لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-03-20, 09:29 PM   المشاركة رقم: 256
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مشرفة منتدى الحوار الجاد


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 70555
المشاركات: 6,526
الجنس أنثى
معدل التقييم: شبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسي
نقاط التقييم: 5004

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شبيهة القمر متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: أَحلَامٌ تَأبَى أنْ ’ تَنْطفِئ ،، / بقلمي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حصة علي مشاهدة المشاركة
   متفائلين بانحسار سريع للمرض عن أوطاننا و
أوطان المسلمين
ومتفائلين بتعويض جامد من وطن نورة، جزء جزئين، عشرة
أهم شيء تكون بخير وترجع لنا بخير ...

اللهم آميييين....

 
 

 

عرض البوم صور شبيهة القمر  
قديم 18-03-20, 09:31 PM   المشاركة رقم: 257
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مشرفة منتدى الحوار الجاد


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 70555
المشاركات: 6,526
الجنس أنثى
معدل التقييم: شبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسيشبيهة القمر عضو ماسي
نقاط التقييم: 5004

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شبيهة القمر متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: أَحلَامٌ تَأبَى أنْ ’ تَنْطفِئ ،، / بقلمي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها مشاهدة المشاركة
   أسعد الله مساءكم بنات ليلاس .🍃💐

وطن نورة مرت من هنا ؟
يا مرحبا تراحيب المطر ،، أبطيتي يا جميلة ، عسى ما شر ؟

ومساك أسعد ... 💕💕💕

 
 

 

عرض البوم صور شبيهة القمر  
قديم 19-03-20, 04:18 PM   المشاركة رقم: 258
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2018
العضوية: 330628
المشاركات: 159
الجنس أنثى
معدل التقييم: وطن نورة ،، عضو على طريق الابداعوطن نورة ،، عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 176

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وطن نورة ،، غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي

 




أبها ♡

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها مشاهدة المشاركة
   سلمت يمينك وطن نورة ...💐

ما شاء الله تبارك الله ، فصل طويل وممتع، ولف على كل الشخصيات تقريباً.

لي عودة بإذن الله للتعليق .

الله يسلمك يابعد قلبي*

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها مشاهدة المشاركة
   السلام عليكم ورحمة الله ،،🍃
سلمت يمناكِ وطن نورة .💐

أحداث السودان &

رائحة الموت أزكمت أنوفنا ، وبلغت قلوبنا الحناجر ،،،
أصابنا الهلع والجزع، فللفقد مرارة ،،
والجميع له مكانة وقدر، عزام ،، وعبدالله ،، ومصطفى ،، وعثمان،،
حتى عذوب التي لم نعرف قصتها بعد، خشينا أن تصيبها رصاصة جوار الطائشة..

تصويرك المتقن، جعلنا نظنّ أن عبدالله هو المصاب، واستطعتِ بمهارتك أن تشحذي عواطفنا ومدامعنا نحو عبدالله ،
ثم انقلب الموقف فجأة، فتبين لنا أن المصابين هما عزام وعثمان .
👏🏼👏🏼👏🏼👏🏼👏🏼
حمداً لله على سلامتهما. 💐

جوار&

عاث في القرية الآمنة فساداً، وأوشك أن يُفقدها أحدَ أطفالها الأبرياء ،
لولا لطف الله،، 😓
شنو فيك يا زول ملخوم ؟ سببت للقرية عوجة كبيرة . 😁

*تصرفه القاسي مع عذوب ، وضربه المبرح لها ، يدل على تراكمات من غبن وكبت وقهر،، وقهر الرجال موجع..

جوار ،،، من أنت ؟ وماذا تريد ؟
ما الذي دفع عذوب للهرب منك ؟

اعتراف عذوب بأنها تعودت على السجن ،، أين ؟ ولِمَ ؟

نورينا يا وطن الله ينور عليك 💡

عزام &

غالباً عندما يقترب الإنسان من خط الموت، يتذكر المظالم، ويندم على أعمال ارتكبها في حق غيره،، ويتمنى لو طال به الزمن، ليصحح أخطاءه ويستدرك ما فاته.
( ربِّ ارجعون )
وأول طيف مرّ عليه هو ،،
شعاع التي لم يقدّم لها ما تستحقه من الاهتمام والحب،،
وربّ ضارة نافعة،، فها هو يعود لها ،،، يكاد يطير شوقاً وَوَلَهاً . ولسان حال شعاع يقول : ليتك مسافر من زمان 🥰

عبدالله &

والله إني قايلة إنك حبيّب، وينشد فيك الظهر،،
وعند الشدائد تظهر المعادن ،،
أشفقت عليك حقيقةً وأنت تبكي بحرقة، تخشى فقد عزام . 😞

*تذكرت يوم تقول لعذوب في السفرة الأولى إنك محامي ،وتبي تساعدها 😎 ، وإنت خربت الدنيا وجعلت عاليها سافلها 😂
والله إنها سفرة الشقى ، تراوالي بتردد في نفسك توبة من دي النوبة . وعن اللقافة الزايدة. 😂


ذيب &

اللغز المحير !!

هل فعلا تم غسل دماغه ليكون عميلا لليهود،، أم أنه تم ربطه بقيد لا يستطيع الإنفكاك منه ؟

" فمنذ أن أستيقظ اليوم ومزاجه متعكر"
هل شعر الأب ذيب في تلك اللحظة بآلام ابنه ؟

*الأسماء التي وشمت على ذراعه ،،
اسم أبيه وأمه وزوجته الحبيبة ،،
هل مازال يتذكر أصحاب تلك الأسماء ؟
أم أنها مُسِحت مع باقي الذكريات.؟

أبشركم يا بنات ،،
المرأة صاحبة الضجيج والقرقعة ،،
ليست زوجته . 😂
بل هي امرأة لعوب، وضعت في طريقه لغرض شرّير .👽👻
(بنت الذين عافرة وجهها ببودرة مخدرات ! )

نوعام ،،، يبدو أنه اسم يهودي .أعوذ بالله من شرهم 🤨

قتلت ساطي يا ذيب ! 🤭😳
وهل تعلم عذوب ، أن بطلها قتل أباها ؟


لولوة &

مبروك الخطبة يا لولو ، وعلى ضمانتي ما راح تندمين على ارتباطك بعبادي اللطيف.تراه بلسم لجروحك،، وبتشوفين بعينك. 😉


فهد &

وما إن حطت عينيه على الكبكين الأسودين بخطوطٍ ذهبية، حتى وارتعشت أنفاسه،
وذُرفت دموعه،
وأجهش باكيًا..

ما الذي أبكاه ؟
هل تذكر موقف مضى؟
أم أنه يخشى الغد،، ولقاء الغد، فهو الفاصل ، الذي سيثبت للجميع أنه رجل كامل لا ينقصه شيء.

عزام& فهد

فهد يفتقد عزام ،، الصاحب القريب الحبيب ،،، وبشدة، 👬
فهو كان له كالروح في الجسد؟
لِمَ اختلق هذا الموقف العنيف ؟ 🤼‍♂

هل أراد بفعلته أن يهدم الحاجز الذي وضعه عزام بينهما ؟ 🔨
هل أراد فهد أن يعود عزام السابق، ويقف بجانبه ،، وفي أهم مناسبة في حياته ؟
وأسفاً ترجم فهد تلك الرغبة بموقف عنيف، لعل عزام يفيق من سباته الطويل !

*( عسى ما ينقلب مزاج عزام ،على شعاع، بعد المعركة !
وحنّا تونا نقول ، ياالله عسى هالحب اللي تفجّر لشعاع يدوم ) 😏

🌟شكرا وطن على دعوة العرس،،
أشوة عندي بدلة جاهزة ،،، 👗👠👜
الله يستر من ليلة العرس ،،
والله إني خايفة، قلبي قارصني .
إن شاءالله تعدي على خير
ويتوفق فهد مع غادة،، ولا يخرب الزواج متطفل ملقوف ،، ويفضح ماضي المعرس 🤲🏼
أنا من زمان خايفة من ناصر وزوجته ،،
تهقون يصير لها دور بايخ في العرس ؟ 🤔
ما استبعد ،،


كل الشكر والتقدير للمبدعة وطن نورة.🌷
لا أسكت الله لكِ حسّاً،،، ولا أطال لكِ غياباً
وعافى الله والدك من كل شرّ. 🤲🏼
استمري يا بطلة . 👍🏼

الله يسلمك ومن هذا المنبر عزام يقولك شكرا على مشاعرك النبيلة*❤

جوار رجل غاضب مقهور ومندفع فلا يلام على أي تصرف خصوصا اذا تخلى عن رجاحة عقله ورضخ لوسوسة الشيطان*
عاث في البلاد والعباد الفساد ولله الحمد الأمور عدت بسيطة.

فعلا الإنسان يكون في غفلة إلى أن يشم رائحة الموت ساعتها تنقلب الموازين ويصير شخص ثاني*.
عزام كان غافل ويحتاج صفعة*
وشعاع لو درت خلته يسافر من زمان*

عبدالله ياعمري عمره وين مايطقها عوجى
البلا انه مايتوب خبز يدي*
اما بالنسبة لذيب ...........
اما فهد
بكاءه بكى خوف وضياع وتشتت وقلق
لازال فهد خائف من المستقبل حتى بعد ١١ سنة ولازال يحس نفسه ضايع حتى بعد مرور ٢٩ سنة*
ممكن لأن غادة ما تدري عن اللي كان فيه وهالشي بيخليه يعيش تحت عذاب تأنيب الضمير والقلق من أنها تعرف
وموقفه مع عزام عل وعسى يرجع المياة لمجاريها ولكنه وكما يبدو زاد الطين بله
ههههههه حياك الله بتلاقين سارة والشله في الانتظار
كل الشكر والتقدير لك انتي ابها
الله يسعدك ويحرم يدينك اللي كتبت هالرد الحلو عن النار ❤❤

missliilam♡

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة missliilam مشاهدة المشاركة
   عـ زام س ا جــ ر
ش عــ اع
ــصيــ تــ ـهــ


لتسأل رافعةً عينيها المتوهجتين له : ماذا يعني كل هذا؟


معناه ذلفي ذلفج الله😡😡😡😡👿👿👿👿👿👹👹👹👹👹👹👹👹👹 انت ومذكر الديك الحبشي مالج 🦃🦃🦃 قال نوعام قال😤😤😤😤 يا هويلة يا أم السعف والليف مش انت كشتك ملتهبة يا بت ؟ طب أهو 🤡🤡👺👺ايه رأيك بئىىىىى😈😈😈
ااااااخ يااا مين يطولني رقبتها طولااااه لكنتُ فشفشتها😫😫😫😫 ذييييييب يااااااا عسلاوي السمرة فوق لنفسك قبل ما أفوّق عليك سكاكين الخلق جالك كلامي يا خبيبي؟ تخبخبت عظيمااااتها قووول آميييين😤😤😤😤😡😡😡😡

هلا والله وسهلا ❤
هههههههههه والله انتي رهيبة الله يسعدك
وش فيك على ذيب انتظري عليه الرجال منتهي :(
حياك الله نورتيني جدا وترى فقدتك بالاجزاء اللي فاتت ❤:(

شبيهة القمر ♡

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر مشاهدة المشاركة
   قتلت ساطي!!!!"
هل يقصد نفسه !!ام شخص آخر قتل ساطي قدام ذيب علشان مايفشي سره !!
لغز محير فعلااا
فهد وعزام ..برافوا عليك يافهد ياأبضاي ايه نبي نشوف المواقف البطوليه لك ليتك كسرت راس عزام المصدي هههههههه
سارة ...ياتسبدييه ياترى وش بيكون ردة فعلها بعد ماسمعت سالفة عزام مع فهد !!!!
جوار والعذوب.. انا اتوقع ان جوار معه حق بكل شي يسويه واتوقع عذوب مخططه مع ابوها انهم يتخلصون من جوار بتدبير سالفه قتله لها ومنها انها تختفي وماأحد يدور عليها مثل ابوها ...
واتوقع بعد ان ابوها رئيس عصابه وهو الي خطط لخطف ذيب ودبر سالفه التفجير

انا ماغاضني الا ان عزام رجع من السودان بخفي حنين ...الحين وشلون بيلتقي مع ابوه وهو حالف مايعيدها مره ثانيه. !!!
ننتظر وطن تكشف لنا بعض من هالاسرار ...

ياهلا والله وغلا ومليون هلا❤❤
ذيب شوي شوي ويبان اللي تحت رأسه وللأسف هو من قتل ساطي بس ليش ومتى وهل ياترى هذا كله نشوفه في الحلقات الجاية ههههه :)
هااو وش فيك على عزام ترى والله مايهون علي:(
عذوب سالفتها سالفة بس قاعدين نطبخها على نار هادئة جدا هههه
عزام ما اتوقع يوطوط من السعودية خلاص الولد قلبه ما يتحمل أسبوع وغث عبدالله واشغله خخخ

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر مشاهدة المشاركة
   وطن ...
نسيت اقولك ان هالجزء يشفع لك اي تأخير ..فعلا جزء طويييل وممتع.. امتعتينا بأسلوبك الاثرائي والفكاهي ..الله يوسع صدرك بالعافيه ..😘😘💚💚

يا حبيبة قلبي انتي الله يسعدك ولا يخلينا منك والله العظيم اني سعيدة جدا جدا بك وبمعرفتك
واللهم آمين اجمعين يارب ♡♡

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر مشاهدة المشاركة
   وطن ..
ترى هنا احنا بنزعل ..تردين هناك عند الجيران وماتردين علينا هنا !!!😡😡

والله ان مافيه شي يشفع لي تقصيري معكم إلا أني ما استحي على وجهي :(
والحق معك والله لو تزعلين بس عاد انتي كريمة وأنا استاهل العفو ❤
و أدري إني مقصرة بس يشهد الله اني احبكم وأنتم بالذات لكم معزه خاصة والنية كانت إني اجي ارد هنا بعد ردي هناك بس ما امداني والله:(
امسحيها بوجهي المره ذي وابشري باللي يسرك ويطيب خاطرك في المرات الجاية ❤❤❤❤❤❤

رحيق ال ♡

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رحيق ال مشاهدة المشاركة
   فين الفصل الجديد وام الروايه توقفت🤔🤔🤔😯😯😯

لا ماتوقفت ياعيوني والفصل الآن
ولا تحرمينا من تعليقك على الجزء ❤

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر مشاهدة المشاركة
   الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 3 والزوار 4)
‏شبيهة القمر, ‏وطن نورة ،،, ‏JANNY

ياهلا بالي له الخافق يهلي

هلاا هلااااا ❤❤

حصة علي ♡

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حصة علي مشاهدة المشاركة
   متفائلين بانحسار سريع للمرض عن أوطاننا و
أوطان المسلمين
ومتفائلين بتعويض جامد من وطن نورة، جزء جزئين، عشرة
أهم شيء تكون بخير وترجع لنا بخير ...

