كاتب الموضوع :
شقى الماضي
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
لمحه من الماضي، قبل 19 سنة
تركيا.. اسطنبول
دخلوا للعمارة ودينيز نعسانه حيل ودايخة، سندها على صدره وهو مرتبك من قربها منه لهذي الدرجة، مرتبك من ملمس جلدها الناعم بخشونة جلده، بلع ريقه وصار يحاول يهدي نفسه وطلعها لشقتها وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة، خرج مفاتيحها وفتح الباب ودخلوا لبيتها، مشى بيها للصالة جلسها بالكنبة وكان راح يبعد بس كانت متمسكة بيه بشدة، حس بتوتر وعلى طول بعد يدها
جاء بيعدل وقفته بس هي تمسكت فيه مرة ثانية، حاوطت رقبته وتكلمت بهمس ناعس: مشعل، لا تتركني أرجوك، أبقى معي.
اتوتر أكثــر من حركتها، بعد يدها عن رقبته بهدوء ظاهري وهو يعدل جلسته على الكنبة: دينيز أنتي ثملة جدا، ولا أدري ما هو سبب فعلتك هذه، أنا غاضب منك جدا!
دينيز اقتربت منه وقبل لا يستوعب اللي في بالها حطت يدها على خده وقبلته بشغف!
توسعت عيونه بصدمة من قبلتها اللي جننت كل أحساس بداخله.. شعور غريب أول مرة يحسه، لكن ما قدر يطول أكثر، يحس إنه بيستغلها لأنها مو بوعيها أبد، بعدها عنه وقام من الكنبة وهو يمرر يده على شعره بتوتر: اللعنة يا دينيز، ماذا فعلتي!
ما أهتمت لردة فعله كثير، قامت ناحيته وعادت حركتها.. قبلته بحرارة ويدينها محاوطة وجهه، هذاك الوقت ما كانت بوعيها، ولو كانت.. عمرها ما راح تتجرأ وتسويها، لو استوعبت اللي سوته كان ممكن بكت من أحراجها!
مشعل مسك ذراعها وبعدها عنه بقوة وعيونه تطالع فيها بغضب واضح، هو شخص عنده مبادئ ما يتجرأ يكسرها، وهي دامها ثملة عمرها ما راح تحترم هالمبادئ، صار يسحبها للحمام ليدخلوه، وداها للبانيو وخلاها تحت الدش وفتحه عليها!
شقهت بقوة من برودة الماء وكانت تبا تخرج بس مشعل مسكها وخلاها تقعد بالغصب وهو ينطق بغضب: أبقي هنا لعلك تتوقفي عن التصرف بحماقة.
دينيز وهي مغمضة عيونها وتحاول تسحب يدها من قبضته: أتركني يا مشعل، يكفي هكذا..، قدرت تسحب يدها ودفعته بقوة من صدره وهي تبكي: قــلــت لــك يــكــفــي ألا تــســمـــع؟!!
قفلت الدش وصارت تمسح دموعها بقهر، ما تدري هو قهر على جرأتها ولا على حركة مشعل، كلمته بصوت مرتجف من البرد وعيونها على الأرض.. ماهي قادرة تطالع فيه من احراجها: ناولني المنشفة.
مشعل أخذ المنشفة المعلقة بالباب ومدها لها وهو يقول بجمود: خذيها وأنا سوف أخرج من هنا.
أخذت المنشفة وصارت تنشف وجهها وعيونها تراقبه لين ما خرج من الحمام، خرجت من البانيو والمنشفة ملفوفة على جسمها وترتجف من البرد، حاسة بحقد ناحيته من حركته المستفزة كان يقدر يمنعها بأي طريقة بس مو كذا، خرجت للصالة بس ما لقته، تجمعت الدموع بعيونها وتكلمت بقهر: لقد ذهب ولم يتعب نفسه كي يتأكد أكنت بخير أم لا
"الفصل السادس عشر"
"لست امرأة مهانة"
في الوقت الحالي
بلعت ريقها بصعوبة وانفاسها تسارعت بشكل ملحوظ، إلحين كل اللي تعلمته في الدفاع عن النفس ما بيفيدها، هي تعرف تضرب، تعرف تلوي اليد، بس ما تقدر على كل هالعدد، خمس رجال على بنت وحدة، وكل واحد مخيف أكثر من الثاني، تجمعت الدموع بعيونها وهي تحس نفسها عاجزه، ما تعرف الحين ايش راح يسووا فيها، ما تعرف ايش يبوا منها، أرتعبت اكثر وهي تشوفهم يقتربوا، غمضت عيونها وهي تنتظر نهايتها اللي راح تكون على يدينهم!
فتحت عيونها وحاولت تقوي نفسها: انتوا ايش تبو مني؟ مين اللي مرسلكم؟
شافتهم يقتربوا منها أكثر فصرخت بـ فزع: أوكي أوكي لا تسووا شي الله يخليكم أنـ…
ما قدرت تكمل كلمتها إلا وأحدهم يمسكها من يدها ويجرها وراه صرخت بكل صوتها وهي تحاول تبعده منها.. بس كل محاولاتها بتروح عبث، بالرغم من انه ماسكها بيد وحدة إلا ان قوته أكبر من قوتها بـ كثيـــر
طفش من محاولاتها العابثة، لوى يدينها وراء ظهرها ودفعها لتتقدم بكم خطوة للأمام، تكلم بحدة صوته المخيف: أهجدي أحسن لك، مقاومتك ما لها أي معنى في دا الوقت!
تنفست بقهر وصدرها يطلع وينزل من شدة أنفاسها.. مشت بإستسلام ظاهري وعيونها تلمع بتحدي وحقد.. اذا يبوا يخطفوها ليش ما يخدروها وياخذوها؟ أكيد اللي مرسلهم لها يبا يعيشها برعب.. يبا يخليها تحس بضعفها قدامهم وقدام قوتهم وضخامة أجسادهم
الرجل اللي ماسكها وجه كلامه للرجال الباقيين: إنتوا أسبقوني للسيارة وأنا حلحقكم!
عيونها اللي كانت منزلتها رفعتها وشافت باقي الرجال قدامها معطينها ظهرهم، حست إنه هذي هي فرصتها للهروب، تسارعت دقات قلبها وبحركة سريعه ضربت الرجل اللي ماسكها بـ مؤخرة رأسها بأقوى ما عندها في وجهه
توجع من ضربتها فترك يدينها وانحنى بجسمه وهو يمسك أنفه بألم وصرخ: لا تــشــردي!
ما قدرت تخفي ابتسامتها المنتصرة بس سرعان ما اختفت لما شافت الباقيين يتوجهوا لها.. فصارت تركض، حاسة بوجع كبير في رجولها بس ضاغطة على نفسها بالقوة
ثلاثة منهم راحوا ورائها والرابع كان مع اللي ضربته تغريد وبعصبية: عبد الإله حمار انتا؟ بنت صعلوكة طولها شبر تسوي فيك كدا؟
مسح الدم الخارج من أنفه وطالع فيه بحده: أبلع لسانك، وروح وراها ووريني فلاحتك!
….: تعال نروح لهم دحين!
أما عند تغريد اللي ما زالت تركض، فجأة وقفت، أرتجف جسمها كله واسودت عيونها لما شافت رجلين طلعوا بوجهها غير الثلاثة اللي وراها، أنفجعت وصارت تحس بالخوف، هالمرة بجد ما لها مفر منهم.. حاسه باليأس، تجمعت الدموع بعيونها وهي تقول بنبرة بكى: الله يلعنكم، إنتوا في كل مكان تطلعولي..، صرخت بحرقة لما شافت الرجلين يقتربوا أكثر: الله ياخدكم ايش تبوا مني.. أنا ايش سويتلكم.
كانت تطالع في الرجلين ودموعها تنزل، تنتظر منهم يأخذوها وخلاص.. أيقنت إنهم راح يطلعوا لها بكل مكان وما تقدر تهرب منهم.. بس جفت دموعها وهي تسمع كلامه
أحدهم تكلم بصوته الجهوري: ما جينا عشان نضرك، جينا عشانهم هما، عشان نحميكِ منهم!
احد الرجال الثلاثة مسكها وسحبها، وهي صارت تصرخ.. عصب منها صراخها خرق طبلة إذنه.. أزعجته، فصفعها بأقوى ما عنده حتى طاحت على الأرض من قوته، شهقت بوجع وهي تتكور على نفسها لـ تحمي نفسها.. ما تقدر تتصنع القوة أكثر من كذا.. تعبت وحاسه بأن أنفاسها جالسه تضيق وتخنقها، ضغطت بيدها على رأسها بقوة وهي تتمنى إن كل اللي جالس يصير لها مجرد كابوس وراح تصحى منه!
الرجل اللي ضربها كان راح يسحبها ويأخذها بس يده منعته..
الرجلين اللي طلعوا في وجه تغريد فجأة، تولوا أمر الرجال ودخلوا معاهم في عراك.. جاء لهم الرجل الرابع ودخل بالمضاربة معاهم.. أما عبد الإله اللي كان يمشي بحذر وهدوء ولا كأنه فيه مضاربة قوية بين رجال مخيفين، مشى لـ ناحية تغريد وهو ماسك عصا طويلة، شافها متكورة على نفسها وأشفق على شكلها.. تنحنح وتكلم بنبرة هادية: يــا أخـــتـــي.
تغريد فزت بخوف وصارت تزحف للوراء ودموعها بعيونها: ايـ..ـش تــبـغــا مني!!
عبد الإله طالع فيها بشدة ومد لها العصاية: قومي وأضربيني.
تغريد فتحت فمها بعدم استيعاب: هــ..ـــا؟
عبد الإله بنفس نظرته: قلتلك قومي وأضربيني..، وبحدة: يلا!
تغريد قامت بصعوبة.. أخذت العصايه وطالعت فيه بكل حقد لما حست بألم رجولها وحرقة خدها من الكف اللي أخذته، وصارت تضربه بقوة في أنحاء متفرقة من جسده بدون تردد..
أما في العراك.. رغم إنه كانوا رجلين ضد أربعه، إلا أن الأربعة ما قدروا عليهم ولما شافوا تغريد تضرب عبد الإله المستسلم لها، كل اللي سووه إنهم يهربوا لـ جهة السيارات ويركبوها تاركين عبد الإله!
تغريد رفعت العصاية بنية إنها تضربه مره ثانية بس انسحبت منها
سحب العصاية ورماها على الأرض وبنبرة حازمة: يكفي كدا!
لفت له بشراسه وكانت راح تتكلم بعصبية بس انلجمت وهي تشوف صاحب القطة البيضاء مثل ما سمته بس هالمرة بدون نظارته!
وهو ما أعار صدمتها أهتمام كبير.. مشى لـ عبد الإله وهو يحاول يقومه: شكرا يا عبد الإله ما قصرت..، لف لرجليه الإثنين: وإنتوا كمان ما قصرتوا الله يعطيكم العافية.
الرجال بأصوات متفرقة: ولو يا سيد معتز \ ما سوينا إلا اللي أمرتنا بيه \ إحنا دايما تحت أمرك سيدي.
لف معتز لتغريد اللي كانت تطالع فيهم وما هي فاهمة أي شي من اللي صاير قدامها: يا أختي تعالي نشوف رجولك.
تغريد بحدة: ماني رايحه لأي مكان حرجع الفيلا.
معتز طالع فيها بصمت وهي تمشي بخطوات عرجاء.. ما قدرت تكمل خطواتها إلا وتطيح على الأرض، قطب حواجبه ومشى لها.. خاف إنه اغمى عليها بس تطمن لما شافها تمرر يدها على رجولها وملامحها واضح عليها الألم
معتز بنبرة هادية: لا تعاندي، تعالي للفيلا المستأجرها.. عندي ممرضة تشوف رجولك، راح نرجعك لما نتأكد إنك بخير مع واحد من الرجال عشان نتطمن من دخولك بأمان..، مد يده عشان يساعدها على الوقوف: يلا تعالي، لا تخافي ما حنأذيكِ.
طالعت في يده بتردد.. كيف تثق فيه؟ كيف تعرف إنه ما راح يأذيها؟ لكن الحين ما لها غيره.. تخاف اذا عاندت ممكن الرجال يطلعوا لها مره ثانية، قامت بصعوبة متجاهلة يده الممدودة، طالعت فيه وبنبرة متعبة: فين هيا فلتك؟
** ** ** ** **
بالفيلا.. عند رنين
فتحت عيونها وطالعت في الجوال اللي بيدها.. عدلت جلستها وضغطت على عيونها بتعب، من فترة وهي تدق عليه.. قالها إنه راح يتصل عليها أول ما يوصل لـ السعودية وما أتصل، أتصلت عليه كم مرا بس يقول إن جواله مقفل.. أنقبض قلبها وحاسة بضيقة مو طبيعية.. غفت وهي تنتظر اتصال منه.. غفت وهي مو مرتاحه!
طالعت في الجهة الثانية شافت جود بس ما لقت تغريد.. غريبة ما انتبهت لها وهي تروح، طالعت في ساعة جوالها دقايق ويأذن.. قامت وهي تبا تدخل الحمام عشان تتوضأ
** ** ** ** **
جالسة بالكنبة المنفردة مادّة رجولها على الطاولة بعد ما كشفت عليها الممرضة، وبيدها كيس بلاستيكي مليان ثلج تمرره على خدها، طالعت في معتز اللي بيكلم الممرضة، قالت له بعد ما راحت الممرضة: أبا أكلم بابا.
معتز طالع فيها: تكلميني.
تغريد طالعت حوالينها: هوا في أحد غيرك هنا؟ أديني جوالك أبا أكلمو.
معتز: مع الأسف ما أقدر أديكِ هوا، ولا اقدر أخليكِ تكلمي أبوكِ.
تغريد قطبت حواجبها: وليش إن شاء الله؟ ايش فيها لو كلمتو؟
طالع فيها بصمت وما رد عليها
تغريد كملت بهجوميه: وبعدين انتوا مين؟ ايش هرجتكم؟ تعرف مين اللي كان يبا يخطفني؟ مخلي واحد من رجالك جاسوس عندهم؟
كان برضه ملتزم الصمت فقالت بنرفزة: جاوب عليا ليش كدا ساكت!
معتز بهدوء: كل ما عرفتي أقل كان أحسن ليكِ..، شاف الخادمة تخرج من المطبخ ومعاها تبسي الأكل فكمل بتغيير للموضوع: المهم انتي كلي دحين وقوي نفسك، وبعدها نشوف ايش يسير.
أنهى كلامه وما خلى لها مجال تتكلم عطاها ظهره وخرج لرجاله
الخادمة حطت التبسي قدامها في الطاولة بابتسامة: بالعافية عليكِ.
تغريد: عندك جوال؟
جات بتتكلم بس تغريد قاطعتها برجاء: الله يخليكِ أديني ازا عندك، أبا أكلم بابا.. أكيد دحين صحي وخاف لما ما لقاني، أبغا أكلمو.
حست نفسها بموقف صعب، حزنت على شكلها ورجائها كسر خاطرها بس ما تقدر تعصي أوامر معتز، وبتردد: ما.. ما أقدر.
تغريد دمعت عيونها: الله يخليك أبا أطمّن بابا عليا أكيد جلس يدورني في كل مكان.
زفرت بقلة حيلة وقررت تمشي وراء قلبها وعواطفها، دخلت يدها بجيبها لـ تخرج الجوال بس صوته الحاد وهو ينزل من الدرج وقفها: آســــيــــا!!
تغريد طالعت فيه وهي مفجوعه من وجود رجل ثاني هنا، استوعبت إنه راح يمنعها من الاتصال، فسحبت الجوال من يد الخادمة وصارت تضغط على رقم أبوها بسرعة وهي تعطيهم ظهرها
كمل نزول الدرج ومشى لهم بخطوات واسعة وغاضبه، مسك ذراع تغريد ولفها وهو يسحب الجوال منها ويرميه على الجدار لتتناثر أجزاءه بالأرض ومن ثم طالع فيها بحده: هــيــه انــتــي، خليكِ عاقلة وأسمعي الكلام.
تغريد بعصبية وهي تحاول تفك ذراعها من قبضته: لــيــه كــســرتــو.. كـنـت أبـا أكـلـم بــابـــا.. ايــش هــيــا مــشــكــلــتـــكـــم!!
تركها بدون ما يجاوبها، حس إنها ما راح تفهم وراح تعاند، لف للخادمة وبتهديد: شوفي دي أول وآخر مرا تسويها فاهمة؟ ولا حتنطردي من شغلك ترا!
الخادمة وهي منزلة رأسها: أنــا آســفــه يا ســيـد جـابـر مـا حـعــيـدهـا.
جابر بنبرة حادة: دي المرا حعديها ليكِ ويلا روحي عن وجهي.
في نفس الوقت دخل معتز وسمع آخر شي قاله فاستغرب وتسائل: ايــش فــي؟
تجاهله وهو يعطي تغريد نظرة حارقة: وانتي أسمعي الكلام ولا تغلبينا، قلنا ما حتتصلي يعني ما حتتصلي، أحمدي ربك إنو جا معتز ورجالو وأنقذوكِ، ولا كنتي دحين عندهم، ربي الوحيد العالم ايش كانوا حيسووا فيكِ.
تغريد تحس نفسها مقهــوره لما شافت كيف الجوال مرمي ومتكسر.. مو عارفة سبب رفضهم القاطع: ليش تمنعوني؟ دا مو من حقكم.. أبا أرجع للفيلا.. رجعوني، خلاص شكرا أنقذني معتز من دولاك الرجال ودحين أبا أروح عند بابا.
معتز بهدوء: يا أختي لا تخافي.. ما راح نضرك.. لو نبالك الضرر كنا طالعنا في الرجال وهما يخطفوكِ واحنا نضحك، بس لا.. ما سويناها وخليت الممرضه تجي وتشوف رجولك، حطينالك الأكل وخرجت برا عشان تاخدي راحتك.
أما جابر أستفزته حركاتها الطفولية والمدلعة بنظره، ما يستحمل هذي التصرفات ابدا فمسك وجهها ولفه له بقوة، تكلم بقساوة تعود عليها بدون ما يهتم إن كان اللي قدامه أنثى أو غيرها: شوفي.. غصبا عنك حـ تثقي فينا، حتسمعي كل كلمة نقولها زي الشطار وتسويها غصبا عنك فاهمة ولا لأ؟
غرزت أظافرها الطويلة بيده وعيونها تناظره بكل حقـد من أسلوبـه الهمجي بنظرها، عكس معتز المتفهم تماما، تكلمت وهي ترص على أسنانها: شيل يدك عني.. جالس توجعلي خدي.
توه ينتبه لـ خدها المزرق فسحب يده وهي خربشته بقوه حتى طلع الجلد من بشرته الحنطية وهو أساسا ما تألم ولا أهتم.. شايفه جرح بسيط، وهي سوتها لـ تطلع حرتها وقهرها فيه
تغريد دفعته بقوة حتى طاح على الكنبة: وغصبا عني أخاف على نفسي منكم ولا أثق فيكم دام دا أسلوبكم معايا، خلاص أبا أرجع للفيلا.. أبا بابا!!
عدل نفسه وشفايفه مالت بابتسامة ساخرة: حنرجعك لـ بابا، لا تخافي ما حناكلك..، وهو يشدد على كلمته ويطالع فيها بتحدي: يــا تــــــغـــــــريـــــــد.
تراجعت كم خطوة للوراء وعيونها معلقة بعيونه بصدمة: انـــتـــا ايـــش دراك بإســـمـــي؟!!
معتز طالع فيه وهو مقطب حواجبه: جــــابـــــر!
تغريد نقلت نظراتها مابينهم ونبرة الخوف أتملكت صوتها: إنتوا إيش تبوا مني بالزبط؟ ودا إيش دراه باسمي وأنا ما تكلمت؟
جابر حط رجل على رجل وبنفس ابتسامته الساخرة: سمعت اسمك من عمتك جود وهيا تناديكِ من البلاكونه.
تغريد ارتجفت أطرافها بصدمة وخوف أكبر: انتا ايش دراك إنها عمتي؟ كداب.. انتا كداب، هيا ما قالت اسمي.. واصلا اللي كان في معتز.. مو انتا!
معتز عصب منه وما قدر يستحمل تصرفاته الغبية أكثر، مسكه وقومه من الكنبة وصار يجره لـ خارج الفيلا
جابر باستفزاز: أصبر يا معتز خليني أعدد لها عايلتها كلها وي.
معتز بـ حده: جــــــــــــــابـــــــــــــــــر خـــــــــــــــــــلاص!!
جلست على الكنبة المنفردة ولساتها تحت تأثير الصدمة، شعور الأمان والثقة ناحيتهم انعدم كليًا، رفعت يدها وصارت تمررها على نحرها وهي تتمتم برعب: يا رب استودعت نفسي يا رب، استودعتها عند الذي لا تضيع ودائعه..، رفعت رجولها وضمت ركبها لصدرها والدموع بدت تتجمع بعيونها غصبا عنها، اللي صار لها اليوم أرعبها، وحاسه بخوف من جابر بعد اللي قاله: يا رب ازا كانت نيتهم سيئة.. فيارب رد كيدهم في نحرهم يارب.
** ** ** ** **
وهو متمدد على سريره ونايم.. يدق جواله بصوت أذان الفجر، فتح عيونه بضيق ومد يده وأخذه ليشوف الساعه كم، قام وخرج من الغرفة رايح للحمام الثاني، بعد فترة خرج وقطرات الماء تبلل وجهه ويده باين إنه توضأ، مشى في الممر وطالع في الغرفة اللي تنام فيها تغريد مع جود ورنين، مشى له ودخل، فتح النور وما لقى غير جود نايمة، توقع إنهم صحوا وتوضوا فسكر الأنوار وقفل الباب بهدوء
أما في غرفة مهند وأمل.. في وسط نومهم العميق يرن جوال أمل وكان المتصل أمها، صحيت وردت عليها بصوت ناعس: ايوا ماما..، عدلت جلستها على السرير بسرعه لما سمعت صوت شهقاتها: ماما أشبك.. ايش في؟ توسعت عيونها بصدمه: فــيــصـل..، بلعت ريقها وهي تحاول تهديها: خلاص ماما جايين.
قفلت منها وطالعت في مهند اللي صحى باستغراب منها والدموع بعيونها: فيصل سارلو حادث.
مهند عدل جلسته بـ فجعه: ايـــش؟
أمل ببكاء: مهند الله يخليك خلينا نرجع جده.. ماما مرا منهارة ومافي أحد معاها.
قام وأخذ قميصه ولبسه بعجله: طيب يلا، والبزوره خليهم هنا أمي وجود يكونوا معاهم.
حركت رأسها بالإيجاب ومسحت دموعها وقامت لتتجهز
تحت بالصاله
رنين كانت موجودة وما لقت تغريد، قرصها قلبها وحست إنه فيه سوء قادم، شافت مشعل ينزل من الدرج توجهت له وقالت بقلق: مشعل تغريد مافي!
مشعل قطب حواجبه: كيف ما في.
رنين بنفس نبرتها: صحيت دوبي وما لقيتها نايمة معانا، وهنا كمان ما في.
مشعل والشك بدأ يراوده: طيب أتصلتي على جوالها؟
رنين: ايوه أتصلت بس ما ترد.
مشعل: معقولة تكون برا!
رنين: لدا الوقت؟
مشعل وهو يحرك شعره بتوتر: لا أكيد برا.. أنا حخرج وأشوفها، وانتي عبال أتصلي عليها.
رنين وهي تحس نفسها شوي وتبكي: حتى فيصل ما يرد عليا وربي مرا خايفه عليه.
…..: ازا تبي تشوفي فيصل تعالي معانا.
رنين لفت لمهند وهو ينزل الدرج مع أمل اللي لابسه عبايتها، قربت منهم وقالت بشك وخوف: فين فيصل عشان نرحلو؟ ايش سارلو؟
مهند أخذ نفس عميق: سارلو حادث…
ما قدر يكمل كلامه الا وهي تشهق وتغطي فمها بصدمه.. زفر بقلة حيله وكمل: ازا تبي تجي بسرعه ألبسي عبايتك وتعالي للسيارة.
في نفس الوقت.. خرجت سعاد من غرفتها لما سمعت الإزعاج والأصوات العالية وهي كمان نزلت للصالة وتسائلت لما شافت حالتهم: يا أولاد ايش في؟
رنين جات بتتكلم بس قاطعهم دخول مشعل من الخارج وهو يتنفس بسرعه: تغريد مافي برا.. لقيت كرسينا مرمي على الأرض وجوالها مرمي جنبو!
مهند طالع فيه: وفيصل سارلو حادث وهوا خارج من المطار.
سعاد ضربت كفوفها ببعض وهي تقول بحسرة: لا حول ولا قوة إلا بالله ايش دي المصايب اللي تجي ورا بعض، أمس أولاد ندى ودحين دولا..، قالت لمشعل بخوف: يا ولدي فين تكون بنتك دحين في دا الوقت؟
مشعل: ما أدري ما أدري..، أخذ جواله وهو يتصل على أحد الأرقام: بكلم عبد العزيز حندور عليها شبر شبر في المنتجع.. وحكلم العمال يمكن شافوها ولا شي.
مهند وهو ماسك يد أمل نازلين من الدرج: بالله طمنّا عليها ازا لقيتوها.
مشعل: ان شاء الله وانتوا كمان طمنونا على فيصل لما توصلوا.
** ** ** ** **
أما عند تغريد، جالسة بنفس مكانها وتفرك فخذها بكل ارتباك حست بالصدق من كلام معتز، للحظة كانت راح تترك عنادها وتثق فيهم من كلامه، بس معرفة جابر عن اسمها خوفها، يدري عن اسمها ويعرف إن جود عمتها بالرغم إنهم بنفس السن، ويقول إنه يقدر يعدد عائلتها كلها! كيف ما تخاف منهم؟ كيف تقدر تثق فيهم؟
شافت القطة البيضاء تجي عند رجولها وتموء بس هي على طول رفعتها وضمت ركبها لصدرها: هــــش بعدي عني.
خارج الفيلا
معتز بغضب وهو يمسك جابر من ياقته ويلصقه بالجدار: دحين إيش استفدت لما سويت زي كدا في البنت وأرعبتها؟ قولي ايش استفدت؟ بس فالحلي تستقوي على بنت الناس!
جابر نزل يده وطالع فيه: مستفزة.. متمردة.. لسانها طويل، ما سويت شي بس خليتها تهجد.
معتز ضربه بقبضة يده على وجهه ومن ثم أبتعد عنه: أنقلع من هنا مع واحد من الرجال وأرجع لجدة.. أنا الغبي اللي خليتك تجي معايا.
جابر بكل برود: غريب اهتمامك فيها يا معتز.. ليش؟!
معتز بسخرية: روح بالله من هنا يا جابر، أساسا ما حقولك أي شي عن دي الهرجة، وأعتبر نفسك خرجت من الخطة..
جابر: دا كلو بس عشان اللي سويتو دوبو؟
معتز طالع فيه بحده: ايوا، انتا دوبك غلطت واللي حنسويه ما يتحمل الاغلاط.. من أبسط شي ممكن يضيع كل تعبنا!..
جابر بنفس بروده: قول اللي تبا تقولو.. ماني راجع جدة بس ما حدخل للفيلا..، وبسخرية: لين ما ترجع ضيفتنا الصغيرة لـ بابتها.
شمق بوجهه وبعدها دخل للفيلا وراح للصالة، سمعها تكلم القطة بكل عصيبة: أقولك أنقلعي، بعدي عني وي.. بقرة ما تفهمي!
تكلم وهو يكتم ضحكته من أسلوبها: غريبة ليش كارهه ميار؟ كنتي حابتها! طالع في الأكل اللي ما لمست منه شي: ما أكلتي حاجة.. حتى موية ما شربتي.. ما يسير كدا حتتعبي.
