كانت تشعر بالمرض لكثرة تناولها الشاى . أخذت تتجول فى البيت بيأس , ثم ذهبت إلى غرفة عملها , أضاءت التور وحدقت فى المقعد والأدوات وقطع الأخشاب التى بدت مهملة , ميتة , فتنهدت بنفاذ صبر وأطفأت النور مجدداً . أغلقت الباب وصعدت الدرج مهمومة .
بينما كانت تدفع باب غرفتها صرخت بفزع عندما تحركت صورة داكنة وبدت من خلال ظلام الغرفة .
سألها ليو قائلاً : (( ما بك ؟ )) أمسك بيدها وأدخلها إلى الغرفة . (( هذا أنا فقط ! ))
سألته بمرارة : (( وهل هذا من المفترض أن يجعلنى أشعر أفضل ؟ دع يدى! )) وإنتفضت تحرر نفسها من يده , وأضاءت النور متابعة : (( ماذا تفعل فى غرفة نومى ؟ ))
(( أبحث عنك ! وماذا يمكن أن أفعل غير ذلك ؟ ))
(( كيف لى أن أعلم ؟ وأخرج من هنا! ))
قال بمرارة : (( كلا , على أن أتكلم معك ! تمنيت أنك ربما تكونين قد هدأت . ))
صرخت : (( أهدأ ؟ ولماذا على أن أهدأ ؟ )) بيأس وغضب إقتربت منه بقصد صفعه ولكنه إلتقط يدها بسرعة .
قال بوحشية : (( كان من الأفضل لو هاجمت ريان , لأنه إلى جانب رأيك الحقير بى , فأنا لم أفعل أى شىء بقصد أذيتك , كما لم أفعل أى شىء يجعلنى أحتاج لأن أندم! ))
صرخت : (( إذا لديك الأخلاق الحسنة! )) مرت بغضب من أمامه وذهبت لتقف إلى جانب النافذة وهى تدير له ظهرها .
أخبرها بتجهم : (( كلا يا هيلارى , لم أفعل , الآن , إذا كنت تحبين ذلك أم لا , سوف نتكلم . ))
(( لا يوجد لدينا ما نتكلم به . ))
(( نعم لدينا مثل وعلى سبيل المثال , كيف من المفترض أننى عرفت ريان . ))
(( من المفترض ؟ ))
(( نعم من المفترض ! )) تقدم إلى ناحيتها , وإلتقط ذراعها وآدارها لتواجهه فصرخت (( لا تلمسنى ! ))
سألها بخبث : (( لماذا ؟ خائفة من أن تستجيبى ؟ ))
((لقد قلت أن أى رجل ماهر متعقل يستطيع جعل إمرأة تشعر بأنها مميزة . حسناً , دعنى أخبرك بشىء آخر أية إمرأة ماهرة متعقلة تستطيع خداع رجل وتجعله يفكر أنه ....)) ثم صرخت عندما ضغط على كتفيها وسألها : (( يعنى ؟ ))
تحذير إختارت هيلارى أن تتجاهله , لماذا عليه أن يقوم بكل شىء بطريقته الخاصة ؟ هل يعتقد أنه الوحيد القادر على الكذب والخداع ؟ وأجابته مدافعة وقالت : (( يعنى أنه سوف يضربها )) وتراجعت إلى الوراء ولكنه تقدم نحوها مجدداً .
ثم فجأة أصبحت حرة بعد أن دفعها ليس بعيداً بقوة كافية إلى النافذة التى إرتجت من جراء إصطدامها بها .
قال بغضب : (( والآن انصتى إلى , إلتقيت بدريك بالصدفة إصطدمت طائرتى فى ساحتهم الخلفية . أخرجنى مايك منها وأخذنى إلى المنزل , عندما إستعدت وعى وجدت أننى قد أصبت بعمودى الفقرى وأمرنى الطبيب أن أبقى جامد فى مكانى وإلا فإن هناك إحتمال أن أبقى مقعداً . هل تستمعين إلى حقاً ؟ ))
تمتمت : (( نعم )) لكنها كانت عن قصد تتجاهل التلميحات فى عبارته , عن ذلك الجسد القوى الذى قد يكون فى كرسى متحرك .
.
(( أنا بالتحديد لست بالرجل الصبور , وفكرة الإستلقاء على ظهرى لأسابيع جعلتنى أشعر وكأننى أنتحر ولو لم يكن أهلك ...حسناً , إنهم كانوا رائعين ...))
قاطعته بإستهزاء : (( حسناً , ربما كذلك بالنسبة لك خصوصاً إذا كانوا ينون إرسالك فى مهمة تجسسية!))
صرخ قائلاً : (( اخرسى!)) وعندما هدأت فيما ظل وجهها متمرد , تابع بتجهم : (( كنت مستلفياً على ظهرى فى غرفتهم الإضافية , متألماً ومجبراً على البقاء جامداً , أراقب برامج التلفاز الذى قام أهلك اللطفاء بتشغيله بالغرفة . إستمعت إلى الراديو , والتسجيلات , وشاهدت الأفلام , ولم أجد أى إهتمام بأى من ذلك , فى محاولة يائسة أعطتنى والدتك بعض الأفلام المنزلية التى قاموا بتصويرها عبر السنين . وراقبت فتاة سمينة فى الخامسة من عمرها . راقبتها تنمو لتصبح فتاة قوية وإبتسامتها تحاصر العالم , راقبتها تضحك وراقبتها تبكى وراقبتها تنمو لتصبح إمرأة واثقة وجميلة تملك نفس التكشيرة . إمرأة تحب الحياة , إمرأة تقحم نفسها فى الصعاب من أجل من تحب , إمراة تواجه العالم بدون أن تبكى خوفاً , لذا أردتها لى ! ))
كانت تريد البكاء , وكانت ترتجف كثيراً إلى درجة أنها إستغربت كيف تستطيع الوقوف .
لقد خشيت أن تصدق كلامه لذا نظرت إليه وسألته بإستهزاء : (( إنتهيت ؟ ))
أجاب ليو : (( كلا هيلارى , لم أنته , وأنت عليك أن تقفى هناك وتسمعينى إلى أن أنتهى . لم أكن بحاجة لأى قناع كى أحضر لرؤيتك , لم يلو أحد ذراعى ولم أكن أخطط للقدوم إلى إنجلترا , ولكننى أردت مقابلتك وجوين كانت مجرد عذر وهى تعيش فى نورفولك . عندما إكتشفت ماذا يحدث أقنعت الكولونيل بأن يذهب فى عطلة وبعد ذلك عندما قابلتك , لم أستطع تصديق عيناى , لم تبدى أبداً كالفتاة فى الأفلام . ))
هكذا مثل دون كيشوت , قررت أن تصلح طاحونة الهواء مشكور كثيراً , يا ليو , ولكن بالكاد أصدق . حسناً , تابع , لا تقف هناك , أنا أكيدة أن الباقى رائع , ولكن عندما حاولت إكتشاف سبب عدم تمكن ريان من الحصول على إذن التخطيط قررت أن تفعل شيئاً بنفسك , وكانت هناك هيلارى الغبية , جاهزة وبإنتظار أن تقع بين يديك تستدرجها وتحصل على الإذن لخططك .
(( لا تكونى سخيفة! ))
صرخت : (( هذا ليس هراء , انه يكمل بعضه بعضاً . وهكذا هو تفسيرى . طلبت منك أن تثقى بى يا هيلارى . ثقة كلمة صغيرة تعنى الفصل بين السعادة واليأس . أنت من الواضح قررت التصديق أننى نويت عن سابق تصور وتصميم أن أدمرك , مع علمى المسبق بالأذى الذى تعرضت له . سألته بمرارة : (( ولما لا ؟ هذا فقط ما أنتظره من الرجال ألستم كذلك ؟ ))
بما أنها مضت فى طريقها بحيث أنها لن تتراجع , أكملت بسرعة , ومتصنعة الدهشة : (( آه , لا تخبرنى أن كل هذه الأسئلة عن ريان كانت ببساطة من أجل إستدراجه ليعيد المال ؟ ))
بعد وقت قصير من الصمت المتوتر حتى بدا وكأن الهواء نفسه إنقطع , قال بثقة كبيرة وبلطف خطير : (( نعم )) أخذ ورقة مطوية من جيبه . وناولها إياها : (( يبدو أننى وقعت فى حب وهم . أعتقد أن لديك الشجاعة وأنك شخصية مثيرة , ولامعة , ولكن خسارة واحدة جعلتك محطمة , أليس كذلك , يا هيلارى ؟ تلومين أى شخص عدا نفسك , حسناً , فليكن كذلك لقد إكتفيت ولكن دعينى أقول لك شيئاً واحداً , شفقتك على نفسك سوف تحطمك بكل تأكيد أكثر مما فعل ريان . ))
نظر إليها بإحتقار ثم إستدار ومضى خارجاً .
مصدومة وغير مصدقة , فتحت الورقة المطوية ببطء وبيدين ترتجفان دون أن تتمكن من السيطرة عليها وإستلزمها وقت لتدرك ما هى .
انه شيك بقيمة المال الذى أخذه منها ريان بالضبط .
همست : (( آه كيف ؟ ))
.