كاتب الموضوع :
وطن نورة ،،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: > أنت مثل أحزاني ،، قدر .. / بقلمي ..
صباح الخير والسعادة :)♡
أتمنى لكم قراءة ممتعة وان ينال الفصل على اعجابكم ❤
.
◇ أنْت مِثلْ أحْزانِي ،، قِدرْ ◇
.
# (١٤) الفصل الرابع عشر ،،
°
°
ليْسَ جُرْحاً فيُشفَى
ليْسَ حَدَثاً فَيُنسَى
بْل هوَ تَلفْ،،
تًلفٌ لَا يُمحَى ..
*منقول*
.
.
مراحل الحزن خمسة كما تم تصنيفها في علم النفس.. تبدأ بالإنكار وتنتهي بالتقبل..
وبينهما هناك الغضب والمساومة حيث خطاب عالق بين المرحلتين منذ سنوات ثم الإكتئاب.. يجد نفسه غاضباً جداً وفي داخله ثورة قادرة على تدمير بلدٍ كامل أو أنه مستعد لتقديم التنازلات و صنع أي شيء لعودة الماضي..
الماضي لم ولن ولا يعود أبداً مهما صنعت.. فما مضى قد مضى.
هذا ما أدركه خطاب وهو يقف أمام مغسلة دورة مياة شقة في الدور الثاني من شقق اللواء المفروشة.. يغسل بنطاله ويدعكه جيدًا.. قطرات الماء تسقط من شعره الرطب لصدره العاري المبتل وخلف سدود عينيه دموع محبوسة يحاول أن يمنع انفجارها.. كانت أنفاسه لاهثه وكأنه للتو ركض مرثوناً وقلبه يصرخ في نبضٍ سريع ومفاصل يديه تكاد تتمزق من قوة دعكه لقطعة القماش بين يديه..
قذفها بعيداً عنه بغضبٍ وصرخةٍ مكتومة بعد أن أصبحت قدرته على الاحتمال مستحيلة وبدأ يضرب حدود المغسلة الصلبة بكفيّه بكل قوة وكأنه يفرغ غضبه بها والتي وإن لم تكن مصنوعة من السيراميك القوي لكانت تفتت بين يديه..
كان غضبة من نفسه هادراً.. يشعر بألم يفتك بشرايين قلبه وكأن دمه أصبح مسموماً يعبث بخلاياه.
عالقٌ في يوم الأربعاء الذي لم ينتهي بعد وكأن الدقائق تعيد نفسها.. تحديداً في اللحظة التي رأى فيها جابر يخرج من سيارته بعد أن أوقفها في المواقف المخصصة لمراجعين المحكمة ..
كان قد تلقى منه اتصالاً البارحة يخبره بأن يأتي غداً ليتم موضوع زواجه بابنته.. هكذا ببساطة زواج في المحكمة وكأنها خطيئة يداريها فكما يبدو أن جابر يخشى من أن يعرف أحد بفعلته كما أنه مستعد لفعل أي شيء للتخلص من هذه الكارثة التي تحمل اسمه.
كان ينظر لجابر ينظر لساعته يتأفف عندما أصبحت xxxxبها تشير للعاشرة والنصف وكريمته لم تأتي بعد..
أغمض عينيه على تأفُفٍ جديد وهو يشعر بالفراغ يأكل جوفه حتى أصبح خاوياً.. كان بالإمكان أن يرفض دعوة جابر للمحكمة وأن ينهي كل شيء.. بل أن الوقت لازال في صالحة كي يرفض الآن.. يستطيع الهرب.. التعذر بأي شيء أو حتى الهرب بدون أن يعطي عذراً لذلك..
كانت المعركة التي اشتدت في عقلة مختلفة.. جميع الأطراف فيها هم أعداءٌ له.. ولا أحد في صفه.. حتى أشعة الشمس المسلطة عليه كانت ضده والتي وعلى الرغم من برودة الجو كان يشعر بها تسلق مخه.
فتح عينيه على صوت جابر يتكلم بغضب هامس لكنه مسموع : تعاندين يالزفت؟ ليه كل ذا التأخير؟
اعتدل بوقوفه وهو يرى التي يمسكها جابر من ذراعها بقوة.. ينفضها ويبدو غاضباً جداً.. كانت تنظر له وفي عينيها هلع وصدمة.. والتماع فضيع وكأنها محرجة بتقريع والدها لها أمامه..
دفعها جابر ليتقدمها : امشي قدامي أشوف..
اعتدلت في وقوفها تحاول ترتيب نقابها و وضع حقيبتها على كتفها والتشاغل بها بإبعاد بصرها عنه.. كانت حركاتها مهزوزة تحاول قدر المستطاع ألا تنظر لخطاب الذي كان ينظر لها ببرود فضيع وكأنه سارحٌ بها..
تمشي أمامه تتبع والدها برأسٍ مرفوع وداخلها يذوب بانكسار فقط لأنه رأى والدها يعاملها بهذه الطريقة.. لا يوجد شيء أسوأ من أن يعلم الرجل بأن المرأة التي سيرتبط بها لا سند لها يدافع عنها ويحميها إن تجبّر عليها..
كانت تشعر بوقع خطاه على التراب خلفها وكأنه يسحب أقدامه سحباً..
باتت تخشى من هذه الخطوة التي وللتو أدركت أنها لم تفكر بتبعاتها..
فماذا بعد غضب جدها إن علم بما فعلت؟
ماذا لو كان خطاب والذي شدت به ظهرها ليس كما توقعت؟ ماذا لو كان شخصاً سيئاً نار جدها الغاضب أهون مئة مرةٍ من جنته؟ هي لا تعلم عنه شيئاً أبداً ومن المؤكد أن والدها لم يكلف نفسه عناء البحث والسؤال.. ماذا الآن بعد أن وقعت الفأس بالرأس؟
.
توقفت بعد أن خرجت من مبنى المحكمة.. في مواقف السيارات تنظر لوالدها الذي شد خطاه مبتعداً بعد أن انتهى من هذه المهمه يرد على هاتفه على عجل بعد أن رمى كلمتين على خطاب دون حتى أن ينظر له .. أو أن يعنيها : لا أوصيك على دانة..
حتى وإن كانت تعلم أنها من وراء قلبه.. أو أنها قيلت دون حتى أن يفهم معناها جيداً؛ كان لوصيته هذه تأثيرٌ عليها جعل دموعها تتجمع في مقلتيها دون أن تسقط.. انطلقت سيارته مسرعة تشق طريقها بعد أن أنهى إجراءات الزواج بسرعة وسهولة بعد أن تحدث مع الشيخ لدقائق.. حديث لم يسمعه أحد..
كان وكأنه كاتب السيناريو الذي وضع الحوار والشخصيات و الأماكن وما على الممثلين سوى التنفيذ..
وصلها صوته هادئاً : وين بتروحين الحين ؟
التفتت تنظر له للحظات يقف خلفها بمسافة قبل أن تبعد عينيها عنه.. كان عبوساً عاقداً حاجبيه وكأن ماحدث لم يعجبه..
ابتلعت ريقها تهتف بتردد : برجع الشركة؟
رفع حاجبه : داومتي اليوم؟
هزت رأسها لازالت تتجنب النظر لوجهه ..
خطاب : زين.. سواقك موجود؟
كانت كالرجل الآلي تعطي إجاباتٍ مبرمجة..
زفر بعد أن أومأت برأسها : أجل أنا بمشي..
ليمشي خطوتين ثم يقف يلتفت ينظر لها نظرة طويلة قبل أن يسأل: معك رقمي؟
هذه المره رفعت رأسها تنظر له باستنكار لم يخفى عليه : و من وين بجيب رقمك؟؟
رفع حاجبيه يبادلها الاستنكار بسبب نبرتها الحادة : طيب سجليه عندك..
ضلّت دانة تنظر لرقمه في شاشة هاتفها لفترة طويلة.. على الرصيف في المواقف حيث السيارات تعبرها وتقف أو تتعداها وتبتعد..
حتى بعد أن مضى وقت على ذهاب خطاب الذي ألقى عليها رقمه وكأنه يبصقه.. وكأنها لازالت دانة متدربته خلف جدران الشركة تجلس أمامه يفصل بينهما المكتب الكبير.. ليس وكأنها الآن أصبحت... زوجته؟..
لازالت تقف في مكانها تنظر للأرقام بشيءٍ من اللاوعي.. ما الاسم الذي يليق بخطاب في هاتفها؟ تحت أي مسمى تحفظ رقمه؟
كانت حيرتها حقيقية وكأنها تعمدت التشاغل بها عن أي تفكيرٍ آخر..
أغلقت الباب بعد أن ركبت سيارتها لينطلق بها السائق.. الشاشة لازالت تعرض الرقم بدون تسميه حتى سجلته بسرعة قبل وصولها لوجهتها تحت اسم (خ) .
.
بعد انتهاء ساعات العمل والتي كانت أسرع مما تمنت.. أغلقت الباب الخلفي للسيارة تأخذ أنفاسها بتثاقل.. وتعب.. وتشتت..
كانت المناظر التي تعبر أمامها كالخيالات السريعة بدون حدود. كان عقلها مشغولاً في اللاشيء.. تسمع الضوضاء في كل مكان والرجفة التي تعبث بأطرافها لا تساعد أبداً..
كانت خائفةً حرفياً وكأنها اقترفت جُرماً.. ليس وكأنها تزوجت على سنة الله ورسوله بموافقةٍ من والدها..
وقفت أمام باب المنزل الكبير وبعد عناء استطاعت أن تدخل المفتاح وتُديره.. كانت رجفة يديها واضحة و أنفاسها قصيرة وسريعة وكأنها ستختنق..
شعرت بقلبها يهوي لأخمص قدميها عندما توسطت ساحة المنزل لترى منيف يجلس على أحد كراسي الجلسة يضع قدماً على الأخرى وينظر لها بنظرةٍ غريبة.. لا تعلم كم يوماً مضى دون أن تراه لكن ماتعلمه حقاً انها اشتاقت له.. لجدها القديم وليس هذا الجلمود صاحب النظرة القاسية وكأنه شخصٌ آخر..
سقط المفتاح من يدها عندما ارتعش فكها وبدأ ألم الخوف يؤلم معدتها..
انحنت تلتقطه لتنظر له بعدها بتوجس.. ثم ابتلعت ريقها تقترب منه وتنزع نقابها تميل بجسدها عليه تقبل رأسه..
توقعت منه أن يدفعها أو يركلها لكنه كان وديعاً مستسلماً لاقترابها.. بل أنه قدّم رأسه لها حتى شكّت بأن ما حدث في الأيام الفائته لم يكن إلا حلماً قد استفاقت منه الآن.. لكنها ما إن ابتعدت ورأت وجهه الغاضب علمت أنها لازالت تعيش الكابوس..
رجعت خطوةً للخلف خوفاً من أن ينطلق شرر من مقلتيه ويحرقها..
منيف بصرامة : ليه تأخرتي؟؟ وين كنتي؟
بتلعثم : بالدوام...
كانت تراقب ارتفاع صدره وانخفاضه بهلع : صدق؟
هزت رأسها بسرعة الدموع ستنفجر من عينيها..
زفر وعرقٌ في جبينه برَز : دانة!
أنا دقيت على السواق وقال لي..
قاطعته بسرعة : كنت بالمحكمة.. بعدين رحت الدوام.. والله العظيم هذا الصدق.
منيف : وش كنتي تسوين بالمحكمة؟ و ياويلك تكذبين علي لأني أخذت العلم كله من العاق أبوك الله لا يوفقه..
بخوف وعقلها متوقف تماماً عن العمل : أبوي دق علي امس وطلب مني أروح هناك..
رفع حاجبه بتهكم : عشان...؟
فتحت فمها تحاول أن تتكلم لكن بالنهاية خرج صوتها مهزوزاً مبحوحاً غيرُ واضح : جدي خليني أفهمك....
بصرخة : وش كان عندك بالمحكمة يالحيوانة؟
بكت بهلع فهذه المره الأولى التي يصرخ عليها متلفظاً بهذه الألفاظ : ا.. اي.. أبوي.. أنا كنت..
منيف بغضب هادر : تكلمي.. تكلمي دانة..
أغمضت عينيها بقوة وكأنها تستعد لانفجاره : تزوجت..
وقف بغضب يتلفت حوله بدون تصديق : تزوجتي؟؟ ومن وراي؟ أنا ماعدت عارف أنتي مين!! مستحيل تكونين دانة اللي أعرفها.. وش غيرك؟ وش اللي غسل مخك ؟؟
اقتربت منه تنتحب : جدي تكفى خليني افهم...
لكنه دفعها للخلف بعيداً عنه لتتراجع عدة خطوات وتسقط تنظر له نظرة ضبابية بسبب دموعها..
منيف بقهر وتهديد و وجهٍ قد اشتد احمراره : إن كانت الكلبة الجازي هي ورا كل اللي قاعد يصير لك صدقيني مهوب في صالحك.. محد يعرف الجازي كثري.. وإن كان الكلب اللي اخذتيه هو من لف عليك ولعب براسك خ..
دانة ببكاء مرير تقاطعه : لأ جدي لا..
منيف بصراخ : مافيه لأ دانة.. صدمتي فيك بتذبحني.. شلون تسوين فيني كذا ؟؟
كانت مرعوبة .. تراه يلف حول نفسه بغضب.. يركل الكرسي ويقلب الطاولة و كأنه إعصار.. يضرب الأرض بقدمه يصرخ بأعلى صوته..
كان احمرار وجهه قريباً جداً من لون وحمته شديدة الاحمرار..
كان بركاناً انفجر وبراثينه مؤكدٌ أنها ستحرقها.
تركها يدخل للمنزل وقبل أن تستوعب اختفاءه عاد وخلفه العاملة تسحب حقيبةً سوداء كبيرة..
اتسعت عينيها برعب و وقفت بصعوبة. اقتربت منه بتوسل : الله يخليك جدي.. والله أسفه أنا مستعدة أصلح كل شي. الله يخليك لا تسوي فيني كذا. الله يخليك والله مالي حياة بعيد عنك..
أنا غلطت والله غلطت ومستعدة أصلح غلطتي باللي تبي بس لا تبعدني عنك.
كان يقف كالعمود بجمود.. يسمع توسلها ونحيبها.. يشعر بقبلاتها على رأسه و وجهه ويشعر بيديها التي تتشبث به..
كان صلباً من الخارج لكن داخله يذوب وينهار.. يشعر بأن قلبه قد تفجّر وانتهى ..
دانة لم تكن شيئاً بسيطاً في حياته.. كانت أغلى عليه من روحه ومافعلت قبلاً ومافعلت الآن كان وقعهُ عليه شديد القسوة..
لأول مرةٍ في حياته يشعر برغبة ملحة في البكاء. يريد أن ينهار باكياً علّ دموعه تخفف الألم الذي باغته.. ما فعلته كان أشد وقعاً عليه من ترك زوجته وأبناءه له قبل وقتٍ طويل.. لأن دانة لم تكن أبداً مثلهم.. كانت مختلفه بكل شيء هي من احتوت حزنه وملأت وحدته و خففت من حدته وهذبت نفسه.. كان دائماً يسعى لأن يكون مثالياً في نظرها.. شيئاً أسطورياً يخصها وحدها.. يفرح بثنائها ومحبتها وكأنه عاش عمره كاملاً يعاني جفافاً وللتو ارتوى..
حرك بصره ينظر لها ملتصقةً به تبكي من أعماق قلبها حتى بات صوتها لا يُسمع من تسارع شهقاتها وتدافعها.
أبعدها عنه يهمس بصعوبة يشعر بحرقةٍ تداهم عينيه : دقي على اللي اخذتيه يجي ياخذك.. مالك قعده عندي دقيقة وحدة وجودك صار يضايقني ولاني بمجبور أتحملك دامك اخترتي غيري..
تصنمت بعد أن تعلقت عينيها بعينيه شديدة الاحمرار.. كانت تلمع بجنون وفيها حزنٌ وانكسار لم تره في حياتها أبداً ..
.
أخذت سيارته المنعطف المؤدي لمنزلها..
كان قلبه ينبض في بلعومه.. منذ أن جاءه اتصالها وحتى هذه اللحظة..
لم يهدأ أبداً..
كان وقتها يجلس في الصالة مع هلا التي تميل عليه بجسدها يتبادلان الأحاديث تاره،، والنظرات الصامته تارةً أخرى..
كان غارقاً بسحر نواعسها.. وحسن منطوقها.. ورقة لمستها.. يحاول أن يتجاهل إحساس الذنب الذي ينغز قلبه.. والإحساس بأنه خائنٌ يستغفلها..
مضى على عقد قرانه بدانه أكثر من ست ساعات.. مع ذلك لم يستوعب الفكرة إلى الآن.. عجز عن تشربها والاقتناع بها..
وقتها رن هاتفه برقمٍ غريب.. أجاب بتوجس ليصله صوتها الباكي محملاً بكارثة..
.
وقف أمام المنزل الذي يشير إليه الموقع -والذي أرسلته له- في هاتفه
أغمض عينيه واخذ نفساً عميقاً قبل أن يضغط على الهرن بشكل متواصلٍ مزعج..
كان لا يزال يغمض عينيه حتى سمع صوت الباب الخلفي يفتح..
فتحها والتفت ليجدها قد جلست تضع رأسها بين يديها وتبكي بإنهيار..
عقد حاجبيه : وش صار؟
لكنها لم تجبه بل ارتفع صوت نحيبها..
زفر بضيق وفتح بابه ليخرج من سيارته يتجه نحو حقيبتها..
وقتها لمح الذي يقف عند باب المنزل.. وجهه مسودٌ ونظرته غاضبه..
تبدل الضيق في قلب خطاب لشيءٍ آخر.. شيءٍ ضرب أطرافه بقوة لترتجف.. لم يعد يعرف أهو غضبٌ شديدٌ من مجرم أم خوفٌ من ماضٍ مظلم..
كانت أنفاسه تضيق و تتسارع في آنٍ واحد.. شدّ على أسنانه بقوة حتى شك بأن فكّه سينكسر..
سمع صوت منيف يصرخ به مهدداً : لا تظن إني بترك فعلتك ذي تعدّي بسهولة.
شد على قبضة يده وحاول أن يبتسم..
ابتسم،، وتصنع الثبات في نبرته : وأنا ماسويتها عشان تعديها بسهولة..
ثم رفع كفه المرتجف يلوح به : سلام!
لم يصدق صوته الذي خرج منه.. ولم يستوعب الكلمات التي تفوه بها.
رفع حقيبتها الثقيلة جداً بسرعة و وضعها في مقعد الراكب.. ومشى بخطى سريعة بعد أن أغلق بابها و دون أن يلتفت حتى فتح بابه وركب مكانه..
تحرك مبتعداً عن المكان ينظر من المرآه الأمامية لمنيف الذي أصبح يقف بالمكان الذي كانت به سيارته يتابع ابتعادهم..
كانت نظرة عينيه وعلى الرغم من المسافة التي تتسع بينهم، واضحةً له.. تذكره بما حدث وهو ابن الثامنة عندما ركض لمنزله بخوف بعد أن رأى سيارة منيف حديثة الطراز تمشي مبتعده تحمل داخلها شقيقه سند. وكأن الماضي يعيد نفسه لكن باختلاف الأدوار..
.
بعد أن ابتعد مسافة كافية أوقف السيارة على جانب الطريق وهو يلهث.. وصوت بكاء دانة في الخلف لازال كما هو منذ أن ركبت..
اغمض عينيه بصبر : خلاص دانة..
ثم أردف عندما لم يجد استجابة.. بحدة : قلت خلااااص.. اسكتي.
وضعت يدها على فمها من فوق نقابها تحاول أن تمنع صوتها لكنها لم تستطع وانفجرت مجدداً..
ضرب -الدركسون- بغضب وصوت بكاءها زاد على استفزازه بعد رؤية جدها.. صرخ : قلت خلاص.. انكتمي.. خلاااص..
رفعت رأسها تنظر له بهلع.. بعينين متورمتين من شدة البكاء..
أسندت رأسها للخلف لتضع يدها مجدداً على فمها تحاول أن تكتم صوت بكائها.. كان شيئاً مستحيلاً لكنها ضغطت على فمها أكثر فأصبح شهيقها ينزل مكتوماً وكأنها تختنق..
زفر يستغفر تحت أنفاسه.. يراقب حركاتها من المرآه الأمامية..
زفر مجدداَ يغمض عينيه وصوت انكتام أنفاسها أصبح موجعاً..
التفت ينظر لها.. عاقداً حاجبيه يراها لازالت على وضعها تنظر للخارج وجسدها يهتز بعنف..
حاول أن يهتف بهدوء : وش اللي صار؟
اهدي وفهميني..
لكنها لم تجبه وضلت عينه معلقه بها حتى فقد الأمل..
خطاب : طيب وين أوديك الحين؟؟
وين تبين تروحين؟
أدارت رأسها نحوه بسرعة تنظر له من بين دموعها وكأنها صُدمت من سؤاله.. كانت نظرتها كفيلة بأن يعرف خطاب أنها خسرت كل شيء..
عاد ينظر للأمام يراقب غروب الشمس بضياع وكأنه آخر يوم تغيب فيه الشمس عليه..
.
تمدد على الأريكة بتعبٍ واضح بعد أن وضع حقيبتها السوداء الثقيلة جداً بالقرب من الباب الذي اختفت خلفه بسرعة بعد دخولهم للشقة المفروشة التي أخذها خطاب بعد أن أظهر لموظف الاستقبال صورة من عقد النكاح.. كانت أول شيءٍ وجده في طريقة ليقف بمواقفها بسرعة فقط ليرتاح من صوت بكائها الذي أصبح مزعجاً لا يطاق و سبب له صداعاً سيفجر رأسه ..
تأفف وصوت بكائها لازال يصله حتى بعد أن أصبحت الجدران تفصل بينهم.. رفع هاتفه يحاول التشاغل به عن التفكير بالتي تركها خلفه في منزله (ياغافلين لكم الله)..
يذهب لمحادثات الواتساب ويفتح محادثته معها.. كانت مزيجاً من كل شيء جنون هلا عذوبتها عفويتها ومشاعرها..
كانت قد بدأتها يوماً في مساء أحد أيام الأسبوع عندما كان يتمدد على أريكة الصالة وهي تجلس على الأريكة الأخرى.. عقد حاجبيه عندما وصل له تنبيه بنقطة من اسم هلا بمحادثة واتساب تحمل عنوان(بيتنا) وبجواره -إيموجي- العائلة الشهير بأم وأب وفتى وفتاة..
نظر لها بحاجب مرفوع ليراها تنظر له بابتسامه شقية واسعة جداً تحرك حاجبيها صعودًا ونزولاً بسرعة.. ضحك رغماً عنه : وش ذا؟
رفعت كتفيها ببساطة : كل الناس عندهم قروب عائلة..
خطاب باستمتاع : قروب مافيه إلا أنا وأنتي؟ كأنك جيتيني بالخاص يعني وش الفرق؟..
وقفت لترتفع معها عينيه يراها تقترب منه تتمايل باقترابها على وجهها ابتسامة حتى وصلت له.. انحنت لتجلس على أقدامها أمام وجهه تهمس : هذا للمستقبل.. قروبنا مع عيالنا إن شاءالله .
ارتفع حاجبيه وتسارع نبضه : ياشيخة!
هلا بغمزة: قلت أضمن وضعي أخاف بعدين ما نلقى أنا وعيالي مكان بقائمة اهتماماتك لا كثروا أحبابك و صرت مدير كبير..
تنهد يتأمل ملامحها القريبة منه ونظرتها الحالمة وكأنها ترى تفاعل أبنائها ورسائلهم .. أردفت هلا ترفع سبابتها بتهديد وشقاوة: بس هاه أنتبه لا أشوفك تحذف القروب..
رفع حاجبه بتحدي : أفكر بالموضوع.. أخاف قروبك يضايق قائمة اهتماماتي..
لكمته على كتفه بخفه لتخرج نبرتها مدلله : خطاااب.. لا تخرب الجو يالئيم..
جذبها نحوه يضم رأسها بكلتا يديه.. يضحك على اعتراضاتها ومحاولة التحرر منه براحة تغزو قلبه ويقبل أعلى رأسها : مجنونة أنتي ..
بعد ذلك اليوم أصبح قروب العائلة هو مايعتلي قائمة محادثات جهازه.. كانت ترسل له كل شيء و أي شيء..
كلماتٍ ملحنة سمعتها فذكرتها به..
بيت شعر أو قصيدة.
صورة.
وطلبات المنزل..
يوماً أرسلت له مقطعاً صوتيًا فتحه ظناً منه أنه كما اعتاد.. لكن ما أتاه كان صوتها (خطاب وأنت جاي جيب معك زيت و ملح.. ضروري ولا ترى مافيه غدا بكرة..)
ابتسم وهو يسجل مقطعاً لها (طيب و غيره؟)
ارسلت له (بس.. و هاه خذ هذا سالم يبي يطلب بعد ..)
ليصله صوت سالم يسرد طلباتٍ لا حصر لها ويحذر من أن ينسى شيئاً منها.. يومها أدرك خطاب أن صوت هلا في التسجيل سحرٌ حلال كما هو في الواقع تماماً و لا يجوز لغيره أن يسمعه..
ابتسم بحنين وهو يعيد سماع هذه المقاطع.. تتبعها مقاطع.. ومقاطع.. وصور وذكريات وكلمات لم تفشل يوماً بأن تنشر الدفء في حنايا قلبه.. زفر تشتته وتوهان روحه بعد أن انطفأ هاتفه في وجهه نتيجة نفاذ البطارية..
.
كان لازال يتمدد على ظهره يضع يداً تحت رأسه ويرفع الأخرى في الهواء بعد أن وضع هاتفه على صدره.. يبسط كفه يغطي مصدر الضوء الأصفر ليتخلل أصابعه. ولا صوت لدانه يُسمع..
ابتسم بتوهان وهو يرى وجه والدته أمامه.. بعيداً في مكانٍ ما.. .. تبتسم له وتمد يدها لتتداخل أصابعها مع أصابعه.. تشد عليها بقوة..
كانت نظرته نظرة شخصٍ غائب عن الوعي وكأن طبقة من الزجاج غطت عينه .. يهمس : أمي..
اتسعت ابتسامته بنعسٍ وخمول عندما شعر بنسيمٍ بارد يهب على قلبه ليغمض عينيه.. شد عليها بقوة جعلت الدموع تنفر منها تبلل أهدابه وأغلق كفه بقوة وكأنه يضغط على أصابعها يخشى من أن تذهب..
.
كان ينظر لها تنام بسكينةٍ على ظهرها.. الغطاء يصل لمنتصف بطنها وكفيها موضوعان براحةٍ عليه.. ينظر لها وشيءٌ غريب يتأجج في جوفه.. أي جنونٍ ضرب عقله وهو ابن الثلاثة وثلاثون عاماً؟ أي تصرفات عشوائية وقرارات غير عقلانية باتت تسيره؟ غير مصدق بأنه فعل فعلاً كهذا وأن اسمه الآن ارتبط باسم فتاة تحمل اسم منيف كجدٍ لها.. و والدها هو ابنه!! والأدهى من ذلك كله كيف رضى بأن يرتبط بها دون أن يضع اعتباراً لهلا.. وحزنها.. ونظراتها المتوسله بألا يفعل شيئاً كهذا..
بات لايعرف نفسه .. وكأن روحه خرجت منه وأصبحت تشرف على جسده من الأعلى.. جسداً لا ينتمي له.. يسيره الضعف وسوء التصرف وقلة الحيلة.
أبعد بصره عنها يشد على قبضته حتى باتت مفاصلة بيضاء.
ينظر لها مجدداً يحاول أن يطرد فكرةً بشعةً تشكلت في باله..
كان يقف بالقرب من رأسها.. يطرد باستماته أفكاراً تتراقص حوله يثيرها أبليس بوسوسته..
ابتعد يخرج من المكان.. لكنه عاد متجهاً ناحيتها مجدداً و احتكاك أقدامه بالارض قادرٌ على توليد الشرار خلفه.. شعرت به وفتحت عينيها تعقد حاجبيها تنظر له باستنكار لازالت في حيرة النوم لكنه أخفى تلك النظرة تماماً عندما رفع وسادته من جانبها وغطّى بها وجهها يضغطها بكل قوة.. كان يشد على أسنانه يغمض عينيه..
بقوة ..
وندم ..
وفزع ..
وهو يشعر بمقاومتها ، ترفس بأقدامها وتحاول أن تدفع يديه بصراخٍ مكتوم حتى خارت قوتها و سكنت حركتها،، تماماً!!
فزّ من نومه بهلع يتنفس بسرعة صدرة يرتفع وينخفض وكأن قلبه سيخرج من مكانه..
كان كابوساً جديداً عليه، شعر به حقيقياً أيقظه من غفوته التي غفاها دون أن يشعر.. استيقظ مرعوباً بحبات عرقٍ تجمعت أعلى جبينه.. و...
مبللاً نفسه و الأريكة تحته!!!
.
انحنى يلتقط بنطاله من الأرض.. بعظام يدٍ تنبض من شدة الألم.. ونظرةٍ ضبابيةٍ جعلت من خطوط الأرضية السيراميك تتراقص أمامه.. لا يعلم كم مضى عليه في دورة المياه بعد أن استيقظ على كابوسٍ أرعبه لدرجة أنه قد فعلها على نفسه أثناء نومه..
كان قد قضى وقتاً طويلاً تحت المياه الساخنة جداً وكأنه بحرارتها يحاول أن يذيب كل شيءٍ فيه.. وقضى وقتاً أطول يحاول غسل ملابسه ليرتديها الآن مبللة على جسده الذي لم يكلف نفسه عناء تجفيفه ليخرج من المكان بسرعة خوفاً من أن تراه دانة..
فليست جميع النساء كهلا ..
.
.
كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل بنصف ساعة.. خرجت حنين من دورة المياة الملحقه بالغرفة في الطابق السفلي والتي أصبحت لها الآن.. بعيداً عن بدر وباقي أقسام المنزل..
تلف روب استحمامها حول جسدها جيداً و فوطة أخرى صغيرة على رأسها..
صرخت بخوف عندما رأت الجالس على السرير يمد أقدامه أمامه واضعاً الساق اليمنى على اليسرى و.. ينتظرها.
ابتسم : بسم الله على قلبك.. خوفتك؟
شدت على روبها تتأكد من أنه يغطي جسدها : وش تسوي هنا؟
عقد حاجبيه ببرود فضيع وبنبرة مستفزة : كيف وش أسوي هنا؟ أذكر إن البيت بيتي..
زفرت بحقد : بدر لو سمحت عن الحركات ذي واحترم الشرط اللي اتفقنا عليه..
بدر : ما أذكر اني اتفقت معك على شي..
بدأ الرعب يتسلل قلبها عندما وقف من مكانه : بدر لو سمحت اطلع أبي البس وأنام..
ابتسم : البسي هو أنا ماسكك؟ وش بشوف يعني؟ ما أظن شي جديد عن اللي شفته قبل ..
بإحراج : وقح وماتستحي.
ضحك من أعماق قلبه لتبرز تقاسيم وجهه بوسامة فائقة ذكرتها ببدر قبل سنوات في أول أيام زواجها.. لينبض قلبها عشقاً يصعب عليها نكرانه..
لم تدرك بأنها سارحة به حتى سمعت صوته قريباً منها.. شهقت بذعر عندما عاد وعيها لتجده يقف أمامها مباشرة.. بدر بهدوء : أذكر أنك كنتي تبين تحملين؟
عادت خطوة للخلف بخوف وقلبها سيتوقف لا محاله : خلاص ما عدت أبي منك شي.
بدر : لو ما تبيني كان ما رجعتي لي .
حنين بقوة : عمي أجبرني أرجع لك..
رفع حاجبيه ببرود : أوكي؟ رجعتي وانتهى الموضوع وأخذتي مهرك.. يعني فوق تعنفقك وشرطك الغبي اخذتي فوق المبلغ اللي تستحقينه بكثير أتوقع من حقي الحين أحلل فلوسي!!
عادت خطوة أخرى وهي ترى نظرته تتبدل لشيءٍ مختلف.. ابتلعت ريقها : أنا مو سلعة عندك بدر.. ما أبيك يا أخي قربك يقرفني خل عندك شوي كرامة واطلع..
باغتها مقترباً منها مصدراً صوتاً بفمه وكأنه يقترب من قطه ويريد تخويفها.. لتصرخ وتبتعد لآخر الغرفة..
ضحك وهو يراها ترتجف تنظر له بعينين تجمعت بها الدموع وشعرها قد تناثر حولها..
انحنى يلتقط فوطتها التي كانت تغطي شعرها ونظر لها مبتسماً باستمتاع : طيب يا أم كرامه الظاهر نسيتي أيام أول.. حطي في بالك بس إني بتركك الليلة لأن مالي خاطر فيك وماجيتك إلا عشان تعرفين إني موجود ولا بغيت حقي أخذته منك وغصب عنك بدون لا تهمني شروطك و كلامك الفاضي .. مجنونة تظنين بتركك على هواك وأمشّي كلمتك علي؟؟
وباخذ هذي معي عشان اذا اشتقت لك بالليل.. أحلام سعيدة حبي..
قال آخر جملته وهو يشير على فوطتها بين يديه وبنبرة جعلتها تشعر بأنها شيءٌ لا قيمة له .. وما إن خرج حتى سقطت أرضاً تلتقط أنفاسها التي لم تعي بأنها كانت تحبسها..
.
.
فتح باب شقته بصعوبة وتعب ويد ترتعش من شدة البرد.. كان الوقت متأخراً جداً لذا حاول ألا يصدر أي ضوضاء ولكن ما إن حطت أقدامه داخل شقته حتى ورأى التي كانت تجلس على الأريكة أمامه - ترتدي بيجامة شتوية عليها روب يصل لمنتصف ساقها من الفرو الناعم - تقفز واقفةً بسرعة القلق والخوف واضحين على وجهها..
زفر بضيق وهو يغلق الباب يعطيها ظهره.. ينتظر قليلاً قبل أن يستدير مجدداً ليجدها لازالت تقف مكانها تنظر له بقلق وخوف..
مشى : وش مصحيك للحين؟
هلا بخوف وهي ترى هيأته وحالته وثيابه وشعره المبللين : وش فيك تأخرت؟ وين كنت ؟؟
ابتلع ريقه بصعوبة يتابع طريقه : روحي نامي بكرة نتكلم..
لكنها لم تدع له مجالاً لأن يتقدم أكثر.. وقفت أمامه تنظر لوجهه المرهق بقلق واضح وصوت مخنوق: خطاب وين كنت؟ عجزت أدق عليك وجوالك مقفل؟ مت من الخوف حرام عليك...
ثم بتوجس وهي تتفحص وجهه : وش سوى بك كذا؟؟
ابتسم لها بتعب واضح يربت على خدها بكفه ليهتف قبل أن يبتعد من أمامها ويختفي في غرفته : إن صحيت علمتك.. تصبحين على خير..
تسارعت أنفاسها بعد أن سمعت صوت باب غرفته يُغلق.. لا زالت تشعر بالخوف من جميع الاحتمالات التي وردت في بالها عندما تأخر..
اتصلت عليه بما يزيد عن الخمسين اتصالاً وهاتفه مغلق حتى عبثت بها الظنون خوفاً من أن يكون مكروهاً قد حلّ به..
حاولت أن تهدئ من روعها وهي تضع يدها على قلبها تأخذ انفاساً منتظمة.. تحمد الله على عودته سليماً دون أن يحل به أذى..
مضت ربع ساعة لم تستطع أن تصبر فيها دون أن تعلم ماذا أصابة فمن الواضح أنه ليس على ما يرام..
فتحت باب غرفته بهدوء لتجد الإضاءة القريبة من جهتها التي كانت تنام بها مفتوحة.. وخطاب يتمدد في مكانه يعطي الباب ظهره..
اقتربت منه بحذر حتى أصبحت تقف خلفه.. همست : خطاب..
علمت أنه لازال مستيقظاً من زفرته الحادة بعد ندائها وكأنه يجيبها.. عادت تهمس بعطف وهي ترى ارتعاش كتفيه الواضح : تعبان خطاب؟
أتاها صوته ضعيفاً مهزوزاً بعد فترة صمت طويلة : تؤ.. ندمان..
شعرت وكأن ماساً كهربائياً ضرب قلبها : بسم الله عليك.. ليه؟
طال صمته هذه المره لتردف : خطاب.. ممكن تلف علي؟؟ قاعدة أكلمك..
ثم مجدداً بإصرار وصوت مرتجف : خطاب لو سمحت..
استدار بجسده ينظر لها كما طلبت.. وما إن رأت نظرة عينية وملامح وجهه حتى شعرت بقلبها كصخرة تدحرجت من على سفح جبل.. كان ينظر لها باتساع عينيه وبحدودها التي أصبحت حمراء تتراقص على سطحها اللامع الظلال.. كانت نظرته تترجم كل معاني الضياع والذعر شديدة الحزن و كأن صاحبها يشيّع جنازةً داخله..
عاد جسده للخلف قسراً نتيجة اقتراب جسدها عندما مالت به لتتمدد في المساحة الصغيرة الفارغة أمامه.. ظهرها يلتصق بصدره الصلب والذي ثار من حركتها فبدأت تشعر بنبضات قلبه وكأنها تضرب قلبها..
لف إحدى يديه حول خصرها يشدها نحوه أكثر ومد ذراعه الأخرى تحت رأسها ليستريح عليه.. يغمض عينيه يغرق بقربها ودفئها ورائحتها فهي الوحيدة التي يذهب إليها مثقلاً بالحزن ويعود منها وكأن الحزن لم يمر على قلبه قط.. يهمس بنعَس : هلا..
ابتسمت بشفقة على صوته المتعب ودمعة سقطت من عينها مُجبره : مم.
خطاب بصدق وذات الهمس : أحبك.
شدت على يده أكثر ترفعها تحتضن كفه بالقرب من قلبها والذي أزهر بعد اعترافه الناعس.. بعبرة : و أنا بعد..
.
.
.
# نهاية الفصل الرابع عشر ♡.
سبحان الله وبحمده،، عدد خلقه .. و رضا نفسه،، وزنة عرشه ومداد كلماته ..
|