لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-11-18, 09:59 PM   المشاركة رقم: 91
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 




-أين كنت يا هديل ؟ ولمَ لا تجيبين على هاتفك النقال ؟
أيقظتها لهجة والدها الصارمة من عالم أحلامها الوردية بعد أن أولجت المفتاح بباب المنزل فنظرت فجأة الى ساعة يدها الجلدية الرقيقة لترى أن الوقت قد تجاوز منتصف الليل بقليل ,وكانت هذه هى المرة الأولى لها فى العودة الى البيت بمثل هذا التوقيت ,فأجفلت لدى رؤيتها نظرات أبيها الغاضبة وهو يقف مترقبا اجابتها وهو يضيف بحزم:
-لم تتعودى على هذا التأخير.
حاولت أن تلّطف من الوضع المشتعل فرسمت ابتسامة واهنة على شفتيها وهى تقول ممازحة:
-هل شعرت بالقلق علىّ يا أبى ؟ لقد كنت برفقة مها زميلتى بالعمل.
-أين كنت ؟
كرر سؤاله بنبرة أعلى وأكثر حدة مما جعلها تعترف ببساطة:
-كنا بأحد المطاعم نتناول العشاء ,أنت تعرف أننى لم أخرج منذ مدة طويلة ,كل يوم أذهب للعمل وأعود فأبقى بالبيت ...
شعر صلاح باحساس بالذنب تجاه ابنته ,فهى وحيدته ومضطرة للعمل بوظيفة مرهقة حتى تتكفل بتأمين مصروفاتهما المتزايدة وعلى الرغم من عمله الجديد الا أنه غير قادر على توفير حياة كريمة لها ,فهى فتاة بعمر الزواج وتحتاج الى تجهيزات عديدة حتى تكون مستعدة لدى الزواج ,وهى لا ينقصها الجمال ولا حسن الأخلاق ,فجميع معارفهم وجيرانهم يتمنونها عروسا لأبنائهم ,الا أنها ترفض العريس تلو الآخر بدون حتى أن تراه ,منتحلة كافة الأعذار المعقولة والغير معقولة ,فهو بحاجة الى وجودها الى جواره بعد اصابته فى الحادث ,وها هو الآن يقسو عليها وهى التى تحملت فوق طاقة عمرها الذى لم يتجاوز السادسة والعشرين عاما ,ولا بأس لو قامت بالترويح عن نفسها ولو لمرة واحدة ,كانت بالعادة ملتزمة الى أقصى الحدود لا تتأخر دقيقة واحدة عن موعدها الا اذا انشغلت بالعمل ,وفى وقتها تتصل به هاتفيا لتعلمه بغيابها.
فتح ذراعيه ليضمها بين جوانبه وهو يربت على رأسها بحنان ويغمغم بنبرة اعتذار:
-لا بأس يا هديل ,أعرف أنك بحاجة الى بعض الفسحة ,والخروج من جو المنزل الخانق ,تحتاجين الى رفقة من هم بمثل عمرك وليس قضاء الوقت جالسة مع رجل عجوز ممل مثلى.
اندفعت هديل لتخفف عن والدها وهى تقول بصدق:
-لا تقل هذا يا أبى , أنت عندى أغلى من فى الدنيا ,ولا يسعدنى أكثر من قضاء الوقت برفقتك ... ولا تقل ثانية على نفسك أنك رجل عجوز ممل ,ما زلت فى نظرى أوسم الرجال وأكثرهم شبابا وأناقة ,أى واحد ممن تعرفهم من الشباب الصغير يمكنه أن يفوقك ... هه لا أحد طبعا .
غاب ذهنه قليلا وسرح فى اسم معين:
-كريم.
-من ؟
-كنت أقول كريم ... الشرقاوى ,مديرك بالشركة.
ارتبكت بشدة لدى ذكره لاسم مرافقها الذى قضت معه السهرة بدون موعد سابق ,فقد كان القدر هو من جمعهما ,وخشيت أن يكون والدها قد انتبه لصوت سيارته حينما أقلها الى المنزل وحاولت أن تدارى توترها فقالت مستفسرة:
-ما الذى جعلك تتذكره الآن ؟
-والدته ... هناء ,أنت تعرفينها.
-نعم يا أبى.
لم يكن يطرح سؤالا على ابنته بل يقرر واقعا.
-لقد سبق وأن سألتنى عن صلتى بها , أليس كذلك ؟
-ماذا بك يا أبى ؟
-لا شئ , فقط اجلسى الى جوارى لأقص عليك الحكاية كاملة.
كان فضولها قد اشتعل ولم تعد قادرة على الصبر حتى يتحدث والدها فجلست كما طلب منها وهى تحثه على الكلام:
-كلى آذان صاغية.
وبدأ صلاح يروى قصته.


************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 05-11-18, 10:02 PM   المشاركة رقم: 92
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

انتهى الفصل العشرون


قراءة ممتعة



 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 06-11-18, 09:49 PM   المشاركة رقم: 93
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

الفصل الحادى والعشرون




مرت عدة أسابيع منذ تواجهت فريال مع مجدى متهمة ايّاه بالكذب ومحاولة النيل من ذكرى زوجها ناجى ,حاولت أن تتلّهى عن وجيب قلبها الذى علا وأحال لياليها نهارا مؤرقة من كثرة التفكير ,لم يخفف عنها سوى قضائها معظم الوقت بجوار ابنتها أميرة التى تعافت تماما من أثر الحادثة ,وصارت بحالة أفضل من الأول ,كانتا تخرجان سويا لشراء ملابس جديدة فقد أغدقت فريال على ابنتها بالكثير من المال ,وكأنها تعوّضها به عن سنوات الحرمان القاسية ,وبعدها تتناولان الافطار باحدى المطاعم القريبة ,تجربان كل ما هو جديد ,وتجدّد الروتين اليومىّ لهما بذهابهما الى النادى لممارسة رياضة الجرى فى المضمار ,وكل من يراهما معا .. يبتسم لوضوح مدى التشابه بين روحيهما فعلى الرغم من أن أميرة لا تشبه والدتها كثيرا فقد ورثت عينى خالها وجدى ,أما بقية الملامح فقد تباينت ما بين ما أخذته من أبيها ناجى وأفراد العائلة الآخرين ,ببساطة تتصرف أميرة وأمها بنفس الكيفية ,تسيران بنفس طريقة المشية المعتدة ,وحتى اشارات اليد للتعبير عن الانفعالات واحدة ,كما يتطابق ذوقيهما فى تناول الطعام ,فلم تجدا صعوبة فى التقرّب من بعضهما البعض ,والأدهى أن فريال لم تكن تسمح لرفيق بالانفراد بزوجته وحدهما ,فلا بد أن تكون ثالثهما ,وكانت حجتها الغير مقنعة أنها توّد استخراج فتوى من مشيخة الأزهر بجواز علاقتهما الجديدة على أساس أن صفتها قد تغيّرت اضافة الى اسمها ,مما دفع رفيق الى الاسراع لحل هذه المعضلة حتى ينعم بالسعادة مع حبيبته التى طال فراقه عنها.
بدأ أولا اجراءات اثبات البنوّة الى عمته وزوجها الراحل ,ولم يكن هذا الاجراء مستحيلا حيث أن الطرفين موجودين وكلاهما موافق على عمل تحليل البصمة الوراثية -أى فريال وأميرة - فكانت خطوتهم الأولى فى طريقها نحو التنفيذ.
كانت اللحظات التى تفصلهما عن معرفة النتيجة قاتلة ,أما فريال فكانت تشعر بترقب لما يمكن أن تصير اليه حياتها اذا أكّد التحليل غير ما تشعر به من رابط قوىّ تجاه هذه الفتاة التى اتضح أنها ابنتها الضائعة ,ولم تكن متأهبة للقاء مجدى فى هذا الوقت ,الا أن وجود محامٍ الى جانبهم كان ضروريّا لانهاء الاجراءات القانونية المتعلّقة بالموضوع ,حينما تلاقت أعينهما بالقرب من الغرفة المعدّة للتحاليل حيث تم سحب عينتى دم من كلا المرأتين منذ عدة أيام ,فيما وقفت أميرة تستند الى ذراعى زوجها رفيق وهو يحاول مساندتها حتى ترتاح بعيدا عن هذا المكان فحينما رنت ببصرها نحو أمها ووجدتها شاحبة ترتجف كأنها رأت شبحا لتوها فأصرّت على الرفض ,فيما اقترب مجدى من فريال بخطوات بطيئة متأنّية وهو يلقى عليها التحية ببرود:
-مرحبا فريال , كيف حالك ؟
حاولت أن ترسم ابتسامة واهنة على طرفى شفتيها وهى تجاهد لتجد صوتها فتخرج الكلمات متعثّرة على لسانها الجاف :
-مرحبا ... أنا بخير.
-أرى هذا.
أجفلتها لهجته الخشنة وهو يرمقها بنظرات ناريّة محاولا تجنّب الحديث معها بعد ذلك ,ثم أخذ ينظر الى ساعته الغالية الثمن ذات الماركة العالمية وهو يعد الدقائق متأففّا من التأخير,فما ملكت نفسها لتستثيره بقولها بلهجة متعالية:
-لم يكن ضروريا أن تزعج نفسك بالحضور الى هنا ,كان يمكنك أن ترسل أى محامى لديك فى المكتب ينوب عنك بهذه المهمة, وهذا بالتأكيد لن يقلّل من قيمة أتعابك المرتفعة.
كانت تلمّح الى ارساله لمحامٍ صغير يعمل بمكتبه حينما جاءت هى وابنتها أول مرة لاجراء التحليل وحينها كانت مشتاقة لرؤيته هو بالذات بعد مقاطعتهما الطويلة ,وأخذت تتبّع كافة تفاصيله من رأسه حتى أخمص قدميه بدءا من تصفيفة شعره الأنيقة , مرورا بملامح وجهه التى تغيّرت وكأن خطوط التجاعيد قد ازدادت حول عينيه فى هذه الفترة وانتهاءا ببزته الداكنة الباهظة الثمن وحتى حذائه الأسود اللامع وكأن لم يمر عليه ذرة غبار واحدة.
تأملها بنظرات متألمة من اهانتها المتعمدة له ولكنه أخفى هذا بلمحة خاطفة وعاد لبروده وهو يجيبها بمهنية مضيّقا عينيه:
-كان علىّ أن أنجر أعمالى بنفسى حتى أتأكد من أننى أستحق الأموال التى أتقاضاها نظير خدماتى لكم ,فأنا مضطر لكسب لقمة عيشى ولست كبعض الناس أعتمد على أموال ورثتها دون قطرة عرق ,وعلى هذا فأنا أستحق كل قرش يُدفع لى.
-اذا لم تكن تطيق وجودك هنا فالأفضل لك أن ترفض مثل هذا العمل.
وأشاحت بوجهها بعيدا عنه فباغتها بأن أمسكها بقوة من ذراعها وهو يشدّد من قبضته عليها مجبرة ايّاها على الالتفات اليه وهو يهدر منذرا:
-لا عليك يا سيدة فريال ,فقط كونى متأكدة أن هذا هو لقائنا الأخير فقد تحمّلت منك ومن عائلتك ما يكفى عمرا بأكمله ,فأنا بالفعل كنت قد اعتذرت عن أية قضايا تخصكم منذ فترة اذا غاب هذا عنك ,ولكن رفيق هو من أصرّ على وجودى الى جانبكم الآن ,ولم أستطع أن أرفض طلبه فهو صديق لى قبل أن يكون موكّلى ,وليست من عاداتى أن أخذل أى شخص يعتمد علىّ ,كما أننى لست بالرجل الذى يهرب من مسؤولياته ليلقيها على كتف غيره.
ثم تركها فجأة وابتعد متجها نحو رفيق قبل أن تجد ردا مناسبا على هجومه الرادع ,فعضّت على شفتيها بقوة حتى كادت تدميهما نادمة على سوء تصرفها ,قالت تحدث نفسها بأنها تستحق أكثر من هذا ,ولو لم يكن مجدى شخصا مهذبا لتصرف معها بطريقة مغايرة أشد قسوة وايلاما.
ما الذى جعل لسانها ينفلت بهذه الاتهامات الجارحة ,لقد قصدت اهانته حتى ترد على تجاهله التام لوجودها ونفوره من الحديث معها ,يمكنها أن توهم الجميع بأنها فى قمة سعادتها حيث عادت ابنتها لأحضانها ولكنها ليست مكتفية ,قلبها النائم أيقظه من سباته عودة مجدى الى عالمها ومساندته لها أذابت الطبقة الجليدية السميكة التى كانت تغلّفه ,أما رقته وحنانه فقد أصابا عقلها بدوار شديد ,وأعاد لحياتها معانى الحب والمشاعر الجميلة الأخرى التى ظنّت أنها قد نسيتها الى الأبد , لم يكن يستحق منها أبدا هذه المعاملة المتطرفة من جانبها , فليس ذنبه أنها أساءت الاختيار من قبل حين ارتبطت بناجى مفضلة ايّاه على مجدى ,الرجل الدمث الخلق الذى وقف بجانبها دون تردد ودون مقابل ,كل ما كان يرجوه منها أن تعطيه قدرا من اهتمامها و... حبها,نعم انها تعشقه الى حد الجنون ,وليس هذا العشق وليد اللحظة ,فقد كانت تهيم به منذ أيام مراهقتها الأولى حين تفتّحت زهرة أنوثتها ومعها انبثقت مشاعر الحب الطاهر الذى لا يعرف حدودا ولا يميز الفوارق ,فقط لو لم تستسلم لاغراء ناجى القوىّ ,كان ساحرا بكل ما فى الكلمة من معنى ,لم يكن فقط وسامته الشكلية هى ما جذبتها اليه ,بل حديثه المعسول الكلمات ونظراته الدافئة ,وقدرته على جذب اهتمام الآخرين بسرعة الصاروخ ,فات أوان الندم .
لم تكن أميرة بأقل توترا من أمها القلقة ,ومالت الى زوجها تستند الى جسده القوىّ وقد أحاطها بساعده يلفه حول كتفها مشيعا بنفسها الاطمئنان والأمان ,وهو يهمس لها بعشق:
-لا تقلقى حبيبتى , فكلها بضعة دقائق وينتهى هذا الاشكال تماما.
ابتسمت وهى ترفع رأسها نحوه ,ممتنة لوجوده الى جوارها تمتمت :
-شكرا لوجودك معى ,لا أعرف كيف سأتصرف اذا أظهر التحليل شيئا غير ما نتوقع.
داعب أنفها بقوة مؤنبا وهو يحذرها بلهجة قوية:
-لا أريد أن أسمعك تتحدثين هكذا مرة أخرى ,كما لا أريدك أن تكونى متشائمة ... ثم تعالى هنا ما موقع كلمة شكرا من الاعراب بيننا ,هل توجد امرأة فى العالم تشكر زوجها لأنه يقف بجوارها ,هذا مكانى الأصلى يا حمقاء ,واذا كنت قد ابتعدت مسبقا فلم يكن بخاطرى ,كنت مضطرا لمصلحتك أنت ,وحتى لا أغضب السيدة مديحة فقد وعدتها بالحفاظ عليكِ ...
ثم توقف فجأة ليسألها باهتمام:
-صحيح ... منذ فترة لم أسمعك تحدثينها ,ترى ما السبب ؟
-ألم أخبرك أنها قد سافرت ؟
رفع حاجبيه مندهشا وهو يغمغم:
-سافرت ! الى أين ؟
اعتدلت أميرة وهى تعيد على مسامعه ما دار بآخر مكالمة لها مع السيدة مديحة:
-لقد أخبرتنى أن ابنها حسام قد وجد فرصة عمل باحدى دول الخليج ,وكان عرضا لا رفضه فسافر الى هناك مصطحبا معه زوجته ووالدته ,وأصرّت على توديعى فرحت أقابلها بناءا على رغبتها و... قد أعطتنى هذه قائلة أنها كانت تحتفظ بها الى أن يحين الوقت المناسب.
-ما هذه؟
سألها رفيق وقد أثارت فضوله بهذا الحديث الذى يسمعه للمرة الأولى فأشارت الى سلسلة باللون الفضىّ معلقّة بجيدها مخرجة ايّاها من مخبئها لتعرض اللؤلؤة البيضاء المتوسطة الحجم أمام عينيه المنبهرتين والتى يحيط بها من جوانبها فصوص صغيرة لامعة تشكّل منظر وردة ,فلامسها بأنامله بوجل وقد انفرجت أساريره قليلا ليقول بغموض:
-ها هو دليل آخر على بنّوتك لعمتى .
كشّرت أميرة وهى تنظر له بتساؤل:
-ماذا تعنى ؟
-ليس هذا وقته يا حبى , سأخبرك فيما بعد.
وبهذه اللحظة قاطعهما مجدى الذى تفاجآ لوجوده ,فيما قام بمعانقة رفيق بقوة وقد أخذ يربت على ظهره ,مد يده الى أميرة يصافحها بحرارة وهو يسألها عن حالها فأجابته بعفوية:
-بخير , بأفضل حال وأنا الى جانبكم.
ونقلت نظراتها بين الرجلين المتشابهين فى تصرفاتهما ,ولم يخفِ عليها دلائل الاهتمام فى علاقته بأمها ,وقد تكّهنت أن الأمر يتجاوز مجرد صداقة ومعرفة قديمة كما أوهمتها فريال ,فباتت تأمل لو أن الأمر يتطور بينهما الى حب وزواج ,فهذه السيدة التى تعرّفت عليها حديثها على أنها عمتها ثم اتضح أنها الأم التى تبحث عنها منذ زمن تستحق مكافأة على صبرها وتحمّلها لمأساتها المبكرة ,ومن أفضل من رجل حقيقىّ مثل هذا المحامى اللامع ... مجدى العمراوى.
انتحى مجدى جانبا برفيق معتذرا من أميرة بضرورة ملحّة لحديث شخصى ,فأومأت لهما برأسها واندفعت الى حيث كانت أمها تترنح بوقفتها فألقت بنفسها بين ذراعيها وهى تعانقها بقوة قائلة:
-ماما ... مهما كانت النتيجة فأنا أشعر بأنك أمى حقا ,ولا يهمنا الاثبات بمجرد ورقة عليها ختم لا قيمة لها أمام ما نشعر به فى قلبينا.
كانت محاولتها لالهاء والدتها عن عبء انتظار النتيجة ناجحة فقد اشتعلت وجنتاها باحمرار غزير وهى متأثرة لدرجة أن دموعها قد بدأت تتساقط على شعر ابنتها لتبلله فهزت أميرة رأسها رفضا وهى تقول بفخر:
-ماما ... كفكفى دموعك ... فنساء عائلة الشرقاوى تتحمل هموما كالجبال لا يقوَ عليها أعتى الرجال ,وكما سبق واتفقنا لن يغيّر هذا التحليل حقيقة ما نحس به.
مسحت على رأس ابنتها بمحبة وهى تتماسك من جديد مرددة كلماتها:
-نعم حبيبتى لن يغير من حقيقة ما نحس به , وأنا أكيدة أنك ابنتى ... فقلبى يستشعر احساسا مألوفا للغاية حينما أحتضنك وكأننى أضم مولودتى الصغيرة لأرضعها.
كان مجدى متجهما وهو يتحدث الى رفيق:
-انصت الىّ جيدا ,حينما ينتهى الأمر وتصبح ورقة الاثبات فى أيدينا ,أريد منك أن تسدى لى معروفا.
-تحت أمرك يا مجدى.
-أتوافق هكذا دون أن تعرف نوع المعروف الذى ستؤديه الىّ ؟
ربّت رفيق على كتفه وهو يجيبه متلطفا:
-علنا نرد لك جزءا بسيطا من جمائلك العديدة يا متر.
-أريدك أن تعفينى هذه المرة نهائيا من أية خدمات أو استشارات قانونية تخص عائلتك.
تجهّم رفيق بدوره وهو يستفسر منه بضيق:
-ما هذا الكلام الذى أسمعه ؟ وهل هذا يشمل عمتى فريال أيضا ؟
-بالأخص عمتك فريال ,أما عنك أنت فأنا حاضر دائما لأفديك ولو بعنقى.
حاول رفيق أن يجادله فيما يطلبه بلا جدوى فأذعن بنهاية الأمر لرغبة المحامى الذى عرفه منذ نعومة أظفاره الشخص المؤتمن على أسرار جده والموثوق به من جانب أفراد العائلة جميعهم.



*********************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 06-11-18, 09:51 PM   المشاركة رقم: 94
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

مهما حاولت تجاهل ذلك النداء الخفىّ الذى يغزوها كلما لمحت اسمه متصلا بها ,فهى واقعة حتما تحت تأثير قوى سحرية غامضة ,فما الذى يدعوها للاستجابة له بمثل هذا الانجذاب الفورىّ ,كيف غادرها التعقّل بل وفقدت القدرة على التحكّم بمشاعرها ,لماذا هو دونا عن الآخرين ؟
ولكن أين هم هؤلاء الآخرون ؟ لا يوجد رجل واحد فى حياتها ,حتى زملائها بالكلية لم ترقَ علاقتها بأحدهم لأكثر من مستوى الصداقة العادية التى تفرضها الدراسة عليهم ,وأقاربها ... أبناء عمومتها ... كريم ... انه مجرد أخ تشعر نحوه بذات المشاعر التى تكنّها لرفيق ,أما عن سيف ... فحدث ولا حرج , ربما انجذبت له وقتيا فهو شخص رائع لا تملك الواحدة نفسها الا وهى مشدودة لشخصيته الجذابة وتأثيره العميق حينما يتحدث واثقا عن شئ ما ,بيد أنهما دائما يتنافران كقطبين متشابهين ,ويحلو له استفزازها باستمرار ,لم يعجبها ما توّصلت اليه من استنتاج مؤكد بأنها لم تشعر ببوادر الحب أو الاعجاب القوىّ بأى واحد من قبل الا عندما التقت جاسرا ,يتيه عقلها منها وتفقد آخر ذرة من التفكير السليم اذا طالبها بشئ غير معقول كما صار معها منذ لقائهما الأول ,وقد تعددت هذه اللقاءات حتى صارت بنمط شبه يومى وهى منجذبة له كالمنوّمة مغناطيسيا لا تحاول ولا تريد الفكاك من جاذبيته الهائلة ,ما ينغص عليها فرحتها الوليدة بهذه المشاعر هو اخفائها الأمر عن أهلها فهى لم تستسغ فكرة كتمانها لأمر هذه العلاقة الجديدة ,وهى التى تعوّدت على الصراحة وسلوك الطريق القويم.
تجاوبت بلهفة مع اتصاله وهى تتشبث بهاتفها وكأنها تمسك بيديها طوق النجاة أو الذى سوف يغرقها لا محالة بدوامة:
-آلو ... جاسر.
-ريم , ما أخبارك ؟
-أنا بخير , وأنت ؟
-لست بخير على الاطلاق.
هتفت بجزع لم تستطع اخفائه:
-ماذا حدث لك ؟ هل أصابك مكروه ؟
-لقد أصابنى منذ وقت بعيد ,ولكن ...
-تكلّم , أرجوك ماذا بك ؟
-هل أنت قلقة علىّ ؟ أم أننى أتوهم هذا الاحساس ؟
-بالطبع قلقة فأنت ..
وصمتت وقد تغلّب عليها الخجل مما كانت فى طريقها لقوله دون وعى.
-أنت ماذا ؟ لماذا بترت عبارتك فجأة ...ريم أما زلت معى ؟
أغمضت عينيها وهى تلقى بنفسها على فراشها حتى تستجمع شتات روحها التى تمزقت وتجيبه بصوت مرتعش:
-أنا .. معك.
-حقا ؟ ولمَ أشعر بأنك قد ابتعدت آلاف الأميال عنى ؟
تعجبت من حديثه وهى ترد بطريقة منطقية:
-وكيف يكون هذا ونحن نسكن بذات المحافظة ؟ أليس هذا صحيحا ؟ أنا لم أسألك أبدا أين تقيم !
تناهى الى أذنيها صوت قهقهة مرحة تخرج من القلب وهو يجيبها بطريقته الساحرة:
-لا أتحدث عن المسافة التى تفصلنا على أرض الواقع يا عزيزتى ,أنا أقصد ... عقلك ... مشاعرك ... كلك.
تهرّب بذكاء من سؤالها عن مكان اقامته ولفّها باجابة نقلتها الى عالم آخر ,انه يتحدث عن مشاعرها نحوه , ألم يدرك بعد ما الذى يعنيه لها ؟
-ها قد عدت للصمت مرة أخرى ,يبدو أننى أثقل عليك باتصالاتى ,أعتذر منك على الازعاج.
وقبل أن ينهى الاتصال قالت بلوعة:
-انتظر يا جاسر ,لم أقصد هذا ,أعنى أننى فقط مترددة وغير متأكدة مما يتوجب علىّ أن أقوله لك.
-لا يوجد فى الحب واجب ... فقط اتركى قلبك يقودك حتى النهاية ,وهوالذى يملى عليك خطواتك ...
الحب ؟ ابتلعت ريقها بصعوبة فمهما بلغ بخيالها أقاصى السماء لم تكن لتصدّق أن يعترف بمثل هذه البساطة ,كان رابط الجأش ثابتا لا يتزحزح وهو يحدّثها عن الحب.
-هل أفهم من صمتك ,أنها قد أصبحت عادة لديكِ ,أم أننى أضجرك بكلامى ؟
-كلا , فقط تفاجأت .. أنت تحدثت عن الحب !
كانت تتساءل بأمل هل يوجد لعلاقتهما مستقبلا ,فأجابها مؤكدا:
-لقد اشتقت اليكِ , أود مقابلتك اليوم على وجه السرعة.
انه لا يمنحها أى فرصة للتفكير فهو يعاجلها بالصدمات الواحدة تلو الأخرى ,وعادت لتقول بشرود:
-لقد أخبرتنى فى البداية أنك لست بخير فما الأمر ؟
اعترف صراحة:
-بالطبع ,فأنا لا أكف عن التفكير بك ,ولا تبرحنى ذكرى ابتسامة عينيك الجميلتين ,فأردت لقاءك حتى أستعيد قدرتى على التنفس من جديد.
-............ لا يمكن أن يكون هذا حقيقيا.
-ولماذا ؟
-أبهذه السرعة ؟
-حينما تتلاقى الأرواح التى تعرف بعضها منذ قديم الأزل ,لا يعود للوقت أى قيمة.
-هل ستعود الى هذا الحديث العجيب مرة ثانية ... تلاقى الأرواح ... وأننا تقابلنا فى عالم آخر من قبل ,انك تهذى بلا شك.
-وما الحب الا هذيان يا طفلتى ,لاقينى لأخبرك عن الدليل على صدق كلامى ,وأتحداكِ أن تنكرى بعدها تلاقى الأرواح.
-حسنا , حسنا لقد ربحت مجددا ,سوف أقابلك فقط لأثبت لك خطأ ظنك.
-وأنا لا أريد سوى هذا.
وكان يعنى أنه يتمنى رؤيتها ,فتواعدا على اللقاء.


******************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
قديم 06-11-18, 09:53 PM   المشاركة رقم: 95
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2018
العضوية: 330463
المشاركات: 1,134
الجنس أنثى
معدل التقييم: SHELL عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 47

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
SHELL غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : SHELL المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية لؤلؤة تائهة فى بحر العواصف

 

-ما لك تجلس شاردا ويبدو على وجهك دلائل التعاسة ,لم يكن ما حدث نهاية العالم.
كانت منى تلوم زوجها على بؤسه واستسلامه للهموم ,فيما أخذ يحدجها بنظرات نارية من شدة الغضب ولم يرد عليها بل نظر من زجاج النافذة المفتوحة حيث يجلس على مقعد قريب يتأمل لون السماء الزرقاء التى تمتلأ بالسحب تبدو كمن ينادى على أحد ليلحق بها ,ولكم تمنى لو استطاع الهرب من هذا المحيط الخانق , فقد تكالبت عليه جميع مصائب الدنيا لتحط فوق رأسه وحده دونا عن الآخرين ,ففريال محقة بحقدها عليه ,لقد خذلها فى السابق على الرغم من وقوفها دوما الى جواره ومساندته فى أزماته ,أما عن ابنه سيف ... فلا شك أنه يحتقره الآن ,وله كل الحق فى ألا يفخر بوالد مثله ضعيف الشخصية حقير ,يندى لأفعاله الجبين ,انغمس ولده فى العمل وأخذ يسهر خارج المنزل فلا يعود الا متأخرا للنوم فقط ,أخذ يفكر كيف سيصلح ما انكسر بينه وبين ابنه الوحيد ,أنه أغلى ما يملك بهذه الحياة ,لقد صبر وتحمّل زوجته طوال هذه السنوات فقط من أجل خاطره ,لم يضحّ بسعادته وراحة باله هباءا ,فسيف نشأ وتربّى فى بيت العائلة كأقرانه فى ظل أسرة تبدو مترابطة ومتماسكة ,ولم يخطر بباله يوما أنه سيعرف حقيقة أبيه البشعة.
سمعها تسخر من استكانته وعدم اتخاذه لأية خطوة جديّة فى حياته ,فما
لبث أن انتفض ثائرا على ضعفه وقلة حيلته متهما ايّاها بأفظع التهم وهو يشير باصبعه مهددا:
-كله بسببك أنت ,لا أدرى كيف احتملتك طوال هذه المدة ؟
أشارت الى نفسها مندهشة وهى تقول بتصميم:
-أنا ؟ ولماذا تلقِ عليك باللوم ؟ ما ذنبى أنا فيما حدث ؟
-بسببك أنت خسرت أختى الوحيدة وابنتها.
-وهل أنا التى دفعتها لتتزوج سرا دون موافقة أبيها وتحمل أيضا ؟
نظر لها غير مصدق لما تتفوّه به فى حق شقيقته الغالية فأخذ يضحك منها ساخرا:
-أنسيتِ يا امرأة ... قصتنا ... انها تتكرر , يبدو أن التقدم فى العمر قد أثّر على ذاكرتك ,لقد سبقناها فى هذه الفعلة ,والغريب أنها كانت تؤيدنا ولم تذهب الى أبى لتشى بنا , هه ؟
ازدردت منى ريقها وهى تجده يلمّح الى دورها الخبيث فى فضح فريال ,فهى من قام بالوشاية بها بعد أن أستأمنتها على سرها ,كانت بحاجة الى المساعدة ولم تجد سوى زوجة أخيها لتبوح لها بمكنونات صدرها ,فكان جزاؤها ما نالته على يدى أبيها من عذاب أوصلها الى حافة الجنون بعد أن فقدت صغيرتها ولكن رعاية الله أنقذتها بمعجزة.
وثقت فريال بمنى ولم تشك باخلاصها فهى التى وقفت تؤازرها عندما اقترن بها عادل ضد رغبة العائلة ,عرف عادل مصادفة دورها القذر حينما رآها تخرج من غرفة مكتب أبيه وهى تتلفت يمنة ويسرة خشية أن يراها أى فرد من العائلة ,ثم خرج على اثرها من المنزل وعاد بعد ساعة واحدة مصطحبا ابنته الهاربة معه.
-أنا لا أعرف عما تتحدث بالضبط.
-فريال التى وضعت سرها لديك ,وقمت ببساطة ببيعها بأبخس الأثمان ,نعم فالخائن لا أمان له , هل صدقتِ يوما أن أبى قد غفر لكِ زواجك منى دون ارادته وانجابك لحفيده ؟ هل هيّأ لك خيالك الجامح أنه سيرد لك الجميل بعد أن حطمت أمامه صورة ابنته المثالية وأشعرته بالانحطاط ,هل تحبين أن أذكرك بكمال الراوى أم أنك لا تحتاجين مساعدتى ؟
أصابها الهلع وهى تسمع هذا الاسم مجددا بعد أن اعتقدت أنها قد محته من حياتها نهائيا ,لا تتصور أن زوجها ما زال يحمل لها كل هذا الكم من مشاعر البغضاء والكراهية ,بعد أن فاجأها بمكتب خطيبها السابق كمال الراوى ,ذلك الرجل الذى عشقها يوما ما أكثر من روحه ثم شعر نحوها بالاحتقار بقية عمره ,تذكرت ذلك اليوم الذى لن تغفل ذاكرتها تفاصيله الدقيقة ,سمعت حماها يتحدث الى رجل لا تعرفه ولكنها شعرت أنه غير جدير بالثقة على الاطلاق بخصوص أمر يتعلق بأعمال كمال الراوى ,الذى صار منافسا قويا فى السوق بعد زواجه من ابنة أحد رجال الأعمال البارزين ,شعرت بحيرة بالغة ... هل تذهب لتحذيره ؟ أم تبقى ببيتها متناسية ما كان ,وتغلّبت عليها صحوة مفاجئة للضمير فاذا كانت قد تخلّت عنه سابقا فهى مدينة له بهذا ,غادرت المنزل خفية عن الأعين واتجهت نحو شركة كمال التى أسّسها بمساعدة زوجته -الوريثة الثريّة - وضع فيها كل ما تملك من مال ,شعرت باحساس غامض بأنها منساقة وراء فخ ,ولم تعِ ما يحدث معها الا حينما فوجئت برؤية زوجها مندفعا الى مكتب كمال وهو يرمقها بنظرات احتقار ثم أمسك بتلابيب الرجل المصدوم مما يحدث أمامه ,فأخذ يرغى ويزبد وكاد أن يجهز على غريمه حتى تدخل أفراد الأمن لمنعه ,فاستسلم بعد مقاومة عنيفة ثم جذبها من ذراعها يجرّها خلفه وهو يطلق تهديداته المخيفة ,لم يمنحها فرصة للتبرير أو التفسير ,فما رآه بعينيه كان دليلا دامغا على خيانتها ,وان لم يتعد الأمر مجرد مقابلة بريئة بينهما ,لم تجرؤ على اجابته حينما سألها عما كانت تفعله بمكتب خطيبها السابق ,واصل محاولاته المستميتة لدفعها حتى تتحدث ,وهى أرادت من كل قلبها الدفاع عن نفسها وتبرئة ساحتها أمام زوجها الذى أحبته بصدق ,فعادل هو الشخص الوحيد الذى لم ينظر لها باستعلاء على أنها تعمل سكرتيرة لديهم ,وعاملها كأميرة بعد زواجه منها ,فأوغر صدر أبيه من هذه المرأة التى استطاعت أن تطوى ابنه تحت ابطها كما تصوّر .
تذّكرت الشهور المتتالية وهو يواصل الضغط عليها حتى تحاول الدفاع عن نفسها ,فخشيت لو أخبرته بالسبب الحقيقى أن يخبر حماها بموقفها تجاه كمال ,ويحطم هذا الرجل حياتها الى أشلاء ,أغفل عادل ذكر ما حدث بينه وبين زوجته عن العائلة ما كان بيده أن يفعل ... هل يذهب ليبكى تحت قدمى أبيه ويخبره بأنه وجد زوجته المخلصة فى مكتب حبيبها السابق ,هل يطلب منه السماح والغفران لأنه خبّر حقيقتها قبل الجميع ,وهو الذى انساق نحو شركها مخدوعا معميّا عن مساوئها ,أخذ يسألها محترقا بنار الشك والغيرة : ما الذى كان ينقصك معى ؟ بمِ قصّرت ؟ ولكنه كان يعى حرمانها من حقها الطبيعى فى أن تنجب أخوة لابنها الوحيد ,كانت هذه هى نقطة الضعف الوحيدة ,فبعد اقصاء فريال الى مكان بعيد , أصابته حالة نفسية سيئة ,أثّرت على سير حياته الزوجية ,فحينما واجه منى بدليله القاطع على خيانتها ثارت بوجهه متهمة ايّاه بتقصيره المخذل فى حقها ,مما اضطره الى السكوت والتسامح مع موقفها أو لنقل على وجه الدقة التعايش ... فقط تعايش معها ومع ذكرى عدم الاخلاص ... لم ينسَ قط ما فعلته ولم يغفر لها معايرتها له ,فانهار زواجهما فعليا وقتها وصار مجرد زواجا اسميا اكراما لصالح سيف.
-أنت ما زلت حاقدا علىّ لهذا السبب , لا تستطيع النسيان أو الغفران ... حسنا ,ولو أن هذا لن يفيدنا لكننى سأخبرك بالحقيقة كاملة , فلم يعد هناك من أخاف تسلّطه , ولم يعد لدىّ ما أفقده, ولكن أخبرنى كيف عرفت أننى ذهبت الى شركته فى هذا التوقيت ؟
ضاقت عيناه وهو يتمزق كليا بسبب سيل الذكريات المؤلمة فاندفع قائلا بمرارة:
-والدى ... هو من أرسلنى الى كمال حتى يتفاهم معه بأمر الصفقة المشتركة بينهما ,ولم أصدّق عينىَ حين لمحتك تتسللين الى مكتبه بعيدا عن الأنظار ,كنت مغفلا لأقصى درجة , أليس كذلك ؟
انبرت تدافع عن نفسها وعن زوجها الذى اتسعت الهوة بينهه وبينه على مدار الأيام سامحين للحب الكبير الذى ربط قلبيهما أن يتحول الى حقد دفين ,فأخذت تهز رأسها بعنف وهى تنفى هذا الاتهام:
-لم تكن مغفلا وحدك , فقد وقعت فى الشرك مثلك .
وبدأت تعيد أحداث هذه الليلة البعيدة حيث فقدت كل معانى السعادة الصادقة على اثرها ,واندفن معها قلبها ومشاعرها ... خلف قناع من الجمود والحقد الذى سيطر على تصرفاتها تجاه عائلة زوجها.


***********************

 
 

 

عرض البوم صور SHELL   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لؤلؤة, العواصف, تائهة
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:41 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية