بحثت جوليت عن كلمات لترميها إليه وهو ينسحب ، لكن الكلمات لم تسعفها . بعد مرور لحظة أو اثنتين وكانت قد تأكدت بأنه لن يعود ، انقلبت ، ودفنت وجهها في نعومة الوسادة
وأطلقت العنان لانفعالاتها .
بعد لحظة ظهرت امرأة عند المدخل . كانت بدينة ترتدي الأسود وشعرها الرمادي يتدلى على ظهرها ،
وكانت تحمل صينية القهوة وتقدمت من سرير جوليت .
( صباح الخير ، سينيوريتا ، كيف حالك ؟) حيتها .
( مساء الخير ) أجابت جوليت بسخرية .
أخذت جوليت رشفة حذرة من القهوة . لكن هذه المرآ لم تكن هناك مرارة كامنة لتحذيرها . كانت ساخنة وعطرة وهي ما تحتاجه فقط ، ورغما ً عنها وجدت أن روحها المعنوية بدأت بالإرتفاع .
( شكراً ) قالت ، وأشارت إلى القهوة .
أنفجرت انونزياتا بفيض من الإيطالية . وجوليت تضحك وتهز رأسها مشيرة إلى أنها لم تفهم شيئاً .
انهت جوليت قهوتها بتنهيدة ارتياح واعادة الكوب الى الصينية . الشيء التالي للقيام به , كان الحصول على شيء ترتديه فكرت جوليت . استعملت القليل من كلماتها الايطالية والكثير من لغى الاشارة .
فاستطاعت ان تسأل انو نزيتا اذا كانت تعرف اين ثيابها ولراحتها اطرقت المرأة الاخرى برأسها بشكل مثير , وعيناها تضحكان وهي تعبر لها انها في شبابها عرفت مثل هذا الحب .
لم يمض وقت طويل حتى عادت انونزياتا , حاملة معها حقيبة ثياب التي عرفت جوليت انها كانت حقيبتها الخاصة . لكنها عندما اصبحت لوحدها من جديد وتمكنت من فحص المحتويات
وجدت انها كانت خليطا من ثيابها وثياب جين .
لم تكن لديها فكرة كم ستدوم اقامتها الجبرية مع سانتينو , كما توقعت , لك تكن هناك اشارة لمحفظتها الثمينه التي تحتوي على جواز سفرها ودراهمها .
السياسة المثلى . الوحيد فعلا في هذه الظروف تبدو بان تترك هذا الموضوع جانبا , عاجلا او آجلا , وادركت ان ماريو سيصل ويخبر شقيقه بان زواجه قد تم الآن , وبعد ذلك لن يكون لديه من سبب لحجزها لفترة اطول , ما لم يكن هو غاضبا من الخداع لدرجة قتلها ودفنها في الخليج .
فكرت في هلع , شيء واحد كان مؤكدا , هو انها لا تستطيع ان تتخيله بان يكون خاسرا ,
حالما ارتدت ثيابها , شعرت بانها ضائعه نوعا ما . افرغت حقيبة الثياب واعادت ترتيبها باتقان . تجولت بقلق نحو النافذه ونظرت الى الخارج .
البحر تحتها يشع كالزجاج والافق البعيد يتلألأ في الحرارة . ماذا يفترض ان تعمل ؟ البقاء هنا محجوزة حتى يكشف سانتينو الحقيقة ؟ عضت على شفتها .
على كل حال هناك البحر , وحيث يكون بحر , يجب ان يكون هناك شاطئ . هي بكل بساطة سوف تستمر في اجازتها وليذهب سانتينو الى الجحيم .
حالما تمددت على الوسائد , اغلقت عينها , محاولة استعادة رباطة جأشها , لكنها شعرت فجأة بانها لم تكن وحدها . فتحت عينيها , ورات سانتينو واقفا فوقها .
جلست في الحال , ودفنت بشعرها الى الوراء بيد دفاعية , آملة ان لا تظهر اية اشارة ضعف نحوه .
- انني استغرب لأجد انك مازلت في الداخل .
المح بعد لحظة صمت امتدت بينهما :
- ام هل انت خائفة بان شمس كالابريا الدافئة ستحرق بشرتك الجميلة .؟
هزت كتفيها :
- انها معيشتي على كل حال , ياسينور .
بجلس بجانبها على الكنبة , ومد ساقيه الطويلتين امامه وشفتاه تلتويان بشخرية وهو ينظر اليها .
لوحت بيدها لكي تصفعه , وتحطم السخرية من وجهه لكنه كان اسرع منها . اصابعه المتوحشة امسكت معصمها بقوة حتى شهقت , هذه المرة من الألم .
ابتسم :
- انا لا اعتبرك كفأرة , يا جانينا . بالنسبة للرجل , يجب ان تكون هناك دائما تعويضات في وجود امراة جميلة .
مد يدا كسولة وامسك بمعصمها الذي كانت لا تزال تفركه من شدة الألم :
- انت تصتبين بالرضوض بسهولة , ياحلوة ... ذلك شيء سأذكره .
لم تستطع الكلام للحظة , مذهولة من النية الواضحة في ابتسامتها , ثم بصرخة مخنوقة سحبت معصمها , محاولة تجاهل الرعشة الطويلة التي هاجمت جسمها عند ضغط فمه على يدها
لثانية شعرت بإغراء بأن تضع طول الكنبة بينهما , لقد كان قريبا منها لدرجة انها استطاعت ان تشعر بدفء جسمه .
لكنها عرفت ان مثل هذا العمل سيجعلها تبدو حمقاء وبدون كرامة . لكن في نفس الوقت كان عليها ان توضح له انها ليست لعبته .
- افضل ان لا تلمسني .
- لماذا لا ؟
وكأنه يتسلى :
- ليست هناك آلات تصوير او جماهير من المشترين المتهلفين للثياب الغالية كي تختالي وتعطري جسمك , مع ان بشرتك مالسه كالحرير ورائحتك هي رائحة الورود الدافئة . بما انني المشاهد الوحيد , فأعتقد بان ذلك سيكون لمنفعتي .
- حسنا , الامر ليس كذلك .
- لا تحاربي بقسوة ضد غرائزك ياصغيرتي .
الصوت الساخر بجانبها نصحها ببرود .
- ماريو ضائع على أي حال , لذا لن تكسبي شيئا بابعاد جسمك عني .
مد يده وامسك ذقنها بقوة وادار رأسها كي تواجهه :
- هل اطلب من انونزياتا ان توفر على نفسها التعب من اعداد غرفة اخرى لك ؟
اطلقت جوليت صرخة مخنوقة :
- لا ! تمسكت بأطراف بلوزتها وغطت صدرها معترضه :
- لماذا لا ؟
سأل بنعومة :
- قد لااكون على وشك ان اعرض عليك الزواج مثل شقيقي الابله , لكنك لن تجدينني غير سخي اعدك , لماذا تتهربين من شيء نحن كلانا نعلم انه لا مفر منه ؟
هزت رأسها بعنف . رفعت ذقنها وحدقت اليه , وعيناها تلتهبان بالتحدي :
- انا لااشك بانك رتبت كل شيء .
قالت مع رعشة خافته في صوتها لتقترح بانها لم تكن في سيطرة تامة على الوضع وعلى انفعالاتها :
- لكن شيئا واحدا يبدو انك اغفلته من حساباتك هو حقيقة انني اجدك انت وتقربك المهين محتقرين !
الصمت الذي تلى كلماتها الجريئة كان مكهربا .
- اذن انت تجدينني محتقرا , اليس كذلك , يا حلوتي ؟
نهض وقبل ان تتمكن من معرفة قصده مال عليها وامسك بقدميها وجرها الى جانبه , للحظة طويلة تزلزل الارض امسكها وسمح لها بالتعرف على قوته مقابل ضعفها .
لم تستطع جوليت ان تتنفس ولم تستطع ان تفكر , قبضته لم تتراخى لم يكن امامها الا ان تستسلم لطلبه .
كاستجابة لصلاتها , ابتعد الى الطاولة بجانب النافذة حيث كانت هناك زجاجات واكواب على صينية .
رفع احدى الزجاجات وفتحها , وتحول الى حيث وقفت جوليت كانها تحولت الى صخرة , وجهه الاسود بارد وساخر .
- هذا فاتح للشهية , يا صغيرتي .
قال والتسلية الخافته الكامنة في صوته تشدد على الغموض في كلماته :
- لكي تفتح شهيتنا للوجبة اللذيذة القادمة .
خدقت اليه للحظة وهي واقفه هناك , تتهكم على المضيف الودود , ثم سرت رعشة طويلة بطيئة في اوصالها وهي تبتعد , مرغمة ساقيها غير الثابتتين على اخذها عبر الغرفة الى الدرج .
والى الملجأ الهش للغرفة العلوية , وعندما اوصدت يدها القفل الحديدي الكبير للباب , سمعت كأنها في حلم صدى ضحكته التي تسللت وراءها .
جلست على حافة السرير تحدق الى الارض . بجانبها كانت هناك بقايا الغداء الذي احضرته اليها انوتزياتا , على صينيه . لا احد في حياتها امسكها بهذه القوة , قالت لنفسها بخجل , ولم يكن هناك ادنى عزاء لتعلم ان كل هذا في الحقيقة لم يكون لها بل لشقيقتها .
قد تكون ادعت بانها جين , لكن تجاوبها لجاذبيته من البداية كانت كلها مخبئ لها , وهي كانت حمقاء لعدم ادراك ان رجلا بخبرته مع النساء لن يسجل ذلك فتفاعلت طبقا لذلك .
اخر شيء كانت تتوقعه لتفاعلها الخاص ان يكون لتلك العذراء الخايفة , فكرت جوليت , الاثر للابتسامه غير المرغوبة ترتفع الى زاوية فمها الذي لا يزال مرضوضا .
ومع ذلك كان بالضبط ما كانت هي عليه وهو شيء ما لن تتمكن من اخفائه او ادعائه .