كاتب الموضوع :
بسمه ااسيد
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
**الحلقة17: ترويض الشرسة (ج2)
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة17: ترويض الشرسة (ج2)
-----
انتبه لصرخاتها ولذلك التحطم، فشعر بانقباضة بصدره وهم بالخروج من الحمام سريعا لتفقدها.. فترك المياه منسابة، وخرج كما هو دون اهتمام بوضع حتى منشفة لستره.. أقل من ثانية استغرقها فى الخروج، ليفاجئ بكل تلك الدماء المحيطة بها..
أسرع اليها، وبصعوبة كتف يديها، وأسقط تلك الشظايا من كفوفها.. كانت تصرخ بهستريا، وهى تحاول ضربه فى صدره بقبضتيها الصغيرة.. خدشت وجهه كثيرا بأظافرها، وهو لم يبالى سوا باحتوائها والسيطرة عليها، لايقاف ذلك النزيف الذى انبثق من أماكن كثيرة بجسدها..
بصعوبة احتواها عندما استطاع ضم ظهرها لصدره, فشدد على خصرها بيمناه بينما أمسك قبضتيها بيده اليسرى.. كان يسحبها بقوة وهو يسير بظهره للخلف فى اتجاه الدولاب.. وما ان اقترب من درفة الدولاب المنشودة حتى ترك قبضتيها سريعا ليفتحها.. انتزع سريعا حقيبته الطبية، بينما استطاعت سلمى الافلات منه.. لم يكن بحاجة لكثير من الوقت لفتح حقيبته وسحب تلك الحقنة المعروفة جيدا بالنسبة له والمعبأة من قبل.. وبسرعة نزع الغطاء عن السرنجة واتجه لهدفه، تلك الزاحفة بعيدا عنه تعانى الألم والحسرة والعار.. استطاع بصعوبة طفيفة السيطرة على مقاومتها الضعيفة، فتسلل ذلك السائل سريعا بأوردتها..
استكانت قليلا، فحملها بين يديه ليضعها بالسرير.. انتبه لتلك الدماء المحتلة لمكانها بالفراش والزائدة عن الطبيعى.. قطعت شروده بصوتها الباكى المتألم بضعف، والذى يقاوم الخلود فى غيبوبة نوم اجبارية:
- أنت عمرك ما كنت كده!..
- أزاى بقيت كده؟!
ليجيبها ألما: أنتى الوحيدة اللى ممكن تخلينى عاقل أو تطلع جنونى..
سلمى بنظرة قوية يملؤها الكره والنفور: أو يمكن ده وشك الحقيقى اللى مكنتش أنا أعرفه..
عادل باصرار: أنتى مراتى.. اللى حصل طبيعى بين المتجوزين.. أهدى.. والله يا سلمى أنتى حلالى..
سلمى بعدائية: أنا حرامك..
قاومت سكونها تحت تأثير المخدر، لتهمس ببكاء: حسبى الله ونعم الوكيل فيك.. لما اروح لربنا هقوله أنى مش مسمحاك..
غصة أقتحمت روحه تألما على حالها، ولكنه لم يسمح للندم بالتسرب لقلبه.. دافع عن نفسه بأنها دفعته لذلك، لاجبارها على الأعتراف بزواجهما الذى تراه هى باطلا ولا يرقى لرباط مقدس يجمع بينهما للأبد، وكذلك منعها مستقبلا من المجازفة بحياتها بمواجهة أبيها..
أسرع بتنظيف جروحها، وقد حمد الله كثيرا أن جميع الجروح بجسدها كانت مجرد جروح سطحية لا تمثل خطورة.. بينما أصابه القلق قليلا من نزيفها والذى ساعد ضعف بنيانها الجسدى على استمراره.. ولكن أمامه تقريبا يومين للسيطرة على الوضع قبل افاقتها من تأثير مخدره القوى..
الآن يحتاج الى استبدال ملابسها بأخرى نظيفة، وكذلك تغيير تلك الشراشف فاتجه الى تلك الردفة الكبيرة التى توسطت دولابه الكبير، ففتحها على مصراعيها يطالع تلك الثياب الجديدة التى اشتراها لسلمى فى فترة توضيبه للفيلا.. كان يمنى نفسه أن تسعد بهداياه عقب موافقتها على الزواج، ولكنها أصبحت بالنسبة له الآن درب من دروب الخيال.. أختار أحد القطع المغلفة وبحث عما يليق بها من كماليات ثم عاد مرة أخرى لها لتنظيف الفوضى التى أحدثاها..
--------
مر الشتاء مرا علقما على سلمى، ولم يكن عادل فى وضع أفضل منها.. أرغمها على مشاركته كل شئ وأولها غرفته.. لم يسمح لها بمغادرتها مطلقا.. سيطر عليها الأكتئاب، مما دفعه لافراغ الغرفة من أى شئ حاد قد تستخدمه لاذاء نفسها خاصة مع تكرارها لتلك الفعلة أكثر من مرة، والتى جعلته قاسيا خشنا فى التعامل معها للسيطرة على سلوكها..
حاول مرارا وتكرارا بناء الجسور بينهما، ولم تستطع هى التفاعل معه.. غلب عليها الخوف والذعر كلما اقترب منها.. وعلى الرغم من ذلك لم تخلو المواقف بينهما من بعض لحظات حاولت هى فيها المقاومة، فتثير حنقه وينالها وقتها بعضا من غضبه وعنفه معها..
--------
فتح عادل باب غرفته وبصوت هادئ دعاها للطعام: حبيبى.. يلا الغدا جاهز..
انتفضت سلمى عندما سمعت الصوت الناتج عن فتحه للباب، وانكمشت على نفسها بجانب السرير.. أصابه الأحباط مرة أخرى من خوفها البادى جليا على وجهها.. أقترب منها، فازدادت بعدا وتشنج جسدها عند جلوسه جوارها على حافة السرير: هنفضل كده لحد أمتى؟ سلمى أنا والله بحاول أصلح اللى فات.. عارف أنه مشوار طويل وصعب.. بس هفضل أحاول.. بس هفشل طول مانتى خايفة منى وبتبعدى..
ألتمعت عيناها بالدموع، شعر بألم اعتصر قلبه فأسرع بمسح دموعها المنسالة بكفه.. ولكن بدلا من أن تلين لفعلته، انتفضت خوفا فأطاحت يده بعيدا عنها وهى تفر من فوق ذلك الفراش وهى تهمس بألم: بكرهك..
لم تظن أن همسها قد يصل الى أذنيه، ولكن كلمتها لم تخترق مجال سمعه فقط وانما أيضا حطمت معنوياته فى كسر الحاجز بينهما.. حاول عادل السيطرة على أعصابه حتى لا يزيد من تفاقم الوضع بينهما: بلاش عشان مزعلكيش يا سلمى..
كانت نظراته كفيلة بارعابها، ولكنها بمنتهى العنجهية تحدته رغم ضعفها وخوفها المرسوم بحرفية على وجهها: بكرهك.. بكرهك.. ربنا يخدك.. حسبى الله ونعم الوكيل فيك..
استمرت كلماتها وهى تتراجع للخلف فى نفس الوقت الذى تقدم عادل فيه ناحيتها، ثم جذبها اليه عنوة لتسقط فى حضنه فتلتمع عيناه بنظرة شرسة وقحة تطالع كل تفصيلة فى منحنيات جسدها، لتتلجم الكلمات فى حلقها وتتسارع دموعها هروبا من بين أهدابها: بتقولى ايه تانى؟.. سمعينى صوتك كده.. مكان عالى..
كز على أسنانه ليضغط على حروف كلماته: اتخرستى ليه؟
القاها على السرير، ونزع عنه قميصه، فارتعبت واسرعت بالاختباء فى تلك المساحة الصغيرة الفارغة بين الحائط والدولاب.. ذهب اليها ببطء ونظراته لا تحيد عن عيناها، بينما ظلت هى تربت بيدها اليسرى على صدرها راجية وهى تبكى: خلاص أنا أسفة.. سامحنى.. مش هكررها والله العظيم.. عشان خاطرى متأذنيش.. أبوس رجلك بلاش..
جذبها من يدها لتخرج من مكمنها، ثم احتضنها بقوة بين ذراعيه القويين حتى أحست بالألم والندم على تجرؤها عليه.. بينما أخذ هو يستنشق عبير شعرها المرتب الأخاذ، ويهدئ ضربات قلبه القوية بضمها أكثر اليه..
أنزل أحدى يديه على خصرها، ثم أسند ذقنه فوق رأسها بينما دفن وجهها بقوة فى صدره، أما يده الاخرى فقد أسدل بها حمالتى قميص نومها الزيتونى القصير.. فهمست ببكاء راجية اياه: عشان خاطرى.. والله مهكررها.. هبقى مؤدبة والله.. بلاش..
أطلت ضحكة خفيفة على محياه، مازالت حبيبته طفلة تستخدم مصطلحات الأطفال فى حديثها "مؤدبة".. لم يكن يحتاج أكثر من ذلك، أراد فقط أن يلمس جسده جسدها بدون حائل ليشعر بأنهما جسد واحد لا انفصال بينهما..
ظل محتضنا اياها لعشر دقائق دون أن يتفوه أيهما بأى كلمه.. ومازالت تلك المسكينة مستمرة فى البكاء حتى رفع حمالتى قميصها وثبتهما على كتفيها مرة اخرى..
رفع ذقنها بأطراف أصابعه: أدخلى خدى دوش.. وغيرى هدومك.. ربع ساعة وتكونى تحت عشان نتغدى..
ثم تركها ليغادر الغرفة بعد أن أخذ قميصه الملقى على طرف السرير ودون أن ينظر اليها: ومتزعليش من اللى هعمله لو أتأخرتى زى عادتك..
ارتمت سلمى على الفراش وأكملت بكائها وندبها على حظها العاثر الذى أوقعها بين يد من لا يرحم..
----------------------------
يتبع
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى
|