يارب كلنا ثقة بالله وأنها ازمه وبتعدي على خير ❤
وابشري بالعوض والله أنكم تستاهلون عيوني ياعيوني
و ان شاءالله يكون الجزء قد التوقعات وما يكون مخيب للآمال :)
انتظرك لا تحرميني تعليقك ❤

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها مشاهدة المشاركة
   أسعد الله مساءكم بنات ليلاس .🍃💐

وطن نورة مرت من هنا ؟
يا مرحبا تراحيب المطر ،، أبطيتي يا جميلة ، عسى ما شر ؟

ومساك يارب ❤
ماشر ان شاءالله واعتذر والله على التاخير الخارج عن السيطرة:(
هذا الجزء وصل اتمنى ينال على استحسانكم ويعجبكم :)


 
 

 

عرض البوم صور وطن نورة ،،  
قديم 19-03-20, 04:22 PM   المشاركة رقم: 259
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2018
العضوية: 330628
المشاركات: 159
الجنس أنثى
معدل التقييم: وطن نورة ،، عضو على طريق الابداعوطن نورة ،، عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 176

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وطن نورة ،، غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي

 


اسعد الله اوقاتكم بكل خير..
> > جايتكم بتسريحتها
وش اقول و وش أخلي والله العظيم أنكم أكثر مما استحق ❤❤
الف شكر على ردودكم ياحبيبات قلبي .. واعتذر جدا على التاخير بس اختكم في الله تعمل في قطاع صار العمل فيه عن بُعد بعد الأزمة الحاصلة الله يكشفها عنّا :( وطلع الموضوع اصعب بكثير من العمل وجه لوجه وتعطلت أمور كثير غيرها حدتني ولا قدرت انزل الفصل :(
لكن كلي أمل أنكم بتقدرون ذلك كعادتكم وتسامحوني لأنكم أكرم مني وجمايلكم مغرقتني

اعتذر للي مارديت عليهم لكن يعلم الله اني سعيدة بردودكم وقريتها وأعطتني طاقة قادرة على محاربة الكورونا خخخخ
واتمنى تقصيري بالرد عليكم مايمللكم مني ويحرمني منكم ومن ردودكم ومتابعتكم :(♡♡♡

اترككم مع الفصل الثامن عشر، اتمنى ينال اعجابكم ويكون قد الانتظار ويشفع لي تأخيري ♡

كلكم معزومين على عرس فهد ولا أقبل أي اعذار (أبها أنتِ بالذات فهد شخصيا تواصل معي امس وقال لا عرس بدون أبها ههه❤❤ كذا بتحديني أخلي عرس عبدالإله ولولوة بكرة)
حياكم الله جميعا بتلاقون عند باب القاعة معقم لحد يدخل إلا وهو متعقم < ظرافة ألف :)

ونسأل الله أن يصرف عنا البلاء و الوباء و ينزل علينا السكينة و الشفاء ويحفظنا ويحفظكم ويبعد عنا وعنكم الشر ❤



 
 

 

عرض البوم صور وطن نورة ،،  
قديم 19-03-20, 04:32 PM   المشاركة رقم: 260
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2018
العضوية: 330628
المشاركات: 159
الجنس أنثى
معدل التقييم: وطن نورة ،، عضو على طريق الابداعوطن نورة ،، عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 176

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وطن نورة ،، غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: أَحلَامٌ تَأبَى أنْ ’ تَنْطفِئ ،، / بقلمي

 

.


أتمنى لكم يوم جميل و قراءة ممتعة مقدما ❤


# الفصل الثامن عشر،،
" كَأنِّي طَلبتُ الله خَيرًا، وجِئْتنِي "

.
.
.

مررت طرف اظفرها الطويل على الحروف المكتوبة بوشمٍ بدائي لا يعلم كيف صار على كفه، وعيناه تتابع حركة اصبعها.. يشعر به على راحة يده كوخز إبرة ،
يهتف بينه وبين نفسه ما إن تنتهي من رسم كلمه.

عـ زام س ا جــ ر
ش عــ اع
ــصيــ تــ ـهــ

لتسأل رافعةً عينيها المتوهجتين له : ماذا يعني كل هذا؟
"ماذا يعني كل هذا؟"..
ماذا. يعني. كل. هذا. ؟

وجد ذيب نفسه وكالعادة يقف حائرًا أمام سؤالٍ كهذا! الكثير من الأسئلة تقيّد عقله، وكأنه سجينها..
من هو عزام؟
من يكون ساجر؟
ماذا تعني شعاع؟
وماهي صيتة؟
ماعلاقته بهم؟
أهله؟
هل هم ابناؤه؟
مجرد أشخاص عابرون في حياته؟
أم حروف عشوائية كُتبت على كفّه ذات يوم لسببٍ يجهله؟

تنهد دون أن يجيبها، يشعر بخلو جوانحه وكأن هناك ثقبٌ أسود يلتهم داخله. يسحب يده من بين أصابعها ويشد على قبضته قبل أن يضعها تحت الطاولة؛ وكأنه يخشى على من هم في كفه من عينيها المشتعله الفضولية.
عادت تسأل : ماذا؟
صمَت، وعيناهُ بنظرتها الخاوية تنظر لصميم عينيها، ليتبدّل الفضول فيها لحنو واضح ، تخفت نبرتها قليلاً وتسأل : ألا تثق بي، خبيبي ذيب؟.. ثق بي ولو لمره واحدة و أعدك بألا تندم..
ثم صفقت كفيها بحماس : يلا... أخبرني.
تراقصت الحيرة على حدقتيه، و اتضح التوهان جليًّا على ملامح وجهه التي تعشقها، تهتف بحنان : على الأقل أخبرني سرًّا واحدًا فقط، ولن أطالبك بأي أسرار أخرى لاحقًا.. وعد.
ثم اعتدلت جالسة، تسكب المشروب الشفاف في كأسها الكريستالي الصغير قبل ان تشربه في نفسٍ واحد، تتبعه بكأسين آخرين،، تمرر لسانها على شفتيها لتلعق الطعم اللاذع على سطحها، تشعر باستنفار نبضات قلبها تحفزًا من صمته ونظرته، وكأنه يبحث عن بداية مناسبة ليحكي لها عما سألت. أو طريقة مثيرة يلتهم بها شفتيها. تسكب كأسًا آخر وتتكركر بخفوت من خيالات أخرى طرأت عليها.
لكن ذيب الذي كان يعيش بشكلٍ عائم،، حياة غامضة، مخيفة ومظلمة.. لم يكن ينوي شيئًا مما فكرت فيه رغم أنّ أي رجلٍ عاقل لن يرفض عروضها التي كانت تقدمها صراحةً في وجهه بنبرة تغرق بالرغبة، فهي امرأة فاتنة جدًا ابتداءً من جسدها وملامح وجهها وانتهاءً بشعرها الأحمر الناري. بل كان يبحث شارد الذهن بوجهها في جنبات عقله الفارغة عن شيء يجيب نفسه به قبل أن يجيبها، لكن الأبواب جميعها مغلقة ليبقى واقفًا لوحده في ممر مظلم.. بارد وموحش. لا يعرف من البشر إلا ساطي وقد قتله، وعذوب التي اختفى من طريقها قبل أن تختفي هيَ. أما البقية فهم مجموعة متغيرة من السَفلة يخالطهم ولا يجمعه بهم إلا مصلحة تضره، رغم أن لا شيء عنده ليخسره.
أخفض بصره، يبعد عينيه عن وجهها وملامحها الثمله ، يبسط كفه ويتأمل الأحرف التي لا يشعر ناحيتها بأي شيء،
لا دقة قلب وحنين ولا وميض ذكرى..
لا شيء. وكأنها مجرد نقوش كُتبت لتذكّره بأنه عربي الأصل مجهول المنشأ والهوية , يحمل نجمةً سداسيةً على صدره.

وقف بشكلٍ مفاجئ، بإشارةٍ منه أنه انتهى من هذه الليلة التي لم يتحدث فيها إلا بكلمتين أو ثلاث بإلحاحٍ منها، لتقف معه.. تلف أصابعها حول قارورة الشراب الشفاف المتعرقة، تتابع ابتعاده قبل أن تطبق شفتيها حول فوهتها، ترمي رأسها للخلف لينسكب المتبقي فيها بكمياتٍ كبيرة داخل جوفها تبتلع ماتستطيع بلعه، ثم تمسح الزائد منه حول فمها براحة يدها قبل أن تأخذ معطفها من على كرسيها وتلحق به بخطى متخبطة ومسرعة.

.

أبعد رأسه للجهة الأخرى وكتم أنفاسه بقرفٍ واضح وهو يشعر بقبلاتها اللزجة على خده، تلفح وجهه بلهيثها المحمل بالرائحة النفاذة الكريهة، يحاول ابعادها لكنها كانت تتشبث به كالحياة، يرفع بصره للمرآة الأمامية، لتلتقي عيناه بلمعة الخبث الواضحة في عيني نوعام الذي كان يقود السيارة، يأخذ منعطفًا يدخل بعده لحي دبلوماسي تكثر في زواياه كاميرات واضحة تبث رعبًا في النفس، وكأنها تذكيرٌ لك بأن هناك من يتابع فلا تسوّل لك نفسك القيام بعمل تخريبي فاسد .

ساعدها حتى أوصلها لبوابة منزلها الكبيرة، ليتلقف الحارس جسدها المترنح بين ذراعيه، شبه فاقدة للوعي من أثر السكرة، ينظر لذيب بملامح جامدة لا حياة فيها، وبقى هكذا حتى ابتعد ذيب من أمامه، راكبًا في المقعد الخلفي للسيارة السوداء التي انطلق بها نوعام تاركًا القصر خلفه.
يقول له بعد صمت بنبرة خبيثة : لا مانع من أن تستمتع وتلاعِب القطة قبل أن تدهسها.
يتبع ذلك بضحكة قاتمة جعلته يزفر بغيظ، ينظر للخارج لا رغبة له بالحديث كعادته.
هو مجرد أداة لتنفيذ غايات غيره، وهي وسيلة لا ذنب لها بما يحيكه الكبار بالظل.

قال نوعام بهدوء وجدية بعد ثواني ضِحك مبالغ بها : في الغد سينزل البابا بندكت للساحة الكبيرة كي يلقي خطابه السخيف قبل عودته للفاتيكان. استعد وخذ قسطًا كافيًا من الراحة فوراءك عمل مهم..... وتذكّر دائمًا أن طلقة واحدة في منتصف الرأس كفيلة بتأدية المهمة على أكمل وجه.

رمش ببطء... وهدوء.. هي مهمة حالها حال غيرها سينتهي منها ليجد نفسه يغرق بأخرى..
.
.

"لا ياعزام، لأ".
"تكفى لأ" .

هتفها فهد بندمٍ في نفسه، من أعماق قلبه، يتردد صداها بين أضلع صدره، شادًّا على قبضة يده التي كادت أن تحدث حفرةً في جسد عزام.
تهدجت أنفاسه، تضببت عينيه وغامت رؤيتها. يشعر بالغضب ينجلي سريعًا، و تستبدله نيرانٌ هائلة من الحزن والأسى تلتهم شعور القهر الحارق الذي كان يغطيه من رأسه وحتى أخمص قدميه.
يصرخ بسخطٍ راكلاً الصينية أمامه، ليتناثر ماعليها وتتطاير الفناجين ويُكسر بعضها.
لم تكن هذه نيته عندما استفزه، ولم يكن هذا مايريده.
بل كان يريد منه أن يصحى، أن يفتح عينيه ويستوعب الحقيقة، أن يعي ويدرك بأنه فهد، الصديق القديم نفسه، حتى وإن تغير اسمه، وجنسه، وتبدلت حياته كاملة وأصبح روحًا هائمة بلا ملجأ أو وجهه، لايزال نفسه، من كان يجالسه في السطح خلف الخزان، بعيدًا عن أعين الجميع ضاربين بالتحذيرات عرض الحائط.

لم يتوقع أن يسمع اعترافًا كهذا، صراحةً في وجهه. الحقيقة التي حاول إنكارها فيما مضى في كل مرّة يرى تلك النظرة المختلفة في عينيه الحادتين والتي يخصه بها عن غيره، عيانًا بيانًا دون أن يخجل منها أو يحاول اخفاءها حتى، ولايزال يحاول إنكارها طيلة الإحدى عشر عامًا مغلفة بالجفاء والصد من عزام..

تقوست شفتيه بحزنٍ فضيع رغمًا عنه، وللحظة شعر بغصةٍ تجتاح حلقة حاول بلعها حتى نجح، فالبكاء الذي اعتاده طيلة حياته عارٌ على رجلٍ قارب الثلاثين من عمره.
ليت والدته قريبةً منه لتنهره، تجبره على كفكفة دموعه وتذكره بأن البكاء لا يليق بالرجال أمثاله.
تذكره بأنه رجل، قوي وشجاع ولم يحدث له ما حدث إلا لأنه قادرٌ على تحمله وتجاوزه فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.

ابتلع فهد ريقه يبلع معه غصةً أخرى بدت وكأنها ستتشكل مجددًا لتضحك في وجهه، ينزل على الأرض يحاول لملمة الفوضى التي تسبب بها، يجمع ما يستطيع جمعه من الفناجين التي تناثرت ضاغطًا على أحدها بعد أن كُسر ، عل حدّه الحاد الذي غُرس في راحة يده يشغله عن الأسى الذي شعر به يغمر قلبه ويطفئُه، الشعور بالإنطفاء الذي عجز عن تخطيه هذه المره.

ليت الأمور كانت مختلفة،
ليته بقى الجوهرة ولم يحدث كل هذا،
الجوهرة بنت سلمان، البنت المحبوبة بين الجميع، ذات الشخصية الرائعة الجذابة، مرحة كالشعلة مليئة بالحياة، رغم الضياع الذي يسكن قلبها، ورغم الليالي الحزينة التي كانت تنام فيها بصعوبة قبل أن تستفيق بجبين متعرق وأنفاس لاهثه بعد حلمٍ جمعها بابنة عمها.
لكان عزام بقى عزام ، وشقيقه ناصر لازال ناصر الذي ينظر له بحب ومودة تخالف نظرة الاشمئزاز والسخط التي ينظره بها الآن وكأنه مسخ.

في هذه الليلة بالذات وجد فهد نفسه يستسلم للقنوط والجزع واليأس. يغيب عنه الرضا والصبر، ويُقفِل باب الرجاء والأمل وكأن ما كان يهرب منه طيلة أيام حياته هاجمه مرةً واحدة ليعجن قلبه ويسحق روحه.
يردد في نفسه "ليه أنا من بين الناس بليتني يارب".

