كاتب الموضوع :
SHELL
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف
بعد انتهاء الحفل وتوديع جميع الضيوف الذين غادروا فى وقت متأخر من الليل حتى الجد عبد الله كان قد استأذن لينصرف هو وحفيديه ولم تفلح محاولات محمد المستميتة باصرار حتى يبتوا ليلتهم بالفيلا بدعوى أن الوقت متأخر جدا للقيادة الا أن عبد الله قد اعتذر بلباقة لأن ابنتيه لا بد فى انتظارهم فحتى لا يثير قلقهما كان لا بد من عودته هذه الليلة على وعد بالمجئ غدا لانهاء جميع المسائل المتعلّقة بتقسيم الميراث كما ينبغى وقال مضيفا:
-لا تخشَ علىّ فلست أنا من سيتولى القيادة , أنه جاسر ,,, ما شاء الله عليه سائق ماهر جدا ولديه العديد من المواهب الأخرى.
كانت ريم قد حل بها التعب من جراء وقوفها منذ الصباح الباكر للاشراف على تنظيم الحفل حتى يبدو بهذا الشكل اللائق فأخذت تنقل ثقل جسدها من قدم لأخرى فى انتظار رحيل آخر المدعوين لتصعد الى غرفتها وتلقى بنفسها على الفراش الوثير تمنى نفسها لحمام ناء دافئ يزيل عنها الارهاق والتعب الجسدى والنفسى على حد سواء .. كانت ترتدى ثوبا مكون من طبقات من الشيفون يصل الى ما بعد ركبتيها بلون وردى فاتح مكشوف الذراعين ومعقودا برباطين فوق الكتفين ,وصندالا بنفس اللون عالى الكعبين ما منحها طلة ملائكية بريئة وهى تضع باطن يدها على شفتيها فى محاولاة لاخفاء تثاؤبها اللا ارادى اصطدمت بعينى جاسر الثاقبتين واللتين لم تتركا شبرا واحدا من جسدها الا وفحصته بتمعن وقح فقالت فى نفسها : نعم يمتلك العديد من المواهب فلا شك اضافة الى القيادة هو ناجح فى تمثيل دور العاشق المخلص والرجل الشهم الذى يمد يد العون للمحتاجين ...
سمعت صوت والدها المنتشى بسعادة لا حدود لها وهو يقول فخورا بها:
-وريم أيضا قد بذلت جهدا جبّارا من أجل أن تخرج هذه الحفلة الى النور بهذا الشكل المشرف اللائق باسم العائلة ,,, شكرا حبيبتى فأنتِ قد أدخلتِ البهجة الى قلوبنا جميعا.
توالت عبارات الثناء والاطراء منهالة على ريم التى ابتسمت بخجل عذرى وهى تنحنى بصورة مسرحية وكانها تحيى الجماهير على خشبة المسرح قائلة برقة بالغة:
-هذا من دواعى سرورى أن أضيف ولو لمسة بسيطة من أجل أخى العزيز وزوجته ,, أسعدهما الله ورزقهما بالذرية الصالحة.
بهذه اللحظة كان جاسر مشدوها ببرائتها الواضحة وتصرفها التلقائى بفطرة لم تفسد بعد فالتمعت عيناه ببريق اعجاب واضح وقد سمح لنفسه أن يتأملها بعناية دون أن تلحظه قبل أن تحرك رأسها نحوه فجأة ولديها شعور محقق بأنها قيد المراقبة فعاد وجهه لجموده الصخرى وهو يشيّعها بنظرة ساخرة وكأنه يقول لها : لن تخدعيننى بتمثيلك لهذا الدور الزائف.
-حسنا ,تصبحون على خير جميعا.
قالها الجد عبد الله بصفة عامة قبل أن يخص السيدة شريفة بتحية مهذبة وهو يتمنى لها الخير قبل أن يحيط حفيديه بذراعيه متوجها الى الخارج يصحبه ابنى أخيه محمد وعادل ,بينما كان رفيق متأففا ينظر للرجل الذى كان ينافسه على حب زوجته شذرا وقد اجتمعت فى رأسه الأفكار المتزاحمة لتكوّن رأيا معقولا عمّا حدث ... لا يجرؤ على الافصاح عن حقيقة مشاعره تجاه هذا القريب المنضم حديثا الى العائلة ,,, وبمَ يخبر ذويه ؟ أيقول لهم بمنتهى البساطة .. هذا الرجل كان معجبا بزوجتى ويريد أن يقترن بها قبل أن تعرفوا بحقيقة زواجى منها , ولا تظلمونها فهى كانت فاقدة للذاكرة وكل ما يربطها بى ... لا يمكن طبعا , عليه الآن أن يتكتم عن الأمر ويقضى شهر العسل مسافرا برفقة حبيبة قلبه الى حيث المتعة والسحر والجمال ,,, وليتأجل أى قرار بخصوص هؤلاء الوافدين الجدد.
عاد الشقيقين سويا بعد رحيل العم وأحفاده ليجدا مجدى وفريال واقفين متشابكى الأيدى وقد ابتدرهما قائلا:
-والآن أتسمحان لنا نحن أيضا بالانصراف , فقد تأخر الوقت.
وتصنّعت فريال التثاؤب الوهمى حتى ضحك الشباب عاليا وهم يتهامسون فيما بينهم :
-نعم فالعروسان بحاجة الى الراحة بعد يوم طويل مرهق.
حاول محمد أن يثنيهما عن قرار المغادرة وهو يشير الى غرفة فريال بالأعلى قائلا:
-ألا يمكن لكما أن ترتاحا على الأقل هذه الليلة ثم تستعدان على مهل بالغد لتوضيب أغراضك يا فريال.
اعترضت فريال بهدوء وهى تقول:
-اتركنا على حريتنا يا محمد سوف أقوم بجمع بعض الأغراض القليلة التى سوف أحتاجها لليلة ثم نعود غدا لاستكمال حزم حقائبى.
عرض عليهما عادل أن يرافقاه هو ومنى الى رحلتهما المتجولة فرفضاها بلباقة متعللين بأن مجدى لن يجد وقتا مناسبا حتى ينهى جميع القضايا المعلّقة بمكتبه ويستطيع أن يمنح لنفسه وعروسه التفرغ التام من أجل اجازة طويلة المدى فمط رفيق شفتيه استياءا وهو يلمح بالكلام:
-أتعنى أنك ستذهب غدا الى مكتبك ؟ وماذا يقول عنّا الناس اذا رأوا العريس فى أول صباح بعد الزواج مغادرا الى عمله تاركا العروس وحدها ؟
أجابت فريال نيابة عنه وهى تقرص زوج ابنتها من خده مؤنبة:
-ألا تتأدب فى حديثك عن حماك ؟ ثم ماذا تقول أنه من حسن طالعك او لنقل من سوئه أنك سترانى فى يوم صباحيتك يا عريس لأن مجدى سيقلنى الى هنا فى الصباح الباكر وهو فى طريقه الى مكتبه لأجلب بقية أغراضى وأودعكما قبل أن تسافرا.
-وهل أجرؤ ؟ مجدى هذا حبيب قلبى ... أقصد عمى مجدى .
وانطلقت ضحكاتهم مدويّة قبل أن تصطحب أميرة أمها الى الطابق العلوى لتساعدها فى لملمة بعض الأغراض الخاصة بها .
ثم أحاط عادل كتفى زوجته بذراعيه وهو يقول معتذرا:
-نأسف يا جماعة فعلينا بالنوم بضعة ساعات حتى لا يفوتنا موعد الطائرة فجرا , سيف بالمناسبة حاول أن تخلد باكرا للنوم أيضا فأنت ستقلنا الى المطار.
دمدم سيف ببضعة كلمات هامسة قبل أن يهز رأسه موافقا ,فأشفق كريم على حاله ,, لم يخبرا أحدا بعد بما صار معه , وفكّر أنه ربما بحاجة الى بعض الوقت حتى يستطيع الاعتراف بما قامت به مها دون الشعور بالاذلال أو الاحراج.
أخيرا بالنهاية صعد الجميع الى غرفهم ليخلدوا الى النوم بعد انصراف فريال وزوجها وكل منهم غارقا بأفكاره الخاصة ... حتى استسلم لسلطان النعاس وغرق فى سبات عميق.
وغدا يوم آخر ... تشرق فيه الشمس من جديد.
|