كاتب الموضوع :
وطن نورة ،،
المنتدى :
الروايات المغلقة
.
.
دخل عبدالله منزله وقد تجاوزت الساعة العاشرة ليلاً.. يصعد السلالم بعد أن سأل شقيقة الأصغر سعد : وين لولو؟
ليجيب الآخر يرفع كتفيه : يمكن بغرفتها ما شفتها من العصر..
وبينما كان عبدالله يصعد السلالم يأخذ كل درجتين في قفزة، كانت لولوة تحاول مسح دموعها كلما سقطت.. تتمدد على سريرها تشتم نفسها على ماحصل باكرًا عندما تمللت وفتحت برنامج الواتساب على خانة الحالة وهي التي لا تفتحها أبدًا كما أنها ذمّت هذه الخاصية ما إن هبّ فيها الناس..
ضغطت على أول حالة وكانت مقطع فيديو ساخر ضحكت عليه وعادته أكثر من مره،، تلته مقاطع كثيرة من جهات اتصال مختلفة كانت تقف عند بعضها وتنقر على الشاشة لتتجاوز بعضها الآخر..
إلى أن استوقفتها دعوة إلكترونية وأحد أهازيج الأفراح..
عقدت حاجبيها تضغط بأصبعها على الشاشة ليقف المقطع.. تقرأ الاسم الذي اقترن بالدعوة قبل أن ترفع عينيها وتجد أن صاحبة المقطع هي خلود شقيقة ناصر الكبرى.. رفعت اصبعها بصدمة وتابعت المقطع إلى أن انتهى ليظهر مابعده.. فيديو لناصر واضعاً بشته على كتفيه وصوتها يسأله : كيف إحساسك يا عريس؟
ليجيبها بابتسامة : مبسووط..
وقد كتبت عليه تعليقاً "الف مبروك يا تاج راسي"..
لم تستوعب ولم تدرك شيئًا وعادت الدعوة الإلكترونية والمقطع أكثر من مره تقول بقرف وحرقة بعد أن شبعت : الله لا يوفقك..
ذهبت لجهات الاتصال تحذف رقم خلود رغم أن علاقتها بها وهي زوجة لأخيها كانت رائعة.. وانقطعت تماما بعد انفصالها عنه حتى نست أن رقمها لازال محفوظًا عندها..
.
أخذت نفساً عميقاً تمسح وجهها بطرف بلوزة بيجامتها ما إن سمعت طرقًا مميزًا على الباب، ثم صوت عبدالله هادئًا : لولو..
لم تجبه وهي تحاول أن تمنع شهيقًا آخر من أن يخرج.. : لولو افتحي الباب هذا أنا عبدالله.
لتضطر بأن تقول كاذبة : دقيقة عبود أبدل ثيابي..
وقفت أمام المرآه تتأمل وجهها الطبيعي نوعًا ما إن اختفى احمرار أرنبة أنفها.. لتأخذ فرشة أحمر الخدود وتضع الكثير منه على خديها ليتماشى اللون مع لون أنفها وكأنها متعمدة..
أخذت نفسًا ولم تطلقه وهي تفتح الباب بابتسامة واسعة : الحين الواحد ما يقدر ياخذ بريك منكم؟. أدخل أشوف وش تبي..
ابتسم لها بارتباك وهو يدخل خلفها.. يراها ترفع بعض ملابسها المتناثرة وتلقي بها في سلة الغسيل. تقول دون أن تنظر باتجاهه : أقعد وش فيك واقف؟
جلس على الأريكة الوحيدة في غرفتها.. وانتظرها إلى أن جلست أمامه تبتسم ابتسامة واسعة مبتذلة جدًا لا معنى لها..
عبدالله بهدوء : وش فيك لولو؟
عقدت حاجبيها باستنكار لازالت تبتسم : ما فيني شي.. أنت فيك شي؟
رفع كفيه يحرك أصابعه ببطئ : باركي لي.. فكيته أخيرا..
مسكت كفوفه بقوة ليتأوه لازال يشعر بألمٍ بسيطٍ فيها.. تقبّلها بعبرة : حبيبي عبود الحمدلله, الله يجعلها آخر الاوجاع..
عبدالله بابتسامة وهو يرى ابتسامتها والتماع الدموع في عينيها : المشكلة أن أختي التوأم بنت .. ترى يضيق صدري لاضقتي ماهو معقول أكون أضحك وفجأة أطنقر وتصكني الغلقة.
هدأت ابتسامتها الصاخبة لشيءٍ أكثر صدقًا : آسفه، ياليتني ولد.
عبدالله بضحكة محاولاً تخفيف الجو المشحون : أوف ويصير اسمك لؤي.. لؤي بن علي.. اسم مدرس بدنية على كيف كيفك..
ضحكت ليبتسم لها يتأمل وجهها والاحمرار الذي خالط بياض عينيها.. يسأل بهدوء : صدق عاد وش صاير؟
أبعدت بصرها عنه.. ترفع كتفيها في محاولة لإخفاء تقوس حدود فمها رغمًا عنها : اليوم عرس ناصر..
سكت قليلاً قبل أن يقول : وشلون دريتي؟
لولوة بزفرة : أخته منزله بالواتساب..
عقد حاجبيه : وأنت للحين معك رقم أخته.
لولوة.. : جوالي مليان أرقام ونسيت إنه عندي.. أنت تدري صح؟
هز رأسه "نعم".. ليقول بنبرة : وأنتِ متضايقة لأنه أخذ غيرك ولا متضايقة لأنه تزوج قبلك؟
لولوة بعتب : عبدالله؟
لكنه تابع دوت أن يكترث للصدمة التي اتضحت على وجهها : أعطيني سبب واحد مقنع.. على حسب علمي أنتِ اللي طلبتي الطلاق يعني الموضوع تم برضاك..
سكتت تشد على فكها بقوة خوفًا من أن تنطق بحرف وهي ترى الإصرار في عيني عبدالله. ثم زفرت تحاول دفع العبرة التي سدّت حلقها تخفض بصرها عن مدى وجهه كي لا تُفضح.. لا تعلم ماذا تقول، وإن قالت كيف ستقول؟
لم يكن سهلاً أبدًا أن تكتم قهرها منه في كل مره كانت تسألها أمها عن سبب الإنفصال.. وأنه حصل ولم يمضي على زواجها منه سوى ثلاثة أشهر!!
كانت صيتة تسألها بأسى في تلك الليالي : طيب علميني من المخطي أنتِ ولا هو؟ يابنتي ريحي قلبي..
لكنها كانت تجيبها وتجيب غيرها ممن يسأل بفضول ودون أي وجه حق : الله يستر عليه ماكان فيه نصيب.
كانت تقنع نفسها كل ليلة أن الله سترَه فمن تكون هي كي تكشف سِترَه؟.. تشعر بالقرف من نفسها لأنها بقت معه كل هذه المدة ولم تنهي الأمر من أول مره.. كان المفروض أن تفهم بأنه غير سوي عندما طلب منها أن تنزع ثيابها بكل وقاحة وفضاضة وأسلوب رخيص في أول ليلة دون أن يضع في الاعتبار أنها تجتمع به لأول مره.. لتتعذر منه بخجل وعبرة وخوف..
"قليل ذوق ومايستحي وش شايفني؟"..
ثم بعد ليلتين عندما جلست أمامه ترتدي قميصًا لؤلؤي اللون كان من المفترض أن يكون لليلتها الأولى معه لولا غضبه منها بعد أن رفضت طلبه.. لازال غاضبًا إلى أن قررت أن تضع حدًا للزعل الغير مقنع وتتنازل قليلاً..
كانت تجلس على الأريكة الأخرى.. تخفض رأسها بخجل وارتباك ما إن بدأ يتأملها بنظرات جريئة وحاجب مرفوع دون أن يعلّق..
شدت على أصابع يدها تقسم بأن قلبها فارق أضلعها من قوة نبضه..
كان ذلك إلى أن سمعت صوت التقاط صورة،، لترفع رأسها بسرعة.. وتتحول أنفاسها المضطربة لأنفاس لاهثه مذعورة وهي ترى ابتسامته..
أقشعر بدنها ما إن رأت كاميرا الجوال موجهه ناحيتها.. وفي عينيه التماع غريب يقول بنبرة غير مريحة : حلوة.
لولوة بهلع : وش؟
لازالت ابتسامته مرسومة بخدر : عادي.. أصورك،، صورة للذكرى يعني.
وقفت بخوف : تصورني وأنا بالشكل ذا؟ صاحي أنت ولا شارب شي؟
ضحك : أشوفك وحده، يعني صاحي الحمدلله.
ابتلعت ريقها تتوسل بعبرة : ناصر امسحها..
وضع هاتفه في جيبه العلوي : ليه كل الدراما ذي؟ الصورة بجوالي و مابيشوفها غيري..
بكت : تكفى ناصر امسحها أنت شايف شكلي و وش أنا لابسه؟ عيب عليك زوجتك أنا..
لم يمسحها بل تصنع الغضب وصرخ في وجهها ناعتًا إياها "متخلفة وتسدين النفس" يخرج من غرفة فندقهم يغلق الباب خلفه بكل قوة تاركًا إياها تبكي بذعرٍ خلفه..
من تلك الليلة ولولوة وضعت حدًّا بينها وبينه.. لا ترتدي إلا الطويل المحتشم فهي لم تعد تأمنه تتعذر بأعذارٍ واهية كي لا تشاركه نفس المكان. رغم أنه زوجها لكنها ما إن ترى وجهه تشعر بأنها ستستفرغ من شدة تقرفها منه..
استمر حاله غريبًا لم يضغط عليها حتى وهو يرى نفورها منه.. تهرب من أمامه وتختفي خلف باب إحدى الغرف ما إن ترى هاتفه بيده.. ولا تنام إلا بعد أن تتأكد من أنها أغلقت الباب بالمفتاح..
كان يدعها تنام في غرفة نومهم دون أن يضغط عليها.. بينما هو ينام في الغرفة الأخرى حيث التلفاز والكنبات الغير مريحة.. يدخلها ما إن يعود من عمله مغلقاً الباب خلفه ويغلقها صباحًا عندما يخرج ذاهبًا إليه..
