كاتب الموضوع :
وطن نورة ،،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇
.
.
# (٩) الفصل التاسع ،،
°
°
بدأتُ أخافُ من نفسي
أخافُ عليّ منِّي
لا أنا أنا
ولا أنا ذاك الذي أعرفني
أهرب بعيداً عني
حتى نسيتُ أني أنا إني
لا أنا الذي راجعٌ إليّ
ولا أنا هاربٌ مني
* منقول *
.
.
تعض طرف وسادتها كي لا يخرج أنينها الموجوع وصوت بكائها موقظاً النائم أمامها ..
كانت الدموع تنساب على خدها تسقط من عينيها تباعاً دون توقف.. دموع كبيرة بشعة وضخمة.. تنظر لوجهه المتعب حتى وهو نائم.. ترى تعبه من انعقاد حاجبيه وأنفاسه الثقيلة حتى ساورها الشك بأنه سيختنق..
نام من بعد أن أخبرها بما لم تتوقعه يوماً.. شكى لها ما رأى أخبرها عن كمية الرعب التي عاشها تلك اللحظة وهو يرى النار تلتهم المنزل الذي يطبق جدرانه على أهله..
كيف أنه من بعد تلك الليلة أصبح روحاً هائمة لا وطن لها..
نزل عليها اعترافه كالزلزال الذي زلزلها حتى سقط كل ضلعٍ من جسدها .. بكت منهارة تسمع شكواه يحكي بصوتٍ تتراقص حروفه خوفاً وحزناً من ذكرى تؤرقة.. حديثه مر على مسمعها كرواية خيالية،، كفلمٍ مرعب بنهاية مفتوحة..
حتى أنه ابتسم لها بأسى يراها تبكي : الحين مين اللي المفروض يبكي؟ أنا ولا أنتي؟
هلا بصوت مقطوع من شدة بكائها : يالله خطاب كيف يصير معك كل ذا ولا تعلم أحد؟
خطاب بهدوء : وإن علمت وش بستفيد؟ بيرجعون أهلي؟
بانفعال : شلون وش بتستفيد؟. موضوع مثل ذا كبير ماينسكت عنه أبد ولو علمت أبوي أو أمي على الأقل كان تحركوا س....
ليقاطعها بذات النبرة الهادئة : بيرجعون أهلي؟
عادت تبكي : لأ.
خطاب بأسى : أجل مافيه فايده..
بس الحين وش المفروض أسوي؟ موب قادر أفكر أو أتصرف..
هلا بملامحها المتورمة من شدة البكاء تنظر لوجهه تحاول أن تفهم نظرته : وش بتسوي يعني؟ بتذبحه؟.
زفر بأسى: أتمنى..
سكتت قليلاً نواقيس الخطر بدأت تُقرع بالقرب من أُذنيها.. حاولت أن تهتف بثبات : و إن سويت شي.. بيرجعون أهلك؟
نظر لها مطولاً لتردف : ماعمر انتقام الدنيا بيكفيك مهما سويت.. ومهما تجبرت وقسيت مصيرك تنتهي..
وكلّه رب العالمين.. مابينساك ولا بينساه..
أغمض عينيه : أنا التقيته يوم جا يوظف حفيدته وحسيت إن روحي طلعت مني.. هلا أنتي مستوعبه إني أشوف حفيدته يومياً؟.. أشوف بنت اللي وصّى بذبح أهلي قدام عيني كل يوم بدون لا أسوي شي؟ أحس إني بموت من ضعفي وقلة حيلتي..
ثم أردف بصوت تشبع باليأس: وش أسوي؟
فتح عينيه عندما وصله صوتها : طيب وبعدين خطاب؟
لتتابع ببطء وهي ترى انعقاد حاجبيه ونظرة الضياع في عينيه : بترتاح!!
بيرجعون اللي راحوا؟
بتبرد حرتك!!
طيب وبعدين ؟...
... بيرجعون اللي راحوا؟
لا توصخ يدك بعقاب دنيوي بسيط وانتظر وقفتك قدام اللي أقوى منه ومنك .. خذ حقك منه .. لا تخليه..
سكت ينظر لها.. لعينيها الملئى بالدموع.. لابتسامتها الحزينة وإحمرار أنفها.. فتح فمه يبحث عن شيءٍ ليقوله.. لكن لم يجد سوى أنينٍ تفجرت معه ينابيع عينيه... استلقى على ظهره يغطي عينيه بذراعه ويبكي كأنه للتو سمع بخبر وفاة أهله..
وقتها ولأول مره تشعر هلا بأنها عاجزة عن التصرف.. مقيده مسلوبة القوة.. كل شيء مر بخطاب في كفه.. وما أخبرها به الآن في كفة أخرى..
ضمت يدها بالقرب من فمها وشهيقها يكاد يمزق قلبها،، تحاول أن تلتقط أنفاسها كي لا تختنق.. تنظر لخطاب يبكي دون أن تفعل شيئاً ،، مقيدة تماماً تعجز عن الحديث أو حتى المواساة من هول ماسمعت،،
كانت تظن أن رؤيته لأهله يحترقون أمامه هو أصعب شيءٍ قد يمر عليه طيلة حياته.. لكن أن يكون الحريق الذي تسبب بفنائهم بفعل فاعلٍ رآه خطاب بعينيه هذا الذي لم تحسب حسابه أبداً!!!
يبدو أنه وفي النهاية،، لا أحد يحمي أحدًا من حزنه..
.
.
