كاتب الموضوع :
شقى الماضي
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
رفعت عيونها بصدمة لتلتقي بعيونه في المرآية، نطقت برجفة وعيونها بدت تملتي بدموعها: بـــ.ـــابــــ.ـــا فــــي الـــمــســـتـــشـــفـــى!
شتت عيونه عن عيونها وهو يحس بالضعف لما يشوف دموعها، أخذ نفس ليبعد توتره وبعدها قال: ايوا.. وعمك كلم أبويا عشان ناخدكم..، وهو يرفع عيونه لها مرة ثانية وبنبرة دافيه: ما فيه الا الخير.. خرجوه من غرفة العمليات، عمك قال إنه بخير وما سارلو شي خطير، مجرد رضوض وكدمات حتى ما طول في غرفة العمليات!
عقدت يدينها حول صدرها ولفت وجهها للنافذة وهي تكتم دموعها، هي السبب في اللي صار لأبوها، ما راح تسامح نفسها إذا تأذى.. أكيد عصب بعد ما عرف، غمضت عيونها بقوه ونزلت دمعتها، المفروض ما كانت تجاريهم وترضى.. يا ليتها وقفت في وجههم وما أهتمت بغير أبوها، رجعت رأسها للوراء وسندته وهي تتذكر اللي صار قبل يومين
"الفصل الثامن"
"حين لا ينفع الندم"
قبل يومين.. يوم الخميس
طلعت الدرج تاركة التلفزيون مفتوح في الصالة، انسدت نفسها عن كل شي بسبب هالأمير.. أخو ميس، نظراته وأفعاله تدل على مدى وقاحته، دخلت لغرفتها وسكرت الباب وراها، سحبت منشفتها وهي ناوية تتحمم، جت بتدخل الحمام بس صوت طرقات الباب أوقفتها، تنهدت وهي تقول: أدخل.
دخلت ندى بهدوء وهي تقفل الباب وراها: تغريد، ما حتتفرجي على البرنامج؟
تغريد: لا.
ندى: كيف لا بعدين مشعل يزعل إزا عرف إنك ما أتفرجتي.
تغريد بضيق: مالي نفس والله أتفرج، يمكن أشوف الإعادة، أما دحين بروح أستحم.
ندى بتفهم: اهاا.. طيب، انا حنزل أتفرج.
تغريد بتردد قبل ما تخرج: عمة ندى.
ندى وهي تلتفت لها: نعم إيش فيه حبيبتي؟
تغريد وهي تأخذ نفس: في حاجة بسألك عنها.
ندى باهتمام: طيب أسألي.
تغريد بتردد: همم، طليقك.. اللي هوا أبو ميس، عندو ولد من زوجة غيرك؟
ندى وملامحها تبدلت للبرود والجمود: إيوا عندو.. ليه تسألي؟
تغريد جلست على سريرها وقالت لها كل اللي صار تحت
ندى قطبت حواجبها بقوة وبجدية: تغريد انتبهي، قولي لمشعل اللي سار.. لا تسكتي.
تغريد طالعت فيها: أنا ما سكتلو، وما أظن أنو حيتجرأ ويعيدها مره ثانية.
ندى بتحذير: يا تغريد أنتبهي منو، أنتبهي من أمير، تراه مو أحسن من أبوه، إلا أخص منو، أنا عشت معاهم 12 سنة وأعرفهم مزبوط.. دولا ناس أنغروا بفلوسهم ومناصبهم، يحتقروا اللي أقل منهم وما يرحموهم.. قلوبهم متجردة من الرحمة والإنسانية.. ما عندهم ضمير!
تغريد والفضول أجتاحها من كلامها: ليه تقولي عن أمير كدا يا عمتي، فيه شي سار يوم كنتي متزوجة أبو ميس.
ندى بعد فترة من الصمت: إيوه سارت مشكلة بين أمير وأبوه، لدرجة أنو ضربو قدامي وما أهتم.