بدأ الشك يساورها لتقف كل ليلة بالقرب من الباب تحاول أن تفهم مايدور خلفه لكن لم يصل لمسمعها سوى الهدوء..
حتى أتت تلك الليلة..
عندما وقفت لتسمع أصواتاً غريبة ظنت أنها تتوهمها.. تفر بعدها هاربة تتدثر بأغطيتها من هول ماسمعت..
تكررت الأصوات ليالٍ كثيرة ولم تجرأ بأن تسأله خوفًا من الإجابة التي ستسمعها.. هي متأكدة بأن لا أحد يكون برفقته عندما يدخل غرفته.. لكن ما سر كل تلك التأوهات الناعمة التي تخالط صوته؟
حتى عرفت في وقتٍ متأخر من الليل, في أحد الأيام.. عندما سمعت صوت باب دورة المياة يُغلق لتخرج من غرفتها بسرعة وتدخل الغرفة ذات الباب المردود.. وليتها لم تفعل.. ليتها بقت مدفونةً بين أغطيتها تبكي حظها ولم تخطو هذه الخطوة..
اتسعت عينيها بهلع وتسارعت أنفاسها ما إن شعرت بأنها ستستفرغ مما رأت.. بل أنها انحنت تفرغ كل ما في بطنها على الأرض دون أن تكترث.. تصرف بصرها عن صورة المرأة العارية على شاشة التلفاز..
استدارت بذعر عندما سمعت صوت الباب يغلق خلفها.. تقع عينيها على ناصر الذي ابتسم ببرود : اوه أنتِ للحين مانمتي؟
انفجرت عبرتها في وجهه.. تبكي تمسح فمها بطرف كم بيجامتها : ناصر وش ذا؟
مشى يتعداها يرتمي على أريكته يقول بقرف : بالله نظفي المكان قبل لا تطلعين..
لولوة بانهيار تام وأنفاس مقطوعة تشير بيدها المرتعشة على شاشة التلفاز : ناصر وش ذا؟ أنت وش قاعد تشوف؟
ناصر بعد لحظة صمت متأملاً وجهها الغارق باللوعة والقرف : والله ما كان ودي إنك تعرفين بس وش نسوي أنتِ جيتي برجلينك.. شوفي..
رفع جهاز التحكم وضغط زراً ليُفتح المقطع الذي أوقفه قبل أن يخرج.. لم تصدق ما ترى.. أو تسمع.. وضعت يدها على رأسها عندما بدأت الأرض تدور بها من الصدمة. يصل لمسمعها ماكانت تسمعه كل ليلة.. تنظر للشاشة ثم لوجهه بعدم تصديق وذهولٍ وهلع وكأنه مسخ.. ثم للشاشة مجددًا بعينين غائمة تكدست بها الدموع حتى أفقدتها القدرة على النظر بوضوح..
.
رمشت أكثر من مره تحاول أن تبدد حرقة الدموع على سطح عينيها : أرواحنا ماتلاقت ياعبدالله..
عبدالله بعدم رضا : كلام الأفلام ذا مايمشي علي..
ابتسمت بأسى : وأنا صادقة عند ربي.. الأرواح جنود مجنده وأنا وياه ماتوالفنا..
ثم زفرت بحرارة شعر بها عبدالله ستحرقه : الحمدلله راح بخيره وشرّه وضيقتي الحين ماهي إلا حسافة لأني ضيعت من عمري ثلاث شهور معه..
.
.
مر اليومين بسرعة.. لدرجة أن أصحاب الشأن لم يشعروا به سوى كدقائق مضت برمشة عين..
انحنى سلمان للنافذة الخلفية لسيارة حاكم.. عاقدًا حاجبيه يبعد الهاتف عن أذنه : ما يرد.. هو يدري إننا اليوم بنروح؟
سارة بقلق : إيه يدري قلت له أمس يوم جاني.. عسى خير دق مره ثانية..
أبعد هاتفه يعاود الإتصال على ناصر بأصابع ترتعش من فرط القلق ليقول حاكم من خلف المقود يحاول طمأنته : يبه تلاقيه حاط جواله صامت.. لا تخاف مافيه إلا العافية إن شاءالله..
سلمان هامسًا بتوتر : إن شاءالله.
ثم ابتعد مسرعًا ما إن رُفع الخط : وينك عن جوالك ياولد صبيت عظامي!!
ناصر بضيق واضح : ماعليه ماكنت حوله يبه.. وش أخبارك ؟
ليقول والده بقلق : ولد فيك شي؟ وش فيه صوتك صاير لك شي؟
أخذ نفسًا عميقًا شعر به والده : أبد فديت خشمك مابي إلا العافية..
سلمان : طيب وينك تأخرت يابوي أبطينا على الناس..
ناصر بتردد : منيب جاي ..
أدار رأسه حيث سيارة حاكم.. يرى أعين الموجودين تخترق النوافذ تنظر له بترقب.. ليبتعد للأمام أكثر يخفي وجهه عنهم : ليه عسى ماشر؟
ناصر : خطوة ملعونة زي ذي مستحيل أمشي فيها يبه..
تعالت أنفاسه بقهر : أنت صاحي ولا وش طاعونك يا*؟
ثم أردف بغضب عندما لم يجد ردًا من ابنه : أحسن اذلف لاتجي ولا عاد توريني وجهك ياقليل الخاتمة ، الله لا يشكر لك فضل قسم ما فيك خير لو ما وقفت مع أخوك بيوم مثل ذا وش الفايده منك. الله يلع..
زفر بسرعة يقطع الكلمة قبل أن تخرج يقول تحت أنفاسه الثائرة بانفعال : استغفر الله العظيم.. استغفر الله العظيم وأتوب إليه رفعت ضغطي حسبي الله عليك من ولد..
ناصر بصوت مخنوق : يبه لا تزعل مني..
ليقول سلمان بهمسٍ صارخ : لا أزعل منك! هيّن يانويصر شغلك عندي الشرهه مهيب عليك الشرهه علي أنا اللي معتبرك ظهر وسند.. لابوك لابو من جابك يالزلابة.
قالها وأغلق الهاتف يشتم تحت أنفاسه.. يحاول التحكم بأعصابه وأنفاسه قبل أن يعكس خطواته لسيارة حاكم..
سارة بقلق ما إن اقترب لترى انقلاب ملامحه : فيه شي؟
سلمان مستندًا بيده على حدود نافذة باب الراكب حيث فهد : لا تطمني مافيه إلا العافية..
كان فهد القريب من وجه والده قادرًا على أن يسمع احتباس أنفاسه الغاضبة بين أضلعه ، ليسأل : يبه ناصر مهوب جاي؟
أرخى بصره يحاول أن يبتسم لكنه لم يستطع : لا يقول مستلم ..
فهد وقد وصلت الرسالة بكل وضوح : ايه, الله يعينه ويقويه..
حاكم : أجل خلنا نروح بسيارة وحده يبه دامه مهوب جاي.. تبي تسوق أركَب ورى؟
سلمان محاولاً تصنع البهجة : لا يابوك خلّك سواقنا الليلة بعد إذنك..
حاكم بضحكة لا معنى لها : أبد خدامك يالغالي..
فتح فهد بابه ليبتعد والده للخلف قليلاً، يسأل : على وين ياعريس؟
فهد مقبلاً رأسه علّ القبلة تمحي تقطيبة حاجبيه : اركب جعلني فدا رجلينك..
ثم همس قبل أن يفتح الباب الخلفي : ولا يضيق صدرك من ناصر.
أغلق الباب خلفه ما إن لمح ابتسامة والده.. يجلس بجانب والدته التي ابتعدت تفسَح له مجالاً لتعلَق بالمنتصف بينه وبين ريم..
أغلق سلمان بابه يسأل بضيق : وين بيتهم يا سارة؟
سارة بضيق أكبر فالجميع يعرف السبب الحقيقي خلف عدم حضور ناصر : أرسلته بالقروب، افتحه ياحاكم.
كانت عينَي فهد تتأمل الشوارع التي يعبرونها بسرحان.. هناك فوضى عارمة.. زوبعة في جنبات عقله تجعله يرى المناظر أمامه كإثنين..
ابتلع ريقه لا يعلم لماذا كل هذا؟ لماذا هذا الخوف والتوهان؟
إلى متى سيبقى حبيسًا لعددٍ من المخاوف دون أن يوقفها عند حدها؟ وفوق كل هذا تأتي غادة التي لا يعرف منها سوى اسمها. ومتأكدٌ بأنها لا تعرف منه سوى اسمه وإلا لما وافقت بأن ترتبط به..
شعر بالدفء يحُط على كفه المبسوطه على المرتبة بينه وبين والدته.. أخفض بصره ليجد يدها فوق يده.. تشد على أصابعه وكأنها شعرت به..
استقرت روحه التائهه أخيراً ما إن وقعت عينيه بعينيها.. ليراها تبتسم له ببريقٍ أذاب جميع مخاوفه.. يرفع كفها يقبلها مره واثنتين وثلاث قبل أن يشد عليها قريباً من قلبه الثائر..
.
سلّمت سارة على فاطمة بحرارة وبادلتها الأخرى نفس السلام.. وكأنهن يعرفن بعضهن لسنوات..
سارة بابتسامة وقلبها يتسارع بالنبض لسببٍ لتجهله : وهذي بنتي ريم يا فاطمة.. آخر العنقود..
فاطمة وفي نبرتها وضح شيء جعل ريم تخجل : ياملح البنات ماشاءالله تبارك الله،، سكر معقود صدق..
مضت نصف ساعة وقلب سارة مع الجالسين بمجلس الرجال.. تأخذ نفسًا عميقًا محملاً برائحة العود التي تملأ المكان ليهدأ روعها قليلاً..
استأذنت فاطمة تخرج من مجلس النساء، فقالت ريم بهمس وأنفاس مقطوعة تستغل خلو المكان : يمه أحس إني بموت من التوتر..
لتعلق سارة قبل أن ترتشف من فنجانها الذي رفعته لفمها بيد ترتعش بوضوح : شدعوة مافيه شي يوتر..
.
عقدت فاطمة حاجبيها بنفاذ صبر ما إن توقفت غادة عند المدخل غير قادرة على تحريك أقدامها.. : وبعدين معك؟
غطت فمها بكفها وابتعدت بخطى سريعة لتتبعها الأخرى حيث ارتمت على أريكة الصالة تضحك..
رهف باستنكار : وش فيها بنتك يمه انهبلت؟
فاطمة : أنا أدري عنها..
ثم أردفت تهتف بصرامة : غويّد خلاص عاد فضحتينا مع الناس..
حاولت أن تتحكم بضحكتها لكنها لم تستطع لتضحك مجددًا : ماني قادرة أمسك نفسي أنا لا توترت أموت من الضحك..
تكركرت بعدها كثيرًا لتضحك رهف على صوت ضحكتها.. ولم تجد فاطمة التي وضعت يدها على خصرها بسخط مفرًّا من أن تضحك هي الأخرى.. تعتلي العبرة أعلى حلقها مستبشرةً خيرًا بهذه الزيجة ما إن رأت وجه سارة المريح..
سيطرت على نفسها أخيراً.. لتقف تأخذ نفساً كتمته وهي تشير لوالدتها بيدها بمعنى " مشينا "..
لتعلّق رهف وهي ترى ابتعادها : تنفسي يالمجنونة لا تفطسين قدام المرَه..
أطلقت أنفاسها أمام مدخل النساء لتخرج بقوة دفعةً واحدة تتبع والدتها التي تمسك بيدها بكل قوة كي تضمن دخولها هذه المره..
ولأول مره في حياتها تشعر بأن أضواء مجلسهم مؤذية ومزعجة للعين ما إن أحسّت من فرط توترها أن الإضاءة أعمتها عن رؤية الموجودين..
سمعت سارة ترحب بها واهتدت على صوتها حتى تلقفتها الأخرى بين يديها تحتضنها بحرارة ليس وكأنها بالأمس كانت معها بالجامعة.. ولم ترى غادة أي مانع بأن تبادلها السلام بنفس الطريقة فهي تحب سارة قبل أن تعرف أنها بعمر الثلاثة والخمسين وأن أبنها فهد يبلغ من العمر تسعةً وعشرين عامًا ويرغب بالارتباط بها..
ابعدتها سارة قليلاً تتأمل وجهها : وش أخبارك غادة؟
تمتمت بخجل كلمات لم تسمع منها سارة غير كلمة "مِس"..
لتضرب عضدها بخفه : وش مس ذي؟ خلاص من اليوم ورايح مافيه مس فيه خاله سارة ولا سارة حاف اختاري اللي يعجبك..
تطايرت عينيها والإحمرار لوّن أعلى وجنتيها لتعاود سارة احتضانها تهمس بسعادة طغت على صوتها : الف مبروك.. الله يتمم لكم على خير ويجمع بينكم على خير يا بخت ولدي بعروسه.
جف ريقها عندما حاولت أن تبتلعه لتبتعد بإحراج.. تلتقي عينيها بعيني ريم المبتسمة وتعليق سارة : هذي بنتي ريم اللي أقولك عنها..
سلمت عليها برقه تقول دون شعور : هلا بك ريم أنا غادة..
لتضحك الأخرى : هلا والله.. وش أخبارك غادة؟
جلست غادة بجانب والدتها -بل التصقت بها- تحاول أن تُظهر بعض الثبات لكن دون جدوى.. تسمع الأحاديث التي تدور بين أمها وسارة تبتلع ريقها مع كل دقيقة تعبر..
اخترق عطر سارة خلايا مخها ما إن جلست بجانبها.. تقول بمودة : هذي هدية بسيطة من فهد.. إن شاءالله تعجبك..
رفعت غادة بصرها لتلتقي عينيها بها.. ترى التماعاً تراه لأول مره وكأنها امتلكت الأرض ومن عليها. كانت سعادة سارة معديه شعرت بها تدغدغ أوتار قلبها.. لتبادلها الابتسامة بأخرى خجولة..
فتحت سارة العلبة المخملية السوداء ليظهر مافيها.. اسوارة ناعمة من الذهب أصرّت على أن تأخذها معللةً ذلك بقولها : ما يصير تشوف البنت وتطلع ويدك فاضية.. وش تبي الناس يقولون ماعندنا ذوق؟؟
أغلقت سارة قفل الاسوارة حول معصمها. تمسك بعد ذلك بكفها المرتعش بوضوح.. تقول بابتسامة عذبة : أحلى من الذهب لباسه بسم الله عليك ..
.
أغمض فهد عينيه يحاول أن يأخذ أنفاساً منتظمة كي لا يموت مختنقًا.. يحاول السيطرة على رعشة أطرافه بوضعها مبسوطةً على فخذيه.. يستقيم بجلوسه ما إن استأذن ابو غادة يخرج محركًا عجلات كرسيه..
لم يكن وضعًا مريحًا أبدًا.. إن تعيش واقعًا تمر دقائقه كالحلم عليك.. تشعر كأنك تهذي رغم أنك بكامل وعيك..
يتمنى فقط ألا يكون والدها أخذ فكرةً خاطئةً عنه.. فهو طوال جلوسه معهم بالمجلس كان صامتًا لم ينطق بحرفٍ إلا إن استنطقه أحد.. على عكس والده، وحاكم الذي كان الانبساط والاستمتاع واضحًا جليًّا على وجه والدها وهو يسمع أحاديثه ..
حتى عندما طلب منه الذهاب معه للغرفة المجاورة تحرك ببلاهه كالمغيّب عن الوعي دون أن ينطق بحرف..
يبدو أن الليلة ستنتهي تحت عنوان (فهد قليل الدبره) بكل جدارة..
كانت أذنه قادره على أن تلتقط همسًا بالقرب من الباب.. لأنه وبكل بساطة جلس على أول أريكه قابلته ما إن دخل، منتبهًا أثناء ارتخاء ركبتيه التي تضرب ببعضهما بارتباك للضحكة المستنكرة التي فرّت من والدها..
تجاهل ذلك فهو أعلم بنفسه.. و يخشى من أن تخونه أقدامه إن خطى خطوةً إضافية..
أسندت غادة يدها على الحائط، تضع الأخرى على قلبها وتخفض رأسها تحاول أن تأخذ أنفاساً سريعة لأن مخزون الاكسجين الذي حبسته في رئتيها نفذ بعد أن خرج دفعةً واحدة..
عبدالله بقلق وهو يرى تسارع أنفاسها : بسم الله عليك غادة وش بلاك؟
رهف وهي تضرب كتفها بإزدراء : والله بلشنا بك.. تنفسي لا تموتين..
رفعت رأسها تأخذ نفساً عميقاً فرّ منها قبل أن تحبسه..
ليقول والدها بقلق : اذا ماتبين مهوب لازم..
غادة بارتباك : لا يبه .. خلاص أدخل بجي وراك أبي أشوفك قدامي لادخلت عشان ما أخاف.
نظر لها بشك : أكيد..
هزت رأسها "نعم" دون أن تجيبه..
واستمرت نظرة الشك في عينيه لثواني قبل أن يدفع عجلات كرسيه للداخل.. : لا تبطين..
لتعاود غادة بعد ذلك إسناد يدها على الجدار تأخذ أنفاساً ثقيلةً عن طريق فمها..
رهف بتهكم : اخس عليك اخس، ميتة على الشوفة ياقليلة الخاتمة..
أدرات رأسها ناحيتها تعقد حاجبيها باستنكار لترى ابتسامة الخبث تعتلي وجه أختها : كنتي تقدرين ترفضين على فكرة.. بس..
ثم قالت بنبرة هازئه تقلدها : لا يبه ادخل وبجي وراك .. ماعاد به بنِي..
غادة بزفرة مرتجفة : ياشيخة اسكتي أنتِ وين وأنا وين.. والله حتى الضحك ماعاد جاني شكلي مت من التوتر..
ضحكت تمد لها الصينية بين يديها، فيها كأسين عصير : متّي الله يرحمك..
أخذتها منها : أمانة وش داعي العصير وش ذا الحركات؟
غمزت تقول ضاحكةً بخفوت : شربَات ياقلبي.. صدقيني الحركة ذي بتجيب أجَل رشدي أباظة اللي داخل نفس الأفلام بالضبط..
غادة وهي تلاحظ اهتزاز الصينية الواضح بين يديها : الله يستر لا أكبه..
ثم نظرت لأختها بقلق : كيف شكلي؟
ابتسمت رهف ابتسامة واسعة تشعر بالعبرة تعتلي حنجرتها : قمر.. سمّي بالله وتوكلي على الله لا يجي أبوي يسحبك من شوشتك..
ابتلعت ريقها تغمض عينيها كمحاولة أخيرة لأن تهدأ من روعها.. تأخذ نفسًا عميقا أطلقته وهي تخطو أولى خطواتها للداخل..
لكنها لم تلبث أن تدخل من قوس المدخل إلا وتوقفت في خطاها تنظر بتوتر مصدوم للجالس أمامها مباشرة.. تقع عينيها في عينيه التي اتسعت بشكلٍ مضحك وكأنه لم يتوقع دخولها في هذه اللحظة..
قطع والدها النظرة ما إن قال بهدوء : إدخلي ياغادة..
تلفتت برأسها بسرعة وارتباك لم تتوقع بأن تجده في وجهها ما إن تدخل.. توقعت أن يكون جالساً على أبعد كنبه موجودة بالمكان ليس ملتصقًا بالباب هكذا.."هذا وش يبي قاعد هنا؟"
شعر بقلبه يتقافز في صدره، ما إن رأى التفاتات رأسها وتقوس حاجبيها تقوّس المتورط.. وكانت القاضية عندما اقتربت منه على عجل حتى شك بأنها ستسلّم عليه ليتلخبط معدل نبضه بشكلٍ خطير.. تمد له الصينية تقول بارتباك : معليش امسك شوي.
استقام ظهره وكأنه سيقف.. ليمسك مابيدها باضطراب.."ارتبش" إن صح التعبير يقول بتوتر : أبشري.
تحركت بسرعة تأخذ طاولة الضيافة القريبة من الباب خلفها وتضعها أمامه.. تعاود أخذ الصينية منه قبل أن تمدها في وجهه بطريقة لبقه - أو هذا ماكانت تظنه - ليأخذ كأس العصير بكلتا يديه وكأنه طفل يخشى من انسكابه..
مشت تضع الصينية على الطاولة بمنتصف المكان تنسى أن تعطي والدها الذي وقفت بجانب كرسيه كأسه.. ليهمس لها وهو يرى انشغال فهد بتأمل نقوش الكأس الزجاجي : اقعدي..
انحنت تجاري همسه : وش؟ وش تقول؟
سحبها من يدها إلى أن جلست على كرسي الكنبة المفرد الذي كانت تقف أمامه.. لازال فهد منسجماً بالنقوش ليقول عبدالله بصوت مرتفع متعمداً لفت انتباهه : خلاص غادة اطلعي.
وقفت غادة كالملسوعة وكأنها لم تصدق.. في نفس الوقت الذي رفع فهد رأسه بسرعة ينظر لها إلى أن اختفت من أمامه.
عبدالله بابتسامة يقول ممازحًا : شفت زين ولا أناديها مره ثانية؟
رمش فهد أكثر من مره، يغلق فمه ويفتحه قبل أن يقول بإحراج : لا شفت الله يحيِيك ياعم..
عبدالله بمودة سكنت قلبه من أول مره رأى فيها فهد يمشي خلف والده وشقيقه على استحياء.. : هاه نقول مبروك ؟
ابتسم ابتسامة من قلبه الذي أعلن حالة استنفار غريبة تختلف عن الأولى قبل وصوله.. لترتسم خطوط دافئة حول عينيه أذابت فؤاد عبدالله،، أوصلت إجابته دون الحاجه لأن ينطق بها ..
.
سارعت سارة خطاها ما إن خرجت من منزل غادة.. ترى الواقف ينتظرها بابتسامة واسعة , تترك ريم خلفها بمسافة..
كان فهد يقف أمام الباب الخلفي لسيارة شقيقة.. لازال قلبه ينبض وكأنه إنذار لحالة حرب.. نبضًا أبى أن يهدأ.. يشعر بابتسامته ستمزق فمه دون أن تكون له القدرة للحد منها.. واتسعت أكثر ما إن رأى والدته تقترب منه بسرعة.. وبلمح البصر أصبح بين يديها تحتضنه بقوة أوقعت عقاله من أعلى رأسه..
ابتلع العبرة وهو يدفن وجهه في كتفها.. يشعر بقلبها ينبض في فؤاده. يشعر بسعادتها تحاصره حتى قيدته..
هو سعيد مادامت سارة سعيدة ..
ابتعدت عنه ما إن ضرب حاكم هرن السيارة يعلق ممازحًا يخرج صوته واضحًا من النوافذ المفتوحة : فضحتونا مو قدام بيت الناس.. لارجعنا البيت سوي اللي تبين يمه..
انحنى فهد يقبل يدها بعد أن قبّل رأسها.. كانت قبلاته ممتنة وكأنها أهدته الراحة التي سكنت قلبه بعد أن رأى غادة على طبقٍ من ذهب.. كان قبولاً شعر به وكأن الله بث الدفء في أوصاله كي تسكن رعشته..
همست بتأثر : بشّر عسى أعجبتك؟
هز رأسه بلهفه "نعم".. يجاري صوتها المنخفض : أنا قايل لك من أول دامك اخترتيها يعني أكيد ما عليها خلاف..
ابتعد من أمامها ما إن وصلهم صوت ريم المحتقن : مبروك فهود.. الف مبروك..
لف ذراعيه حول أكتافها يقربها من صدره.. يشد عليها في حضنٍ صامت إلى أن قال : الله يبارك فيك. عقبالك ياروحي..
ابتعدت عنه تضحك بخجل من دعوته.. تحاول تبديد ذلك بتعليقها : طحت واقف يالخايس..
شعَر بشيءٍ يدغدغ قلبه فأضحكه.. ينحني يرفع عقاله ثم يستقيم بوقفته ويعيد وضعه أعلى رأسه يقول بثقة : عجبتك؟
وصلهم صوت هرن حاكم مجددًا قبل أن تجيبه.. يقول معلقًا عندما فتح والده الجالس بجانبه الباب : ياويلكم أبوي نزل لكم..
سلمان والفرحة واضحة على وجهه : أنتم وبعدين معكم؟
سارة بلهفه : مبروك يا أبو ناصر..
سلمان وابتسامته على أكبر اتساع : الله يبارك فيك ويتمم فرحتك على خير.. عقبال ريومه..
قالها يسحب ريم لجانبه يقبل رأسها بحب أبوي خالص جعل ريم تغرق بعباءتها.. خصوصًا بعد أن علّق حاكم : يبه بعد وحده عشان تصير الثالثة ثابته..