فتحت الثلاجة تبحث بعينيها عن شيء يسكت جوعها وما إن وقعت عينها على علبة الزيتون حتى وشعرت بيد ثقيلة تكتم أنفاسها وأخرى تلتف حول خصرها تعتصره كأفعى!
اتسعت عينيها بهلع وبحركة سريعة رفعت يدها اليمنى لتلكمه بكوعها أسفل ذقنه و تغرس أظافرها اليسرى بيده الملفوفه حول خاصرتها.. لم تكن تظن أبداً بأنها سوف تضطر يوماً لتطبيق ما تعلمته في دورات الدفاع عن النفس والتي كان يجبرها جدها على أخذها..
صرخ بألم ودفعها بعيدًا عنه وهو يشتمها بغضب..
استدارت ولم تمنع نفسها من أن تبكي من شدة الخوف ،، وعندما تعرفت على هويته من وجهه الأحمر شعرت وكأن قلبها سيخرج من مكانه..
تقدم لها في حركة سريعة : يابنت ال*.
لكنها ضربته أسفل خاصرته بركبتها قبل أن يقترب أكثر ليسقط على الأرض يتأوه و يتلوى من شدة الألم ..
كتم صراخه وقاوم الألم الذي فتك بجزئه السفلي.. تحامل على نفسه ومد يده يمسك قدمها عندما حاولت الهرب من أمامه لتسقط تتعثر في خطاها.. استدارت تزحف للخلف برعب تجلى في وجهها تحاول أن تسحب قدمها من بين يديه و عروق رقبتها بارزه بوضوح كأنها ستنفجر، كانت تصرخ و صوت بكائها وشهيقها يقطع النبرة المرتفعة الحادة..: عم.. عم.. عمييي.. عمي.. عمي لأ.. لأ.. لأ.. أنا دانة.. دا...
بغضب وهو يغلق فمها بكفه بعد أن سحبها ناحيته وبدأت تصرخ : اص.. انكتمي..
تعلقت عينها بعينه الدموع لا تتوقف بل أنها ازدادت حتى بدأت تحجب وجهه عنها..
هل هذه النهاية أم ماذا؟
عضت كفة بقوة حتى سحبها من بين أسنانها بعد أن صفعها غاضباً بكل قوته يقطع صرخته وكأنه يفرغ صراخه بضربها .. دفعته عنها تحاول بصوتها أن يخرج بكلمة واضحة : عمي عامر أنا دانة.. دانة... دانة بنت جابر.
أمسكها من معصميها وهو يراها تتلوى بين يديه : وش جابر يابنت ال*؟
زاد نحيبها : دانة بنت جابر أخوك..
ارتخت ملامحه المشدودة بصدمة : تخسين يالكذابة ..
: ووو.. و..والله ... العظيم.
دفعها بعيداً عنه وقفز من مكانه كالملسوع يعطيها ظهره ويركل الثلاجة بقدمه..
ضمت ركبها لصدرها ترتجف وتبكي بكل قوتها حتى أنها لا تستطيع الوقوف.. تنظر له برعبٍ وهلع يركل الثلاجة مراراً وتكراراً ويصرخ بصوتٍ مكتوم..
نظرت للخلف حيث باب المطبخ البعيد مغلق.. كان هناك أملٌ بسيط بأنx يكون أحد سكان هذا البيت الكبير قد سمع صراخها لكن العوازل منعت صوتها من أن يتعدى جدران المطبخ..
نظرت باتجاهه بسرعة وخوف عندما سمعت صوته : شلون بنت جابر؟ شلون؟
كان لازال يقف أمام الثلاجة.. ينظر لها بدون تصديق : جابر ماقد قال إن عنده بنت.. وابوي ماقال انك بنت جابر.
دانة بخوف : أبوي.. مايبي.. أحد.. يدري....
عقد حاجبيه ينظر لها ولوجهها المغرق بالدموع.. شهيقها يخرج متصلاً حتى أنه ظن بأنها ستختنق : طيب إهدي.. لا تخافين.
ثم بضحكة،، متوتراً : وش فيك ارتعتي يوم مسكتك أنا ماكنت ناوي أسوي شي أصلاً.. ظنيت إنك حرامي مادريت إنك دانة..
هزت رأسها تغمض عينيها بقوة تجاريه غير مصدقةٍ لقوله.. تشعر بأن أطرافها تنملت لا تستطيع أن تقف على أقدامها..
فتحت عينها على صوته لازال يقف مكانه ينظر لها بتفحص : أنا بروح.... و اللي صار قبل شوي سوء فهم لا تقولين لأحد عنه.. طيب؟
عادت تهز رأسها بقوة وانصياع تريد منه أن يخرج فقط..
عامر مبتعدا عنها : خلاص وقفي صياح،، شوفيني طلعت..
قالها يفتح باب المطبخ ينظر لها نظراتٍ غريبة لتبادله هي بنظرات مرعوبة..
ما إن اختفى من أمامها حتى وبدأت تحبو بسرعة -رغم صعوبة المهمة- حتى وصلت للباب.. اغلقته بقوة وأدارت المفتاح مرتين وبعد أن تأكدت من أنه مغلق انهارت بجانبه على الأرض تبكي من أعماق قلبها..
ركب عامر سيارته دون أن يغلق بابها.. ينظر أمامه بدهشة فما حدث قبل قليل أمرٌ لا يصدق..
دانة من ظن الجميع أنها زوجة والده هي في الحقيقة ابنة أخيه ؟
سرت رعشة بجسده عندما تذكر ماكان ينوي فعله بها.. وهي ابنة أخيه !!!... ابنة شقيقة الذي جاراهم بهذه الكذبة بكل اتقان..
ثواني مرت بعدها ارتفع طرف فمه بابتسامه ليرفع هاتفه ويرسل لجابر (احتاج أشوفك ضروري.. بجيك بيتك بعد العصر لا تروح مكان)
.
.
خرجت من دورة المياه تجفف وجهها الشاحب وعينيها شديدة الإحمرار.. لم تنم سوى ساعتين ولم تكن كافية مريحة أبداً..
لم تجد خطاب بجانبها عندما استيقظت،، قلقت خصوصاً أن الوقت كان مبكراً والساعة لم تتجاوز العاشرة صباحاً في يوم السبت..
جلست على الأريكة ترفع هاتفها تنوي الاتصال عليه وما إن وضعت الهاتف على اذنها حتى سمعت رنين هاتفه..
تلفتت حولها باستنكار حتى فَتح باب المنزل ينظر لشاشة جواله عاقداً حاجبيه..
وقفت : خطاب وين رحت الله يهديك قلقتني عليك!..
ابتسم لها بهدوء وهو يغلق الباب خلفه .. يرفع أكياساً بيده : طلعت اجيب لنا فطور..
زفرت براحة وهي تتأمله بتوجس وتتأمل لباسه الذي وكما يبدو ارتداه بدون وعي من تنافر الألوان الواضح بين البنطال الرياضي والتيشيرت..
اقتربت منه تأخذ الأكياس : تبي شاهي؟
هز رأسه ومشى بخطى بطيئة ليرتمي على الأريكة بتعب : سوّي..
خرجت من المطبخ بعد أن انتهت تحمل بين يديها صينية الإفطار وبالها ليس معها أبداً.. تفكر بطريقة وحديث باستطاعته أن يخفف الهم الذي رأته بوجهه قبل قليل.. يبدو متعباً وكأنه لم ينم قط.. حتى ابتسامته تبدو متكلفةً جداً لو لم يبتسمها لكان أفضل..
جلست على الأرض كما اعتادا ونظرت له لازال يتمدد على الأريكة يده تحت خده الأيمن ينظر لها مبتسماً ابتسامه بالكاد تُرى لتبادله بابتسامه مماثلة وهي تشير أمامها : تفضل طال عمرك؟..
ضحك لها بخفوت واعتدل جالساً لازال على الأريكة.. عقدت حاجبيها مستنكرة: ماتبي خطاب؟
خطاب بهدوء : وش فيه وجهك؟
وضعت يدها تتحسسه بقلق : وش فيه؟
سمعت تنهيدته وتعلقت عينها به عندما وقف متحركاً من مكانه ليجلس أمامها بينهم الصينيةx .. لم ينظر لها بل قال بنبرة هادئة يتلهى بتحريك الملعقة بكوبه : ما نمتي؟
هلا : إلا الحمدلله.. أنت نمت؟
لازال على وضعه : مم..
عم الصمت المكان .. خطاب يراقب الحركة التي سببتها الملعقة في الشاي وهلا تراقبه حتى رفع رأسه لها وعندما لمح القلق والخوف في عينيها ابتسم لها بأسى ..
هلا بسرعة : خطاب إذا أنت تعرفه زين روح بلّغ عنه..
خطاب : وش الإثبات على كلامي؟ هذا إذا ما اتهمني بتلفيق تهمه.x
هلا بتوهان : شوف زيد.. أكيد بيساعدك..
خطاب بيأس : وش دليلي هلا؟ أنا ماعندي دليل غير عيوني اللي شافت يوم كان عمري ثمان سنوات.. وغير كذا ماعندي شي.
ارتعشت شفتيها رغماً عن الثبات الذي كانت تتصنعه : يالله..
مسح على شعره بهم وهو يستمع لنشيجها الذي تحاول كتمه : والله آسف،، كان المفروض ما أقولك ب..
لتقاطعه بإنفعال وهي تمسح دموعها : والله إن عتبي الوحيد عليك إنك ماقلت لأحد عن هالموضوع من بدري..
خطاب بسرعة : لا تقولين لأحد هلا..x الله يخليك!
هلا بعتب : مع إن ما أدري ليه تبي تخفيه لكن عمرك قلت لي شي وخبرت به؟
هز رأسه ينفي اتهاماً كهذا.. لتردف بعطف : وش قررت تسوي طيب ؟ والله عجزت أنام طول الليل أفكر..
مرت ثواني ثقيلة ليردف بعدها خطاب بضيق واستسلام مميت في نبرته : فوّضت أمري لربي هو اللي بياخذ حقي.. أما أنا فما بيدي حيلة...
عم الصمت مجدداً واستمر كلاهما ينظر لفطوره دون أن يلمسه حتى أصبح باردًا.
.
.
ما إن دخل جابر مجلس منزله حتى ورأى أبناءه يلتفون حول عامر.. يصرخون بحماس لشيءٍ يفعله بهاتفه. في حضنه يجلس أصغر أبناءه سلطان وعن يمينه ويميل عليه ابنه الأوسط راشد وعن يساره أكبر أبناءه والذي لم يتجاوز التاسعة بتال..
جابر : بتال خذ اخوانك و ادخلوا داخل..
بتال وعينه لازالت على شاشة عمه : بابا بس شوي بنخلص القيم أول..
عامر رافعا نظره له : وعليكم السلام.. داخل على يهود أنت؟
ليهتف راشد معترضاً : عمو كمل ليه وقفت؟
جابر بزهق واضح جلس : داخل أشوف.. بسرعة!!
تأفف بتال وخرج متحلطماً ليتبعه راشد مقلداً في مشيته وتأففه شقيقه الأكبر..
ولم يبقى سوى سلطان ذو الثلاث سنوات ينظر لوالده..
جابر مبتسماً رغماً عنه يشير بيده للباب : وأنت بعد داخل ..
رفع سلطان رأسه ينظر لعامر .. ثم عاد ينظر لوالده يرمش بعينيه لم يعي حقاً مقصده..
قبّل عامر خدّه بقوة وانزله دافعاً إياه من ظهره ليتعثر قليلاَ ثم يركض للداخل بخطى متخبطه : روح لبتال..
ما إن خلا المكان حتى نظر لجابر : وش أخبارك؟
جابر: زين. وش عندك راسل لي آخر الليل ما أظن جيتك ذي عشان تسأل عن أخباري !!
عامر بابتسامه : شفت دانة؟
جابر بملل حقيقي من كثرة الحديث عنها : يا ذا الدانة اللي اشغلتنا فيها أنت وأخوك؟ وش فيها بعد ؟
لازال مبتسماً : أبوي يقول إنها موب زوجته!
بردت ملامحة : وشو؟؟
عامر : سألته زوجتك قال لأ.. وأمس كنت في بيته وشفتها تتمشى قدامي بقميص النوم ولا قدرت أمسك نفسي و،، وتهجمت عليها..
ارتفع صوته بحده : ايشش؟؟؟
عامر رافعاً يديه باستسلام مبتسماً : يعني مو زوجة أبوي،، ومستحيل تكون بنته،، بأي صفة قاعدة في بيته؟ أكيد إنها من اللي بالي بالك!! مو ذنبي والله البنت كيكة ماتتفوت بصراحة لذلك ت..
بترت كلمته ورجع بجسده للخلف قسراً عندما هجم عليه جابر يضع يديه حول عنقه ويضغط بركبته اليمنى على صدره بقوه : حيوان أنت؟؟ وإذا ما كانت زوجة أبوك تقوم تتهجم عليها؟؟ حيواان أنت حيواان؟
أمسك بمعصميه يحاول إبعاد يديه : يوم إنك خايف عليها للدرجة ذي ليه ماقلت لنا من أول إنها بنتك؟ هاه؟
تراخت يداه وهو ينظر له باستنكار وقلق ..
عامر بابتسامه مستفزة : أجل عندك بنت مثلها ولا تعلم؟ يالئيم، يالئيييم أخوانك حنا بنفرح لك. هذي كيف جبتها بالله عليك؟ ومتى؟ يخرب بيتك على هالإنتاج!!!
ابتعد عنه ضاغطاً على ضلوعه بركبته بكل قوة : وش تخربط أنت؟
عامر بتأوه : لو ماقالت لي إنها بنتك كان ال...
ثم صفّر وأردف مستمتعاً يمسد صدره و يرى وجه شقيقه الأكبر متورطاً : طاااار!!
بإنفعال وصراخ عاد يخنقه مجدداً : سويت فيها شي يالكلب؟؟
هذه المره دفعه عامر بعيداً عنه يكح يلتقط أنفاسه : تطمن.. دافعت عن نفسها وجلدتني قبل لا أسوي شي..
جابر بقهر : كفوك ليتها ذبحتك يالخسيس..
أبوي وينه عنها الله ياخذها؟
عامر : أبوك ما أدري وش تحت راسه يوم إنه ماقال لنا ذي مين!!
وش يخطط له وليه أنت ماقلت إن عندك بنت؟ أنت مستوعب إني كنت بجيب العيد في بنتك؟؟
جابر بانفعال وغضب وهو يركله في ساقه : الله لا يوفقك ياشيخ.. ماقلت لأني ما أبي أحد يدري.. وإن طلع الموضوع لأحد بعرف إنه منك وساعتها مابيرحمك مني أحد..
ضحك : تهدد بعد ؟
صرخ : عااامر.
رفع حاجبه : اشتري سكوتي طيب.. أنا ما أضمن لساني بصراحة..
جابر بقهر : صدق إنك خسيس.. أخوك أنا يالنذل.. تبتزني؟؟
رفع كتفيه : أبتز أبوي لو لزم الأمر.. يعني وش تبيني أسوي يا قلبي ؟ مضطر.. فرصة وجات لين عندي إذا ما استغليتها صح أصير حمار..
يرضيك أخوك يصير حمار وتصير أنت أخو الحمار؟
ثم أردف ضاحكاً عندما رأى نظرات جابر الغاضبة : وعشان أبرّي ذمتي بس،، ترا فارس كان معي يوم درينا إنها موب زوجة أبوي.. يعني إنتبه على بنتك منه ماتدري يمكن ابليسه أقوى من ابليسي ويقدر على مهارات بنتك القتالية..
جابر والغضب سيفجّر عروقه : ليه؟؟ تحسب فارس سافل مثلك؟
رفع يديه باستسلام يهتف ببرود : ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد .
.
.
كان يتفحص ملامح حفيدته بقلق.. لا تبدو بخير أبداً من وجهها الشاحب لطريقة ربطها لشعرها القصير بشكلٍ مهمل وتناثر الخصل على وجهها دون أن تكترث بأبعادها حتى..
عقد حاجبيه يراها تحرك ملعقتها في صحنها بسرحان تجمع الأرز ثم تعيد نثره..
صرخ بصوت عالي : ثيرماالا..
أتت العاملة تركض ليشير لها بيده على الأطباق الموضوعة على المائدة ينظر هذه المره لعيني دانة عندما ارتفعت له بفزع مستنكرة صراخة : شيلي الغدا..
بدأت تجمع الأطباق تأخذ الصحن من تحت دانة التي قالت بهدوء : ليه جدي؟ أكلك مثل ماهو ما أكلت شي .
منيف بدون مقدمات : وش فيك؟
تحسست رقبتها تهرب من عينيه : مافيني شي.. بس ما اشتهي..
عقد حاجبيه باهتمام وحنو : دنِّي وجهك أصفر!! قومي اوديك المستشفى.
شعرت بعبرتها تتجمع في حلقها : لا جدي مايحتاج،، أخذت مسكن وبيهدا الألم شوي..
انفرد حاجباه عندما توقّع مافيها.. رغم أنه ليس فيها..
ليزفر براحه: طيب قولي لهم يسوون لك شي دافي تشربينه.
دانة بهدوء : ان شاءالله...
رفعت بصرها مجدداً بعد ثواني لتراه لازال ينظر لها بتفحص..
ابتلعت ريقها تبلل شفتيها بلسانها وبصوت مبحوح : جدي أبي أطلب منك طلب ممكن؟
ابتسم: أنتي تامرين..
ابتسمت له تجامل ابتسامته : أبيك تقول لأبوي يعلم جدتي وأخواني و.. أعم.. أعمامي عني!!
خرجت كلمتها الاخيرة مقطوعه مرتجفة الأحرف عندما رأت تغير لون وجه جدها واحتداد نظرته.. ارتفع حاجبيه : ليه؟ وش تبين فيهم؟
دانة بضيق : شلون وش أبي فيهم جدي؟ هذول أهلي إلى متى مايعرفوني؟
منيف بزفرة ونرفزه: أبوك مايبيهم يعرفونك..
دانة بتعب : جدي أنا مو بنت حرام عشان ينبذني بهالشكل..
هو كان متزوج أمي زواج شرعي وجيت بطريقة شرعية ليه مايبي يعلم الكل إني بنته؟ ليه متفشل مني ولا يطالع بوجهي حتى؟
سكت قليلاً تتعبه نبرتها والتماع عينيها : وش طرى عليك عشان تفتحين هالموضوع الحين؟
مسحت بكفها الدمعه التي سقطت رغماً عنها : لأني تعبت. شافوني عيالك عندك ولا قلت لهم علاقتي فيك.. ما تخاف يظنون فيك وفيني شي شين في كل مره يشوفوني فيها معك؟
منيف بقوة : عيال الجازي كلاب ذممهم وسيعة إن جلستي تدارين كلامهم بتتعبين.. ماعليك بأحد دامي معك..
دانة بأسى : جدي تكفى.. عشاني حاول معه يمكن يلين راسه ويقتنع..
لكن منيف لم يعطيها رداً بل وقف يبتعد عن المكان غاضباً ليتركها تبكي بصمت وهي تتذكر الجريمة التي كان سيرتكبها عمها بها البارحة..
.
.
في غرفته الموجودة بمنزل والدته.. كان يتمدد على سريره ينظر للسقف إحدى يديه تحت رأسه والأخرى يحركها أمام وجهه يغطي بها الإنارة المسلطة عليه تارة،، ويبعدها عنها تارة أخرى في محاولة منه لتشتيت تفكيره..
كان يهرب بتفكيره عن شيءٍ يخشى أن يعترف به لنفسه.. أو أن يجعل التفكير به شيئاً طبيعياً فيعتاده..
عندما رآها أول مرةٍ لم تكن سوى امرأة بملامح بريئه شديدة الجاذبية.. جسدها يبدو صغيراً ضئيلاً بجوار جسد والده مما جعل النظر إليها لا يقاوم.. طرد هذه الأفكار من عقله ونفضها عنه واستقبح مجرد التفكير بها فهي في النهاية تبقى زوجة والده..
وهذا ما كان يظنه حتى رآها مرة أخرى.. ظن أنه أخرجها من عقله حتى رآها تنظر له وكأنها تعرفه دون أن تخاف كما حصل أول مرة رأته فيها،، و ابتعادها عن المكان عندما رأت شقيقه جعل قلبه يركض خلفها حتى عندما حاول منعه .
لازالت فكرة أنها زوجة والده وأن التفكير بها هكذا غير مقبول بتاتاً ولا يجوز نهائياً هي ما يحاول أن يقنع نفسه به ولكن عندما صرّح والده بأنها ليست زوجته هُدم كل شيء لتبقى مشاعره وحيدةً تواجه كل هذا..
ابتلع ريقه واستدار على جانبه يزفر بضيق.. حاول أن يغذي خياله بزوجته التي لم يبقى على حفل زفافه منها الكثير لكن ما إن يستقر وجهها في ذاكرته حتى ويتلاشى بسرعة تستبدلها طفولية و وجه خائف ..
: عمو فارس..
التفت حيث ابنة أخيه منصور "نادين" ذات الست أعوام تقف عند الباب تنادي اسمه مبتسمة : أمي الجازي تبيك.
اعتدل جالساً : وينها؟
نادين : بالصالة تحت..
وقف متقدماً نحوها ما إن اقترب حتى رفعت يديها له ليحملها بين يديه بسهوله وخفه : أمك عندها ؟
هزت رأسها تنفي ليبتسم مقبّلاً خدها : مشينا أجل الله يستر وش تبي..
معصبة ولا رايقة؟
نادين بتفكير : مغطيه وجهها ما شفت.. بس كانت تصارخ ..
قلّب شفتيه باستغراب وخرج من غرفته يتبادل حديثا طفوليا معها إلى أن وصل لمكانها حيث تجلس حولها عاملات أحد الصالونات المعروفة من الجنسية الفلبينية إحداهن تقف خلفها تدلك أكتافها وإثنتين يقلمن أظافرها و وجهها مغطى بقناع أبيض جعله يكتم ضحكته : نعم يمه؟
فتحت عينيها تنظر له : وينك من جيت دخلت غرفتك ولا طلعت؟
لازال واقفاً يحمل نادين : أنتي موب فاضية لي.. فيه شي؟
الجازي : مافيه بس اقعد عندي سولف علي..
رفع حاجبيه : من جدك؟
الجازي بصرامة : ايه اقعد أشوف..
جلس على أحد الكنبات بعيداً عنها : غريبة وينه منصور عنك؟
الجازي عادت تسترخي تغمض عينيها : طالع ولا كان شفته جنبي مايفارقني.. مو أنت تتهرب عن القعدة معي..
ضحك : بعد قلبي يالجازي مالي غناه عنك..
فتحت أحد عينيها تنظر له مبتسمه : تبيهم يسوون لك أظافرك؟
.
.
لازالت لا تعرف العلاقة التي تجمع جدها بقليل المروءة الجالس في الأسفل..
كانت دانه خلف نافذة غرفتها التي تطل على ساحة المنزل الخارجية حيث جدها و بدر يجلسان في الجلسة.
كان بدر وسيماً جداً و أنيقاً جداً جداً بثوب كحلي خصوصاً وأن الجو قد بدأ يبرد.. شعره الكثيف يتحرك مع الهبوب ونظارته الشمسية تغطي عينيه.
ابتعدت عن النافذة تزفر بقرف فمهما كان وسيم الملامح يبقى شيءٌ فيه غير مريح أبداً..
بدر : راعي البضاعة اتصل علي.. يقول خلاص كل شي جاهز للتسليم.
منيف : تأخر فيها لكن مافيه مشكلة.. متى توصل؟
بدر بهدوء : هي المفروض توصل قبل بس كنت انتظر أوراق الصالونx تخلص وبعدها عطّلني الحادث.. على نهاية الأسبوع بتكون هنا لذلك كلم لنا جماعتك اللي بالجمارك يمشونها بدون قلق.
ابتسم له : جماعتي مستعدين ماعليك.. وبعدين علب شامبو وأشياء صالونات بيسوون عليها قلق ليه؟
زفر : لأنها لو طاحت بيد غيرهم وفتحها وشاف اللي داخلها أنا اللي بروح فيها.. بس حط في بالك أنا ما أطيح لحالي..
ضحك من أعماق قلبه: أفا مافيه ثقة يعني ؟
بدر بجمود : الصالون باسمي والبضاعه جايه باسمي تحسب اني موب فاهم حركتك يوم تطّلع اسمك من الشغلة المشبوهه ذي؟ لكن ماعليه القرشين اللي بتجي منها تغري الواحد يغامر..
وضع قدماً على الأخرى ينظر لبدر قليلاً ليهتف بعدها : لا تخاف دامك تمشي معي ماعليك شر.. وأبشر بدل الريال بيجيك مليون.. وبدل المليون عشرة بس خلك معي.. و ذا كله ولا شي،، اللي بيوصل الحين شوية حبوب ما تسوى ذيك القيمة لكن إن جات البضاعة الثقيلة أبشر بالملايين من أول بيعة..
بدر وعقله في سباق يتخيل دانة وماتفعله داخل المنزل في هذه اللحظة : نشوف..
.
.
مضى أسبوع ونصف منذ أن سمع خالد بإسم امرأةٍ تدعى ضي..
ويومان منذ أن أخبرته والدته بأنها اتصلت على أختها الكبرى غيداء وأخذت منها موعداً بعد أن لمحّت لها غرض الزيارة،، يومها كان خالد في -لوبي- أحد فنادق كوريا الجنوبية يحتسي قهوته التي كاد يشرق بها من فرحته بما سمع..
واليوم خالد يركب سيارته.. جواره والده وفي الخلف أمه وهلا متجهاً في طريقه لمنزل أبو غيداء..
خالد بسعادة طاغية : رجاءً هلا احفظي شكلها زين عشان توصفينها لي أخاف ماتعجبني..
سلوى بسرعة : ماتثق بذوقي ؟
ابتسم ينظر من مرآته لهلا الصامته منذ أن ركبت : يمه مع كامل احترامي لك بس ذوقك نفس الأوليين تعجبك البيضا المربربة اللي شعرها طويل وناعم .
سلوى : وليه كيف ذوقك أنت طال عمرك؟
اتسعت ابتسامته : أبيها طويلة ونحيفة وسمرا يمه وتكون هيبة هيييبة من أشوفها تضيع علومي وشعرها مافيه مشكلة بس اهم شي لا يجي أقصر من شعري ويفضل يكون كيرلي مايعجبني السايح مره..
