كاتب الموضوع :
بسمه ااسيد
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
خاتمة الفصل الأول **الحلقة9: دماء على الطريق
خاتمة الفصل الأول
**الحلقة9: دماء على الطريق
شعرت شادية بالريبة، فلقد قاد كامل كثيرا حتى انها بالكاد ترى سيارات مجاورة، فسألته: هو المأذون مكتبه فين؟ السكة دى مقطوعة ولا أنا بيتهيألى؟
كان كامل مازال سابحا بأفكاره, وترتيب حساباته من جديد عندما قاطعه سؤال شادية، فأجابها بشرود: أه هو بعيد شوية، لأنه أبو صاحبى’ هيتغاضى عن حكاية سنك وولى الأمر.. عشان كده هنروحله.. متقلقيش يا حبيبتى
شادية بارتباك: كامل أنا خايفة
كامل باستنكار مصطنع: تخافى ازاى وأنا معاكى حبيبتى
مر الوقت بطيئا، والخوف حل محل أحلامها الوردية: أنا عوزة أرجع عند أمى..
كامل بعصبية خفيفة: والمأذون؟
شادية بخوف بدأ يسيطر عليها: أبقى هاته عند أمى
رد بغضب محاولا السيطرة عليه: أنا مش فاضى للعب العيال ده، زمان أمك عند المأذون أصلا..
--------
كما هو حال البشر
نتقلب بين خير وشر
أبيض وأسود
طريقان متوازيان استحال تقاطعهما
لا يمكننا السير عليهما معا
لذلك عند كل اشارة نتخذ القرار أيهما نسلك
كانت شادية هى اشارته, وعليه اتخاذ قراره.. فلا مجال للعودة أو الندم.. الان يمكنه التراجع والبدء من جديد معها ومع طفلهما.. حياة أسرية هانئة بغض النظر عن صغر سنها وبطلان زواجهما.. يمكنه تصحيح ذلك الخطأ.. خاصة أنه يكن لها المشاعر التى حرم منها طول حياته.. هو يعى ذلك تماما.. ورغم ذلك اختار طريق الضلال ليسر فيه دون تردد.. اختار بنفسه لون صحيفته..
--------
لاح بيت صغير من طابق واحد أمامهم، فأكمل كامل حديثه بهدوء وهو يزفر ببطء: خلاص وصلنا، هو البيت اللى هناك..
شادية بريبة: مش قولتلى ان السواق بتاعك هيجيب ماما؟ أمال فين العربية؟
كامل بارتباك: ممكن ميكونوش لسه وصلوا.. أو مستنيانا جوه والسواق مشى.. مهو أكيد هتروح معانا..
أوقف كامل سيارته أمام المنزل، ودعا شادية لمغادرة السيارة.. ترددت شادية قليلا، فما كان منه سوى أن دار حول السيارة ليقف قبالة بابها ليفتحه ويجذبها اليه: يلا بلاش لكاعة عندى شغل انهاردة كتير..
وقفا أمام باب المنزل الصغير فطرق بابه، لتفتح سيدة خمسينية الباب: أهلا يا بيه
ثم نظرت للفتاة المجاورة له متفحصة اياها من أعلاها لاسفلها: هى دى اللى عليها العين؟
أومأ كامل برأسه وهو يدفع شادية للداخل برفق حتى ولجا المنزل، فى حين ازداد خوف شادية.. فالمنزل يكاد يخلو من الاثاث, مجرد كنبة قديمة أمامها يجاوره كرسى وأمامه منضدة صغيرة عليها دورق مياه معدنى صدئ والارض مفترشة بحصير بالية.. لايمكن أن يكون ذلك منزل مأذون أبدا..
أخرجها من شرودها يد تلك السيدة وهى تجذبها من ذراعها باتجاه غرفة جانبية, فسحبت شادية يدها بسرعة فى فزع: سيبي ايدى، انتى وخدانى على فين؟ وعوزة منى ايه؟
أجابتها السيدة بتهكم وهى تضرب كف بكف وتنظر الى كامل الذى أخرج سيجارته وأشعلها لينفس بها بعض ما اعتمل بصدره: هكون عوزة منك ايه يا اختى! عوزة أخلصك من العار اللى بليتى أبوكى بيه..
قالتها وهى بتشير بنظرها لكامل
ياله من حقير، خدعها للمرة الثانية.. اليوم يريد التخلص منها ومن ابنهما, مدعيا أنه أباها.. لا وقت الان للندم.. ما عليها سوى الفرار قبل أن يقتل طفلها..
هكذا حدثت شادية نفسها، وكأن كامل قد قرأ أفكارها فجذبها اليه، كانت تصرخ مستغيثة وهو يجرها باتجاه الباب المغلق ومازالت سيجارته بين أصابع يده الأخرى وخلفه تلك السيدة.. وما ان اقترب من الباب، حتى فتحت سيدة أخرى الباب من الداخل.. لم تكن تختلف كثيرا عن السيدة الاولى، نفس الملامح الشرسة المحتقرة لها..
بصعوبة دلفت شادية للغرفة، ولم تتوقف عن الصراخ والاستغاثة.. ولكن لم يكن هناك مجيب.. وما هى سوى دقائق حتى انقطع صراخها تماما..
وصل كامل لقمة توتره فى تلك الدقائق، مشاعر مختلطة اربكته، ولا مجال للتراجع الان.. دقائق أخرى كان قد انهى خلالها سيجارته الثالثة عندما وجد احدى السيدتين تدلف خارج الغرفة فى ارتباك تحمل منشفة متسخة تنظف بها يدها من الدماء العالقة بها.. ألقى سيجارته أرضا ودهسها بحذائه وهو ينظر لها بترقب..
السيدة: خدها يا بيه بسرعة على أقرب مستشفى.. بنتك لو فضلت هنا هتروح فيها
جذبها كامل من طوق جلبابها المنزلى: انتى بتقولى ايه يا خرفانة انتى؟ انتى قيلالى ان الحكاية بسيطة، والبت هتطلع صاغ سليم
تحاول السيدة تخليص نفسها من قبضة يده: مش وقته يا بيه.. البت لسه صغار وعضمها طرى مستحملتش.. بتنزف ولو متلحقتش هتموت.. العيل خلاص نزل.. ومهمتى انتهت..
ابتعدت عنه السيدة والشرر يتطاير من عينيها، وبنبرة محذرة: خدها يا بيه دلوقتى احسنلك وأحسنلها، البت لو فضلت ساعة زمن كمان هتفرفر, وأنا عندى اللى يتاوى جتتها لامن شاف ولا من درى.. خدها لو خايف عليها.. انا مش هجيب مصيبة لنفسى هنا..
أسرع كامل للداخل فحملها، وغادر ذلك البيت المشؤم.. دماؤها تقطر أرضا، قميصه الأبيض تحول الى الحمرة.. قد يكون الندم عرف طريق قلبه.. ولكن من منا يمكنه تغيير الماضى..
--------
لم يكن ذلك ما خطط له، كان هدفه واضحا التخلص من الحمل مع الحفاظ على حياة الفتاة.. ولكن ها هو الان يحملها وهى بين الحياة والموت بعد أن تخلص من طفلهما.. وضعها بسيارته، وانطلق بها غير عابئ بتخطيه السرعة القصوى، والتى من المحتمل أن تودى بحياتهم أثر حادث وشيك.. انقطعت أنفاسها، وشحب لونها، وجسدها يزداد برودة.. وهو يسارع الوقت للوصول لأقرب مشفى..
--------
ترجل كامل أمام المشفى وتوجه ناحية شادية فحملها مسرعا لادخالها المشفى، غير عابئ بسيارته التى ترك بابيها مفتوحين على مصرعيهما وغير مهتم كذلك بثيابه المخضبة بدماء بريئة..
ما ان دلف كامل مدخل المشفى حتى صرخ بطقم الممرضات بحدة أن يأتوا لانقاذها, وبالفعل هرولت اثنتين اليه وأخرى سحبت ترولى ليضعنها عليه بينما توجهت احداهن لغرفة الأطباء لاستدعائهم..
--------
عقب علمه باداعها غرفة العمليات توجه كامل الى الحسابات، أودع مبلغ كبير جدا فى حسابها.. كما استغل نفوذه وأمواله فى طى الأمر بعيدا عن المساءلة القانونية واخفاء اصطحابها الى المشفى .. نوى الرحيل للأبد دون حتى انتظار للاطمئنان عليها.. فكل دقيقة تعرضه للخطر خاصة ان توفت.. ولكن قبل المغادرة أوصى باستدعاء أمها, دون أدنى الاشارة اليه..
--------
هرولت الحاجة سعاد الى المشفى عقب ذلك الاتصال الغريب من الاستقبال والذى أتاها على هاتف البقال..
وما ان وصلت حتى علمت أن ابنتها بغرفة العمليات، لم يكن الأمر يحتاج لكثير من الشرح، ولم يكن ينقصها الذكاء لفهم الجريمة التى حدثت لابنتها.. ابن الشيطان تخلص من مصطفى ليستدرج ابنتها ليتخلص منها ومن جنينها.. لو كانت امرأة قوية لذهبت اليه لتثأر لشرف ابنتها وتحاسبه على جرائمه، ولكنها لا حول لها ولا قوة فهى مكلومة على وحيدتها لايهمها الان سوى حياتها.. تتضرع للخالق أن ينقذها، ويسامحها على تقصيرها فى تربية ابنتها.. أه من نفسها اللوامة، وجب عليها حمايتها وتوعيتها ولكنها دوما تراها طفلة لم يخطر ببالها أن يستغل شيطان سذاجتها..
لن ينفعها ندمها الان، أحسنت الظن بالله.. ولم يخيب الله رجاها، أنقذ طفلتها وحمى جنينها.. طمأنها الطبيب بتوقف النزيف واستقرار حالة ابنتها وحملها الذى نجى بأعجوبة.. حمدت سعاد ربها وشكرته شكرا كثيرا على رحمته بهم وقبوله لمناجاتها..
--------
كما فعل كامل فعلت سعاد، أخفت خبر نجاة الجنين بالمال خشيت أن يعلم ذلك الشيطان فيحاول مرة أخرى قتل ابنتها.. وعقب استقرار حالة شادية عجلت أمها بمغادرة المشفى، ولكنها لم تعد للحارة.. فضلت التوارى حتى لا يعلم كامل بنجاة ابنتها وحملها، خافت بشدة من تكراره المحاولة.. وبالتأكيد ان وصل لابنتها فلن يكون هناك للنجاة سبيل.. كما أنها تحتاج للوقت لتدبر أمرها فلا يفضح سترهم بالحارة.. تدبرت الأمر المرة الماضية فأشاعت عقب عودة ابنتها المرة الاولى أن ابنتها غضبت منها لرفضها عريس من أقاربها، فلجأت الى أهل أبيها للضغط على أمها للموافقة.. أما الان تحتاج للوقت حتى تفكر فى حجتها هذه المرة..
--------
مرت شهور قليلة كانت الحاجة سعاد تتابع ما يحدث فى الحارة من خلال تلك المكالمات مع زوجة مصطفى، والتى زادت عقب خروج مصطفى من المعتقل وعودته لحياته الطبيعية وانتهاء علاقة كامل بهم نهائيا..
وقد أشاعت زوجة مصطفى زواج شادية بأحد أقربائها بناء على طلب الحاجة سعاد لقطع ألسنة القيل والقال وأيضا حتى لا يثير حملها الأسئلة..
لم تعد لدى الحاجة سعاد رغبة فى العودة لمنزلها ولكن شادية أصبحت غريبة، بالتأكيد مامرت به أثر عليها كما أن المرض أضعفها حيث أصبحت ملازمة لفراشها.. أنطفأ بريق عينيها، أصبحت زاهدة للحياة، بصعوبة تقتات القليل بعد الحاح بصبر شديد من أمها.. لم تعد ثرثارة كعادتها، قليلا ما تتحدث ودائما تلح على أمها برغبتها فى العودة للمنزل، ويقابل ذلك رفض أمها خوفا عليها وعلى حملها من ظهور كامل مرة أخرى.. وقد برهن الأخير على سطوته ونفوذه, فرغم كل آثامه لن ينال أى عقاب.. ولكن حالة شادية النفسية السيئة دفعت أمها للتخلى عن عنادها وخوفها، خاصة بعد مرور تلك الأشهر والتى يبدو فيها أن ذلك الشيطان نسيها تماما بعد أن حقق مراده ونال ما أراد من ابنتها وعائلة جارهم..
ولكن القدر لم يمهلها الكثير, وكأنه عقاب السماء على تقصيرها فى رعاية ابنتها.. فقد شاء القدير استعادت منحته، فماتت شادية أثناء ولادة ابنتها.. لتكن سلمى بلسم يداوى جرح فراق وحيدتها..
Return
--------
صيف 1994
طرقت سلمى باب غرفة جدتها لتخبرها بموافقتها على الزواج من عادل، ولكن الجدة لم تجيب.. فزادت سلمى من حدة الطرقات، وكما السابق لا مجيب.. انشغل بال الفتاة على جدتها فدخلت مسرعة الغرفة وحاولت ايقاظ جدتها فلم تستجب، ومازاد من فزعها ان ملمس جلدها بارد وبشرتها شاحبة
فأسرعت سلمى بوضع ايشارب على رأسها واتجهت الى بلكونة الغرفة ففتحتها على مصراعيها بقوة وهى تصرخ لتستغيث: أبيه عادل.. الحقنى يا عادل
كان عادل مازال بصيدليته تحت منزلها يتسامر مع صديقه بهى ولم يشعرا بالوقت.. فخلال تلك السويعات استمتع مع صديقه بذكريات الطفولة والتى كانت سلمى وصديقتها سالى محورها حتى سمع استغاثة سلمى باسم عادل، فتوقف بهى عن الضحك: سلمى بتصرخ (لفظها بصعوبة بسبب عيب النطق لديه)..
نهض عادل عن كرسيه بفزع: سلمى
ثم أسرع بالخروج لينظر لاعلى بخضة: مالك يا سلمى؟
سلمى برعب وبكاء: الحقنى.. اتصل بالاسعاف.. تيته مبتردش عليا
ثم برجاء وقد ازدادت حدة بكائها فأصبحت نحيبا: أرجوك بسرعة هتروح منى، متسبنيش يا عادل
----------------------------
يتبع....
فى انتظار نقدكم البناء
وشكرا مقدما
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى
|