لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-10-19, 08:32 AM   المشاركة رقم: 36
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: أَحلَامٌ تَأبَى أنْ ’ تَنْطفِئ ،، / بقلمي

 




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماشاء الله مبدعه وطن بارت راااائع جدا

وياسلام على الأكشن رجعتيني للروايات البوليسيه هههههههههه

عبد الاله وفلوه
مابين سبب طلاقهم لكن الظاهر إن هو يكن لفلوه مشاعر ماتستاهلها هالفلوه
اللي ماتستحي ترسل صورتها له وهو مطلقها
وياليت بقصد ترجع له ولبنتها إلا تقصد تقهره لما أرسلت له الصوره الثانيه
وهي توقع على عقد زواجها
وبعدين ليه قالت له تأخرت تقصد أنه تأخرت هي في زواجها هذا والا هو تأخر
ماحاول يرجعها ماقول غير باللي مايحفظها

شباب الرحله للسودان ما أعرف الشيء الحلو في رحلتهم
في هالمنطقه والجو الحار ماقول غير الناس فيما يعشقون مذاهب


عبدالله وبتول اللي قابلها من تكون وهل قابلها مره ثانيه وماهي
حكايتها وهل راح تكون لها قصه مع عبد لله
وماهي حكاية جواز السفر والجوال اللي في الكيس الأسود لمن
ولماذا تعطى لعبدالله بالذات ؟؟؟؟؟

يالله ياوطن دخلتينا في دوامه من التفكير وماقدرت أوصل لشيء
للجواب على أسئلتي غموض في غموض الله يعينا عليك

عزام وشعاع
عزام لم يطوي صفحة الجوهره اللي ماعرفنا كامل قصتها وهل هي توفت أولا
لكن هو يعامل شعاع معامله حسنه وصحيح ماهو مقصر معها
في شيء الا مشاعره شعاع حاسه ببرود عاطفي من عزام
تشعر ان ماقوم به هو تأدية واجب ولو هي ماتحب عزام ماتحملته
أي زوجه تحب تشعر بحب زوجها لها بتعبيره عن مشاعره لها بلهفته عليها
وشعاع فاقده هذا الشيء رغم محاولة صيته التقريب بينهم لكن عزام مازال
على بروده لأنه هو لم يعطي نفسه فرصه لحب شعاع لم ينسى حبه الأول
وإن شاء الله قريب تتغير مشاعره تجاه شعاع ويحبها


نأتي لعزام وخوفه من اللي قابله في المطعم أكيد لخوفه سبب
الله يستر عليه لايسير له شيء من وراء بحثه في قضية أبوه
الظاهر في القضيه أيادي كبيره ولها نفوذ

الجادل وحاكم
الله يعينهم على اللي حولهم نشبوا لهم متى يتزوجون ويشوفون
ويتكلمون مع بعض براحتهم حني عليهم ياوطن

تسلم يمينك وطن ومنتظرين باقي الأحداث
لا خلا ولا عدم منك يارب

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي  
قديم 03-10-19, 11:47 AM   المشاركة رقم: 37
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Sep 2010
العضوية: 190192
المشاركات: 610
الجنس أنثى
معدل التقييم: أبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 748

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أبها غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيتامين سي مشاهدة المشاركة
  


مساء الخير

حيالله هموسه وأبها سعيده بمتابعتكن معنا ورؤية مشاركاتكن المميزة

دائما تعجبني ردودكن الشامله وتحليلاتكن الممتعه

من الأسماء اللي عند ما أرى مشاركات لها في روايه أعرف إن هناك مايستحق القراءه

لثقتي العاليه في ذائقتكن الأدبيه

دمتن بخير ولا خلا ولا عدم منكن يارب

هذا ماهو ردي على البارت لي عوده للتعليق عليه

لكن حبيت أحيي وأرحب بالغاليات اللي شاركونا أنا والنوري


الله يحييچ ويبقيچ فيتامين سي . ❤🍃

ما عليچ زود يا أم جمال، الذوق إنتِ صاحبته وراعيته🍃
تستاهل وطن نورة المتابعة، قلم مميز تبارك الله .🍃
وإن شاءالله يلتم الشمل، وباقي عجايز ليلاس يردون مرة ثانية
ينعشون قسم وحي الأعضاء . 😄

 
 

 

عرض البوم صور أبها  
قديم 04-10-19, 06:23 AM   المشاركة رقم: 38
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مشرفة منتدى الحوار الجاد


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 70555
المشاركات: 6,520
الجنس أنثى
معدل التقييم: شبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسي
نقاط التقييم: 5004

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شبيهة القمر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: أَحلَامٌ تَأبَى أنْ ’ تَنْطفِئ ،، / بقلمي

 

السلام عليكم
وطن وش هالقفله الي بتخلينا اسبوع نهذري بها ..بالله كان خليتي عبادي يفتح الجواز ويشوف الاسم ...الاكيد ان البتول سعوديه ..ويمكن من شافت عبدالله لقيت فيه المنقذ لحالتها والي باين انها مو مرتاحه فيها والدليل القصيده الي انشدتها مع الصغير .. بس من تكون البتول ؟؟؟؟؟؟تخيلوا تصير زوجة ذيب هههههه لا لا لا شكلها توها صغيره
اممم او يمكن بنته 😱 اما لو تكون اخت عزام .. هذي بتجلط صيته ..بتقول راح عمري احتريه وهو معرس ومتهني ههههههههه
ويمكن تكون بنت رئيس العصابه .. ايه احس هالتوقع ضابط ... لاني ماابي صيته ينكسر قلبها
المهم نجي لسالفة الجواز لمين !!!يمكن يكون لذيب !! لان لو كان جوازها كان شخطت على اقرب طياره ...
داخ راسي من التفكير
المهم ان عبادي بيهون عن السفر معهم وبيرجع للبتول يشوف وش سالفتها ...
نجي لجوجو وعز ... حسيت عزام ماخذ من ابوه كل شي حتى الوفاء بالحب .. يعني رغم ان جوجو ماتت الا انه مازال يهذري بها ويحن لقلبها ... بس وش المصيبه الي سببها فهد وفرقت بينهم وكانت سبب ان عزام مايداني فهد الى الان !!!!!هذا ماسنشاهده في الحلقة القادمة ..كونوا بالانتظار ...
التوقيع / وطن نوره 😂
.............
وطن ...تسلم يدك يامبدعه ..بس مازال الغموض يلف ويدور على ابطالنا ....ننتظرك على احر من الجمر ...سالفه الجواز والجوال خذت كل تفكيري .. 🤔🤔🤔🤔🤔🤔🤔🤔🤔🤔🤔🤔🤔🤔

 
 

 

عرض البوم صور شبيهة القمر  
قديم 08-10-19, 01:44 AM   المشاركة رقم: 39
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2018
العضوية: 330628
المشاركات: 159
الجنس أنثى
معدل التقييم: وطن نورة ،، عضو على طريق الابداعوطن نورة ،، عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 176

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وطن نورة ،، غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: أَحلَامٌ تَأبَى أنْ ’ تَنْطفِئ ،، / بقلمي

 

أسعد الله أوقاتكم بكل خير ❤
شاكرة لكم وممتنة جدًا على ردودكم وبإذن الله لي عودة للتعليق عليها..
أترككم مع الفصل الرابع اتمنى يعجبكم :)

 
 

 

عرض البوم صور وطن نورة ،،  
قديم 08-10-19, 01:49 AM   المشاركة رقم: 40
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2018
العضوية: 330628
المشاركات: 159
الجنس أنثى
معدل التقييم: وطن نورة ،، عضو على طريق الابداعوطن نورة ،، عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 176

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وطن نورة ،، غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: أَحلَامٌ تَأبَى أنْ ’ تَنْطفِئ ،، / بقلمي

 

# الفصل الرابع،،
" تضحك، وتَنبتُ ألفُ وردة "

.
.

السودان،،
الساعة ٤:٣٠ عصراً
قبل ثلاثة أيام.
.

في اليوم التالي من أزمته الصحية،، ذهب حاكم برفقة عبدالإله وفهد وأبو الزين للخرطوم التي تبعد ما يقارب الساعتين عن القرية.. ويذهب عبدالله متعذرًا بمساعدة مصطفى على الكارو للبئر القريبة..
يشعر بالفضول -متأكد بأنه فطري وطبيعي- يقوده للتي رآها البارحة.. فهناك من المؤكد قصة خلف وجودها في مكان كهذا.. وهربها عندما رأته يؤكد ذلك..
عبدالله بهدوء : إلا بسألك يامصطفى.. أنت تعرف أهل المنطقة ذي زين؟
مصطفى بابتسامة : آ يا زول.. دول أهلي وجماعتي أعرفهم كويس زي ما أنا عارف نفسي..
عبدالله : طيب فيه واحد هنا عنده ولد اسمه عصمان..
مصطفى مقاطعًا : كتير اللي اسم ولادهم عصمان.. أنت في السودان يا زول اسم عصمان عامل زي الرز.
عبدالله بعد ضحكة قصيرة مجاملة : صادق،، هو أظن معه بنت كبيرة اسمها بتول!
عقد مصطفى حاجبيه باستنكار يفكر.. حتى قال بعد صمت يعتبر طويلاً لإجابة إما نعم أو لا : واللهِ مامفتكر وحده بالاسم ده..
عبدالله بتأني : هي وضعها غريب واضح إنها مو من أهل البلد..
ازداد عقد مصطفى لحاجبيه لازال ينظر للأمام حيث أذني الحمار الذي يجر العربة ليقول بعد ثواني صمت : ما عارف.
عبدالله بيأس : متأكد؟ مصطفى ساعدني.
مصطفى بإصرار : ما عارف.. بس أهل القرية دي ناس غلابَه يمشوا جمب الحيط ويطلبوا من الله السلامة..
ليقول بصدق اتضح بنبرته : وأنا والله مانويت لهم شر.. مصطفى البنت واضح إنها ماهي سودانية إن كنت تعرف شي علمني يمكن تكون متورطه وتحتاج مساعدة وممكن وجودها هنا يضر الناس اللي هي عندهم ويضركم.
مصطفى بعد صمت طويل : دي بت غلبانه جات قبل كم شهر فاقدة الذاكرة واستضافها أبو عصمان فدارو..