ريم بغيظ : قااعدة على قلبك..
قبّل جانب رأسها مجددًا، يلصق كتفها بأضلعه قبل أن يحررها : يلا بس مشينا.. فهد أركب جنب أخوك.. أنا أبي أقعد ورى..
قالها ولم يدع له مجالاً ليعترض عندما ركب يغلق الباب بعده.
جلست سارة بالمنتصف بينه وبين ابنتها بعد أن تجادلت معها قبل أن تركب : اها بس ماتستحين على وجهك تركبيني بالوسط كأني بزر؟ الروحة قلنا ماعليه لكن الحين بعد!!
ريم برجاء : يمه ما أحب أقعد بالوسط أنكتم..
سارة بتهكم : إلا قلّة حيا بذا الوجه.. وخري أشوف..
قالتها تنحني وتزحف بجسدها إلى أن استقرت جالسةً بجانب زوجها..
تحرك حاكم وابتعد من أمام منزل غادة الذي تابعه فهد بطرف عينه حتى اختفى من محيط نظره.. يتنهد بعمق دون شعورٍ منه قبل أن تتسع عينيه بارتباك، يحمد الله بعد ذلك ألف مره بأن الجميع انشغل بحاكم دون أن ينتبهوا له : ريم افتحي النور اللي عندك..
رفعت يدها تضغط الزر ليضيء النور الأصفر المكان : ليه؟
لكنه تجاهلها.. يعيد ضبط مرآته الأمامية يوجه حديثه لوالديه : تراني أشوفكم من مرايتي حركات كيني ميني بسيارتي ما أبي.
رفع سلمان يد سارة لشفتيه، يقبّل كفها رافعاً حاجبه بتحدي : هاه وش عندك؟
انفجر حاكم ضاحكًا يشاركه فهد بضحكة أقل حدة.. يقول بخبث متعمّد : قول إنك ناويها من أول وماصدقت تجي مناسبة..
سلمان بيأس : ذا الولد وجهه مغسول مايستحي أبد..
حاكم باستمتاع يشعر بأنه خُلق من جديد بأجنحه تطير به لسابع سماء, وهو يسمع ضحكات فهد المرتفعة وسعادته الواضحة : شدعوة بالحلال يالغالي خذ راحتك.. هذا من ناحيتي مدري عن العريس عاد أخاف تهيضه ذا الحركات ويقولكم أبي أعقِد بكرة..
ضحك والده، تشاركه سارة.. ثم ريم بضحكة خجولة لازالت تحت تأثير قبلَة والدها لوالدتها وبيده التي لازالت تمسك يدها، وأصابعه التي تتخلل أصابعها يضمهم بحنان ..
لكن ضحكة فهد المرتفعة التي انفجر بها كانت الأعلى.. الأجمل ، والأعذب.. يدفع حاكم بقوة لتميل السيارة مع ميلانه يقول بهلع : ورع قاعد أسوق عن الاستهبال..
.
.
مساء اليوم التالي.. بعد أن فاض الجميع من صلاة العشاء..
كان عبدالله يقف بجانب عزام أمام باب المنجرة.. يتابع مجموعة العمال الذين يحملون جهازاً ثقيلاً ليدخلوه.. يدور بينه وبين الآخر حديث ودّي استطاع من خلاله عبدالله أن يفوز بضحكة أو اثنتين من عزام التعيس -لاحظ ذلك من وجهه دون حتى أن يتكلم الأول- ..
" السلام عليكم"
استدار الاثنان على الصوت الذي وصلهم.. كان مألوفاً جدًا لمسمع عزام مع ذلك تفاجأ ما إن رأى الواقف أمامه لدرجة أنه لم يرد عليه السلام..
عبدالله : هلا وسهلا وعليكم السلام..
كان يركّز بنظره على عبدالله وكأنه يمسح ملامحه بعدسة عينيه.. متجاهلاً بذلك عزام الواقف بجانبه وكأنه لا يراه : أكيد أنت عبدالله!..
ليجيب مستنكراً : وصلت خير ياخالي.. سم ؟
لجزء من الثانية حطّت عيناه على عزام الذي كانت عينيه على أكبر اتساع تتضح على وجهه ملامح الصدمة وعدم الراحة..
ثم عاد ينظر لعبدالله الذي بدأت ملامح الاستغراب تظهر بوضوح على وجهه ليقول بابتسامه : معك جوّار بن زيد.. و أبيك بموضوع مهم وعلى انفراد لاهنت..
نظر عبدالله لعزام ثم للواقف أمامه باستغراب شديد، والقليل من القلق فهو لا يعرفه ولم يراه من قبل.. أبدًا. : وش موضوعه؟
تلاشت الابتسامة تمامًا وحلّ محلها نظرة أشبه بالسواد الذي يغطيهم في هذه اللحظة.. يقول بنبرة وكأنها خرجت من أعماق بئر : الموضوع شخصي وخاص..
يخص عذوب..
... زوجتي..
.
.
.
.
# نهاية الفصل الحادي عشر
نلتقي قريبًا إن شاءالله ❤
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ♡.
|