سلوى تسايره : إن شاءالله ،، وتبيها تكتب باليسار ولا اليمين؟
خالد بتفكير : والله تصدقين ماقد فكرت فيها..
سلوى بغيض : أقول سوق و أنت ساكت بس.
تركي براحة فسعادة خالد معديه : ماعليك منه دايم اللي يتشرط يرضى بأي شي..
خالد بصدمة : لا تقول!
سلوى : مير يرضى ولا ما يرضى أنا قد لمحت لأختها وقالت حياكم لا يقعد يحرجني مع العالم..
خالد يلقي نظرة أخرى لهلا الصامتة : هلا افزعي لي تكفين إن كانت مو مثل ما أبي علميني..
لكن هلا لم تكن معهم أبداً.. كان تفكيرها مشوشاً تشعر بالقلق الذي لم يفارقها طيلة الأسبوع المنصرم.. قلق سببه خطاب الذي أصبح صامتاً سارحاً أغلب الوقت.. باتت تخشى هذا السكوت وتخشى عليه من أن يهوي به تفكيره لوادٍ مظلم.. فهو كما صرح تلك الليلة يرى ابنة الجاني يومياً.. وحتى مع نفيه بأن يفعل به شيئاً مؤذياً لا تزال غير واثقه من كلامه..
.
.
لطالما كانت حنين جناحاً مكسوراً.. هذا ما تؤمن به حقاً..
حياتها في منزل والدها لم تكن كما تتمنى أي فتاة.. وحياتها مع بدر لم تكن كما تمنت وهي عزباء.. حتى أنها حاولت أن تصفح عنه وتدمح زلاته في كل مره..
كانت تجلس في الجلسة الموجودة بغرفة نومها تتصفح موقعاً في هاتفها عندما دخل بدر غاضباً ليجلس على الأريكة الأخرى ثم يقفز بعدها يلقي بشماغه ويمتر المكان أمامها ذهاباً وإياباً..
استرقت النظر تراقبه تحاول أن تتحكم بقلقها من زفراته الغاضبة ولسانها يلح عليها بأن تسأله عما يغضبه لكن الحروف علقت في طرفه عندما وقف أمامها ينظر لها يهتف بجمود : أنا قررت أتزوج..
كان بدر غاضباً حقاً مشحوناً بالغضب بعد أن تعثرت أحد صفقاته التجارية وهو رجل الأعمال الناجح و الذي يراهن الجميع بنجاحه.. يريد أن يفرغ غضبة بأي شيء -ومن أفضل من حنين لفعل ذلك- ،، وكم يتمنى أن تستفزه كي يضربها -حتى وإن كانت هذه المره الاولى التي سيفعلها بها-
حنين بصدمة رغماً عنها : تتزوج علي؟
رفع حاجباً متهكماً : أجل على أمي؟
رمشت أكثر من مره تبتلع ريقاً جافاً مر كأنه موس ليجرح حلقها ، مع ذلك قالت تتصنع القوة رغم أن صوتها خرج مجروحاً : تزوج حد ماسكك؟ خذ عشر لو تبي عليك بالعافية..
ارتفع حاجبيه باستنكار : كلام جديد ذا!!
حنين وكل خليه فيها ترتعد : وش كنت متوقع يعني اطيح على رجلك وأقعد أصيح؟
بدر : هذا اللي أنا متعوده منك..
زفرت تكتم غيضها : هذاك أول أما الحين خلاص ماعادت تفرق معي..
رفع حاجبه بتحدي : صدق؟
حنين بقوة ظاهرية : إيه..
ابتسم ببرود : أجل أنتي طالق..
كانت ولازالت حنين تؤمن بأنها جناحٌ مكسور بحظٍ سيء ولم تتوقع يوماً بأنها في أول تجربةٍ لها في تصنع القوة سيحصل شيءٌ كهذا!!!
.
.
بالأمس خرجx خالد من منزل من ستكون خطيبته،، والدته غير راضية بما حصل أبداَ فكما فهم من كلامها بأنهم لم يروا ضي وأن أخواتها بدأن يتلككن يضعن أعذاراً واهيه لم تقتنع بها أبداً..
لتتحدث هلا بهدوء تقطع تحلطمها : يمه البنت عذرها معها يمكن تعبانة.
سلوى بعدم رضا: واذا تعبانة؟ تنزل شوي نشوفها تسلم وتروح،، لا تقعد .
خالد بهدوء : حصل خير يمه.. خيره إن شاءالله..
سلوى: مير من العوابه بذا الجيل اللهم يا كافي.
خالد بضحكة محاولاً تغيير مزاجها : لا تقولين عن المدام عوبا يمه ترا ما أرضى.
هلا بحماس : اتفقتوا خلاص؟
ليجيبها والدها بابتسامه : يعني تكلمنا مبدئياً..
سلوى بقلق وضح بنبرتها : ليتني دقيت عليك اقولك تنتظر..
التفت لها خالد بعد أن وقف للاشارة.. مستنكراً : ليش ؟ هذا وأنتي راضية وتمدحين؟ صاير شي غير انها ما نزلت لكم؟
سلوى: كنت ابي هلا تشوفها أول.. أخاف إنها ماتعجبك..
ضحك براحة : وش لي برأي هلا وأنتي يانبضي شفتيها وأعجبتك؟
تكفيني شهادتك والله العظيم.. لا تشيلين هم لو لي خير فيها الله بيسهلها وأبوها قال نشاور البنت ونرد لك.. يعني مافيه شي اكيد للحين.
قال ماقاله مبتسما ثم نظر أمامه لتتلاشى ابتسامته يعقد حاجبيه بقلق.. مع أنه بجميع الحالات كان سيكتفي برأي والدته وأخته،، لأنه لم يكن سيطلب من والدها أن يراها -رغم جواز النظرة شرعاً- وهذا ما تحدث -وتجادل- به مع هلا قبل أيام..
.
كان يملي عليها مواصفاته حتى قاطعته بملل : خلاص خالد نفخت راسي!!! بدل هالقلق شوفها وريّح بالك.. ترى نظرة الرجّال غير عن نظرة الحرمه وفيه قبول بعد أول نظرة يمكن ما ترتاح ياخي..
خالد بإصرار : مستحيل.. حنا بعايلتنا ما عندنا هالحركات و اللي ما ارضاه على أختي منيب راضي به على بنات الناس..
قلبت عينيها : عن الكلام اللي ماله داعي هذا وانت متعلم و واعي تقول كذا اجل وش خليت للباقي؟ النظرة مافيها شي و جايزة من عند الله ورسوله.. من أنت يا خالد بن تركي عشان تعترض؟؟
خالد بزفره : أنا بس أحط نفسي مكان أبوها.. ادري إني لو طلبته موب رافض لكن أنتي لو كان محمد وقتها طلب يشوفك ولا حتى خطّاب كان توطيتهم هذا وهم ولد عمي و ولد خالتي عارفينك وعارفتهم.. فما بالك برجّال غريب يدخل يتمقل في بنته ؟ وبعدين فرضاً لو ماعجبتني بقول لا خلاص شكرًا وأنا قد شفتها وشبعت شوف ؟
هلا باعتراض : أما إنك غريب ياخي ما اقول غير الله يعين بناتك على هالتفكير يالحجري!!
ضحك : الله يسترها بس ،، على وقتهم ماتدرين أخاف هي تجي تقول ابوي حبيبي بكرة بيجي خطيبي ابيك تقابله.. حنا اوريدي اتفقنا.
.
واليوم بعد أن فاض الجميع من صلاة العشاء بنصف ساعة يجلس في مجلس والدها الذي كان يجلس فيه البارحه بعد أن وصله اتصال منه يطلب قدومه وحيدًا.. الاستغراب سيفتت داخله لا يعلم سبب هذا الاستدعاء بهذه السرعة حتى أن الأفكار والظنون بدأت تسّيره وتلعب به لا يعلم هل هي موافقة مستعجله عليه أم رفض مستعجل لطلبه؟ وإن كان رفضاً لماذا لم يخبره عن طريق الهاتف -كما جرت العاده- دون عناء حضوره؟
رفع عينيه للرجل المسن أمامه بلحيته البيضاء وملامحه الوقوره التي يعتليها الضيق ..
" أكيد إنها رفضت،، الرجّال وجهه أسود.. يافشلتك يا خالد "
لكن صوته الذي خرج بثبات قطع مواساته لنفسه الداخليه : والله ما أدري وش أقولك ياولدي ياخالد بس البنت تبي نظرة شرعية..
ارتفع حاجبيه باستنكار وضم شفتيه بتعجبٍ من طلبٍ كهذا ولولا العيب والملامه لكانت "اووووف" خرجت منه بصوتٍ عالي..
أبو غيداء بحرج واضح عندما وصلته نظرة خالد المستنكره : البنت الله يهديها ملزمه..
خالد وفتيل الحماس قد اشتعل في داخله تطلعاً للجريئة التي غلبته بطلبٍ كهذا لم يتوقعه أبداً : حقها ياعمي مافيها شي.. وأنا والله إني شاري قربك وبإذن الله الموضوع بيتم..
ارخى بصره يتمتم : الله يكتب اللي فيه الخير.. تعال وأنا عمك المقلط.
ما إن استقر جسد خالد على أريكة الغرفة الأخرى حتى وبدأ يشعر بتوتر مفاجئ جعل من كفوفه تتعرق.. ابتلع ريقه ما إن خرج والد غيداء وبدأ بصره يتجول في الغرفة البسيطة في محاولة فاشلة لتشتيت توتره.
اعتدل جالساً يتنحنح يعيد ترتيب شماغه أعلى رأسه يهتف لنفسه : شدعوة خالد اصلب عمرك البنت احسن منك يعني..
لكن لا جدوى خصوصاً بعد أن شعر بألم طفيف -ارجعه للترقب- يغزو معدته..
عاد يبتلع ريقه وقبل أن تنجح أصابعه في فتح زر ثوبة العلوي حتى و وصله صوت أبو غيداء : تعالي ضي.. اعذرنا خالد ابطينا عليك..
ارتفع بصره وما إن ابتعد الرجل لتظهر له التي تقف خلفه عينها للأرض حتى وشعر بأن قلبه أجتثّ من بين أضلعه .
.
.
قبل ٣ ساعات..
شعرت بقلبها يهوي لأخمص قدميها عندما وصلتها نبرته الهادئة لا تعلم هل هذا تأثير الخوف أم تأثير نبرته.. يقول بكل جديه : إذا تقدمت لك،، تقبلين بي؟؟
.
.
.
# نهاية الفصل التاسع ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..
> الجزء القادم فيه خطبتين أحدها تفشل فشلاً ذريعاً والأخرى تبقى معلقه حتى حين..
نلقاكم على خير إن شاءالله يوم الأربعاء مع الفصل العاشر..
قراءة ممتعة جميعاً :) <
|