ما طالعت فيه أكتفت بالصمت وعيونها مثبتتها بالجدار
معتز زفر بقلة حيلة ومن ثم تبدلت ملامحه للجدية: تغريد شوفي.. ما ألومك، بس انتي حاولي لو شويا انك تثقي فيا.. سيبيكِ من جابر.. بعض الأحيان يسير متخلف ويخربط في الكلام، بس أنا أتمنى من كل قلبي انك تثقي فيا، لو حضرك كان ضريتك في أول مرا شفتك فيها.. بس أنا نيتي مو سيئة أبدا.. صدقيني!
طالعت فيه بحدة، قامت من مكانها وصارت تقترب منه وهي تقول بريبة: أنا ايش اللي يخليني أصدق كلامك وأصدق نيتك؟! يمكن دولاك الرجال رجالك، أمرتهم يخطفوني وبعدين جبت رجالك الاتنين يعنني انك تنقذني منهم عشان تكسب ثقتي ويمكن ثقة أهلي كمان بدا الشي.
معتز من مميزات شخصيته الصبر والهدوء، رغم عنادها اللي راكب راسها ما زال متمسك بهدوئه: أوعدك.. وعد رجال، دي أول وآخر مرا تشوفيني فيها أنا وجابر.. عشان أثبتلك إني ما حبين نفسي قدام أبوكِ وأهلك البطل اللي أنقذك وأكسب ثقتو..، كمل وهو يقترب منها بخطوة: وبعدين أنا ما حأذيكِ أبدا.. مهما سار.. لأنك تزكريني بشخص عزيز على قلبي وأحبو، شخص.. مستحيل أضرو.
تغريد بثبات ظاهري وعيونها بعيونه: مين؟
أقترب منها بخطوة ثانية.. نزل رأسه ناحيتها وبهمس: انتي تزكريني بزوجتي.
ارتبكت من كلمته ومن قربه منها فتراجعت بخطوات للوراء وسألته: ماتت؟
أعتدل بوقفته وملامحه كساها البرود، تكلم بتجاهل تام لـ سؤلها: على العموم أدّن الفجر، آسيا حتعطيكِ شرشف صلاه وسجادة عشان تصلي.. ولما تشرق الشمس حـ وديكِ لأبوكِ، تبغي تكلميه؟
تغريد بسرعه: أكيد.
معتز: طيب ما حمنعك، بس عندي شرط!
تغريد بدون تردد: أسوي اللي تبغاه ازا أقدر!
** ** ** ** **
في الجهة الثانية.. كلهم متجمعين بالصالة ووجيههم ما تبشر بالخير، كل واحد فيهم يدعي بقلبه إنها تكون بخير وما صابها مكروه ولا يكون أحد مسها بسوء
أما عبد العزيز ومشعل راحوا يدوروا عليها بكل مكان، مشعل جلس على الكرسي بتعب وهو يمرر يده على شعره.. حاسس بهم كبير وثقل بقلبه، فين كذا تختفي.. ايش صار لها.. معقوله أحد خطفها؟ شد على شعره وغمض عيونه بقوه وهو ما يبغا يفكر حتى بـ هالإحتمال يموت لو صار لها شي، ما يتحمل لو تأذت شعره من شعراتها!
عبد العزيز طالع فيه بحزن.. شكله يكسر الخاطر، جلس بجانبه وحط يده على كتفه وربت عليه: أدعي ربك إنها تكون بخير.. دا أهم شي يا مشعل.
مشعل وهو يهز رجوله وشاد على يده بقهر: يا عبد العزيز.. حاسس نفسي ضعيف وماني قادر أسوي شي…
كان راح يكمل كلامه بس شاف نادر يجي عندهم ركض وبيده جواله، وصل عندهم ومد الجوال لـ مشعل وهو يلهث بتعب: خـــد كــلـــم تــغــريـــد!
طالعوا فيه بصدمه وبصوت واحد: تـــــغـــــريـــــــد!
تغريد كانت جالسة وتهز رجولها بانتظار وتوتر، اختفت ملامح القلق من وجهها وسرعان ما ابتسمت لما سمعت صوته اللي ميزته وقالت بفرحة: بــــــــابـــــــا!
سحب الجوال من نادر بيد مرتجفة، حط الجوال بإذنه وهو يقول بصوت متحشرج: تـــغــــريــــد!! بــنــتــي!!
تغريد بابتسامة وعيونها تلمع: بابا ايوا أنا لا تخاف ما سار لي شي، أنا مرااا كويسا، انتا خليك جنب المسابح وأنا شويا حجيك.
مشعل بحنية: بنتي الحمد لله انك بخير بس فينك؟ ايش سارلك؟ متنا خوف عليكِ والله.
تغريد: بابا حبيبي.. ححكيك كل شي لما أجيك بس انتا لا تخاف عليا تمام؟
مشعل ابتسم ببعض من الراحة: طيب، نستناك أنا وعمك هناك.
قفلت السماعة ومدت الجوال لمعتز وبنفس ابتسامتها: مرا شكرا كدا ارتحت لما كلمتو.. دحين نروح؟
حرك رأسه بالإيجاب: ايوا يلا.
تغريد قامت ومشيت وراه لين خرجوا من الفيلا، انتبهت لجابر يطالع فيها شمقت في وجهه ولفت وجهها على طول.. ما طاقته ولا ارتاحت له
وهو ابتسم بسخرية وبخاطره يقول: طفلة غبية وعقلها صغير.
معتز بصوت مرتفع: عبد الإله.. يا عبد الإله.. روح معاها لين توصل عندهم وتتأكد انها بخير.
عبد الإله: حاضر سيدي.
تغريد طالعت في معتز بـ احراج: أممم معليش على إني ما وثقت فيك وانتا قد الثقة، أنا آسفه.. بس برضو ما أنلام.. خفت من كلام جابر شويا، وكمان شكرا إنك حميتني وأهتميت فيا..، كملت بهدوء وعيونها بعيونه: أتمنى إنها مو آخر مرا أشوفك فيها!
معتز تنهد: صدقيني ما راح تحبي تشوفيني مرا تانية، لأني ما راح أجي إلا في مواقفك الصعبة زي اليوم.
تغريد ابتسمت وبجراءة: أجل راح أحط نفسي دايما في مواقف صعبه.. بس تاني مرا لا تجيب جابر معاك.
معتز ضحك بخفة وهو رافع حاجبه: يلا أشوفك طولتي، شكلك حبيتي الجلسة هنا ونسيتي بابتك!
تغريد: ما نسيتو.. دحين رايحه.
مشيت وراء عبد الاله وعيون جابر ومعتز تلاحقها حتى أختفى ظلها
جابر وقف بجانبه وسمع الحوار اللي دار بيناتهم: شكلها حبتك.
معتز: تؤ ما أتوقع، وأساسا مو من صالحها إنها تفكر فيا.
جابر وهو يطالع فيه: وانتا ايش رأيك فيها؟
معتز دخل يدينه بجيب بنطلونه: تشبهها وبس!
جابر قطب حواجبه: تتوقع انهم أخوات؟
معتز بسرعه: مستحيل! سكت شوي وبعدها طالع فيه بلوم ونبرة عتاب: كيف تفكر تفكر بدا الشي يا جابر؟!
جابر بملامح باردة ما رد عليه إلا بعد فتره: يتشابهوا في الملامح أما شخصياتهم غير.
معتز: تغريد قوية، جريئة وعنيدة.
جابر: وزوجتك كانت ضعيفة، خوافة وبكاية!
** ** ** ** **
في إحدى المستشفيات الحكومية بجدة..
وأخيرا بعد انتظار ساعات.. شافوا الطبيب يخرج من غرفة العمليات، قاموا وراحوا له، تكلمت أمه وهي تمسح آثار دموعها من خدها: أنا أم فيصل كيف حال ولدي.. بخير؟
الطبيب نزل كمامته لـ تظهر ملامحه المتعبة بسبب وقوفه لوقت طويل جدًا: عمليته خلصت ولله الحمد، سار له نزيف داخلي وبعض الكسور بسبب التصادم، والمريض بخير بس صدم راسه بقوة فيعني ألين ما يستعيد وعيه راح يحتاج وقت.
رنين: بس هوا دحين كويس؟ يعني وضعو مو خطير؟
الطبيب: في دا الوقت ما أقدر أقولكم شي أكيد، لما يصحى المريض راح نكشف عليه ونتأكد من سلامته أكثر إن شاء الله.. ودحين راح ننقله للعناية المركزة ليرتاح فيها!
أمل: طيب متى نقدر نشوفو؟
الطبيب: حاليا ما تقدروا، راح تستنوا وقت ما يصحى.
** ** ** ** **
عند تغريد وعبد الإله..
ماشي قدامها بجسمه الضخم وهي تطالع فيه بكل فضول وتلحقه، سابقها بكم خطوة بسبب خطواته الواسعة وهي أصلا تمشي ببطئ عشان رجولها، سرعت شوي وهي تتسائل: أمممم انتا كنت مع الرجال اللي يبوا يخطفوني بس ساعدتني ليش؟
لوت بوزها بعدم رضا لما شافته ما طالع فيها ولا عبرها يمشي وبس: عبد الإله جاوبني.. دحين معتز وجابر كيف يعرفوني؟ مين اللي يبا يخطفني؟ يعني انتا اصلا من رجال معتز صح؟ طيب دولاك رجال مين؟ تعرفهم؟
عبد الإله بطفش من أسئلتها الكثيرة: يا أختي خلاص، ما تعرفي المثل اللي يقول أبعدي عن الشر وغنيلو؟ خلاص أحمدي ربك انك بخير.. ولا تصدعي راسي بأسئلتك!
تغريد بإصرار: مالي صلاح، ابا أعرف عنكم ولو شويا.. من حقي وي! دحين من جد معتز متزوج؟
عبد الإله وقف فجأة ولف لها بعصبيه أخافتها: انتي اش دراك عن زوجة معتز!
تغريد بفجعه: هـا؟ هوا قلي إني أزكرو بيها، يعني من جد هوا متزوج! فينها؟ ماتت؟
عبد الإله رجع لنبرته الباردة: لا تدخلي نفسك في أشياء ما تعنيكِ، وأحسن لك أنسي معتز.. وأنسي زوجتو.. أنسي كل شي شفتيه وسمعتيه هنا.
كملت مشيها وراءه وهي مقهورة تبا تسحب الكلام منه بس ما قدرت عليه: صدقني حعرف ايش هرجتكم في يوم من الأيام.
عبد الإله ببرود: أدعي انو دا اليوم ما يجي.
وصلوا قريب من المسابح.. وقف عبد الإله وقال: يلا روحي لو، وأنا حكون هنا لين ما توصليلو.
تغريد فهمت إنه ما يباه يشوفه فمشت وتعدته، شافت أبوها مع عبد العزيز بس كانوا معطيها ظهرهم، ابتسمت بامتنان وحب، الحمد لله وأخيرا رجعت بسلام، أصعب ليلة مرت فيها هنا.. ما بين خوف ويأس وانعدام للأمان، تكلمت بصوت مرتفع: بــــــــابــــــــا!
لف لها وهو يطالع فيها بفرح ممزوج بخوف لما شاف حالتها، تمشي بخطوات عرجاء.. خدها متورم وكأنه تعرض للضرب.. واللي يدقق في وجهها يلاحظ التعب والإرهاق عليه لأنها ما نامت كويس
تغريد لما شافت وجهه حست براحة عظيمة ولمعت عيونها، سرعت بخطواتها ورمت نفسها في حضنه، حاوطت رقبته وهي تبا تدفن نفسها بحضنه أكثر.. تبا تنسى كل شي، تبا تنسى الغموض المحاوط معتز.. تبا تنسى الرعب اللي عاشته الليلة اللي فاتت، كل اللي تبا تفكر فيه إنها تتنعم بالأمان في حضن أبوها
مشعل بعدها عنه شوي وهو يطالع في ملامحها بخوف كبير ومسك وجهها بيدينه بكل حنان: تغريد ايش سارلك؟ اشبو وجهك كدا؟ كيف أتعورتي؟
مسكت يده ونزلتها من على خدها اللي يوجعها.. تحاول ما تبين له شي: ما فيا شي، أنا دحين كويسا.
مشعل تكلم بجدية وهو مقطب حواجبه: تغريد، انتي شايفة حالتك كيف وتقوليلي كويسا.
تغريد طالعت فيه برجاء وهي تقول بتعب: بابا الله يخليك، نتكلم جوا.. دحين تعبانه وما نمت من أمس.
مشعل كان راح يتكلم ويعارض بس عبد العزيز قاطعه وهو يقترب منهم: صح كلامها شوف كيف شكلها، في الفيلا تحكينا كلنا.
مشوا لناحية الفيلا بعد ما أقتنع وهو مقربها منه، خايف عليها حيل لا يصير فيها شي
دخلوا عندهم، والكل فرح برجوعها، جلسوا يضموها لهم بقوة ويسألوها ايش سار.. أحد سوا لها شي.. يسألوها اذا هي بخير ولا لا، وهي تبتسم لهم بحب رغم التعب اللي تحس فيه.. اللي صار لها مو شوي، وبعدين جلست في الكنبة بجانب مشعل
تغريد أخذت كوب الموية من جود: شكرا.
هدى بـ قلق: طيب يا بنتي ما حتقوليلنا ايش سار؟
نزلت عيونها لـ يدها اللي ماسكة الكوب: أممم إلا دحين، بس بقولكم لا تخافوا عليا أنا كويسا.
سعاد تكلمت بقلة صبر: طيب خلاص فهمنا دي الكلمة اللي بس تقوليلنا هيا من لما دخلتي، يلا أهرجي وريحينا.
تغريد وهي تزفر: طيب طيب، أمس في الليل ما قدرت أنام.. خرجت من الفيلا وبعدين لقيت رجال كدا يخوفوا، ولما جيت بدخل، جو قدامي.. شردت منهم بعيد عن الفيلا، بس كانوا كتير.. وكل ما أشرد يجوا في وجهي.
قالتها وبعدين سكتت وهي تفرك يدها بتوتر لما شافت ملامح أبوها تتغير 180 درجة، هي ملامح غضب أو خوف، ما تدري.. ما قدرت تفسرها، نزلت عيونها وكانت راح تتكلم بس سكتت وصارت تتذكر كلامها مع معتز قبل لا تتصل على أبوها..
أعتدل بوقفته وملامحه كساها البرود، تكلم بتجاهل تام لـ سؤلها: على العموم أدّن الفجر، آسيا حتعطيكِ شرشف صلاه وسجادة عشان تصلي.. ولما تشرق الشمس حـ وديكِ لأبوكِ، تبغي تكلميه؟
تغريد بسرعه: أكيد.
معتز: طيب ما حمنعك، بس عندي شرط!
تغريد بدون تردد: أسوي اللي تبغاه ازا أقدر!
معتز: ما حطلب منك شي صعب..، جلس على الكنبة وهي ما زالت واقفه فأشر لها بيده على الكنبة اللي قباله وكمل: أرتاحي أول شي.
جلست على الكنبة وقالت بهدوء: أسمعك، اشرحلي اللي تباه.
معتز: إن شاء الله لما ترجعي لأبوكِ بالسلامة، أكيد راح يسألك ايش سارلك وفين كنتي، أنا كل اللي أبغاه منك إنك ما تجيبي سيرتي أبدا، وكأني ما كنت في ولا كأنك قابلتيني أصلا.
قطبت حواجبها من طلبه الغريب: طيب ليش؟
معتز بجدية: دا هوا شرطي.. وانتي اللي عليكِ توافقي أو ترفضي وبس!
تغريد بعد فترة من الصمت: طيب، أنا موافقة.. ما حجيب سيرتك لبابا أو لأي أحد..، مدت يدها له: ويلا دحين أديني جوالك عشان أتصل.
معتز: طيب أقدر أثق في كلامك؟
تغريد: انتا مضطر تثق فيا زي ما أنا وثقت فيك!
ما قدر يخفي ابتسامته لما سمع أخر كلمة، وأعطاها الجوال..
رجعت لواقعها لما سمعت هدى تكلمها: يا بنتي.. أشبك سكتي؟ ايش سار بعدها؟
تغريد بهدوء وهي تمرر نظرها عليهم: ما في شي مهم، قدرت أشرد منهم ولما أتأكدت إنهم راحوا كنت برجع للفيلا.. بس قابلت وحدة كدا في طريقي شافت حالتي فحزنت عليا وكشفت على رجلي، من حسن حظي إنها ممرضة وبس.
عبد العزيز وهو مقطب حواجبه: بس؟ طيب هيا لحالها؟ ما عندها أحد؟ زوجها ولدها أبوها؟
تغريد تكلمت بارتباك، ما توقعت هالسؤال: إلا في أبوها، ايوا أبوها، قالتلو إني طحت وهيا حبت تساعدني، وهما ما قصروا، كانوا طيبين.. سوت لي ساندويشة جبن وعصير، يعني أهتمت فيا.
جود قطبت حواجبه: مدري ليش أحس إنو كلامك دا مو حقيقي أبدا، يعني ما أخيل إنو يسير أبدا!
تغريد تنهدت من قلبها هذا كلامها وهي ما قالت كل اللي صار لها، وبتعب: والله حتى أنا أحس كل اللي سار كابوس وصحيت منو، بس الحمد لله كل شي مر وراح، وانا دحين كويسه دا أهم شي..، طالعت في مشعل: صح بابا؟
مشعل طالع فيها بهدوء ظاهري عكس اللي يحس فيه تمامًا: طبعا.. اهم شي انك تكوني بخير.
نادر تكلم بعد صمت وهو مقطب حواجبه حاسس انه فيه شيء غلط: طيب سارلك دا كلو، فين العمال حقين المنتجع؟ معقولة ما في أحد شافك ولا ساعدك!
تغريد: ايش دراني أنا.. ما فكرت بدا الشي والله.
مشعل لين هنا وخلاص ما قدر يمسك أعصابه ضرب الطاولة اللي قباله بقهر والكل فز بفجعه، تكلم بوعيد وهو يقوم من الكنبة: والله ما أسيبهم دولا الكلاب.
شافوه خرج من الفيلا بخطوات واسعة وغاضبه، تغريد شهقت وهي تبا تقوم وتلحقه: بـــابــــا..
عبد العزيز على طول مسكها: فين رايحه، أجلسي دحين انتي تعبانه.
تغريد بقلق: طيب بالله روح معاه لا يسيرلو شي.
عبد العزيز: طيب.
ميس كانت تراقب اللي جالس يصير بفجعه، لما حست أنهم منشغلين بمشعل انسحبت من الصالة بهدوء وراحت بالمطبخ، أتصلت على أحد الأرقام اللي عندها بس ما رد عليها، اتصلت كم مرة وأخيرا رد عليها، حطت السماعة بإذنها وجاء لها صوته المتنرفز: هــا يا ميس ليش داقة عليا في دا الوقت؟ حلمتي بيا؟
ميس بنرفزة مو أقل منه: مرا ميته عليك.. أقولك انتا اللي ارسلت دولاك الرجال؟ انتا كنت تبا تخطف تغريد يا أمير؟ معقولة تسوي شي متخلف زي كدا؟
أمير بعد فترة من الصمت تكلم بصرامة: أول شي لما تكلمي أخوكي الكبير تكوني محترمة معاه، تاني شي.. انا ايش أبغا من دي تغريد؟ ليش أخطفها هاه؟
ميس بعصبية: أنا أعرف كيف تكون لما تحقد على شخص يا أمير.. تقعد تنبش في ماضيه.. تعرف نقاط ضعفو.. تراقب كل تحركاتو.. تأزي كل شخص يحبو، على فكرة أنا أكتر انسانة تعرف شخصيتك المريضة!
أنهت كلامها وسكرت السماعة بوجهه، صحيح هي تكره تغريد وتفكر تأذيها بس مستحيل تأذيها بهذي الطريقة!
** ** ** ** **
جدة..
متمدد على سريره وحاط ذراعه على عيونه، أنفاسه مخنوقة.. والألم اللي بقلبه يكبر كلما يتذكر كلماتها السامة.. كلماتها سممت حبه لها.. سممت قلبه اللي عشقها وما حب غيرها، ليش حبت غيره وهو موجود؟ ليش تحب واحد حقير زي أمير وتترك الشخص اللي يحبها ويسوي أي شي عشانها؟
عدل نفسه وجلس على طرف السرير، طول عمره ضعيف قدام حبه لها.. كان يستحمل كل صدها.. وكان يحسه زي العسل على قلبه.. كان متيقن إنه في يوم من الأيام راح يلين قلبها وتحبه، بس لين هنا وخلاص بعد ما اعترفت بحبها لشخص غيره قرر يمحي حبه لها، يمكن راح يكون صعب عليه بالبداية، بس راح يحاول لين ينتزعها من قلبه، هي ما تستحق كل هالحب، ما تستحقه!
سمع رنين جواله.. أخذه من الكمدينه ورد على المتصل بكل عصبيه: إنــتـــا ايــــش تــــبـــا مـــنـــي!! مـــا لـــي دخــــل فـــيـــك.. لا تــــدخــــلــــنــــي فــــي وســاخـــتـــك، وســــوي الـــلـــي تـــبـــاه فـــيـــهـــا لـــحــــالــــك.. فــــاهــــم؟! لا تـــدخـــلــــنـــي فــــي دي الأشـــيــاء!
قفل السماعه بوجهه ورمى الجوال على السرير، خرج من غرفته وصفق الباب بقوه، نزل الدرج وصادف بتول اللي سألته: فــارس اشبك.. ايش في؟.. فين رايح؟
فارس بنبرة حاده: جهنم الحمرا.
بتول ضحكت بدون ما تدرك باللي يصير لـ فارس: أها طيب سلملي على الناس اللي تشوفهم هناك.
ما رد عليها وخرج من الفيلا
** ** ** ** **
بالهدا
عبد العزيز خرج لـ برا وراح ناحية مواقف السيارات يبحث عن مشعل، قطب حواجبه بقوة لما شافه داخل غرفة إدارة المنتجع، ماسك أحد الرجال من قميصه ويهزأه بغضب.. شافه لأن الباب كان شفاف ويبين اللي بالداخل، مشى بخطوات سريعه.. يلحقه قبل ما يسوي شي غبي، دخل لهم وحاول يبعده: مــشــعــل يـــا مــجـــنــون ســـيـــبـــو!
طالع فيه وعيونه صارت مثل الجمر من الغضب، دفع عبد العزيز بيده بكل قسوة: والله ما أسيب دا الـ#####..، وجه نظره للرجل اللي ماسكه وبفحيح: أجل مالكم دخل ببنتي ها؟ كدا تدخلوا أي أحد هنا في الليالي؟ فين عمالكم؟ ايش دا الإهمال؟ صدقوني كل واحد يشتغل هنا حيندم.. كلكم حتندموا، حرفع عليكم قضية وحتترجوني أسحبها، بيني بينكم الأيام يا #####!
دفعه بقوة حتى أصطدم بالجدار وأعطاه نظرة حقد وهو ينفض يده بقرف، لف وخرج من الغرفة، لحقة عبد العزيز ولفه من ذراعه وهو يحاول يمسك أعصابه: انتا غبي، تتهجم عليه؟ وكمان تقذف؟ دحين هوا اللي حيجرجرك في المحاكم، أكيد في كمرة في الغرفة وحياخدها كدليل ضدك.
سحب ذراعه وقال بحدة: بــعــد عــنــي، مــانــي فــايــقــلــك.. وقـلـهـم يـعـبـوا أغـراضـهـم حـنـرجـع جـدة!
** ** ** ** **
جدة
نقلوا فيصل للعناية المركزة وما رضوا يدخلوهم أبدا إلا بعد عناء وزن بس كل شخص لحاله، ورنين طلبت إنها تكون آخر وحده تشوفه لتاخذ راحتها، رنين دخلت عنده بخطوات مرتجفة وشافته نايم على السرير الأبيض، وجهه مليان بالخدوش ونصف رأسه ملتف بالشاش.. رجله اليمنى مجبسة، ما قدرت تمسك نفسها فنزلت دموعها، شكله قطع لها قلبها.. مشيت له ورؤيتها ضبابية بسبب دموعها.. مسكت يده وتعالت شهقاتها بوجع، أنحنت له وهي تقبل جبينه وبهمس باكي: الله يقومك بالسلامة يا روحي.
ما قدرت تستحمل منظره وهو بـ هالضعف وقلة الحيلة، حست بالوجع ينهش قلبها.. عدلت نفسها وبعدها خرجت من الغرفة ودموعها تسبقها
شافها مهند وهي تستند على الجدار وتغطي فمها بيدها لتكتم شهقاتها، توجه لها وهو خايف عليها، مسكها ورفع وجهها له وهو يتكلم بحنية: رنين ايش في؟ سار شي جوا؟
حركت رأسها بالنفي وهي تمسح دموعها، تكلمت من بين شهقاتها: شــكـ..ـلــو يــحــزن! مـ.ـا أســتــحـ..ـمــلــت أشــوفــو وهـ..ـوا كـ.ـدا.
مهند بنفس حنيته: طيب يلا مسحي دموعك، حنرجع البيت.
رنين طالعت فيه بخوف: طيب وفيصل؟ مين حيقعد معاه؟
مهند: ما في فايدة من وجودنا هنا، فيصل ما حيصحى دحين على كلام الدكتور.
رنين: قلبي ما يطاوعني أسيبو! وبرجاء: انا بقعد هنا وانتوا روحوا.
مهند: لا يا رنين ما أقدر أسيبك هنا، صدقيني أول ما يصحى أنا حوديكي عندو.
رنين طالعت فيه: توعدني؟
مهند وهو يحط يده على كتفها ويمشيها: أوعدك، ويلا نروح البيت الكل هناك حيكون موجود.
رنين: كيف يعني، لقو تغريد؟ هيا كويسا؟
مهند: ايوا الحمد لله، ما أدري ايش سار بالزبط، نروح هناك ونشوف ايش يقولو.
** ** ** ** **
الساعة 9:00 بالليل.. بيت أبو فارس
نزلت بتول من الدرج وهي لابسة عبايتها بعجلة، شافت أمها قبل لا تخرج من البيت وسألتها: حتروحي عند تغريد؟
بتول وهي تلف طرحتها: ايوا ماما، دوبي سمعت ايش سارلها من بابا، مرا حزنت عليها قلت خليني اشوفها.
أمها ما ردت عليها وطالعت في ساعتها بقلق واضح، فقالت بتول: ايش في؟ خايفة على فارس صح؟
أميرة بضيق: اكيد يا بنتي، راح الصبح وما جا لين دحين، وحتى جوالو مقفل.
بتول ما تبا تقولها انه خرج معصب حيل عشان لا تقلق أكثر: لا تخافي ان شاء الله ما فيلو شي.
أميرة وقلبها مو متطمن.. إحساس الأم: إن شاء الله!
بتول خرجت وراحت لبيت مشعل، كان قدامهم بالزبط.. ما يفصل بيناتهم غير شارع واحد، دخلت للفيلا بعد ما فتحت لها جود الباب سلمت عليها وسألتها: تغريد فوق؟
جود: ايوا فوق تبي تطلعي عندها؟
بتول: ايوا أكيد.
في الغرفة اللي فوق..
جالسه قدام التسريحة ببجامتها القطنية الزرقاء وتمشط شعرها المبلل بسرحان تام، بالها كله عند معتز، تفكر بكلامه الغريب، بزوجته.. وإنقاذه لها، حتى وقت ما كانوا بيخرجوا من المنتجع كانت عيونها تدور بين زواياه لعلها تلمحه، تنرفزت من نفسها وحطت المشط بعصبيه على التسريحة: وجع أنا ليش بفكر فيلو قد كدا.
لما أنهت كلامها تفاجأت بدخول بتول عليها، ابتسمت لا شعوريا وقالت بفرحه: بتول!
بتول مشيت عندها وضمتها: ايوا بتول يا عفنه، كيفك دحين، صح الكلام اللي سمعتو؟
تغريد تسوي نفسها غبيه: أي كلام؟
جود بضحكة: بس بلا هبل يا تغريد.
بتول: يقولوا في أحد كان حيخطفك! صح بالله دا الكلام؟
تغريد بتنهيدة: مع الأسف، بس يعني الحمد لله ربنا نجاني منهم.
بتول برأفه مسكت يدها: يا حياتي انتي، الله ينتقم منهم الحـيوانات
سمعت رنين تلفونها، طلعته من الشنطة وطالعت المتصل: دي ماما.. غريبة ايش تبا دوبي شفتها قبل ما أخرج.
جود: ردي عليها شوفي ايش تبا.
بتول ردت على أمها وصوتها كان غالب عليه الخوف ونبرة البكاء، أستغربت منها وسألتها ايش فيها، ملامحها بهتت بخوف لما سمعت كلامها وتغريد وجود انتبهوا لملامحها كيف تبدلت، قفلت السماعة وهي تنزل يدينها المرتجفة..
تكلمت تغريد بخوف عليها: بتول ايش فيه؟ ايش قالت مامتك؟
طالعت فيها وبنبرة مصدومة: قا.. قالت إنو فارس بالمستشفى!!!
جود شهقت: أما ايش سارلو؟
بتول بربكة: مــادري مادري..، وهي تحط جوالها بشنطتها وتبا تخرج من الغرفة: أنا رايحه عند ماما.. حنروح عندو!
قبل ما تخرج من الباب تغريد مسكتها وطالعت فيها برجاء، وخوف حاولت تخفيه: بليــز يا بتول طمنينا عليه لما توصلوا!
حركت رأسها بالإيجاب ومن ثم خرجت بعجلة.. وتغريد حطت يدها على صدرها بخوف
جود رفعت حاجبها على حالتها: اشبك؟ معقولة دا الخوف عليه؟ وبسخرية: لا تكوني حبيتيه دحين؟
تغريد قطبت حواجبها وبعصبيه تخفي توترها وكأن جود كشفتها: بس بلا هبل زايد، ايوا خفت عليه.. عادي ما فيها شي! الولد في المستشفى أفرح يعني؟
كانت راح تخرج بس جود مسكتها: يا بنت انتي تحبيه؟ طيب ليش تبيني العكس؟
تغريد سحبت يدها بغضب: مــا أحــب أحــد يــا جــود! ولا عــمــري حــحــب.. افهمي.
جود بصوت شبه مرتفع لـ تسمعها: الحب أحلى شي في دي الدنيا، الحب ما حيجيكي الا مرا وحده، ولما يجي لا ترفسيه، لأنك ازا رفستيه حتندمي طول عمرك وتتمنيه يجيكي تاني!
** ** ** ** **
مر أسبوع على الأحداث السابقة
فيصل صحى.. لكن ما أكتملت فرحتهم لما قالهم الطبيب بعد ما كشف عليه إن فيصل صار له "عجز" وقدرته على الإنجاب جدا ضعيفه، فيصل لما قالوا له انهار وعصب عليهم كلهم، ما رضى يشوف أحد بالذات رنيــن!!
ورنين قلبها يتقطع عليه.. ما يهمها شيء غيره ولا يهمها اللي حصله، مستعده تتخلى عن الكل مو بس عن الأطفال، أهم شي تكون بقربه، لأن حبها له أقوى من كل شي وأملها بالله كبير
………..
فارس دخل المستشفى بسبب دخوله في عراك مع عدة رجال وهو اللي خرج متضرر من ضربهم القاسي، لدرجة إنه صار ما يمشي إلا بـ عكاز، وحالته النفسية متدمره، والكل يظن بسبب العكاز اللي ما صار يفارقه.. ماهم عارفين باللي يحمله في قلبه أكبر من كذا
………..
تغريد عايشة في حالة تشتت، قرب موعد سفرها لـ تركيا، جزء متحمس ومندفع جدا للحياة اللي رسمتها في بالها هناك، وجزء ما يبا يبتعد عن جدة وناسها وبالذات أبوها
………..
عبد العزيز قبل ما ينام في كل ليلة يجلس يفكر بالصور اللي وقعت بيده.. محتار.. مرة يقول راح أعطيها لرنين.. خليها تعرف من أي نوع من الرجال حبت، وبعدين يقول أحسن لي ما أتدخل في حياة الناس، ربي رزقني بـ زوجة زي رزان لو لفيت الدنيا ما راح الاقي زيها.. ما ابا اخسرها
………..
مشعل من كم يوم رفع قضية على المنتجع ولسا ما أتحدد موعد للجلسة وهو حالف انه ما يخليهم بدون عقاب بسبب اهمالهم
يوم الأربعاء، قرب المغرب..
واقف قدام المراية الطويلة بثوبه وهو يزبط عقاله وغترته، اليوم رايح لـ أهل فرح، من بين انشغاله والمشاكل نساهم والحين فجأة تذكرهم فقرر يعزيهم اليوم، حتى لو متأخر.. على الأقل يسوي الواجب ويأخذ الأجر..
تغريد مرت من عنده واستغربت: بابا، فين رايح؟
مشعل: رايح مكة، في ناس أعرفهم بزورهم.. وشويا حيجي أبو ميس وياخد أولادو.
تعمد ما يقولها انهم أهل فرح.. للحين ما تعرف إنها ماتت
تغريد قطبت حواجبها: هوا في أحد تعرفو هناك غير أهل فرح؟
قالت كلامها بكل عفوية وابدا ما جاء في بالها إنه يروح لهم.. يعني ما يوجد أي سبب بنظرها
مشعل وهو يخفي توتره: ايوا أعرف ناس هناك واحد من أصحابي اليوم عازمني في بيتو.
تغريد انفكت عقدة حاجبها وابتسمت: طيب، تروح وترجع بالسلامة يا روحي.. بس أباك تجبلي شي من مكة.
مشعل بحنية: أتدللي يا قلبي.
تغريد بتفكير: أتزكر كدا قبل كم سنة، أخدنا عمرة أنا وانتا وكان في الضهر ومتنا من الحر، بعدين وقفنا واشترينا آيسكريم مرا لزيز كان قريب من الحرم..، حكت جبينها وهي تحاول تتذكر أسم المحل: بس والله مو متزكرة الاسم.
مشعل ابتسم: آيسكريم العاصمة.
تغريد نطت بحماس: ايـــوااا هوا دا، ايسكريم العاصمة! طالعت فيه وهي ترمش بدلع: مرا مشتهيتو، ونفسي آكلو، وزي ما تعرف انو هوا مافي الا في مكة وهوا مرا لزيز.
مشعل اتسعت ابتسامته: ابشري يا عيوني، بس حيدوب ترا.
تغريد بكل بساطة: عادي ندخلو في الفزيزر ولما يتجمد آكلو.. جبلي بنكهة المانجا والفنيليا وكدا من فوق عليها رشة فستق.
مشعل وهو يقرص خدها بخفة: من عيوني يا عيوني.
طالعت في وجه أبوها وملامحها تبدلت للحزن، ما تدري ليه حاسة بسوء والضيقة بقلبها، أما مشعل على طول انتبه لملامحها اللي تبدلت فخاف عليها، حط يده على خدها وبحنان: بنتي اشبك؟
تغريد ابتسمت رغم كل اللي بتحسه: ما فيا شي بابا.
مشعل: بس انا ملاحظ عليكِ دي اليومين منتي على بعضك.
تغريد تنهدت: يمكن عشان قرب موعد سفري.
مشعل طالع فيها: يعني بطلتي تسافري؟
تغريد نزلت راسها: لا مو كدا، بس قلبي مو مطاوعني أسيبك، أباك معايا، هوا صح أول شهر حتكون معايا عشان تشوف أموري وتتأكد من وضعي، بس في النهاية حترجع وحقعد لحالي من دونك.
مشعل حاوط وجهها ورفعه وهو يتكلم بجدية: روحي هناك يا بنتي وادرسي عشان ترفعي راسي.. خدي شهادتك وسيري قاضية عادلة، أو محامية تدافع عن حقوق المظلومين، زي ما كانت أمك الله يرحمها تبغاكِ!
تغريد وهي تضمه تكلمت بتأثر: عشانها وعشانك أنا حتحمل كل شي، لأني بنتكم الوحيدة وأملك الوحيد حروح وأرفع راسك يا بابا.
مشعل ابتسم بهدوء وهو يمسح على ظهرها وبداخله يدعي إن ربنا ما يحرمه منها ولا يشوف فيها أي سوء
دق جرس الفيلا وتغريد بعدت عنه: شكلو دا أبو ميس.
مشعل: شكلو كدا.
كلها ثواني وشافوا ميس وعبد الله ينزلوا الدرج: بابا جا.
مشعل: ايوا، يلا روحولو.
بعد ما خرجوا، تغريد راحت للصالة اللي كانوا فيها الكل، جود ورنين وسعاد، وحتى هدى جابها عبد العزيز صباح اليوم بما إنها لحالها فقرر يجيبها هنا
سعاد كانت تتكلم بالجوال: ايوا ودحين هوا كيف؟ ايش قالو الدكاترة عن رجولو؟ تنهدت بحسرة وهي تسمع كلامها: لا حول ولا قوة إلا بالله طول عمرو حيكون كدا يعني؟ مافي أمل أبدا؟ صبري نفسك يا أميرة وخليكِ قوية عشان ولدك.
تغريد جلست على الكنبة جنب جود وقلبها وجعها من كلامها عارفة انها بتتكلم عن فارس
جود بهمس لتغريد: جالسة تكلم أم فارس.
تغريد بعدم اهتمام: أها طيب.
جود بخبث: ما حتسألي كيف حال فارس؟
تغرد ببرود ظاهري: تؤ لأنو ما يهمني.
جود: أهااا طيب صدقتك.. بس أحب أقلك إنو عيونك تفضحك.
تغريد هنا عصبت طول هالأسبوع تجلس تدقها بالكلام ومتحملتها: خـــلاص يـــا جـــود، أفـــهــمـــي مـــن مـــرا وحـــدة وي! مـــا يــهــمــنــي يــعــنــي مــا يــهــمــنــي!
انهت كلامها، خرجت من الصالة وطلعت لغرفتها
طالعوا فيها باستغراب ورنين سألت جود: ايش قلتيلها حتى عصبت؟
جود تسوي نفسها بريئة: ما أدري عنها، سارت عصبيه.
** ** ** ** **
مكة المكرمة..
نزل من الدرج رجل في نهاية الأربعينات لما سمع صوت الجرس يدق، لابس ثوبه ومبهذل، واضح على ملامحه الإرهاق بس ضاغط على نفسه، اللي عاشوه آخر فترة كان جدا صعب على عائلته، وعلى أمه الكبيرة بالسن بالذات، فتح الباب لـ مشعل ودخله للمجلس.. ما تفاجأ من قدومه، أعطاه خبر انه راح يجي وهو ما رفض
جلس قبال مشعل بعد ما قدم له القهوة والتمر، مشعل تكلم بهدوء بعد ما حط فنجانه على الطاولة: كيف حال الوالدة؟ إن شاء الله بخير.
رفع عيونه له وتكلم بحزن مكتوم: بعد ما ماتت المرحومة تعبت شويا، بس الحمد لله على كل حال.
مشعل بنفس هدوءه: الله يرحمها ويجعل مثواها الجنة.
وهو يطلق تنهيدة متعبة: آمــــين يـا…
ما قدر يكمل جملته إلا ويسمعوا صوتها وهي تصرخ ببكاء: آهـــ يــا بــنــتــي لــيــش تــســـيـــبـــي أمـــك لـــحـــالـــهـــا..، وصوت صراخها يعلى: ليش كدا تسوي فيا ليش تروحي وتسيبيني.
قام من الكنبة بخوف وهو يقول لـ مشعل: أعذرني يا مشعل بروح أشوف ايش في.
مشعل وهو يحاول يخفي ملامح الحزن: خد راحتك يا غسان.
خرج من المجلس بسرعه وشاف أمه جالسه في الدرج منهارة تمامًا.. تصرخ باسم فرح، وأخته الصغيرة تحاول تقومها وتهديها، طلع الدرج بخطوات واسعه وصار يساعدها على الوقوف، طالع في أخته والخوف يعتري قلبه.. يخاف يفقدها: اشبها؟ ايش سارلها.
أخته والدموع بعيونها: ما أدري دخلت الحمام ولما خرجت لقيتها كدا.
غسان: طيب انتي خلاص أطلعي فوق وأنا أشوفها.
أخته بخوف: بس…
قاطعها بابتسامة باهته مغصوبه: يلا حبيبتي، أطلعي الله يرضى عليكِ.
طالعت فيه بقلة حيلة: طيب.
غسان أنحنى لأمه وهي تعلقت فيه مثل الأطفال.. تبكي بحرقة على فقد بنتها، يحس بأنه شوي وينهار معاها بأي لحظة.. قعد فترة وهو حاضنها ويقرأ عليها الآيات القرآنية حتى هديت
في نفس الوقت خرج مشعل وهو خافض نظره ومن ثم تنحنح: أعذرني يا غسان باين إني جيتكم في وقت غلط.
الأم من لما سمعت صوته بعدت عن حضن ولدها وطالعت في مشعل بعيونها الدامعة، قامت وصارت تنزل الدرج بخطوات مرتجفة وهي متمسكة بالدرابزين، ومن ثم نطقت بكل ضعف: انــتــا جـ..ـوز بــنـ..ــتـــي فـ..ــرح؟؟!!
غسان لحقها ومسكها: يا أمي فين رايحة دا طليقها وجاي يعزي.
الأم ابتسمت ومالت براسها، كلامها موجه لغسان بس عيونها على مشعل: يعني دا مشعل صح؟ انتا مشعل صح؟ وبنتك تغريد..، لمعت عيونها بحب: فرح والله مرا كانت تحبها، وكمان قبل لا تنتحر كانت بس تجيبلي سيرتها!
مشعل أنصعق لما سمع كلمة "تنتحر" طالع في غسان يبا يتأكد من اللي سمعه ولقاه منزل رأسه، بلع ريقه وحس بالعبرة تخنقه.. هذي أسوء كلمة ممكن يسمعها في حياته، تذكرة بالطريقة اللي ماتت فيها حبيبة عمره
مشعل نطق بثقل: صـ.ـح كـلامـهـا يـ..ـا غــســان؟
** ** ** ** **
جدة..
دخلت جود للغرفة واستغربت عدم وجود تغريد فيها، ارتخت ملامحها لما شافتها بالبلاكونه، مشيت لها وفتحت الباب وخرجت عندها وهي تقول: تغريد اشبك قاعدة هنا؟ مرا رطــوبـة كيف مستحملة دا الجو.
تغريد بنبرة هادية.. شاردة، وعيونها مثبتة على الفيلا اللي قدامها: عادي.
جود بدهاء استوعبت حالة تغريد، زفرت بقلة حيله على حالتها وقربت منها وهي تحط يدها على كتفها بحنية: تــحــبــيــه يــا تـــغـــريـــد؟
طالعت فيها وعيونها مليانه دموع، نطقت بضعف وباحت بمشاعر حاولت تخبيها لـ سنين: إيــ..ــوا، أحـ..ــبـ..ــو!!
جود بذهول: تـــغـــريــــد!! انتي ما تمزحي صح!
حركت رأسها بالنفي وهي تمسح دموعها اللي كل مالها بتزيد: مــ..ــا أمـ..ــزح!
جود مسكت كتوفها، دارتها لها وبنفس حالتها المذهولة: طيب ليش تعذبي نفسك والولد كدا؟ هوا يحبك ومجنون فيكِ، وانتي تحبيه! ايش في؟ أكيد في حاجة ما أعرفها!!
تغريد تبكي بوجع: ما أبا أتكلم في دا الموضوع يا جود الله يخليكِ، لا أوجع قلبي زيادة.. كفاية اللي فيا.
جود مسكتها وخلتها تجلس على الكرسي وجلست بالكرسي اللي جنبها وبإصرار: أجلسي يا تغريد، ما حتحرك مكان إلا لما تحكيني كل شي.
تغريد غطت عيونها بيدها وما زالت تبكي وما ردت عليها
جود شكلها كسر خاطرها حيل.. حست إنها مخبية أشياء كثيرة بقلبها وما لقت اللي يسمعها، تكلمت بحنية: تغريد، بليز لا تبكي، أنا آسفه ما كان قصدي، بس من جد أحس مخي مو مستوعب شي.
مسحت دموعها، أخذت نفس عميق وصارت تحاول تهدي نفسها
جود طالعت فيها بصمت، تنتظرها لين ما تهدى وتستجمع نفسها
تغريد تكلمت بعد فترة وهي تطالع في أظافرها: اللي في قلبي لفارس عمرو ما حينمحى، أحبو منجد وما أستحمل لو سارلو شي، هوا أطيب شخص شفتو في حياتي وما حلاقي شخص يحبني زيو، في كل مرا أجرحو فيها جالسة أجرح نفسي، صدقيني ما أكون مبسوطة لما أكسر قلبو، أحاول أخفي حبي.. ولهفتي.. وخوفي لما اسمع اسمو، حاربت نفسي كتير يا جود، ودا أكتر شي كان متعبني، ما كان سهل!
جود: طيب كل دا وليش دي الدراما يا تغريد؟ مو هوا خطبك؟ ليش ما وافقتي وخلاص.. بدل دا العذاب اللي بتعيشوه؟
تغريد بتعب: حاجة أحتفظ بيها لنفسي، وما أقدر أقولها لأي أحد يا جود، لو كانت سهلة على اللسان كان قلتها وريحت نفسي، وكل اللي اقدر أقولو انو الحب ما يكفي، الفروقات اللي بيننا ما تسمح لحبنا يكتمل أبدا، ورفضي لو حيكون في مصلحتو!
جود: ايوا أقنعي نفسك بأعذارك الغبية، تراها ما حتفيدك، بكرة النهار تشوفيه متزوج ومكمل حياتو وجايب بزورة من وحدة غيرك وانتوا تحبو بعض…
تغريد أنحرق قلبها من كلامها، أخذت نفس عميق وبحدة: جـــــود أســــكـــتـــي!
جود كملت وهي تبا تضغط عليها: أساسا مرتو المستقبلية تحزن.. حترتبط بواحد قلبو مع تانيه، مرا حتتعزب بسببك يا تغريد، وأولادهم لما يشوفوا أمهم وأبوهم كدا نفسيتهم حتكون تعبانة، يا ربي بس أتخيلت قلبي عورني، وانتي قلبك ما يعورك؟
تغريد وقفت بغضب ومن ثم تكلمت بحرقة ودموعها رجعت: اصلا انتي ايش دراكِ باللي في قلبي، وأي وجع أنا بحس! أنا لما بسوي دا الشي عشان فارس.. عمري ما فكرت بنفسي، أنا مو أنانية يا جود، مو أنانية، كل همي فارس!..
أنهت كلامها ودخلت للغرفة وهي تبكي..
تحت بالصالة
كانت رامية نفسها على الكنبة وتسمع لكلام أمها وهدى، سمعت صوت تنبيه من جوالها، مسكته وبعد شوي شهقت وعدلت نفسها
طالعوا فيها باستغراب وتكلمت سعاد: ايش في يا بنتي؟
رنين بتوتر وهي تحرك شعرها: فيصل يقول شويا ويجي.
سعاد: وي، اشبو ما أداكِ خبر!
رنين قامت: خلاص ماما كويس انو حيجي أصلا، سارلو فترة كدا ما يكلمني.
سعاد وكلامها أبدا ما عجبها، يعاملها وكأنه لها ذنب في اللي صار له: طيب طيب لما يجي روحي دخليه في الصالون.
هدى تكلمت بعد ما رنين خرجت: اشبو الولد؟ زعلان منها؟
سعاد: مو زعلان، بس نفسيتو تعبانة.. ما ينلام والله، الدكاترة قالولو ما يقدر يجيب بزورة، بس بنتي ايش ذنبها يعاملها كدا، يحمد ربو ما فسخت الخطوبة.
هدى وهي تخفف عنها: أكيد هيا تحبو وما تقدر تسيبو يا سعاد، خليها تختار حياتها.
سعاد: طيب أنا ما قلت شي الله يسعدهم، بس ترا لو وحدة غيرها كانت ما أهتمت للحب ولا شي، وبالذات رنين ترا تحب النواني..، وهي تغير الموضوع: وانتي كيف رزان معاكِ.. طيبة؟
هدى ابتسمت بحب: ايوة والله ما في اطيب منها، الله يحفظها ويخليها لولدي، الحمد لله عبد العزيز مرتاح معاها مره، بس أمنيتي اشوف حفيد منهم.
سعاد بمزح: ها تبيه يكون أبيضاني زي ولدك ولا أسمر زي رزان؟
هدى بابتسامة: أي شي يا سعاد، الأهم يكون بصحة وسلامة.
سعاد: متى حتروحي؟
هدى: والله عزوز قالي كدا على الساعة 8 بالزبط.
سعاد: اها يعني لسا باقي.
بعد شوي
دق جرس الفيلا ورنين فتحت له الباب، دخل وهو يستند على عكازته.. ما يقدر يمشي بدونها بسبب الكسر اللي برجوله
رنين ضمته بشوق وهمست: وحشتني.
أما هو بلا مشاعر، ما تحركت شعره من جسمه.. وجهه جامد، كل اللي سواه بعدها عنه بهدوء متجاهل كلمتها: لازم نتكلم.
تضايقت من حركته بس ما بينت، حبها له مخليها تعذره بكل حركة يسويها، غصبت ابتسامتها وقالت: طيب تعال الصالون.
** ** ** ** **
مكة المكرمة
غسان طلع أمه للغرفة بعد ما هديت، نزل من الدرج ولقى مشعل واقف بنفس مكانه، قطب حواجبه وتكلم بعصبية: انــتــاا مــا رحــت لــيـــن دحــيـــن!!
مشعل طالع فيه وبإصرار: أنا ما حروح لين ما أعرف التفاصيل يا غسان.
مسكة من ياقة ثوبه وجره وصرخ: بــصــفـــتـــك مـــيـــن؟ قــلــي بــصفــتــك مين عــشــان تــعــرف كــيـــف اخـــتـــي مـــاتــت؟
مشعل بكل هدوء: بصفتي واحد حاسس فيك..، مسك يده ونزلها: غسان.. حتى أنا أم تغريد ماتت وهيا منتحرة، كدا سابتني وسابت تغريد لحالنا نتوجع من غيابها لين دحين، أتمنى انك تتفهمني وتحكيني.
غسان تجمعت الدموع بعيونه وهو يتذكر منظر فرح الغرقانة بدمائها، أخذ نفس عميـق وسحب يده وهو ينطق بحده: أخرج من هنا يا مشعل!
مشعل: فرح.. جاتني قبل ما تموت!
غسان بصدمة: ايــــش؟!!
مشعل: جاتني في المستشفى وكانت حالتها مو طبيعية.. تعبانة وخايفة، اتكلمت في موضوع خوفني وفجعتني.
رجعت الدموع بعيونه وحس بتوازنه يختل فتمسك بالدرابزين وهو منزل رأسه وحاط يده على قلبه، مشعل خاف عليه ومسكه: غسان اشبك؟
رفع يده لعيونه يمسح دموعه قبل لا تنزل وبصوت مرتجف: فــ..ــرح مـ.ــا أنــتـ..ـحــرت، مـ..ــا تــســويــهــا فــيـ..ـنــا، مــا تــســو..يــهــا!..
مشعل وهو يطبطب على ظهره: تعال للمجلس وحكيني كل شي، يمكن أقدر أساعدك، وحسوي كل اللي أقدر عليه.
بعد شوي..
غسان: قبل كم سنة قدمت على وظايف وما جاتها إلا في المدينة، ما كنا راضيين في البداية، ايش يخليها تروح لهناك واحنا من مكة طبعا معروفة المسافة بعيدة أربع ساعات بيننا وبينهم، يعني لازم تعيش هناك، زي ما تعرف قبل أمي تحب فرح وما ترضى شي يزعلها فقالت حتروح هناك يعني حتروح وما حترضى علينا اذا رفضنا، وطبعا انجبرنا نوافق عشان رضى أمي.
مشعل طالع فيه باهتمام انقطعت أخبارها عنه من لما طلقها وأول مرة يعرف ان شغلها بالمدينة المنورة: ايوا وبعدين؟
غسان: وبدت شغل هناك، استأجرت لها شقة هناك وجابت سواق خاص ليها وكل ويكيند تجي عندنا بالطيارة وترجع بالطيارة وكل بعد فترة نروح كلنا هناك عندها عشان نتطمن عليها، أستمرت لدا الحال لكم سنة وهيا مرتاحه في شغلها، لين ما بدات آخر فترة تتغير وتسير حالتها مو طبيعية على قولك وما كان على لسانها الا تغريد وتغريد.
مشعل وهو يقطب حواجبه: متى دا الكلام؟
غسان بتفكير: أممم تقريبا في اجازة الصيف!
مشعل سكت فترة وبعدها تكلم: طيب كمل..
غسان: قبل ما تموت بأسبوع كان ويكيند كلمت أمي وقالت لازم أوصل لمشعل، وأنبهو عشان ينتبه على بنتو، قالت دا الكلام وسابت أمي وخرجت مع سواقها بدون ما تقولها فين هيا رايحه، وبعد كدا ما جاتنا، نتصل عليها ما ترد نتصل على السواق ما يرد أتجننت وأمي كانت حتموت من خوفها، قلت بحجز بالطيارة للمدينة ما لقيت حجز في داك اليوم، ما قدرت أجلس كدا وأخدت سيارتي وطلعت المدينة رحت شقتها ومعايا نسخه من مفاتيحها، دقيت الباب ما ترد وفتحت الباب ودورت عليها وناديتها ما لقيتها.. بعدين آخر شي رحت للمطبخ..، كمل وملامحه ونبرته تتحول للوجع: لقيتها مرمية بالأرض غرقانه بدمها والمسدس بيدها، أتصلت على السعاف بس اتأخرت..، وهو يزفر بحرقة وألم: اتأخرت مرا، قيدها ماتت من قبل ما أجي!
مشعل بصدمة ما قدر يخفيها: طيب دام في مسدس أكيد أحد قتلها، مو معقولة انتحار!
غسان: مع الأسف قلت دا الكلام وحاولت بس ما كان في أي دليل يثبت كلامي، فخلوا القضية قضية انتحار!
** ** ** ** **
جدة.. الساعة 8:00
وقف سيارته قدام الفيلا وخرج منها داخل لحوش البيت، دق جواله وكان المتصل رزان فرد عليها: ايوا يا قلبي …….. خلاص دحين انا جاي بس آخد أمي …….. يسلّملي يدك يا شيخة ……… يلا سلام.
وقف عند باب الفيلا وكان بيدق الجرس بس انفتح الباب وكان قدامه فيصل، كان شكله معصب ويتنفس بسرعه، تكلم بهدوء: السلام عليكم.
فيصل دفعه حتى ابتعد عنه ومشى بـ عكازه وهو يحاول يسرع بخطواته
عبد العزيز أستغرب من حاله بس ما أهتم كثير، بس اللي شد انتباهه لما رنين خرجت وراه ولحقته بدون ما تنتبه له
رنين مسكت ذراع فيصل وعيونها تطالع في عيونه بقوة: مـــو بــكـــيــفــك يــا فــيــصــل، مــا حخليك تسيبني وبعد دا الوقت، مــا اسمحلك.
فيصل تنفس بقهر وهو يبعدها عنه: مــا أثــق فــيــكِ، مــا أتــخــيــلــك زوجــتـــي!
رنين صرخت بقهر وهي تدفعه من صدره كم مره: كيف تقول كدا بعد كل اللي سار بيننا، بعد ما سلمت نفسي ليك ووثقت فيك كيف تسويها فيا يا فيصل.
عصب أكثر من كلامها، نسى نفسه ونسى وجود عبد العزيز، رفع يده وصفع وجهها
حطت يدها على خدها وطالعت فيه وهي ترمش بعدم تصديق
فيصل وصدره يطلع وينزل من شدة أنفاسه: وعشان سلمتي نفسك ليا ما أقدر أثق فيكِ!
أنهى كلامه وبعدها لف بظهره ومشى
أما عبد العزيز، مصدوم مره، ومعصب، قبل ما يكون يحب رنين.. ما يرضى يشوف إمرأة تنضرب قدامه وتنهان بهذا الشكل، مشى بخطوات واسعه وغاضبه متوجه لفيصل حتى تعدى رنين اللي كانت واقفة بمحلها ولساتها مصدومه، مسك فيصل ولفه ولما جاء يبا يضربه صوتها وقفه
رنين تكلمت بفجعه لما شافته، ما توقته يكون هنا: عــبــد الــعــزيــز ســـيــبــو!
عبد العزيز طالع فيها وعيونه تلمع بحقد: خليني أكسر اليد اللي أتمد عليكِ يا رنين، عشان تاني مرا ما يفكر يسويها.
رنين تقدمت لهم وقالت بشموخ: حيندم على اللي سواه، بس الإستعجال مو كويس!
عبد العزيز طالع في فيصل بابتسامه مخيفة وهو يدفعه كأنه حشره عنده: اشكرها لأنها هيا اللي خلصتك من يدي، بس جرب تضرها مرا تانية صدقني ما حتتنفس تاني.
رنين دوبها تستوعب انها واقفه بدون حجابها قدامه، أخذت نفس عميق لتهدي الحرقة اللي بقلبها، أعطتهم ظهرها وهي تتوجه للداخل، وبراسها ألف فكرة وفكرة.. مرت من الصالة وسمعت صوت أمها وهي تسألها: فيصل راح؟
وقفت عند الدرج.. وجاوبتها بدون ما تلف عشان لا تشوف احمرار خدها: ايوا راح.. كمان عبد العزيز جا..، كملت بسخرية: وسلموا على بعض.
** ** ** ** **
مكة المكرمة
مشعل حط يده على كتف غسان وشد عليه: يا رجال لو تباني أشهد وأقول عن حالة فرح وكلامها ما حتكون عندي أي مشكلة.
غسان بهدوء: ما أبا أورطك في دا الشي يا مشعل، وغير كدا مهما أتكلمت ما حيسمعوني، صدقني ورا دا الشي واحد لو شأن ويحركهم زي اللعبة بكلمة منو..، كمل وهو يمرر يده على صدره وعيونه تلمع بحقد: بس أنا ما حسيبهم، والله لأكشفهم، ما حخلي دم أختي على الأرض ولو كان على موتي!
مشعل بجدية: وأنا حكون معاك.. حساعدك وقت ما تحتاجني!
غسان: شكرا يا مشعل ما قصرت.. جيتك هنا كفاية، يلا مع السلامة.
مشعل: مع السلامة..
** ** ** ** **
جدة
متمدده على بطنها في السرير وهي تفكر بكلام جود عن فارس، زفرت بتعب وجلست على طرف السرير، تمردت دمعه على خدها وسرعان ما مسحتها، جالسة تمر بحالة صعبة جدا، حرب بين عقلها وقلبها، بين إنها تروح لفارس وتعترف بحبها، أو إنها تسكت وتكمل اللي بدته: جود أكلمو؟
جود طالعت فيها باستغراب: مين؟ فارس؟ شافتها تحرك رأسها بالإيجاب وهي كملت: وكيف ان شاء الله حتكلميه؟
تغريد وهي تميل راسها: أروح لبيتهم.. أقدر أدبر نفسي وأشوفو.
جود: أقول أهجدي بلا جنان زايد، دوبك عرفتي إنك تحبيه؟
تغريد ودموعها بعيونها: جود لا تسوي زي كدا، والله لو تعرفي ايش في حتعذريني.
جود وهي تصطنع اللامبالاة: خلاص بكيفك.. دامني ما أعرف ما حعذرك.
تغريد وقلبها صار يوجعها: يعني من كلامك أفهم إنو حتى لو قلت لفارس اني أحبو ما حيعذرني، دام اني ما قلت السبب؟
جود: بالزبط.
تغريد سكتت لفترة طويلة وبعدها فجأة قامت: أنا رايحة.
جود مسكتها: يا هو فين منجدك رايحتلو؟ يمكن يكون كارهك بعد ما قلتي انك تحبي أمير، يمكن ما يبا يشوفك ولو شافك حيقول كلام يزعلك ويجرحك يا تغريد
تغريد ابتسمت وعيونها تلمع بالدموع: عادي خليه يكرهني، ياما وجعتلو قلبو، ما فيها شي لو دي المرا وجعلي قلبي!
جود بخوف: لا لا يا تغريد لا تتهوري، بابتك أكد عليكِ انك ما تخرجي لحالك، أجليها لبعدين.
تغريد: لا تخافي عليا، بيتهم قدامنا ما حيسيرلي شي إن شاء الله.
جود استسلمت: طيب براحتك، وانا عشان أريح ضميري حراقبك لين ما تخشي عندهم.
تغريد: طيب بس ما حروح دحين كدا لما يكون البيت نايم وقبل ما يرجع بابا.
جود وهي مره مو متطمنه: طيب.
** ** ** ** **
مكة المكرمة..
وقف سيارته قدام احدى المحلات.. خرج منها ودخل محل الآيسكريم.. ومن حسن حظه كان فاضي، وقف عند البائع اللي سأله: أي نكهة تبغا يا أخويا؟
مشعل: فانيلا ومنجا.
البائع بابتسامة: ايوا دا طلب أهل مكة المعتاد، ما تباني أحطلك غيرو؟
مشعل بحب: لأ، بنتي تحب دي النكهة، وبالله عليك حطو كدا في علبة كبيرة.
البائع: الله يحفظها ليك.
مشعل أبتسم، أكثر دعاء يقوله.. و أكثر دعاء يحب يسمعه من الناس: آميــن وكمان حطلو شوية فستق.
البائع: أبشر.
حاسبه على الأيسكريم وأخذها: شكرا.
مشى للباب عشان يخرج ودق جواله، خرجه من جيبه وكان المتصل تغريد فرد عليها: ايوا حبيبتي.. خلاص أنا شويا وحمسك الخط …….. ايوا أشتريتلك يا قلبي معقولة أنسى؟ يلا أنتبي على نفسك ……. أشوفك لما أجي.
أنفلت من يده الكيس اللي بداخله الايسكريم وطاح على الأرض، حس بقلبه ينقبض فقطب حواجبه بقوة وإحساس جدا غريب سرى بجسده، تعوذ من أبليس وشال الكيس ودخل سيارته
** ** ** ** **
جدة..
طالعت فيه وهو معطيها ظهره ونايم.. آخر فترة حسته متغير شوي، وكأن فيه موضوع شاغله، كلما تحاول تعرف ايش به يغير الموضوع.. حاله مو عاجبها ابدا، قامت من السرير وراحت لجهته، أخذت جواله من الكمدينة وحاولت تفتحه بس حتى جواله غير رقمه السري وقبل كانت تعرفه.. أكيد مخبي شي عنها
مسكت يده وأخذت اصباع اصباع تحاول تفتح جواله ببصماته، بس ما فتح، زفرت بعدم صبر وسحبت يده الثانية، جربت ابهامه وعلى طول فتح، حمدت ربها ان نومه جدا ثقيل وتقدر تاخذ راحتها، مسكت الجوال بيدينها المرتجفة، قلبها يدق بسرعه.. خايفه من أنها تلاقي شي مو كويس
دخلت على الواتساب ودخلت في آخر محادثة أتكلم فيها وقريت اللي كاتبه
"حسام.. أرسل الصور لـ رنين"
"متأكد من اللي تباني أسويه يا عزيز"
"ايوا متأكد مليون مرا، الكلب شفتو اليوم يضربها، والله ما أسيبو، كنت أقول لنفسي لا أتدخل في حياة البنت دامني أتزوجت، ما أقدر أستحمل.. خليها تعرف فيصل على حقيقتو"
"طيب ومرتك؟ ايش وضعك معاها دحين، لازم تحدد يا عزيز.. لساتك تحب رنين وتحاول تخليها تكره خطيبها، ما يسير زي كدا"
"لا تتدخل في حياتي، يكفي انك تسوي اللي أباه!”
"طيب"
رفعت رأسها وهي تطالع في عبد العزيز بعيون دامعه ويدها ترتجف أكثر، مفجوعه من الكلام المكتوب، مو مصدقة اللي قرأته، جاها فضول فضيع لتعرف ايش هي الصور فراحت للميديا وما لقت غير كم صورة فضغطت عليها، حطت يدها على فمها بصدمه لما شافت فيصل بأوضاع مخلة جدًا وحوله كم بنت، لفت للصور الثانية وكانت كل صورة مخلة أكثر من اللي قبلها!..
رجعت للمحادثة وكملتها
صاحبه كتب بعد ساعه
"خلاص أرسلت الصور، أتمنى انو ما تخرب على البنت، ما في أحد يستحق كدا"
"من حقها تعرف، لا تكون على عماها، تستاهل واحد أحسن منو بكتير، بس حاب أقولك، حتى لو إني أحب رنين.. وأني أتزوجت عشان أنساها، بس أنا ما أقدر أفرط بزوجتي، حط دا الشي في بالك"
حطت الجوال في مكانه بعد ما خرجت من الواتس وقفلته، رجعت لمكانها وهي تجر رجولها جر، تحس بثقل برجولها وحمل كبير بقلبها، جلست على السرير وتمددت على جنبها ودموعها صارت تنزل بهدوء من طرف عينها
** ** ** ** **
جود طالعت في رنين اللي كانت نايمة ومن ثم رجعت نظرها لتغريد وبهمس: تغريد ورب الكعبة أنا خايفة عليكِ، كدا قلبي مو متطمن.
تغريد ابتسمت وهي تمسك يدها لتهديها: لا تخافي يا جود اشبك، كل اللي بيننا وبين بيتهم كم خطوة وي!
جود: حصني نفسك لا تنسي.
تغريد: طيب.
خرجت من الغرفة وهي خلاص لابسه عبايتها ومتجهزة، نزلت الدرج وراحت لين الباب، فتحته وخرجت وهي تقفله بكل حذر، مشيت للفيلا المقابلة وكانت راح تدق الجرس اللي يفتح البوابة الكبيرة للفيلا بس الحارس شافها وقالها: مدام تغريد؟
تغريد: ايوا أنا، تقدر تفتحلي الباب؟
الحارس: أكيد ما في مشكلة.
فتح الباب وهي دخلت وصارت تمشي بالحوش، نزلت عيونها للأرض وهي تفكر، كيف راح تبدأ بكلامها معاه، ايش راح تقوله؟ كيف راح تبرر تصرفاتها القاسية وصدها له!
بداخل الفيلا
وليد كان يشرب الشاهي ومنصت لأميرة اللي كانت تتكلم وقلبها محروق على ولدها: الله يحرق قلوبهم زي ما حرقوا قلبي في فارس يا وليد، والله ما سار ولدي اللي اعرفو طول الوقت في غرفتو، مكتئب وحزين والله مو دا ولدي.
وليد بهدوء عكس الحريقة اللي جواته صحيح هو شديد وصارم مع فارس لكنه يحبه وهو ولده الوحيد: كلهم حياخدوا جزاهم وأكتر ما حسيبهم، ما حرتاح إلا بعد ما أمرمطهم في المحاكم وأعفنهم في السجون يا أميـرة، دامني مسكتهم ما في شي يمنعني من إني آخد حق ولدي منهم.
أنتبهوا له وهو ينزل من الدرج فأشر وليد لأميرة إنهم ما يفتحوا هالموضوع قدامه، وبعدها كلمه: فارس فين رايح؟
فارس بهدوء بدون ما يطالع فيهم: خارج برا، حاس نفسي مخنوق.
أميرة: طيب انتبي على نفسك.
ما رد عليها، خرج للحوش وتفاجأ بوجودها: تــغــريـــد!!
رفعت رأسها بعد ما ميزت صوته ودقات قلبها تسارعت: فـــــارس..
فارس شكله شكل واحد مفجوع من جيتها: انتي ايش جابك هنا؟
تغريد طالعت فيه وعيونها تلمع بحب، شعور حلو بتحس فيه، احساس كانت تحاربه من أول، والحين قررت تطلق العنان لمشاعرها وحبها: جـاية عشانك فارس.
فارس لساته بحالته المفجوعه، فيها شي متغير، لمعة عيونها.. نبرة صوتها.. كلامها، حس عل نفسه وقطب حواجبه سائلها باقتضاب: ايش تبي؟
تغريد قربت منه كم خطوه وعيونها بعيونه: فارس تعرف اني ما أحب أمير؟ أصلا مستحيل أفكر بواحد زيو، يعني مستحيل أحب واحد متخلف زي أمير، ولا قد فكرت فيه من دي الناحية..، كملت بصوت ساحر وابتسامة ساحرة: فارس أنا أحبك انتا، ومستحيل أفكر بغيرك.
فارس طالع فيها بذهول: انتي.. انتي ايش جالسه تقولي!
تغريد مالت برأسها وهي تضم يدينها لصدرها وبنفس نبرة صوتها: زي ما سمعت يا فارس..، حست بالخجل وهي تنطقها للمرة الثانية: أحبك انتا مو أمير، وأرفض كل الرجال عشانك مو عشانو هوا.
قطب حواجبه وكأن اللي سمعه ما عجبه وشد على قبضة يده، لف وجهه وهو يرجع شعره على ورا بقوة ومن ثم طالعها بألم: ليش دوبك تقوليها يا تغريد؟ شفقانه عليا؟ على رجولي اللي ما أقدر امشي بيها كويس؟
تغريد باندفاع: لا لا يا فارس..، وعيونها بدت تدمع: صدقني أحبك من زمان ويمكن من قبل ما تقولي هيا وأنا أحبك..، وصوتها بدا يميل للبكاء: صدقني عشانك سويت كدا.
فارس ضحك بقهر: عشاني؟ طيب قوليلي اللي سويتيه عشاني فادني ولا ضرني؟ حالتي اللي وصلتها بسببك دحين عاجبتك؟
تغريد همست بعدم استيعاب وهي تأشر على نفسها: بسببي؟
فارس بنبرة حاده: ايوا بسببك.
تغريد بصوت مخنوق: آسفه يا فارس.. بس كنت أحسب حبنا ما يكفي، كنت…
فارس قاطعها بعصبيه: كنت كل اللي أباه اني أسمع من البنت اللي حبيتها كلمة تحسسني على الاقل إني انسان مهم في حياتها، بس انتي حتى نظرة ما كنتي تديني.. كلمة تخليني أرتاح في الليل وأنام كويس، بدون ألم يوجع قلبي لما أتزكر اللي كان بيناتنا يا تغريد، وانتي دحين أتأخرتي مرا أتأخرتي!
تغريد ودموعها صارت تنزل بحرقة: مين قال اني انام مرتاحة يا فارس؟ وهي تحرك رأسها بالنفي: ما أرتحت، عمري ما أرتحت يا فارس وأنا أتذكر كيف أرفضك، كل يوم أنام وأنا أبكي، أبكي لاني اجرحك، ابكي لأني بقولك عكس اللي بقلبي دايما، في الوقت اللي أنا أعشقك فيه انغصب اني ابين لك العكس، صعب عليا اني أدفن حبك في قلبي..، كملت وهي تشهق ببكاء: بـ..ـس انــ..ــا مــجـ..ـبــورة، مــجــبـ..ـورة!..
طالع فيها وهي تغطي وجهها وتبكي بصوتها، كلامها يرن بأذانيه ويعور قلبه، ما يعرف يبكي أو يفرح من كلامها، أخذ نفس عميق وبعد يدينها عن وجهها وتكلم بهدوء: ليش انتي مجبورة يا تغريد؟ ايش الشي اللي فيكي ممكن يخليني أكرهك وأفكر بيكي بطريقة تانية!
تغريد سحبت يدينها بتوتر من سؤاله واخفضت نظرها: مـ..ــا أقـــدر أقــ.ـول!..
فارس بنفس هدوئه: طيب اهلي يعرفوا؟ وهما كمان ما يبغوكِ لدا السبب؟ وانتي تخافي افكر بيكِ بنفس الطريقة؟
طالعت فيه وهي تمسح دموعها، حركت رأسها بالإيجاب وبصوت مبحوح: ايــوا!..
فارس وهو يطالع في عيونها ودقات قلبه بتزيـد مع كل كلمة ينطقها: لو قلتلك.. خلينا نشرد من هنا.. ونخلي لهم أفكارهم وعاداتهم الغبية.. تجي معايا؟
تغريد بنظرة خوف: فارس انتا ايش تقول؟
فارس بجدية: اللي سمعتيه يا تغريد.. خلينا نشرد، لو رفضتي ممكن مستحيل نجتمع تاني أنا وانتي، ابويا مصر يخليني اتزوج بنت عمتي، وانا ما أبغا غيرك، ويا خوفي عمي مشعل يصر عليكِ في يوم من الأيام انك تتزوجي غيري.
تغريد وعيونها بدت تدمع: فــ.ــارس، ما أقـدر اسـويها في بابا، ما أقـدر أكسرو عشان سعادتي، ماني أنانية لدي الدرجة!
فارس بسرعه: أمير.. دا نيتو مو كويسه ليكِ، هوا اللي أمر الرجال يخطفوكِ ديك المرا.. ودحين مهددني والحالة اللي أنا فيها بسببو، كلو عشان ما رضيت أضرك!
تغريد شهقت: ايش؟ ليش بيسوي كدا؟
فارس: ما أعرف ايش نيتو بالزبط، بس انتي..، وهو يمد يده لها: أمسكي يدي وخلينا نشرد منهم، من أهالينا اللي يرفضوا حبنا ومن أمير اللي يبا يضرك..، شافها جدا متردده فكمل بتشجيع: خلي يدك بيدي وعمري ما حسيبك وما حتخلى عنك!
تغريد طالعت فيه، نسيت كل شيء وما صارت تفكر إلا بمشاعرها: توعدني يا فارس؟
فارس بثقة: أوعدك!
جات بتمد يدها ليده بس ضربه قوية في رأسها منعتها، أفقدتها الوعي وأخلت توازنها، فارس مسكها بسرعه قبل لا تطيح وهو مفجوع، رفع عيونه ونشف الدم بعروقه لما شاف الشخص اللي ضربها: انــــتـــــآآآ.
أبتسم بخبث وهو يرمي الخشبة اللي ضرب بيها تغريد: أيوا أنا، كنت حاس انك حتضعف قدامها يا خروف، فقلت لازم أروح وأتأكد بنفسي، وطبعا لما شفت حالكم مو عاجبني أتدخلت! كمل بنبرة آمره: بسرعه وديها للسيارة، وصدقني حتندم لأنك كنت حتخدعني!
.
.
.
خلينا نوقف بالوقت هنا.. ونقدمه بعد مرور أكثر من 24 ساعة!
جلس على الأرضية الحمام المبللة بانهيار دون ما يهتم لشظايا المرايا اللي كسرها.. ذكريات الماضي تلاحقهم مثل الشبح، عدت سنين على الموضوع بس رجع انفتح من جديد لتنفتح جروحهم، غلطته.. لكن هي اللي تضررت، هي اللي بتدفع ثمن هالغلطه!
رفع رأسه للسقف وصرخ بآهــ متوجعه.. صرخ من أعماق قلبه وصورتها اللي أترسلت لجواله تدور بباله، حرق قلبه فيها وهي ما لها ذنب، طفلته.. صغيرته تعذبت وبسببه! لو يقدر يعدل الماضي كان عدله، كان تغير قدرهم، ما كانوا وصلوا لهلحال، سمع صوت سعاد الباكي وهي تطرق الباب كم مرة: مشعل حبيبي أفتح الباب الله يخليك لا تسوي زي كدا لا تفجعنا فيك حبيبي أفتح الباب.
ثبت عيونه المتلألأه بالدموع على الباب ونظرته فارغة.. تايهة، متجاهل صرخاتها وبكائها وكانه ما يسمعها، نزلت دمعة من طرف عينه وذكرى أليمة مرت بباله، توجعه لدرجة انه يفكر لو انه سامحها.. لو إنه غفر لها خيانتها ومشى وراء قلبه وحبه لها.. لو إنه داس على كرامته ورجولته، كانت حياته راح تتغير، ما كان صار اللي صار اليوم، ما كان منهار، ما كانت بنته بين يدين رجل الرحمة منزوعة من قلبه، ما كانت دينيز ميته!
لمحه من الماضي، قبل 19 سنة
تركيا.. اسطنبول
تايهة في شوارع اسطنبول المظلمة عيونها ممتلئه بدموعها ويدها على بطنها، لفحتها نسمة هواء باردة خلتها ترتجف أكثر، بلا شعور منها قادتها رجولها لبيته، طالعت فيه وشفايفها مقوسه تعلن بقرب انفجارها من البكاء، ماسكة نفسها بالقوة لا تنهار، اللي صار لها آخر فترة كثير عليها، ما تقدر تتحمله لحالها، تحتاجه.. تحتاج مشعل يشيل عنها همها ويحميها من كل أذى، مالها غيره، واذا رفضها هو كمان ما عندها مكان لتروح له!
دقت الجرس وانتظرت لثواني حتى فتحلها الباب مشعل، طالع فيها بدهشة وسرعان ما تحولت ملامحه للجمود: ماذا تفعلين هنا؟
دينيز بصوت متعب وهي على وشك البكاء: مـشـ..ـعــل، أنا.. أنـ…
حست بأنفاسها تضيق أكثر وأكثر وتخنقها فما قدرت تكمل كلمتها وتسندت على الباب بكل تعب
مشعل ما قدر يخفي خوفه عليها مسكها وسدنها عليه: دينيز، إن حالتك مزرية سادخلك هنا.
حطت رأسها على كتفه ودمعه تمردت على خدها باشتياق لـ هالخوف والحنان، هي اللي حرمت نفسها منه وندمانة، ندمت أشد الندم بس ما كان بيدها!
مشعل مشاها للصالة ويده محاوطة خصرها وبعدها ساعدها لتتمدد على الكنبة، جلس على الطاولة اللي قبالها، وهو يتحسس جبينها ليتفقد حرارتها، قطب حواجبه بقوة: حرارتك مرتفعه جدا يجب أن أضع لك كمادات.
كان راح يقوم بس مسكت ذراعه، أرتجف من ملمس يدها وعيونه اللي تعلقت بعيونها المترجية.. سحرته مثل كل مره ورجع جلس بلا شعور منه، كسرت قلبه ولساته العاشق الهائم بحبها.. يبحث عن راحتها ويخاف عليها مع إنها فضلت رجل غيره وتركته عشانه!
مشعل بحنان: ماذا هناك يا دينيز؟
دينيز وعيونها دمعت: مـ..ــشـعــل، أنــ..ــا لدي مـ.ـا أقولــه!
مشعل: حسنا، أنا أسمعك!
طالعت فيه بتردد كبير، شافت بعيونه نظرة خوف وترقب من الكلام اللي راح تقوله، عدلت جلستها، تكلمت بعد فترة وهي تضم يدينها لصدرها: أنــا.. أنا حــامــل!
طالع فيها وعيونه موسعه على الأخير بصدمة! شي أبدا ما خطر على باله! قام من مكانه وتراجع بخطوات للوراء وهو مو مصدق للحين اللي سمعه: ماذا تقولين يا هذه!
دينيز ضغطت على نفسها، توجهت له رغم تعبها وتكلمت بصوت باكي: مشعل أنا وحيدة لم يعد لي أحد سواك..، قربت منه وحطت رأسها على صدره وهي تبكي أكثر: مشعل، أنا متعبة، جدا مرهقة وعندما عرفت بأمر الطفل أنهرت ولم أعد أستحمل.
تقطع قلبه عليها لما سمع شهقاتها المرتفعة، رفع يده لرأسها وجاء بيمسح على شعرها بس يده تجمدت لما كملت كلامها
دينيز: كرم عندما علم بذلك لقد تركني، عائلتي طردتني من البيت، لم يعد لي أحد سواك أرجوك سامحني.
مشعل تجدد الحقد بقلبه، وكأنه بكلامها هذا ذكرته باللي سوته فيه، أرتكبت غلط لما ذكرت اسمه قدامه.. غلطت حيل لما ذكرت أسم الرجل اللي تركته عشانه، مسك ذراعها بقسوة وبعدها عن حضنه، تكلم بحده وهو يرص على أسنانه ويناظر بعيونها المفجوعه: ما الذي يشفع لك حتى أسامحك يا دينيز؟
طالعت فيه بصدمه من تحوله المفاجئ، ذراعها صارت توجعها من مسكته القوية، تكلمت بخنقة ووجع: الطفل الذي في أحشائي هو طفلك، ألا يكفي ذلك؟
مشعل بصوت ملاه الحقد وفاض: لا شيء سيشفع لك يا دينيز، حتى إن مرت السنين، فإن قلبي لن يجبر كسره شيء، لن يبرئ جرحي أبدا، ولن أسامحك ما حييت.
دينيز نزلت دموعها بانهيار من كلامه، اذا هو رفضها كمان لوين راح تروح؟ ما عندها أحد غيره، رفعت يدها بتوسل وهي تشهق ببكاء: أرجوك يا مشعل لا تقل هذا، لا تكن بمثل قسوتهم وتتركني وحيدة، أتوسل إليك لا تفعل هذا بي، أنا لم أعشق سوى غيرك، أرجوك اترك هذا العناد، أعلم بأنك تحبني.. أعطيني فرصه وسأثبت حبي لك.
نزل رأسه لناحيتها وهمس بفحيح: لقد تأخر الوقت يا دينيز! هذه التوسلات، والدموع الكاذبة لن تهز شعره مني، لقد مسحتك من قلبي منذ تلك اللحظة التي فضلتي بها كرم علي، كنت قد أعطيتك الفرصة من قبل، ولكن أنتي رفضتها!
دينيز: ولكن طفلنا! كيف سأعتني به وحدي؟ كيف سأطعمه وأجلب المال وأربيه بنفس الوقت كيف سأفعل كل هذا وحدي يا مشعل!
مشعل أبتسم بسخرية وبتجريح: أذهبي إلى والده وحاسبيه، لا أفهم لماذا انتي هنا لتحاسبيني!
دينيز: انه طفلك، طفلك يا مشــ…
مشعل قاطعها بنفس سخريته وتجريحه: طفلي؟ أم طفل كرم؟ أوه أتوقع طفل رجل ثالث أو رابع، ربما قد خنتي كرم مع رجل آخر مثل ما فعلتي معي!
كلامه القاسي أوجع قلبها، جفت دموعها وصارت تطالع فيه وصدرها يطلع وينزل من شدة أنفاسها، تكلمت بصوت متقطع ومتألم: أنـ.ـا لـ..ـم يـلـمـسـ..ــنــي أحـ..ــد غـ..ــيــرك! لـ..ــم أعـ.ــشـ..ــق أحـ..ـد غــيـ.ــرك، لا تــكــن بهذه الــقـ..ــســـوة أرجـ..ــوك!
ما علق على كلامها كل اللي سواه مسك ذراعها ومشى بها لخارج البيت دفعها بقسوة وقال بحده: لن أعترف بهذا الطفل الغير شرعي، ولا أتشرف بطفل منك، وأتمنى أن لا أرى وجهك أبدا!
انهى كلامه وقفل باب الشقة وخلاها واقفه مصدومة، رجولها ما قدرت تشيلها من الصدمة، جلست على عتبة الباب ودموعها صارت تنزل بحرقة، كذا بكل سهوله طردها وتخلى عنها؟ ما اهتم لها؟ ما فكر بالطفل اللي تحمله بين أحشائها؟ ايش يكون مصيرهم الحين وهم بدون أحد؟ كيف تقدر توازن حياتها من جديد بعد ما الكل تركها؟ ارتفعت شهقاتها وعلا صوت بكاها الحزين لعله يسمعها ويحن قلبه عليها، مرت الدقايق وهي على حالها، ما تغير ولا شي.. يأست منه، قامت وهي تستند على الجدار، مشيت وابتعدت عن البيت وهي ما تعرف ايش مصيرها المجهول مع طفلها أو…
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
طـــــــفــــلــــــتـــــــيـــــهـــــــا!
**
نهاية الفصل السادس عشر
-إن شاء الله عجبكم الفصل بالأحداث اللي فيه، ولا تحرموني من توقعاتكم هيا اللي تدفعني للاستمرار، أشوفكم بالفصل الأخير على خير.
|