لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-11-18, 09:38 PM   المشاركة رقم: 136
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

جلس الصديقان خالد وجاسر بمنزل الأخير يتسامران سويا وقد انتهزا فرصة أن يوم الغد هو اجازة رسمية من العمل فطفقا يسهران دون أن يحسبا حسابا لانقضاء الوقت متسربا ,وكان خالد ممددا على فراش جاسر الصغير والذى بالكاد يكفى لفرد واحد بينما جلس الأخير على المقعد الدوار أمام شاشة الكمبيوتر ينهى بعض الأعمال المتراكمة حتى قاطعه صوت خالد معترضا:
-ماذا تفعل يا جاسر حتى هذا الوقت ؟ كفى يا رجل بالله عليك.
أجابه جاسر بلهجة رادعة وأصابع يديه تجرى فوق لوحة المفاتيح بسرعة خيالية:
-لن أتركه قبل أن أنهي ما بدأته ,فأنا لا أترك عملا بمنتصفه.
شخر خالد ساخرا:
-ألا تمل من الأعمال ؟ ثم أخبرنى .. الام وصلت بموضوع ريم ؟
ضاقت عيناه فوق شاشة الجهاز وهو يستمع الى اسمها منطلقا من بين شفتى صديقه الودود فشعر بغيظ عارم يجتاح كافة جوارحه ,لم يتخيل مطلقا أنه سيتضايق يوما اذا ما تفوّه باسمها رجل غيره وتساءل بداخله :هل وصل الى هذا الحد من العشق ؟ أنه يغار عليها من مجرد ذكر اسمها على لسان صديقه ... كان اعترافا حارقا كالحمض يلسع جوفه ,ثم تظتهر بالتشاغل عن الاجابة الا أن خالد لم يقنط فأعاد السؤال كرة أخرى بصورة مغايرة:
-أليس من الأفضل لكليكما لو أوضحت لريم الحقيقة أنت بدلا من أن تصطدم بها فى المستقبل ؟
تنهد جاسر وهو يضع آخر لمساته مغلقا للجهاز وهو يقول محنقا:
-أعتقد أنه من الأفضل لك أن تضع لسانك داخل فمك ولا تنطق باسمها مجددا , كما اتمنى ألا تتدخل فى هذا الأمر فهو ليس من شؤونك الخاصة.
قهقه خالد ساخرا وهو يستفزه بقوة:
-يبدو أنك قد وقعت يا صاحبى ,وقعت وبشدة هذه المرة فلا منقذ لك يا ويلك يا مسكين ,أننى أشفق عليك.
وقبل أن يتم جملته كان جاسر يلكمه فى فكه ليخرسه بممازحة متعارف عليها فيما بينهما وقد نجح خالد فى أن يتفادى الاصطدام بقبضته المندفعة وقال مستطردا:
-اسمع ... أنا فقط أنصحك كصديق مخلص .. لا تخفِ عمن تحب أية اسرار قد تسبب لكما مشكلة فيما بعد.
قال جاسر مقلدا للهجة صديقه:
-وهل فعلت أنت بالمثل مع ليلى ؟ ألم تخبرها بعلاقتك السابقة بمها؟
أشاح خالد بوجهه جانبا قبل أن يقول بتردد:
-كلا ,لم أخبرها بعد , أننى أنتظر الفرصة المناسبة لأفاتحها بالأمر وان كنت أظن أن هذا الموضوع تافه لا يستحق على الاطلاق.
اشار جاسر بأصبعه نافيا أمام وجه صديقه وهو يحدثه بلهجة الناصح الأمين:
-لا يوجد شئ بالحب اسمه تافه ,كل صغيرة وكبيرة لها اثر بالغ على علاقتكما.
-وماذا ستفعل أنت بخصوص ريم ... عفوا أقصد الفتاة التى لا أجرؤ على نطق اسمها .
سكت جاسر وبدت على وجهه دلائل التفكير العميق بينما ارتسمت الحيرة واضحة فى عينيه وهو يقول متمتما:
-الأمر هنا يختلف عنك ,اذا أخبرتها الآن فسوف أفسد الأمر كليا.
-وان لم تخبرها ... سوف تصاب بصدمة قوية.
-مع مرور الوقت يصبح الأمر أكثر سهولة ,وحينها لن تتألم كما سيحدث الآن بلا شك اذا واجهتها باعترافى.
-ربما عليك اعادة النظر فيما تفعل ,فهى لا تستحق منك هذه المعاملة.
-أعرف يا صديقى , أتظن أننى سعيد بما أفعل ؟ كلا ,فأنا مجبر على المضى قدما فى هذا الطريق الملئ بالأشواك ,حتى نستطيع أن ننعم فيما بعد برائحة الورد.
ثم استطرد قائلا بخفة:
-صحيح ماذا ستفعل بخصوص طلبات خالتى المتواضعة فيما يتعلق بالمهر والشبكة وخلافه ؟
-لا أعرف , العبد فى التفكير والرب فى التدبير ,ان شاء الله نجد حلا وسطيا يرضى جميع الأطراف وخاصة خالتك هذه ستصبح حماة رهيبة بجدارة ,
صحك جاسر وهو يقول مؤكدا:
-كان الله بعونك , أنا نفسى لا أجرؤ على مجادلتها ولا أقوَ على رفض طلب لها , أنها تقيم الدنيا ولا تقعدها لأتفه الاسباب وهى مشهورة بلقب ( الاعصار المدمر ) ,وخذها منى نصيحة حتى لا تقع فى مصيدة الخطأ .. لا تحاول الاحتماء بحماك ,فزوج خالتى رجل مسالم لا يحب الوقوف بوجه العاصفة .
وتشاركا الضحكات مجلجلة بينما الساعة تدق معلنة انتصاف الليل يشق صوت بندولها الرنّان قاطعا السكون.


******************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 16-11-18, 09:39 PM   المشاركة رقم: 137
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

قررت مها أن تتعامل بصورة طبيعية فى حياتها متجاهلة الموقف الصاخب الذى جمعها بسيف الشرقاوى ,وحمدت الله فى سرها أنه لولا وصول هديل بالوقت المناسب لتنقذها من أية حماقة قد تقدم عليها ولربما حدث ما لا يحمد عقباه ,رغم أنه قد تصرف بشكل مهذب لائق دون أن تصدر منه أية اشارة خارجة عن حدود الذوق واللياقة بعد أن استعادت وعيها ,لقد مد لها يد العون دون أن تطلبها منه ولأول مرة تتذوق هذا الشعور بالأمان حتى ولو كان مؤقتا مرهونا بحالتها الصحية التى تدهورت فأشعرته بالشفقة أو العطف عليها ,بقد شعرت بأنها ليست وحيدة كالعادة فى هذه الحياة رغم أن المساعدة قد جاءت من معسكر العدو ,يفترض بها أن تشعر نحوه بالكراهية والحقد الا أن قلبها الخائن أصبح يتصرف على هواه , لقد تعلّقت به على الرغم منها ودون ارادتها ,ولكنها مجرد أوهام زائلة سرعان ما تفيق من سباتها العميق لتجد نفسها واقفة بذات النقطة التى توقفت لديها من قبل ,ما زالت تسعى نحو الانتقام وان كانت بدأت تعيد النظر فيمن تنتقم منه ,كما أنه لا يعقل أن يفكر يها شخص فى مثل مركزه ووضعه الاجتماعى علاوة على قسوته وصلابته وقوة شخصيته التى لن تتوافق مع رقة حالها ووضاعة مركزها نسبة الى عائلته الثرية ذات المستوى الرفيع ,أنها مجرد سكرتيرة ... نعم هى الحقيقة لن تغمض عينيها عنها حتى تبتلعها دوامة الأحلام المستحيلة فتفيق على صفعة اقوى من القدر المكتوب لها ,وماذا عن مشاعره هو ؟ هل يشعر نحوها بشئ أكثر من الاحتقار ,هو يريد اذلالها فقط حتى تعرف حجمها الحقيقى ,وما كان غرضه من اصطحابها الى منزلها , بالتأكيد لم يكن ليهتم بمظهرها وقلة حيلتها كما ادّعى , وجدت أفكارها تتجه بشكل تلقائى لتعقد مقارنة ظالمة بكل المعايير بين معذبها وحبها الأول ,لم تفهم لمَ يميل قلبها الى الرجل المتسلط المستبد الذى يتفنن فى اهانتها كلما حانت له الفرصة ولمَ بدت شخصية خالد مجرد نسخة باهتة غير محددة المعالم الى جانب صورته الطاغية ,لن تنكر حسن أخلاقه ولا لطفه وكرمه بيد أنها لا تتذكر كيف كانت تهفو نفسها اليه ذات يوم ما ,تراءت لها صورة الرجل الحديدى بارادته التى لا تنكسر فتطغى على جميع الذكريات الأخرى لتمحوها بجرة قلم وهى تسطر من جديد عنوانا مختلفا حمل توقيعه بتوحش بالغ .
شعرت برجفة تسرى فى بدنها وهى تتذكر رفيق مديرها المباشر وهو يجبرها على الحصول على اجازة لمدة ثلاثة أيام فرضت عليها فرضا دون الالتفات لاعتراضها فهو شخص اعتاد ان يؤمر فيطاع بلا جدال أو نقاش فقد أخرسها باشارة من يديه بمعنى انتهاء وقتها المسموح به ,هل لمح بعينيه الثاقبتين رؤية حالتها الصحية المتدهورة أم لاحظ الهزال الذى اصاب جسدها الضعيف ,ومنذ متى وهو يهتم الى هذه الدرجة بها ,أنه شخص عادل ومحايد فيما يتعلق بشؤون موظفيه لا يميز أحدا دون سبب واضح ,كما أنه لا يقبل بأدنى لمحة من التقصير فيما يخص العمل ,ولكن هل هى أخطات بشئ ما ؟ على كل حال هى لم تتمتع بأى لحظة من هذه الاجازة الاجبارية التى قضت معظمها بمحاولة التكهن بالأسباب الخفية وراء قراراه الآمر هذا , كما أن حدسها ينبئها بأن ثمة أمر خاطئ فيما يجرى لها ,فيا ترى ما الذى ينتظرها هناك فى شركة الشرقاوى ؟ لقد سعت نحو عرين الأسد بقدميها ..... فلتتحمل زئيره.

*****************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 16-11-18, 09:53 PM   المشاركة رقم: 138
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

انتهى الفصل السابع والعشرون

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 18-11-18, 12:43 AM   المشاركة رقم: 139
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

الفصل الثامن والعشرون




حينما وصل سيف الى مدخل البيت الريفى الذى تمتلكه العائلة باحدى محافظات الوجه البحرى توقف بسيارته على مقربة من بوابته الضخمة بعد أن أطلق نفيرا عاليا فانتبه الحارس اليه فقام متوجها ليفتح البوابة الحديدية على وجه السرعة وانطلق يدقق النظر فى القادم بهذه الساعة حتى تبيّن ملامح السائق فألقى عليه التحية قائلا:
-سيدى سيف بك , أهلا وسهلا ... تفضل.
وهرول يجرى وراء السيارة التى صفّها صاحبها بجوار أخرى تشبهها فى اللون وان اختلفت فى الطراز ... سيارة يعرفها جيدا ,وحمد الله على نعمه فقد جمعه بابن عمه الذى كان فاقدا لكل أمل فى أن يجده.
-حمدا لله على السلامة ... لقد سبقك كريم بك وهو بالداخل.
هتف الحارس متبرعا بالاجابة دونما سؤال فهز سيف رأسه وهو يقول واثقا:
-أعرف يا على ... هلم بنا الى الداخل.
كانت درجة الحرارة تزداد انخفاضا كما أن الشبورة قد تكاثفت بسرعة لتجعل الرؤية شبه مستحيلة فأسرعا الى داخل المنزل ,وأكمل الحارس على سرد روايته وكأنه لم ينتبه لضيق سيده الواضح من ثرثرته العقيمة:
-لقد أتى كريم بك منذ ساعة واحدة وقد جلس مع الضيف الذى تفاجأ بوجوده ,والبنت سعدية قامت تعد لهما العشاء فهل أسرع فى طلبها من أجل تحضير وجبة ساخنة لأجلك ؟
قطب سيف جبينه متسائلا عن هوية هذا الضيف الموجود بالمنزل , فعلى حد علمه أن البيت خاليا من أى اشخاص سوى سعدية وزوجها على اللذين يبقيان هنا للاعتناء بالمنزل وحراسته ,وكاد أن يبوح باستفساره على الحارس الشغوف بالأخبار الا أنه كتم فضوله حتى لا يبدو بمظهر الشخص الجاهل أمام من يخدمهم وقال يسكته عن المزيد من الحديث:
-لا داعٍ لأن تبعث فى طلبها مرة اخرى فأنا لست جائعا ويمكنك أنت أن تعد لى كوبا من الشاى ,هذا فقط كل ما أحتاجه فى الوقت الحالى.
قال الحارس بخضوع:
-أمرك يا سيف بك ,خلال ثوانٍ معدودة وبكون لديك أفضل كوب شاى على الاطلاق.
كانا يتقدمان من المنزل وهما يتحدثان ,فتوقف سيف بغتة وهو يحذره بنعومة:
-ولا تجعل الشاى ثقيلا كعادتك والسكر ...
قاطعه على متلهفا الى ارضائه:
-السكر باناء خارجى , أعرف طلبك جيدا يا بك .
-ممتاز , لقد أصبحت سريع التعلم يا على منذ آخر مرة رأيتك فيها.
ضحك الحارس بخشونته المعتادة:
-يااااه يا سيف بك , لقد مضت سنوات منذ آخر مرة جئتم فيها الى هنا , أيام جدك عبد العظيم بك رحمه الله وغفر له ,,, كان رجلا عظيما بحق.
وتهدج صوته برعشة وقد أدرك سيف أن هذا الرجل كان يحب جده حقا فقد استطرد على متحسرا:
-كان رجلا ولا كل الرجال , لقد افتقدناه ..
بينما توجه ليفتح الباب الخشبى الكبير بمفتاح أخرجه من جيب جلبابه الواسع ,وهو يكمل رثائه لسيده الراحل:
-ولكن البركة أيضا فى السيد عبد الله ... أنه ..
قطع عليه استرساله فى حديثه دخولهما الى البهو المتسع بمدخل البيت ,وقد توقف الرجلان الجالسان قبالتهما عن الحديث حينما لمحا القادمين فنهض احدهما مسرعا نحو سيف ليحتضنه وهو يعتصر خاصرته بقوة هاتفا:
-سيف ... ما هذه المصادفة السعيدة ...
فربت الأخير على ظهره بكفه وهو يقول معاتبا:
-يا رجل ... لقد اقلقتنا جميعا عليك , فهاتفك مغلق منذ الصباح ... ماذا حدث ؟
-لا تشغل بالك الآن ,وتعال أعرفك الى شخص هام جدا ...
-من يكون ؟
-سوف تعرف !
وانصرف الحارس ليعد لسيده كوبا من الشاى كما أمره بالضبط.


*************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 18-11-18, 12:46 AM   المشاركة رقم: 140
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

انبلج الصبح مشرقا على فيلا الشرقاوى بعد ليلة مضنية طويلة تركت آثارها الدامغة على الوجوه التى يظهر عليها علامات القلق والأرق ,فحتى سماح لم يغمض لها جفن طوال الليل ,مضت تفكر بترقب فيما سيحدث اليوم وقد طال انتظارها هى وسعد حتى يصلا لهذه اللحظة الفاصلة فى حياتهما ,فهل يتحقق الحلم أخيرا وتجتمع مع حبيبها تحت ظل عش صغير آمن يربطهما وثاق الزواج المقدس القائم على الحب والتعاون بينهما ,هى واثقة تماما لقدرة ريم على تنفيذ وعودها التى لم تخلفها مرة واحدة من قبل ,حينما كانت تستحى أن تطلب اجازة من أصحاب المنزل كانت هى الوحيدة التى تفهمها من نظرة عينيها بدون أن تتحدث ولم تتردد يوما فى مساندتها فتقوم هى بالمبادرة حتى تنال ما تريده ,وهى ممتنة لتصرفها الشهم هذه المرة الى أقصى درجة.
ما أن رأت ريم تهبط الدرج وهى ترتدى أبهى ثيابها وتظهر بطلة ساحرة للغاية حتى صدرت عنها شهقة اعجاب لم تملك كتمانها ,واقتربت منها بعد أن ألقت تحية الصباح عليها:
-صباح الخير يا آنسة ريم ,ما هذا الجمال وهذه الروعة , ما شاء الله ,حتى لا تأخذك الظنون الى أننى أحسد ...
تبسمت ريم بسعادة وهى تقول متلاعبة بحاجبيها:
-صباح النور يا سماح , وأنت أيضا أرى أنك على أتم استعداد , أكل هذا من أجل سعد ؟
انتشرت حمرة الخجل على وجه الفتاة الأقصر طولا وهى تقول بحياء:
-لا تخجليننى يا آنسة ريم , أنا لم أرتدِ شيئا مناسبا منذ فترة فأنتِ تعرفين أننى نادرا ما أخرج فى نزهة ... وقد انتهزت هذه الفرصة لـ ...
قاطعتها ريم مبتهجة بهذه الفتاة المحبة:
-لتظهر لسعد أنك فتاة رائعة وأنيقة , وما الداعى اذن لخجلك , ألستما فى حكم المخطوبين ؟
أومأت سماح برأسها ايجابا وقالت مؤكدة حتى لا تظن بها ريم شيئا سيئا:
-لقد قرأنا الفاتحة من قبل , وقد أتى هو ووالدته لمقابلة أمى واخوتى وتم التعارف ... ولكننا لم نشترى خاتم الخطبة بعد ... أنتِ تعرفين الظروف ؟
طمأنتها ريم بلهجة حاسمة:
-لا تشغلى بالك ... فقط لننتظر ماذا سيجرى اليوم ,وسوف نتدبر أمورنا فيما بعد.
صيغة الجمع التى تحدثت بها أثّرت فى نفس الفتاة الواقفة الى جوارها وقد شعرت باحساس بالعرفان نحوها فهى قد وضعت قضيتها الشخصية نصب عينيها ولم تدخر جهدا ولا وقتا لمساعدتهما ,فدفعها هذا الشعور لتحيط ريم من خصرها محتضنة اياها بعفوية خالصة .
قاطعهما صوت رنين جرس الباب فأسرعت سماح لتفتح الباب وقد أطل من ورائه وجه أسمر متردد تحفظ ملامحه جيدا بل وتعشقها فأفسحت له مجالا للدخول وهو يقول بتهذيب بالغ:
-السلام عليكم ورحمة الله .
أجابته الفتاتان بصوت واحد :
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فيما اندفعت ريم نحوهما قائلة بعجلة:
-هيا بنا , فلا وقت لنضيعه أكثر من هذا.
كان حماسها غير عاديا للقاء جاسر الا أن سماح ترددت برهة وهى تشير نحو الأعلى بمغزى:
-آنسة ريم ... انتظرى ... وكيف سأتغيب عن العمل اليوم ؟
ربتت ريم على كتفها مطمئنة اياها وهى تقول بصوت عادى:
-لا تشغلى بالك , لقد أخذت لكِ اذنا بالتغيب ساعتين كاملتين , ولا أعتقد أن مشوارنا سيستغرق كل هذا الوقت ...
نظرت لها بامتنان واضح وهى تدعو لها من قلبها:
-ربنا ييسر لك كل أمورك ويفرح قلبك مثلما تدخلين البهجة والسرور لكل من حولك.
-هيا فعم (رياض) ينتظرنا بالخارج ...
واندهشت سماح فهذه هى المرة الأولى التى تركب فيها سيارة فاخرة من أحدث طراز وقالت فى نفسها : فلأتدلل لمرة بحياتى ,ونظرت الى سعد بهيام وقد بادلها النظرات بافتتان ظاهر مما جعل ريم تمازحهما قائلة :
-هيا يا سعد فلتصعد الى المقعد الأمامى , وانا وسماح سنكون سويا بالخلف ... صباح الخير يا عم ( رياض ).
تهلل وجه السائق الأشيب الرأس والذى بدا عليه سيماء الوقار فى بذلته الرسمية وهو يقول بمرح:
-صباح الياسمين والفل والنرجس لأحلى زهرة فى الوجود كله.
ابتسمت له بمحبة فهذا الرجل فى خدمتهم منذ سنوات طويلة ربما قبل أن تولد هى وقد كان يدللهم كثيرا فى طفولتهم ولم يكن جدها يعامله كأى عامل لديهم بل كان يوده ويحدثه باحترام بالغ فانتقلت اليهم هذه العدوى حتى يظن من يراهم أنه فرد من العائلة ,وارتقت برشاقة حتى استقرت بالمقعد الخلفى وبجانبها سماح المذهولة بعينيها المفتوحتين بانبهار وفمها الذى لم تغلقه فصار شكلها مثارا للضحك حتى نبهتها ريم يصوت منخفض:
-سماح ...
أفاقت الفتاة وكأنها فى حلم لا تريد أن تستيقظ منه قائلة ببلاهة:
-هاه .. هل وصلنا ؟
ضربت ريم كفا بآخر وهى تحوقل:
-استيقظى يا فتاة ... لم نتحرك الا منذ دقائق قليلة فكيف سنصل بمثل هذه السرعة ؟ أين ذهب عقلك ؟
ألجمت سماح عن الرد فهى محقة بكلامها أنها تتصرف بغباء واضح والتزمت الصمت حتى وصلا الى بناية أنيقة وقامت ريم باعطاء السائق تعليماتها بانتظارهم حتى ينتهوا من مشوارهم.
انطلقت ريم تسير باعتدال يتبعها سعد وسماح حتى وصلوا الى طابق به مكتب للتسويق الxxxxى فدلفت ريم أولا للداخل وهى تبحث بعينيها عمن تسأله حتى اصطدمت بفتاة حسناء ذات قوام رشيق فاعتذرت هذه منها بلباقة ثم بادرتها بالاستفسار عما ترغب:
-آسفة لم أنتبه , عم تبحثين ؟
أجابتها ريم بحيوية:
-مكتب السيد جاسر ... لدينا موعد معه.
تابعتها بنظراتها المتأملة من رأسها حتى أخمص قدميها بصورة استفزت ريم الى أقصى الحدود فمن هى هذه الفتاة حتى تتصؤرف هكذا , لا بد أنها مجرد عاملة هنا أو سكرتيرة ,فعاجلتها بنبرة واثقة :
-هل يمكنك أن تدليننى على مكانه ؟
وقبل أن تجد ليلى ردا مناسبا على سؤالها , وجدت جاسر يسرع للقائها وهو فى قمة حماسه لرؤيتها وقال مرحبا دون أن ينتبه للثنائى خلفها :
-مرحبا ... كيف حالك يا ريم ؟ متى جئتِ ؟
شعر بخفقات قلبه تدق متسارعة داخل ضلوعه مطالبة بالتحرر وهو مبهور بطلتها الملائكية الساحرة ولاحظ زينتها الهادئة ببعض لمسات جديدة عليها وتساءل بداخله وكله أمل : هل قامت بهذا من أجله هو فقط ؟ أم أنه هذا هو روتينها العادى ؟
أما هى فقد أسعدتها لهفته الواضحة وبردت من نيران غضبها على تلك الواقفة مسمرة أمامها تقيّمها بنظراتها المتكبرة .. ثم أجابته بطريقة مغايرة لطبيعتها الدافئة المحبة:
-جئت منذ عشرة دقائق .. وسألت عنك ولكن يبدو على الآنسة أنها مهتمة أكثر بالتمعن فى وجهى أكثر من اهتمامها بعملها.
قالت ليلى بتلقائية:
-من هذه يا جاسر ؟
تأففت ريم من طريقتها العفوية فى التلفظ باسمه وسؤالها الأكثر استفزازا وكأن لديها الحق لاستجوابه ,ولماذا ينظر لها جاسر بصورة حميمية وكأنها تعنى له شيئا مميزا فلا بد أن ما تجمعهما هى أواصر الزمالة فقط ...
أجابها جاسر بحيادية وهو يشير بذراعه لريم حتى تتقدمه وهو متعجب من عدائيتها المفاجئة:
-أنها الآنسة ريم ... وقد جاءت من أجل انهاء بعض الاجراءات المتعلقة بالعمل ,ليلى .. لو سمحتى أبلغى العامل ليحضر لنا القهوة فى المكتب.
رفعت ليلى حاجبا وهى متذمرة من الطريقة التى صرفها بها ولكنها قالت بطريقة عادية:
-حاضر.
سار الركب حتى وصلوا الى غرفة أنيقة بالغة الاتساع تدل على أنها الغرفة الرئيسية بالمكتب فواصل جاسر ترحيبه الحافل بهم مشيرا لهم بالجلوس فى الجزء الملحق بالغرفة والذى كان مفروشا باثاث جلدى فاخر بينما اتخذ لنفسه مجلسا مقابلا لهم ومجاورا لريم وابتدرهم بقوله:
-نورتوا المكتب كله ...
وتوجه بالحديث نحو الشاب المطرق برأسه أرضا وهو يقول فاتحا مجالا للحوار بشكل عفوى بعد أن رحب بشريكته الخجول:
-مرحبا آنسة سماح .. كيف حالك يا سعد ؟
هزت سماح برأسها وهى تتطلع نحو ريم بنظرات ذات مغزى أما يعد فاتسعت ابتسامته الفطرية الجذابة وهو يرد على سؤاله:
-بخير والحمد لله , سعيد لتعرفى اليك يا سيدى.
فى ذات اللحظة دلف فتى البوفيه حاملا صينية عليها فناجين القهوة الساخنة ذات الرائحة المنعشة بالبهارات والتوابل الفواحة ,ووضعها على المنضدة الزجاجية القريبة منهم فقام جاسر واقفا ليأخذ فنجانا ويقدمه لريم فى لمحة رقيقة وهو ينظر مباشرة الى عينيها الكحيلتين بلون أسود وهو يقول هامسا:
-تفضلى قهوتك يا ريم , أعرف أنك تفضلينها ساخنة لترتشفى أول قطرة من رغوتها.
مدت يدها لتمسك بالفنجان الخزفى ,فالتقط بادراك ارتجافة أصابعها النحيلة وهى تتمسك بالفنجان حتى لا يسقط من بين يديها وهو ما زال يوجه لها نظرات راسخة تنم عن مشاعر جلية لا تخفى على أحد ومنحها أجمل ابتسامة خاصة قبل أن يعتدل جالسا مرة أخرى وهو يقول بأدب:
-تفضلا ... ماذا كنا نقول ؟
أجابه سعد بلهفة:
-كنت أخبرك بأننى قد تشرفت بمعرفتك ..
-وأنا أيضا سعيد بالتعرف اليك , ريم حدثتنى كثيرا عنكما فهى مهتمة للغاية بأن تصلا لغايتكما وبأسرع وقت , يبدو أنكما متعجلان , أليس كذلك ؟
التهبت وجنتا سماح بعد تلميحه الى لهفتهما لاتمام الزواج وتقبل سعد قوله كأمر غير قابل للنقاش وهو يؤكد مصرحا:
-نعم يا سيدى , فالمرء لا يجد كل يوم من يرتاح لها قلبه ويشعر بالسعادة لأجل أن تشاركه حياته بحلوها ومرها ,,, وأنا وسماح عشرة سنوات لسنا مجرد معرفة سطحية ...
كان سعد يتحدث بحرية على سجيته غير واعيا لما انطلق على لسانه من كلمات تصف بدقة طبيعة علاقة جاسر بريم التى شرقت حينما ارتشفت جرعة كبيرة من قهوتها المرة ,فأخذت تسعل بقوة علها تجلى بلعومها فأسرعت سماح تربت على ظهرها برفق عدة مرات فيما عبس جاسر متضايقا وقام ليناولها كوبا من الماء قائلا بحزن:
-سلامتك .. ارتشفى جرعة كافية من الماء سوف تهدئ من نوبة السعال.
أجابته باقتضاب:
-شكرا ... أنا بخير ,فقط لم أحسب أنها ما زالت ساخنة لهذه الدرجة ,عذرا ... فلنبدأ بالمهم ...سعد , هل تفضلت باعطاء السيد جاسر كافة الأوراق المطلوبة ؟
قطب جاسر حاجبيه غير راضيا عن لهجتها الرسمية فى مخاطبته كما لم يرق له انهائها لهذا الحديث الودى وكأنها قد ضجرت وتريد المغادرة أما هى فاستطردت :
-أرى أنك مشغول للغاية ولا نريد أن نعطلك عن عملك ,فكما يبدو لى أنك بمركز أرفع مما توقعت ... أليس كذلك ؟
هل كان فى صوتها رنة اتهام له ؟
بينما أجالت هى البصر فى أنحاء المكان وقد توقفت عند المكتب الكبير واللائحة المعدنية التى تزين مقدمته وكتب عليها بخط عريض ( المدير )
فقام جاسر بالشرح دون أن يرف له جفن قائلا بتواضع:
-هذه هى غرفة مالك المكتب ... السيد فهمى ... وأنا هنا أنوب عنه لفترة من الوقت حيث أنه مسافر ...
-اذن أصبحت نائبا للمدير ؟
-مؤقتا .. الى حين عودته , والآن فلنعد لحديثنا الهام ... سعد أعطنى أوراقك.
نهض سعد وهو يحمل معه مظروفا مقوى يحمل بداخله الكثير من الأوراق وناولها لجاسر باجلال فقال الأخير بجدية بعد أن اطلع عليها:
-يبدو أنك لم تنسَ شيئا ...
ابتسم سعد مجاملا وهو يرنو بنظره نحو ريم قائلا بامتنان:
-البركة فى الآنسة ريم ... هى من أخبرتنى بكافة البيانات المطلوبة ... أكثر الله من أمثالها.
نقل جاسر نظره بينهما واستقر أخيرا على ملامح وجهها الجميلة والتى تلونت بحمرة الخجل جراء اطرائه الغير متوقع:
-لا يوجد الكثيرون مثل ريم ... أنها فريدة من نوعها ...
-حسنا يا سيدى , ماذا يتوجب علىّ أن أقوم به بعد ذلك ؟
سأل سعد قاطعا عليهما سيل النظرات الهائمة فجذب انتباه جاسر اليه وهو يتوجه نحو مكتبه ليشير للشاب حتى يلحق به الى هناك ,وحينما ابتعدا بمسافة كافية حتى لا يكون بمقدورهما سماع الحوار بين الفتاتين , قالت سماح بتهور:
-يا له من رجل ! كيف تعرّفت اليه يا آنسة ريم ؟
فاجأها هذا السؤال الغير متوقع وظلت تحدق بالفراغ أمامها لتجيب بشرود ذهن:
-أنه صديق قديم.
غمزتها سماح بعين واحدة لتسأل متبجحة:
-وهل هو مرتبط ؟
-ماذا ؟؟
-أعنى لم أرَ بأصابعه دبلة تشير الى أنه متزوج أو خاطب , ولكنه ربما يكون مرتبطا ... هذه الفتاة بالخارج ,,, لم أشعر بالارتياح لنظراتها له , وكأنها تود التهامه ,,, هل بينهما علاقة ما ؟
-كفى يا سماح ! اصمتى.
نهرتها ريم بحدة وهة ترفع يدها فى الهواء عاليا ثم استطردت بعنف مكبوت:
-منذ أن فتحت فمك لم تغلقيه لثانية واحدة ,,, أسئلة أسئلة وما يهمنا من اجاباتها ؟ هل تنوين التخلى عن سعد الآن ؟
شهقت سماح وهى تتراجع بمقعدها غير مدركة لما تثيره فى نفس ريم من غيرة لهذه التساؤلات عن الفتاة التى قابلتهم وكأنه لا يكفيها رؤيتها للبساطة والتلقائية التى يتعاملان بها سويا , وتساءلت هل تتعمد تلك الفتاة أن تتدلل هكذا وهى تتحدث الى زملائها فى العمل ؟ أم أنها تخص جاسر وحده بهذه المعاملة ؟
قالت الفتاة الى جوارها وهى تعتذر بصوت ضعيف:
-آسفة يا آنسة ريم ان كنت أزعجتك بأسئلتى , ويكفى أنكِ قد أضعتِ الكثير من وقتك لمساعدتنا , أعتذر منك.
تراجعت ريم عن تأنيبها المبالغ فيه حينما رأت سماح نادمة على حديثها وعادت لتنكمش فى مقعدها صاغرة فأشفقت عليها من لهجتها القوية وقالت بصوت معتدل لتطيّب خاطرها:
-لا يوجد داعٍ لاعتذارك يا سماح , كل ما فى الأمر أننى لا أعرف اجابات على أسئلتك الفضولية , ثم ماذا يعنينا من أمره اذا كان مرتبطا أم لا ؟
ارتبكت سماح وترددت قليلا قبل أن تقول بمكر:
-بدا لى أنه ... أنكما ... ربما ,أعنى أنه ينظر لك كمن يرى نجمة عالية بالسماء أو كأنه معجب بك.
-هذا غير صحيح.
سارعت لتنفى هذا الاعتقاد وكأنه تهمة خطيرة وقالت بصوت جاهدت لتجعله ثابتا:
-أنه مجرد شخص عادى بالنسبة لى , مجرد معرفة كما سبق وأخبرتك.
تراجعت سماح وهى تقول بلهجة الخبيرة:
-اذن فما سمعته عنكِ أنتِ والأستاذ سيف صحيح ,لقد قالت السيدة منى أنكما سوف تتزوجان بعد....
وقف جاسر متصلبا جامد الملامح وقد وصله آخر ما تفوهت به وقال ببرود وهو يقف الى جوار سعد الذى بدا فى قمة سعادته:
-لقد انتهينا.
لم يغب عنها كلماته المقتضبة التى أطلقها بعد أن كز على أسنانه بقوة وهو يراها تستعد للانصراف بعد أن نظرت لسماح شزرا وقامت بشكره على حسن صنيعه ومدت أصابعها لتصافحه فاحتواها بين راحتى يديه وقد استشعرت دفئهما الذى اثار بجسدها المشاعر العنيفة مجددا فحاولت أن تسحب يدها من بين قبضته بعد أن راعها لهجته القاسية لأول مرة منذ تعرفا تراه غير مراعيا لمشاعرها بهذه الصورة الفظة لأنه شدد عليها أكثر حتى كادت تصرخ ألما وفجأة تركها حرة فودعته بدون اهتمام قائلة:
-وداعا يا سيد جاسر.
ضاقت عيناه متفرسا فى ملامحها المتجهمة وهو يقول متوعدا:
-لنا لقاء قريب ان شاء الله يا ريم ,وسوف أحادثك لأطمئن عليكِ عندما تصلين الى المنزل.
أصر على مخاطبتها بذات الطريقة الحميمية والتى تدل على عمق معرفتهما كاشفا عن كذبها الغير متقن أمام عيون سماح وسعد اللذين ابتسما بخبث ولم تفتهما حركته المقصودة حينما أمسك بمرفق ريم ليودعها بالخارج وهى غير قادرة على الاعتراض لئلا تثير انتباههما الى ما يدور فى الخفاء .
كانت متلهفة للهروب من حصاره القوى الذى أحاطها به فاستشعرت بضعفها وخاصة حينما وجدت نفس الفتاة تنظر لها باستعلاء وتكبر بينما تغادر هى قائلة بصوت مغناج:
-وداعا يا آنسة ريم.
وكأنها تخرج لسانها وتقول : أنت راحلة بينما أنا باقية الى جواره.
فاشاحت ريم بوجهها وهى تستحث الثنائى على الاسراع حتى لا يتأخروا أكثر وكادت أن تخطو نحو الدرج فاستوقفها جاسر بعد أن سبقها مرافقاها وقال بضيق واضح:
-ريم ... لنا حديث لا يمكن تأجيله , هل أراكِ اليوم بمكاننا المعتاد بعد انتهاء العمل ؟
توقفت مضطرة لأن تجيبه وقد أنذرتها لهجته بأنه قريب من الانفجار :
-حسنا , سوف نتحدث لاحقا , على الهاتف ... باى.
وانطلقت تفر منه كمن يفر من وباء معدى أما هو فقد عاد أدراجه الى المكتب وهو يتوجه نحو ليلى متسائلا بعنف:
-ما الذى دفعك لمثل هذه التصرفات الصبيانية يا ليلى ؟
قالت ليلى وهى تكتم ضحكاتها الطفولية بينما تصفق بجذل:
-وااااااو أهذه هى ريم اذن ؟ لقد وقعت واقفا هذه المرة يا ابن خالتى العزيز ؟ أنها ماذا اقول عنها ... فتاة رائعة ومختلفة.
قال بدون تفكير:
-أنها شخصية استثنائية جدا ولا مثيل لها.
ثم استطرد مهددا وهو يلوح بيديه عاليا:
-وأنتِ ؟ ألن تكفى عن هذه الحركات المكشوفة ؟ ما الغرض من ورائها ؟
قالت وهى تلتف مديرة ظهرها لتتناول ملفا من جارور خلفها :
-كنت أحاول اكتشاف مشاعرها الحقيقية نحوك , والحق يقال : أعتقد أنها تغار عليك بجنون.
-ليلى , لا تتدخلى فى شؤونى واهتمى بنفسك فقط.
قالت وهى تضع يديها على خاصرتها:
-أنا التى أستحق اللوم , لقد أردت مساعدتك يا عزيزى ؟
-ومن طلب منك مساعدة ! أم هل تريديننى أن أشكوكِ الى خطيبك ؟ أنه الوحيد الذى يستطيع كبح جماح تهورك .
هتفت بانبهار:
-خالد !
وأكملت تحاول تقليد لهجته:
-أنه شخصية استثنائية ولا يوجد له مثيل.
وانطلقت ضحكاتها مجلجلة بينما طالعهما وجه من كانا يتحدثان بشأنه من احدى الغرف المجاورة وهو يقول مازحا:
-من ينادى باسمى هنا ؟
-اذهبا أنتما الاثنين الى عملكما.
قال جاسر بسلطة واضحة وهو يؤشر بيديه نحوهما, فقال خالد يمرح:
-هل معنى أنك قد تسلمت ادارة المكتب أن تتنمر على أصدقائك القدامى ؟
ألا يكفيك أنك تجعلنا نعمل بأيام العطلات الرسمية ؟
وتصنّع الحزن فاستطرد جاسر بحزم:
-لا تحاولا استغلال طيبة قلبى واعلما أنه لا شفيع لكما عندى الا العمل , لن أرضخ لعاطفة القربى أو الصداقة بيننا , وأنت ألا يكفيك أننى قد تغاضيت عن عدم حضوركما فى المواعيد المحددة.
ضرب خالد الأرض بقدمه كما يفعل المجندون ووضع أصابعه بجانب وجهه مقدما التحية العسكرية وهو يقول بصوت مرتفع:
-تمام يا أفندم.
بينما اختفى جاسر داخل مكتبه صافقا الباب خلفه بقوة وهو يفكر فى تلك التى خطفت أنفاسه حتى الانبهار ثم تركته محطم الفؤاد دون أن تشعر بما فعلته.

**************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لؤلؤة, العواصف, تائهة
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:17 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية