كاتب الموضوع :
بسمه ااسيد
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
**الحلقة18 : قهر الرجال
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة18 : قهر الرجال
------
بحبها بحبها وفقلبي ساكن حبها
يا ريت يا شوق يا ريت يا شوق توصلها ويحس بي قلبها
بحبها بحبها
صدح صوته بغناء عذب أثناء استحمامه بالحمام الملحق بغرفتهما، بينما تجلس سلمى على السرير مرتدية قميص نوم لأسفل ركبتها خفيف ضيق من اللون الكنارى والذى قد اختاره عادل لها عقب جولة دقيقة بمحتويات دولابه كما هى عادته اليومية والتى استمرت نحو عشر دقائق تقريبا حتى استقر على هدفه.. كانت ضامة ساقيها اليها لتدفن وجهها بينهما.. بداخلها صراع.. شك لم يصل لليقين بعد منذ أيام معدودة..
حدثت نفسها وقلبها يعتصر ألما ممزوج بالخوف من القادم:
- ممكن!.. معقول!
- وليه مش معقول.. فات كتير.. عدى أكتر من شهر..
- لا لا لا.. أكيد بتوهم..
- الدوخة.. والقرفان.. والحمام كل شوية برده وهم!
بكرا خلاص حقولها روحي لها عقلي لها
وحقولها هي الهنا...هي المنا... كل المنا هي حياتي كلها
بحبها بحبها
انتبهت لكلمات أغنيته، فرفعت رأسها المسندة على ركبتيها وسلطت بصرها على باب الحمام.. ارتجف قلبها وعلت دقاته انتظارا لفتحه للباب ودلفه للغرفة..
- لا لا.. يارب أرجوك.. بلاش.. كفاية المصيبة اللى أنا فيها..
- ما يمكن يرحمك وقتها زى مبيقول..
- معدش عندك حل تانى خلاص غير أنك تستسلمى لقدرك معاه..
التمعت عيناها بالدموع والتى لم تتمهل لحظة لتهبط سريعا على وجنتيها، لتمسحها سريعا خوفا من ظهوره فجأة واثارة غضبه.. فدموعها هى المحفز الرئيسى لتبدل حاله من اللين والرقة الى الغضب والمعاملة الخشنة أحيانا..
- أرضى بجوازكم.. وانسى اللى فات..
- جوازنا!..
- أحنا مش متجوزين أصلا..
- أرضى بجوازكم.. وعيشى..
- أنا خايفة منه..
- وهتفضلى خايفة طول ما بيلمسك..
- حاولى تنسى كل اللى حصلك، وحاولى تبدئى معاه..
- أنسى!.. طب ازاى؟..
عاودتها نوبة الذعر مع توقف صوت تدفق المياه بالحمام.. فانكمشت على نفسها من جديد..
- أرضى عشان الطفل ده ملوش ذنب يجى من حرام.. ملوش ذنب يبقى نسخة من اللى عشتيه.. مكنش ليكى يد فى اللى فات من عمرك ولا فى اللى بيجرالك دلوقتى.. لكن تقدرى تغيرى قدر المسكين ده..
- أنا خايفة..
- خايفة من عادل؟ ولا خايفة على الجنين؟
- مش عارفة..
- والعمل؟
- أنا خايفة.. خايفة من نفسى.. مش هعرف أحافظ عليه.. مش هعرف أحميه منه..
- حاولى يا سلمى كفاية استسلام للى بيجرالك..
خرج عادل من الحمام، ومازال يجفف شعره من قطرات المياه المتخللة خصلاته بمنشفته الصغيرة ومتجها الى التسريحة..
والكلمة اللي أنا عايش بيها
رح دوب كل الشوق فيها
وحقولها وأعدها وغنيها
ألتقط سريعا فرشاة شعره من على التسريحة الخالية من وجود مرآة منذ أشهر.. ثم التفت قبالتها، وبدأ تمشيط شعره وهو جالس على حافة التسريحة وابتسامة هادئة تزين محياه وهو يدندن بصوت هامس حميمى:
حقول أحبك حقول أحبك
وعيش أحبك أعيش أحبك
أحبك أحبك يا حياة قلبي
لولا الصدع بينهما لأقرت بوسامته وجاذبيته، ولكنها لا ترى سوى المشاهد العنيفة التى اتسمت بها حياتهما سويا مؤخرا فى ذلك المكان الكئيب..
- هيجى يشوفنى مسجونة!.. هيطلع قاسى.. ظالم زيه.. أو تيجى بنت تتكوى بنار الماضى وتكون نهايتها زيى..
- لو بقى روح مش هتقدرى..
بنفس الابتسامة التى حافظ عليها مدة طويلة غمز لها بطرف عينه أثناء تمشيطه لشعره، فأجفلت وارتبكت.. تلك العينان الضاحكتان تعلمهما جيدا وتعى ما يلمح لها بهما بشكل مستتر غير صريح.. ازداد انكماشها على نفسها وهى تحاول جاهدة سحب طرف قميصها لعله يدارى جزء منها..
- لا مقدرش أخلف من الوحش ده.. حرام عليا أجيب طفل يكون ده أبوه..
قاطعها اقتراب عادل منها.. جلس جوارها.. وضع يده اليمنى على ركبتها.. وقارب وجهه من وجهها مبتسما برقة: وحشتينى الشوية اللى غبتهم عنك..
فنظرت له بعيون فزعة تحاول الصمود حتى لا تنهار باكية فتغضبه..
- مش هقدر.. أنا مش هجيب عيل يتأذى زيى.. مش عوزاه.. أنا خايفة عليه.. أنا خايفة.. أنا خايفة..
فأبعد يده عنها سريعا عندما شعر بوادر خوفها: أهدى.. أنا بس بطمن عليكى.. مالك؟.. فيكى ايه؟.. منتيش مظبوطة اليومين دول..
حرك عادل يده أمام وجهها: أيه؟ كل ده سرحان!.. أنا بكلمك يا بنتى.. فيكى ايه يا سلمتى؟
سلمى بارتباك وصوت مبحوح يقترب من الهمس: مفيش حاجة.. مفيش..
تحسس بسبابة يده اليسرى شفتيها ببطء محدقا بهما بحميمية: اشتقتلك أوى..
وكما هى العادة تخشاه وتخاف من لمسته مما دفعها للتهور.. فحدثتها نفسها مرة أخرى: يستحيل يفضل..
وخرج صوتها بصعوبة من حنجرتها وهى تشيح بوجهها بعيدا عنه عندما اقتربت شفتاه تلامس شفتيها لتقبيلهما: جعانة..
عادل مستغربا: نعم أحنا متعشيين من ميكملش ساعة..
سلمى بارتعاشة وخوف جلى فى نبرة صوتها: أنا جعانة.. جعانة أوى..
عادل: طيب.. طيب.. 10 دقايق واجهزلك عشا تانى..
سلمى: لأ أنا عوزة اكل مكرونة.. جعانة..
عادل بنفاذ صبر من محاولتها المستمرة لابعاده عنها: مكرونة 10 بليل.. حاضر.. نص ساعة ويكون جاهز..
خرج عادل من الغرفة بعد أن صفق الباب خلفه فى غضب صادحا: أما نشوف أخرة حججك الفاضية ايه..
--------
"هو"
الأمل والألم
جزء من حياتنا
موجودين سوا
عشان نقدر نحس بطعم الدنيا
بس حياتى غريبة شوية
كنتى أملى
وبقيتى ألمى
فبقيت بسأل نفسى كل يوم نفس السؤال
أمتى حرف الميم يوقف المهزلة دى
أمتى يرحمنى ويستقر فى مكانه
لامتى هيخلينى حيران
--------
"هى"
جوه قلب كل واحد باب أسود
مش بس بيتحط وراه الناس اللى خذلونا
بيتحط وراه الناس اللى كانوا حبايبنا فى يوم من الايام
دايما كنت أسمع أن مامحبه الا من بعد عداوة
لكن أكتشفت أن أشد أنواع الكره هو اللى بيجى بعد حب
"أقسمت بعشقك أن تكون عدوى"
--------
نظرة صوبت على الباب الذى صفقه خلفه، تملؤها مشاعر متضاربة داخلها، لم تعلم سلمى أيهم المسيطر عليها هل هو كره لشريكها الاجبارى أم حنق على حياتها أم غضب أم ألم ممزوج بكسرة روحها؟.. لم تعلم سوى الاحساس بتلك الدموع الحارقة لعينيها وهى تتطلع لذلك الباب الذى أغلقه خلفه غاضبا..
انتظرت دقائق ثم اتجهت على أطراف أصابعها ناحية الباب ففتحته ببطء لتتأكد أنه ترك الطابق العلوى واتجه للمطبخ بالاسفل, ثم أغلقت الباب ثانية واتجهت الى السرير لتنفذ مخططها للتخلص من ذلك الحمل الذى أثقل روحها غما وخوفا..
صعدت الى حافة السرير وبدأت فى القفز من عليه، كانت تشعر بالألم مع كل قفزة.. لازمت الدموع عيناها, ليس فقط من اللألم وانما قهرا أيضا..
كانت تفكر فى ذلك الجنين.. أى ذنب قد اقترفه لتتخلص منه.. لم يكن له ذنب سوى أن أمه ضعيفة أمام ذلك الوحش الذى من المفترض أن يكون أباه..
مرت 10 دقائق وهى على هذه الحال حتى أحست بألم شديد أسفل بطنها وسخونة بين ساقيها.. نظرت لأسفل فرأت خيط دم رفيع ينساب على ساقيها..
جلست أرضا مستندة بظهرها الى السرير تبكى منهارة.. هل ما أقدمت عليه صواب أم خطيئة؟.. لم تعلم الأجابة، ولكن رؤية دمائها أتلف ما تبقى من أعصابها.. وزاد من انهيارها وتشويش تفكيرها.. فعقدت العزم على الاستمرار للتخلص من حملها، وربما من حياتها أيضا، فتستكين روحها المعذبة للأبد.. فصعدت مرة أخرى على السرير وعادت الكرة من جديد..
--------
فى ذلك الوقت كان عادل منهمك فى المطبخ لتجهيز وجبة صغيرة لحبيبته العنيدة.. كان يدندن أغانيه بسعادة، وهو يمنى نفسه بسهرة خاصة تلك الليلة..
فكر فى احضار كوب من العصير لها.. فأسرع الى الثلاجة وأخرج عصير الفراولة الذى تعشقه وصب لها كوبا واتجه لأعلى..
كلما أقترب من الغرفة كان يسمع أصوات لا يفهمها تزداد وضوحا.. شعر بالخوف.. فترك كوب العصير على السلم وأسرع قفزا على السلالم الباقية..
فتح الباب فجأة ليجد سلمى تقف على الطرف الآخر من السرير وكانت مولية ظهرها له.. وما ان سمعت صوت فتح الباب حتى التفتت تنظر له والدموع تغرق وجهها.. لاهثة يتصبب منها العرق.. متقطعة الأنفاس.. شاحبة الوجه.. زائغة العينين.. ثم قفزت من جديد لتسقط أرضا على ركبتيها لتحاول الوقوف من جديد لتكرار فعلتها..
ذهل عادل مما يراه.. لم يستوعب ما تفعله.. كان يقف ممسكا مقبض باب الغرفة ينظر لها ليفهم مايجرى حتى لمح دماءها على طرف السرير فأسرع اليها صارخا: بتعملى ايه يا مجنونة؟.. لو اللى فى دماغى صح هجيب أجلك..
حملها بين يديه ووضعها على سريرهما، بينما ظلت سلمى تصرخ بألم وهى تتلوى فى فراشها.. هابط عادل مهرولا باتجاه غرفة مكتبه بالاسفل لاحضار حقيبته الطبية، عله يستطيع انقاذ مايمكن انقاذه..
--------
بعد مرور عدة ساعات أستيقظت سلمى.. بدأت تفتح عيناها بصعوبة فالألم أسفل بطنها قوى لا يحتمل.. ظلت تتأوه وهى تحرك رأسها يمينا ويسارا على الفراش..
كان عادل جالسا أرضا الى جوارها مستندا بظهره للسرير منكس الرأس، وبنبرة يكسوها الحزن والقهر همس بصوت باكى:
- موتيه!..
- ارتاحتى يا سلمى خلاص؟..
- العيل اللى مستنيه طول عمرى منك قتلتيه!..
- موتى ابنى!..
----------------------------
يتبع
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى
|