أنا غلطت يوم سايرتك المرة الأولى وتركتك إنت وبنتك في هذا البيت لوحدكم ..
لكن جمانة لم ترضخ لها : يمه أنا راحتي في بيتي ، تقدري ترجعي إنت وإيمان أما أنا وبنتي فمرتاحين هنا ..
لتقول أم سيف وهي تصر على أسنانها : جمانة مالي خلق أناقش كثير ، جهزي عفشك إنت وبنتك وبس ..
صمتت جمانة وهي تنظر إلى ابنتها التي تأكل بصمت دون أن تشاركهم الأحاديث ، كانت تريد أن ترى رأي ابنتها بالموضوع ، لكن يبدو أنها لم تكن تنصت لهم ..
لذا قالت : نرجس ، نـــــــرجـــــــــس ..
وضعت إيمان يدها على فخذ نرجس المجاورة لها لتوقظها من شرودها ، قالت بهدوء : نعم !!
أم سيف : جهزي شنطتك ، رح تروحي معايه لبيتي ..
شهقت نرجس ونهضت من مقعدها : لا ما أبغى ، ضياء رح يكون موجود..
حملقت فيها أم سيف : إيش دخل ضياء ؟؟ أقول عن الدلع وروحي جهزي أغراضك ..
نرجس بانفعال: قلت ما أبغى ، يعني ما أبغى ، ليش دائما ماحد ياخذ برأيي ؟؟
أنهت جملتها بعد أن ضربت مائدة الطعام الذي أمامها ، ثم ولت هاربة إلى غرفتها ..
لحقتها إيمان بعد أن استأذنت جدتها وعمتها ..
إيمان وهي تحتضن نرجس برفق : ليش متضايقة لذي الدرجة ، كلها كم يوم رح تجلسوا عندنا ولمن يتحسن حالكم تقدروا ترجعوا البيت ..
لتحرك نرجس رأسها برفض وهي تقضم أظافرها كعادة اكتسبته حديثا : إيمان واللي يعافيك أسكتي ، هذا إلي ناقص أروح عندكم عشان أقابل ذاك الـغثيث ضياء ..
أمسكت إيمان بيد نرجس لتمنعهها من قضم أظافرها : بنت وقفي عن أكل أظافيرك ، وبعدين إنت ليش منفعلة مرة ؟؟
دفعتها نرجس بخفة وهي تقول بغضب : روحي عني إنت إيش فهمك أصلا يالنفسية ؟؟ لو عنان في كان فهمتني مو زيك ..
ضيقت إيمان عينينها باستياء من كلمات نرجس التي خرجت دون أن تلقي بالا لمشاعرها ..
نهضت من السرير بجمود : أنا رح أجهز لك الشنطة ..
لتصرخ نرجس : قلت ما أبغى أروح ..
تجاهلتها إيمان وقد بدأت فعلا بإختيار بعض الملابس المريحة لنرجس التي ظلت تقضم أظافرها بغيظ ..
رغم انزعاج إيمان من كلمة نرجس التي خرجت دون مبالاة ، إلا أنها لم تُظهر ذلك ، فإن كانت نرجس ابنة عمتها تنظر إليها بهذه الطريقة ، فما هي نظرة الغريب عنها ؟؟
نهاية الجزء ..
|