كاتب الموضوع :
شقى الماضي
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
الصباح.. بداية الدوام
مشت لفصلها ودخلته، شافت جود جالسة بجانب المكان اللي تجلس فيه دايما وهي تبتسم لها، تجاهلتها وجلست بمكان ثاني
اختفت ابتسامتها وقطبت حواجبها، أنقبض قلبها ما تدري ليه، قامت من محلها متوجهة لتغريد، وبنبرة مرح تخفي استغرابها: هي يا بنت ليه أمس غايبة؟ وكمان أكلمك واتس ما تردي؟
تغريد بوجه جامد لفت لها: بابا سارلو حادث، نمت عندو في المستشفى عشان أنتبهلو.
جود: أوه.. سلامتو، ما يشوف شر.
تغريد بسخريه: الله يسلمك، تبي تعرفي كيف سار الحادث.
قطبت حواجبها وهي مو مرتاحه أبد من نبرة صوتها، بس فضلت إنها تسكت وتحرك رأسها بالإيجاب
تغريد: كان في مطعم مع ناس..، وهي تشدد على كلامها: وهدولا الناس، جايين يقولوا إنو أمك عايشة، وهوا من عصبيتو وقهرو خرج من المطعم وكان مسرع وصدم..، وهي تناظرها بقوه: صدم بسببهم، والحاله اللي هوا فيها دحين بسببهم!..
جود بإرتباك: تغريد.. ترا أنا.. يعني أمي...
تغريد قاطعتها وهي تلف وجهها عنها وتقول: ما يهمني يا جود اللي تقوليه دحين، وأنا جيت يوم الأحد على أساس أكلمك بس لقيتك غايبة.
جود طالعت فيها فترة وهي ساكته.. وبعدها تكلمت: بكيفك لا تسمعيني بس ما تقدروا تنكروا الحقيقة انتي ومشعل، إني أنا أخت أبوك.. وأمي هيا جدتك، وأخواني هم عُمّانك غير عمك عبد العزيز، ودام ندى سامحت أمي.. حتشوفينا نسير عايلة وحده وأبوكِ حيقبل فينا.. بس أعرفي إني مو ميته على دا الشي..!
تغريد أعطتها نظرة حارقة.. حاقدة: اللي يسويه بابا على عيني وراسي، ازا كرهكم أنا حكرهكم، وازا حبكم أنا ححبكم، غير كدا ما عندي، ولا هميتوني!
"الفصل العاشر"
"ثلاث وثلاثون عام"
خرجت من غرفتها وقفلت الباب بحذر، اليوم غابت عن المدرسة، والبيت فاضي ما فيه أحد غيرها والخادمات، مشت للدرج وطلعت جناح مشعل الخاص، تلفتت بحيرة وهي تشوف ثلاثة أبواب، ما تدري من أي واحد تدخل منه، توجهت لأقرب باب لها ودارت المقبض بس لقته مقفل، قطبت حواحبها وراحت للباب الثاني، مسكت مقبض الباب ودارته بهدوء، دخلت وقفلت الباب وراها، كانت غرفة نومه، فتشت أدراج تسريحته ودولاب ملابسه بس ما لقت شي يفيدها، جات بتخرج من الغرفة بس لفتتها خزنة في إحدى زوايا الغرفة، راحت لها وحاولت تفتحها بس عجزت لأنها مقفلة برقم سري، زفرت بغضب وطلعت جوالها من جيبها، اتصلت على وحدة من الأرقام اللي عندها انتظرت لين ما رد عليها: الـــــووو أمــــيـــر.
أمير: هـــاه إش تبي؟
ميس: أقلك دحين أنا في غرفة مشعل، لقيت خزنه برقم سري خرفت أرقام بس ما سار شي، ساعدني يمكن تعرف!
أمير:امممم.. أصبري، جربي تكتبي سنة ميلادو! 1978.
ميس كتبت بس ما رضت تفتح: لا غلط.
أمير: أكتبي عمرو مرتين أربعين أربعين.
زفرت بضجر: يـــوهه وجع برضو ما سار!!
أمير بطولة بال: أصبري يا بنت لا تستعجلي، قوليلي كم عمر بنتو تغريد؟
ميس: ثمانطعش.
أمير بعد فترة قصيرة: طيب حطي دي الارقام، 2000.
حطتها وفتحت معاها، أبتسمت بخبث وبحماس: أمير إيوه إيوه.. فتحت أخيرا.
فتحت الخزنة وقطبت حواجبها بقوة وهي تشوفها فاضية، ما فيها الا مفتاح، وبإحباط: ما فيها شي لا أوراق ولا ملفات، بس لقيت مفتاح، شكلو مفتاح حق باب..، سكتت شوي وهي تتذكر: أصبر وأنا في الجناح كان فيه غرفة مقفلة يمكن دا مفتاحها.
أمير: روحي وجربي حظك.
ميس قامت وخرجت من الغرفة بعد ما أغلقت السماعة، راحت للباب اللي لقته مقفل قبل ودخلت المفتاح فيه، دارته مرتين وبعدها دخلت، هالغرفة عبارة عن مكتبة، كان فيها رفوف كثيرة وكتب، بمنتصف الغرفة كان فيه مكتب وكرسي جلدي ضخم، فتشت أدراج المكتب ولقت أوراق مكتوبة باللغة التركية، قطبت حواجبها وهي تحاول تقرأ، عرفت تقرأ بس ما فهمت شيء، سكرت هالدرج وفتحت درج آخر، لقت دفتر.. أخذته، فتحته وبدت تقرأ صفحاته، ومع صفحه تقراها تجي في مخها ألف علامة أستفهام، قطع عليها قراتها صوت من وراها: مــامـــا مـــيــــس؟!!
من فجعتها طيحت الدفتر ولفت للصوت، ارتاحت نوعًا ما وهي تشوف إحدى الخادمات في البيت، تكلمت بلهجة حاده وهي تخفي خوفها: أيوه ميس ايش فيه؟!
الخادمة: انتي ليش يدخل هنا؟ بعدين بابا مشعل يعصب.
ميس: مشعل قالي أدخل هنا.
الخادمة: انتي كدابة، بابا مشعل ما يحب أحد يدخل هنا، والله راح يعصب منك.
ميس بحده وهي تقترب منها: مشعل ما حيعصب.. لأنو ما حيعرف، لو قلتيلو عني ترا يا ويلك مني ما تعرفيني، ما تعرفي ايش حسوي فيكِ. قالتها وبعدها خرجت
الخادمة تمتمت بغضب وهي تخرج من الغرفة وتقفلها بالمفتاح: يحسب أنا خوف واحد صغير يهدد أنا!..
** ** ** ** **
في المدرسة
دق الجرس معلن عن بداية الفسحة، نزلت من الدرج بهدوء عكس اللي داخلها من أفكار ومشاعر متضاربة، تحس نفسها مضغوطة.. تحس إنها تحتاج أحد يسمعها، أحد يفهمها، شخص يرشدها للتصرف الصح، رفعت عيونها وطاحت عليها.. تحتاج لـ بتول، ما تنكر إنها اشتاقت لها مره، اشتاقت لـ صداقتها، لـ حبها، لـ هبالتها، لـ سوالفها، ارتبكت لما شافتها تطالع فيها ونزلت عيونها، اشتاقت بس بتول اختارت تنسى كل شي بيناتهم لسبب تافه!..
مشت وتعدتها بتجاهل، جت بتجلس بس فيه بنت من بنات فصلها كلمتها: تغريد تغريد.
طالعت فيها بصمت، وهي كملت: المديرة تباكِ.
تغريد باستغراب: تباني؟ تعرفي ليش.
حركت رأسها بالنفي
تغريد بهدوء: طيب دحين رايحتلها.
قامت وراحت لمكتب المديرة، وقفت قدام الباب وطرقته عدة مرات، فتحته بعد ما أذنت لها ودخلت لها وهي تحاول ترسم ابتسامة على شفايفها: السلام عليكم.
رفعت عينها لها وردت لها الابتسامة، قامت وصافحتها وهي تحط يدها على ذراعها: وعليكم السلام.. كيف حالك يا بنتي؟
تغريد: تمام الحمد لله، وانتي كيف حالك أبلة مها؟
وهي ترجع لكرسيها: الحمد لله على كل حال، كيف حال بابتك سمعت من عادل أنو سارلو حادث.
تغريد ابتسمت بضيق: ايوه، سارلو.
المديرة: الحمد لله على سلامتو.. اليوم ابراهيم حيزورو كدا في العصر.
تغريد: من جد؟ لأنو بابا قالي انو في الصبح حيروح لعيادة الدكتور ابراهيم.
المدير بتفاجئ: أهاا طيب كويس..، وبمزح: وفر على زوجي فلوس الهدية وبنزين السيارة.
ضحكت لها بمجاملة وهي أصلا ما لها نفس، سكتت شوي وبعدها قالت: طيب في ايش تبيني؟
المديرة وكأنها تذكرت، تحولت ملامحها للجدية وأشرت لها على الكرسي لتجلس فيه: طيب أجلسي يا بنتي عشان نتكلم.
تغريد جلست في الكرسي وهي مو مرتاحة لا لنبرتها ولا لملامح وجهها وصارت تستمع لكلامها..
** ** ** ** **
في العيادة النفسية..
وقف قدام باب مكتب الدكتور وعيونه على أسمه المنحوت على لوحه خشبية.. غرفة الطبيب النفسي ابراهيم صبحي، دخل للغرفة بابتسامة
وقف الدكتور ابراهيم وصافحه وهو يبتسم قبل ما تكون علاقتهم طبيب ومريضه فهم أساسا أصحاب: الله ايش دي الزيارة الحلوة، تصدق اني كنت ناوي أزورك اليوم؟ كنت مفجوع لما عرفت عن الحادث من أبو فارس، الحمد لله على السلامة، ما تشوف شر.
مشعل: الله يسلمك الشر ما يجيك يا دكتور.
ابراهيم بنفس ابتسامته: ايوه وايش سبب الزيارة الحلوة دي؟
مشعل وهو يتنهد: أعتبر السبب أي شي، بس أكتر كلمة مناسبة هيا الفضفضة.
ابراهيم: جاي عشان تفضفضلي يعني.
مشعل: أي والله، حاليا أنا مالي غيرك بعد الله طبعا، لو رحت لأبو فارس حيبدأ بالنصايح المثالية اللي ما تخش مزاجي، وكمان ما أبغا اكلم بنتي وأصدع راسها.
ابراهيم: طيب قولي ايش فيه؟
تنهد وقال بحزن حاول يخفيه لكن عيونه فاضحته: جا اليوم اللي كنت أحكيك عنو.. وكيف أنا خايف أواجه دا اليوم.
طالع في ملامح وجهه بتمعن وهو يحاول يتذكر، مشعل قاله عن كل شي صار له في حياته، عن أمه.. عن أبوه.. عن حبه.. عن تغريد.. لأنه كان يتعالج عنده وكان لازم يحكيه كل شيء: اليوم اللي تشوف فيه أمك؟
حرك رأسه بالايجاب وهو يتنهد: اليوم اللي يقولولي فيه أمك تبا تشوفك!..
** ** ** ** **
خرجت من غرفة المديرة والضيق مالي قلبها وباين هالشيء في وجهها، رفعت رأسها وهي ماسكة خصرها بتعب: آآآآهه يا ربي ساعدني.
حست بيدها تمسك كتفها وهي تقول: تغريد إيش في؟
عدلت نفسها وأخذت نفس عميق، لفت لها وقالت: مافي شي يا بتول.
بتول بإصرار: الا فيه شي، دخلتي وانتي متضايقة وخرجتي وانتي متضايقة أكتر وأكتر.
تغريد بإنفعال: ما في شي اقولك، وبعدين أنتي ليش تهتمي، من متى سرتي تهتمي أصلا!..
بتول وهي تقطب حواجبها: أنا الغلطانه أني جيت وسألتك أساسًا.
اقتربت منها وبنفس نبرتها: ايوه غلطانه، فجأة كدا سرتي تسألي وسرت أهمك.
بتول بابتسامة ساخرة: مين قال اني أهتم أصلا؟ سألتك بس لأنو شكلك أثار شفقتي بس!
طالعت فيها بقهر من كلامها، أخذت نفس عميق لتهدئ نفسها وبعدها قالت من بين أسنانها: شوفي.. أنا ما أحتاج شفقتك عليا ولا أبغاها أوكي؟ أشفقي على نفسك.. لأنك ما اهتميتي لصداقتنا، وسرتي كأنك ما تعرفيني حتى السلام ما تسلمي.
قطبت حواجبها مرة ثانية، قربت منها وبحده: انتي اللي ما أهتميتي يا تغريد، بس حابة أقلك دا كلو أسويه عشان أخويا، طبعا انتي ما حتفهمي اللي سويتو لأنو ما عندك أخ أو أخت، ما تعرفي دا الشعور يا تغريد.
تغريد بتحذير: شوفي يا بتول، أحسن لك تسكتي ولا تتكلمي معايا تاني مرا، أنا مو ناقصتك، اللي فيا مكفيني، لا تجي إنتي وتزوديها عليا.. كفاية الحالة اللي بابا فيها، كفاية الكلام اللي قالتو المديرة ليا، أحسن لك روحي عند صحباتك الجداد وبعدي عني، لاني ممكن حنفجر في وجه أي أحد يستفزني، وما أتمنى أنو يكون إنتي، عشان لا ينكسر خاطرك!.. قالتها وبعدها مشت للدرج
** ** ** ** **
في العصر
طلعت للجناح وهي تاخذ نفس عميق، مرتبكة وخايفة، مشعل طلبها لجناحه وتحديدا بمكتبه، أكيد هذيك الخادمة الغبية قالت له، يا ترى ايش راح يسوي لها؟ يضربها أو يهزأها؟ فركت يدينها بتوتر وهي تحاول تبعد من رأسها الأفكار السوداوية هذي، وصلت لمكتبه، طرقت الباب وبعدها دخلت، شافته جالس بمكتبه وباين إنه يتنظرها، قالت بهدوء تخفي وراءه خوفها: قالولي إنك تباني!
مشعل أبتسم على كلامها وقام من كرسيه لـ يظهر طوله الفارع: وأنا قالولي إنك دخلتي مكتبي وفتشتيه!
ميس طالعت فيه باستغراب من أبتسامته الغريبة
مشعل كمل: فقلت في نفسي أكيد عندها أسئلة كتيرة في مخها تبا تدورلها أجوبة!
قطبت حواجبها وهي مو فاهمة كلامه أبد
مشعل لف لها وبنفس الابتسامة: يلا أشبعي فضولك، وأسأليني بدل ما تفتشي على أشيائي في غيابي.
رفعت حاجبها وابتسمت بـ استهزاء: على أساس إنك حتجاوبني.
مشعل: أكيد حجاوبك.. ليش لآآ؟
ميس بثقة وهي تمشي لمكتبه: طيب.. لقيت أوراق كتيرة حاولت أقرا اللي فيها بس ما فهمت، إيش هيا دي الاوراق وايش المكتوب فيها؟
مشعل: طيب، دي أوراق ميلاد تغريد، باللغة التركيّة، لأنهآ أتولدت في تركيا وأمها تركيّة!
ميس بـ إستنكار: أمها تركيّة!!!
مشعل اكتفى بأنه يحرك رأسه بالإيجاب
ميس: طيب.. في سؤال تاني وأخير، قريت دفتر كاتب كلام إنك حتتغير عشان تغريد.. وانك كنت أنسان مو كويس، وإنها ما تستحق تعيش مع أبو زيك، صراحة أثارت فضولي كتاباتك!
طالع فيها: عاد هنا شي خاص فيا، ما أرضى أحد يتكلم عنو.
ميس: طيب براحتك.. مع أنك قلت حتشبع فضولي بس حمشيها ليك دي المرة.
مشعل بسخرية وهو رافع حاجبه على كلامها: وإن شاء الله خلاص، أشبعتي فضولك ولقيتي أجوبة للأسئلة اللي في مخك؟
ميس: تّو، بالعكس.. زادتني فضول وحيره.
مشعل أقترب منها وبتهديد: شوفي دي أول وآخر مرة أسمع إنك خاشة مكتبي، ازا عدتيها ما راح أعدّيها ليكِ، وما حتعرفي ايش ممكن أسوي..، وبنبرة حاده: يــلا أخـــرجـــي ولا عــاد أشـوف وجــهــك!..
طالعت فيه بنظرات قوية، أعطتها ظهرها وبعدها خرجت وهي تقفل الباب بقوه
** ** ** ** **
طلعت تغريد لجناح أبوها وشافت ميس تخرج من مكتبه وهي متنرفزه، رفعت حاجبها وشبه أبتسامة ظهرت على شفايفها، مشت لمكتبه ودقت الباب، دخلت بابتسامة حلوة بعد ما أذن لها
لانت ملامحه وهو يشوف تغريد تدخل ورد لها الابتسامة: نوّر مكتبي.
زادت ابتسامتها وقالت: دوبي شفت ميس خارجه من هنا.. ليه؟
مشعل: ما عليكِ منها، بس إنتي ليه جاية هنا.
تغريد: كنت بكلمك في موضوع بس..، وهي تطالع الأوراق اللي بمكتبه: شكلك مشغول، ايش جالس تسوي؟
مشعل: جالس أعبي لحلقة يوم الخميس، بس عادي يعني.. قولي اللي تبغيه.
تغريد بتأكيد: خلاص يا بابا، كدا حشغل بالك وما تقدر تكمل شغلك.
مشعل طالع فيها وبهدوء: يا بنتي قولي، أوقف كل شي عشانك ما عندي مشكلة، وانتي طول الوقت في بالي أساسًا.
تغريد وهي تتنهد بقلة حيلة: يعني هوا مو مرا، انتا كلم أبلة مها وهيا تقولك.
مشعل: ابلة مها مين؟ مديرة مدرستك؟
تغريد وهي تحرك رأسها بالإيجاب: ايوه، عندك رقمها؟
مشعل بتفكير: إلا إلا أتوقع عندي، أنا مسجلو عشان أذا احتجتها أكلمها.
تغريد: تمام حلو.. كلمها وهيا حتقولك، بس كلمها بعد ما تخلص شغلك.
ابتسم ليطمنها: طيب خلاص، لا تخافي.
تغريد ابتسمت: طيب خلاص أنا حخرج عشان لا أزعجك.
** ** ** ** **
بعد مرور يومين.. يوم الخميس
كانت جالسة بالصالة.. فاتحة التلفزيون وتقلب في القنوات، انتبهت لندى وهي تنزل بعبايتها.. جاء في بالها على طول إنها رايحه لأمها كعادتها في هاذي اليومين فسألتها: جا عمي؟
ندى وهي تدخل للصالة وتجلس بجانب تغريد: لا، بس جهزت نفسي عشانّو قريب..، وهي تطالع في التلفزيون: تستني برنامج مشعل؟
حركت رأسها بالإيجاب، طالعت فيها وفي بالها سؤال نفسها تعرف أجابته
حست بنظراتها فغمزت لها بابتسامة: ايش في؟
تغريد وهي تعدل جلستها: شوفي بسألك سؤال، وجاوبيني أوكي؟
ندى: طيب أسألي.
تغريد بفضول: كيف جدتي.. أقصد يعني أمك.
ندى بهدوء: أمي وأم مشعل، وكمان جدتك.
تغريد بضيق: ما يهمني دا الشي، بس انتي قوليلي.. ايش شعورك لما شفتيها، كيف هيا طيبة.. أولادها طيبين، أتقبلوكِ وأتقبلتيهم؟
ندى بابتسامة: مو قلتي سؤال واحد.
تغريد بضحكة: يالله عاد، لا تدققي أهم شي جاوبيني.
أخذت نفس وطالعت فيها بجدية: طيب، في البداية لما دخلت مع عبد العزيز ما حسيت بشي، الخوف والتوتر اللي كنت فيه راح مني.. كانوا فيه أولادها، يعني أخواني، كانوا أربعة أشخاص بنتين وولدين، أكدب عليكِ لو قلت إني حبيتهم، من وجيههم باين إنهم ما كانوا راضيين بوجودي، ودا شي مرا ضايقني، المهم بعدين شفت أمي، بكيت.. لمتها.. عاتبتها.. خرجت كل اللي في قلبي وبعدين سامحتها.
تغريد بابتسامة سخريه ممزوجه بحزن: سامحتيها.. أكيد!
ندى: سامحتها وأتمنى كمان مشعل يسامحها زيي، ويسامحني معاها.
تغريد: ليش؟ هيا تسألك عنو؟
ندى حركت رأسها بالنفي: لا ما تسأل، بس أنا أتمنى، لأنو دحين بعد ما سرت أزورها يوميًا أتعرفت على أخواني أكتر.. وتقدري تقولي حبيتهم وأتعلقت فيهم.
تغريد طالعت فيها بعدم تصديق وهي رافعه حاجبها: بدي السرعة؟ وفي أقل من أسبوع؟!
ندى طالعت فيها وابتسمت: الحب من الله، وكمان غير كدا لمّتنا على سُفرة الغدا والأجواء العائلية اللي هما فيها كانت حلوة مرا، شعور أول مرا أحس فيه، الكل يحب بعض، الكل يضحك مع بعض، دا شعور يجنن وأتمنى مشعل يحس بيه زيي.
جت بتتكلم بس قاطعها صوت جوال ندى وهو يرن
ندى وهي تقوم: شوفي دا عبد العزيز، أكيد وصل، يلا مع السلامة.
تغريد: مع السلامة.*
تتبعتها بعيونها حتى خرجت من الفيلا وهي تفكر في كلامها اللي أثر فيها حيــل
** ** ** ** **
في الاستديو..
طالع في ساعته خلاص بقى ثواني ويبدأ البث المباشر، الكل مستعد.. المصورين في أماكنهم وهو في مكانه، أنتبه للمخرج وهو يعد بأصبعه العد التنازلي لبداية البث، أعتدل بجلسته ورسم أبتسامة حلوة على شفايفه وبعدها بدأ البث..
بدأ البث والكل صار يتفرج..
حاطة يدها على خدها وهي تتأمله بابتسامة نفس ابتسامته، اللي يشوفها قول هاذي عاشقة وتشوف حبيبها
وفي الجهة الثانية
طالعت في التلفزيون وعيونها تلمع، هذا هو طفلها مشعل؟ هذا اللي كان ما يتعدى نصف طولها صار أطول منها؟ هذا هو اللي كان طفلها واقف على الهواء مباشرة بكل ثقة وشموخ، التفتت لندى وقالت: دا هوا مشعل؟
ندى لاحظت لهفتها على برنامجه: ايوه هوا.
سعاد ابتسمت بدفئ وهي تناظر أولادها وبناتها وأحفادها حولها، بس ناقصها هو، طالعت في التلفزيون وهي تتأمله، ناقصها مشعل
** ** ** ** **
صباح يوم جديد..
خرجت من غرفتها بفستان وردي يوصل لنصف ساقها ونزلت للصالة، شافت أبوها صاحي وفاتح التلفزيون ابتسمت: صباح الخير.
ابتسم لما شافها: صباح النور.
تغريد وهي تجلس بجانبة: ايش جالس تتفرج؟
مشعل وهو ماسك الرموت ويقلب في القنوات: أبدا، ولا شي.
تغريد: ايش رأيك نتفرج إعادة برنامجك.
مشعل: أووهووو لسا في الضهر حتنعاد مو دحين، طيب انتي قوليلي كيف عجبتك؟ ما سألتك أمس.. رجعت ولقيتك نايمة.
تغريد: ايوا والله نمت عشان بعد ما رجعت من المدرسة ما نمت، واما عن الحلقة بصراحة كان الموضوع مهم ويشد الانتباه، بس فيه شي!..
مشعل وهو يسمع لها باهتمام: أيش؟
تغريد: كان شكلك شوية تعبان، يعني ما كان لازم توقف كتير كان قدمت وانتا جالس ترا عادي يعني.
ابتسم لها بحب ومسح على شعرها بحنان: لا تخافي عليا يا بنتي شوفيني كيف كويس دحين.. وبعدين أعرفك انتي تحبي تدققي بزيادة يعني عارف انو ما فيا شي.
تغريد بابتسامة: الحمد لله..، سكتت شوي وهي تفكر وبعدها قالت: بابا.
مشعل: نعم يا روحي.
تغريد: كلمت ابلة مها؟
مشعل وملامحة تحولت للجدية: ايوه، ايوه كلمتها وأتفاهمنا خلاص..، أبتسم بهدوء ليطمنها: يعني خلاص أرتاحي.
تنهدت براحه وبعدها حطت رأسها على كتفه: طيب شكرًا، والله اني كنت شايلة هم.
مشعل وهو يبوس رأسها: لا تشيلي أي هم دامني موجود يا بنتي، أسوي كل شي عشان راحة بالك.
تغريد بابتسامة: الله لا يحرمني منك ولا من حنانك، أسمع ابا قولك شي.
مشعل: قولي.
تغريد: بكرا أبغا أروح عند ستو هدى.
مشعل: ايوه وليش ان شاء الله؟
تغريد: والله يعني بس كدا، أغير جو شوية، وكمان وحشوني من زمان ما شفتهم.
مشعل: الاسبوع اللي فات كنتي عندهم، على طول وحشوكي.
تغريد بمحاولة لإقناعه: ايوه أكيد وحشوني، لأنو أنا كنت متعودة أشوفهم كل يوم، نضحك مع بعض كل يوم، ونتكلم مع بعض كل يوم، وفجأة كدا يختفوا لما جات عمتي ندى، ولما سرت أشوفهم ما أشوفهم غير مرة في الاسبوع، بالله ما حشتاق؟
طالعت في وجهه وهي متأملة أنه يوافق من بعد كلامها: ها ايش قلت بابا، خلاص أكلم عمي وأقولو أني جاية بكرا؟
مشعل بكل برود: لأ.
تغريد بإحباط: أما عـــاد، طيب ليش؟
ما علق على كلامها فكملت: يعني عادي عندك أقعد كدا طفشانة دا الويكند، عمتي مافي.. وانتا مشغول، وحتى ميس عند أبوها ما أقدر أتناقر معاها!..
مشعل بملامح جدية: تغريد.. اذا تبيني أزعل وآخد على خاطري روحي عند عمك، دا اللي عندي وخلاص.
طالعت في تفاصيل وجهه لفتره وبعدها قالت بهدوء: طيب خلاص.. اللي تشوفو.
مشعل وهو يطالع فيها يحاول يفسر ملامح وجهها وبعدها تكلم بتردد: زعلتي؟
تغريد ابتسمت: يعني تبغاني أزعل؟
مشعل: لآآ الله لا يقدر.
تغريد قامت: أوكي.. أنا طالعة غرفتي أسوي واجباتي.
مشعل: تمام، الله يوفقك يا بنتي.
** ** ** ** **
خرجت من الغرفة وراحت للصالة، شافت أمها جالسه تتفرج، استغربت لأنه مو من عادتها في يوم الجمعة تلتهي، دايما تكون في غرفتها تصلي وتقرأ قرآن: ماما ايش جالسة تتفرجي؟
طالعت في التلفزيون ورفعت حاجبها وهي تشوفها فاتحه على برنامجه، طالعت في أمها وقالت وهي تكتم الضحكة: ماما ترا امس أتفرجناها.
سعاد: أششششش، خليني أسمع.
رنين جلست جنبها: شوفي يلا جا أعلان، ما طفشتي؟
سعاد بحزن: اشوف شكلو وأسمع صوتو هنا يمكن يخف حنيني لو، بس ما نفع.. نفسي أشوفو قدام عيني، يمكن ينفع..، وهي تغير الموضوع: فين أخوك نادر؟
رنين بهدوء: راح يجيب ندى.
حركت رأسها بالايجاب وما علقت بس في قلبها تتمنى أن مشعل يكون معاها.. تتمنى!
دخل غرفة أمه ولقاها على سجادتها تقرأ قرآن كعادتها في يوم الجمعة
قفلت قرآنها وطالعت فيه: ولدي.
مشى لها وهو يبتسم: هلا يا روحي.
هدى: شكلك طالع، رايح تودي ندى لبيت أمها؟
عبد العزيز: ايوه طالع بس مو عند ندى أخوها الصغير اللي حيودها، وانتي حتطلعي معايا.
هدى بإستغراب: نطلع؟ فين؟
عبد العزيز: تطلعي برا دا البيت شوية، تشمي هوا.
هدى: لا يا ولدي ما يحتاج مرتاحه كدا أنا كفاية إني أروح عند الجيران.
عبد العزيز بإصرار: لا خلينا نتغدا برا.
هدى: لا يا ولدي خلاص تعبانه ما أقدر أخرج، إنتا روح جبلنا أكل وناكل هنا.
عبد العزيز وهو يحرك رأسه بقلة حيلة: يا ربي منك يا أمي، خلاص شكلي بروح أشتري أكل وأجي، مع أنو قلبي ما يطاوعني أسيبك اليوم مع الخدامة.
هدى: أساسا انتا لما تكون في عملك أكون معاها فليش خايف دحين.
عبد العزيز: أصلا حتى أنا في الدوام مو مرتاح والله، بس متوكل على ربي.
هدى ابتسمت: طيب دحين أتوكل على ربنا وروح جبلنا أكل.
قرب منها وهو يبوس راسها: يلا مع السلامة.
هدى: مع السلامة الله يحفظك يارب.
** ** ** ** **
طلع الدرج بخطوات هادية وثابته، مشى لوحده من الغرف وطرق الباب عدة مرات حتى سمع صوتها وهي تسمح له بالدخول، دخل للغرفه وشافها جالسة على سريرها وتسوي واجبتها، ابتسم على عادتها هذي.. عندها مكتب بس ما ترتاح الا في سريرها: تغريد.. خلصتي واجباتك؟
تغريد: بقي شويا.. ليش؟
مشعل: لا بس كنت بقلك، ايش رايك نخرج نتغدا برا ولما ترجعي تكملي.
تغريد وهي تحس نفسها أتهلكت من الواجبات والاختبارات: طيب.. ويكون أحسن لو رحنا السوق.
مشعل: أبشري يا قلبي نروح، وكمان حنروح السوبر ماركت مرة وحده، فيه كم شي ناقص.
تغريد قامت من سريرها وهي تبتسم: أوكي.
……
نزل من جناحه وهو يسكر كم ثوبه وبصوت شبه عالي: يلا يا تغريد خلاص أنا حكون في السيارة.
شاف ندى وهي تخرج من غرفتها، تجمدت ملامح وجهه وهو يشوفها لابسه عبايتها أكيد رايحه لها، تجاهلها.. أعطاها ظهره ونزل الدرج
ندى مشت كم خطوه وتكلمت بصوت يرتجف وهي تحارب دموعها: مشعل..، شافته يكمل نزوله ولا أهتم: مشعل الله يخليك أسمع.
وقف وقلبه يوجعه، مو قادر يتجاهل نبرة صوتها الضعيفة
ندى نزلت عنده ولفته لها ودموعها صارت تنزل: مشعل لين متى حتتجاهلني كدا؟ كيف تقدر تسويها فيا؟ والله أنا ما أقدر أستحمل، والله كدا قلبي يوجعني.
مشعل بهدوء ظاهري نزل يدها اللي ماسكته من ذراعه: ما تعرفي اللي في قلبي يا ندى، مهما أتكلمت ومهما قلت ما في شي يوصف وجعي منك وعليكِ.
كمل نزوله للدرج وبعدها لف لها، شافها واقفة بنفس مكانها ودموعها بعينها: يلا أخرجي وروحي لأخوكِ عشان لا تتأخري عليها.
** ** ** ** **
خرج من سيارته وبيده أكياس من المطعم، مشى لباب العمارة ولقاه مفتوح، ما أهتم ودخل وهو يقفل الباب وراه، كمل خطواته لين باب الشقة بس برضه لقاه مفتوح، قطب حواجبه ودخل للشقة، حط الأكل على جنب وراح لوحدة من الغرف، توسعت عيونه للأخير وهو يشوف أمه مغمى عليها، ركض لها بسرعه وانحنى لها ليشوف نبضها.. كان ضعيف جدًا فخاف عليها، شالها وخرج من الغرفة، صرخ بصوت عالي على الخادمة بشكل متكرر بس ما في أي جواب، عصب منها مره، راح للصالة ومدد أمه على الكنبه بحذر وبعدها راح للمطبخ ومالقاها، قطب حواجبه وراح لغرفتها اكيد راح يلاقيها فيها، فتح الباب وبرضه ما هي في، أتجنن لما جات في باله فكرة أنها شردت، أساسًا يتوقع منها هالشي، دخل للغرفة وفتح دولابها لكن لقى ملابسها زي ما هي، قفل باب الدولاب بعصبيه وهو يقول: الله يحرقها شردت!
** ** ** ** **
دخل للفيلا وكان شايل كم كيس معاه، حطهم على عتبة الباب والتفت لها لما تكلمت: خلاص يا بابا أرتاح أنا حكلم مؤمنه تجيب باقي الاشياء.
مشعل: طيب أساسا انا رايح آخدلي دش.
تغريد: أيوه والله حتى انا، عفنّا في دا الحر.
بعد فترة
خرجت من الحمام وهي لابسة روب استحمامها، حاسة بشوية خمول ونفسها تنام بعمق، رطبت جسمها ولبست ملابس مريحه، مشت لسريرها وتمددت عليه، غمضت عيونها وغفت لـ دقايق معدوده بس سرعان فتحتها وهي تسمع أصوات عاليه صادره من تحت، عدلت نفسها وهي تقطب حواجبها: بسم الله ايش فيه.
خرجت من غرفتها ونزلت للصالة لأنه من هناك كانت سامعه صوت أبوها وهو معصب بس سرعان ما تراجعت وهي تشوف رجلين غريبين وأول مره تشوفهم، بس كانت فيه ندى بدون حجابها وبجانبها بنت ما عرفتها، تفاجئت وهي تشوف جود ماسكة حرمة كبيرة في السن، على طول عرفت أنهم أهل أبوها، والرجالين الغربين هم عمانها، والبنت اللي جنب ندى.. عمتها، والحرمة اللي ماسكتها جود.. جدتها، استغربت وتسألت بينها وبين نفسها ايش جابهم هنا؟
طالعت في أبوها، جالس على الكنبة، يهز رجوله بعصبيه وملامح وجهه احتدت، تكلم من بين أسنانه وهو ماسك أعصابه: انتوا دحين ايش جايبكم هنا..، وهو يأشر على سعاد بأصباعه بدون ما يطالع فيها: ودي ليش جات هنا، ليش جبتوها ما أبغا اشوف وجهها...
قاطعه صوت مهند وهو يقول بعصبيه: خلاص يكفي يا مشعل، ما يسير تقول كدا، سكتنالك كتير، بس أمي لا تتكلم معاها كدا!..
طالع فيه بنظره حاده وقام من مكانه، رفع سبابته قدام وجهه يهدده والحقد باين بعيونه: مو أنتا اللي تسكتني بدي الطريقة فاهم؟ أنا حتكلم.. وحقول اللي أقولو، عجبكم ولا ما عجبكم حتسمعوه، وأهم وحده أمكم.
تغريد خافت من ملامح وجه أبوها المرعبة اللي صار لها زمن طويل ما شافته زي كذا
تقدمت رنين ناحيته وبقوة: أمنا هيا أمك يا مشعل وما تقدر تنكر دي الحقيقة.
طالع فيها وجاء بيتكلم بس قاطعه نادر: صح كلامها واحنا جينا عشان نقول لك كلام ونروح.
مشعل ببرود وهو يعقد يدينه حول صدره: وإذا قلت إني ما أبغا أسمع ولا كلمة منكم وأباكم تخرجوا من بيتي، ماني مستعد أسمع كذبة من كذباتكم، ولا عذر من أعذاركم.. سووا خير فيا وأخرجوا، أنا عشت بدون أم لمدة 33 سنة، اعتبرتها ميتة.. زي ما أعتبرتني سلعه تبيعني عشان فلوس.
ندى تكلمت بحرقة وعصبيه بنفس الوقت، جالس يقول كلام جارح بدون ما يفهم، بدون ما يهتم لمشاعرها كأم: بس خلاص يا مشعل..، أخذت نفس عميق وهي تطالع في عيونه اللي تحسها شوي وتحرقها: لا تتكلم وتجرح وانتا مو فاهم، أسمعها وأعرف الحقيقة كامله منها، أسمعها لمرة وحده ولا تعاند يا مشعل.
مشعل ضحك بصخب.. ضحك بسخرية على كلامها، والكل أستغرب من هالضحكة: أعرف الحقيقة الكاملة منها ها؟ أساسا أعرف كل شي..، طالع في سعاد وهو يعطيها نظرة وكأنه قرفان منها: سابتنا عند ناصر وأخدت فلوس منو عشان تعالج أمها وأبوها وتعيش أخوانها عيشة كويسه، تحسبيني ما أعرف يعني؟ ترا عارف من يومني صغير كنت أسمعها وهيا تقول حاخد فلوس من ناصر عشان أعالجكم!
كلهم مفجوعين، طيب دامه يعرف ليش هو يتعامل معاها بهالقسوه
يعرف عذرها ولكنه كارهها وكأنها عدوته!!!
مهند بحده: طيب ليش تسوي كدا، ايش دي الوقاحه اللي فيك.
رنين تكلمت بحرقة وهي تشوف أمها منزلة رأسها: سيبو سيبو يا مهند، رجال زي دا ما عندو أحساس ولا مشاعر ما حينفع معاه الكلام.
نادر معاهم يأييدهم: صح كلام رنين خلينا نخرج ما حيسمعنا دا.
ندى تكلمت بهدوء وهي تطالع في مشعل: تعرف.. دحين لما أطالع فيك، أحس كأني أطالع في ناصر، سرت تشبهو مو بس في الشكل، في قسوتو وعدم إحترامو للناس، سرت نسخه منو!..
تغريد حست أنها لازم تدخل وتوقف مع أبوها، ملامحة المرعبة اللي كانت على وجهه فجأه أختفت وصار محلها الضعف من لما ندى تكلمت، كلهم ضده يبوا يثبتوا له أنه غلطان، بس ما راح تخلي أبوها لحاله.. مستحيل، دخلت عليهم وقالت بقوه: خلاص بس، انتوا بأي وجه جايين هنا؟ مين اللي سمحلكم تدخلوا دا البيت وبابا مو راضي! كملت وعيونها على جود بقهر: عرفنا انكم تحبوا بعض، بس سيبوا بابا في حالو، ازا قال ما يبا يسمع ما حتغصبوه يسمع..، أخذت نفس عميق وهي تحاول تهدي نفسها: كفاية اللي جالسين تسووه لبابا، كفاية، دخلتوا حياتنا وخربتوها، ما ريحتوا أبويا أبدا، وما هو مجبور يسمعكم، ولا تستغربوا دا التعامل.. ايش حتتوقعوا يعني معاملة من شخص سابتو أمو، أنا أعرف انو الام مستحيل تتخلى عن أولادها مهما يكون.
مشعل أبتسم بسخرية ومن داخله مجرووح من ندى، كيف تشبهه بناصر؟ تشبهه بالشخص اللي عذبهم لسنين! شخص ما يعتبره أبوه: الحمد لله وأخيرا أحد معايا، أظن بنتي نور عيوني وضحت الكلام اللي في قلبي، وما في شي أزيدو على كلامها.
تغريد اتبعته بعيونها وهو يطلع للدرج، جت بتلحقه بس وقفت والتفتت لهم، تكلمت بحرقة وهي ماسكة دموعها بالقوة: شكرًا ليكِ يا عمتي على أهتمامك بمشاعر بابا، أشكركم كلكم على الحالة اللي وصلتوا أبويا فيها، تقدروا دحين ترجعوا بيتكم وانتوا مرتاحين.
انهت كلامها وبعدها لفت وطلعت الدرج ركض
طلعت لجناح أبوها وكان باب غرفته مفتوح فدخلتها، لقتها مقلوبة فوق تحت.. كل الاشياء اللي في التسريحة طايحه والابجورة اللي كانت على الكمدينه طايحه ومكسره لأجزاء صغيرة، رفعت عيونها لمشعل المعطيها ظهره وأنفاسه المتسارعة ينسمع صوتها، مشت ناحيته لين ما صارت وراه تماما، مررت يدها على ظهره بهدوء لين استقرت على كتفه ولفته لها، انصدمت وهي تشوف عيونه الحمراء بسبب دموعه اللي صارت تنزل، توجعت وهي تشوفه بهالمنظر فهمست والعبرة خانقتها: بــــ.ـــــابـــ.ــــا!!!
جذبها لصدره وهو يدفن وجهه بكتفها وصار يبكي بصوت مسموع قطع قلبها
رفعت يدها المرتجفة ومسحت على شعره بهدوء وقالت بنفس نبرتها: خلاص يا بابا لا تبـ.ـكي، محد يستاهل عشان تنزل دموعك، والله محد يستـ.ـاهل.
تكلم صوت غليظ بسبب دموعه وهو محروق من ندى ومقهور: أنــ.ــا الـلـي ربــيـ.ـتــهــا، أنا الــلـ.ـي تــعــبــت علـ.ـيـها 11 سـنـ.ـة، وهديك الحرمـ.ـة بـعـ.ـد مـ.ـا أتــخـ.ـلـت عـنـنا تــخـ.ـتــارهــا وتــكـ.ـســرنــي، نــســيـ.ــت كـ.ــل شـــي ســويـ.ـتــو لــيـ.ـهــا، نـسـ.ـيــت وكــســرتـــنــي!!
انهارت وهي تسمع كلامه اللي حرق قلبها أكثر، شدت عليه وهي تحاول تخفي دموعها اللي ما قدرت تمسكها، ما استحملت وهي تسمع كلامه ونبرة صوته الموجوعة، شهقاته مع رجفة صوته ودموعه اللي صارت تبلل كتفها، تكلمت بصوت حاولت تخليه طبيعي: أششش خـ.ـلاص، صدقني بكرا حتـ.ـجي وتعتذر بنفسها، في النهااية إنتا أخوها وحتـ.ـعـرف قيمتك، أساسا أنا في.. أنا معاك دايما وللأبد، حتى لو كنت غلطان حـكـ.ـون معاك.. ولو كانوا كل الناس ضدك أنا حكون مـعـ.ـاك لآخر عمري.
ما رد عليها، اكتفى بأنه يدفن رأسه في كتفها أكثر ويكمل بكاه بصمت!..
مهما كبر في عمره.. راح يبقى بداخله طفل صغير أنخذل، طفل أمه رمته للنار وأعطته ظهرها ليتحرق.. لتكمل حياتها بدون ما تفكر فيهم، ولين الحين هالنار تحرقه، تحرق كل ذرة في جسمه.. تحرق قلبه!
بعد مرور عدة ساعات
طالع في يدها المغروسة فيها ابرة المغذي بأسى، من ثلاث ساعات وهو على هالحالة في غرفة الطوارئ، هو يطالع فيها.. وهي نايمة بعمق غارق في أفكاره وخوفه على أمه من أنه يفقدها حتى إنه ما حس بدخول تغريد الا بعد ما نادته: عمي عبد العزيز.
طالع فيها وزفر بضيق: معليش، ما أنتبهتلّك.
تغريد بهدوء وهي تحط يدها على كتفه: لا عادي وي المهم دحين كيف حال ستو هدى، مرا خفت لما اتصلت عليا.. ايش قالولك الدكاترة؟
عبد العزيز: قالو تسمم غذائي، سوولها تنضيف معده وقبل تلاته ساعات خرجوها.
تغريد بحزن: يا الله ليش كدا هيا ايش أكلت حتى يسرلها تسمم؟
عبد العزيز بقهر: هوا أنا أعرف ايش تأكلها الشغالة الحيوانة دي.. تأكلها أكل مخمج أكيد، وأنا زي الأهبل مو داري عن أمي ولا عن أكلها.
تغريد وهي تقطب حواجبها: طيب روح أسألها!
عبد العزيز ضحك بسخرية: فين أسألها وهيا شردت.
تغريد بتفاجئ: أوه لا تقولها!
عبد العزيز وهو يتنهد: ما عليكِ منها دحين، قوليلي أنتي كيف جيتي هنا؟
تغريد: بالسيارة يعني كيف.
عبد العزيز: لا يعني قصدي مشعل كيف خلاكي تجي هنا لحالك وفي دا الوقت وهوا ما كان راضي تجي بيتنا بكرا؟
تغريد بهدوء وهي تسحب كرسي وتجلس عليه: أساسا بابا نايم وما يعرف اني خرجت.
عبد العزيز رفع حاجب: طيب ما حيهزأك لو عرف انك خرجتي بدون علمو؟
تغريد حركت راسها بالنفي: لأ، حشرحلو إني خفت وما حبيت أزعجو وهوا نايم، واصلا نام وهوا تعبان، فيعني حيتفهم موقفي.
عبد العزيز بسخرية: ما شاء الله ايش اللي يخليكي واثقة قد كدا؟
تغريد بإنزعاج: خلاص عزوز، قلي انتوا ايش حتسوو بدون شغالة؟ مين حيهتم في ستو هدى لما تكون في الدوام؟
عبد العزيز: طبعا على طول حبلغ عنها، واروح أستقدم شغالة تانية.
تغريد سألته وفي بالها شي: وقد أيش عشان تجي الشغالة التانية؟
عبد العزيز: اربعه شهور تقريبا.
تغريد: طيب خلال دي الاربعة شهور ايش رايك تجو عندنا الفيلا؟
عبد العزيز: قصدك لما أروح الدوام أحط امي عندكم وآخدها لما أرجع ما عندي مانع.
تغريد وهي ترفع حاجبها: ياهو ما قلت كدا، أنا كان قصدي إنكم ترجعوا تعيشوا عندنا.
عبد العزيز: تؤ أنسي الفكرة.
تغريد: والسبب؟
عبد العزيز: السبب هوا مشعل يا تغريد، ندى اللي هيا أقرب وحده لو في دي الدنيا شوفي كيف زعلان منها وهيا ما سوت شي، بس عشان سارت تروح عند أمهم، وأنا كيف تتوقعي حيعاملني وهوا عارف اني سويت كل شي.
تجمدت ملامحها من سمعت أسمها وتذكرت اللي سوته، طالعت في عيون عبد العزيز وبجمود: يعني تلوم بابا يا عمي؟
عبد العزيز باندفاع: يعني غلطان ليش يعامل ندى كدا ما تستحق.
تغريد: حتى بابا ما يستحق اللي سوتو فيه اليوم، جابت أمها لين البيت، جابتها وهيا تعرف إنو بابا يكرهها، ما سار يطيق شوفة وجهها.
عبد العزيز بعدم تصديق: من جدك إنتي؟
تغريد: أسأل عمتي من جِدها هيا مو أنا..، كملت بضحكة قهر: لا وكمان العائلة الكريمة كلها جات، باقي داك الكبير اللي ما أدري ايش اسمو يجيب زوجتو وبزورتو معاه.
عبد العزيز ضحك بخفة غصبا عنه من كلامها وأسلوبها: مهند قصدك مهند.
تغريد بقرف: مدري عنو، يكون اللي يكون.. أنا مالي صلاح فيهم.
عبد العزيز طالع فيها بتمعن: تغريد، إنتي من جد كارهتهم ولا تقولي دا الكلام من ورا قلبك عشان بابتك؟
تغريد تذكرت كلام ندى عن جو العائلة اللي حست بيه معاهم، هذاك اليوم تمنت أن أبوها ينسى كل شي ويبدأ صفحه جديدة معاهم، عشان نفسها تعيش هذا الإحساس هي بعد، بس بعد اللي صار اليوم.. وبعد ما شافت إنهيار أبوها وبكاءه، ما صار يهمها الا هو، طالعت في عبد العزيز واكتفت بـ: أكرههم.
قعدوا فتره وهم على هالحال ساكتين.. حتى تكلمت تغريد وهي توقف: خلاص أنا لازم أرجع البيت دحين..، كملت وهي تبتسم: بس لا تحسبني نسيت.. حتجوا لبيتنا تاني مرا، حكلم بابا وأقنعو.
عبد العزيز حزم: ولا يجي في بالك يا تغريد انك تكلمي مشعل!
تغريد بخيبة أمل: عزوز ليه؟ والله انتا وستو هدى تغيروا جو البيت، وكمان انتا ما حتقدر توفق بين شغلك وستو هدى وهيا بدون خدامة، خليها في بيتنا عندنا خدم كتار يعتنوا فيها ولما أنا أرجع من المدرسة أقعد معاها وانتا ترجع من شغلك تعبان فترتاح في بيتنا بدون ما تشيل هم.
عبد العزيز: وندى؟ حتتقبل أمي زي مشعل؟ ما أتوقع تسامحها وأنا ما أقدر أجبرها تسامحها دحين.. حاليا كويس لو بدأت تكلمني!
تغريد بهدوء: عمتي ما لها دخل! دا بيت ابويا.. وأدخل اللي أباه فيلو، وزي ما هيا دخلت جود وأهلها أنا حخلي ستو هدى تعيش عندنا، ما حنتظر موافقتها!
عبد العزيز طالع فيها وكلامها عن ندى مو عاجبه: تغريد دحين ايش دا الكلام؟!
تغريد أخذت نفس في محاولة أخيرة لإقناعه: شوف يا عمي بالعكس لو انتوا جيتوا عندنا، كل شي حيسير سهل، ندى معاك وتقدر تكلمها في أي وقت.. تقدر تلين لها قلبها، ودامها سامحت أمها انتا اللي حتوديها لها، دي الاشياء كلها حتخليها تسامحك غصبا عنها!
عبد العزيز سكت لفترة وهو يفكر بكلامها وبعدها تكلم بحيرة: مدري أشوف.
تغريد بابتسامة هادية بدأ يقتنع: خد راحتك بالتفكير بس ترا كلامي هوا الصح!
**
نهاية الفصل العاشر
-لا تنسوا تعليقاتكم وتوقعاتكم هيا اللي تحمسني وتدفعني للإستمرار
|