لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-11-18, 12:01 PM   المشاركة رقم: 116
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

أخيرا اجتمعوا معا مرة أخرى بعد طول غياب ,لم تكن صلة القربى وحدها من تجمع سيف وكريم برفيق بل رابطة صداقة متينة وحب أخوىّ صافى ,دعاهما رفيق الى الخروج سويا كما اعتادوا فى الأيام الخوالى ,لم يتردد أيا منهما ولو لثانية واحدة فكأنما طال انتظارهما لمثل هذه الدعوة منه ,كان يبدو متباعدا فى الفترة الأخيرة بعد أن استقر مع أميرته الغائبة التى عادت من جديد لتحتل كيانه فسلبته من رفيقي صباه اللذين احتارا ماذا يفعلان وكلا منهما هو الآخر كان لديه ما يشغله فى هذا الوقت ,تاقت أنفسهم للحظة صفاء بعيدا عن الفوضى التى قلبت حياتهم رأسا على عقب.
ما أن استقر الثلاثة على الطاولة التى سبق وقام رفيق بحجزها بعيدا عن الأعين الفضولية بركن جانبى تتيح لهم حرية الحديث بدون أن يزعجهم أحد ,حتى قام رفيق بسؤالهما فى شبه استجواب:
-هيا أخبرانى بما صار معكما فى الفترة الماضية ,أشعر بأن كلا منكما يخفى سرا عظيما.
تبادل سيف وكريم النظرات المعبرة فيما ابتسم رفيق بخبث وهو يلوّح بسبابته أمام وجهيهما محذرا:
-واياكما والكذب أو محاولة الانكار فأعينكما تفضحان السر.
قهقه كريم ضاحكا من أسلوب ابن عمه وقد راقه أنه سيعرف أخيرا بما يدور مع سيف بخصوص علاقته بمها وقال مشيرا نحوه بلهجة هازئة:
-ليبدأ الأصغر سنا ,هيا يا سيف اعترف ولا تخفِ عنا شيئا.
رفع سيف كفيه معلنا عن استسلامه وهو يقول بهدوء أغاظ كريم:
-حسنا سأبدأ أنا ,ولكن أحذركما من أننى لن أتنازل عن اعترافاتكما أنتما الاثنان .... اتفقنا ؟
أومأ كلاهما برأسه موافقا ,ثم سأله رفيق مستفسرا باهتمام بالغ:
-أين اصبحت تختفى هذه الايام ,فلم نعد نراك فى البيت كما كنت فى السابق.
قبل أن يهم سيف بالرد قاطعه كريم مستفزا:
-أنه مشغول البال هذه الايام ... فتاة جديدة.
وغمز بعينيه بوقاحة فاحتقن وجه سيف احمرارا فيما تعالت ضحكات رفيق ابتهاجا وهو يقول منتشيا:
-حقا ؟ ومن هى سعيدة الحظ هذه المرة ؟ أرجو ألا تكون كحبيبتك الأولى ... ماذا كان اسمها ؟
ثم أخذ يحك جبهته مفكرا بعمق وقال بعد برهة:
-آه ... تذكرت ليلى , أليس كذلك ؟
زفر سيف ضيقا وقد أصبح مثارا لسخرية كريم ورفيق ,فأخذ نفسا عميقا قبل أن يغمغم :
-والآن هل اكتفيتما ؟ أغلقا أفواهكما قليلا ريثما أنتهى من حديثى.
أشار رفيق بالصمت لكريم فقام هذا بغلق فمه ووضع يده فوقه دلالة على السكوت وقد أعاراه كامل انتباههما ,فابتلع ريقه بصوت مسموع قبل أن يبدأ فى الكلام:
- أولا الموضوع ليس كما يصوره كريم فأنا لم أسعى خلفها ,أنها ... حسنا , لا أنكر أنها فائقة الجمال وتؤثر بى أحيانا ولكنها ليست حبيبتى كما تتصوران ,لا أعرف بالضبط كيف أصف لكما طبيعة علاقتى بها ...
رفع كريم حاجبيه تعجبا وهو يحدجه بنظرات مقيمة وما لبث أن قال باتهام:
-وماذا تسمى علاقتك بمها اذن ؟
هنا ارتفع صفير خافت من بين شفتى رفيق الذى صاح بذهول:
-اسمها مها ... يا له من اسم رقيق ,لا بد وأن صاحبته حقا بروعة جمال اسمها ,ولكن انتظر يا كريم أنت تعرفها ؟
اندفع كريم قائلا قبل أن يفهم اشارة سيف له بأن يتروى فى حديثه:
-وأنت أيضا تعرفها جيدا يا رفيق , كلنا يعرفها.
-من هى تلك التى نعرفها كلنا ؟
-سكرتيرتك الخاصة.
-سكرتيرتى !! أنت تقصد مها التى ...لا أصدق.
قام سيف بتأنيب كريم بحدة هاتفا بحنق:
-أنت لا تحتمل حقا يا كريم ,ألم يكن يجدر بك الانتظار قليلا قبل أن ينفلت لسانك بالكلام ..اسمعنى يا رفيق ليس الأمر كما يبدو.
انتفض رفيق غاضبا وهو يلعن:
-لا يمكنك أن تفعل هذا يا سيف ,فالفتاة ليست من هذا النوع الذى تتسلى معه ... كما أنه لا يصح أن تخلط العمل باللهو.
-تمهّل يا ابن عمى فى حكمك علىّ ,ثم أن هذا الذى يتظاهر بالبراءة هو الآخر على علاقة وطيدة بسكرتيرته الآنسة البريئة جدا ... هديل.
هوى اعترافه على رأس رفيق كالمطرقة ,فأصبح محتارا ينقل بصره فيما بينهما وهو يهز رأسه بعدم تصديق ,وقال موجها حديثه الى كريم:
-أهذا صحيح ؟ أنت على علاقة بهديل ؟
ثار كريم فى وجه سيف وهو يكيل له الاتهام:
-ايّاك وأن تمس سمعتها بكلمة ,أنها انسانة محترمة وشريفة ,, وليست كمها خاصتك.
-اخرس ,لا تصنع من نفسك قاضيا على الناس وتصرفاتهم ,قبل أن تحاسب نفسك أنت وحبيبة القلب.
-كفا عن الصياح وتبادل الاتهامات هكذا, اسكتا أنتما الاثنان , لا أريد أن ينطق ايا منكما بحرف واحد قبل أن تسمعا ما أريد قوله.
انصاعا لأمره وان أخذا ينظران الى بعضهما والشرر يتطاير من أعينهما.
شبك رفيق يديه ببعضهما فوق الطاولة ومال الى الأمام قليلا ليقترب بوجهه منهما وهو يقول بصرامة:
-بداية أود أن أعرف كافة المعلومات عن هذه العلاقات ... المحترمة بالسكرتيرات اللاتى تعملن لدينا ,ولا تغفلا عن ذكر أدق التفاصيل حتى ولو بدت صغيرة أو تافهة ,ولتبدأ سيادتك أولا يا سيد كريم ... يا مدير الشئون القانونية ... بشركتنا ... كيف بدأت علاقتك بالآنسة هديل ؟
تلاعب كريم بخصلات شعره القصيرة مبعثرا اياها بفوضوية دلالة على توتر أعصابه فقد انقلب السحر عليه وصار هو موضع الاستجواب ,فلم يجد بدا من الاعتراف بالحقيقة كاملة:
-الى وقت قريب لم أكن أنظر الى هديل بشكل مختلف عن السابق ,فقط مجرد سكرتيرة مجتهدة نشيطة تعمل لدىّ ,وأراها يوميا دون أن ألتفت اليها ,اعتدت على تواجدها مثل أى شئ يتواجد بمكتبى ,حتى كان اليوم الذى صارت فيه الحادثة لأمى ,أنتما طبعا تذكران هذا اليوم جيدا حينما ذهبت لأصطحب أمى من منزل الرجل الذى استضافها بعد الحادث حتى يطمئن على سلامتها ,فوجئت بأنه والد هديل ... سكرتيرتى الهادئة الوقور فاسقط فى يدى , ظننت حينها أنه ملعوبا مدبرا منها بالرغم من أنها تظاهرت بالاندهاش لرؤيتى ,ولكن الأدهى أننى اكتشفت أن والدتى ... تعرف هذا الرجل.
قطع حديثه بغتة فلم يجرؤ على اكمال عبارته ,الا أن رفيق استحثه بفروغ صبر:
-وكيف تعرف تنت هناء هذا الرجل ؟ ومن هو ؟
-هذا هو بيت القصيد ,قررت أن أعرف بنفسى من هو هذا الرجل ... ومن هى ابنته ,أردت اكتشاف الحقيقة ... فبدأت أدعوها الى الخروج بعد سهرتنا أنا وأنت يا سيف معها هى وصديقتها مها ,أتذكرها ؟
ألقى الكرة فى ملعب صديقه الذى تأفف متذمرا وهو يشيح بوجهه بعيدا ,فقام رفيق بسؤاله:
-عن أية سهرة يتحدث ؟
أدار سيف رأسه ليواجه فضول رفيق المتزايد بعد أن قرر مشاركتهما بسره عله يجد المساندة التى يبحث عنها فقد ضاق به الحال وحيدا وهو الذى قاطع والديه فلم يعد أمامه سوى هذين الصديقين ليبوح لهما بما يعتمل فى نفسه ,السر الذى أبقاه سنوات طى الكتمان ,فقال موضحا:
-قبل أن أعترف لكما ,أريدكما أن تقسما على أن ما سيقال فى هذه الجلسة لن يعرفه أحد حتى ولو كان أقرب الناس اليكما ,,, ولا حتى زوجتك يا رفيق.
-لك هذا ,نقسم على ابقاء هذا الحديث سرا.
قالها كريم بثقة ,وأعادها رفيق مجددا باصرار.
اعتدل سيف فى مقعده وقد اتخذت هيئته الجادة موضعها قبل أن يبدأ حديثه بصوت خفيض:
-بدأ الأمر منذ أن التحقت مها بالعمل فى شركتنا, أنتما تعرفان أنه بحكم منصبى فى ادارة شئون العاملين فلا بد لأى متقدم لوظيفة عندنا أن يمر بمقابلتى أولا ,وكانت مها قد سعت لنيل وظيفة سكرتيرة لمكتب رفيق ,وقمت أنا باجراء المقابلة الشخصية لها بنفسى حتى أتأكد من كفاءتها وجدارتها بهذه الوظيفة ,فى البداية لم التفت الى اسمها كاملا .. وبالفعل نجحت فى الاختبار بامتياز وهكذا نالت المنصب ,وفيما بعد حينما قمت بتوقيع الأوراق الخاصة بتعيينها قرأت الاسم الثلاثى جيدا ... مها كمال الراوى ...
صمت قليلا ليرى تأثير ذكر هذا الاسم عليهما ,فلما وجد انطباعهما محايدا بدون انفعال تأكد من جهلهما التام بالموضوع ,فاستطرد موضحا:
-ألا تعرفان من هو كمال الراوى ؟
أشار كلاهما بالنفى فأكمل حديثه وقد شعر بأهمية ما يعرفه فقال بلهجة الخبير ببواطن الأمور:
-كمال الراوى ... كان شريكا لجدنا -رحمه الله- فى بعض الأعمال ,ولكن على ما يبدو أن الطمع قد استبد به فحاول التلاعب بقذارة وكان أن كشفه جدنا فقام بمعاقبته وانسحب من صفقة مشتركة بينهما مما أدى الى خسارته كافة ممتلكاته واضطر هو فيما بعد الى اعلان افلاسه ,ومها هذه هى ابنته الوحيدة ... وقد جاءت بعد كل هذه السنوات لتعمل بشركتنا ,فثارت شكوكى فيها ,وقررت مراقبتها عن بعد حتى أعرف اذا ما كانت تسعى لتخريب عملنا أم أنها مجرد مصادفة .
-ولماذا انتظرت كل هذه المدة قبل أن تخبرنا بأمر هام كهذا ؟
عاتبه رفيق بحدة وقد استشعر بالقلق يتملكه لفكرة أنها كانت أقرب واحدة له بالعمل ,سكرتيرته الخاصة وهو المدير التنفيذى بالشركة , أى أن كل الأوراق الهامة تقع بين يديها ... وتعالى صوته وهو يستطرد:
-لا يمكنك أن تخفى شيئا بهذه الخطورة عنّا , أنت شخص أرعن.
تحمّل سيف اللوم بصبر وجلد وكل ما يهمه ألا ينكشف الجزء الأكثر دقة من السر والذى أخفاه عنهما ببراعة ,فكيف يصارحهما بأن والد هذه الفتاة هو السبب وراء الجفاء الواضح فى علاقة أبيه بأمه ,هو الشخص المسؤول عن هدم الاستقرار المفقود فى علاقتهم الأسرية الخاصة , أنه على أتم استعداد لأن يدفع نصف عمره مقابل ألا يعرف اى أحد بهذا الأمر حتى ولو كان أقرب الناس اليه, فوالدة رفيق التى ترقى لمستوى فوق أى شبهات يكن لها كل احترام وتحيا مع عمه وفق نظام أسرى مترابط وليس كحال والده ,ووالدة كريم سيدة عظيمة قامت بتقديم أروع الأمثلة على التضحية بالذات والتفانى من أجل تربية ابنها وحيدة حتى بعد تخلّى زوجها عنها فكيف به أن يكشف ستر هذه الفضيحة التى تمس شرف أمه وأنّى له أن يرفع عينيه فى وجهى صديقيه اذا ما توصلا الى معرفة الحقيقة المرّة فاعترف بذنبه صاغرا:
-أنا أستحق التأنيب فعلا.
كان اعترافا متخاذلا وقد شعر بنظرات كريم المتعاطفة معه بعد أن كان متحاملا عليه لكشفه عن أمر مقابلاته مع هديل ,فضرب رفيق كفا بكف وهو يصيح متعجبا:
-لا أدرى ما الذى أصابكما ؟ أحفاد الشرقاوى يتصرفون بطيش وتهور !
نظر له سيف بقسوة وقال باندفاع غير محسوب:
-أنت أيضا يا رفيق ,وباعتبارك الحفيد الأكبر سنا والأرفع شأنا قمت بتصرفات متهورة وبدون علم أحد من العائلة ,,, مثل زواجك السرىّ من أميرة أو كما كان اسمها لبنى ,ما الفارق بينها وبين مها أو هديل ؟
هب رفيق قائما وقد أمسك بتلابيب سيف ليجذبه بقوة وهو يهتف بحزم:
-ايّاك وأن تشبّه زوجتى بأيا منهما ,كما أننى لا اسمح لك بأن تقول عن زواجى منها أنه كان سريّا .
أسرع كريم بالحيلولة بينهما محاولا تهدئة رفيق الذى ثارت أعصابه بشدة وقام بجذب سيف بعيدا عن قبضته وهو يقول معنفا:
-اهدآ , لا يصح أن تنفعلا هكذا فلا تنسيا أننا بمكان عام.
وقام سيف بتعديل هندامه وقد شعر بالاهانة من تصرف رفيق الذى ابتعد وهو متسارع الأنفاس من شدة انفعاله ,ثم أقنعهما كريم بالجلوس مرة ثانية .
استعاد رفيق سيطرته على أعصابه التى انفلتت سريعا وقال مكملا حديثه السابق:
- لعلمكما لقد كان زواجنا شرعيا معلنا لدى مأذون موثق وقد كان والدى عالما بالأمر بل وكان وليّها أيضا ,كما أنه قد تم لأسباب .. ولو أنها لا تخصكما الا أننى سأخبركما بها ,فقد كانت أميرة وقتها واقعة فى مشكلة عويصة ...
وقصّ عليهما ما كان من مضايقات حسام المستمرة لها ,وكيف أنه كان ينوى أن يطلب منها الزواج حتى ولو لم تكن بورطة الا أنه كان يتحين الوقت المناسب لاعلان حبه لها بيد أن الفرصة لم تسنح له ,وكانت الظروف جميعها تقف ضده معاكسة لرغباته.
-أنا أعتذر عما قلته لك ,فأنا لم أكن أعنى سوءا.
تمتم سيف معتذرا لرفيق الذى تقبّل موقفه وقام بالاعتذار بدوره بهدوء:
-أنا أيضا آسف لأننى انفعلت عليك ,ولكنك تعرف أننى أعتبر كل ما يمس أميرة خطا أحمر لا يمكن تجاوزه ,ولا تنسَ أنه مهما كان فهى ابنة عمتنا.
-نعم ,ويا له من خبر وقع علينا كالصدمة القاتلة ,أن نعرف أنها قريبة لنا ,وزوجتك بنفس الوقت ,لقد آثرت ان تخفى عنّا الأمر بالرغم من صداقتنا القوية ...
كان هذا شبه لوم موّجه بعناية الى رفيق الذى تفهّم الموقف جيدا فهز رأسه موافقا وقد قال بهمهمة غامضة:
-امممم ... لديك حق ,, ولكن لم يكن بيدى حيلة ,كان يتعيّن علىّ بوقتها اخفاء الأمر حتى لا يتسرب الى جدى ,كنت أخشى من فورة غضبه أن يؤذيها لو عرف بأمرى معها... يا لها من أيام ّ!
-حسنا والآن قد عرف كل منّا بسر الآخرين ,ماذا سنفعل ؟
ألقى كريم بتساؤله وهو يحاول أن يستنبط ردة الفعل لدى سيف ورفيق ,بقى الأول صامتا فيما وشت ملامحه بالحيرة أما الثانى فظلت تعابير وجهه جامدة الا أنه قال مصمما:
-سنتعاون معا ليحل كل واحد أزمته الخاصة ,وننعم جميعا بالراحة.
وافق كلاهما على رأيه وقاموا بمد أيديهم ليتصافحوا مجتمعين بعهد شفهى أقوى من أى توثيق.


****************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 09-11-18, 12:03 PM   المشاركة رقم: 117
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

انتهى الفصل الرابع والعشرون

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 11-11-18, 03:00 AM   المشاركة رقم: 118
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

الفصل الخامس والعشرون



-لا بد أنك قد فقدت عقلك تماما يا مها ! كيف سمحت لسيف بالتواجد فى منزلك وأنت بمفردك ؟
صيحة هديل الغاضبة والتى لم تعتد صديقتها هذه النبرة منها أبدا أزعجتها للغاية ,فشعرت بانكماش داخلى لأحاسيسها وفجأة هربت منها الكلمات فتاهت فى بحار حيرتها محاولة الوصول لتبرير معقول فأجابتها بعد عدة محاولات جهيدة حتى لا يخونها لسانها فى آخر لحظة اندفعت تفسّر لصديقتها المقربة ما رأته منذ يومين وهى تنأى عنها مشيحة بوجهها:
-لقد انكسر كعب حذائى و...عرض علىّ أن يقلنى الى المنزل فلم يكن من المجدى انتظار سيارة أجرة فى مثل هذا التوقيت من ذروة الزحام.
لم تبدر من هديل أدنى محاولة لتسهيل الأمور على مها فالتزمت الصمت مكتفية بأن عقدت ذراعيها أمام صدرها تراقبها بذهول فرض عليها الاستطراد:
-كنت مضطرة فكيف كنت سأعود وأنا أعرج بشكل مزرى ,و...
بترت عبارتها بغتة عندما وقفت أمامها هديل وهى تضع اصبعا تحت ذقنها لتجبرها على مواجهة نظراتها المقيّمة وقالت بانفعال:
-هل تحاولين الكذب علىّ أم على نفسك ؟ فقط أخبرينى ما السبب الحقيقى لسماحك له بالدخول الى شقتك ؟
رفرفت برموشها شاعرة باستحياء من انكشاف موقفها المحرج أمام صديقة تكن لها مشاعر الود والمحبة فانبرت تدافع عن موقفها بلهجة غير واثقة:
-ألم أتصل بك لتأتى حتى لا أبقى معه بمفردى ؟ والآن تعالى هنا ... كيف صادف أنك جئت أنت والسيد ... كريم سويا ؟
ترددت هديل قليلا قبل أن تجيبها محاولة تصنّع عدم المبالاة:
-وماذا فى هذا ؟ شئ عادى لقد كنا نتناول الغداء سويا ... بمكان عام.
وضغطت على حروف آخر كلماتها ربما لتوضح لها الفارق الشاسع بين موقفيهما على الرغم من تشابههما الظاهرى.
رفعت مها احدى حاجبيها تعجبا وهى تتساءل :
-منذ متى وأصبح هذا أمرا عاديا يا آنسة هديل أن تتناول سكرتيرة الطعام مع رئيسها ... بمكان عام بعد انتهاء ساعات العمل الرسمية ؟
قالت هديل متضايقة من رنة الاتهام بصوت صديقتها فابتعدت عنها قليلا مولية ظهرها للفتاة الحانقة غضبا:
-أليس هذا أفضل من موقفك أنت والسيد سيف المبجل ؟ على الأقل لا تربطك به صلة عمل مباشرة فهو ليس مديرك.
-أتعنين أن السيد كريم قد دعاك للغداء حتى تتناقشا بأمور الشغل ؟
تلمست يدا هديل المقعد القريب منها وهى تجلس بخجل مطرقة برأسها الى الأرض ثم قالت بصوت مهزوز:
-أنت لا تعرفين كل شئ حتى تحكمى على علاقتى بكريم.
-وأنت أيضا لا يحق لك اطلاق الأحكام على تصرفاتى جزافيا دون أن تستمعى الى دفاعى.
-وما حاجتك للدفاع عن نفسك اذا لم تكونى مخطئة ؟
قالت هديل وقد عادت لمواجهتها الأولى بصورة سريعة وهى تهز رأسها بعنف ثم استطردت:
-مها ... لا يصح الا الصحيح ,تصرفك هذا فى منتهى الطيش والتهور ,ماذا لو لم أكن قريبة منك وقت اتصالك بى ؟ ماذا كنت ستفعلين معه ؟
-لم أكن لأفعل شيئا ,أساسا هو لم يكن ينوى أن يلحق بى أى ضرر ,لقد أحسست أنه كان خائفا علىّ حينما فقدت الوعى بين يديه , حينما أفقت وجدته يتنفس الصعداء فيبدو أننى باغماءتى قد سببت له الرعب على حد قوله.
-وهل صدّقته بمثل هذه البساطة ؟
أنكرت هديل سذاجة صديقتها فأجابتها هذه بثقة كبيرة:
-لم ترى نظرات عينيه القلقة ,رنة صوته المتوترة ,لقد سارع لاحضار الدواء من أجلى ,اذا لم يكن مهتما مثلما تظنين ما الذى يدفعه نحو مساعدتى ؟
-ربما أشفق عليك.
-فقط من أجل الشفقة يكلّف نفسه كل هذا العناء !
-أنت تضخمين الأحداث وتصنعين من الحبة قبة.
-ربما ,ولكن حدسى قلما يخطئ ,أشعر بالحركة تحت المياه الراكدة.
أضافت جملتها الأخيرة بفخر واعتزاز وهى تستعيد تفاصيل الموقف بأكمله منتشية بالاحساس الجديد بالأمان والدفء الذى استشعرته برغم محاولة سيف الامتناع عن اظهار أية مشاعر ودية بعدها حينما رآها مصادفة فى الشركة فى اليوم التالى فكأنما استعاد شخصية الرجل القاسى اللا مبالى ,أيكون هذا مجرد قناع يستبدله وقت الحاجة ؟ اذا كان هذا صحيحا وله أغراضا دنيئة مثلما تحاول هديل اقناعها لماذا لم يستغل الفرصة حينما تهيأت له كل الظروف المواتية ضدها هى ؟ لقد تصرف بتهذيب بالغ وحنان واضح ,لا يمكنها أن تغفل عن رؤية الاهتمام متسللا فى نظرات عينيه العسليتين ,أذابتها نظراته المتأملة التى تغلّفت بشئ من الاعجاب ,بينما يقف بينهما الماضى سدا منيعا يحول دون التمتع بهذه المشاعر الوليدة.
قالت هديل تحذرها وقد تنبهت الى شرودها الواضح:
-احذرى من سيف فهو ليس بالشخص الذى يمكنك التلاعب به بسهولة فهو محنك.
ابتسمت مها باستخفاف وقالت ساخرة:
-هاه من التى تتحدث ؟ احذرى أنت يا عزيزتى فكريم ليس بالرجل الساذج ,لا تتورطى معه بما لا يمكنك تحمله.
كان الأولى بها أن توجه هذه النصيحة لنفسها الا أنها لن تسمح لضعفها بالتغلّب عليها ,ضحّت بالكثير من أجل الوصول الى هذه النقطة الفاصلة ,محت كافة الأسطر السابقة فى حياتها بما فيها علاقتها القديمة بخالد ... والآن لا هدف أمامها الا سيف الشرقاوى ,سوف تخطّ بيديها كلمة النهاية المناسبة من وجة نظرها ,ولم تدرِ أنها ليست الوحيدة التى تمتلك خططا فى طور التنفيذ.

**************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 11-11-18, 03:01 AM   المشاركة رقم: 119
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

احتجّت هناء بقوة حينما رفض كريم الانصات لها وهو يطوّح بذراعيه فى الهواء ضاربا بكلامها عرض الحائط وهو يصيح منفعلا:
-ما الذى تسعين اليه هذه المرة يا أمى ؟ وماذا تعنين بأن أبتعد عن هديل ؟ ألا تدركين أنها سكرتيرتى الخاصة ؟
حاولت الأم أن تهجئ من غضب ابنها الغير مبرر وهى تلتقط كفه الكبير بين أصابع يدها الضئيلة مقارنة به وتجبره على الالتفات لها قائلة برجاء:
-أتمنى منك هذه المرة أن تسمعنى بقلبك وليس بعقلك ,أنت تعرف كم أحبك يا بنىّ وكم أتمنى أن أراك سعيدا.
-لا أفهمك يا أمى , رجاءا تحرّى الصدق والصراحة فى حديثك معى , ما الذى يجعلك تفكرين بهذه الطريقة ؟
أفلتت يده وهى تجلس على مقربة منه بيهنما غطّت وجهها بكفيها وقالت من بين أنفاسها المتلاحقة:
-أعرف أن علاقتكما فد تجاوزت كافة الخطوط الحمراء بين رئيس وسكرتيرته الخاصة ,أنا لا أشكّك فى أخلاقك يا كريم فأنت ولدى الوحيد الذى أفنيت زهرة شبابى من أجل تربيته وتنشئته حتى صرت رجلا محترما ذا شأن عظيم ,ولكننى لن أسمح لك أن تضعنى بهذا الموقف أبدا , أفهمت ؟
ضرب كريم كفا بكف متعجبا وهو يجلس الى جوارها ويزيح برفق يديها ليتأمل ملامحها المتغضنة وعينيها الدامعتين شاعرا بأسى بالغ من أجلها وسألها محاولا دفعها الى الكلام:
-ما زلت لا أفهم شيئا ,ما علاقة هديل بهذا الحوار ؟ وكيف عرفت أصلا ما يدور بيننا ؟
أسقط فى يد هناء فهى تدرك أن لحظة المواجهة آتية لا ريب فيها ,كانت تأمل فى أن ترجئ هذه الصدمة فلا تريد أن تتسبب بالأذى لوحيدها الغالى على قلبها والذى ضحّت من أجله حتى بسعادتها وكرامتها وما زالت على أتم استعداد لبذل النفيس والغالى من أجله ,وضعت يدها على فمها لتمنعه من الارتجاف وهى تقول بمرارة:
-يجب أن تعرف القصة كاملة منى أنا ,ولكن أرجوك يا حبيبى أن تسمعنى للنهاية بدون أن تقاطعنى ... اتفقنا ؟
ربّت بحنان على شعرها وهو يضمها الى صدره كأنها هى ابنته التى تحتاج الى عطفه لا أمه التى أنشأته صغيرا وساندته شابا ونصحته رجلا وقال بحرارة:
-كلى آذان صاغية لك يا ست الكل ... خذى راحتك بالحديث.
حاولت أن تتمالك نفسها لتقص عليه ما فات وعلى الرغم من أن مرور السنوات الطويلة كان كفيلا بمحو التفاصيل الصغيرة الا أن ذاكرتها استعادت الحدث بأدق تفاصيله وكأنه صار بالأمس فقط ... قالت هناء بصوت مرتجف خائفة من ردة فعل ابنها:
-الأمر يتعلّق بوالد هديل ... صلاح ...
سكتت عن عمد لترى تأثير ذكر اسمه على وجه كريم الذى تقلّص فمه ضيقا وقد شعر بانقباض فى صدره لا يعلم مصدره الا أنه بدا على والدته التردد بشأن مصارحته فلزم الصمت كما وعدها وقد تنبّهت كافة حواسه تحسّبا للقادم ,وأشار لها باصبعه لتستطرد وقد استمدّت بعضا من الشجاعة من حركته البسيطة:
-صلاح ... كان صديقا لنا , أعنى للعائلة ... كان يعرفنى و ... كانت تربطه بأبيك - رحمه الله - صداقة وطيدة ,باختصار كنا نتلاقى كثيرا ... وهذا قبل ارتباطى طبعا ,وحينما تم الزواج ,, ابتعد صلاح عن نطاق العائلة بأكملها ,وانشغل بحاله فأصبحنا لا نراه كما أننى أنجبتك أنت ...
توقفت وعيناها تشعان فخرا واعتزازا حينما تراءت لها ذكريات ولادتها لكريم وكيف أنها طارت فرحا بوجوده حتى وجدى بدا عليه أنه قد امتلك الدنيا بما فيها بعد أن صار أبا ,ولم يبخل على ابنه بأى شئ ,والحق يقال أنه أيضا أغدق عليها بالحب والحنان بدون حساب الا أنها قابلت عواطفه المتأججة بالصد والتمنّع ,استعادت تعقّلها المفقود بعد أن هجرها وجدى الى الأبد ,كانت كمن تلقّى ضربة قوية على رأسه فأفقدتها التوازن كليّا , وعادت لتكمل حديثها بصوت حزين:
-وانقطعت صلتنا به نهائيا ثم .... أنت تعرف تزوّج والدك بأخرى ,وتفاقم الشقاق بينه وبين جدك فقام بحرمانه من المكوث بالمنزل ولم أعد أراه بعد هذا اليوم الذى جمع فيه كل أغراضه ورحل عن البيت الى غير رجعة.
تسللت المرارة الى صوتها فهى لم تتعافَ بعد من قسوة فعلته هذه ,كانت تتمنى لو أعطاها فرصة أخرى للبدء من جديد بدلا من البحث عن الحب فى أحضان امرأة أخرى غيرها حتى ولو كانت زوجة له , أنها ملامة ومدانة بشهادة الجميع حتى نفسها فلا تجرؤ على الكذب أمام ضميرها الحىّ الذى أخذ يحاسبها بقسوة على اهمالها لزوجها ومعاقبته على ذنب لم يأتِ به ,كانت تنتقم من عمها الذى ساومها بدون أن يطرف له جفن فآذت أقرب الناس اليها وسقته من كأس العذاب ألوانا شتى ,فدرات لها الأيام وتجرعّت منه هى الأخرى .
-اذن هذا هو السبب فى أنه قد اعتنى بك فى يوم الحادث واصطحبك الى بيته لأنك زوجة صديقه ... أليس كذلك ؟
تساءل كريم بلهفة ممنيا نفسه بأن يكون هذا هو الدافع الوحيد لما رآه بينهما من انسجام واتفاق ,فارتعش جسد هناء لا اراديا وهى تتقن الكذبة على ابنها حتى لا تصدمه بالحقيقة:
-بالتأكيد هذا هو السبب ... كما أننى أعتبره صديق له معزّة خاصة.
-معزّة خاصة ! لماذا يا أمى ؟
-لا ... لا شئ ,مجرد أنه كان رفيقا لنا فى أيام الصبا , أتعرف أنه كان يودّ عمتك أيضا و ,,,, ومجدى ... المحامى , كنا جميعا أصدقاء.
ارتفع حاجباه دهشة وقد اندفقت المعلومات الجديدة تنحفر بعقله صانعة لوحة مجمّعة بقطعها الصغيرة المتكاملة ,قال وقد شعر بأن أمه لم تفرغ بعد كل ما فى جعبتها:
-ما زلت لا أرى لهذا علاقة بحديثك عن هديل ,هيا يا أمى أريد أن أعرف كافة التفاصيل.
ابتلعت ريقها بصعوبة وقد اقتربت من اللحظة الفاصلة فقالت بتوتر:
-ابتعد عن هديل يا كريم ,فهى ليست من هذا الصنف من الفتيات.
انعقد حاجبا كريم بشدة وهو يشعر بالضيق من تلميحات أمه فيما استطردت هى بتصميم:
-احذر فهى ليست للتسلية ,كما أن صلاح لن يسمح لك بأن تتلاعب بمشاعر ابنته.
-هل هذا ظنك بى يا أمى ؟ هل تعتقدين أننى من الرجال الذين يأخذون هذه الأمور بغرض التسلية ؟ أشكرك جدا على تقديرك لى.
هدر كريم عاصفا وهو يهب واقفا فيما ظلت نظراته مسلطة على وجه أمه التى اضطرت الى أن ترفع وجهها حتى تستطيع مواجهته فقالت نادمة على تسرعها:
-لم أقصد هذا المعنى يا حبيبى ,أنا أعرفك أكثر من نفسك ... ولكن أتنكر أنك تقابلها وتقضى معها وقتا خارج نطاق العمل ؟
أشاح كريم بوجهه هاربا من مراقبة عينى أمه التى لم تغفل عن حركته هذه فهو لا يتوانَ عن النظر اليها الا اذا كان يخفى عنها أمرا جللا ,فنهضت بدورها تقبض على ذقنه بطرف يدها وهى تواصل استجوابها بصوت حازم:
-لم ترد علىّ ,هل أنا مخطئة ؟
لم يفلت هذه المرة من حصار عينيها القوى فتنهد بحرقة وهو يهز رأسه نافيا ليؤكد على ظنها:
-لست مخطئة يا أمى , ولكن ... الأمر ليس كما تتصورين ,فأنا لا أتلاعب بعواطف أية فتاة مهما كانت.
انشرحت ملامح وجهها وهى تربت على ظهره بحنان ورقة قائلة بلهجة الناصح الأمين:
-حسنا ,ولكن احذر فوالدها لن يمرر هذه العلاقة ببساطة ... أنه ماذا أقول ؟ ليس من النوع المتخاذل بحق ابنته ,لن يهدأ حتى يبعدك عنها ... فالأفضل لكليكما أن تأخذا هذا القرار بمحض ارادتكما.
-لا أفهم ... هل تعنين أنه على علم بما يدور بيننا ؟
نظرت له بمكر وهى تقول بمغزى:
-ها قد اعترفت بنفسك ,هناك ما يدور فى الخفاء يا كريم.
-انصتى الىّ .. لم أكن أحاول اخفائه , فقط لمجرد أننا فى بداية العلاقة ... لم أشعر بهذه الأحاسيس من قبل ... كنت أراها يوميا دون أن أفكر بأى شئ سوى أنها سكرتيرتى التى تجتهد بعملها ولا استطيع الاستغناء عن مساعدتها لى ,صدقينى لم تتغير نظرتى لها الا بعد الحادث الذى صار لك ,وكأننى كنت معميّا عنها فرأيتها للمرة الأولى بمنظور مختلف تماما ,هناك دافعا لا أعرف كنهه يجعلنى أسعى لمعرفتها أكثر ...
-هل تعنى أنك تريد التودد اليها ؟
-لا يا ماما , مشاعرى أعمق من مجرد هذا ... وكأنها أميرة أحلامى ...
-أميرة أحلامك ! يا الهى ! كنت أظن أن الأمر لا يتعدى حدود الاعجاب بينكما ... هل تبادلك هديل هذه العواطف ؟
-ليتنى أعرف ,لست متأكدا بعد.
كان صوته يعكس حيرته وانعدام ثقته فعادت لتسأله من جديد بشكل مختلف:
-هل تحبها يا بنى ؟
-أحبها ؟ وما هو الحب ؟ أهى تلك المشاعر التى تتغلل فى أعماقنا لتكبلنا بالشخص الذى نحبه ,واذا كان هذا صحيحا فهل أضمن ألا تتغير هذه الأحاسيس بمرور الزمن ,أنك وأبى أكبر دليل على صدق كلامى ,فحتى هذا الحب الكبير الذى طالما سمعت الجميع يتحدث عنه تغيّر وتحوّل الى فتور وعداوة الى درجة أنه قد آثر أن يقترن بأخرى ؟ فما الذى يدعمنى لأرتبط بأية امرأة بحب أو زواج ؟ ربما تتغير مشاعرها هى الأخرى وتفضّل رجلا آخر.
تأوهت والدته هل يشعر ابنها بالضياع ؟ هل فقد ايمانه بوجود مشاعر الحب السامية بسبب انفصالها عن والده ؟ انه ليس فقط بحاجة الى يد حانية تربت على كتفه بل تؤازره وتأخذه الى بر الأمان ,قالت له على الرغم من آلام جراحها التى تأبى الالتئام:
-اسمعنى يا بنىّ ,ليس الجميع مثلى أنا وأبيك ,نحن نعد حالة منفردة بذاتها ,ربما حان الوقت لأشرح لك ما أخفيته عن الجميع ,انهيار علاقتى بوالدك لم تأتِ من فراغ ولا بين ليلة وضحاها ,ولم يكون هو المذنب الوحيد بالقضية فأنا أشاركه بالاثم ,ربما أحببته بشدة وكان هو فارسا لأحلام أية فتاة ولست أنا فقط ,ولكن الحي وحده لا يكفى لاستمرار العلاقة ,لا بد من وجود التفاهم والاحترام فلا غنى عنهما لانجاح الزواج.
-هل افتقرتما الى الاحترام المتبادل بينكما ؟ هل أهانك أبى ؟
هزت رأسها نفيا بقوة رافضة تحطيم صورة والده المثالية بنظره فقالت متلهفة لازالة سوء الفهم:
-كلا , لم أقصد هذا المعنى الذى توصلت اليه ,الذنب لم يكن من نصيبى هذه المرة ,فهذا خطأ جدك ... كنت أحب وجدى ولكنه هو من أجبرنى على الاقتران به حتى أنال نصيبى من ميراث أبى ,قالها صراحة : اذا أردت التمتع بحقك كاملا فلا بد وأن تصبحى واحدة من أسرتى ,عليك أن تتزوجى بابنى وحينها بصفتك كنّتى ستنالين كل ما تتوق له نفسك .
قال لها كريم بعدم تصديق وهو يردد بعنف:
-أتعنين أن جدى قد ابتزك للحصول على حقك الشرعى ؟
حاولت تهدئة انفعاله وهى تخشى عليه من أثر غضبه الأعمى فقالت بصبر وتأنٍ:
-ليس الأمر كما يبدو , فوالدى أيضا شارك من قبل بايذائنا أنا وأخى ,حينما تخلّى بارادته الحرة عن نصيبه بالميراث لأخيه الأكبر واكتفى بمصروف شهرى يحصل عليه بدون أن يبذل جهدا ,كنت أتعجب كثيرا حينما أعقد مقارنة بينه وبين عمى ,وأتساءل كيف اشتركا بالجينات الوراثية من أب واحد واختلفا كليا فى تكوينهما وتصرفاتهما ,لقد يئس أبى لدرجة أنه بات يطلب الموت كل يوم بعد وفاة أمى ,فزهد فى الحياة بما فيها ومن فيها على حد سواء ,لم يعد شغوفا بما يخصنا أنا وأخى الأصغر وترك أمر تربيتنا لزوجة عمى ... جدتك شريفة ,أننى أعتبرها بمثابة أمى الحقيقية فهى من تولّت رعايتنا ولم تفرّق بيننا وبين ابنائها ,
اذا بقيت بمنزل العائلة هنا فاكراما لها ولأجلك أنت.
-وما ذنب أبى فيما قام به جدى ؟
تساءل كريم وهو مصدوم فأصر على نكأ الجرح من جديد ,وأجابته هناء بتفهم:
-لم يكن مذنبا ولكننى بهذا الوقت كنت صغيرة السن عديمة الخبرة فأسأت التقدير ,نعم أخطأت بحق أبيك وبحق نفسى ,اعتقدت أننى بتدميرى لهذه الزيجة التى أرغمت على اتمامها بأننى أنتقم من عمى ,فى حين أننى انتقمت من شخص لم يجرم بحقى ولم يحاول حتى رد الاساءة ولو مرة واحدة ,كان أبوك نعم الرجال ... لن أعوّض حبه وحنانه مدى الحياة ولكننى أستحق هذا العقاب ... أنا أعترف لك بأننى المسؤولة عما وصل اليه حال زواجى ,وحين عدت الى رشدى كان الأوان قد فات ,تحوّلت مشاعره الى امرأة أخرى ... وجد لديها ما كان يفتقر اليه فى هذا المنزل ... الاستقرار والتفهم والمودة ,ولم أجد مفرا من الاعتراف بالهزيمة ... خسرت حبه وخسرته للأبد.
فى نهاية جملتها أجهشت بالبكاء تنتحب على مصيرها الذى صنعته بيديها ,معترفة بخطئها لعل الله يغفر لها ويتوب عليها ,فيما بقى كريم مذهولا بمكانه لا يعرف كيف يتصرف ويفكر : ما الذى يتعيّن عليه قوله فى هذه اللحظة الحرجة ؟
اندفع نحو أمه بجزء من الثانية ,لم يأخذ وقتا للتعمّق بالتفكير , تكفّلت غريزة البنوة بداخله باتخاذ القرار دون الرجوع الى عقله ,هى بأمس الحاجة لمن يتفهّم موقفها ويساندها بغض النظر عن صواب قرارها من عدمه ,وأخذ يضمها بين ذراعيه القويتين وهو يهدهدها كالطفل الصغير:
-كفى يا أمى ,بالله عليك لا تبكِ ,كفانا آلاما ودموعا , الماضى صفحة وانطوت الى الأبد ,وما نفع الندم بهذا الوقت ؟
-أيعنى هذا أنك لست ناقما علىّ يا كريم ؟ ألا تلومنى لحرمانك من حضن أبيك بينما كنت فى أشد الحاجة له ؟
-ومن أنا حتى أقف هنا لأنصب لك محاكمة ؟ أنت لست مجرد أم بالنسبة لى , أنتِ أمى وأبى والشخص الوحيد الذى يعنينى بهذه الحياة ,أتنفس عطرك وأحيا ببسمتك ... لا أريد للبسمة أن تفارق شفتيك بعد الآن ,ولا أريد أن نفتح صندوق الذكريات هذا مجددا ,فلينحصر تفكيرنا فى الحاضر فقط ,ولنخطط للمستقبل دون أن ننظر الى الخلف.
-هل يمكننا حقا أن نترك الماضى دون أن يلاحقنا ؟
اغتصب كريم بسمة على وجهه وقال مكرها:
-وماذا نملك سوى أن نحاول يا أمى ,لن يعيد العتاب ما دوّن فى الكتاب.
أشرق وجهها أملا وبهجة وقد هالها الأمر ... شبّ ولدها الوحيد وصار رجلا حكيما يٌعتمد عليه ,أنها تستند الى كتفه الآن دونما الآخرين ,وكانت هذه هى مكافأة صبرها ... وتضحيتها بسنوات عمرها ...
-فلنعد اذن لموضوعنا السابق يا كريم , ماذا تنوى بشأن هديل ؟
بدت ملامحه غامضة دون أن يأتى بأدنى خلجة تدل على ما يدور بذهنه ,وقال بثقة بالغة:
-لا تشغلى بالك بهذا الأمر ,فأنا لم أعد صغيرا وأستطيع تولّى أمر نفسى.
-لست قلقة بشأنك أنت يا حبيبى ,ولكن الفتاة ... أنها ابنة صلاح ولن أسمح لك باستغلال براءتها ...
-اطمئنى فلا أتمنى لها سوى الخير ,ولكن أخبرينى كيف عرفت بأمرنا ؟
تهرّبت هناء من نظرات عينيه المدققة وأطرقت برأسها تتأمل الأرض من تحتهما وأخيرا قالت معترفة:
-صلاح ... يعرف بأمركما وهو من فاتحنى بهذا الأمر.
-هل تعنين بأنك قد قابلتى هذا الرجل ؟ ماما واجهينى بالله عليك ,لا تتركيننى أتخبّط بحيرتى.
صاحت به منفعلة:
-نعم يا كريم , لقد رأيت صلاح وتحدثت اليه ...
-ماما ... لا أصدّق أنك فعلت هذا ...
-وما الذى فعلته ؟ لقد تقابلنا بمكان عام على مرأى ومسمع من الجميع ,كان قلقا على ابنته من جراء تصرفاتك الطائشة ...
قال لها مستهزئا:
-وهل كان يشكونى اليكِ ؟ كتلميذ صغير يتم استدعاء ولىّ أمره ...
أجابته معنّفة وهى تجذبه من ذراعه ليقف أمامها:
-نعم ألست أنا أمك ؟ وهل تظن لأنك قد أصبحت رجلا ألا أوجهك للصواب حينما أراك تقدم على الخطأ ؟
-ليس هذا هو لب الموضوع ,أننى لا أرتاح لهذه المسألة ... كيف تذهبين لمقابلة رجل غريب عنك ودون أن تعلمينى بالأمر ؟ وماذا لو رآك أحد من معارفنا وأخبر العائلة ؟
-لقد سبق وأخبرتك بما كان من لقائنا وأنا لا أخجل من تصرفاتى ومستعدة لمواجهة الجميع بمن فيهم العائلة الكريمة ,ثم اذا كنت معنيّا هكذا بأمرى وأنا على لقاء مع صديق قديم وأعرف تماما حدود اللياقة الأصول المتعارف عليها فماذا بخصوص تصرفك المتهور بمقابلة ابنته ومن وراء ظهره ؟ لقد أخبرنى بأنها أصبحت تتفنن فى اصطناع الكذبة تلو الأخرى بعد أن كانت مثالا يحتذى به فى الصدق والاستقامة ,وكل هذا بسببك أنت ,,, أنه لن يتوانَ عن الدفاع عن ابنته بشتى الطرق ,فالأفضل لكما أن تكفّا عن هذه اللقاءات فلن أسمح لا أنا ولا هو بأن يتطوّر الأمر عن هذا الحد ... أفهمت ؟
ضحك بأسى وهو يتشدق ساخرا:
-ولماذا تقفان فى طريق سعادتنا اذا اخترنا أنا وهى العكس ؟
-ماذا تقصد ؟
-أقصد يا أمى ما فهمته للتو وتصرّين على انكاره , ما العيب اذا أردت الزواج بها ؟
-لاااااااااا !
قالتها صائحة بعلو صوتها وهى مهتاجة لدرجة أنها قد ارتمت على أقرب مقعد لها بانهيار تام وشهقاتها تتلاحق فاضحة توترها الذى تفاقم الى درجة مزعجة فأخذ كريم يواجهها بنفاد صبر وهو يسألها بمرارة:
-ولمَ لا ؟
احتقن وجهها احمرارا وهى تقول بصوت تخنقه العبرات :
-لأن ... لأننى لن أسمح لك بأن تنبش الماضى حيث دفن وانتهى أمره , لن ترتبط عائلة الشرقاوى بعائلة السنهورى بأية صلات نسب ...لا يمكن.
لم تأخذه رأفة بحالها المزرى ولم يرحم ضعفها الواضح فواصل ضغطه على أعصابها بعنف صائحا:
-وما دخل الماضى بنا ؟ تكلمى يا أمى .... أخبرينى بالحقيقة ...
-حسنا أنت أردتها فلك ما تشاء ,لن يوافق صلاح على ارتباطك بابنته أبدا...
-لماذا ؟ ألم تقولى بأنه كان صديقا لأبى ؟ ألم تقولى بأنكما على معرفة سابقة ؟ لماذا يرفضنى صلاح زوجا لابنته ؟
-لأنك ابننا أنا ووجدى ,هذا هو السبب ... كيف يتحمّل أن تقترن ابنته بابنى ؟
ارتجف صوته وهو يسألها هذه المرة بخفوت:
-ما الذى يدفعه لرفض هذه الزيجة ؟ ماذا تخفين عنى أيضا ؟ هل لكِ علاقة برفضه ؟
-نعم يا بنى ,كان صلاح يحمل لى بعضا من المشاعر ... حينما كنا ...
لم تقدر على مواصلة اعترافها , فكيف تخبر ابنها وهو يفوقها طولا وحجما أنها كانت محبوبة من رجل آخر غير والده حتى ولو كان هذا قبل زواجها منه ,فغر كريم فاه بذهول وهو يقول بصوت كالفحيح مهددا:
-أكملى يا ... أمى العزيزة ... رجاءا لا تخجلى من قولها صراحة ... كان صلاح يحبك , أليس كذلك ؟
أشاحت بوجهها بعيدا وهى لا تجد بدا من الاعتراف وان كانت تعلم جيدا الثمن الذى ستدفعه غاليا جراء ظهور الحقيقة التى ينشدها ابنها فقالت ببطء:
-كان يود الارتباط بى ولكننى رفضت.
-وهل كان أبى على علم بهذا , أم أنك قد أخفيتِ الأمر عنه ؟
-أنك تقلب الحقائق .. تجعل الأمر يبدو كما لو أننى قد تلاعبت بأبيك.
تمسّك كريم باصرار على اتهامها بأقذع التهم وهو يقول متنمرا:
-ألم تفعلى هذا متعمدة ؟ هل كنت السبب فى الوقيعة بين الصديقين ؟ أم أنك قد فضلّت أن تختارى أبى حتى تحصلى على الثروة التى تكفل لكِ البقاء فى هذا النعيم ؟
وأشار بيديه الى ما يحيط بهما من مظاهر الثراء الفاحش ثم أكمل طعنه القاتل بلهجة مزدرية:
-ولكن أخبرينى من منهما كنتِ تحبينه ؟ أو بطريقة أخرى من كنت تفضلينه حقا زوجا لكِ ؟
-اخرس ! لا تحادثنى بهذه الطريقة الوقحة فأنا والدتك.
ورفعت سبابتها محذرة فى وجهه بعد أن شعرت بالمهانة من اتهامه لها , بدا عليه أنه لم يسمعها فأخذ يدور حولها كالصيّاد الذى يتحيّن الفرصة من أجل قنص فريسته الحبيسة وقال بشماتة:
-يبدو أن أبى قد عرف بالحقيقة أليس كذلك ؟ ألهذا السبب قرر الارتباط بامرأة أخرى مخلصة ؟
هوت صفعتها على وجهه بقوة ,فأخذ ينظر لها بذهول ثابتا بمكانه لا يتزحزح وهى تهتف به غير مصدقة:
-اخرس ! لا أريد أن اسمع صوتك , يا ليتنى ما أنجبتك ويا ليتنى ما عشت لهذا اليوم ,لكم أتمنى لو مت واندفنت قبل أن أراك تتهمنى بعدم الوفاء ... أتصدق عن أمك شئ كهذا ؟
بينما أصابعه تتلمس وجنته المشتعلة بفعل ضربتها قال متخاذلا:
-لقد اعترفت أنت بالحقيقة ... كان صلاح هذا يرغب بكِ وقد نال أبى ما كان يسعى اليه ,فما هو موقفك أنت من كل هذا ؟
كانت هناء ما تزال مصدومة مما قاله ابنها ومما فعلته هى فأخذت ترغى وتزبد:
-ما هى الحقيقة , أتريد أن تعرفها ؟ حسنا يا بطل اليك ما حدث وعلى لسانى أنا الوحيدة التى تملك كافة الاجوبة عن أسئلتك ... نعم لو عاد بى الزمن الى الوراء ما كنت رفضت صلاح ... كنت رضيت بالزواج منه ,على الأقل كنت سأعيش فى هدوء وراحة بال ,لم أكن لأعانى وأتعذب كما كان حالى فى هذا البيت , أتراه النعيم كما تتخيّل ؟ لا والله كان أشبه بالجحيم ,مجرد سجن بلا قضبان ,روحى حبيسة جوانبه مقيّدة بأغلال من حرير ,رضيت بالذل والهوان ونظرات الشفقة والحسرة على حالى ,مجرد امرأة منبوذة وحيدة هجرها زوجها من أجل واحدة أخرى أصغر سنا و... أنا التى عرّفته عليها ,كنت همزة الوصل بينهما دون أن أدرى ,بيدى سلمته اليها دون أن أنتبه لما يدور فى السر ,حتى فاجأنى ذات يوم بزواجه منها ... لم يدرِ ماذا صنع بى وهو يخيّرنى ببرود ما بين الموافقة على الجمع بينى وبينها أو تسريحى باحسان , هه وأى احسان هذا ؟ لم أعد أشكّل فارقا فى حياته مجرد خيال باهت لأننى والدة ابنه ,وابنة عمه قبل أن أكون زوجته وحبيبته السابقة ,هل تعرف كيف ذبحنى بنصل سكين بارد ؟ نعم يا كريم ,لو عاد بى الزمن للوراء ما تزوجت بأبيك ,ومستعدة لأكررها للمرة العاشرة ... حياتى مع صلاح كانت لتصبح مختلفة عما أنا فيه ,على الأقل كنت سأحيا بروحى ولو كانت مجرد عيشة بسيطة بدون هذه الرفاهية التى تمنّ بها علىّ ,ما فائدة المال بلا آمال ؟
-يا لقسوة الحياة ّ! لماذا تصر بعناد على تحطيم كل الذكريات الحلوة المتبقية ؟ اذن فلكِ ما أردتِ فى السابق ... لقد مات الرجل الذى كان يمثّل عقبة بينكما , هيا اذهبى لتتزوجيه , هيا يا أمى , افعلى ما شئتِ ... فلم يعد مهما أبدا ...
قالها وابتعد مهرولا دون أن يلتفت الى صياح المرأة خلفه وهى تحاول اللحاق به :
-لاااا كريم , انتظر يا بنىّ , لم أقص عليك ما حدث حتى أصبح قادرة على الزواج به ... كريم , كريم , أنت كل ما يهمنى ... كريم.
وتعثّرت بحافة البساط السميك الذى يغطّى الرواق فسقطت والتوى كاحلها تحت ثقل جسدها , صرخت من شدة ألمها النفسى قبل الجسمانى ,وقد توارى طيف ابنها تماما بعد أن طوى درجات السلم مسرعا وسمعت بوضوح صوت باب الفيلا وهو يرتطم بقوة محدثا رجة واضحة وصوتا مجلجلا.
-ماذا هناك ؟ هنااء ... ما الذى حدث لكِ ؟
كان صوت عادل يتناهى الى أذنيها قبل أن يتثاقل جفنيها بفعل الدوار الذى اصابها وهى تحاول أن تصارع غيبوبتها بصوت متألم خافت:
-كريم ... الحق به أرجوك , لا .... تتركه.
-منى , منى , تعالى فورا.
نادى على زوجته بصوت مرتفع وهو يقوم بمحاولة لافاقة زوجة أخيه وهو يربت بخفة على خديها بدون فائدة فقد غابت بظلام سحيق ,ولحقت منى بزوجها وهى تشهق مصدومة مما تراه فصاحت بدورها:
-ماذا حلّ بهناء ؟ ولماذا كانت تصرخ باسم كريم ؟
- ليس هذا وقت الاسئلة ,هيا يا منى تعالى ساعدينى لنحملها الى غرفتها , يبدو أنها قد سقطت وغابت عن الوعى.
أطاعته زوجته بدون نقاش وقد راعها شحوب وجه هناء وأسرعت نحو قدمها تحاول تعديل وضعها حتى لا تصاب بكسور بليغة ,وقامت بمساعدة عادل حتى يحملها بين ذراعيه بسهولة , وكان على تقدّم عمره قويا ذا جسد عضلىّ فهو ما زال محتفظا بلياقة الشباب , وقد سارت ورائه زوجته تدعو الله أن يسترهم ويفرّج كروبهم.


************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 11-11-18, 03:03 AM   المشاركة رقم: 120
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

ذهبت أميرة الى لقاء زميلتها السابقة بالعمل ليلى فى مكانهما المعتاد منذ أن كانتا تختطفان الدقائق القليلة المخصصة لفترة الراحة لتنعما باحتساء مشروبا باردا فى أيام الصيف الشديدة الحرارة ,وكلها ترقب ولهفة لسماع أخبار صديقتها فقد اشتاقت لرفقتها وهى التى حرمت من وجود أقارب أو أصدقاء لها طوال عمرها ,كانت باختصار وحيدة ... بكل ما فى الكلمة من معانٍ ... حتى بعد معرفتها لحقيقة نسبها وبقائها الى جانب أمها ( الجديدة ) فلم تفلح فى أن تنسيها وحدتها ,فرفيق مشغول للغاية هذه الأيام حتى أنه تكاسل عن اتمام عقد قرانهما الجديد وصار يؤجله يوما بعد يوم ,هى تعلم بأنه لديه العذر وعليها أن تتفهم وضعه ومركزه فى العائلة باعتباره أكبر أحفاد الشرقاوى سنا وادراته للشركة الكبرى التى تضم معظم ثروة العائلة اضافة الى اشرافه على سير بقية الأعمال الأخرى ,ما أدركته أن عمها محمد ينوى التقاعد قريبا مفسحا المجال للجيل الثالث من العائلة حتى يقوموا بدورهم بعد أن أدّى واجبه على أكمل وجه ,اتسعت ابتسامتها حينما تذكرت كيف كان يحيط زوجته برعايته واهتمامه البالغين وقد أطلّت من أعينهما نظرات الحب والشغف الذى لم يخبُ بمرور الوقت وانما ازداد اتقادا ,تساءلت هل ستكون هى ورفيق نسخة مكررة من هذا الثنائى العاشق ,ينمو حبهما وتتوطد الصلة بينهما كلما مر بهما الزمن ,تتوق نفسها بشوق الى أن تحمل بذرة رفيق بداخلها ترويها بروحها حتى تكبر....
-مرحبا أميرة , ما بالك تسيرين شاردة بلا هدى ؟
استفاقت من أحلامها الوردية على صوت صاحبتها التى تألقت باشراق وأناقة فائقتين كما أن عيناها تلتمعان ببريق غريب وكأنها ترى ليلى للمرة الأولى فأسرعت تجلس الى جوارها بعد أن احتضنتها وقبّلت خديها لتجيبها بمرح:
-أوحشتنى يا ليلى , أوحشتنى كثيرا
-لو كان هذا صحيحا , كنت سألت عن صديقتك الحميمة ولو مرة واحدة طوال هذه الفترة الطويلة ... أم أن صاحب العينين الرماديتين قد استأثر بكامل اهتمامك ؟
كانت ليلى تمازحها بخصوص رفيق ولكنها شعرت بانقباض مفاجئ لم تعرف سببه ,فتلاشت ابتسامتها سريعا وحل محلها عبوس قاتم ,ثم حاولت مجددا أن تستجمع قواها لتفاتح صديقتها بما يقض مضجعها قائلة بصوت متردد:
-اسمعينى جيدا يا ليلى ,ما أريد محادثتك بشأنه الآن موضوع شخصى للغاية ويتعلق باكتمال سعادتى, ولا أريد أن يعرف أى مخلوق به ,وخاصة أننى الآن امرأة متزوجة ,وليس زواجى عاديا , أنت تعرفين ... ارتباطى برفيق سابقا ,,, وعودتنا ... أعنى أنها ما زالت محفوفة بالمخاطر...
قطبت ليلى جبينها وهى تشعر باحباط أميرة متجليّا فى صوتها ونظرات عينيها فاندفعت تواسيها باخلاص قائلة:
-لا تشغلى بالك حبيبتى , سرك فى بئر عميق بلا قرار ,ولكننى لا أفهم ما الذى يجعلك متوترة وقلقة الى هذا الحد ,رفيق وقد زال بينكما سوء التفاهم وعدتما سويا ,وأمك ... وقد أصبحتى بجانبها ليلا نهارا لا يفرقكما أحد ,فما الذى ينقصك لتنعمى بالسعادة ؟
قالت أميرة بثقة تامة:
-جاسر ... حينما كنا ... أنت تعرفين طبعا قصتنا القديمة ,لماذا تخلّى عنّى ببساطة وسهولة وأصبح يتجاهل وجودى فجأة ويتعامل معى بمنتهى البرود ,على الرغم من أن هذا يتعارض تماما مع طبيعته المرهفة الحساسة ,هل تعرفين سر هذا التغيّر الذى أصابه بدون سابق انذار ؟
كانت ليلى تنصت لها باهتمام مقيّمة لملامح وجهها الشاحبة وقد ظهرت الهالات السوداء تحت عينيها دليلا دامغا على الارهاق الذى تعانى منه ,فتراجعت قليلا بمقعدها وقد عدّلت من تنورتها القصيرة لتغطّى ركبتيها فى اشارة الى ارتباكها ثم قالت بصراحة تامة:
-لماذا تنبشين فى الماضى ؟ دعيه يمضى الى حال سبيله فكلاكما قد تغيّرت أحواله وتبدّلت تماما ,ما نفع أن تعرفى الحقيقة وقد أدركتِ أنك زوجة لرجل آخر .. ماذا أقول عنه ... رجل رائع تتمنّاه كل فتاة ,ألا يكفيكِ هذا ؟
-لا تسيئى فهمى وتأخذى فضولى على محمل آخر ,أنا طبعا غير مهتمة بجاسر أو غيره ,أقصد أننى لا أفكر فى رجل سوى زوجى فهو يحتل كل كيانى ,ولكن هذه النقطة ما زالت غامضة بالنسبة لى حتى بعد استعادتى لذاكرتى كاملة ,آآآآآه أشعر بقلبى ينقبض كلما تذكرت طريقته فى الابتعاد عن طريقى ... ألا يعنى لكِ ما أقوله شيئا ؟
تظاهرت ليلى بعدم الفهم متعمدة فهى أكثر واحدة تملك التفسير الذى ربما سوف يشبع فضولها النهم ولكن ... هل سترتاح بعد المعرفة ؟ أم ستبدأ فى البحث مجددا عن المزيد من الأسباب والتفسيرات.
-أنا بالتأكيد أشفق عليكِ من مسار أفكارك التى لن تؤدى بكِ الى خير أبدا ,هل تصدقيننى لو أخبرتك أننى سابقا قد تعرّضت لذات الموقف مثلك ,وسعيت لمعرفة الأسباب التى جعلته يهجرنى فجأة بعد قصة عشق وهيام فاقت كل القصص الخيالية التى نقرأها ,لكننى أدركت الآن أنه لا جدوى من محاولة اجترار الذكرى المريرة ,وقررت أن أحيا من جديد بدون أن أنظر خلفى ولم أندم حتى وقتنا هذا على قرارى.
-أتذكر أنكِ قد أخبرتنى من قبل عن قصة حبك القديم لشاب ثرى من عائلة معروفة ... ولكنكِ لم تقصّى علىّ كافة التفاصيل , فقط مجرد بضعة كلمات متناثرة هنا وهناك ... أحببته وكان دنياى , ثم افترقنا ... ولم أعد أراه ... هذا هو كل ما أعرفه.
ترقرقت العبرات بعينى ليلى وهى تستعيد ذكرياتها الحلوة مع سيف ... قبل أن يفاجئها بقطع صلته بها لأنها فتاة انتهازية لا تليق به ,ولم يفسح لها مجالا لتسأل ... أو تفهم .. نطق كلمة ( وداعا ) وانطلق فى طريقه بدون تردد ,بينما هى تتمزّق بلوعة الفراق ,وحينها قررت أن تمضى بحياتها دون أن تسمح لأى رجل بعده أن يمس شغاف قلبها ,تراهم فقط مجرد وسيلة للحصول على مبتغاها ... تريد أن تقترن برجل فاحش الثراء ليكفل لها كافة تطلعاتها ... لن تقع فريسة لمشاعر الحب ثانية.
-لهذا أنا أعطيكِ خلاصة خبرتى بهذه التجربة لا تفتحى بابا سبق وقد أغلقته بل أوصديه بمئة مفتاح ,هذه نصيحة من صديقة مخلصة.
-ربما تكونين محقة ,ولكن ما باليد حيلة ... فلتخلصيننى من هذا الهم الكامن على صدرى ,هل تعرفين ما حدث وقتها ؟
لم تستطع ليلى أن تنكر معرفتها بالحقيقة عن صديقتها ,عضّت بقوة على شفتيها مترددة بأن تبوح بالسر الذى ائتمنها عليه جاسر وفكّرت : هل هى بذلك تخون ثقته بها ؟ وعادت لتقنع نفسها بأنها لا بد وأن تعرف ذات يوم ما الذى أدّى بهما الى مثل هذه النهاية .
قررت بعد صراع طويل مع ضميرها الذى لم يفتأ يؤنبها بين حين وآخر أن تكتم صوته لتقول بصراحة مطلقة:
-الحقيقة ببساطة أن جاسر قد عرف وقتها بأنكِ متزوجة ولهذا السبب ابتعد عنكِ بهذه الطريقة الجافة ...
شهقت أميرة من صدمتها ... وغطّت فمها بيدها تحاول أن تمنع ارتجافة شفتيها تتنازعها شتى المشاعر من خجل وضيق ,ثم قالت بعدم تصديق:
-وكيف نما الى علمه أمر كهذا اذا كنت أنا شخصيا فاقدة للذاكرة ولم أعرف به الا منذ فترة بسيطة ؟
أطرقت ليلى بنظرها الى الأرض وحاولت أن تتشاغل عن النظرة الملحة فى عينى صديقتها تطالبها بالمزيد من التفسير فقالت أميرة تستحثها على الكلام:
-ليلى ... أنتِ تخفين عنى شيئا ... أفهمك من نظرة واحدة .... هاتِ كل ما بجعبتك ...
تنهدت الفتاة وهى تتطلّع الى ساعتها الذهبية التى تزين معصمها فى عصبية وغمغمت:
-هناك من أخبره بهذا الأمر ,,, بل وأطلعه على وثيقة الزواج ...
-من هو ؟
-ومن يكون سوى زوجك !
-رفيق !
-نعم.
-لا أدصّق أنه قام بذلك , يا له من رجل !
-ألست متضايقة ؟
-ولمِ ؟ من البديهى أن يدافع الرجل عن امرأته اذا حاول شخص آخر أن يحظى بها من وراء ظهره ,ما أتعجب منه هو كيف تجشم هذه المشقة لمجرد أن يحافظ علىّ ويحمينى دون أى مقابل يجنيه.
-كلمة السر هى الحب , أليس كذلك ؟
تعالت ضحكاتهما سويا كالأيام الخوالى وقت أن كانت البهجة ذات ثمن زهيد ثم استعادت أميرة رزانتها وقالت متأثرة:
-لا يمكن أن اصف لكِ مدى انسجامنا وتناغمنا معا , أنا حسنة الحظ لدرجة كبيرة باقترانى برفيق.
-مسكين يا جاسر !
وتصنّعت ليلى مشاعر الأسى على وجهها بينما نهرتها رفيقتها برقة وهى تقول محذرة:
-دعينا من هذا الحديث الذى لا طائل من ورائه ,واحكى لى كل شئ عمّا يدور بحياتك ,اذا لم أكن أبالغ لقلت بأنكِ قد وصلتِ الى غاية آمالك , صوتك بالهاتف أخبرنى بما تحاولين كتمانه.
فاض وجهها اشراقا وحيوية وهى تزّف الى صديقتها الخبر السعيد قائلة بسرور:
-يمكنكِ باختصار أن تباركِ لى ... فأنا على وشك أن أتزوج.
-هل تتحدثين جديا يا ليلى ؟ ألف مبارك لكِ يا حبيبتى .
واحتضنتها بألفة ومودة والقبلات تنهمر على خديها فيما اعتدلت أميرة وهى تغمزها بعين واحدة قائلة بخبث:
-ومن هو سعيد الحظ ؟ أهو عميل ثرى ممن يترددون على المكتب ؟
هزّت ليلى رأسها نفيا ولمعت عيناها ببريق الحب وهى تجيب ببساطة:
-ليس عميلا ولا ثريا , أنه شخص أنت تعرفينه حق المعرفة.
-أنا ؟ هل أعرفه حقا ؟
-أنه يعمل بذات المكتب معنا.
-لا تقولى ... جاسر ؟
شعرت ليلى بالذهول لوهلة وقامت يتصحيح الخطأ الجسيم بقولها:
- ليس هو , أننى أقصد خالد.
وران عليهما الصمت.

**********

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لؤلؤة, العواصف, تائهة
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:25 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية