كاتب الموضوع :
شقى الماضي
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
لمحه من الماضي..
قبل 20 سنة، تركيا- إسطنبول..
دخل للمقهى وجلس في وحده من الكراسي، طلع كتبه وأوراقه.. ينتظر واحد من أصحابه ليشرحله بعض الأشياء اللي مو فاهمها، سند ظهره بالكرسي وعيونه تدور بين الناس، يبحث عنها في زوايا هالمقهى يمكن يشوفها وتتكحل عيونه، ابتسم ابتسامة خفيفة وهو يشوفها تدخل للمطبخ الخاص للمقهى.. يمكن ما شاف وجهها بس هذا يكفيه، صحى من شروده على صوته: مشعل.
طالع فيه واختفت ابتسامته: هلا والله.
سحب الكرسي وجلس عليه وهو يضحك: يا واد وجهك كأنو شاف جني لما شفتني، كنت مبسوط وفرحان وأنقلب لما شفتني.
مشعل باسلوبه البارد والهادي: لا وي ما أقصد، بس اتزكرت حاجه.
-المهم ما علينا، ما لقيت غير دا المكان عشان تشرحلي فيه؟ كان رحنا شقة العجوز وخلاص.
جات في باله فتكلم بسرعه: لا بس يعني حبيت أغير من جو الشقة، وكمان دا المكان حلو وهادي.. ينفع يعني.
بعد عدة ساعات.. نهاية الدوام
دخلت للمطبخ وهي شايله التبسي اللي عليه الصحون والكاسات، حطته على الطاولة وقالت بتعب وهي تمسك وسطها: أهه يا ربي لقد تعبت حقا..، التفتت لها وكملت: دينينز أرجوكِ قومي بتنظيف الطاولات.. أساسا أنا لم أعد أشعر بقدماي.
تكلمت بتردد وهي ترجع خصلات شعرها ورا أذنها: حسنا يا فاطمة لكن، هل ذاك الرجل موجود الى الان؟
حطت يدها على كتفها وبجدية مصطنعه: نعم انه هناك كي يهجم عليك.. أنها لحظته المنتظرة..، ضحكت بخفه لما شافت ملامح وجهها المفجوعة ومن ثم بعدت عنها: يا فتاه إن الرجل معجب بكِ حقًا، لمَ تتصرفين بهذه الطريقة؟ وهي تكمل بحالمية: فقط إذهبي واستمتعي بتنظيفك للطاولات وأنتي تنظرين إلى عيناه العسليتين الجميلة التي تنظران لك بإعجاب.
ضربت كتفها بقوة: أخرسي، لا أريد أن أسمع منك هذه التفاهات، أنا لم آت إلى اسطنبول كي أنشغل بالحب. قالت كلامها وبعدها سحبت المنشفة والمنظف معها لتخرج
خرجت وشافته خلاص قايم يبا يروح.. هو الشخص الوحيد اللي في المحل رفع رأسه وطاحت عيونها بعيونه، فجاء ببالها كلام فاطمة
"عيناه العسليتين الجميلة التي تنظران لك بإعجاب"
تأملتها لعدة ثواني تبي تشوف الإعجاب اللي تقول عنه، بس ما لقت غير عيون مظلمة وحزينة، انتبهت لابتسامته الخفيفة اللي ظهرت على شفاته، ارتبكت ونزلت عيونها، كملت شغلها بهدوء عكس الضجة اللي مسوتيها دقات قلبها من ابتسامته الحلوة
توسعت ابتسامته لما حس بتوترها وقال بلغة تركية متقنه: سهل الله لك عملك.
دينيز ارتجف قلبها من سمعت صوته، صوته عميق ورجولي.. يحرك المشاعر، تكلمت من دون ما تطالع فيه لتخفي ارتباكها: شكرا.
خرج من المقهى بابتسامة واسعه، ابتسامته حلوة بس نادرا ما تظهر على شفايفه، مبسوط على خطوته الأولى للتقرب منها، شايف اللي سواه شيء جريء، لأنه كسر عادته ولأول مرة يكلم بنت في شي غير ضروري، ما يدري ايش سوت له، شافها بالصدفة وجننته، صار يجي للمقهى بس عشان يشوفها، يدور عن أي حجة ليجي هالمقهى، جامعته مختلطة ولقى أنواع البنات هناك، بس هي فيها شيء جذبه، شيء شده لها وما يدري لوين راح يوصله!
"الفصل الحادي عشر"
"أمي"
الوقت الحاضر
السعودية- جدة
خرج من الغرفة وهو يسكر أزرار كمه، أنتبه لأمل وهي تجهز الفطور، مشى لها وباس خدها بسرعه وبعجله: يلا حبيبتي أنا رايح.
أمل لفت له وهي تعقد يدينها حول صدرها: ما شاء الله فين رايح دحين، والاكل مين ياكلو؟؟؟
مهند: والله كلمي أخوكِ هوا اللي يباني، قال الموضوع مرا مهم، بس ان شاء الله ما أطول معاه.
أمل قطبت حواجبها: فيصل؟ طيب ودوامو في المدرسة؟
مهند: حتى انا سألتو نفس السؤال وقالي أول حصتين ما عندو شي.
أمل ما عجبها إهمال فيصل في حضوره للدوام متأخر راح يخصموا له وهو يحتاج من الراتب عشان زواجه، ولكن مع ذلك ابتسمت لمهند: طيب مع السلامة… انتبه على نفسك.
خرج من الشقة واختفت ابتسامتها، رايح عند فيصل.. الله يستر، متأكده أنو أخوها راح يجيب العيد، غلطاته على رنين كثرت.. ومافي أحد يرضى على أخته وبالذات مهند، تعرفه كيف يحب رنين وما يرضى أحد يزعلها
** ** ** ** **
خرجت من غرفة الطعام وشافت أبوها يدخل للفيلا، استغربت حيل لأنه المفروض يكون في المستشفى بس قالت بابتسامه: بابا غريبة ليش جيت.
مشعل باسلوب جامد غريب: يعني مو فاهم أخرج وقت ما أبا وأجي وقت ما أبا.
اختفت أبتسامتها، وبتوتر من أسلوبه: لا ما كان قصدي كدا…
مشعل قاطعها وهو يتعداها ليطلع للدرج: أوكي تغريد بعدي، لا تأخريني عن شغلي لو سمحتي.
مسكت يده ووقفته، تكلمت بصوت مخنوق تخفي عبرتها: بـ.ـابــ.ـا.. زعلان عشاني خليت ستو هدى وعمي يجو للبيت؟
مشعل سحب يده وبدون ما يطالع فيها: أساسا الناس يدخلوا ويخرجوا في دي الفيلا على كيفهم، أنا ما لي كلمه ولا ليا رأي، خلاص كل واحد يسوي اللي يبغاه ما يهمني!
تتبعته بعيونها لين أختفى وهي تمسحها قبل لا تنزل دموعها، قلبها واجعها على حاله.. حتى لو كان يعاملها بهالطريقة فهي تعذره، مضغوط وكاتم بقلبه، من لما شاف أمه تغير، صار طول الوقت ساكت.. طول الوقت مقطب حواجبه وملامحه جامده، ما يتكلم ما يضحك وكأنه بدون مشاعر، خايفه عليه حيـل، ما تبغاه يكون كذا، رجعت من سرحانها وهي تسمع صوت هدى من غرفة الطعام: تــغــريـــد يــا بــنـــت فـــيـــنـــك؟ اخـــتــفــيـــتـــي.
عضت على شفايفها وهي تتذكرها، راحت لها وقالت بأسف: معليش ستو، عشان بابا جا وأتكلمت معاه شويه.
هدى: من جد أبوكِ جا؟
تغريد جلست على وحده من الكراسي: ايوه جا، نسي حاجه شكلو.
هدى طالعت فيها بتمعــن: أشبو وجهك كدا متغير كأنك باكية.
تغريد ابتسمت عشان ما تبين لها أنه فيه شي: لا وي ما كنت أبكي.
ضربت كتفه بخفة: يا بنت بس بلا كدب، وجهك مرا متغير.. قوليلي ايش فيه عادي ما أقول لأحد.
تغريد: طيب حقولك، لأنو ما في أحد حيسمعلي غيرك.
طالعت في ملامحها الحزينة وحطت يدها على كتفها وهي تقول بحنية: قولي يا بنتي، لا تكمتي شي في قلبك.. ريحيه وخلاص.
شتت عيونها حول الغرفة وهي تحاول تخفي دموعها اللي صارت تتجمع بعيونها: بــابــا، أظن أنك شفتيه كيف متغير..، طالعت فيها وشافتها مهتمة لكلامها وهذا الشي دفعها لتكمل: من لما دخلو حياتنا وبابا عرف عن امو أتغير، بس ما كان متغير عليا..، كملت وهي تحس إنها مخنوقة: بس دحين.. يعني، سار يعاملني كأني غلطت في شي، وانا ما سويت شي.. أنا ما أقدر أستحمل بابا يعاملني بدي الطريقة.
هدى ابتسمت: انتي دحين زعلانه من دا الشي يا بنتي؟ لازم تعذري بابتك لأنو بيمر بوقت صعب.
ما قدرت تستحمل فنزلت دموعها وقالت بصوت باكي: كـ.ـلـ.ـو مـ.ــن ســـبـ.ــبـ.ــهـــم، دخـــلـــوا حـــيـــاتـ.ــنـــا وخــ.ــربــــوهـــا.. كــــنـــت أكـــر..هـــهــــم ودحـــيـــن ســــ.ـــرت أحــ.ــس أنــ.ــهـــم أعــــدائــــي.
هدى بصوت ليّــن حيل ومريح وهي تمسح على ظهرها: وي وي يا تغريد دا لكلام مرا ما يناسبك، ما شاء الله الكل يحبك عشان أخلاقك، وروحك الحلوه، هيا كلها فتره ومشعل يصحى على نفسه ويعرف غلطو، لازم إحنا أهم شي إننا نعذرو.. بكوننا ناس نحبو ونهتم في أمرو، كلها فتره وتعدي يا بنتي.
تغريد مسحت دموعها وسكتت، نزلت عيونها للأرض وهي تفكر، ما راح تتركهم كذا يبهدلوا أبوها ويروحوا، راح تجيب طريقة عشان توجعهم نفس وجعها اللي حاسة بيه حاليا، تسوي حاجه وحده بس عشان توجعهم كلهم وما راح يهمها شي.. وما راح تفكر بأحد وتسوي اللي تسويه!..
** ** ** ** **
على الكورنيش..
كان البحر فاضي على غير العادة.. اصلا في هذا الصباح مستحيل تلاقي أحد موجود غير الصيادين المنتشرين وقليل من الناس يتمشوا، نزل من سيارته وهو حاط جواله في أذنه وعينه عليه: ايوا ايوا خلاص شفتك لف وحتلاقيني.
مشى له وسلموا على بعض
فيصل: تبغا تجلس ولا نتمشى؟
مهند: عادي أي شي.
فيصل: خلينا نمشي طيب.
مشى فيصل ومهند بمحاذاته.. بدوا يتكلموا وسالفه تجر سالفه، وبعدها جاء صمت رهيب بيناتهم وكسره مهند: طيب ألين دحين ما عرفت ليه تباني.
فيصل أخذ نفس عميــق: قبل أسبوع كلمت رنيــن.. عن واحد أسمو مشعل.
كان مهند يطالع قدامه بس لما سمع الاسم طالع فيه بإهتمام: ايش قالتلك عنو؟
فيصل وهو تايه ومحتار: مدري ما فهمتني شي مزبوط، قالت انو أخويا وبس ما فهمتني أكتر من كدا.
مهند: يعني تباني أفهمك؟
فيصل: أكـــيـــد، لو تشوف حالتي حاله، من كم يوم وأنا افكر.
مهند تنهد: أوهووو من فين أبدأ ومن فين أنتهي!
فيصل: خد راحتك، وقتي كلو ليك.
مهند: طيب.. أمي قبل ما تتزوج أبويا بـ تلاته سنوات كانت متزوجه واحد متزوج أسمو ناصر جابت منو دا مشعل وسار عندها بنت كمان، بس ناصر ما كان كويس معاها، كان غني وهيا فقيره.. مستحقرها وذالها.. كارهها، أمي أستحملتو بس عشان شي واحد.. كان يعطيها فلوس عمرها ما توقعت تكون عندها، كانت تعالج بيها أمها وأبوها، وفي يوم ناصر قرر يطلقها، ووهيا ما كانت تبا عشان أمها وأبوها.. فما قدرت تقنعه أبدا، كان قاسي وحقير.. فساومها، حيطلقها.. وترتاح منو وحيغرقها بالفلوس، بس بشرط أنو ياخد الاولاد معاه، ولا عاد تشوفهم.. طول حياتها.
فيصل قطب حواجبه ما أتوقع فيه ناس بهالحقاره: وخالتي أيش سوت؟
مهند: أخد مشعل وأختو وأخدت هيا الفلوس.. أعطاهم بيت مناسب لهم وسيارة مع سايق خاص، بس تدري؟ ما أتهنت فيهم.. يوم من الأيام خرجوا مع السواق وصدموا في شاحنه.. كلهم ماتوا واحد ورا التاني.. ما بقي غير أمي، بعد ما خرجت من المستشفى راحت لناصر تبا تاخد الاولاد، كانت حاسة بوحده وفراغ في حياتها، بس ناصر ما رضي، رفعت عليه قضيه بس ما كسبت، كان عندو واسطات، يرشي دا وداك ألين ما أستسلمت خلاص، وبعدها جمعها القدر مع أبويا الله يرحمو.
فيصل أنتبه لنبرة صوته اللي صارت دافيه بعد ما ذكر أبوه: آميـن يا رب.
مهند وهو يبتسم بهدوء: أتزوجتو، عاشت حياه حلوة وهيا تحاول تنساهم، وبعدين جابتنا، كبرنا ونسيت ناصر.. كانت تحسب أنها تخلصت منه بس غلطت، ناصر كان تاجر مخدرات وحق خراب.. بس في يوم من الأيام أنفضح وشركتو فلست وسارت حالتو مبهدلة ويشرد من الشرطة، لما شاف أمي مرتاحه في حياتها حب يخربها..، مهند وهو يحس بدموعه اللي تحرق عيونه: وقتل أبويا.. قتلو عشانو خسر كل حاجه حتى مرتو وولدو ومشعل وندى قيدو خاسرهم من أول بسبب تعاملو معاهم، خسرهم كلهم وبعدها أعدموه.
مهند كمل بسرعه وهو يمسح على عينه قبل لا تنزل دمعته: المهم بعد سنتين دخلت رنين كلية الطب، ولقيت أنو مشعل هوا اللي يدرسها، عرفتو من أسمو.. وأمي أصلا قيدها حكتنا كل شي، طبعا رنين شافت حالة أمي سيئة بعد ما مات أبويا، وكانت دايما تجيب سيرة مشعل وندى، دخلت في راسها فكرة أنها تعرف مشعل علينا..، طالع فيه وهو يبتسم بخفة: طبعا تعرف لما تدخل فكرة في راسها ما حتخرج، حاولت فيها بس كانت تقنعني وقدرت عليا، المهم أتقربت منو مرا، وبعدين كل الجامعة حست فيهم.. وعن خرجاتهم، والكل سار يتكلم عنهم.. شككوا بشرفها، ما سلمت من نظراتهم ولا كلمهم، وزي ما تعرف كلام الناس ماهو كيس يمدينا نقفلو، بس مشعل ما حب اللي سار مرا وعشانها ترك وظيفتو في الجامعة.
فيصل: طيب ما عرف عنها أنها أختو؟!
مهند: لا رنين لما كانت تبا تقولو عننا.. سألتو عن أمي، وقال أنها ماتت ترددت وخافت إنو ما يتقبلنا، بس يعني كان دايما يقولها انتي زي أختي وأنتي زي أختي، ما كان معتبرها أكتر من كدا، واصلا كان متزوج وعندو بنت.
فيصل طالع فيه: كان؟
مهند حرك راسه بالإيجاب: ايوه بس طلبت الطلاق عشان كمان هيا وصلها عن خرجاتو مع رنين.
فيصل وهو يبتسم بتعجب: ودحين بعد كم سنة أنا وديت خالتي للمستشفى حقتو!
مهند أبتسم: بالزبط، واللي سوا العملية لأمي أخوه عبد العزيز، وتقدر تقول إنو دا الأنسان طيب وكل شي بس عندو حركات من تحت لتحت ويعرف كيف يلوي ذراعك، تقدر تقول يشبه ناصر في دي الناحية.
فيصل تذكره وقت ما كان يبحث عن مشعل، رفع حاجب وقال: بل، ايش سوا؟
مهند حكاه الموقف اللي صار في مواقف السيارات: أتقابلت معاه وقالي إنو هوا يبغا ندى تعرف عن أمي أنها عايشه وأنها ما تعرف شي عنها من هيا صغيرة.. حتى إنو مشعل ما حكاها عن أمي، زبدة الموضوع إنو ندى أتقبلتنا بس مشعل مرا مرا لا، عنيد وقاسي، لدرجة انو ما سار يكلم ندى عشانها أتقبلتنا!!
فيصل: يا لطيف، جبّار!
مهند بسخرية: وكمان يزعل لو شبهناه بأبوه..، تكلم بقهر وهو يتذكر هذاك اليوم: وبنتو يا أنو لسانها طويل، مترين يبغالو قص، وحدة مرا رحنا عندهم، وأنا ترايا مو راضي وكلنا مو راضيين غير أمي ومع اصرارها خلاص وافقنا.
فيصل بجديه: بس انتو المفروض ما تلوموه! يعني كم سنه عاش بدون أمو؟ وكمان أتوقع ناصر كان بطال من كلامك.
مهند: أقول بس، ترا يعرف إنو أمي كانت مضطرة تسوي كدا، بس زي ما قلتلك، قلبو كان حجر على أمي! مهند سكت وتكلم بعد فترة: طيب إنتا ليش سألت وأيش اللي دراك عنو؟
فيصل نزل عيونه للأرض وهو يفكر، كبر السالفة ونكد على رنين وعلى نفسه على ولا شي، خنقها بغيرته اللي ما كانت بمحلها أبدا، منحرج من نفسه بس تجرأ وحكاه!
** ** ** ** **
المدرسة في وقت الفسحة..
نزلت للساحة الخارجية بهدوء ظاهري كالعادة، مشت كم دقيقة لحالها.. صارت تقعد كذا من فترة.. وحيدة، بدون بتول ولا جود، يجوها بنات ويقولوا لها أجلسي معانا بس ترفض، صارت تفضل وحدتها هذي، رفعت رأسها وطاحت عيونها على جود، جالسه مع كم بنت ومعاها بتول، جايبين أكلهم من بيتهم ويضحكوا، أصوات ضحكاتهم تخترق أذنها وتحرقها، حاقدة أكثر شي على جود، أهلها أخذوا من أبوها راحته وابتسامته، وهي أخذت صديقتها الوحيدة، عمرها ما حقدت على شخص لهذي الدرجة، لدرجة أنها تبغا تنتقم بأي طريقة!
توجهت لهم والعصبية معمية عيونها، مسكتها من كتفها ولفتها بعفاشه
رفعت حواجبها بتعجب: خـــــيـــــر!!!
تغريد دفتها كم مرة من كتفها بنفس الأسلوب بحيث جذبوا أنظار كل البنات
جود قطبت حواجبها وبعدت يدين تغريد: أش بامك؟ متخلفة انتي؟
تغريد ما تكلمت وبقبضة يدها وجهت لها ضربة قوية في وجهها
جود تأوهت بألم وهي تمسك محل الضربة، ما قدرت تسكت وبالذات أنها تعورت فدخلت بمضاربة معاها.. وفي النهاية هي اللي تضررت أكثر شي، لأن تغريد تعلمت طرق الدفاع عن النفس لفترة وللحين تدرب عليها
حاولوا كم بنت يفكوهم عن بعض ومن بينهم بتول، بس ما قدروا.. ما قدرت عليهم إلا المديرة!..
** ** ** ** **
مهند طالع فيه وهو مو مصدق الكلام اللي جالس يقوله، يشك في أخته؟ ليش؟ رنين خارجه من بيت نظيف وشريف.. وغير كذا حبته لسنين وما رضت بغيره!..
شتت عيونه يتهرب من نظراته: مهند، أنا آســـف…
ما كمل كلامه، قطب حواجبه وقاطعه: ليش؟
فيصل ما رد عليه
مهند بغبنه: ليش تعتذر مني أنا؟ جاوبني لا تسكت كدا!..
فيصل بتوتر وهو يحك حاجبه: آممم.. مهند، رحت وأعتذرت بس…
قاطعه مرة ثانية وهو ماسك نفسه لا يضربه: خلاص لا تتكلم، لا تكلمني تاني مرا الا وأنتا مخلي رنين تسامحك!..
بعصبيه أعطاه ظهره ومشي، مشى كم خطوه بس لف له وهو رافع سبابته بوجهه: لو عدت دي الحركات وزعلت أختي والله ثم والله، حخليك تطلقها غصبا عنك يا فيصل، وقتها ما حهتم لحبكم لبعض ولا لأي شي.
** ** ** ** **
في المدرسة.. داخل غرفة المديرة
واقفين قدام مكتبها وهي تهزأهم، تقولهم قد ايش هالمدرسة راقية.. وتصرفهم ما تناسبها.. راح تشوه سمعتها، وأنه حتى الأولاد اللي في الجهة الثانية ما عملوا زيهم
تكلمت جود اللي شكلها مبهدل، شعرها مشعتر وبعض من أجزاء وجهها متورم وهي تبكي: هيا اللي بدأت زي المتخلفين، كنت في حالي مع صحباتي وضربتني، ايش تبيني اسكتلها يعني، شوفي كيف سار وجهي!!
طالعت فيها وكتمت ضحكتها الساخرة فلفت وجهها وهي تبتسم بلا مبالاة
المديرة مها لمحت أبتسامتها اللي استفزتها بشكل فضيع: وأنتي ليش جالسة تضحكي يا ست تغريد، تضحكي على خيابتك وهمجيتك يعني؟
طالعت فيها بوجه جامد خالي من أي تعبير، وهذا شي أستفزها أكثـــر: تعرفي ايش؟ انتي مرا حالك زآآآآد عن حدو وما في شي يبررلك أنك تتصرفي زي كدا، إنتي مفصولة لمدة أسبوع..، وبلهجة حاده: يلا أتصلي على ولي أمرك ياخدك من هنا!
أعطتها الجوال.. أخذته واتصلت على أبوها بضمير مرتآآآح وتكلمت لما رد: بابا تعال خدني من المدرسة.
جا لها صوته البارد: أنا مو فاضيلك دحين.
تغريد حركت عيونها بملل: فصلوني من المدرسة، تعال خدني!
قطب حواجبه بقووة وبحده: ايش دا الكلام الفاضي يا تغريد؟
تغريد تأففت: خد كلم المديرة تقولك يمكن تصدقني.
مدت لها الجوال وعيون المديرة تناظرها بانتقاد من أسلوبها مع أبوها، أخذت الجوال كلمته وحكته كل شي على حسب ما قالوه، وهو جالس يسمعها ومصدوم من تغريد، قفل السماعة بعصبيه وهو متوعد فيها!..
** ** ** ** **
دخل للشقة وقفل الباب وراه، خرجت أمل من لما حست بدخوله، شافته يحط جزمته في مكانها المخصص ورفع رأسه لها، ابتسمت له وقالت: أهلين حبيبي..، بوزت بزعل: تأخرت وبرد الاكل.
مهند تعود على دلالها ويعشقه بس الحين أخلاقه قافلة وبسبب أخوها فمشى وتعداها بتجاهل لها ولسؤالها متوجه لغرفة نومهم
بهتت ملامحها لتجاهله الغريب بس سرعان ما جاء في بالها فيصل، أكيد صار شي نكد عليه، لحقته ودخلت للغرفة، شافته يفسخ قميصه ويلبس تيشيرت عادي.. تكلمت بهدوء: أتضاربت انتا وفيصل صح؟
ما رد عليها، جلس على سريره وأخذ جواله وصار يقلب فيه
حركت رأسه بقلة حيلة على حركاته، يحب يتدلع أكثر منها، مشت له وجلست بجانبه: عادي يا مهند لو قلتلي، ما حزعل منك عشانو أخويا..، بعدت خصلات شعره عن وجهه وهي تتأمل ملامحه: أتخيل أنو فيصل مو أخويا، وقول اللي سار، فيصل متهور وأدري بدا الشي.
مهند تكلم وكأنه يبا يسمع هالكلام منها من أول: ليش يسوي لأختي زي كدا؟ حط جواله على جنب وطالع فيها بانفعال: يشك فيها؟ دي آخرتها؟ يشك فيها وأمي مربيتها أحسن تربية؟ لا واللي قاهرني يا أمل سايبها كم يوم ومسافر.. لـــــيــــش كـدا؟ لــــــيـــــش؟؟!!
أمل وهي متفهمته: صح كلامك، زوج أختك مرا غلطان وما يستحي، ورنين مرا ما تستاهل كدا يتسوا فيها.
مهند مسح وجهه بقلة حيلة وقام: أنا رايح آخدلي شور يمكن يهديني.
أمل حركت رأسها بالإيجاب: طيب حبيبي روح.
** ** ** ** **
خرجت من المدرس وما لقت غير سيارة أبوها.. مشت لها ودخلتها وهي تقول بهدوء: السلام عليكم.
مشعل وملامح وجهه ما تبشر بالخير: وعليكم السلام.
ما أهتمت لملامح وجهه، صح هي غلطت وتعترف بهذا الشي، بس ما يهمها غلطها أهم شي سوت اللي في راسها، وخلاص أتوقع أخذت عقابها على حسب تفكيرها.. انفصلت من المدرسة وهذا يكفي
مشعل تكلم بحده بعد صمته: ايش التخلف اللي سويتيه جوا؟ أنا دخلتك دورات الدفاع عن النفس عشان تمارسيها على بنت ما سوت لك شي؟ ولا عشان لما أحد يتعرضلك تمنعيه؟
تغريد طالعت فيه: تراها تستاهل أكتر من كدا كمان، وبعدين مين قال إنها ما سوتلي شي؟ انتا عارف مين هيا البـ...
قاطعها بصرخته وهو متنرفز منها.. ولها عين تبا تبرر اللي سوته كمان: أنــــــكــــتـــــمـــي!!! أحـــد قــلــك بـــرري الــــتـــصـــرف الـــهــمـــجـــي الــــلـــي ســـويـــتـــيـــه؟ أنـــا ســـمـــحـــتـــلـــك تـــتـــكـــلـــمـــي؟؟!!! مــا أبــــغـــا أســــمــــع صـــوت نـــــفــــســــك!
طالعت فيه بصدمه من صراخه عليها وسرعان ما لفت وجهها للطاقة لما بدت الدموع تتجمع في عيونها، هذا الصراخ كله عشان أيش؟ عشان مين؟ عشانهم؟ تصرفه ما زادها الا عناد وحقد إتجاههم
مشعل تكلم بوعيد بعد ما هديت نبرته: حـسـابــنــا فــي الــبـــيـــت يــا تــغــريــد.
** ** ** ** **
في المدرسة.. داخل غرفة الصحة
حطت علبة الإسعافات الأولية في مكانها المخصص ومن ثم التفتت لها: حتروحي لفصلك ولا حترجعي لبيتك؟
جود بصوت مخنوق حاسه بوجهها يحرقها بشكل: تعبانه ما ححضر الحصص، حستنى أخويا للصرفه هوا يدرس هنا.
تكلمت بشفقه وهي حزنانه على شكلها: طيب يا بنتي إنتي أرتاحي هنا عبال، ولما تشوفي نفسك كويسه روحي، كمان شوفي ايش أستفدتوا من المضاربة.
جود مالها نفس تتكلم ففضلت السكوت وغمضت عيونها..
** ** ** ** **
خرجوا من السيارة وهو يسحبها من مرفقها، ساحبها وراه في حوش بيتهم
تغريد وهي تحاول تفك قبضة يده اللي صارت توجعها: بـــابـــا سـيـبـ.ـنـي!
دخلوا للفيلا وبعدها فكها وهو يدفها وقال بسخرية: فيـن حركات الدفاع عن النفس هاه، يلا وريني!
تغريد نزلت رأسها وهي تتحسس ذراعها وماسكه دموعها بالغصب: يعني الواحد يضرب أبوه؟
مشعل: ما أدري عنك، فيه شخص يفشل أبوه عند الناس كدا؟ أنا من كم يوم حاولت أقنع المديرة وكلمت عادل عشانك وانتي بالمضاربة الغبية حقتك ممكن تهدم كل شي!
تغريد رفعت راسها وطالعت في عيونه، تكلمت وشفايفها ترتجف: مو المفروض انتا تصلح كل شي؟ مو دا غلطك اصلا وأنا بتحملو؟!
مشعل بعصبية من كلامها: لسانك ساير طويل على أبوكِ يا ست تغريد!!
تغريد ونبرتها أعتلت شوي: يـعـنـي تـزعـل مــن كـلـمـة الــحــق؟ أقتربت منه وعيونها لزالت بعيونه ومن ثم تكلمت بصوت متشحرج.. متوجع: مـو هـوا أسـاسـا غـلـطـك انــتــا؟!
ندى نزلت من الدرج على الأصوات العالية اللي استغربت منها لأن البيت كان فاضي: تغريد.. مشعل، بسم الله اشبكم؟
في الغرفة اللي بجانبهم، عبد العزيز اللي كان خلاص متجهز وناوي يروح لدوامه اللي صار يبدأ في هالوقت بس كان يبغا يشوف أمه قبل لا يخرج، هم كمان سمعوا الأصوات العالية فقالت هدى: دا شكلو صوت تغريد؟!
عبد العزيز: ايوه بروح أشوف ايش فيه، انتي خليكِ هنا.
هدى برفض: لا لا يا ولدي خليني أشوفها معاك، اليوم الصبح ما كانت بخير.
حرك رأسه بالإيجاب ودف عربيتها، مشوا للباب وخرجوا
قطب حواجبه بقوة وهو يشوف تغريد وجهها أحمر، رافعه سبابتها بوجه أبوها وتتكلم بصراخ ممزوج ببكائها: لآآآ تــجـــيـــب ســـيــــرة أمـــــي بــالـــبـــطــــآآآآل، مــــــــا أســــمـــحـــلــك تــــــقـــــول عـــــنــــهـــا ######..، قربت منه وهي تشهق ببكاء وتضرب صدره: حـــرمـــتـــنـــي مـــنـــها وتـــقــذفــــهـــا قـــدامـــي؟ لـــيــــش؟!! وهي تضربه أكثر: لـــــــــــــــيـــــــــــــش؟!!!
ندى حطت يدها على فمها وبدون ما تحس تجمعت دموعها بعيونها على حالة تغريد
عبد العزيز مسك تغريد وهو يمنعها تضرب أبوها ويقول: تــغــريــد يــا بــنـــت مــا يــنــفـــع كــــدا!!
دفعته عنها بأقوى ما عندها وقالت بنفس نبرتها الباكية: يـعــــنـي هـوا عــادي؟ عادي يسب أمي قدامي، جاوبني.. عــــــــادي؟ يــــــنــــفـــع؟
طالع في مشعل يتأكد من اللي قالته بس ملامحه كانت جامده وبارده
تغريد تكلمت بضحكة سخرية من بين دموعها ولساتها الكلمة اللي طلعت منه بتحرق قلبها: مو مصدقني يعني يا عمي؟ طبعا أنتا ما تعرف ايش انا عشت..، بلعت ريقها وطالعت في مشعل وهي تحاول تهدي نفسها: بسببك ماتت أمي، لو ما سويت اللي في راسك كان أنا دحين معاها.. كنت صغيرة هداك الوقت صح.. بس لا تحسبني ما كنت أفهم تعاملك معاها، كنت عارفة إنك تكرهها.. ومن كتر العذاب النفسي اللي كانت عايشتو ماتت وهيا…
مشعل قاطعها بصرامه: لا تزيدي كلمة يا تغريد ولا حتشوفي شي ما يسرك!
مين يصدق انه هذا مشعل يكلمها بهالأسلوب وبهالنبرة، وهي كمان ما كانت أقل منه، كملت ولا أهتمت له، بتكلمه بوقاحة ما كأنه أبوها.. ولا كأنها تغريد اللي تعشقه وما ترضى بكلمة تزعله: ايش في؟ خايف أقول كيف ماتت؟ وبسببك؟ أصلا من وأنا صغيرة أعرف إني مو بنتـ…
ما قدرت تكمل كلامها من الكف اللي جا لها منه ومن قوته طاحت على الأرض!
رفعت يدها المرتجفة وتحسست خدها وهي تغمض عيونها بألم، الكل أنصدم هدى.. عبد العزيز وندى، ندى ما قدرت تطالع كذا وما تسوي شي، اقتربت من تغريد وهي تقول: تغريد قومي، أنتي بخير؟!
فتحت عيونها وتجاهلت سؤال ندى، طالعت في مشعل وبصوت مرتجف: مـ.ـا.. مـ.ـانــي مـصـدومـة مـــنـ.ـك.. لأنـ.ــي شـ.ـفــت أشـــيـــاء أكـــتــر مـ.ـن كــدا وأنـ..ـا صــغــيــرة!
مشعل وهو مو قادر يستحمل كلامها اللي خلا الكل يشك فيه فقال بعصبيه: تــــــــــغــــــــــــريـــــــــــــــد!!
أخذ نفس وهو يحاول يهدي نفسه وبنبرة حــآآآده: روحي أطلعي لغرفتك.
قامت من الأرض وهي تمسح دموعها بعشوائية، وقالت بحقد قبل لا تطلع للدرج: حطلع وأن شاء الله أموت وأرتاح من العيشة معاك دامها كدا.
مشعل فقد أعصابه من طول لسانها وقال بصوت عالي لتسمعه وهي طالعة الدرج: أحــســن مــــوتــــي وأنــــــا مـــــو راضــــي عـــنـــك، عــــشـــان تـــــلـــحــــقــــي أمـــــك فـــــي نـــــار جـــــهــــنـــــم.
لا شعوريًا سدت أذنها وهي تسمع كلامه اللي حرق قلبها أكثر، دخلت لغرفتها وقفلتها، سندت ظهرها على الباب ورفعت يدها لفمها لتكتم شهقاتها، جلست على الارض وتكورت على نفسها، كلماته لساتها ترن في أذنها وتوجع قلبها بقسوة.. بدون رحمة، كلمت نفسها وهي تتخيله قدامها: خـــ.ـــلاص.. خــ.ـــلاص، كــ.. كــفـــا...يــــة، كــــفــــايــــــة!..
تحت..
عبد العزيز طالع فيه بعدم تصديق لكل اللي صار قدامه: مـشعــل إنتا مجنون؟ كيف تقول دا الكلام لبنتك؟ كيف تتمنالها الموت؟!!! وتضربها!
ما رد عليه وهو يتعداه ويخرج من الفيلا
قطب حواجبه بقوة وقال لندى: ندى لو سمحتي دخلي أمي للغرفة خليني أشوف ايش هرجتو دا.
ندى بطاعه: طيب.
عبد العزيز لحقة للحوش، لفه وبنبرة حاده: هي أنتا جالس أتكلم معاك، جاوبني!!!
مشعل بعد يده ودفه: أوهووو ناقصك انا، بكيفي.. تغريد بنتي أنــــآ.
عبد العزيز بابتسامة جانبية ساخرة: صراحه بديت أشك في دا الشي بعد كلامها..، كمل باستفزاز: متأكد إنها بنتك يا مشعل؟
مشعل سحبه من ياقته وصرخ بحرقة: أقـــلـــك تـــغـــريـــد بـــنـــتــي.. بــــنـــتـــي، لا يـــجـــي فـــــي بــــالـــك غــــيـــر دا الـــشــــي.
عبد العزيز دفعه وضربه في وجهه بقبضة يده: طيب.. ودي الضربة عشان الكف اللي أديتو لبنتك!..
مشى عنه ودخل للفيلا وهو منقهر، دخل لغرفة هدى وقفل بابها بقوة
هدى طالعت في ملامحه بتمعن: ايش قال يا ولدي؟ ايش سبب المضاربة دي؟
عبد العزيز وهو يجلس على السرير بجانب ندى: ما أدري يا أمي، دولا الاتنين حيجننوني.
هدى بطيبة: طيب روح كلم تغريد.
عبد العزيز وهو يتنهد: لا خليها شوية، أكيد دحين تعبانه ما أبغا ازعجها.
هدى بخوف: يا ولدي روح شوفها لا يكون سوت في نفسها شي!
عبد العزيز: لا يا أمي تغريد عاقلة وما تسويها.
ندى هي كمان خافت: لا لا أحسن شوفها يا عبد العزيز، لأنو كانت حالتها تحزن.. ولا حتفكر بالعقل ولا هم يحزنون.
عبد العزيز قام: دامكم تقولوا كدا.. أحسن لي أشوفها..، بس مو كأنك يا ندى كنتي معاهم، ما عرفتي ليش؟ وإيش جاب سيرة أم تغريد فجأه؟
ندى: لا والله نزلت على مضاربتهم وفجأة سمعتو يسبها الله يهديه.
……
دق على باب غرفتها كم مره ومن ثم جاء لها صوتها الباكي: خلاص.. ما راح أفتح الباب، لا تطفشوني.
عبد العزيز بنبرة دافية: تغريد دا أنا.. عبد العزيز، أفتحي، خلينا شويا نتكلم.
أنتظر دقيقة وبعدها فتحته، طالع فيها، لساتها بعبايتها ووجهها محمر، شفايفها تهتز وهي كاتمة بكاها، كسرت خاطره لما شافها كذا وغير خدها اللي صار متورم، دخل للغرفة وقفل الباب وراه وهو يقول بحنان: تـــغـــريـــد، خلاص لا تبكي.
ما قدرت تمسك حالها فصارت دموعها تنزل على خدودها بهدوء عكس الحرقة اللي شابّة بصدرها وما هي راضية تهدأ
ما قدر يشوفها كذا الا وهو حاضنها لصدره ويمسح على شعرها بحنان: آآآششش..، شد عليها أكثر لما حس بشهقاتها ترتفع فانوجع قلبه: خلاص يا قلبي لا تبكي.
تغريد من بين شهقاتها: خـ.ـلـ.ـوا بــابــا يــتــ.ــغـــيـ.ــر عــلـــيــا.
عبد العزيز وهو لزال يمسح على شعرها: ما حد غيرو يا تغريد، أبوك.. عندو عقل.. يعرف يتصرف، واللي سواه كان بوعيو وعن إرادتو.
تغريد عارفه انه كان بوعيه وعن إرادته بس ما كانت تبا تصدق نفسها، ولا تبا تصدق إن اللي صار قبل شوي من أبوها، أصلا هي عارفة طبعه، لما يعصب يبدأ يجرح بالكلام وما يهتم بمشاعر الشخص اللي قدامه ولا يفكر ايش يقول، بعدت عن عبد العزيز وصارت تمسح دموعها، فسخت عبايتها، رمتها على سريرها وقالت: طيب ممكن تخرج؟ أبغا ارتاح شويا.. تعبانه.
عبد العزيز: طيب، بس أعطينا توضيح بسيط عن اللي سار تحت، كلنا مو فاهمين.
ردت باقتضاب: فصلوني المدرسة لمدة خمسة أيام وعصب عليا.
عبد العزيز بحيرة: طيب ايش جاب سيرة أمك؟
تغريد تأففت وهي تلف بجسمها وتعطيه ظهرها، ضغطت على عيونها عشان لا تبكي: خلاص يا عمي لا تفك دي السيرة.. ما أبغا ابكي خلاص، وعشان ترتاح.. مضاربة جرت مضاربة لين ما وصلنا هنا.
لانت ملامحه وقال بهدوء: طيب.. أنتبهي على نفسك، ولا تخلي أحد ينكد عليكِ.
** ** ** ** **
بعد عدة ساعات.. في الفيلا المقابلة
متجمعين على طاولة الطعام.. كل واحد يحكي عن يومه وكيف كان، عائلة صغيرة ويحبوا بعض، طالع وليد في بنته وهو يبتسم: ايش سويتي في المدرسة اليوم؟
بتول بعدم أهتمام: ما في شي مهم يا بابا، عادي دروس وواجبات.. ما كان عندنا إختبار اليوم..، سكتت شوي بس كملت لما تذكرت: أووووه صح، كمان اليوم سارت مضاربة بين بنتين، أقصد مصارعه.
أميرة: يا لطيف.. ليش؟
وليد: مين دول البنتين نعرفهم؟
بتول: مع الاسف نعرف وحده منهم حق المعرفة..، كملت وهي تطالع في أخوها الغير مهتم: كانت تغريد.
طالع فيها ورفع حاجبه: تغريد؟
وليد طالع في ولده لفتره بسيطة وبعدها رجّع نظره لبتول بإهتمام: وليش أتضاربوا؟ تعرفي؟
بتول: والله يا بابا ما في سبب، البنت كانت قاعدة معانا وتضحك، فجأة الا تجي تغريد وتضربها، البنت ما سكتت بس أقلك خرجت ووجهها مفقع تبكيس من تغريد ويمكنها ندمت أنها أتصاحبت مع تغريد طول حياتها.
أميرة: صحبتها؟ وي تغريد تسوي في صحبتها كدا؟
بتول: مدري عنها والله.. آخر فترة متغيرة وسايرة ما تنطاق، الزبدة أنو المديرة فصلت تغريد خمسة أيام عن المدرسة وأخدها عمي مشعل والبنت التانيه كتبوها تعهد.
أميرة: عشان كدا شفت سيارة أبوها اليوم، استغربت.
وليد: يبالي أكلم مشعل وأشوف ايش الهرجة، تلاقيه أتجنن بعد ما عرف.
وليد قال كلامه وهو عارف أنو مشعل يهمه أكثر شي الدراسة..
يبغا بنته تجيب درجات كاملة ويكون ملفها نظيــــف..
وبعد ما أنفصلت راح يفوتها دروس كثيرة وواجبات، وحتى يمكن أختبارات
وكل هذا راح يأثر على درجاتها اللي هي محتاجتهم، وبالذات أنها آخر سنة لها
غريبة طول هالسنين ما عمرها سوت مشكلة..
طالع في فـارس شوي في باله موضوع ولازم يفتحه معاه، يمكن هذا مو وقته بس يمكن ما راح يفضى بسبب شغله: فارس، باقيلك سنتين عشان تخلص دراسة..، طالع فيه، تكلم ببطء وهو عارف مدى تأثير الكلمة اللي راح يقولها عليه: وتتزوج.
حس باللقمة توقف بحلقه وبالقوة بلعها، طالع فيه بعدم تصديق: أتزوج؟ مو كأنّو بدري يا أبويا، حتى ما خلصت الجامعة!..
وليد طالع فيه وهو رافع حاجب: مو كأنو السنة اللي فاتت قلتلي أكلم مشعل عشان أخطب لك تغريد، وإنتا برضو ما خلصت الجامعة؟!..
فارس حس بقلبة ينعصر من هالسيرة اللي تذكره برفضها له، قطب حواجبه وتكلم: أظن إنو الموضوع أنقفل من زمان وأنا ما عاد فتحتو لما انرفضت!
وليد بنفس نظرته: بس اللي وصلني غير اللي جالس تقولو، سمعت إنك برضك تبغاها وما استوعبت اللي أتكلمناه مع بعض عنها! فقلت خلاص نزوجك وحده من بنات عمتك جميلة.
فارس بعصبية رمى الملعقة في صحنه: ايــــــــش؟ عمتي جميلة، ما لقيت إلا من أهلك وكمان عمتي دي؟
وليد بنبرة تحذير: فــــــآآآرس، أحترم نفسك وأحترم أهلي، حالك حال باقي أولاد العيلة ما يتزوجوا الا مننا وفينا.
أميرة خافت من أنفعال ولدها وعصبية زوجها اللي مخفيها: خلاص يا أبو…
رفع يده يمنعها من الكلام وقال بصرامة: أميرة لو سمحتي لا تتدخلي.
فارس بسخرية: أهلك اللي تدافع عنهم.. أستغلاليين، لما أتزوجت أمي أتبروا منك، وبعد ما جانا الخير الحمد لله، يعنني هم الطيبين سامحونا، بعدين أنا مو زي ..أولاد العيلة!..
طالع في ولده لفترة بصمت بدون ما يتكلم، ملامحه صارت بارده ورجع يكمل أكله وقال: على العموم حاب أقولك إنو حبك لتغريد ما حينفعك، شيلها من بالك وريح نفسك..، طالع فيه فيه وهو يعدد بأصابعه: لا تغريد.. ولا أبوها.. ولا أنا.. ولا أمك راضيين، يعني في النهاية ما حيكون فيه نصيب بيناتكم.
فارس عصب حيـل من كلامه مانه ناقص أحد يزيد عليه، قام من الطاولة وبحدة خفيفة: الحمد لله.. شبعت!
بتول طالعت في أخوها وهي حزنانه عليه، نفسها تصرخ وتقول: خلاص لا توجعوا قلبه أكثر، لا تصيروا كلكم ضده.. كفاية الصد من تغريد، بس فضلت إنها تسكت.. لأن أبوها سكّت أمها، فأكيد ما راح يسمح لها تتكلم
** ** ** ** **
بالمستشفى
واقف قدام مكتب مشعل، دق الباب كم مرة ولما جاء يدخل سمع صوت سلطان: دكتور عبد العزيز، دكتور مشعل ما في.. خرج من فترة.
لف له وبإستغراب: من جد خرج؟ تعرف ليه؟
سلطان حرك رأسه بالنفي: لا والله ما قالي، بس كان شكلو تعبان حتى كمان قلي ألغي كل مواعيد اليوم.
عبد العزيز: طيب شكرا سلطان..، حتى أنا كمان خارج، بس حرجع..، طالع في ساعته الملتفة حول معصمه: تقريبا على حول 5 حكون فيه.
** ** ** ** **
خرجت من الحمام بعد ما أخذت لها شور بارد يمكن تطفئ النار اللي جوتها وتنعشها شوي، مسكت بطنها وهي حاسة بجوع فضيع.. ما أكلت شي من الصبح حتى فطورها ما أكلت مزبوط، لبست وخرجت من غرفتها، نزلت الدرج وشافت ندى تبغا تخرج وقالتلها بسخرية: رايحتلهم؟
ندى لفت لها وقالت: ايوه، عبد العزيز برا.
تغريد بنفس نبرتها الساخرة: طيب وصلي سلامي الحار لجود.
راحت للمطبخ قبل ما تسمع ردها لتسوي سندويشه تسد جوعها على الأقل
ندى استغربت بس ما أعطت أهتمام للموضوع وخرجت برا، نزلت الكم درجة وانفجعت لما جاها العامل الهندي اللي يجي ينظف برا الفيلا كل فتره وهو أصلا مفجوع: مــــــدام.. بابا مشعل.. يطيح.. شوف.. يهز كأنو فيلو جني.
قطبت حواجبها بقوة على كلامه: إنتا ايش تقول.
أخذ نفس عشان يحاول يهدي نفسه ويفهمها: بابا مشعل ورا في الحديقة.
مشت للحديقة الخلفية وقلبها يرتجف خوف، شهقت وتجمعت الدموع بعيونها لما شافته طايح مثل الجثة الهامدة
سيارة عبد العزيز..
طفش وهو ينتظرها تقريبا ربع ساعه.. أتصل عليها كم مره بس ما ترد، حرك عيونه بملل وقرر إنه يدخل ويشوفها، خرج من سيارته ودخل من البوابة للحوش، طاح قلبه وهو يشوف الحارس والعامل شايلين مشعل بصعوبة بسبب ضخامة جسمه وطوله اللي ما يتقارن بيهم
لا شعوريا ركض لهم وصار كمان يساعدهم وهو يسألهم وسط أرتباكهم: بسم الله ايش فيه؟ كيف طاح؟
الحارس الكبير في السن نوعا ما: ما أدري زهموني بس عشان ندخلو جوا.
عبد العزيز وهو يوجه كلامه للعامل والحارس بعد ما دخلوا للفيلا: خلاص انتوا روحوا أنا حطلعو.
تغريد خرجت من المطبخ وهي مقطبة حواجبها من الأصوات، وبإنزعاج: يا هو ايـش فيــ…
قطع كلامها عبد العزيز بصوت عالي: تغريد تعالي ساعدينا.
أنصدمت وهي تشوفهم، أقتربت منهم وبخوف واضح في عيونها: بـــــــابـــــــا!!!.. وهي تطالع في ندى: ايـش سـار؟
ندى: ما أدري، يا تغريد.. ما أعرف، قالي إنو طاح وهوا يتحرك بشكل غريب.
دموعها تجمعت بعيونها وطلعت الدرج ركض وهي متجاهله نداءهم لها عشان تساعدهم، عبد العزيز عصب عليها وتوقع سبب تجاهلها هو اللي صار الصباح، حس إن حركتها طفولية.. خليها تساعدهم الحين وبعدها تزعل لين بكره: اشـــبـــهـــا دي مــــا تـــســـمـــع!!
ندى: خلاص يا عزيز سيبها وخلينا نطلعو بالمصعد.
طلعوه بالمصعد لجناحه وبعدها دخلوا لغرفته اللي لقوا تغريد فيها، جالسه على الأرض وماسكة علبة دوا بيدها، تبكي بحرقة وشهقاتها عالية، ندى راحت لها وقلبها متقطع على حالتها، حطت يدها على كتفها وبحنية: تغريد ايش فيه؟ اشبك لا تخوفينا.
رفعت لها العلبة اللي بيدها وقالت من بين شهقاتها: مـ.ـا يــاخـــد الأدويــــ..ـــة!..
ندى بنفس نبرتها الحانية: يعني هيا خلتو زي كدا؟
حركت رأسها بالإيجاب وهي بنفس حالتها، مسحت على رأسها وبضيقة: خلاص يا تغريد لا تبكي.
تغريد قامت وهي تمسح دموعها وتحاول تهدي رجفتها، تموت من خوفها عليه وهو ما يهتم في نفسه أبدا، مشت لسريره بعد ما مدده عبد العزيز وجلست على الأرض بهدوء، مسكت يده الباردة وسندت رأسها على السرير، ثبتت عيونها عليه وصارت دموعها تنزل بهدوء
طالع عبد العزيز في ندى اللي كانت تطالع في تغريد بحزن على حالها، أشر لها بمعنى أنهم خليهم يخرجوا ويخلوها تاخذ راحتها
عبد العزيز: تبغي تروحي عند أمك؟
ندى: لا والله ما أقدر أسيب مشعل وتغريد وهما كدا، قلبي ما يطاوعني.
عبد العزيز وهو يزفر بتعب: استغفر الله يا ربي أيش دا اليوم.
ندى بنفس حاله: منجد.
جوا الغرفة..
قعدت على نفس حالها لفترة طويلة وقلبها واجعها عليه، دموعها متحجرة بعيونها وتكلم نفسها وتلومها: بابا كان تعبان، وأنا زدت عليه.. طولت لساني عليه قدام الكل، خليته يزعل أكتر، الحالة اللي هوا فيها بسببي، فصلوني من المدرسة وهوا اكيد حاسس بخيبة أمل مني..، شدت على يده وباستها وهي تتمتم: سامحني يا روحي، آسفه ما أقصد اني أزعلك، ما كنت أعرف انك حتوصل لدي الحالة.
فزت من مكانها لما حست بحركة يده: بــ.ــابــ.ـــا؟
قربت منه لما سمعته يتكلم بهذيان، تجمدت ملامحها لما سمعته ينطق باسمها
...: ديــ.ـــنــــ.ـــــيـــ.ــــز!
قامت من الأرض وجلست في السرير، طالعت في ملامحه وهي تمسح دموعها، تكمت وهي عارفه انه ما راح يسمعها: أنا أستحمل كل شي منك، تعبس بوجهي.. ما تكلمني.. تتعامل معايا ببرود.. تضربني..، بلعت ريقها وهي تحس بدموعها ترجع لعيونها: بس ما أستحمل لما تتكلم عن ماما بدي الطريقة.. ما أسمحلك تقول عنها شي بطال قدامي أو قدام أي أحد، ما أسمح لأي أحد يقول كلمة عليها كيف انتا تسويها؟ حتى المفروض انتا ما تفكر كدا..، مسحت دمعتها بطرف اصباعها وكملت: لو عندك ذرة حب لها أو على الاقل احترام لا تتكلم عنها بشي مو كويس..، وهي تاخذ نفس عميق: ماما عندي خط أحمر، حبها في قلبي أكبر شي، ماما أغلى شي عندي حتى وهيا ميته!..
** ** ** ** **
مرت أسبوعين وتغيرت فيه أشياء كثيرة، حابه أكتب اللي صار بلسان الشخصيات
تغريد..
بعد ما خلصت كلامي.. خرجت من عندو بسرعه وأنا في حالة تناقض
حاسة بتأنيب ضمير لأن الحالة اللي بابا فيها بسببي
ومن جهة تانية لما سمعته يقول أسم ماما.. تذكرت اللي سار في الصباح وقلبي قسى!
بعدها سار الكلام بيني وبينه قليل، وأنا طول الوقت بغرفتي ما أبا اشوفو
ما حقدر أسامحه بكل سهولة على كلامه، ما راح أنسى!
ما أتعودت أزعل من بابا، وفي نفس الوقت ما أرضى بكلمة على أمي!
كيف قدر يتكلم عنها قدامي ويحرق قلبي بيها؟
وهوا يدري قد ايش أنا متعلقة فيها
وأنا أعرف قد ايش هوا يحبها.. بس من جد ما أدري ايش سارلو
وان كانت كلمة في وقت غضب… فلازم يعرف يتحكم بأعصابه!
وحدة مرا حسيت نفسي مخنوقة وجــدا تعبانه، فرحت عند بتول
قابلت فارس.. سار يطالع فيا.. بنظرات اربكنتي، ما قدرت أفسرها
بس طنشته وطلعت لغرفة بتول وأنا عارفة أنو برضو بيطالع فيا
دا الانسان يحبني مهما سويت فيه، مهما كسرت قلبه ومهما عملت فهوا يحبني
صراحةً استسلمت وما راح أسوي شي، لأني أتصالحت مع بتول ووعدنا بعض اننا ما نتضارب على أشياء تافهة تاني مرة!
داك اليوم بكيت عندها وقلتها كل اللي سار
ندمت لأنها ما كانت معايا وقت ما كنت أحتاجها أعتذرنا لبعض واتصالحنا!
مشعل..
دي الأسبوعين كانت الاتقل عليا، من ناحية تغريد اللي ما أقدر ألومها على تصرفاتها معايا
سارت وكأنها تنفر مني و… تكرهني، ما أستبعد دا الشي وأستاهل أكتر
المفروض ما أستغرب لأنها ماخده دا الطبع مني..
اذا قسيت ما راح تلين بسهولة
اذا كرهت ما راح تحب زي أول
اذا انجرحت ما تسامح بسرعه!
كل شي ماخدتو مني.. بس ما أتعودت تكون علاقتي ببنتي تكون بدا البرود
بس الشي اللي منجد مفرحني إنها لين دحين تزكرني بمواعيد دوايا النفسي
ترسلي مسج على الجوال.. واذا العلبة قربت تخلص توصيني أشتري جديدة
هيا تكره تشوفني تعبان بدا المرض أكتر من إنها خايفة عليا، وما ألومها برضو
لأنو يذكرها بأشياء حاولت تنساها، شي صعب عشناه أنا وهيا
لما كان عمرها 11 بدأت أعراض المرض تظهرلي
كان يجيني صداع في رأسي.. وفجأة ينخفض ضغطي وأطيح مغمى عليا..
وبعض الاحيان جسمي كلو يتحرك بطريقة غريبة ومفجعة
وتطلع أصوات من فمي، ولما أفوق أكون مو متذكر ولا شي
دا كلو يسرلي وأحنا كنا لحالنا، كانت تبكي وتحاول تقومني بس ما تقدر
بدات تتكرر الحالة وتزيد عليا وقعدت أسابيــع وأنــا بالسرير تعبان
ما حد عارف ايش فيا، أروح من دكتور لدكتور كلــــهم يقولولي اني كويس
وقالي عبد العزيز خليني أروح عند شيخ يمكن فيا شي
سمعت كلامه.. وكل شيخ يحطلي بلا جديد فيا..
اللي يقول سحر
اللي يقول عين
اللي يقول حسد
اللي يقول مس!
وما زادوني إلا تعب.. واللي كان يعذبني أكتر هيا تغريد
كانت تسمع صراخي وأنا متفاعل مع الآيات
وكل ما الشيخ يخرج من بيتي تجيني جري وهيا تبكي بخوف وأنا قلبي يتقطع عليها
مرت سنة على حالتي وأنا ما أستفدت، لين ما كلمني وليد.. صاحب عمري، عن صاحبه الدكتور النفسي أبراهيم
في البداية عارضت وقلتله أنا أروح دكتور نفسي؟ ايش شايفني يعني!
بس أقنعني بكلمتين وهيا
جربت كل شي يا مشعل لمدة سنة وما فادك، ترا ما حتخسر شي لو رحت لدا الدكتور يمكن تلاقي حل لحالتك دي!
وفعلا رحت، وشرحتلو حالتي وعلى طول فهمني وفهم اللي فيا
وبكل بساطة قالي انو عندي نقص في وحدة من الهرمونات..
وهوا السبب في حالتي دي كلــها، كتبلي أدوية في الروشتة
ومعاناة السنة الكاملة خلصها في ثواني!
بس بشرط إني أستمر على دي الادوية طول حياتي..
لأني لو بطلت أستعملها وعصبت وأتنرفزت كل اللي سارلي أول حيتكرر
وفعلا دا اللي سار…
وكمان علاقتي بندى بدأت تتحسن وخلاص سامحتها، ما أقدر أطول بزعلي عليها أكتر من كدا
وسرت انا اللي أوصلها لأمها.. إيوا أمها، أنا لساتي ما أعترف بيها كأم
ودام ندى رضيت بيها ما حتحكم في قراراتها وحريتها بالذات ما شفت تحسنها الملحوظ في نفسيتها، ما ححرمها منها وإن شاء الله ربي ما يحرمني من شوفة ابتسامة أختي
دي الابتسامة اللي طلعت منها من قلب.. من زمان ما شفتها
ويوم ورا يوم حسيت قلبي بدا يلين ويحن اتجاه سعاد
بس على طول أتذكر كل شي عشته بسببها عشان أخلي قلبي يقسى!
رحت عند وليد أشكيلو حالي، دا صاحب عمري وشافني في أسوء حالاتي
وياما نصحني وأرشدني للطريق الصح..
أثق فيه ثقة عمياء، وكل ما أحتار وأشوف نفسي متضايق أروح له
عندو نظره ثاقبة ويشوف الأمور بعقلانية أكتر مني
وعمري ما ندمت على أي نصيحة منه وسويتها، كل كلمة قالي هيا كانت صح!
مهما أتكلم عن دا الرجال ما حوفيه حقه
ودا من الاشخاص اللي غيرلي حياتي للأحسن..
قلتله اللي في بالي من أيام
خرجت من عنده وأنا أفكر بكلامه، لساتي محتار وأحتاج كم يوم حتى أتقبل اللي قاله
ما هي سهله أني أسويها.. ما أقدر أتقبل وجودها في حياتي بدي السرعه..
ندى
شفت تغريد تخرج من الغرفة ولمحت دموعها، ناديتها بس طنشتني ونزلت لغرفتها
ما عرفت ايش سارلها، دخلت عند مشعل ولقيته نايم فزاد أستغرابي
جلست عندو لما صحي وسار ينادي باسم تغريد ودينيز اللي عرفت إنها أمها من اسمها الغريب
في داك الوقت عرفت قد ايش هوا يحبهم واللي سار الصباح كلو كان بوقت غضبه
أتصلت على تغريد وقلتلها ابوكِ يبغاكِ، ينادي باسمك.. بس هيا ردت بنبرة ضعيفة باكية: انتي خليكِ عندو أنتبهيلو بدالي. وقفلت بوجهي
أحترت ايش أسوي، تغريد ما تبا تجي، ومشعل لساته زعلان وتوقعت انو ما حيرضى بأي مساعدة مني
بس بالعكس.. كان ســاكت وهادي، لو يبغا شي يقولي أنا وحتى ما سأل عن تغريد تاني، ما سأل عنها بس واضح إنو ندمان على كلامه
وعلى دا الحال لمدة كم يوم.. حتى أستعاد صحته والحمد لله
بكل صراحة أنا ما أستحملت وضع مشعل وتغريد
حسيت اللي بتسويه تغريد عقوق!
ما تكلمه.. ما تسأل عنه.. ما تقعد معاه، لما يجي تقعد شويا وتقوم على طول
رحت وكلمتها، ما جيتها بالطيب والكلمة الحسنة!
هزئتها وعاتبتها على كل تصرف وجلست أأنبها على تعاملها مع مشعل
بس سكتتني بجملتين وهيا تقولها بمرارة
صعب لما أحد يحرق قلبك بشخص عزيز.. ويكون أصعب عليكي لما تكوني تحبيهم كلهم وتتمني تعيشي معاهم لين تموتي!
قالتها ومشيت وأنا وقفت وقلبي يوجعني عليها
حالتهم الاتنين صعبه، وأنا أحس اللي تغريد بتسويه في مشعل نفس اللي بيسويه لأمي
لو يدري قد ايش نفسها تشوفه تاني مرا
تشوفه بدون ما يكون معصب وحاقد زي ديك المرا
وأنا بحاول قدر الإمكان ألين قلبه وأجلس أحكيه ايش بسوي عندهم
ووحدة مرة تعمدت ما أتكلم ولا أحكيه
وهوا سألني كيفها أمي! ما حكيتيني عنها اليوم!
فرحتي ديك اللحظة ما توصف، يعني بجد حسيته وكأنو شويا بدأ يتقبلها؟
كأنو يتمنى وجودها في حياته!
رنين
فيصل يحاول يراضيني من مدة، وأنا صادتو.. عرف غلطو وندمان..
يباني أسامحو زي العادة وكأنو ما سار شي
أحبو؟
أيوا وبجنون
راح أسامحو؟
برضو أيوا بس كرامتي ما تسمح لي أسامحو بسرعة
أكتر شي محزني هيا أمـل..
تقولي آسفه على تصرفات أخويا.. متهور ومجنون ومن حقك تزعلي
دي الإنسانه أحبها، جــدا راقية وقمة في الأخلاق
رغم إنها ما لها دخل بالمشكلة إلا إنها جاسة تعتذرلي عن تصرفات أخوها
وشفت مهند يعاملها ببرود شويا لما جو عندنا..
مسكتو وقلتلو لا تسوي فيها كدا
أمل ما تستاهل أمل ما لها دخل ما تستحق تعاقبها
فيصل الغلطان وأنا اللي حعاقبو، لا تظلمها
بس قالي دي الحالة مو عشان فيصل يا رنين.. عشان أمي
أتنهد بألم وأتزكرت ماما..
لما ندى تجينا أشوفها تبحث عنه بعيونها يمكن يكون قلبه القاسي حن عليها ويسامحها
بس تكسرني نظرة الخيبة اللي تظهر بعيونها
عارفين إنو هوا دايما اللي يجيبها لهنا، بس شكلو مو ناوي يفرحها أبد..
بس لين ما صحيت اليوم وجا مهند بالخبر اللي ما توقعتو!
** ** ** ** **
فتح باب الحديقة الخلفية، شافها جالسة على الدرج وتعبث بالتراب بيد ويدها الثانية حاطتها على خدها، باين على وجهها الملل، أبتسم بخفة وصار يتأملها
في البداية ما حست بيه، طالعت في يدها المتربة بسرحان، فزت بخوف لما سمعته يتنحنح، قامت ونفضت يدها، جت بتدخل وتتجاهله بس صوته وقفها: تغريد.
لفت له وطالعت فيه بصمت وهو كمل: تعالي نتكلم.
تغريد ببرود: ما أتوقع في شي نتكلم عشانو.
مشعل طالع فيها بجدية: وأنا عندي كلام حقولو، وانتي لازم تسمعيه.
مشى وجلس على الدرج، جلست بعيد عنه شوي ورفعت عيونها له لما بدأ يتكلم: في دي الأيام فكرت، وقررت قرار.. مو بالسهولة قررتو، كلمت أبو فارس.. رحت للدكتور النفسي، قلت لندى، يمكن أخلي..، اخذ نفس عميق وهو حاس بصعوبة لينطق الكلمة: أخلي أمي تعيش عندنا.
طالعت فيه بصدمة وهي ترمش بعدم تصديق بس ما نطقت بحرف
كمل وهو يتجاهل ملامحها: الحياة قصيرة يا بنتي.. وأنا اليوم سار عمري 40، ما قدرت أبر أمي ولا مرا في حياتي.. غلطت وغلطها كبير بس كيف ابغا أتوفق في حياتي وأنا ما بريتها؟
نزلت عيونها للأرض بصمت وهي تفكر
مشعل: ها ايش قلتي؟
تغريد قامت من الدرج، قالت وهي معطيته ظهرها وتبغا تدخل: ما يهمني.. سوي اللي تبغاه معاهم.. ما عندي مشكلة.
مشعل وهو مو قادر يستحمل برودها، قام من الدرج وبنبرة حادة شوي: تـغــريــد!.. وقفت بس ما لفت له وهو كمل بنبرة مقهورة: ما تلاحظي إنك جالسة تزوديها؟ ناسية إني أبوكِ وتعامليني دي المعاملة؟؟!! فين الاحترام فين البِر!!!
تغريد لفت وصارت تمشي له، طالعت فيه بعيونها المدمعة وهي تحرك رأسها بالنفي: لأ.. أنا ما زودتها.. دي ردة فعل طبيعيه مرا.. أنتا لازم تستحملني.. لأني..، وهي تأشر على قلبها: لأني أنا هنا انجرحت.. ومو من أي أحد.. من الشخص الوحيد اللي أثق فيه..، كملت وصوتها بدأ يميل للبكاء: لين دحين وأنا مو مصدقة أنو داك الكلام خرج منك.. مو مصدقة.
خنقته العبرة وهو يسمع كلامها، ندمان على كل كلمة قالها وجرحتها، بس ايش يسوي إذا هذا طبعه؟ والحين هو محتار، باين أن طريقه عشان يخليها تسامحه طويل، مسك يدها وهو يضغط عليها.. وبيده الثانية مسح دمعتها من خدها بحنان: تغريد.. بنتي.. نور عيوني، أوعدك أني…
سحبت يدها من يده وغطت فمه بها وهي تقول بتعب: لا.. خلاص.. لا توعدني.. لا تتعب نفسك وتعيشني بأوهام.. لا توعدني ازا كنت حتخلف بوعدك زي دايما.. توعدني بس عشان تخليني أرضى.. بس دي المرة غير.. ما حرضى، وحتكلم، أنا ما سرت أثق في وعودك.. ما اثق في أي احد يوعدني بسببك.. أصلا كل واحد يوعدني يخلف بوعدو.. كل واحد فيكم يفاجئني بخيبة أمل توجع..، شالت يدها وكملت: خلاص أنا قلت اللي عندي.. وأنتا قلت اللي عندك، ما في شي نتكلم عنو!.
ما يقدر يتكلم بكلمة بعد اللي قالته وكل اللي قدر يقوله بملامح هادية تخفي وجعه : طيب متى حتسامحيني؟!
تغريد بنظرة عميقة: تقدر تخليها للأيام..
**
نهاية الفصل الحادي عشر
-رأيكم بمواقف دينيز ومشعل، تبوني أكتب عنهم أكتـر؟
-كيف تغريد راح ترضى؟ وايش سر مضاربتهم؟
-فارس راح يتزوج بنت عمته زي ما قال وليد؟
-عبد العزيز وحبه لرنين ايش مصيره؟
-تغريد كيف راح يكون تقبلها لجود واهلها؟0.
|