كاتب الموضوع :
شقى الماضي
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
بعد مرور شهر ونصف، في المستشفى..
مشعل جالس قبال عبد العزيز في مكتبه: المستشفى أمانه في رقبتك يا عبد العزيز، ما أبغا يكون فيها أي نقص.. ولا أي شكوى من مريض الله يرضى عليك.
عبد العزيز وهو مبتسم: روح وأنبسط ولا يهمك، أستمتع في إجازتك ومسامحة تغريد ليك.
مشعل ضحك: بس بس، دحين أرجع ألاقيها قالبه عليا الدنيا، تعرفها سارت تستغل دا الشي..، قام من الكرسي وكمل: يلا أنا لازم أروح عندي أشغال تانية.
عبد العزيز ضحك من قلبه وهو يمرر يده على لحيته الكثيفة وقال بعد ما خرج: والله مو هينه يا بنت أخويا.. أول مرا أشوف مشعل يدور على رضا أحد.
برا المكتب
مشعل مر على سلطان، حط راحة يده على مكتبه وأستند عليها وهو يقول: سلطان.. أي أحد يتصل يبا يحجز عندي موعد خلاص تقولو إنو الدكتور مشعل في إجازة وما حيرجع إلا في نهاية إجازة الصيف.
سلطان أبتسم وهو ملاحظ حماسه.. ما يلومه: إجازة سعيده يا دكتور، بس حتوحشنا والله.
مشعل أبتسم كمان: يلا كلها اربعة شهور وأرجع.. تمر بسرعه.
"الفصل الثاني عشر"
"تغيير"
لمحه من الماضي.. قبل 20 سنة
تركيا- تحديدا إسطنبول..
خلص دوامهم من فترة وهي واقفة بوسط المقهى وعيونها على المكان اللي يجلس فيه دايما، اليوم ما جاء.. وتضايقت حيـل ما تعرف ليه، فزت بفجعه لما حست بقرصه على خصرها وضحكة عاليه تصدر منها، طالعت وهي متنرفزه منها بس ما تكلمت
فاطمة وهي برضها تضحك: آآآهه إن معدتي تؤلمني من الضحك.
دينيز: وما المضحك يا آنسة فاطمة؟
فاطمة وقفت ضحك وناظرتها بابتسامة: انتِ المضحكة.. تصرفاتك مضحكة، ما هذا العبوس يا فتاة اليوم؟ لقد أبعدتي الزبائن عنا لهذا اليوم بهذا العبوس!
دينيز بملل: هل العبوس تصرف مضحك بنظرك؟
فاطمة بنفس ابتسامتها: سبب عبوسك مضحك، انتِ عابسة لأنه لم يأتِ اليوم، وانتِ تتصرفين وكأنه لا يهمك.. لكنك مكشوفه أمامي، وهذا ما يضحكني.
عقدت يدينها حول صدرها: حسنا، وهل تتوقعين من هذا الرجل أنه معجب بي حقا؟
فاطمة بحالمية: آآهـ يا دينيز، جدا وجدا معجب بك.
دينيز وهي تحاول تخفي أعجابها بيه من خلال أعذارها: ولكن لماذا لا يأتي ويصارحني؟
فاطمة: ربما هو من الفتيان الخجولين وليس لديهم جراءة للتحدث مع من يعجبون بها.
دينيز بتفكير: ربما!..
في الوقت الحالي..
واقف وسط المقهى اللي ما تغير من سنين.. عيونه تدور بين زواياه والذكريات تعصف بيه من كل مكان، يتذكر ضحكتها الرقيقة وابتسامتها الخجولة، ملمس بشرتها الناعمة.. وريحتها اللي كانت تجنن دقات قلبه، ما يقدر يوصف حبه لها بأي كلمة.. وما فيه وحدة تقدر توصل لقلبه من بعدها!..
حاوطت ذراعه وهزته بخفه لما شافته سرح وهي مو عارفة أنه هذا المكان اللي جمع أمها وأبوها: بابا أشبك وقفت كدا فجأة؟
طالع فيها وهو يبتسم بهدوء: لا ولا شي.
تغريد ابتسمت كمان: يلا نمشي؟
مشعل: يلا.
تغريد: فين دحين حنرووح.
مشعل بهدوء: حروح للمقبرة، أزورها.. تجي معايا؟
تغريد بان على وجهها الضيـــق وحركت رأسها بالنفي، تكره تروح المقبرة.. ما تبغا تشوف قبرها ولا عمرها راحت له، تخاف تضعف وتنهار من البكاء، تخاف تشوف قبرها: انتا روح هناك وأنا حرجع للفندق عبال أرتب شنط السفر.
** ** ** ** **
قبل 4 شهور.. في المدرسة
دخلت للفصل وعيونها تبحث عن جود، بعد ما قعدت مع نفسها وراجعت اللي سوته قررت تعتذر لها، طبعا تتوقع ردة فعل عنيفة وما راح تسامحها أكيد وما تلومها، لقتها جالسة في نهاية الفصل ومن حسن حظها فيه مكان فاضي جنبها
رفعت عيونها وهي حاسه بخطوات شخص جاية لها، ملامحها صارت جامده لما شافتها وحاولت تشغل نفسها بأي شي..
تغريد بهدوء: جود.. أبغا أقلك شي.
طالعت فيها وببرود: خير ايش في؟ ايش في كلام تبي تقوليه كمان، ما كفاكِ الضرب؟
تغريد وهي متوقعه ردة فعلها: أوكي من حقك تعصبي، بس أنا جايه أعتذر لك عن اللي سار، آسفه.. ما كنت أبغا الأمور توصل لدي الدرجة.
جود بنفس أسلوبها: طيب؟ ايش تبيني أقلك؟ شكرا على أعتذارك؟
تغريد وهي تكتم ضحكتها من سؤالها الأخير: لا أبدا.. مين قال كدا؟
تغريد لفت لما دخلت المدرسة عليهم وبدون تردد جلست جنب جود
رفعت حاجبها بتعجب وهي تشوفها تجلس جنبها، وتغريد ابتسمت لها ببراءة وهي تقول: انتي لازم تتعودي على وجودي دايما، لأنو أتوقع وصلك الكلام اللي بابا قالو.. فغصبا عنك حتسامحيني.
جود نظرها لقدام تسوي نفسها منتبهة مع الشرح بس تكلمت: هـه.. من قال إننا حنعيش عندكم؟ مين قال إنو حنوافق وأنا حسامحك؟
تغريد بثقة: حتجو عندنا وحتشوفي، بس ترا أنا مو ميته عليكم، دا قرارا بابا وأنا أحترمو، في النهاية هوا بكيفو.
في الوقت الحالي
ابتسمت على هالذكرى، ثقتها كبيرة ودايما تكون في محلها، طالعت حوالينها، الحين هي في غرفتها، غرفة تغريد اللي كانت بسرير صارت بثلاثة أسرّة بإصرار من تغريد، خرجت من الغرفة ونزلت للصالة، شافت أمها ورنين ماسكين علب متوسطة الحجم ويزينوها: ايش جالسين تسووا؟
رنين طالعت فيها: يعني ايش جالسين نسوي؟ تعالي ساعدينا!
رمت نفسها على الكنبه وبملل: أنا مالي دخل، دا دبشك انتي.. وزواجك انتي.
رنيــن بنرفزة: انقلعي يا حيوانه، أصلا مانتي أختي، أوريكِ كيف في دبش زواجك ما حساعدك.
ما ردت عليها وسألت أمها: ماما فين أبله هدى ما أشوفها معاكم زي دايما؟
سعاد وهي مشغولة باللي في يدها: راحت مع عبد العزيز للسوق.
حطت يدها على خدها وبملل: ما شاء الله عبد العزيز كل شويا ياخد أبلة هدى ويخرجها، ليش ما ياخدني معاها.
رنين رفعت حاجب: انتي اشلك؟ الرجال يبغا يخرج مع أمو لحالهم.
سعاد تركت اللي بيدها وطالعت فيهم وهي تقول بغيرة ما قدرت تخفيها: ما شاء الله ولدها رضي بها مرا مو زي أخوانكم.. يخرجها ويشتريلها هدايا ويسفرها.
جود ضحكت: ماما غيرانه من أبلة هـــدى.
رنيـن كتمت ضحكتها من كلام جود: حرام عليكِ يا أمي، لا تظلمي أولادك كدا.
سعاد بقهر: فين الظلم، مهند ما أشوفو الا مرا في الاسبوع، ونادر دا بس طول الوقت برا البيت، ومشعل ما شاء الله رايح تركيا مع بنتو وسايبني هنا.
جود بدفاع عن نادر: ماما لو سمحتي نادر أكتر واحد يقعد عندك اذا تعبتي.
رنين بجدية: مهند يادوب يقعد مع مرتو وأولادو، شغلو ماخدو عن الكل، ومشعل أظن خلاص كفاية يعني معيشنا كلنا هنا، بدون ما يشتكي ولا يتكلم.
** ** ** ** **
تركيا.. أحد المقابر
واقف قدام قبرها من فترة طويلة، قرأ على روحها ودعا لها، دعا أنه مثل ما جمعهم في هالدنيا.. يجمعهم في الاخرة، تكلم بصوت هادي يخفي كل أوجاعه من فراقها: جيت يا دينيز بعد فطرة طويلة.. سامحيني على دي السنين اللي تركتك فيها هنا لحالك بدون زيارة.. يا ريتك عايشة لين دا الوقت، عشان تشوفي كيف سارت بنتنا، حتفتخري فيها زي ماني مفتخر فيها دحين، اللي مصبرني على دي الحياه.. هيا، أبتسامتها، مستقبلها، ضحكتها، ما حتركها ولا حتخلى عنها زي ما وعدتك..، تنهد بألم وهو يتذكر: ما حتخلى عنها في يوم زي ما أتخليت عنك وانتي كنتي في عز حاجتك ليا، ما حخلي غضبي اللي يحكمني زي كل مرا..، أبتسم بسخرية على نفسه: غضبي وجرحي وحقدي اللي خلوني أخسرك، بس أنا أتغيرت، أنا ما حعيد غلطي يا دينيز، ما حخليها تعيش أي وجع ولا حسمح لأحد يوجع بنتنا.. وأدري إنو سعادتها أكتر شي كان يهمك في دي الحياة، وأنا أحاول بكل الطرق عشان أسعدها..، رفع رأسه للسماء وغمض عيونه، أخذ نفس عميق وزفره بهدوء.. حاسس بالعبرة تخنقه من الذكريات اللي صارت تجي بباله: الله يرحمك.. الله يرحمك، ويجمعنا كلنا في الجنه يارب، ويسامحنا على كل غلطة سويناها.
فتح عيونه لما سمع شخص يكلمه، كان شخص في نهاية الخمسين.. معروف عنه أنه يسقي القبور هنا ويدور عليها: شكرا جزيلا لك يا أخي.
أبتسم باستغراب: لماذا؟
العجوز وهو يقترب منه وعينه على القبر: أنا أعمل هنا منذ فتره طويلة يا بني، رأيت قبور مهجوره، لا أحد يزورها ويؤنس من بداخله، وهذا القبر كان واحدًا من تلك القبور حتى جئت أنت لتزورها بشكل شبه يومي، ليرضى الله عنك يا بني.
مشعل بهدوء: شكرا.
العجوز: ما صلتها بك؟
مشعل بابتسامة هادية: حبيبتي.. زوجتي.. أم طفلتي، إنها كل الشيء بالنسبة لي.
العجوز: ليحفظ الله لك طفلتك وليرحم أمها.
مشعل من أعماق قلبه: آمـــــــيــن.
** ** ** ** **
واقفين في الإشارة وهو بداخل السيارة مع أمه.. يمسك يدها ويبوسها، يمزح معاها ويشاكسها فتضربه، يستغل كل لحظة معاها لأنه ما صار يشوفها كثير، ما صار يقعد في البيت كثير، ينحرج من مشعل وأمه وأخواته كثير وفي نفس الوقت ما يبا يزعجهم بوجوده ويكونوا مضطرين يلبسوا حجابهم في كل وقت، ما يجي إلا في آخر الليل.. ويخرج الصبح بدون ما يفطر، طبعا تضايق من هالحال ونفسه ياخذ له شقة لحاله.. بس لما شاف أمه منسجمة معاهم وحابتهم، قلبه أبدا ما طاوعه يبعدها عنهم، وفيه غير هالسبب.. نزل عيونه لاصباعه يناظر الخاتم اللي ببنصره…
قاطع حبل أفكاره هدى وهي تنبهه: عزوز يلا فكت الإشارة.
رفع رأسه وبعدها حرك السيارة ومشى، عبد العزيز ألقى نظرة سريعه للمراتب اللي وراه.. يشوف باقة الزهور وبعدها ناظر هدى: تتوقعي يعجبها؟
هدى ابتسمت بكل حب لولدها: أكيد حيعجبها، البنت ناعمة وما يليق لها إلا دا الورد.
عبد العزيز وبلا شعور منه ابتسم على طاريها، أعطاها خبر أنه راح يجيها اليوم، تخيلها وهي تتجهز له.. ايش ممكن تلبس، بأي تسريحة راح تزبط شعرها
هدى بقلق: يا ولدي مو تعب عليك تطلع مكة وبعدين تجي هنا وتاخد مشعل وتغريد من المطار؟
عبد العزيز: لا تشيلي هم، ما عندي مشكلة.
هدى: طيب أنتبي على نفسك ولا تسرع في الطريق.
** ** ** ** **
تركيا.. في احد الفنادق
واقفة على شباك الفندق وعيونها على الناس والسيارات اللي تروح وتجي، راح تشتاق لهالمدينة حيل، عاشت طفولتها هنا، ذكرياتها الجميلة مع أمها هنا في هالمدينة، سمعت صوت جوالها، أخذته من السرير وفتحت السماعة بسرعه لما شافت المتصل أبوها فجاء لها صوته: حبي أنزلي خلاص وصلت.
تغريد ابتسمت: فين حتوديني؟
مشعل بضحكة: يعني ما تعرفي حنروح فين؟
تغريد وعيونها تلمع بعشق: deniz.. (أسم أمها وبنفس الوقت معناه البحر باللغة التركية)
….…
كانوا بيمشوا على الساحل وموية البحر تبلل أقدامهم الحافيه
مشعل رفع جواله وتكلم بابتسامة وهو يصور نفسه فيديو على السناب: الله على منظر البحر مع غروب الشس، سبحانه منظر رائع.
قالها وبعدها سكت ليصور منظر البحر لمتابعينه اللي صاروا بالآلاف وكل شوي يزيدوا، وبعدها نزلها على الستوري
ابتسمت بخفة وهي تشوفه منشغل بجواله، يرد على الرسايل بكل روقان وقالت وهي تبا تستفزه شوي: يا ربي نفسي تسيب الجوال شويا وتقعد معايا، مو تسحب عليا.
رفع عينه من الجوال وطالع فيها وحاجبه مرفوع: دحين عشاني بس مسكت الجوال شوية ونزلت وحده سنابة سرت ساحب عليكِ؟
تغريد ضحكت بحب، حاوطت ذراعه بتملك وبنبرة كلها دلال ودلع: دحين لازم كل وقتك ليا.. ربنا بلاك ببنت زيي، لازم تستحمل.
باس جبينها وهو يقول بحب: أحلى بلوه والله.
تغريد طالعت فيه: بابا ما قلتلهم متى حتسوي موسم تاني لبرنامج؟
مشعل: دا أكتر سؤال جاني في حياتي.
تغريد: طيب قولهم!
مشعل وهو يعدل نفسه: طيب يلا زبطي نفسك، حزل سنابه أجاوب فيه على دا السؤال وحطلعك معايا.
رفع جواله مرة ثانية وتغريد طالعت في نفسها من الكاميرا الأمامية لتتأكد من حجابها، وابتعدت شوي بحيث إنها ما تبان، وهو تكلم لما بدأ يصور: دي الفترة فيه سؤال سار بس يتكرر عليا.. وهوا متى يا مشعل يبدأ الموسم التاني من برنامجك..، وجه العدسة ناحية تغريد وكمل: متى الموسم التاني يا بنتي؟
تغريد تكلمت بابتسامة: حيكون في بداية الدراسة إن شاء الله.
نزل هالسنابه وهو متعود في بعض الأحيان أنه يتصور معاها وينزلها.. يمكن في البداية وجد نقد وشتائم شديدة لكن ما أهتم لكلامهم، هو ما يعتبر بنته عورته ولازم يخفيها من الناس وكأنه يخجل منها، بالعكس.. جدًا يفتخر فيها ويقول للكل ايوه هاذي بنتي ولولاها بعد الله ما كنت واصل لين هنا، ما فيه شي مخجل دامها بحجابها واحترامها، وبعد كذا الناس أتعودوا على وجودها وما صار أحد يتكلم!..
** ** ** ** **
قبل ثلاثة شهور ونصف
مكة المكرمة.. في بيت أول مره نزوره
حطت اللمسات الأخيرة في وجهها وتوجهت للمرآية الطويلة عشان تشيّك على شكلها بالكامل، لابسة بلوزه بيضاء ناعمة بأكمام طويلة مع تنورة قطنية طويلة باللون الزهري، ماسكة عليها وراسمة تفاصيلها الأنثوية.. وكعب يبينها أطول بكثير، ألتفتت للباب لما أنفتح وأختها اللي أصغر منها تقول: رزان، يلا شويا وتدخلي عندو.
حست بتوتر لما سمعت كلامها: يا بنت إنتي كيف أول دخلتي عند سامي ما أتوترتي؟
قفلت الباب وراها وضحكت بدلع وهي تمسك خاتم زواجها: لا طبعا، إحنا أتزوجنا عن حب فكنت متعوده عليه وما خفت، وبس إنتي لا تخافي يعني عادي.
فجأة أنفتح الباب بقوة، دخلت بنت صغيرة بعمر الـ 10 سنوات، تكلمت وهي تتنفس بسرعه: رورو بسرعه لا يفوتك.
طالعت فيها وهي مستغربة حالتها: بسم الله ايش في؟
تكلمت وهي تلتقط أنفاسها: آههه شفت عريسك يا رزان، مرا مرا يجنن..، حطت يدها على قلبها: آآخ يدوّب القلب.. لازم توافقي عليه يا رورو.
رفعت حاجبها وهي تكتم ضحكتها: ايش قلة الحيا دي؟
رزان حركت رأسها بأسف: خسارة والله، ما سار فيه أطفال في دا الزمن.
بوزت وهي تقول بطريقة طفولية: وي، يعني الأطفال ما يقولوا رأيهم وما يعجبهم شي؟
ضحكوا الاخوات على كلامها، وفي نفس الوقت دخلت أمها وقالت بحنان فائض: يلا يا بنتي.. عشان تدخلي لـ عبد العزيز.
حركت شعرها الطويل بتوتر حاولت تخفيه وبنبرة هادية: طيب.
طالعت في بنتها وقلبها يرفرف، تتمنى من كل قلبها أن بنتها ترتاح له مثل ما هي ارتاحت لـ هدى وحبتها، تتمنى إنها تشوف بنتها البكر متزوجه ومبسوطة في حياتها، وصلت لعمر الـ 31 وما تزوجت حتى أن أختها اللي أصغر منها تزوجت قبلها، مو لـ عيب فيها، بالعكس هي تشوف بنتها كاملة من كل النواحي.. جميلة.. عندها شهادة وموظفة في قطاع حكومي، أخلاقها عالية والكل يشهد، بس ما جاء اللي يستحقها ويناسبها.. ما جاء نصيبها!..
في الوقت الحالي..
مشيت في السيب اللي يودي لغرفة الضيوف وبيدها التبسي اللي عليه الحلا سوته خصيصًا عشانه لأنه قال أنه يحبه وهي عاد لعبتها الحلا، دخلت الغرفة بابتسامه هادية وحلوه وهي تقول: شوف ايش سويتلك.
عبد العزيز بمرح: انتي مسويتو ولا طلبتي من وحده؟
رزان حطته في الطاولة الصغيرة اللي قدامه: لا طبعا أنا سويتو يا روحي، أنتا دوق بس، ومرا حتدمنو، أساسا أي شي من يدي لزيز.
عبد العزيز بعد ما جلست بجانبه مسك يدها ورفعها لشفايفه ليقبلها: تسلم يدك يا قلبي.
طالعت فيه ودقات قلبها جالسه تتزايد من حركته، معقولة اللي جالسه تحس بيه يسمى حب؟ ما قد تخيلت إنها راح تحس بهذا الاحساس وما توقعته شعور جميل لهالدرجه، وأحلى شي إنها مرتبطة برجل كآآآمل في عينها من كل النواحي، عنده شهاده تناسب شهادة الماجستير اللي تعبت عشانها، وغير تفكيره المتحضر اللي يطابق عقليتها وطريقة تفكيرها تماما
حس بنظراتها عليه فابتسم وقالها: في شي غلط في وجهي؟
ابتسمت هي بعد وهي متجننه على ابتسامته الحلوة، كل شي فيه كامل حتى ابتسامته وملامح وجهه تجنن: لا بالعكس..، نزلت عيونها وأنتبهت لاصباعه بدون الدبلة، طالعت فيه وعيونها بعيونه: مانتا لابس الخاتم.
طالع في يده وبعدها رجع عيونه لعيونها: شكلي نسيتو في الحمام، لا تزعلي بعدين أنا لسا ما أتعودت عليه.
رزان بهدوء: يعني، بس ترا سارلنا تلاته شهور.. وما أتعودت عليها، استغربت بس.
عبد العزيز وكأنه تذكر شي: ايوه صح، انتي تروحي دوامك مع السواق صح؟
رزان: ايوا، ولما يكون في إجازة بابا أو أحمد يودوني.
عبد العزيز: طيب وبعد الزواج؟ عارفة إنك حتعيشي في جدة مو هنا.
رزان سكتت لفترة وبعدها قالت: كنت حكلمك في دا الموضوع، حيدوني إجازة أكيد عشان الزواج، بس مدري كم بالزبط.
عبد العزيز: طبعا يدوكي، شوفي.. أنا حدبر سواق هوا يوصلك ويجيبك، وأساسا شقتنا قريبة من الخط فلا تشيلي هم المشوار.
** ** ** ** **
قبل شهرين ونصف
في وحده من الحدائق العامة، فارشين على الأرض الجلالة وكل واحد جالس في مكانه والكل كان مستمتع بتغييرهم لمكان عشائهم، إلا هي كانت ملّانه وحاطة يدها على خدها، تعد الأيام والساعات لتروح عند أبوها، أبوها اللي زرع فيها كره أمها من وهي صغيرة.. تكره أمها وتكره ضعفها وتعشق قوة أبوها وكل شي فيه!
طالعت فيهم وتجلس تفكر من فين جوا هذولا؟ صار عندها خالات وأخوال أكثر، هي كانت بالقوة مستحملة تغريد ومشعل كمان هم يجوا؟ قطع عليها تفكريها صوت جود: تعالي ألعبي معانا يا ميس، لا تقعدي لحالك كدا.
ميس ببرود: ايش هيا اللعبة؟
جود: لعبة بدون كلام بس بدل الأمثلة العربية حتكون أغاني بالإنقلش، تعرفيها؟
ميس وهي تحب هاللعبة شوي تحمست: ايوه أعرفها، قسمتوا لـ كم فريق؟
رنيـن تكلمت: قسمنا لـ فريقين.. أنا وجود ومهند، وأنتي وندى وأمل.
ميس طالعت في سعاد وهدى: وانتوا ما حتلعبوا؟
هدى حركت رأسها بالنفي وهي تضحك: يا بنتي أحنا ايش درانا بدي اللغة ما نعرفلها.
ميس بتريقة طالعت في ندى: انتي كمان خليكِ معاهم، أخاف تخلينا نخسر، أعرفك جاهلة ما تعرفي إنقلش.
صدمة أعتلت في وجيههم كلهم من كلامها اللي أهانت فيه أمها قدامهم بدون ما تحترمها، بعكسهم ندى اللي كان ملامحها كاسيها البرود وكأنها خلاص تعودت عليها
مهند عصب، كمية الوقاحة اللي في هالبنت غير محدوده يوم عن يوم ينصدم أكثر، ولا شعوريا مد يده على كتفها ودفعها بقسوة: أعــــرفــــي مـــع مـــيـــن جــــالـــســة تــتــكــلــمــي يــا وقـــحــه، دي أمـــك يــا عـــاقّـــة.
ميس بعصبيه بعدت يده: هي أنتا لا تمد يدك عليا.
مهند الود وده يكفخها عشان تعرف إن الله حق بس تمالك نفسك فتكلم بحزم: أدخلي للسيارة أصلا إحنا الغلطانين جبناكِ معانا، كان حبسناكِ في البيت، بلا في شكلك نكدية.
ميس قامت وقالت لعبد الله اللي جالس بجانب ندى بحده: عبودي تعال معايا.
ندى حاوطت ولدها وضمته لصدرها وهي تطالع فيها بثبات: عبودي ما حيروح لأي مكان، روحي لحالك.
ميس سحبت شنطتها بغضب ومشت ناحية السيارة..
في الوقت الحالي
رجعت لواقعها وهي تناظر اللابتوب اللي قدامها في المكتب، دوبها خلصت من ثاني دورة لها باللغة الانجليزية.. كانت دورة عن بعد تتعلم وهي في بيتها، هذاك اليوم حاولت أنها ما تبين تأثرها من كلام ميس، بس اكتشفت أن كلامها خلاها توعى على نفسها وتصحى، أعطت وعد لنفسها إنها تبدأ تتغير.. وراح تبدأ أول شي بالدراسة، هي ما عندها غير شهادة الثانوية، ما كملت بسبب زواجها من أبو ميس.. زواجها الغير متوقع واللي حطم كل أحلامها، بس الحين ما عندها أي عائق وراح تكمل الجامعة!..
قاطع تفكيرها صوت الخادمة: مدآم ندى، يلا عشان نضف غرفة.
لفت لها وهي تقول: طيب دحين.
الخادمة دخلت وهي شايلة المكنسة الكهربائية تسائلت بفضول: متى مدام تغريد وبابا مشعل يجي؟
ندى بابتسامة: اليوم في الليل إن شاء الله.
** ** ** ** **
بالمطار..
واقف عند البوابة ينتظرهم يخرجوا له، ما هي الا ثواني ويشوف مشعل يخرج وهو يدف العربية اللي فيها الشنط وتغريد معاه، رفع يده لينتبهوا له فطالعوا فيه بابتسامة وهم يلوحوا له، مشى ناحيتهم وضم أخوه وهو يقول: هااه كيف حالك؟ ان شاء الله بس أنبسطوا في تركيا.
مشعل: الحمد لله على كل حال، ايوه أكيد كيف ما ننبسط.
عبد العزيز: كويس الحمد لله..، التفت لتغريد: وانتي كيفك يا شقية؟
تغريد ابتسمت على تعليقه: كويساا..، بشقاوة مسكت يده: يا عمي ما يسير كدا فين الدبلة حقتك؟ بعدين خطيبتك تشوفها فاضيه وتزعل.
مشعل بضحكة: بدينا في حركات الزناوه يا عزيز؟ على طول تزعلها منك؟!
عبد العزيز بتأفف سحب يده: لا حول ولا قوة إلا بالله، الابو وبنتو عليا ايش يفكني منهم..، دخل يده بجيبة وطلع دبلته: هاه شوفوها، ودحين حلبسها ولا يهمكم.
تغريد بخفة سحبت الخاتم وصارت تقرأ اسمائهم من الداخل وهي مصغرة عيونها: عبد العزيز، ورزان..، طالعت فيه وابتسمت: أسمها حلو ومناسب ليك مــرآ، يا ترا شكلها حلو، ويناسب وسامتك؟
حرك عيونه بملل وسحب منها الدبلة ودخلها بأصباعه: مشعل شيل بنتك عني تغازل واحد متزوج عيني عينك.
تغريد لوت بوزها: يا ربي منك يا عزوز، سألتك سؤال وأنتا جاوب وي!.. أصلا ما تستاهل واحد يجاملك..
خرجوا من المطار وحطوا شنطهم في السيارة، وعبد العزيز حرك السيارة متوجه للفيلا، بعد ربع ساعة وصلوا لأن المطار يعتبر قريب منهم، خلاص دخل الحارس الشنط وعبد العزيز بداخل السيارة
أنتبه عليه مشعل فدخل رأسه للسيارة من النافذه: يلا تعال خش جوا معانا.
عبد العزيز: لا لا، أنا بروح الاستراحة عند أصحابي.
مشعل: أفااا كلنا حنتجمع يا عزيز، مو حلو لما ما تكون معانا.
عبد العزيز أبتسم: يلا المرة التانية إن شاء الله.
** ** ** ** **
صباح اليوم التالي
دخل بخطواته الصغيرة لغرفتها وراح ناحية سريرها، شافها نايمة بعمق ومغطيه رأسها، بعد اللحاف عنها وهو يبوس خدها بقــوه فدفعته عنها بخفه وهي تقول بصوتها الناعس: هيــــه بعد عني.
أتربع على سريرها وهو ينطق بكل براءه: ميمي يلا قومي وننزل تحت، أنا طفشان لحالي.
طالعت فيه بنصف عين وهي دوبها تستوعب انه عبد الله فابتسمت بحب: عبودي؟
عبد الله: ايوا أنا، ماما تقول تعالي انزلي تحت كلنا فيه حتى خالو مشعل.
ميس بملل: قولها شويا ونازله.
........
نزلت للصاله ولقت الكل مجتمع وبااااين انو فيه موضوع مزعج جالسين يتناقشوا فيه من ملامحهم، انتبهوا لها وهي تدخل بس ما اهتموا كثير وصارت انظارهم كلها لمشعل اللي بدا يتكلم
مشعل: والله دا قرارنا انا وبنتي، احنا جينا نقلكم بس.. عشان وقت المدارس لا تستغربوا وتسألونا ليش ما تروح للجامعه!..
رنين والموضوع منرفزها شوي: معليش بس دا القرار مرا غبي، حيضيع ترم كامل من حياة بنتك الدراسيه.
مشعل طالع فيها وبهدوء: مو كانو انتي كمان ضيعتي ظ¤ سنين دراستك في الطب وبعدها سحبتي؟
رنين بتبرير: لا دا غير...
تغريد قاطعتها: ايوه صح غير، انا بس دا الترم حقعد وبعدين حكمل دراسه، وانتي درستي وتعبتي وبعدها سحبتي!
سعاد بعدم اقتناع: طيب ايش السبب اللي يخليكي ترم كامله تقعدي عاطله باطله بدون دارسه.. وانتي نسبتك كويسه مرا ؟
مشعل حاوط تغريد من كتوفها بابتسامة: عشان تقضي وقت مع ابوها اكتر.
جود: لا حول ولا قوه الا بالله!!! انتوا ما تشبعوا من بعض؟ خلاص تلاته شهور ما كفتكم في تركيا؟
ندى بهدوء: لا لا اكيد في شي بس انتوا ساكتين، صح؟
مشعل طالع في تغريد وبعدين مرر نظره عليهم كلهم: صح، تقضي وقت معايا اكتر عشآن بعد كدا ما حنشوفها إلا في المناسبات والإجازات.
كلهم انفجعوا من كلامه وسعاد اللي تكلمت: كيف يعني!!!
تغريد بهدوء: انا حكمل دراسه في تركيا مو هِنا!..
جود بشهقه: ايـــــــــــش؟ وأنا أقعد لحالي؟
رنين: طيب اشبها جامعاتنا هنا، ما اتوقع تركيا حتكون احسن مننا.
تغريد حركت كتوفها بخفه: بس كدا، ابغا اكمل هناك، ماما من هناك وبابا تقريبا عاش نص حياتو هناك وحتى انا كمان ترا عشت في تركيا.
هدى اللي كانت ساكته طول الوقت تكلمت: طيب ايش حتخشي؟
تغريد: حدرس حقوق.
ندى ابتسمت: حركات يعني حتسيري محاميه هناك.
تغريد بابتسامه وهي تتخيل نفسها: محامية او قاضيه.
رنين قاعدتلها: طيب خلال دا الترم ايش حتسوي؟ حتقعدي كدا؟
تغريد ابتسمت ببرود: حقعد زي مانتي قاعده، عادي ولا فيها مشكله؟
مشعل: طيب خلاص قفلوا على الموضوع، خلينا نتكلم في شي تاني..، طالع في هدى وابتسم: زواج عزيز قرب، وزعتي كروت الزواج لخالاتو؟
هدى ابتسمت: ايوه خلاص وزعنا، وفيه كروت كتيره زايده تقدر تعطيها لـ أهل وليد.
سعاد: أهل وليد قصدك دولا الجيران اللي قبالنا؟
جود: أيوا ماما واللي نادر سار صاحب ولدهم فارس.
رنين بتعجب: غريبة نادر مو من النوع اللي يتعرف على الناس يعني، ودحين ساير كل وقتو مع دا فارس.
سعاد: قولي الحمد لله يا بنتي خليه يتغير وينبسط.
جود قربت من تريد وهمست: تلاقيه فارس أتصاحب معاه يحسب انو كدا يقدر يتقرب منك.
تغريد طالعت فيها بعدم رضا: أسكتي مو وقتو دا الكلام.
جود بضحكة: صدقيني كلامي هوا الصح!
** ** ** ** **
لمحة من الماضي.. قبل 20 سنة
تركيا- إسطنبول
كانت تمشي في الشارع المظلم اللي متناثر في بعض زواياه الثلج، كان الطريق مخيف بس هي تعودت كل ليلة من بعد ما تخلص دوامها تمشي فيه لتروح بيتها.. ومن حسن حظها أنه ما قد أحد أتعرض لها، فجأه وبوسط هالظلام ظهر ضوء وحده من السيارات وهي تمشي بمحاذاتها
نزل قزاز النافذة المظللة وتكلم بنبرة هادية: تعالي فـ لأوصلك للمكان الذي تريدين.
تسارعت دقات قلبها بخوف ولا شعوريًا سرعت بخطواتها بدون ما تلتفت لصاحب السيارة، قطب حواجبه وهو توه ينتبه لخوفها وبنفس نبرته: هيا لا تخافي، حقا لن أؤذيك، فقط سأوصلك للمكان الذي تريدين.
دينيز وهي تلتفت له تكلمت بشبه عصبيه: أذهب من هنا، وأغرب عن..، تبلعمت وهي تشوف ملامح وجهه.. تعرفت عليه، وبعدم تصديق: أنـــت؟
مشعل بابتسامة حلوه خطفت قلبها: نعم أنا.. هيا أدخلي سأوصلك فالمكان هنا غير آمن.
دينيز تجاهلته وكملت مشيها وهو بعد ماشي بالسيارة بالقرب منها عارف أنها ما تثق فيه وما تعرفه وتظن إنه راح يضرها
شدت على معطفها الباهت لما لفحتها نسمة هواء بارده وحركت خصلات شعرها الناعمة، مشعل رجولته ما سمحت له أنه يخلي بنت بهالوقت وفي هالبرد لحالها فتكلم بإصرار وهدوء: هيا تعالي إن الجو أصبح بارد.
دينيز وقفت وهي تطالع فيه بتردد كبير، وهو كمل ليطمنها: أعدك إني لن أمسك بسوء.
دينيز توكلت وراحت للجهة الثانية لتفتح الباب وتدخل، رفع قزاز النافذة وبداخله فرح كبير، بعد ما دخلت وقفلت الباب حرك السيارة وهو يسألها: اين هي وجهتك؟
دينيز بنبرة هادية وعينها على الطريق: حي الـ……….
طالع فيها بعدم تصديق: إنه حي غير آمن أبدا، كيف لفتاة مثلك أن تعيش هناك بمفردها؟
دينيز: اعتدت على ذلك، كما أن سعر الإيجار هنا في إسطنبول مرتفع جدا، وفي هذا الحي وجدت ما يناسب مزانيتي.
مشعل رجع عيونه للطريق بصمت وهو يفكر بكلامها، بعد فتره وصلوا للحي فقالت: حسنا يمكنك إنزالي هنا، فبيتي لا يبعد كثيرا.
مشعل وقف السيارة وهي فكت الباب وقبل لا تخرج لفت له وقالت بابتسامه ساحرة: شكرا لك..، مدت يدها ناحيته: بالمناسبة اسمي دينيز.
طالع في يدها الممدودة ومن ثم رفع عيونه وتعلقت بعيونها، وبعدها أبتسم: وأنا اسمي مشعل.
حست بإحراج من تجاهله ليدها الممدودة وعلى طول سحبتها لحضنها: تشرفت بمعرفتك.
مشعل بتردد: دينيز، هل من الممكن أن أوصلك يوميا إلى هنا؟
دينيز بعد فترة قصيرة من الصمت: ممكن!
**
نهاية الفصل الثاني عشر
-أسعدوني بتوقعاتكم وآرأكم.. أستناها بشغف.
|