سكت عندما توقفت العربة بالقرب من البئر ليجد مصطفى مخرجًا له ويقفز بسرعة يظهر التشاغل بتصفيف قوارير الماء تحت نظرات عبدالله المتفحصة.. فكر كثيراً قبل أن يقول : طيب مصطفى تعرف وين القاها؟
مصطفى بضيق : عليك الله ياعبدالله تبطل رغي بالموضوع ده.
نزل من مكانه مقترباً منه : ليه؟
مصطفى عابساً : أنت جّي هنا أيام وتروح سيب الأسئلة دي وامبسط .

تكتف عبدالله بعبوس ليدع مصطفى يتابع عمله، صوتٌ صغير في عقله يحثه على العمل بنصيحته فهي مجرد أيام وسيعود لبلاده ولن تبقى معه سوى ذكريات هذه المغامرة..
لكن هناك عبدالله فضولي في داخله يريد أن يعرف سبب وجودها، من باب العلم بالشيء فقط فوجودها هنا علامة استفهام كبيرة متأكدٌ من أنها ستشغله حتى بعد عودته..
مسك ذراع مصطفى الذي وضع إحدى القوارير في العربة ليدير الآخر رأسه ناحيته يقول بانفعال وهو يرى نظرة الإصرار في عينيه : تاني يا عبدالله!! الله عليك يا زول سيبك منها شنو خصّك فيها.
شد على ذراعه : والله ما أتركك إلا إن علمتني كل شي. تكفى والله فضول بس، صدقني ماني ناوي مضرّه لأحد.

.

ابتلع عبدالله ريقه بترقب وهو يشد خطاه بجانب مصطفى الذي لم يستسلم إلا بعد أن ضاق ذرعاً بإلحاحه.. هو شخصية لحوحه "زنانه" إن صح التعبير ويأخذ ما يريد مهما كلفه الأمر.. أخذ طريقاً مشابهاً للذي أخذه بالأمس لكنه زاد عدد خطوات حتى وصل لوجهته..

عاد يبتلع ريقه وهو يراها تعطيه ظهرها ترتدي ثوباً سودانياً أبيض اللون بنقوش حمراء وزرقاء بشكلٍ متداخل لا شيء يظهر منها سوى آخر جديلتها الطويلة التي فرّت من قماش الثوب فوق رأسها..
لم تنتبه لوقوف أحدٍ خلفها إذ أنها لم تلتفت حتى،، تبدو في سرحانٍ عميق من إنحناءة ظهرها.. رفع بصره قليلاً ليرى الفتى عصمان ومعه عدد من الأولاد الصغار يلعبون بالأرض الرملية أمامهم مسببين غباراً في المكان بحركة أقدامهم..
مصطفى بخفوت ونيته كانت أن ينبهها فقط : عصمان..
التفتت بذعر واتسعت عيناها بهلع.. وقفت كالملدوغة وعادت بضع خطوات تلتثم بردائها..
مصطفى بسرعة : ماتخافي بتول.
بهلع دون أن تنظر لعبدالله الذي رفع حاجبيه باستنكار من تصرفها : من ذا يا مصطفى؟؟
عبدالله بسرعة : لا تخافين أنا جاي أساعدك.
اشتعلت عيناها لوهله وهي تنظر له بحقد : أنا ما أحتاج ولا أبي مساعدة من أحد . مين مرسلك علي؟ أنتم كيف عرفتوا مكاني؟
ثم نقلت بصرها بإتهام لمصطفى الذي قال بسرعة وتبرير : والله العظيم ماقلتلو حاجة.. أنا ما أعرفو وقُلتلّيه إنك ماتتذكري حتى اسمك.
عبدالله بابتسامة :.. لو إنك فاقدة الذاكرة مثل مايقول كان ما عرفتي كلمات الشيلة اللي شلتيها ذاك اليوم..
ثم أردف عندما لمح نظرة مصطفى التي توجهت ناحيته بذعر : ومصطفى ماله دخل لا يعرفني ولا أعرفه وأنا جاي هنا رحلة صيد وشفتك أمس صدفة.
عادت تنظر لمصطفى بقوة نظرات مهددة أرعبت عبدالله فكيف بمصطفى الذي قال مبتعداً بسرعة : عبدالله أنا بنتظرك على الكارو..

ما إن اختفى مصطفى وهدأ المكان من صوت خطواته الفارّه ولم يبقى سوى صوت عصمان ومن معه خلفهم بمسافة ، نظرت له ليقول عبدالله بارتباك مفاجئ من القوة في نظرتها : أنتي مين؟ وش جابك لمكان مثل ذا؟ إذا كان أحد مهددك أو أنتي متورطه بشي أنا أقدر أساعدك.. أنا ..
ثم تابع بدون تردد : أنا محامي.
سكتت قليلاً قبل أن تقول عائده خطوتين للخلف : محامي وش جابك هنا؟
حاول إخفاء ابتسامته عندما تجاوبت معه : قلت لك رحلة صيد وجيت أقنص مع عيال جماعتي.. أنا متأكد إنك مو من الديرة ذي.. كلامك ونطقك للحروف يذكرني بأهلي..
عادت تصمت بذات النظرة التي جعلت عبدالله يعود خطوتين للخلف هذه المره وكأنه مذنب ونظرتها ستعريه.. : ارجع مكان ما جيت وإن أحد درى عن مكاني والله العظيم ما أخليك و بعرف كيف أوصل لك وآخذ حقي منك ..
فقال بتردد يخالطه خوف يحاول طمأنتها: اسمي عبدالله بن علي بن ساجر وأبي أساعدك أدري ومتأكد إنك من ديرتي و وجودك هنا ماهو بطبيعي. أنتي وش اسمك؟
نظرت له وكأنها تنتظر شيئًا شعر به لكنه لم يقُله لعدم وجوده..
لتتركه وتمشي تسحب معها عصمان بذراعه : لا تدّخل باللي مالك فيه ولا عاد تشوفك عيني أحسن لك.
ثم صرخت بالموجودين صرخة مدوية : وأنتم كل واحد على بيته أشوف.. بسرعة..

تطاير الموجودين كالجراد فتشكلت سحابة غبار كفيلة بتفسير رعبهم منها ، تابع عبدالله ابتعادها وتذمّر عصمان الذي حاول منعها من سحبه لكنها تجاهلت كل هذا حتى خفَت صوته ثم اختفى.. ليقول رافعاً حاجبه بامتعاض من فضاضتها : قلعه تقلعك وأنا وش علي.

.

"أعطوني مغذي ودقوني إبرة"
كان هذا جواب حاكم لعبدالله الذي كان ينتظرهم عند باب القطية يحاول طرد من تسمت بالبتول من عقله.. كان يعمل بأصله عندما حاول مساعدتها لأنه وبكل صدق أنكر وجودها في هذا المكان لكن الآن لا شأن له بها فهي من رفضت -واللي شره من ايده الله يزيده-.

تبعهم للداخل يرى حاكم يرتمي على فراشه بتعب واضح ليلتفت على عبدالإله الذي جلس هو الآخر مكانه : عسى مو شي خطير؟
ليضحك رغماً عنه على حاكم الذي أدار رأسه بسرعه ناحيته بعد سؤاله هذا يضوق عينيه بحقد ، فأردف : عشان اتطمن بس.
عبدالإله بإبتسامه : تطمن نزله معوية بسيطة .
حاكم : هذا وأنا ما آكل أجل لو إني مثلك أنت وياه تاكلون الأخضر واليابس وش كان صار فيني؟
فهد بابتسامة : أقول اذكر الله وقم خذ علاجك بس.

.

كانت تراقب مصطفى الذي بدأ بوضع القوارير المعبأة على العربة كعادته وكأنه فرض لا يمكن إسقاطه، يومياً في نفس الوقت وبنفس الخطوات،، تبحث بعينيها حوله ولم تجد أحداً فاقتربت عندما تأكدت.. يومين قضتها في تفكير عميق بين شدٍ وجذب إلى أن توصلت لهذا القرار.. شدت على لثامها واقتربت بهدوء : السلام عليكم.
نظر لها مصطفى قبل أن يعود لعمله ببرود : وعليكم السلام.
بارتباك : تحتاج مساعدة؟
نظر لها بسرعة هذه المره مستنكراً عرضها : ...عايزة شنو؟
بدأت بتحريك قدمها على الأرض يمنه ويُسره، تتابع التراب الذي يتجمع ويتناثر : مصطفى فيه واحد جا معك اسمه عبدالله..
مصطفى : آه عبدالله. مالو؟
رفعت عينيها له : وش يسوي هنا وش جابه؟
عاد يعطيها ظهره يرفع باقي القوارير متابعاً عمله : جاي ونازل عند أبو الزين مع تلاته ولاد يعرفهم..
ابتلعت ريقها : طيب عادي تجيبه معك بكرة؟
مصطفى بانشغال : عبدالإله بيقول الليلة آخر ليلة ليهم هنا..
عقدت حاجبيها : عبدالإله مين؟
فأجاب : الود الجي معاهُ..
زمت شفتيها بتفكير قبل أن تقول : طيب أنا بطلب منك خدمة تقدر تسويها؟..
انتفض بحميه واستدار ناحيتها يعطيها كامل اهتمامه : أكيد، شنو؟
مدت له كيساً أسوداً مربوطاً : أعطيه هذا ..
أخذه يقلبه بين يديه قبل أن يحاول فتحه فمنعته بسرعة : حلفتك بالله ماتفتحه ولا تشوف اللي داخله.
عقد حاجبيه بتساؤل فأردفت : أنت أعطيه إياه وبس. اثق فيك يا مصطفى.
كانت كلمتها كفيله بأن تشعل عينيه يشد على الكيس يهز رأسه بتأكيد : ماتخافي اعتبري حاجتك وصَلت.
.

في اليوم التالي والوقت قد اقترب من العصر،،
تردد مصطفى قبل أن يقترب بخطواته،، يرى بشير يساعد عبدالإله ومن معه بوضع الحقائب في صندوق سيارته.. بحث بعينيه عن عبدالله فوجده يقف بين رجلين لا يعرفهم..: السلام عليكم.
عبدالإله بسعادة واضحة بعد أن رد الجميع السلام : هلا والله مصطفى والله كنت بزعل إن رحت ولا سلمت عليك.
ابتسم له مجاملاً قبل أن يقترب من عبدالله يهمس له : تعال عايزك شويّه..
أخذه لخلف القطيه دون أن يلفت انتباه أحد من الموجودين..
عبدالله بهمس فقد شعر بخطورة الموضوع من التفاتات مصطفى الحذره : وش فيه؟
اخرج الكيس من جيب جلابيته ومده له : اتفضل.
عبدالله بسرعة : لا تقول حناء تكفى أبو الزين أعطاني شنطة مليانة.
ضحك رغماً عنه : حنّة شنو يازول دي أمانة من بتول.
عقد حاجبيه..: أمانة وش؟
وضع مصطفى الكيس بيده بعد أن سحبها عنوة : ماتسألني ما عارف هيَّ أمانة وأنا وصلتها.
كان ينوي أن يفتحها لكن صوت عبدالإله الذي أتاهم صارخاً يستعجله : يالله يا عبود تأخرنا.
جعله يدسه في حقيبة ظهره بسرعة قبل أن يتجه عائداً لهم.
.

" والله إني شايل هم القعدة بالطيارة"
قالها عبدالإله ينظر من النافذة مودعاً شوارع السودان وهم في طريقهم للمطار..
حاكم بابتسامه : لا تخاف عندي تشكيلة فيديوات بجوالي لعبدالله يوم يعدي هربان والغزلان تعدي وراه،، متعة على كيف كيفك.
نظر لعبدالله الذي كان ينظر للخارج سارحاً دون أن يعلق.. كان صامتاً منذ أن مشوا من القرية وحتى هذه اللحظة عندما وقفت السيارة أمام المطار ليسأل عبدالإله بعينيه "وش فيه؟"،، ويقوّس حاكم شفتيه رافعاً كتفيه بمعنى "ما أدري؟"

وداع أبو الزين لهم كان حاراً وكأنهم ابناؤه.. احتضن حاكم يربت على كتفه ليقول الآخر بود : كثر الله خيرك أشهد انك كفيت و وفيت ولا قصرت معنا واعذرني أنا بالذات إن كنت ضايقتك يازول..
ضحك له بعبرة واضحة : واللهِ إنك زي ولَدي بالزبط يا حاكم.. دخيل الله ماتقطعنا وتاجي مع عبدالإله المره الجيّه .
حاكم بابتسامة : لا المرة الجاية عليك أنت تجي وتزورنا أنت والعايلة كلها الله يحييكم .

ما إن ذهب أبو الزين في طريقة حتى وقال عبدالإله يسحب حقيبته متجهاً لبوابة المطار : بسرعة ترى مابقى وقت وتقلع..
تسارعت خطاهم للداخل إلى أن استوقفهم صوت عبدالله : معليه ياعيال اسبقوني بروح الحمام..
عبدالإله: وقته هو يكفي متأخرين ..
ابتعد مسرعاً يقول بصوت مرتفع ليصلهم : أبي الحمام والله حشران اسبوقني بجيكم.

دخل أول دورة مياة وجدها في طريقة ، يفتح باب أحدها ويغلقه ، يخرج الكيس الأسود الثقيل نوعاً ما من حقيبة ظهره، لم يتجرأ بأن يعبر التفتيش دون أن يعرف محتواه خوفًا من أن يكون شيئًا ممنوعاً يدخله في متاهات لا أول لها ولا آخر، مزقه ليعقد حاجبيه باستنكار كاد أن يقتله ما إن ظهر له جواز أخضر وهاتف جوال.

بلل شفتيه بطرف لسانه يرفع الجواز المشابه لجوازه بإختلاف بسيط في درجة اللون (أقرب للأخضر الغامق) بالإضافة لعبارة (جواز سفر خاص) أسفله،، يفتحه على أول صفحه بأنفاس تسارعت بترقب ورعشة سرت بأطرافه تلقائياً فجواز كهذا لا يُعطى لأي أحد، نظر لصورة الفتاة في بادئ الأمر بحجابها الأسود،، بتفحص.. تشبه البتول وكأنها هيَ فانتقلت عيناه بسرعه للاسم كي يتأكد لكنه وجد شيئاً مختلفاً (عذوب بنت ساطي بن ساطي بن فلاح)..
ارتفع حاجبيه يمرر عينيه على باقي بياناتها.. من مواليد ٨٩ أي تكبره بثلاث سنوات مع أن جُرمها يظهر عكس ذلك.. مكان إصدار الجواز الرياض وينتهي عام ٢٠١٧ أي أنه انتهى قبل أكثر من سنة ..قلّب صفحاته بسرعه، ثم أغلقه يرفع الجوال الأسود بين يديه يهمس محدثاً نفسه بذهول : وش ذا؟

وصل لمسمعه نداء رحلتهم فأعاد كل شيء مكانه وخرج راكضاً .

عبدالإله بتوتر : والله إني قلته أنتم يا عيال ناصر وجيه نكبه محد صدقني.
حاكم ولم يبقى في صالة المغادرين غيرهم : هذا وينه؟
ثواني قليلة حتى صرخ فهد بضحكة غير مصدقة وهو يرى عبدالله يتجه نحوهم : هذا هو جا،، يلا حنا بنسبقكم.

وقف عبدالله أمامه ينحني قليلاً يلهث وكأنه سيموت بعد أن كان يركض على أقصى سرعة.
لم يلبث أن يلتقط أنفاسه حتى وسحبه حاكم من كمّه يركض به يلحق بمن سبقوه صارخاً بإنفعال : وين رحت أنت؟ امش بسرعة لا تقلع والله ما أقعد هنا دقيقة زيادة لو أتعلق بجناح الطيارة.
.
ارتمى عبدالله على مقعده، يفتح أزرار تيشيرته يشعر بأن رئتيه ستحترق من سرعة تداخل أنفاسه.. يحاول أن يبتلع ريقه الجاف لكن دون جدوى.. فقد جفّ بالمعنى الحرفي للجفاف.

عقد عبدالإله الجالس بجانبه جهة النافذة حاجبيه ، يرى إغلاقه لأجفانه بقوة وصدره يرتفع وينخفض بتسارع مقلق.. فتح قارورة الماء في يده ومدها له : خذ اشرب ياولد وش بلاك؟
خطفها من يديه يعتدل جالساً يشربها دفعه واحده في نفسٍ واحد حتى تداخلت القارورة في قبضته.
عبدالإله باستنكار بعد أن هدأت أنفاسه الثائرة : وش فيه وجهك أحمر ويالله تلقط نفسك ؟
عبدالله بهدوء : جيتكم أركض زين لحقت عليكم.
اقترب حاكم الجالس في المقعد الخلفي بجانب فهد يقول معلقاً يلصق فمه بالفراغ بين المقعدين أمامه : والله كنا بنمشي إلا شوي اسمح لي.
أراح رأسه على المقعد خلفه يحاول أن يبتسم : داري مافيك خير.

.
.

ما إن عادت شعاع من عملها حتى ودخلت المطبخ فوراً بعد أن وضعت عباءتها وحقيبتها على إحدى كنبات الصالة ترفع أكمام قميصها الأبيض استعداداً لإعداد الغداء المتأخر..
كان عزام ملتزماً بمسألة الغداء طيلة اليومين الفائته.. يأتي في وقتٍ متأخر نعم، الغداء يصبح عشاء نعم، لكنه في النهاية يأتي يسأل "ها وين غداكم؟" .
أجمل يومين مرّت عليها دون مبالغة، فالوجودة أثر على روحها وحتى على صيتة.. تشعر به يتوغل لأعماقها ويطير بها حتى وإن كان صامتاً أو لا يعطيها الأحاديث التي تشبع عاطفتها.. يكفي أنه موجودٌ و يتحدث،، تسمع ضحكته حتى وإن كانت قصيرة أو مجاملة أو محمله بالتعب..

قطّعت فواكة بصحن صغير و وضعتها على الطاولة تلتفت للعاملة تطلب منها أن تنادي مريم قبل أن تعود لما كانت تفعل..

شعرت بالذراعين الصغيرة تطوق خصرها وتحتضنها من الخلف لتستدير لها.. تحملها وترفعها على الرف، ابتسمت وهي ترى وجهها المتورم من النوم فقالت بعطف تعيد خصل شعرها المتطاير خلف أذنها : صح النوم..
ثم أردفت تداعب أرنبة أنفها بطرف سبابتها : وحشتيني.
ابتسمت لها ابتسامة واسعة قبل أن تلف ذراعيها حول رأسها تضمها بشكلٍ كاد أن يخنقها..: وأنتي بعد.
حررت نفسها تهمس تمسك بكفيها : تعرفين مين بيجي اليوم؟
مريم بحماس : عبادي.
شعاع بضحكة لعدم وجود الكلفه نهائياً في قاموسها : ياعيني عليك عبادي.. طيب تعرفين وش سويت لك؟
قالتها وعادت بيدها صحن الفواكة لتجد ملامح مريم المتحمسة تتحول لعبوس ما إن رأته : هذا وش؟
رفعت الملعقة تضربها بأطراف الصحن تتصنع الصرامة : تصبيره لين يجهز الغدا..
ثم تابعت بسرعة ما إن فتحت مريم فمها لتعترض : وما أبي أي نقاش أبيك تخلصين اللي بالصحن كله.
مدّت شفتيها بزعل : طيب ما أبي الموز طلعيه .
شعاع : ليه الموز صحي..
عبست تعقد ذراعيها على صدرها : ما أحبه.
شعاع بطولتِ بال : خلاص لا تاكلينه أنا آكله .
مريم : وطلعي التفاح.
ضوقت عينيها ترمقها بازدراء : وش بقى؟
ضحكت : بس التفاح .
زفرت قبل أن تنزلها من على الرف بصبرٍ بدأ ينفذ : طيب اتركي التفاح أنا آكله.. يلا أشوف خذي صحنك وقدامي..
قالتها وهي تشير بيدها حيث اتجاه الطاولة، تعقد حاجبيها بجديّه وكأن الموضوع إنتهى وغير قابل للنقاش..
مريم : ا..
وضعت سبابتها على فمها : ولا أبي حرف زيادة يا بنت عبود.. من اليوم ورايح دلع بنات مافيه.

رفعت عينيها على ضحكة صيتة التي تابعت عبوس مريم ومدها لسانها في وجه شعاع التي قالت بصدمة : بنت!!
وذلك دلالةً على اعتراضها قبل أن تجلس على كرسي الطاولة.
صيتة : وبعدين مع ذا الحركات ياميمي؟
لكن مريم ملأت فمها بحبات العنب كي لا تجيب.

اقتربت من شعاع تبتسم ترى تقطيعها للخضار بدقه وترتيب : الله يسلم هاليدين.. كان ريحتّي شوي توك جايه ولا ناديتيني أساعدك على الأقل.
شعاع بحماس : أخاف يجي عزام و الغدا ما خلص.
صيتة : عزام ماهو بجاي بدري بيتأخر شوي.
بردت ملامحها وتلاشى حماسها بوضوح : ليه؟
ابتسمت رغماً عنها : بسم الله عليك بس أنه دق يقول بيجيب عبادي من المطار ويجون مره وحده..
زفرت براحة تضع يدها على صدرها : أشوى يا شيخة خوفتيني.
تعلقت عيني صيتة بها بابتسامة تتسع.. ثم قالت بنبرة مشبعة بالحب وهي ترى شعاع تمسك السكين تعاود ما كانت تفعله هرباً من نظراتها : أشهد إنك يا ولد بطني حظيظ.

بدأ صوت ضرب السكين للقطاعة يرتفع وأذنَي شعاع تحمَر تدريجياً ، تعالت ضحكات صيتة لتملأ المكان تمسك بمعصمها توقفها قبل أن تقطع أصابعها : روحي صلي وأنا بكمل عنك.
شعاع بهدوء دون أن تنظر لها : ما علي صلاة .
كانت الخيبة واضحة على وجهها واستطاعت شعاع أن تشعر بها دون الحاجة للنظر باتجاهها حتى، فصوتها يكفي : ماعليه معوضه خير الشهر الجاي .
ابتسمت نصف ابتسامة تعاود ماكانت تفعله لتقطع الهدوء الثقيل : الله كريم ياخالة.
.
.

اتسعت ابتسامة عبدالإله حتى تحولت لضحكة وتسارعت خطاه عندما لمَح الواقف بين المنتظرين عابساً عاقداً حاجبيه ، لكن تلاشى كل هذا ما إن أنتبه لقدومه ناحيته فأنفرد حاجباه وظهرت صفة أسنانه بابتسامة تعبر عن سعادته .. لحق به حاكم وعبدالله وتأخر عنهم فهد قليلاً يمشي على أقل من مهله.. يشعر بالثقل في خطواته منذ أن عرف بأن عزام هو من سيستقبلهم عندما سأل حاكم : من اللي جاينا؟
ليجيب عبدالإله بابتسامه عريضة : أبو العز..

حضن عبدالإله بقوة وأطال باحتضانه فهو صديقة الوحيد، سلّم على حاكم بود أخوي فائق وكذلك عبدالله حتى وصل لفهد، مد كفّه ليصافحه والذي ما إن لمس كف الآخر حتى وحاول سحبها لكن يد فهد كانت أقوى وأسرع وشدّت عليه، يقول مبتسمًا بتوتر : وشلونك عزام؟
عزام باقتضاب وعبوس : يسرّك الحال.. الحمدلله على السلامة.
ابتسم ابتسامة صغيرة ممتنة بأنه لم يترك يده معلقه في الهواء : الله يسلمك.
سحب عزام يده أخيراً عندما ارتخت قبضة فهد.. يدسها في جيب ثوبه قبل أن يلتفت يصد بعينيه عنه تماماً : تو مانورت السعودية والله ..
.

" ها كيف السودان؟ " قالها عزام يخرج من مواقف المطار، بجانبه عبدالإله وفي الخلف جلس الثلاثة الباقين. ابتسامة طفيفة ترتسم على وجهه ..
عبدالإله رابطاً حزامه متنهداً براحه : شي خرافي لازم آخذك يوم.
أتاه صوت حاكم متذمراً : لا خرافي ولا شي إلا لواهيب وسلخ الله يجيرك.
رفع بصره للمرآه الأمامية ليقع على فهد الذي كان ينظر للخارج من نافذته، أبعدها بسرعة ينظر للأمام يحاول أن يبتسم : أهم شي قميري جدتي صار لها اسبوع اتحاكى به.
حاكم ضاحكاً : يارجّال أرربعه أررربعة راحوا عشان ذا القميري اقسم بالله عفشنا شبهه زين ماقشونا بالمطار..

كان الحديث دائراً بينهم يشاركهم عبدالله قليلاً من وقت لآخر على عكس فهد الصامت.. حتى عزام كان يشعر بروحه خفيفة يضحك كثيراً متناسياً كل شيءٍ يشغل باله.. من أصغر الأمور واتفهها إلى أكبرها وأعظمها..

هناك فئة من البشر لا تنظر لما بين يديها من نِعم، دائماً في صراع مع الراحة تشعر وكأنها في سباق ولا يمكنها التوقف أبدًا فلا خط للنهاية.. تبحث عن الشقاء والنكد وعزام مؤمنٌ بأنه واحدٌ منهم، بل أنه زعيمهم وكبيرهم الذي علمهم السحر.
فشعاع مثلاً، نعمة إن انكرها فهو كافرٌ بالنعم.. يعلم بأنها كثيرةٌ عليه وأنه لا يستحقها وأنه إن تمنى امرأةً كاملة لن يجد أفضل منها..
قلبها معطاء بدون توقف بدون تذمر وبدون تكلف، تحبه حباً صافياً خالٍ من أي أذىً أو أنانية رغم أنه لا يستحق كل هذا.
لم يمنع نفسه من أن تعتلي الابتسامه أطراف فمه عندما تراءت له صورتها.. ليست جميلة حابسة للأنفاس لكنها تملك ملامح شديدة العذوبة ترقق القلب وتجعله يهوي ناحيتها.. شعاع أعذب من أن ترتبط بشخصٍ مثله صاحب قلب مغلق وعقل مشوش وخيال مظلم..

وقفت سيارته أخيراً أمام بيت علي، زوج صيتة عمة والدته و والده ليترجل منها عبدالله قائلاً بعد أن أخرج حقائبه من صندوق السيارة : اقلطوا ياشباب حياكم.
عبدالإله : الله يحييك بس وا..
حاكم مقاطعاً متعمداً إغاضته : ياخوي أنا ما صدقت نوصل عشان نفترق وأنت تقول اقلطوا!! خلونا نتفق لمدة سنة كاملة ما نشوف بعض أبد.
عبدالله بإمتعاض : إذا تبي تعرف خويّك سافر معه، امحق خوي..
حاكم : توكل الله يستر عليك.
ثم أردف ينظر لعزام المستمتع موجهاً حديثه له : قفل الشباك يا اسطى ولف بينا بالعربيّة شويّة.
عبدالإله ضاحكاً : بمركم بكرة أسلم على عمتي إن شاءالله.

عم الصمت عندما تحرك عزام من أمام بيت عبدالله، لازمهم وكأن السيارة فارغة تماماً حتى وصل لوجهته الثانية.. منازلهم لم تكن بعيدة عن بعضها البعض لكنها لم تكن بنفس الحي أيضاً..

عبدالإله وهو يرى إنارة منزل عمه عزام الملاصق لبيت ابنته سارة : سلموا على عمي إن شفتوه وأنا بكرة أجيه.
فتح حاكم بابه قائلاً قبل أن يترجل من السيارة : وأنت ما غير تجدّع سلامات منا ومنا!! انزل سلم خمس دقايق ما بتعطلك.
عبدالإله بابتسامة : لا حبيبي أنا حالف ما أسبّق أحد قبل صيتة بنت عبدالله ،، حوّل بس.
فهد بهدوء وابتسامه : نشوفكم على خير ومشكور عزام على التوصيلة.
عزام ببرود ينظر للأمام دون أن يكترث إن كان سمع ردّه أم لا : هلا..

حاول عبدالإله ألا يعلق، حاول جاهداً فقال هارباً يبتعد عن عتبه بعد أن تحركت السيارة لمسافة : أيوه وتقولي وش الأخبار؟
عزام بابتسامة صغيرة : أبد لا عاد تروح وتتركني والله حسيت إني وحيد.
عبدالإله : حبيبي المرة الجاية بحجز لك قبلي.
عبس : تكفى إذا الدعوة فيها سودان ماسودان إعفيني.
صفع كتفه بخفه : لا الوجهه الجاية غرب آسيا أذربيجان واللي حولها ومحفول مكفول تدلل ياولد صيتة.
ضحك : يارجال وش بلاك أنت مناشب البهايم على العيشة؟ الحياة الفطرية تشتكي.
ابتسم لضحكته : وباقي أمورك؟
قوس شفتيه بتفكير : على حطة يدك.
عبدالإله : وشغلك مع أبو عارف؟
عزام بعد صمت قصير : يبي له شوي.
رفع حاجباً : وشعاع؟
ابتسم : وش فيها؟
ثم أردف بحاجبين انعقدا : وش فيك أنت توك جاي وتستجوب!! ما امدى عظامك تبرد ياخوي.
عبدالإله محاولاً تخفيف نبرته كي لا يخرج سؤاله حادًا : ليكون غاثها؟ أعرفك أنا غاوي نكد.
ضحك باستنكار من وصفة : الله يكتب أجرها .
رمقه بإزدراء يقول ممتعضاً : اللهم آمين ويصبر قلبها عليك يا العلّه. أنا ساكت لك لأنها ماقد اشتكت لكن إن جا يوم وشفتها ضايقة منك أنت عارف وش بسوي..
نظر له عاقداً حاجبيه : إذا هي بنت أختك ترى أنا بعد ولد أختك ، وين العدل والمساواة هاه؟
صفع يدَه التي شدّت على ياقة قميصه يسحبه باتجاهه : أنت جاني على نفسك بالحركات ذي بس هي ضعيفة ما تستاهل.
عادت يد عزام على المقود، يشد عليه بكلتا يديه بعد أن حرر قميصه مبتسماً ابتسامه طفيفة : الله يسامحك.

سكت عبدالإله ولأول مره يكون الصمت الذي يجمعه بعزام ثقيلاً هكذا،، لذا قال محاولًا تغيير الموضوع : والله يا إني مشتاق لميمي..

لكن عزام لم يعلق واستمر الصمت حتى وصل لبيته..
.
.

"والله إني قايل شكلك ياحاكم ولد الغسالة.."
قالها حاكم بإزدراء ينظر بطرف عينه لأمه التي تلتصق بفهد الجالس جانبها دون حتى أن تسمح للهواء بالعبور بينهم..
ضحكت : والله إن غلاكم واحد و أحبكم كلكم بس اشتقت لفهود.
حاكم : غلانا واحد إلا فهودي زايد كم نقطة .
عادت تحتضنه من أكتافه تقربه لصدرها : وش أسوي والله اشتقت له.
حاكم : آه لو يصير اللي في بالي بس.
ضحكت ريم من أعماق قلبها على نبرته الجدية وملامحه الحالمة، ثم على نظرة والدتها التي كادت أن تقتله.. ثم على تعليقه عندما رفع يديه مستسلماً يتصنع الخوف : ورب الكعبة بالحلال يمه.
سارة : لا أنت صدق فصخت الحيا والاحترام مره وحده.
حاكم وعن عينيه لم تخفى ملامح فهد الضائقة منذ أن ركبوا السيارة وحتى هذه اللحظة : الله يزوجني ويعجل بعرسي لأن الاضطهاد في هالبيت وصل حدّه.
حاولت سارة أن تقوم من مكانها لكن يدي فهد التي امسكتها منعتها لتقول بإنفعال : أنا اوريك الاضطهاد شلون قايل..
اتجه لها يرتمي بجانبها يحتضن رأسها محاولاً تقبيله رغم مقاومتها : يمه أنا قابل للانحراف احتويني تكفين.

.
.

منذ أن انفصل عبدالإله عن زوجته واستقر في منزل أخته حتى وأصبح روحاً خفيفة تكفي همسه منه لتطِير بأصحاب البيت فرحًا.. شعلة المنزل و الأساس الثابت، صانع البهجةِ -حرفياً- فمجرد وجوده في المكان يكفي لتغيير كل شيء.. حتى عزام،، والذي لم يتوقف عن الحديث أو حتى الابتسام منذ أن دخل وحتى هذه اللحظة.. يمازح عبدالإله الجالس في الجهة الأخرى بجانب والدته، يصفع يده كلما حاول ضم أكتافها، يقربها له مقبلاً كتفها : والله إني اشتقت لك ياريحة أمي..
كان قلب صيتة خفيفاً يطير بين جوانحها، عن يمينها عبدالإله ويسارها عزام، ومن أمامها شعاع بابتسامتها التي تذيب الحجر من شدة رقتها.. أيام كهذه تجعل الحياة تدب في أطرافها لدرجة أنها تشعر وكأنها ستعيش مليون سنة فوق عمرها.
عبدالإله باستنكار جدّي : ميمي من جيت وهي ماغير تمسك بشنبي خير إن شاءالله وش قايلين لها أنتم؟

انفجرت شعاع تضحك من أعماق قلبها ، تضع يدها على فمها بصدمة ضاحكة ما إن خرج صوت كصوت الشخير من أنفها.. تشاركها صيتة التي لم تستطع أن تمنع ضحكة طويلة من أن تخرج من بين شفتيها ما إن رأت ردة فعلها وملامح عبدالإله المرعوبة وهو يحاول أن يمنع ابنته التي بدأت تشد شواربه بقوة قائلاً بقلق : ميمي بتمّزعين براطمي وش جاك بسم الله!!

ابتسم عزام ابتسامة المتورط عندما وقعت عينيه بعيني شعاع،، فقد ضبطته متلبساً بالجرم المشهود يتفحص جسدها الذي بدا مختلفاً عليه بسبب ماترتدي -رغم أنه لا يختلف عما ترتديه عادةً لكن يبدو أن عيني عزام للتو أبصرت النور- كان فستاناً منزلياً بسيطاً لكنه بدى عليها كقطعة من ذهب. أعادت خصل شعرها خلف أذنها تقف بارتباك تمرر لسانها على شفتيها و تحاول تجاهل الرعشة التي سرت في أطرافها من نظرته.. تبدأ بتقطيع كيكة الشوكولاته التي أعدتها باكراً.. كانت الساعة تشير للعاشرة مساءً ولم تمضي سوى ساعة فقط منذ أن انتهوا من تناول العشاء الذي جعل عبدالإله يقبل رأسها بعد غسل يديه قائلاً بود كبير : الله يسلم هاليدين ويحرمهم عن النار .
ابتلع عزام ريقه عندما مدت له صحنه، يبتسم لها ابتسامة المتورط إياها يشوبها شيءٌ من الإحراج.. يحاول التصرف بشكلٍ طبيعي : أنا قايل شهر وما عاد بدخل مع الباب.
شعاع بعذوبة : صحة وعافية يارب. عاد إن شاءالله طعمها يكون زين.
عبدالإله بتلذذ يلعق ماعلق بأصابعه : اذكري الله المفروض حنا اللي نقول إن شاءالله نقدر ناكلها زين..
قالها يأخذ قطعة من قطع الفراولة التي تزينت بها يطعمها مريم التي لم تفارقه منذ أن وصل..
عزام : أنت طول ما أنك مو معترف بالشوكة انسى تاكل زين مثل العالم والناس.
عبدالإله : يارجل ذي من زينها تنأكل بلقمه وحدة.

.
.

عاد للتو من الخارج.. يقف مترددًا أمام باب المجلس الخارجي لا يعلم هل يدخل أم يكمل طريقه لداخل البيت خصوصا وأنه يرى نعلي ناصر بجانب نعلي حاكم. قرر الدخول للبيت درءًا لأي مشكلة رغم أنه مشتاق لناصر جدًا.. لكن ما إن خطى خطوة للأمام حتى وعكسها ليقرر الدخول وليفعل ناصر مايشاء..

كانت الساعة قد تجاوزت الثانية عشر بعد منتصف الليل.. يجلس حاكم سانداً ظهره على المسند بابتسامة بلهاء على ثغرة يشبك كفيه خلف رأسه، يعطي ناصر ظهره و الذي أتى قبل ساعة تقريباً للسلام على والديه وعليه .

كانت ساعته تعيد لحظتها مراراً وتكراراً وكأن أي حدثٍ في حياته قبل هذا لم يكن. عمره لازال واقفاً تحت نافذتها، عندما خرج من بيت خاله بعد أن سلم على الموجودين فيه يقف في منتصف الساحة يتصل عليها فردّت بسرعة تتحمد له بالسلامة.. كان ينوي أن يسمع صوتها فقط لكن لم يشعر بنفسه وهو يمتر ساحة منزل خاله ذهاباً وإياباً يتحدث معها في مواضيع شتى.. تلفت برأسه يتأكد من خلو المكان قبل أن يقول -بنبرة مبتذلة جدًا أضحكته وأضحكتها- رافعاً رأسه للأعلى حيث نافذتها : تعالي لي.
الجادل بضحكة صاخبة رغماً عنها : وش قلت؟
حاكم ورنّة ضحكتها أنارت السماء في عينيه : والله إنك مو بكفو.. أقول طلي من الشباك بس.
رغم أنها لازالت تضحك لكنها قفزت من مكانها تغلق جميع أنوار الغرفة وتكتفي بنور الإضاءة القريب من النافذة، وقفت خلف الستارة الخفيفة تبعد طرفها قليلاً لتسترق النظر..

المنظر بالأسفل كان قصة أخرى.. تلاشت ابتسامته الواسعة،، أخذ شهيقاً علق في رئتيه دون زفير،، حاكم يرى ظلاً وهالة عظيمة هي شعرها تحيط بها،، لم يرى طرفاً منها ولكن ظلالها تكفي.
ابتسمت الجادل وهي ترى وجهه بالإنارة الخفيفة. عينيه متسمرة على النافذة ولازال الهاتف على أذنه. همست : أنا لازم أقفل الحين.
رفع يده لفمه يرسل لها قبلة وصلت لها والتصقت بقلبها، عادت تهمس بصوت مثقل بالعواطف : مع السلامة..
كان وكأن الصوت قد غادره، لوح بأصابعه لازال الهاتف على أذنه إلى أن اختفى ظلها وصوتها..

رمش أكثر من مره يخرج من غرقه عندما سمع صوت فهد : السلام عليكم.
اعتدل جالساً يرد السلام بخفوت يتابع بعينيه ناصر الذي وقف كالملسوع يخطو خطى واسعة باتجاه الباب ماراً بفهد صادماً كتفه بقوة جعلت جسد الآخر يفسح المجال له جبرياً قبل أن يتعداه خارجاً من المكان.

كاد فهد أن ينفجر لكنه أمسك نفسه، يضع كفه على كتفه الأيمن يضغط عليه ينظر للأرض بعبوس،

"ناصر" .. صرخ بها حاكم بإنفعال بعد أن لحق به..
ليلتفت الآخر بملل قريبا من باب الشارع : نعم.
اقترب منه يهمس بغضب مكتوم كي لا يصحَى أهل الأرض جميعاً من صراخة : أنا أبي أعرف بس أنت متى بتمل؟
لكن ناصر رفع حاجباً دون أن يعلق، يلعب بميدالية مفتاح سيارته..
حاكم بإنفعال : حرام عليك اللي تسويه فيه أبو شواربك يالرخمة.. نعنبو غيرك ذا الحركات مايسويها العدو لعدوه كيف لا صارت من أخ لأخوه؟
ناصر : أنا مالي من الأخوان غيرك. ولّا فهد قربه خسارة وخوتّه نقص.
زفر بغيض يشعر بالنيران ستخرج من أنفه : أجل حط في بالك إنك بتقعد بليّا أخوان وبتخسر اثنين مو واحد طول ما أنت تعامل فهد بالطريقة ذي .
ناصر بقهر : أنت مالك دخل باللي بيني وبينه .
دفعه بقوة حتى التصق بالباب خلفه يصرخ بوجهه بعد أن أصبح كبت البركان داخله مستحيلاً : لا لي دخل دام فهد للحين أخوي.

عاد حاكم للمجلس، يغلق أزرار ثوبة وقد خسر واحداً منها، يعيد ترتيب شعره يشتم تحت أنفاسه..
رأى فهد يجلس على أحد المساند، يظهر الانشغال بهاتفه الذي يكاد أن يفتته بقبضة يده من قوة ضغطه عليه : أخوك ذا مريض كم سنة مرّت من رجعت وهو للحين مو متقبلني؟
عبس حاكم محاولاً التحكم بنبرة صوته فنبرة فهد المكتومة تكفي : يارجال اتركه عنك لا يضيّق صدرك الرخمة.
رفع عينيه لتقع بعيني حاكم وليته لم يفعل، كان لحدودها التي بدأت بالإحمرار ولمع الدمع على سطحها سطوة أذابت داخله.. ليقول بتعب واضح : ناصر هد حيلي ياحاكم،، مهما حاولت أتجاهله ما أقدر.. والله العظيم إن فيني من الهم اللي يكفيني مو بناقصه عشان يزيد علي...
ليقاطعه حاكم عندما بدأ الارتعاش يتضح بنهاية كلماته : ذا ماله إلا أبوي هو بيعرف كيف يتصرف معه ، شايب بس عقله أصغر من عقل سلمان ولده.
لينتفض بهلع : والله إن اللي صار مايوصل لا لأمي ولا لأبوي.
عقد حاجبيه بحزم : لا اسمح لي المره ذي أنا اللي بوصله!! إلى متى بتقعد ساكت يافهد خليهم يدرون يمكن يوقف عند حده هاللي مايستحي ولا ينتخي.
مرر كفيه على خصلات شعره وأصابعه تنغرز فيها بتوتر شديد وقوة وغضب كادت أن تقطعه من جذوره : حلفتك بالله ماتجيب طاري قدام أحد ، تكفى يا حاكم هي قدها متوتره بينهم لاتزيدها.
حاكم بقهر فكلا الإثنين أخويه وإن كان فهد شقيق روحه فناصر هو روحه : وأنت تظن إنه اهتم ولا تأثر؟ خبر خير يجي ويروح وسيع الوجه ولا كأنه غلطان.
لمعت عينيه بحنين ليقول بنبرة متهالكة : ناصر ماكان كذا لا ذا طبعه ولا ذي أخلاقه تذكره أنت وكيف كنت أنا وهو أول والله كان يقوّم الدنيا ولا يقعدها إن شافني متغّلق ولا يتركني إلا لا طاب خاطري..
سكت قليلاً قبل أن يقول بأسى : ماعليه أنا مقدّر إن الموضوع صعب والنفْس ماتقبله، إذا أنا للحين أحس اللي صار كله وهم وإني بكابوس وبصحى منه بأي وقت..

ساد الصمت ولم يجد حاكم ردًّا يواسي به الحزن الطاغي في نبرته، كان حزناً قادراً على أن يهدّ الجبال من ثقله و شدة وطأته.
جلس أمامه على قدميه.. ينظر له مبتسماً ابتسامه لا معنى لها في عينيه لمعة مواساة شعر بها فهد تطبطب على قلبه ليقول بعد ذلك متمتماً يرخي بصره فثانِيةٌ واحدة للأعلى ستكون كفيلة بانفجار سدود عينيه : ماعليه ناصر يحتاج وقت وأنا بنتظره إلى إن يطيب اللي بخاطره،، حتى لو أخذ عمري كله.

.
.

خرجت شعاع من دورة المياة المدمجة بالغرفة، تقف أمام التسريحة كعادتها كل ليلة قبل أن تنام.. تمشط شعرها ثم تضع كريماً للعناية على وجهها.. مرطباً للشفاه يوضح امتلائها و رشّتين عطر برائحة باردة على رسغيها قبل أن تمسحهما خلف أذنيها.. روتين اعتادت عليه ولم يخفى عن عيني عزام هذه الليلة وهو يتمدد في مكانه يظهر التشاغل بهاتفه لكن عينيه تسترق النظر إليها ولحركتها الرقيقة وكأنها تخشى على الجمادات من أن تتأذى..

يشعر بها وبسطوتها تحاول كسَر أسوار قلبه، وشعاع قادرة على ذلك لكن قلبه يأبى.. هناك سور عظيم لا يمكن كسره أو حتى تسلقه.. عزام يستكثر على نفسه السعادة وراحة البال وكأنه لا يستحقها ولا ينتمي إليها مع أنه والله يستحق السعادة بجميع ألوانها.
اقتربت تبتسم بنعومة تفرك يديها ببعضها بعد أن وضعت كريماً عليها : غريبة مانمت للحين؟
كان ضوء الإنارة الخفيف في الغرفة يضفي طابعًا حميميًا على المكان. جعل عزام يرخي نبرته تلقائياً وكأنه يهمس : سولفي علي إلى أن أنام بكرة لازم أصحى بدري وعيّا يجيني النوم .
ضحكت باستنكار تجلس مكانها على السرير : عن وش تبيني أسولف بالضبط؟
مال بجسده يضع رأسه في حضنها يسأل دون أن ينظر لها وكأنه محرج منها : كيف شغلك مرتاحه فيه؟
بدت على وجهها ملامح الدهشة ثم تحولت لابتسامة تعجب خفيفة، بدأت أصابعها النحيلة تتوغل بين خصلات شعره الكثيف ليغمض عينيه وتسترخي عضلات وجهه بشكلٍ ملحوظ، تقول بنبرة هادئة وكأنها تخشى من أن تُفزع الهواء حولهم إن ارتفعت : الحمدلله، بس تصدق وش اكتشفت؟
عزام لازال على وضعه : وش؟
شعاع : إن مو هذا طموحي ولا ذي وظيفة أحلامي.
فتح عينيه لتلتقي نظرته بعينيها ولمعتها الآسره : أجل؟
مدت شفتيها بتفكير : نفسي أفتح شغل خاص فيني .
صرف بصره عن فمها : طيب حلو.
عبست : بس وش أفتح أنا مو فالحة بشي!
بدأ يشعر برائحة عطرها وكأنها تعبث به، وبعينيه تخونه وتعاود النظر لفمها الممدود : على حسب أنتي وش تحبين؟..
ابتسمت بشغب ترفع حاجباً وتضرب جبينه بخفه ليضحك من أعماق قلبه يرفع حاجبه بتحدي : أقصد وش تحبين غيري؟

شعرت بقلبها يتضخم بين أضلعها، سعادة يشوبها قلق بأن يكون عزام الذي تعرف قد تم استبداله في السوق السوداء بهذا الهادئ صاحب النظرة الحالمة والنبرة المشاكسة، شدت خده بخفه : مم مع إنها ثقة مفرطة لكنها تلوق عليك حبيبي..
ابتسم لها بود وخدر دون أن يجد ردًا لذا قالت بتفكير : والله مدري .
أغمض عينيه باسترخاء : طبخك حلو افتحي بزنس طبخ .
ضحكت برقه : لا تكفى مغامرة ذي وأنا إنسانة عندي فوبيا من الفشل.
ارتفع طرفي فمه بابتسامه لازال مغلقاً عينيه : أنا أدعمك.

شعر بقلبه يتقافز في صدره، ثم به ينكمش ما إن انحنت تقبل جبينه.. يشعر بدفء شفتيها على جلده ورائحة عطرها تداهمه من كل اتجاه عندما انسدل شعرها على وجهه.. إن ظنّ سابقاً بأن عطرها يعبث به فهو الآن بات متأكداً،، شعاع تعبث به وتعرف كيف تؤدي هذه المهمه ببراعة وعلى أكمل وجه : أدري إنك ماراح تقصر.. خلينا مني أنت علمني مرتاح بدوامك؟
خرجت الحروف منه بصعوبة وهو يشعر بالثقل في لسانه فلا أصابعها التي تداعب شعره ترحم ولا رائحتها المسكرة ترحم : الحمدلله... ماشي حالي.
شعاع بحذر : مافيه أمل ترجع لهيئة التحقيق والادعاء العام ؟
عزام وجفناه ينطبقان رغماً عنه : ما أظن.
قوست شفتيها بحنو : الله مخبي لك الأحسن أكيد.
سيطر النوم على حواسه فخرجت حروفه مبتوره : ممم..

نام بعمق لكن قلب شعاع بقى مستيقظاً طيلة الليل .. ابتسامة طفيفة ترتسم على وجهها تشعر بأن جميع نوافذ قلبها مفتوحة يهب عليها نسيمٌ باردٌ عليل من كل اتجاه،، تسترجع ماحصل قبل قليل وكأنها تخشى من أن تستيقظ صباحاً وتنسى كل شيء "ليتك يا عبادي جاي من زمان".

.

