كاتب الموضوع :
؛¤ّ,¸مــشـآعلـ¸,ّ¤؛
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: العشق انفى للعشق
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
:
:
الجزء الخامس والعشرين ...
:
:
:
:
" ثقيل "
:
:
بملامح شاحبه على غير عادتها الحيويه وعينان حائره كانت تجلس في أخر الجمع غريبه وبالكاد تستوعب كلمة ...
:
:
لا تمر بأفضل ايامها هنا ..لطالما كانت سنتها تحوي على موجات الكأبه والحيرة المجبرة لكنها هذه السنه تأتي في غير وقتها ..فهي في خضم مرحلة مهمه من دراستها ..
غضنت جبينها وهي تعتدل في جلوسها بتعتب ..تريد أن تحادث أمها حقا ..لكن ..لتبعدها الأن عن كل هذا ستعرف مايتختلجها من صوتها فقط ..
تنهدت دون أن تعي أين هي ..مع سيل مخيف من الذكريات الموجعه يجرفها الى حيث مكان لاتريد أن تكون فيها ...وقد أنهد سدها العصي الذي احتمت به طوال هذه السنوات ...
:
:
مع استسلامه الغريب والتخلي عن قوته بها في لحظه هي كانت مستعده لأن تضحي بكل شيء لأجله ..و أختفاءه الغريب من حياتها ..كان أوجع اختفاء يمر عليها ما يوجعها أكثر بأنه شك بقيمته لديها ..وهكذا بكل بساطة قرر أن ينسحب وهي من رأت الدنيا به ..
:
:
شعرت بجسدها ينجذب بقوة غامضه للخلف وهي تطرق برأسها للورقه بين أبهاميها ...
الورقه التي خلت من أي أسطر أو كلمات سوى لونها الرتيب وعلامه لشركة تغسيل سيارات في أعلاها ...ورائحة عودته القويه ..التي كانت تغرق بها في كل لحظات تواجدها معه في السياره في لحظات الحر الخانقة والزحمة الطويله كانت رائحته منعشه للغايه ...
"عفوا "
ثم فراغ كبير ينبئ عن صمت لو أتخذه كان كل هذا لن يوجد ..."
:
:
:
"...شنوحتس ..؟؟"
:
:
رفعت رأسها لنافذه الواسعه التي تنبيء عن تلبد غيوم سيئ سيستمر لأيام ...
نوحي بأنني لم أنجح في كل هذا يا كايد ...بأنني خسرتك بدون مقدمات ...بأني لم افلح في تجاوزك بعد كل هذه السنوات التي ضننت بأنني قويه ومن فولاذ بها ..
تبين بها أنني لست سوى زهره على اوراقك ..زهره ضعيفه ..تجذبها الريح حيثما أرادت ...
:
:
:
رمشت بتعب وهي تراقب الجمع من حولها ينفض ويخلو الصف الغير رسمي تدريجيا ..لم تقف لم تعقب سؤالا للمحاظر او تقم بأي فعل يذكر ..فقط راقبت الغيوم السوداء في الخارج بكئابتها الوليد التي تكبر سراعا ...
هناك احدهم يحادثها لكنها لا تستوعب العالم الخارجي ..رفعت صوتها كان يقف خلف الكرسي التي تجلس عليه ..
اعتدلت في جلوسها بخجل وهي تعدل حجابها ...لم تعلم مايقول وهي تبعد نظرها عنه للأرض ...يشبهه جدا ..لقد ذكرها به منذ اول لحظته رأته فيها ..
راقبت ابتسامته اللطيفه وهو يسألها برسميه عن نشاطهم المشترك ...كانت لهجته العربيه غريبه عليها الا انها فهمتها ..لاتذكره ابدا كل ماتعرفه عنه هو عنوان بريده الالكتروني ..
جاوبته بأقتضاب وهي ترتب اغراضها للوقوف والرحيل من المكان ..بعد تفكير هو لا يشبهه ابدا هي فقط كانت تفكر فيه كل لحظة ترى فيها هذا الزميل ..
من القادم من النسيان ذاك ...من توقف زمنها به ..ولا تذكر كيف تخطته ...ربما هي لم تتخطاه ابدا ..
:
:
دفعت باب المبنى الثقيل وهي تخرج مستمعه لصوته خلفها وهو يحادث هاتفه ...تذكرته للتو اليس هو زميل نشاطها العماني ...انه متعاون جدا ..لم تكن تملك الوقت لترفض العمل معه ..ويبدوا بأنه خجلا أيضا للتواصل معها ..ستحاول ان تنهي العمل بأقصى سرعه ..لتشغل نفسها به ...ألم تشغل نفسها هي بكل امور الدراسه هذه منذ تلك اللحظة ...
تللك اللحظة ...
:
:
تذكرها جيدا ...
:
:
بهتت ملامحها وحمرت جفنيها لشدة بكاءها ..لقد تبقى أسبوع فقط عن اخر امتحانات تفصلها عن المجهول ..
راقبت كتبها المكومه في الغرفه واوراقها المبعثره بينها ..شهت وهي تمرر كمها فوق ملامحها الدامعه ..
وهي لاتريد أن تستمع لأقوال امها واختها تريد أن تصم اذنيها لأخر يوم في عمرها ..
أن تبقى في هذه اللحظة تنتظره..تنتظره صامته ساكنه ولا تصدق الخذلان ...
كان الكتاب في حجرها يحتضن كومة اوراق بمعادلات معقده تشابكت خطوطها ببعضها ..الا ان هناك ورقه واحده بينهم واضحه ومميزه بكلمات قليله لكنها اكثر تعقيدا من كل هذه الارقام والرموز المبهمه عصية الفهم ....
:
:
كانت تحدق في الورقه عندما تحدثت اختها مستميته الرضا منها ...."اللحين وش يبكيتس الله يهديتس ياخيتي ...والله انه البخت الصالح ..بخت صاحي ..من كان يفكر فيه ...ربي راسلنوه لتس من السما ..."
لم تبدي ردة فعل سوى ايماء رأسها بالرفض السارح وهي تتأمل مابين يديها ..لم تكن تجاوبهم كانت فقط لاتصدق نفسها ..
:
:
عندها تحدثت امها بحنان وهي تقترب منها ...." حبيبة أمتس ..بنيتي ..لا تبكين ولاتزعلين نفتس ...هذيلا اهل نعمة وان اخذتس ما تنضامين معوه يوم ...شيخ ولد شيوخ ..حتى تعليمتس أبد مهوب رادتس عنوه ..."
أيدتها اختها وهي تقترب...." صح أنه أبوي ماهموه ولا يبي هالسيره بس اخوه قال انه الزم ماعلينا تعليم البنت واخوه مصر على التعليم ..هو رجال له واجهته قدام الناس ويبي له وحده متعلمه ...وانتي خير من اختار ...لاتزعلين وانا اختس افرحي واضحك جاتس الفرج اللي يبي يهنيتس ويوريتس الدنيا صح ....جايتس ولد شيوخ وتبكين هيك ..."
:
:
اضافت أمها ...." الله يهدي قلبتس يا وليدي ...ويرضا عليتس ..تبكين اللحين ..وتضحكين بكرا ...أسمعي كلام امتس ...عيال موجعة من ذهب ...ذهب .."
قالتها وهي ترفع عينيها بحسره لأبنتها الاخرى ...لحال ابنتها الصغرى التي لا تعلم مابها ..
قالتها وهي تخرج من المكان ...عندها تبدلت ملامح اختها وهي تقترب منها وتدفع كتف أختها بغل ..." هبله وتضلين طول عمرتس هبله ..داريه مختس وش يدور فيه ..تبين ولد عمتس ..الصبي ولد الصبي ...تف عليتس كانتس رافسه النعمه برجلتس .."
:
:
قالتها وهي تخرج حانقه من المكان ..
لقد مات كل شعور بها ..ولم ترد على اختها او تدافع او تنهار مستميته ان لا يتم ذكره بالسوء أمامها ...لقد ترك لها هذه الرساله منذ شهر ...كان يعدها بشيء هي لاتفهمه ....
:
:
كانت اقل كلمات يرسلها لها منذ ثلاثة سنوات ....
خاليه الا من جمله يتيمه بخط منمق و واوضح ...في ورقه كما يبدو بأنها أخذت من طرف ملزمة دراسيه بمصطلحات انجليزيه متراصه برتابه من جهتها الاخرى ...
:
:
" أنا راجع أشوفك سيرني حنيني أليك ..."
:
كأنه يحاكي المستقبل...كأنه يرسلها من زمن أخر ...كانه يتنبأ بفقد هي لا تفهمه ..لطاما كان هو مايفهم كل مايدور وهي كانت متعلقه به بكل حواسها وبشغف شباب جارف ..
بينما كان هو العقلاني في هذه العلاقه من يأخذ بيدها ..من يقودها ..الذي يفهم كل الاشارات و يتنبئ بكل ما سيحدث ..
:
:
كان يحبها جدا كان يخاف عليها حتى من نفسه ..كان يغار عليه حتى من نظره خاطفة منه ..
:
كان يملكها ..
مررت اناملها الرقيقه على أخر الحروف التي خطها ..كانت الجمله بيت شعر و مطلع أغنيه لطلال مداح ..طويله وبها كلمات موجعه كثيرا ..
:
كان يرسل اليها شيء هي لاتفهمه ..هذه المره هي لاتفهم مايقول ..هذه المره هو ليس أكبر منها بعشر سنوات ..هو أكبر منها بدهر ..دهر غموض و حنكة ..وتجارب هي لن تفهمها يوما ...
:
:
تكره هذه العقبه بينهم ...تكره أنها لاتشبهه ...تريد أن تكون مثله دوما ..تريد أن تشبهه ..تريد أن تملك لون عينيه ..و بنفس لون بشرته ..تريد أن تكون جزء منه ..
:
:
كانت دون ان تعي تحث الخطى سارحة بمكان قدميها ..بصوت وقع حذائها الشتوي فوق الارض ..يصم اذانها ...يخفت تاره ..يقوى تاره ..يتشتت تاره اخرى ...ويختفى في ضجيج عقلها معضم الوقت ...
بكثير من الذكريات هي وقود هذه الخطوات السارحه ...
أوقفتها رائحة ما ..الجمت سير خطاها ..وتوقفت لترفع رأسها ...لقد فوتت محطة الترام منذ زمن ...
رائحة القهوه تنتشر في المكان ...دفئها يطغى فوق هذه الاجواء البارده ..
نفثت نفساً ترك غيمات عابثه من البخار في الجو حولها ...تذكرت صباح اليوم بدون قهوه لقد انتهت قهوتها ..
حسنا لتبتعد عن المنزل ..لتغرق هنا بالناس ...بالحياه لتكمل ماطلبه منها رفيق دراستها ..وتشتري القهوه ..والبن ايضا لقد نفذ منها ...
:
:
نزعت قفازيها وهي تدفع الباب بكتفها ..كان مجرد بابا زجاجي بسيط بأطراف خشبيه ...لكنه كان حاجزا عظيما بين البرودة القارسه في الخارج والدفء المحبب هنا ..الرائحه ..الازعاج ..الطاولات المكتضه بالبشر والاحاديث المتفرقه ...
:
:
طلبت قهوتها القويه وهي تجلس الى طاوله من كرسي واحد وثير لا يشبه بقية الكراسي نبذوه المتواجدين لبعده ووحدته ...
انه يليق بها جدا ..
حركت كتفها بحركه دائريه وهي تنزع حقيبتها عنه ...لم تلحظ ثقلها طوال مدة مشيها ..لكن بكتاب ثقيل وجهاز محمول بداخلها كان هذا كافيا لينهكها ...
:
:
مدت يدها للكوب ..وهي تنظر لهاتفها ...هي قريبه جدا من مشفى كادي ...يبدوا بأن خطواتها قادتها الى هنا ..
أرتجفت يدها بغته فكادت ان تُسقط الكوب الذي وصل للتو ..مررت يدها على جبينها وهي تنظر حولها ..ومن ثم تطرق رأسها لأناملها المرتجفه ..هو هنا ..هو قريب من هنا ...بعد سنوات طويله هو يعد ليتنفس معها نفس الهواء ...لا يبعد عنها كثيرا ..
القت نظره على واجهة المكان الزجاجيه ..التي لم تكن تطل سوى على الطريق الخالي الا من بعض الماره ..والاشجار العملاقة المغطاه بالثلوج ..
..
أنه امر عظيم حتى انها بالكاد تصدقه لشدة وطئته ...تتعامل معه بطريقه غريبه ..هي بذاتها لاتعرف كيفما يجب بها التعامل معه ...في ظرف أخر كان هذا لن يؤرق لها جفنا ...
لكن هي ...نفضت الافكار ..وهي تمرر كفيها على محياها ..وتخرج حاسبها من حقيبتها ...
في هذه اللحظة لم يمر امامها سوى فياض ...فياض ...غريبه لما تفكر به الان انها لم تفكر به يوما ...
لكنه هذه اللحظة حانقه جدا ...جدا تريد أن تقتص منه بأي طريقه ...بأن تصرخ عليه ..تصرخ حتى تفقد صوتها ...بأن تصفعه على ملامح وجهه الساكنه البارده تلك ...
ان تلقي كل اللوم عليه ...تكرهه ...نعم هي تكرهه ...حتى لو كان هو سبابا في استمارارها في حياته العلميه ..لكنه هو من يوقف حياتها من ان تتقدم هو من يجعل منها شبحا رماديا وحيدا مرتحلا يشبهه تماما ..
:
:
لا ::
لا::
هي لا تشبهه هي لديها الكثير من الحزن ..من الخيبات ..من الاوجاع المتراكمه فوق صدرها ...
:
:
:
مررت كفيها على التقاء كتفيها برقبتها وهي تشدد عليها ..عل هذا الالم ان يزول ...
لاتريد أن تفكر به ..لا ليس الان لن تفكر به ...ستفكر غدا ..اليوم هي فقط تريد أن تنهي هذا العمل ...
:
:
أخذها الوقت ..لم تنهي كوبها وبرد نصفه ..طلبت كوب أخر ..سيأتي في أي لحظة ...واقتربت من انهاء ما بين يديها رفعت رأسها فجأة وكأن هناك ماشدها وهي تتأمل الفراغ ...بهدوء فقط تتأمل الفراغ وكأن لا يوجد أمامها حياة ...فقط اضواء بيضاء ساطعه ...وكان عقله فارغ من أي ذكرى او فكرة ...
:
:
هدأ المكان في نفس اللحظة وطالت تلك اللحظه ..سوى من همسات ..واصوات اكوب عائده واخره مهاجره من فوق الطاولات المنتشره في المكان ذو الاضاءه المنخفضة نسبيا ..والقويه بالقرب من منضدة الطلب ...
:
:
سمعت صوت عميق وغريب ..كان يهمس بهدوء لكنها سمعته جيدا ..وكأنه يهمس لقلبها رفعت رأٍها ...
فكادت مقلتيها أن تفقد البصر لمن كان يقف ..كبر..كبر ونسي أن يفقد هذا الألق الحزين ..
بنفس الطول لكن بصحه افضل وعضلات أعرض ...بنفس خصلات الفحم الحالكه لكن بخطوط بيضاء كالثلج ..بنفس العينان السدواء الحاده والكحيله لكن بهالات أكثر ..
المكان هنا كان له تأثير كبير بأن تعود بشرته الفاتحه لطبيعتها ..شفتاه الورديه التي تخبئ وراءها ابتسامه طفل ..
جماله المبالغ به تعتق ...وطوله الفارع تأصل ...كبر ..كبر ..واضافت الاربعين عليه عبق فريدا ...
كالعود المعتق منه أغلى و أرغب ...
:
:
تراه ...تراه وكأنها تراه للمره الاولى امامها ..تعود لها ذكرى الايام القديمه تلك ...
عندما توقف للمره الاولى امام مدرستها ..وقلها لأول مره ..تراه ..
وقد تجدد شعور يبكيها في قلبها ...شعور تخاف منه ..هي الان مرتبطة ...ولو حتى كان بالأسم ...هي لاتستطيع أن تشعر هكذا ...
عيب ...ماتفعاه عيب ومذموم ...عيب ...عيب ...عيب ...
:
:
كان يرتدي معطفا طويلا وثقيل بلون بيج غامق فوق السكراب الازرق ..ويلف شال ثقيل اسود على رقبته ..وترك نظارته معلقه فوق صدره ..
ومشددا من قبضته التي احتمت بالقفاز الحامي من الاحتكاك فوق مقبض عكازه ..
استرخت في جلوسها وهي تخبئ نظراتها وراء شاشة جهازها ...وهي تتأمل خطواته العرجاء الواسعه للطاوله ...
كانت الطاوله واسعه لكنها خاليه الا منه ..
لا اراديا اعتدلت في جلوسها وقد تشبثت نظراتها به ...تراه هنا لاول مره ..تراه يصنع عالم مختلف عنه تماما ..
طبيب..هو طبيب ..صدقته اخيرا ...لقد ذكر انه يدرس لها الطب مره واحده فقط لكنها ابدا لم تصدقه ...ضنته يمزح ...
خصوصا بأن اختها قالت لها بأنه يدرس في الكليه الصناعيه ..بأنه مجرد سمكري لن يجد له وظيفه مناسبه أبدا ...
هل ترك هذا الامر سرا ...عن الكل ...
طوال ثلاث سنوات كانت متحفظا عن ذكر حياته التي هي اقل من حياتها بكثير...كان فقط يتحدث كثيرا عن ابيه وامه بأعتزاز كان يغليهما أكثر من أي شيء ...
:
:
راقبته وهو ينزع المعطف فوق الكرسي ويخرج هاتفه من جيبه ...وقد ارتدى قميص ذو كم طويل بلون رمداي غامق اسفل السكراب ...ارتدى نظارته ..
أثناء فعله ...تكاد تقسم وقد أعماها الدمع ...لازالت رائحة عودته تسيطر على المكان الذي هو به ..
:
:
خبئت ملامحها بين يديها كطفل صغير لايريد تصديق ماحوله ...يريد الهرب بين كفيه الصغيره المظلمه ...
تمنت بأن هذا كله كذب ..بأنه التباس ...بأنه سترفع عينيها وستجد شخص اخر تماما ...
لكن عندما رفعت عينيها ..كادت ان تتعثر وهي جالسه ...كانت تلك العيون السوداء تحدق بها ...بفراغ مخيف داخلها ..
تحدق بها ساكنه ...عندها تبعثرت يديها وهي تحاول تجميع اغراضها من فوق الطاوله ..
حملتها في يدها لم تدخلها في حقيبتها حتى وهي تترك الحساب فوق الطاوله ...
وتخرج مسرعه من المكان هاربه ...تشعر بالباب يبتعد عنها كلما اقتربت منه ..تهرب من المكان الذي لم يكن هو به ...بل كان كله ...
:
:
لقد كانت هنا لسنوات طويله ...لما تأتي به الصدف لأن يكون معها في نفس المكان في هذه المدينه المتشعبه الواسعه ...لأما هذا المكام وهذا الزمان وهذه اللحظة من الشعور ...
:
:
بينما هو لم يرمش ...لم يتحرك ..لم يشعر بأي شيء وهو يراقب كرسيها الخالي ...الوفير الخالي الا من الزهر ينبت فوقه ...
بدون وعي وقف ...بشعور ورجل اخر هو لا يعرفه ...وقف واتجه الى الكرسي والطاوله المبعثره ...
جلس بهدوء ..وهو يخبئ ملامحه بين كفيه ...لازال الكرسي المحظوظ يحتفظ بدفء جسدها ...برائحة جسدها ..بحيز كيانها ..
:
:
رفع رأسه للطاوله ..لكوبيها البارده ..للورقة التي بعثرت عليها ملاحظاتها ..مد يده للورقه وهو يسحبها لهدوء...يا الله كم افتقد هذا الخط ...كم افتقد اللون الازرق منها ..
:
:
::::::::::::::::::::::
مررت يدها على حجابها وهي ترتجف ..ومن ثم على وجهها لتخبيء دموعها ..كتمت شهقة بكائها بكفها ...
حاولت ان تتمالك نفسها عبثا ...ارتدت معطفها ..ورتبت اغراضها داخل الحقيبه ...
ومن ثم رفعت رأسها ...ليتها لم ترفعه ...ليتها فقدت بصرها قبل هذا ...
راقبته من وراء الواجهه الزجاجيه المغطاه بالكتابات واعلانات المحل ...في اقصى المقهى الدافيء المظلم يجلس في كرسيها ...
:
:
ويخبيء وجهه بين كفيه ....يخبئه ...تماما كما فعلت هي ..وكأنه يحاول الهروب معها ...منها ..و اليها ...
:
شهقت وهي تتعثر في خطواتها للخلف ...وتخبيء شهقاتها بين كفها ...ودموعها المنهمره تسيل اليه ...حتى تروى شفتيها الغضه من ملوحته...
ومشت ..مشت ..ووسعت الخطى ..هربت ..كما هربت طوال عمرها من الذكرى التي تركض خلفها ...
:
:
رفعت عينيها للسماء تحاول ان تثني من انهمار دموعها ...وهي تهمس دون وعي مردده اسمه ..."كايد.......................كايد....................كايد ............."
:
:
:
مع كل نبضه ..مع كل وقع خطوه ..كان الاسم يتردد بسرعه تهرب منه ويلحقها ...
:
:
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::
:
:
:
لقد ملت من المكان ...ملت حتى انتباتها افكارا هي خافت منها ..
خطت بهدوء بقدميها التي لازلت تحمل قطرات استحمامها للتو ..فوق فرش الارضيه البارد ..رغم ان الغرفه في ركن المنزل وقد فرشت ارضيتها ..الا انها بارده جدا ...
فتحت الباب بهدوء وهي تمرر اناملها فوق تعليقه السلسله الذهب القديمه التي قلدتها اياها امها وهي في العاشره فقط ولم تنزعها منذ ذاك الحين ...باتت تفعل هذا كثيرا دون وعي ..وكم نهرتها امها من هذا الفعل ...
لكن الان هي تلمسها كثيرا ...تريد أن تسمع صوت امها مره اخرى ولو ناهره ..
كان المنزل شبه مظلم وخالي ...خالي ومخيف ..سمعت صوت باب الغرفه في اوسط الدور البعيد يغلق ..تمنت لو ان تعود راكضه الا انها ابتعدت ...وكما ان ساقيها خذلتها برعب ...
لكنها كانت الخادمه تغادرها وهي مستجله وكأنه تهرب من شيء ما ..
لاحظتها وهي تتوقف بينما لازال طيف الخوف ينسل منها ...
اقتربت منها بلباقه وهي تستفسر ان كانت تريد أي شيء منها...ربما تريد طلب منشفه ..انها ترتدي قميصا قطنيا التصق بجسدها المبتل وخصلاتها لازالت تقطر ماء ...
لطالما وبختها امها على هذه العاده ...لكنها مؤخرا باتت تفعل كل مايزعج امها دون وعي منها ...كانها تستحثها على الظهور من أي مكان لتوبخها ...
:
:
اخبرتها بأن البيت خالي واجمع من به مسافر ...راقبت نظرات الاستغراب على وجهها ...حاولت ان تبرر نفسها لاتعلم بأنها هي ليست مستغربه فقط تحاول فهم كلامها ...
قالت لها بأنها خرجت للتو من الغرفه لانها كانت تعتني بالصغيره ...
:
:
هزت رأسها لها بالايجاب ..وهي تجيب على اسئلة تلك بأقتضاب بأنها لاتريد شيء ..
توقفت في مكانها مطولا وهي تراقب اختفاء الخادمه ..كيف لهم ان يرحلوا ويتركوا صغيره في مكان كبير ومخيف كهذا لوحدها ...
خطت بهدوء ..وقد بدت برودة الارض الرخاميه تقرصها في قدميها ..بتردد مدت يدها لمقبض باب الغرفه الضخم ...هزمت المخاوف في صدرها وهي تفتح الباب ...
كانت الغرفه الواسعه تغرق في الظلام ..والهدوء البارد سوى من ضوء ازرق خافت يأتيها من القسم الاخر ...والحان طفوليه بالكاد تصل لمسمعها ...
حاولت ان لاتصدر صوتا وهي تتجه الى حيث يأتي الصوت ...
كانت الشاشه الضخمه تبث شارة توقف قناة اطفال ...مره بعد اخرى ...
حينها كاد ان يتوقف قلبها وهي تقترب بهدوء من السرير ذو الحواف العاليه لتتفقد الطفله ..
لكن تلك بشعر مبعثر وعينان تشع ناشطا ..وقد تركت في هذه الظلماء لوحدها حتى يباغتها النوم ...
وقفت في سريرها ما ان شعرت بأقترابها بأبسامه صغيره يملؤها الحماس.. عندها هوى قلبها ..لهذه الصغيره المهمله ..دون ان تعي دمعت عينيها ..وهي تقترب منها ..
رفعت تلك يديها لها بحماس لكي تخرجها من السرير ...اقتربت منها ..وهي تبتسم لها وتقرص خديها وترتب خصلا شعرها السوداء الثقيله لتبعدها عن حدقتيها الواسعه ..." يمه..فدوة أني للحلو الصغير ..."
:
:
الطفله هذه سهلة المعامله ..لطفيه جدا ..ووحيده ومنسيه للغايه مثلها تماما...
:
:
كانت ستخرجها من السرير ...لولا انها ابتعدت بهلع ساكن للخلف دون ان تلتفت لصوت الخطوت المتقعه خلفها ...ورائحه عودة رجاليه قويه تكاد تخنقها ..
هي مضطره لأن تلتفت لمن تشعر به يقف خلفها ...
أرتجفت بخوف وهي تتأمل طوله الفارع فوقها ..كانت عيناه مخبئه في الظلام ...
مر بها كل أمر سيء قد فكرت به يوما وقد تعلقت حدقتيها به بخوف ..جارف ...
دون أدنى مقدمات شعرت به يهوي أتجاهها ..شعرت بجسدها يتحطم فوق الارض البارده ..
وهو بكل طوله وثقله كان ساكنا فوقها ..يسحق بعظامه الضخمه جسدها الغض ...
:
:
:
:
:
لم تعلم هل كانت تصرخ أم تبكي كل ما تعرفه بأن صوتها صم اذنها لدرجة انها ماعادت تعي ما يخرج منها ...
لم تعرف كم لبثت من وقت على حالها لتستوعب ...بأن هذا الثقل فوقا ...سكان ..سكون مخيف ...سكون الاموات ..
:
:
تنهدت وما عاد الهواء يستدل طريقه لها...تحاول ان تنسحب من اسفله بأي طريقه ...عبثا لم يكن يجديها شيء ..تشبثت بأناملها التي بالكاد تصل بأحد أرجل سرير الصغيره التي ارعبها هي بدورها الموقف فأرتجفت متعثره باكيه ...جرت نفسها بكل قوتها من اسفله ..
كان هامدا بلا حراك او ردة فعل و وجهه مسجى للأرض ...
لم تعلم ماذا تفعل تشعر بجسدها وقد انشل نتيجة لرعب الموقف الذي تكالبت عليها المخاوف فيه من كل جهه ...
وضعت يدها على رأسها وهي تبعد خصلاتها الرطبه عن جبينها محاوله استنتاج حل ما وقد استمرت الصغيره في نوبة بكاها ...
قفزت بخطواته الرشيقه من فوقه ..وهي تبعد غترته وعقاله عن طريقها ..جلست بالقرب من من الجهه الاخرى ..وهي تحاول قلبه عبثا ..لتعلم مابد ثم ستطلب المساعده ...يا الله هي لاتعرف ماتفعل حتى ...
حاولت قلبه عبثا ...كان ثقيلا جدا ..كا اثقل من ان ترفع يده حتى ...لقد لاحظت طوله في مواقفه النادره معها لكنها لم تستوعب كل هذا الطول والضخامه الا الان عندما اقتربت منه ...
حركه رأسه منزعجا فتعثرت في محاولتها للوقف للخلف وهي تتأمله يجلس بأنزعاج ..ممرا يده على رأسه وهو يشد شعره بين انامله ..
كانت ملامحه شارده وكأنه قد استيقض للتو من نوم طويل ..سرحت عيناه لبرهه ..
من ثم مد يده لصغيرته داخل السرير وهو يبعثر شعرها بأن تطمني أباكي بخير ...
كل هذا ولم يلتفت للهلعه التي ارتعد صدرها للموقف ...التفت اليها فجأة ...كان سيأمرها بشيء ما الا انه صمت لجزء من الثانيه وهو ينظر اليها ..يتأملها ربما لاتعرف ..
امرها ببرود مخيف وقد ثقل صوته ...." قومي هاتلي ماء ..."
:
:
استوعبت منظرها وقفت بنفس تعثرها وهي تغطي فخذيها وساقيها التي انكشفت لسقوطها بكفين تائهه كذهنها تماما ..
لحظات حتى عادت له ..وقف وهو يتشبث في سرير أبنته ..مخرجا علاجه من جيبه ..
ما به هي لا تعلم راقبته وهو يتناوله في ثانيه ..ترك العلبه من يده ..كل هذا وهي تقف في مكانها كالصنم بلا حراك او شعور لاتعلم تريد ان تتحرك لكن قدميها تشبثت في الارض بقوة ...
:
:
كانت ابنته تعبت لحظتها من الموقف ..كان يعطيها ظهره ..لأكن ملامح ابنته تحكي عن أي ملامح هو يواجهها به ...كانت تتأمله بحب وابتسامه ناعسه ...
:
:
استلقت بهدوء تستمده من ابيها ..وهو يغطيها ..وهي تفرك عينيها الصغيره متثاءبه ...
مد يده للريموت واغلق الشاشه ..التي بدا بأنه انزعج من اضاءتها ..غرق المكان في ظلام مخيف ..شعرت بألم اسفل معدتها لشدة خوفها ..
وارتجفت كتفيها ثم بقية جسدها ..واقشعر بدنها وكأنها تراقب أي حركة حولها في الظلماء شهقت لمن اقترب منها حتى التصق صدرها به ..خطت للخلف ليصطدم منتصف جسدها بجانب الباب ..لقد اخفت في الخروج ...
شعرت بكفيه القويه تلتف حول عضديها البارده تأثرا بأستحمامها ..وبرودة المكان ...
شهقت هلع ام بكاء ..لاتعرف اختلط عليها كل شعور وهي تشعر بطوله الثقيل ينحني لها ...
آانين بكاء نكتوم ونوبة هلع غريبه مرت بها ..وهي تشعر به يدفن رأسه بين كتفها ورقبته ..
كانت دون ان تعي تتوزع ضربات كفيها عبثا على صدره وعضلات ذراعه القاسيه ..
سكنت ولم يسكن ارتجاف جسدها للقبله العميقه التي تركها فوق رقبتها ...
تعثرت في وقوفها الا ان كفيه على عضديها كانت اقوى منها لتقيم عثرتها ...
تبعت تلك القبله ..أخريات كثيره مبعثره ..طويله ..اخرى قويه ..واخرى عابره ..
كتمت شهقاتها لفعلته وقد اتسعت حدقتيها في الظلام التي بدت تألفه ..
لم تشعر بقدميها الا وهي تنقاد ..له في خطوته الواسعه المبتعده ولازالت يده اليمنى تحتفظ بعضدها الايسر ...لو اراد شيئا هي اضعف من ان تنهره ..او تبعده ..او حتى تهرب منه ..
:
:
هي بالكاد تسللت من اسفل سقوطه للتو ..
:
:
بالقرب من السرير كان المكان مضاء أكثر ..غضن جفنيه بتعب وهو يتركها ويمرر يده على يسار رأسه ويضغط بتعب ..
رمى بجسده بكل قوته جالسا على جهته من السرير ...وهو يشير لها بيده نحو الباب جون ان يرفع رأسه حتى ...
لم تنتظر ان تستوعب حركة يده لتهرب ناحيه الباب ..قبل خروجها كان قد مد يده للأضاء الجانبيه واغلقها ...
:
:
راقب طيفها يخرج من الغرفه المظلمه للممر المضاء ..بقميصها القطني الفاتح الذي لم يزدها سوى رقه ...كلما اريدها ...أجدني أجبن ..و أضعف ...واجد بي كرها يتأجج ..ليس عليها فقط بل على كل فكرة تبنيتها قادتني للوقوف امامها ...
:
:
أكرها حقا ..أكرهها لدرجة أنني أنسى وجودها وكل مره اقابلها عرضا ..هي اول مره أراها ..كل ما بها يجعلني أراها أول مره ..
:
:
:
شدد بيديه على رأسه .. يالله يكاد يموت من شدة الآلم لدرجة انه فقد وعيه ...أخر مايذكره هو ملمس جسدها الغض اسفل قسوته ..
لقد حكم علي بهذا المرض حتى اخر يوم بعمري ..وانا احمق لا اراعي نفسي ابدا ...
وقف وهو ينزع ثوبه بعنف ..وقوفه الفجائي زاد من المه ...لكنه حقا كره رائحة العوده القويه في ثوبه فقد زادت المه اضعافا ...
ستكون هذه اخر مره يضعها سيرميها غدا ...
ما ان يأخذ هذا الدواء مفعوله ...
:
:
:
في الطرف الاخر من هذا القصر الفاره الخالي كانت هذه الصغيره ترتعد خلف باب غرفتها الذي أوصدته للتو ..
باكية مرتجفه و وحيده ...وحائره ..حائرة لا تفهم حتى افكارها واختلاجات جسدها ...
أنثى كامله نسيت أن تهجر براءة الطفولة ...
:
:
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::
:
:
صمتت لبرهه وهي تتأمل الارض ..لقد انتظرت هذه الكلمات لسنوات ..تعلم كم هي صعبه ...وتعلم كم هو ضعيف حاليا لكنها تريد حقا ان تذهب في حال سبيله لاتريد ان تمثل بأنه يريدها بجانبه أو أن تسانده فقط تريد أن تمضي قدما ....
تريد أن تكمل دراستها ..أن تشافر لأبعد مكان مع شخص يهمها أمره حقا ...أن ترمي حلم الشباب الغبي بأن ترتبط به ...
ماهو الا وجع بارد ...وجع مخيف يجرفها لمكان لاعودة منه ..مكان نسيت فيه كم كانت هي مرحه من قبل ...
تريد حقا أن تجرب أن يناديها طفل بكلمة " ماما ..."
هي تريد أن تتخلى عنه بكل اريحيه واقتناع واستسلام ...تتخلى عنه في اقرب فرصه هي تستطيع فيها ان تثبت نفسها له من تكون ...
" الصدق ...أبغى الطلاق ..أنا تعبت خلاص ...أبي أعيش ..تعبت .."
:
:
تعبت ..كلمه ترددت داخل رأسه كثيرا ..كلمه قرر أن لا يستسلم لها ...
:
:
ماذا عنه ...أنه متعب جدا .بالكاد يقف ...ماذا عنه ؟؟
:
:
:
تنهد وهو يمرر كفيه على محياه ...لطالما عرف بأنه سيأتي اليوم الذي تطلب فيه هذا ..يا أبنة عمي أنا تزوجتك طفله ..أنا ربيتك ..أنا الادرى بكل اختلاجاتك ..
رغم بأنه وصل اليوم من المدينة الا انه باشر عمله كأي يوم أخر ..نظر الى ساعته ...لقد شارفت الساعه السادسه صباحا ..عاد موعد عمله المعتاد وهو لم ينم ولم ينزع بذلته السوداء المليئة بالاوسمه حتى ..
:
:
همس بأسمها متعبا يثنيها عن اكمال الحديث ...." مها .."
غضنت تلك جبينها وهي تراقب الارض غير راضيه ...هزت رأسها بالايجاب وكأنها تؤازر نفسها بما ستقوله ....وهي تقف .." يا ولد عمي اخبرك عادل وماتضيم احد ..بروح بيت اخوي ..و أنت تعرف أش ابغى ..واذا على نوف مانختلف اللي تقوله بسويه ...." أكملت مهمه بحزن ..." هي مايفرق معاها .."
:
:
ستذهب الى منزل اخيها من امها ...ستهرب هذه المره دام أنها شجاعه ..لن تلتفت اليه ..لن تضعف هذه المره وقد أجلت الامر لأكثر من ثمانيه سنوات ...
متأكده جيدا بأنه يفهمها ...لأنهما الاثنان يعلمان كم هما مظلومان في هذا الزواج ..
في هذا الارتباط الذي لم يولد سوى الحزن والكثير من الفراغ والندم ..
:
:
أنه رجل كامل ..من هي العاقله التي تهجر منزل رجل كعساف ...لكن ..لكن مايحدث بينهما أكبر من أن تقتنع به ...
كانت مغرمه به حتى اول طفل بينهما ..عندها علمت بأنه لم يكن غرام ..ولم تكن مختلفه ..
كانت زيجه صعبه أخرى لاغير ...
الرباط بينه وبين ساره لن تكون في مكانه ابدا ...ساره لها رغبات وقناعات اخرى تماما ...تعيش معه كأخ وسند لاغير ...
لانه يتيمه ولاتملك اسره سواه و امه وابنها ...ابنها الذي لا يبعد في حالته عن ابنتها ..
:
:
اغلقت الباب خلفها بهدوء ..اغلقته لأخر مره وهي تتناول عبائتها من خادمتها وتنزل السلم بهدوء ...وبثقه في قرارها ..الذي اتخذته بكل هدوء وفي لحظة عاديه من يوم معتاد ...
:
بينما تركت ذاك خلفها لازال جالسا في مكانه ..مسندا ذراعيه على ركبتيه في جلوسه ومطرقا رأسه سارحا بما تم وكان للتو ...
:
:
شدد على قبعته العسكريه بين يديه بكل قوته دون وعي وهو سارحا ..
وقف بعد حين وهو ينزع ملابسه ببرود ..لا ردة فعل حتى الان ..سيأخذ حماما سريعا ويشرب قهوته ومن ثم يعود لأكمال عمله في القصر الملكي ...
سيكون يوما هادئا ...ليس هناك مايذكر ... لذا هو سيتوجه لمكتب سيادته بالقرار الذي طال هجر اتخاذه ..
ليجعله يوما لا ينسى ...يوما حافلا بالقرارت المصيريه ...
لم يستغرب طلبها او يستنكره او حتى يؤلمه ...هو عالم تماما بأن هذا مايدور بخلدها منذ لحظة ولادة ابنتهم ...
:
:
لها الحق ...لها كل الحق ابنة عمي ..تريد فرصه اخرى ..فرصه ناجحه ومليئة بالاحتمالات الجيده ...
:
:
لقد صبرت ..وصبرت أنا ...وحاولنا كثيرا ..كنت أعلم بأنه سيأتي اليوم الذي ستستسلم به ..تماما كساره ...
فرك عينيه بتعب اسفل المياه الساخنه ...لكنه هو ..هو من يحمل كل اللوم ربما لا يعلم ...وتمسكه بالعرف ..و بالتقاليد ..هل يستسلم هو يوما أيضا ..
لكن من بقي غيره الان ...هو ..هو والامل المتزعزع في وجود أي ذكر لعمه القديم...
:
:
:
ابعد الماء عن وجهه ..وهو يخرج من اسفل المياه ...لن يتأخر ..سيذهب في موعده ..تماما كأخر عشرين سنه في حياته ..
:
:
لكن النهايه في وظيفة الحلم هذه قريبة جدا ..
يبدوا بأن تيار التغيير ..قد بدأ اول موجاته الهادره ..
:
:
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::
:
:
من حسن حظها بأنها وضبت طقمي خروج فخمه تحسبا لأي حالة طارئة كهذه ...انتهت من تجفيف وتسريح شعرها ولازالت ترتدي معطف قميصها الحريري ...
لم تره اليوم منذ خروجه لصلاة الفجر أين هو ...أن الساعه قاربت على الحاديه عشر والنصف ..
اغمضت عينيها بتعب ...لاتريد أن تقابل أي شخص تريد أن تمضي بقية اليوم في عزلة هادئة ..
تناولت قلم الكحل ..الا انها اعادته لمكانه ...داخل حقيبة المكياج التي تزاحمت بالقطع الغاليه ...
لم تضع مكياج كاملا منذ مدة طويله ..كما انها لن تضمن ماهو مستوى مكان ذهابها اليوم ...
لا تعلم كم لبثت امام المرآه ...الا انها رضت بالنتيجه النهائية ...أبتمت وهي تتأمل احمر الشفاه الاحمر الجريء فوق شفتيها ..
رفعت رمشيها بأطراف اناملها ...وهي تتأمل ملامحها رغم مكياجها الناعم البسيط الا ان ملامحها تغيرت ..متى اخر مره كانت قد وضعت زينه كامله ...ملكة اخت نايف ربما ...ياه مر زمن بعيد ..لكنها حتما لم تهجر الكحل ..
نفضت رأسها للذكرى ...لا تريد تذكر نايف وماعاشته معه ابدا ..
ارتدت الفستان اللبني الفاتح الضيق ..اخذت نفسا عميقا وهي تغلق السحاب ..تأملت وقوفها بعدما ارتدت حذائها ..وفتحت شعرها ..
عدلت خصلاته الطويله فوق فتحة صدره الواسعه وهي تتناول العطر من فوق المنضده ...حقا هي تشكر ذوق عذبى التي تعنت بكل هذا ..
:
:
لم تبدل ذهبها الذي اتت به من سكاكا يكفيها ما ترتديه ...جمعت محتويات حقيبتها ..وتناولت عبائتها ...خطت حول نفسها بهدوء وهي لا تعلم مالذي ستفعله تاليا ...سوى الانتظار ..
:
أقتربت من النافذه الواسعه التي تطل على المكان الشاسع بالأمس ..وقفت بهدوء ظاهر وباطن ...لقد مر زمن طويل منذ أن كانت صافية الذهن كهذه اللحظة ..رغم أن موعد صلاة الظهرقد اقترب الا ان الشمس اختفت وراء كل هذه الغيوم الثقيله الكريمه...
أبتسمت وهي تتأمل السماء ..
دندنت مع نفسها لحنا حجازيا عذبا كان أبيها يحبه للغاية ..
" أهيم بروحي على الرابيه ...وعند المطاف و في المروتين .."
" واهفوا الى ذكر غاليه ...لدى البيت والخيف والاخشبين "
:
:
وككل لحن حجازي مغرم بتلك الجبال السوداء و الخيوف والخبوت البعيده ..كان لحنها حزينا هادئا ...لطالما كانت الحان الحجاز ما هي الا امتداد من ارضه الجميله الغنيه تلك ...
:
:
:
لم تعي لمن كان يقف خلفها ..كان لون ثوبها قطعه من السماء ..وازداد جمال محياها اضعافا وكأنها الكوكب الدري يطلع في غير وقته ..
ألم يهجر هو كل هذا ..ألم يكن الهوى لم يخلق لأشباهه من الرجال ..لكنها ..بكل القها هذا تولد به مالا يفهمه ولا يحمده ..
:
:
التفتت اليه وقد احمرت خديها خجلا لوجوده ...تركت عبائتها من يده وهي تتقدم ..." أنت جيت يا سِيدي .."
هز رأسه لها بالإيجاب ولازال يحاولالهرب من سرحه بها ..اليوم هي جميله جدا ...اليوم عينيها بدون حزن ...وكم هي جميله يا ربي...
:
:
" سِيدي..." بلهجة الحجاز البدويه الرقيقه ...كانت كثيرا ما تناديه بهذا الاسم بين احاديثها المتفرقه ...لا يفهمها فقط يضن بأنها ربما كوميدية حديث..او شيء هكذا ...
لكن مالم يفهمه هذا الشمالي البعيد تماما عن ارض الحضارت الفريده تلك...بأن اهل الحجاز اذ احبوا أحدا حيا جما نادوه بهذا الاسم تعضيما لمكانته في قلبهم وفي الحياة حولهم ..
:
:
وكم هي لهجه خفيفه جميله ..لازالت محتفظة بألفاظ القرأن .. ونغمة صدى الجبال ..جبال الحجاز التي وقفت بين سروات الجنوب واجا وسلمى الشمال ..تقطعت بها السبل من أي جبال أخرى ...لتبقى وحيده فريده بكل حرف وذكرى ...
:
:
أشار على جسده المتعب ...." بأخذ لي حمام سريع ..والبس ونمشي ..."
خط خلفه وهو يتجه الى الخزانه الا انها اثنته ...وهي تشير الى باب دورة المياه ..." جهزت لك كل شي بالحمام ..كرامتك تأخرت قلت اكيد بيجي مستعجل ..."
:
:
هو لا يحادثها بلهجة الام تعود ان يكون دوبلماسيا مع الاخر في حياته العمليه لذا هو يتحدث معها بلهجة بيضا ..مثلها تماما لكن مؤخرا أصبحت تفصح عن لهجتها كثيرا ...
معانيها واضحها لكنها في سياق الحديث تختلف مقاصدها تماما ...غضن جبينه وهو ينزع ثوبه وهو يراقب قربها ....مرددا كلمتها بأستغراب ..." كرامتي ..؟؟"
:
:
لم تفهم قوله وهي تغضن جبينها بأستغراب تنتظر ان يكمل حديثه مابها كرامته ...؟؟
عندها استوعبت وهي تغرق بضحكها ...أبتسم لمنظرها يراها تضحك هكذا لأول مره ...
تحاول ان تفسر قولها لكنها تغرق في ضحكها ..كلما حاولت ان تفصح عن معنى قولها وهي تشير بأناملها على شفتيها عبثا ..
اخذت نفسا عميقا وهي تعدل هنداما وتمرر اناملها اسفل جفنيها لتجفف دموعها ...لم تضحكه ردة فعله كما اضحكها تفكيرها الي هلع للحظة بأنه ربما هو متضايق من شيئ ما ويحاول ان يوبخها ...
تحدثت بهدوء تشرح له مقصدها ..." كرامتك ..كرامتك يعني علشانك ..لأجلك ..فهمتها ..."
:
:
أبتسم لردة فعلها الجميله حقا هي مختلفه اليوم ...واستمد شيء ما من مزاجها الجيد هذا ...." شوفي يابنت ..تبين تهرجين هيك ..ببدل انا و اطلع لسان جِدي عليتس ..."
:
:
هزت رأسها بالإيجاب وهي تقترب منه ..وتسحب قميصه الداخلي من جهة صدره بين اناملها ..." موافقه ماعندي مشاكل أنا ..."
نظر لفعلتها ثم رفع رأسه لملامحها ..لما كل فعل بسيط منها يؤثر عليه بهذا الشكل ...
ياه كم كان خالي الذهن قبلها ..وبدون تشتت او تشابك في الأفكار ..كان واضح ...لكن بعد هي تخلق تشابك غريب ..مزعج ومرغوب ..
:
:
أخذت نفسا عميقا وهي ترفع رأسها له وتسند ذراعيها على كتفيه ..وتغلل اناملها في شعره ...
راقبت اناملها وهي تحدثه ...." ماعندي مانع في أي شيء يجي منك ...يكفيني تكون معاي لو لحظة من اليوم "
:
:
لا يعلم لما تبعثرت نبضات قلبه وكاد ان يفغر فاهه لقولها ..رباه كم هو احمق وجاهل بكل هذا ...ليته يتعلم منها كيف يتحدث ..فلسانها لا ينطق الا بمعسول الكلام ...
هل هو حقا يعني لها كل هذا الذي تقول ام هي تجامله فقط ..؟؟
نظرت الى عينيه ..." مو تأخرنا شوي ؟؟"
قالتها وهي تنظر لساعتها على ساعدها الذي مازال فوق كتفه ..
قبلته بخفه وهي تبتعد عنه ...وتأخذ عبائتها من حيث تركتها ..." لاتطول ..."
:
:
لم تلتفت اليه ..هي هكذا تخاف من أن ترقب أي ردة فعل منه بعد كل موقف بينهما ...
هي تفعل فقط ما تشعر به ..وتقول ما تود قوله بشده لاتريد أن تكتم شيء هي ربما ستندم عليها بعد حين ...تندم بأنها لم تقوله في حينه ...
:
:
كان كعادته طوال مشوار الطريق لم يحادثها ...لكنه أيضا كان صامت ولم ينشغل بمحادثات عمله الطويله الممله والدقيقه ..
أختار الصمت لان هنالك الكثير مما يجول بداخله ...وكم هذا جديد عليه .
لطالما عرف مايريد فعله ..وما سيقول ..لكن معها كل هذا يختلف ..
:
:
عندما توقف امام البوابه ..رفعت عينيها له تسأله.." متى نمشي..؟؟"
هز كتفيه ببديهيه .." العصر ...بدق عليتس أنا ..ما راح نطول"
:
:
هزت رأسها بالإيجاب وهي تهمس ..." أن شاء الله .."
أغلقت الباب خلفها بهدوء وهي تستقيم مترجله من السياره ..
أخذت نفسا عميقا وهي تتجه الى مدخل المنزل الضخم امامها ..لا تعلم مالذي سينتظرها بالداخل ..
بينما ذاك لم يتحرك حتى غابت عن عينيه وراء الباب الضخم...
نفثت نفسها وهي تنزع نقابها..وتراقب المدخل الواسع الخالي الا منها ورائحة البخور ..واصوات تتسلل لها من مكان بعيد ..
:
:
نزعت عبائتها ورتبت هندامها ..واعادت من اغداق عطرها على أماكن نبضها ..صففت عبائتها بين يديها وهي تلتفت حولها ..
لما لا يوجد احدهم هنا ..حينها ظهرت لها خادمه لا تعلم من اين ..وهي تأخذ عبائتها منها ..وتناولها رقما ما ..
تفقدت الرقم في يدها بأستغراب ...يا للهول يبدوا بأن هناك الكثير من الضيوف...
سمعت صوت نقرات كعب ما ..رفعت رأسها للصوت كانت تلك البشوشه قد اقتربت منها ....
تحيها للتواجد في المكان أخيرا ..عرفتها لحظة رأتها لقد قابلتها من قبل في عزاء شما وفي اول مره تكون في مجلس القبيله ...
:
:
ردت عليها جملها المرحبه الطلقه بخجل ..وهي تتبعها ..اول ما دخلت المجلس الواسع المكتض كانت عمتها تجلس في صدره بجانب الباب ..سلمت على يديها ورأسها ..وكما يبدوا بأن عمتها فخورة فقط بأن هذا الجمال كله ينتمي لأبنها امام الناس ..اما نظراتها التي تبادلها معها كانت خاليه تماما ..
عرفتها على المجلس الذي ما انتهت من السلام عليه وجلست بجانب عمتها .....حتى اشارت المضيفه بأن مائده الغداء جاهزه ...
:
:
كان الترحيب فيها من اهل المنزل حار وحميم جدا حيث خجلت جدا منه ...
جلست جانب عمتها في اهم مكان من السفره الرئيسيه الضخمه الممتده بهدوء ..لم تأكل الكثير ..فقط بضع لقيمات خجلا من إصرار المضيفه عليها ..
لم تعرف اهل الأردن بينهم كانوا جميعهم متشابهين ..رغم كثرتهم لكن يبدوا بأنهم اسرة وحده معتاده على بعض ..
اسره كبيره ممتده ..لا تشبه ابدا اسرتها الصغيره ..
:
:
بعد انحلال السفره عادت الى حيثما كانت بدون حديث مشترك بينهم كانت تجلس صامته ..لكنها مميزة ابدا لاتشبههم ملامحها مختلفه و غريبه ..
أستأذنت المضيفه للذهاب لدورة المياه ..هي فقط تريد الخروج من المكان ..
:
تجاهلت طريق دورة المياه وهي تتجه للباب الواسع المفتوح المطل على الفناء الخلفي ..
خطت بهدوء فوق الارضيه الحمراء الخشنه ...التي ترك المطر الذي هطل كما يبدوا اثناء توادهم بالداخل ..وخلت السماء الصحوه من أي غيمه ..
عبثت بكعبها محدثا خطوطا من الماء سرعان ماتجف تخرجها من التجمع الصغير للمياه المتبقيه في احد الحفر الصغيره ...
لما هي غريبة لهذه الدرجة لما هي تقف هنا دون أي سبب او قيمه ..تنهدت وهي ترفع رأسها للسماء ..
يالزرقتها الجذابه ..
عندها سمعت صوتا ورائها ..ألتفتت بهدوء للصوت السائل ..."بدك قهوه ؟؟"
:
:
التفتت مستغربه الصوت ..يبدوا بأن أحدهم غيرها ايضا هرب من كل تلك الضوضاء ..
كانت تلك تجلس اسفل المظله الواسعه التم لم تتأثر الكراسي اسفلها برطوبة المطر ..
أبتسمت لها وهي تقترب .." أحد يقدر يقول لا للقهوه في هذا الجو الجميل .."
:
ايدتها تلك وهي تمدها بالفنجان ..جلست بجانبها وهي تتناوله منها شاكره ...التفتت مره أخرى للسماء تتأملها ..
تحدثت تلك ممازحه ..." اللي أخذ عقلك ..."
ضحكت سلطانه وهي تجيبها بأريحيه ..انها لطيفه جدا ...." أكيد المدينة ..."
أكملت وهي تراقب استفهام ملامح تلك ..." انا من اهل المدينة المنورة ..و واحشتني هالايام كثير ..خصوصا ان هالوقت من السنه جدا جميل فيها ..."
تحدثت تلك بمعن قديم في حديثها ..." الواحد منا هيك ...بيحن لأرضه ومسقط رأسه حتى لو كرهها بيوم وقرر يخرج ..يرجع لها وبقلبه الحب أكبر لألها .."
أبتسمت لها سلطانة مؤيده ..." لكن اذا كان مجبور يهجرها ...أش بيده .."
أيدتها تلك وهي تهز رأسها بالايجاب ...." جربت اهجر عمّان مرتين ..بدهاش تزبط معي ..ألقاني ارجع لها كل مره ..يبدو بأنها تحبني أكثر مما أحبها .."
:
تسألت وهي تتأمل الغريبه امامها ...بملامح هادئه وعاديه ..وهندام انيق ورسمي .." يعني ممكن يوم ارجع للمدينة ..."
:
هزت تلك رأسها بالنفي ..." مش شرط لو كنتي سعيده في بعدك .."
أبتسمت سلطانه وهي تجب بتردد ..." حتى الأن سعيده جدا ..."
شاركتها تلك الابتسام ..." الله يديمها عليك ياستي ...ولشو تركتي المدينة ...؟؟"
اجابتها سلطانه بأريحيه ..." زوجي من اهل سكاكا..وجدا متعلق بها ..ماتوقع في يوم اني ارجع اعيش في المدينة ..لأن ماتوقع اقدر اعيش بعيد عنه ..بطريقه ما حياتي تدور داخل يده .."
صمتت تلك لبرهه وهي تكمل ..." زوجي الاول من هان ..من السعوديه ..ما كملت حتى معو سنه ..ما بعرف هل انا كنت جبانه وما عرفت اتعامل معه .. أو هو صعب ..او انا اشتقت للأردن وهربت ...رغم انه قريبي لكن الحياه كانت معوه مختلفه عن ما اريد ..."
انها هادئة جدا ومثقفه وحديثها مسترسل ..هزت سلطانه رأسها بالايجاب تؤيدها ...تبيح عن دواخلها هي ايضا " الزواج امره صعب ..أنا كمانت زواجي الاول فشل ...رغم اني دخلت الاتباط بحماس وعن حب ..لكن الحب للأسف مو كل ..."
عارضتها تلك ..." بالعكس الحب اشيء مهم .."
ابتسمت لها سلطانه ..." يمكنه توافيق من ربي ...وناس عن ناس وتجربه عن تجربه ..."
أيدتها تلك ..." صحيح هو مخيف لكنه يأتي دون سابق أنذار ...."
أكملت حديثها تسألها ..." وبتحبيه ؟؟"
أستغربت سؤالها ..أكملت تلك موضحه ..." أقصد زوجك هلا ..بتحبيه ..؟؟"
أبتسمت تلك بخجل ..لم تعرف بما تجيب نفسها لتجيب هذه ..كان السؤال موجه لدواخلها ...هل تحبينه يا سلطانه ....
هزت رأسها علامة الشتات ...." مدري ...يمكن يوم من الايام...اللي بيننا غريب ويتغير كل يوم ..يوم احس اني بديت احبه ..ويوم احس أني ما اعرفه ..ما ادري ..احس بدري ع السؤال ..."
:
هزت تلك رأسها بالايجاب متفهمه حالتها ..." زواجي الاول كان تقليدي أما الثاني عن ..لشخص عمري لم أتوقع انه يكون شريك حياتي ..."
أبتسمت لها سلطانه بموده ..." الله يتمم لكم ع خير ويخليكم لبعض ..أما انا زواجي الثاني كان مدبر وفي وقت سريع حصل وبدون مقدمات ..هو كان زوج أختي من ابوي ......شما ...وتوفت قريب وتركتني تقدرين تقولين زي الوصيه له ...كنت حرفض بس لقيته مصر انه كل شي يتم وبسرعه ..."
:
:
صمتت تلك لبرهه ...لم تتحدث فقط طال صمتها وهي تتأمل سلطانه بعينان خاليه ....همست ..." الله يرحمها ..."
همست سلطانه .." أمين ..."
:
:
طال الصمت عندها تحدثت تلك ...." ماعرفتك عن نفسي ....أنا هدى ..."
أبتسمت لها وهي ترد عليها بأدب ..." تشرفنا ... وأنا سلطانه .."
أكملت تلك ..." مرتو لثلاب ..ما ؟؟"
غضنت جبينها من أين قد تعرفها ولم تلحظها في المجلس طوال اليوم ...ربما هي تعرفها فهي الغريبه الوحيده بينهم ...هزت رأسها بالايجاب ..." أيوا .."
:
طال صمت تلك ثم اعقبت شعرت بأنها تريد أن تبين لها من تكون ...." شما كانت انسانه عظيمه ..كانت صديقه نادره ..دعمتني في ظروف ضنيت اني وحيده فيها ..."
أبتسمت تلك بحزن لذكر أختها العزيزه ..." حبيبتي الله يرحمها ...يعني أنتي تعرفينها...أقصد شما ..بينكم معرفه قديمه .."
:
أبتسمت تلك بحزن ..." طبعا شما بتكون ضرتي في الماضي ..."
:
:
بهتت ملامحها وكادت ان تفلت فنجان القهوه من يدها ...فهمت من تكون ..كم هي حمقاء ..
أبتسمت تلك معتذره ..." أسفه ..لكن مع سياق الحديث يبدوا بأن حياتنا متشابكه بطريقه ما ..."
قاطعتها سلطانه ...." لا حبيبتي عادي ...تشرفت بمعرفتك على العموم .."
هزت تلك رأسها بالايجاب .. يا للطفها انها مميزة حقا بين كل ارتباطاته السابقه هي لاحظت بأنها لا تشبههن ...فكيف به ..تريد ان تقول لها هذه الكلمات ..." سلطانه لا يأثر فيكي ..كلامي تضلي انتي جميله ورقيقه جدا ..وانا وانتي مختلفات ربما انتي تقدرين على ما لم اقدر عليه انا او غيري ..دام ان اختك شما ...هي الوحيده بيناتنا اللي عرفت تتعامل معه ..."
:
:
أبتسمت لها سلطانه محاوله ان لاتظهر ما تبطنه ..لاتريد العيش في ظل أي تجربه من تجاربه القديمه ولو كانت اختها الراحله ...لكن ايضا تريد أن تعرف بطريقه ما ...ماحدث ...مهما كان انه رجل صعب وغامض ..
:
أعقبت بهدوء ..." حبيبتي ربي يسعدك شكرا على هالكلام الجميل ..ومن جد أنا جدا سعيده بمقابلتك ..الحديث معاك جميل وسلس .."
:
:
أبتسمت تلك وهي تمد يدها لتربت على كف سلطانه الذي تركته على مقبض الكرسي ..." الشرف لألي يا روحي ..."
:
:
لم تكد تكمل حديثها معها ..ورن هاتفها منذرا بالرحيل ..أنها انسانه مثقفه وقويه وناجحه في حياتها ..
لا يشبهن بعضهن ابدا ..لا يقارنن ببعضهن ..لكل منهن حياه و حكايه وافكار مختلفه ..لكنهن كانتا رفيقتا حديث اكثر من رائعتان ..
بطريقه ما كان لقاءها بهدى بلسم غريب يمسح على قلبها ..لاتعرف لماذا ربما لانها حادثتها في اشياء هربت منها ...أو لأنهن الاثنتان ناتجين مختلفين لتجربه واحده ...
لاتعرف هي فقط ..مرتاحه ..
:
:
أخذت عبائتها و ودعت مضيفتها والمجلس ...ولم تغفل عن تقبيل رأس عمتها عند خروجها ..
:
:
اخذت نفسا عميقا قبل ان تستقل السياره بجانبه ...
تعدلت في جلوسها ومن ثم نظرت اليه لم يكن يعيرها اهتماما ..وهو يحدق في الطريق بحاب مرفوع وعينان سارحه ..
كل هذا صعب ...لأكنه صعب بطريقه مطمئنه ومرضيه ...أنا اعرف بأنني في أمان ..هذا فقط كل ما اعرفه ..
الأمان جميل ..أنه يشكل كل شيء لي ...لاني جربت ان افقده ..وكان موجعا ومخيفا فقده ..
هو الان يعود بطريقة مختلفه ..لكنه عاد ..
:
:
:
:
:
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::
:
:
:
كان يوما جميلا ...وقد ارتفت درجة الحرارة به قليلا ..أختارت أن تذهب للحديقه ..
لتجلس هنا لربع ساعه ..رغم برودة الجو الا ان المكان كان دافيء بطريقه غريبه..وقد أحسن العناية بالمكان ..وازيحت الثلوج عنه ..وبقي اخضرا نظرا براقا يعج بالمرضى والزائرين ..
:
:
تركتها الممرضه للتو ..يوم اخر بدون جاملا ...ياه كم تكره هذا الكرسي ..كرهته مؤخرا وقد تلاشى كل اعتيادها عليه في السنوات الماضيه ...
ربما هي فقط جربت الوقوف ..نعم جربته وكان جميلا ..
فتحت مصحفها ..وهمت بالقراءه بعدما تأملت المكان طويلا ..كانت تقرأ بترتيل متقن وواضح بصوت يكاد يرقى لتسمعه هي فقط ..
:
:
لم تعي للواقفه بجانبها ..وقد طال وقوفها سارحه بهذه الهادئة ..المطمئنه ..
رفعت رأسها بعدما لحظت الظل فوق صفحاتها ..كانت تلك الصغيره تقف محدقه بها بعيناها الواسعتان بهدوء ...من ملامحها يبدوا بأنها من دولة أسيويه ..بعمر الحاديه عشر ربما ..
تحدثت بحماس مندفع وهي تراقب ابتسامة كادي اللطيفه لها ...
" Can you read Arabic? " = هل بأمكانك قراءة العربيه ..
:
هزت لها كادي رأسها بالايجاب بأبتسامه فخورة ...
عندها دون مقدمات وقد تأجج حماسها جلست بجانبها ....
"I understand a little of the Koran .. Can you teach?? .. Please "
= أنا افهم القليل من القرآن .. هل بأمكانك تعليمي؟؟ .. أرجوك..
:
:
رحبت كادي بسعاده بالغه بالطلب وهي تستحثها للجلوس بجانبها ...
" Come on ... sit beside me ..Of course "
= بالتأكيد ..تعالي ..أجلسي بجانبي ...
:
:
أبتسمت لها من كل قلبها وهي تمارس أجمل شيء كانت تريد من كل قلبها أن تمارسه طوال حياتها ...
وهي تلقنها اول حرفين ..بأبتسامه واسعه وملامح مشرقه ...كانت في أسعد لحظاتها منذ زمن قدريم ..
تشعر بنفسها القديمه تتسرب اليها ..بأن الوانها القديمه عرفت الطريقه للرجوع ...
أبتسمت وهي تردد .." اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ "
:
:
:
:
:
:
كانت تقف بهدوء دون حراك تتأمل الافق ..البنيان المتراصه والمتشعبه ..واضاءتها المتداخله ..
التي تمنع كرم السماء بأن يفصح عن التماع نجومه ..الجو بارد غالبا لن يصعد احدهم هنا في هذا الوقت ..
الا انها سمعت صوت اختيها خلفها ...
تحدث الصغرى ..." أوه اشوف المكان منور طلعت تاضي هنا ..."
قالتها وهي تتخطاها لباب المشب الحديدي لتفتحه ...
أبتمست لهن ..." أش عندكم ...؟؟"
هزت أختها الاخرى رأسها بالنفي ...." ولا شيء..بردنا قلنا نطلع نشب نار في مشب ابوي ..ونتذكر ريحته ..أنتي اش عندك هنا ..."
أبتسمت لأختها بحزن ...." ولا شيء...أفكر ..."
:
ضحكت اختها وهي تغمز ..." في الحب ..."
أبتسمت بسخريه وتعب لقول اختها ...عندها اعقبت الصغرى التي اطلت من وراء باب المشب ..." لا في الزنجبيييل ...بردانه بموت ..تاضي تعالي شبي لنا النار محد يعرف غيرك ..."
:
:
امتثلت لأمر اختها ودخلت المكان ...لحظات حتى كانت النار مشتعله ..تدفئ المكان شي فشيء ..تأملت في المكان حولها ..تغرق في هذه الرائحه وكأنها بداخل حضن ابيها ...
:
على ازعاج اختيها في المكان ..وهن يتعاندن في اتفه الاسباب لمجرد العناد ..
تنهدت بحزن عندها التفتن اليها ..تاضي دوما صامته ..دوما تعطي ..دوما كريمه في كل شيء ..في شعورها ..في مدحها ..في حنانها في قوتها و مؤازرتها ..
لكنها وحيده دوما ..وفريده ولا تشبههن في حين انهن اجمع يشبهن امهن كانت هي نسخه من جدتها لابيها ..
:
:
كن يحادثنها عن تفاصيل حفل الزفاف في جده ..بينما كانت هي تستمع اليهن صامته وتراقب الحطب يتحول لقطع جمر لاهبه ..
وهن يتدافعن بالاحاديث بحماس لها ...
لاحظن شرودها ..عندها حادثتها تلك بما تحب ..." ايوه وكيف الديره يا تاضي ...؟؟"
لا اراديا تحولت ملامحها و..وفرجت اساريرها وازداد محياها جمالا بأبتسامتها النقيه ...." با الله يا بنات حلوه وتجنن ..الاجوا فضيعه ..والارض ربعت من اخر مطر ..والسيول يا الله ..ومزرعه جدي ما شاء الله ..."
قاطعتها اختها بشوق ..."جدي كيف حاله ...؟؟"
ابتسمت لها بحب ..."طيب الحمد لله ..ويسلم عليكم ويسأل عنه وحشتوه مره يا بنات ...شوفوا لكم كم يوم نروح عنده ..وننبسط معاه ..."
:
:
يفهمن كم هي متعلقه بجدها ونمط حياته ...اعقبت اختها " نشوف ...يا الله جدي حرام مايطفش ..أِش يسوي محد يجيه ولا يشوف احد ..."
عارضتها تاضي ..." ياحبي اش يطفش وربي مايطفش بالعكس يتنشط هنا اش بيسوي والله يذبحه الطفش و الكسل ...يتسلى هناك اقاربه و اصحابه وظيوفه حتى من الرياض جوه ظيوف ...مجلسه ما يخلى والديره صح محد ساكن فيها لكن طول الاسبوع زحمه بأهلها ..."
:
:
أبتسمت اختها بحماس ..." أيش.. ضيوف من الرياض ..؟؟ أش يبغون...قابلتيهم ...؟؟ مين ؟؟"
هزت رأسها بالنفي وهي لا تريد التحدث بالامر ..." مدري رجال واحد ..سويت لهم قهوه وشاهي وغدا ..ومشا ما تعشى ..حتى جدي ما سألته اش يبغى ...ولا هو قال لي ..."
:
:
أبتسمت اختها ابتسامه عريضه ..." واحد ...كيف شكله ..كبير صغير ..مين ..؟؟ يقرب لنا ..."
:
تذكرت لقاءه الغريب ...اجابتها تنهي الحديث........" اقولك مدري ..حتى عمره مدري عنه .."
لا تريد ذكر أي تفاصيل اختيها فضوليات جدا ...كما انها حقا لاتريد التحدث في هذه اللحظة ..
بالذات عن ذاك الغريب ..وعن الانطباع المخيف الذي تركه لديها ..
:
:
:
:
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::::::::::::::::::::::
:
:
نزع نظراته وهو يمرر انامله بتعب على جفنيه ..لقد ارهق نفسه اليوم حقا ..أسند رأسه للخلف ولازال كتاب بين انامله ..
ترك النظاره على الارض واغمض عينيه .. لحظة اغمضها ...تكالبت عليه كل تلك الذكريات ..برؤيه واضحه ..وتسلسل موجع ..وترابط وثيق بكل حدث بحياته ..
موت اخوته ..وحدته ..صداقته ..أسرته ..الضغوطات والمخاوف ...والفقد المتتالي العنيف ..
:
:
حرك رجله ..فسقط الكتاب الذي تركه للتو على ركبتيه ..راقب هروب ورقه لامعه منه لم يميز ما بها لانعكاس الاضاءه فوقها ..ارتدى نظارته رفع الكتاب ..
و من ثم تناولها ...لقد ارتحل معه الكتاب هذا طوال رحلته ..من مكتبته في سكاكا ..ثم في الرياض ..ثم في رحلات المطار المزعجه ..والان في مكتبته في تورنتو ...
ولم تقرر هذه اللامعه ان تهرب من بين صفحاته المنسيه سوى اليوم ..
اغلق الكتاب المصفره اوراقه وهو يتأمله ..لا يعلم كم سنه اهمل هذا الكتاب ..ربما 12 سنه أو أقل لا يعلم ..لكن يشعر بأن صفحاته زاخره ..بقارئ أخر ليس هو ...
:
:
اطرق رأسه بتعب وهو يتأمل الصوره ..ليت بقي الحال كما في هذه الصورة ...لم أكبر ..ولم أفقد ..وملكت هي شبابها الابدي ..
:
:
علياء ..بلسمي الشافي ..ودائي العضال ..ولو كانت اكبر منه بسنتان .مالمشكله في هذا ..ولو كانت من عائله مختلفه ومنفتحه ..ما المشكله ..
ولو كانت تحبه كما هو ..تعطيه شيء لا يجرؤ ان يطلبه من قسوة امه حتى ..تعطيه حنان فياض كأسمه ..بدون شروط او مطالب ..
تعطيه مساحه كبيره ليعبر عن فكره و رأيه و وجعه ..تستمع اليه طوال الليل لا لشي الا لحديثه المسهب المتداخل المتحمس عن راويات دوستويفسكي عن الفلسفه بها وشخوصها الكئيبه ..
:
:
:
يذكرها تماما في مطار الملك خالد بالرياض ..عندما مد يده لأخر كتاب في الرف من تأليف غازي القصيبي ..ومدتها هي في نفس اللحظة ..
عندما أنعم الزمان عليهم بلحظة بين زخم احداثه و ترابط اوقاته وجريانها...ليعرفان فقط كم هما يشبهان بعضيهما...
:
:
تذكر تلك النظره في عينيها وفي ملامحها الهادئة الخاليه من أي زينه وهي تبعد اناملها بهدوء ...
تمنى ان يؤلف الف كتاب كلها لها هي فقط ...تقرأها وحدها ..تنعم بها اوراقها ..تفهمها وحدها ..وتتذكرها وحدها ..
راقبها تختفي بين الجمع ...ياه لو يلقاها مره اخرى حينها سيعرف بأنها مقدره له وحده ...
:
:
في الرحله القصيره لمطار الجوف ..كانت هي ..نعم هي من تجلس في الكرسي أمامه ..
دون ان يفتح الكتاب حتى ..وقف يمثل الذهاب لدورة المياه ..وهو يضعه على المنضده اليلاستيكيه الصغيره امامها ...
:
:
يضعه ..ويضع فوقه وبداخله ..ملايين الاحاديث الصامته ...كانت تقرأه وكأن كل كلمه وفكره به لم تكن سوى تمثيل لمن تنازل عنه لها ...
:
:
:
مرت السنوات بينهم كيوم ...ساعات الاحاديث الطويله ..والرسائل المنمقه ..لم تكن في خضم هذا الزمن سوى لحظة عابره ..
انتهت بسرعه واختفت....
:
:
لقد اختارها ..اختار ان يمضي معها ..بأفكارها ..بشجاعتها ..بذوقها في الاغاني ..في مصطلحاتها الغريبه ..في ضحكاتها الساكنه ..
في هدوئها الجارف ..أختارها هي ...لأن تكون شريكته الوحيده الى الابد ..
كانت سمراء ونحيله وبالكثير من الاحاديث في عينيها الواسعه ...كانت حبيبته الاوحيده والانثى التي أخذت بيده ...
كانت ..أجمل صدفه في حياته ..كانت فقط هي بدون تصنع أو تملق ..أو مقدمات ..
كانت تشبهه ...وتختلف معه ..كانت له حتى أخر لحظة ضعف ...
:
:
حتى لحظة الايثار ..كانت له ...
:
:
:
:
:
وقف وهو يعيد صورتها للكتاب الذي تشبكت اوراقه الا الاولى منها ..فتحه ليعرف أين وصل في أخر مره..مع كل تفكيره بذاك ..هو يقرأ ولا يعي ولا يفهم ...يقرأ وكل كلمه وحرف تقودة لذكرى مشتركه مع ذاك ...
:
:
الا انه توقف لبرهه وهو يغضن حاجبيه بأستغراب ...يعلم بأنه ترك هذا الكتاب لمدة طويله منذ لحظة شراءه له في مكتبته في سكاكا ..
لقد اشتراه من مكتبه مرموقه وبغلاف بلاستيكي كما جرت العاده للكتب بها ..من قد يكون قراءة قبله ...
:
:
مرر ابهامه بأستغراب على الرسم بقلم الرصاص في طرف الصفحه ..زخرفه ..او نقش ربما بطريقة التراث الهندي ..
دقيق و رقيق وبالكثير من التفاصيل رغم صغره ..
:
:
عجيب أمر الكتب حقا ...ربما هو يتوهم بأنه شراه من تلك المكتبه ..لقد مرت سنوات طويله لكن هو يحفظ كل تفاصيل كتبه كما ان علامه السعر بأسم المكتبه لا تزال هنا ..
حسنا ربا يكون هذا اكتاب استثناء ...وضعه على الرف وهو يغلق الاضاءه ...
ويلجاء الى السرير دون الخلود الى النوم ...يبدوا بأن سنوات الصمت ولدت صكتا اكبر داخل عقله لدرجه انه لم يعد يسمع صوت افكاره ...
فقط يراقبها ...يراقبها تمر به صامته ...وقلبه فقط من كان يصرخ ...يصرخ يريد الفرار من هذا الصدر الخالي ...
:
:
:
:
أليست قلوبنا حبيسه ..أليست مجبورة ومرغمه ..بمشاعر هي لاتود ان تواجهها ..او تلام عليها ...
أليست قلوبنا ..مثلنا ...ليس لها حيله ..مجبره تماما مثلنا على كل مانمر به ..
:
اذا لا نحن ولا قلوبنا نملك ذرة خيار ..
تمت ..
..
القوني قريبا أن شاء الله في الجزء السادس و العشرين ..
|