كاتب الموضوع :
SHELL
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف
نهض صلاح من فراشه مبكرا فى موعده المضبوط ككل يوم وقد قرّر أن يعدّ طعام الافطار لابنته حتى لا يوقظها فى يوم عطلتها ثم تثاءب فى كسل وارتفع الى ذهنه ما صار بينهما بالأمس وحوارهما العاصف وقد انتبه الى جملة ألقتها على مسامعه وهو شارد , فهى أخبرته أنها لديها يوم عمل طويل .. تساءل كيف يكون وجميع العاملين بالشركة فى عطلة رسمية اليوم ؟ ألهذه الدرجة هى غير واعية لما تقول أم أنها بالفعل لديها عمل ؟ أم أنها على موعد معه ؟
نفض هذه الافكار المتخبطة عن ذهنه ,وهو يتأهب للدخول الى الحمام ,خلع ملابسه واندفع تحت شلال المياه الدافئة ليزيح عن رأسه الخيالات السوداء التى تتصارع حتى تكاد تفتك به ,حينما أنهى استحمامه شعر بأنه قد اصبح أفضل حالا ,وقادرا على التفكير بعقل صافٍ غير مشوش ,لا شك فى أنه قد تسرّع بمواجهته لهناء ,ولماذا يحملها هى الذنب فيما تفعله ابنته ؟ أنها هى الملامة .. ما الذى يجعلها تستسلم لمثل هذه المشاعر المراهقة نحو رئيسها بالعمل خاصة وأنه ابن وجدى .. لقد صارحها ببعض الحقيقة ولم يجرؤ على الاعتراف بمشاعره نحو هناء ,هديل لا تعرف سوى أنه كان صديقا لوالد كريم ,ربما هذا ما شجعها أكثر لتوطيد صلتها به .
توجه نحو المطبخ لاعداد الطعام فوجد ابنته قد سبقته الى هناك وقد ارتسمت على وجهها الملائكى القسمات بسمة مشعة وهى تقول:
-صباح النور على أفضل أب فى هذه الدنيا.
قبّل وجنتها قبل أن يجيب بزهو:
-وصباح الفل على أفضل ابنة فى الدنيا.
-هاه ماذا تحب أن تفطر اليوم ؟ بيضا مسلوقا أم مخفوقا ؟
-ومنذ متى وأنت تخيريننى يا ست هديل ؟ ألم تمنعيننى نهائيا من أية مقليات ؟
كشرت بأنفها وهى تداعب اباها قائلة بمودة:
-من أجل صحتك يا أحلى بابا ,, ولكن اليوم يمكن أن نقوم باستثناء صغير
-حسنا , فليكن بيضا مقليا , صحيح يا هديل ... هل أنتِ ذاهبة للعمل اليوم ؟
اندهشت هديل وقالت لوالدها تصحح له:
-ماذا جرى لك يا بابا ؟ اليوم هو اجازة رسمية للجميع فلماذا اذهب أنا ؟
-لا شئ , لا شئ مجرد سؤال أحمق , هيا فلأساعدك سأقوم أنا بتقطيع الخضروات.
وأزاحها برفق ليجلب السكين ويقوم بعمله فيما هى تعد له البيض بحرفية عالية.
تناولا افطارهما سويا وكلاهما مشغول البال لا يتبادلان الأحاديث الا فيما ندر ,وبعد أن انتهيا من تناول الطعام ساعدها لازاحة الصحون الفارغة فيما قامت هى باعداد كوبين من الشاى الساخن بنكهة النعناع الطازج ليحتسياه معا فى شرفتهما الصغيرة ,لم يجد بدا من مفاتحتها بالأمر هذه المرة وقد انتوى أن يصارحها بكل شئ دون أن يخفى أى تفصيلة ولو صغيرة حتى لا تتأذى بسببه واستمعت له بآذان صاغية وقد أدركت لتوها لماذا لن يجيب كريم على اتصالاتها الهاتفية مرة أخرى ؟
وتساءلت بقهر :
-هل كنت تعرف يا بابا كل هذا الوقت ؟
أومأ لها ايجابا ثم قال بلهجة حانية خالية من التأنيب:
-يؤسفنى انكِ لم تثقى بى كفاية لتحكى لى كما تعودتِ منذ صغرك لا تخفين عنى أى حدث ولو كان تافها بسيطا فما بالك بهذا ؟
قامت تدفت رأسها بصدر ابيها متوارية خجلا من نظراته العميقة وقالت من بين عبراتها المنسابة على خديها:
-لم تكن مسألة انعدام ثقة يا أبى , لم أكن بعد واثقة من مشاعره نحوى , أردت أن أنتظر لأتأكد وحينها كنت سأعلمك بالطبع , لم أشأ أن ترانى صغيرة فى نظرك ... آسفة يا بابا سامحنى.
ضمها الى حضنه وهو يقول:
-لا عليكِ يا صغيرتى , أنتِ تعرفين يا هديل أنه ومنذ وفاة أمك وأنا أحاول لعب الدورين الا أنه قد أفلتت منى بعض التفاصيل الصغيرة , لم أدرك أن ابنتى الصغيرة قد شبّت وصارت فتاة حلوة ومن حقها أن تشعر بالحب والعاطفة الصادقة ... ولكن يا ابنتى أن ماضىّ أنا وعائلته لا يبشر بأى خير ...
-هل تعلم يا بابا أنه قد تذكرك وأخبرنى بمعرفته لك ؟
-كيف هذا ؟ من أين له أن يعرفنى ولم أقابله من قبل ؟
-لا قابلته , هو بنفسه أخبرنى أنه يقدرك كأستاذ فقد درست له من قبل بالجامعة ...
-آه , هكذا الأمر اذن ...
-أنه يقدّرك ويحترمك ...
-لم يكن هذا واضحا فى لقائنا الأول , ألا تتذكرين كيف كان يعاملنا ؟
-لقد عرف بعدها .. أنا أخبرته حينما سألنى عنك.
قال وقد انتابه الفضول لمعرفة المزيد:
-وهل اهتم بمعرفة كافة هذه التفاصيل عنى ؟ لماذا يا ترى ؟
-ليس هذا فقط , بل سألنى عن الظروف التى دفعتنى لقبول هذا العمل بالرغم من دراستى لتخصص أعلى ... أرأيت أنه كان مهتما ؟
قالتها بصوت يقطر مرارة وندما على ما ضاع منها بسبب ماضٍ لم يكن لهما يد فيه ,فـجابها والدها بحزم:
-لا يهم الآن , انتبهى لنفسك فقط ولا تشغلى بالك بأى شخص آخر .. وتأكدى بأنه يستطيع تدبر أمر نفسه جيدا.
-أتمنى هذا يا أبى
**************
|