تغريد قطبت حواجبها: طيب إيش هوا عرفتيه؟
ندى: إيوه عرفت..، سكتت شوي وهي تطالع فيها وبعدها كملت: لؤي عرف أنو أمير اغتصب بنت!
توسعت عيونها بصدمة وهي تحط يدها على فمها: أغـتـصـب! شافتها وهي تحرك رأسها بالإيجاب، فقالت بألم وهي تنزل يدها: حسبيَ الله ونعم الوكيل، طيب ايش سار بعدين؟
ندى بإستهزاء لتخفي ألمها على البنت، رغم إنها ما شافتها ولا عرفتها: ايش سار؟ أتستروا على الموضوع، أخفوه، دبحوا البنت المسكينة وهيا حية وأنقذ ولدو، تزوج وعاش حياته كأنو ما عمل شي.
تغريد بشفقه: طيب زوجتو تعرف؟
ندى: تتوقعي فيه بنت ترضى تتزوج واحد زيو؟ أكيد ما تعرف، لكن لازم يجي يوم وينكشف قدامها وربنا ياخد حق البنت!
تغريد دمعت عيونها وهي تتخيل حال البنت حاليًا، يا ترى هل أهلها وقفوا معاها؟ ولا حملوها ذنبه؟ يا ترى لقيت اللي يواسيها؟ اللي يطبطب على جرحها وينسيها؟ يا ترى كيف تكون؟ حية أو ميتة؟ يا ترى أهلها ذبحوها ليتخلصوا من العار؟ حتى لو كانت عايشه على هالدنيا فأكيد هي جسد بلا روح بعد اللي تعرضت له، تعرضت لظلم عظيم.. تعرضت لوجع مستحيل ينمحى اللا بعد ما تشوف اللي عذبها ياخذ جزاءه، اشمأزت من أمير أكثر، وبداخلها تدعي عليه إن الله يعذبه أضعاف تعذيبه لهالبنت
** ** ** ** **
اليوم التالي.. على طاولة الغداء
دخلت تغريد لغرفة الطعام بعجلة وهي لابسة عبايتها، قربت من أبوها وباست رأسه على السريع وهي تقول: يلا بابا أنا رايحة، ما حتغدا معاكم دحين، لما أجي إن شاء الله.
مشعل بهدوء: طيب بالسلامة، أنتبهي على نفسك يا بنتي.
ندى: ما حتتغدي عندهم؟
تغريد: لا والله، عشان ستو هدى تعبانه أنا رايحة بس أزورها..، وهي تكمل بلذة: وأصلا ما أقدر أقاوم سمك يوم الجمعة.
…….
دخلت للغرفة وبيدها صينية فيها شوربة وماء مع أدوية هدى، أبتسمت بهدوء وهي تحطها على الطاولة الصغيرة اللي بجانب السرير: شوفي دي الشوربة ضروري تشربيها قبل الدوا، لين بكرا حتتعافي إن شاء الله.
عبد العزيز وهو يحاول يكتم ضحكته: تغريد نفس الحريم العجايز، تقول مفيده مفيدة، ولما تشربيها على طول تبي تستفرغيها.
ضربت كتفه بخفة: انقلع..، أبتسمت بشرود وهي تتذكر وعيونها تلمع باشتياق وحنين: ماما كانت دايمًا تسويلي هيا حتى لو ما كنت تعبانة، لأنها كانت لذيذة.. وأنا كنت أحبها، أدخل معاها المطبخ، أقطع الخضار، وأجهز النار عشان تسخن، كنت أحبها.. لدرجة إني أتعلمتها وما نسيتها لدا الوقت.
هدى طالعت في عبد العزيز بلوم إنه كيف بكلامه ذكرها بأمها المرحومة، وبإمتنان لتغريد: تسلم يدك يا بنتي، أصلا باين من ريحتها إنها تفتح النفس، ما عليكِ من عزوز يحب يجاكر الناس.
تغريد رجعت لواقعها بعد ما تكلمت هدى، فجاءة راحت في عقلها لمكان بعيد.. مكان ما يوجد فيه غيرها هي وأمها، قالت وهي تصطنع الابتسامة: لا وي انا ما أزعل من أحد.
دق جوالها ومشت لشنطتها وأخذته لترد على أبوها: ألو بابا..، بعدم رضا: دحين أرجع؟…..ما أقدر أقعد شوية كمان……..بس شوية بليز..، لوت بوزها بعدم رضا: خلاص طيب دحين أرجع…….أرسلي السواق……..إنتا تجيني؟…..طيب خلاص أستناك..……..دحين أرسلك اللوكيشن..، رفعت عيونها لعمها وهو يأشر لها أنها تعطيه الجوال: آآآآ بابا عمي يبا يكلمك..، مدت له الجوال وأخذه
عبد العزيز: ألوو السلام عليكم…….كيف حالك……..أنا الحمد لله…….شوف أنا بأكلمك عشان أقولك خلاص انتا أرتاح، أنا حرجع تغريد…….لا والله إنك ما تجي هنا انا اللي حرجعها........طيب مع السلامة.
قفل السماعة ومد لها الجوال: يلا ألبسي عبايتك أرجعك أنا.
تغريد بخيبة أمل: هييييه، حسبتك قلت كدا على أساس إني أقعد عندكم أكتر، مو على طول.
عبد العزيز: أقول لا تكتري هرج، ألبسي عبايتك، فيه شي في بالي أبغا أسويه.. ولازم مساعدتك يا بنت أخويا.
تغريد: في ايش؟
عبد العزيز وهو يحط يده على ظهرها ويمشيها: نتكلم في السيارة.. إنتي ألبسي عبايتك بس وأنا أنزل اشغل السيارة.
……
دخلت للسيارة وهو حركها.. قعدوا كم دقيقة كذا هادئين وساكتين، حتى أتكلمت تغريد: طيب.. في ايش تباني أساعدك.
عبد العزيز بهدوء وعينه على الطريق: تتوقعي جدتك، أم مشعل.. حيّة؟
تغريد بتفكير: ما أدري، بابا ما يجيب سيرتها، أنا ما أفتحها معاه.. لأنو يبان إنو يتضايق، وانا ما أبغاه يتضايق، فما أدري يعني.
عبد العزيز بجدية: لا تفكري في أبوك فكري في نفسك إنتي إيش اللي تتمنيه.
طالعت فيه وهي رافعه حواجبها: لازم أفكر في بابا، وأصلا ليش تسأل دا السؤال يعني! ما قد سألتني عنها أبدا، ولا أحد سألني عنها أصلا.
عبد العزيز: انا رحت عند دكتورة ندى النفسية، آخد أخبارها منها وأحوالها.. ودا الشي تعرفيه وبسخرية: ندى ما تباني أكلمها.. وأبوكِ ما يباني أكلمها، يعني ساد الطريق في وجهي، ما عليكِ خلينا ندخل في المهم.. آخر مرا زرت الدكتورة، كلمتني وقالتلي عن أكثر شي ندى تتمناه.. تدري إيش؟
تغريد: مدري.. يمكن إنها تشوف أمها، أو إنو ميس تتغير.
عبد العزيز: أمنيتها إنو تشوف أمها، قالتلي الدكتورة كدا وعاد أنا ما قصرت، سويت اللي عليا، بس فيه شي لازم تساعديني فيه.
تغريد طالعت فيه وهي شبه مصدومة: عرفت إنو جدتي حية؟
عبد العزيز: حية.. عندها بنتين وولدين، وحدة من البنات مخطوبة، والثانية بنفس عمرك في نفس مدرستك مع أخوها التوأم، والاخ الاكبر متزوج وعندو ولد وبنت!
تغريد وهي ترمش عدة مرات بعدم أستيعاب: ما شاء الله! عندي أعمام وعمات غيركم! وجدتي كيف؟ يعني سابت بابا وعمتي وعلى طول أتزوجت؟ وكيف عرفت دا كلو عنهم، والبنت اللي تقول في نفس مدرستي إيش اسمها؟
عبد العزيز بضحكة: شوية شوية عليا بالأسئلة، كيف أجاوب عليها دي؟
تغريد بنرفزة واضحة: يعني كيف، بلسانك حتجاوبني..، وهي تقطب حواجبها: يلا قول ايش اسم البنت اللي في مدرستنا.
عبد العزيز أخذ نفس عميق وتكلم بجدية: أسمها جود، وتوأمها نادر.
قطبت حواجبها أكثر: ترا دي تقعد معانا دايمًا ما كنت أدري.
عبد العزيز: أدري أنها تقعد معاكِ أنتي وبنت وليد.
تغريد باستخفاف: أنتا كيف تعرف كل دي الاشياء؟ من فين؟ مخلي جاسوس عليهم وعلينا!
عبد العزيز ضحك بخفة على كلامها: أما عاد جاسوس ما وصلت لدي الدرجة، عرفت دي الاشياء منهم، أمهم يعني جدتك، دخلت مستشفى أبوك وأنا يعني عارفهم من أول بس ما تكلمت.. يعني حسيت أنو مو وقتو، بس أمس كلمت مهند الأخ الكبير حكاني كل شي، أبا ندى تعرف عن أمها عن طريقي، مو عن شخص غيري.
تغريد: انتا من متى تدري انو دولاك أهل بابا؟
عبد العزيز: أووهووو من زمان، يعني أبوكي قلي راقب دولا الناس وأنا على طول عرفتهم بس ما أتكلمت!
قطبت حواجبها: وي ليش؟
عبد العزيز: بصراحة ما كان لو داعي، يعني بابتك لو عرف ايش حيستفيد؟ بس حيزعل ويتنكد وخلاص، وهما لو يبغوا كانوا قالولو من زمان، حسيت اني ما لي دخل وبس.. وسألتهم لما شفتهم أمس ليش ما قلتولو؟ جاوبتني رنين.. كان كاره أمي ومعتبرها ميته ومو موجوده.. دا الشي اللي خلاها تتراجع وتبطل تقولو!
تغريد بعد فترة من الصمت: طيب ايش تباني أسوي؟
عبد العزيز: لما تدخلي البيت، ما حأروح.. حاستناكي، وانتي راح تقنعي ندى بأي طريقة إنها تخرج وتكلمني، وانا حكلمها عن اللي قلت لك هوا.
تغريد: بس؟
عبد العزيز بتأكيد: بس!
تغريد: طيب بابا متى يعرف؟ ليه ما تقولو مع عمتي؟
عبد العزيز: يوم الأحد، راح أكلمهم ونجتمع في مكان، وكل شي راح يعرفو في داك الوقت، وانا بكلم ندى حاليا عشان أشوف ردة فعلها هل حتتقبلهم في داك الوقت ولا لا.
تغريد: طيب بابا؟ ما حتشوف ردة فعلو؟ يمكن يعصب ويتنرفز، لازم تقولو!
عبد العزيز ببرود: ما يهمني! هوا سارلو فتره متجاهلني، وانا ما حهتم لردة فعلو!
تغريد باستنكار: ما يهمك؟!! تقولها في وجهي وتباني أساعدك؟
طالع فيها من طرف عينه: بكيفك لا تساعديني.. أقدر أدبر نفسي ما أحتاجك!
تغريد وهي تقطب حواجبها: هي ايش فيه؟ اشبك قلبت فجأه؟ يعني طبيعي أفكر في بابا، وانتا تقول ما يهمني؟
عبد العزيز وعيونها رجعها على الطريق: بكيفك يا تغريد في النهاية كل همي ندى.. ندى تسامحني وبس، أبوكِ ما أهتم في دا الشي، ما ساعدني وصدني، ما خلاني حتى أكلم ندى عشان أحاول أليّن قلبها عليا، فأنا اضطريت أروح للدكتورة قعدت كم أسبوع على نار ومو عارف إيش أسوي، وتبيني أفكر فيه كمان؟
تغريد بضيق: أوف يا ربي، عزوز بليز لا تحطني كدا في موقف صعب..، أبا أساعدك بس بابا…
عبد العزيز وهو يقاطعها: بكيفك.. أنا ما حجبرك على شي!
وهي تتأفف: خلاص طيب راح أكلمها، بس بليز لو بابا عصب أنتبهو لو، لا تسيبوه لحالو على الأقل، بابا إزا عصب ما يشوف اللي حولو أبدا..
عبد العزيز بهدوء: ما يحتاج توصيني، قيدي عارف طبع أبوكي.
** ** ** ** **
وقفت قبال مرآية الحمام وهي تتأمل عيونها المتورمة من كثر البكا اللي بكته أمس بالليل، كانت طول الوقت كاتمة بقلبها وساكتة عن تصرفاته، ما تدري كيف تقدر تعذره هالمرة، يخليها تنتظره على نار، قلبها يحترق وبالها ينشغل لما تتصل عليه وهو ما يرد أو يعطيها مشغول، معقولة ما يقولها أو يطمنها حتى برسالة في الواتس على الاقل؟ عصرت مخها وهي تفكر، يمكن سوت حاجة تزعل أو قالت كلام جرحه وهي مو حاسة، بس ما لقت وعجزت.. بالعكس.. هو في آخر فترة صار يزعلها كثير ويطعنها باتهاماته، قطع عليها صوت طرقات الباب وصوت جود يقول: رنين يا هو ترا طولتي في الحمام ولا كأنك إيش!
رنين مسحت دموعها اللي نزلت غصبًا عنها وبدون ما تحس، قالت بصوت حاولت تخليه طبيعي: خلاص لا تطفشيني راح أخرج وترا فيه كم حمام مو دا الوحيد!!
غسلت وجهها بسرعه ومسحته بمنشفتها، طالعت في المرآية عشان تتأكد أن آثار البكاء راحت وخرجت من الحمام
جود قامت من السرير وبسخرية: أخيرا كان نمتي في الحمام أحسن لك.
أعطتها نظرة حادة وبتجاهل لكلامها: فين ماما؟
جود: في الصالة مع نادر ومهند.
رنين: جات أمل؟
جود: لآ.
خرجت من الغرفة بدون ما تنطق بكلمه، دخلت للصالة وشافت أمها جالسه ومهند ونادر قبالها مشغولين ويسولفوا مع بعض، ارتاحت كثير وهي تشوف أمها بدت ترجع عافيتها وتصير أحسن من قبل، جلست بجانبها وباست يدها: كيفك دحين ماما أحسن من أول؟
سعاد بحنان وهي تمسح على يدها: أيوه يا بنتي أكيد بخير الحمد لله.
نادر: غريبه دوبك صاحية يا أختي، ولا في عادتك كل يوم جمعة تخرجي مع فيصل تتغدوا.
رنين وملامحها أكتساها البرود من سيرته: فيصل مسافر.
مهند: أما مسافر.. ما قالي، طيب وشغلو في المدرسة؟
رنين بدون ما تناظره: ما أدري عنو.. يعني أكيد أخد إجازة ما يبالها تفكير.
سعاد: يا بنتي ما حددتوا متى حيكون الزواج؟
رنين بضيق من سيرته: ما أدري يا أمي، لسا أمو ما لها إلا كم شهر خارجة من العدة، مو دحين الزواج، وبعدين أنا وهوا ما سار لنا مخطوبين ولا سنة ليش مستعجلين؟ كملت وهي تغيير الموضوع: مهند، متى نتقابل بمشعل وندى؟
مهند وهو يزفر بعمق: كلمني عبد العزيز قبل ما أجيكم، خلاص يوم الاحد، كدا نتجمع.. مين راح يجي؟
رنين بهدوء وهي تشد على يد أمها: من وجهة نظري اشوف إنو انا وإنتا بس نروح ونادر وجود يقعدوا مع ماما.. انتوا ايش تقولوا؟
نادر: أنا عن نفسي عادي وما فرقت معايا.
