لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-11-18, 04:09 PM   المشاركة رقم: 166
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 



الخاتمة



جرت الاستعدادت على قدم وساق من أجل الاعداد لحفل مميز يليق باسم عائلة الشرقاوى بما لها من نفوذ واسع يتغلغل فى أعماق الطبقة العليا فى المجتمع المخملى ,وقد أصرت أميرة على الاقتصار على دعوة الأقارب والأصدقاء المقربين بدرجة كبيرة فقط كما امتثل رفيق لرغبتها بعدم السماح للصحافة بافساد بهجة هذا اليوم الهام فى حياتهما فخلت الفيلا الا من بعض المصورين الخاصين لتسجيل هذه اللحظات السعيدة بصورة احترافية عالية ... بينما تولت ريم مهمة تنسيق وتنظيم الحدث بمهارة أشاد بها الجميع ما جعل ابتسامتها تشرق من جديد فتناست هموم قلبها المثقل للحظات وتنسمت متعة الشعور بالأهمية لدى أفراد عائلتها وخاصة سيف الذى كان ملاصقا لكل خطوة من خطواتها يتبعها كظلها الذى لا يفارقها دون أن تشعر بأى تقييد لها ,كان مراعيا لشعورها الى أقصى درجة بل وتحوّل الى رجل فائق التهذيب بتخيّر كل حرف يتفوّه به حتى ظنت أنه لا بد وأن يكون مريضا حتى لا ينفلت لسانه الزلق بحديثه المشاكس الذى يثير دوما أعصابها ,وحينما كانت تبتعد عنه لتلقى بتعليماتها الى أحد أعضاء الفريق الذى يتولّى اعداد برنامج الحفل وترنو بنظرها اليه خلسة تجده مراقبا لها باهتمام بالغ قبل أن ينضم لها مجددا وكأنه يعلن للجميع أن هذه الفتاة تخصه حتى دون أن تعطيه الرد المناسب لعرضه السابق ,لم ترفض التصاقه بها على العكس ... تمتعت بكل ثانية من هذا التسلط الذكورى الذى كانت تضيق به ذرعا بالماضى وغفلت عن الهمسات الدائرة بين زوجة عمها منى وأمها والتى كانت تتمحور حول الثنائى الجديد بالعائلة أى ريم وسيف وكم أنهما متناغمان سويا بملاءمة رائعة.
فى حين قامت فريال بالوقوف الى جوار أخيها محمد لتشاركه استقبال المدعوين كما تقتضى الأعراف بتواجد والدى العروسين لتلقى التهانئ من الوافدين ...
ولم تتردد سماح التى كانت تدور كالفراشة هنا وهناك فى أن تتوقف لبرهة حتى تطلق زغرودة مجلجلة تعلن بها عن مولد فرحة بهذا المنزل بعد طول غياب ثم تنسل الى المطبخ حيث يتواجد خطيبها سعد والذى يبذل أقصى جهده لمد يد العون لهم فى هذا الاحتفال الضخم عن رغبة حسنة فى مشاركتهم السعادة وليس من أجل عمله الذى ينال منه مرتبه فكانت سماح تبدأ عملا وهو يكمله أو العكس بينما يراقبهما العم ( مصيلحى ) بشغف وهو يتصنّع الضيق فيوبّخ أحدهما بصوت مرتفع حتى ينتبه الآخر اذا شرد ذهنه , وبالطبع كان هناك بعض العمال المأجورين الذين انضموا الى الثلاثى الأساسى فى العمل وهم يتلقون الأوامر من الطبّاخ العجوز بتأفف من أسلوبه المزعج فى الصراخ ... وكان أحدهم شابا فى مقتبل العمر على قدر من السذاجة يبدو وكأنها المرة الأولى له فى هذا العمل فانبهر بجمال سماح الأخّاذ وحيويتها الفائقة حتى أنه كاد يفلت كأسا تناوله من يد زميل آخر أكثر حنكة فأسرع الأخير بالسيطرة على الموقف فى اللحظة الأخيرة ,فوقوع مثل هذا الكأس وتحطمه كان سيتسبب فى كارثة لهما ثم لكزه بمرفقه فى خصره حتى ينتبه لما يمسك به وتتبّع بعينيه نظراته الى الفتاة الوحيدة فى هذا المكان وحينما التقت عيناها بمن يحدّق بها بهذا الافتتان الواضح تخضبت وجنتاها احمرارا وابتعدت لتختبئ بسعد دون أن تدرى أنه على دراية بما يحدث , فما كان تصرفه الا أن وضع ذراعا متملكة على كتفها ليدفعها بعيدا عن مجال رؤية الشابين اليافعين وهو يكاد يتميز غيظا ويتساءل بقرارة نفسه : متى ينتهى هذا اليوم الطويل قبل أن يرتكب حماقة قد يندم عليها أو يتسبب لفتاته بمشكلة هى فى غنى عنها ,,, تنفس أخيرا الصعداء حين غابت هى عن نظر الجميع فى طريقها الى الخارج.
وفى تمام الساعة الثامنة مساءا فى الموعد المحدد بالدقيقة حضر المأذون الشرعى والذى تم تكليفه باتمام عقد القران الجديد ,,, كان تقليديا للغاية بقفطانه الواسع وعمامته الملفوفة بحزم حول رأسه وهو يحمل كتابه تحت ابطه ,,, استقبله كريم بالمدخل وقاده نحو البهو الداخلى ... حينما رأته ريم لأول مرة شهقت منبهرة وهى تهتف برفيقها:
-انظر يا سيف , أنه المأذون قد حضر ,وها هو يرتدى تماما كما كنا نشاهده بالأفلام القديمة ,,, يا له من مشهد !
نظر نحوها مصعوقا من جاذبيتها التى تمددت بفعل سحر ابتسامتها الطفولية وقال لنفسه : ألا توقع نفسك بورطة كبرى اذ تقدمت بطلب الزواج منها ؟
نفض عن ذهنه مثل هذه الأفكار المحطمة للآمال وهو يجيبها بلين:
-ما رأيك لو تعلنى موافقتك فى هذه اللحظة حتى نلحق بالمأذون الذى نال اعجابك فيعقد قراننا أيضا.
رفعت ريم حاجبيها باستغراب وهى تقول بتوتر:
-أتعنى الآن ؟
أومأ لها برأسه متلاعبا بحاجبه وهو يقول مغازلا:
-نعم الآن , وهل هناك مانع فخير البر عاجله ,وها أنا أعمل بنصيحتك لى فى تقليد رفيق.
أشاحت بوجهها بعيدا قبل أن يلمح العبرات اللامعة فى عينيها وقالت تتصنع المرح:
-كلا ... عليك أن تنتظر.
-ألا تترفقين بى يا ابنة العم وترحمين قلبى المسكين من عناء الانتظار ؟
التفت أصابعه تحكم قبضته حول ذقنها ليدير وجهها نحوه باصرار فاستسلمت مرغمة قبل أن تتمتم:
-ربما لا تضطر الى الانتظار طويلا , من يدرى !
تراقصت ابتسامة ماكرة على شفتيه قبل أن يقول هامسا:
-أتعنين كلامك هذا حقا يا ريم , أم أنكِ تتلاعبين بمشاعرى ؟
حركت يدها لتصارع رغبة داخلية فى أن تبقى على هذا الوضع وأخرى تحثها على الابتعاد قبل أن تتأذى ,فالتقط كفها الحائر فى الهواء وقرّبه من فمه ليطبع قبلة حانية بطيئة متحاشيا النظر الى أعماق عينيها حتى لا تنكشف حقيقة احساسه بهذا الوقت ,لم يكن متأكدا من ماهية مشاعره تجاه تلك الرقيقة الهشة التى كان يحلو له سابقا أن يثيرها فتجابهه بقوة وثبات لا مثيل لهما حتى تثبت تفوقها عليه.
تسمّرت عيناه على نقطة ما خلف ظهرها وقطّب جبينه بشدة الا أنه لم يفلت يدها من بين براثن يده المحتضنة بل شدد من قبضته القوية حتى كادت تشعر بعظام أصابعها اللينة تتحطم فاعترضت بهمهمة ضعيفة وهى تستدير بنصف التفاتة لترى فيما يحدّق متجاهلا محاولتها المستميتة للافلات منه فاصطدمت بزوج من العيون الزرقاء يغزوان كيانها المشتعل ليتعرّى ما بداخلها من أحاسيس متضاربة متناقضة فقد بانت الحيرة على وجهها المصدوم ,,, ما الذى يفعله هنا بهذه اللحظة العائلية جدا ثم وقع بصرها على ذراعه المستكينة بحماية على كتف الفتاة الشقراء التى لن تنسّ ملامحها أبدا فهى دوما تشكّل لها مصدر عذاب وهى تتخيّل الحميمية التى يتشاركان بها فالتمست بدورها باحثة عن الأمان لتجد ابن عمها يشدها الى جواره محيطا خصرها بذراعه الأخرى ليتقدم بضعة خطوات من عمهما محمد الذى كان يشير لهما حتى يقتربا وقد كان مشغولا بتحية رجل يبدو عليه سيماء الكبرياء والقوة وقد غزا الشيب محيط رأسه ,بدت ملامحه مألوفة لريم وكأنها قد سبق أن رأته بمكان ما ولكن لم تسعفها ذاكرة السمكة التى تتمتع بها وما أن وصلا الى غايتهما حتى ابتدرهما محمد بالقول بحفاوة وترحيب بالغين:
-هيا اقتربا لتلقيا التحية على جدكما ... عبد الله أنه عمى ...
ارتسمت ابتسامة مرتجفة على شفتى ريم وهى تحاول السيطرة على انتفاضة جسدها حينما مدت يدها لتسلم عليه فاستقبلها بمفاجأة حيث ضمها اليه ببساطة وهو يقول بصوت رخيم:
-لا بد وأنك ريم ,,, ابنة محمد أليس كذلك ؟
عقدت المفاجأة لسانها فأومأت برأسها ببطء وهى تجذب نفسها من بين أحضان الرجل العجوز الفاتن فقد تهيأت لها الفرصة لتتأمل تقاطيعه المليحة التى كشفت عن وسامة مدمرة قديمة وعينيه ,,, شعرت بأنها تعرفهما حق المعرفة ,,, ولكن هيهات أن تدرك قبل أن يحذو حذوها سيف مرحبا بالجد الغائب بدبلوماسية وصوت محمد يرن فى أذنيه :
-هذا هو سيف ابن عادل.
قبل أن يشير عبد الله الى الثنائى المجاور له وهو يقول بفخر:
-اسمحوا لى أن أعرفكما على حفيدىّ ... جاسر وليلى , ليلى هذا هو عمك محمد وهذه عمتك فريال أم العروس.
ضاقت عينا ريم فيما مد جاسر يده فى اشارة ودية للتحية الا أن عيناه أخبرتها بالنقيض تماما وهو يضغط بتعمّد على مفاصل أصابعها التى انسحقت تحت وطأة أصابعه المؤلمة قبل أن يغمغم بصوت خفيض:
-مرحبا ريم سعدت بلقائك وكم وددت لو كنا قد التقينا فى وقت أقرب من ذلك.
صرفت على أسنانها بغيظ وهى تشعر بالاهانة من طريقته الغاضبة فى تحيتها وتساءلت : كيف يجرؤ هذا السافل على مجاملتها بهذه الطريقة الباردة وكأنه يراها للمرة الأولى متغاضيا عن التفاف تلك الحية الرقطاء بنعومة حوله والتى سعت نحو سيف بابتسامة أنيقة لتقول بمغزى:
-تشرفنا يا سيف ... منزلكم رائع حقا ,ولكننى لم أتوقعه بهذه المساحة.
اعتصر سيف يدها الممدودة دون أن يأبه لشهقتها المكتومة ليجيبها باحتقار:
-أنه يبدو من الداخل أفضل بكثير من الخارج ,فالمظاهر الخارجية دائما ما تخدع أليس كذلك ؟
وافقته ريم بايماءة من رأسها وهى تعود لتلتصق بابن عمها تتلمس حمايته فعاد الى وضع ذراعا متملكة على كتفها بينما قالت باستخفاف:
-أنت على حق دوما يا سيف.
بينما أشار سيف متسائلا ببرود:
-معذرة ,,, ولكننى لم أفهم بعد صلة القرابة بينكما هل أنتما أبناء عمومة ؟
أجابه جاسر بخيلاء وهو يضع يده فى جيب بنطاله:
-كلا ... ليلى هى ابنة خالتى ,فجدى عبد الله هو جدى لأمى.
قالت ريم بنزق:
-آآآه لهذا أعتقد أنكما تخفيان صلة القربى هذه بمنتهى البساطة.
انعقد حاجبا جاسر بانزعاج قبل أن يهتف متسائلا:
-أرجو معذرتك ... لم أفهم ماذا تعنين ؟
كان يمثل دورا رخيصا بنظرها فهو لدية كامل الجرأة ليأتى الى زفاف أخيها منكرا معرفته بها وعلى مرأى من تلك الأفعى التى اتضح أنها ابنة خالته فواتتها الشجاعة لتستكمل انتقامها البارد قائلة بابتسامة قاتلة:
-أعنى أنكما لستما مثلى أنا وسيف مثلا , فنحن لا نخفى قرابتنا .. أقصد بسبب الاسم فنحن نمتلك ذات الكنية ... عبد العظيم الشرقاوى.
استدرجه تفاخرها بنسبهما الى أن يسألها متألما:
-اذن فهذا هو ما يجمعكما سويا ؟
التقطت مغزى سؤاله فأكملت فى طريقها المقرر حتى النهاية لتقول بتحفز:
-كلا , ليس هذا فقط ما يربطنا ببعضنا اضافة الى أنه ابن عمى وصديق طفولتى فأنا وسيف سوف نتزوج قريبا .
ثم التفتت باغراء الى ابن عمها الذى كان مسمّرا يتابع تفاصيل لعبتها قبل أن تلمح شبح ابتسامة متسلية تتراقص على زاوية فمه المزموم ليؤكد على صدق حديثها بجدية:
-نعم , ألست محظوظا لأنال موافقتها على الزواج منى ؟
ارتخت ذراع جاسر الحانق ليتخلّى عن ابنة خالته وهو ما زال محدّقا فيهما بنظرات ناريّة اخترقت قلبها المتوجع ليقول متمتما ببطء:
-اذن فالفرح انقسم لاثنين ... تهانىّ القلبية لكما ,هل ننتظر اعلان خطبتكما قريبا ؟
واتجهت أنظاره نحو أصابعهما الخالية من أية خواتم فأجابه سيف متسرعا:
-لا تسمح للمظاهر أن تخدعك كما قلنا فيما سبق ,فنحن لا نقيم وزنا لهذه الشكليات التافهة ,,, وخير البر عاجله كما يقال ... ربما ندعوك لعقد قراننا بأقرب ممما تتخيّل.
قالت ليلى بشماتة واضحة وقد شعرت بأن ريم قد خطفت منها دائرة الأضواء باعترافها المذهل:
-وأنا أيضا ألا تباركان لى فأنا على وشك أن أخطب.
ابتسم سيف دون رغبة حقيقية بزواية فمه وهو يقول محاولا اخفاء فضوله:
-هل أنتما الاثنان أيضا مخطوبان مثلنا ؟
كادت ليلى أن تتفوّه بكلمة الا أن جاسر أسكتها بلفتة بسيطة حين أسر فى أذنها ببضعة كلمات بدت وكأنها همسات عاشقين قبل أن يلتفت اليهما جاسر من جديد قائلا بثقة زائدة:
-تستطيع أن تقول هذا ,,,
لم تستطع ريم أن تمنع غصة رهيبة بحلقها حينما رأت زوجي العيون يتفاهمان بطريقتهما الخاصة بصورة فريدة ,, واعترفت لنفسها كارهة أنهما يشكلان ثنائيا مثاليا ,,, ليلى وجاسر ,,, يا للعجب فهما يعدان أبناء عمومة لهما وان كانت صلة القرابة بعيدة الى حد ما ,,, كيف ستتحمل رؤيتهما ثانية على هذا الحال وقد فهمت من حديث أبيها من قبل أن عائلة الجد الغائب سوف تشاركهم بميراثهم ,,, بمنزلهم ,,, بعملهم ,,, بحياتهم ,ماذا فعلتِ بحياتك يا ريم لتستحقى مثل هذا العقاب الشنيع ؟
جاسر ,,, حبيب القلب وتوأم الروح ,,, اعترفت لنفسها بجرأة غير مسبوقة وها هو هنا فى بيتها مدعوا حفلهم الخاص قريبا وبذات الوقت أبعد ما يكون عن منالها ,يتشدّق بخطبته لابنة خالته ... ذلك المنافق الحقير ,, أخفى صلة قرابته لها ببراعة يحسد عليها ثم سعى ليتعرف اليها ويوقعها بحبائله , ما الذى كان سيجنيه من هذا التصرف ؟ أكانت مجرد وسيلة لتحقيق هدف الانتقام من عائلتها ؟ وهى بغبائها وسذاجتها أعطته الفرصة على طبق من فضة بل من ذهب ,, ولكنها فكّرت على الأقل أنا من قطع العلاقة المريبة التى لم تكن معروفة التفاصيل ولا الملامح ,ولماذا يبدو غاضبا منها هكذا وكأنه المجنى عليه وليس الجانى , لا ... لن تستسلم لهذا الشعور الجارف بالاحساس بالذنب نحوه , بل كيف تشعر بأدنى قدر من التعاطف معه ؟ أنه شخص نذل وكاذب ادّعى البراءة وتودد اليها لغرض دنئ ,,, لن تعود لسابق عهدها ,,, لن تكون ريم الخانعة التى تصدّق كل من هب ودب بحسن نية ,,, الحياة صعبة.
كانت فريال الوحيدة التى تعرفت الى عمهم سابقا ولكنها أخفت هذه المعرفة ببراعة حتى لا تثير التكهنات حولها فحيّته بمودة وبساطة الا أنه همس فى أذنها قائلا:
-لدىّ حديث خاص معك.
أجابته فريال بارتباك:
-حسنا يا عمى ,ولكن ألا يمكن أن نرجئه لما بعد , فاليوم هو زفاف ابنتى كما تعلم ولست مستعدة للنبش فى الماضى الآن.
أرسل لها نظرة أبوية دافئة تشع حنانا وحبا قبل أن يغمغم باستسلام:
-كما تفضلين يا غاليتى ... مبارك لها ومبارك لكِ عودتها.
-شكرا يا عمى ...
وبترت عبارتها بغتة حينما تناهى الى مسامعها صوت دافئ اشتاقت لصاحبه طويلا يقول:
-مبارك لكم يا محمد ,,,
فاحتضنه محمد بقوة وهو يربت على ظهره قائلا:
-كنت سأغضب منك ان لم تأتِ.
-وهل يعقل أن أرفض دعوتك ؟ لم أكن لأسامح نفسى ان فاتتنى هذه المناسبة.
ارتعشت أهدابها مرفرفة وهى تمتّع نظرها بالنظر الى كل خلية من ملامحه التى افتقدتها الى أن توجه اليها بخطوات ثابتة مديدة ومد يده يتهذيب يقول برسمية:
-مبارك لكم يا فريال هانم.
احتاجت الى كل ذرة تعقّل حتى لا تلقى نفسها بين ذراعيه وهى تقول لائمة:
-الله يبارك فيك يا مجدى ,أكان لا بد أن يدعوك محمد بنفسه لتحضر ؟
-وماذا أفعل يا سيدتى اذا لم أكن فردا من العائلة ,فلهذا أنتظر دوما دعوة أحدهم.
كان يؤنبها ببساطة لعدم تلقيه الدعوة مباشرة منها الا أنها أشاحت بوجهها مطرقة الى الأرض قبل أن تقول بهمس:
-لم أستطع أن أهاتفك ,,, أنت تعرف انشغالـ ...
قاطعها محتدا:
-نعم بالتأكيد كنت مشغولة للغاية , لكِ عذرك سيدتى .
وقبل أن يهم بمغادرتها أمسكت بمرفقه تستوقفه وهى تقول محرجة:
-لم تفهم ما عنيته حقا , قصدت انشغالك أنت ... أعنى لقد سبق وهاتفتك ...
استدار بكليته ليواجهها باستطلاع قبل أن يتساءل باهتمام ملحوظ:
-هل تحدثتِ الىّ وكان الهاتف مشغولا ؟
نفت برأسها وهى تقول:
-كلا ,,, لم أتصل بهاتفك الخاص فأنت لم تجب على اتصالاتى السابقة ,لقد اتصلت بمكتبك وقد ردت سكرتيرتك علىّ ,,,
أشار لها بيده فى عدة دوائر اشارة لتكمل حديثها بينما قالت تتذكر كيف شعرت بالضيق والاهانة وقتها :
-قالت أنك مشغول للغاية ولن تستطيع مكالمتى فأخبرتها بابلاغك بالدعوة ,,,وكنت أنتظر ردك ,,, انتظرت طويلا الا أنك على ما يبدو لم تجد وقتا أو ربما لم ترغب فى ...
قاطعها بأن سحبها من ذراعها بعيدا عن بقية الحضور وهو يتخيّر ركنا قصيّا حتى يتفرد بالحوار معها بعيدا عن الأعين والآذان الفضولية أما هى فكانت ترتجف كورقة فى مهب الريح أمام نظراته الغاضبة قبل أن يقول بحرقة وهو يحرك أصابعه بقوة فى خصلات شعره:
-ربما أكون قد عاملتك بفظاظة وخشونة فى أخر مرة رأيتك فيها ولكننى أبدا لم أتلق أية افادة باتصالك هذا....
ظلت تحدّق به ذاهلة غير مصدقة أنه واقفا أمامها بشحمه ولحمه بعد طول غياب فأضاف بأسى وحسرة:
-لا أفهم كيف تتصرف هكذا ؟ لقد انتظرتك طويلا جدا حتى أستمع الى صوتك .. انتظرت أن تخبريننى بمدى أهميتى فى حياتك وأنك لا تقوين على الاستغناء عنى ,,,,
تنهّد بحرقة وهو يستطرد :
-كنت أنتظر اتصالا واحدا منك ,,, وبعدها لم أكن لأتردد اذا طلبت منى الذهاب حتى الى الجحيم ...
ضحك ساخرا من نفسه قبل أن يعطيها ظهره حتى لا ترى ضعفه الواضح فى عينيه قبل أن يقول بمرارة:
-نعم فقد كنت أحيا بالجحيم منذ فارقتنى ..
ثم التفت نحوها بغتة ليقبض على ذراعيها ويهزها بمنتهى القسوة مدنيا وجهه بأنفاسه اللاهثة من وجهها ليسألها:
-أتصدقيننى ؟ أتفهميننى ؟
تحمّلت عنفه القوى بمنتهى الصبر والجلد فهو بحاجة الى أن تفهم كنه مشاعره بهذه الفترة العصيبة من حياتهما وأخذت تقول بينما الدموع تترقرق فى مقلتيها مرددة:
-نعم أصدقك ,وأفهمك يا مجدى.
أخذ يعيد على مسمعها سؤاله مرارا وتكرارا وهى تعطيه ذات الاجابة قبل أن ترتمى بحضنه وهى تهمس بعشق:
-اشتقت لك يا مجدى ,,, افتقدتك لأقصى درجة ... نعم آذيتك كثيرا لأننى لم أفهم مشاعرى بشكل صحيح , لم أكن قادرة على اتخاذ أى قرار منطقى بحياتى ,,, أنت تدرك أنها كانت حياة متخبطة متشابكة ,لم أحيا أبدا الا بقربك منى , أنت وحدك من جعلنى أقدّر قيمة الحياة والحب والتسامح والغفران ... أتصدق أنه بسبب ابتعادك عنى ونكرانك لاعترافى بالحب جعلتنى أعيد النظر فى حياتى وفى ,,, علاقتى بأبى وأمى وأخوتى ... أنا .. أنا غفرت لأبى ما جناه علىّ ,,, بل لن تصدّق هذا ... ناجى ...
شعرت بعضلاته تتصلّب بعد أن ذكرت اسم زوجها السابق ,,ولكنها قدرت أنه لا بد أن يطردا أشباح الماضى مرة واحدة والى الأبد ,وحاول هو جاهدا أن يبعدها عنه الا أنها تمسكّت بذراعيه بطاقة وحيوية لم تعرف مصدرهما وقالت باصرار مؤكد:
-لا لا تتركنى ,, فقط استمع لى ,,, لقد سامحت ناجى على فعلته , نعم ليس لأننى أحمل له أدنى قدر من المشاعر وليس لأنه والد ابنتى ,,, بل لأننى أحبك أنت , نعم يا مجدى أحببتك منذ تفتحت براعم الحب فى قلبى للمرة الأولى ولولا ما حدث لى وزواجى من ناجى لما أدركت قوة حبى لك ,ولكنت ليومنا هذا غافلة عن السعادة التى تنتظرنى معك.
قبّل مفرق رأسها بحنو بالغ وهو يسألها غير واثقا مما يحدث له على الرغم من احساساه بمدى صدق اعترافها :
-هل أنت متأكدة مما تقولين يا فريال ؟
ثم أمسك برأسها يزيحه قليلا حتى يمعن النظر الى عينيها الجميلتين بلهفة واشتياق لا حدود لهما قبل أن يضيف بصوت مهتز:
-لأنك اذا كنت واثقة يا سيدة فريال من كلامك هذا ... فيسعدنى ويشرفنى أن تقبلى الزواج منى يا حبيبة العمر ؟
وضعت يديها على شفتيها تكتم شهقة سعادة وعدم تصديق ثم اغرورقت عيناها بالدموع .. دموع الفرحة التى غمرتها بمجرد أن عاد مجدى الى محيط حياتها ,, فاكتملت السعادة فى جوانح قلبها الذى كان يقتات على الحزن والتعاسة الى أن قام مجدى بمداواة جراحها فعاد قلبها ينبض بقوة بالحياة ... فتطلّع لها مجدى برجاء يستحثها على الاجابة التى
طال انتظاره لها سنوات وسنوات حتى أراحت قلبه المتأمل ونطقت بكلمتها الأخيرة:
-نعم طبعا أوافق يا حبيبى.
-لن ننتظر دقيقة واحدة ,سوف نعقد قراننا الآن.
-اذا كنت مصرّا.
-هذا من دواعى سرورى.



 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 30-11-18, 04:10 PM   المشاركة رقم: 167
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

التف الحضور على شكل نصف دائرة يتوسطهم رفيق الذى كان مرتديا بزة سوداء أنيقة وربطة عنق بنفس اللون مخططة باللون الفضى بطريقة مائلة تدريجية فوق قميص أبيض اللون فى انتظار العروس التى تنزل الدرج الرخامى ترفل فى ثوبها الكريمى الطويل بحمالات عريضة ... كان ينساب حول كاحليها باتساع بسيط بقماشه الناعم بينما نصفه العلوى مطرز بتناسق وروعة من الدانتيل الرقيق والذى تولى تصميمه واحدا من أشهر دور الأزياء فى الخارج تتأبط ذراع خالها عادل المنتشى بسعادة وحبور حيث قدمها الى عريسها المتلهف ,,, قبّل جبينها برقة وهو يهمس لها بعيدا عن الجميع:
-وأخيرا يا حبى ستصبحين زوجتى الآن والى أبد الأبدين.
منحته أفضل ابتساماتها والتى تشع جمالا وأنوثة جعلت الدماء تسرى فى عروقه حارة وكاد أن يتهوّر الا أن خطوة عمته الفاصلة بينهما لتمنح ابنتها قبلة المباركة منعته من الاقدام على أى خطوة قد تفسد جو الود الذى ساد بينهم أخيرا وقالت فريال بتمعن:
-هيا ,,, الى القاعة لنتم عقد القران .
وسط الزغاريد المجلجلة والصيحات الفرحة أخذت سوسن ترش على العروسين بتلات الورد الزهرية بينما قام كريم بتفجير اسطوانة القصاصات الملونة فوق رأسيهما بعد أن أصدرت صوتا صاخبا أضاف بهجة فوق بهجتهم الأصيلة ,,, وشيّعهما كلا من ريم وسيف بغناء دويتو على أنغام الموسيقى التى صدحت بقوة من حولهم وكانت هذه هى فكرة ريم التى تفنّنت لتجعل هذا الحفل لوحة فنية بديعة لا تٌنسى أبدا.
بمنتصف الأريكة المخملية الواسعة قبع المأذون فى انتظار العروسين حيث جلس عادل الى يمينه ترافقه العروس واستوى كلا من رفيق ووالده على الجهة المقابلة بينما ظل الشاهدان واقفين يتابعان بالقرب منهم ... مقابلا لهم رنت الجدة شريفة بطلتها المشرقة الارستقراطية والى جانبها ابنتها التى بدا وكأنها عادت الى الوراء عشرين عاما وقد أبدى بعض المدعوين اندهاشهم وعدم تصديقهم أن هذه المرأة الفاتنة هى والدة العروس الشابة ,بينما كان الجد عبد الله يراقبها بصمت دون أن يجرؤ على مواجهة عينيها الغائمتين بعبرات تخنقها حتى لا تفسد فرحة الجميع وحينما حانت منها التفاتة تلقائية نحوه تظاهر بالانشغال فى الحديث مع حفيدته الأثيرة التى ابتسمت بتكلف لمن حولها وهى تتمتع بكونها محط أنظار العديد من الحضور رجالا ونساءا على حد سواء.
أنهى المأذون اجراءات اتمام العقد الجديد وقام كلا من العروسين بتوقيع اسميهما والبصمة بالابهام ثم تبعهما كريم وسيف حيث شهدا على زواج رفيقهم المحبوب من أميرة قلبه ... وقفت سماح تراقبهم بعيون دامعة ثم أطلقت زغرودتها المدويّة لتشق سكون القاعة فتبعتها التبريكات والتهانئ من الجميع ...
ما أن أُعلن أنهما قد أصبحا زوجا وزوجة حتى قام رفيق من مقعده وانحنى نحو عروسه الخجول ليمسك بخصرها يرفعها لتقف الى جواره وبيده الأخرى تناول من أمه علبة مربعة صغيرة الحجم فتحها بلمسة خفيفة فأطل من داخلها خاتما لامعا تزينه لؤلؤة كبيرة الحجم تحيط بها بضعة فصوص صغيرة مشكّلة وردة ,أخرجه بحرص شديد من مخبئه ليدخله بخنصرها الأيسر بنزعة تملكية فى منتهى اللطف متحاشيا أن يؤلمها ولو بأدنى قدر طفيف ,وما أن استقر فى أصبعها حتى رفعت بصرها نحو زوجها لتتطلع نحوه بتساؤل وأمل يتضاعف فى كل ثانية فأومأ لها برأسه ,,, يفهمها دون أن تتكلم ,,, يشعر بما تحسه دون أن تشير ,,, وقال هامسا:
-أنه خاتمك الذى أهديتك ايّاه بيوم زواجنا الأول.
قالت بحشرجة وهى تتمتم:
-كيف وجدته ؟ لقد ظننت أننى فقدته للأبد.
-كان معى منذ سنوات حينما صارت الحادثة ... وظل مرافقا لى يذكّرنى بأجمل ابتسامة خطفت أنفاسى ,وها هو قد عاد لموطنه.
طوّقته بذراعيها بشغف وهو أخفاها بأحضانه من نظرات الفضوليين كأنما يود لو استطاه الهروب معها دون أن يتعرضا لمثل هذه المراقبة الصارمة ولكن ما باليد حيلة ... كانت هذه هى رغبة عمته فلم يشأ أن يقف بوجهها اكراما لخاطر حبيبته ,,, وان كان يفضل أن يكون بمكان آخر بعيد هو وعروسه حتى يعبّر بحرية عما يجيش بصدره والذى دام كتمانه لسنين حتى أعياه الصبر وأضناه الانتظار ,,, ثم تلقّى لكزة فى كتفه تبعته أخرى بالكتف الآخر التفت متذمرا وفى داخله تشتعل رغبة للشجار حتى هتف به سيف متخابثا:
-هاه يا عريس اترك لنا فرصة لتهنئة العروس.
واقترب منها كريم بذات الوقت مهنئا وقد تظاهر بأنه ينحنى ليطبع قبلة على خدها قبل أن يجد نفسه مجرورا الى الخلف بقبضة فولاذية من حديد وكان رفيقا يهدده بمزاح قائلا:
-ماذا تظن نفسك فاعلا يا صاح ؟
أجابه كريم ببراءة مصطنعة وهو يهز كتفيه:
-كنت أهنئ ابنة عمتى وابنة خالى ,,, أنها بمثابة الأخت لى ... أليس كذلك ؟
قهقه رفيق عاليا وهو يقول بجرأة:
-كان هذا بالماضى يا حبيبى ,,, الآن هى لى أنا فقط ويكفى أننى سمحت لكما بمصافحتها ...
أخذ المدعوون يتوافدون واحدا تلو الآخر لتقديم المباركة للعروسين السعيدين وهما يقفان متلاصقين تتشابك نظراتهما سويا بلغة لا يفهمها سواهما حتى اقترب منهما الجد عبد الله مصافحا فتناول كف أميرة بين يديه ليلثمه قائلا :
-مبارك لأميرة عائلتنا ... الزواج السعيد.
ثم شد على يد رفيق بحرارة وهو يضيف منشرحا:
-مبارك لك يا رفيق وبالرفاء والبنين ان شاء الله.
هتف الاثنان بنفس اللحظة:
-شكرا يا جدى.
ثم تشاركا الضحك وهما متشابكى الأيدى قبل أن يقول جاسر بجرأة وقحة والذى كان مختبئا خلف جسد جده الفارع الطول وهو يمد يده بكبرياء:
-مبارك لكما أميرة ورفيق.
شهقت أميرة فزعا بينما التف رفيق بجذعه الضخم ليواجه هذا الدخيل الصفيق صائحا بغضب شديد:
-أنت ؟ ما الذى جاء بك الى هنا ؟ وكيف دخلت أصلا ؟
وكاد أن يفلت معقل غضبه ليضربه فى وجهه قبل أن يتدخل كريم بالوقت المناسب ليحد من ثورة ابن عمه وهو يقف حائلا بين الرجلين المتواجهين ... رفيق يعميه الغضب ... وجاسر يرنو له بتحدٍ واضح ولسان حاله يقول : لن تصدق أننى مدعو الى حفل زواجك.
قال الجد عبد الله بهدوء أعصاب يَحسد عليه معرفا:
-أنه حفيدى يا رفيق ... جاسر.
قال رفيق مرددا بحنق وهو يزيح كريم من طريقه بحركة خشنة دون قصد:
-حفيدك ؟ كيف وهو لا يحمل اللقب ؟
هتف جاسر أخيرا ببرودة صعقته:
-أنا جاسر محمود سلامة وأنتمى أيضا للعائلة العريقة مثلك ... عائلة الشرقاوى ولكن من جهة الأم ...
أضاف عبد الله مؤمنا على كلامه:
-أننى جده لأمه ,,, ابنتى شريفة.
قالت أميرة بعدم تصديق مغمغمة:
- ابنتك اسمها شريفة ؟
ابتسم عبد الله لها بجاذبية ساحرة قبل أن ينادى على ليلى التى انشغلت بحوار جانبى مع سيف فهرولت نحوه مسرعة وهو يقدمها ببساطة:
-وها هى حفيدتى الجميلة ليلى ... ابنة ابنتى الثانية فريدة.
ظلت أميرة تحدق بها وكأنها ترى شبحا ماثلا أمام ناظريها قبل أن تشهق باكية:
-شئ لا يصدقه عقل ,, أنتما الاثنان.
أحاطها رفيق بذراعه مؤازرا قبل أن يهمس لها مشجعا :
-لا تبكِ حبيبتى , ولا تدعِ شيئا أو أحدا يزعجك الآن فهذه لحظة تاريخية فى حياتنا ولن نسمح لأى كان بافسادها , هل فهمتِ ؟
نظرت له ببؤس وهى تنتحب ببطء:
-ولكن يا رفيق ...
قاطعها بقوة وارادة:
-لا يوجد لكن ... ماذا قلنا , أنت فتاة قوية عانت كثيرا ومررتِ بنجارب أشد قسوة وايلاما , فتحلّى بالصبر والجلد .. وهيا خذى نفسا عميقا ,, نعم هكذا وابتسمى فالجميع يحدق بنا ظنا منهم أن هذه هى دموع الفرح ,, هيا فلنعطهم ما يرغبون برؤيته .
وقبل أن تعِ ما يحدث لها غمرها بقوة وعزم قبل أن يحملها من خصرها ليدور بها حول نفسه عدة مرات حتى شعرت هى بالدوار العنيف يجتاحها قبل أن يتوقف رفيق بغتة الا أنه لم يفلت جسد زوجته المترنح بل شدد من احتضانه لها.
كانت ممتنة لوجوده الى جوارها ومساندته لها فبدونه تشعر بأن العالم ينقصه الحياة تشعر بأن روحها معلّقة بكينونته هو ,,, فمن أجله خلقت ولأجله ستحيا ,ستفعلها من أجله لن تجعل أعداءها يشمتون بهما فرفعت رأسها عاليا بكبرياء عنيد ومنحت كاميرا المصورين أكثر ابتساماتها اشراقا وروعة وقد أظهرت يدها التى يمسك بها زوجها لمعان اللؤلؤة الثمينة الفريدة فى مقابل الاضاءة المتوهجة لتتوّج صورة زفافهما.


 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 30-11-18, 04:12 PM   المشاركة رقم: 168
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

قبل أن يغادر المأذون قاعة الاحتفال بعد انتهائه لحق به محمد وهو يحث الخطى وأخذا يتبادلان حوارا غير مسموعا فارتفع حاجبا المأذون بدهشة قبل أن يطأطئ برأسه موافقا ويعود أدراجه نحو القاعة مرة أخرى.
صمت جميع الحاضرين حينما لمحوا المأذون عائدا من جديد الى الأريكة وسرت الهمهمات بينهم كالهشيم فى النار وكان الجميع يتساءلون ما بين فضول ومكر ما الذى يحدث ؟
تولّى محمد مهمة الاعلان عما يصير فناوله أحد المساعدين مكروفونا صغيرا ليتحدث الى الحضور مطالبا اياهم بالتزام الصمت والانصات قائلا برزانة :
-لقد كان اجتماعنا اليوم من أجل حضور عقد قران ابنى رفيق وابنة أختى أميرة ,,, والآن أيها السيدات والسادة اسمحول لى أن أعلن لكم خبرا سارا ... فبمناسبة هذه اللمة التى قد لا تتكرر قريبا قررت أن أعلن لكم عن زفاف آخر فى عائلتنا ...
تعالت الأصوات المتهامسة فيما بينها مرة أخرى حتى ضجت القاعة بصخب ما بين ضحك وصياح حتى قاطعهم محمد من جديد بدبلوماسية :
-أستمحيكم عذرا ,,, بالطبع أنتم تتساءلون عن هوية العروسين الجديدين ..
فجأة عم الصمت مخيما على القاعة وجميع العيون متعلقة بشفتيه اللتين تتحركان ببطء وجميع الآذان منصتة لكل حرف بنطق به والقلوب تدق مترقبة باثارة لمعرفة هوية أصحاب الزفاف الثانى.
استطرد محمد وهو يشير نحو رجل وامرأة يقفان منسجمين سويا لا يبدو عليهما دلائل الاهتمام بما يدور من حولهما :
-لقد تقدم السيد مجدى العمراوى محامى العائلة المعروف للزواج من شقيقتى كريمة عائلة الشرقاوى السيدة فريال ... والآن لنبارك وندعو لهما بالتوفيق.
هتفت أميرة وهى تصفق بجذل:
-أمى ... ستتزوج أخيرا ,,, رفيق لا أصدق .
رفع حاجبيه وهو يتمتم بمرح:
-أنا أيضا لا أصدق ,,,
ثم استطرد بصوت لم تسمعه زوجته:
-شكرا لك يا مجدى ,, فقد أوحت عن كاهلى هما ثقيلا ,لم تكن لتتركنا بحالنا اذا ظلت وحيدة دون زواج.
تساءلت أميرة وهى تتطلع نحو زوجها بمحبة:
-ماذا كنت تقول يا حبيبى ؟
- لا شئ يا حياتى أنا سعيد من أجلهما .
وبسرعة فائقة سرت الهمهمات : والدة العروس ستتزوج فى نفس يوم زفاف ابنتها ... أم العروس تبدو صغيرة السن وجميلة كما أنها أرملة منذ سنوات فلمَ لا تتزوج هى الأخرى ؟
تم اتمام عقد القران الثانى بشهادة عم العروس السيد عبد الله ورفيق زوج الابنة والذى راق له ما حدث كثيرا فأخذ يغمز لصديقه المحامى مازحا قبل أن يقترب منه مهنئا وهو يربت على كتفيه بحرارة قائلا:
-نحن السابقون وأنتم اللاحقون
فهمس له مجدى بخبث:
-ها أنا ذا استحق مكافأة منك ,ألم أنقذك من بين براثن حماتك التى كانت ستحيل حياتك أنت وعروسك الى جحيم محقق ,فأنا أعرف مدى تعلّق فريال بأميرة.
قال رفيق متلاعبا بحاجبه وهو يشير نحو عمته:
-أخفض صوتك والا سنرى الجحيم ماثلا أمام أعيننا الآن.
بينما قبّلت العروس الجديدة ابنتها والأخيرة تهتف بسعادة بالغة:
-مبارك لى يا ماما , حقا أنتِ تستحقين أن تتمتعى بحياتك وتنعمى بالراحة مع رجل يقدّرك مثل العم مجدى.
رددت فريال بتعجب:
-العم مجدى ؟
-نعم سأناديه منذ الآن فصاعدا بعمى مجدى , لولا أننى أخشى عليه من التأثر للقبته بأبى .
فرت دمعة وحيدة من عينى فريال تعبّر عن مدى ألمها من معاناة ابنتها مع افتقاد الأب بحياتها ال أنها تذكرت أخاها الراحل لهذه اللحظة فدعت له بالرحمة والمغفرة شاكرة له حسن صنيعه مع ابنتها التى تولى تربيتها حتى شبّت وصارت فتاة ناضجة واعية تدرك حقائق الحياة وقادرة على مواجهة الصعاب هى مصدر فخر واعتزاز لأى أم ... ما أشبه ابنتها بها فى هذه اللحظة الا أنها قد أساءت الاختيار من قبل وتضرعت الى الله أن تكون ابنتها فى منأى عن هذا الخطأ حتى لا تتكرر مأساتها.
وقفت ريم تصفق بيديها متأثرة من هذه اللحظة العاطفية المليئة بمشاعر الحب والألفة الصادقة ,أيمكن لها أن تحظى بهذه الهبة الغالية ,, قلب صادق أمين يحبها لذاتها دون أى تظاهر أو غش أو خداع كما حدث معها فى علاقتها القصيرة بجاسر والتى انتهت بفاجعة مؤلمة لها.
همس لها سيف الذى لم يتركها تغيب عن ناظريه ثانية واحدة بعد أن أدرك بحنكته وخبرته أنها لا تتصرف على طبيعتها منذ رأت جاسر هذا الوقح الذى اتضح أنه منتسبا لعائلتهم :
-اذا كان ممكنا أن تتزوج عمتى بهذه السرعة والبساطة فما رأيك بأن نحذو حذوها ؟
انتفضت ريم بضيق وهى تواجهه برفضها القاطع بحدة:
-كلا يا سيف , لا ضرورة للتسرّع فيجب علينا أولا أن نأحذ وقتا أطول للتفكير بالأمر ,ألم نتفق على هذا مسبقا ؟
انعقد حاجباه بغضب والشرر يتطاير من عينيه فقال مؤنبا بقسوة:
-اذن كان عليكِ أن تفكرى هكذا قبل أن تجريننى معكِ الى هذه اللعبة والتى وافقت على تمثيل دورى بها على أكمل وجه.
تراجعت مصعوقة للوراء وهى تهتف بغضب مماثل:
-ماذا تعنى يا سيف ؟ وأية لعبة تعنى ؟
عقد ذراعيه أمام صدره قبل أن يقول مقلّدا لصوتها:
-اضافة الى أنه ابن عمى وصديق طفولتى فأنا وسيف سوف نتزوج قريبا , أليست هذه كلماتك التى ألقيتها فى وجه ذلك المتحذلق منذ قليل ؟ أخبريننى يا ريم بصراحة هل كنت تعنين حديثك هذا أم أنكِ كنتِ تسعين فقط نحو اثارة غيرته ؟
أنكرت بحدة وهى ما زالت غاضبة منه:
-ولماذا أسعى نحو اثارة غيرته ؟ بمَ تتهمنى بالضبط يا ابن العم ؟
-هذا هو ما أود سؤالك عنه , لماذا أشعر بأنكِ تهتمين لأمره بشكل خاص ؟
-لا علاقة لى بشعورك هذا ولست مسؤولة عن هلاوسك , أنا لم أره الا منذ لحظات.
-أشعر بأنكِ تخفين عنى الكثير يا ريم فنظراته اليكِ توحى بأكثر من مجرد معرفة منذ لحظات ... وكأنه يحاول أن يبعث لكِ برسالة أجهل مضمونها.
صاحت بضعف:
-أنت واهم يا سيف ,لا وجود لمثل هذه الرسائل ,, لا شئ ابدا.
جذبها من مرفقها بخشونة قبل أن يرفع أصبعه فى وجهها بتحذير قائلا بصوت كالفحيح:
-احترسى يا ريم من الكذب علىّ فأنا أعرفك كظاهر يدى واذا اتضح لى أنكِ تتلاعبين بى من أجل أى غرض فى ذهنك فسوف أجعلك تدفعين الثمن غاليا ,وابتعدى عن طريق هذا الأحمق ,,, والا فلن أرحمك ولن أرحمه ,,,وهذا كلامى النهائى ,,,
ثم أفلت ذراعها بحدة , فشعرت بنبض الألم ضاربا على جلد ذراعها الذى أخذ الاحمرار يزحف عليه ببطء حيث كانت آثار أصابعه القوية مرتسمة بتوقيع واضح ,أما هى فلم تأبه لألمها الجسدى بل انحسرت مشاعرها كاشفة عن قوة ألمها النفسى ,,, وهى تحدّث نفسها : ما الذى أوقعكِ بهذه الورطة يا ريم ؟ وتراءت لها الاجابة واضحة كالشمس الساطعة : هى من فعلت هذا بنفسها ,وسوف تجنى ثمار تهورها.
وقف جاسر يتطلّع نحو ما دار بينها وبين سيف دون أن تراه ثم تجرّع ما تبقى من عصير فى كأسه دفعة واحدة وهو يتساءل : ما الذى يجعل هذا المدعو سيف يعامل فتاة رقيقة مثل ريم بمثل هذه الطريقة الفجّة ,لقد لاحظ أنها قد تألمت من قبضته وود لو يحطّم وجهه بقبضته العارية , ذلك التافه المغرور ... من يظن نفسه ليذل حبيبته هكذا ,وعاد لتفكيره السليم فقال ساخرا : ومن أنت يا جاسر لتسأل ؟ ألم تفعل المثل بها وبعواطفها ؟ لا بد أنها تكرهه الآن ,,, عادل لينفى عن ذاته الاتهام ويقول مدافعا عن تصرفه : لم أكن أريد لها الأذى أبدا ,حاولت أن ابتعد عنها بقدر الامكان , حاولت التزام التعقّل فى كل خطوة معها الا أن قلبه قد أعلن العصيان على أوامر العقل وتخطّى كافة الحدود المعقولة فى علاقته بها , عاد ليبرّر لنفسه وقلبه ينزف دما من أجل رؤيته لها مصدومة حينما عرفت بحقيقة هويته : لقد حاولت جاهدا أن اشرح لها الأمر ,, هى لم تترك لى فرصة لأمهّد لها بهدوء حتى تتقبّل الأمر ؟ وصاح صوت ضميره مغالبا : وهل كان يكفى اعلامها بالأمر حتى تكون قد أخليت مسؤوليتك عما يحدث لها ,عاد ليقول باقتناع واهٍ : كانت هى الأخرى تخدعنى مرتدية قناع البراءة المزيفة والطهارة الكاذبة , لقد ثبت أنها على علاقة وطيدة بابن عمها وهى قد اعترفت بلسانها أنهما أكثر من مجرد أقرباء وأصدقاء طفولة بل وتجرّأت على التشدّق أمامه بأنهما على وشك الزواج ... سيكون ملعونا ان لم يمنع هذه الزيجة بل أكثر من هذا ستنال عقابها على يديه ,وبالنهاية فقد حصل على أرثه المستحق بعد عودة جده الى دائرة العائلة التى طُرد منها سابقا وسيكتمل بحصوله عليها أيضا ,لن تتزوج ريم من رجل سواه فهى له مهما طالت الايام.



 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 30-11-18, 04:13 PM   المشاركة رقم: 169
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

-مبارك لفريال وابنتها ,فقد تزوجت الاثنتان معا.
صوت عبد الله الرنان ما زال لديه القدرة على التوغل بداخل بحار ذكرياتها لتردد جملته الأخيرة : أنا هكذا ولن أتغيّر من أجل أى شخص.
التفتت اليه شريفة متطلعة بنظرات مقيّمة قبل أن تقول بتأنٍ:
-العقبى لأحفادك ان شاء الله ,,, لماذا لم تحضر ابنتيك معك ؟
ابتسم ببساطة وتلقائية قبل أن يجيبها بهدوء:
-أردت أن يتعرف الأحفاد أولا قبل أن يكتمل اللقاء بنا جميعا ,, أردت بعض الخصوصية حينما تلتقين بهما.
تساءلت بجرأة ندمت عليها بعد فوات الأوان:
-وأين هى زوجتك ؟
ظهر الأسى واضحا على محياه فقال مشيحا ببصره عنها:
-لقد توفت نور الهدى منذ بضعة سنوات.
آلمها قلبها لأنه قد نكأت جراحه دون قصد فقالت بأسف:
-أعتذر منك فلم يكن لدىّ علم بهذا.
ثم أخذت تعدّل من خصلات شعرها الذى ضمته على شكل كعكة أعلى رأسها قبل أن تقول بمرارة:
-لماذا عدت يا عبد الله ؟
-ألم تكونى ترغبين برؤيتى ؟ أحتى بعد مرور كل هذه السنوات ؟
أمعنت النظر الى عينيه الثاقبيتن كعينى حفيده الذى ورثهما عنه قبل أن تقول بتأنيب:
-لهذا أنا أتساءل لماذا بعد هذا العمر الطويل ؟ لقد أخرجتنا من دائرة تفكيرك منذ زمن بعيد فلماذا تعود لنبش الماضى بألامه وجراحه ؟ ولماذا الآن , لقد مات عبد العظيم ولم يعد ممكنا أن تتم انتقامك منه فهو بين يدى رحمة الله ... لقد رحل.
اعترف لها بصدق:
-لم أخرجك أبدا من دائرة تفكيرى , لم أنسك قط يوما ... ربما هذا ما كان يعذبنى أكثر ,فأنتِ أصبحتِ زوجة أخى حتى ولو لم أكن راضيا كما أننى قد تزوجت أنا الآخر فلماذا لا أنساكِ , لا تبرحين خيالى متربعة على عرش قلبى مهما طال الزمن.
قاطعته وهى تتلفت حولها خشية أن تتناثر كلمة هنا أو هناك:
-اسكت ,,, لا تكمل ... لم يعد لدينا الحق بذلك.
استطرد بعنف معاتبا:
-أتسأليننى لماذا عدت الآن ؟ لأنه مات ,,, رحل كما قلتِ ,,ولكن بعد فوات الأوان ,, بعد أن ألحق الأذى بنا ,,, لا تظنى أننى قد سامحته على تفريقه لنا ,,
-لم يفعل شيئا , أنت من قرر الرحيل ..
-كلا , هو من قام بطردى يا شريفة .. أنا وأمى والأنكى أنه رفض مرافقة أخى الأصغر لنا , استولى عليه لنفسه لينشئه كيفما يشاء , يملأ رأسه بالافتراءات الكاذبة حتى يكرهنا .. كما أنه استولى على حبك وهذا ما لن أغفره أبدا.
-لم ...
لم تستطع أن تدافع عن زوجها الراحل فهى تعلم بالحقيقة وتنكرها حتى لا تفتح بابا مغلقا فتنبعث من ورائه رائحة الذكريات العفنة التى تطاردهما ...
قال عبد الله باصرار:
-لن تجرؤى على انكار ما هو واضح ... لنا نحن الاثنين ... لقد فعل هذا من أجلك , أرادكِ لنفسه بالرغم من أنه كان على علم بحبنا , استغل الموقف لصالحه حتى يجبرنى على الرحيل ...
سألته بلومٍ واضعة كرامتها نحن قدميه بهذه الصورة المقيتة:
-ولماذا لم ترفض الرحيل وأصررت على قرارك بالارتباط بى ؟
نظر لها متأملا لتقاطيع وجهها الجميلة التى طالما حلم بها فى ليالى غربته ووحدته قبل أن يقول بحزن دفين:
-خيّرنى بينك وبين أمى ,,, لم أكن لأجرؤ على تركها وحيدة بين براثن حقده عليها وكرهه لها ,,, ولم يكن سهلا علىّ التخلّى عنك باتخاذ هذا القرار ,,
-كنت أخبرتنى فى حينها بالحقيقة وهل كنت تظن أننى سأتخلّى عنك لأى سبب كان ؟ هل اعتقدت اننى أهتم بالمال أكثر منك ؟
-أخشى بأن هذا كان هو رأى والدك يا عزيزتى أيضا.
-بابا ؟
-هل تظنين أننى قد رحلت بهدوء متخليّا عنك دون قتال , لا يا شريفة أن مخطئة كليّا.
-لماذا لم تخبرنى ؟ كنت سأسعد بمرافقتك الى أى مكان تختاره حتى ولو كان هذا ضد رغبة أبى.
هز رأسه بعناد واصرار:
-لم أكن لأقبل بأية كلمة تقال فى حقك ولم أكن لأسبب لكِ أولعائلتك العار ...
-أتسمى حبى لك فيما مضى عارا ؟
-لا لم أقصد هذا المعنى وأنتِ تعرفين كيف أفكّر ,العار الذى كان سيجلبه رحيلنا بهذه الكيفية لوالدك الفخور بنفسه وبابنته الوحيدة ,, لم يكن ليحدث ولم يكن عبد العظيم ليمرر لنا هروبنا بهذه السهولة , كان يعرف أنه سيؤذيننى اذا ما قيلت كلمة واحدة تمس سمعتك ,ولم أكن لأسامح نفسى ... تغاضيت عن الأمر لأحميكِ أنتِ ,فلم أكن مهتما بسواكِ.
أفلتت منها تنهيدة ارتياح وهى تقول بدون توتر:
-يا الله ! لو تعلم كم عانيت وحيدة أشكو اليك دون أن تسمعنى.
-كنت أشعر بوجودك حولى فى أى مكان أذهب اليه , لم تفارقنى صورتك بضفائرك الذهبية المتدليّة على كتفيكِ وابتسامتك الرائعة التى لا تفارق ثغرك الجميل ... يا لها من ايام !
-اذن عدت من أجل هذا ,لم تأتِ لتنتقم من أبنائه.
كانت تسأله لتطمئن نفسها ليس الا فنظر لها بعتاب وهو يقول مؤكدا:
-أنهم ابناؤك يا شريفة , هل تظنين اننى بقادر على الحاق الأذى بك أو بأى شخص تربطه صلة بكِ ؟
هزت رأسها نفيا فاستطرد بعناية:
-أن أبناءك بمثابة أولادى تماما ولا تنسِ بأننى عمهم أولا وأخيرا ... وكما يقولون بالأمثال الشعبية : لا يمكن أن يصير الدم ماءا ,,ونحن جميعا تجرى دماء الشرقاوية بعروقنا يا شريفة.
قالت ساخرة وهى تكوّر أنفها:
-أنا الاستثناء هنا من الانتماء لهذه العائلة.
-كلا بل أنتِ الشخصية الاستثنائية فى العائلة بأسرها.
تطلعت بحنان وحب الى أحفادهما المجتمعين وهى تتساءل:
-هل تظن بأنهم قادرين على الانسجام معا ؟
رفع حاجبيه عاليا وهو يزم شفتيه دلالة عدم المعرفة قائلا:
-من يدرى ؟ ربما هم من يعيدون الانسجام لحياتنا كما فى الايام الخوالى !





 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 30-11-18, 04:14 PM   المشاركة رقم: 170
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 


- سيد سيف ,, هناك من أحضر هذا الظرف المغلق من أجلك.
كانت سماح تهرول لتلحق به قبل أن تمد يدها لتعطيه ظرفا كبير الحجم فاستلمه منها متسائلا:
-من الذى احضره يا سماح ؟
-قال أحد العمال أن امرأة قد جلبته على البوابة ثم انصرفت دون أن تترك اسمها.
-حسنا يمكنك الانصراف يا سماح.
أخذ يقلّب الظرف بين يديه لبرهة وكان قد قرر أن يفتحه بعد انتهاء الحفل الا أن الفضول قد غلبه لمعرفة محتواه وخاصة حينما انضم اليه كريم وهو يطلق بشفتيه صفيرا حادا قائلا بتهكم:
-ما هذا يا أيها السيد المحترم ,, جواب غرامى , ألم تكبر على مثل هذه الحركات الصبيانية ؟ ثم ما هو قول ريم اذا ما شاهدتك الآن ؟
هتف به سيف مستهزءا:
-اخرس يا كريم ,,, ما هذا الهراء الذى تتفوّه به يا حضرة المحامى اللامع , ألا تمل من مشاهدة الأفلام العربية القديمة ؟
صاح كريم بتهوّر بينما سيف يفض الظرف بأطراف أصابعه ويمرر عينيه على الورقة المطوية بداخله:
-ربما هو جواب تهديد أو رسالة من امرأة مجهولة .
وانفجر ضاحكا قبل أن يلاحظ الوجوم الذى حل على ابن عمه فأخذ يلكزه بمرفقه فى جانبه ليشتركه المزاح قائلا:
-لماذا لا تضحك يا ثقيل الظل ؟
لمح ورقة صغيرة كادت أن تقع من الظرف الذى ظنه خاليا فقرأها سريعا قبل أن يعتصرها بين يديه هاتفا بحنق:
-الحقيرة , المبتزة ... يا لها من منافقة.
-اذن هناك امرأة حقا فى الموضوع ؟
-ولكنها لم تعد مجهولة !
-ماذا هناك يا سيف ؟ ما الذى تحويه هذه الورقة ؟
ضحك سيف باستهزاء قبل أن يناوله الورقة المطبوعة ليقرأها قبل أن يهتف بانكار:
-ما هذا المكتوب ؟ هل وصلت بها الجرأة والبجاحة الى حد تزوير وثيقة زواج من أجل ابتزازك ؟
ابتلع سيف ريقه يصعوبة قبل أن يقول بتردد:
-ليت الأمر بمثل هذه البساطة التى تتكلم بها.
أضاف كريم باندفاع:
-هيا لنبلغ الشرطة حالا , لا تأخذك بمثل هذه الفتاة رحمة أو شفقة فقد أظهرت باطنها الخبيث.
حاول سيف أن يمنعه قبل أن يصل للهاتف وهو يقول هامسا:
-اهدأ يا كريم ولا تثير فضيحة علنية , ألا ترى كل هؤلاء المدعوين , ماذا يقولون حينما تستدعى الشرطة الآن ؟
نظر له كريم بتمعن وهو يقول بضيق:
-ما الذى تخفيه عنى يا سيف ؟ فلا أعتقد أن ما يهمك هو اثارة فضيحة أو غيرها ... هل هناك شيئا أجهله ؟ أرجوك أخبرنى.
أشاح سيف بنظره بعيدا وهو يضرب الجدار بقبضته بقوة غير عابئ بالألم الذى كاد يحطم أصابعه قبل أن يغمغم يتوتر:
-أنه بخصوص التوقيع الخاص بى المذيّل بالورقة ...
ضاقت عينا كريم وهو يستحث رفيقه على الحديث قائلا ببطء:
-ما له لا بد أنه مزوّر , لا شك بذلك.
نفض رأسه نافيا وهو يردد وكأنه يحادث نفسه غير مصدق:
-أنه مألوف بدرجة كبيرة لى , أعتقد أنه توقيعى الاصلى بدون تقليد.
-لا تخبرنى أنك قد فعلتها حقا , هل تزوجت تلك الحيّة الرقطاء ؟
وأمسك بتلابيبه يهزه بعنف حتى يعترف فحاول التملص من قبضته وهو يتلوى حتى انزلق على الأرضية اللامعة والى جواره كريم بينما يردد مذهولا:
-كلا , كلا طبعا لم أفعلها كيف تظن بى ذلك ؟
-اذن ما الذى يجعلك تهتم بها بهذا الشكل , فلتمزق هذه الورقة الى نصفين ثم ترسلها لها مجددا حتى تبتلعها مع كوب من الماء ,,,
-يا رجل ألم تفهم بعد ؟ لا بد أن هذه مجرد نسخة من وثيقة أخرى .
-لا يهم فهذه ليست وثيقة قانونية معترف بها .. لن يعترف بها أى أحد.
أخذ سيف يمسح بكفيه على وجهه وهو يقول بصبر وكأنه يحادث طفلا صغيرا:
-افهم أنها تدرك جيدا أنه لا قيمة لهذا الزواج من الناحية القانونية , وهى لا تحلم حتى بذلك ... المشكلة أنها قد كتبت رسالة صغيرة تهددنى فيها بأنها سوف تعلن الورقة للصحافة وأمام شتى وسائل الاعلام ,وسوف تمثل دور الضحية البريئة التى غرّر بها الابن المدلل لعائلة ثرية فتزوجها عرفيّا ثم تخلّى عنها وطردها من وظيفتها ... وخمّن ماذا سيحدث بعدها ... سينقلب الرأى العام ضدى وضد العائلة بأكملها ... وحتى ولو ثبت كذب ادعائها فيكفى البلبلة التى قد أثارتها لتدمّر سمعة العائلة ... سيرة عائلة الشرقاوى ستصبح علكة فى أفواه الجميع وسيستغلّها منافسونا أسوا استغلال ... سيقضى علينا يا كريم ان لم نسرع بالتصرف.
-وماذا تطلب تلك الحقيرة مقابلا لصمتها ؟ هل تريد مالا ؟
رن جرس هاتفه الخلوى بذات اللحظة وكان الرقم غير مسجل مما يدل على أن صاحبه مجهول الهوية بالنسبة اليه , كاد أن يغلق بوجهه وهو يزفر حانقا:
-وهل هذا وقتك ؟
أشار له كريم بألا يغلق الهاتف وقال آمرا:
-أجب على الهاتف.
-ماذا ؟
-قلت لك استقبل المكالمة ,, لا بد أنها منها.
قطّب جبينه قبل أن يجيب بحدة وانفعال:
-نعم ؟
-مساء الخير يا زوجى العزيز.
هتف بها شاتما:
-وهل تجرؤين على الادّعاء بها أمامى يا أيتها اللعينة ؟
قالت ببرود:
-لا يصح يا حبيبى أن تسب زوجتك , هل تريدنى أن أضيفها الى قائمة الاتهامات التى تنتظرك بعد أن تزوجتنى سرا ثم هجرتنى ؟
-ماذا تريدين يا مها ؟
-هكذا يكون الحوار عمليّا ومجديا يا ابن الشرقاوى ... أريد لزواجنا أن يخرج الى النور وأن تعلنه أمام العالم.
صرخ بها هاتفا بغضب أعمى:
-هل جننتِ يا امرأة ؟ لا بد أنك قد فقدتِ صوابك.
-كلا يا سيد سيف أنت لم ترَ بعد ذرة واحدة من جنونى ,, فلا تستفزنى رجاءا حتى لا أتهوّر ,, ما قولك يا زوجى ؟
-أريد أن أعرف كيف حصلتِ على توقيعى ؟ هل قمت بتقليده ؟
انطلقت ضحكاتها مجلجلة على الجانب الآخر من الهاتف قبل أن تقول باستمتاع:
-هل تظن ذلك ؟ أنه توقيعك الأصلى وأنت تعرف هذا جيدا.
فقال بضيق:
-هل تتمتعين لهذه الدرجة على حسابى , حسنا أنه لمن دواعى سرورى يا زوجتى الغالية ... لقد أوقعتنى هذه المرة ,, لك ما تريدين.
-حسنا بهذه البساطة تستسلم , كنت أظنك محاربا عتيدا ؟ على العموم لقد اتفقنا .. سأتصل بك لاحقا لأبلغك بطلباتى , فلا بد وأنك مشغول الآن بحفل زفاف الريّس لا أريد أن أعطلك عن استقبال ضيوفك.
-طلباتك ؟ ظننت أنكِ تريدين اعلان الزواج بشكل رسمى ؟
-نعم , أريد زواجا علنيا قانونيا ,,, بالاضافة الى بعض التفاصيل الصغيرة التى لا غنى عنها فى أى عرس ...
-فهمت ,سأكون بانتظارك على أحر من الجمر يا حبيبتى.
وكأنه كان يعنيها بالفعل وليس لمجرد السخرية منها ... هتفت فى أعماقها به : يا ليتك تعنيها يا حبيبى ,,, قالت بصوت مرتجف على غير العادة:
-وأنا لن أطيل انتظارك يا حبيبى , الى اللقاء.
أغلق هاتفه ثم كاد أن يلقيه أرضا ليتحطم الى مئات القطع المتناثرة الا أنه منع نفسه بصعوبة بالغة وهو يهتف ثائرا:
-الغبية ... تظن نفسها أكثر ذكاءا منى ...
-هل أفهم أنك لن تنفذ طلبها ؟
تراقصت ابتسامة ماكرة على شفتيه قبل أن يضيف بغموض:
-وهل أجرؤ أن أرفض لزوجتى طلبا ؟ ستحصل على ما سعت نحوه وسأنال أنا ما أريد , هذا وعد منى يا ابنة الراوى.
واستدار عائدا نحو قاعة الاحتفال رافعا رأسه عاليا راسما ابتسامة مجاملة طالما أجادها فى الحفلات التى لا تروقه بينما ذهنه دائرا لا يتوقف عن التفكير فى الخطوة التالية.
تبعه كريم مطأطئ الرأس وهو يتساءل بينه وبين نفسه : أيمكن أن تصل مها الى هذه الدرجة المنحطة من التخطيط والتدبير ؟ ولمَ لا ان كيدهن عظيم حقا , فالنساء اذن قادرات على المكر ولكن لسن كلهن على ذات الدرجة من الاندفاع للتنفيذ ,تخيّل صورة هديل فى موقع مها وهى تنفذ مخططها القذر بدم بارد ,, ولمَ لا أليست صديقتها فهى بالتأكيد على شاكلتها.




 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لؤلؤة, العواصف, تائهة
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:38 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية