كاتب الموضوع :
وطن نورة ،،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇
.
.
# (١٦) الفصل السادس عشر ،،
°
°
فَحضنُتهَا حُضنَ الضَعيفِ ،، وبَكتْ.
كمْ حُزناً مرًّ عَليهَا ؟ ومَا اِشتَكتْ..
مَا عُمرُها حتَّى عَلى الجِدَار اِتكَتْ ،
تَضحكُ مِنذُ عَرفتَها ؛
واليَوم أبْكتنِي حِينَ بَكتْ .
*منقول*
.
.
أسندت ثقلها على الحائط.. تزفر أنفاسها وكأن روحها ستخرج.. بعد أن مشت بالممرات متخبطه.. الدموع تحجب رؤيتها ورجفتها تجعل من خطاها صعبة..
كانت قد اوصلتها سماح حيث باب المستشفى.. تهتف بقلق وهي ترى هلا تبكي وتحاول إيقاظ سالم النائم : هلا خليه معي وين تاخذينه معك ؟!..
نظرت لها بتوهان واضح وكأنها لم تفهم .. فأردفت : باخذه معي البيتx ومري عليه لا خلصتي.. إن شاءالله يكون مافيه شي ،، وطمنيني..
وهاهي تقف الآن.. لأكثر من ربع ساعة تراقب باب الغرفة التي ينام داخلها.. بعد أن خرج الطبيب يخبرها بأنها لا تستطيع الدخول.
"حي؟" كان هذا مانطقت به بهمسٍ وأمل عندما رأت الطبيب المسؤول عن حالته .. ليجيبها بابتسامه : تطمني حالته مستقره وبننقله لغرفة الآن.. تعرض لكدمات وكسر بالأنف وزاد عنده الاكسجين في الرئتين وأجرينا له عملية و توازن.. وتعرض لضربه بالكلى اليسرى لذلك اضطرينا نسوي له قسطرة مؤقتاً عشان التبول.. بسيطة إن شاءالله.
هلا بصعوبة بعد أن وضعت يدها على صدرها تحمد الله : ما أقدر أشوفه؟
هز رأسه : حالياً المريض لازال تحت تأثير البنج وبحاجه لراحة تامة. لكن بعد ساعتين بالكثير بإمكانك تشوفينه ،، والحمدلله على سلامته.
نزل كلامه عليها كالهمهمات تهز عليها رأسها.. كانت تشعر وكأن قلبها قد انشطر نصفين.. نصفٌ مملوءٌ بالتعب والآخر قد امتلأ حزناً وفاض..
تحركت أقدامها دون أن تشعر بثقلها وكأنها تخدرت.. تجلس على كرسي معدني.. تتأمل الموجودين في نهاية الممر.. وأوله.. وتتعلق عينيها بالذين يمرون أمامها ويعبرونها بسرعة..
"المهم إنه بخير".. هذا ماهمست به لنفسها.. تهون على نفسها وتحاول أن تتجلد بما تبقى فيها من طاقة.. "المهم إنه حي".. تجمعت دموع جديدة في عينيها والألم قد تعدّى قلبها حتى وصل لحنجرتها التي بدأت تدفع العبرة.. فمجرد التفكير بأن يكون خطاب لاقى مصرعه في الحادث تجعل كل أمر آخر هيّن..
ذكرت الله في سرّها مراراً وتكراراً تحاول بذلك أن تُخرس الصوت الذي يذكرها بأن خطاب كان برفقة امرأة غيرها ، والتي أنفت معرفتها بها عندما سُئلت عنها ليجيب الممرض : عمومًا أخوك يوم وصلنا كان بوعيه وأخذنا بياناتها وطلع لها ملف هنا وتم التواصل مع أبوها.. عافى الله مرضاكم ورفع عنهم.. عن إذنك.
وقتها كانت تتمنى أن تصرخ بوجهه - الذي اتضح عليه القلق ظناً منه أنه أفشى سراً لا تعرفه- أن من يقول عنه أخوها والذي كانت برفقته امرأة يعرف معلوماتها ، يكون في الحقيقة زوجها و من معه هي زوجته. لكنها صمتت !
.
الرائي من بعيد يمكنه أن يعرف بأن من فتح باب السيارة قبل أن تقف، بشعره الأبيض والغير مسرّح المتطاير مع الهواء راكضاً بسرعة لمبنى المستشفى وعلى وجهه تترجم جميع معاني الخوف و الهلع ، تلقى مصيبة أجبرته على الحضور بهذا الشكل وكأنه مجنون.. دون أن يغلق أزرار ثوبه على الأقل..
كان منيف وهو يركض كالتائه، في جميع الاتجاهات.. يرتعد من شدة الخوف،، تتجمع في عينيه الدموع التي لازال يحاول ردعها من النزول منذ أن تلقى اتصالاً يخبره بأن دانة قد تعرضت لحادث يستوجب حضوره.. وقتها نسى كل شيء وكأن الزعل الذي نمى في قلبه عليها طيلة الأسابيع الماضية ، لم يكن..
تلاشى كل شيء في خاطره من سخط وحزن وغضب ولم يبقى سوى وجه دانه وهي رضيعه بين يديه تبتسم له.. والإحساس الذي كان يشعر به في كل مره تتحسس فيها و حمته بسبابتها.. وصوتها تخبره بأنه أجمل شيءٍ حصل لها في حياتها..
تسمّر في مكانه وذاب قلبه بين اضلعه،، حتى أن الدموع التي كان يحارب نزولها سقطت رغماً عنه بكل قوة.. يسمع كلام الطبيب المسؤول عن حالتها يحاول أن يخفف عنه بابتسامه لطيفة مواسيه ، لا يكاد يصدق أياً من كلماته : بنتك يا أبوي وصلتنا فاقدة للوعي تماماً وبعد وصولها بدقايق وحنا نحاول نسعفها تعرضت لسكته قلبيه وتوقف قلبها لثواني لكن الحمدلله تم انعاشها قبل لا يتضرر المخ.. حالياً هي بالعناية المركزة و نقول إن شاءالله تكون عدت مرحلة الخطر
لكن ننتظر افاقتها من الغيبوبة..x شد حيلك وقدامها العافية ..
إنهار جالساً على الأرض.. يضع يديه على رأسه ينتحب بأعلى صوته..
ليس هكذا الوداع يا دانة..
ليس بهذه الطريقة!
.
كان الطريق من الباب وحتى سريره مليئٌ بالعثرات التي تشعر بها دون أن تراها.. وكأن بينها وبين جسده المسجى على السرير ألف حفرة، وألف سور، وألف باب.. كانت خطواتها بطيئة وكأنها تسحب أقدامها على الأرض سحباً.. رغم اللهفة في أن تراه حياً سليماً أمامها،، تتأكد من ذلك بنفسها.. لكنها كانت تشعر بثقل الخطوة وكأن جسدها يأبى من أن تراه..
ما إن وقفت بجانب سريره حيث يتمدد ، حتى و وضعت أصابعها على فمها.. تحاول منع نحيبها.. تنظر له غير مصدقة أنه لازال على قيد الحياة و دموعها قد تكدست في عينيها بشكلٍ فاق الرؤية.. ولم تستطع من أن تمنع عتبها عليه من أن يخرج مهما حاولت أن تكبته -مؤقتاً على الأقل- ، فهمست : علمني وش أسوي فيك خطاب؟
لكن لم تجد منه إجابه.. كان صامتاً كأن صمت المقابر يهوي عليه.. روحه تبكي عوضاً عن عينيه التي جفّت.. هو لا يقوى المواجهة.. يريد الهرب من كل شيء .. لأنه يخشى الاصطدام بشيءٍ يهدم آخر مابقي داخله..
كانت عينيه معلقه بالسقف.. لا الكدمة تحت عينه اليسرى ولا حتى الانتفاخ البسيط تحت عينيه نتيجة كسر أنفه كانا قادرين على أن يخفيا ترقرق دموعه في بطن عينيه..
هلا بصوت مثقل بالعبرة بالكاد خرج : الله يسامحك..
قالتها وانحنت تقبل جبينه.. أغمض عينيه يشعر بدفئ اقترابها سامحاً لدموعه بأن تتحرر كما تشاء وتسقط في كل اتجاه..
نزلت برأسها تقبل خده برفق تخشى من أن تؤذيه بطريقة ما، تستشعر نعمة أنه لازال حياً، وشعور الرضا بهذه النعمة سكّنَ كل وجع وألم وصلها منه من اللحظة التي سمعت فيها بأنه كان برفقة زوجته وحتى الآن.. تهمس : الحمدلله على سلامتك.. الف الحمدلله على سلامتك يا بعد روحي..
وقبل أن تبعد رأسها شعرت بذراعه التي طوقت رقبتها.. تقربها منه وتشد عليها حتى أصبحت تسمع صوت أنفاسه العالقه في حنجرته بكل وضوح.. تشعر بشفاهه تحاول تقبيل كل ما تصل إليه.. وكأنه يريد التأكد بأنها أمامه حقاً.. وصلها أنينه الموجوع خافتاً فعرفت أن احتكاك وجنتها بوجهه أوجعه.. مع ذلك لم يحررها.. بل شدها أكثر!
همست وهي تبتعد عنه لازالت كفه خلف رقبتها، تبتسم له بحزن وهي ترى جبيرة أنفه وملامح وجهه المتعبه بهذا القرب : حبيبي أنت بخير.. الدكتور طمنّي لا تخاف!
فتح فمه يحاول بصوته أن يخرج فخرج مبحوحاً مهزوزاً : هلا بفهمك كل ش..
فقالت تقاطعه بنبرة منهكه فلم يعد لها خاطر يسمح بسماع التبريرات و الأعذار، تمسح على خده برقه تسكته : أهم شي إنك الحين بخير..
.
.
تلاقطت عينا ضي و سلوى تلحق بخالد الذي كان يجلس معهم قبل دقائق.. وعندما وصلت لهاتفه رسالة قرأها وابتسامته لازالت على وجهه ولكن سرعان ماتجهم وجهه وانقلب ليقفز صاعداً للأعلى متجاهلاً نداء والدته.. والآن بعد أن ارتدى ثوبه بدأ ينزل الدرج بسرعة وهو يغلق إزراره وتوقف قبل أن يصل للباب عندما صرخت به : ولد وش العلم؟ من ارسل لك؟
خالد بقلق : واحد من العيال صار له حادث وبالمستشفى!
سلوى بتعاطف : يالله لطفك!! عسى موب شي كايد؟
خالد ينظر لضي ثم والدته : ما أدري..
سلوى : مين من العيال ؟
خالد على عجل : واحد ما تعرفينه يمه.. سلام سلام!
قالها قبل أن يخرج مغلقاً الباب خلفه بقوة..
ضي : الله يستر أول مره اشوف خالد خايف كذا..
سلوى مبتسمة : تلاقينه حادث بسيط بس خالد قلبه قلب طير يخاف على الكل ويشيل هم الكل ويهوّل الأمور حتى لو مافيه شي .
بادلتها الابتسامه بتأييد حتى وإن لم تنطق به.. ذاكرتها التي لازالت تعيش سكرة أحداث الصباح تنتعش مجدداً بين الفينة والأخرى من تلك اللحظة وحتى الآن.. عندما استيقظت كان وجه خالد هو أول ما استفتحت به يومها.. نائماً بسكينه لو توزعت على من في الأرض لعاش الجميع بسلام..
كانت عينيها تتحرك على وجهه ببطئ وكأنها تريد أن تحفر ملامحه في ذاكرتها.. تنظر له بعين المحب نظرة لو رآها خالد لذاب قلبه من فرط الشعور المحمّل فيها.. كانت تسأل نفسها كيف لبشرٍ أن يكون بكل هذا اللين، والحب، والرحمة؟ متفهماً وكأنه وضع يده على علتها.. واقسم بعد أن عرف كيف يداويها..
خرجت من دورة المياة تلتف بروبها تنظر له لازال على وضعه نائماً..
أعطت السرير ظهرها عندما وقفت أمام خزانة ملابسها تبحث بين طيات ثيابها عن شيءٍ يليق بمزاجها الرائق هذا الصباح.. كانت تشعر من شدة خفّة روحها وكأن نوافذ قلبها مفتوحة يدخل من خلالها الهواء من كل اتجاه .. شعورٌ افتقدته منذ زمن، ومنذ زمن لم تستيقظ بابتسامه واسعة كهذه متطلعه لأن تعيش اليوم من أوله دون أن تضيع ثانية واحدة..
أدارت رأسها مبتسمة وكأنها تريد أن تتفقده نائماً أم استيقظ من حركتها، أو كأنها اشتاقت له وتريد أن تلقي نظره لكن ما إن رأته يجلس نصف جلسه يضع يديه خلف رأسه حتى وتلاشت الابتسامه وبرعب : بسم الله فجعتني!
كان مبتسماً أثار النوم جعلت من وجهه صغيرا جدا : وأنتي دايم مفجوعة! بسم الله عليك يا قلبي.
قالها يمرر يده على شعره يرتب خصله المتطايرة في كل اتجاه : ليتك ما التفتي فاتتني أحلى لقطه.
رفعت حاجبيها وأغلقت باب الخزانة بقدمها بعد أن أخذت ماتحتاجه واستدارت لتقابله بإحراج : على أساس بتشوف شي؟
خالد باستنكارx : عفواً عزيزتي!! ليه لأ؟
ضي بتجاهل فعلى ثغره ابتسامه خبيثة تذيب الحجر : أنا بروح البس بالحمام .
خالد : خلاص أنا نايم البسي هنا.. هه شوفي..
قالها وتمدد يغطي وجهه بالغطاء لا يظهر منه شيء..
ابتسمت تعطيه ظهرها مجدداً ترتدي ثيابها على عجل دون أن تنزل روبها من على أكتافها فهي لا تأمن مكره وحمدت الله على ذلك عندما التفتت لأنه أنزل رأسه وغطاه بسرعة البرق عندما كشفت أمره..
ضحكت.. فقال من تحت الغطاء : هاه خلصتي؟ ارفع؟
هزت رأسها بفقدان أمل تتحرك في المكان تتصنع التشاغل لا تعرف ماذا تفعل كي تسيطر على رجفتها : لأx .
خالد بضجر : انكتمت ضي..
ضي باستمتاع : قلت لأ..
رفع رأسه يتنفس بقوة عندما سمع صوت الباب.. فقال بغيض عندما رأى الغرفة فارغة: بنت اللذينَ!
عندما عادت ضي تحمل بين يديها صينية الإفطار وجدت خالد وقد انتهى من استحمامه يرتدي بنطاله الرياضي أسود اللون وعلى وشك أن يدخل رأسه من فتحة قميصه لكن ما إن رآها حتى صرخ يغطي صدره المكشوف بقميصه : اطلعي قاعد البس ..
ضحكت تغلق الباب خلفها بقدمها : صاحي أنت وش هالصرخة؟
الناس نايمة.
ابعده ولبسه : عشان تحسين بي قبل شوي يوم تجحدين إني رجلك..
ضي : الفطور جاهز تعال افطر.. ماعليه عفست بالمطبخ شوي إن شاءالله عمتي ماتتضايق!
رفع حاجبيه وجلس أمامها عندما وضعت مابيدها على طاوله صغيره في زاوية الغرفة تفصل بين كنبتين مفردتين : ليه تتضايق؟ أهم شي مافيه إصابات ولا مواعين مكسورة ولا بيز محروق..
ضي : طيب زين..
تأملها تنظر للصينية أمامها تعيد خصل شعرها الرطبه خلف اذنها التي بان احمرار أعلاها.. ترتدي فستاناً منزلياً شتوياً داكن اللون اكتشف بسببه أن الألوان الداكنة هي المفضلة لديه.. كانت الساعة لم تتجاوز التاسعة صباحاً،، إجازته لم تنتهي بعد وأشعة الشمس التي أنارت الغرفة أنعشت مزاجه.. نظر للصينية فوجد فيها اطباقاً متعددة ، مربى و زيتون وجبن وقشطة عليها عسل و نوعين من البيض وكوبين شاي . قال بضحكة : ذكرتيني بمسلسلات أول ، ماينقصنا على هالجلسة والصينية غير روب حرير كحلي منقط و لفافات بقذلتك..
ضحكت له، مابالها تجد كل ما يقوله ظريفاً؟ :x عاد اعذرني ، والله النيّه كانت بان كيك و أومليت ،، شغل احترافي يعني.. بس مالقيت اللي أبي ولا عندي وقت..
خالد وقد بدأ يأكل : كل شي منك حلو. تسلمين لي الله يسعدك.
أووووف.. كيف لدعوة بسيطة سمعتها قبلاً من آلاف البشر أن يكون لها هذا التأثير عليها وكأنها بمجرد سماعها قد سعدت فعلاً..
صرفت بصرها عن وجهه وتشاغلت برفع كوبها والشرب منه تخشى أن يرى تلألؤ عينيها..
كان الصمت يغطي المكان حتى قال بعد أن ابتلع لقمته : الله يالدنيا أول وأنا عزوبي كانت هذي زاويتي المفضلة للقراءة والحين قاعد آكل فيها شكشوكة.. خسف ثقافي عالي المستوى..
ضي بعدم تصديق : تقرأ ماشاءالله!!..
خالد واضعاً لقمه أخرى : أفا عليك، لعبتي.
قالها وغمز ليشتعل جسدها بخجل واضح..
ابتلعت ريقها تحاول أن تختلق حديثاً : وش قال لك أبوي أمس؟
خالد بابتسامه : قال إنك حافظة المصحف.. صدمني.
باستنكار : ليه انصدمت مايجي مني يعني؟
خالد بنبرة خفيفة : بالعكس.. قلبك عامر بالإيمان.. بس ماقلتي لي !.
رفعت كتفيها ببساطة : ما جات مناسبة..
ابتسم : مم وأنا أقول ياربي وش هالسكينة اللي أحس فيها من أطالع فيك.. أثاريها حلاوة الإيمان..
عبست : تتريق؟
بسرعة : لا أعوذ بالله.. يشهد الله إني صادق. جد انبسطت يوم دريت. متى حفظتيه؟
ابتلعت ريقها : أمي الله يرحمها كانت حريصة إني أحفظه فكانت تخليني اسمّع لها يومياً جزئيتها ومع الوقت صرت أحفظ معها وتسمع لي واسمع لها.. الله يرحمها هالكلام كان قبل وفاتها ب٦ سنوات .
ابتسم بعطف عندما رأى ابتسامة شوق وحنين تجمل ثغرها : الله يرحمها ويغفر لها.. يا بختها بالأجر، وفيك..
ضي بخفوت تبتسم له بأسى : آمين.
سكت خالد عندما سكتت بعد كلمتها.. تحرك أصابعها على حدود كوبها تنظر له بسرحان.. وكأنها تراجع ذكريات الماضي بينها وبين نفسها..
تنحنح محاولاً اختلاق حديث : تدرين وش صدمني بعد؟
رفعت عينيها التي غطتها طبقة من الدموع جعلت منها كالزجاج عاقدةً حاجبيها بتساؤل..
فاردف : اكتشفت انك تشخرين.. بغيت أموت من الصدمة أمس..
أعتدلت جالسة تضع كوبها على الطاولة : مستحيل!!
خالد : أقولك زين أذني ما صبّت دم.. عجزت أنام..
ضي ودموعها على وشك السقوط : صدق عاد خالد؟ إلا الشخير لا تكفى..
هز رأسه مبتسماً على ملامحها المبهوته : عاد أول مره اسمعك للأمانة!!
زفرت تنظر له بتوجس.. ثم استراحت بجلستها تعاود أخذ كوبها تقول بهدوء و بعد تفكير : يمكن لأني أمس ولأول مره أنام نومة راحة بعد تعب طويل..
.
.
كان خطاب يتمدد على سريره وهلا تجلس على الكنبة الجلدية السوداء البعيدة عنه نوعاً ما تنظر له..x كأنهم غرباء لم يكن بينهم فيما مضى أحاديث طويلة.. عن كل شيء أو أي شيء.. تشعر وكأن أي كلمة ستقولها لن تكون صحيحة وأن أي موضوع ستحاول اختلاقه سيأتي ثقيلاً عليه وعليها.. وعلى الرغم من أن الصمت الثقيل كان يتسيد المكان .. لكن ما إن وقفت ترتدي غطاء وجهها حتى وسألها بسرعة : وين بتروحين؟
هلا بتنهيدة : خالد جا.. بطلع له مضيع الغرفة..
بهتت ملامحه : ليش؟
عقدت حاجبيها : شلون ليش؟ انا قلت له يجي.
قال بعد تردد : بتقولين له ؟
سكتت تنظر له نظرة جعلته يخفض عينيه عنها.. لكنها تنهدت بضيق : محد بيدري .
.
انحنى خالد يقبل رأس خطاب يهتف بقلق وهو يرى ملامحه المتعبه : وش جاك بسم الله عليك ؟
خطاب بهدوء مفتقداً هلا التي دخل خالد من غيرها : حادثه بسيطة..
خالد : وين معه بسيطة وأنت تحرولت ياشيخ!!.. أكيد كنت لاهي بالجوال..
ابتسم بتعب :x لا والله مالي فيه وأنا أسوق وأنت عارفني،، بس كنت ساهي وماوعيت إلا وسيارة وايت الموية قدامي يا أدخل تحتها وانعجن أو أدخل بالصبّة.. وانا اخترت الصبّة..
خالد : بعدي والله،، وحش.
ثم تابع بعطف : الحمدلله على سلامتك.. جات بسيطة سلَم راسك يالغالي.
ضحك ضحكة قصيرة بترها عندما شعر بألم في صدره : الله يسلمك..
كان داخله يذوب قلقاً يتمنى لو أن يسأل عن دانة وما الذي حل بها؟ هل نجت؟ فالاصطدام كان من جهتها ولم تكن بحالة جيدة عندما وصلت.. أغمض عينيه يشعر من شدة التعب أنه نائمٌ في يقظته..
.
.
كان بدر يجلس وحيداً في غرفته عندما وصله اتصال من منيف.. تأفف ولم يرفع الخط فلا مزاج له بأن يتحدث معه.. أو مع أي أحدٍ آخر..
كان عندما عاد -غاضباً- بعد اللقاء الذي جمعه بخطاب بحث في أرجاء المنزل عن حنين.. يريد منها أن تستفزه كي يصب جام غضبه عليها لكنه لم يجد أحداً وعندما اتصل عليها أجابته ببرود : رايحة البحرين مع عمي..
صرخ بها : ومن سمح لك تروحين من غير اذن؟
حنين : تراها البحرين مو مكان بعيد وأنا رحت مع عمي.. عموماً ما أظن نطول.. ولا ياعمي؟
ضغط على أسنانه بكل قوة وهو يسمع صوتها وقد أصبح بعيداً تسأل والده عن موعد عودتهم.. : يقول قبل المغرب نكون في البيت..
بدر بغضب : حسابك معي لا رجعتي يابنت ال*.. ارجعي أنتي بس ونتفاهم..
وأغلق في وجهها دمه يفور في عروقه.. حنين لم تكن هكذا قبلاً من أين لها هذه الشخصية و القوة والبرود و اللامبالاة؟ فسابقاً كانت لا تقوى أن تضع عينها في عينه والآن ترادده بكل قوة.
زفر هواءً ساخناً يكيل الشتائم : قاويه شوكتها بنت حمد. هين إن ماعلمتك حجمك ما أكون بدر..
عاد هاتفه يرن مجدداً والمتصل منيف فرد بملل : نعم؟
صرخ به منيف صراخاً كاد يصم أذنه..x يتوعده ويهدده وبدر كالأبله يسمع شتائمه حتى سكت الطرف الآخر : صاحي أنت شلون تتهمني اتهام مثل ذا؟ ما جيت حولهم ولا قربت منهم حتّى.. وآخر عهدي بهم كان في شركة خويك.. وش شايفني عندك ماوراي حياة اقعد الاحق بنتك و زوجها؟
ثم تابع بقلق لم يستطع أن يتجاهله : دانة جاها شي؟
منيف : والله يا بدر لو تطلع أنت ورا السالفة ذي لا تلوم إلا نفسك.. بخليك تتمنى أنك ماولدت واسأل أبوك عني وهو بيعلمك أنا مين..
بدر بانفعال :x أقول بس،، إذا أنت منيف فأنا بدر لا تقعد تهدد لأن هالأسلوب ما يمشي معي و لا تظن إن صوتك العالي وكلامك الفاضي يخوفني ..
قالها وأغلق في وجهه يلقي بهاتفه بعيداً صدره يعلو ويهبط بأنفاسٍ غاضبة..
.
.
ثلاث أيامٍ مضت تقرر بعدها خروج خطاب من المستشفى.. كانت هلا رغم أنها لم تفارقه يشعر بها بعيدة عنه.. في نظرتها فراغٌ مرعب يجعله يثني فكرة أن يفتح معها حواراً..
كان قد سأل الطبيب المشرف عن حالته عن دانة هذا الصباح.. مستغلاً بذلك ذهاب هلا للمنزل لتبديل ثيابها.. وعندما عاد في فحص بعد الظهر
كان قد سأل طبيبها عن وضعها الصحي.. كانت هلا تجلس على نفس الكنبة السوداء.. تنظر لهم بهدوءٍ تزلزل عندما سمعت الطبيب يقول لخطاب بشكل طبيعي : بخصوص المريضة دانة.. سألت عنها قالوا لي إنها دخلت بغيبوبة وإلى الآن مافاقت منها..
شعر بقلبه يهوي بعد أن سمع ماقاله.. نسى تواجد هلا تماماً لينطق برعب : شلون يعني غيبوبة؟ حالتها خطيرة للدرجة ذي؟
ابتسم له : والله ماعندي فكرة ما أعطاني الدكتور صلاح أي تفاصيل لكن جدها مرافق معها ومسبب مشاكل يبي ينقلها لمستشفى ثاني ،، إن شاءالله اللي فيها يكون شي بسيط وتفوق منه..
وضعت هلا يدها على قلبها.. بدأ ينبض بشكلٍ سريع ،، لم تكن تتوقع أن النظرة المرعبة التي رأتها بعيني الرجل صاحب الوجه الأمرد المنفّر عندما مرت -يقودها فضولها- من أمام الممر الذي قالوا لها بأن خلف بابه توجد دانة ترقد بأحد الغرف.. تقف بحيره تقرّع نفسها وتأمرها بأن تتحرك من هنا فلا معنى لتواجدها في هذا المكان.. و عندما همت بالذهاب رأت طبيباً يخرج من الباب لتتقدم باتجاهه تسأل بارتباك : لو سمحت أبي اسأل عن المريضة دانة ..
عقد حاجبيه ترتفع عينيه ينظر لشيءٍ خلفها قبل أن يعاود النظر لها : بصفتك إيش؟
ابتلعت ريقها : ... لالا خلاص. شكراً.
واستدارت تنوي الهرب من هذه الفكرة المجنونة تشتم نفسها على فعلةٍ كهذه لكن ما إن استدارت حتى ورأت الذي يقف خلفها مباشرة بوجهٍ متجهم خالي من الشعر.. مرعب بوحمه حمراء لم ترى في حياتها حجماً يفوق حجمها هذا.. كان مرعباً حقاً شعرت وهي تنظر لعينيه التي تنظر لها بقوة بأنها ستتحول لرماد.. عادت خطوة للخلف لا إرادياً تضع يدها على قلبها بهلع : يمه بسم الله..
تكلم بصوتٍ غاضب منخفض، وهنا كان يكمن الرعب الحقيقي.. أن يكون صوته فحيحياً هكذا بنظرة كهذه : من أنتي؟
ابتلعت ريقها : غلطانة معليش.. اسفه..
وأطلقت أقدامها للريح لا تعلم هل كانت تركض أم تطير.. و قبل أن تأخذ المنعطف في آخر الممر التفتت للخلف لتراه لازال ينظر لها.. يخيّل لها بأن وحمته الحمراء مشتعلةٌ من بعيد..
-وقتها- لم تكن تعلم هلا أن الرجل الأمرد الذي أفزعها وبث في أوصالها الرجفة والتي لاحظها خطاب عندما دخلت عليه تتنفس بسرعة وترتعد.. هو نفسه منيف الذي جعل من حياتها وحياة الرجل الذي تحب كابوساً لا يمكن الاستيقاظ منه.
.
.
عودة خطاب للمنزل كانت ليس كما تمنى.. فالليل مضى عليه ثقيلاً محملاً بالأفكار السوداء.. توقع من هلا أن تسأله.. أقلها تعاتبه.. لكن لم يصدر منها شيء سوى بعض الكلمات.. حتى في نومها قررت الذهاب لغرفة سالم بزعمها أنها لا تريد مضايقته.. سالم في بيت خالته سلوى منذ يوم الحادث -والتي ما إن رأته ممدداً على السرير حتى وبكت كما لم تبكي من قبل.. تتحسس صدره و وجهه تمسح على رأسه وتسأله ملايين الأسئلة كي تتأكد من سلامته..-..
كانت هلا غاضبة منه.. يستطيع أن يشعر بذلك من نظرتها.. مع أنها لم تنطق بكلمه.. لكنه يعلم من تقوس شفتيها أنها حزينة .. ومن لمعان عينيها أنها تعاتبه.. لم تشتكي وجعها منه.. و ألمها وجرحها الذي سببه لها بفعلته.. لكنه يعلم بكل الذي يدور في صدرها من صمتها.. حتى عقدة حاجبيها كانت تلومه.. غير مدركه فعلته وكأنها تستبعد فعلاً كهذا يصدر منه..
لكنه فعلها..
الجبان قد فعلها..
بعد خروجه من المستشفى بيومين عاد لها مجدداً ، واقفاً على أقدامه هذه المره.. يمشي في الممرات بجبيرةٍ على أنفه وكدمةٍ تحت عينه واعياً لما ينوي فعله.. القلق يأكله على التي كانت معه في السيارة وكاد أن يودي بحياتها.. حتى وإن كان لا يكن لها أي مشاعر.. تبقى الفتاة روحاً بريئة لا ذنب لها بأحقاده الدفينة ونفسه المريضة.x كان آخذاً الموضوع بشكلٍ إنسانيٍ بحت لا وجود للمشاعر ولا العواطف..
خرج من غرفة طبيبها واتجه نحو غرفتها التي تم نقلها لها فحالتها قد استقرت لكنها لازالت تدخل في غيبوبة.. أو "نومٌ عميق" كما وصفها الطبيب، "ممكن تستفيق منه اليوم أو بكرة أو ممكن الآن وأنا أكلمك.. وممكن الموضوع يطول شوي ويأخذ سنوات.. كل شي جايز.. لكن الله قادر على كل شيء وأنا متفائل"x ..
قرع الباب ودخل ليجدها وحيدة تتمدد على سريرها بعددٍ من الأجهزة حولها.. تقدم بتردد يقفل الباب خلفه حتى وقف قريباً منها.. ينظر لها.. بأسى.. تنهد وبصره يتجول على وجهها. لم يكن هناك سوى خدوش بسيطة مع ذلك كان وجهها صافياً جميلاً كما رآه أول مره.. كانت كما وصف حالها الطبيب (في نومٍ عميق) فلا يوجد أي أثر يقول بأنها تعرضت لحادث سوى صوت الأجهزة..
خرج من غرفتها يغلق الباب خلفه وخطى خطوة واحده فقط قبل أن يتوقف مكانه.. ينظر للقادم من بعيد لاهياً بالنظر لهاتفه.. يمشي على مهل لكن ما إن رفع رأسه ورآه، حتى وأصبح يقف أمامه قبل أن يرف جفنه.. يزمجر بوجهه : وش تسوي هنا؟
ابتلع ريقه وهو يرى وجه منيف بهذا القرب.. أخذ نفساً عميقاً لم يخرجه عله يتقوى عليه.. وقال بهدوء : جاي أشوف زوجتي..
دفعه منيف للخلف حتى التصق بالحائط. يقترب منه يشده من أعلى ثوبه بغضبٍ واضح : وأنت لك عين تجي بعد اللي سويته يال*؟؟
ابتسم يتصنع الثبات والله وحده يعلم أن عضامه تكاد تذوب من هذا اللقاء : وأنا وش سويت؟
دفعه منيف مجدداً للخلف لازال يشد على عنقه : لااا أنت شكلك تبيني أكسر ضلوعك الباقية.. وش تبي هااه؟ وش تبي من دانة؟ علمني.. تبي فلوس؟ تبي منصب؟ وش تبي بالضبط ؟؟
أمسك خطاب بمعصميه بقوة ليدفعه بعيداً عنه يشعر وكأنه سيتقيأ من شدة القرف فمنيف قريباً هكذا شيء يفوق تحمله : وأنت وش اللي عندك عشان أبيه؟ أنا ما يهمني شي كلامك الفاضي اللي قلته وفلوسك خلها لك أنا ماجيت أدور عندك الريال..
ثم تابع ينطق كلماته ببطءٍ متعمد وهو يرى دخاناً يخرج من أذني منيف : أبي شي واحد بس وباخذه،، دانه زوجتي.
منيف بصراخ محترقاً بغضبٍ مدمر : والله لا أخليك تندم يال*..
قالها وهو يلكم خطاب بكل قوة على أنفه،، ليشعر وقتها خطاب وكأن ألعاباً ناريةً خرجت من عينيه ..
.
عاد للمنزل يتأوه بألمٍ واضح عجز عن كتم آهاته.. على أنفه جبيره جديدة وبيده كيس أدوية مليء بالمسكنات فالألم الذي يشعر به الآن لا يحتمل. ما إن رأته هلا حتى وقفزت من جلوسها كما اعتاد أن يراها في الأيام الماضية.. لكنها هذه المره بقت واقفة في مكانها تنظر له بتفحص وقلق وبعد ثواني تنهدت وعادت تجلس دون أن تتكلم .
مشى يجر خطواته ليضع كيس أدويته على الطاولة في منتصف الصالة ويرتمي على الأريكة أمامها يشعر وكأنه سيبكي من شدة الألم..
ابتلعت ريقها وهي تلاحظ حركاته، تصلها تأوهاته والقلق قد بلغ مبلغه منها لذا قالت : من وين جاي؟
خطاب بألم : من المستشفى..
سكتت قليلاً ثم قالت بقلق : فيك شي؟؟
خطاب ويده على جبينه يدلكه : قابلني منيف وكسر خشمي مره ثانيه الله يكسر ضلوعه.. والله لا أخليه يندم على الساعة اللي طلع فيها بوجهي بعد كل ذا العمر.. اقسم بالله لا أشربه من نفس الكاس اللي خلاني أشرب منه.. والله...
اختنق صوته وهلا تراقبه.. ثواني مرت عاد بعدها خطاب يتوعده وهلا تسمع.. حتى تعب وسكت..
كان يغمض عينيه يحاول أن ينظم أنفاسه الثائرة من شدة الغضب " غبي وجبان وضعيف وبتقعد طول عمرك ضعيف.. كان المفروض تكسر راسه مو تسكت عنه وتخليهم يبعدونك عنه كأنك ماصدقت.. كان المفروض تاخذ حقك مو تسكت.. يالجبان".. كان مشغولاً يشتم نفسه قهراً لأنه وبعد أن ضربه منيف وارتفعت الأصوات.. حاول المتواجدين في المكان التفريق بينهم.. وقتها كان خطاب يضع يده على أنفه يشعر وكأنه سيقع مغماً عليه من شدة الألم.. رؤيته أصبحت ضبابية وبالكاد يستطيع أن يعي ماحوله.. لكن مع ذلك صوت منيف كان يصله بوضوح لازال غاضباً يشتمه حتى أتى أمن المستشفى وأخرجه عنوه..
فتح عينيه مستنكراً أن هلا لازالت موجودة في مكانها تنظر له.. إذ أنها لم تعلق على شيءٍ مما قال ولم تحاول حتى أن تضع يدها على موضع الألم عله يطيب بعد لمستها.. ابتلع ريقه : هلا أدري انك للحين زعلانة مني..
قاطعته : أنا مو زعلانة منك.. أنا زعلانة علي .
خطاب محاولاً التبرير باستماته : أنتي تدرين إن مابيني وبينها شي و ما أخذتها إلا عشان..
قاطعته مجدداً : أنا ما سألتك عنها ولا عن موضوعك معها وما أبي أسمع شي يخصك ويخصها.. أنا ماطلبت منك تبرر..
اعتدل جالساً : هلا أنا قلت لك إني بتزوج.. ما غدرت فيك.
هزت رأسها بهدوء : إيه صح قلت لي.. بس بغبائي كنت إلى آخر لحظة أقول لنفسي إنك مستحيل تسوي شي مثل كذا فيني.. عيّت تجي معي خطاب.. بس سويتها..
نبرتها الميته استفزته لم يتوقع شيئاً كهذا من هلا كان يريد منها أن تصرخ بوجهه تعاتبه تضربه إن لزم الأمر.. لكن أن تتكلم وكأن الموضوع لا يعنيها هو شيء فاق توقعاته : أنتي سامحتيه وصبرتي عليه سنة.. اصبري علي أنا بعد..
ارتفع حاجبيها بدهشه ثم انعقد الحاجبين باستنكار وكأنها تحاول أن تستوعب كلماته وما إن استوعبت حتى وتبدلت نظرتها لتقول بانفعال : و تطلقت منه..
قالتها بقوة وذهبت من أمامه لغرفة سالم تداري ما عصف بها بعد الذي قال..x ولم تمهله ثانية كي يستوعب المغزى خلف كلمتها حتى خرجت مجدداً.. تشير عليه بسبابتها تتصنع القوة رغم أن نبرتها مرتعشه و عينها تلتمع بالدموع : وتطلقت منه خطاب.. في النهاية تطلقت منه..
وإن كنت تظن إن فعلتك فيني جات بنفس قوة فعلته ، فطلقني أحسن لي..
.
.
يجلس خطاب بكل يأس على أريكة صالة شقته . يطلب رقم هاتف دانه مرارا وتكرارا والإجابة نفسها . الهاتف مغلق!
مضت ٣ أيام منذ أن رأى منيف ،، كان يعيش فيها خطاب على المسكنات و بنادول نايت ليهرب من واقعه بالنوم.. واليوم صباحاً عندما ذهب للمستشفى لم يجد دانه ولا منيف وعندما سأل الطبيب عنها اخبره بأنها استفاقت من غيبوبتها قبل يومين و بالأمس خرجت مع جدها تحت مسؤوليتها الشخصية لأنها لازالت تحتاج للمتابعة الطبية..
اتصل على جوالها وهو خارج من مبنى المستشفى.. واتصل وهو يركب سيارة الكامري التي استاجرها إلى أن يجد حلاً لسيارته.. واتصل وهو يقف أمام الإشارة والإجابة نفسها.. الهاتف مغلق.
ربما لم تستلم هاتفها قبل خروجها من المستشفى، أو ربما الهاتف ضاع منها أثناء الحادث.. أو ربما يكون معها ولكن فرغت بطاريته. كان يحدث نفسه بهذه الاحتمالات وهو يأخذ الدوار المؤدي للمنطقة التي يسكنها جدها.. وما إن توقف أمام المنزل الكبير حتى ونزل مسرعاً يقرع الجرس بيد و الباب باليد الأخرى.. تلفت يبحث بعينيه فوجد باب غرفة السائق وبدأ يقرعه بكل قوة على الرغم من أن لا سيارات تقف أمام المنزل،، ولم يفتح له أحد..
تحرك من أمام منزلهم مسرعاً وذهب حيث شقق اللواء المفروشة.. فتح الباب بالمفتاح الذي أخذه من الاستقبال ليجد الشقة فارغة تماماً حتى من أشيائها..
نزل السلالم مسرعاً عندما أطال عليه المصعد. وسأل ليجيبه موظف الاستقبال أنها سلمت مفتاح الشقة بالأمس وخرجت برفقة رجل كبير بالسن.. كما و يتوجب عليه دفع المبلغ كاملاً لأنها تحت اسمه..
.
حذف هاتفه جواره.. يدخل أصابعه في شعره بقوة بعد أن يئس من محاولة الاتصال بها.. يضرب أخماساً بأسداسٍ مخه شائك والتفكير متوقف عنده تماماً..
رفع رأسه عندما شعر بحركة بالقرب منه ليجد هلا تجلس على الأريكة الأخرى تبتسم بوجهه.. أغمض عينيه وعاد يفتحها مجدداً بعدم تصديق فهلا تبتسم له!!! ظن أن خياله بدأ يحيك عليه مؤامرة ثقيلة ولكنه ما إن أغمض عينيه وعاد يفتحها حتى و وجد نفس الابتسامة بل انها اتسعت..
هلا بهدوء : تحبني خطاب؟
هز رأسه بتوهان يحاول أن يتذكر متى كانت آخر مره أخذ بها المسكن يخشى من أن يكون كل هذا هذيانٌ بسببه..
سكتت لفترة وكأنها تدرس إجابته ثم قالت وقد تجمعت الدموع في نواعسها : صدق؟
ابتسم بأسى من نبرتها : أكيد صدق..
هلا بعبرة : تخيل إني وصلت للمرحلة ذي معك.. صرت أشك إنك فعلا تبادلني نفس المشاعر .. أو إنك تبيني حتى.. أو يمكن تكون التزمت تتزوجني لأني أنا عرضت نفسي عليك؟
غصت وهي تنطق كلمتها الأخيره.. فتحرك من مكانه بسرعة يجلس بجانبها يشدها حتى استكان رأسها تحت ذقنه : لا عمرك تفكرين كذا،، أبداً.. أنا تزوجتك لأني أنا أبيك.. جد أبيك ومن زمان لكن كنت خايف عليك مني وخايف عليك من علتّي لأني ما أبيك توصلين للمرحلة ذي..x و إنك تشككين بحبي لك هلا..
والله العظيم إني ما حسيت بطعم الحياة إلا معك.. ولا أبي الحياة إلا معك.. هلا أنا بدونك مالي حياة!
ابتعدت عنه تمسح دموعها تهتف بيأس : والله ماعدت أدري وش المفروض أسوي،، عجزت أعرف وش الصح ووش الغلط؟ أنا صح ولا غلط؟. خطاب أنا منيب ضعيفة.. ومنيب رخيصة عشان ترخصني وتستهين فيني.. أنا مشكلتي الوحيدة هي إني أحبك وبشكل أعمى وغبي يخليني أدمح زلتك و أشوف غلطك ولا شي.. مع إنه كبير ويوجع.
اوجعتني خطاب..
اختنق صوته لا يجد كلمات يمكنها أن تواسيها فقال بضعف : أدري.... أدري!
نظرت له بنواعسها التي ذابت من فرط الدموع.. تكاد أسنانها أن تقطع شفتيها وهي تتأمله.. ينظر لها نظرة مليئة بالدموع والانكسار.. على كَثرة المرات التي رأت فيها خطاب ضعيفاً يبكي أمامها متجرداً من كبرياء الرجال العتيد.. جلوسه أمامها هذه المره، بهذه النظرة، بهذا الضعف والإنحناء وكأنه أصبح كهلاً فجأة.. كان مختلفاً.. مختلفاً للحد الذي جعلها تلعن -وهي التي لا تلعن أبداً- من كان سبباً بكل هذا.. تلعنه وتتمنى زواله في أسرع وقت.. وبأبشع صورة.. تشتمه بكل شتيمة كانت قد سمعتها قبلاً.. تتمنى أن تتزلزل الأرض من تحته وأن يحل عليه سخط الله لأنه كان سبباً بوصول خطاب لهذه المرحلة من ضياع الروح.. كانت حزينةً للحد الذي شعرت به كأنها ستتقيأ قلبها.. للحد الذي لم تستطع من أن تمنع نفسها من أن تضع يديها على جانبي وجهه.. تقربه منها وتقبله قبلةً جعلت شهقاته تحبس في حنجرته.. أغمضت عينيها تبكي بصمت حظه وحظها.. سعادته وسعادتها والمليون أمنية التي لم تتحقق،x الأسرة التي تنتظر في المستقبل البعيد وقلبها الذي يمتلئ حباً في كل ثانية له..
ابتعدت عنه للحد الذي يسمح لها بأن تنظر لعينيه التي فتحها بخدر وكأنه كان يعيش سكرة اللحظة.. ابتسمت بحزن : خطاب أنت قد وعدتني في أول ليلة لي معك إنك مابتخذلني.. تذكر ولا نسيت؟
أجابها بصوتٍ محتقن : مانسيت..
هلا : وقتها أنا وش قلت لك؟ قلت إني مستحيل أتركك لأني نشبة،x تذكر؟
خطاب بضحكة مليئة بالدموع : أذكر..
هلا بعد صمت دام ثواني وضحكته جعلت ماتنوي قوله صعباً لدرجة أنها نوت أن تتراجع. لكنها ابتلعت ريقها تقول بابتسامه هادئة : وأنا فعلاً نشبة ومستحيل أتركك.. بس أحتاج أبعد شوي..
بهت وجهه وتجمدت ملامحه بشكلٍ كسر فؤادها لذا قالت بسرعة قبل أن تتراجع : أبي أروح بيت أهلي شوي.. أحتاج أقعد مع نفسي لأن فيه أشياء كثير داخلي تحتاج تتصلح.. بس شوي ، ممكن؟
ابتلع ريقه بصعوبة ينظر لها نظرة الباكي المشتكي، نظرة خطاب الجبان أكثر رجال الأرض بكاءً وضعفاً.. كان يتمنى لو يقول لها بضياع يعني كل حرفٍ فيه "وأنا؟" .. أو أن يصرخ في وجهها " لأ ".. أو حتى لو يبكي يتشبث بأكمام بيجامتها يترجاها أن تبقى معه لأنه يخشى أن يكون خروجها خروجاً بلا عودة.. هل تُقرِّب له الوداع؟ هل دقت نواقيس النهاية في حياته و وصلت هلا للمرحلة التي لم يعد للحب فيها معنى مقابل راحة بالها؟
كان الكلام يتزاحم في حنجرته.. سلسلة طويلة لا نهاية لها.. مع ذلك قال بخفوت ينزل بصره عن ابتسامتها الحزينة له : ممكن..
.
الطريق لمنزل أهلها كان طويلاً على غير العادة.. طويلاً والصمت هو الشيء الوحيد المسموع فيه.. كانت هلا تنظر للخارج من نافذتها.. قليلٌ من الندم يعبث بقلبها وهي تسمع أنفاس خطاب الثقيلة..
خطاب.. نطقت باسمه في سرها وضلوعها تشكي ألماً لا حد له.. كيف بحياتهم أن تغدر بهم هكذا فجأة؟ بعد أن كانت تعيش فوق سحابة من شدة سعادتها بقربه أصبحت الآن تشعر وكأنها قد دفنت تحت الركام!!
لم تخفى عليها نظرته بعد أن خرج من غرفته يرتدي ثوبه.. يرى حقيبتها بجوار الأريكة التي تجلس عليها.. تصنم لثواني قبل أن ينظر لها يبلع ريقه وكأنه يبتلع علقماً : نمشي؟
هزت رأسها و وقفت تغطي وجهها .. تتابع اقترابه ناحيتها ليرفع الحقيبة.. يقول دون أن ينظر لها: ثقيلة والله؟
هلا : ملابسي وملابس سالم..
هز رأسه : اهاا..
كان يجب أن تبتعد حتى وإن كان ابتعاداً مؤقتاً.. أنين قلبها يجبرها على ذلك.. يأمرها بذلك.. لأنها تعلم أن قربها منه سيجبرها على أن تقدم الكثير من التنازلات،، تنازلاتٍ أكثر مما قدمت.. فوجود خطاب أمامها دون أن تكون قادرة على أن تتكلم معه أو أن تجلس جواره تتأمله تحكي له ويحكي لها أو حتى أن تصمت ويصمت معها، شيء يصعب فعله فهي بلغت من الحب ناحيته مالم يصل له بشر..
تخشى إن بقت ، تعلم أنه عاد منها إذا أتى من الخارج مُقبلاً عليها.. أو أن تجد أحمر شفاه يلطخ ثوبه.. أو بقايا رائحة عطرها تعلق بثيابه.. تخشى من أن تصل معه لمرحلة الشك التي لا خلاص بعدها.. تخشى من تلاشي الحب في عينيه وهو يسقيه غيرها.. تخشى من أن تقتلها حقيقة أن هناك امرأة أخرى أصبحت في حياته..
امرأة غيرها يراها يجلس معها ويتحدث وربما يصل الأمر بينهم لأبعد من ذلك..
ابتلعت ريقاً شعرت بمرارته بعد أن توقفت السيارة أمام باب منزل أهلها.. داخلها يذوب يتمنى التراجع فهي أضعف من أن تتخلى عنه.. "عزّي نفسك شوي الموت أحسن لك لو غيرتي رايك الحين ورجعتي معه".. فتحت الباب ونزلت.. ليماثلها خطاب..
يقف يفتح صندوق سيارته ليحمل حقيبة ثيابها ويضعها على الأرض وهي تقف على الرصيف تمسك سير حقيبتها وتراقبه..
ما إن سمع صوت خالد الخارج من المنزل للتو يرحب بسعادة : حيّ الله من جانا..
حتى وارتعدت فرائصه من شدة الخوف.. يخشى من أن يعرف خالد فعلته فتكون نهايته.. أهله وهلا في نفس اليوم.. خسارة ستودي بحياته بلا شك..
لكن خالد سلم عليه بحرارة لم تقل عن حرارة سلامه لأخته.. "يارب..".. كان يرددها خطاب في نفسه وهو يرى قفى خالد الذي يقف أمام هلا يسلم عليها ويمازحها.. كانت يارب فقط دون شيءٍ بعدها فلا يعلم بماذا يدعي لكنّ الله أعلم بحاله وبما يختلج في صدره..
كان يقول لها شيئاً وما إن استدار ناحية خطاب ليشركه في الحديث معهم حتى وانتبه للحقيبة بجانب أقدامه .. عقد حاجبيه : عسى ماشر؟
هلا بارتباك : خطاب بيسافر بكرة وبقعد عندكم ..
خالد : يابووي الله يعين قلوبنا أجل..
ضحكت بارتباك : بعذر؛ جا من يشيل مكاني ..
خالد موجهاً كلامه لخطاب الصامت : على وين إن شاءالله؟
ابتلع ريقه وبدون تفكير : أبها..
ارتفع حاجبيه : وش عندك في أبها؟
خطاب بسرعة يريد النفاذ بجلده قبل أن يفضحه ارتباكه : مشروع جديد وأنا بمسكه.. يلا أشوفكم على خير .
خالد : وين يابوي بتمشي؟.
زفر يهز رأسه،، فأردف : قول لا إله إلا الله ،،x متى رحلتك؟
بتردد : اا بكرة الصبح؟
خالد : أجل ادخل أمي وأبوي داخل والله إن درت سلوى إنك جيت لين باب البيت وما دخلت بتتوطى حوض بطنك وعاد دور أحد يفكك من بنت عيّال.
خطاب بتلكك : أعذ..
قاطعه وهو يسحبه خلفه : ااا.. أقول إمش بس أنا قايل أنت متغير علينا ماعادك خطاب الأولي،، صاير ثقيييل بس اصبر علي لي قعده معك بعدين..
ثم توقف فجأة يمد سبابته يلمس جبيرة أنف خطاب الذي صفع كفه : ولد..
ضحك: وش فيها جبيرتك ذي كل مالها وتكبر شوي وتوصل اذانك؟ بالله انتبه عليهم لا تصير فتحةx أكبر من فتحة ..
.
انقلب على جنبه الأخر وهو يشعر بالتي جافى النوم عينيها خلفه..
الليل أسدل ستاره منذ زمن و سلوى لازالت مستيقظة تضع يداً تحت خدها بوجهٍ قلق..
تركي : للحين مانمتي؟
زفرت : تركي أخاف فيه مشكلة بين خطاب وهلا..
عقد حاجبيه : مشكلة وش؟
بضيق : والله ما أدري يا تركي ما ودي أنطق بها.. بس أنا مرعوبة يكون خطاب ما يجيب عيال.
عبس : وش هالفال أعوذ بالله؟
سلوى : والله إني خايفه.. كم صار لهم متزوجين؟
تركي : هلا قالت لك شي؟
تأففت : وهي بنتك تقول شي ولا تتكلم؟ أنا متأكدة إنها هي وياه فيهم شي ، دخلتهم علينا اليوم ما كانت طبيعية وقعدتها عندنا لأنه مسافر ما دخلت مزاجي..
تركي : وأنتي تظنين هلا بتتركه عشان العيال؟ مستحيل..
قالها وسكت يؤمن بها.. فهو أعلم بخبايا قلب ابنته فقد سمعها بأذنيه تطلب خطاب الزواج منها..
ثم تابع : بنتك تحب رجلها أكثر مني ومنك يمكن .. وإن طلع فيه مثل ما قلتي ما أظن هلا قليلة أصل للدرجة ذي عشان تتركه لجل العيال..
سلوى : مافيه مرَه ماتبي عيال ياتركي.. أنا أخاف اسألها أو اسألهx يتضايقون مني..xx
بحده : إياني واياك تفتحين معهم هالسيرة. انتبهي..
سلوى بتردد : ياخوفي الكلام اللي طلعته زوجته الأوله عنه يكون صدق..
زفر : وش رايك تسألين خطاب .. ولا تسألين هلا عن هالموضوع موب أزين؟
سلوى بهلع : ياويلي،، الله يقص لساني مانطقت بها..
سكتت و وجهها يمور بألف تعبير.. حتى أن عينيها بدأت تلتمع بالظلام فضحك : وش فيك الحين؟
سلوى : والله قلبي موجعني على ولد أختي.. من جا على الدنيا وحظه عاثر ماشاف يوم زين أبد..
تركي : اسخطي على قدر ربك أحسن!..
سلوى بسرعة وتبرير : أعوذ بالله ماقصدت.. بس أنت سألت وأنا جاوبتك.. بعدين أنت ليه معصب علي؟ خلاص ياخي لف عني ونام ماعليك فيني.. لف وجهك عني أشوف..
تنهد بطولة بال : يابنت الحلال ماعصبت بس أنتي سامعه كلامك؟ ياسلوى العيال كبروا ماعاد هم الصغار اللي أول ومشاكلهم بيحلونها بأنفسهم دام إنهم ماطلبوا عون أحد.. تعوذي من ابليس ونامي بس..
ثم تابع بابتسامه قلقه ممازحاً : و اتركي عنك اللقافة..
.
.
كانت تتمدد على شقها الأيمن بجانب سالم الذي يستعد للنوم.. يضع يديه تحت رأسه وينظر للسقف بصمت.. وضعت يدها على صدره تتمتم بعض الآيات وتحصنه بذكر الله وعلى ثغرها ابتسامه صغيرة بسبب ملامح ابنها الجادة.. إذ يبدو أن الطفل الصغير في تفكيرٍ عميق بينه وبين نفسه..
قال بهدوء لازال على وضعه : أمي خطاب بيموت ؟
اقشعر بدنها من قوة الكلمة : بسم الله عليه.. ليه تقول كذا؟
رفع كتفيه : شكله تعبان..
عبست : و أنت وش عرفك بالموت؟ من وين تجيب هالكلام؟
سالم بتردد : طيب بنقعد في بيت بابا تركي على طول؟
عقدت حاجبيها باستنكار : أنت تبينا نقعد على طول؟
هز رأسه مؤكداً يديره ناحيتها في عينيه رجاء طفولي شطر قلبها : ليه؟.... ماتبي غرفتك اللي هناك؟
سكت قبل أن يقول بصعوبة : ما أبي خطاب..
ارتفع حاجبيها حتى كادا يلتصقا بمنابت شعرها ليتابع سالم بعبوس : أنا ما أحبه.. لأنه زعلك، وبكيتي..
ابتلعت ريقها تشعر بأنها عاجزه عن التبرير.. تحرك بؤبؤها بحيره على ملامحه.. كيف للصغير هذا أن يتفوه بحديثٍ كهذا؟
هلا بتوهان : بس أنا أحب خطاب.. واللي يحبني لازم يحبه..
أنت ماتحبني سالم؟
سالم بسرعة : إلا ماما أحبك..
هلا : أجل لازم تحبه.. خطاب يحبك ودايماً يقول إنك أحسن ولدx عنده .. ولا نسيت ؟
سكت قليلاً يتأمل وجهها قبل أن يهتف بحيره : لا مانسيت! بس هو صيحك هذيك المره..
وبتردد تابع وكأن عقله الطفولي غير قادر على الفهم : يوم قال بتزوج.. كيف يعني بيصير عندي ٢ أم؟؟
اتسعت عينيها بذهول ،، ثم بصرامة : ساالم!!
سالم بتبرير : أنا سمعته..
هلا بتوتر كيف لم تنتبه لوجود سالم تلك الليلة، كيف يمكنها أن تخرج من مأزقٍ كهذا؟ : كان يمزح معي.. ولا عاد أسمعك تجيب هالسيرة مره ثانية على لسانك.. و ياويلك تحكي فيها قدام أحد.. سامع؟
هز رأسه بخوف : طيب.. آسف..
هلا بحيرة : سالم حبيبي لا تفكر بمواضيع مثل هذي.. وخطاب يحبني ويحبك وأنا متأكدة أنه لا سمع كلامك بيزعل..
هز رأسه يعطيها ظهره وكأنه ينهي النقاش.. استمرت تربت على جنبه تنظر لرأسه بتوهانٍ عظيم.. مضى عليها منذ أن تركت منزلها ومنزل خطاب قرابة الإسبوع.. لم تقطعه ولم يقطعها بل كان يتصل عليها وتتصل عليه.x صحيحٌ أن المكالمة لا تدوم ٥ دقائق يمضي نصفها سكوتاً والنصف الآخر أسئلة روتينة عن الحال.. ولكنها في نهاية الأمر تعتبر تواصلاً. انتظمت أنفاس سالم منذ زمن طويل ونام الصغير وهلا لازالت تربت على جنبه بسرحان تفكر بما قاله حتى تعبت يدها وتوقفت.. زفرت أنفاسها الثقيلة وخرجت من الغرفة بحذر خشية من أن توقظه..
جلست بصالة الدور العلوي جميع الأنوار مطفأة إلا نور بسيط قادم من دورة مياه الصالة.x تتأمل هاتفها بين يديها تقلبه بحيره إلى أن عقدت قرارها وهي تهتف لنفسها تشجعها " خطاب لي.. الله بيرجعه لي..
أنا واثقةx ." .. واتصلت عليه ، فأجاب بسرعة كأنه كان ينتظر اتصالها.. وبدون مقدمات : وش تسوي؟
خطاب بهدوء : أندب حظي.
ضحكت ضحكة كئيبة : بسم الله عليك وعلى حظك.
خطاب بابتسامه : عديم حظ من يومي..
هلا بعد رضا : الله يصلحك ..
خطاب : أنتي وش تسوين؟ ليه للحين صاحية؟
سكتت قليلاً ثم قالت بنبرة تعب تدلك جبينها : سالم طير النوم من عيني..
خطاب باهتمام : ليه؟
هلا : قام يقول كلام أكبر من عمره.. خوفني!
خطاب : أنا ملاحظ عليه متغير الفترة الأخيرة!
هلا بضحكة ساخرة : سالم حاقد عليك لأنك على قولته زعلتني وخليتني أصيح.. ويسأل إن كنت بتجيب له أم ثانية لأنه سمعك ذاك اليوم وأنت تزف لي خبر زواجك..
احتدت أنفاسه : وش تقولين أنتي؟ سالم وش يعرفه بكلام مثل ذا؟
هلا : بكرة تعال وحاول ترقّع الوضع شوي.. سالم طفل ويتأثر بأي شي وأنا ما أبيه يكرهك .
خطاب بعد فترة : هلا أنا تعبان وأنت..
لتقاطعه : وأنا بعد تعبانه.. تصبح على خير ..
وأغلقت الهاتف في وجهه و وضعته أمامها على الطاولة بعد أن تقدمت بجسدها تحني ظهرها وتلقي برأسها بين كفيها.. ممزقة من كل جانب يالله.. ساعدني.
لا تعلم كم مر على جلوسها بتلك الوضعية الغير مريحه.. وما إن شعرت بالثقل الذي حط بجانبها حتى ورفعت رأسها بذعر..: خرعتيني يمه.. صدمت بوجود والدتها تنظر لها بابتسامه محدودة وفي عينيها قلق واضح : وش مقعدك هنا تالي الليل لحالك؟.
هلا بتلعثم حاولت أن تسيطر على أنفاسها المرعوبه : كنت اكلم خطاب.
سلوى بهدوء : وش أخباره خطاب؟
هلا : زين.
سكتت تنظر لها بتفحص وفمها قد استوى بخطٍ مستقيم وكأنها تمنع كلاماً من أن يخرج..
ابتلعت ريقها : غريبة صاحية للحين!!
ثم اردفت عندما لم تجبها : فيه شي يمه؟
سلوى : سالم قال لي..
شعرت وكأن جبلاً من جليد هوى عليها : قالك وش؟
سلوى بأسى : هلا..
وقفت بصوت مخنوق تتوعد بغضب : والله لا أوريه شغله سالم الكلب..
لكنها مسكتها من معصمها تسحبها لمكانها بقوة : حلفتك بالله ماتلمسينه ولا تقولين له شي..
بعبرة : يكذب يمه..
سلوى : هلا أنا أمك.. وخطاب ولد إختي قبل لا يكون زوجك..
أسألك بالله تعلميني وش اللي صار بينك وبينه؟
هلا : ما صار شي.. خلاف بسيط وبينحل..
سلوى : وش هالخلاف البسيط اللي يخليه يتزوج عليك؟ أسألك بالله لا توجعين قلبي يابنتي وعلميني .
بكت بخوف : أمي الله يخليك لا يسمعك أحد. وقلت لك سالم بزر لا تصدقينه..
سكتت تنظر لها بتأثر وهي تحاول جاهدة أن توقف دموعها عن السقوط لكن لا جدوى.. همست بشفقة : هلا..
هلا : اللي بيني وبين خطاب خلاف بسيط وبنحله يمه.. لا تشغلين بالك وخطاب يحبني وأنا أحبه.. بس أبوي واخواني لا يدرون.. لحد يتدخل الله يخليكم،، خطاب ماله أحد غيركم.. ما أبيكم تتغيرون عليه عشان شي صار بيني وبينه..
سلوى : لازلتي مصره تخبين علي؟!
هلا بعينين غرقتها الدموع مجدداً تربت على صدرها بوجع حقيقي : أنا بموت يمه .. قلبي يوجعني. والله يوجعني.
لم تحتمل رؤيتها هكذا لتحتضنها بشده تمسح على ظهرها تهمس في اذنها بصدق وتأثر : الله يجبر قلبك يابنتي جبر ما كنتي تحلمين به أبد.
.
.
عصر اليوم التالي كان خطاب يقف بسيارته التأجير أمام منزل خالته.. يفرد شماغه ويعيد ترتيبه.. ثم يفرده ويعيد ترتيبه مجدداً.. وهكذا حتى شعر بالملل فأغلق حامل المرآه أمامه بقوة.. يتأفف بتوتر.. كان قد اتصل بهلا قبل خروجه من منزله.. يخبرها بأنه سيأتي ليأخذها هي وسالم بمشوار خاص.. والغريب أن هلا وافقت فوراً دون أن تجادل.. إذ أنه توقع رفضها وقد أعد خطاباً كان ينوي إلقاءه عليها في حال فعلت ذلك "لازم تحسسين سالم ان ما بيني وبينك شي وإن وضعنا طبيعي.." لكنها وافقت ما إن أخبرها بطلبه .
ابتسم بشوقٍ عارم وهو يراها تغلق باب المنزل وتتقدم ناحية سيارته ومن خلفها سالم يمسك عباءتها وكأنه يخشى من أن تهرب عنه .
فتحت الباب وركبت تسلم بهدوء دون أن تلتفت له.. لتتسع ابتسامته يقبل يدها بعد أن سحبها بقوة يرفعها لفمه : وعليكم السلام ورحمة الله.. حيّ الله قلبي..
حاولت أن تسحب يدها لكن لم يدع لها مجالاً لذلك.. فأشارت بعينيها للجالس خلف مقعدها.. وبصوت منخفض : أنا جيت عشان مايشك إن بيني وبينك شي، واترك يدي تراه موجود.. لايشوفك..
ترك يدها بعد أن قبلها مجدداً وأدار رأسه ينظر لسالم متكتف اليدين ينظر للخارج بصمتٍ رهيب.. تنهد : وش فيك علينا يا أبو محمد.. ليه ماتسلم؟
سالم بهدوء دون أن ينظر له : السلام عليكم .
خطاب : خشمك يالذيب طيب..
تأفف الصغير واقترب منه يقبل أنفه ليشهق متفاجئاً عندما سحبه خطاب بقوة يجلسه في حضنه.. يضمه لصدره متجاهلاً بذلك شهقته واعتراضاته.. يهتف : ما اشتقت لي يا ولد ؟
ثم تابع عندما لم يجد إجابه سوى يد الصغير تحاول التحرر منه.. فأبعده عنه : وش رايك أنت اللي تسوق فينا اليوم؟
سالم بنظرة شك : كيف؟
كانت هلا تضع يداً على قلبها بقلق.. تنظر للطريق أمامها تارة.. ثم لخطاب وسالم الجالس بحضنه يحرك المقود باستمتاع تارة أخرى.. : الله يستر لا يجيب أجلنا اليوم..
خطاب بضحكة : أفا بس شلون تخافين و معك كنق الطارة!!. صح يالسلمي؟
ضحك سالم مستمتعاً جداً يتشبث بالمقود بكلتا يديه : صح صح.. ادعس خطاب ادعس بقووة..
خطاب : أبشر يالغالي..
هلا بهلع تضع يدها فوق يد سالم : وش يدعس؟؟ خطاب تعوذ من ابليس توك طالع من حادث..
اشهد ان لا اله الا الله.. يارب استرها معنا يا كريم..
ضحك من أعماق قلبه : شدعوة هلا تراني أمشي ٣٠ والشارع قدامنا فاضي.. ويدي ماسكه الدركسون من تحت.
هلا بخوف : والله إن لقطك ساهر بتروح فيها.. كلنااا بنروح فيها..
خطاب بابتسامه : ماعليه أهم شي سالم مستانس .
سالم بصوت مرتفع : إيه إيه مستااانس.. ادعس أقووى ادعس ..
ليزيد من ضغطه على دواسة البنزين فانطلقت السيارة تشق الطريق الخالي من السيارت تحت صراخ هلا المرعوبة وضحكات سالم الذي بدى وكأنه يعيش أسعد لحظات حياته.. كان يحاول نيل رضاه بأي شكل حتى لو اضطر لدفع دم قلبه سبيلاً لذلك.. علاقته بسالم لم تتوقف عند كونه ابن لهلا فقط.. بل تعدت ذلك لتصل لمرحلة الشعور بأن الطفل الجالس بحضنه الآن ابنه حقاً.. كان يرى فيه حلماً لم يتحقق بعد،، يعوض نقصه به ويستشعر بذلك الإحساس بأن يكون أباً حقاً..
سالم كان طفلاً مميزاً بتصرفاته يفرض حبه في قلوب الجميع دون جهد، فكيف بقلب خطاب المحروم؟ كان حبه له من حبه لوالدته.. حباً عميقاً لم يتأثر بكونه ابن رجلٍ غيره كان قريباً من هلا بالشكل الذي عجز هو عنه.. كان يحاول الآن جاهداً أن يمحي فكرة خطاب الذي أبكى والدته وكرهه لذلك.. يريد لعلاقته بسالم أن تعود كما كانت في السابق.. وأن يعود سالم بمناداته ب"خطاب صديقي".
ابتسمت هلا تشعر بالسعادة التي تفرض نفسها على كل شيء داخلها.. تنتشر في مساحات الحزن والخذلان الواسعة، تبدد الغضب، جروح الروح و وجع القلب.. ترى خطاب أمامها يمشي ممسكاً بيد ابنها ليقطع الشارع بعد أن توقف بسيارته في مواقف المعرض الكبير والمخصص لبيع الإلكترونيات.. كانت تجهل سبب قدومهم لمكانٍ كهذا لكن بعد أن رأت خطاب يخيّر سالم بين جهازين من أجهزة -البلايستيشن- حديثة الإصدار حتى و وضعت يدها على رأسها من جنون ماينوي فعله.
هلا بقوة بعد أن سمعت خطاب يتكلم بخفوت مع سالم " اسأل ماما عادي نشتري واحد ؟"... : لا طبعاً موب عادي..
خطاب بعينين اتسعت بشكل كوميدي ينظر للصغير أمامه: اوبس،، سمعتنا!!
بدأ سالم يقفز أمامها يتوسل ويتشبث بكم عباءتها يحاول ثنيها عن قرارها..
هلا : سالم قلت لأ يعني لأ.. أنت للحين صغير على الأشياء ذي..
سالم بنبرة باكية : لا مو صغير .. ماما بليز..
نظرت لخطاب بعتب.. ترى ابتسامة واسعة تعتلي وجهه : فرحان ماشاءالله!!
ضحك : لا تكسرين بخاطر الولد ..
هلا : والله ماتصلح له..
خطاب بإلحاح : عن خاطره هلا وحددي له وقت معين يلعب فيه .. هو من أول قال لي يبي واحد كل اللي معه بالصف معهم لدرجة إن واحد منهم قال له اكتب حرف P بخط كبير وحطه تحت السرير وبيطلع لك سوني.. قاموا يطقطقون على الولد عيال اللذينَ..
ضحكت باستنكار : من جدك؟ من وين جايب السالفة ذي؟
تكتف : سالم قال لي..
أنزلت بصرها حيث سالم يحتضن جزءها السفلي يرفع رأسه وفي عينيه رجاء طفولي .. ضحكت وعادت تنظر لخطاب : والله شكل هو اللي يطقطق عليك..
خطاب بابتسامة : يلا عاد هلا لا تعسرينها..
هلا بزفره بعد تفكير وهي تشعر بذراعي سالم تكاد تعصر خصرها : موافقة بس على شرط..
ثم أرخت بصرها لابنها الذي التمعت عينيه بفرحة واضحة : ما يقعد عليه طول الوقت.. ولا قلت له يقفله يسمع كلامي..
خطاب : وسالم موافق .
سالم بسرعة : ايوه والله موافق.. موافق..
كانت تقف بجوار خطاب في ممر الأشرطة حيث سالم يقفز من رفٍ لآخر يتخيّر بين ماتحتويه.. كانت سعادته واضحة وكأنه ملك الأرض ومن عليها..
لا تنكر هلا شعور الراحة الذي سكن قلبها وهي ترى سالم يلتفت من وقت لآخر باتجاههم ابتسامته تكاد تشق خديه.. يركض باتجاههم ليُري خطاب اختياره.. تنهدت : الله يصلحه ماهقيت إنه انتهازي كذا.. فشلني.
ضحك لها : قصدك ذكي و استغل وضع إني أدور رضاه دواره.. لو طلبني سيارة الحين جبت له..
هلا : ماعليه بنكلف عليك،، ولدي وأعرفه ماينعطى وجه..
نظر لها بعتب : عيب عليك لا تحسسيني إني غريب عنكم.. سالم ولدي بعد ولو طلب روحي عطيته.. ماتتخيلين وش صار فيني أمس يوم دريت إنه شايل بخاطره مني.. والله ضاقت بي الدنيا فوق ماهي ضايقة.
قبل أن تفتح فمها لترد على كلامه تحرك خطاب بخطى سريعة حيث سالم الواقف في آخر الممر يصرخ بحماس يشير بيده على أحد الأشرطه : خطاب خطاااب تعال شوف.
ما إن ركب خطاب مكانه خلف المقود وقبل حتى أن يغلق بابه.. كانت يدي سالم الصغيرتين تمسك برأسه مقبلاً بذلك خده بكل قوة.. مره واثنتين.. وثلاثة يهتف بينهم ..: شكراً خطاب.. شكراً شكراً..
ضحك يغلق بابه على صوت هلا تهز رأسها بيأس : نعنبو غيرك يالمصلحجي..
خطاب لازال يضحك : أهم شي مستانس؟
عاد يقبل خده : بطير من الوناسة.. شكراً شكراً..
ابتسم بحب واضح : حبيبي أنت العفو.. بس هاه مثل ما اتفقنا تسمع كلام أمك لو دريت بس إنك تعبتها باخذه منك وأبيعه..
سالم متفحصاً محتويات الكيس الكبير الذي أصر على خطاب بأن يضعه جانبه : والله اسمع كلامها.. متى بنرجع بيتنا؟؟
نظر خطاب لهلا نظرة مليئة بالرجاء الذي أشعرها بالخطر.. إذ شعرت أنها قاب قوسين أو أدنى من أن توافق . لكنها هربت ببصرها عنه توجه كلامها لسالم : بس شوي حبيبي إلى إن يخلصون العمال شغلهم في البيت..
سالم بانشغال يتأمل شريطاً آخر بين يديه : عمال وش؟
هلا بتلعثم : عمال يصلحون الشقة .
تجاهل سالم ماقالت وانشغل يتفحص أشرطة أخرى.. لتزفر براحة وتلتفت لترى خطاب ينظر لها نظرةً لم تفهمها.. فقالت بضيق : خلينا نرجع البيت أمي تنتظرنا..
.
خطاب بهدوء عندما توقفت سيارته أمام منزل خالته : هلا لا هنتي أبي سالم شوي..
التفت ناحيته سالم الذي همّ بالخروج مستنكراً طلبه في نفس الوقت الذي قالت فيه هلا : وش تبي فيه؟
ابتسم ينظر لسالم : أبيه بكلمة راس.. سالم تعال اركب قدام..
سكتت هلا تتأمله بحيره قبل أن تهمس : طيب..
قالتها وخرجت تغلق الباب خلفها وتختفي خلف أبواب المنزل..
خطاب : وش فيك للحين ورى؟ تعال جنبي..
قفز سالم وجلس مكان والدته يهتف باستعجال : وش فيه؟ بسرعة أبي أدخل داخل أجرب السوني..
سكت خطاب يتأمله قليلاً يحاول تبسيط كلامه قدر الإمكان : سالم أنت الحين رجال وكبير صح؟
سالم بقوة : صح..
ابتسم : مره ثانية إن كنت زعلان مني تعال قول لي.. إن شفتني ضايقتك تعال علمني.. لا تسكت عني وتكتمها بصدرك.. الأسابيع اللي فاتت ماكنت تعاملني زين لأنك كنت زعلان مني صح؟
سالم بتردد صرف بصره عنه : إيه .
خطاب : ليه؟
ثم أردف عندما لم يجد إجابه : .. اسمعني سالم أنا الحين بكلمك من رجال لرجال أدري إنك ذكي وبتفهم كلامي.. أنا فرحان لأنك تخاف على أمك و ماترضى أحد يزعلها وأنت كبير ورجّال البيت إذا ماكنت موجود و إن تركتكم وطلعت أكون مرتاح لأني أعرف انك بطل و بتنتبه على أمك وعلى نفسك بغيابي.. مشاكل صغيرة مثل هذي تصير في كل بيت وبين أي اثنين.. عادي! وأنت تشوف أمك تضحك وتسولف معي و طلعنا مع بعض الحين نفس قبل ومابيننا أي شي.. أمك زوجتي وبنت خالتي وأحبها وأحبك كثييير وما أرضى عليكم، أنتم أسرتي الوحيدة ما أقدر استغني عنكم ومهما غلطت أنا مالي غيركم.. أنا ماعندي عيال،، بس أنت ولدي.. وأنا أحبك وفرحان بك وبوجودك في حياتي وما أبيك تبعد عني أو تبعدني عنك أبداً..
فاهم وش أقول سالم؟
هز رأسه بتوهان فكثير مما قال خطاب لم يفهمه : فاهم ..
ثم بترددx : آسف..؟
فتح ذراعيه له مبتسماً براحه : وأنا بعد آسف.. هاه ،، خلاص صحيب؟
احتضنه بقوة،، يضحك : صحيب..
ما إن دخل المنزل حتى و استقبلته رائحة البخور والقهوة المهيلة.. أحضان خالته التي عاتبته بحنو : وينك ما تقول عندي خاله أجي أطل عليها اشوف وش أخبارها؟ متى جيت من أبها؟
عقد حاجبيه ينظر لها مستنكراً فهو قد نسى الكذبة التي حاكتها هلا.. وبعد أن أنار مصباحٌ فوق رأسه عندما استوعب قال بسرعة : أمس..
وهلا.. هلا التي تعلقت عينيه بها وكأنه لأول مره يراها.. تتحرك في المكان ترتدي بنطالاً أظهر تناسق جسدها وكنزة شتوية صفراء اللون جعلتها كالشمس في المكان.. لا يعلم هل تغيرت أم عدم رؤيته لها يوميا طوال الوقت كما اعتاد اوهمه بذلك.. كانت تقدم له القهوة وتقرب منه الضيافة تضحك معه وتجلس جواره وتتحدث وكأن شيئاً لم يكن حتى بدأ يشك بأن لا شيء حدث بينهما فعلًا وانهم في نهاية اليوم سيعودون معاً للمنزل..
كان سالم يستعرض مشترياته لسلوى بكل سعادة.. يشرح لها بضمير وهي تجاريه بهز رأسها وتعابير وجه متحمسه مبالغ فيها ..
هلا بهمس لخطاب الجالس جوارها يتقدم بجسده يضم كفيه على ركبتيه ويضحك على تعابير وجه خالته : وش قلت لسالم؟
غمز لها يجاريها الهمس : سواليف رجال ما يصلح اتكلم فيها معك..
عادت تنظر للأمام تخشى من أن يلاحظ تأثير حركته عليها.. إذ أن حتى صوتها خرج مرتفعاً عندما قالت : خلاص سالم وخر عن أمي صكيت راسها..
لملم سالم حاجياته وذهب بها للدور العلوي وقبل أن يمضي على غيابه خمس دقائق عاد ينزل عتبات الدرج بسرعة يصرخ بفرحة : ماما تعالي أبي أشغله..
وسحبها معه دون أن يعطيها مجالاً للاعتراض.. زفر خطاب هواءً من فمه وهو يرى هلا تُسحب عنوه من قبل ابنها وتحاول أن تجاري خطواته بضحكة..
وبينما هو يراقبها تختفي من أمامه في الدور العلوي.. سلوى كانت تراقبه.. قلبها قد تفطر على حاله وحال ابنتها.. كانت عالقة في المنتصف غاضبة منه لفعلته التي فعلها وفي نفس الوقت غضبها يتلاشى مجرد أن تنظر لوجهه.. في قلبها رحمة وعطف عليه لا يصل لأحدٍ غيره..
حاولت أن تبتسم : وش أحوالك خطاب؟
نظر لها يبعد ناظريه عن السلالم.. عاقداً حاجبيه مستنكراً سؤالها فقد سألته قبلاً وأجابها : الحمدلله.. وينه عمي ما شفته؟
سلوى : اليوم معزوم على استراحة صديقه بالنعيرية.. أنت وش أخبارك؟
ضحك عاقداً حاجبيه : والله طيب وش فيك مو مصدقتني؟
سلوى بعد صمت : خطاب أنا للحين خالتك.. انسى إني أم زوجتك وعلمني . وش بينك وبين هلا؟ صاير شي؟
بقلق : لأ.. ليه هلا قالت شي ؟
ابتسمت بأسى وهي ترى اضطراب ملامحه : أنت تعرف هلا ماتتكلم، غير إني يوم سألتها قالت خلاف بسيط..
تنهد براحة : مسألة وقت يا خاله وكل شي بيرجع مثل ماكان..
سلوى بهم : أنا أعرف هلا يا خطاب من دَخلت وهي شايلتك شيل لأنها تبي تبين لي إن الموضوع اللي بينكم فعلا بسيط.. بس حالها الأيام اللي فاتت يقول عكس ذا الشي.. ومن شاف وجهك اليوم درى إن السالفة كايدة.. وش جاكم؟
بضيق : لا تشغلين بالك...
قاطعته : تخبي علي ياولد سلمى؟
ابتسم لها ابتسامة لم تصل لعينيه، كان سيقول " ليتني رحت مع سلمى يوم راحت ." .. لكنه قال عوضاً عن ذلك بعد تنهيدة خرجت من أعماق قلبه : خاله أنا.. أنا ما أبيك تاخذين موقف مني.. ما أبيكم كلكم تزعلون مني عشان اللي قاعد يصير بيني وبين هلا.. أدري إن محد فيكم راضي و أدري إنك شايله بخاطرك علي،، بس خاله... خاله أنا مالي غيركم .. أنتم أهلي..
قبل أن تفتح سلوى فمها لتجيبه وصلهم صوت هلا تنزل السلالم بضحكة : خطاب لو تشوف شلون سالم مبسوط.. بغى ينقلب عليه التلفزيون من كثر ما يخمخمه..
تلاشت ضحكتها عندما حطت أقدامها منتصف الصالة تنظر لهم باستنكار: وش فيكم وكأن على رؤوسكم الطير؟ وش هالجو؟
زفر و وقف على عجل :x أنا بمشي راجع لأبها بكرة،، سلموا لي على عمي والعيال.. مع السلامة ..
سلوى بشفقه وهي ترى الحزن يغطي ملامحهx : خلينا نسمع منك يابوي لا تقطع مره وحده..
ابتسم لها يقبل رأسها قبله طويله وهو يشعر بيدها تربت على عضده بحنو وكأنها تخبره بأن الأمور مهما اشتدت والخلافات تصعدت سيبقى حالهم كما هو لن يغيره شيء..
ابتعد عنها يبتلع عبرته ويبادلها ابتسامة دافئة ثم التفت لهلا يرمش بقوة يبدد حرقة عينيه ليجدها تقف في مكانها تنظر لهم بقلق تعض ابهامها.. : توصليني للباب هلا؟
ابعدت ابهامها ونظرت لوالدتها ثم له.. كان في نبرته رجاء وتردد وكأنه يخشى من أن ترفض. تنهدت بقل حيلة : إيه..
مشى معها في ساحة المنزل ببطء كانت تجاريه به.. كأنه يريد للحظتهم هذه بأن تطول.. كانت تمشي تضم يديها أمامها تنظر للأرض وتسترق النظر له بطرف عينها.. وعندما توقفت خطاهم أمام باب المجلس الخارجي قالت بهدوء : شكراً خطاب..
عقد حاجبيه والتفت ينظر لها لتتابع : على هدية سالم.. ما تتصور كيف مبسوط فيها..
ابتسم : أهم شي يكون راضي علينا أبو محمد.. خلاص طاح الحطب؟
ضحكت تغطي فمها بيدها : طاح و بس.. اتوقع الحين صار يحبك أكثر مني..
خطاب وضحكتها بعثت فيه مئة ألف شعور بين الحب والحب والحب والحب.. بجميع المسميات وجميع الأشكال والصور.. فهي وحتى الآن لازالت تقف معه تضحك له وتحادثه رغم فعلته التي هو متأكد بأنها دمرت شيئاً فيها : شكراً لك أنتي لأنك اعطيتيني فرصة ثانية معه..
بادلته الابتسامه بابتسامه صغيرة لتقول ببساطة : دايماً فيه فرصه ثانية..
اتسعت ابتسامته وعينيه تتعلق بعينيها.. بصمتٍ يحمل من المعاني الكثير، والتي إن نطق بها لن تصلها كما وصلتها من خلال نظرته.. كان التعب واضحاً على وجهه.. هالاتٌ تحت عينيه واحمرار جفنيه وذقنه المهمل.. قالت بقلق : شكلك ماتنام زين خطاب ..
خطاب لازال ينظر لها بابتسامه : ما أنام أبد الله وكيلك.
عبست : ليه؟ وجهك تعبان حتى صوتك من الإرهاق متغير .
خطاب : بالي مشغول.. أحس حياتي قاعدة تضيع مني.. ماعدت أدري وش أبي!!
ثم أردف بعد تنهيدة : الله يعين بس و يفرجها من عنده ..
همهمت : آمين..
خطاب متأملاً وجهها بحنين : أحس قلبي مو معي.. متى بترجعين لي؟
ابتسمت : لا خلصت مشروعك اللي بأبها.
قالتها تغمز له تريد منه أن يشعر بأنه لازال خطاب الذي تحب وأن جبل الجليد الذي صدمت به سفينتهم أحدث خدشاً بسيطاً فيها لكنه لم يغرقها.. ولن يأتي شيءٌ يغرقها وإن غرقت ستسعى جاهدة لأن تصعد بهم للسطح فداخل قلبها الكثير من الحب لليتيم الذي رأى حريقاً هائلاً يلتهم أهله..
كان لغمزتها وابتسامتها أثرٌ أزاح غمامات الهم التي تكدست في قلبه.. كان مؤمناً متأكداً أنها دائماً وأبداً ستكون وجهته إن تاهت عناوينه وأنها ملاذ روحه وأمان فزعه والمرأة التي جمعت شتات نفسه. هي جاهه واتجاهه و وجهته.. هِمتُه و مُهِمته وغايته.. وإن كان في حياته مئه وتسعه وتسعون مُعضله.. فهلا هي الفرج والراحة و السعادة التي أتت في المره المئتين ونسفت كل ماكان قبلها.. اقترب منها يقبل جبينها بعد أن همس بعذوبه : اشتقت لك..
وقبلها مجدداً.. يغمض عينيه يشعر بأنفاسها المضطربه تلفح عنقه.. ابتعد قليلاً يهمس بنبرة متعبة جداً.. : اشتقت لك هلا..
رفعت عينيهاx لوجهه. كانت تشعر بتدافع الدموع ونهرت نفسها كي لا تسقط ولكنها ما إن رأت نظرته الضائعه حتى وشعرت وكأن حصونها الوهمية دُكت.. فلا حصون بنيت من الأساس حتى وإن حاولت أن تتظاهر بذلك .. خطاب هو صاحب القلب بين أضلعها ومن امتلكه وهي بكل ضعف لا تقوى حتى على أن تتظاهر بالقسوة عليه.. احتضنته بهدوء تحاول أن تسكن بذلك اضطراب أنفاسها وتوهان روحها.. تدعو الله ألا ينتبه لهم أحد فهم لازالوا في ساحة المنزل..
بحزن وهي تشعر بتشبثه بها وكأنه لم يصدق.. و بعتبٍ واضح قالت : خلاص خطاب متى بتوقف اللي أنت قاعد تسويه؟ تعبت وأنا أقدم تنازلات على حساب نفسي.. أبي أكون أقوى من كذا لأنك ذبحتني بفعلتك،، والله ذبحتني.. بس في كل مره أحاول أقسى فيها عليك القى نفسي أضعف من قبل.. أنا مغلوب على أمري .. وقلبي.. أرفق بي الله يخليك..x
خطاب بهدوء يشد عليها أكثر ونبرة الخذلان في صوتها أذابت قلبه : مابقى شي..
ابتعدت عنه تنظر له بقلق : على وش؟
ابتسم يمسح بإبهامه خدها : على إن كل واحد ياخذ جزاه وعلى إني ابرّد خاطري وأشفي غليلي وأطفي النار اللي شفتها يوم كان عمري ٨ سنين وللحين ماطفت ..
رغم إنه لايعلم كيف.. فدانة وجدها لازالا مختفيين..
سكتت تتفحص وجهه بخوف حقيقي ثم قالت برعب : وش ناوي عليه خطاب؟ كلامك يخرع لا تورط نفسك بمصيبة الله يخليك..
ضحك ضحكة قصيرة : لا تخافين .
عادت تسكت، تتأمله عاقدةً حاجبيها بشك.. فضحك يعاود احتضانها مجدداً يهتف لها بصدق : لا تخافين..
.
كان يتمدد على أريكة صالة شقته.. في ظلامٍ دامس والساعة قد تجاوزت منتصف الليل بكثير . يحاول ترتيب أفكاره المبعثرة.. يستنجد بأي شيء لينجو بنفسه من وطأة التفكير.. يشعر بأن كل دقيقة تمضي عليه كالهم الذي يتراكم فوق همومة الكثيرة.. كان قد أكثر من زيارة الطبيب محسن العطار في الفترة الأخيرة والذي بدأ يلمس تحسن حالته ويخبره بذلك على الرغم من أن خطاب -كما يقول- لم يشعر بشيء.. مع ذلك كان حريصاً على مواعيده يريد الخلاص من عذابه في أقرب وقت .. يريد النجاة والعيش كما يتمنى.. تذكر حديثه معه في أحد زياراته. عندما كان في قمة غضبة والطبيب في قمة بروده..
بهدوء : شلون بتنتقم منه؟
بتقتله؟ بتحرقه؟ بتقطع أطرافه بتمثل بجثته؟ شلون؟
خطاب برعب : لا طبعاً..
الطبيب : لكنك تبي تنتقم..
خطاب : إيه.. بس مو بالقتل أو بالطرق اللي أنت ذكرتها.. أنا موب مجرم ..
ابتسم: ممتاز. كيف أجل؟
سكت خطاب واقتراحات الطبيب أرعبته : ما أدري.. الفكرة ماطرت في بالي حتى.. إن ذبحته ماراح استفيد شي بالعكس.. أنا أبي أنتقم منه لشي في نفسي.. عشان أقدر أعيش صح وأعيش طبيعي موب عشان أنهي حياتي بعده لأني وقتها ما بكون استفدت شي.
محسن بعد أن ضم كفيه أمامه : شوف خطاب،x كل واحد فينا داخله الزين والشين، الخير والشر.. و الشر ممكن يطلع في أي لحظة لكنه ينتظر الظروف.. انتبه من اللحظة اللي يطغى فيها شرك على خيرك.. لأنك وقتها بتصير أنت ومنيف بنفس الصف..
بقوة : أنا منيب مجرم.
محسن : وعدوك ماكان مجرم.. بس تهيأت له الظروف..
أنت أخذت بنته ليش؟
خطاب: عشان أتقرب منه..
عقد حاجبيه : وتعتقد شخص رفضك من البداية بيرضى بقربك الحين؟
بتوهان : أحاول..
محسن : طيب وتقربت منه،، وبعدين؟
ثم أردف عندما لم يجبه : بنته وش ذنبها؟
خطاب : أنا ماني مسوي لها شي..
محسن : بس بتنتقم من جدها وعلى كلامك هو الوحيد اللي لها.. وش ذنبها؟
خطاب بيأس : وأنا وش كان ذنبي؟ جدها أنهى حياة أهلي وحرمني منهم للأبد.. بدون أي ذنب..
محسن : أوجعك؟
بعبرة : ذبحني..
زفر : أنت ما سألت نفسك منيف ليه قام بشي مثل كذا؟
خطاب بحقد وضح بنبرته : لأنه مسخ..شيطان مريض ومجرم..
محسن بهدوء : ممكن، وممكن يكون زوج أمك هو السبب اللي خلاه يرتكب فعل شنيع مثل هذا.
احتدت نبرته : أنت معي ولا معه..
محسن : ياعزيزي أنا ما أعرفك و ما أعرفه عشان آخذ صف أحد فيكم.. أنا مع المنطق. ومن المنطقي جداً إن منيف كان شخص طيب وجيد لكن فعل غيره أجبره ينتقم.. مثلك الآن رجل صالح بس تبي تنتقم..
ثم بابتسامه حانيه: خطاب لا تشيل هم الدنيا لأنها لله..
ولا تشيل هم مستقبلك لأنه بيد الله.. شيل هم عملك اللي بتقابل فيه الله.. واستمتع بدنيتك وعيش يومك وتفكّر باللي أعطاك إياه الله.. أنت مهندس ناجح عندك أسره تحبك و زوجة تنتظرك وابن صحيح مو من صلبك لكنه يشوفك قدوة..ويحبك .. لا تهدم مستقبلك عشان شي صار بالماضي.. تصالح مع نفسك.. إقتنع بواقعك وإعرف إن اللي حصل قبل صار لأنه مكتوب.. مو لأنك جبان وهربت.. .. كون واقعي وفكر باللي بين يدينك الحين مو باللي راح منك.. فيه كثير أشياء تصير مانكون راضيين عنها مئة بالمئة.. لكن في النهاية نرضخ لأنها حصلت وانتهت وأكيد لحكمة.. إن كان كل شخص بيقعد يحاسب نفسه على كل فعل وكل تصرف وكل كلمة ماراح تمشي الحياة.. وبتوقف!
.
زفر يغمض عينيه ليحل الظلام عوضاً عن نور إضاءة هاتفه.. هاتفاً لا يتجاوز ثمنه الخمسمائة ريال كان قد اشتراه خصيصاً لما ينوي فعله ،x الكلام يُعاد ويُزاد في عقله.. لا يعلم كم بقى وهو على وضعه ولكن ما إن قرر فتح عينيه حتى واستقبلته أرقام بدر العشرة، الرقم الذي أخذه من بطاقته.. كان ينظر له لأكثر من ربع ساعة.. محتاراً قلقاً وشجاعته المزعومة تبكي في الزاوية.. "كن شجاعاً و افعلها فلا مزيد من الوقت أمامك" .. زفر هواءً ساخناً وكأنه يزفر خوفه وتردده.. يشعر وكأنه سيتقيأ من شدة الارتباك..
ذهب للرسائل وكتب بعد وقت و بأصابع مرتجفة [ اسأل أبوك وصديقه حمد عن وفاة واحد اسمه فواز بن أحمد العبدالكريم.. واستمتع ].. ليحدد بعدها اسم بدر ويرسلها له..
.
.
.
# نهاية الفصل السادس عشر ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..
|