كاتب الموضوع :
الفيورا
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: مشكلتي مع كلمة / بقلمي
جدا آسفة على التأخير. انشغلت شوي في البيت. ويا هلا بكل من زار :)
اليوم يوم بارتين.
14
اليوم شعرت بالإلهام لتبدأ بالعمل على لوحة جديدة. بعد صلاتها للعشاء، اتجهت إلى الغرفة التي إتخذتها مرسما، لابسة للثياب التي تلبسها كلما أرادت الرسم، قميص واسع بالي ملطخ بألوان كثرى، وشورت ملطخ بالألوان مثله. ربطت شعرها على شكل ذيل خصان تبعده عن وجهها.
معهد الفنون فتح عيونها لجميع أنواع الرسم، من الرقمي إلى غريب الأدوات، لكن عشقها الأزلي سيظل دائما الرسم التقليدي. تحب تحسس نعومة الفرش وخلط الألوان ورائحتها، تحب شعور الإنجاز الذي يبعثه كل إتمام للوحة.
مضت عليها فترة وهي ترسم عندما أحست بشخص واقف وراءها. التفتت بسرعة وشيء من الخوف لتتنفس الصعداء لرؤية أنه كان جواد: فجعتني، ترى يمدحون طرق الباب..
رد عليها بعدم اكتراث ينكر كلامه: وأنا المسكين اللي ما بغى يقطع عليك إندماجك..
أمالت رأسها باستفهام: ليه؟ إنت من متى قاعدلك هنا؟
فكر للحظة قبل أن يجيب: تقريبا ربع ساعة..
كررت باستغراب: ربع ساعة؟ غريبة، ما عهدتك صبور كذا بدون شي تسويه..
ابتسم عندها ابتسامة ذات معنى، مبقيا نظره عليها: ومين قال ماكان عندي شي أسويه؟ كنت أتأمل في اللوحة الفنية قدامي..
نظرت ميساء إلى اللوحة التي كانت تعمل عليها لتقطب حاجبيها. كانت بالكاد تصل إلى ربع الاكتمال، لا تستحق التمعن فيها حتى.
قال جواد وهو خارج، جاذبا انتباهها إليه: لما تخلصي تجهزي وإلبسي عباتك، ورانا مشوار..
:
لم تأخذ كثيرا حتى قررت أنها انتهت لهذه الليلة، فالفضول قضى على رغبتها في إتمام لوحتها. تساءلت وهي تركب سيارة جواد عن وجهتهم، لترى أنها كانت مطعما.
سألته حال أخذ الطلبات منهما: ليش جبتني هنا؟
أجابها بكل بساطة: واحد من زملائي نصحني أجرب ذا المطعم عشان غداء عمل وحبيت آخذ رأيك.. أذكر إن لك نظرة في ذي الأمور.
مسحت ميساء محيطها بنظرة تفحصية، قبل أن تقطب حاجبيها وتجيب: زميلك يستهبل شكله، ذا المطعم ما ينفع لغداء عمل. ما ينفع لشي له علاقة ببزنس أبدا..
سألها بدوره: وليه؟
أجابته: لأن جو المطعم ذا حميمي بزيادة، شوف درجات اللون اللي استخدموها والديكور وكيف الطاولات منعزلة عن بعضها.. هذا بس صالح لسهرات غرامية..
لم تر ابتسامته الراضية قبل أن يخفيها بإجابته: شكلي بكنسل مخططات عامر..
أيدته: كنسلها. أنا بدلك على مطعم ينفعلكم..
كانت بحق سهرة رائعة. ظلا يتحدثان عن مواضيع سطحية نعم، لكنها لم تهتم. لا تريد بأية حال إفساد وقتها بجلب مرارة الماضي وهي في هذا المكان. شكرت بداخلها زميل جواد على إرشاده الخاطئ.
الشيء الوحيد الذي أفسد عليها ليلتها هو أعراض الشقيقة، ومهما حاولت إخفاء ما انتابها، فإن جواد لاحظها وهما خارجان من المطعم. أسندها مثبتا لها، وعند وصولهم البيت وإلى غرفة نومها أغلق جميع الأنوار، ليغرقها في ظلمة أراحتها. همست وهي مغلقة لعيونها: الليلة مقدر—
قاطعها: نامي..
أحسته قد جلس جانبها، فأمسكت بيده تشد عليها قبل أن تسأل: بتروح؟
أبعد شعرها عن وجهها، وأحسته ينحني ليطبع قبلة على صدغها، ليهمس: لأ، ما بروح..
عندها فقط سمحت لنفسها بالنوم..
:
أوصاها جواد في الصباح بأخذ أدويتها قبل أن تنزل إلى الطابق السفلي، أوصاها بعدة وصايا أخرى كما لو كان يقرأ مباشرة من نشرة تتكلم عن التعامل مع الشقيقة، أوصاها على نفسها كما كان يفعل في الماضي قبل أن يخرج إلى عمله.
قبلت خده برقة، بتوديع وشكر، توصيه على نفسه كما كانت تفعل في الماضي.
:
فاجأها جواد بقوله: تبين نروح السوق؟
لم يكن جواد يحب أبدا ذهابها للأسواق، وكان يصر دائما على أن يكون هو برفقتها أو أن تكون برفقة عدة أخريات على الأقل. لم يقترح عليها الذهاب مرة خلال زواجهما.
سألته السؤال المنطقي الوحيد: إنت تعبان؟
ضيق عيونه بقلة صبر: لا تخليني أغير رأيي..
لم تسأله بعدها، فهي حقا كانت تريد الذهاب. مضت سنة منذ آخر مرة عتبت قدماها مركز تسوق، وعوضت عن ذلك برحلتها هذه. جرت جواد دون رحمة من محل إلى محل، تسأل رأيه تارة وتحاول إقناعه بشراء شيء له تارة أخرى.
سمعت جواد يتنهد في نقطة ما، حاملا لأكياس لا تحصى من مشترياتها: بديت أندم..
كانت آخر وجهة لهما محل ساعات، وعلى الفور لفتت نظرها ساعة رجالية فاخرة: هذي بتطلع دمار مع البذلة اللي اشتريناها لك..
تفحص الساعة التي كانت تشير إليها وظهر على ملامحه الإعجاب بذوقها. لكنه سألها باستغراب: على بالي حنا نتسوق لك، وراك تشترين لي بعد؟
ردت بعفوية: أنا وإنت واحد../ تقدمت تلفت انتباه البائع، ليتقدم نحوها بابتسامة مسرورة: لو سمحت، كم الساعة هذي..؟
أجابها وعيونه لا تشيح بالنظر عنها بالسعر، واستطرد مشيرا لمجموعة ساعات نسائية: في هذي المجموعة كمان اللي بتناسب ذوقك يا آنسة..
قبل أن تجيب، سبقها جواد بسؤاله الذي بدا كأنه تهديد: كم هذي اللي بالأبيض؟
:
قالت له بإعتراض عندما خرجا من المحل: ليه دفعت حق ساعتك بعد؟ كنت ناوية اشتريها بفلوسي..
لم تتوقع أن تلقى لوحتها هذا الإقبال من الناس. قالت لها المشرفة أن عديدا من حاضري المعرض عرضوا شراءها حتى بعد أن تم بيعها. كسبت مكسبا غير متوقعا منه.
أجابها يوزع مشتريات اليوم في السيارة: كلها نفس الشي..
لم تفهمه: إيش..؟
ليجيب: ولا شي../ أكمل بحنق وهو يشغل محرك السيارة: لا تطلعي من البيت إلا وإنتي مغطية عيونك..
"وش جاب سالفة تغطية عيوني اللحين؟"
/
/
كانت زينة جالسة في المجلس تشاهد الأخبار عندما جلست نوف جانبها بصخب، تتقدم جود الماشية بهدوء وراءها، وتضع رأسها على حضنها بتدلل. ابتسمت زينة وأخذت تعبث في شعر ابنتها دائم القصر لتفضيلها ذلك: أها، وضعية التمصلح.. وش تبغين؟
تنهدت نوف بتمثيل ضيق: أفا يا أمي العزيزة، أفا! مقدر أتدلل في حضن أمي؟
كررت هي: وش تبغين يا آنسة نوف؟ تراني حافظتك وأساليبك.
ردت مستنكرة: وش ظن السوء هذا يا أميمتي؟ ما يهم، بنعديها عشان عيونك الحلوة. أنا اليوم جاية عشان مصلحة غيري../ أردفت رافعة رأسها، تنظر إلى جود الواقفة جانبهما، باديا عليها الحرج: بكمل ولا بتتكلمين؟
فتحت جود فمها لتتكلم، لكنها سرعان ما أغلقته، تعيد خصلة وراء أذنها بتوتر. أخذت نوف صمتها كإشارة لتكمل: بعد العصر صديقات جود بيجون، وأنا نصحتلها شغلاتك الحلوة اللي دوم تسويها لما يجو لي صحباتي..
أهذا الذي جعل الفتاة تتوتر بهذا الشكل؟ سؤالها إعداد شيء لصديقاتها؟ ابتسمت زينة لها بدفء تحاول إراحتها: هذا بس؟ من عيوني حبيبتي. بسويلك اللي تبين../ نظرت إلى نوف التي اعتدلت في جلستها وأردفت: وإنتي اليوم بتساعديني.
قفزت نوف واقفة: أكيد! أصلا أنا وعدت جود إني بشتغل شخصيا في هذا الحدث المهم.
خرجت نوف مسرعة من المجلس وتتجه إلى المطبخ، لتترك زينة وجود وحيدتين. كانت زينة ستلحق بابنتها لتبدأ بالعمل، فالساعة كانت الواحدة بعد الظهر وكان لديها الكثير لتعده، لكن جود استوقفتها: خالة زينة..
عندما التفتت زينة إليها، أردفت: مشكورة..
خطت زينة نحوها وأحاطت كتفيها بذراعها، تقودها إلى المطبخ بحنان باسم: مافي كلافة بين أهل يا جود.. اللحين قوليلي، وش اللي تحبينه إنتي وصاحباتك؟
/
/
ما الذي يثبت أنه كان يحب بيان قبل الحادثة؟
إيجاد جواب لهذا السؤال أصبح هوس ياسر في الأيام الأخيرة.
كان لديه قسط من المعطيات التي فكر أن يكون لها أهمية، مزيج من أحاسيسه وبما أخبرته به بيان عندما سألها بعد معرفته بحقيقة وضعهما.
أولها، شعوره عند رؤية بيان للمرة الأولى بعد إفاقته من غيبوبته. وجد جموح انبهاره وتمعنه النظر بمنتهى الغرابة، شيء ليس من طبعه أبدا. لم يكن بالذي يتمعن النظر في وجوه النساء، لم يكن بالذي ينسى غض البصر للحظات طوال، لم يكن بالذي يدق قلبه بهذه السهولة لمرآى امرأة جميلة، كم من مرة وجد نفسه ملاحق بالنغزات في الأسواق والمتنزهات، ولم يعر باله لهن بالا.
ثانيها، سرعة وقوعه في غرام بيان. وجد ذلك غريبا أيضا. أربما قلبه حفظ كل تلك التفاصيل التي أحب في بيان، حتى مع نسيان عقله؟
ثالثها، تقدمه لخطبة وئام. تفصيل غريب آخر. بيان قد ذكرت أنه فعلها قبل شهور فقط. لم؟ ما الذي قد يدفعه بالخطو في زواج مرة أخرى بعد سنتين وطفل؟ حتى وإن كان مغصوبا في زواجه ببيان، لم يستطع ياسر فهم خطوته هذه. لم يكن بالذي يكترث بالتعدد أصلا. بالإضافة إلى ادعائه أنه كان في قلبه شيء لوئام منذ أيام دراسته في الجامعة. من أين أتى بهذا؟ وما كان هدفه منه؟
أول الأمرين، لم يستطع إيجاد جواب لهما أو حتى التفكير بأين يبدأ في البحث، فتركهما لوقت آخر. أما الأخير، يستطيع التقصي عنه..
:
زار ياسر بيت جده قبل ميعاده المعتاد، وخاب أمله عندما عرف أن والده ما زال مسافرا لعمل. كان يريد أن يحظى بجلسة معه ويفسر له كل التفاصيل التي أدت بزواجه ببيان، والأهم من ذلك كله، سبب إجباره عليه.
لكن، فرحة أمه بزيارته المبكرة خففت عليه خيبته، وبأية حال، كان يريد جلسة معها هي أيضا، لتفسر له تقدمه لطلب يد وئام.
قطبت أمه حاجبيها بتفكير: بصراحة، ما أدري وش اللي حادك تروح تتقدم لها. مقدر أعطيك سبب يا ولدي..
سألها. على حسب ما عرفه، كانت وئام مطلقة عندما خطبها، لكن حتى ولو كانت، لم يظن أنها ستقبل أن تكون الثانية، فعلى حسب ما سمع، شابهت خالته رقية كثيرا في غرورها وطبعها الحاد: وش اللي خلا وئام تقبل أصلا؟
تنهدت: أمها الله يهديها زرعت فكرة زواجها منك من الصغر، وشكله حتى لما تزوجت وتطلقت، ما راحت الفكرة.. عشان كذا كنت أبغاك تتزوج منها../ أردفت عندما رأت الاحساس بالذنب في عيونه: ما عليه يا ولدي، أدري إن ما كان في خاطرك شي لها. ويمكن فسخ العقد بينكم كان لها خير، أختي اتصلت بي قبل يومين تقولي إن وئام انخطبت لواحد طيب وله خير كثير وباين إنها راضية فيه..
حسنا، يحمد ربه أن ذلك الأمر انتهى على خير. سأل يستحثها: طيب لما طرحت عليك الموضوع، لاحظتي شي غريب فيني..؟ شي قلته؟
ضحكت أمه بخفة: يا ياسر تصرفك ذاك اليوم كله كان عجيب! مدري من وين أبدأ حتى.. لكن..
كرر: لكن..؟
حدقت هي فيه للحظة قبل أن تقول لتصدمه: لما سألتك عن بيان ووش راح تقول.. ضحكت بلا روح وقلت "ما أظن الأمر بيهمها"
انتهى البارت..
|