ففوجئت جين وقالت :
" وماذا جرى بينك وبين آندي؟".
فأجابتها موراغ :
" لا شيء و غيّرنا رأينا , هذا كل شيء , أمي , هل أخبرت ديفيد أين كنت البارحة؟".
فأعترفت أمها قائلة:
" نعم , فعلت ذلك سهوا , دخل ألى هنا بعد أن ذهبت , فتناول معي فنجانا من القهوة وأخذ يحدثني بلباقته المعهودة , فلم أتمالك من أن أخبره عن مكان وجودك ..... فهل ذهب ألى هناك؟ وهل رأيت الآنسة لنغدون والسيد بلاند أيضا؟".
فقالت لها موراغ:
"نعم , ديفيد وقع على الثلج وأصيب في كاحله .... فيكون عليك أن تعتني به حينما يحضر , وأرجوك أن لا تقولي له هذه المرة أين ذهبت , سأعود من الجزيرة عندما يرحل من هنا... وداعا يجب أن أسرع لئلا يفوتني المركب!".
فأستوقفتها جين قائلة :
" موراغ , ماذا جرى؟ لم تخبريني شيئا , الآنسة لنغدون غضبت حين علمت أن ديفيد ذهب للتزلج فكان عليّ أن أدلّها كيف تصل ألى هناك , وأعطيتها رسالة ألى أيان ....... وبدا لي أنها كانت قلقة عليك".
فصاحت موراغ:
"علي أنا؟ كلا , كانت الغيرة تأكلها ..... وهي لا بد أن تخبرك ماذا جرى ..... وكان علي أنا أن أخبرك , ولكن لا وقت لدي الآن , وداعا يا أماه".
وأسرعت نحو الباب غير مبالية بنداء أمها , وسرّ موراغ أنها أصبحت قادرة أن تستقل برأيها.
وعلى متن المركب وقفت تتأمل الأمواج وتنظر ألى الجزيرة الصغيرة وهي غارقة في لون رمادي , وحين أقترب المركب من المدينة التي يسكنها عمها وخالتها شينا شعرت موراغ بالمرح , لأن شعار سكان تلك الجزيرة كان : ( الغد دائما يأتي , فلماذا العجلة؟).
وهذا يبعث جوا من الحبور, فينسي ما في الحياة من قلق وأضطراب.
وفي اليومين الأولين قضتهما موراغ في الجزيرة لم يخطر ديفيد ببالها ألا لماما , ذلك أن خالتها كانت من النساء اللواتي يملن ألى الثرثرة وكثرة الكلام , ثم أنها كانت تتشوّق ألى معرفة كل شيء عن زواج أختها جين في المستقبل القريب , وعن بيتر والعمل الذي يقوم به , وعن كثير من اشؤون العائلية وسواها.
ولكن موراغ , بعد اليومين الأولين , أي يوم الثلاثاء , بدأت تحس بالكآبة والشوق ألى ألفندق , وفيما هي جالسة مع خالتها قرب الموقدة تساعدها في طيّ الغسيل وكيّه , أرخت يديها وشردت مستسلمة ألى تفكير عميق , فلاحظت خالتها ذلك , فقالت لها :
" ماذا بك يا موراغ ؟ هل وقعت في الغرام؟".
فلم تغضب موراغ من هذا السؤال , بل شعرت بأن الوقت حان لطرح الموضوع , وأصغت شينا أليها بأهتمام مشوب بعدم الرضى , فقالت :
" يا لك من فتاة حمقاء! يبدو لي أن ديفيد هذا رجل حلو المعشر , فلماذا هربت منه ؟".
فحملقت موراغ في وجه خالتها بدهشة وقالت لها :
" لم أهرب على الأطلاق ! فهو سيتزوج فرجينيا التي هي من نصيبه , وأهتمامه بي عابر لا صدق فيه".
فقالت لها شينا :
" كيف علمت ذلك ؟ أنت مثلنا كلنا , أما كل شيء حلو أو لا شيء!".
وحاولت موراغ أن تفند هذه العباة , حين رن جرس الهاتف , فخرجت شينا ألى الغرفة المجاورة للرد , ثم رجعت لتقول لموراغ:
" أن جين على الهاتف , فهل تريدين أن تتحدثي أليها؟".
فهرعت موراغ وأمسكت سماعة الهاتف لتسمع والدتها تقول لها :
" هذا أنت يا موراغ؟ عساك بخير يا أبنتي , قلت أنك ستتصلين بي....... رون وستيف سافرا اليوم , بعد أن أنهيا عملهما في المحطة ..... وقبل سفرهما أقاما حفلة وداع هنا في الفندق , أتذكرين السيد ريد وزوجاه؟ نزلا في الفندق في الصيف الماضي , والبارحة كانا هنا , فأخبرتهما أننا سنبيع الفندق, فأظهرا أهتماما بالأمر , لديهما مال كثير , فما رأيك؟".
أجابتها موراغ :
" أفعلي ما ترينه ...... كيف حال ديفيد؟".
قالت لها جين:
" بخير ... عاد ألى عمله اليوم مستندا ألى عكاز ..... قال لي أنه سيغادرنا ألى لندن نهائيا يوم الخميس , كما كان مقررا , هذا مع أنني لا أعتقد أنه يجب أن يسوق سيارته بعد ....... ولكنه عنيد كما تعلمين !".
وسألت موراغ :
" وهل الآنسة لنغدون والسيد بلاند لا يزالان هناك؟".
فأجابتها جين:
" كلا , سافرا يوم الأحد بعد الظهر , حالما رجعا مع ديفيد , آه , لو تعلمين يا موراغ ماذا حدث بين ديفيد والآنسة لنغدون ..... جرت مشادة لم تسلمي فيها أنت أيضا من لسانها , أما السيد بلاند فكان عفيف اللسان , فأمتدحك على جرأتك في الصعود لأنقاذ ديفيد.... وكان على الآنسة لغندون أن تكون في لندن يوم الأثنين لأن والدها بحاجة أليها ....... صار برتبة بارون الآن".