شعرت صيتة بالداخل عليها رغم حذره الشديد بأن يدخل بهدوء دون أن يصدر صوتاً، كانت في تشهدها الأخير ودعت الله كثيراً قبل أن تسّلم، أدعية فاض بها قلبها استودعتها الله وهي متأكدة بكرمه في الاستجابة.. الساعة توشك أن تتعامد على الثالثة فجراً لذا ما إن وقعت عينيها عليه يتمدد على سريرها حتى سألت باستنكار : عبادي للحين مانمت؟
جلس يسند ظهره على السرير خلفه يبتسم بهدوء : إن شاءالله دعيتي لي؟
بادلته الابتسامة : افا عليك خصصت سجدة كاملة لك لحالك.
ضحك : الله يتقبل منك.
سكت وسكتت معه، عم الصمت المكان إلا من همسات صيتة المستغفرة والتي ما إن انتهت حتى سألت : ماقلت لي كيف رحلتك المرة ذي؟
عبدالإله : حقها أكثر من أسبوع والله ولولا حلطمة حاكم كان مددت.
صيتة بضحكة : والله ماظنيت حاكم بس اللي ماجازت له، شكلها ياخوي ماجازت إلا لك.
تربّع بحماس : لا والله محد أكل قلبي بالحنّه غيره ، ولا فهد وعبدالله ولا كأنهم موجودين .
سكتت قليلاً قبل أن تسأل : شلون فهد؟
عبدالإله بابتسامة طفيفة : وحش.
لتقول بعطف : الله يسعده ويفرح قلبه.
تمتم بآمين قبل أن يخيّم الصمت مجدداً.. صيتة تعود لاستغفارها تراقبه بطرف عينها وعبدالإله يتردد كثيراً قبل أن ينطق : إلا صدق صيتة.
نزعت شرشف صلاتها تعطيه كامل اهتمامها : والله إني قايله وراك شي.. قول أسمعك..
تتبعها بعينيه حتى جلست أمامه،، تماثله في جلوسه وفي عينيها لمعة حماس.. رغم أن الفرق بينه وبينها يقارب الثلاثة عشر سنة إلا أن روحها قريبة منه وكأنها رفيقته.. ارتفع طرف شفتيه بشيء يشبه كل شيء إلا الإبتسامة : أكيد جاك خبر إن فلوة اعرست؟
رفعت حاجباً : ايه قالت مشاعل.. الله يوفقها ويستر عليها.
عبدالإله بتنهيدة : أخذت صديق أخوها.
سكتت قليلاً قبل أن تقول ببساطة : نصيبها..
ثم بتوجس : بس كأنه ضايق صدرك؟ لو كنت تبيها كان رجعتها قعدت منفصل عنها سنة وشوي مازانت بعينك إلا الحين؟
عبدالإله بسرعة وتبرير : لا والله لا زانت و ولاشي ولو كنت أبيها كان رجعتها .
ثم أردف عندما نظرت له بنظرة معناها "طيب؟" .. متنهداً : والله مدري وش أقولك بس حزّت بخاطري وشلت هم ميمي ما أدري ليش..
صيتة : ميمي ماحولها شر وأنت كانك تبي تعرس من بكرة أخطب لك.
عبدالإله بضيق : الموضوع ماهو مجاكر هي اعرست أقوم أنا أعرس عشان أقهرها.. يا شيخة أنا توي أبي أعيش عزوبي لفترة أبي أفلها.
ضربت فخذه بخفه : قد الشيب غزى راسك و عمرك ٣٧ وللحين مافليتها؟.. تلاحق على عمرك وجيب لبنتك أخ يسندها أنت مو دايم لها.
عبس في وجهها بامتعاض : وش فيك علي أنتي!! الله يطول عمري على طاعته يا بنت الحلال ترى إنتاجي مايوقف حتى لو صكيت الثمانين..
ضحكت : أبي مصلحتك ما أدري ألقاها منك ولا من عزام .. شيبان عرعر صدق..
عبدالإله : حطي حيلك بولدك أما أنا وش حليلي صدري شمالي وعايش حياتي بالطول والعرض وتوي راجع من السودان أكثر من كذا استغلال حياة ماتلاقين..
صيتة بابتسامة ونبرة تفيض بالحب : وعزام بسم الله عليه صدره شمالي جعلني ما أخلا منه قلبه كبير وعلى الكل بس مشكلته مايعرف يعبّر..

:
*

نظرت للكيس الذي مدّه عزام لي، يبتسم عابساً من أشعة الشمس المسلطه فوقنا : لا هنتي يمه وصليه للجوهرة.
عقدت حاجبيّ وأنا آخذه منه بعدم رضا، كنت سأعلق لكنه تركني عائداً للمجلس بسرعة وكأنه كان يعلم بنيتي..
تنهدت وشددت خطاي للداخل بعد أن كنت أقف في ساحة المنزل حيث طلبني عزام..
بحثت عن الجوهرة في الصالة والمطبخ ولم أجدها وكله لأجل خاطره ولأني لا أريدها أن تبقى في نفسه وقبل كل هذا صعوبة خروج كلمة "لا" من لساني لشيءٍ يطلبه، توجهت لمجلس النساء حيث الباب الموارب وكدت أن أدخل لولا صوت الجوهرة الذي أتى مستنكراً : أنتي وش قاعدة تقولين؟ أنا وعزام!!!! لا طبعاً مستحيل...
لم تكن نيتي أن اتنصت لكن صوت شعاع منعني من أن أبتعد : جوجو فتحي عيونك زين شوفي شلون يعاملك غير عنا كلنا..
الجوهرة بنبرة غريبة : أنتي مجنونة رسمي وش ذا الخرابيط؟
شعاع بتهكم : أجل وش تسمين جلساتك أنتي وهو إلى اليوم بالسطح لحالكم لين يطلع الفجر؟ تحسبين ماشفتكم؟
الجوهرة بإنفعال : وش قصدك؟

صُدمت فعلاً فموضوع لقاءات السطح هذا انتهى منذ سنتين عندما تغطت الجوهرة عنه، أو هكذا أوهمتني هي وعزام!!

ارتفع حاجِبي باستنكار عندما سمعت لولوة ابنة عمتي صيتة تقول بهمس مرتفع : شعاع ماتقصد شي بس ترى والله الكل ملاحظ ماله داعي تنكرين،، يعني تبين تقنعيني إنك ماتحبين عزام؟
الجوهرة بقوة : لا طبعاً أكيد أحبه.. عزام صديقي و أقرب واحد لي وأكيد أحبه بس مو بالطريقة اللي أنتي تقصدينها.. أصلاً ماقد فكرت ولا طرى على بالي حتى أنا ما أدري أنتم كيف تفكرون؟

وضعت يدي على قلبي فعزام قد وصل الواحد والعشرين من عمره وقد طلبها مني أكثر من مره، يطلب الجوهرة زوجةً له بعينين تنطق بما في قلبه وكأنه بقربها سيملك الأرض وما عليها..
ابتلعت ريقي وأنا أسمع الجوهرة تهدد : معليش بنات الأفكار التعبانة ذي لا تطلع لأحد عشان اللي بيني وبين عزام مايخرب.
بعدين تعالي ياشعاع وش فيك جايه تهاوشين ومنفعله شوي وتضربيني؟ أخاف أنتي اللي تحبين عزام وغيرانه.
شعاع بارتباك سمعتُه بصوتها : عزام ولد عمي ومثل أخوي.
الجوهرة : وأنتي لولو ؟
لولوة بسرعة : وأنا بعد عزام عندي زي حاتم وعبدالله وسعد.
عم الصمت لثواني قبل أن تقول الجوهرة بثبات : وأنا أشوفه مثل أخواني بعد.

ابتعدت عن المكان بخطى واسعة ولم أتوقف إلا عند باب مجلس الرجال الخارجي أضربه براحة يدي أنادي بانفعال : عزاام.. عزام يا ولد تعال اطلع لي أبيك .
خرج بسرعة مغلقاً الباب خلفه ، يمسك يدي يسحبني معه بعيداً عن المكان : يمه العيال كلهم داخل كان دقيتي علي وأنا أجيك..
حذفت الكيس عليه ليتلقفه بسرعة قبل أن يقع : الجوهرة قاعدة مع البنات يا تجيب للكل يا لا تجيب.
عقد حاجبيه باستنكار : طيب ناديها واعطيها .
كنت أشعر بالغضب أتمنى أن أصرخَها في وجهه : عطها أنت لا واعدتها بالسطح..
لكنّي ابتلعت جملتي لم أقوى وأنا أرى نظرة القلق في عينيه.. بغض النظر عن أنه كذب علي وعلى الجميع، ورغم أن ما سمعت كان حواراً لا أساس له يدور بين مراهقات أكبرهن هي الجوهرة في الثامنة عشر من عمرها.. أسفي وخوفي وغضبي كان على ابني صاحب النظرة الحالمة والنبرة المشتعلة والمشاعر الصادقة في كل مره يتحدث بها عن الجوهرة.. قلبه الشفاف أرق من أن يؤذى.. إن كانت هي صغيرة لم تحكّم مشاعرها بعد، فأنا متأكدة بأن عزام كان يكبر عمره بسنوات -في موضوع الجوهرة على الأقل- ومشاعره ورغبته وشغفه بها لم تكن نزوة أو مشاعر مراهق في فترة من فترات حياته وستنتهي ما إن يملّ منها ويجد شغفاً جديداً يشغله.. كان صادقاً في كل شيء يخصها وهذا ما أخشاه عليه..: أنت ما تفهم وش أقول؟
ارتفع حاجبيه حتى كادا يخرجان من حدود رأسه يقول باستغراب : لا أفهم ، خلاص طيب لا تعصبين بوزعها على العيال.

*
:

ابتسمَت على عبدالإله الذي قال بنظرة ونبرة : دواه عندي ذا الخرتيت .
ضحكت : أقول بس اتركك من عزام وعلمني وش رايك بلولوة بنت عمتي صيتة؟
عبدالإله : هجمة مرتدة ذي ماحسبت حسابها..
صيتة وتجاهلت ماقال : تعرفها لولوة بسم الله عليها نفس ماهي ما تغيرت من يومها صغيرة غير إن حلاها زاد.
عبدالإله : أعرف لولوة بس الله يرحم والديك أجلي الموضوع لين يجي وقته.. البنت توها تطلقت وطلعت من تجربة فاشلة ما أظن لها خلق تقابل رجال على الأقل لين تنسى..
صيتة : ترى بنتك تبي أم أنت لحالك ماتكفي..
عبدالإله بابتسامة : وأنت وين رحت ياجميل؟
صيتة : أنا ات...
ليقاطعها واقفاً ينوي الخروج : ايووه صح عليك أنتي ات.. أنا رايح اتوضا تصبحين على خير..

.
.

صعدت عتبات الدرج تحمل بين يديها صينية الإفطار، بالكاد تفتح عينيها من شدة النعاس..
وصلها صوته العالي -وكأن البيت يخلو من النائمين- ما إن وضعت الصينية على الطاولة الصغيرة بصالة الطابق العلوي : مشاعل وين شراريبي؟
ارتمت على الأريكة وردّت بصوت أعلى من صوته ليسمعها "ماصحوا من صوته بيصحون من صوتي!!" : كل شي موجود عندك بالدولاب..
صمت لثواني ثم عاد الصوت مجدداً...: وين؟ مالقيت شي تعالي أبي شراريبي الكحلية تكفين لا أتأخر على البصمة..
تأففت بضيق قبل أن تقف تسحب أقدامها متوجهةً لغرفة نومها : وإن جيت وطلعتها لك؟ مير أنت حتى لو إنها قدامك منت بشايفها..

دخلت الغرفة لتجده يخفض رأسه يغلق أزرار ثوبه الأبيض .. لكنه ما إن رفعه على دخولها ووقعت عينيها على وجهه حتى وضعت يدها على فمها بصدمة : وش سويت بعمرك أنت؟
قطّب حواجبه يتجه لمرآة الخزانة يتفحص وجهه : بالله باين؟؟ وش أسوي ماكينة الحلاقة أكلت نص عوارضي فضطريت أشيلها كلها..
ثم أردف بضيق : والله أحس كأني مفصخ.
ضحكت وهي تمشي له وعينيها على وجهه المحبب لقلبها : من تزوجتك ماقد شفت وجهك بدون شعر والحين عرفت النعمة اللي كنت فيها..
ثم وضعت يدها على خده الأملس تنفجر ضاحكةً في وجهه..
ضرب كفها بخفه : مو قبيح للدرجة ذي عاد.. لا تبالغين!
عادت تضع يدها على خده بعناد : مو قبيح بس معليش الشنب مو متساوي اليمين أطول من اليسار طالع كأنه ستاره..
عاد يصفع يدها : مشاعل رجاء حار هذا موضوع حساس تكفين عن التريقة! صدق جهه أطول من الثانية؟
مشاعل : والله العظيم .. تعال اضبطه لك..

سحبته من يده لدورة المياة. أمسكت ماكينة الحلاقة تفتحها وتقربها من وجهه تبتسم ابتسامة تنطق شراً .. لكنه أمسك بيدها يعيد رأسه بخوف : وش ناويه عليه؟
مشاعل وقد طار النوم من عينيها تماماً وحلّ محلها شغب جعلها تعود ثلاثين سنة للخلف : لا تخاف خالد صدقني بضبطه لك..
خالد ولازال هارباً برأسه : مشاعل تكفين عاد الموضوع ذا مافيه استهبال إلا شواربي فيها قبايل ذي..
أغلقت الماكينة لا زالت تضحك على ملامحه المرعوبة والتي أصبحت فكاهية أكثر بدون عوارض، تخصرت بامتعاض : خالد شدعوة مافيه ثقة؟
رمقها بطرف عينه : الصدق إني ما أضمنك ساعات..
أعادت تشغيل الماكينة : مقبولة منك.. وعد إن أسويها لك أحسن من الحلاق.. قرب راسك لا تخاف..
أغمض عينيه واستسلم وهو يضع في باله أسوأ الاحتمالات -مافيه شي يخسره العوارض وطارت- .. عم الهدوء المكان إلا من صوت الماكينه الخافت، ومشاعل تصب كل تركيزها فيما تفعل لدرجة أن خالد توتر.. فتح عينيه ليراها تطبق على شفتّها السفلية بقوة دلالة التركيز : مشاعل تكفين رجولتي بين يدينك الآن.. استشعري عظمة الموقف واتقني شغلك.
ابتسمت ترفع حاجباً بثقة : ازهل ياخوي ماعليك..

أكملت عملها بكامل تركيزها لدرجة أنها لم تنتبه لعينيه التي بدأت تتأمل وجهها.. ما إن انتهت ابتعدت تتكتف وابتسامة النصر والرضا تعتلي ملامحها : شوف و أعطيني رايك..
لف وجهه للمرآة ليقول بنظرة تفحص وحاجب مرفوع : أفضل مما توقعت!
تطايرت عيناها وهي تغلق الماكينة : نعم؟ والله إنه شغل نظيف ومرتب أكثر من شغلك وشغل حلاقك.. لو إنك مناديني اضبط لك العوارض من البداية كان طلعت من حلاقة اليوم بأقل الخساير..
مرر سبابته على شاربه الذي أصبح مرتباً من عند الأطراف : إلا قولي توبه أحلق في البيت..
مشاعل : أنا أشوف توليني موضوع حلاقتك من اليوم وطالع و أوعدك في كل مره أسوي لك شكل غير من باب التجديد..

خرجت من دورة المياة تضحك على طرفتها ليلحقها : المهم الحين تكفين أبي شراريبي الكحلية أم أحمر قلبت الدولاب ولا لقيتها..
توجهت للسرير ترفع الغطاء الغير مرتب وتنفضه ليتطاير زوجين من الجوارب كحلية اللون بدوائر حمراء : وذا وش؟ كل ذا القبح اللي بهالشراريب ولا شفتها؟
أخذها يضحك : إلا هالشرّاب عاد.. تراه أحسن شراريبي باااارد وخفيف..

انتهى من تناول إفطاره تجلس معه مشاعل ترافقه كما اعتاد كل صباح حتى وإن كانت لا تأكل.. الروتين الذي لم يتغير منذ أن ارتبط بها ولا يتمنى أن يتغير أبداً.. أن يكون وجهها هو أول شيء يفتح عينيه عليه وآخر شيء يغلقه عليها، تشاركه أبسط مايقوم به حتى وإن كانت في قمة تعبها..
كانت خطوة ناجحة بل أنها ضربةُ الحظ التي أنقذت حياته قبل أكثر من ٢٥ سنة ولولا الله ثم مشاعل لا يدري خالد أين سيكون الآن.. طارت به من القاع لسابع سماء وجعلت لحياته معنى وقيمة بعد أن كانت ضائعة وتحاول الإفلات منه..

خرج من منزله يحك خده العاري مستنكراً الهواء الذي لفحه وشعر به.. تفقد انعكاس وجهه بنافذة باب سيارته يعبس بضيق وعدم رضا فبعد أن كانت عوارضه الكثيفة التي يخالطها الشيب تزيده هيبةً و وقار، أصبح وجهه الآن كوجه مراهق ستيني فاحش الثراء السيجار الكوبي لا يفارق أصابعه.

كانت عينا حاكم الجالس داخل سيارته -ينتظرها تسخن- تتابع تصرفات خاله باستنكار وقلق.. كان وكأنه يتحدث مع نفسه يلمس خديه ويتصرف بغرابه جعلته يترجل من سيارته يقترب منه بابتسامة ما إن رأى جانب وجهه : هلا خالي.
تصدد عنه يقول بسرعة يحاول رفع طرف شماغه : هلا هلا.
حاكم بروقان : صّبحك الله بالخير .
فتح بابه : هلا والله يصبّحك بالنور..
حاكم يعاود إغلاق الباب واضعاً كفه عليه يقول بخبث : فيك شي خالي؟ وجهك ماهو بطبيعي!!
تمتم تحت أنفاسه : الله يمتحنك ياولد سلمان .
حاكم مقرباً رأسه : سم؟
نظر له بحده : أقول تبي شي؟
ضحك : لأ، أنت تبي شي؟
خالد بامتعاض يبعد يده المستنده على الباب يفتحه ويركبها على عجل : سلامتك.. فمان الله تأخرت.

شخط مبتعداً ليضحك حاكم يستبشر خيراً ببداية اليوم.. يخرج هاتفه يرسل لها رسالة (أبوك وش جاه ولعب بشنبه؟)
.
.

منذ ليلة البارحة وعيني عبدالله لم تذق النوم.. يشعر بأنه أدخل نفسه في دوامه هو في غنى عنها..
يجلس على السرير ينظر للجوال أمامه بحيرة..
.

فهو ما إن دخل غرفته بالأمس حتى وأوصله بالشاحن حتى امتلأ.. يتربع بحماس عندما ظهرت العبارة الترحيبية ما إن فتحه، ثم الخلفية التي ظهرت له باللون الأحمر ورقم ١٩٨٩ مكتوبة بخط أزرق في المنتصف..
رفع حاجبه عندما طلب منه إدخال الرقم السري، ليكتب الرقم الموجود في الخلفية بدون تردد.. اتسعت ابتسامته يهتف لنفسه ما إن فُتح : يسلم لي عقلك يالهكر .

ثواني أو ربما أقل حتى وبدأ الهاتف بالرنين معلناً عن وصول عدد من الرسائل .. لتبرد أطرافه وهو يقرأها..
( أخيرًا فتحتي جوالك يال* ).
( تحسبين إنك بتروحين من يدي؟ )
( والله لا أخليك تندمين قد شعر راسك ).
( يمين بالله لا أطلعك لو من تحت الأرض وأخليك تكرهين الساعة اللي جيتي فيها يالواطية ).

.
.
.
.


# نهاية الفصل الرابع
نلتقي قريبًا إن شاءالله


سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ♡.

 
 

 

عرض البوم صور وطن نورة ،،  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 07:53 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية