كاتب الموضوع :
سيريناد
المنتدى :
روايات غادة
رد: الخاطفة _ روايات غادة _ مكتوبة
الفصل الخامس
الغيرة
لم يعد أي شيء كما كان من ذلك الوقت وما عدا..ذلك اليوم من أيام كانون الأول غيّر كل شئ ...شيء ما،بطريقة ما..تبدل على مستوى أساسي.نقاشهما،كما جرى،ساعدهما ولم يساعدهما..وحدث تغيير في علاقتهما،تغيير دقيق حاد..إيجابي في بعض النواحي،وسلبي في أخرى.
يوم السبت من ذلك الأسبوع،انضمت باولا إلى فيونا في المطبخ،تريد أن تساعد.الطفلين كانا في الفراش،والأربعة الكبار كانوا يتحدثون ويشربون القهوة لمدة ساعة،والجميع جائع.
لم يكن هناك شىء ليعمل..فقد حضرت فيونا كل شيء... والطاولة محضرة،متممة بالشموع،مجموعة من الزهور الطازجة..ولم تتفاجأ حين سألت باولا كيف تجري الأمور.
ابتسمت فيونا بدفء تضع يدها على كتف باولا:
لا تشغلي بالك..لقد فاجأتك.. وماذا يمكنك أن تقولي؟
تعرفين روي أكثر مما تعرفيني،ولا أتوقع منك أن تكوني في صف أحد.
في صف أحد؟لا.. لكن..
هذا يحدث مرة أخرى،ماذا في رأس باولا تريد قوله وتشعر أنها غير قادرة؟
إنسي الأمر باولا.. لقد تحدثنا بالأمر في الصباح التالي،وقررنا أن كلانا كنا في مزاج سيىء..إذا أردت مساعدتي خذي هذا الطبق من السلطة وضعيه على الطاولة.
أنت تحبيه كثيرا...أليس كذلك؟
كادت فيونا توقع الطبق الذي أمسكت به لتوها،وبدت عليها الصدمة.. فقالت باولا:
لا داعي لكل هذا الرعب..أنا امرأة مثلك،وأعرف تماماً ما تشعرين به..لأجل السماء،أظنني أنك خدعتني ؟قد يكون روي أعمى لأن لا يرى،لكنني لاحظت كل شيء.
باولا..
ارتاحي!لن أخبره بهذا،إذا كان هذا يقلقك..لست حمقاء فيونا..أمامك الكثير لتفكري به..وأنا أصبحت مغرمة بك،وأتمنى أن تنجحي معه،لذا أرجوك،قولي لي كيف تسير الأمور..حقاً.
لكن فيونا لا تستطيع أن تقول لها..صحيح أن باولا محبوبة جداً.. لكنها ليست الشخص المناسب لتفتح لها قلبها،فلن تكون موضوعية،وليس من العدل أن تتوقع منها هذا على أي حال،هذا ليس بالوقت المناسب لتعرف.
الأمر ليس سيئاً أبداً.. صدقيني..وكما قلت أمامنا الكثير نفكر به ونسويه،وهذا يستغرق وقتاً.
الوقت.. تحرك كانون الثاني ليدخل شباط.. حتى هذا الوقت كانت الحياة قد استقرت إلى روتين معين،مما جعل الجميع يشعر بالسعادة،بدأ توبي بالذهاب إلى المدرسة،وعادت فيونا إلى عملها،ولو جزئياً،وكان روي على وشك أن يحصل على حريته..
قريباً ستتاح له فرصة الارتياح، خاصة أن بعثة التصوير عادت من المكسيك بعد أن صورت المواقع الأثرية للأزتيك،ولم يبق أمامه سوى التعليق عليها بصوته.
لم يخطر ببال فيونا أن توبي سيشعر بالجو المتوتر بينها وبين أبيه..ولم يكن لديها خبرة مع الأولاد..ونسيت كم يمكن للأولاد أن يكونوا حساسين.
في صباح يوم من منتصف شباط،وخلال الفطار،ودونما أي تحضير..قال توبي شيئاً ، صدمها وأزعجها.
قال بشجاعة،وكأنه يقرر أمراً واقعاً:
فيونا..كنت على وشك أن أناديك"ماما"لكنني غيّرت رأيي.
تبادلت النظرات مع أبيه..كانت تحب ابنها بالتبني كثيراً ولكان أسعدها جداً لو ناداها "ماما"لكنها لم تكن تريد أن تؤثر عليه في أي قرار يتخذه..وسأله روي:
ولماذا يا بني؟هل هناك سبب خاص؟
أجل..فيونا قد لا تبقى معنا،دادي.. لا أريد أن أناديها"ماما"إذا لم تكن ستبقى معنا.. لم تعد تضحك كما كانت،ولم يعد اللعب معها مرح كما كان،ولم تعد تبتسم ..دادي..أنا..ولم يستطع أن يكمل..
فقد امتلأت عيناه بالدموع،التي تدفقت على وجهه،ورفعت فيونا يدها إلى فمها مرتاعة..تريد أن تبكي معه..وسارعت إلى طمئنته:
بالطبع سأبقى معكما حبيبي!
وفعل الأب مثلها:
فيونا وأنا كنا نعمل بجهد.هذا كل شيء..ونحن متعبان قليلاً.
لا يجب أن تفكر للحظة واحدة أنني سأترككما..كيف أستطيع؟أنت أفضل شخص لديّ في الدنيا كلها..أنا أحبك أيها المغفل!
توقفت دموعه قليلاً:
وماذا عن دادي؟
يا الله..كيف سترد على هذا؟ولم ترد،بل هزت رأسها تبتسم،ابتسامة بلهاء أمام نظر الأب..والأسوأ من هذا أن روي كان ينظر إليها،دون أن يبدو عليه المرح..ينتظر ليرى ما ستقول.
إنه أحد الأشخاص المفضلين عندي أيضاً..بالطبع.
قال روي:
سأقول لكما ماذا.. سنقوم بشيء مرح معاً اليوم..سنأخذك من المدرسة وسنذهب لتناول طعام جيد..ثم نذهب إلى حديقة الحيوان..ويمكن لسوزي أن تأتي معنا إذا سمحت لها أمها..ما رأيك بهذا؟
ونجحت الفكرة وتوقفت الدموع..لكن الارتياح لهذا الإنجاز فسد بعد دقائق،حين ذهب توبي ليحضر معطفه،ألتفت روي إلى فيونا ليعتذر:
لقد فاجئتك..وأنا أسف،سآخذه إلى المدرسة،بإمكانك على الأقل أن يكون لك الصباح بأكمله،فأنا لا أريد إفساد خططك لما بعد الظهر..لكنني..
خطط؟مثل ماذا؟
أي شئ.. ربما كنت ترغبين في العمل ..أو التفتيش عن زبائن،فهذا ما كنت تفعلينه هذه الأيام أليس كذلك؟
نظرت إليه لا تصدق أنه يصدق للحظة واحدة أنها تضع عملها قبل توبي.
تعرف هذا جيدا!وإن يكن؟ليس لديّ روتين عمل ثابت..وتوبي أهم عندي من العمل أو أي شئ أخر!
فتح فمه ليقول شيئاً،لكنه غيّر رأيه..ونهض عن الطاولة يأخذ مفاتيح سيارته،متمتاً:
لست واثقاً أن مخاوفه لا أساس لها.
يوم الجمعة تناولت عائلة غارليس الغداء مع إيلين وهنري جيفسون،وهذا أمر كان روتيناً دائماً..وكانت فيونا تأخذ توبي معها إلى الزيارات،وتتركه مع جدته
حين تذهب إلى التسوق،وكان الأمر يسير على خير ما يرام.التظاهر بالصداقة الذي أظهرته إيلين في البداية أخذ يتحول إلى أمر حقيقي،وهذا ما وثقت فيونا منه.. وكانت تتحمل أي ذكر لأسم باميلا،
تقول لنفسها أن خوفها لوحدها هو الذي يزعجها.. ولم تذكر هذا لروي أبداً.
على أي حال لن تحس بالتوتر اليوم ،فإيلين لم تذكر اسم أبنتها أبداً أمام روي.. وأخذت فيونا هذا دليل إيجابي..حماته السابقة تكيفت مع فكرة زواجه.
رن جرس الهاتف ذات ليلة وهما يشاهدان تمثيلية رائعة في التلفزيون،المدفئة مليئة بالحطب المشتعل،والأنوار منخفضة،ومزاجيهما معتدل،دون توتر،وكان الوقت سيئاً.. لدقيقة خلت،ظنت أنها وروي سيتبادلان حديثاً جدياً.. ورد روي
عليه،ثم أومأ إليها حيث يقف:
إنه جيم وايت،لقد باع روسدايل اليوم،ويريد التحدث إليك.
كانت قد عرفت أنه جيم،لكنها لم تظن أنه يريد التحدث إليها،وأنه باع المنزل.
جيم!كم جميل أن أسمع صوتك!تهنئني لبيع المنزل..أجل ..عظيم..رائع جداً..وأنت؟
تابعا الحديث،فهو لم يتصل منذ يوم زواجهما..وأراد أن يعرف كل أخبارهما ،ومن الطبيعي أن تسأل كيف تسير الأمور في مؤسسة أبيها..
أما خيبة أملها،وفي منتصف الحديث،لوّح لها روي من على الباب ،وذهب إلى النوم.
كان يغط في النوم حين انضمت إليه..أو هكذا بدا لها.كانت حذرة من أن تزعجه،فبقيت إلى الجانب الخاص بها من سريرها..
المهم..أنه يريدها أن تظنه نائماً.
لماذا تركها وجاء إلى الفراش وهي في منتصف الحديث مع جيم؟لماذا لم يبق ليتحدث معها؟لماذا لا تستطيع الحديث معه؟أيحدث مثل هذا لبعض الأزواج؟
أزواج؟إنهما لم يكونا أبداً،ولن يكونا أبداً،زوجان بالمعنى الحقيقي للكلمة..لكن..هما جيدان معاً..وكانا هكذا مرة من المرات،لن تخدع نفسها بالتفكير هكذا..من الصعب التذكر بالضبط كيف كانت الأمور قبل ذلك
الشجار الغبي..ما عدا أن روي كان يعمل جاهداً.ومن الصعب القول كيف هي الأمور..لكن،لم يكن يومها مثل هذا التوتر،لم يناما في الفراش يوماً،يتجنب أحدهما الأخر..هذا أمر مؤكد..توبي كان
محقاً يوم بكى وتلفظ بمخاوفه..أربع سنوات ونصف ووضع كل شيء في مكانه الصحيح:لم يعد هناك أي مرح،دادي،وفيونا لم يعودا يبتسمان.وأين هما ألان؟
ما الذي حدث لهما؟ما الذي كان خاطئاً بينهما؟
حفلة عيد زواج جيف وباولا،كانت صاخبة النجاح..وصممت فيونا على أن تتمع بها..ونتيجة هذا التصميم كان أنها استرخت،وتحدثت كثيراً،وضحكت،وتجاوبت مع الجميع.
لكن الشئ نفسه لا ينطبق على روي..فالتوتر كان بارزاً حوله،على أي حال هو لا يحب الحفلات كثيراً وكان قد حُشر لأول ساعة من الحفلة بثلاث نساء من القرية،أمطرته بالأسئلة،وعاملنه لشهرته.أم إنهن أعجبن به..
فيونا لم تتقدم إليه لتعرف الحقيقة..فهناك حقيقة لا تتغير حول روي ..لا يدرك أبداً مدى جاذبيته.
لكن لسوء الحظ،كان جايسون هارتس،يعي جاذبيته.فما أن ظهر بعد العاشرة،وتبادل حديثاً قصيراً مع مضيفيه،حتى اتخذ خطاً مباشراً باتجاه فيونا.
كانت لا تزال تتبضع في السوبر ماركت الذي يملكه ولم تجد سبباً يدعوها للشراء من مكان أخر..ولم يكن دائماً في محله،فلديه عدة محلات سوبر ماركت في المنطقة،عرفت فيونا عنه هذا وعرفت أنه أعزب،ومنذ البداية.
حسن جداً..من لدينا هنا؟
بدايته التناورية جلبت ابتسامة سخرية على شفتيها.
أنا ذات الرداء الأحمر..ومن أنت جايسون؟ألا زلت تجني الثروة؟
المرء يستمر في المحاولة،يستمر في المحاولة..تبدين فاتنة فيونا...وهذا ليس الفستان المناسب لزيارة جدتك.. بالتأكيد؟
لا..لكنه المناسب لاجتذاب الذئاب..جايسون..لو استطعت فقط أن تنتزع عيناك عن صدري..لماذا لا تذهب وتحضر لي كوب عصير أخر؟
ندمت على ما قالت،ووضعت يدها على صدغها تراقبه يبتعد بسرعة،وابتسامة مفرطة الخيال..مغرورة بطريقة ما،فهم كلامها كدعوة..ماذا جرى لها؟الرجل غريب تماماً،والأكثر،أنها امرأة
متزوجة محترمة..ربما تكون غير سعيدة،وتحب بيأس،والله يساعدها،قلقة دائماً لماضيها وحاضرها،والأكثر على مستقبلها..وهذا صحيح.لكنها متزوجة.
الأسوأ أن باولا سمعتها فتقدمت تحذرها:أنت مراقبة كوني حذرة حبيبتي.
مراقبة؟ممن؟روي؟الواقف في أقصى الغرفة،ورأسه مرتفع عمن حوله..كان ينظر إليها وكأنه سمع ما قالته!أشاحت وجهها متمردة..ليس الليلة..ليس الليلة،لن يكدّرها،لن يُفسد ليلتها.عاد الرجل.
هاك حلوتي..أخبريني إذن..كيف هي حياة الزواج؟سمعت نفسها تقول:لا أنصح بها.
ولم تكمل،فقد تدخلت باولا فوراً:
مرحباً جايسون..كيف الأشغال؟جيف يجد الأمور هادئة في هذا الوقت،فمن يريد الشراء،يشتري قبل الميلاد.
هذا صحيح ، لكن على الناس أن تأكل طوال السنة..هكذا فالأمور على ما يرام!ومحلاتي دائماً مشغولة.
وضعت باولا يدها على كتف فيونا،أصابعها تضغط عليه:
سأجذبك من هنا..أريدك أن تلتقي بصاحبي محلات شهيرين آخرين!
ترددت فيونا..فلقد كان الشيطان يتملكها:سأنضم إليك بعد لحظات.لحظة أخرى.
بالنسبة لجايسون، كان هذا ضوء أخضر..ولم تتوقع ماثلا هذا،لكنها تعاطت معه بشكل جيد،فقد ابتسم وعيناه تتسللان إلى فتحة الفستان ثانية.
حسناً؟متى سأراك مرة أخرى؟مزوجة سمعة الإدمان على العمل. وأظنه منطوي على نفسه..ولا بد أن الحياة مملة لك.
صاحت فيونا بوقار..لم تكن تتوقع مثل هذه الوقاحة..لكنها سببت بهذا لنفسها،ولم تكن فخورة بما فعلت:
مملة؟أبداً!في الواقع أن روي لا يعمل في الوقت الحاضر.ولا يمكنني أن أدعوه منطوياً على نفسه..إنه هناك.
لم يلتفت جايسون ولم يتراجع:
كم أحسده،ليس لديه فقط أجمل زوجة..بل مخلصة كذلك.؟
ضحكت!
بالكامل.
حين ظهرت باولا،أحست فيونا بالارتياح هذه المرة..وما أن قدمتها إلى صاحبي السوبر ماركت حتى كان روي إلى جانبها وقال للآخرين.
سامحوني..يجب أن أكلم زوجتي..تصاعد غضبها،بعد أن طبقت يده على ذراعيها.
أتركني!يا إلهي..ستصبح ذراعي زرقاء في الغد!ماذا تظن نفسك تفعل ؟
ماذا؟
سمعتني.
أوه.. سمعتك.. عمت مساء روي.. إذا أ ردت العودة،فافعل ما شئت! فأنا باقية.. فالليل لم ينتصف بعد!
بلهجة لم تسمعها من قبل، جعلت فمها ينفتح، قال:
وأنا أخشى كثيراً مما قد يحدث لك قبل أن تدق الساعة الثانية عشرة.فاحضري معطفك..ألان!
للحظات حدقت فيونا به،محتارة تماماً.ثم استدارت على عقبيها وعادت إلى القاعة الرئيسية في المنزل دون كلمة أو نظرة إلى الخلف.
لم يلحق بها..ولم تثقِ كثيراً بعد هذا..فالشجار معه أفسد عليها الحفلة،وحيّرها موقف..صحيح أنه شاهدها تتكلم مع جايسون إلا أنه أولاً،لم يسمع ما قالاه،وثانياً لماذا هذا التصرف المتطرف؟
ألتفتت فيونا لتجد باولا إلى جانبها تقول لها :
خذي بنصيحتي وعودي إلى المنزل.ولأجل السماء،هونيه..إنه غاضب.
غاضب؟ماذا..
فيونا اسمعي نصيحتي..أرجوك!
أنا..حسناً سأفعل..وأقسم أن أتكلم معه.
سأجعل جيف يوصلك..
لا .. أبداً .. لن أسمح بأن يترك الحفلة..سأتمشى،فأنا بحاجة للهواء النقي..فعلاً!
لكن الظلام دامس في الخارج!
المسافة نصف ميل فقط.وأعرف الطريق جيداً..ولن يغتصبني أحد أو يقتلني في منطقة كهذه..
حسناً..لكن.
يكفي..عمت مساء..وأنا آسفة..ما كان يجب أن يحدث هذا هنا،وخاصة الليلة.
رفضت عرض جايسون الملح بأن يوصلها،وانطلقت تسير في الطريق إلى المنزل.
كان منزلها يغط في ظلام دامس،أما أن يكون روي قد تعمد أن يطفيء كل الأنوار،أم أنه ظنها ستبقى عند باولا مع الأولاد.
أدخلت نفسها إلى المنزل بأكبر قدر من الضجيج،تضيء كل الأنوار وهي تدخل..لا يمكنه أن يكون قد نام..وكالبلهاء نادت باستمرار"روي؟"لكنه لم
يكن في المنزل..وهذا واضح،لكن معرفتها هذه لم تمنعها من مناداته..سيارته في الخارج..لكنه لم يكن هناك.
دخلت الحمام تفكر،لكنها وقفت متسمرة..في الحمام مغسلتان،وخزانة كبيرة بينهما،وعدة رفوف..كل أشياء روي اختفت،لا مشط،لا أدوات حلاقة،لا فرشاة أسنان..لاشئ أبداً.
مدمرة الأعصاب،جلست على حافة المغطس..إلى أي غرفة انتقل؟لكن ما المهم..لقد انتقل من الغرفة..!من السيء إلى الأسوأ..إلى بداية النهاية..غرف منفصلة!
خرجت إلى الممر،ودقت باب غرفة النوم المقفلة:
روي ..روي؟
ابتعدي عن هنا فيونا..دعيني بسلام..لقد تحملت أكثر مما أستطيع..أتسمعي؟
تحول ذعرها إلى غضب:
تحملت أكثر مما تستطيع؟كيف تجرؤ؟كيف تجرؤ؟
انفتح الباب فجأة حتى أنها فقدت توازنها،ومدت يدها تدفعه لتستقيم..وحدث ما حدث بسرعة وبحركة واحدة،استقامتها وصفعها له بشراسة:
أيها النزل!لا تظن أبدا..
انقلبت الدنيا رأساً على عقب..فقد ارتفعت عن الأرض وانقلبت تماماً..وصاح بها:
لقد حذرتك!لا تقولي إنني لم أحذرك يا زوجتي الحبيبة!زوجتي ..زوجتي!
لقد جن..وأصبحت مقتنعة من هذا..وحملها عبر الممر ليرميها فوق سريرهما..ومرت لحظات قبل أن تدرك ما ينوي.
قاومته،وصرخت،تدفعه،لكن ما فرصتها أمام عملاقاً يبلغ ستة أضعاف قوتها؟..ولحسن الحظ لم يستمر جنونه كثيراً..وعاد إليه تعقله،فتوقف على حين غرة يفترسها بقرف،يتركها مستلقية
مصدومة صامتة..وصفق الباب وراءه بقوة حتى أن المنزل كله اهتز.
القدرة على التفكير عادت مع الصباح..أمامها فكرة واحدة..وخياراً واحداً..ستترك روي..وستتركه اليوم،بل ألان!
لم تحس بأي عاطفة،أي شعور..لاشئ..بهدوء،اغتسلت،ارتدت ملابسها،نزلت تفتش عن زوجها..ستقول له على الفور،ودون مقدمات،إنها ستوضب كل ثيابها،كل أشيائها،ولن يكون في المنزل،وسيارته ليست هناك.
عادت إلى المنزل،فمن الأفضل أن تبدأ بتوضيب حقائبها.كل ما يهم ألان هو أن تبتعد،فما حصل يكفي.
رمت في حقيبة ما يكفي من ملابس لبضعة أيام..ستذهب إلى بيرت..أو ربما ستتجه شمالاً إلى كارنافولا حيث يعيش أبن عمها لتعيش معه بضعة أيام،إلى أن تتدبر نفسها،وتقرر ما ستفعل.
لكن أين روي ألان،هل ذهب يحضر توبي؟
هناك طريقة واحدة للمعرفة.
رد جيف على الهاتف:
ما بك؟فيونا..ما الأمر؟صوتك غريب؟
أنا لاشيء جيف..أريد معرفة ما إذا كان روي عندكم أرجوك أخبرني:
هوني عليك..!لا،ليس هنا..فيونا،ماذا جرى؟تعالي إلى هنا ..أرجوك!
أنا..أجل..أنا مضطرة للمجيء.
يا الله!ماذا ستقول لتوبي..؟منذ أسابيع فقط وعدته أن لا تركه أبداً..وقالت أنها تحبه،لكنها مضطرة لتركه؟
وصلت إلى منزل جيرانها لتجد توبي وسوزي مرتديان ملابسهما وقبعتهما ومعطفيهما..وكذلك جيف،وقال بمرح:
سآخذهما في نزهة.
نظر توبي إليها،يحس شيئاً،وعاد يقطب بنفس الطريقة التي كان يقطب فيها حين حيّره تصرفها في السابق..وقال جيف:
ربما سأشتري لهما الغداء ونحن نتنزه في السيارة..بهدوء التفت إلى زوجته وقال:
أخبريها باولا..،فإذا لم تفعلي..سأفعل أنا.
حين أصبحت المرأتان لوحدهما،تهاوت فيونا على كرسي..وجلست باولا تواجهها.
ماذا حدث ليلة أمس؟..هل تشاجرتما؟ردت هامسة :
بل أسوأ من هذا..لن..أستطيع الكلام عما حدث..باولا.. سأترك روي ..اليوم!
وانهارت، رأسها بين يديها تبكي..يكت بنفس العنف الذي بكت فيه يوم مقتل أبويهما..وهذا يشابه ذاك،لأنها ستفقد شخصين عزيزين.
تتركيه؟أوه..لا!فيونا لا!لا تستطيعي هذا!
رفعت رأسها ترد بصوت يثير الإشفاق:
سأفعل..وسترين!مسكينة باولا..تبدين تعيسة مثلي!
ولسبب جيد!فأنا مغرمة لكما..ولا أستطيع التفرج على هذا وهو يحدث..فيونا..إنه يحبك..ألا تعرفين هذا؟
يحبني؟أيتها البلهاء المسكينة!انزلي عن هذه السحابة المرتفعة!روي لا يحبني.لم يحبني يوماً ولن يحبني..لا زال يحب باميلا.
هراء!هراء بالكامل!إهدأي ألان وأصغي إليّ..لدي شئ أقوله لك.وقد يساعد هذا على فهمه.
لن يفرق ألان..لاشئ ستقولينه يجعلني أغيّر رأيي أظن أنني توقفت عن حبه باولا..وأظنني أكرهه؟
واندفعت في نوبة بكاء جديدة،وجلست صديقتها إلى جانبها.
توقفي عن البكاء!هيا ألان توقفي!لقد فهمت كل شئ بطريقة خاطئة..كنت أريد أن أقول لك هذا من قبل...ولكنني وجيف لا نحب التدخل..وكنا مقتنعين أن روي سيقول لك بنفسه.
يقول لي ماذا؟ما الأمر؟
عن باميلا..وعن خيانتها.
ماذا؟لا أستطيع...
التصديق؟..صدقي حبيبتي..باميلا كانت تقيم علاقة منذ سنوات من خلف ظهر روي..وهذا سبب
ما جرى ليلة أمس..روي أحس بالغيرة والغضب،وعدم الأمان..
ذهلت فيونا،وتوقفت دموعها،وجلست دون حراك.
وهل كانت تقيم علاقة مع جايسون هارتس؟
لا..تكوني سخيفة!لا أعرف اسم الرجل،ولا روي يعرفه..يعرف اسمه الأول فقط..ولم يعرف بما كان يجري
من بعد وفاتها بشهر أو يزيد..جاءنا ذات ليلة بحالة مريعة،كنا على وشك النوم،وعرفنا منه أنه كان يفتش بأشيائها،ليجد حفنة من الرسائل،وقرأ
كل واحدة منها،وفي كل منها الدليل القاطع على علاقتها برجل اّخر كانت تحبه ويعيش هنا..ولا تتصوري كم كان مصدوماً..والرجل كان متزوجاً..وهذا كل ما أعرفه.
لكن..لا أفهم!ألم يكونا سعيدين معاً؟ظننت..
بديا هكذا،لكن من يدري؟فالمرء لا يعرف كل شئ مما يدور بين شخصين يعيشان معاً.
باولا..أتصنعي لي فنجان قهوة؟أنا بحاجة للتفكير.جلست وباولا تحتسيان القهوة.وتمتمت لها باولا مبتسمة:
لم يفت الوقت بعد..ابتسمي..
يجب أن أتكلم معه..
كنت أقول لك هذا منذ أسابيع.اجلسي وتناولي قهوتك ألان.
لكنه ليس في المنزل،ولست أدري أين...
لن يبقى خارجاً طوال النهار..على الأرجح يقوم ببعض التفكير لنفسه،ولا شك أنه سيعود قريباً..لذا،سأوصل توبي حوالي..لنقل الخامسة..ولن أدخل..
وألان توقفي عن هذا القلق..كل ما عليك هو أن تتذكري أن روي يحبك وإلا لماذا تصرف بهذه الغيرة الواضحة؟
لم تقل فيونا المزيد..فهي لم تفكر يوماً أنها لا تعني شيئاً لروي..لكن هذا بعيد جداً،جداً عن الحب.ومنطق باولا ليس مكتملاً،بالنسبة لها..فقد يكون روي قد تصرف بغضب لأنه ظن نفسه يرى التاريخ
يكرر نفسه،وقد يكون هذا مجرد غرور رجولي مصدوم،فلا شئ يشير إلى أنه في الواقع يحبها.
|