كاتب الموضوع :
Kindah
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: غريبة بجوارك (تم إضافة الفصل الثامن)
بسم الله الرحمن الرحيم
غريبة بجوارك
" كنت إلى جوارك قريبة .. غير أني كنت غريبة "
( الفصل الثامن )
ربما أنني أعشق الوحدة ..
غير أنك مذ ولجت وحدتي ..
لم تعد وحدتي وحدة ..
إنه الشوق إليك فيه حدة وشدة ..
لا انفصال عنك مهما طالت المدة ..
كم تمنيت ..
أن تصبحي ملكي .. أن أصبح ملكك ..
أن تدور من حولنا ..
أفلاك السماء ..
أن نتوسط قطرها ..
أن نحلق في أرجائها بحرية ..
أن نتعاهد ألا نلمس الأرض ولو بعد مدة ..
غير أنك أبيت فهجرتني ..
تركتني وحيدا ..
ليست المشكلة في تركي وحيدا فكما أسلفت ..
فأنا أعشق الوحدة ..
المشكلة أنه بات لوحدتي طعم مر ..
إنه طعم الغربة ..
كنت وحيدا وأصبحت غريبا ..
وسأظل غريبا حتى ألقاك ..
أو ألقى ..
ربما صدفة ..
وحيدا تائها مثلي ..
يسكن قلبي ..
يؤنس وحدتي ..
يزيل غربتي ..
ويطمس أثرك ..
خلجات بل زفرات اخترقت لواعج صدره المتصلبة إثر عوامل الصد والنكران .. ها هي تتهاوى زمرا زمرا لتتراكم جماعات جماعات فوق سطح لاعجه الذي .. تنبه أخيرا أن يفتح الباب للطارق الذي أتى قبل زمن ينتظر .. ولكن متى .. بعد فوات الأوان ..
ذلك الوحيد الذي بات غريبا .. لما وصل وجد المكان خاليا يصفر من اسم كائن كان ..
أيها التائه ستظل تائها .. لن يسكن قلبك ولن يؤنس وحدتك ولن يزيل غربتك ولن تطمس أثرها الصدفة .. فرب صدفة خير من ألف ميعاد وهل ظننت .. أن أمثالها يأتي صدفة ..
تمنى .. ليس لك إلا .. أن تتمنى ..
إن لم تأتك صدفة ..
فلعلها أتتك في الأحلام وتذكر اسمها ..
كندة ..
تلك الفتاة ..
من أحبت فاجتهدت ..
أن تصل إلى قلب محبوبها فصبرت ..
من صبرت فندمت ..
من صلبت ثم جلدت أمام جموع الناس ..
من صرخت .. بكت واستنجدت جموعا فقدت إحساسها بالإحساس ..
مئة جلدة .. اختفت من بعدها ..
واختفى من بعد إختفائها جموع الناس ..
جثى أبان على ساقيه فوق الأرض المبتلة .. يذرف الدمع تلو الدمع نادما أشد الندم .. يندب حظه راجيا أن تعود ولو .. لحظة .. يقسم بينه وبين نفسه .. بينه وبين السماء التي لم يتوقف هطلها لحظة .. أن تكون لحظة بألف لحظة ..
كيف وقد كانت لحظات وقد أتلفتها .. في لحظة ..
كانت ترجو منك أجرة ..
بقاؤها غربية بجوارك فترة ..
أنكرتها .. مزقتها .. أحببتها بعد فوات الأوان ثم اختفت تلك كانت الأجرة ..
عار عليك .. أن تندم .. أن تندب حظك أن ترجو أن تعود ولو بعد فترة ..
فالحب عزيزي ..
كنسيج العنكبوت .. يتداعى بسهولة إن لم تتمسك به بقوة ..
كالسراب لا وجود له .. إن لم تؤمن بوجوده ..
كالندى يختفي .. إن لم تحرص عليه ..
كالقدح المثغم بماء الحياة ..
إن لم ترتشف منه حالا ..
تحول إلى سم فتاك ..
لن يرحمك ..
ولن يتركك في حالك ..
ذق طعم العذاب الذي ذاقته مرارا وتحطم .. عند أعتاب العزاء الفاني وتندم .. انعى أساك وتذكر .. جمال وجهها الأخاذ .. نأمة صوتها الآسر ولطفها حين أحبتك .. وأنت لا تستحق.
كان صباحا معتما .. كئيبا بسحبه المدججة بلبك عظام من أمطار نصف قطرها يساوي قطر حبة قمح مكتملة النمو .. كان أبان حينها لا يزال على كما كان .. جاثيا .. مطأطئ الرأس .. يرثي حاله .. يبكي بصمت حينما شد انتباهه رجلان .. خرجا من خلف التلال .. مهرولين متدثرين بأستارهم .. حاملين مجارف بأياديهم .. تذكر ما جعله يفز من مكانه صعقا إلى حيث كانوا فلما وصل وألقى نظرة عليه .. ارتفع صدره المثقل بالهموم بتنهيدة عميقة عبرت عن مزيد منها .. وخب ببصره إلى السماء تمنى راجيا .. بقلب يلهج بصدق الدعاء أن تصيبه هنا .. في المكان ذاته في ذات الزمان .. صاعقة بل صواعق .. تقصم روحه .. تسلب بصره .. تختم أنفاسه وتحرق بدنه .. إنها مقبرة الجناة وهذا قبرها .. قد ألقيت فيه هكذا دون مبالاة وباهمال .. دون كفن أو صلاة .. دون ذكر يبقيها أو دعاء ينجيها .. كانت أشبه بالجيفة إلا أنها وبدل أن تلقى في العراء لتأكلها السباع ألقيت بين ظلمات ثلاث .. من قبل كانت ظلمة جفائه ومن ثم ظلمة ظلمها وهاهي الآن .. في الظلمة ليس من بعدها ظلمة .. لتأكلها ديدان الورى ولتلهو ببقاياها شياطين الأرض .. تلك كانت نظرتهم بل ذلك جل جهلهم .. نزل إلى قبرها الذي لم يكتمل ردمه بسبب الأمطار التي كانت تهطل بشدة كالغضب النازل أفواجا أفواج .. توقف لهنيهة يرمق بأسى أثر الجروح التي لم تهدأ بعد .. لم تزل تنزف تنوح عوضا عنها ..أبعد ما استطاع من طين اختلط عناؤه بعنائها فلما وقع بصره عليها .. انتفض جسده وارتعشت لواحظه لما تذكر .. بسماتها .. النظرات التي اختصته بها وذلك القلب الذي داس عليه ردحا من الزمن ..
ارتجفت أنامله بل شعرت بالألم لما لامست وجنتها ..
لا حياة هناك أبان .. بل مجرد ذكريات ..
وما أسوء الذكريات ..
إنها النعيم الذي يخبأ في جوفه الجحيم ..
إنها الجحيم ذاته لمن ظن .. أنها النعيم ..
فما نفع الذكريات .. وليس هناك من يحييها ..
لم يزل يزيل البقايا عن وجهها دون أن يصرف النظر عنها حتى استلقى بقربها .. ووجهه إلى وجهها يريد أن يعبأ شغفه لرؤيتها ..
أي شغف هذا الذي تتحدث عنه وقد فات أوان الندم ..
كم هي غريبة هذه الحياة ..
ألا نوظفها فيمن نحب وهم أحياء ..
نسلب بسماتهم ..
ننسى بذلهم ..
ولا نستغل وجودهم ..
ظنا منا بأنهم باقين .. بأن الفرصة لا تزال ..
ظنا منا أنا لن يتآكلنا الندم ..
كيف وقد خرجوا من دائرة الحياة ..
أوهام في أوهام ..
اقترب منها أكثر فأكثر داعيا السماء أن تمطر أشد فأكثر .. أن تغرقه .. أن يرحلا معا .. فلا طاقة له لنزع جسده من قربها فهو لم يشبع بعد من رؤيتها وظل هكذا .. ملاصقا لها ينظر إليها ببؤس بعيون باكية حتى خفق ثانية .. في جسده الرغبة في التمسك بالحياة لما أحس .. بأنفاسها الضعيفة تناديه .. تشجعه على البقاء .. فز موقظا إياها ولما لم تفعل .. علم أن عليها حالا مغادرة هذا المكان .. تلفت حوله فلم يجد إلا العربة التي نقلت بها .. حملها برفق ثم وضعها وإلى جواده أحضره ثم سار بها إلى كوخ قريب لأحد العبيد الذي عرف سيده فأنزله منزلا طيبا .. طلب من زوجته أن تعتني بها فلحق بها يسألها المرة تلو المرة: هل ستعيش؟ هل ستعيش؟ حتى إذا ما تجاوز الأمر حدود المنطق اصطحبه زوجها خارجا: سأحضر طبيبا ..
ــ سيدي انتظر .. لا داعي .. فزوجتي ماهرة وخصوصا .. في مثل هذا النوع من الجروح ..
ــ حسنا إذن صمت ثم أردف سائلا يدفعه قلقه الشديد: باش .. أخبرني حقيقة .. هل ستعيش؟
ــ حقا سيدي .. لا أعلم .. كل ما أعلمه .. أن عليك بالدعاء .. إنها ليلة طويلة إن تجاوزتها .. لربما استطاعت البقاء ..
يومان متتاليان وأبان يداوي جراحها ويعتني بها ..
لم يرقأ له جفن ولم يهنأ بطعم أقسم ..
ألا يرتشف كأس السعادة حتى تأذن له بذلك ..
ألا يصرف بصره عنها حتى ولو أذنت له بذلك ..
أن يقبلها مئة قبلة وأخرى غيرها ولو لم تأذن له بذلك ..
استفاقت .. كان خلفها يغير ضمادها .. لاحظتها دليلة زوجة باش فنادته: سيدي .. لقد استفاقت .. كان منهمكا فلم يسمعها فنادته ثانية ..
ــ هه .. ــ أشارت إليها بلاحظها: لقد استفاقت ..
تلك الصاعقة التي تمنى لو أصابته .. قد أصابته .. جعلت خوفه يختض ..جعلت شوقه يتقلب بين نعم ولا .. أن أراها فأندم ألا أراها .. فيكون الندم وبينما هو في صراعه ذاك إذ بها تلتفت إليه .. أعتصرت أشواقه الحائرة بين قبضتي الندم وانسكب المزيج باردا فوق سطح الخوف الأملس اللزج واندفعت أسوء الاحتمالات تعين هذا وتبطل ذاك .. لم كل هذا الاضطراب .. لم لا يكون وقد .. شيعته لهنيهة .. بتلك النظرة التي أصابته بألف سهم ثم أشاحت ببصرها عنه .. تمنى لو أن الارض ابتلعته .. لو أن السماء اقتلعته .. لو أنه ظل غافلا عن هواها لمزيد من الوقت .. طلبت منه دليلة أن يغادر أن يرتاح قليلا فلا طائلة ترجى من مناجاتها في مثل هذا الوقت فهي .. تعبة .. متألمة .. ومن الواضح جليا ألا رغبة لديها في رؤيته.
ظل أبان طوال الليل ساهرا يتحدث إلى باش الذي كان يبادله الحديث شبه نائم يجيب على تساؤلاته .. يحبط مخاوفه ويرسم له أملا بعنوان جديد عندما .. نفذت دليلة إلى الغرفة على حين غفلة تسأل عن كندة بشيء من القلق ولما لم تجدها .. فزا يبحثان عنها .. لم تكن في أي مكان فامتطى أبان جواده على الفور وجال .. هنا وهناك يبحث عنها .. رمقها عن بعد .. تمشي بترنح .. تقترب من حافة هوة عظيمة .. ناداها .. ترجل عن جواده راجيا إياها .. لم تعره اهتماما همها .. تلك الحافة أن تبلغها علها تكون النهاية لهمها .. لم تتريث .. لم يستطع إنقاذها .. ابتسمت .. ألقت جثتها بين أحضان الفجر الذي بادلها الابتسامة مرحبا بها .. صرخ أبان باسمها: كندة ليستيقظ بعدها فزعا .. أنفاس متلاحقة ونظرات شاخصة .. ألقى جانبا كأس الماء الذي أحضره باش وأسرع إليها يتفقدها ممنيا النفس أن يجدها .. لم يجدها ولم تكن في الجوار .. تماسك قليلا .. تتبع دلائل حلمه .. لم تكن هناك ارتاح قليلا ومع هذا ولكي يطمئن أكثر .. قرر إلقاء نظرة .. ضربات قلبه المتسارعة والأوهام التي اتخذت لها مجرى يسري في عروقه مجرى الدم والصراع القديم بين اليقين والشك كل ذلك جعله .. يقف متصلبا لبعض الوقت حتى إذا ما استجمع شجاعته وتقدم .. زهد بتلك اللحظة وتمنى لو لم تكن .. تلك السهام التي أطلقتها هاهي تندفع داخله عميقا .. تمزقه إلى أشلاء ..
لقد كانت بالأسفل هناك .. ملطخة بالدماء ..
لقد انتهى الأمر ..
أجزعت أم صبرت ..
تلك هي الحقيقة المرة ..
لن تزول مرارتها بزوال الآلام أو بمرور الأيام ..
فعش أو تعايش معها ..
بل ذلك هو المحال ..
إني أحلم ..أحلم .. نطق بها صارخا من الجوف الذي أرم مبكرا أضناه سوء الحال .. صرخة أخرى .. استيقظ بعدها .. أيقظه باش الذي جعل يهدأه محاولا إعطاءه قليلا من الماء الذي .. دفعه ثانية جانبا ناهضا نحو المكان الوحيد الذي إما ..
أن يجعله يستسلم أو ربما ..
يمنحه السلام ..
ألقى نظرة .. أمعن بعدها النظر في النائم بسلام متدثرا بغطاء ثقيل قرب دليلة التي لم تشعر بوجوده .. لم يصدق بعد .. أغرق رأسه عميقا في حوض الماء البارد .. عاد متمعنا محدقا .. شعر بالسكينة لما .. أكد له باش مطمئنا إياه أن ما رآه ليس حلما بل حقيقة ومع هذا .. لم يستطع إقناعه بالقدوم معه لأخذ قسط من الراحة .. فضل النوم عند عتبات بابها .. أن يكون قريبا منها قدر المستطاع .. فقد اعتاد منها الجوار اللصيق الدافيء .. أن يبتعد .. تلك هي الغربة التي لن يحتملها كيف وقد .. استيقظ مؤخرا فيه .. شخص المتيم العاشق ..
مضى الليل هادئا مغمورا بالسكينة التي غشت الجميع ليقبل الفجر وفي خضم جنباته فزع شديد استيقظ على إثره أبان هلعا .. لقد اختفت كندة ولا أثر .. كابوس البارحة لم يكن خيالا ابتدعه خوفه المفرط عليها بل .. كان تنبؤا ينذره .. بالقادم مشتملا عباءة الإخفاء منتظرا الفجر .. كي يكشف ستره كي ينثر ذعره فوق أركان الواقف متصلبا شاخص البصر نحو الغطاء الفارغ من اسم بشر ..
حلما كان أم حقيقة ..
لن أدعك وحدك ..
معا ..
أو أن نرحل معا ..
امتطى جواده وحالا نحو الهوة التي لم تغب عن ذهنه لحظة .. لم تكن هناك .. اتكأ أعلى مخاوفه .. مد رقبته .. لقد كانت هوة عظيمة صعب الوصول إلى قعرها بمجرد النظر .. هبط إلى الأسفل .. بحث جيدا .. بحث مطولا .. أحس بالراحة إذ لم تكن هناك بالقلق المزعج المدعوك بالتشاؤم طارد أدنى ذرات التفاؤل مع شيء .. من الشرار المتطاير قض مضجعه جعله يجد في بحثه سائلا هذا .. متمسكا بخيط دله عليه ذاك ..
ولكن .. أين هي؟
تمشي على غير هدى .. عبر الطرقات .. من خلال القرى .. بين البيوت التي أوصدت أبوابها لتنطق النوافذ التي .. كانت تسترق النظر إلى الماشي بتؤدة دون هدف .. هيئة تجلب الموت طواعية .. وهالة سوداء لن تنجلي ولو اجتمع لإبطالها الشمس والقمر .. منهم من عرفها من اندفع لرؤيتها من دعاها للمجيء إلى ناديه .. أمسك يدها فانقادت خلفه دون أن يبذل جهدا لإرغامها .. ذلك أنها لم تعد تشعر بشيء وقد استوى عندها كل شيء .. أبعد يده بشدة .. جذبها إليه برفق .. منحه مالا ليكف عن عراكه فكف .. جرها خلفه وخلف أحد الجدران توقف .. احتضنها بشدة .. اعتصر حدود صدرها لتنكمش بين أضلعه التي باتت هشة .. تلك الملامح التي انبسط فوق سطحها أسباب عدة .. أفرغت النفس من الروح التي بدت وكأنما في عدة .. حداد لن ينقضي بانقضاء المدة .. انهملت الدموع من المآقي التي جعلت تذرفها بشدة .. لا لسبب سوى ذاك الجسد الذي شعرت برغبته .. بقلبه .. تلك النبضات التي انتفضت بعد انقضاء المدة .. تبكي بحرقة بنشيج متعثر ينم عن عذاب وشدة يعلو كلما اعتصرها أكثر وقد فعل كلما .. لامست دموعه وجنتها مستغرقا بإحساسه الشديد بالندم: آسف حبيبتي .. كنت جاهلا علم للتو .. سامحيني .. دفعته بضعفها المستميت لإبقائها ثابتة فوق أرض تهتز تحتها كلما اقترب .. تهالكت قرب الجدار الذي تصدع حزنا على حزنها .. تلك الدموع التي لم تزل تمضي في طريقها الوعر .. حاول مسحها فصرخت فيه عاليا صرخة ألم: ابتعد ابتعد .. إني أشعر بالألم ..
ــ كندة ..
ــ لا تنادي باسمي لا تنبس بحرف منه .. فما ثمة من شيء هناك بيننا .. كل شيء قد اختفى ..
ذلك الشوق الذي كنت احتفظ به لك طويلا ..
ذلك الأمل ..
تلك اللذة التي كنت أشعر بها عن بعد ..
لم تعد كما كانت ..
فكل ذرة منك .. تجلب لي المزيد من الألم ..
تقرفص بعيدا عنها متمعنا قد احتقن هو الآخر بين حدود وجهه الآسفة .. صرخة ألم ..
بسببي أنا ..
تشعرين بالألم ..
ليتني كنت الشعور بالألم ..
للقيت حتفي خنقا قبل أن تشعري بالألم ..
هدأت قليلا .. نهضت .. تمضي في الطريق الذي تسير به على غير هدى .. بتؤدة دون هدف وهو من خلفها .. بعيدا كفاية قريبا جدا إذا ما أحس بالخطر بجانبها .. كلما وأينما غفت .. عند الطرف الخفي كلما استيقظت كلما مضت مجددا في الطريق ذاته على ذات الحال .. غير آبهة بقطع الخبز بالشراب البارد عند مقدمة رأسها لا بالعباءة التي كانت تغطيها تحميها من برد الليل الذي يبدو .. أنه تخاذل متقهقرا أمام لهيب أوجاعها .. بمعدة خاوية .. بقلب توقف عن الصراخ بنية اختصرت متع الحياة بنظرة ذابلة نحو العاصفة الهوجاء القادمة من تلك الصحراء .. فتحت ذراعيها لمن فتحت ذراعيها هي الأخرى للراغبين بالموت دون عناء .. حاول منعها إلا أن الغبار الكثيف المندفع بقوة ألزمه غرزه ..
فلما هدأت .. كانت قد اختفت ..
كان هذا هو الفصل الثامن ..
لا تحرموني من ردودكم وتشجيعكم ..
دمتم بصحة وسعادة حتى موعدنا القادم ..
|