كاتب الموضوع :
وطن نورة ،،
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: أَحلَامٌ تَأبَى أنْ ’ تَنْطفِئ ،، / بقلمي
اعتذر جدا على التأخير
اتمى لكم يوم جميل و قراءة ممتعة مقدما ❤
# الفصل الخامس،،
" أنا معَك "
.
.
.
رنّ هاتفه المرةَ الأولى،، واستمر بالرنين وتجاهلته حتى توقف من نفسه..
رنّ للمرة الثانية، ولازال صوت الماء في دورة المياة يُسمع.. وتجاهلته حتى توقف للمرة الثانية.
لكنها أقفلت مجفف الشعر تضعه على التسريحة أمامها ما إن رنّ للمرة الثالثة على التوالي، عقدت حاجبيها بقلق تقول بصوت مرتفع خالط صوت النغمة الرتيبة : عزام مطّول؟ جوالك يدق!
ولكن لم يصلها سوى صوت وقوع الماء من الدش..
شعرت أن الوضع مريب ما إن رنّ للمرة الرابعة لتتجه حيث عزام وضعه قبل أن ينام موصولاً بالشاحن..
رفعته بعد أن كان مقلوباً على وجهه لترى أن اللحوح بالإتصال هو (متعب) .
اتجهت به لدورة المياة بعد أن أصمتته فصوت النغمة هذه -بالذات- والوقت لم يتعدى السابعة والنصف صباحاً مستفز جداً..
فتح الباب قبل أن تلمسه مفاصلها.. لتبقى قبضتها معلقه في الهواء قريبة جداً من صدر عزام العاري والذي خرج يلتف بفوطته حول خصره.
ابتسمت ببلاهه ترفع هاتفه في وجهه : جوالك من اليوم يدق.
اتجه للتسريحة بعد أن أخذه منها دون أن ينظر للشاشة التي أصبحت سوداء بعد أن فقد المتصل الأمل بالإجابة، يرفع مشط الشعر ويبدأ بتمشيط خصل شعره الرطبة للخلف : يالله صباح خير مين؟
ثم نقل بصره من وجهه لها، لاتزال تقف مكانها في انعكاس المرآه.. تجمَع نصف شعرها للأعلى بمشبك والنصف الآخر ينسدل بنعومة على كتفها..: متعب..
لم تخفى عليها ملامحه التي تقلّبت بتوتر.. يلقي بالمشط أمامه ويرفع هاتفه بسرعة : وقاعدة تسولفين!! ليه ما قلتي من بدري أنه متعب..
ثم تحرك مبتعداً حيث خزانة الملابس.. يضع الهاتف بين أذنه وكتفه بعد أن طلب رقمه : من متى وهو يدق؟
لم يدع لها مجالاً لتجيبه لأنه قال بسرعة : هلا متعب!
تصددت شعاع بحرج عندما بدأ يرتدي ثيابه بسرعة دون حتى أن يضع اعتباراً لوقوفها خلفه.. يتحدث بكلمات مقتضبه لم تفهم منها شيئاً.. بدأت تظهر تشاغلها بتنسيق ماسترتدي رغم أنه نفسه ترتديه كل يوم في عملها بالبنك،، قميص أبيض وبنطال رسمي أسود .
استدارت بسرعة عندما سمعته يقول : دقايق و أنا عندك..
فسألت بقلق عندما رأته يغلق أزرار ثوبه على عجل : وين مو على أساس بتحطني بطريقك؟
كان ينظر لها وهو يضع طاقيته على رأسه تاركاً شماغه يستريح على كتفه قبل أن يخرج مغلقاً باب الغرفة خلفه : والله مستعجل روحي مع السواق .
ما إن سكن المكان تماماً بعد صوت الباب المدوي عادت تقف أمام التسريحة تفتح مجفف الشعر مجدداً تقول ببرود : السواق السواق، وش فرق اليوم عن غيره يعني!!
.
" أنا بالمواقف " .. قالها بعد أن أوقف سيارته في مواقف السيارات بمكان منزوي قليلاً، ليجيب الطرف الآخر بسرعة " جايّك ".
فقال على عجل قبل أن يُغلق الخط : بتلاقيني في مواقف B آخر موقف وقدامي سيارة كامري ٢٠١٧ .
القى بهاتفه في حضنه.. ينزع طاقيته ويلقي بها في المقعد الخلفي بجانب شماغه و عقاله المنسيين منذ أن ركب..
انتظر ما يقارب العشر دقائق قبل أن يظهر أمامه متعب، يقف ويتلفت يبحث عنه، ليضرب له الهرن ضربةً واحدة فقط كانت كفيلة بأن تجعل الآخر يتقدم له بخطوات سريعة..
فتح الباب الذي بجانبه، يركب يقول بنفسٍ مقطوع : سلام.
عزام بتفحص : وعليكم السلام.. خير وش له داعي الحركة ذي وكأننا نسوي شي غلط؟
مد يده يرفع من درجة برودة المكيف قبل أن يوجهه ناحيته : لأن اللي نسويه شي غلط.. وإن أحد أنتبه أنا وأنت بندخل بمشاكل مالها أول من تالي، اللي أسويه أعتبره خدمه من أخ لأخوه و لأني أعزك، لكن بنظرهم ذا الشي ما أظنه يكفي عشان أطلّع معلومات سرية مثل ذي قبل حتى لا توصل للنيابة.
ابتسم ابتسامة طفيفة : حبيبي والله يامتعب أدري إني مشغلك معي بس ماطلبتك إلا لأني داري إنك مابتردني،، وتطمن محد بيدري أبد.
ابتسم له متعب يقول مخرجاً أوراقاً مطوية من جيبه : أمي الله يرحمها قالت لي صير دختور سنون وش لك بالأموات بس أنا ثور يوم إني ركبت راسي وقلت لأ.
ضحك بهدوء : الله يرحمها.
وضع الأوراق في حضنه.. يفتح أول أزرار قميصه بعد أن تمتم "آمين" من أعماق قلبه ، يتنهد قبل أن يقول : المهم مالك بالطويلة..
ابتلع عزام ريقه الذي شعر به جفّ فجأة.. يعتدل جالساً بترقب وعينه على متعب بالكاد ترمش..
ليتابع الآخر : فيه حي توه ماصار له سنتين من بدت الناس تسكن فيه، حي النرجس أكيد سمعت عنه!
ليتابع بعد أن هز عزام رأسه ب"نعم".. : الحي ذا فيه فيلا دوبلكس عظم و موقّف فيها الشغل صار لها تقريباً ثلاث شهور.. قبل اسبوع رجعوا العمال يكملون شغلهم فيها والوضع كان ماشي طبيعي إلى قبل يومين..
سكت لثواني فقال عزام بتوتر : تكلم بسرعة نشف دمي.
متعب بزفرة : لقوا صندوق خشب بوحده من الغرف ويوم فتحوه لقوا فيه عظام .
فتح فمه بعدم تصديق حتى كاد أن يقع يقول بصدمة : وش قاعد تقول أنت؟ عظام وش؟
سكت متعب قليلاً قبل أن يقول بتردد : شف عزام أنا رفعت التقرير خلاص وما أظن بيمسكه فريقك المره ذي،، عشان كذا الكلام اللي بقوله إن طلع لأحد والله العظي..
ليقاطعه بسرعة : عيب عليك متعب أنت تعرفني زين!! قد سمعت أحد يقول عزام قال؟..
متعب : أعرفك بس..
قاطعه مجددًا يمسك طرف شاربه : هالشوارب ماهي على رجّال لو قد طلّعت لأحد شي من اللي ينقال بيني وبينك.
متعب بزفرة : يارجّال والله العظيم إني واثق فيك ولو ما أعرفك زين كان مادقيت عليك..
ثم تابع بحذر : بس ياعزام واضح إن الموضوع مو بسيط.. اللي قاعد يصير.. مصيبة !!
عزام بانفعال : تكلم طيّب صبيت عظامي ياخوي..
متعب معدداً رافعاً سبابته : أول شي العظام الموجودة طلعت هيكل لشخصين مو شخص واحد.
ثم رافعاً أصبعه الأوسط بجانبه : ثاني شي، رجَال.
ثم أخيراً رفع بنصره ليشاركهم برقم ٣ : ضباط،، وقت الوفاة قبل ٦ شهور تقريباً بفارق دقايق بين وفاة الأول و الثاني.. .. وهذي ثلاثة.
عقد حاجبيه والعرق بدأ يتشكل أعلى جبينه رغم برودة السيارة : كمّل..
فتح مجموعة الأوراق يبحث فيها قبل أن يسحب واحده يضعها بينه وبين عزام : الهيكلين في التابوت محط..
ليقاطعه عزام باستنكار : تابوت!!
متعب ببساطة وكأنه يستنكر استنكاره : ايه تابوت.. ذا الطريقة يعتمدها الغير مسلمين عموماً في دفن الجثث لأنها تنشفها وتصّعب تحللها، وبدل لا تتحلل بأسبوعين أو ستة أشهر أو سنة يوم تتحلل حتى العظام، تاخذ لها سنة ونص سنتين بالكثير عشان يبقى بس الهيكل العظمي.. أنت مستوعب!!.. بس مو هنا الكلام .
ابتلع ريقه : وش باقي بعد؟ قلبت كبدي الله يرحمها أمك كان عندها نظر يوم تقولك وش تبي بالأموات.
ابتسم ابتسامة طفيفة قبل أن يكمل : الهيكلين انحطوا بشكل مرتب بمعنى أول شي الجثة الأولى وفوقها الجثة الثانية.. تمام إلى الحين؟
عزام محاولاً التركيز يفتح أول أزرار ثوبة : تمام .
متعب : الجثة الأولى مربوط على معصمها تاق مكتوب عليه رقم ٥.. والثانية ٦.. حلو؟
زفر يهز رأسه ب"نعم" دون أن ينطق بها فحلقه قد جف تماماً.
ليتابع مسترسلاً : حلو.. طر..
عزام بسرعة ممسكاً معصمه : دقيقة دقيقة متعب.
شد عليها يضع يده الأخرى على جبينه يقول بتفكير مشتت : الحين لو مثل ماقلت التابوت مايسمح للجثة تتحلل إلا بعد مده طويلة وتقديرك لزمن الوفاة بحدود ٦ شهور،x شلون صارت عظم؟ هذا معناه إن زمن الوفاة غلط.
ابتسم ابتسامة واسعة : يسلم لي عقلك ياشيخ، ياخي أنت عبقري.. بس ياعبقرينو زمن الوفاة صحيح مايتجاوز ست أشهر..
عقد حاجبيه بتفكير وعينيه بعيني متعب المبتسمه بإعجابٍ واضح.. ليقول بعد مده بشك : أجل طريقة الوفاة وحفظ الجثة ماكانت من البداية بتابوت.
متعب بصوت مرتفع : ياعيني عليك،، هات بوسَه..
ترك معصمه بسرعة تتبدل نظرته لإشمئزاز أضحك متعب ..
عزام : قل اللي عندك مره وحده يرحم والديك راسي بينفجر..
متعب وتلاشت الابتسامة ليقول بجدية : الإثنين سبب وفاتهم خنق، واثنينهم ضباط،، و اندفنت جثثهم دفن عادي عشان كذا تحللت وآخر شي الثنتين مرقّمات..
ثم أردف بحذر : واحد منهم عمره بحدود ٦٠ سنة.. يعني قريّب من عمر أبوك.
سكت عزام قبل أن يقول بصوت مقطوع الأنفاس : طيب؟
متعب : والثاني أصغر منه بثلاث سنوات.. الأولى ترجع للضابط مفلح خلف بن سالم.. والثانية للضابط سامي محمد بن ظافر..
زفر براحة وعاد اللون لوجهه.. لم يدرك بأنه كان يكتم أنفاسه حتى شعر بعظامه ترتخي يهمس تحت أنفاسه : الحمدلله..
ثم أردف عندما رمقه متعب بنظرة غريبة : يعني لازال فيه أمل يكون حي..
متعب بعدم رضا : أعجز عن التعليق بصراحة .
عزام بعبوس : قلت لك دام محد شاف شي بعيونه مستحيل أصدق.
متعب : اسألك بالله كم سنة مرّت من جا خبر وفاته؟ لو هو حي كان طلع ليه بيقعد مختفي عنكم؟
زم شفتيه ولم يعجبه ما قال : فيه شي ثاني ولا خلاص؟
سكت متعب عنه ليعم الهدوء المكان إلا من صوت الأوراق التي بدأ يبحث فيها متعب قبل أن يقول رافعاً رأسه يفتح عينيه بصدمة : فيه، أنا كيف نسيتها ذي!!
تابع بسرعة دون أن يدع مجالاً للآخر بأن يعلق : الاثنين موجودة أسماءهم في قائمة المفقودين،، ولد الضابط مفلح قدّم بلاغ باختفاء أبوه تاريخ ...
بحث في ما بين يديه بسرعة تحت نظرات عزام المترقبه حتى وجد ما يريد : قدّمه بتاريخ ٤ رجب وسامي تقدم له بلاغ تاريخ ٢٠ من نفس الشهر..
عمّ الصمت لدقيقة متعب ينظر لعزام والآخر ينظر له حتى قطع نظرات التأمل والسكون المهيب صوت رنين الهاتف المرتفع الذي جعل كلا الرجلين يقفز بفزع..
متعب بأنفاس مقطوعة وقد تطاير مابيده من أوراق : الله ياخذه هاللي داق قلبي طاح بسروالي..
ضحك يرفع هاتفه بيد مرتعشة : لا طلعت أمي يا ويلك.
لكنه عبس ما إن رأى المتصل ليجيب يضع سبابته على فمه ليفهم الآخر ألا يصدر صوتًا : هلا جوّار..
.
.
ارتدت عباءتها تنزل درجات السلم وهي تتفقد محتويات حقيبتها، ليفاجأها صوته ما إن حطت أقدامها الصالة : صباح الخير .
نظرت له بحاجبين معقودين :x هلا عبادي صباح النور.. أنت للحين مارحت؟
كان يتمدد على الأريكة يتسلى بهاتفه ليقول محركاً حاجبيه بالنفي : ولا هروح.
اقتربت حتى جلست على الأريكة الأخرى : صار لك شهر من رجعت من السودان وماداومت غير مرتين مدري ثلاث!! وش عندك؟
اعتدل جالساً : ماخذ إجازة..
لتسأل باستنكار: ماشبعت؟
رفع حاجبيه : وفيه أحد يشبع من الراحة؟ خليني يختي أبي اليّن عظامي شوي. وش رايك تاخذين إجازة أنتي بعد وناخذ لنا أسبوع نسافر فيه ونستانس؟
ابتسمت : وين ناوي توديني؟
بحماس : أنا قلت لعزام أبي أروح أذربيجان .
ضحكت باستنكار : و وافق؟
عبدالإله : لأ بس أنا باخذه طَرق.
شعاع بضحكة : عساك على القوة أجل.
باهتمام : إلا على طاريه وش فيه نزل بسرعة مخترش؟
قوست شفتيها ترفع أكتافها : علمي علمك جاه اتصال وطلع يركض.
عقد حاجبيه : اتصال من مين؟
شعاع : واحد اسمه متعب.
سكت قليلاً قبل أن يقول بإزدراء : يختي رجلك ذا...
لتبتسم ابتسامة طفيفة عندما لم يكمل : وش فيه رَجلي؟
عبدالإله : قولي وش مافيه علّة الزمان!! الحمدلله إن صيتة أخذت مريم وطلعت دوامها بدري ولا وش يفكها من الهواجيس لا شافته طالع يركض.
قالت ولازالت تحافظ على ابتسامتها ترتدي حجابها : وش نقول بعد الله يهديه.
تأملها ترتدي غطاء وجهها ليقول عندما وقفت : كم باقي على دوامك؟
نظرت لساعتها : ساعة إلا ربع تقريباً.
وقف : عازمك على الفطور وش قلتي؟ ما أقبل لأ كإجابة..
غطت وجهها بكفيها بإحراج عندما وقفوا للإشارة، صوت الألحان السودانية المميزة يصدر من مسجل السيارة وعبدالإله يتمايل عليها بجسده بحركة سريعة..
شعاع : خالي تكفى وقف الناس قامت تطالع.
تجاهل نبرتها المتوسله وسحب يدها يدخل ذراعه بذراعها يعرض بها يميناً ويساراً..
غطت عينيها بكفها الآخر وقد استسلمت تماماً وفقدت الأمل عندما بدأ ينزل بجسده للأمام والخلف يسحبها معه : لا مستحيل هذا أكيد كابوس!
استمر على وضعه إلى أن أخذ منعطف البنك الذي تعمل به و وقف أمامه.. يشبك أصابعه بأصابعها يشد عليها وينظر لها بابتسامه بعد أن سمع في صوتها نبرة لم تعجبه عندما سألها بعد أن انتهى النادل من وضع الإفطار البسيط على الطاولة : كيف الأوضاع؟
نزعت غطاءها مستغلةً بذلك خلو المكان من الناس غير أنها تقابل عبدالإله والجدار خلفه تعطي باقي المقهى ظهرها.. بدأت تضع السكر في كوبها وعيناه تتابع أدق التفاصيل.. : ميّه ميّه ولا فراخ الجمعيّة .
ابتسم : أتكلم جد.
رفعت عيناها له فاتضح الاستغراب فيها.. ليتابع بابتسامة اتسعت يتصنع المرح : أقصد الأوضاع العاطفية..
قالها وغمز لتضحك ، إن كان السؤال من شخصٍ آخر لكانت اشتعلت من الإحراج وبعض التحسس والقلق أن يكون عزام قد قام بتصرفٍ جعل من حوله يلاحظون بروده ناحيتها، لكن مادام مصدره عبدالإله فكل شيء على مايرام : والله الأوضاع هه سماء صافية إلى سحب رعدية مثيرة للأتربة والغبار.
ضحك : الله يكفينا شر التسونامي.
ابتسمت له بضيق قبل أن تنزل بصرها حيث كوبها تقول بتنهيدة : الحمدلله أنا مبسوطة وسعيدة بحياتي.
عبدالإله وابتسامتها رققت قلبه : طيب ومرتاحه؟
رفعت عينيها له تضحك ضحكة لا معنى لها : ما قلنا سعيدين ياعم!
عبدالإله بهدوء ونبرة رقيقة : الأهم تكونين مرتاحة لأن الراحة هي اللي تجيب السعادة مو العكس.
عبست في وجهه : تكفى فكنا من اسئلة اختبار القدرات ذي تونا نقول ياهادي.. أنا مبسوطة ومرتاحة الحمدلله أنتم حولي والكل متعافي ومتّهني خلاص هذا أهم شي.
أغلق المسجل والتفتت تنظر له : حبيبي عبادي الله يسعدك ايييه كذا الواحد يداوم ونفسه مفتوحة.
عبدالإله بغمزة : بالخدمة..
فتحت الباب وكادت أن تنزل لكنها عادت تغلقه تستدير له تضوق عينيها : تبي شي أنت، صح؟
عقد حاجبيه لم يفهم فأردفت : ليكون هذا تمهيد عشان أدور لك عروس؟
مد يده حتى التصق كفه المفتوح وأصابعه الخمسة بوجهها يدفعها للخلف : ما أقول إلا مالت عليك..
ضحكت تمسك يده من معصمه : صدق أتكلم، تبي أدور لك عروس؟ والله عندي تشكيلة على كيف كيفك حرام تروح بدون لا ناخذ منها .
عبدالإله بإمتعاض : لا ليه تروح اختاري أحلى وحده وإخطبيها لعزام.
شعاع بإنفعال : أعقققب.
ضحك : أقول توكلي بارك الله فيك.. يوم سعيد.
.
.
عقد عزام حاجبيه وهو يرى أبو عارف يضع ثلاث بطائق هوية مقلوبة على الطاولة أمامه.. يبتسم بمتعه : اختر وحدة.
عزام : ليه؟
اتسعت ابتسامته حتى بات النظر لوجهه مستفزاً : شكلك تبي اللي بالوسط؟
رفع بصره لجوّار الواقف خلف كرسي الرجل كبير السن والذي أشار بعينيه بمعنى "سو اللي يبي.. تكفى"..
زفر بضيق يسحب البطاقة على اليمين حتى أصبحت بين يديه ينظر لصورة رجلٍ يشبهه تماماً -بل أنه هو- باسم ورقم إثبات مختلف..
ازداد عقد حاجبيه وعاد ينظر لأبو عارف وابتسامته الواسعة يقول : اليوم هذي هويتك.
نظر لجوّار ثم عاد ينظر لأبو عارف : مافهمت!
أبو عارف بابتسامة لم تختفي من على وجهه بل تأخذ بالاتساع شيئاً فشيئاً : الحين أفهمك.
ضرب سبابته بالوسطى ليقفز جوار يضع على الطاولة حقيبة سوداء متوسطة الحجم كانت تتدلى على كتفه ، دفعها باتجاه عزام وعينه تنطق برجاء صامت بألا يفتعل مشكلة.
عاد يزفر بغيض يشعر بنيران في صدره قادرة على إحراق الكوكب بأكمله،، يقرّب الحقيبة منه قبل أن يفتحها حتى اتضح له مابداخلها.. مجموعة من رزم النقود الورقية مكدسة فوق بعضها..
رمش أكثر من مره : وش ذا؟
أبو عارف : مثل ما أنت شايف ، فلوس...
جوّار...
سحب جوار الحقيبة حتى أصبحت أمامه.. يُخرِج منها رزمة يقذفها باتجاه عزام الذي التقطها بين كفيه ببراعة : ١٠٠ ألف يورو.
عزام متصنعا البرود رغم أن داخله يغلي : للحين مافهمت وش المطلوب مني؟
أبو عارف بتملل : المطلوب منك تروح عند ال••• للصَرافة، وتحول اليورو للريال، بعدها تروح للبنك وتودع المبلغ .
عزام بتردد : ليه؟
تلاشت ابتسامته تماماً وتحرك من مكانه يرجع بكرسيه الجلدي ذو العجلات للخلف : أوهوووه جوار وش فيه خويك يسأل واجد؟
ظن أن حركة عضلات وجهه كانت بسبب ابتسامته وأنه نجح بتصنعها لكن الحقيقة أن شفتيه لم تتحرك إنشاً واحداً : العذر منك بس طبيعي أقلق المبلغ مو بسيط وأكيد بيسألني من وين جبته هذا غير أنه بعملة أجنبيه!
أبو عارف بمكر : هنا يبدأ شغلك يا سعيد.
عزام باقتضاب : عواد طال عمرك.
ابتسم : لا أنت اليوم سعيد،x والهوية اللي معك تثبت.. نبيك اسم على مسمى تحوّل فلوسنا وتدخلها بدون أي قروشَه.. تسعدنا وتسعد نفسك..
كان ماقاله مقززًا على مسمعه لدرجة أنه تمنى بأن يهشم ابتسامته المقرفة،، ما إن اختلى عزام بجوار حتى وقال الأول بغضب يحاول ألا يرتفع صوته فتسمعه الجدران : جوار حنا ما اتفقنا على كذا!
تأفف يجلس على الكرسي الذي كان يجلس عليه أبو عارف في وقتٍ مبكر : أجل على وش اتفقنا؟
دفع الحقيبة من على الطاولة بغضب لتقع أرضاً ويقع كل ما فيها : ما اتفقنا شغلي يكون مشبوه ، فلوس ما أدري وش مصدرها وهوية مزورة وتجارة ممنوعة..
جوّار ببرود ينقل بصره بين النقود أرضاً وعينا عزام المشتعلة أمامه : ومن قالك إنك تشتغل شغل مشبوه؟ أو إن المؤسسة تجارتها ممنوعة؟ الفلوس ذي فلوس صفقة بيع حديد لشركة إيطالية وناخذ باليورو لأن قيمة صرف اليورو أعلى،، والشركة تجارتها قانونية ميه بالميه .. هذا جواب ثلاثة من شكوكك ياقلق.. أما بخصوص الهوية المزورة!!! وش المشكلة دام إنك ماضريت أحد؟ غير إنك تبي تقنعني إنك فعلا عواد؟
ثم بابتسامه ونبرة : ياخوي ماحنا دافنينه سَوى..
عزام بنرفزة لأنه متأكد بأن جوار يسخر منه فلا شيء قانوني البته حتى وإن كان ظاهره يلمع فباطنة أسود وفاسد وما يزيد من غبنته حقا هو الشعور بأن جوار يعرف بأنه يعرف كل هذا مع ذلك يعامله كالمغفل : أدري إني ماني عواد..
قاطعة بحاجب مرفوع : تدري وراضي من البداية لا تجي الحين تسوق النزاهه علي. أنا قلت لك من يوم اتصلت تسأل عن وظيفة إن أبو عارف لو درى إنك محقق حتى وإن تم إعفائك مستحيل يرضى فيك. عزام أنا أبي لك الخير وأبي أخدمك إن كنت تبي تعيش لا تفتح عيونك على كل شي.. غمض ياخي عن بعض الأمور الموضوع بسيط مو لازم تصير رجل القانون الأول.
عزام بضيق : جوار والله مَاني مرتاح أحس إني قاعد أخون نفسي.
ابتسم بسخرية : الله يخليك لنفسك ياقلبي تعوذ من ابليس أكيد إنك ناسي تقرا أذكارك. ولم الفلوس لا يجي يشوفها أبو عارف منثوره كذا وينجلط.
وأطلق بعدها ضحكة مدوية ضيّقت الدنيا في عيني عزام..
.
.
رفع بصرَه ما إن سمع طرقه على الباب الذي فُتح بعدها مباشرةً.. كان متمدداً على سريره يتشاغل بهاتفه كي لا يفكر بأي شيء ولكن ما إن رأى التي طلّت عليه برأسها حتى واعتدل يجلس بسرعة : هلا يمه.
لازالت تطل عليه برأسها جسدها يختفي خلف الباب تقول بابتسامة ونبرة مشاكسة : فيني فوت؟
ضحك بخفه : أكيد تعالي.
تتبعها بعينيه تغلق الباب بهدوء وتقترب منه ليرفع ساقيه الممدودة تاركاً لها مساحة كي تجلس فيها..
دائماً كان لنظراتها أثرٌ عليه، لا أحد مثلها ولن يأتي أحد أبداً..
كانت تتأمل وجهه بابتسامة عذبة وكأنها تخبره بأن جميع الأمور ستمضي وكل هذا سينتهي " أهم شي أنت بخير "..
قالت بهدوء : علامك قاعد هنا لحالك؟
تنهد : أبد يمه ...
تابعت بنفس النبرة التي تجعل كل شيءٍ مُر في قلبه يمُر : ترى ناصر مشى إن كنت تنتظره يروح.
ثم أردفت بابتسامة بالكاد تُرى عندما تطايرت ملامحه بصدمة : تحسب إني مو منتبهه للي بينكم ؟ أنا أم والأم عندها أربع عيون ثنتين قدام و ثنتين ورى وتشوف كل شي حتى لو كانت تسوي نفسها ماتشوفه.. كيف عاد لاصار الشي يخص أقرب واحد لقلبي؟
حاول أن يبتسم لكنه لم يقدر فقال بضيق : لا تزعلين من ناصر.
تقوست أطراف فمها بضيق : مازعلت بس حركاته توجع قلبي.. أنا مستحيل أزعل أو أشيل على أحد فيكم يا فهد أنتم عيالي.
ثم قالت بسرعة تبتسم ابتسامة واسعة وكأنها تطرد الكآبه التي غامت فوقهم : ماعلينا ، عندي لك سالفة وأبي أسمع رايك فيها.
ابتسم لحماسها : وش؟
بللت شفتيها بطرف لسانها تعيد خصله من شعرها القصير خلف أذنها تحاول ترتيب كلماتها دون أن تنظر لوجهه وعينيه المثبته عليها.. كان يتأملها بحب فتّاك منتبهاً لأدق حركاتها..
أخذت ثواني قبل أن تقول : لقيت لك عروس.
تلاشت ابتسامته تماماً بشكلٍ أدمى قلب سارة التي قالت بسرعة : اسمعني لين أخلص كلامي.
فهد : لا تتعبين نفسك يمه أنا عارف وش النهاية.
سارة برقه : البنت معيدة معي بالجامعة وبنفس قسمي.. والله إني من أشوفها أتمناها لك تهبّل يا فهد تهبّل ناعمة ناعمة كل شي فيها صغير هو فم هو خشم هو وجه ولا جسم!! إلا عيونها بسم الله عليها بحر. سرقت قلبي والله العظيم .
ابتلع ريقه يشعر بالحرارة تسري في جسده من وصفها، يهرب بعينيه بعيدًا عنها بخجلٍ واضح ،، فابتسمت وهي ترى اشتعال أعلى أذنه : أنا متأكدة إنها بتعجبك .
فهد بتنهيدة : يمه الموضوع مَهوب جمال .
سارة بحنو : أدري بس اللي أبي اوصّله لك إن البنت فوق أخلاقها حلوة وتدخل القلب ،، تكفى فرحني والله منى عيني أشوفك مع زوجتك .
فهد بنبرة كسيرة : يمه عمي علي رفضني تهقين الغريب بيرضى؟
سارة بقوة : رفضك لأنك ماكنت نصيب لولوة ولا أنت مكتوب لها.. لكن إن شاءالله بت..
قاطعها وقد بدأت الدموع تلتمع في عينيه بوضوح : يمه أنا مستحيل أكون لأحد.
لم تكن جملةً عاديةً نطق بها فهد برعشةٍ في صوته.. بل كانت سكيناً غُرس بداخلها،، ألماً اخترق قلبها وأدماه.. قربته منها واحتضنته ولم يجد فهد مفراً من حرقة الدموع في عينيه..
هوى قلبها واختنقت بعبرتها وهي تشعر باهتزاز جسده بين يديها.. يبكي بوجع بكاءً صامتاً أبكى روحها فشدّت عليه وكأنها تستره، لا تريد لأحدٍ أن يعرف ببكاءه وهو رجل قد اقترب من الثلاثين : حبيبي فهد ليه تسوي بنفسك كذا؟.. مافيه شي بالدنيا يستاهل تبكي عشانه.. أبد.
فهد بنبرة موجعة : ليه أنا يمه؟ وش معنى أنا من بين كل هالناس يصير بي كذا؟
ابعدته عنها،، تتأمل وجهه الذي أخفضه عنها حتى أصبحت رؤية ملامحه الباكية شيئاً مستحيلاً،، ابتلعت ريقها أكثر من مره علّها تبتلع العبرة.. لكن لا فائدة فقالت بصوت وصل لمسمعها مخنوقاً فكيف بمسمعه؟! : وأنا بعد كنت اسأل نفسي ذا السؤال.. أقول وش معنى أنا من بين كل الأمهات يصير بواحد من عيالي كذا؟ لكن مره وأنا رايحة الجامعة تدري وش سمعت ؟
نظر لها بأمل ولم يخجل من دموعه هذه المره، فتابعت بابتسامه من بين كل عبراتها : واصْبرْ لِحكْم ربكَ فَإنكَ بِأعيُننَاx، حسيت إن ربي يواسيني ويمسح على قلبي يعلمني إنه يحبني و وقتها تغير كل شي عرفت إنه ما اختارك ولا اختارني إلا لأننا نقدر. غيري تفقد ولد لكن رحمة ربي فيني ماحرمتني منك لأنه يدري إني أضعف من إني أخسرك،، أنا مستعده أتحمل كل شي لكن تكون أنت بخير.. حنا أقوى من كذا فهد وأكيد لربي حكمة في كل هذا . صح؟
ارتعش فكّه وتقوست شفتيه يهز رأسه بتأييد.. رفع كفه لوجهه لكن يدها كانت أسرع فمدتها تمسح بكفيها العبرة التي سقطت من عينيه.. قبل أن تضرب كتفه بخفه تمسح عينيها بيدها الأخرى : خلاص عاد عاجبك كذا بكيتني!!.. الحين وش يفكني من لقافة ريم لو شافتني بتفجّر راسي بالأسئلة.
نبض قلبها بقوة وكأن الحياة عادت فيه ما إن ضحك لها لتظهر تجاعيد دافئة حول عينيه.. ابتسمت بحب لا يموت وهي ترى كفه يمسح دموعه .. يرفع طرف تيشيرته يمسح الباقي من وجهه قبل أن تلاقي عيناه عينيها بابتسامه خجولة ونظرة ممتنة وصلتها دون أن يبذل أي مجهود .
وقتها عرفت سارة أن غادة هي المنقذة.. غادة هي طوق النجاة الذي سينقذ روح ابنها من الغرق ..
.
.
عُرضت مجموعة من الصور على الشاشة قبل أن يتنحنح موجهاً نظره للجالسين أمامه قائلاً : استناداً على التقارير اللي وصلتنا من الطب الشرعي وبعد الاستعانة بطبيب الأسنان الشرعي الدكتور فراس لصعوبة تحديد هوية الضحيتين تبين التالي :x واحد ،، الضحية الأولى هو المواطن مفلح خلف بن سالم يحمل هوية رقم ×××××××××× بعمر ٦١ سنة. والضحية الثانية هو المواطن سامي محمد بن ظافر بعمر ٥٨ سنة ويحمل هوية رقم ××××××××××x ..
اثنين ،، مفلح ضابط متقاعد قبل أكثر من ثلاث سنوات أما الضابط سامي لا يزال على رأس العمل..
ثلاثة ،، تم تقديم بلاغ باختفاء مفلح في بداية شهر رجب.. وتقديم بلاغ آخر باختفاء الضابط سامي بعده ب١٦ يوم في تبوك أثناء تمتعه بإجازته السنوية..
سكت قليلاً قبل أن يقول : الفحص أثبت عدم وجود أي إصابات أو كدمات أو كسور أو محاولة مقاومة تثبت تعرضهم لعنف قبل الوفاة.. كلا الضحيتين يتميزون بسجل طبي سليم تماماً.. وجاء تقدير زمن الوفاة قبل ٦ أشهر بمعنى بعد اختفاءهم بأيام قليلة.. والإثنين بنفس الوقت وبفارق بسيط،، دقيقة وثلاثين ثانية ..
أخذ نفسا قبل أن يردف : من فحص العنق وبالرجوع لتقرير طبيب الأسنان اللي أظهر فيه وجود عدد من الأسنان تحركت من مكانها بالإضافة لوجود تشققات في اللثة. تبين تعرض الضحيتين للخنق مما أدى للوفاة..
وزّع بصره على الموجودين أمامه لتقع عينيه على أحدهم يبدو وكأنه يلهى بشيءٍ تحت الطاولة ليقول بحزم : بسّام معنا؟
رفع رأسه بسرعه وذعر يشعر بالنظرات النارية التي تصوبت عليه من كل اتجاه ليقول بارتباك : معك معك طال عمرك..
عقد حاجبيه ليتابع : أخيراً ، الضحية الأولى كانت مرقومه برقم ٥.. والثانية ٦..
أدار رأسه للشاشة الكبيرة خلفه و التي أظهرت صورة مفلح، ثم سامي وأخيراً فلاح..: التقارير اللي وصلتنا تشبه لحد كبير تقرير الضابط فلاح اللي توفى قبل فترة، الثلاث حالات هذي متشابهه جداً الضابط فلاح قبل شهر ونص تقريباً لقوا جثته قريب من هجرة جودَة متعرض لخنق بحزام السيارة و موسوم برقم ٨ لكن قضيته تقفلت بنفس اليوم وتسجلت كعملية انتحار..
ثم أردف بأسى : رحمة الله عليهم جميعاً.
نظر لأحدهم بثقة ، يتوسط الطاولة المستديرة : العملية ماكانت انتحار طال عمرك،، واللي قاعد يصير مهب صدفة.. الموضوع أكبر من ذا كله وكل جريمة مرتبطة بالثانية..
عقد حاجبيه : كل شي واضح والتقارير كانت وافيه الله يعطيك العافية..
ثم أردف : هل فيه علاقة تربط الثلاث ضباط ببعض يا خلف؟
رفع خلف إطار نظارته قليلا يهز رأسه بالنفي : كل ضابط من منطقة مختلفه.. وطول فترة الخدمة ما اجتمعوا بدائرة وحدة.
زفر بحرارة يتقدم بجسده يشبك كفيه تحت ذقنه بتفكير : اللي قاعد يصير كارثة.
عم صمت مهيب لدقائق قبل أن يقول خلف الواقف أمامهم بهدوء : وش تشوف طال عمرك؟
رفع بصره ناحيته، ثم وزعه على الموجودين : للتذكير بس ولا أنا أثق بفريقي ثقة عميا لكن الله يرضى عليكم ومثل ما تعودت منكم الموضوع لا يطلع من جدران هالغرفة مانبي نسبب فزع ورعب بين الناس.. الالتزام بالسرية التامة بدون لا تطلع كلمة من اللي قاعد يصير سواء لصديق أو قريب أو لأي أحد بأي شكل من الأشكال .. هذا واحد..
اثنين، استمروا في التحريات إلى إن نلقى شي مشترك أو على الأقل إشارة حتى وإن كانت بسيطة تبين لنا شي عن هوية المتسبب بكل هذا.. لا تستهينون بأي معلومة أو تفصيل ممكن شي تافه بنظركم يفتح لنا أبواب كثيرة..
وصلته أصوات متفرقه : أبشر.. إن شاءالله..
صمت لدقائق قبل أن يقول بتأني : ثالث شي،، أحتاج تكوين فريق خاص أنا بختار أعضاءه بنفسي تابع للفريق الأول، وعمله مايلغي عملكم أبداً بالعكس كلا الفريقين مرتبطين ببعض وما أقبل أي تقصير أو اتكاليه.. ماهي قصور فيكم نهائياً لكن الموضوع يحتاج أكثر من عين وأكثر من طريقة تفكير.. أتمنى اللي قلته يؤخذ بعين الاعتبار ونتوصل لشي بخصوص هالموضوع بأسرع وقت ، نحتاج نحط يدنا على خيط عشان نمنع هالكارثة من إنها تتكرر.. يعطيكم العافية .
خرج بسام من قاعة الاجتماعات .. يبتعد عن المكان يخرج هاتفه من جيبه على المحادثة التي اشغلته وكادت أن تتسبب بطرده ليجد عدداً من مربعات الحوار ارسلها الطرف الآخر تباعاً (طيب وش صار؟) (بسام وين اختفيت؟؟) (إن شاءالله توصلتوا لشي؟؟).. (ياولد لا تخليني على أعصابي) ..
ليكتب بسام بسرعة (عزام يبوي الدعوة طلعت عويصة.. أبو هيثم أمر بتشكيل فريق خاص استعد أتوقع تكون معهم يامديررر)..
.
.
مساء اليوم التالي ولم يبقى الكثير على الساعة التاسعة مساءً..
دخل عزام صالة منزله عيناه على هاتفه بين يديه،x يضع شماغه على كتفه بشكلٍ مهمل يجر خطوته بثقل.. القى السلام ليصله خافتاً بردود متفرقه.. رفع رأسه عاقداً حاجبيه باستنكار، ليحل القلق عوضاً عنه عندما شعر بالغيمة السوداء التي تغطي رؤوس الموجودين..
ابتلعت صيتة ريقها تقول بضيق : هلا أبوي عزام.. وينك تأخرت!
انقبض قلبه وهو يرى وجه عبدالإله، ثم وجه شعاع التي كانت تظهر تشاغلها بآيباد مريم الجالسة بجانبها.. ثم أخيراً والدته، ليقول بأنفاس مقطوعة : خير إن شاءالله وش فيكم؟ وش صاير؟؟
زم عبدالإله شفتيه قبل أن يقول بنبرة كئيبة : عبدالله...
:
*
صعدت عتبات الدرج وأنا أرفع ثوب عزام وشماغه وبشته بعد أن أحضره السائق من المغسلة.
على وجهي ابتسامة تلاشت تماماً ما إن دخلت غرفته لأجده يجلس على سريره ينظر بسرحان لاصابع يده..
اقتربت منه أضع مابيدي على السرير بحرص وعناية : وهذي ثيابك وصلت ياعريس..
انتبه من سرحانه ينظر لي دون أن يبتسم أو أن يحاول أن يجاملني بواحدةٍ حتى.. وجهه أسود مكفهر وعينيه شديدة الاحمرار وكأنه بقى سنين طويلة لم ينم. حتى ذقنه مهمل وكأنه لم يرى النور لأيام..
ابتلعت ريقي أقول بصرامة أعلم أنها زائفة : عظم الله أجرك.
تنهد بتعب : يمهx ...
عقدت حاجبيّ بحدة : معليش بس اللي يشوفك يقول بعزا.. خير ان شاءالله وش فيك؟ بالله عليك طالع وجهك بالمراية هذا شكل واحد عرسه بكرة؟
عزام بزفرة ونبرة ميتة : أبشري شوي و أقوم أحلّق.
فقلت : لا حبيبي.. تروح للحلاق يهندسك .
عقد حاجبيه : والله العظيم ما فيني حيل يمه، وش الفرق كلها بالنهاية حلاقة.
احتدت نبرتي رغماً عني : أنا أدق على عبادي الحين يشيلك شيل ويوديك إن كان مافيك حيل صدق.
مد شفتيه بعبوس : عبدالإله مايكلمني صار له إسبوع ولا نسيتي؟
فقلت ضيقاً على حاله : عشان تدري إنك مغيّب عن العالم، عبدالإله كل يوم يجي ويطلع لك بس أنت يا نايم يا مسوي نفسك نايم حتى جوالك ماتدري عنه.
عزام ببرود : معليش ماحسيت فيه.
عبست بضيق وأنا أنظر له، اتأمله بحسرة حتى ضاق من نظرتي فقال بتعب : خلاص يمه بدق على عبادي و أروح معه، فيه شي ثاني بعد؟
فقلت بقوّة : ايه فيه.
نظر لي بعتَب : قولي كل اللي عندك وريحيني.. وش بعد غير إني رخمَة و مو برجّال وقلبي قلب مرَه؟
تهدجت أنفاسي، فتحت فمي لأنطق بشيء ولم يسعفني صوتي.. شعرت وكأني سأختنق وأنا أراه يصفعني بكلماتي التي قلتها بوجهه مرةً في لحظة غضب.. لا أعلم كيف يكون لي قلب وأنا أغضب على عزام؟
كان واضحاً عليّ كل هذا، تهاوى جسدي جالسةً على السرير وكأن لا طاقة لي.. فقال يصد ببصره عني بصوت مخنوق : والله إنك حبيبة قلبي يمه.
ارتعش فكّي بقوة حتى بات صوت اصطدام أسناني ببعضه واضحاً، نظر باتجاهي ليتبدل كل شيءٍ في وجهه وتنهار ملامحه بذبولٍ فضيع.. انفجر كل شيءٍ داخلي وبكيت.. بكيت حتى شعرت وكأن الضباب قد غطّى عينيّ من كثرة الدموع ولم أعد أرى شيئًا.. شعرت به يشد علي،، ذكرني بوالدي في كل مرة يأتيني مواسياً.. يدعني أبكي دون أن يستنطقني حتى تجف سدود عينّي..
ابتعدت عنه ما إن فرغ مافي صدري.. ولم تخفى عليّ حركته عندما صد عني برأسه يمسح دمعاً ترقرق تحت عينيه..
آهٍ عليك يا عزام.. همست بعبرة : عزام لا تزعل مني أنت تدري إني ما أقصد.x
نظر لي يبتسم ابتسامة لم تتعدى حدود فمه : أنا مو بزعلان منك يمه وآسف لأني أدري إنك متضايقة مني ومن حركاتي.. لكني.. أنا...
ثم تنهد قبل أن يتابع بأسى : أنا بس ضايقه بي الدنيا يمه، أحس روحي تختنق..
حاولت أن ابتسم ولكن عوضاً عن ذلك اختنقت بعبرتي : بسم الله عليك حبيبي.. تعوذ من الشيطان بكرة ليلتك ياعريس المفروض تكون مبسوط.
نظر لي نظرة رأيت من خلالها قلبه،x فقلت بتنهيدة : صدقني شعاع هي الوحيدة اللي بتقدر تطلعك من اللي أنت فيه.
عزام بنبرة موجعة أوجعت قلبي ، يشد شعره للخلف،، بقوة ويأس : ماعاد فيني حيل يمه.. أنا تعبان تعباااان أحس إني أغرق كل شي صار يخنقني تعبت من التفكير أبوي والجوهرة والحين شعاع.. تعبتْ والله العظيم تعبتْ..
ابتلعت ريقي وكأني ابتلع موساً تذوقت بسببه طعم الدم في فمي.. ارتعشت أنفاسي أنظر له بقل حيله وكأني أعجز عن الحركة،، أسمع أنفاسه السريعة،، يلهث وكأنه للتو ركض ماراثوناً.. يتنفس بثقلٍ وصعوبة ، وكأنه يأخذ من أنفاسي..
أشعر وكأني سأختنق..
*
:
.
.
.
.
# نهاية الفصل الخامس
نلتقي قريبًا يوم الأحد إن شاءالله بفصل أسميه فصل الجوهرة ❤
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ♡.
|