سعاد بشرود وهي تناظر الفراغ: تتوقعوا راح يقبلوا وجودي في حياتهم بعد دي السنين؟
كلهم سكتوا ولا أحد رد، وهي ابتسمت بحزن.. ما يهمها إذا يقبلوها أو لا، أهم شيء ألحين إنها راح تشوفهم، تشوف بنتها اللي انحرمت منها وهي في مهدها، تشوف مشعل اللي ما تتخيل أن هذاك الطفل ذو سبعة سنوات صار عمرة 40 وأب لبنت بعمر الـ18، صحيح تخلت عنهم، بس ندمت.. لكن الندم ما فادها بعد كل هالوقت، ما فادها..!
** ** ** ** **
طلعت لجناح أبوها الخاص به، وراحت لغرفته حطت يدها على مقبض الباب ودارته بهدوء ما دقت الباب عليه لأنها تعرف انه بهالوقت ياخذ له قيلولة، فتحت الباب بحذر وهي ما تباه يصحى، مشت للتسريحة وشافت صورتهم مع بعض، مسكت البرواز وتحسست الصورة وهي تبتسم برقة على الذكريات المتجمعة بـ هالصورة، هذي أول مرة تشوف فيها أبوها يبتسم بعد وفاة أمها، إلتقطوا لنفسهم صورة وصارت لهم أحلى ذكرى، شعور حلو لما تعرفي أن أمك وأبوكِ جمعهم حب عظيم مستحيل يتكرر، رجعت البرواز لمحله وفتحت درج خاص بالأدوية اللي ياخذها، بحثت ما بين الحبوب والمراهم عن الدواء اللي تبيه، فتحت العلبة ولقتها فاضيه فقطبت حواجبها، أمس قالها انه خلص ووعدها إنه راح يشتري بس شكله ما راح، تضايقت حيل وهي خايفه عليه لا يصير له شيء، هالدواء اذا ما أخذه تجيه نوبات مثل الصرع بس ما هو صرع، حاجة مثل المرض النفسي والعقل الباطن، فلسفة معقدة وغريبة ما فهمتها من دكتوره النفسي
تقلب على جنبه وهو متضايق من النور الخفيف، فتح عيونه وهو يرمش عدة مرات شاف تغريد وهي معطيته ظهرها، أستغرب وجودها في غرفته وبصوت ناعس: تغريد؟
إلتفتت له وبهدوء: نعم بابا.
مشعل مسح وجهه بكفوفه وهو يعدل نفسه: متى جيتي من عند عمك؟
تجاهلت سؤاله ومشت عنده، جلست على طرف السرير وبيدها علبة الدواء: ما رحت أشتريت الدوا!
مشعل: يا بنتي، خلاص أروح وقت ما أروح.. امس أنشغلت واليوم ما قدرت يعني.
تغريد لوت بوزها وكلامه مو عاجبها: يعني كل يوم يكون عذرك كدا؟ ترا انا حاسبة متى كل علبة تخلصها..، وهي ترفع الدواء في وجهه: دي سار لها أسبوع وأنتا مخلصها ولا رحت أشتريت..، كملت بتذمر: يعني مو فاهمة لازم أجري وراك دايما.
عقد يدينه على صدره وعيونه تناظرها بانتقاد على أسلوبها، بس ما نطق بكلمه لأنها هي راح تحس على نفسها
كملت تغريد بلطف وهي تمسك يده: تعرف اني أخاف عليك، وأخاف تجيك الحاله وتتعب.
مشعل بهدوء: طيب أنا سرت أقدر أتحكم بنفسي يا بنتي والحالة ما تجيني الا اذا عصبت، حتى لو أخدت الدوا.
تغريد نزلت عيونها عنه وهي تفكر في اللي يصير يوم الاحد، راح يعصب.. أكيد راح يعصب ويزعل بعد ما يعرف: حتى ولو، يعني لازم تاخد الاحتياطات ولازم تسمع كلام الدكتور، يعني بالله تخيل إنو عندك مريض تعطيه أدوية وما يستعملها وبعدها يقولك أنا ما أتعافيت أنا مدري أيش أكيد حيقول كدا لانو ما سمع كلامك.
شافته ساكت وما تكلم فكملت: خلاص أنا حرسل السواق يشتريلك، أوكي؟
وهو يحرك رأسه بقل حيلة من إصرارها وعنادها: طيب.
** ** ** ** **
دخلت للفيلا وكلام عبد العزيز لزال يتردد في عقلها، راح تشوف أمها.. مـــعـــقـــول؟؟!!! بعد ثلاث وثلاثين سنة تشوفها؟ تجمعت الدموع بعيونها وهي مو قادرة تتخيل الموقف اللي راح يجمعها فيها، شافت مشعل وهو نازل من جناحه فمسحت دموعها بإرتباك
أستغرب لما شاف ندى بعبايتها فقطب حواجبه: ندى فين كنتي؟
نزلت عيونها عنه وما ردت عليه، العبرة خانقتها.. ولو تكلمت راح تنفجر بكى وهي ما تبي تشغل باله عليها، فـ جات تغريد وأنقذتها: كانت مع عمي.
التفت لها وقطب حواجبه أكثر: إيـــــــش؟؟!! ليش راحت عنده؟ أيش سوت؟
تغريد وهي تقترب منهم وبهدوء: بابا، تراه أخوها وما هي مشكلة لو شافها.. ما حيأذيها!!
مشعل بإنفعال خفيف: كيف ما يأذيها، شوفيها حتى مو راضية تتكلم..، قرب من ندى ورفع رأسها، تكلم بخوف وهو يشوف دموعها اللي بعيونها: ندى قولي إيش فيه؟ ايش سوا عبد العزيز.
قطبت حواجبها وما تكلمت بس ما عجبها كلامه، يعني ايش راح يسوي لها؟ مستحيل يضر أخته، بالعكس هو يبي يسعدها.. يبي يحقق أمنيتها، يبي مسامحتها ليرتاح ضميره، وشوفوا كيف هو يفكر!
ندى رسمت ابتسامة مغصوبه على شفايفها وهي تبعد يده: مشعل لا تخاف ما سار شي..، وبكذب: أنا اللي طلبت أكلمو، يعني أتطمن!
أبتعد عنها وهو بعده مو مرتاح: خوفتيني لما شفتك كدا ساكته وما أتكلمتي.
ندى: خلاص لا تخاف أنا بخير..، وهي تلتفت لتغريد: تعالي في الغرفه فيه شي بكلمك عنو.
مشعل رفع حاجب وبشك: ليش تجي غرفتك ولا ما تبي تقولي قدامي؟!!
تغريد: يــــووه بابا، لا تدقق كتير.. يمكن في شي خاص فينا كبنات!
مشعل بنفس رفعة الحاجب: سار كدا يعني.
ندى بابتسامة: ايوا كدا.
فوق بالغرفة
فسخت عبايتها وطرحتها وعلقتها بالشماعة، ومن ثم التفتت لتغريد وهي تقول: متى عبد العزيز قالك عنها؟
تغريد وهي تجلس على السرير: دوبو قبل ما أرجع، في السيارة! كملت بتردد وهي تطالع فيها: راح تشوفيها؟
حركت رأسها بالإيجاب وجلست بجانبها على السرير بدون ما تنطق بكلمة
تغريد أخذت نفس وهي تقول بجدية: عمي راح يكلم بابا بكره في المستشفى وبس راح يقولو أنو حنتجمع في مكان، يعني ما راح يقول أنو حيشوفها، فأنا حطلب منك طلب.
ندى بهدوء: قولي.
تغريد برجاء: بعد ما بابا يعرف أباكِ تكون معاه، لا تسيبيه لحالو.. أخاف يعصب ويسيرلو شي.. أنا وصيت عمي بس قلتلك عشان أرتاح أكتر وأتطمن.
ندى: إن شاء الله، لا تخافي عليه.
تغريد وهي تبتسم راحة: شكرًا.
** ** ** ** **
يوم الأحد.. بالمستشفى
خرج من بوابة المستشفى رايح لسيارته، بيروح ياخذ ندى وبعدها يجتمعوا بعبد العزيز في وحدة من الكافيهات، ما يدري في إيش يبغاهم، بس ملامحه الجدية ونبرته خلته يوافق، يشوفوا ايش يبي منهم.. في إيش يفكر.
بعد ساعة ونصف..
رفع عيونه لهم وشافهم يطالعوا فيه.. ينتظروا ردة فعله المجهولة بالنسبة لهم، بلع ريقه وهو يحس جسمه يرتجف من عصبيته وحزنه.. ما تخيل في حياته أن هاليوم راح يجي، اليوم اللي يقولوا له أمك عايشه وتبي تشوفك، قام من كرسيه ومسك يد ندى وهو يقول بألم حاول يخفيه: قولوا لها إنو ما عندها ولد أسمو مشعل، ولا بنت أسمها ندى.. وهيا بالنسبة لنا ماتت، ماتت من زمان وما نباها.
رنين بنبرة حاده: ما لك حق تاخد ندى معاكِ، يمكن هيا تبا تشوفها!!
مشعل بعصبية وهو يرفع اصباعه في وجهها: انتي انكتمي ولا حرف، ما أبغا أسمع منك، خدعتيني إنتي وأهلك قبل ستة سنوات، ما كنت أدري إنو هديك الحرمة أمكم..، وهو يلتفت لندى: يلا خلينا نرجع البيت.
سحبت يدها من يده ونزلت راسها كأنها ترفض إنها ترجع معه، قطب حواجبه وبحده خفيفة: نـــــــدى!!
عبد العزيز قام ومسكه: مشعل خلاص، ندى تبا تشوف أمها.. لا تدخّل فيها.
مشعل بعد يدينه وصرخ بعصبية: إنــتــا الــلــي لا تــتــدخــل، نـــدى مـا تــبــاهـــا.. مـــا تـــبـــا تـــشـــوفــ…
ندى رفعت رأسها وقاطعته: أبغا أشوفها..، شافته يطالع فيها بصدمة وهي كملت بخنقة: أبـ..ــغـ.ــا أشــ..ــوف أمـ.ـي.
زفر بقهر وبوعيد: شوفيها يا ندى.. شوفيها، ما يهمني..، وهو يكمل بعصبيه: خليهم يفيدوكِ يا ندى، خلي سعاد تفيدك، بس أنسي أنو ليكِ أخو أسمو مشعل.. أنــسـيــنـي!!
أنهى كلامه وسحب محفظته وجواله، ومن ثم طلع من الكافي بكبره
دخل سيارته وهو يسوقها بأسرع ما عنده، وكلامهم يتردد في عقله: إحنا أخوانكم.. أمي تبا تشوفكم.. أمي ندمانة.. أمي ندمانة.. أمي ندمانة، نـــــــدمـــــــــانـــــة؟؟!!! إلحين؟ وبعد كل هالسنوات؟ بعد ما تعذبوا وعاشوا بجحيم ناصر وهدى تندم؟ بعد ما عاشت حياتها بسعادة.. بعد ما تزوجت وأنجبت غيرهم تندم؟ صرخ بقهر نابع من أعماقه.. ودموعه تحرق عيونه وروحه، مستحيل يسامحها على تخليها عنهم.. مستحيل!!! دعس على البنزين وهو يسرع أكثر وبجنون، مجنون ومتهور لما يعصب.. ما يشوف اللي قدامه لما يحس بضعفه، لما يلاقي شي يذكره بماضيه، وبالذات لا كان ماضي يوجعه، شاف الإشارة وهي تضيء باللون الأحمر، وكم من شخص مشوا بدون ما ينتبهوا له، ما قدر يوقف السيارة من سرعتها وبنفس الوقت مستحيل يصدم هذولي الناس، فلف بسيارته وصدم الجدار بعنف..!
**
نهاية الفصل الثامن..
-لا تنسوا تكتبوا توقعاتكم، هيا اللي تحفزني للكتابة وتدفعني للإستمرار
|