لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات أحلامي
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات أحلامي روايات أحلامي


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-02-20, 09:56 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2018
العضوية: 328781
المشاركات: 405
الجنس أنثى
معدل التقييم: سيريناد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سيريناد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سيريناد المنتدى : روايات أحلامي
افتراضي رد: 303 - عنيدة - روايات أحلامى المكتوبة

 

بين المطرقة والسندان



وأعتزلت موراغ في غرفتها , فجلست على مقعد قرب النافذة وراحت تحدق ألى البحر المتلألىء تحت ضوء القمر , وكانت المنارة تضيء كل بضع ثوان لتحذر السفن المقبلة , فجمح بها الخيال ألى تحذير بيتر لها من ديفيد عندما جاء للأقامة في الفندق , ناهيك بتحذير آن أيضا في ذلك النهار نفسه , فضلا عن حدسها الذي كان يثير فيها الخوف ويحثها على الدفاع عن نفسها.
فالبارحة كانت تنعم مع ديفيد ببياض الرواي المتلألئة في ضوء القمر , وها هو هذه الليلة يتعشلى في فندق فخم مع أمرأة أخرى..... أمرأة غاوية شقراء تشبه( حسناوات الغلاف) ...... أمرأة تدعوه يا حبيبي.
وهكذا عادت الوحشة ألى قلب موراغ , بعد أن أزالها المرح والدعابة والتفاهم بفضل رفقتها لديفيد في اليومين الأخيرين .
ودمعت عينل موراغ وسرت حرارة الدم في عروقها , فأغلقت ستارة النافذة , وبدأت تخلع ثيابها أستعدادا للنوم.
على أن النوم لم يحالفها تلك الليلة , فأستولى عليها الأرق الذي لم تكن تعرفه من قبل ألا لماما , ذلك أنها أخذت تسترجع كل دقيقة من اليومين الماضيين اللذين قضتهما مع ديفيد , وحاولت بجهد أن تتفهم آراءه المقتضبة عن الزواج , وكلامه على ما يحيط بعمله في الشركة من تعقيد , فالتعقيد , هو فرجينيا , وهو في آخر الأمر سيتزوجها و كما يعتقد بيتر , ولكنه حتى ذلك الوقت , له أن يعاشر من شاء من الفتيات.
فكرت موراغ بهذا كله وقالت في نفسها : لن أكون من هؤلاء الفتيات , وحاولت أن تنسى أبتسامة ديفيد والدعابة التي تشع في عينيه كلما نظر أليها وكأنها كل ما يعنيه ويهمه في هذا الوجود ....... أيكون قد أوقعها في فخ سحره الذي نصبه لها في اليومين الأخيرين ؟ ولكنه , ولا ريب , سيجدها مختلفة كل األأختلاف عن سائر الفتيات اللواتي عرفهن , فهي لن تسمح له بأقامة أي علاقة حب معها ما لم تسفر عن زواج.
وبعد أن قضت الليل بطوله تغالب مثل هذه الأفكار , أطل نهار الأثنين أطلالته العادية.
وتأخر ديفيد في المجيء ألى تناول الفطور, على الرغم من أنها ذهبت ألى أيقاظه بألحاح من بيتر , وبدا في غرفة الطعام أصفر الوجه , ويعرج في سيره ,وما أن جلس حتى طلب في خشونة قهوته وطعامه.
ونهض بيتر من مكانه وتطلع ألى ديفيد الذي كان يتثاءب ويأكل طعامه بسرعة فائقة , وصاح به:
" الساعة الثامنة والنصف الآن , وكان عليك أن تكون في العمل في تمام الثامنة.....".
فأجابه ديفيد:
" أعرف ذلك....... قدّم شكوى ألى الرئيس ......... والآن أذهب , وأنا لاحق بك بعد قليل".
فقال له بيتر:
" سأذهب , ولكن لا تأخذ أوامرك ألا مني طوال وجود فرجينيا هنا , وألا حدث ما لم تحمد عقباه".
فأجابه ديفيد :
" أخبرها بذلك , أذن".
وعاد ألى تناول طعامه , فشرب قهوته بسرعة وأردرد طعامه ثم تناول سترته وتبع بيتر , من دون أن يقول لموراغ أية كلمة .
وفي ذلك النهار لم يحدث أي شيء خارج على المعتاد , وقامت موراغ بعملها العادي في تدبير شؤون الفندق , وبعد الظهر وجدت الوقت الكافي للخروج ألى السوق لتشتري بعض الحاجيات , ودخلت كعادتها ألى حانوت البقالة الذي يملكه والد كايتي , فوجدتها هناك واقفة بين مختلف أصناف المآكل , تلبي مطالب الزبائن.
ثم مشت موراغ ألى الفندق , فتمتعت على طول الشاطىء بالمناظر الخلاّبة , وكان معارفها يمرون بها , فتحييهم ببشاشة ولطف.وعند وصولها ألى الفندق وجدت سيارة ضخمة خضراء واقفة أمام الباب , فنظرت ألى داخلها فأستغربت أن يقدر أحد على أقتناء مثل هذه السيارة الباهظة الثمن , ولما دخلت الفندق وأدتازت البهو ألى غرفة الأستقبال لقيت فرجينيا جالسة على أحد المقاعد , كانت تدخن وتحدق عبر النافذة , وعلى وجهها ملامح الضجر والأستنكار , فمرت بها موراغ بأتجاه المطبخ , من دون تحية.
وحين وصلت ألى المطبخ قالت لجين:
" ماذا تفعل هذه الفتاة هنا ؟".
فأجابت جين , وهي تهيء لفرجينيا أبريقا من الشاي :
" كم مرة قلت لك لا تشيري ألى هذه الفتاة بمثل هذه اللهجة ؟".
فقالت موراغ , وهي تضع سلة الحاجيات التي أشترتها من السوق:
" حسنا , ماذا تفعل الآنسة فرجينيا لانغدون هنا؟".
ثم تابعت كلامها قائلة:
" أرى أنك تعتبرينها شخصية رفيعة المقام , فلا أحد , كما أذكر , أستحق منك هذا التقدير والأحترا".
فأجابت جين :
" أنها بالفعل فتاة ذات شأن , فهي تملك أسهما عديدة في الشركة , وأظن أن ديفيد سيلتقيها هنا بعد حين!".
فقالت موراغ :
" ولكنه لن يكون هنا قبل مضي ساعة على الأقل , فهو ككما سمعت , منشغل جدا في المحطة , وهذا الصباح قال له بيتر أنه لا يقبل أن يكون لوجود فرجينيا أي تأثير على عمله....".

وحاولت جين أن لا تصب الزيت على النار , فالت:
"أظن أن هذه الفتاة المسكينة تعاني الضجر في ذلك الفندق الفخم , وهي لا تعرف غيرنا في هذه المدينة , ولذلك جاءت لزيارتنا".
فقالت موراغ:
" في وسعها أن تفعل الكثير للترويح عن نفسها , وهي التي تقود سيارة فخمة كهذه........".
فنظرت أليها جين مؤنبة وقالت لها:
" لا تكوني قاسية يا موراغ , والآن خذي هذا الأبريق وصبي لها الشاي وتحدثي أليها قليلا , فهذا يوفّر عليّ بعض الوقت!".
فصاحت موراغ:
" لا , لا أريد أن أتحدث أليها البتة".
فأجابت جين:
" ستفعلين كما أمرتك , تذكّري أنها صديقة ديفيد , وهو نزيل في هذا الفندق , فعلينا أن نعاملها معاملة حسنة , أكراما له".
فأنصاعت موراغ ألى أوامر جين , فأصلحت من هندامها بسرعة وحملت أبريق الشاي ودخلت ألى حيث تجلس فرجينيا وقالت لها:
" نهارك سعيد , يا آنسة".
فنظرت أليها فرجينيا بغير اهتمام , ولكنها لما أدركت من هي , عدلت جلستها على كرسيها وحلّ الأهتمام البالغ محل الضجر , فردت عليها التحية وقالت:
" شكرا لأمك لأنها أرسلتك , ولأأنها كرمتني كل هذا التكريم".
وكانت فرجينيا تلبس حلة صوفية خضراء , وتتزيّا بزيّ كأنه على صفحة من مجلة نسائية شهيرة.
وقالت لموراغ:
"أرجو أن تجلسي معي وتؤنسيني , فأنا ضجرة حتى الموت , أبي في المحطة اليوم , فترك لي سيارته , ولكن كيف لي أن أقودها وأتفرج على المناظر الطبيعية في هذا الفصل من السنة ؟ ذهبت ألى السوق فما وجدت شيئا يستحق الشراء........ هل تسكنين هنا؟ أنا أصاب بالجنون أذا كان علي أن أفعل".
وأحست موراغ ببعض الولاء لمسقط رأسها , فحاولت الدفاع عنه رغم كل شيء, فقالت:
" هذا المكان يبدو سيئا , ولكنه مليء بالمحاسن ...... هل تريدين شكرا وحليبا مع الشاي؟".
قالت هذا وراحت تخدمها بلياقة , فقدمت لها أقراص الحلوى والفطائر , فأعتذرت عن قبولها بحجة أنها تزيد السمنة.
وبعد أن قامت موراغ بواجبها , أستراحت في مقعدها وتناولت فطيرة وأخذت تأكلها بنهم , ثم تناولت أخرى غير مبالية بالسمنة وهي تنظر ألى ضيفتها وتسأل نفسها كم يكون لها من العمر , وكان الجواب على ذلك عسيرا لكثرة ما أستعملت فرجينئا من وسائل التجميل و ولكن موراغ قدرت أنها في حوالي الخامسة والعشرين من العمر , ومع أنها لم تكن جميلة , لكنها بذلك كثيرا من الجهد لتبدو كذلك , فحققت بعض النجاح.

وفاجأت فرجينيا مضيفتها بالقول:
" أما أكتفيت من النظر الي؟".
فأرتبكت موراغ وعادت اليها عنجهيتها الأسكتلندية , فأجابت:
" آسفة أن أحدق اليك هكذا , ولكنني معجبة بزينتك وهندامك ..... فأنت تبدين في منتهى الكمال....".
فقالت فرجينيا بلطف:
" أشكرك على هذا المديح يا موراغ , فهو خير ما سمعته من أمرأة حتى الآن.........".
وشربت موراغ قدح الشاي بصمت وهدوء , وهي تتمنى أن تكون لبست أجمل ما تملكه من الثياب , وكأن فرجينيا أدركت ما يجول في خاطرها , فقالت لها بأبتسامة ساحرة:
" أنت جميلة , وملامح وجهك رائعة".
ففوجئت كوراغ , فيما تابعت فرجينيا كلامها قائلة:
" نعم , أنت حسناء , كما قال ديفيد في الليلة الماضية.... حين تحدث عنك وعن التزلج طوال الوقت".
وحارت موراغ كيف تجيب , فلجأت الى اللياقة وقالت:
" هل تريدين مزيدا من الشاي أيتها الآنسة لانغدون؟".
فأجابت فرجينيا :
" أرجوك أن تناديني جن , كلهم ينادونني هكذا .... والآن , هل تسمحين لي أن أسدي اليك نصيحة أخت لأختها؟ فأنت تحتاجين اليها , نظرا الى صغر سنك وسذاجتك".
فقالت لها موراغ:
" ما هي نصيحتك؟".
فأجابت جن:
" أن لا تأخذي ديفيد بعين الجد..... فهو يطارد الفتيات الجميلات أينما ذهب .... وأذا أصطادهم فالى حين ,وفي آخر الأمر يعود الى لندن ..... اليّ أنا ,وهذه المرة , عندما يعود من هنا , سنتزوج في الربيع".
ونظرت الى الفتاة الحاقدة التي جلست قبالتها , ثم تابعت كلامها قائلة:
"لا تغضبي عليّ ..... أنت تختلفين كثيرا عن الأخريات بما لك من الأحساس المرهف .... وأنا لا أكرهك بحيث أشعر بالأساءة , أريدك أن تبقي صديقة لديفيد , فمن المستحيل مقاومته ...... ولكن لا تتورطي بعلاقتك معه..... هو يتحدث كثيرا عن نفسه .....غير أنني لاحظت البارحة أنه لم يخبرك بوجودي في حياته....".
فقالت موراغ:
" نعم , لم يخبرني بك , ولكنني شعرت أن هناك أمرأة في حياته , فموقفه مني لا يعدو كونه موقف صديق نحو صديقته , فلا تخافي , وفضلا عن ذلك فهو , يكبرني بعشر سنين ..... وأنا لا أعجب به الى هذا الحد!".
فأجابت جن:
" مهما يكن , فأعلمي أن مستقبله سيكون في لندن , أنه ماهر في عمله , ولكنه لا يعرف كيف يتصرف مع الأخرين ليصل الى أعلى المراتب , ولكنني سأفعل ذلك عنه , ولن يمضي وقت طويل حتى يصبح شخصية هامة في حقل أختصاصه".
وتحيّرت موراغ من كلامها الذي كان فوق متناول فهمها , فعضت على شفتها بصمت وتساءلت : كيف يمكن لأحد أن يغيّر سواه , فيجعل طبعه خلاف ما هو , من دون أن يفسده ؟".
وقالت لها جن :
" هل أستغربت كلامي؟".
فأجابت موراغ:
" أتساءل ما هو نصيب السعادة في مخططك ..... أذا سجنت هكذا , فأنه يذبل ويموت".
فصاحت بها جن :
"سجينته ؟ ماذا تعنين بذلك؟ فهو سيكون أكثر الناس حرية في التصرف كما يشاء".
فقالت موراغ بحماسة:
"ألا في ما يحب ويهوى في الحياة!".
وأرتبكت جن من كلامها , لأول وهلة , ثم أستعادت السيطرة على نفسها وقالت:
" أنت عاطفية وساذجة....... فكيف لمثيلاتك أن يعرفن حقائق الحياة؟ ثم ماذا تعرفين عن ديفيد؟ لم يمض عليه من الوقت هنا أكثر من بضعة أسابيع ..... أما أنا فأعرفه منذ خمس سنوات".
فقالت موراغ وهي تجمع صحون الشاي :
" أنت على حق , ثم أن هذا الأمر لا يعنيني في شيء!".
فأبتسمت جن وقالت لها:
" يسرني أن تدركي الأمر , فمن السهل على فتاة مثالية أن تعتقد أنها تعرف كل شيء عن ديفيد , وأنه رجل مستقيم كما يدّعي ,ولكن صدقيني , أنه بحاجة الى من يفهمه ويعالج أموره".

 
 

 

عرض البوم صور سيريناد   رد مع اقتباس
قديم 16-02-20, 09:57 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2018
العضوية: 328781
المشاركات: 405
الجنس أنثى
معدل التقييم: سيريناد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سيريناد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سيريناد المنتدى : روايات أحلامي
افتراضي رد: 303 - عنيدة - روايات أحلامى المكتوبة

 

وسمع صوت سيارة وقفت أمام الباب , فقالت جن:
" هذا ديفيد".
وفتح الباب ودخل ديفيد , فوقع نظره , أول ما وقع , على أبريق الشاي والمرأتين اللتين كانتا ولا ريب تتحدثان عنه.
فقالت جن:
" أهلا بك , يا حبيبي , أذن , تلقيت دعوتي اليك بالمجيء؟".
فأجابها ديفيد ووجهه عابس وعيناه قاسيتان :
" تلقيتها , ولكن أيّاك أن تفعلي هذا مرة أخرى , فأنا هنا للعمل ,ولا أقدر أن أترك العمل وأهرع اليك كلما شعرت بالوحشة والضجر ...... بيتر مستاء جدا.. وعليّ أن أعود الى المحطة هذه الليلة".
كان غضبه بشعا ,هكذا فكرت موراغ وهي تمر قربه حاملة أبريق الشاي والفناجين , أما فرجينيا فقامت وأقتربت منه وألقت يديها البيضاوين على صدره وكتفه , وأخذت تداعبه وتقول:
" لا تغضب يا ديفيد , أبي سيعالج الأمر مع بيتر , وأنت تعرف ذلك".
فصاح بها ديفيد محاولا دفعها عنه:
" كفاك يا جن , أنت تعرفين أنني لا أحب هذا النوع من التدخّل في أموري.........".
وسمعت موراغ هذا الحوار وهي بعد في البهو , فراق لها أن فرجينيا لا تنال من ديفيد كل ما تريد , وحين دخلت المطبخ سألتها جين:
" هل هذا ديفيد؟ كأنني سمعت صوته".
فأجابت موراغ:
" نعم , وهو غاضب جدا , لأنها أتصلت به وهو في المحطة ".
فقالت جين:
" مسكينة , يبدو أنها تكاد تموت من الضجر".
ولم يرق هذا العطف لموراغ فقالت لأمها:
" أنت تعطفين على كل الناس ....... أما نضجر نحن أيضا بعض الأحيان؟".
فتأوهت جين وقالت:
" المال يشتري كل شيء ألا السعادة ,هل تتمنين أن تكوني في محلها؟ أي غير قادرة على تسلية نفسك ما لم يكن في أعماقك غنى داخلي؟".
وأبتسمت موراغ في وجه أمها وتذكرت أن الغنى الداخلي هو أحد الموضوعات المحببة اليها , فهي تكرر القول دائما أن على الأنسان أن يكون عنده غنى داخلي , حتى أذا كان وحيدا تمكن من الأعتماد على ذلك الغنى , وألا شعر بالوحدة والضجر.
وطرق الباب , فلما فتحت موراغ دخلت فرجينيا بحشمة وأدب وقالت لجين:
" آسفة أن أزعجك مرة أخرى يا سيدتي , ديفيد طلب مني أن أخبرك بأنه لن يتناول طعام العشاء هنا هذه الليلة , فهو يبدّل ثيابه الآن لأننا سنذهب معا الى غلاسكو لقضاء السهرة".
كانت فرجينيا في كلامها هذا في منتهى اللباقة والحسن , ويبدو أنها تغلبت على ديفيد بالحيلة والدهاء.
وقالت جين:
" أهلا بك في أي وقت , طوال أقامتك هنا".
فشكرتها فرجينيا على ضيافتها وأبدت لها كم كانت سعيدة بالحديث الذي جرى بينهما , ثم أمتدحت من جمال موراغ , ولكنها أعربت عن حاجتها الى الخبرة في الحياة ,,,,,وتطوعت أن تساعدها في ذلك .
وحين ودعت وخرجت , كادت موراغ من غيظها أن تغلق الباب وراءها بشدة وهي تصيح:
" يا لها من فاجرة!".
فصاحت بها جين:
" ما هذا الكلام يا موراغ....".
ولكن موراغ رددت الشتيمة غير مبالية بتأنيب أمها , ثم قالت وهي ترمي بثقلها على الكرسي:
" أنها قلقة وخائفة من أن أنتزع منها حبيبها ديفيد....... وألا فلماذا نصحته ألا آخذه بجدّ , كما لو كنت سأفعل؟".
ووقفت جين بأزاء الطاولة , وقد أزعجها ما أبدته أبنتها من غيظ , فقالت لها:
" قد يكون من حسن الحظ أنها جاءت الى هنا في هذا الوقت.........".
فقاطعتها موراغ قائلة:
" ماذا تعنين بذلك؟ آه , لا تكوني بلهاء يا أماه! أنا غير متأكدة أنني معجبة به , فكيف أقع في غرامه؟".
فأجابت جين :
" خففي عنك يا أبنتي ......... تذكّري أنك قلت لي أن عطلة نهاية الأسبوع التي قضيتماها معا كانت رائعة جدا".
فدفنت موراغ وجهها بين كفيها وقالت:
" نعم , كانت رائعة حقا ......فهو رجل حلو المعشر ورقيق القلب و.......".
وبعد تردد تابعت قائلة:
" أيجوز , بعد ذلك الوقت الهني الذي قضيناه معا , أن نعود الى الفندق لنجدها هنا؟".
وراعها أن تقف وجها لوجه الحقيقة التي كانت تحاول الهرب منها فقالت:
" كان ذلك أليما موجعا....... فماذا أعمل الآن؟".
وشعرت جين بالكآبة والقلق وهي تبحث عن الكلمات الملائمة لمعالجة هذا الوضع المحفوف بالمخاطر , وفي آخر الأمر قالت موراغ:
" أوافقك...... أنه أليم موجع...... وبيتر أدرك ذلك حين عدت من العطلة أمس , ووجهك يطفح بالفرح والسرور , وهاله الأمر لأنه يتحمل بعض المسؤولية في علاقتك مع ديفيد..... أما شجّعك على مرافقته في يوم السباق ؟".
وشقّ على موراغ أن تكون عواطفها أنكشفت للعيان , فصاحت قائلة:
" آه , ماذا أفعل؟ كيف وقعت في حب واحد له حبيبته , وينظر اليّ نظرته الى فتاة صغيرة".
فقالت جين :
" من يدري ؟ ربما كانت عاطفتك نحو ديفيد عاطفة , عابرة ....... ومهما يكن فعليك الأنتباه ,خصوصا بعدما أخبرني بيتر ما يعرفه عن سلوك ديفيد مع الفتيات ..... نعم , أرجوك الأنتباه الشديد يا أبنتي".
وتأوهت جين لأن هذا الحديث أتعبها , فأرادت أن تضع له حدا فقالت موراغ:
" كل ما في وسعي أن أقوله لك هو أن تتجنبي ديفيد".
فصاحت موراغ قائلة:
" ولكن كيف؟ فهو يقيم في هذا البيت , وعليّ أن أراه كل يوم , وأن أوقظه صباحا حين يتأخر في نومه".
فقالت لها جين:
" لا تخرجي معه بعد اليوم ,وأنا مستعدة أن أقوم بخدمته وخدمة بيتر , وأن أوقظه صباحا...... تجنبيه ما أمكن , وتذكري آندي والآنسة لونغدون , فحين يعود آندي , يتغير كل شيء ..كنت وحيدة في غيابه , وما فعلته مع ديفيد كان أمرا طبيعيا ..... وأقترح عليك أن تكثري من مرافقة آن وداني , فهما يحبان رفقتك ...... ولن يطول غياب آندي".
وجلست موراغ صامتة تفكر في نصيحة أمها , فهي ككل الأمهات تتحدث عن العواطف العابرة , فتتجنب مواجهة وضع كوضعها .
وسرّها أنها أفشت سرها لأمها , ولكنها أسفت أن تكون سببت لها القلق والأنزعاج , فقالت لها بمحبة :
" سأفعل ما تقولينه لي , فلعله يفيد , أشكرك يا أماه.......والآن قولي لي: كيف كنت تشعرين حين وقعت في حب والدي؟".
فأبتسمت جين وأجابت:
" شعرت كما لو كنت أمشي على غيمة , كل شيء بدا لي مثيرا ورائعا , ما كان لا يثيرني من قبل أصبح يثيرني فجأة ,وبدا لي أن الشمس تشع كل يوم ......... آه , من الصعب وصف ذلك الشعور , فهو مزيج من الأثارة والرضى في آن معا ...... كان ذلك يحدث حين نكون سوية , أما حين نفترق فكان السؤال الذي يمزق أحشائي هو : هل يحبني حقا؟".
ورأت موراغ أن هذا ما تشعر به الآن ,كما رأت أن الفرصة مؤاتية لتسأل جين عن الموضوع الذي كان يشغل بالها , فقالت :
" وما هو شعورك نحو بيتر؟".
فضحكت جين وقالت بهدوء:
" أذن , لاحظت ما بيني وبين بيتر ......... كنا نتحيّن الفرصة لأخبارك بالأمر , لأن هناك بعض الترتيبات التي يجب أن نقوم بها........... حبي لبيتر يختلف كل الأختلاف عن حبي لوالدك ........ لأنه حب أمرأة ناضجة في منتصف العمر....... هل لك أعتراض على هذا الحب؟".
فنهضت موراغ عن كرسيها وأسرعت الى معانقة أمها بلهفة وحنان , وهي تقول لها:
"كلا , يا أماه , ولكن كان عليك أن تخبريني بالأمر من قبل, والآن أتمنى لكما كل هناء وسعادة ".
فقالت لها جين:
" نعم , كان عليّ أن أخبرك من قبل , ولكنك فتاة يصعب التقرّب منها...... والآن دعيني أهيء طاولة الطعام , وسنتحدث في الأمر مع بيتر عندما يحضر".

 
 

 

عرض البوم صور سيريناد   رد مع اقتباس
قديم 16-02-20, 09:59 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2018
العضوية: 328781
المشاركات: 405
الجنس أنثى
معدل التقييم: سيريناد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سيريناد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سيريناد المنتدى : روايات أحلامي
افتراضي رد: 303 - عنيدة - روايات أحلامى المكتوبة

 

عين الحب عمياء



في الصباح التالي رنّ جرس الهاتف , فتناولت موراغ السماعة وأصغت الى أبن الخادمة ألسي ويتس يقول لها أن أمه مريضة ولا تقدر أن تحضر الى الفندق في ذلك اليوم.
وحين نقلت موراغ الخبر الى أمها , قالت لها أمها :
" هذا يعني أن عليك أن ترتبي غرف النوم , لأن هذا ما كانت تقوم به ألسي كل يوم ثلاثاء".
وراحت موراغ تغني بقلب منشرح وهي تكنس الغرف وتمسح الغبار , كان الطقس لا يزال رائقا وجليديا , وأذا أستمر كذلك طوال الأسبوع , فهذا يعني أن التزلج في نهاية الأسبوع يكون على خير ما يرام ,وفي الليلة الماضية قبلت موراغ دعوة آن الى مرافقتها في رحلة الى مكان يدعى أفيامور , بعد أن شجعتها جين على القبول وتبرّعت بدفع النفقات , كان هذا جزءا من الخطة التي وضعتها آن لتساعد موراغ على الأبتعاد عن ديفيد أجتماعيا , قدر الأمكان".
وبعد أن أنهت موراغ ترتيب غرفة بيتر وتنظيفها , دخلت غرفة ديفيد للغرض نفسه , كانت الغرفة في مواجهة البحر , فرفعت الستارة وراحت تتمتع بمشهد البحر قليلا , ثم أستدارت وأخذت تجوب الغرفة بنظراتها , فوجدت أن ديفيد لم ينم في فراشه , فلا بد أن يكون أشتغل طوال الليل , وسيعود لتناول طعام الفطور وأخذ قسطه من النوم في ذلك النهار , ورأت موراغ أن البزة التي لبسها ديفيد , عند خروجه مع فرجينيا لقضاء السهرة , ملقاة على السرير , فسارعت الى تعليقها في خزانة الثياب , وأمسكت موراغ المكنسة الكهربائية وبدأن تكنس السجادة , وهي عازمة أن تنتهي من ذلك قبل قدوم ديفيد.
وفي هذه الأثناء كانت تستعيد ذكرى الحديث الذي جرى بينها وبين بيتر وجين في الليلة الماضية , فعلمت أنهما سيتزوجان في مطلع السنة الجديدة , وأن الفندق سيباع,وأن جين سترافق بيتر الى حيث يذهب بعد أن يكون أنهى عمله في المحطة , وكان الأثنان حريصين على معرفة ما تنوي موراغ أن تفعله في المستقبل , فسألها بيتر , وهو الرجل العملي , أذا كانت ستتزوج آندي حين يعود , فأجابته بأنها غير متأكدة من ذلك , فهو لم يذكر أي شيء عن ذلك في رسائله , فما عليها ألا أن تنتظر عودته.
وفي ذلك الحديث , قال لها بيتر أيضا:
" أذا لم تتزوجي يا عزيزتي , فبأمكانك أن تأتي معنا الى حيث نقيم , والأرجح الى أميركا الجنوبية".
فقالت موراغ:
" هذا لا يجوز , سأطلب من آندي أن ينتظر سنة أخرى".
قالت هذا وهي تعلم أنها يجب أن تبت الأمر عندما يعود , فلو كانت تحبه لكان الأمر سهلا ,ولكن كان عليها , وعاطفتها نحو ديفيد على ما هي, أن تنتظر ماذا سيكون مصير هذه العاطفة , هل هي عابرة أم لا؟ فلأيام خلت كانت مستعدة أن تذهب معه الى أقاصي الأرض أذا دعاها ,أما الآن فلا.
وفيما موراغ غارقة في هذه الأفكار , وهي في غرفة ديفيد , أحست بيدين تمسكانها بخصرها من الوراء , فألتفتت , وأذا بديفيد يقف خلفها ويقول كلاما لم تفهمه بسبب صوت المكنسة الكهربائية.
فصاحت به قائلة:
" ماذا تقول؟".
فوضع ديفيد قدمه على محرك المكنسة فأنقطع التيار الكهربائي عنه , وقال لها:
" يسرني أنك هنا ,بدل تلك المرأة الشمكاء التي تنظف الغرفة لي , كما جرت العادة".
فقالت له موراغ:
" ألسي ليست شمطاء , وهي لم تقدر على الحضور اليوم لأنها مريضة , فأضطررت أن أنوب عنها في تنظيف الغرف".
قالت هذا تحت وطأة نظراته التي كانت تتأملها بنهم ,من رأسها حتى قدميها , ثم لم يلبث أن أغلق الباب وجذبها اليه وأجلسها بجانبه على السرير .
فقالت موراغ وهي تحاول الأفلات منه:
" ألا تريد أن تتناول طعام الفطور؟".
فأجابها ديفيد:
" أنت دائما تتهربين من الموضوع حينما تشعرين بالخوف مني".

وأخطأت موراغ حين نظرت اليه في محاولة للرد على كلامه , لأنه مال عليها وعيناه تشعان بالضحك , فلما تراجعت قليلا وجدت أن رأسها بين ذراعيه , فقالت له بتضرع:
" دعني ,كفاك مداعبة , فأنا لا أطيق ذلك".
وأغمضت عينيها ,فقال لها:
" ما أجملك يا موراغ , حتى وعيناك مغمضتان!".
فقالت وهي تبذل جهدها للتملص منه :
" هل قضيت , أنت وفرجينييا , سهرة ممتعة ليلة أمس؟".
فأجابها:
" قلت لك مرارا أن لا تتدخلي في شؤوني , هذا لا يليق بك , آه , وجودك بقربي شيء عظيم , ولكنني الآن متعب ولم أنم منذ ليل الأحد".
وأفلت ديفيد يدها , ففتحت عينيها لتراه يقف رافعا ذراعيه فوق رأسه ويتمطى متثائبا , وهو يقول لها:
" أخرجي حالا ودعيني أستسلم للنوم".
فتعجبت من وقاحته , ولم تفهم أنه قال هذا الكلام عن خبرة بمعاشرة النساء , فهو بذلك وضع اللوم عليها فيما حصل.
وفيما هي تملم أدوات التنظيف , قال لها:
" هل أنت ذاهبة الى السهرة الراقصة ليلة الجمعة؟".
فأجابت :
" كلا!".
فقال:
" لماذا ؟ هل عندك بديل أفضل؟".
فأجابت من دون أن تذكر المكان:
" سأذهب الى التزلج !".
فعادت اليه حماسته ومهارته في الأغراء , فقال:
" أتسمحين لي أن أرافقك ؟ فأنا لا أبالي بتلك الحفلات الساهرة !".
ففكرت موراغ في نفسها قائلة : ( أذن , سيحضر حفلة ساهرة مع فرجينيا ,ولكن لماذا يريد أن يذهب الى التزلج؟ ), وعزمت على التصدي له هذه المرة , مهما أستغل دهاءه ومهارته في الأقناع , فرفضت طلبه بحزم.
وسارت صوب باب الغرفة و هي تدفع المكنسة الكهربائية أمامها , فأعترض طريقها بسرعة فائقة وقال لها:
" لماذا ترفضين ؟ ظننت أننا صديقان ...... قضينا وقتا ممتعا يوم الأحد الماضي , فلماذا لا نقضي مثله في الأحد المقبل؟".
فنظرت موراغ أمامها بحيرة وخوف من أن ينهار سور دفاعها , ثم أستجمعت قواها وقالت بأصرار :
" كلا!".
وكان قميص ديفيد مفكوك الأزرار , فبان شعر صدره الأشقر وخصره الأبيض الناصع , مما جعل الدم يجري حارا في عروق موراغ , ولكنها تغلبت على ضعفها وأصرت على الرفض.
وفجأة مال عن طريقها فأندفعت الى الأمام مرتعبة ومغتاظة من قوله لها ضاحكا:
"تعالي الي الساعة الخامسة ,يا صغيرتي".
وفيما كانت تفتح الباب لم تتمالك من النظر اليه , فأذا به ينزع عنه قميصه وهو يدير ظهره اليها , فسارعت الى أغلاق الباب وراءها بشدة , علامة الأستياء.
وفي طريقها نزولا على الدرج قالت في نفسها :
" لماذا حدث ما حدث؟ وكيف تجرأ أن يعاملها كما لو كانت خادمة في منزل ؟".
وشكرت الليه على أنه منحها القوة على رفض طلبه هذه المرة , فقضاء عطلة أخرى برفقته , لا بد أن يؤدي الى ما لا تحمد عقباه.
وأعانها مزاجها الغاضب هذا على تجنبه الى نهاية الأسبوع , وتجاهلت كل من في الفندق ولم تتكلم ألا قليلا مما أقلق أمها.
وجاء يوم الجمعة فذهبت موراغ مع رفاقها الى كيرنغرومز للتزلج , وخلال اليومين اللذين قضتهما هناك تمتعت بجميع أنواع التسلية والرياضة والرقص والغناء , أذ كان الطقس صافيا وباردا , والروابي تنعم ببياض بهيّ , وكلما خطرت ذكرى الأحد الماضي ببالها , صرفتها عنها وأستسلمت للبهجة والمرح.
ولكن حين أفرغت آن ما في جعبتها , ليلة الأحد , من تعليق على أحدث النهار وأطفأت النور في الغرفة التي كانت تنام فيها , أنقلب مزاج موراغ من البهجة الى الكآبة , أذ عودها شوقها الى ديفيد , وعبثا حاولت أن تركز أفرادها على آندي , فكانت , كلما أستجمعت في ذاكرتها صورة وجهه , وجدت أن صورة وجه آخر محتها وأخذت مكانها , كان ذلك وجه ديفيد الذي لم يعد يساورها الشك بأنها تحبه ....... وهذا الحب لم يكن عاطفة عابرة , كما تظن أمها , بل عشق لا يجعلها تريد أحدا سواه.

وفي الصباح الباكر , وهي في طريق العودة الى الفندق , سيطر عليها الغم , وكرهت الوقت الذي أنفقته في تلك العطلة , وأذ كانت تجلس في سيارة داني , أخذت تتطلع من النافذة الى المناظر التي كانت تمر بها وهي تقابل في ذهنها بين أسلوب داني المتسارع الفج في قيادة السيارة وبين أسلوب ديفيد الهادىء المنتظم , ثم سألت نفسها هل ستقضي عمرها في مقارنة ديفيد بكل جل ستتعرف اليه؟
وحين وصلت الى الفندق كان الطقس ماطرا , والمطبخ دافئا , وجين تعد بعض الكعك , فتبادلت معها التحية بأبتسامة باهتة وجلست الى الطاولة.
فقالت لها جين :
" كيف قضيت العطلة ؟ هل كان كما توقعت؟".
فأجابت موراغ:
" لا بأس , الفندق مريح وفخم لمن يفضل الفخامة ,والطعام شهيّ ولكن ليس كما في فندقنا , وهناك أكواخ للمبيت في الجبل , يمكن أستئجار واحدا عندما يعود آندي ".
ولاحظت جين أنها تبذل جهدها لأظهار حماسها وأهتمامها , فقالت لها:
" والتزلج ؟ هل كان على ما يرام؟".
فأجابت :
" رائع جدا , وحين رأيت المدربين السويسريين , والأستراليين , أدركت كم خبرتي بالتزلج ضئيلة!".
فقالت لها جين :
" هل تفضلين ذلك المكان على الذي ذهبت اليه الأسبوع الماضي؟".
فلزمت موراغ الصمت , وهي تساعد أمها في تهيئة صواني الكعك .
ولما طال صمتها قالت لها جين :
" هل تشكين من شيء يا أبنتي ؟ أراك شاحبة الوجه قليلا , أرجو أن لا تكوني أكثرت من التزلج".
فأجابت موراغ:
" أنا في خير يا أماه , كانت الرحلة متعبة , وداني لا يحسن قيادة السيارة , وأنا أفضل هوايت كراكز , مع أن سفوحها لا تضاهي سفوح كيرنغورمز في شيء , ثم أن المهم هو الرفاق".
وتوقعت موراغ تلك النظرة التي رمقتها بها جين , ولكنها سرّت حين أخذت جين تحدثها عن شؤونها الخاصة ,فقالت:
" كانت السهرة الراقصة ناجحة جدا , جلست أنا وبيتر الى طاولة واحدة مع لوندنغز وأبنته , يا له من رجل ساحر وراقص ماهر , ألقى خطابا رائعا في الحفلة , وتمنى لبيتر السعادة في زواجه المقبل.........".
قالت جين ذلك وأخذت تقهقه بهدوء وهي تستعيد ذكرى تلك السهرة , وأستندت موراغ بذراعيها الى الطاولة , ووضعت وجهها بين كفيها بأنتظار المزيد من حديث أمها.
وبعد قليل تنهدت جين وقالت:
" كانت سهرة ممتعة.........لولا عيب واحد".
فقالت موراغ بدعابة :
" معم , كانت الشورباء باردة ,وقطعة اللحم....".
فقاطعتها جين قائلة:
"كلا ......لم يكن هذا هو العيب , فالطعام كان خيرا من المعتاد.....".
وهنا دخل بيتر , قبل أن تكمل كلامها , فقالت له :
" ماذا تعمل هنا في هذا الوقت من النهار؟".
فأجابها بيتر :
" لسبب مؤسف , وهو أن أحد العمال وقع وكسر ظهره , ولكنه لم يفارق الحياة , فجئت لأخبر زوجته".
ثم ألتفت الى موراغ وسألها أذا كانت تمتعت بعطلتها الأسبوعية , فلما أجابت بالأيجاب لم يصدقها لأنه قرأ ما كان باديا على وجهها , فقال لها:
" لا أرى ذلك على وجهك , كان خيرا لك أن تحضري السهرة الراقصة , كانت ناجحة جدا , وقضينا وقتا ممتعا , ألا توافقين يا حبيبتي جين؟".
فأجابت جين :
" نعم , وكنت أقول لموراغ قبل مجيئك أنه كان للحفلة عيب واحد , وهو أن ديفيد لم يقبل بمرافقة فرجينيا , فأستعاضت عنه بشخص آخر يدعى طوني بلاند".
فسألتها موراغ:
" ومن هو طوني بلاند؟".
فأجابتها :
" شاب رائع , وهو يقيم عندنا الآن , لأنه لم يجد مكانا في فندق رويال".
قال بيتر :
" وهو رجل ذكي , وأن لم يظهر ذلك عليه ........ وأعزب أيضا".
وأرادت جين أن تستخبر من بيتر لماذا لم يذهب ديفيد الى السهرة , فأجابه بأنه لم يسأله عن السبب , فما دام الأنسان يقوم بوظيفته خير قيام , لا حق لأحد أن يتدخل في شؤونه الخاصة , ولكن بيتر أشار , بطريقة غير مباشرة , الى أن ديفيد أضطر الى العمل في المحطة حتى ساعة متأخرة من ليلة الجمعة , فلم يتمكن من حضور السهرة ".
وقالت جين :
" مع ذلك , كان عليه أن يخبر فرجينيا أنه لن يحضر ..... كما كان عليه أن يخبرني أنه لن يكون هنا يوم السبت حين جاء لونغدون وأبنته فرجينينيا لأخذه معهما الى قضاء عطلة نهاية الأسبوع في الشمال , وهذا , على ما أعتقد , تصرف غير لائق , وكانت فرجينئا على يقين أنني أعرف أين كان ديفيد , لأنها سألتني عنك , يا موراغ ,ظنا منها أنك ذهبت برفقته الى التزلج , كما في الأسبوع الماضي , وكم شعرت بالأرتياح حين عاد الى الفندق ليلة السبت".
وقال بيتر :
" الآن فهمت لماذا هاجمته صباح الأحد , عندما جاء لتناول طعام الفطور ".
فقالت جين :
" آه , كم كنت أتمنى أن أنتف شعره! وكل ما فعل , ردا على تصرفي نحوه , هو أنه غرق في الضحك قائلا أنني أذكره بأمه , ولكن , لو كانت أمه أدّبته كما يجب , لما تصرف ذلك التصرف مع تلك الفتاة المهذبة".

فهز بيتر رأسه ,وهو يحرك فنجان الشاي ,وقال :
" لا شك لي بهذا الأمر , وكل ما يمكنني قوله هو أن ديفيد أراد أن يري فرجينيا أنه لا يطيق تحكمها به , فهي متكبرة متعجرفة , كما تعلمين , وأعتادت على أدارة شؤون أبيها الأجتماعية والمالية والأدارية ,بعد وفاة والدتها ".
فقالت جين بغضب:
" لو عاملني أي رجل كما يعاملها ديفيد لنقمت عليه الى الأبد".
فنهض بيتر وطوقها بذراعيه قائلا:
" لا أحد يجرؤ على معاملتك هكذا , يا حبيبتي , لأنك فهيمة ولا تتدخلين بشؤون الآخرين , وتوفرين كل ما يتطلبه الرجل : الدفء , والطعام الشهي , والكلمة الحلوة ,والرفاهية ,والأحترام , والسكوت حين ينبغي السكوت , فهذه هي مزايا المرأة الفاضلة".
فسرت جين لهذا المديح وصرحت بأنها لا تستحقه , فقال بيتر:
" علي الآن أن أعود الى المحطة , ليته كان بوسعي أن أبقى معكما ........ وكل ما أرجوه هو أن تكون فرجينيا فهمت الدرس الذي قصد ديفيد أن يعلمها أياه , ففي غضون الأسبوع الماضي كانت تتصل به في المحطة , أعتقادا منها أنها , كونها أبنة رئيس الشركة ,تتمتع بحق طلب فرصة لديفيد كلما عنّ لها ,وهي لذلك تريد أن يكون مركز عمله في لندن , حتى يرافقها الى كل الحفلات الأجتماعية التي تعشق حضورها .....نعم , وأظن أن ديفيد في خطر الآن , ويهمني أن أرى كيف سينجو من هذا الخطر...........".
قال بتر هذا الكلام وودع جين وموراغ وخرج عائدا الى المحطة ,
وساد الصمت قليلا بعد خروج بيتر , وأنصرفت جين الى عملها , بينما أخذت موراغ تشرب فنجانا آخر من الشاي , وهي تحاول أن تحزر أين كان ديفيد مساء السبت.
وقالت جين لموراغ:
" الآن فهمت أي رجل هو ديفيد , فهو لا يفي بوعده ,ويحرج موقف الفتاة التي سيتزوجها".
فلم تجب موراغ على ملاحظة أمها , لأنها لم تشعر بحاجة الى ذلك , فهي تعرف أن ديفيد هكذا , وأن كونه هكذا لا يقدم ولا يؤخر على الأطلاق في عاطفتها نحوه.

 
 

 

عرض البوم صور سيريناد   رد مع اقتباس
قديم 16-02-20, 10:01 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2018
العضوية: 328781
المشاركات: 405
الجنس أنثى
معدل التقييم: سيريناد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سيريناد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سيريناد المنتدى : روايات أحلامي
افتراضي رد: 303 - عنيدة - روايات أحلامى المكتوبة

 

الفخ يكاد ينطبق



وافقت موراغ أمها على رأيها في طوني بلايد , فهو كان على جانب كبير من دماثة الخلق , بقامته الفارعة وهندامه الرصين , وكان في نحو الخامسة والثلاثين من العمر , ولا تفارق الكآبة وجهه أنسجاما مع نبرة صوته الهادئة المتباطئة , حتى ليصعب التصديق أنه ذلك الخبير المالي النابغة , كما وصفه بيتر , فهو من بعض النواحي , مثلما بدا لموراغ , يشبه فرجينيا من حيث أناقته وميله ألى الرفاهية في الحياة .
وحدث أنه كان , بعد ظهر يوم الخميس , على موعد مع لونغدون وأبنته , وكان بأنتظارهما في الفندق , وهو يشرب الشاي على مهل ويقضم الكعكة برزانة الغارق في تفكير عميق , وما أن دقت الساعة الرابعة حتى سمعت موراغ التي كانت تخدمه , هدير سيارة تقف عند الباب الخارجي , فأسرعت لأستقبالها , فأذا بفرجينيا واقفة على عتبة الباب وهي ترتدي الثياب الفاخرة , وشعرها الأشقر يلمع في عين الشمس.
فقالت لموراغ :
" يسرني أن أراك يا موراغ , هل طوني هنا؟".
ولما أجابتها بالأيجاب , دخلت ألى غرفة الأستقبال وقالت لطوني بعد التحية:
" أبي قرر العودة بالطائرة ويرجو أن ترافقني أنت بطريق البر , فنقضي الليلة في مكان ما , ثم نتابع سيرنا غدا ......... هل سلمت ديفيد رسالتي ؟".
وفيما هي تتكلم كان طوني يساعدها على خلع سترتها الفرو الثمينة , ثم وضعها بعناية على الكرسي , وجلست فرجينيا على المقعد المجاور , وقالت لها موراغ:
" أتريدين بعض الشاي يا آنسة لونغدون ؟".
فأجابتها فرجينيا :
" ما بالك لا تناديني جن ؟ نعم , أرحب بفنجان من الشاي , شكرا".
عادت موراغ ألى الغرفة تحمل أبريق الشاي ووجدت أنهما أنارا الغرفة وأسدلا الستائر وجلسا يتحدثان بمودة , فما أن دخلت حتى نهض طوني من مكانه أحتراما , وحين سكبت الشاي في الفنجان أمام فرجينيا , رفعه مع الصحن والملعقة وقدمه ألى فرجينيا , فدهشت موراغ لهذه اللياقة التي لم تر مثلها من قبل.
وهمت موراغ بالخروج من الغرفة ,فأستوقفتها فرجينيا قائلة:
" هل تمتعت بالعطلة هذا الأسبوع يا موراغ , وكيف كان التزلج ؟".
فأجابتها موراغ :
" نعم , شكرا ".
فقالت فرجينيا :
" أرجوك أن تجلسي هنا لنتحدث ألى أن يجيء ديفيد , وأرجو أن لا يتأخر لأننا يجب أن نسافر".
وألتفتت ألى طوني وتابعت كلامها سائلة :
" هل قلت لي أنه من المستحسن أن يرافقنا ديفيد ؟".
فأجابها طوني :
" نعم قلت ذلك , ولكن هذا مستحيل يا فرجينيا ".
وجلس بهدوء وتهذيب بعد أن جلست موراغ .
وتأوهت فرجينيا وقالت :
" ديفيد لا يطاق في بعض الأحيان , هل أخبرك لماذا تغيّب ليلة الجمعة ونهار السبت ؟".
وبعد أن نقرت بأناملها على ذراع المقعد قليلا , قالت لطوني :
" هل ذكرت له ما أقترحناه في شأنه يا طوني؟".
فأجابها طوني :
" أنت تعرفين جيدا يا فرجينيا أن هذا ليس من أختصاصي , كل ما أعرفه هو أن تشارلز كان هنا البارحة , فطاف وتحدث بخصوص أجراء مناقلات بين الموظفين , ثم طرح الأقتراح عل ديفيد".
فقالت فرجينيا:
" وماذا كانت ردة فعله ؟ وهلب تعتقد أنه يقبل بالمجيء معنا الليلة؟ فهو في كل حال سيحضر ألى لندن في نهاية هذا الأسبوع ويبقى ألى ما بعد عيد الميلاد.......".
فهز طوني رأسه وقال لها:
" من الأفضل أن لا تلحي عليه يا فرجينيا ...... ردة فعله على أقتراح تشارلز لم تكن مرضية ........ من الضروري جدا أن لا تثيري غضبه ......فغضبه يقلق البال لأنه يقوده ألى العنف!".
فقالت فرجينيا بخضوع مفاجىء:
" سأعمل بما تقول".
ثم ألتفتت ألى موراغ وأعتذرت لها عن أقحامها في هذا الموضوع الخاص بها , وقالت لها:
" ليتك تخبرينا عن رحلتك في نهاية الأسبوع الماضي .......فأنا أتوق للذهاب ألى هناك يوما ما.......".
ومرت الدقائق , وكان الحديث ممتعا , ووصفت موراغ رحلتها وهي تأمل أن تغادر الغرفة قبل مجيء ديفيد , ثم أخذت تستمتع بكلام طوني على محاولته الأولى والأخيرة للتدرب على التزلج , وفجأة فتح الباب ودخل ديفيد ألى الغرفة مبتسما وغير مبال بما أستقبلته به فرجينيا من برودة غير معتادة , فحياها بحماسته المعهودة وقال لها:
" أرجو أن تكوني أستمتعت برحلتك لى الهايلاندز !".

فأجابته فرجينيا والغضب باد على وجهها :
" ما رأيك أنت؟ أنا غير مجبرة على أحتمال تصرفاتك , وخصوصا منذ أن أتيت ألى هذا المكان".
وساد الصمت المرهق قليلا , ثم قال ديفيد :
"أخبرتك في الأسبوع الماضي أنني هنا لأقوم بعملي , وأنا أحب عملي هذا ولا أحد في الكون يقدر أن يحرمني منه .... أنا لم أعدك بالذهاب معك ألى الهايلاندز أو ألى السهرة الراقصة .. أنت أفترضت ذلك وكعادتك دائما".
فأحمرت وجنتا فرجينيا وأخفضت نظرتها , وأشفقت موراغ عليها لأن ديفيد كعادته يجيب بكلام لطيف يصرف الغضب , ولكنه مليء بوخز الحقيقة.
وأستعادت فرجينيا رباطة جأشها بسرعة وقالت لديفيد والأبتسامة تعلو وجهها :
" أنا آسفة يا حبيبي , فلا شك أنني أسأت فهمك , ولكن , أما أنت ذاهب بالطائرة غدا ألى لندن , فألاقيك هناك مساء؟".
وبدا ديفيد كأنه لم يكن يصغي , أذ كان ينظر ألى موراغ , وهي صامتة متضايقة , فتبادله النظرات , ثم قال لها:
" هاي موراغ , أين كنت مختبئة ؟".
وأخفضت نظراتها كما فعلت فرجينيا , ولجأت ألى القيام بعمل ما , فجمعت صحون الشاي ووضعتها على الصينية أستعدادا لحملها ألى المطبخ , وحاول طوني مساعدتها فشكرته وأكتفت بأن طلبت منه أن يفتح لها الباب , وفيما هي تمر أمامه نظر أليها وقال :
" سرّني جدا لقاؤك يا آنسة هندرسون , لا شك أنني سأراك يوما ما".
فأجابت موراغ :
" نعم , وداعا يا سيد بلاند , وشكرا ".
ولكن فرجينيا أستوقفتها وهرعت أليها قائلة :
" عندما أعود هل أجد غرفة في هذا الفندق لليلتين؟".
فأجابتها بلطف:
"بكل تأكيد , فما عليك ألا أن تتصلي بنا أنك قادمة , أتمنى لك رحلة سعيدة ..... وداعا".
فقالت فرجينيا :
" وداعا يا عزيزتي , لا تنسي النصيحة التي أسديتها أليك!".
وفكرت موراغ , وهي في طريقها ألى المطبخ , أن فرجينيا أظهرت مقدرة على ضبط النفس , فلو كانت مكانها لهاجت وثار غضبها , ولكن فرجينيا بخلافها هي , تقوى على كبح جماح عواطفها.
وفكرت موراغ أيضا أن من حسن الحظ أنها تجنبت التحدث ألى ديفيد في الأيام الأخيرة , وأنه لاحظ ذلك منها , وأذا بقي الحظ يحالفها , فلن تراه ألا بعد عودته من لندن بعد العيد , وعندئذ يكون آندي عاد هو أيضا , فيقرر مصيرها وتصبح في أمان.
ويوم السبت صعد بيتر وجين ألى غلاسكو لشراء بعض الحاجيات لمناسبة العيد ,فأنفردت موراغ بأدارة شؤون الفندق والعناية برون وستيف الذين لم يبق سواهما من النزلاء وهما لن يحضرا لتناول العشاء , وهذا يعني أن موراغ لم يكن لها ما تعمله طوال بعد الظهر , على أنها لم تجد فائدة في الذهاب لزيارة صديقاتها , لأن كايتي تكون منهمكة مع جوني , وآن مع فرنك ,وهكذا لم يبق أمامها غير الذهاب في نزهة.
وبعد أن لبست الثياب الملائمة وخرجت لتقفل الباب الخارجي وراءها , سمعت هدير سيارة , فألتفتت لتد أنها سيارة ديفيد الحمراء , فأرتبكت وأستولى عليها الذعر وهمّت بالهرب , ولكنها ضبطت عواطفها هذه المرة ووقفت تنتظره على عتبة الباب , فيما هو يوقف السيارة , وحين أقترب منها قالت له ببرودة أنها ظنته سافر ألى لندن فأجابها بأنه بدل رأيه.
فقالت له:
" أنت ماهر في تبديل رأيك!".
فأجابها :
" وأنت كذلك".
ورفعت موراغ رأسها بكبرياء , وأزعجها أن ترى أبتسامته تتسع , فسألته بجفاف:
" هل تريد أن تتناول طعامك ؟".
فأجابها :
" أن لم يكن في ذلك أزعاج لك ...... أين أنت ذاهبة؟".

فقالت :
" في نزهىة : بيتر وأمي خارج الفندق ........ وأمي لم تخبرني أنك ستعود للغداء ....... خذ , هذا هو المفتاح ".
فتجاهل ديفيد المفتاح وقال لها :
" لم أخبر أمك .... والآن أريد مرافقتك!".
فأجابته موراغ :
" لا لزوم لذلك!".
فقال لها بلطف :
" هل أنت خائفة أيضا؟".
وتطلع ألى شعرها , فمدت يدها وأخذت تصلحه عن غير وعي منها.
وتابع كلامه قائلا:
" أحب أن أذهب في نزهة أنا أيضا....... فالهواء المنعش مفقود في نوع لعمل الذي أقوم به في المحطة , ثم أنني لم أشاهدك ألا قليلا في الأيام الأخيرة , وأشعر أن صداقتنا لا تنمو كما يجب".
فحدقت أليه ببرودة وأجابته بالقبول , بعد أن علمتها تجربتها معه أن لا مرد لأرادته.
وبدأت تسير مسرعة الخطى , وديفيد يتبعها متأخرا عنها خطوة أو خطوتين , وبعدما خرجت من الباب الخارجي أتجهت ألى اليمين وسارت بأزاء الشاطىء , بعيدا عن المدينة , وكان جمال الطقس قد جذب كثيرا من الزائرين , فأرتفعت على الشاطىء أصوات الأولاد .
وقطعت موراغ مسافة أوصلتها ألى خارج المدينة , وهناك قال لها ديفيد:
" هل تمشين دائما بمثل هذه السعادة ؟ أم أنك تهربين من أحد؟".
فتوقفت عن المشي فجأة فأصطدم ديفيد بها , وحين وقفا وجها لوجه , صاحت موراغ به:
" أنا لا أهرب مثلك!".
فقال لها بهدوء:
" ماذا جعلك تظنين أنني هربت؟".
فأجابته موراغ:
" ذهبت للتزلج معي حين كنت على موعد مع الآنسة لانغدون , ودعتك ألى السهرة الراقصة فلم تذهب , وهي تنتظر حضورك ألى لندن , وها أنت لا تزال هنا....... ألا تعتقد أن هذا هو الهرب بعينيه؟".
فرمقها ديفيد بنظرة حادة وقال لها:
" منذ متى أصبحت تدافعين عن فرجينيا وتراعين خاطرها ؟ هي لا تحتاج ألى أحد في هذا الشأن".
وأبتعد عنها قليلا وتطلع بعيدا صوب البحر , وتابع كلامه قائلا:
" أحب هذا المكان ........ فيه أتساع وهدوء وسكون , وما أجمل ألوانه في يوم بديع كهذا اليوم".
فقالت له موراغ:
"ها أنت تعود ألى الحيلة ذاتها.........".
فألتفت أليها سائلا:
" أية حيلة؟".
فأجابته :
" تجنبت الموضوع والهرب من مجابهته , فأنت لم يعجبك كلامي , فغيرت مجرى الحديث!".
فقال لها بجد:
" أسمعي ,كنت أحسبك تختلفين عن بقية النساء , فأذا بك مثلهن , تريدين أن تعرفي الأسباب والمقاصد والنيات وكل شيء....... أنا أفعل ما أفعل لأنه يلائمني , ذهبت للتزلج معك لأنني أحببت أن أذهب , وأنا لم أحضر الحفلة الراقصة لأنني أضطررت ألى القيام بعمل ما , ولم أسافر ألى لندن في نهاية هذا الأسبوع لأنني وعدت بيتر بالبقاء ألى أن تتم فحوص بعض الأجهزة في المحطة , لأننا مصممون على أن نبدأ بتوليد الكهرباء بعد العيد.
والآن هل أعجبك هذا الأيضاح؟ وهو أمر لم أفعله مع أية أمرأة ولو كانت صبية حسنا مثلك , لأن النساء لا يحببن الأيضاحات , أذ أنها ليست الشيء الذي يردن سماعه....... هل سألتك لماذا قصدت أن تتجنبيني في الأيام الأخيرة؟ كلا , لأنني أفترض أنك مشغولة في أمور كثيرة!".
قال ديفيد هذا الكلام وعاد ألى التطلع ألى البحر والجزر والجبال المحيطة , في حين أحمرت وجنتا موراغ و فهي لم تكن معتادة على مثل هذا الأسلوب الكلامي المتحفظ الذي يخالطه العتاب , ولكنها قالت:
" كان عليك أن تخبر أمي أنك متغيب ليلة السبت الماضي , فلو فعلت لوفرت عليها ما أقلقها جدا".
فقال ديفيد :
" نعم , كان علي أن أخبرها , ولكنني تعودت أن أفعل ما أشاء , وأن لا يسألني أحد لماذا فعلته ....... وسأشكر أمك يوما....... والآن , أظنك تريدين أن تعرفي أين كنت يوم السبت الماضي .... كنت في أدنبرة مع أثنين من زملائي في المحطة لمشاهدة المباراة الدولية في الكرة ! فهل أرتحت الآن بعدما عرفت أين كنت؟".
وهبت نسمة باردة , فزررت موراغ سترتها وهي تفكر في نفسها أنها لن تسأله مرة أخرى أن يوضح أسباب تصرفاته .
ثم قالت له:
" حان وقت عودتي ألى الفندق".
وسارا معا جنبا ألى جنب , فسألها ديفيد :
" هذا المركب , ألى أين هو ذاهب؟".
فأجابت ألى الجزر".
فقال متأسفا :
" أتمنى لو يتاح لي زيارة أحدى هذه الجزر ..... ولكن لا أظن أن لدي الوقت الكافي قبل أن أرحل عن هذا المكان ".
فخفق قلب موراغ حين فكرت أنه سيرحل , وحين سألته متى سيكون ذلك أجاب:
" سأذهب يوم الثلاثاء ألى لندن لقضاء العيد , وسأعود يوم الأثنين التالي وأبقى هنا ألى السادس من كانون الثاني ( يناير)".

فسألته موراغ:
" وبعد السادس من كانون الثاني ألى أين ستذهب ؟".
فأجابها كالمعتاد :
" لا أعلم , أرجو أن أرتب بعض الأمور الخاصة بي عندما أكون في لندن........ وهناك صعوبة , كما تعلمين !".
ثم سألها بأهتمام :
" وأنت, كيف ستقضين أيام العيد؟".
" فأجابت :
" في الفندق كالعادة ....... مع النزلاء وكلهم متقدمون في السن ويرغبون في الراحة وتغيير المناخ , ولكن لن يكون الأمر كذلك هذه السنة , لأننا سنبيع الفندق في كانون الثاني ( يناير) ...... فأنت تعرف أن بيتر وأمي سيتزوجان , كما هو متوقع".
قال ديفيد :
" نعم , أعرف ذلك ...... وهل أنت مسرورة وراضية؟".
فأجابت موراغ :
" نعم , دعانا بيتر , أنا وأمي و لتناول طعام الغداء في فندق رويال يوم العيد و وفي عيدنا الوطني هذه السنة سنحيي حفلة كبرى ندعو أليها جميع أصدقائنا في المدينة وفي المحطة".
أجاب ديفيد:
" سأحضر هذه الحفلة".
وسارا بصمت , وخيّل ألى موراغ أنها قادرة على السير معه هكذا ألى الأبد , ألى أقاصي الأرض , ونسيت أن تكون دائما على حذر مع ديفيد الذي قال لها على حين بغتة:
" ستأتين معي ألى بيتي في العيد؟".
وكانت تتمنى لو أن بوسعها أن تجيب بالأيجاب , ولكنها كبتت رغبتها وأجابت :
"كيف يمكن ذلك يا ديفيد؟".
فألقى يديه على كتفيها بخشونة وراح يتضرع أليها أن تأتي معه ألى بيت والديه للتعرف أليهما و وألى أخويه مارك وجونتي وعائلتيهما , وألى أخيه الأخر كيد العائد من عدن , وبيلي الأصغر سنا والطالب في الجامعة.
فصاحت موراغ تحت وطأة ألحاحه:
" لا مكان لي هناك......".
فقاطعها قائلا :
" بلى , بلى , ما عليك ألا ان تأتي , أمي تهيء لك مكانا مريحا في البيت , فأهلي يسكنون بيتا ريفيا واسعا ....... وأنا سأصطحبك ألى لندن لمشاهدة مناظرها الخلابة".
وأستغربت موراغ هذه الحماسة المفاجئة التي بدرت منه , فراحت تبحث في ملامح وجهه عما أذا كانت صادقة أم لا , فمثل هذه الدعوة لا توجد عادة ألا ألى شخص حميم وصديق قديم , وحارت بماذا تجيب , وفي آخر الأمر قالت له :
" بربك يا ديفيد لا تؤذني , أنت تعرف أنه لا يمكننني أن أذهب معك , فهناك عرس كايتي , وعودة آندي الذي وعدته أن أنتظر......".
وأفلتت من بين يديه , فوضعهما في جيبه وحدق أليها من تحت حاجبيه المقطبين وقال بهدوء :
" آه , نسيت آندي , لا بأس , أنسي دعوتي لك!".
قال هذا وأمسكها بيدها وقادها مسرعا في الطريق , وكانت الطريق نزولا فتعثرت قدماها وكادت تسقط فتلقّاها بذراعيه القويتين وحملها كما لو كانت ريشة , فقهقهت ضاحكة وقالت :
"يا لك من مجنون يا ديفيد!".
ولكنه طوقها بذراعيه وهي تحاول الأفلات منه وتقول :
" دعني , ألا ترى أنني لا أقدر أن أذهب معك ألى أي مكان , أو أن يكون لي أية علاقة بك ؟ تكفيك فرجينيا!".
فأفلتها وسار وحده عائدا ألى الفندق بخطوات ثابتة واسعة.

 
 

 

عرض البوم صور سيريناد   رد مع اقتباس
قديم 16-02-20, 10:02 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2018
العضوية: 328781
المشاركات: 405
الجنس أنثى
معدل التقييم: سيريناد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سيريناد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سيريناد المنتدى : روايات أحلامي
افتراضي رد: 303 - عنيدة - روايات أحلامى المكتوبة

 

عودة الغريم الآخر



وسافر ديفيد يوم الأثنين ألى لندن , من دون أن يودّع موراغ التي كانت منشغلة بأقامة الزينة والأستعداد لحفلة زواج كايتي , وسرّها أن غضبها الذي أثارته في وجه ديفيد أسفر عن النتيجة المتوخاة , ذلك أنه تجاهلها تماما , والآن بعد أن رحل شعرت أنها تحررت من كابوسه الذي عانته طوال الأسابيع الأخيرة .
وسرّها أن تعود الحياة ألى رتابتها , وأن قلبها لم يعد يخفق كلما رأت ديفيد يصعد الدرج قافزا أو يختفي خارجا من الباب , نعم , سرّها ذلك , ولو أنها لم تزل تشعر بالغصة , ففي محاولتها الأساءة أليه أساءت ألى نفسها أكثر , ثم أنها لامت نفسها على ما صدر منها من تصرف فظا نحوه , وهو الذي لم يظهر لها ألا اللطف والتفهم.
ووصل آندي ألى الفندق . مساء يوم الثلاثاء , ببزته الرسمية وشعره الكستنائي المرتب , كان قصير القامة رقيقها , بحيث ظهرت موراغ أطول منه مع أنه يزيدها ببضعة سنتيمترات , ألا أنه من النواحي الأخرى لم يتغيّر , بل بقي ذلك الولد الذي رافقها في المدرسة.
وأدركت موراغ أن آندي لن يفاتحها بالزواج في الحال , وأنما يفضّل أن يتريث بعض الوقت , ولم يزعجها ذلك , لأن وجوده لم يثر فيها أية بهجة , وحين ودّعها ليذهب ألى أهله لم تأسف لوداعه , بل نسيته حالما خرج من الباب .
وكان يوم الأربعاء , يوم العرس , مشمسا على رطوبة وأعتدال , وفيما العروسان , كايتي وجوني , يستعدان للذهاب في شهر العسل , فكرت موراغ أنه ليس من الضروري أن يكون أثنان في غرام عنيف حتى يتزوجا , وأذن , فلعل الصداقة غير المثيرة التي تربطها بآندي كافية لتكون أساسا لزواج سعيد.
وحين صعد العروسان ألى السيارة رمت كايتي بباقة الزهور ألى موراغ قائلة:
" خذيها يا موراغ .... أنت العروس المقبلة!".
فأمسكت موراغ باقة الزهور , وآندي ألى جانبها , وهي تشعر أنها كانت محط أنظار الحاضرين وتمنياتهم لها بزواج سعيد من آندي .
وهكذا وجدت نفسها أمام الأمر الواقع الذي لا غرام فيه , ولكن أي شأن للغرام في مجرى الحياة العادية ؟ فهي في الأيام القليلة اتالية , بعد أن عادت ألى علاقتها الماضية مع آندي , بدأت ترافقه ألى حفلات الرقص , وتتحدث أليه عن عن ناقلة النفط التي كان يعمل على متنها , وتضع معه الخطط للذهاب ألى التزلج على الثلج وما ألى ذلك , حتى أنها دعته ألى تناول الغداء يوم العيد مع بيتر وجين.
وكانت موراغ في كل هذا تراقب آندي عن كثب , فلاحقت وجهه الفتي من أية تجاعيد , وآراءه الفجة بعض الشيء , وموقفه الساذج نحو العمل في الحياة , فكل ما كان يهمه هو أدخار المال والحصول على ما أمكن من أوقات الفراغ , ومع مرور الأيام تناقص شغفها به , حتى كادت لا تجيبه أو تصغي ألى كلامه.
وفي آخر الأمر , وكان ذلك يوم أحد , لاحظ آندي ما أصبحت عليه حال موراغ معه , ففيما هما يتسامران , خامره شعور بأن شيئا ما قد أنطفأ في قلبها وأنها لم تعد تتجاوب معه كالعادة , فأنتفض ونظر أليها بعينين رماديتين وقال لها:
" ما بك؟ تغيرت كثيرا عما مضى!".
فأجابت موراغ :
" لا شيء ...... ثوبي هذا جديد , ولكن شعري لا يزال كما كان!".
فقال لها آندي:
" لا أعني ذلك , أعني أنك تتصرفين كما لو كنت أمرأة ناضجة , فلا يعجبك ما كان يعجبك من قبل , تذكري كيف كنت , مثلا , ترقصين بحماسة كدت تفقدينها أخيرا........".
فضحكت موراغ قائلة:
" وهل هذا مهم؟".
فأجاب آندي:
"كان يهمك من قبل , أما الآن فماذا جرى ؟ أشعر كأنني لم أعد أعرفك , وكلما جلسنا معا يخيّل ألي أنك على بعد أميال مني!".
ولم تكن موراغ تظن أنه شديد الملاحظة ألى هذا الحد , فبات عليها أن تبذل مزيدا من الجهد لتظهر أكثر أهتماما به , يكفي أن يكون في نظرها شابا وسيما ومخلصا , وأن يوفر لها السياج الذي يحميها من ديفيد , ولذلك لبست قناع الخفة والمرح وقالت له:
" كفاك يا آندي ......كلانا تغيّر قليلا نحو النضوج ...أفلا تظن أن هذا أمر طبيعي؟".
وأبتسمت قليلا في وجهه , فسرّها أنه بادلها الأبتسامة وقال لها:
" الحق معك , ولكن شيئا واحدا لم يتغير , وهو أنك تبدين رائعة الجمال حين تبتسمين هكذا".
وجاء يوم الأثنين , وأخذ الناس يستعدون للأحتفال برأس السنة , وعاد مهندسو المحطة ألى عملهم ونزلوا في الفندق , وكان ديفيد آخر العائدين , فيما كانت موراغ تتأهب للخروج مع آندي برفقة آن وفرانك , فما أن سمعت وقع خطواته وهو يدخل البهو حتى خفق قلبها وألتهب خدّاها , فقالت في نفسها : أذا كانت هذه رد فعلي قبل أن أراه , فكيف ستكون , أذن , بعد أن أقف أمامه وجها لوجه؟
وقررت موراغ أن تمتحن شعورها غدا صباحا , بالعودة ألى تقديم طعام الفطور , وحين فعلت , لم تحظ من ديفيد ألا بنظرة حادة قاسية وصمت مطبق , وبدا ديفيد في صحة جيدة بعد العطلة , فزال الشحوب الذي كان يعلو وجهه بتأثير السهر والعمل الشاق , وزاد لمعان شعره الذهبي , وعلى العموم , كان يزخر بحيوية وتّرت أعصاب موراغ الطرية.

وقالت موراغ في نفسها : كيف يجرؤ أن يقف منها , بعد عودته , ذلك الموقف اللامبالي ؟ لا شك أنه يخلو من أي شعور.
وعاد العمل في المحطة ألى سابق عهده من الأهمية القصوى ,وبذلت جين وموراغ جهدهما , كالعادة ,في القيام بتهيئة الطعام للعاملين في المحطة , عند رجوعهم ألى الفندق في ساعات متفاوتة. وكانتا أيضا تستعدان للحفلة التي ستقيمانها لمناسبة العيد الوطني . وسرّهما أن يتطوع آندي لمساعدتهما , فنقل صناديق الشراب , وأستعار الأقداح والفناجين من الأصدقاء والجيران , وشارك في غير ذلك من الأعمال التي لا تقدران على القيام بها , وحين عاد ألى الفندق في المساء , كانتا مسرورتين للترحيب به وشرب الشاي معه.
وقالت له جين:
" شكرا لك يا آندي على مساعدتك أيانا اليوم ....فلولاك لا أعلم ماذا كنا فعلنا ......".
فأجاب آندي :
" لا شكر على الواجب....... ستكون الحفلة رائعة......... وسيحضرها من المدعوين أكثر مما مضى .... في أيامي أنا على الأقل".
فقالت جين :
" نعم , أنا دعوت العاملين في المحطة وجميع الأصدقاء والأقرباء . فهذا العيد آخر الأعياد التي سأحضرها في هذا الفندق , والآن أخبرني يا آندي : هل توصلت أنت وموراغ ألى قرار بصدد زواجكما؟".
وأطرقت موراغ برأسها وتجنبت النظر ألى آندي حتى لا تساعده على الجواب , وتنحنح آندي , لكن قبل أن يجيب فتح الباب ودخل بيتر مسرعا وأتجه نحو جين , فحيّاها وصاح بأعلى صوته صول الباب :
" أدخلوا يا شباب.......".
فدخل رون وستيف وريغ , وقال بيتر بلهجة المنتصر :
" نجحنا ....... في هذه اللحظة , أذا لم يحدث ما لم يكن في الحسبان , ستبدأ الحطة بتوليد الكهرباء !".
وألتفت ألى جين وقال لها:
" أتسمحين لنا يا حبيبتي بالأحتفال قليلا لهذه المناسبة؟".
فأجابته جين برحابة صدر :
" أهلا وسهلا بكم .......تفضلوا".
وبعد أن خلعوا معاطفهم وجلسوا حول زجاجة من الشراب , قال رون:
" عندما مرض تيد ظننت أن التوصل ألى هذه النتيجة ف المحطة لن يتم ...... ألى أن تمكن بيتر من الحصول على ديفيد......".
وقال ستيف موافقا زميلة رون :
" نعم و هذا صحيح , ويؤسفنا أنه سيترك العمل في المحطة قريبا ....... يا له من معين في المآزق .... أنه جرىء في أتخاذ القرارات حالا وسريعا , ولا يهمه أن يتحمل المسؤولية أذا وقع أي خطأ.........".
وأضاف ريغ قائلا:
" كم وقعنا في المآزق خلال الأسابيع الأخيرة الماضية ,والآن أنا سعيد أن أنام الليلة ملء جفنيّ....".
وهنا سأل بيتر أين ديفيد , فأجابه رون بأنه سيحضر بعد قليل ,ولم يكد رون ينهي كلامه حتى سمع صرير باب البهو وصوت تحطم الزجاج على الأرض , وساد الصمت في المطبخ , فأتجهت الأنظار ألى جين , وفجأة أنفجر الرجال بالضحك حين دخل ديفيد ألى الغرفة,وعيناه تشعان بالمرح وهو يقول:
" معذرة يا جين .... أفلت الباب من يدي فأنطبق بسرعة وتكسر زجاجه!".
ثم أقبل عليها بحماسة وطوّق خصرها بيديه القويتين , ورفعها عاليا وهو يقهقه ضاحكا , فأستنجدت جين ببيتر مازحة , فقال لها:
" ديفيد يفعل ما يراه حسنا , ولا مردّ لذلك ..... فما عليك ألا أن تستعطفيه ....".
وبعد فترة من الدعابة والمزاح أشترك فيها الجميع , جرى الحديث عن المحطة والصوبات التي برزت في المرحلة الأولى , فقالت موراغ بعد صمت طويل :
" أود أن أعرف لماذا كان العمل في المحطة بطيئا في بادىء الأمر , ثم تسارع خلال الأشهر الستة الماضية ألى حد الجنون ؟".
فأجابها ستيف :
" هذه طبيعة المقاولات الأنشائية , يجلس المهندسون شهورا عديدة يرسمون الخرائط التي لا يستعملون منها ألا القليل , ثم فجأة يبدأ العمل بسرعة لا تطاق.....".
وتواصلت الأحاديث , بينما جين تقوم بتهية طعام العشاء , وآندي الجالس بقرب موراغ يستفهم من بيتر عن مجرى العمل في المحطة , وديفيد صامت على غير عادته ويداه في جيبي سترته .
وحدقت أليه موراغ بأمعان , فلاحظت أن وجهه الوسيم كان شاحبا ومتعبا , وأذ زالت عنه البشاشة وسعة الحيلة , بدا صلبا قاسيا .
ثم لم يلبث أن أفرغ كأسه , وفيما هو يضعها نظر ألى آندي نظرة فاحصة , تحولت بعد قليل ألى موراغ , فهزت رأسها وعزمت بينها وبين نفسها أن لا تقع هذه المرة أيضا تحت وطأة سحره , فهو بعد أيام سيرحل ألى حيث أتى , فأذا لم تقاومه تركها وحيدة بائسة.

وخرج الرجال لتغيير هندامهم أستعدادا لتناول طعام العشاء , ثم عاد بيتر بعد قليل ليقول لموراغ :
"لا تقومي بخدمتنا هذا المساء يا موراغ , فعندك مهام أخرى تقومين بها , يكفي أن تضعي الطعام على كوة المطبخ ونحن نخدم أنفسناثم نذهب ألى النوم باكرا لأن الغد سيكون يوما آخر من العمل الشاق........".
ثم ألتفت ألى جين وقال لها:
" سيقيم النادي حفلة عشاء غدا مساء , فأخبرتهم أنك منشغلة لا تقدرين أن تحضري , ولكنني سأحضره مع زملائي لوقت قصير , ثم نعود ألى هنا".
وخرجت موراغ مع آندي الى الباب الخارجي وكان زجاجه لا يزال منتثرا على الأرض , فقالت :
" ما هذا؟ يجب أن أزيله وأنظف المكان ".
فقال آندي :
" هذا من واجب الذي حطمه!".
أجابت موراغ:
" لا , فهو متعب جدا , كان يعمل في المحطة بغير أنقطاع طوال الأسبوع".
فسألها آندي:
" من هو ؟ لم يكن هنا في السنة الماضية".
فأجابته موراغ:
" ديفيد هاكيت , جاء ألى هنا منذ تشرين الثاني ( نوفمبر) الفائت!".
فقال آندي :
" لم يمل قلبي أليه".
فأحتجت موراغ قائلة:
" ولكنك لم تتعرف أليه ألا منذ حين ".
فقال آندي :
" أعرف ذلك , يبدو لي أنه يتصرف كما لو كان هنا منذ أمد طويل ".
فأجابته موراغ :
" كلهم كذلك , لأن والدتي تجعلهم يشعرون كأنهم في بيوتهم".
وكانت موراغ ,خلال هذا الحوار , في موقف المدافع , وشعر آندي بذلك فأزورّت عيناه وقال :
" أنت تميلين أليه , وألا لما أسرعت للدفاع عنه!".
فأجابت موراغ بغضب:
" كفى".
وعندما تطلعت ألى وجهه ورأته عابسا , أخذت تقهقه ضاحكة , مما أغاظ آندي فقال لها:
" ماذا يضحكك ؟ لم أقل ما يثير الضحك !".
ثم أمسكها بكتفيها وهزها قائلا :
" ما هذا التصرف يا موراغ , لم أعد قادرا على فهمك !".
وهنا فتح الباب وراءهما وتعالت الأصوات في البهو , ثم أغلق الباب وأبتعدت الأصوات , وكان آندي يهم بمعانقة موراغ , فأضطر ألى تركها بغتة , مما أثار غضبه , فخرج من الفندق من دون أن يتفوه بكلمة.
وألتفتت موراغ , فرأت ديفيد , وسترته عل كتفه , يصعد الدرج على مهل , من دون أن ينظر ألى الوراء.
ورن جرس الهاتف , فأمسكت موراغ السماعة , فأذا بصوت فرجينيا على الطرف الآخر من الخط.
" هالو , أنا فرجينيا , أسمعي يا عزيزتي ! هل يوجد مكان لي في الفندق لبضعة أيام؟".
فأجابت موراغ :
" نعم , بكل تأكيد , متى ستأتين؟".
فقالت فرجينيا :
" حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف ".
وبعد تردد قالت لها موراغ :
" لا شك أن ديفيد يجب أن يلاقيك في المطار, وهو الأن هنا , أتريدين أن تتحدثي أليه؟".
فأجابتها فرجينيا :
" كلا ,لا أريد أن أتحدث أليه الآن , بل غدا , أرجوك أن لا تقولي له أو لبيتر أنني قادمة , أريد قدومي أن يكون مفاجئا , يجب أن أرى ديفيد لأمر ضروري يتعلق بوظيفته الجديدة , ففي خلال عطلة العيد لم تتمكن من أكمال الترتيبات اللازمة , ولكننني أكملت كل شيء الآن ........... وأظن أنه سيكون مسرورا جدا ........".
وبدا من كلامها أنها حرصت على أن تكون موراغ على بينة من الأمر , وهو أنها هي التي تقرر شؤون حياته.
فقالت لها موراغ:
" سنقيم حفلة راقصة مساء غد , فأذا كنت ستتحدثين ألى ديفيد بمثل هذه الأمور الخاصة , الأفضل أن تنزلي رويال , فسيكون هنا في افندق جمع غفير".
فقالت لها فرجينيا :
" لا , هذا لا يهم , أريد أن أكون بقرب ديفيد وأمك العزيزة , أشكرك لأنك أخبرتني عن الحفلة , سألبس الثوب الملائم لتلك المناسبة . وداعا يا عزيزتي , وألى اللقاء!".
ووضعت موراغ السماعة بهدوء , فسمعت ضحكا في غرفة الطعام , أما هي , فشعرت باألأسى لأنها تحب الشخص الذي لم يكن لها , ولكنها قررت أن تحاول أقناع نفسها بالزواج من آندي لأنه شاب يمكن الوثوق به والأعتماد عليه.

 
 

 

عرض البوم صور سيريناد   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
flora kidd, دار الحرية, روايات, روايات مكتوبة, روايات احلامي, روايات رومانسية, روايات عنيدة, عنيدة, whistle and i'll come, فلورا كيد
facebook




جديد مواضيع قسم روايات أحلامي
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 09:59 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية