لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-11-18, 07:18 PM   المشاركة رقم: 106
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

الفصل الثالث والعشرون



-أين كنت يا ريم ؟
استقبلتها أمها مقطبة حاجبيها تترصد التغيرات التى طرأت على حياة ابنتها وجعلتها تتغيّب كثيرا خارج المنزل ,فى البداية ظنّت أنها تروّح عن نفسها مع بعض صديقاتها الا أن شرودها الدائم وتفضيلها البقاء وحيدة بغرفتها على صحبتهم أثار القلق بنفسها ,فأرادت أن تقطع عليها السبيل باستجوابها الغاضب الذى أشعر ريم بالتربص للقادم وهى تجيبها بمرح فيما اقتربت من أمها تحتضنها بسعادة وتطبع قبلة على راحة يدها:
-ألا يوجد حمدا لله على السلامة أولا ؟ ألم تفتقديننى يا ست الكل ؟
-لقد سألتك أين كنت يا ريم ؟ هل من جواب على سؤالى ؟
-ما هذه الطريقة الغريبة فى معاملتى يا أمى ؟ لقد كنت بالخارج , فى نزهة مع أصدقاء لى.
-أعرف فلدىّ عينان كما ترين ,كما أملك عقلا ما زال يعمل بكفاءة لأرى أنك قد أصبحتِ كثيرة التردد على النزهات ... مع .... أصدقائك.
لم يغب عن ريم أسلوب أمها حين تلفظت بكلمة أصدقائك ,وكان واضحا أنها قد انتظرتها منذ فترة ليست بقصيرة لتفتح معها موضوعا للنقاش ,وها قد أصبحت أسيرة لنظرات عينيها اللائمتين بعتاب ودىّ ,ابتلعت ريقها بصعوبة وقد تملكتها رغبة فى المصارحة والبوح بمكنونات صدرها ,ومن لديها تأتمنه على اسرارها سوى والدتها الحبيبة المتفهة لطبيعتها دائما ,واصلت سوسن الضغط على ابنتها ولكن بطريقة أكثر لينا فقالت متأثرة:
-أرى أنك تخفين عنى الكثير.
-ماذا أخفيه عنك ِ؟
-من هم أصدقاؤك هؤلاء ؟ ولماذا لا تعرفيننى عليهم ؟ أهم زملاء الدراسة القدامى ؟
ارتمت ريم على الأريكة الوثيرة بجوار والدتها وهى ترمى بحقيبتها باستهتار أثار انزعاج سوسن على المنضدة الرخامية وهى تجيبها بصوت حالم منخفض وكأنها بعالم آخر:
-ليسوا زملاء دراسة.
دققت سوسن النظر اليها فى انتظار تصريح أكثر شفافية وحين طالت الدقائق صاحت بابنتها مؤنبة:
-ريم , أننى أحدثك يا بنتى ,فيمَ شرودك ؟
فزعت ريم وسارعت تخفى نظرات عينيها حتى لا ينفضح أمرها فقد كانت شفافة الى درجة لا يصدقها عقل ,وخمنت بأن أمها قد تشككت بأمرها ,فاقتربت ببطء من أذنيها وهى توشوشها بصوت خفيض :
-الحقيقة يا أمى ,أننى تعرّفت على شاب و...
بترت عبارتها بغته فى انتظار ثورة أمها بيد أن الأمر مر بسلام ووالدتها تتابع اعترافها بشغف وترقب ,فلما وجدتها صامتة قالت تستحثها برفق:
-ها .. أكملى , من هو هذا الشاب ؟
وكأن الأمر عاديا ,تعجبت ريم من تصرف أمها وقد ظنت بأن الحرائق ستشتعل فى المنزل ولن تخمد نيرانها أبدا فاستطردت بتقرير:
-لا شئ , كان مجرد تعرف على النت تحدثنا كثيرا فقد كنت أشعر بالملل من وحدتى ,وبعد فترة فوجئت به يطلب مقابلتى ,فى البداية كنت مترددة وحسمت أمرى بعدها لأوافق على رؤيته ... ماما , هل أنت بخير ؟
لما وجدتها منصتة لها باهتمام عميق دون أن تحاول مقاطعتها ظنت أنها مصدومة فلا تستطيع التحدث ,تنهدت سوسن بملل وهى تبتسم بتلقائية فى وجه ابنتها العابس وقالت بهدوء:
-أنا بخير , ويبدو أن ابنتى قد شبت فجأة فى غفلة من الزمن وصار لديها معجب غامض ,أكملى حكايته فقد بدأت أشعر بفضول رهيب لمعرفة من هو هذا الشاب الذى شغل تفكير صغيرتى .
أراحتها لهجة أمها الناعمة فبدأت تروى لها القصة بتفاصيلها الدقيقة دون أن تغفل أية لمحة صغيرة انتهاءا بمقابلتها الأخيرة له.
-وما هو شعورك نحوه يا حبيبتى ؟ أعنى هل تحبينه ؟
فوجئت الفتاة بتقبل أمها لهذه العلاقة فأخذت تحاورها صراحة فى تفاصيل مشاعرها نحو جاسر وبدأت تقول بتردد لا تدرى مصدره:
-هكذا مرة واحدة يا ماما ,لا أعرف حقيقة فمشاعرى نحوه غير محددة ,أشعر بانجذاب عميق نحوه ,يأسرنى بحديثه الممتع ,وشخصيته الجادة وثقته بالنفس ,أشعر بأشياء كثيرة نتشارك فيها ,ولكننى ..
-ولكنك ماذا ؟ ألا تثقين بمشاعره نحوك ؟
-أحيانا يبدو لى مهتما للغاية بكل ما يخصنى ,يدللنى بطريقة لا أجرؤ معها على انكار العلاقة المتينة التى جمعتنا فى وقت بسيط ,وفى أحيان أخرى اشعر بقلق تجاه تصرفاته فيبدو وكانه يحاول اخفاء شئ ما ,كأنه صراع بينه وبين نفسه ... أنا لست متأكدة مما بيننا.
ربتت الأم على كتف ابنتها بحنان مشجعة بحزم:
-انصتى الىّ يا بنيتى ,لقد أحسنت تربيتك أنت وأخيك ,وأفنيت عمرى من أجلكما ,وفى ذات الوقت أعرف أنه لا بد سيجئ اليوم الذى تتفتح فيه مشاعر حب بريئة من ناحيتك طبعا تجاه شخص ما ,مهما حاولنا ايهام أنفسنا بأن أبناءنا ما زالوا صغارا ,فهم يكبرون وسريعا نكتشف أننا توقفنا بالزمن فى مكان بعيد ,أنا لست ضد هذه المشاعر ,فلا يسعدنى أكثر من أن أراك عروسا جميلة الى جوار زوج مناسب يحبك ويرعاكِ ,الا أننى أرى أن تتروي بعض الشئ حتى تتعرفى عليه بصورة أفضل وأكثر عمقا ,فالارتباط ليس لعبة نتسلى بها ,أفهمتِ ؟
شهقت ريم متعجبة وهى تهتف:
-ومن تحدث عن الارتباط ؟ لم أقل أنه يريد خطبتى ؟
اتسعت ابتسامة سوسن وهى تقول بلهجة خبيرة:
-أنا أفوقك عمرا يا ابنتى ,وقلبى يحدثنى أن جاسر هذا سوف يفاتحك قريبا بأمر الزواج , الأهم هو قرارك أنت ,احذرى التسرّع فى اتخاذه, كما أنه لا بد من استشارة أبيك ورفيق طبعا فى الأمر.
-ماما ! ايّاك أن تخبريهما !
-اهدأى يا حبيبتى , ليس الآن بالطبع ,حينما يفاتحك الرجل أولا بهذا الشأن ,وحينها لكل حادث مقال.
-نعم أنت محقة.
-لن أعاتبك فى هذه اللحظة على اخفائك هذا الأمر عنى ,ولكن لا تعيدى الكرة مرة ثانية ,واذا كنت ذاهبة للقائه فعليك استئذانى أنا أولا ,هل أوضحت لك كلامى ؟
-نعم , يا أمى , أنا آسفة ,بالتأكيد كنت سأخبرك ,فى الوقت المناسب.
وشعرت ريم بأن هما ثقيلا قد انزاح عن كاهلها ,فهى على الأقل تتشارك السر مع أمها , السيدة الأمينة المتعقلة والتى تمتلك ذهنا متفتحا وبصيرة أقدر منها هى عديمة الخبرة.


*****************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 08-11-18, 07:22 PM   المشاركة رقم: 107
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

-لا تشغلى بالك ,سأكون حاضرة لديك فى غضون دقائق ,الى اللقاء.
أنهت هديل مكالمتها الهاتفية التى قطعت عليهما الانسجام التام فى جلستهما البسيطة ,بينما تتابعها نظرات كريم المدققة وهو يعبث بذقنه مفكرا ,لتبادله هى النظرات شاعرة بالأسى لانتهاء هذه الدقائق الثمينة من عمرها فقالت بصوت مرتجف:
-أعتذر بشدة منك ولكن علىّ أن أرحل الآن.
لم يصدق كريم ما سمعه بأذنيه وظن أنه يحلم فلم يصادفه فى أى من المرات القليلة التى خرج بصحبة فتاة أن تقوم هى باتخاذ قرار الرحيل ,أيعقل أنها قد شعرت بالملل من صحبته ؟ هو يدرك أنه لم يكن يوما شخصا لطيفا جدا ,بل يتسم بالصرامة والقسوة أحيانا فى تصرفاته ,هل أساء تفسير رؤيته للفرح يتقافز فى عينيها الجميلتين حينما دعاها الى الغداء ؟ هل تتلاعب به هذه الفتاة الغريبة ؟ كان ما يزال مصدوما وهو يسألها عابسا:
-لماذا تتعجلين الرحيل ؟ فنحن لم نطلب التحلية بعد ؟
استقامت برشاقة لتمهد لانصرافها وهى تشكره بأدب مبالغ فيه:
-أنا آسفة ,علىّ الذهاب ,لا تجبر نفسك على الحرمان من التحلية ,يمكنك البقاء كيفما شئت.
أمسك بمرفقها وهو ما زال جالسا على مقعده وأجبرها على الجلوس مرة أخرى مهددا وهو يكز على أسنانه غاضبا:
-انتظرى يا مجنونة ,سوف أدفع الحساب وننصرف سويا.
آلمتها قبضته المكبّلة فى عنف حتى بعد أن انسحب بعيدا عنها ,ظلت تعانى من الوجع ففركت ذراعها بقوة بينما أشار هو للنادل فهرول اليه مسرعا ليتناول منه الأوراق المالية التى وشت باكرامية سخية ,فلا عجب أنه يتمتع بمثل هذه المعاملة الخاصة أينما ذهب ,هذا ما يفرضه المال مع السلطة وقوة الشخصية.
أشار لها بأن تتبعه منصرفا دون أن يهتم بمراعاة قواعد اللياقة هذه الآونة فى معاملتها ,يبدو أنه قد أساء تفسير رغبتها بالرحيل ,لو فقط تستطيع أن تمحو تلك النظرة القاتلة التى تشع من عينيه الحادتين.
تبعته وهى مطأطئة الرأس لا تعرف كيف تتعامل مع غضبه السريع ,لقد أفسدت يوما بدا لها رائعا وكانت ذكراه ستبقى حيّة حتى ولو بعد عشرات الأعوام ,بعد أن اعتلت مقعدها الى جواره ,حاولت أن تلفت انتباهه باشارة من يديها فلم يعيرها أدنى انتباه ,حاولت أن تتغلب على الصمت المطبق عليهما بطريقة خانقة ,فتنحنحت مترددة وقالت:
-كريم ... كريم.
كانت الاشارة قد تحولت فى هذه اللحظة الى اللون الأحمر فتوقف بغتة بعد أن أثاره ندائها الملح فالتفت اليها معاتبا وهو يصرخ:
-ماذا هناك يا هديل ؟
-أردت أن ألفت انتباهك الى أن هذا الطريق الذى تسلكه خاطئ.
-نعم ؟ لا أفهمك , أليس هذا هو طريق منزلك ؟ هل انتقلتِ الى مسكن آخر ؟
-لا لم أنتقل الى مسكن آخر ,,, ولكننى ... لن أعود الى المنزل.
-لماذا ؟
-علىّ الذهاب الى ... مكان .. أعنى لدىّ موعد هام.
-موعد ؟
فجأة تحولت الاشارة الى اللون الأخضر وهو غافل عما حوله وقد صارت ملامحه متوحشة يحاول كبح جماح غضبه الذى أشعلته هذه الحمقاء باعترافها اللا مبالى ... هل تجرؤ على اخباره عن مواعيدها الغرامية وهى التى كانت برفقته منذ قليل ,فانفجر هادرا:
-موعد مع من ؟ لا يمكن أن تكونى جادة , أتتنقلين من رجل الى آخر بهذه البساطة ؟ وفى نفس اليوم ؟ على الأقل اتركى لنفسك مساحة من الوقت لالتقاط أنفاسك.
تضايقت من هجومه المفزع ,وكادت أن تبرر له موقفها فاستوقفتها لتهاماته الباطلة بأنها تنتقل من شخص الى آخر ,لقد نال من كبريائها وكرامتها فتحوّلت الفتاة الوديعة كالحمل الى قطة شرسة تدفع بمخالبها فى وجهه فبدأت تجابهه بينما أبواق السيارات خلفه تعوى باعتراض على توقفه ,فانطلق بسيارته تتبعه لعنات السائقين المتبرمة ,فيما هديل تندفع معترضة بحدة:
-كيف تجرؤ على مثل هذا القول الوضيع ؟ ثم بأى حق لديك تحاسبنى على أفعالى , أنا حرة.
-لا لست حرة , فأنت الآن فى حمايتى ولن أسمح لكِ بهذه التصرفات المستهترة , لا أصدق أنك تحتفظين خلف قناع البراءة المزيفة بمثل هذا الوجه البشع.
-من فضلك , لا تتوسع فى اهاناتك أكثر من ذلك ,فأنت مخطئ جدا فى تفكيرك ,لقد سارعت الى الاستنتاج بأننى على موعد مع رجل ,دون أن تنتظر تفسيرى ,اطمئن يا سيد كريم فأنا ذاهبة الى بيت صديقتى .. مها ... أنك تعرفها فهى سكرتيرة ابن عمك.
دونا عن ارادتها بدأت العبرات تنساب على خديها بصمت وهى تحاول كبتها دون جدوى ,ولم تطاوعها يديها لتمسحها خشية أن تلفت انتباه الرجل الى جانبها فيتمادى الشعور بالاذلال ,فاجأها بأن التقط منديلا ورقيا من علبة أمامه وأخذ يمسح دموعها المتساقطة برفق ولين ,وبدا على وجهه أمارات الندم والتردد فقال بوجوم:
-أعتذر منك يا هديل , على تسرعى وانفعالى الغير منطقى , لا أدرى حقا ما الذى أصابنى ,أعتقد أننى كنت على حافة الجنون حينما اعتقدت أنك على موعد مع رجل غيرى ولست أفهم كيف توصلت الى هذا الاستنتاج الغبىّ.
لا تدرى لمَ وصفه لتفكيره بالغباء جعلها تضحك منه فهذه هى المرة الأولى منذ عملت معه تراه يعترف بالتقصير ,بل وينطق بكلمة اعتذار ,, لها دونا عن الفتيات جميعهن .
-هل راق لك ما قلته لهذا الحد ؟
حاولت أن تتصنع الغضب مشيحة بوجهها الى الناحية الأخرى وهى تقول بتمرد ملحوظ:
-لا , فكلامك جارح للغاية حتى بحق نفسك.
-هل أفهم أنك قد سامحتنى اذن ؟
-وهل يهمك الحصول على الغفران ؟
أجابها بلا تردد هذه المرة:
-طبعا ,سوف أعوّض عن خطئى الفظيع بأن أنفذ لك ما ترغبين به فى هذه اللحظة.
كاد لسانها أن ينفلت بأمنيتها الغالية ... كادت أن تخبره بأنها ترغب فى البقاء معه الى نهاية العمر ,هو وحده فقط ,تسارع ذهنها للعمل لتجيبه بمنطقية:
-حسنا ,أريد أن أذهب لبيت مها.
-تحت أمرك يا سيدتى ,فقط أعطنى العنوان وفى غضون دقائق تصبحين هناك.
تغلبت عليها الابتسامة الصادقة النابعة من القلب وكيف تستطيع البقاء غاضبة من هذا الرجل الذى يحتل عقلها وقلبها ,فأعطته العنوان تفصيليا,وهى تشعر بأنهما مقدمان على مفترق طرق فى علاقتهما الناشئة حديثا ,وتساءلت : هل حقا لديها الحق فى أن يتجدد الأمل منتعشا بأن يبادلها مشاعرها العميقة نحوه ؟


*******************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 08-11-18, 07:24 PM   المشاركة رقم: 108
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

عاد سيف الى منزل مها حاملا معه كيسا يحتوى على الدواء المطلوب وأكياس أخرى تحمل شعارا لمطعم ,وتوقف أمام باب الشقة يفكّر مليّا فيما تورط فيه بدون سابق تخطيط ,لقد جاء من أجل غرض معين ... كان يحاول الوصول الى الحقيقة بدون تجميل ,أرادها أن تخرّ أمامه معترفة بذنبها ,وسيتم انتصاره الساحق عليها بأن يوقع عليها العقاب كاملا ,لم يتخيّل أن قلبه سيرق خافقا لرؤيتها فاقدة الوعى بين ذراعيه واهنة بلا حول ولا قوة ,متناسيا كل أفكاره المرتبة بعناية لينساق وراء قلبه ,الذى دفعه بقوة نحو هاوية عميقة ,أسيقع بنفس الخطأ مرة أخرى ؟ هل يترك قلبه يقوده نحو الهلاك ؟ لماذا رأف بحالها وتراءت له صورتها ممدة على فراشها البسيط تنتفض كعصفور جريح فى انتظار الصيّاد لينقض على فريسته كاسحا أية مقاومة ممكنة ,بينما انقلبت خطته الى مساعدتها بشتى الوسائل حتى تجتاز محنتها ,وبعدها ... سيقدم على ما أراد تنفيذه باصرار لا يتزحزح.
دس المفتاح فى قفل الباب وأداره مرة واحدة فانفتح محدثا صريره المعتاد ,وتعمّد أن يحدث جلبة صارخة بعد دخوله حتى تعرف مها بقدومه ,وصاح بصوت جهورىّ:
-مها ,لقد عدت.
اعتدلت الفتاة بعد أن تناهى الى مسمعها الضجة الصادرة من اتجاه الصالة حيث أجابته بصوت حاولت جاهدة ليصل اليه:
-حسنا.
-أيمكننى المجئ ؟
وكأنه يطلب منها الاذن فهى موقنة بأنه لا يتقبّل كلمة لا كرد على استفساره التقريرى ,ولا بد أن تتأهب لاستقباله بذهن صافٍ بعد أن استردت بعضا من قواها الخائرة ,انها تحتاج الى مساندة حتى لا تضعف أمام نظرات عينيه الثاقبتين فتشعر بأنهما تعريّا روحها بداخل جسدها ,كاشفتين عما يجول بداخلها ,أصبحت تخشى من مخططاتها للانتقام التى سعت نحوه بكل طاقاتها فهى من ألقت بنفسها فى أحضان التنين وعليها أن تتحمل لسع نيرانه النفاثة.
-أرى أنك قد أصبحت أفضل حالا ,أليس كذلك ؟
ومد يده يناولها علبة الدواء بينما تجرى عيناه بحثا شاملا عن شئ ما فسألها عما تناولته من طعام فأجابته نافية وهى تقضم أظافرها بحركة عصبية اشعلت من غضبه الأعمى وهو يهتف بها :
-كيف يمكنك أن تكونى بهذا الاستهتار بصحتك وحياتك ؟ لقد أحضرت طعاما جاهزا لأننى بصراحة لا أعرف اذا كان بهذا البيت شيئا صالحا للأكل ؟
تصاعد غضبها هى الأخرى من ازدرائه الواضح لحال منزلها المتواضع فأجابته بدفاع مستميت:
-ليس الى هذا الحد يا سيد سيف ,فحتى لو لم نكن نسكن أفخم القصور ,فما زلنا نملك قوت يومنا ... وكرامتنا ... هذا المنزل الذى لا يعجبك حتما ولا يليق بمستواك العالى ,هو كل ما تبقى لى بعد أن ... توفى والدى.
كاد كبرياؤها أن يثور معلنا ببساطة الحقيقة ... كادت أن تقول بعد أن جردتنا عائلتك من كل أملاكنا.
حدّجها سيف بنظرات شديدة الغضب وعقله يعمل بسرعة ليجد نفسه غارقا فى شعور بالشفقة على ما آلت اليه أحوال هذه الفتاة الباهرة الحسن ,أنها لا تستحق المعاناة التى تعيشها ,ربما سيتهور مجددا اذا واصلت النظر اليه بهذه الطريقة المتربصة ... لماذا هذه الحساسية المفرطة تجاه سؤال عادى أطلقه ليجد ردا منطقيا عن مكان المطبخ بهذا المنزل ,فقاوم رغبته بأن يسكتها بطريقته الخاصة حتى لا تعود قادرة على المقاومة واستفزاز مشاعره بهذا الأسلوب المنمق ,هذا ما يعرفه جيدا بالابتزاز العاطفىّ ,أن أمه واحدة من النساء الخبيرات بهذا المجال ,استغلّت عواطف والده العميقة نحوها ورباطها بالزواج منه وانجابها له حتى تنجو بفعلتها من ورطة محققة كادت تقضى على حياتها الزوجية وعادت تحتل مكانها بمنتهى البساطة ,زوجة وأم على مرأى الجميع.
-أين يوجد المطبخ ؟
توردت وجنتاها خجلا من سؤاله الذى طرحه بامتعاض ,خيّم صمت ثقيل عليهما قطعته بايماءة من رأسها الى اليسار قائلة بنبرة جافة:
-بعد أن تنتهى الردهة ستجده مقابلا لك.
حملق بوجهها لحظات بتأثر شديد وهو يحاول رسم ابتسامة على شفتيه لتلطيف الأجواء وقال متناسيا المجابهة بينهما:
-سوف أحضر صحونا وملاعق فلا تستطيعين تناول الدواء على معدة فارغة ,هكذا نبهّنى الطبيب الصيدلىّ.
وكاد أن ينصرف الا أنه تذكر شيئا فعاد لمواجهتها متسائلا:
-صحيح ,ألا توجد صيدلية أقرب من تلك التى وصفتها لى؟
-كلا ...
سارعت الى النفى بقوة خشية انكشاف حيلتها والتى لم تنطلِ عليه فلا بد أنه أدرك خداعها له ,كانت ملامح وجهه جامدة لا تعبر عما يعتمل بنفسه ,ثم أومأ لها موافقا واتجه مبتعدا عنها نحو الردهة , فاستوقفه رنين جرس الباب الذى انطلق مدويّا فعقد حاجبيه مفكرا وأكمل طريقه ليضع الأكياس التى يحملها بيديه على أقرب طاولة ثم عاد أدراجه ليفتح الباب.
أطلّ وجه هديل مصعوقة من شدة الصدمة التى تلقتها برؤيتها لسيف واقفا وكأنه سيد المكان الذى يمتلك كافة الحقوق ,وتفهمت لما أصرت عليها هديل أن تلحق بها على وجه السرعة ,وتناقلت النظرات بينهما باردة حتى رأى الرجل الواقف خلفها والذى وقف مشدوها ,كان كريم الذى أقلّها الى حيث تقطن رفيقتها عارضا عليها مرافقتها الى البيت ولم يكن منتظرا لموافقتها ,صاح وكأن مسا قد اصابه:
-سيف ؟ ما الذى تفعله هنا ؟
أفسح لهما الطريق بشكل مسرحى وهو يجيبه ساخرا:
-لست وحدك المندهش هنا ,فلم أكن أتوقع رؤيتك هنا أيضا ومع من ؟ هديل !
تركتهما هديل واقفين يتواجهان بموقف غريب ,وأسرعت تلحق بمها للاطمئنان عليها وقد ساورتها الشكوك تجاه نوايا سيف الغير بريئة نحو صديقتها ,اضافة الى محادثتها الهاتفية المبتورة بضرورة اللحاق بها فى منزلها.
-تفضل يا ابن عمى ,اعتبر البيت بيتك.
وأشار سيف نحو كريم ليتخذ مجلسا وهو يستأذنه بلهجة هازئة:
-اسمح لى فقط سوف أجهز المائدة ولن أستغرق كثيرا ,هل ترغب بمشاركتنا الوجبة أنت و... هديل.
-لا , شكرا سبق وتناولنا الطعام, خذ راحتك.
-تناولتماه معا على ما أعتقد.
أشار باصبعيه متجاورين وهو يتكهّن بما حدث ثم استطرد ساخرا:
-لن أتأخر عليك.
شعر كريم بأنه لا يعى ما يحدث أمام عينيه ,يبدو على سيف أنه يتصرف كما لو كان صاحب البيت بل ويأخذ حريته بالتجوّل فيه الى حد أنه يتباهى متشدقا باعداد مائدة الطعام ,الى أى مدى تطورت علاقته بمها ؟ أيمكن أن يقع سيف بشرك جديد أعدّته تلك الفاتنة بمهارة ؟ ألا يتعلم ابن عمه من أخطائه السابقة حينما تعلّق بواحدة تشبه مها كثيرا وكان نصيبه جرح غائر بقلبه الفتىّ ما زال يلعق آثاره الى هذا اليوم.
-ما الذى يحدث بالضبط ؟ أصبحت أشعر كأننى أشاهد فيلما سينمائيا سخيفا ... سيف ومها ... معا ... بمنزلها
حدّث كريم نفسه وهو ينتظر ظهور مها أو هديل فى أية لحظة عله يجد لديهما تفسيرا منطقيا لهذه الأحداث المتداخلة ,أنها تفوق قدرة عقله على الاستيعاب.


*******************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 08-11-18, 07:25 PM   المشاركة رقم: 109
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

واقفة تتخبّط بحيرتها وشاعرة باحساس عارم بالذنب ,لاستجابتها لطلبه لمقابلتها بعد الحاح منه ,شعرت بوجوده فجأة وذلك الاحساس يتسلل مجددا على الرغم من مرور السنوات ,لقد صارت أكثر نضجا وانتشر الشيب فى خصلات شعره ,مضفيا عليه لمسة رجولية ساحرة ,شعرت بنفسها تعود مراهقة صغيرة تتعلّق بمشاعر بدائية تغزو قلبها ,اقتربت بخطوات مضطربة من صلاح الذى كان جالسا ينتظر قدومها بفارغ الصبر ,فما أن لمحها بطرف عينه حتى هبّ واقفا يستقبلها بترحاب بالغ:
-مرحبا يا هناء , كيف حالك ؟
صافحته بطريقة حاولت جعلها رسمية:
-مرحبا يا صلاح ,أنا بخير.
-تفضلى بالجلوس ,ماذا تشربين ؟
-فنجان من القهوة ...
-سنأخذ فنجانين من القهوة التركية (سادة) بدون سكر.
أنهى طلبه وانصرف النادل الذى لم تعرف من أين جاء بهذه السرعة ليزيد من ارتباكها تطلّع صلاح اليها باعجاب ظاهر وهو يتنهد مشيرا الى منظر النيل الساحر الذى يشرف عليه المكان:
-هل تتذكرين يا هناء هذا المكان بالذات ؟
تألقت بعينيها نظرات الألم والوجع ,فعادت تطالعه بأسى ومرارة:
-بكل تأكيد , وكيف لى أن أنسى ؟
-كنا نجتمع سويا للقاء هنا بعيدا عن عيون أهالينا ,أنا وأنت ,وجدى ,فريال ,كمال ,منى ومجدى.
-أنها أيام مضت لحال سبيلها ,ومعظم من تتحدث عنهم رحلوا عنّا أو على الأقل من تبقى منهم تغيّر للأبد.
-لديك كل الحق فى قولك ,تراودنى أحيانا الذكريات واضحة جليّة وكأننى لم أنسها يوما ,ما أعجب العقل البشرىّ ,يبقى على ما يؤلمه ويقضّ مضجعه ,وينسى ما يفرحه ويبعث فى نفسه البهجة.
فهمت أنه كان يقصدها بهذا الحديث خاصة ,فهى لا تفتأ تتذكر زوجها الراحل الذى هجرها من أجل امرأة أخرى ,وحتى ولو كانت مخطئة فى تصرفاتها تجاهه ,وان كان اللوم يقع عليها فيما آل اليه زواجهما الغير مستقر الا أنها ما زالت تشعر باحباط مرير كلما فكّرت فيه ,تتجرع هذه المرارة بصبر ونفس راضية ,وتساءلت هل تتمتع بالاحساس بالألم الداخلى الذى يمزقّ روحها اربا ؟
-لماذا أردت رؤيتى يا صلاح ؟ لا أعتقد أنك تسعى نحو تذكيرى بالماضى ,فأنا أعيش به لا أجرؤ على الخروج من دوائره التى تجذبنى كدوامة ,تحاول اغراقى كلما جاهدت للفرار منها ,فقررت الاستسلام لها بهدوء متناسية أبسط حقوقى لأحيا سعيدة مرتاحة البال.
-لقد ضحّيت بسعادتك هذه من أجل غرض نبيل للغاية ,من أجل كريم ابنك ,وكما أرى فتضحيتك لم تذهب سدى.
لمعت نظرات الفرح بعينيها حينما ذكر اسم ابنها ,وأطلّ الفخر والزهو منهما فهو أغلى من فى الحياة ,ابنها هى وحدها ,لم يشارك وجدى فى تربيته ولا رعايته ,اختار البقاء بعيدا حتى مع رفضها لفكرة الطلاق التى كان عمها مصرّا عليها ,قلومته حتى النهاية لتبقى زوجة له حتى آخر يوم فى عمره ,مجرد زوجة على الورق.
-هل رأيت المصادفة الغريبة .. أن تعمل ابنتك مع ابنى .... بعد هذه السنوات الطويلة ,ما يجمعنا هو حادث سيارة.
تراقص شبح ابتسامة على شفتيه وهو يشكر الله على هذه الحادثة التى أعادت هناء الى حياته دون توقع منهما.
-أننى أشكر حظى الحسن على هذه المصادفة ,كنت أعرف أن هديل تعمل بشركة الشرقاوى الا أننى لم أعرف ابدا أن رئيسها هو ابن وجدى.
كان يهزأ من جهله بمرارة واضحة ,فشعرت بتعاطف بالغ وهى تقول بصدق:
-أنه ابنى أيضا يا صلاح فلا تنسَ هذا.
-ما يزيح الهم عن صدرى أن كريم هو ابنك يا هناء.
-كيف حال هديل ؟ لم تتصل بى منذ فترة وأنا التى اعتدت على سماع صوتها بصورة شبه دائمة.
غامت عيناه قليلا وقد شردت أفكاره وقال بلهجة بدت أشد قلقا:
-هذا ما أردت محادثتك بشأنه ,هديل لا تعجبنى هذه الأيام ,صارت تتصرف بغرابة شديدة ,وتتأخر كثيرا بحجج واهية ,حتى أنها اعتذرت لى اليوم عن تناول الغداء معى ,ولهذا فقد انتهزت الفرصة لأقابلك.
صارت أكثر انتباها لحديثه وقد شدّها أنه قد اختارها ليشكو اليها همّه فأخذت تشجعه على الاستمرار متساءلة:
-هل ترتاب بشئ معين ؟ أهناك شخص ما فى حياة ابنتك ؟
-نعم بكل أسف وهى تخفى عنى الأمر.
-أوووف ,لا يعقل أن أصدق هذا الأمر عن هديل ,فحينما تعرفت عليها وجدتها فتاة متعقلة رزينة يبدو عليها الجدية والالتزام , لا بد أنك مخطئ فى ظنك هذا ,أعنى هل تأكدّت ؟
-يمكنك أن تؤكدى لى الأمر بنفسك.
نظرت له متعجبة وهى تهز كتفيها عدة مرات:
-وما شأنى أنا بهذا الموضوع ؟
ألقى بالقنبلة فى وجهها وهو يقول بحزم:
-لأن الشخص الذى يشغل بال ابنتى ,والذى يعتبر السبب الوحيد لتبدّل أحوالها هو كريم ... ابنك.
شهقت هناء وهى تضرب على صدرها بعنف مرددة بغير تصديق:
-لا يمكن , لا يمكن !


*******************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 08-11-18, 07:27 PM   المشاركة رقم: 110
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

عاد رفيق مرهقا منهك القوى من مشواره الخاص الذى رفض أن يخبر أى فرد من العائلة حتى زوجته ,على الرغم من أنها هى الوحيدة التى يعنيها الأمر والتى يخصّها بأسراره دونا عن الجميع ,ولكنه وجد البيت هادئا ساكنا بلا حركة ولا صوت ,قطّب حاجبيه مفكّرا وهو يتساءل أين ذهب الجميع ؟ تغيّرت عادات كل قاطنى المنزل ,وتحوّلت لمتهم وتجمعهم الى تفرق وتشتت بينما كان من المفترض أن يترابطوا أكثر بعد انكشاف الحقائق كاملة وعودة أميرة الى حضن أمها والى ... حضنه , هز رأسه نفيا وهو يؤكد على أنها لم تعد بعد الى مكانها بين ذراعيه ,لقد نفد صبره هذه المرة فمشاعره تشتعل نارا حينما بشعر بقربها منه ,بمجرد تواجدها فى نفس المكان تتلاعب به الأفكار والظنون مشيرة الى الرابط الخفىّ الذى يقيّد مصيريهما سويا ,يتمنى لو يستطيع أن يلقى بكل أعبائه وراء ظهره ليتفرّغ لحبيبته الغائبة التى عادت مجددا اليه ,أبعد كل هذا العناء والسنوات الطوال التى انقضت وهو بمنفى بعيدا عنها يظل محروما من متعة اللقاء ,يحاول كبح جماح أحاسيسه المتقدة بحبها ... ما زالت الظروف التى تمنعهما عن ممارسة أبسط حقوقهما قائمة الى الآن.
تنهّد بحرقة وهو يحلّ أزرار قميصه بحركة مضجرة فيما يصعد الدرج نحو غرفته التى تشهد على وحدته ليلا ,الى متى تجرفهما هذه الدوامة اللعينة ,, دوامة الماضى الذى لا يكف عن ملاحقتهما ,عمته فريال تصر باستماتة على التمسّك بالفتوى الشرعية التى قضت بامكانية عقد قران جديد باسم زوجته الجديد وهويتها الحالية كابنة لناجى الشرقاوى ,لماذا لا تنظر الى الجانب الآخر فالشيخ الجليل أباح له حرية التمتع بكافة الحقوق التى يكفلها له الشرع على اعتبار أنها زوجته اعتمادا على العقد القديم ,فالزواج صحيح ما دام قد استوفى شروطه وأركانه ، ولا أثر لتغيير الاسم على صحته.
أصبحت عمته تتدّخل بصورة مجحفة فى أى حوار بينهما لا تترك له فرصة للانفراد بابنتها الى أن ضاق به الحال ,أيعقل أن يعيش هو وزوجته تحت سقف بيت واحد وكلا منهما ينام بغرفة منفصلة ؟أى شخص يملك ذرة من التفكير السليم لم يكن ليمنعه من مشاركته لحياتها بكل حذافيرها.
توقّف قليلا أمام باب غرفتها يتلصص علّه يسمع شيئا ليرى ان كانت مستيقظة وحينما رأى الظلام يتسلل دون أى أثر لاضاءة المصبح شتم فى سره ,لأنها تغفو هانئة البال غير شاعرة بالجحيم الذى يتقلّب فيه ,فهى لا تمانع فى الاستجابة لرغبات أمها التى تدس أنفها فيما لا يعنيها ,لهذا فهو لا يفضّل زواج الأقارب ,أنها لعنة أبدية عليه فعمته هى حماته وقد بان تسلّطها وجبروتها الذى تمارسه بحرية غير عابئة بما يريده.
اندفع نحو غرفته التى كانت غارقة فى ظلام دامس ,لم يجد داعيا لاضاءة زر المصباح فهو يحفظ تفاصيل الغرفة جيدا وعليه أن يأخذ دشا باردا ليهدئ من فورة أعصابه ,توجه نحو الحمام الملحق بالغرفة بعد أن خلع قميصه وبنطاله وألقاهما باهمال ,ترك قطرات الماء المنعشة تنساب فوق جسده الخائر القوى وأخذ يفرك فروة رأسه بعنف حتى شعر بالدماء تندفع اليها لتعطيه احساسا بالاسترخاء هو فى امس الحاجة اليه ,أغلق صنبور المياه وخرج يلف جسده بمنشفة صغيرة بعد أن مشّط شعره الأسود بعناية ,لم يكن بحاجة الى تجفيفه فالجو يميل الى الحرارة ,لم يشعر بميل الى تشغيل مكيف الهواء ولكنه عاد ليشعر بضيق من مجرى أفكاره الذى تسلل رغما عنه الى حبيبته التى تغطّ بنوم عميق فى غرفتها غافلة عن غضبه المتأجج ,فضغط على زر الجهاز ليعمل بأعلى كفاءته وقد أزاح منشفته بعيدا وارتمى على سريره الموحش ليحاول الشرود بعيدا عما يشغله لينال قسطا من النوم الذى يجافيه كل ليلة.
فى البداية لم ينتبه للجسد الطرىّ الذى لامسه بطرف أصبعه حينما أمسك بالوسادة الصغيرة ليضعها تحت رأسه ثم تناهى الى أذنيه صوت تنفس منتظم ,فتحفزّت عضلات جسده القوية وشعر بنفسه يتردد منقطعا من شدة الاثارة حينما أعاد يده للموضع السابق فتأكد من الحقيقة التى ظنها وهما ... هناك من يرقد بسريره ,أو على وجه الدقة هناك من ترقد الى جانبه ,فتباطأت أنامله حول خصرها متسللا ببطء مثير الى الأعلى حتى اصطدم برأسها الصغير وتلاعب بالخصلات الناعمة ,كان يشتم عطرا نفاذا يعشق رائحته التى تشى بزهور الياسمين ,كيف لم يستوعب لدى دخوله وجودها الطاغى بغرفته , هى معذبته وفتاة أحلامه البعيدة ... أنها نائمة بسريره على قيد سنتيمترات قليلة من جسده المتصلب ,ماذا تظن نفسها فاعلة هذه الحمقاء الصغيرة ؟ ليعينه الله على ما ينوى فعله ,احتاج أن يبذل جهدا خارقا ليوقظها بأقصى درجة من اللطف استطاع أن يتعمّدها .
-أميرة ,,, أميرة ... استيقظى.
وأخذ يهزّها برفق محاولا ألا يفزعها فما كان منها الا أن شهقت رعبا وهى تقول مرتجفة:
-ماذا هناك ؟ من ؟
-اهدأى أنه أنا رفيق ... حبيبتى ما الذى جاء بك الى غرفتى ؟
-رفيق , لقد تأخرت فشعرت بالقلق عليك ... قلت لنفسى أنتظرك بالغرفة لأننى أرغب بمحادثتك ضروريا , يبدو أن النعاس قد غلبنى.
كانت عيناه قد بدأت تعاد على الظلام رويدا رويدا فلمح أصابعها تتسلل لتضئ المصباح الجانبى ( الأباجورة ) ,كان تصرفه اسرع منها بكثير فقبض على رسغها بخشونة يمنعها صائحا:
-كلا.
انتفضت متأثرة من حركته العنيفة الغير مبررة وهى تسأله بصوت لائم:
-لماذا لا تريدنى أن أضيئه ؟
تسلل صوته خشنا بفعل الشوق البالغ الذى تمكّن منه:
-عليكِ أن تغادرى الغرفة حالا , هيا اذهبى الى غرفتك.
استدارت لتواجهه فى الظلام وكيانها كله يرتجف بفعل العاطفة المتسللة بجرأة تنهشها لتجيبه بصوت متهدج:
-لماذا تبعدنى عنك ؟ كل ما أردته أن أتحدث اليك , على الاقل اتركنى أنام الى جوارك ,وأعدك بأننى لن أزعجك.
أفلتها من قبضته وهو يحك ذقنه بقوة منفعلا يحاور نفسه :
-هذه المجنونة تظن نفسها بأمان تام معى ,هل تظن أننى صنعت من حجر ؟
-انصتى جيدا يا أميرة ,عليكِ بالذهاب قبل أن أقدم على فعل سوف نندم عليه غدا.
-وأنا لن اذهب قبل ان أفهم ما الذى يجعلك ترغب فى اقصائى عنك , ولماذا لا تريدينى أن أبقى معك.
شعرت به يقترب منها محيطا خصرها بيد واحدة فيما يده الأخرى تمتد لتعبث بشعرها مشيعة بنفسها الظمأ للارتواء بما حُرما منه طويلا فأطلق رفيق نفسا عميقا وهو يضمها اليه بشوق بالغ فتحركّت ذراعاها بطريقة لا شعورية لتمسك بكتفيه واعية للمشاعر المتصاعدة بينهما فيما همس لها بصوت متوتر:
-يا ربى ! أنت تدفعيننى نحو الجنون يا ميرا .. لن يكون هناك مجالا للتراجع بعد ذلك , هل أنت متأكدة من رغبتك بالبقاء معى ؟
-الى الأبد.
-وأمك ؟
ابتسمت بخفة لأنه يذكّرها بعمته التى أصبح يناديها بهذه الصفة مؤخرا كلما تكلمّا بشأنها ...
-ما شأنها بنا ؟
-حقا ؟
-أننى زوجتك شرعا , أليس كذلك ؟
تنهّد زافرا وقد فقد آخر قدرة له على السيطرة على نفسه وهو يطبع قبلة حملت كل مشاعره المحبطة على شفتيها اللتين انفرجتا مستقبلتين طعم الشهد بصدر رحب ,فأجابها بتمتمة:
-لقد طال انتظارى لهذه اللحظة وقد ظننت أنك تتعمّدين تعذيبى بتجاهلك لى ,يا لها من أيام!
انتظر قليلا ثم أعاد احتضانها فوبخته متلطفة وهى تربت على كتفه:
-أنا التى تجرعت المرارة يوما بعد يوم وأنت تنفذ رغبات أمى بحذافيرها دون أن تسألنى رأيى.
قال بارتباك:
-أتعنين أنه كان علىّ أن أختطفك دون مراعاة لشعورها ؟
-لم أقل هذا , لقد عنيت ...
أسكت اعتراضها بقبلة أخرى متملكة ,وأكثر عمقا ... شعرت بأن روحها تنسحب منها وانسحقت عظامها تحت ثقل جسده الذى تهاوى وهو يغمغم من بين أنفاسه المتلاحقة:
-حينما أضمك الى صدرى , اشعر كأن روحى قد عادت الى جسدى...
ثم استطرد مردفا بحماس:
-لقد عدت الى حيث تنتمين منذ الأزل.
منذ استعادت ذاكرتها ,وها هى تنهل من نبع حبه الجارف وتشعر أخير بالأمان الذى افتقدته بموت الرجل الذى قام بتربيتها متكفّلا برعايتها هو وزوجته على أكمل وجه لتتبين بعدها أنه أقرب اليها مما تتخيل , خالها ... ذلك الرجل الذى لم يبخل عليها بأى شئ ... حافظ على الأمانة التى تعلّقت بعنقه وردّها سالمة الى أمها ... حتى بعد وفاته ,ظلت تشعر بروحه تحلّق حولها وتمنحها نفس التشجيع كما كانت عادته كلما أقدمت على اختبار جديد ,قالت فى سرها :
-فلترقد بسلام مرتاحا ,لقد أدّيت دورك على أكمل وجه يا والدى الحبيب.
لم ولن تقلها لغيره أبدا ... سيظل هو الأب الوحيد الذى عرفته طوال حياتها بحنانه المعهود.


***************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لؤلؤة, العواصف, تائهة
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:27 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية