كاتب الموضوع :
وطن نورة ،،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇
.
.
# (٥) الفصل الخامس ،،
°
°
◇ ولو سألتني عنْ الحبِّ..
لحدثتُك كيف يحولُ شخصٌ واحدٌ فقط ،،
برسالةٍ واحدةٍ فقط ،،
بكلمةٍ واحدةٍ فقط ،،
حياةَ شخصٍ آخر .. من العدم إلى الوجود ..
كيف يعيدُ إليهِ..
رئتيه ،،
وملامحه ،،
وضحكته ،،
وشعوره بالرغبة في الحياة أكثر.. ◇
.
.
يكاد قلبها يخرج من مكانه.. تشعر بضرباته السريعة تضرب رأسها من قوتها..
تتمنى لو كان بيدها السيطرة على ابتسامتها.. أو مثلاً السعادة الواضحة من عينيها.. لكن لا قدرة لها على ذلك..
لا تستطيع إخفاء شعورٍ صادق لشيءٍ تمنته منذ سنوات..
أعادت خصلاً من شعرها خلف اذنها بحياء واضح من نظراته المبتسمه.. لا ضير في معرفتة شعورها وفرحتها به من أول دقيقة جمعتهما سوياً.. هو قد عانى كثيراً يستحق من يضحي بكل شيء لأجله..
رفعت بصرها حيث كان يجلس أمامها على الطاولة التي أصبحت قريبة منها حيث جسدها يستقر مرتعشاً على الأريكة ..
لا تستطيع أن تبعد عينيها عنه أبداً..
انتهى الزفاف وها هي الآن يجمعها به مكان واحد.. الارتباك يكاد يقتلها ونظراته لها لا تفعل شيئاً سوى أنها تزيد من خجلها وكأن كل ماقامت به سابقاً من اتصال وطلب زواج لم يكن سوى خيالاً ..
يجلس على الطاولة ذات الأرجل القصيرة أمامها، بشته ملقى بجانبه ينظر لها بابتسامه وكأنها كفيلة بشرح كل شيء .
ترى مشاعراً تقفز من عينيه حتى أصبحت جليةً واضحةً في صوته : هلا.
همست وهي تخفض بصرها ولا تعلم إن كان صوتها تعدى مسمعها ليصل له أم لا : سم.
عاد ينادي بنبرته الرجولية التي ينفرد بها عن غيره.. تضرب أوتار قلبها مباشرة : هلا.
فأجابته محاولة رفع نبرتها قليلاً : سم.
شيئاً يشبه الابتسامه خالط صوته : هلا؟
رفعت عينها له هذه المره وأجابت بخجلٍ بالغ : لبيه؟
اتسعت ابتسامته فشعرت وكأن شعاع الشمس يخرج من عينيه ليقول بهدوء : تدرين إن اليوم هو أول يوم يمر علي من و.. من يوم ما توفّوا أهلي وأحس فيه إني فرحان صدق ؟
ضحكت تهرب من عبرتها.. يتحدث بهدوء و رقة عينه تلتمع بجنون .. تابع بتنهيدة وتردد واضح : أبي أقول لك شي.. بس افهميني صح الله يخليك. ما أبيك تفهميني غلط..
رمشت أكثر من مره بتوجس لتهمس : وشو؟.
أغمض عينيه يزفر بهدوء : الشقة ذي فيها غرفتين.. أثثتهم من جديد عشان تكون وح.. وحدة لي.. و وحدة لك.
تسارعت أنفاسه لازال مغمضاً عينيه ينتظر ردة فعلها..
عندما شعر بأن صمتها قد طال فتح عينه بقلق ليجدها تبتسم له ابتسامه لم يفهمها وطبقة من الدموع غطت سطح عينيها..
باندفاع وتبرير : العيب مو فيك أنتي.. صدقيني المشكلة تخصني أنا.. والله شي خاص فيني أنا ماله علاقة فيك.. هلا أنا ..انت..ي.. هلا..
نطق اسمها بيأس يُرجع شعره للخلف بكل قوة. صدره يعلو ويهبط كأنه يحارب شيئاً.. شتت نظره بعيداً عن وجهها مبتلعاً ريقه بصعوبة : المشكلة فيني،، والله فيني.. أنا أبيك.x بس فيه شي يمنعني.
شي داخلي يمنعني.. اعطيني وقت .. اصبري علي شوي واوعدك ما أخذلك.. بس اصبري علي..
سحبت ذراعه بيد مرتجفه تحتضن كفه الأيمن بين كفيها..
ترفعها تقبلها بنعومة.. مرّه،، مرتين،، ثلاث..
عادت تمسكها بقوة ترفع رأسها والدموع سالت من عينها بهدوء وهي تراه ضائعاً تائهاً هكذا..
تتأمل ملامحه المبهوته من حركتها.. حاجبيه مقوسان بانكسار ينظر لها بكل أسى.. ابتسمت له ابتسامه وصلت لعينيها تهتف بصدق : أنت تعرف وش يعني إنك..
خطّاب ،، أنت تعرف وش يعني إنك تكون تنتظر شي طول عمرك وما تصدق يجيك؟
هو من يعلم ولا أحد غيره يعلم كيف يكون الانتظار حقاً ..
هلا بهدوء وهي تضع يده على خدها تميل برأسها عليها بعذوبة : خطاب أنا قضيت عمري كله انتظر عشان لحظة مثل ذي تجمعني فيك.. تتوقع بيكون صعب علي أنتظر أكثر؟
دامك جنبي أنا مستعدة أسوي كل شي،، وأي شي .. مستحيل أخليك، ومستحيل اسمح لك تتخلى عني. توبي أنا أحبك،، دايماً تذكر هالشي لا تنسى.
وتراني نشبه الله يعينك علي.
قالت آخر جملة وهي تضحك له.. ليشاركها ضحكة تخللتها الراحة بشكل واضح بعد الذي قالت لتبتسم أثراً لذلك عينيه اللامعتين..
لن تتخلى عنه .. لن تتركه ستساعد قلبه المثقل بالأحزان أن يتخلى عن أحزانه.. تعلم أنه لازال يعيش بهاجس مرعب.. يتوشح بالسواد يخيفه ولا يجعله يهنأ بشيء..
خطاب لم ينسى شيئاً من أحزان الماضي لكنها هي التي ستنسيه كل ماهمّ قلبه.. هو يستحق السعادة.. ولا أحد يستحقها غيره ..
تعرف مايمر به من أحلام.. فقد أخبرها خالد يوماً بعد ليلة قضاها في بيت خطاب .. عاد مهموماً ضائقاً لتسأله ويخبرها بعد اصرارها عن حال خطاب إذا حلّ المساء .. ليلتها لم تنم أبدا.. ظلت تفكر به حتى بكت ..
تعلم السبب وراء طلبه.. هو سبب من عدة أسباب قيلت عنه من التي كان من المفترض أن تكون الأقرب إليه وقتها..
أحدها كان قد قالته المدعوه -طليقته- يومًا في أحد مجالس النساء: دخلت مره غرفته بصحيه لقيته مبلل فراشه..
آه ياخطاب آه.
.
ليلتها لم ينم خطاب إلا متأخراً.. عاد بعد أن صلى الفجر يتمدد على فراشه بتعب يحاول أن يهرب بطاقته بعيداً حتى تختفي وبعدها ينام دون أن يشعر كي لا يرى مايفزع الأخرى النائمة في الغرفة المجاورة..
لم يكن يعلم أنها لم تنم أصلاً.. تجلس على سريرها تنظر للمكان حولها.. تنتظر بترقب صوت صراخة وبكائه حتى غلبها النوم دون أن تشعر بنفسها.. ودون أن تسمع شيئاً..
.
سمع طرقاً على الباب جعله يستيقظ واشعة الشمس المتسلله من بين الستائر هي أول مارحب به .. ثم صوتها يهتف من خلف الباب : خطاب الفطور.
ثم تختفي هي وصوتها وطرقاتها.
عقد حاجبيه مستنكراً الصوت حتى تذكر أنها هلا.. وأنها الآن زوجته تسكن معه في نفس المنزل ..
ابتسم ابتسامه خرجت رغماً عنه وتحرك من مكانه ينظر لساعة هاتفه الموصول بالشاحن ليجدها قد قاربت من الحادية عشر ظهراً .
اعتدل جالساً يُنزل قدميه التي لامست الأرض الباردة..
لازال مبتسماً ابتسامة بلهاء لا يعلم كيف يمحيها..
خرج من دورة المياة يبحث عنها بعينيه في المكان الصغير ولم يجدها..
اتجه لغرفته يقف أمام المرآة يمسح على شعره يعيد ترتيبه قليلاً -لازال مبتسماً- يأخذ عطره ذو الرائحة النفاذه يرش منه القليل ويخرج متجهاً للمطبخ حيث يتوقع أن تكون ..
أعادت ترتيب الأطباق البسيطة في صينية لم تتوقع أن تجد مثلها في منزل أعزب كخطاب..
التفتت تحملها لترتعب عندما وجدته يقف متكئاً متكتفاً عند إطار الباب..زفرت : بسم الله خرعتني.
اتسعت ابتسامته ليعتدل واقفاً.. يقترب منها مقبّلاً جبينها برقه همس بعدها : بسم الله عليك.
وأخذ من يدها الصينية وابتعد خارجاً من المطبخ تاركاً قلبها يخفق بشده من حركته البسيطة..
سيطرت على أنفاسها وتبعته.. لتجده يجلس على الأرض الصينية أمامه ينتظرها..
اقتربت تجلس تفصلها عنه الصينية ونظرت له نظرة أولى أنزلت بعدها بصرها للأرض بحياء واضح فهي لم تعتد أن ترى خطاب هكذا.. يرتدي بنطالاً قصيراً وتيشيرت قطني..
رائحة عطره الرجولية تزاحم الأكسجين في رئتها..
ملامحه جميعها مبتسمه لازال أثر النوم واضحاً عليها..
خطّاب لم يكن شديد الوسامة.. لكنه يتميز بملامح دافئة محببة للقلب حتى يدمنه . عينين واسعتين بنيّة اللون بأهداب طويلة .. تلمع أغلب الوقت وفي نظرته شيءٌ عميق يزيدها دفئاً.. أنف قصير مدبب وشفاه متوسطة الامتلاء.
شعره الأسود الكثيف بتموجاته الناعمة يتطاير فوق رأسه -بالرغم من أنه حاول تسريحه- وعوارضه الكثيفة لم تستطع إخفاء التجويف الواضح بخدّيه الأيمن والأيسر .
يكاد قلبها يتوقف من شدة عذوبة الحلم الذي تحقق بعد هذا العمر..
بهدوء وصوت ثقيل من أثر النوم : صباح الخير..
رفعت عينها تفرك كفيها بقوة لترى ابتسامته : صباح النور .
ابتسم باتساع : كيف أصبحتي؟
ابتلعت ريقها لتبادله الابتسامه : الحمدلله..
لا يبرد الفطور خطاب تراه جاهز من مبطي.
رفع حاجباً يتأمل الموجود : تدرين إن آخر مره فطرت فيها يوم كنت ساكن في بيتكم؟
ضحكت بهدوء تمد له كوب الشاي : سقى الله ذيك الأيام.x
خلاص من اليوم ورايح انسى تطلع من البيت بدون لا تاكل شي.
ثم تابعت بتوتر : أقول خطاب..
بهمس : سمّي .
هلا : اليوم عزيمة بيت أهلي.. وأكيد سالم إن شافني مستحيل يتركني خصوصاً إني أمس ماكنت معه.
خطاب بهدوء يرتشف من كوبه : طيب؟
وضعت مابيدها : إن بكى اسمح لي بجيبه معي هنا..
قلبي مايقوى اتركه وراي وأطلع.
خطاب : هلا هذي مافيها استئذان..x البيت ذا بيته وبيت أمه يدخل ويطلع متى مايبي .
أدري الشقة صغيرة عليكم لكن انتظري شوي وننقل لغيرها ..
هلا بعتب : خطاب أنا لو عشّه تجمعني فيك بشوفها قصر..
سكت يتأملها تتحدث عن حياتها معه وكأنها ملكت الدنيا وما فيها..
لا يعلم ماذا رأت فيه كي تسعد بقربه هكذا؟
حتى موقفة الجبان معها بالأمس تعاملت معه بكل عذوبة وها هي الآن تجلس أمامه تتحدث معه وتبتسم من أعماق قلبها..
.
جلس على الأريكة يرتدي حذاءه ويستعجلها..
سمع صوت باب غرفتها يُفتح : جيت جيت..
وش فيك مستعجل؟
بانشغال وهو يرتدي الفرده الأخرى : خالتي دقت تقول تعالوا قبل النا..
رفع رأسه ولم يستطع أن يكمل باقي كلمته.. اتسعت عينه بذهول واضح وهو يتأملها وكأنه يراها لأول مره.. شكلها يختلف تماماً عن الأمس.. شيء مختلف الليلة رغم بساطته إلا أنه كان أكثر سحراً وعذوبة..
تقف تلبس قرط أذنها اليمنى ..عقدت حاجبيها باستنكار وهي تراه يقف يقترب منها : خطاب؟
وقف أمامها مباشرة.. يتأمل وجهها حتى تورد..
خطاب بهدوء وابتسامه زينت وجهه : أنا أدري إني متأخر فيها بس ما لقيت وقت مناسب اقدر اعطيك فيه..
ابتلعت ريقها تعتدل واقفه : وش؟
مد يده لجيبه يخرج علبة مخملية مربعة سوداء اللون ..
هلا بهمس : خطاب..
فتحها ليظهر مابداخلها. دبلة بألماسة متوسطة الحجم بريقها يخطف الأنفاس : تستاهلين أحسن من كذا.. ولا هي بقدرك يابنت تركي.
بعبرة : خطاب ليه تكلف على نفسك؟
والله ما يحتاج كل ذا ..
مسك كفها المرتعش ليدخله باصبعها ثم يقبل يدها برقه.. ابعدها عنه ينظر لعينيها تلمع بحب واضح..
.
ابتسم وهو يرى سالم يلتصق بوالداته الجالسة بجواره يعاتبها على اختفائها البارحة تارة ؛ ويوجه له نظرات مستنكرة تارة أخرى.
يجلس في صالة منزل خالته.. عاد مع أبنائها و زوجها من المسجد بعد الصلاة ليجلس الجميع في الصالة قبل أن يأتي أحد للعشاء المقام لأجلهم..
سالم بهمس مسموع بعد أن قتله الفضول : ماما ؟
وأشار باصبعه لخطاب .
ابتسمت : هذا خطاب .
هز رأسه : أعرف.. بس ليه قاعد يشوفك؟
خالد بضحكة : يالله عاد الحين إبلش بالأسئلة.
خطاب بحاجب مرفوع واستمتاع بعد أن أسند ظهره ليلتصق كتفه بكتف هلا : و ليه ما أشوفها؟
سالم باندفاع : كيف تشوفها؟ أنت موب زيد ولا خالد.
اتسعت عينا خالد : خالك خالد تخلخلت ضروسك.
سالم بتجاهل تام والحاح فالمنظر أمامه مستنكر بالنسبة له : ماما؟
هلا بربكة فالتصاق خطاب بها هكذا أمام الجميع لخبط مشاعرها : عادي حبيبي.. صار يقدر يشوفني الحين .
نقل بصرة على الموجودين بحيرة ليقفز من حضنها ويذهب حيث سلوى فتحت له ذراعيها تضحك : شككتوه بنفسه الضعيف .
خطاب بعد أن ارتشف من فنجاله : موب هين والله ماتوقعته يلاحظ.
خالد بابتسامه وخبث : حبيبي غصب عنه يلاحظ شف شلون لاصق بأمه..
خطاب بتحدي : زوجتي؟.
خالد : ماشاءالله، مستقوي أشوف يا توبي .
أبو زيد براحه وضحت بنبرته : ياثقل دمك يا خالد.
ارتفع ضحك خطاب من نظرة خالد الناقمة لتشاركه هلا لمجرد ضحكته فقط..
شدت سلوى من احتضان سالم الذي لازال ينظر باستنكار و وجهت ابتسامه لتركي مفادها "شف العيال كيف مبسوطين" ..
.
.
يجلس أمامها منذ ربع ساعة.. يضع قدماً على الأخرى وينظر لها بهدوء وبرود وارتباكها وتوترها يتضح من عدم ثبات جسدها على الأريكة الجالسة عليها: أجل تزوجّت؟
وأنا آخر من يعلم!
نجود ولو عليها لبكت : محمد لا تخليني أندم إني ارسلت لك.
محمد بابتسامه : لا مايحتاج تندمين.. بنت عمك ذي ماعاد لي حاجه فيها..
نجود بزفره : ليه جيت طيب؟
محمد : جاي أسلم على أهلي وابارك للعرسان مره وحده.
تكاد تلطم من الخوف فنبرته هادئة غريبة وكأنه يحيك مكيدة : محمد يا خوي تكفى لا تخرب بيتي.. لو أحد درى إني ارسلت لك بي..
احتدت نبرته : قلت لك منيب مسوي شي.. وش شايفتني بزر؟
غير إن مافيه شي يسوى ..
رجلك وينه؟
فرقعت أصابعها بقلق : الحين جاي.. راح يودي سالم بيت عمي.
عقد حاجبيه بعد أن مرر لسانه على شفتيه : و.. سالم وش أخباره ؟
ابتسمت بعطف : بسم الله عليه كبر وتغير.. صار يشبه لك نسخة منك...
سكتت عما كانت تنوي قوله عندما سرحت نظرته في تفكير عميق..
يكاد قلبها يتفطر على حاله.. محمد أخوها لم يكن سيئا أبدا -بالعكس-
لا تعلم مالذي غير حاله حتى أصبح هكذا .. شخصاً مكروهاً من الجميع وغير مبالي..
هتفت بتردد : محمد..
رفع بصره لها بتساؤل لتردف : وش صار لك ياخوي؟
ماخبرتك كذا؟ آخر شي توقعته في حياتي إن يطلع منك تصرف مثل كذا.. أذكر قد قلت لي أنك تحب هلا! وقلتها صادق ماكنت تكذب.
وش اللي صار بينك وبينها عشان يقلب حياتكم بالشكل هذا؟.
احتدت أنفاسه بضيق : الكلام في الفايت نقصان في العقل ولا بيفيدني ولا بيفيدها بشي .. بنت عمك من يوم ما قالت لك محمد مثل أخوي وأنا أدري وش اللي وراها.. ومين اللي في خاطرها..
بس أخذتها قلت مع العشرة بتتغير وبتتعود علي وبتعرف إن مشاعرها هذاك الوقت مشاعر وقتيه.. بس اللي صار العكس من أول يوم وهي تحاول تبين لي بنظراتها وبرودها إنها ماتبيني.. وإنها مجبورة علي..
سكت قليلاً يتنفس بعمق : نجود مافيه شي أصعب من إن الرجّال يحس إن حرمته قاعده معه وبالها مع غيره..
اليوم اللي كانت تعطيني فيه ريق حلو يكون أسعد يوم بحياتي وأقول خلاص حياتنا بتتصلح لكن يجي بكرة وترجع أردى من قبل.. حتى بعد ماجابت سالم كانت تحاول تبين أنها متقبلتني وتبتسم وتضحك بس ولا شي من اللي كانت تسويه كان يوصل لي.. أدري فيها تتصنعه واضح من نظرتها..
نجود بتعاطف : حرام عليك كان واجهتها سمعت منها يمكن تكون ظالمها...
محمد بحده : نجود أنا موب خبل.. هلا ماكانت تبيني وكانت صابره علي تمشّي حياتنا بالبركة وأكبر دليل إنها قعدت سنة ساكته وهي تشم مني ريحة مرَه غيرها ..
ابتلعت ريقها بقرف من هذه الفكرة التي عجزت عن تخطيها منذ البارحة..
محمد بضيق : يوم شفت انها موب طايقتني تزوجت.. وأخفيت هالموضوع قلت يمكن تتصلح الأمور بيني وبينها ولا فاد..
قلت يمكن إنها تصير مثل باقي الحريم وتغار وتصحى على نفسها ولا فاد.. حتى الشعور الطبيعي المخلوق في كل البشر استكثرته علي ولا حتى حسستني إني شي مهم بحياتها وإن حرمه ثانيه بحياتي معناها كارثه!
رمش أكثر من مره يشد على يده حتى أبيضّت مفاصله: هلا ما كانت طايقتني.. وأنا من زمان أدري أنها تميل لخطاب .. وأنه ممكن يكون هو بعد يبيها وهي اللي كبرت قدام عينه.. انغبنت يانجود إنها رفضتني عشانه وقلت دلع بنات بس ما دريت إن حياتي معها بتكون ماتنطاق كذا..
نجود : وأنت كيف عرفت إنها تبي خطاب؟
ضحك : حتى أنتي كنتي تعرفين ..
نجود بتوتر: لا أنا...
قاطعها : كل شي كان واضح.. وشوفيها الحين أخذته.
انكسر شيء في قلبها من لمعة الحسرة التي غزت عينه: طيب وشx بتسوي الحين؟
وقف : منيب مسوي شي.. مع إن ودي أحسّر بها بس مو هاين علي عمي تركي..
تنهد : الله يوفقها مهما كان هذي أم سالم.
ارتجف فكها واختنق صوتها : الله يسعدك يا محمد..
تنهد يحاول أن يبتسم ولكنه لم يستطع..
خرج من منزل شقيقته ليصادف زيد يوقف سيارته وما أن رآه حتى شحب وجهه كأنه رأى شبحاً : هلا محمد.. متى جيت؟
سلم عليه ببرود لم يكن بينهم فيما مضى.. : ما صار لي وقت من وصلت.. مبروك ،،، ل..أختك و ولد خالتك.
زيد بارتباك : الله يبارك فيك.. ويبلغك بسالم.
ابتسم ابتسامه لم تصل لعينيه : نشوفك ان شاءالله على خير.
زيد باستنكار : بتمشي؟
ضحك بتعب : لا وييين يابوي.. رجعتي بعد ثلاث أيام..
بروح أنام مهدود حيلي.. سلام.
هتف بها وابتعد دون أن ينتظر رداً من زيد الذي قال بتردد : اقول أبو سالم.. حياك في بيت أبوي على العشاء .
ركب سيارته وقبل أن يغلق بابه : كثر الله خيرك..
سلم على الجميع وبكرة ان شاءالله بمر على عمي ..
وانطلق في طريقة الأفكار تكاد تفتك بعقله..
.
.
منذ أن وصلها خبر وصوله والخوف يعصف بقلبها. تمسك يد سالم بكل قوة حتى وإن حاول أن يبتعد عنها تنهره ليعود وتمسك به باستماته مجدداً..
تعلم أن لنجود يد في ذلك من نظرة الارتباك والتأنيب التي تنظر لها بها.. يستحيل أن يكون وجود محمد بهذه السرعه بعد زواجها محض صدفة..
انتهى العشاء وها هي الآن تصعد درجات العمارة خلف خطاب الذي يحمل سالم النائم..
لا تعلم إن كان قد علم بعودة والد الذي بين يديه أم لا.
تتمنى فقط ألا يحدث شيء يبدد السعادة التي عاشتها في اليوم السابق وكانت كفيلة عن عمرٍ كامل..
فتحت الباب لخطاب بعد أن اخذت مفاتيحه من جيبه..
سبقها لغرفتها ليضع سالم وخرج لها ليجدها تجلس على الأريكة تضع رأسها بين يديها..
خلع شماغه وفتح أول زرين من أزرار ثوبه واتجه لها.. جلس على الطاولة أمامها وابتسم وهو يرى الخاتم يزين كفها : شكلهم صكوك بعين..
رفعت رأسها تعقد حاجبيها مستنكرة ماقاله.. فأردف : وش فيك من طلعتي وانتي متضايقة؟ وش صار!
أخذت أنفاسها بتثاقل وبصرها يتجول على ملامحه وابتسامته وشعره الذي تبعثر بعد أن أبعد طاقيته..
لو كلفها الأمر أن تحارب العالم كله لتبقى معه .. ستحارب ولن ترضى بأقل من النصر .
تلاشت ابتسامته بقلق : وش فيك؟ صاير شي؟
بصعوبة : محمد رجع ؟
تغير وجهه : طيب؟ وش المشكلة طبيعي يرجع .
هلا بخوف : خطاب أخاف ياخذ ولدي مني..
ثم ارتجف فكها : لو أخذ سالم مني أنا ممكن أموت .
زفر بقهر.. علم بعودته من شقيقه راكان عندما أخبر والده و وقتها شعر بأن بركاناً ثار في صدره..
لدرجة أن زيد شعر بذلك ليهمس له: كلها ثلاث أيام وبيرجع يسافر.
حاول أن يركز على القلقة المنهارة أمامة.. قضيتها أكبر من قضية الغيرة التي يشعر بأنها ستقتله.. : أنا أعرف محمد.. مو نذل عشان يسويها..
أجابته نظراتها المشككه.. فمحمد خيب ظن الجميع به مسبقاً..
خطاب بيأس لا يعرف كيف يخفف عنها حقاً : محمد متزوج وباني حياته برى لو بيسوي خطوة مثل كذا لازم يشوف زوجته أول.. وما أظن بنت الناس الله يستر عليها توافق تربي ولد حرمه غيرها..
هلا بأمل : تهقى؟
ابتسم ابتسامه لم تصل لعينيه : إلا متأكد.. وفي حال طالب بولده أعطيه إياه ولا تجادلينه لأنه إن شافك متمسكه فيه بيعرف نقطة ضعفك وبيستغلها..
ثم تابع عندما لاحظ السخط يعتلي وجهها : وإن شافك مو مهتمة بيتركه.. اذكري الله وقومي نامي وفكري لنا بجواب لسؤال سالم بكرة لا شافني معك في نفس البيت ولا معنا أحد..
.
.
مضت الثلاث أيام ثقيلة طويلة على قلب هلا.. تنتظر بترقب ماسيحدث.. في اليوم الثاني اتصل شقيقها زيد بها يطلب منها أن يأخذ سالم لمحمد الذي يريد السلام عليه..
هلا بهلع : لا زيد ما أبي .
زيد بصبر : وش اللي ماتبين؟ مو على كيفك الرجال يبي يشوف ولده ومن حقه.
هلا بخوف: ما أبي زيد.. أخاف إن شافه ياخذه معه..
بحده: لعب عيال هو؟ هلا الله يرضى عليك خليه ينزل لي مع خطاب أنا تحت..
هلا بعبرة : زيد وإن أخذه؟
ذكر الله تحت أنفاسه ثم قال بتودد : ماتثقين فيني يعني؟
والله العظيم لا أرجعه لك وتراه بيروح يقابل أبوه موب الحرامي عشان تخافين كذا..
أغلقت منه ونظرت لخطاب الصامت ينظر لها نظرة لم تفهمها..
وقفت : زيد تحت يبي سالم .
خطاب بهدوء : جهزيه وانزله.
طرق نافذة زيد الذي فتح بابه يحمل سالم يضعه في المقعد جواره : ما بغت تسلمنا البضاعة.
خطاب بضحكة باردة : لا أوصيك عاد، يرجع مثل ما أخذته لو سمحت.
شوف كيف ممشطة شعره ترى هذا كمين إن صار شعره بالجهه الثانية يا ويلك.
ضحك وهو يرى سالم يحاول سحب حزام الامان لربطه وشعره مسرح على الجانب الأيمن : أختي انهبلت..
وش بيسوي فيه أبوه يعني؟ ولازم تحط في بالها إنه إذا كان يبي ياخذه بيقدر حتى لو خبتّه عنه..
خطاب بجدية : زيد ، سالم يرجع تكفى..
بملل: جانا الثاني ..
أقول بس ما ودك تجي؟ مجتمعين في بيت أبوي.
ابتعد عن سيارته : توكل على الله صاحي تبيني أشوف محمد ؟؟
ليلتها لم تجلس هلا في مكانها.. كانت تتحرك في المكان كالاعصار باعصاب مشدودة تتصل على زيد كل عشر دقائق ولم تتوقف إلا عندما عاد سالم في وقت متأخر من الليل نائماً يحمله زيد الذي هتف بضيق وهو يناولها إياه: فضحتينا وأنتي تتصلين.. شوفيه هه هذاني رجعته مثل ما أخذته..
.
لا ينكر خطاب أنه فقد هلا التي قابلها في أول يوم من زواجه بها..
هذه الهلا لا يعرفها.. قلقه أغلب الوقت وصامتة.. تتشبث بسالم وكأنه سيطير منها حتى بدأ الصغير يعرب عن ضيقه منها..
ولكنه التزم الصمت.. لا يستطيع أن يواسيها بشيء وهو بداخله يشعر بالقلق والترقب.. يخاف من أن يصادف محمد ويرى في عينيه نظرة تبعد هلا مليون خطوة عنه..
انقشعت الغمامة عندما استقرت طائرة محمد المتجهه لأمريكا في وسط السماء.. ليلتها شعر بأنها ليلة الزفاف يعيشها من جديد ..
هلا عادت القديمة؛ تضحك وتتحدث معه.. تغرقه بالنظرات والكلمات العذبة التي تجدد شيئاً منسياً في قلبه ..
.
.
يجتمع هو و والد زوجته في منزله . الحديث شيق بينهم عن خطط يتمنى حمد لو تتحقق.
حمد باستغراب شديد : متى بيرجع؟
ابتسم بدر وهو يعد الأيام عدّاً للقائها : بعد شهر رحلته..
حمد : غريبة بيرجع توقعته خلاص نسى السعودية واللي فيها .
بدر يشرب من فنجان قهوته: وليه مايرجع؟ هو عنده تجاره هنا وثروة وبيستقر خلاص.
حمد باستنكار : عجيب!
بدر : ليه مستغرب؟
حمد بسرحان : لأن واحد مثل منيف مايحفر في نفس المكان مرتين.
أنت تعرف كم صار له مهاجر؟
بدر بعد سكوت دام لثواني: أنت و أبوي من وين تعرفتوا عليه؟ وش كان بينكم ؟
تجاهل كل شيء ليهتف بخبث : أنت تدري إني أعرف عن منيف أشياء ممكن تطير راسه؟ بس البلا إني لا قلتها معناها إني أدين نفسي وأجيب السيف وأحطه على رقبتي.
بحماس : وش تعرف؟؟ أبي شي أكسر فيه عينه .
حمد بضحكة : خبل أنت؟ تبي تكسر عين مين؟
هذا منيف انتبه لا يودينا كلنا في داهيه ..
بتردد وهو يعتدل جالساً : وش كنت بقولك ياعم..
بنته اللي معه .. دانه..ااا
باستنكار : وش دانته؟ منيف ماعنده بنات!
بدر: إلا بنته .. كبيرة شفتها في بيته..
حمد : ولد لا تفر راسي.. حمد ماعنده بنات أبد.. وماتزوج بعد ماتركته حرمته .
وإن كان تزوج بعد ماسافر مابيمدي بنته تكبر مره.
تعجب من ذلك : أجل مين اللي شفتها عنده؟ ويحذر ويهدد إن قربت منها يا ويلك؟
بدون اهتمام : يمكن زوجته.
اتسعت عيناه بضيق: لا مستحييل. وش يحدها تاخذ شايب؟
عاد يضحك باستغراب من سؤاله : الفلوس؟ ..
استبعد الفكرة وهو يتذكر الحوار بعد أن طلبها منه : لا لا مستحيل.
حمد بخبث : أجل وحده ولف عليها يونس عمره.
سكت بدر يفكر بضيق.. يحاول ألا يشتم نفسه لعدم قراءته اسمها كاملاً في الجواز عندما ذهب لإنهاء حجوزاتهم.. أو ربما كان قد قرأه ونسى..
ثم تذكر أنه لم يمسك جوازها أصلاً بل كان بحوزة مساعد منيف الشخصي الذي أرسله معه وكأنه لا يثق به.
وعى من تقريعة لنفسه وظنونه على صوت رنّات الكعب على الأرض الرخامية.. رفع رأسه والتفت حيث المصدر ليجد زوجة حمد ترتدي فستاناً لمنتصف ساقها تضع شالاً على كتفها وكأنه كفيل بتغطية مفاتنها الظاهرة له..
ابتسمت له ونطقت بغنج واضح بعد أن جلست جوار حمد: مساء الخير..
حمد بلهفه : مساء الورد يا قلبي .
على عكسه رد بدر ببرود يتأملها وفي باله يفكر بموضوع آخر : هلا.
عادت بظهرها للخلف تضع قدماً على الأخرى : كيفك بدر؟
أخرج هاتفه من جيبه بعد أن رن ليجد اسم حنين.. أصمته ورفع عينيه لها يبتسم: بخير.. ماشاءالله وش مسوية لعمي صار أصغر من عمره مابغيت أعرفه.
نظرت لحمد تغمز له : سر ..
ثم قربت فمها المصبوغ بملمع شفاه أحمر من أذن حمد تهمس له شيئاً.. ابتعدت عنه لتقول بغمزة : تمام ياقلبي؟
هز رأسه وابتسامه واسعة تعتلي ثغرة.
وقفت : عن اذنكم.
قالتها مبتعده تمشي بتمايل ..
حمد بحده وهو يرى لحاق عيني بدر بجسدها : ولد.
ضحك وهو يعتدل جالساً يتنحنح : افا تغار عليها مني ياعمي؟
تراها بحسبة أم زوجتي.
لم يعجبه كلامه أبدا .. عن أي أمx زوجة يتحدث و -بدور- زوجته أصغر من ابنته حنين ..
بدر بابتسامه : بس بصراحة أجدت الاختيار واضح مهتمه فيك وشكل عملية استئصال الرحم اللي سوتها ناس..
قاطعه بنرفزه : وأنت وش دراك انها سوت عمليه ؟
رفع حاجبيه مستنكراً : شدعوة كنت ناوي تخبي علي يعني؟
لا تنسى أن بنتك زوجتي وهي قالت لي.
حمد بغيض : بنت الكلب .
ضحك : محشوم يالغالي، و عذرا على التطفل بس وش جاك وخليتها تستأصله مره وحده؟ وكيف رضت؟
بضيق : مو شغلك. اهتم بأمور بيتك أزين.
بدر بتفكير : لو اقول لحنين تستأصل...
صرخ بغضب فنبرة بدر كريهه : بدير وبعدين معك؟
انكتم ولا قم انقلع عن وجهي..
لينفجر بعدها بدر بضحكة عالية فقد نجح في استفزازه..
.
.
عبست بضيق في نومها وهي تسمع أصوات بكاء وصراخ مرتفعه وكأن أحداً مرتعباً يستنجد..
فتحت عينيها بذعر أنفاسها تتسارع تنظر لسالم النائم بجوارها..
قفزت من مكانها تخرج من غرفتها وتركض لغرفة خطاب والذي ما إن فتحت بابه حتى وأتاها الصوت واضحاً..
مر على زواجها منه ٥ أيام لم تسمع خلالها صوتاً ولكن اليوم كان مختلفاً..
اقتربت بخطى سريعة ترى وجهه مخضباً بالدموع وملامحه مرعوبة وكأنه شخصٌ واعي يرى رعباً حقيقياً أمامه..
هزته بقوة تنادي باسمه ولم يستيقظ.. كان يحاربها يحاول دفع يديها بعيداً عن جسده حتى سحبته بقوة جالساً..
صرخت بخوف : خطاب..
فتح عينيه على اتساعها أنفاسه تتسارع وكأنها انقذته من الغرق..
تلفت حوله بتوهان وتشتت ونظر لها لازالت اهدابه متلاصقه..
دفعها عنه بقوة يتصدد بوجهه وبصوت مقطوع من أثر الصراخ : خلاص صحيت.. اطلعي.
يكاد قلبها يخرج من مكانه من شدة الرعب.. كانت قد سمعت أن صراخة مرتفع، وأن صوت بكائه مخيف.. لكن لم تتوقع إلى هذا الحد..
الحقيقة كانت أكثر رعباً..
هلا بلعثمه : وش صار لك؟
ابتلع ريقه يمسح وجهه بكفه : ما صار شي.. اطلعي.
حاولت أن تتحكم بنبرة صوتها : منيب طالعة.. فهمني وش هالصراخ كله؟
يريدها أن تخرج فكمية الرعب التي سببها لها والواضحة بوجهها تقتله.. يخشى أن تهرب منه وتخاف كما فعلت زوجته الأولى.. زفر وهتف بصراحه : ماتخافين من الجنية اللي فيني تطلع لك؟
عبست: جنية ايش اعوذ بالله ؟..
خطاب بضحكة باردة : ماجاك من الكلام شي أجل؟ لا صعبة صعبة ما أظن ماوصلك شي..
سكتت تنظر لجانب وجهه.. قلبها يكاد يتفطر من منظره.. كثير عليه كل هذا.. خطاب لا يستحق كل هذا.. ما الذي رآه كي يصرخ مفزوعاً في نومه هكذا..
تعلم مايقصد وقد وصلها كما وصل لغيرها .. بل أن النسوة تناقلنه فيما بينهن.. فوالدة هند حرصت أن تخبر الجميع بأنه لم يقترب من ابنتها أبداً ، بل أنه عزلها في غرفة لوحدها حتى بات الأغلب يشكك في رجولته تارة والبعض يشكك بوجود من يسكن جسده تارة أخرى ..
هلا بعد صمت : أنا أشوف بعيني مو بإذني.. غير إن هذيك هند. وأنا هلا وفيه فرق..
وبعدين لو سمحت ممكن تبطل تجيب سيرتها قدامي؟ لأنها أبغض مخلوق حي عرفته في حياتي ..
بابتسامة الدموع لازالت تبلل أهدابه : هذي غيره الحين؟ بعدين أنا ما جبت سيرة أحد.
هلا بغيض : سميها مثل ماتبي.. وحتى لو المهم إنك ماتذكرها قدامي أبد.
خطاب بهدوءx : ماتوقعتك غيورة كذا.
هلا بنبرة صادقة : للأسف إنه طبع فيني عجزت أغيره..
اي شي يخصني ما أحب أحد يشاركني فيه.
ابتسم لها ينزل بصره مخجلاً من كل شيء حدث معه الليلة.
يكره الليالي التي يصرخ فيها مُفزعاً بها من حوله.. يكره بكاءه ويكره نظرة الشفقة التي يراها في عينها في هذه اللحظة..
إن كان هو فسرها كذلك.. فهي كانت النقيض عند هلا.. لم تكن نظرتها سوى حبٌ مصفى كم تتمنى أن تهدي له من خلالها سعادتها وراحتها..
يقتلها بريق عينيه ونظرة الخجل التي تنطق بها..
بهدوء : ممكن أسألك سؤال؟
نظر لها بأسى، لتردف : وش تشوف وأنت نايم؟
خطاب بهدوء : كابوس!
هلا : في مين؟
بعد فترة وفمه تقوس للأسفل : أمي..
ثم ارتعش صوته وصورة عندما كان بالثامنة تتشكل أمامة : و..سند!
ارتجف فكها وهي تقترب منه تجلس أمامه وتمسح بأصابعها دموعه التي بدأت تسقط بهدوء : ليش تصيح طيب؟
ثم بكت، فشكل فمه متقوساً لأسفل بحزن و وجهه مخضباً بالدموع نحرها : حبيبي خطاب لا تبكي.. أنت أقوى من كذا..
هز رأسه مؤيداً ماقالت دون أن يعنيه. فدموعه لازالت تسقط بكل هدوء وضعف ..
تنهدت وهي تمسح دموعها بكتفها : طيب ممكن أطلب منك طلب؟
أدري إني مصختها بس تحملني.
نظر لابتسامتها الهادئة ليبادلها أخرى دون أن تصل لعينيه .
هلا بثبات : ممكن تسمح لي أنام عندك؟
ثم أردفت بسرعة عندما تغير وجهه : بس أنام..
والله ما أسوي شي.
لم تنتظر إجابته.. وقفت تجلس في الجهة الأخرى وعينه تتابعها.. قلبه يكاد يخرج من مكانه وهو يراها تتمدد تضع وسادة بينها وبينه لتقول بنبرة مرحة : هاه شوف هذي المخدة بيني وبينك أشوفك تسوي حركات كيني ميني..
ضحك لها ولنظرتها ونبرتها والأمان الذي سكنه عندما شعر بيدها تمسك يده بقوة من تحت الوسادة..
.
.
دخل غرفتها بعد أن طرق الباب ليراها تجلس وسط أغراضها وحقائبها الكبيرة مفتوحة أمامها.. تركت مابيدها لتقفز وتتجه نحوه تقبل خده : هلا والله بقلبي.
ابتسم يمسك يدها بقوة : وش مسوية بغرفتك أنتي؟
بهدوء كعادتها عندما تحادثه : خلاص مابقى شي على رجعتنا وأنا اعترف إني غلطت يوم تأخرت بترتيب اغراضي.. صراحة انصدمت ما توقعت ان عندي اشياء كثيرة كذا.
بحنان بالغ وهو يجلس على اريكتها ويسحبها تجلس جواره : حبيبتي نادي العاملة تساعدك.. لا تتعبين عمرك..
احتضنت كفه بين يديها: جاتني مسكينة تعرض خدماتها بس تعرف أنت ما أحب أحد يلمس اغراضي غيري . متى يجي بعد بكرة متحمسة أشوف السعودية بشكل ماتتصوره.
خفت ابتسامته : لا تتأملين كثير عشان لا تنصدمين.
دانه : بالعكس والله كل شي حلو ينتظرني هناك..
رفع حاجبيه مستنكراً : غير الوظيفة اللي تنتظرك وشو ؟
ابتلعت ريقها ترتب كلماتها وهي تعلم أنه سيغضب : يعني...
والله إني متحمسة أشوف أبوي ..
ارتخت ملامحه : إيه.. أبوك.
دانه بسرعة وتبرير : أدري إنه ماطق لي خبر...
بس غصب عني أشتاق له آخر مره شفته يوم كان عمري ١٠ سنوات وللحين صورته في بالي..
سكتت لتردف بعد ثواني بتنهيدة : أنت كلمته؟ درى برجعتك؟
بضيق من هذا الموضوع: ايه. ولا تتأملين شي منه عشان لا تنصدمين..
تعلم ما الذي عكر مزاجه ومحى ابتسامته. عادت تقبل خده تميل برأسها على كتفه : حبيبي أنت حياتي كلها ويكفيني وجودك فيها.
ابتسم بضيق يربت على فخذها دون اجابه..
دانه بتنهيدة : لميت اغراضك ولا ألمها لك؟
منيف : عاد أنا موب مثلك قلت للعاملات يسوون المهمة عني .
بس اذا تبين اساعدك تراني فاضي .
قبلت كتفه لتقف وتسحبه من يده : لا تسوي شي بس تعال جنبي وسولف علي..
لم يتحرك بل سحبها قبل أن تبتعد.. قال بتردد وقلق : دانة إن رجعنا بتروحين له تسكنين معه ؟
شدت على كفه تهتف بصدق : أنا مستحيل اتركك.. مستحيل حتى لو أبوي طلب مني اترك كل شي عشانه.. انا مالي غيرك وأنت مالك غيري.. للأبد.
قالتها وغمزت له ليضحك براحه بعد أن شبكت أصابعها بأصابعه..
.
.
خرج من مواقف المطار مستقلاً سيارته.. يضع حاجياته في المقعد جواره ويزفر بتعب من بعد رحلة قضاها في السماء مدتها تزيد عن سبع ساعات..
يشعر بالنعاس يداعب عينيه فمد يده للمسجل يقلب فيه بين المحطات عله يجد شيئاً يلهيه حتى يصل لمنزله الذي يبعد قرابة الساعة عن مطار الملك فهد.
.
الصمت يعم السيارة فقد حاول بدر أن يبدأ حواراً وأسكته منيف الجالس جواره بملل : أنتبه للطريق.
ابتلع ريقه وسيارته تطوي الطريق الطويل أمامه..
للتو وصلوا من أستراليا التعب يكاد ينهش جسده.. رحلة متعبة عقلياً أكثر من كونها متعبة جسدياً، تفكيره لم يتوقف عن الذهاب لها حيث كانت تجلس بجوار منيف على بُعد عدد لا بأس به من المقاعد..
رفع بصره للمرآه الأمامية ينظر لها حيث تجلس خلفه تصد بوجهها تنظر من النافذة للخارج.
ذهبت به ذاكرته عندما رآها لأول مره في منزل منيف .. لم تكن تعلم بوجوده لتدخل عليهم المكتب مبتسمة وتتلاشى ابتسامتها برعب وهلعx عندما رأته وصرخ منيف : بنت اطلعي ..
اغلقت الباب خلفها بذعر ليبقى مبهوتاً من التي كانت تقف أمامه لأقل من ثانيه تنادي منيف بغنج وصوتٍ عذب..
ليلتها سمع تهديداتٍ من منيف شاب منها رأسه..
بعدها بأيام دخل ساحة منزل منيف الواسعة ليراها تجلس على أحد الكراسي تتحدث بالهاتف بانشغال.. حجابها على رأسها وتحرك بين أصابعها الكمام الذي تغطي به وجهها عندما تخرج..
ظل ينظر لها بافتتان واضح تضحك وتتحدث حتى رفعت رأسها و وقعت عينها بعينه..
ارتعبت وأغلقت الهاتف لتقف مبتعده باتجاه مدخل المنزل لكنه لحق بها وأمسكها من ذراعها : دقيقة ياحلوة،، انتظري..
برعب وهي تحاول تحرير يدها : اترك يدي. وخر عني يا حيوان.
حاول سحبها ولكنها فاجأته بلكمة في منتصف بطنه بيدها الأخرى ليكتم صرخته بألم ينظر لها بحقد تبتعد لداخل المنزل بسرعة.
زفر بقهر وهو يشعر بنارٍ تلتهم معدته.. لن يتركها أبداً حتى وإن دفع حياته لأجل ذلك..
ليلة واحدة مع كتلة الدلال هذه تسوى عمراً كاملاً..
لم يدرك بأنه كان سارحاً يحيك الخطط إلا بعد صرخة منيف تتبعها صرخة دانة وأصوات مرتفعه تلاها ارتطام قوي شعر به من جهته.
.
.
تحرك في فراشه بضيق قلقاً بعد أن رن هاتفه فالساعة الآن قرابة الثانية بعد منتصف الليل..
التقطه ورأى اسم خالد ليجيب بتوجس : الو؟؟
وصله صوت خالد لاهثاً : خطاب الحقني.. تعال مستشفى التعليمي.. بسرعة تكفى.
وقف بخوف : وش فيك؟ متى وصلت أنت؟
خالد بصوت مرتجف : سويت حادث وأنعدمت السيارة الثانية ..
تكفى تعال .. الحقني..
خطاب وقد بدأ بخلع ثيابه بسرعة بعد أن شغّل الأنوار ليلمح هلا تنظر له بخوف -وقد نسى انها أصبحت تنام بجواره من تلك الليلة - : طيب جاك شي ان..
لكن خالد المرعوب أغلق الخط..
.
.
.
# نهاية الفصل الخامس ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..
|