كاتب الموضوع :
dali2000
المنتدى :
المنتدى العام للقصص والروايات
رد: رواية تزوجت مدمنا ، للكاتبة نوران شعبان
الفصل السابع
صدح صوت المضيفة معلنة عن هبوط الطائرة بأرض الأحلام " باريس"
تنهدت حياه الجالسة جانب كريم في الطائرة.. نظرت من النافذة المستديرة جانبها بتنهيدة عميقة..
تحاول ضبط تحكماتها و ردود فعلها و الأهم،، دقات قلبها المتراقصة دائما..
منذ آخر لقاء وقت إخبارها " بالسفر لباريس" وهى تحاول تجنب كريم، تراه للحظات خاطئة فقط و تهرول لغرفتها ثانية.. و على الجانب الآخر لكريم لم يتعرض لها أيضا، مشغول بما يدمنه وحيدا.!
وجد رفيق ابيه " محسن "في العمل منتظرا إياه بالمطار.. قاده رفيقه للمنزل المؤقت الذي سيجلسان فيه هو و زوجته..
ومر الوقت،، و دلفا كريم و حياه لداخل المنزل..
أشعل كريم سيكاره.. و جلس على مقعد ما يتفحص حياه..
لم تهتم حياه دخلت تتفقد المنزل كاملا، و ترتب حقيبتها..
مر اليوم الأول، ولم يتعرض كريم لحياه.. لم يخاطب لسانه لسانها حتى..
ومر اليوم الثاني على نفس الوضع..
في اليوم الثالث..
" غلبان.. غلبان و طيب جدا.!
بقاله أسبوع متعرضليش ولا حاول يتكلم معايا.. و ده كفيل يثبتلي انه في حاله مش عايز يئذيني ولا بيفكر في كدة.. كلام أبوه صح مية في المية، و لازم اخرجوا من حالته، اعالجه.. لازم اثيب أثر إيجابي ولو بنسبة صغيرة فيه.! "
أغلقت حياه كشكول يومياتها،، و تنهدت بتفكير لخطة احتواء المريض.!
~~
خرجت من غرفتها قاصدة غرفته..
طرقت على الباب عدة طرقات، قبل ان يفتح هو بهيئته المزرية، شعره الفوضوي، وجهه الذابل الأصفر، عيناه الزائغتان..
وقف عاكزا على الباب بتأفف، وهو يرمقها بنظرات الملل..
حياه و إبتسامة صغيرة تشكلت على ثغرها القرمذي
" اإحم.. كنت عايز أخرج اتمشى شوية،، و قولت أشوفك لو تحب تيجي معايا.! "
كريم برد هادئ بارد خالي من التفكير
" لأ.! " و سرعان ما صفع الباب بوجهها..
حياه وهى تبتسم بحرج لنفسها
" عنيف اوي كريم ده.! "
بعد عشر دقائق،،
سمع كريم طرقات على باب غرفته، و بقمة التكاسل فتح باب غرفته.. ووجد حياه تقف بنفس إبتسامتها الأولى عارضة
" انا نازلة اتمشى شوية، تحب تيجي معايا.؟! "
أغلق كريم الباب هذه المرة بدون أدنى رد..
عشر دقائق أخريات،،
و نفس الطرقات سمعها كريم،، زفر بضيق.. ونهض بغضب متوعدا لتلك السذجة !
" إنت غبية !! قولتلك مش... "
توقف عن الحديث عندما لم يجد أحد.! هو على يقين بسماعه طرقات على الباب و لكن لآ يوجد أحد.!
أغلق الباب متعجبا، و لكن تناسى الأمر بسهولة، ربما تأثير 'الكوكايين' !
نفس الوقت مر، ووجد نفس عدد الطرقات على الباب.. لم يفتح و تغاضى عن الأمر، و لكن مع استمرارية الطرقات المزعجة اضطر لفتح الباب.. ليجد النتيجة واحدة لا أحد.!
تملكه الغضب، و فكر فورا أنها الأنثى المتعايشة معه..
توجه لغرفتها، بحث في المنزل كله و لكن لا يوجد أثر لها، ربما خرجت كما قالت.!
~~
تململ بضيق في فراشه، و نظر لهاتفه الذي لم يكف عن ازعاجه.. انكمشت جفونه بسبب ضوء الهاتف الساطع المعلن عن اربعة و عشرين اتصالا من حياه.!
و اتصلت به الآن وهو ممسك بالهاتف للمرة الخامسة و العشرين..
ضغط على زر الاستجابة وهو ينصت لما آتي..
سمع صوت نحيبها الخائف، ورعشة نبرتها المنمية على سوء حالتها..
" كك كريم.. كريم الحقني.!! "
هب كريم متسائلا عن حالها.. و انقبض حاجباه بقلق..
" في ايه.؟ حصل ايه انطقي.! "
-حياه بتأتأة -: اآ انا..
و هذا آخر ما سمعه كريم من حياه قبل ان ينفصل الخط..
نظر للشاشة بلهفة و بدأت دقات قلبه تتصاعد، زفر هواء منبعث كالنار من فمه.. عاود الاتصال بها مرة، و لم تجب.. عاود مرة أخرى ليأتيه صوتها المرتعش
" كريم، إنت سامعني.؟! "
كريم بلهفة -: سامعك أيوة إنت فين ايه الي بيحصل معاكي.؟!
حياه بتقطع -: اأنا كنت بتمشى.. و كنت راجعة و قربت خلاص سمعت صوت ضرب نار و ناس شكلهم مريب بدئو يظهرو،، و واحد منهم شفني و طلع يجري ورايا معرفش ليه،، روحت طلعت اجري.. و هو ورايا لغاية ما استخبيت بعيد عنه بس لسا سامعة صوتهم.. انا خايفة، خايفة جدا.!!
كريم مطمئنا -: اهدي، متخافيش انا هجيلك بس اوصفيلي إنت فين بالظبط و انا جايلك.!
حياه -: انا كنت قريبة من البيت، بس طلعت اجري و مش عارفة انا فين،، بس انا عند النهر، قريبة منه جدا.!
كريم -: انا نازل حالا خليكي مكانك و انا هحاول اوصلك، متخافيش ها انا جايلك.!
أغلقت الهاتف و إبتسمت بحماس
" اول خطوة.. لازم احسسوا إنه مهم.! "
~~
أخذ كريم يدور و يبحث عن حياه،،
بحث عن أقرب نهر.. و هرول إليه لعله يجد زوجته..
لم يسمع صوت طلقات نارية او ما شابه طيلة رحلة بحوثه..
وصل بالفعل لإقرب نهر لمنزله،، و بمنتهى الدقة أخذ ينظر لكل شبر باحثا عنها..
رأته حياه من جحرها الضئيل، و صاحت بإسمه مهرولة إليه..
" كريييم "
إلتفت كريم لمصدر الصوت، و فورا رآها تركض تجاهه لتلقي بنفسها في احضانه بسلام.!
أحاطت عنقه وهى تختبئ ببدنه الضخم، و أحاط بدوره خصرها النحيف مربتا على ظهرها.. و أخذت الدهشة تعلو ملامحه أيضا.!
لم تكن حياه في خطر كما قالت له، هو فقط تمثيل منها.!
و لكن شعور الدفئ الذي غمرها مصطحبا بالآمان في احضانه، لم تشعر به يوما.! كأنها بالفعل كانت في خطر، و عناقه الجحر الذي ستختبئ فيه..
كريم أيضا،، أحب ذلك العناق كثيرا.!
كأنها هرة صغيرة تحتمي به من بطش الكلاب الشرسة.!
كريم بصوت هادئ حنون -: إنت كويسة.؟!
إبتعدت حياه عنه قليلا، وهى تبتسم مجيبة بهدوء أكبر -: بقيت كويسة لما إنت جيت،، لولاك ولولا وجودك مكنتش عارفة اعمل ايه بجد.!
إلتف كريم كأنه يبحث عن شئ ما -: اومال فين ضرب النار الي قولتي عليه و الرجالة الي يخيفو.؟ انا مش شايف اي حاجة.!
حياه وهى تمط ذراعيها مستديرة للجهة الاخرى،، و إبتسامة خبيثة تعتلى ثغرها -: مشو.! صوتهم اختفى فجأة !!
.
سارت حياه متعلقة بذراع كريم، لا تكف عن التحدث و بمعنى أدق لا تكف عن المدح فيه كما تسير خططتها..
و كريم غير عابئ بها و بحديثها، فقط يومأ برأسه إيجابيا.!
إلتفتت حياه له قبل ان تدلف غرفتها، و بكل هدوء و حب تطلعت له قائلة
" بعد كدة رجلك على رجلي، متسبنيش.! "
و إبتسامة صغيرة أخيرة تودعه قبل ان ينصرف كلا منهما على غرفته..
ألقى كريم برأسه على الوسادة بتنهيدة عميقة.. لأول وهلة يشعر بحسن تصرفه، و بمدى أهميته..!
~~
في اليوم الموالي،،
نفس الطرقات سمعها كريم على باب غرفته..
" انا خارجة و مش هعتب خطوة برا البيت إلا و انت معايا انا مش مستغنية عن سلامتي اهاا..!! "
إرتد كريم خطوة للخلف و تصاعدت ملامح الدهشة وجهه، فهو ما إن فتح باب الغرفة حتى وجد تلك المتهورة أمامه تندفع صوبه بجملتها السريعة..
وقف ثوان ينظر لها بدهشة..
رجعت حياه خطوة للخلف وهى تتنحنح بحرج
" احم، صباح الخير.! اولا طبعا..
عامل ايه ثانيا اكيد.. ثالثا يلا البس عشان تنزل معايا.! "
تنهد كريم بملل وهو يمسح بسبابته أسفل انفه
" اخرجي ولو حصلك اديني رنة و هلحقك متخافيش.! "
كاد ان يغلق الباب فتقدمت حياه بإصرار أكبر
" لا ماهو المرة الي فاتت ربنا ستر و لحقتني المرة الجية ممكن متلحقنيش.. يلا بقى إنت في باريس يعني المفروض متقعدش في البيت اصلا ! "
تثاءب وهو يردف
" لا مانا جاي عشان اقعد في البيت انا ممل، و بعدين إنت هتقوليلي اعمل ايه و معملش ايه.؟ مش عشان تساهلت معاكي تسوقي فيها.. انا هنا الي بحكم و كلمتي تتسمع.. انت كمان اقعدي مفيش نزول مش عايز وجع دماغ ! "
نظرات ثاقبة تأملته بها حياه، قبل ان تمط ذراعيها بتنهيدة حزينة..
" على راحتك.! "
بعد فترات متساوية ظل كريم يسمع نفس الطرقات على بابه، و عندما يفتح لا يجد أحد.!
زفر بضيق عندما زاد الأمر عن حده، و ذهب يجول في أنحاء المنزل عنها، بالتأكيد هى تلك اللقيطة الحمقاء من تثير غضبه !!
بدون ان يطرق، بدون إذن..
هجم على غرفتها و الشرر يتطاير من عينيه..
ما إن دلف حتى صرخت حياه الجالسة على الفراش تقرأ كتاب،، صرخت وهى تقفز من على الفراش برعب..
فزع كريم أيضا بسبب صياحها و اندفعها ذاك..
وقفت حياه وهى تحدق به واضعة كفها على قلبها..
" في إيه.؟ شفتي عفريت.؟! "
هكذا صاح كريم رافعا إحدى حاجبيه..
حياه صائحة ملوحة بيدها -: مش تخبطت يا بني آدم إنت في حد يخش كدة.؟!
كريم بإستهزاء -: وهو ده الي خلاكي تتفجعي كدة.؟
وقفت حياه ثوان تحدق به.. أمسكت بعدها الكتاب الذي كانت تقرأ فيه و مدت يدها به لكريم قائلة..
" كنت خايفة أشوف عفريت فعلا.! "
تناول كريم الكتاب منها، ليقرأ العنوان هاتفا بسخرية تامة
" عالم الجن و الشياطين!!
كنت فاكرك مثقفة و عقلك كبير.! واخدة دكتوراه في علم النفس و إنت ضاربة كدة.؟! "
إتسعت مقلتي حياه بخوف وهو تضع سبابتها امام وجهها محذرة
" اشششش،، متقولش كدة.. اوعى تقول كدة تاني انت متعرفش لو حطوك في دماغهم ممكن يعملو فيك إيه.! "
تصنع كريم معالم التعجب و الدهشة،، وهو يسحب مقعد خشبي ليجلس عليه..
" اوووه.! يحطوني في دماغهم.؟ هيعملو ايه يا ترا على كدة.؟! "
الفصل الثامن
تنهيدة طويلة تنبعث من أعماق حياه، لتبدأ في سرد نوع جديد من الحكايات.!
" هحكيلك حكاية حقيقة، حصلت فعلا مع واحد معرفة ! "
~~ الحكاية ~~
" إبراهيم ".. شاب زي اي شاب، كان عنده وقت الحادثة خمسة وعشرين سنة.. تقدر تقول إن إبراهيم شخص بيحب الاستكشاف.. من صغره و ناس كتير بتشتكي منه مع إنه عمره ما أذى حد، كان بيبقى هدفه الوحيد يفهم.. يفهم كل حاجة في الحياه..
بدء مراحله في الدراسة و المواد العلمية الي مش فاهم قوانينها و أسسها اتبنت على أساس إيه، كان عايز يفهم الي بيذاكرو و الي مفروض عليه عشان كدة المدرسين كانو دائما يشتكوا منه، و اتطورت خصلة الاستكشاف في حياته العامة تحت ملقب " المقاوحة ".. تلاقي كل الناس تقول ده واحد قليل الأدب و لسانه طويل، بيرد الكلمة بعشرة، بيقاوح كتير و مبيسمعش الكلام.!
" علم لا ينفع، و جهل لا يضر.! "
لو كان إبراهيم فهم المثال ده كويس و عمل بيه مكنش حصل الي حصل..
المهم،، كانت واحدة قريبة إبراهيم عدت الأربعين من غير جواز و طبعا هاتك يا كلام جيران، فأمها أخدتها لدجال كان معروف بقى و شعوذة و جو ده.. و الغريبة اكتر ان بعد ما البنت عملت الي الدجال قال عليه جالها عريس فعلا و اتجوزت.!
وقتها ركب إبراهيم مية عفريت و لازم يعرف الي حصل ده حصل ازاي..
بدء يشتري كتب عن الجن و الشعوذة و يقرأ، و الموضوع اتطور لتحضير الجن..
و مخدش وقت ..
جمع صحابه بعد إلحاح منه و راحوا شقة قديمة لواحد منهم..
إتطفت الأنوار، و قعدو الأربع صحاب على شكل نجمة.. وسط الشموع، و الورق في النص مكتوب عليه التعاويذ.. ماسكين ايدين بعض و بيقرو التعويذات..
[ كل هذا قصة تقصها حياه على كريم المنصت بإهتمام على غير عادته، ويحاول جاهدا ان يتقنع بقناع اللامبالاه.. ]
كريم -: طلعلوا عفريت.؟
حياه -: لأ
كريم-: البيت اتحرق وولع فيهم.؟
حياه-: لأ، الي حصل عمره ما يجي على بالك.!.. عشان مفيش حاجة حصلت اصلا.!
كريم بملل-: لا والله.؟!
حياه-: أيوة،، وقتها مفيش حاجة حصلت فعلا.! بس بعدها كل حاجة حصلت.. !!
~~ تكملة الحكاية ~~
ولع إبراهيم الشموع، قرأ التعويذات و كل حاجة كانت ماشية تمام..
بس محصلش حاجة.! مجرد شوية هوا هبو في الأوضة طفوا الشموع..
وقتها كلهم انتفضوا على اثر الهوا،، كان اتنين مش مقتنعين بالحوار، وواحد مقتنع جدا، وواحد مش فارق معاه جاي غتاتة كدة، بس إبراهيم مكنش كدة ولا كدة، إبراهيم كان عايز يعمل التجربة الي على أساسها يحدد يتقنع ولا ميقتنعش.!!
كلهم فضلو ساكتين، ثابتين.. ممكن يكون الخوف مالكهم، و ممكن يكونو مستنيين نتيجة للي عملوه.!
دقيقة، دقيقتين، تلاتة.. عشرة و محدش اتحرك شبر واحد.!
مع دقات الدقيقة العاشرة نطق أخيرا واحد منهم..
صمتت حياه ثوان،، فاستطرد كريم متسائلا -: قال ايه.؟
حياه-: قال ايه.؟! تعالى نتصور قال ايه كدة.!
<<<<<<<<<<<< >>>>>>>>>>>>
تحدث إحدى الشباب الأربعة بعد فترة صموت تام..
" وبعدين هنفضل مهنجين كدة كتير.؟! "
رد الفعل : صفر،، صموت أيضا..
أكمل " ماهو يا نتلبس يا نقوم و نفضها سيرة، لكن نفضل حاطين ايدينا على خدنا زي الولية المطلقة مش تمام.! "
تحدث الشاب الغير مقتنع تماما بهذه الخرافات " محصلش اي حاجة.! فين الجن يا سي إبراهيم.؟ فين الشعوذة و السحر.؟! صدقتني دلوقتي.؟! "
نهض الشاب ليفتح الأنوار وهو يتحدث بغرور " قولتلك كل ده كلام فارغ.! مستفدتش حاجة غير إيمانك بربك الي قل.! "
تنهد بقلة حيلة وهو يمط ذراعيه " ربنا يهديكو !! "
خرج صافعا الباب خلفه..
ظل الآخرون ينظرون لبعضهما البعض بصمت، قطعه إحداهم..
" طيب يا جماعة سهرة حلوة جدا استمتعنا بيها ياريت نفضها سيرة بقى.! "
نهض الشاب ليلحق بالآخر راحلا..
نظر الأخير لإبراهيم " تصبح على خير يا صاحبي.! "
ليظل إبراهيم وحيدا في المنزل و ما هى إلا دقائق،، حتى تبدلت عيناه للأبيض الناصع تماما !!!
و صوت صرير، تصادم، صفير مزعج يدوي في أذنه كأنه يحطم آفاق عقله !
وصوت ثقيل غليظ يسيطر على احبال إبراهيم الصوتية.. لينم عن كل سوء و شر !!
صوت صريخ شاهق الارتفاع يهز جدران المنزل،، عندما قطعت الكهرباء على حياه وكريم.!!! في نفس اللحظة التي كانت تقص عليه ذلك الجزء المرعب..
حاوطها كريم وهو يحاول تهديئها
" بس، بس أهدي مفيش حاجة انا جنبك !! "
حياه بصياح هستيري -: عفرييييت !! شفت شفت كلامك هيودينا في داهية اهو حطونا في دماغهم، هيقتلوووونا !!
حاوطها كريم أكثر و حاول تهدئتها
" اششششش مفيش حاجة اسكتي.! مفيش عفاريت ده ان، انا كريم،، كريم.. أهدى !
تشبثت به أكثر، و أصبح جسمها كجسم هزاز مرتعش
" هينتقموا منك، مش هيسيبوك.. لازم تقدم قربان للطاعة.. لازم ! "1
كريم وهو يتأفف موبخا
" قربان ايه بس .! مفيش حاجة مفيش عفاريت ده مجرد عطل كهربا ! "
حياه و قد اتسعت مقلتيها برهبة
" مجرد عطل كهربا.؟!! وهو كان فين عطل الكهربا من أسبوع.؟ الكهربا جاية تعطل و انا بتكلم على الجن.؟ "
كريم -: صدفة !! و بعدين احنا في فرنسا ايه الي هيجيب العفاريت هنا بس !
ألجمت الصدمة لسان حياه-: -------
كريم -: بتبصيلي كدة ليه.؟
حياه -: ---------
كريم -: في ايه طيب.؟ شايفاني عفريت !
حياه -: --------
كريم وهو يبتلع ريقه بخوف -: ماهو متبصليش كدة عشان بدأت أخاف.!!
لم تتحدث حياه، فقط ضمت نفسها في احضان كريم.. و نامت في أعناقه بسلام.!
رهب كريم أكثر، و حاول بخفة ان يزحزحها بعيدا و لكنها كانت مصرة على عدم الفكاك من بين ذراعيه..
إستسلم وهو يحاوطها ايضا،، و يلحقها بمنامها المريح.!
~~
كان يتهنأ بنوم مريح،، ولكن ثمة شخص يوقظه.! يسمع طفيف أصوات ضئيلة و قبضة تحرك كتفيه..
تملل في الفراش بتأفف وهو يحاول جاهدا ان يستيقظ
" كريم، كريم اصحى الحقني.! "
هذا الصوت المنخفض ظل يتردد في أذنه يعمل على ازعاجه، انكمشت جفونه بثقل وهو يتسائل
" في إيه تاني ؟ "
حياه وهى تتشبث هامسة بخوف و تأتأة
" ف في حد برا، انا سامعة صوت وغوشة و.. و شايفة خيال من تحت الباب ! "
صمت كريم منصتا للأصوات الخارجية، بالفعل هناك أصوات غير مألوفة.! أصوات هامسة شعبية..
نهض كريم بحذر، و سار شاقا طريقه لخارج الغرفة؛ ليعلم مصدر الصوت.!
" انت هتسيبني هنا لوحدي، لا خدني معاكي.! "
لم تمهله وقتا للرد، سارت وهى تحتل ذراعه بقبضة كفها..
أنصت كريم لمصدر الصوت جيدا وهو يمشي على أنامل قدمه.. و حياه كذلك تتصاعد ضربات قلبها حتى وصلت مسامعه لكريم..
هدوء تام.. خلى من الصوت الهامس.. فقط دقات قلب حياه المتصاعدة هى الصوت الوحيد المتصاعد..
اقترب كريم من ركن في آخر الغرفة..
خلف الستار الأسود القاتم..
و على حين غرة،، وجدا هرة سوداء كبيرة تظهر من خلف الستار راكضة للخارج بفرار.. !!!
رغم حالة الصموت التي خيمت منذ قليل، إلا انها تحولت لصريخ و صياح من جانب حياه التي قفذت مفزوعة على رقبة كريم..
و كريم بالطبع لم يسلم من تلك الهرة، فزع أيضا و لكن ليس بالدرجة التي تعيشها حياه..
أخذت تصيح وهى تشد شعر كريم بعنف.. صاح بها بغضب لتكف عن هرائها ذاك..
كريم صائحا -: شعرااااري..!! شعري هيطلع في إيدك كفاية غباوة.!6
حياه بصوت اشبه بالبكاء -: شعرك ايه وزفت ايه دلوقتي، دي قطة سودة.. يعني جن !! و انت تقولي شعرك!
انا مش قاعدة في البيت ده دقيقة واحدة، بلى شهر عسل بلا زفت..!
اصطحبها كريم للخارج.. بعد ان هدأت حياه قليلا..
كريم -: مكنتش فاكرك جبانة كدة.!
حياه -: انا مش جبانة،، بس الموضوع ده خطر جدا..!
صمت كريم ثوان.. وبعدها،،
" مكملتليش الحكاية الي كنت بتحكيها.! "
وقفت حياه وهى تنظر للا شئ بشرود..
" الحكاية يعتبر لسا مبدأتش عشان أكملها.. الحكاية لسا جية.! "
" قتلها.!! "
هتف بها كريم بصدمة و اتسعت مقلتيه بإستنكار.. عقب حديث حياه..3
" لأ،، مش هو الي قتلها.. هو بس سلمها للي يقتلوها.!! "
كريم وهو يرفع حاجباه مستنكرا
" ماهو متقوليش ان العفاريت قتلوها.؟! "
رفعت حياه كفها بلامبالاه..
" هتفهم كل حاجة لما اكمل.. بس انا بردت، عايزة اروح.! "
كريم -: زي ما تحبي.!
سمع صوت طرقات على باب غرفته،،..
حياه بحرج-: احم.. انا كنت عايزة اقولك بس إني آ.. خايفة انام لوحدي !
صوت صفير قصير اصدره كريم وهو ينظر للأعلى واضعا كفيه في جيوبه..
تحدث بغرور وهو يرمقها من أعلى انفه
" هتكرم و اخليكي تنامي معايا لسبب واحد بس.."
صمت ثوان يحدق بها بجمود.. قبل ان يتابع وهو يزم شفتيه آخذا وضع البكاء الكوميدي
" إن انا كمان خايف انام لوحدي.! "5
إبتسمت وهى تنظر له " حيث كدة بقى،، تشرب ليمون بالنعناع.؟"
كريم مردد " أشرب ليمون بالنعناع.! "
~~
كانا يتمددان على الفراش، كلا منهما ينظر للأعلى شارد بالآخر.. في الإبتسامة، نبرة الصوت الناعمة، نظرة العيون الثاقبة و نظرة العيون البريئة..
قطع لحظة التأمل طرقات على باب الغرفة !! لم يجهلها كريم فهى نفس الطرقات التي تلازم الغرفة دائما !!
نظرت له حياه بخوف و دهشة معا..
جلس هو على الفراش ينظر شزرا لذلك الباب.. نهض متوجها للباب قبل ان تمسك حياه كفه
" لأ لأ لأ،، متسبنيش.! "
كريم -: هروح اشوف مين بس.!
حياه بنبرة راجية -: متسبنيش انا خايفة!
كريم -: هفتح الباب بس و جاي، تيجي معايا.؟!
تركت حياه كف يده فورا وهى ترجع منسحبة للفراش-: لا خلاص روح انت.!1
حياه -: و بعدين هتفتح لمين.؟ العفاريت بيخشو من اي حتة على فكرة.؟!
كريم مفكرا -: فكرك كدة.؟! يعني الي بيخبط عفريت.؟
حياه-: اومال انت فاكر ايه.؟!! انت فاكر بعد ما استهزئت بيهم هيسيبوك في حالك.؟!
كريم -: و انت مش خايفة ليه انت معايا على فكرة في مركب واحدة.!
لطمت حياه على صدرها وهى تشهق مرددة بعد التعاويذ و الكلام المعقد
" تنجوس تنجوس اشتات طميث.! لا يا اخويا انا مش بستهزأ انا كافية خيري شري و ساكتة، احمينا يارب احمينا !! "
هوف باااارد اوي جتك القرف ابو شكلك ياشيخ !
- نعم بتقولي حاجه يا تيا سمعيني كده ؟
بكح يا ابيه بكح يا حبيب...
صعد صوت الطرقات ثانية لينتبه كريم الذي كان يقف ينظر بإستنكار لحياه و أفعالها الغريبة..
وجدته يتوجه للباب ثانيا فصاحت به
" أستنى هنا.! "
وقف يرمقها بنظرات التأفف و الملل..
بينما اندثرت تحت الغطاء جيدا و هى تدفن نفسها بالفراش..
كريم بسخرية " استخبيتي خلاص.؟ مش هيشفوكي كدة.؟! "
حياه -: عيب عليك يابني بزمتك انت شايفني؟!
كريم -: لا الحقيقة،، استخبي كويس بقى عشان هفتح.!
فتح كريم الباب، و النتيجة واحدة لا احد،، ترك الباب مفتوحا هذه المرة وتوجه للفراش ثانية..
عاد بخطى بطيئة للفراش،، و جلس بجانبها بصمت تام وهو ينظر بتوجس خائف..
" حياه،، في مكان فاضي استخبى جنبك.؟! "
ضحكت حياه من تحت الغطاء، و فردته ليحتوي كريمها الصغير.!
ضحك كريم هو الآخر وهو يندثر تحت الغطاء جانب حياه..
ظلا صامتين لدقائق.. اختفى صوت الطرقات، لا يوجد اي صوت به شبهة..
نظرت حياه لكريم النائم جوارها، و برقتها الأنثوية ملست على وجنته ذات الشعر الشوكي الفوضوي.!
رعشة خفيفة سرت بجسده عقب تلك اللمسة الحميمية،، فترتفع درجة حرارته تلقائيا موقظة ما كان خامد.!
إلتفت ببدنه ليواجهها، تخيل شفتيه وهى تحاصر شفتيها بقبلة حرارية..
تخيل كف يده الغليظ وهو يستكشف مشتقات بدنها البض الممتلئ..
تخيل...؟؟ تخيل النعيم في خلده الآن.! تخيل ان يرزق شهد جمالها.؟!
إلتفت ولم يجدها اصلاا. !!
نعم لم يجدها.! وجد الفراش خال هو فقط الذي يحتويه.!
نهض جالسا بفزع وهو يحدق بالفراش مصدوما،، فاغرا شفتاه مرعوبا..
للحظة واحدة حدق في الاشئ، ليجد كفها الرقيق يربت على ظهره من الخلف..
انتفض للمرة الثانية و يحدق ببلاهة اكبر.!
حياه -: مالك.؟!
كريم بعد فترة -: كنت فين.؟ قومتي روحتي فين.؟!
حياه بإستغراب -: انا مروحتش في حتة.؟!
كريم -: يعني إنت مقومتيش خالص.؟
حياه :- اقوم فين بس.! انا راشقة فيك بقالي ساعة.!
صمت يغلف المكان.. قطعه ذلك الصوت الملعون،، صوت الطرقات.!!1
ولكن هذه المرة كان قريب كثيرا منهم.. قريب لدرجة أن مصدره ينبع من أسفل الفراش.!
ثانية واحدة فقط،، لتركض حياه خارج المنزل صارخة..
لحقها كريم للخارج يحاول اللحاق بها
كريم صائحا -: رايحة فين استني هنا.!!
حياه بصريخ -: انا مش قاعدة في البيت ده ثانية كمان انت سامعني.!
كريم -: هنبات فين.؟ في الشارع.!
حياه -: اي حتة مافيهاش عفاريت.!
(اولته ظهرها وهى تقترح) و بعدين فيه اوتيلات كتير نقدر نبات فيها، و بالمرة نخرج نشوف بلد العفاريت الي احنا جيناها دي.!
~~
مرت ثلاث ايام،، ثلاث ايام كاملة على حياه و كريم.. طوال اليوم في الخارج يتعارفان على معالم الجمال بباريس..
لم تتخطى أقدامهم باب المنزل ثانية، بل ظلو يتنقلين بين الفنادق المختلفة المشهورة..
كانا يتناجيان في الطريق في شتى الأمور.. قبل ان يفتح كريم موضوع "ابراهيم"
كريم -: بقالك أسبوع بتحكي في حكاية إبراهيم ده ومعرفتش الي حصل في الآخر.!
حياه -: آخر حاجة حكتهالك كانت ايه.؟!
كريم وهو يتذكر-: آخر حاجة كانت لما لقو ال3 جثث على نفس الطريق الي لقو فيه جثة البنت، مش ال3 دول يبقو صحابه الي كانو معاه.؟!
حياه بتذكر -: اه اه هما، خليني اكملك.!
~~
مقال في جريدة ما،،،
اليوم العشرون من نوفمبر.. يشهد الجميع على حدث مرعب غامض يترك العديد من الاسئلة خلفه.. فظهور ثلاث جثث ملقون على الطريق الصحراوي ليس بالهين.! هذه ليست اول مرة، في الثالث عشر من نفس الشهر ظهرت جثة فتاة مذبوحة بنفس الطريقة المذبوح بها الثلاث شباب..
وضحت البحوثات و الاستدعائات ان جميع الضحايا آخر شخص قابلته يدعى "إبراهيم.."
بعد استدعاء المدعو ب"إبراهيم" و أخذ أقواله تعقدت المسألة أكثر و أكثر.. و ظهر ضعف علامات الاستفهام..
قال "إبراهيم" بعد ان تحول لمشفى الأمراض العقلية..
" ده جن !! هو جن الي قتلهم انا مليش دعوة،، انا شفته.. !! شفته كان هيقتلني و ياكلني بأنيابه شفته.! اضطريت اقدمله قرابين عشان يبعد عني لكن انا مقتلتهمش.! "
~~
" خرج منها زي الشعرة من العجينة إبراهيم.! "
تفوهت بها حياه وهى تنظر بشرود أمامها..
ظهرت علامات الاستفهام على ملامح كريم " إزاي يعني.؟ مش فاهمكك.! "
حياه -: هتفهم..
" اهم حاجة نسيت اقولكك عليها، إبراهيم رغم عقليته العبقرية الي قادرة تنجز حاجات كتير.. و تفكيره الجهنمي الي توصل للفكرة الي هتعرفها دلوقتي إلا ان فيه خصلة زبالة ! خصلة الأنانية..
بإختصار شديد..
إبراهيم في سبيل انه يوصل لحلمه و مبتغاه الي بيتمناه دايما،، فلوس، و يتعلم برا مصر..
في سبيل الهدف ده ضحى بأربع شخصيات سلمهم للموت بإيده..
- حكاية انتقام قديمة.. واحد اسمه عمر الألفى، و التاني فهمي الجندي..
عمر الألفى في تار قديم ما بينه و بين فهمي الجندي.. قرر ينتقم، و طبعا هينتقم من بنته الوحيدة " فاطمة.! " هى الي هتقدر تكسره..
قدر يوصل لإبراهيم و عرف أنه حبيبها.. عرض عليه فلوس بالهبل، و بيني و بينك إبراهيم مكنش بيحبها اصلا الفرصة جتله على طبق من دهب.!
بقى وظيفة إبراهيم يقتل فاطمة.. و يفكر في الطريقة الي يقتلها و يخرج بيها زي الشعرة من العجينة..
حكاية " الجن.! "
جمع صحابه، و مثل انه بيعمل التعويذات.. و بيبدأ بأول ضحية الي هى " فاطمة " و يظهر بعديها صحبه ورا صحبه ورا صحبه..
ماته كلهم خلاص.؟ اتحجج بالجن و تخاريف و كلام فاضي و كام حركة متخلفة و اتحول لمستشفى المجانين..
بقى مش مجني عليه تحت مسمى "مجنون".!
و بعد فترة هربه عمر و سفره برا،، و قدام الكل و الشرطة و القضايا مازال القاتل مجهول.!
قولتلك خرج منها زي الشعرة من العجينة.!
الجمت الصدمة لسان كريم، و بقى فترة يحدق بها ببلاهة..
بعد فترة من استيعابه..
" يعني ايه.؟ يعني مفيش عفاريت ولا حاجة و كل دي خطة من إبراهيم.؟! بعد الأسبوع الي قعدتي تحكي فيه طلع في الآخر وهم.؟ طب و صحابه.؟ ليه ضحى بصحابه.؟! "
حياه -: عشان هما الي المفروض عملو معاه التعويذة.!
حياه بخوف
" وفي حاجة كمان جديدة،، بس احلف انك مش هتعملي حاجة.! "
فرد كتفاه وهو يجز على أسنانه
" هعملك ايه يعني.؟! "
حياه -: هقولكك بس نروح، البيت الي كنا قاعدين فيه.!
تأملها بنظراته الحادة، قبل ان يتنهد بعمق متوعدا بنفسه
" لو طلع الي في دماغى صح مش هتشوفي نور تاني.!! "
إبتسم ببشاشة وهو يجاريها
" و مالو. ! نروح البيت ماشي.! "
|