كاتب الموضوع :
سيريناد
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 603 - يائسة من الحب - ايما ريتشموند ( قلوب عبير ) دار النحاس
وابعدت ليو المزعج عن تفكيرها ، صعدت بخفة الى الطابق الاعلى لتجلب سترة سميكة من الصوف وتنتعل حذاءاً ثقيلاً قبل ان تمضى الى حقل المستنقعات وراء البيت فى اتجاه ضفة النهر ،
بينما هى تتجول على مهل وعينيها على الماء العكر ، رأت فجأة جزعا ثقيلاً بدا وكانه من البلوط ، التقطت بعض الجذوع لتتمسك بها وانحنت بانتباه لالتقاط ذلك الجذع ، وما ان لمسته حتى انزلقت احدى قدميها وافقدتها توازنها وبدون سابق انذار تعثرت ووقعت فى الماء الموحلة .
بتعبير قرف دفعت نفسها على ركبتيها ورمت بذلك الجذع ابعد ما استطاعت غاضبة من غبائها ، وزحفت الى الامام لان ذلك كان افضل من محاولة الوقوف على قدميها ،وبعينيها الجزعتين رأت قدمين ، رفعت رأسها الى الاعلى لترى ليو واقف يمد يده اليه تراجعت ثم تمتمت بالشكر وقالت له :
" اذا ما تجرأت على الضحك سوف اقتلك ! "
فابتسم لها ورفعها الى حافة النهر ، حاولت الوقوف بوهن على قدم واحده ، بينما حاولت البحث عن فردة حذاءها الاخرى ، ولم يكن باستطاعتها سوى مراقبتها وهى تغوص على مهل ، رائع فهى تشعر بالغباء والبؤس ومبتله تماما ، فسترتها الصوفيه تزن عشرة اضعاف وزنها بسبب ثقل المياه ، وحدقت امامها بليو يساعدها بطريقة رائعة للعوده الى اليابسه
لماذا ، لماذا يجب ان يكون هو من يجدها ؟ وحدقت براحتى يديها الملطحتين بالوحل ، فادركت فى الحال كيف تبدو اخذت تقهقه ، ادارت راسها وحدقت مباشرة بعينى ليو ، لم تعى كم بدت رائعة ، ولكن تدريجا عندما لاحظت عدم استجابته ، عادت الى وعيها وبدت عينيها مهمومتين من جديد ، وصرخت عندما رفعها عالياً بين يديه القويتين " انزلنى "
مانعها بقولة : " لا تكونى طفلة يا هيلارى ، فانت لا تستطيعين السير بحذاء واحد "
" طبعاً استطيع "
توقف محدقاً بوجهها الثائر ، وعينيه الرماديتين هادئتين وشرح لها بصبر : " ليس فقط بحقل ملئ بالزجاج المكسور والحاد ، بل صخور ايضاً ، ومن يدرى ماذا هناك ايضاُ ، هل تردين ان تجرحى قدمك "
" طبعا لا ، ولكن ...."
" ولكنك لاتحبين ان ألمسك ، أنا أعرف "
بسرعة أحنت رأسها ناظرة إلى الأسفل ، اذا فهو يعرف انها تكرهه ، وهل يعرف ايضا لماذا ؟، وان الشعور بيديه القويتين يجعلها صغيرة ؟ ، احست بالاحراج من الرائحة الكريهه التى تنبعث من ثيابها واغلقت عينيها بانهزام ، وفى تعاستها لم تلاحظ الى اين ياخذها ، الى ان وصلا الى عتبة باب بيته الخلفية .
عندما توقف وانزلها برفق تمتمت : " شكراً لك ، استطيع السير بسهولة الى البيت من هنا "
لم يوافقها قائلاً: " لا تكونى سخيفة ، سوف تموتين فليس عندك مياه ساخنه "
وقبل أن تستطيع إيقافه فتح الباب الخلفى ودفعها إلى الداخل نزع حذاؤه الوسخ ، ثم اتجه ناحية حمالة المناشف البعيدة فى المطبخ القديم الطراز ، وعاد بمنشفة كبيرة وبسطها على الارض ، ثم قال :
" لا داعى للقلق من ان تحدثى فوضى ، اخلعى حذاءك وقفى على المنشفه "
احتدت قائلة " لم اكن ...." ولكنها وجدت نفسها تتكلم من دون فائدة ، اذ انحى على الارض ونزع حذاءها ، وكانت مذعورة الى درجة انها وقفت كالبلهاء وبعدها ، وضع منشفة فى يدها وكانت فى منتصف الطريق الى البهو .
قال لها برزانه " غرفة الاستحمام بالاعلى ، لا تتاخرى سوف احضر الشاى " وبدفعه صغيرة اخرى اغلق باب المطبخ وراءها .
.
لم تكن تملك اى خيار ، وفكرت باكتئاب وللحظة ، فى ذلك الحقل حيث شعرت بنفسها على حقيقتها كما كانت من قبل الانسانه التى كانت قبل ان يدخل ريان الى حياتها ، هل سيتأذى ليو لو شاركها بضحكها ؟ ربما ابتسم ؟ ، ولكن للحظه فى المطبخ ظنت بانها اخذت انطباعا بالسرور مرسوماً على وجهه ، وكأن هناك شئ ابهجه ، ولكن لماذا عليه ان يفعل ؟
شعرت بالحنق من نفسها لانها حاولت تحليل سلوكه ، عندما وصلت الى اسفل السلم ترددت غير متاكدة للحظة ، ولكن بعد هزة من رأسها تقدمت ناحية النار الموقدة حيث كان ليو يجلس قبالتها ، وشعرت بانطباع القوة ، نوع من الغطرسة اللاواعية التى تبدو واضحة عليه ، فقط عندما يدير راسه . ونظرت بسرعة بعيداً عندما منحها ابتسامة صغيرة مرحة .
" تبدين مثل عليقة طفل صغير "
قالت مقطبة " عليقة طفل ؟ ، شكرا ، مع اننى افترض انه على ان اشكرك انك لم تشبهنى بالكيوى "
" انها من نيوزلندا "
" انا اعرف من اين هى يا ليو ! ، لا احتاج الى درس بالجغرافية "
اثارها قائلا " لست كذلك ؟ حسنا ، ولكننى اردت ان أشير أننى بالكاد أستطيع تشبيهك الى طير أو عصفور من نيوزلندا عندما أكون من استراليا "
رددت بتقطيب " استرالى ؟ ، ولكن فى محل السيد جرين ذكروا انك من اوكلاند ........"
اعتذر بخفة " حسنا ،انا اسف " وعيناه تلمعان بمرح
" ولكننى قطعا استرالى ، هل يهم ذلك ؟ ، الا تحبين النيوزلنديين ؟، هل هذا هو سبب شعورك بالتعاطف معى "
سالته وتقطيبتها تزيد على وجهها "ماذا ؟، كلا ، طبعا لا! ، لاتكن سخيفا فقط لم اكن اعرف ، هذا كل شئ "
ولكنه كان يهم ، اه ، لماذا كل مره تكون مع هذا الرجل تقفد صوابها ؟ ، ولكنه اذا كان استرالياً ....
أشار اليها قاطعا حبل افكارها " تعالى واجلسى قرب النار لتتدفئ "
بتنهيدة مهزومة ذهبت لتجلس على المقعد الجلدى المواجه للمدفأة
سألها بهدوء " كم يوم بقى من اجازتك ؟"
تمتمت بدون ان تنظر اليه " أقل من اسبوعين " وتسألت بتشكك لماذا اراد ان يعرف أدارت رأسها وسالته " لماذا ؟"
" لايوجد سبب معين ، مجرد فضول ، اوه يا هيلى ، هل من الصعب جداً التكلم معى "
احمر وجهها لشعورها بالذنب ، اعطته اعتذار هادئاً " انا اسفه ، لقد تخليت عن عادة الكلام مع الناس "
فشجعها بلطف " اذا هذه فرصة لكى تتخلى عن هذا الامر " وتابع بنفس الصوت الهادئ " اذا سوف تعودين الى العمل خلال اسبوعين او نحو ذلك ، وبعدها الى اين ؟"
سالته بدهشه " لماذا ؟"
"لقد قال الكولو نيل انك تعملين بوكالة سفر كمعاونة فى الاماكن الاجنبية انى اتساءل فقط الى اين ستذهبين بعد ذلك "
" أوه" لقد وثقت بالكولونيل لتعطيه كل تفاصيل حياتها ، ويقولون ان النساء تثرثر! " لست متاكدة تماما ، روما كما اعتقد ، فالوكالة تفكر بالبدء برحلات ثقافية – روما ، أثينا ، وعلى ان ادقق فى الفنادق وتسهيلات الرحلات فالايطاليين يحبون ادارة رحلاتهم الخاصة مثل دكان صغير ، لذا انا بحاجه الى ايجاد مستخدم يريد ان ياخد سياحا اكثر ، ومن الظاهر انها تزدحم فى منطقة ، مدرج روما الاثرى الكولوسيوم " وعندما ضحك استدارت وابتسمت
" حسنا ، طالما انه لن يرميك احد للأسود "
وافقته قائلة " كلا"
تابع بهدوء " وبعدها الى اثينا ؟"
" ربما لست متأكدة بعد – فالأمر مازال مجرد تجربة فقط ، ولقد طلبوا منى ذلك لأننى اعرف روما جيدا ، اما أثينا ، فلا أعرفها بتاتا "
قال لها " انها حفا تستحق الزيارة ولكن ليس فى منتصف فصل الصيف ، فهى حارة جدا "
" ومختلفة عن استراليا " وقد تورد خدها عندما نظر اليها نظره فضول
" الحرارة فى استراليا اعلى ، سوف أذهب لأسكب الشاى هل تريدين سكر ؟"
" قطعتان لو سمحت " ونظرت اليه وقد ارادت ان تغيظه بسبب السكر الذى استعاره قبلا ، ولكن لوفعلت ذلك فسوف يكون نوع من الاعتراف بانه كلن محقا بشأن سلوكها ، وبأبتسامة صغيرة اثبت انه عرف تماماً بماذا تفكر .
خرج من قاعة الجلوس ، فاخذت تؤنب نفسها وطالبتها بان تكون اكثر عفوية ولكن مضى وقت طويل منذ ان تحادثت مع احد ما ، وهى الان تشعر بالضعف والوهن منذ ان تكلمت ، وضحكت ،واغاظته ، وسألته من اين ياتى وماذا يفعل ، الان وجدت انه من الصعب جمع طاقاتها للهرب ، لقد ارادت فقط ان تفر الى بيتها ، ولوحدة وجودها ، وعندما عاد حاملا فنجانين ، اخذت فنجانها بطريقه اليه وحدقت فى السائل .
سألها بهدوء عندما جلس على المقعد ممسكا بفنجانه بين راحتيه الكبيرتين " اهلك وشقيقك فى استراليا ، اليس كذلك ؟"
شعرت برجفة الخشية تسرى فى عروقها ، حدقت به ، هل هذا هو اللغز فى الامر ؟ هل هذا ما كان يسعى اليه طوال الاسبوع ؟ ولكن مع ذلك كان وجهه يحكى تعبير فضول المعرفة .
اعترفت بصراحة " لقد انتقلوا منذ حوالى السنه عندما ذهبوا الى عرس شقيقى مارتن، وقرروا البقاء هناك " ولو انها لم تقابل ريان ، ريان ذو الابتسامة الحلوه ، كان الطبيب ، ربما لكانت معهم الان .
سألته بتشكك " لماذا ارادت ان تعرف ؟"
قال بسهولة وهو يرتشف الشاى " لا يوجد سبب " وكانت عيناه تراقبانها بانتباه من فوق حافة الفنجان وتابع " مجرد فضول ، احدهم ذكر ذلك ، هذا كل شئ "
سألته " من ؟ ، الكولونيل من جديد ؟ "
ذكر بلطف " لا اذكر ، ولكن إلى أى قسم ذهبوا ؟"
قالت بعدم اكتراث " الشمالى الغربى ، طريق يورث هيلاند ، لماذا ؟ هل تعرف المنطقة ؟"
تمتم بلا مبالاة ظاهرة " سمعت عنها ، تريدين المزيد من الشاى ؟"
قالت باختصار " كلا شكرا لك "
قال ليو " لقد جف شعرك "
هل انها تعانى من هوس الاضطهاد ؟ استراليا مكان كبير، وليس هناك من سبب حقيقى لافتراض انه يعرف اهلها ، ولكن مع ذلك ، لماذا لديها انطباع ان هناك يد خفيه تديرها ؟
" لكن حذاءك لا يزال مبتلا ..."
" حسنا لا يهم ، انها مجرد بضع ياردات واصل الى البيت "
قال برقه " ولكن لايوجد حاجه للازعاج اذا كان باستطاعتك تجنبها ، سوف اخرج السيارة "
كانت لاتزال تحدق فيه عندما سألته فجاءة " هل تعرف اهلى ؟"
سألها " اعرفهم ؟" وتقوس حاجباه باستغراب " لماذا على ان اعرفهم ؟"
تنهدت قائلة " لا اعرف "
سألها بلطف " انت مشتاقه اليهم ، الست كذك ؟" فأومات بابتسامه
" اذا لماذا لا تذهبين لزيارتهم ؟"
ردت مدافعة " سافعل " فى يوم ما حين تملك مالا كافيا ، والحقيقه انه لم يكن باستطاعتها الذهاب الى لندن فكيف الى استراليا
تابع بقصد " هل يعرفون عن ريان ؟، وانه قد احبك وهجرك اخذا معه كل مدخراتك ؟"
حدقت فيه مذعورة وانفجرت قائلة " لقد كان الكولونيل مشغولا بالثرثرة اليس كذلك ؟ هل تقوم القريه كلها باخبار اى غريب يأتى إلى هنا كل شئ عنى ؟ ويذكروننى وباننى شئ مستهجن "
امتلأت عيناها بالدموع ، وانتفضت مبتعده عندما حاول وضع يده بلطف على كتفها قائلة " أريد أن أذهب إلى البيت !" .
|