: وين راح عزام؟
انتفض فهد بعد أن قطع شروده صوت أمه، ليستدير برأسه ينظر لها بقلق من أن تكون شهدت بعضًا مما حصل، يحاول أن يستشّف شيئًا في وجهها أو من نبرتها لكنه لم يجد إلا ابتسامة صغيرة تجمّل محيّاها ، زفر بارتياح : جاه اتصال وطلع.

توتر ما إن انتبهت لدلة القهوة بعد أن سُكب مافيها ليلون السجاد الفاتح، وللفنجان البعيد الذي لم تصله يده بعد، ثم لقميصه الملقى أرضاً بدَل أن يكون على جسده ، تسأل بشك : وش ذا الفوضى, وش صاير هنا؟
تبسم بتكلف يحاول التبرير : طاحت الصينية من يدي.....
وقبل أن يقول شيئًا آخر، رن هاتفه لينقذه.
أخرجه بسرعة جنونية من جيب بنطاله وكأن نجاته فيه، يضعه على أذنه بعد أن قرأ اسم المتصل، يجيب بعجل : هلا .
حاكم بسرعة وبدون مقدمات : وينك؟
ليجيب فهد متنهدًا بدون نفس : في البيت ليش؟
حاكم باستنكار فالمزاج غريب جدًا : ياساتر يالنفسية!!.
فهد بتنهيدة : حاكم عندك شي ولا أقفل؟
سكت حاكم قليلاً قبل أن يقول : تعال الاستراحة العيال مسويين لك عشا ولا نسيت؟.
فهد بضيق : عليكم بالعافية ما اشتهي.
هتف حاكم بحزم قبل أن ينهي الاتصال : ماهو على كيفك، اخلص تعال.

تأفف، يعاود وضع الهاتف في جيبه قبل أن يقف مترنحًا بسبب جلوسه على ركبتيه، يرفع قميصه ويرتديه يتجنب النظر لأمه التي بدأ يشعر وكأن نظرتها التي تتابع تحركاته بذمّه ستحرقه،
سارة بهدوء : عزام راح؟
أومأ برأسه يتجنب النظر لها : جاه اتصال ضروري وطلع.
: وأنت وين بتروح الحين؟
خطى حتى وصل للدلة، يرفعها ويمد يده الأخرى للفنجان الذي انقسم لنصفين بعد أن ارتطم بالجدار ، يتنهد دون أن ينظر لها : الاستراحة عند أخويا حاكم.
سكتت سارة تنظر له يضع مابيده على الصينية، ولم تخفَى عليها حركته الثقيلة وكأن لا طاقة لديه ليسحب خطوته.. تقول قبل أن ينحني ليرفعها : خلها بنادي العاملة تشيلها وتنظف المجلس.
ثم تابعت : و لاهنت خذ ذا بطريقك وصله لبيت عزام. طلع ولا أخذه وأمه تبيه بكره.
لا طاقة لديه لمواجهة أخرى مع عزام بعد الذي حصل، مع ذلك قال يأخذ ماكان بيدها بهدوء : أبشري.
.
.

ركب عزام سيارته بعد أن خرج من مبنى الطوارئ، فهو ما إن خرج من بيت عمته شعر بقلبه سيُقتلع من مكانه بسبب الألم المتصاعد في كتفه بطريقة مجنونة، ليخرج منه بدعامة كتف مشدودة جدًا على كتفه المصاب ويلتف حزامها بشكلٍ مائل حول محيط صدره وتحت ابط يده الأخرى، بوضوح سيُعرضه لأسئلة يستحيل أن تنتهي..
أخرج زفيرًا ملتهبًا من جوفه. عابسًا عاقدًا حاجبيه باستياء، يشعر الهزيمة والخواء.. يتصل على شعاع يسألها بشكل اعتيادي عن العشَاء رغم انعدام شهيته، ثم إذا كان هناك مرهم مسكن للألم في البيت رغم أنه اشترى واحدًا قبل قليل، وما إن سألته عن السبب الذي يحتاجه فيه، حتى وقال : طحت وكتفي قام علي.

ولم يجد طريقة أفضل من هذه ليصل الخبر لوالدته دون أن تصاب بالهلع إن دخل عليها بكتفٍ ملفوف، والتي ما إن دخل البيت وأغلق الباب خلفه حتى ووجدها تقف باستقباله، تهتف بقلق ما إن رأته ما على جسده : ياويلي بسم الله عليك.
ينتبه لنظرات شعاع خلفها، تتفحص المشّد الداعم بتوجس، ليقول زافرًا ضحكته : زلقت وأنا طالع من الحلاق وأوجعني كتفي بس الصيدلي قال رضّه بسيطة.
ثم يردف متنهدًا بضيق : يمه ترى ما أمداني أمر بيت عمتي سارة، بك..
قاطعته تمسح على كتفه بحذر : مايحتاج مر به فهد الله يسعده.
همهم بخفوت : زين أنا رايح أنام.
ثم يصعد السلالم بهدوء وتفكير مشوش يتركهن خلفه يحسبن خُطاه بقلق.

.
.


أتى السبت،،
اليوم الذي كان ينتظره الجميع بحماس ولهفه وترقب أكثر من صاحب الشأن... فهد.

استيقظت غادة من نومها على أشعة الشمس التي تحاول أن تتسلل من بين قماش الستائر، وبقت في سريرها تحسب كم ساعةً نامت لتجد أن مجموعها لم يتعدى الخمس ساعات.
رفعت هاتفها لتجد أن الساعة العاشرة والنصف صباح أهم يوم في حياتها. القلق الذي كان بالأمس تبدل تمامًا وحل محلّه حماس وتشوّق غير طبيعي لبدء فصل جديد في حياتها.

بدأت تتنقل بين تطبيقاته، تحاول تضييع الوقت قليلاً فالوقت مبكر جدًا ولا تظن بأنها ستعود للنوم مجددًا.
اتسعت ابتسامتها ما إن فتحت الواتساب لتجد رسالةً نصها
(أنا وصلت، بتلاقيني نايم بالمجلس صحيني أول ماتصحين أبي أقعد معك قبل لا تروحين). أبعدت غطاء السرير عنها وقفزت بنشاط، تخطو ناحية دورة المياة قبل أن تغلق بابها بقوة لم تقصدها.
قضت حاجتها وتغسلت لازالت ابتسامتها متسعة، وخرجت بعد أن توضأت. ارتدت شرشف صلاتها واستقبلت القبلة تكبّر تصلي صلاة الضحى، رغم شوقها العارم للنائم بالمجلس.

خرجت غادة من غرفتها لتجد السكون يغطي المنزل بالكامل، فلا أحد مستيقظ بحماسٍ غيرها. نزلت السلالم مسرعة، قبل أن تبتعد عنها ناحية المجلس الموجود بعيدًا في الطابق الأول.
فتحت الباب بقوة ليرتطم بالجدار، وارتعشت ما إن هبّ عليها هواء المكيف البارد وكأنه يدفعها للخلف، ثم الظلام الدامس الذي يغرق به المكان.
تحسست الجدار بيدها حتى لامست أصابعها أزرار الإنارة القريبة من الباب، تهتف : يالمجنون مشغل المكيف بعز البرد!!
لم تصلها إجابة من صاحب الجسد الملتف بإحكامٍ ببطانيته لا يظهر منه شيء، ينام أرضاً على اسفنجة عريضة ويبدو مرتاحًا غارقًا بنومه لدرجة أنه لم يجفل من صوتها أو صوت الباب المرتفع حتى.
اقتربت منه، ترفع ريموت المكيف الملقى على الكنب قريبًا من رأسه، وتغلقه صارخة : نايف.
ثم تعاود الهتاف تحاول سحب البطانية عنه بصعوبة : ياولد قوم.

سحبتها بقوة كادت أن توقعها أرضاً على ظهرها ، لتجده ينام عاري الصدر بشورت فقط وقد ارتفع لأعلى فخذه، شهقت بهلع والقت الغطاء عليه تغطيه : وجع إن شاءالله ياعديم الحيَا نايم مفصخ!!
لملم الغطاء على جسده مرتعشًا بعد أن وصلته البرودة، ثم انقلب على جنبه الآخر يعطيها ظهره دون أن يفتح عينيه حتى : نشوف كلامك ذا بعد العرس لاصحيتي و شفتي أبو الشباب نايم جنبك.
اشتعلت بإحراج بعد أن فهمت مقصده، تصرخ موبخه : جثة أنت مافيه أي احساس بالبرد؟ الغرفة قلبت ثلاجة بغى قلبي يوقف يوم دخلت.
ليقول رافعًا الغطاء أعلى رأسه : شغلي المكيف وطفّي النور واطلعي برى.
وضعت غادة قدمها على ساقه ، تحركها وتهزه : يكفي نوم اصحى، الساعة ١١ اغتنم الفرصة وأقعد معي قبل لا أروح.
ثم عادت تهزه بشكلٍ أقوى عندما لم يبدي أي استجابة : هيه نايف أنت رجعت نمت ياورع؟
ليتمتم على مضض : خلاص خلاص صحيت. سوي لي اثنين صامولي بيض مخلوط وقمريه شوي على ما اصحصح وأجيك.
غادة بابتسامة : بكتشب ولا بدون؟
نايف بخدر : اكسترا كتشب كالعادة.
أخذت نفسًا عميقًا براحة : تمام، بس تكفى لا تتأخر وحشتني موت أبي أشبع منك قبل لا أطلع للقاعة.

اتجهت ناحية الباب، ورفع نايف رأسه قليلاً بعد أن أبعد الغطاء عنه، يديره للخلف حيث الباب ويتابع ابتعادها ليصرخ قبل أن تخرج بابتسامة واسعة : بنت لا تنسين الكرك.

وما إن اختفت من أمامه بعد أن رفعت ابهامها بمعنى "أوكي" ، حتى وركل الغطاء بعيدًا عنه، يجلس على حيله يتلفت حوله ويتحكحك متثائبًا بكسل، يهمس محدثًا نفسه بعد رجفة برد سرت في أوصاله جعلته يسحب قميصه الملقى بإهمالٍ بجانبه ويرتديه : والله جمدَه ياولد.

خرج من دورة المياة ما إن انتهى، يرفع بلوزته ليجفف وجهه بطرفها فلا توجد طريقة أكثر فاعلية من هذه، قبل أن يتجه لفراشه رافعًا بطانيته ليسفطها بعناية ويضعها على الكنب، ثم ينحني قليلاً يرفع الوسادة ويضعها فوقها قبل أن يأخذ هاتفه ويخرج مغلقًا الأنوار الصفراء خلفه.

شد خطاه حيث توقع أن تكون ودخل المطبخ لتستقبله رائحة غريبة جعلته يرفع أعلى بلوزته فوق أنفه : وش ذا الريحة المخيسة!
التفتت بلهفه وتركت ماكان أمامها على الفرن خلفها،
تحتضنه هاتفةً بشوق بعد أن وصل لها : الحمدلله على السلامة تو مانورت السعودية والله.
تبسم يبعدها عنه محرج من شدها له بهذا الشكل، يقول ممازحًا : لا تصرفين وش ريحة الحريق ذي؟
غادة بمودة ومرح : اقمّر البيض ياقمر زي ماطلبت.
رفع عينيه قليلاً ونظر من فوق أكتافها للمقلى، لتتسع عينيه ما إن وضح له تلون أطراف قرص البيض للبني الداكن، مما جعله يمد يده ويرفعه من على النار : قلت قمريه مو احرقيه يالرفلا!

تبسمت ببهجة وأغلقت النار : احمد ربك تنازلت ودخلت المطبخ واليوم عرسي، ودامك جيت سو لنفسك مره وحده على ما أخلص الكرك.
نايف بعبوس بعد أن وضع مقلاة البيض على الرف : أبيه بدون سكر.
رمقته بطرف عينها : أقول تقلّع بس ماتلاحظ إني اعطيتك وجه؟
ضرب رأسها بخفه : بنت احترمي خالك.
ردّت له ضربته : مو لا احترم خالي أخته الكبيرة أول.
نايف بتبرم : كونك أختي من الرضاعة مايعني إني منيب خالك تخلخلت ضلوعك.
لتجيب باستمتاع فقد اشتاقت لمناقرته : لا يكثر هرجك واحسبني بواحد صامولي من أمس ما أكلت شي..
ثم أردفت تكرمش أنفها بقرف : بس تكفى بدون كتشب ولا تقربه الله يعز النعمة ريحته بس تقلب كبدي.

جلس نايف على كرسي طاولة المطبخ أمام ابنة شقيقته التي هي في نفس الوقت أخته من الرضاع، فوالدته بعد سنة من ولادة غادة انجبته، وارضعته فاطمة التي لم تفطم غادة بعد.
يعشق فاطمة وبناتها ولا يرتاح إلا في بيت عبدالله الذي تولى مسؤولية الاهتمام به بعد وفاة والديه وهو طالب ثانوية، ليكون له خير النسيب والأخ والأب.
أصغر من غادة بسنة مبتعث يدرس الماجستير في إدارة الأعمال بجامعة ولاية كولورادو، وقد بدأه قبل ٦ أشهر بعد أن درس البكالوريوس في نفس الجامعة.
غادة كانت ولازالت هي الرفيقة الأقرب لقلبه حتى بعد سفره وابتعاده عن الجميع، وفكرة أنها ستتزوج وستكّون أسرة غير أسرتها لم تدخل عقله بعد.

غادة : متى وصلت؟
رفع كوبه لفمه يرتشف منه القليل بتردد ثم يبعده بسرعة بعد أن لسعته حرارته : الساعة ٦ ونص دخلت البيت.
غادة بعبوس : أوف متأخر.
تبسم : وش أسوي كله لعيونك شاقيَتني ومبهذلتني معك لآخر لحظة.
رفعت حاجبها بخبث : وش وراك اتعب عشاني شوي ولا خال على الفاضي؟
ثم أردفت بمودة : عقبال ما أتعنى بعرسك يارب.
نايف وابتسامته اتسعت : على يدك اقنصي لي وحدة مزيونة اليوم، أبي جمالها يكون عشرين من عشرة أما الأخلاق لاحقين بنشتغل عليها بعدين لا أخذتها .
ضوّقت عينيها بتهكم : العالم تكبر وتعقل ونايف قليل العقل يكبر ويستخف. تبينا نتوثّم بعيالكم أنت أخلاقك لك عليها وتأخذ وحدة بدون أخلاق!!
أكل من ساندويشته بتلذذ، يهتف بعد أن بلع ما في فمه يتبعها بلعق الكاتشب الذي لوّن أصابعه : أرجع وأقول احترمي إني خالك ، أو على الأقل قدري إني متكلف وجيت اليوم وبمشي بعد العرس على طول حتى ملابسي جايبها بكيس مستحسف اسحب شنطة وراي وأنا مامدى بومتي تقعد على الأرض .
ضحكت من أعماق قلبها : بدري حرام عليك بينهد حيلك وأنت حتى نوم زي الناس مامعك .
نايف بتنهيدة : وش أسوي الإثنين دوام، ولو أضمن إنك ماراح تزعلين وتكرهيِني عيشتي كان ماجيت من الأساس.
غادة بتهكم : حلاتك والله ماتجي، مو كافي عقدي سحبت عليه.
أنهى الباقي من سندويشته في لقمه واحدة ومد يده ليأخذ الأخرى، يقول قبل أن يقربها من فمه : يا أختي أنتم ناس فاضية وأنا إنسان فلوسي على قدي ماتدرين قيمة التذكرة ذي شلون شخلتني أنا وميزانيتي رايح جاي .
آخر الليل بتتوسدين ذراعه وأنا اللي باكلها معلّق بين السماء والأرض قريب يوم كامل.

غادة بابتسامة تداري احراجها بعد كلامه : أتوقع شوفتي بالأبيض اليوم تستاهل هالتضحية منك.
ضحك : ايه بالحيل.
ثم أردف : علميني بالتفصيل عن عريس الغفلة وش وضعه ترى ما أعرف عنه غير اسمه.
قالها يقضم قضمه ويتبعها برشفة شاي، ينظر لها بتفحص بعد أن تبدلت ابتسامتها لابتسامة أخرى لم يفهمها، تتنهد وتقول دون أن تنظر له : مافيه جديد على اللي قلته لك.
رفع حاجبيه : شدعوة!
غادة بذات الابتسامة : والله!
عم الصمت بعد حلفها، وسرحت قليلاً بابتسامة باهتة، تنظر لكوب قهوتها السوداء الذي ضمته بين كفيها، لتقول بعد ثواني صمت : أول مره زارني فيها بعد الملكة صار موقف يفشل تمنيت الأرض تنشق وتبلعني.
ابتسم بخبث : ليه وش صار؟
رفعت عينيها له ما إن انتبهت لنبرته، لتقول بضحكة : ليته اللي في بالك ياخي كان هانت!
اتسعت عينيه : اووه شكل السالفة أعمق من اللي أظنه!
تلاشت ابتسامتها تقول بهدوء : انصرعت قدامه، كانت الزيارة الأولى والأخيرة ومن بعدها ماعاد شفته رغم أنه كان باقي على زواجنا قريب الشهر!
عقد حاجبيه : أح!
تنهدت بأسى : والله العظيم كل ما أتذكر وجهه ونظرته لحظتها أتمنى أفقد الذاكرة عشان أنسى.
تبسم نايف مواسيًا تاركًا سندويشته على الصحن أمامه : شدعوة ماصار شي، لا تبالغين.
غادة ببؤس فلا يوجد غيره تفضفض له وتثق أنه سيتحمل كل الضيق والأسى الذي تشعر به بصلابة ودون أن يزيده عليها بنظراته أو كلماته : كيف لا أبالغ والله وبالله يانايف من يومها وأنا في حيرة وخوف أخاف أنه متحسف على ذا الزواجة ومستحي يكنسل كل شي.
عقد نايف حاجبيه بعدم رضا، قائلاً بامتعاض : يابنتي ليتك ماشغلتي مخك وفكرتي، سنين وهو ديكور ويوم قررتي تستعملينه طلعتي بذا الاستنتاج!!
زمت شفتيها لثواني، قبل أن تقول : أنا ما أبيه يشوفني ورطة وتوهق فيني يانايف افهمني.
ليجيبها برقة : أنتِ الورطة الوحيدة اللي يفرح أي رجّال انه توهق فيها .
تورد وجهها بخجل : أنت تقول كذا لأنك خالي بس، ولا لو كنت مكانه مابترضى.
نايف بحزم وبدون أي تردد : لا والله إني ما أجاملك، و قد قلت لك ياغادة لو بلقى مثلك وبنفس روحك الحلوة وظرافتك ماعندي أي مانع آخذها لو تنصرع قدامي ليل ونهار.
مدت شفتيها بحنق من كلمته : كلام جرايد خذ وخل.
نايف بجدية لا تليق به : ترى لو يبي يكنسل كل شي كان كنسله ولا استحى منك وش اللي بيمنعه يعني؟ ولا أظن إنه أخذك وهو يجهل هالشي عنك.
غادة بزفرة : إنك تسمع شي، وتشوف بعينك شي ثاني، أنت شفت كيف تجيني النوبة وكيف تكون قوية ماهي هزتين وخلاص.
أخذ نفسًا عميقًا وأطلقه بعد أن لاحظ احمرار حدود عينيها، يقول بضيق : تصالحي مع نفسك ياغادة واطردي الأفكار السلبية من مخك...
سحبت غادة كفيها من حول كوبها، تضعهما على عينيها وتضغط قليلاً تشعر بالدفء الذي تسلل منها لجفنيها يذّوب الشد الذي تشعر به خلفها.
ليهتف نايف بشك بعد ثواني صمت طويلة : غادة!
أبعدت يديها، تنظر له بحاجبين معقودين بخفّه وابتسامة ضائقة : لا تخاف مو قاعدة أصيح.
زفر ضحكته : كفو والله....... يابنت الحلال وسعي صدرك ولا تفكرين كثير ترى كثرة التفكير تقصر العمر.
ثم يردف مبتسمًا بلؤم : عندك صورة له؟ أنا حتى شكله ما أعرفه!
هزت رأسها بالنفي، ليتابع متعمدًا إحراجها : مزيون؟
غادة بابتسامة ونبضات قلبها في تسارع مريب ما إن تراءى لها وجه فهد : مايجي عند زينك شي.
اتسعت ابتسامته أكثر، يقدم صدره ضاربًا عليه بقبضته : حبيبتي والله،
ثم يستطرد بثقة : إن شاءالله يغلبني بالأخلاق الحسنة بس.
غادة ممازحة : ذي أضمنها الحمدلله لأنك شخص بلا أخلاق.
ضحك بصدمة : بسامحك لأنك عروس لكن أوعدك إنّا بنتحاسب على كلامك ذا بعدين..
المهم الحين، متى بتروحين ؟

نظرت لساعة معصمها وشعرت بألم بسيط يعتصر معدتها عندما مشى الوقت بسرعة : الهير ستايلست بتوصل على الساعة ثنتين والساعة ثلاث الميك اب ارتست بتبدأ فيني، يعني المفروض وحدة ونص ثنتين إلا ربع بالكثير أكون بالقاعة.
وضع نايف كوبة على الطاولة بقوة بعد أن شرب آخر مافيه، يقول بابتسامة واسعة : أجل اسمعي الجدول ونفذي بدون جدال، اطلعي تجهزي وخذي اللي تحتاجينه وبعد صلاة الظهر باخذك نفرفر شوي كآخر طلعة ناخذ فيها راحتنا قبل لا ينشب لك فهد، وبعدها أحطك بالقاعة قبل لايجي فريق المهمات الصعبة اللي بيشتغل فيك.
هزت رأسها موافقة، تهتف ضاحكةً تعلق على كلامة : فهد باين حبيب مستحيل يكون نشبة، الخوف منك أنت تطلع لي حتى بأحلامي.
تكرمشت ملامحه بتهكم : افاا ياغويّد،، صرنا كخّه خلاص!!

وقبل أن تخرج غادة من المطبخ، دخلت أمها بابتسامة واسعة و وجه صبوح لا تعرف كيف ستقوى الاستيقاظ والمضي في يومها دون أن تراه كل يوم.

.

انتهت غادة من استعدادتها وطقوس العروس التي تقوم بها في يوم زفافها كما قرأتها بأحد المواقع، أخذت كل ما تحتاجه أو تتوقع بأنها قد تحتاجه ووضعته في حقيبة كبيرة فوق فستانها فلا حيْل لديها لتحمله ، تجمع شعرها المبلل أعلى رأسها دون أن تجففه حتى، ستدع هذه المهمة لطرحتها التي وضعتها على رأسها كما تركت مهمة تمشيطة لخبيرة الشعر.
نزلت الدرج بخطى متزنة وهي تسمع أصوات الجالسين بالأسفل، نايف يحكي بحماس وصوت مرتفع يحاول الدفاع عن نفسه وضحكة والدها الهادئة التي تخالط تكذيب رهف له والطعن في روايته.
وصلت وهتفت بصوت مرتفع وابتسامة واسعة تداري خجلها : أنا جاهزة.
ليقول عبدالله بابتسامة حانية وهو يتأملها : بدري تروحين من الحين اقعدي معنا شوي.
اقتربت منه، تنحني بظهرها قليلاً تقبل رأسه قبل أن تعطيه قبلتين أخرتين على خديه، تقول بمودة : والله لو هي علي كان ماتحركت شبر واحد بعيد عنك بس إنها مواعيد يا حبيبي ما أقدر اتأخر عنها.
رهف بإزدراء بعد أن وقفت : ياوجه الله فَقش عيني عينك أحلف لك يبه إنها لو تقدر تطير كان طارت عشان توصل القاعة بدري. ترى فهد بيجيها هناك.
هتف نايف بتكشيرة قبل أن تسبقه غادة التي تطايرت عينيها من قول أختها : ذي الكريهه بتروح معنا؟
قاصدًا بكلامه رهف التي ابتسمت باتساع وبدأت ترتدي عباءتها ، تقول بانتصار : ايه .
نايف : ليه؟ اشبينة العروس وأنا مدري.
رهف باستمتاع : غادة ماتخطي خطوة بدوني،
رفع نايف حاجبه بإزدراء : الأخت نعلة؟
ضحكت غادة تداري توترًا مفاجئًا عصف بقلبها، ضحكة مبالغ بها على ملامح شقيقتها المصدومة، تهتف بتشفي : ليتني استخرت الف مره قبل لا أقول إني أبيك معي لأني قاعدة أعض أصابع الندم حاليا...
نايف : بسيطة اسحبي عليها واتركيها وراك.
رهف بغضب : جا نايف محراث الشر..
ثم أردفت تنظر لوالدها : يبه قول كلمة....
تبسم والدها وهو يعطي نايف الواقف أمامه وثوبه وشماغه على كتفه نظرتين تغرقان باللين : اعقل عن أختك يانايف .
وكانت هذه طريقة عبدالله في تسمية العلاقة بين بناته وخالهن، فلا أبناء ذكور لديه لكنه وجد في أخ زوجته الإبن الصالح والأخ السند لبناته بعد وفاته .
نايف بتهكم : والله ياعبدالله إني عاقل بس من أشوفها استجّن ذا المستفزة .
رهف بزعل ونبرة مرتفعة حادة : يبه أنا مستفزة؟
وضع عبدالله يده على جانب رأسه : خذهن وأطلع صدعت بي.
رهف بصدمة : يبه!!
ابتسم نايف يأخذ حقيبة غادة، ويوجه حديثه لرهف : امشي قدامي أشوف الله يعين قلبي عليك.
غادة بسرعة ونبرة مرتعشة : بروح أشوف أمي اسبقوني أنتم.
قالتها وخرجت من المكان بسرعة ناحية المطبخ حيث والدتها، تتسارع نبضات قلبها بقلق وتوتر وضيق طبيعي ففي نهاية اليوم ستعود مع فهد عوضًا عن أهلها.

تحجبت رهف تمد بوزها اشباراً وتقول بزعل : خذ شنطتي معك شوفها عند الباب.
نايف بعبوس : تلايطي بس.
ثم نظر للجالس على كرسيه أمامه يسأل باحترام : عبدالله توصي على شي أجيبه وأنا جاي؟
ابتسم له بمودة : سلامتك، أرجع على طول لا تفرفر واجد عشان نروح للناس بدري.
تعالى صوت احتكاك كفرات الحقيبة بالرخام ما إن سحبها خلفه، يشد خطاه حيث باب المنزل : أبشر بحذفها هي وأختها عند باب القاعة وأحط ثوبي وشماغي بالمغسلة وأرجع، أبي أرقد مامعي نوم،
ليقول عبدالله بسرعة : مامعك نوم اقعد الله لا يهينك ويوديهن السواق لا تدخل بناتي بصبيه.
ضحك : افاا عليك معك طاره ياخوي عط السواق اجازة اليوم وخله يرتاح وأنا باخذ سيارته.
عبدالله بابتسامة : دامك دقيت صدرك أجل اسمع، باقي أختك والبنات الباقيات شوط ثاني وصلهن للمكان اللي يبونه لا رجعت.
تكرمشت ملامح نايف بامتعاض وتوّرط، يهتف بصوت مرتفع قبل أن يفتح الباب ويسحب حقيبة رهف معه : يلا ياغادة استعجلي.

قبل ثواني قليلة دخلت غادة المطبخ على والدتها وباغتتها بحضنٍ مفاجئ من الخلف، لتستدير الأخرى وتطوق أكتافها بيديها بعناقٍ صامت استمر قليلاً وشعرت فيه بتسارع أنفاس ابنتها، وتسارع نبض قلبها ما إن التصقت بها تشد عليها أكثر، عناقًا صامتًا لا تحتاج فيه غادة لشيء سوى الطبطبة البطيئة الحانية على ظهرها، وتمايل جسد والدتها بها يمينًا ويسارًا بهدوء كما كانت تفعل في صغرها قبل أن تصبح أطول منها .. هذا فقط ماكانت تحتاجه لتشعر بالسكون يمتد لأوصالها وحنايا قلبها،

تنهدت ما إن وصلها صراخ خالها يستعجلها، وشدت على والدتها أكثر وكأنها لا تريد إفلاتها،
فاضطرت فاطمة أن تبعدها بالغصب، تهتف بعطف ما إن انتبهت لالتماع سطح عينيها : أخذتي كل أغراضك؟
أومأت برأسها تخفض بصرها وتشد على شفتها التي بدأت ترتعش بشكلٍ مفاجئ خارج عن سيطرتها، عادت تسأل بنبرة حانية : وأكلتي دواك؟
اومأت برأسها مجددًا ، لازالت تتأمل نحر والدتها وكأنها تراه للمرة الأولى.. مما جعل فاطمة تبتسم وتعلق بشجن : وين راح صوتك يابنت! أخبر أنه يلعلع...
ضحكت بعبرة، ترفع عينيها أخيراً وتعلّق بنبرة مثقلة : والله يا أنكم بتفقدون صوتي فقده!! بخليكم تتشفقون عليه وتندمون على الأيام اللي كنتم تسكتوني فيها.
ضربت كتفها بخفه، تقول ممازحة : ليه ناوية تقطعينا؟
رفعت حاجبها تقول بنبرة مشاكسة : عندي فهد خلاص وش أبي فيكم؟ طفشت وأنا مقابلتكم ثمان وعشرين سنه.
فاطمة بتهكم مازح : إييييه مايخالف أنا أربي وغيري على الجاهز يشيل..
ثم أردفت بحنو ما إن ضحكت غادة ضحكة مهزوزة : أهم شي تكونين مرتاحة معه ولّا صوتك مقدور عليه وأنا أمك، والله يا إن البيت بيهجد من غير شر.....
زفرت غادة بتوتر تحاول تجاهل نبرة والدتها التي ارتعشت قبل أن تتم كلمتها : يمه وش تسوين بالمطبخ وأنتِ أم العروس؟ ارتاحي ولا تتعبين نفسك الله يخليك..
تبسمت فاطمة : أبوك ماقصر قال مايبي غدا بس بقطع له سلطه لا جاع بعدين ياكلها.
غادة بابتسامة واسعة : فديت المهتم.
رمقتها فاطمة بطرف عينها : تعلمي، مو تفشليني بكرة مع فهد وأهله.
ابتلعت غادة ريقها بتوتر : يمه ادعي مايصير شي واطيح عليكم.
عقدت حاجبيها بعدم فهم : إذا جزمتك ماهي مريحة بلاش منها، خذي شي ثاني معك احتياط فستانك طويل ولا بيبين.
هزت رأسها تنفي، تقول بتردد وقلق واضح : اقصد... ادعي ماتجيني نوبة صرع تسدحني بوسط الزفة. والله إني خايفة وبقعد على أعصابي طول الوقت.
هتفت فاطمة بسرعة وحزم : تعوذي من ابليس وتوقعي خير، دامك أخذتي علاجك ما بيصير شي إن شاءالله.
وإن حصل الحمدلله قدّر الله وماشاء فعل شي لا هو بيدك ولا بيد غيرك.
تجمعت الدموع في عينيها : يمه قولي إن شاءالله لأ،، والله أموت يكفي ذيك المره قدامه هو وأمه.
عقدت فاطمة حاجبيها بعتب : صاحية أنتِ ولا انهبلتي!... ترى اللي بينك وبينه مابينتهي بعد يوم ولاّ يومين، واللي فيك ماهو أبو يوم ولاّ يومين.. عمر ذا وتوقعي تجي أيام الله لا يقدر وتجيك فيها النوبة وش بتسوين ساعتها بتقعدين تندبين حظك وتقلبين حياتكم نكد؟ الولد وأمه راضيين وماعندهم مانع لا تقلبين الفكرة اللي براسهم بحركاتك ذي..
مطت غادة شفتيها دون أن تجيبها، بذهنٍ شرد في الفراغ ولم تتوعى إلا بصوت هاتفها يرن والمتصل نايف يستعجلها بغضب : يكون يالشيخة صدقتي إني سواقك؟؟ أخلصي علي لا تلاقيني أنا والسيارة عندك بنص المطبخ.....

.
.


خرج فهد من المسجد بعد أن سلّم الإمام من صلاة الظهر تاركًا حاكم الذي وقف يصلي ركعتي السنة، بهدوء وسكينة تتماشى مع عقله الساكن في هذه اللحظة فقد استنزفه البارحة بالتفكير والقلق للحد الذي لم يعد به حيل أو طاقة للتفكير أكثر، ليصحى اليوم بعقل فارغ ومشاعر متبلدة.
وقف أمام الأرفف المخصصة للأحذية، يبحث عن نعليه بعينيه وما إن وجدها حتى وسحبها يلقيها أرضاً مصدرًا صوتًا مرتفعًا.
أسند ظهره على الحائط خلفه وهو يرتديها، ويسحب هاتفه من جيب ثوبه ويتلهى به منتظرًا أخاه كي يعودا للمنزل معًا كما أتيا المسجد معًا.

: ذيبان رجعة الحريم عليك اليوم، بكرة وراي دوام ما أقدر أقعد لآخر الليل،، لا يرجعون مع السواق وهن متزينات.
رفع عينيه لتحط على الرجلين القادمين ناحيته، وصوت ذيب يقول بهدوء : ازهل.
اعتدل واقفًا ما إن وقف أمامه، يصافحه : ماشاءالله العريس يصلي معنا!!
ضحك فهد : هذاك قلتها عريس مهوب مرتد.
استند حاكم بيده على رف الأحذية، مبتسمًا ببهجة تغمر قلبه لشهوده يومًا كهذا، ويسحب بقدمه نعليه في آخر رف حيث وضعهما، وابتعد ذيب ليرتدي حذاءه الذي خلعه في زاوية بعيدة قبل أن يدخل للمسجد، وما هي إلا ثواني حتى ومشى الثلاثة جنبًا لجنب متجهين لبيوتهم القريبة جداً من جامع الحي، بخطى هادئة جميعهم يغرق بالصمت، حتى قطعه ذيب بابتسامة، يهتف بصوت مرتفع ما إن وقف أمام باب بيته : وش ناقصك أنا افداك آمر تدلل ترانا نعين ونعاون ياولد العمّة.
فهد بمودة : أبد سلامة عمرك وماتقصر ياذيب. عقبالك.
ذيب بتنهيدة : اللهم آمين عاجلاً غير آجل. تعبنا نبي حنان ياخوك...
ليعلق حاكم ممازحًا : حبيبي توه شنبك بدا يخط وش مستعجل عليه! توك صغير عيش حياتك واطنخ مثل ماتبي لأن سعيدة الحظ بعدين بتسكر عليك الغرفة ما أنت طالع منها لو تحب كوعك.
رفع ذيب حاجبيه : ياخوي جعل مفتاح الغرفة يضيع ولا عاد نلقاه، مستسلم وراضي....
ضحك فهد بصدمة، يشاركه حاكم الذي قال بذهول : منت هين والله وأنا أقول فاهي!!.
ياما تحت السواهي دواهي صدق..

مرت دقيقتين إضافيتين تبادلوا فيها حديثًا وديًا لا يخلوا من أمنيات ذيب المستعجل على الزواج رغم صغر سنه،
تثبيط حاكم له، وتأييد فهد : تزوج الله يهنيك، الزواج بعمر صغير شي حلو أقلها تخاوي عيالك.
قبل أن يتفرقوا كلاً لوجهته،
كلاً من ذيب وفهد دخل لبيته، وحاكم مبتعدًا بسيارته لأحد المطاعم القريبة، رغم أن الوقت لازال مبكرًا لكنه قال للجادل بأنه سيعود والغداء معه،
فكلاهما أستيقظ متأخراً اليوم، قبل صلاة الظهر بدقائق بعد أن أضاعوا الليل بأكمله في متابعة أحد المسلسلات الأجنبية، حلقة وراء حلقة وفي كل مره تقول الجادل بحماس : خلاص ذي الحلقة وبعدها نقوم ننام .
إلا ويقول حاكم بحماس مشابه ما إن يظهر تتر نهاية الحلقة، فاتحًا الحلقة التي بعدها : مابقى غير حلقتين ونخلص ذا الموسم، نشوفهم ثم نقوم ننام .
وحلقة تتبعها حلقه حتى أذن الفجر.

عاد للمنزل وخرج من سيارته بعد أن اوقفها أمام سيارة فهد، يشد خطاه حيث شقته خلف بيت أبيه ويفتح بابها الذي لم يكن مقفلاً بالمفتاح ليجدها كما تركها خلفه تغرق بالهدوء وجميع الأضواء مغلقه ولا يضيء المكان سوى أشعة الشمس التي اخترقت زجاج النوافذ..
ابتسم وهو يشعر بالحميمية والدفء يغشيان قلبه، يضع الأكياس على الطاولة بمنتصف الصالة ويهتف بهدوء : جادل.
ثم يبدأ البحث فيها حتى وجد سفرة الطعام باسم المطعم، يفرشها على الأرض فوق السجادة بعد أن دفع الطاولة قليلاً.. يجلس أرضاً ويعاود النداء بصوت مرتفع قليلاً : يابنت وينك؟ تعالي خلينا ناكل قبل لا آكل الكنبة.

وضعت الجادل مشط الشعر على التسريحة ما إن وصلها صوته، تجيب بعجل : جايه جايه.
خرجت من الغرفة بسرعة بعد أن علقت منشفة شعرها الملقاه على السرير، تعيد خصل شعرها التي لازالت رطبة للخلف وتجلس بجانبه : وش جبت معك؟

حاول حاكم التحكم بأنفاسه ما إن داهمته رائحة عطرها وشامبو شعرها ولوشن جسدها برائحة اللافندر والذي بات خمرته التي تسكره في كل مرةٍ تضع منه ، رغم رغبته الجامحة بأن يأخذ نفسًا عميقًا يشبع به رئتيه ، أدار رأسه وبنظرة حاول أن تكون عفوية قدر المستطاع حطت عيناه على وجهها قريبًا منه، بابتسامة واسعة وشعر مفتوح لامع يتموج بنعومة على أكتافها،
أخذ نفسًا عميقًا رغمًا عنه يرحم توسلات رئتيه، ويهتف بهدوء وابتسامة دون أن يقطع النظرة : مندي، هاتي الأكياس.
لتقطعها هيَ ما إن التفتت تأخذ ماكان يضع على الطاولة بجانبه،ثم تمده له : سم.
فتح الكيس وأخرج منه صحن قصدير مستطيل وغويط : معليش بنخرع بطنك.
قالها ونكسَه بعد أن أبعد ماكان يغطيه، لينسكب الرز في منتصف السفرة متراكمًا كالتل الصغير، والذي انهار مستويًا ما إن أخرج حبة الدجاج يضغطها فوقه .
الجادل بابتسامة تتابع حركاته : وبطني وش يدريها ذا الحزة حزة أي وجبة؟
ابتسم يشمر عن أكمام ثوبه : كفو تعجبيني،، سمّي بالله واضربي بالخمس لا أشوف حبة رز باقية.
ثم نظر لها بتوجس : ولا تبين ملعقة وصحن؟
اعتدلت بجلوسها تثني قدما تحت جسدها وترفع الأخرى قبل أن ترفع كم بيجامتها الطويل لمرفقها : ماله داعي مايشبعك غير يدك... جبت طحينية؟
أخرج علبًا بلاستيكية بيضاء وصغيرة وضعها بينه وبينها، وعلبتين لبن : افا عليك.

بدآ يأكلان في صمت، وعيني حاكم تنجر رغما عنه على امتداد ذراعها المكشوف حيث نقوش الحناء الناعمة زينته وبرزت بعد أن غمق لونها، يقول بعد أن شرب كمية كبيرة من علبة اللبن بين يديه علّ اللقمة التي كان سيغص بها تعبر : الحين يوم إنك عروس ماتحنيتي وش معنى تحنيتي الحين؟
الجادل بعبوس : خليني ساكته تراني ماتحنيت إلا بالهواش وكسر الحشيمة.
ضحك : ليه ؟
زفرت بحنق : تشويه ولا أواطنها وكله كوم ولاجات تروح كوم ثاني ، بس جدتي حكمت علي تقول الحنا تزهيك وتخلي الناس تعرف إنك عروس جديدة.
رفع علبة الطحينة وسكب قليلاً تحتها : وهي صادقة، نبي نهزم فهد وحرمته مانبيهم يفوزون علينا .
ضحكت : ازهل يالأمير.
ليقول حاكم وهو يقطع دجاجًا ويرميه تحتها : كفو ومية كفو .. تغذّي.
رفعت القطعة التي وضعها تحتها لفمها، تقول قبل ذلكَ بمودة : وش حركات جدتي شعاع ذي؟
حاكم : ما أبي يقولون حاكم مقصر على أهل بيته.

ثم كوّر لقمةً بين أصابعه ورفع يده لفمها : افتحي فمك..
فتحت الجادل فمها تأكلها بكل طواعية، تفرد كفها بتلقائية تحت كفه كي تلتقط ماسيسقط، عيناها بعينيه وتنهيدة خرجت رغمًا عنها بنبضات قلب متسارعة ما إن استقرت لقمتها في فمها، وما إن أطبقته عليها لتمضغها بهدوء و أناقه حتى وأبعد حاكم يده لفمه يأكل حبات الرز التي بقت عالقة فيها.

غصت بما تأكل وبلعته بسرعة، تكح بصدمة ووجهٍ مختنقٍ أحمر، ترفع علبة اللبن وتشربها في دفعةٍ واحدة ، وما إن أبعدتها حتى ومسحت فمها بظهر يدها، تنظر له مضوقةً عينيها تبدد احراجها : الله الله وش حركات الأفلام الرومانسية ذي؟
ضحك بخفوت : رومانسية طل وأنا يدي غرقانة بهارات!
الجادل : رومانسية بطعم البهارات ، سبايسي..
ما إن انتهت من قولها حتى ومررت طرف لسانها على شفتيها بابتذالٍ متعمّد جعله ينفجر ضاحكًا، يبعد بصره عنها ويهز رأسه بقلة حيله من جنونها فتصرفاتها تتنافى مع ملامح وجهها التي تكاد تذوب من الخجل : عندي حركات واجد مابعد شفتي شي..
الجادل ممازحة : نشوف اللي مانكره فديتك ..
لازال يضحك، يستقيم بظهره ويسند ذراعه الأيمن على ركبته ويرفع بالأخرى علبة اللبن قريبًا من فمه، ليقول وهو يرمقها بطرف عينه قبل أن يرتشف منها : وش الخطة اليوم؟
تنحنحت تبعد أثر الشرقة عن حلقها : بعد الغدا بروح بيت أهلي، بقعد معهم شوي ثم بنروح أنا وأمي وعمتي وريم للقاعة نجهز هناك.
هز رأسه : زين ومَن بيوديكم؟ لا تقولين السواق!!
الجادل بمودة : اذا منت فاضي بنشوف ذيب.
ليقول بتفكير وقبل أن يقف : لا فاضي ماوراي شي ، العريس بينشغل بعد العصر وناصر بيكون مع أبوي متى ماجهزتوا وديتكم،
ذيب خليه لليل.

.
.

دخل عزام بيته، يصعد الدرج بسرعة متجاهلاً ثوبه الذي يعيق حركته، يحاول تجاهل الاستياء بعد أن عاد من عند بسام، بعد لقاء لم يمر كما تمنى.. يدور في عقله ما دار بينهما من نقاش حاد وانفعال ليجد أنه مضطر للمضي وحده.. فحتى جوار المختفي لا يجيب على اتصالاته وبات على يقين بأن ماقاله عبدالله عنه صحيح.. والخوف الأكبر أن يكون تصرّف بزوجته وأنهى حياتها أو أن يكون مكروهًا حل بكلاهما.

قبل ساعة بالضبط التقى ببسام في أحد المقاهي، فاليوم السبت إجازة رسمية من الدولة.
يتبادلون السلامات المعهودة ويخبره عزام بما حصل معه فبسام ثالث شخص يعرف عن سفرته للسودان والسبب الحقيقي وراءها.
يسأل بعد صمت دقائق : ما استجد جديد على سالفة الضباط؟
بسام : على حطة يدك وأنت سمعت بإذنك القضية أقفلت نهائي.
مط شفتيه بتفكير، متأملاً الرجل الجالس أمامه يشرب من كوب قهوته ويضوق عينيه بتوجس.. قبل أن يقول بسرعة واضعًا كوبه على الطاولة بقوة : عزام القضية ذي مالها حل وانتهت خلاص، اللي مات الله يرحمه واللي حي الله يحفظه، داري وش اللي يدور في عقلك وأقولك انسى أنا مستحيل أخالف أوامر أبو هيثم.
تقدم عزام بجسده، يقول بسرعة وتبرير : بسام أنت تشوف اللي قاعد يصير حولك ؟ ثلاث جثث كلها لضباط وكلهم يموتون بنفس الطريقة هذا وش معناه؟ مستحيل يكون الشي صدفة ومنعهم لأي كلام عنها دليل أن فيه شي فاسد قاعد يصير ويحاولون يدارون مصيبة بينهم..
عقد بسام حاجبيه : تكفى عزام أنا طول عمري أباري الساس ومالي بالمشاكل و وجع الراس أنا رجّال توي معرس وتو ما استقرت حياتي، لا تستغل معزتك وغلاك عندي وتقطع رزقي وتدخلني بمصايب مالها أول من تالي. الموضوع ماهو بطبيعي كلنا ندري بس ولا واحد فينا قادر يتكلم أو يسوي شي.. ياعمي أبعد عم الشر وغني له بتفهم أكثر من اللي أكبر منك يعني!!.
زم عزام شفتيه حانقًا، وشدّ على أسنانه، يهتف من بينها بغيظ : وين راحت مبادئك يالجبان؟ يابسام فيه أرواح بريئة مالها ذنب قاعدة تتصفى وحدة ورى الثانية عشان واطي خايف ينفضح وأنت عندك فرصة إنك توقف ذا الشي، ارحم أهلهم على الأقل حرام عليك..
ارتفعت نبرة بسام بإنفعال، جاذبًا انتباه القّله الموجودين : عزام لا تستفزني.. أنت ماهمك اللي ماتوا ولا همك أهلهم، مشكلتك ماخذ القضية ذي بشكل شخصي ولولا اسم أبوك اللي انذكر فيها كان نسيتها مثل مانسيت غيرها.. تظن إنك بتوصل لشي بس صدقني طريقك نهايته مسدودة، لا تقعد تنبش بالماضي وتعلق فيه ياعزام والله إني اعتبرتك أخ ويهمني أمرك ولا أقولها لك إلا لأني مابيك تتأذى..
ثم يردف هاتفًا بيأس : ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ياخي...
رمقه عزام بعينين تشتعل بالقهر ، يهتف بتهكم : متأكد إن أنا وأنت قسمنا على نفس القسم؟
ثم يقول بقوّة منفعلاً في وجهه : خلك وحش ليه الجبن والخوف؟..
ليقف بسام دافعًا كرسيه للخلف، يهتف بنبرة خفيضة مغتاضه مشيرًا بكفه وكأنه يهشّه، قبل أن يشد خطاه للخارج فاقدًا الأمل بالعنيد أمامه : ياشيخ فكنا...
.

: السلام.
وصل عزام للصالة العلوية، يلقي السلام على أمه و عبدالإله ومريم الجالسة بجانب والدها.
يردون عليه السلام ويجلس بجانب والدته بضيق، فبسام فجّرها في وجهه عندما قالها صراحةً بأنه مهتم فقط لأن اسم والده موجود بين سطور القصة، الحقيقة التي لا يمكنه إنكارها بينه وبين نفسه ، فهو شجاع بما يكفي ليعترف بذلك لنفسه على الأقل.
يحاول قدر المستطاع أن يظهر التركيز ويشاركهم الحوار، رغم أنهما يتحدثان عن أسعار الذهب المرتفعة في ظهيرة يوم السبت، وكأن اليوم الثقيل منذ بدايته ينقصه موضوع ميت كهذا ليكتمل!.. عبدالإله يقول بأنه مرتفع كاللهب فأوضاع العالم ليست على مايرام.
هز هزام رأسه متصنعًا الاهتمام، يخرج محفظة نقوده من جيبه، يسمع عبدالإله يقول بحزم : شبكَة أكثر من خمس آلاف ما أبي وإذا فيه أقل خير وبركة. اتركوا عنكم الفسقة ولا انتظروا إلى أن ينزل الذهب.
لتقول صيتة بعدم رضا : نعنبو حيّك وحن ندري متى بينزل الذهب!! أخاف أنه يرتفع زود يالقعيطي.
عبدالإله بضحكة رغم عبوسه : جاك العلم .
تنهد عزام هاتفً بخفوت : يمه..
التفت صيتة برأسها : سم أبوي.
مد لها ماكان بيده، ثلاثة أوراق زرقاء سحبها من الصراف في طريق عودته للمنزل : تكفي ولا أزود؟
ابتسمت : مايحتاج معي حبيبي..
زفر بتعب، عاقدًا حاجبيه : يمه خذيها لا تزعليني منك.
صيتة بمودة : لو مامعي بقول بس والله معي ياعزام .
عزام بحزم : حتى لو معك، خذي ذي منّي أنتِ أمي وأنا المسؤول عن مصرفك حتى لو تاخذين راتب.
أخذتها صيتة تبتسم : باخذها عشان ماتزعل بس، كثر الله خيرك.
عزام بهدوء : إن ماكفّت علميني..
بدأ ينادي على شعاع بصوتٍ مرتفع، يشير لمريم بأن تأتي له ويدس في كفها مئة ريال : خذي حطي مناكير.
أتت شعاع التي كانت تجهّز ماستأخذ معها للفندق على هذا المشهد وكلمته لمريم، مما جعلها تقول بابتسامة : هلا عز .
أخرج ثلاثة أوراق زرقاء أخرى من محفظته ومدها لها : خذي.
اتسعت ابتسامتها بعذوبة : معي سحبت أمس.
هتف عزام بحنق : تبون تذبحوني أنتم!
لتسأل باستنكار ما إن ضحك عبدالإله تشاركه صيتة : وش فيه؟
عزام بصرامة : طول ما أنا حي وراسي عاده يشم الهوا ماتصرفون شي من رواتبكم شي، حركات إسقاط الولاية والاندبندت وومن ذي ماهي عندي.
ضحكت، تأخذ مايمد لها بمودة : تؤبر قلبي شو حمش وأبضاي..
ابتسم بتودد، يعيد محفظته لجيبه على صوت عبدالإله : وأنا بعد أبي.
ضحك رغمًا عنه على نبرته المتطلبه : وش تبي؟
صفح عبدالأله كفه : زَلَط، أشوفك توزّع ماشاءالله مستلم راتبك ولا وش؟
(زلط تعني النقود بلهجة أهل اليمن السعيد)

.
.

(الساعة ٣:١٥)
زواج فهد وغادة ؛

أستيقظ فهد بعد أن نام دون أن يشعر, فهو ما إن عاد من صلاة الظهر حتى وتمدد على سريره ، إذ أن النية كانت أن يتمدد فقط ليرتاح قليلاً ولم تكن هناك أي مخططات لقيلولة غير مرغوب بها جعلته يستيقظ بمزاج متعكر.
صلى فرضة الذي فاته ونام عنه، فبعد دخول الشتاء رسميًا تقدم وقت الصلوات بشكلٍ كبير.
يجلس في مصلاه قليلاً يقرأ أذكاره تقطعه عنها الف فكرة وفكرة من عمل الشيطان وتلهيه عن تتمتها ليجد نفسه يعيدها مراراً وتكراراً.

أخذ نفسًا عميقًا وزفره ما إن إنتهى، يقف ويطوي سجادته قبل أن يضعها جانباً.. وقبل خروجه من غرفته ليرى أمه التي لم يراها منذ البارحة، فُتح الباب ودخل حاكم يقضم موزة : وينك عن صلاة العصر ما شفتك بالمسجد!
زفر : وأنا ما أشوفك إلا وأنت تاكل!!
حاكم بتهكم : هو أنا آكل من ذراعك يخوي؟ الله يكثر خير سلمان بن ناصر ويطول بعمره.. ولاَ تصرف الموضوع وينك عن الصلاة ليكون رايح تصلي بالفندق؟.
ثم أردف يحرك حاجبيه بخبث : أول صلاة بقرب الحبايب....
فهد بدون نفس : نمت عنها.
حاكم بضحكة : ذي عين ذيب مافيها كلام.
تأفف فهد، يهتف بانزعاج : أنت وين حرمتك تضفك عني!!!
ابتسم وهو الذي لم تخفى عليه تقلبات مزاج فهد منذ البارحة : راحت بيت خالي تستعد للمْصلْحة.
عقد حاجبيه : مصلحة؟
اتسعت ابتسامته : نفس السمكري اللهم أنت تدفع أربع مية وهي تدفع مثلها عشرين مره.
سكت فهد قليلاً قبل أن يقول مشيرًا بيده : طيب وخر عن الباب أبي أطلع.
لكن حاكم مد ذراعه بشكلٍ عرضي، يمنع تقدمه ويسد الطريق أمامه : أنت من أمس وأخلاقك ماش وخاطرك شين،، فيك شي؟
زم فهد شفتيه بضيق قبل أن يقول : مصدع.
هز رأسه بتفهم : خذ بندول؟ وغيره!
فهد بتنهيدة وبعد ثانية صمت : الهواجيس لعبت فيني من أمس ..
تبسم له بمودة : هينة.. وغيره؟
عاد بخطاه يجلس على طرف سريره، يمسح على شعره قبل أن ينظر لحاكم يأخذ نفسًا ضائقًا : والله ما أدري وش أقولك،
حاكم بهدوء وهو يشعر بالقلق يتقافز من عيني شقيقه : لا تقولي ولا أقولك هواجيسك ذي مرت علي قبلك وتمر على كل رجل حر طليق كان عنده فرصة هرب لكنه قرر يدخل للعالم ثنائي الأبعاد برضاه.
ضحك فهد بخفوت، يسأل بأمل : تهقى!
حاكم : مافيها كلام خذ العلم مني..
متى مواعد المدام ؟

وقف يزفر الحروف من حنجرته : شوي وأمشي بس بشوف أمي أول من أمس معتكفه بغرفتها مدري وش فيها!.
حاكم : تلاقيها متغلقه حبيب القلب والروح بيترك البيت..
ثم يردف بتنهيدة : إييه الله لنا أنا ليلة عرسي كسرت جرّه وراي من الفرحة..
فهد بابتسامة مشاكسة : تبي الصدق كلنا كسرنا جره وراك مو بس أمي، ماصدقنا تفك يخوي.
كشّر بتهكم : أقول ذا قشّك ولا عندك أغراض ثانية؟
قالها يشير لثوبه وبشته وشماغه المعلقين، جميعهم مجموعين بنفس بكيس المغسلة البلاستيكي الشفاف، يتابع بعد أن أومأ فهد برأسه : روح لأمي وأنا بنزلها، ولا تبطي عشان أوصلك...

خرج فهد من غرفته بعد أن أجبره حاكم على أكل المتبقي من موزته... مبررًا برجاء : تكفى خذ كملها، خلاص انغثيت ذي ثالث حبة آكلها أحس البوتاسيوم بيطلع مع أذاني..

يبتلعها في طريقة لغرفة والدته الفارغة، ثم يخرج منها ينادي نازلاً الدرج : يمه،،
: أنا هنا أبوي.
ابتسم ما إن رآها بالصالة الجانبية في الطابق السفلي، تضع قناعًا كالمنديل على وجهها وشريحتين خيار على عينيها وتتمدد على الأريكة ، وقف قريبًا منها يقول ضاحكًا : الله الله وش ذا يمه؟
جلست على حيلها ببطء، تسحب شريحة الخيار الأولى ثم تضعها في فمها، تتبعها بالثانية، تقول وهي تمضغها بضحكة : دجَل ريم الله يصلحها اشغلتني ماطاعت تفك عني إلا يوم رضيت.
جلس بجانبها يمسك كفها بين أصابعه ويقبله، يضحك بمودة ما إن شهقت عندما كاد القناع أن يقع لتمسكه بيدها وتعاود وضعه مكانه : ماتحتاجين الخرابيط ذي الزين زين.
ابتسمت باتساع : والله إني قلته بس أختك حنّانه صدعت راسي إلا حُكم وجهي مرهق وعيوني ذبلانه.

رغم ابتسامتها الواسعة إلا أنّ فهد لاحظ احمرار عينيها والإرهاق الواضح فيها وكأنها لم تنم الليل أبدًا : وهي صادقة.
شهقت تمازحه : قصدك إني شينة!!!
ضحك : أبد، بس شكلك ما نمتي الليل يمه....
زفرت، تهتف بإرهاق وهي التي لم تنم الليل إلا قليلا، تفكر بابنها وعزام وتمر عليها السنوات الماضية لتكتشف أنها كانت مغفلة مُغمضة العينين، كيف لم تنتبه لهما معًا وكيف غفلت عن شيءٍ بدا واضحًا كالشمس؟.. فكرة أنّ عزام كان يحب الجوهرة لدرجة أنه كان يريد الزواج بها تكاد تقودها للجنون ولا تستطيع تخمين ما يدور في خلده الآن في كل مرةٍ تقع عيناه على فهد ليتذكر ماكان يجمعهما في السابق : عيّا يجيني النوم.
ليقول فهد ممازحًا : يمه إذا تبيني اكنسل العرس وأقعد عندك كنسلت.
لكن إجابة سارة التي رمقته بطرف عينها تقول بازدراءٍ وتهكم، أضحكته : لا الله يستر عليك ويسعدك روح شوف حياتك وخلني أشوف حياتي باقي لي ريم أصرفها ثم يفضى لي البيت أنا و أبوكم.
ارتعشت شفتي سارة وشدتها بابتسامة واسعة ما إن ابتسم لها بعد ضحكته الهادئة، دون أن يعلق. ينظر لعينيها بخطوطٍ حانية دافئة حول محجريه، بنظرةٍ لامعةٍ داعبت قلبها.. لتقول بعبرة، تصرف بصرها عنه وتسحب القناع من على وجهها وتلقي به بعيدًا : الله يقلع شيطانك يا ريم خدر وجهي..
وصلها صوته هادئًا عميقًا كعادته، ولكنه هذه المره بدَا عمقًا مظلمًا وكأن صوته خرج من بئرٍ لا قرار له : ادعيلي يمه والله إني خايف.
تشكلت عقدة خفيفة بين حاجبيها، ورفعت عينيها للواقفين خلفه، لناصر الذي دخل الصالة للتو، وحاكم الواقف بجانبه بعد أن نزل من الأعلى, يسند ذراعه على كتفه بشكلٍ عكسي ويمسك برأس المعلاق الذي يمسك قطع القماش بسبابته واصبعه الأوسط، ليستريح ثوب شقيقة الطويل على امتدا ظهره.. وكلا الرجلين سمعا ماقال فهد..
حاولت أن تبتسم ما إن عادت ببصرها على وجهه، وعينيه التي لازالت تنظر لها، ولكن هذه المره بحيرة وتوهان وقلق، لتخرج ابتسامتها بأطراف ترتعش : خايف من وش فهود؟

سكت، لا إجابة ولا رد لديه.. تتبدل نظرته لشيءٍ آخر تذوقت سارة حزنًا فيه،
غير قادر على سرد مخاوفه رغم وضوحها أمام عينيه، لا يستطيع النطق بها أو حتى التفكير فيها بينه وبين نفسه. وغير المخاوف هناك أسئلة عدة تراوده ولا يستطيع أن يسكتها بإجابة واحدة مقنعة. هو وكما قال ناصر ذات يوم "رجولة اخرجتها مشارط الأطباء". حقيقة لاذعة لا يمكن إنكارها مهما أوجعته، فلولا تلك المشارط ومئات الجِراحات ماظهرت أعضاؤه، وما ترك شعر وجهه ينمو دون أن يمرر شفرة الموس عليه يوميًا كي لا ينتبه عليه أحد.. لكان هو الجوهرة، ربما متزوجة الآن تعاشر رجلاً مثلها لا تشعر معه سوى بالنفور والقرف دون أن تجد تفسيرًا منطقيًا لحالتها هذه إلا أنها ملعونةٌ فاسدة تميل لبنات جنسها من النساء.

كان فهد ولفترة طويلة من سنوات عمره الأخيرة يدفع سؤالاً ينق عليه ويعكر صفو حياته، حياته التي يعيشها فقط لأن عمره لم ينتهي في هذه الدنيا بعد، لازالت هناك سنوات غير سعيدة يتوجب عليه عيشها مظهراً ابتسامة واسعة في وجه الجميع كي لا يقلق عليه أحد، أو أن يثير شفقة أحد. يدفع السؤال قسرًا لأبعد مكانٍ في عقله، حتى تسلل لصدره،، يعلق ويستقر فيه ويفزع أي طيفٍ من سعادة يحاول أن يلاطف قلبه. يهرب منه منذ أن اقترحت والدته تزويجه، الخطوة التي كان يهرب منها كي لا يتعثر فيها، خصوصًا بعد أن رفض عمه تزويجه ابنته، ويحمد الله أنه رفض رغم أنه كان يريد لولوة زوجةً له.. يتمنى فقط أن الموضوع مات وانتهى في عقل عمه قبل أن ينطق به لأحد، ولم يصل لها حتى لا تتساءل بينها وبين نفسها عن مدى جنونه ووقاحته في كل مره تراه فيها.
فهد لا يعرف،
لا يدري،
غير متأكد......
هل سيكون قادرًا على القيام بواجباته كرجل حاله حال بقية الرجال؟ فهو وإلى هذا العمر لم يعاشر أنثى قط، لم يجرب قدراته ومايستطيع القيام به وما لا يستطيع ، ليعرف إن كان قادرًا على إعطائها حقوقها وإشباع رغباتها أم لا.. أو أن يقيم معها علاقة طبيعية على الأقل.. فرجولته لم تأتي بشكلٍ طبيعي، ووضعه لم يكن ولن يكونَ طبيعيًا منذ أن ولد وحتى يموت.
القلق من هذه النقطة بالذات يقتله، يطحنه، يسحق قلبه.. وفكرة أنه استغفل غادة التي تجهل ماكان عليه في الماضي تقتله من شدة القلق أكثر، ليبدأ خياله بتأليف سيناريو وسير أحداث لما سيحدث، يجد أن جميعها كارثية مظلمة للغاية وبنهاية حزينة، وكم هو نادم الآن على موافقة أهله إخفاء موضوعٍ كهذا عنها، موضوع يعتبر مفرق طرق تقوم عليه حياتهما كاملة.

رفعت سارة عينيها مجددًا للواقفين بالخلف ما إن لاحظت شرود فهد، وانهيار ملامح وجهه بيأسٍ واضح وكأن الدنيا أسودت في وجهه فجأة. تتوسل بنظرتها ليتدخل أحدٌ منهما وينقذ الموقف، فلسانها قد ربط غير قادرة على قول كلمتين على بعضها فما يخشاه فهد ولم ينطق به، تخشاه هيَ أيضاً ولا تنطق به.
: شدعوة فهيدان خلّك أسد.

أخرج فهد من شروده صوت حاكم الذي كان مرتفعًا مبتهجًا وكأنه يحاول أن يملأ عقله ومسمعيه به.
زفر واعتدل جالسًا يريح ظهره على الأريكة، يتصنع ابتسامةً تلاشت بسرعة ما إن رأى ناصر، والنظرة التي تعتلي وجهه.. انقبض قلبه وتسارعت نبضاته يخشى من أن يرمي كلمةً كالسم في وجهه، وهذه المره لن يستطيع تحملها كما كان يتصنع في السابق.
وحتى بعد تعليق حاكم، لم يتغير شيء.. لازال المكان مخنوقًا وكأنه يخلو من الأكسجين. حتى حاكم نفسه فتح فمه وأغلقه دون أن يجد تعليقًا آخر قادر على تنوير ملامح فهد المظلمة، أو أن يغير المود الكئيب الذي أحاط بهم على الأقل.

ولكن حضور ريم أنقذ الموقف، لتكون وفي هذه اللحظة بطلة العائلة الأولى التي تستحق نصبًا تذكاريًا في منتصف الصالة تقديراً لدخولها السينمائي الرائع. تتقدم ناحيتهم على عجل، تلف شعرها بفوطتها وتحمل مبخراً بيدها تتصاعد منه الأبخرة البيضاء.
تمر من أمامهم وتقف بالمنتصف بينهم دون أن تنتبه للجو المخنوق، والذي خنقه بخورها أكثر ليقول حاكم بعد أن كح : تحضرين أرواح أنتِ وش ذا الدخنَة كلها؟
اقتربت منه، تحرك كفها وتدفع الدخان ناحيته، تهمس بفحيح ساخر : حابس حابس.
كح مكتومًا يضع قبضته أمام فمه : حسبي الله عليك من بنت طلعي اللي فيك بعيد عني،
ثم أردف موجهًا حديثه لوالدته، عاقدًا حاجبيه يتصنع الجدية : طالبك ما تطلعين من العرس اليوم إلا وأنتِ ضامنه لها رجل ياخذها ويفكنا منها.
ليعلق ناصر ممازحًا : والله إنه ودنا بس ماهقيته وأنا أخوك.... صعبة..
عبست ريم محرجة من تعليق ناصر ولم تأبه بما قال حاكم أبدًا فهذا مزحه المعتاد معها، ورغم أن ماقال ناصر كان مزحًا أيضاً إلا أنه أحرجها وضايقها قليلاً، تشعر بفوران الدم في عروقها ، تقول بحنق : لا ياشيخ أنت وياه!!! ... وبعدين مين قال إني أبي أتزوج؟ أنا بقعد عند أبوي حبيبي طول عمري .
ليقول حاكم ساخرًا : استغفري ليقول ربي وجبت.
ريم بسرعة ودون وعي : استغفرالله .
ثم رمشت أكثر من مره ما إن استوعبت ماتفوهت به بعد الضحك الذي صم مسمعها، وحاكم يقول غامزًا : خلاص أبشري باللي ما يرجع اليوم إلا وهو مضبط وضعك..
هتفت بيأس تلطم نحرها : آه أنا وين الله يوفقني وأنتم أخواني!!!
ثم استطردت بسرعة ما إن استوعبت ، ترفع كفها معتذره في وجه ناصر : اسمح لي يعني بس اللي يسمعكم يقول قاعدة على كبودكم ومبلشتكم فيني.... أنا في عز سلمان بن ناصر الله لا يحوجني لأحد غيره ويالله يا حبيبي اجعل يومي قبل يومه كانه عازني ومغنيني عن أي رجّال.
هتف حاكم ببرود دون أن يضع أي اعتبار لانفعالها الذي وجده مضحكًا بطريقة غريبة : برضه الله يرزقك باللي ياخذك ويفكنا منك..
ضربت ريم الأرض بقدمها، تستنجد مقهورة : يمممه عيالك جننوني.
حركت سارة بؤبؤ عينيها بملل، تنطق ببرود : ليه مستعملة ذا البخور ريحته ماهي زينة.
استدارت ريم ناحيتها، باستنكار.. تنظر أولاً لفهد الصامت وكأنها تريد أن تتأكد منه أن والدتها سفهتها فعلاً، قبل أن تنظر لها، تهتف ببلادة فقد يئست من هذه العائلة : ودام ريحته ماهي زينة مخليته ليه كان رميتيه ولا هي هواية تجميع وبس.
حاكم بإزدراء : ماشاءالله على الرد اللي يفشل ياقليلة الأدب..
رمقته ريم بحده "هين يالجادل حسابي معك بعدين وينك عنه هاملته!!.." : وأنت وش فيك مستقعد لي ؟ ياخوي أنا وأمي حبايب ونصلح اطلع منها.
تجاهلت سارة تناقرهما بابتسامة لم تصل لعينيها : روحي جيبي من العود الزين، نبي نبخر فهد قبل لا يروح.
عقدت ريم حاجبيها تهتف باعتراض : مابقى إلا ثلاث كسرات يمه ومخبيتها لي.. يروح فهد يتبخر عند غادة بمبخرتها الكشخة اللي عليها اسمها..
قالتها تراقص حاجبيها بخبث، توجه حديثها ونظرتها لفهد الذي جاملها بابتسامة وضحكة خفيفة متكلفة لو لم يضحكها لكان أفضل مئة مره،
مع ذلك وجدت سارة نفسها تزفر براحة لتجَاوبه، قبل أن تقول بصرامة موجهةً حديثها لها : يابنت انهجي عليتيني.
ابتعدت ريم تتحلطم بينها وبين نفسها، ليجلس حاكم الذي فرد ماكان بيده على أطول أريكةٍ بالصالة بجانب ناصر الذي فقد اهتمامه بالذي يحصل قبل ثواني وانسحب من الحوار يجلس على إحدى الأرائك ويتابع في صمت.
غرق المكان بالهدوء لدقائق فلا يوجد موضوع يتحدثون عنه... أين ريم تنقذ الموقف مجددًا؟.. حتى تحدثت سارة، تسأل ناصر عن والده الذي خرج منذ الصباح كي يقف على ذبائح المعازيم بنفسه، ويتابع ترتيبات حفل الرجال دون أن يكلف أي شخصٍ آخر بذلك.

عادت ريم بعد اختفاء دقائق، تمد بوزها اشباراً معلنةً بذلك زعلها، فالثلاث كسرات من العود كانت تدسها بين ثيابها وتنوي أن تتبخر بها بعد أن ترتدي فستانها، تمد المبخر الذي تتصاعد منه رائحة العود المجنونة هذه المرة لناصر الذي أخذه قائلاً بمودة : طيّب الله فالك عقبال ما أتطيب بعرسك .
ريم : اللهم آمين .
ضحك حاكم بتهكم، يأخذ المبخر الذهبي من ناصر بعد أن مده له : خجل العذارى يبكي فالزاوية..
وقفت أمامه، تبتسم ضاحكة : أنا بكل الحالات بقول آمين سواء بالسر ولا العلن فأقولها بالعلن أحسن يمكن تصادف مرّة مَلك.
هز رأسه بيأس، يهتف ممازحًا يتعمد احراجها : بنتك ذي مافيها فايدة يمه ماتستحي أبد، متشفقه على العرس فشلتنا.
ضحكت سارة بمودة ومناقرهما أبعدها من تفكيرها الضائق قليلاً : إيه هيّن متشفقه على العرس ذي قاضيين منها.
تكتفت ريم باعتراض ، تقول بحنق : وبعدين لاجاتني العقد النفسية وقمت أتأتأ قولوا بنتنا مصكومة عين.
حاكم بضحكة : أنتِ العقد النفسية تتفكك عندك وتقول توبة!
ثم مد المبخر لها منتبهًا لعبوسها : طاب طيبك وعاش حبيبك.
رفعت ريم حاجبيها بتحدي : يارب.
وقبل أن تمسك به حتى، أبعدها حاكم من أمامه، يقف متجهًا لفهد : والله مايطيب أبو سلمان غيري...

وجد فهد نفسه يضحك رغم القلق الذي يثقل صدره، ما إن أوقفه حاكم يرفع ذراعيه ويبخر أبطيه معللاً ذلك بأنهما "مصدرا الطاقة"، يشعر بفرحة ريم التي قالت قبل أن تزغرط زغروطةً بدت كصافرة إنذار : زغرتشي يا انشراح.
وتشاركها أمه التي لم تكن بأحسن حالٍ منها.
يأخذ نفسًا عميقًا براحة وابتسامة تعتلي وجهه،
ما إن رفع حاكم ثوبه الجديد والمكوي بعناية عاليًا من معلاقه، سامحًا لريم أن تُدخِل نصف جسدها تحته بمبخرها وتبخره حتى ضبب الدخان الخارج من أكمامه النايلون البلاستيكي الذي يحميه.
تهتف ما إن انتهت واستقامت بوقفتها تبخّر شعرها بتموجاته العنيفة بعد أن أبعدت ماكان يغطيه : يمه عجلي علينا ترى شوي ونمشي. تأخرنا!
لتقول سارة بنبرة متعمدة تضع قدمًا على الأخرى : والله أنا جاهزة وبحط عباتي علي متى ما أنتِ تلحلحتي ياثقيلة العدّة!
ليسأل ناصر باستنكار فلا يزال الوقت مبكراً على الذهاب للقاعة : وين بتروحون؟
قالت ريم على مضض دون أن تنظر له، تضع ماكان بيدها على الطاولة الصغيرة في منتصف المكان : بنروح للفندق..
ثم وجهت حديثها لفهد، تتعمد إغاضته بابتسامة مشاكسة تريد منه أن يتحدث، أن تسمع صوته, فصمته لم يعجبها : ترى غرفتنا فوق والقاعة تحت كلنا بنفس المكان، ممكن أطب عليكم بأي لحظة لا تاخذ راحتك أنت والمدام بالحركات واجد.. .
اكتفى فهد بأن يبتسم ابتسامة مخيبة للآمال وهو يشعر بالتوتر يقضم جدار معدته.
سأل حاكم ضاحكًا بفضول حقيقي : الحين ياطويلة اللسان المصلْحَة كم تأخذ منكم؟
تكرمشت ملامحها بتهكم واستنكار : مصلحه!! اسمها ميك أب ارتست يا لحجي.
ليقول على مضض فهذا ليس آخر همه : اللي هو، كم تاخذ على الراس الواحد؟
ريم بذات الوجه والنبرة المستنكرة : حاكم يرحم أمك وش ذا وش اللي كم تاخذ على الراس داخل زريبة غنم أنت..
ثم أردفت على مضض تشير بكفها في وجهه تعفيه عن الرد الذي لم يفكر بالنطق به ، فهو حالة ميؤس منها والضرب في الميت حرام : عمومًا..... المكياج من ألف ريال وأنت طالع ، والشعر عاد يعتمد بس مستحيل يكون أقل من ٥٠٠ ..
اتسعت عينيه بهلع : الله أكبر عليك يعني الوحدة منهم يمديها تطلع نص راتبي بليلة!!!.. والله يضحكون عليكم وأنتم مهبّل تدفعون.
زفرت : وش نسوي يعني نروح بوجيهنا الشهبا نروع العالم؟
عبس بجدية : تعلمي... ورى ماتشتغلين ذا الشغلة بدل النوم؟
نظرت لفهد الذي كان يستمع للحوار بابتسامة هادئة وكأنها تريد أن تتأكد أنه معهم، قبل أن تعاود النظر له ، تقول بملل : مُتعبة وأنا مافيني أتعّب عمري بصراحة.
توقعت تعليقًا لاذعًا منه وجهزت نفسها كي ترد عليه، لكنها لم تتوقع أن يصلها صوت ناصر عوضًا عنه، يسأل بعدم رضا : وليه ماقلتوا لبشاير تجي معكم؟..
ابتسمت ريم بتصنع، تقول بنبرة ودودة أكثر من اللازم : بشاير ماتحب تروح إلا مع أهلها ولاّ أنا عزمت عليها.
ثم تستطرد بينها وبين نفسها "كان والله الجادل تموت.".
حاكم وفي نبرته لازال الذهول واضحًا : وبالله بتقدر وحده تخطط وجيهكم كلكم؟
قلبت ريم عينيها بملل ونفاذ صبر : ايه يا حاكم،، ليه هامّك الموضوع للدرجة ذي؟ لا تخاف بنخليها تسوي لحرمتك أول وحدة.
ثم ضحكت ما إن رأت التهكم بعينيه : اللي بتسوي لنا غير واللي بتسوي للكَهلات غير.
كرمشت سارة ملامح وجهها من نَعتٍ كهذا فهي لا تخصص نصف ساعة يوميًا وقبل أن تنام لوضع كريمات العناية بالبشرة عبث...
قال فهد أخيرًا بابتسامة وضحكة هادئة قبل أن تتكلم : والله إن أمي تبيّن أصغر منك.
ربتت ريم على عضده ، تهتف ممازحة : على قلبي السوري تستاهل المدح جاملوها ياحبايبي على حسابي ماعندي مانع.

ضحك بخفوت، وقطع ضحكته ما إن نظر لساعته ، يقول بصدمة : اوف قدها الساعة أربعة إلا عشر!! مشينا يا حاكم تأخرت والله.
ريم بسرعة : وحنا تأخرنا بعد تكفين يمه قومي البسي عباتك..
ثم أردفت تتكركر عندما رأت فهد يحضن أمها ويشد عليها ما إن وقفت لتسلم عليه : وأنا بطلع كذا يمكن يلمحني نصيبي الضايع ويدل دربه ..
تعالت ضحكتها أكثر ما إن رمقها ناصر بنصف عينه وكأنه ينوي قتلها فلا مزاح بهذه المواضيع عنده،
حرر فهد والدته، وتقدم لريم وصوت ضحكتها التي تحييه هو كل مايسمع، يضربها بخفه على رأسها قبل أن يقربها لصدره، يهمس قريباً من أذنها بضحكة خافته : اعقلي..
بَترت ريم ضحكتها، وتسارعت أنفاسها، توترت وشعرت برجفةٍ تسري في قلبها، تشد عليه، تجد نفسها تومئ برأسها سمعًا وطاعة.. تبتلع ريقها ما إن ابتعد عنها ينظر لعينيها بابتسامة دافئة جعلت العبرة تسد حلقها، تهمس بنبرة مهزوزة : مبروك فهودي.
اتسعت ابتسامته، يهتف بمودة : الله يبارك فيك ريومه.. عقبالك.
أومأت برأسها مجددًا كالبلهاء، وقلبها يذوب بين أضلعها بعد حضنه الذي لم تعتد عليه.....

رفع ثيابه، يأخذ نفسًا عميقًا وهو يرمق ناصر بطرف عينه، متردد وحائر ،،
يسمع حاكم يقول موجهًا حديثه لوالدته : اجهزوا بوصّل فهد وارجع لكم .
سارة : ما بيمدي ياقلبي أنت بتتأخر على أبوك وحنا بنتأخر على موعدنا. توكل على الله بنروح مع السواق.
ليقول حاكم رغم عدم رضاه : أجل لا تنسين الجادل وأمها.
ريم بطفش فقد ضاقت من بلبلته : ياخوي فكنا،، حنا مضبطين أمورنا خلاص لا تشغل نفسك.
كان حاكم سيعلق، لكن فهد قال يستعجله فإن فتح فمه لن يغلقه : يلا ياحاكم اخلص علي يخوي.
ليقول الآخر على عجل يمشي معه ناحية الباب : يلا يلا مشينا..
: فهد.
اتسعت عينَا فهد ما إن سمع صوت ناصر يناديه، يشد على أسنانه ويستدير برأسه بعد أن تعداه جالسًا على الأريكة ذاتها خلفه - بتحفز واستعداد للرد عليه في حال رمى كلمة ضايقته.
لكن ناصر الذي كان يعيش صراعًا نفسيًا مُهلكًا قال بهدوء وابتسامة بالكاد ترى وكأنه مجبور عليها : ناقصك شي؟
ليقول فهد رافعًا حاجبيه باستنكار ، يجيب بحنين وأمل : دعواتك!
اتسعت ابتسامته قليلاً : موفّق، منك المال ومنها العيال إن شاء الله.
ورغم أن صدمته من ناصر كانت للحد الذي لا صدمة بعدها، إلا أن فهد وجد نفسه يبتسم ابتسامة واسعة من أعماق قلبه بدت باهظة الثمن جدًا أمام بساطة ماقال الآخر، يهتف بسعادة واضحة : آمين ياخوك،،
ثم يردف بضحكة غير مصدقة بعد أن استدار للباب الذي فتحه حاكم ليشعر بالنسيم البارد الرقيق يلاطف قلبه وينعشه : سلام، أشوفك بعدين ياناصر ..
يسرع في خطاه أثناء خروجه، يشعر بأنه يمشي على الغيم من خف روحه وفرحته ، وكأن همومه كلها انجلت..

.


(الساعة ٤:٣٠ عصرًا)
زواج فهد وغادة ؛

كان حفل النساء بزواج فهد وكما خطط والديه سيُقام في قاعة احتفالات كبرى موجودة بالطابق الأول لأحد الفنادق المعروفة بالفخامة والرقي والنجوم الخمسة،
وسيقضي فهد و زوجته ليلتهما الأولى في أحد أجنحته -حقيقة تجعل معدته تتقلب بتوتر-
بينما يُعقد عشاء الرجال بقاعة أخرى تبعد عن الفندق مسافة الربع ساعة تقريبًا.. العشر دقائق إن كنت محظوظًا ابن محظوظة وكان الشارع سالكًا أمامك.
وكان سلمان هو من تكفل بكل شيء، كما تكفل بزفاف حاكم وناصر من قبله. ورغم اعتراضهم فكل واحد من الرجال الثلاثة يستلم مرتبًا قادرًا على تزويجه دون أن يرهق ميزانية والده ويستنزفها، إلا أن سلمان كان يرفض، يقول ممازحًا : دام إنه عرسك الأول فهو علي، أما الثاني عليك..

خرج فهد من دورة المياة بعد أن استحم بماءٍ دافئ أذاب توتره وأرخى عضلاته المشدودة قليلاً -قليلاً فقط- يلتف بروب الاستحمام الأبيض وتتساقط من خصلات شعره قطرات الماء رغم وجود منشفه أخرى صغيرة حول رقبته كان يقدر على استعمالها.
تتلفت عينيه بهدوء وبطء على غرفة النوم التي سيقضي الليلة فيها مع غادة!
جناح العرسان الذي سمع مدحًا لا مثيل له من موظف الاستقبال لم يكن مميزًا مقارنةً بسعره، إذ أنه كغيره من الأجنحة بصالة متوسطه وغرفة نوم واسعة جدًا لايشفع لها إلا الإطلالة البانورامية على المدينة الأجمل والتي لم يرى أجمل منها رغم اصفرار مسطحاتها، بالإضافة للجاكوزي الموجود بدورة المياه التي خرج منها.
وقف أمام النوافذ الكبيرة العاكسة والتي كانت تظهر أفق المدينة بشكلٍ ساحر من الطابق الرابع عشر. يجذب أنفاسًا عميقةً لرئتيه، يرفع طرف منشفته ويبدأ بمسح شعره متأملاً أشعة الشمس المنعكسة على أغلب المباني، وحركة السيارات والناس البعيدين تحته بابتسامة شاردة تعتلي ثغره، لازال منتشيًا بحقيقة أن ناصر تبسّم في وجهه.
بقى على هذه الحال لفترة كافية نشفت شعره من الماء، قبل أن يتحرك من مكانه، يفتح باب الخزانة الآخر حيث وضع بعض الغيارات الخاصة به عصر البارحة، وتأتي والدة غادة وترتب أشياء ابنتها في وقتٍ آخر من اليوم.
ارتدى ملابسه، يقف أمام المرآة ويغلق أزرار ثوبه ناصع البياض، يجمع طرفي كمّه بكبك أسود اللون ومخططٌ بالذهبي، ثم ينزل جالسًا على ركبةٍ واحدة ليرتدي جواربه السوداء.
وقف ما إن انتهى.. يمسح على شعره يرتبه ويعيده للخلف ، بتوتر.. يأخذ أنفاساً مسموعة مستعيذًا من الفكرة التي طرأت في باله، يحاول التركيز بلبس طاقيته، لكنه ما إن انتهى حتى و وجد نفسه يرضخ لها، يلف أصابعه على مقبض باب الخزانة الآخر كاللص، نظرة سريعة خاطفة تشبع فضوله عما وضعت غادة لن تؤثر...
فتحه ببطء وكأنه يعطي نفسه مجالاً للتراجع عن تصرفات صبيانية كهذه، لكن نفسه الأمارة بالسوء لا تسمع إلا صوتها، وما إن فتحه بالكامل حتى وهاجمته رائحة العطور القوية المنبعثة من ملابسها المعلقة، روائح مُسكره خدرت عقله وجعلته يأخذ نفسًا عميقًا يتبعه بآخر، وآخر وآخر حتى بدا وكأنه لن يشبع، يظهر له قميص غادة الأبيض الرقيق، وقطعة أخرى طويلة بجانبه وملابسها الداخلية المعلقة بمعلاقٍ مغلف بالمخمل السكري رغم أنها لا تُعلّق بالعادة.
أغلق باب الخزانة بقوة ما إن وعى على نفسه وأدرك بأنه يسترق النظر لملابسها وأشيائها الخاصة دون علمها، كالمنحرف تمامًا.
يشعر بحرارة أذنيه وكأن النيران اشتعلت فيها ، ليبتعد بخطى سريعة تاركًا الخزانة ومافيها خلف ظهره، يقف أمام السرير ويرفع غترته البيضاء المفرودة بعناية عليه ليرتديها بأطراف ترتعش، يزفر في محاولة فاشلة للتهدئه من روعه قبل أن يضع عقاله على هامته، يتأكد من أن هناك ثنيه عن يمين المرزام، وأخرى عن يساره ثم يسحب زجاجة عطرة ويفرغ نصفها عليه، والنصف الآخر على بشته الأسود قبل أن يسحبه معه باتجاه الباب وهو يحاول وضعه بشكلٍ عرضيٍ على ذراعه كي لا يتسفط فمن الصعب أن ينزل أربعة عشر طابقًا مرتديًا بشته، لكنه ما إن خرج من حدود الجناح حتى وعاد له بخطى واسعة يُسمع فيها صوت احتكاك قماش ثوبه بخطواته بكل وضوح في هدوء المكان، تاركًا الباب مفتوحًا على مصراعيه خلفه، فقد انتبه بأنه حافي القدمين إلا من جوربيه، ليرتدي حذاءة الاسود اللامع، ويأخذ في طريقة هاتفه الذي إن لم يكن ملقىً على ملاءات السرير البيضاء بوضوح لكان تركه خلفه. ثم يخرج من الجناح مغلقًا الباب خلفه تاركًا المكان يغرق بالفوضى التي لم يكترث بها أبدًا فموظف الاستقبال طمنه بأنه "سيتوصى به" وأنه سيعود بعد حفلِه ليتفاجأَ بغرفةٍ تخطف الأنفاس.
كان شكله بخطاه الواسعة في الممر الطويل بين الغرف وكأنه يهرب من أفكاره التي قادته لفتح تلك الخزانة وهو يعلم بأن كل مافيها يخصها، لا تزال بعض القطع الخاصة بين عينيه تجعل من نبضات قلبه تتسارع بصوتٍ مسموعٍ كالقنابل، تنفجر في صدره واحدةً بعد أخرى.

عكَس فهد خطواته وعاد لجناحه مجددًا قبل أن يغادر الطابق "انا رايح فين؟ أنا راجع ثاني" ، يجر أذيال بشته خلفه بعد أن استعاد أنفاسه المخطوفة، وهدّأ من نفسه المذعورة،
يجلس هذه المره على الكنبة المفردة في صالة الجناح الصغيرة
يعطي غرفة النوم ظهره وكأنه لا يراها، خوفًا من أن تخونه يداه كما خانه عقله ويبدأ بلمس الدانتيل الذي أجج نارًا في جوفه ما إن وقعت عينيه عليه،
يقوّي نفسه، يحاول استعادة رباطة جأشه "إهدى وخذ نفس ماهي لابسة كل اللي شفته بليلة وحده" ،
ينتظر صلاة المغرب فلم يبقى عليها شيء, سيصليها وينزل.
يعض على شفتّه بقوة حتى كاد يمزقها، يحاول أن يخفي ابتسامته الواسعة ويمنع ضحكته المكتومة، يضرب بأطراف أصابعه ركبتيه بخفه وكأنه يعزف لحنًا ما.
يتبدل كل شيء... تغرقه الحماسة، ويطغى الترقب والتوتر اللذيذ على أي إحساس آخر....
"والله لو درت إني فتحت دولابها وشفت اللي فيه جلدتني بالعلاقة المخمل لين اعض الأرض ههه،، "
.
.

 
 

 

عرض البوم صور وطن نورة ،،  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 07:47 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية