كاتب الموضوع :
بسمه ااسيد
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الحلقة35 (الأخيرة) ج3 مـازالت مملكتك فـى ذاكـرتـى وإن خـويت على عـروشهــا
عنوان الحلقة الأخيرة أهداء الكاتب المتألق: أ/شريف الهمامى
شريف الهمامى Sherif Elhmamey
مؤلف كتاب/ روبابيكيا الكلمات
#معرض_القاهرة_الدولى_2018
-----
رواية "ظلال الماضى"
الحلقة35 (الأخيرة) ج3
مـازالت مملكتك فـى ذاكـرتـى وإن خـويت على عـروشهــا
"اهداء الكاتب/ شريف الهمامى"
تقف بمنتصف مغطسها، تنساب المياه الباردة على جسدها.. تداهم رأسها الكثير من الذكريات.. فها هى صغيرة تلعب بالأحجار بمنتصف الحارة، بينما رفيقها طويل القامة يجلس بتأفف على الرصيف قريبا منها ليحرسها حتى تنتهى من لعبتها المملة..
شبح ابتسامة سريعا ما انذوى هاربا وهى تدلك وجهها بأناملها، بينما تحاول فتح عينيها العالقة بأهدابها المياة.. تتذكر طفلة تخطو خطواتها الأولى لمدرستها.. ترفع رأسها عاليا لتطالع وجهه المبتسم دائما لها وهو يحمل حقيبتها الصغيرة بيد، بينما تمسك هى بيده الأخرى الكبيرة جيدا.. تخشى أن تفلت يدها منه، فيفرق بينهما الزحام، فلا يستطيع تمميزها عن أقرانها موحدى الرداء..
تداعب بأناملها فروة رأسها بين حين وآخر فتتخللها المياه لتكن كشرارة كهربية تدفعها لمقاومة تلك التدفقات القديمة لماضى لا يمكن العودة اليه.. ولكن هاهى صورة مراهقة تعلمت كيد الفتيات، فتمردت على نعته بأخيها الكبير ليصبح حبيبها السرى ذو الملامح الذكورية التى تتهافت عليها الفتيات..
لا يمكنها المقاومة الآن، فقد أنسابت دموعها لتختلط بالمياه.. ترى شابة تخشى الحب.. تخشى مذلة النسب.. تخشى كسرة عينها أمامه..
ترى نفسها كيف تحولت لأمرأة كسرت بيده لتصبح أطلالا لا ترقى للفظة انسان.. ضعيفة.. وحيدة.. خائفة..
تدلك رقبتها لتزيل عنها بعض الأرهاق، ولكن عبثا ما تحاول صنعه، فما هى فيه ظلال ماضى كتب التيه على روحها.. تغلق الصنبور ثم تجذب منشفتها القطنية لتدلف غرفتها ببطء..
--------
خصص له مصطفى ذلك الملحق منذ عدة سنوات عندما أجبره على دفن أبيه وأمه بمقابر أشتراها مجاورة لمقابر آل الجوهرى.. أضطر وقتها للانصياع لأمره، كان كل شئ بيده.. النعوش بمشفاه وتصاريح الدفن بجيبه..
وهاهو الآن للمرة الثانية يقف أمام المرآة المتوسطة دولابه، يكمل أرتداء حلته الكلاسيكية السوداء.. مازال يذكر تلك الحلة التى أرتداها وقتها.. أنخفض وزنه كثيرا بالطبع بسبب تراجع حالته الصحية نتيجة أخفقاته العديدة فى العلاج من الأدمان..
تختلط المشاعر داخله..
لا يعلم حقيقة شعوره نحو أخيه الآن..
يشعر بغضب، سريعا ما ينطفئ بمياه الفقدان..
هو بالفعل يفتقده..
يشعر بنفس الألم الذى أصابه قديما عندما تركه وهو طفل ابن السابعة..
كثير من المشاحنات خاضاها سويا فى الأعوام القليلة الماضية..
ولكن وراء كل مشاحنة كان يشعر باحتياجه اليه..
كان يشعر بحب أخيه مما دفعه للتمرد عليه أكثر..
لا يريد أن يدع له فرصة ليتخلل حياته ثانية مخافة أن يتركه ويرحل..
لن ينسى له تخليه عنه..
لن ينسى تصميمه على اصطحاب أبيه وأمه ليعود الجميع فى نعوش خشبية..
وهاهى الآن زوجته آخر ما صمم مصطفى على نزعه منه..
حرمه من امرأته لتكن حليلة له..
سلمى كانت من المفترض أن تكون جواره، أم أبنائه هو..
ذلك الطفل الصغير ما كان يجب أن يولد لأب غيره..
يشعر بالحقد على أخيه لتنعمه بطفل منها، بينما حرمته هى من طفله..
هى أمرأتى..
كيف قبلت أن تكون له!
وكيف أستباح هو ما ليس له!
كيف حدث كل ذلك؟!
كيف أصدق أن ثلاثتنا وقعنا بفخ لم ينصبه أى منا للآخرين!
--------
هاهى الآن تنظر لحلتها السوداء على طرف فراشها..
ابتسمت بسخرية، فقد منعها دائما من أرتداء ذلك اللون..
يخبرها دائما أنه لون الكآبة، وحياته معها هى السعادة..
وهاهى الآن مضطرة رغما عنها أرتداؤه فى جنازته..
تطالع مرآتها..
ترى انعكاس صورته جوارها مبتسما..
يده حنونة رأفة بحالها..
يهمس بأذنها أياكى والذهاب فى ذلك الطريق..
يعلم جيدا ما يدور بعقلها..
هو ببساطة لا يريد..
تنظر لعلبة مجوهراتها الصغيرة..
تعلم جيدا أن ذلك السوار هو اختياره..
فالتقطته لتحيط به معصمها..
مازال يهمس لا أريدك أن تخوضى حربا من أجلى..
تعقد أنشوطة قميصها الأسود، ثم ترتدى سترتها السوداء.. تسأله متعجبة: حقا، أتريد عودتى لتلك الضعيفة الضائعة!
همس محذرا: أياكى والعودة لتلك السلمى، كونى دائما فريدة..
تحدد عيناها بحرفية بخط أسود سميك: لن أترك أحدهم صدقنى.. كل من آذانا سينال عقابه..
يرجوها لمرة أخيرة: أرحلى من أجل آدم حبيبتى..
تحدد شفاها بأحمر قانى يبرز جمالها الهادئ: أقسم ألا أترك أيا من ثلاثتهم دون عقاب..
--------
تجاوره فى السيارة، صامتان طوال الطريق للمقابر..
يلمحها بطرف عينه، يتأفف من التدقيق بها..
تضع وشاحا خفيفا على رأسها يجهل سبب وجوده، فبالفعل لا يخفى تلك الخصلات الشقراء، لا تعجبه سوى خصلاتها البنية..
ترتدى رداء محتشما من أعلى، أما أسفل فحدث ولا حرج، تنورة تعدت ركبتيها بقليل..
وما يزيد حنقه تلك الأصباغ الملطخة لوجهها..
حقا ماذا فعلت مصطفى بفتاتى!
لا أراها..
نظراتها كلوح ثلج لا يفهم ماورائها..
هى تشعر بتدقيقه بها، ولكنها جعلت من اللامبالاة قناعا لها.. لا تفكر بشئ سوى رغبتها بمعرفة هوية القاتل أو الآمر بقتل زوجها.. لاتعلم سوى أسمه الأول فقط..
Flash back
الزمان: قبيل وصول عادل الفيلا بساعة
المكان: مكتب مصطفى بالفيلا
يحتسيان القهوة سويا، كل منهما يحمل الكثير من الكلمات، وكلاهما يحجم عن التصريح بها.. قطع العجوز حاجز الصمت المريب: كويس أنك بعدتهم عن هنا، هدى هانم رغم السن لسه قوية وتقدر تحميهم..
أرتبك مصطفى بشدة: دانا متراقب بقى!
رشدى ومازال يرتشف قهوته الساخنة: ده لحمايتك.. فى الأول والآخر أنت ابن سالم..
لم يتخلص من أرتباكه بعد: والمطلوب؟
ترك رشدى فنجانه: المصنع، وبالسعر اللى تحدده..
أرتسم على وجه مصطفى عصبية لا يمكنه أخفاؤها: وان رفضت..
بنبرة أقرب للتهديد أجابه رشدى: يبقى بتحكم على نفسك واخوك وابنك ومراتك بالموت..
أفصح مصطفى عن غضبه: وده اسميه ايه ياعم رشدى تهديد!
ترك رشدى مقعده، ثم أغلق سترته استعدادا للرحيل: ده اسمه تحذير يا ابن الجوهرى..
Return
تفكر ألف مرة من رشدى هذا؟
لم يأتى ذكره على لسان مصطفى يوما..
فمن يكون ذلك القاتل؟
لا هى تعلم من القاتل، ولكنها تجهل من الآمر..
--------
تم الدفن بمقابر آل الجوهرى، يتلقيان العزاء سويا هناك، فلا عزاء بعد ذلك كما أمر عادل.. كلاهما متماسكا مرابطا بمكانه.. هى حيث اجتمع حولها بعض من نسوة صفوة المجتمع، وهو حيث الكثير من أهل العلم والمناصب السياسية رفيعة المستوى.. ومن بين الجميع ظهر ثنائى عجوز يجيدا الأختفاء عن الأنظار فى السنوات الأخيرة..
رشدى فهيم
كامل أبوالمجد
- اللعنة، مالعمل؟
- هل سيتعرف على ابنته؟
- هل سيؤذيها؟
- لا، سأقتله ان اقترب منها أنشا واحدا..
هكذا حدث عادل نفسه وهو يرى ذلك الثنائى يقترب منه بهدوء مخترقا ذلك الحشد المحيط به.. سحباه جانبا بعيدا عن الزحام، وبنظرات قاتلة تفحصهما.. مد كامل يده ليصافحه: البقاء لله يا عادل يا ابنى..
تبعه رشدى مصافحا: شد حيلك يا عادل..
أجابهما عادل ببرود: عظم الله أجركم..
رشدى: كويس أنك لسه فاكرنا يا ابن مصطفى.. دانت كنت وقتها عيل لسه بشورت..
عادل ببرود: وانتوا تتنسوا برده يا بشوات..
تحولت لهجة كامل الى ما يشبه التحذير: ياريت متطلعش غبى زى مصطفى.. أكيد مصدقتش أنه مات قضاء وقدر..
أكمل رشدى: احنا حاولنا نلم الموضوع ونشترى منه، ونبقى احنا اللى فى اللعبة بداله.. بس هو صمم يحتفظ بالمصنع، كان فاكر أنه بكده هيقربك منه..
لم يكن عادل غافلا عن ذلك: عارف، وياريته سمع كلامكم..
كامل باصرار: احنا لسه فيها..
أدعى عادل الجهل: تقصد أيه؟
لمح رشدى من يحاول الأقتراب من الشاب لأداء واجب العزاء، فأسرع لملاقاته وابعاده عن مرمى سمع حديثهم..
ابتسم كامل ابتسامة صفراء: تقنع الهانم أنها تبعلنا..
زفر عادل بضيق: فى حل أحسن من كده ونتيجته مضمونة، نبيع للى برة ونخلص من الموال ده..
تنحنح كامل: عنيد زى ابوك..
عادل: الله يرحمه..
كامل: الله يرحمهم جميعا.. اتمنى منجيش تانى قريب هنا.. بيتهيألى هتبقى قطمة وسط لو جت تدفن العيل الصغير..
غضب عادل عندما استشعر تهديده بأيذاء ابن أخيه: أنت بتهددنى يا عم كامل..
كامل ببرود: مش أنا مصدر التهديد، أنا فى نفس جبهتكم، الناس اللى برة هم اللى مينفعش تديهم امان وتقول هبعلهم واخلص، لأن ببساطة ممكن تنفذوا الفكرة تانى.. أنتم كعيلة مصدر تهديد لأعمالهم.. أنتم التلاتة فى مركب واحدة، أنت دلوقتى قبطانها.. خدوا الفلوس، واختاروا البلد اللى تحبوا تعيشوا فيها، وعهد عليا هأمنكم فيها..
توقف هنيهة ليتابع: سمعت أن مراته حلوة وانت عزابى، أتجوزها وربى ابن اخوك فى حضنك..
لم يبدى عادل أية رد فعل، ليتابع كامل حديثه: متدخلوش نفسكم فى متاهة.. أحنا نقدر نوقفهم عند حدودهم..
استمر عادل فى جموده، فشعر كامل ألا فائدة من الحديث اليه ففضل الأنسحاب: طيب أروح أعزى فريدة هانم..
أرتبك عادل لحظتها، ولكن سريعا أحكم أمره: هى ملخومة مع الستات، وكمان متعرفكش..
أبتسم كامل بخفة: أبقى بلغها بخالص عزائى..
ثم أنسحب سريعا متجها لسيارته الفارهة..
--------
صافحها معزيا: البقاء لله يا مدام فريدة..
طالعته بهدوء، تتساءل ملامح وجهها عن ذلك العجوز ذو الهيئة المهيبة: شكر الله سعيكم..
رشدى معرفا عن نفسه: أنا المستشار رشدى فهيم، صديق قديم للعيلة من أيام سالم الله يرحمه والد مصطفى..
علمته فورا ما ان نطق باسمه، فهاهو قد أتى اليها معرفا عن نفسه.. لن تعانى الآن مشقة البحث عن الآمر بقتل زوجها والساعى لايذاء أسرتها.. رسمت الأندهاش على وجهها: أسفة يا رشدى بيه، اللى ميعرفك يجهلك..
رشدى: حابب أجيلك فى وقت هادى نتكلم على راحتنا، مصطفى كان بيحكيلى اول بأول عن مشاكل المصنع..
ابتسمت فريدة فهاهو يوفر عليها عناء التفكير: ياريت يارشدى باشا..
ثم همست بجدية: أنا فعلا محتاجة مشورة حضرتك بخصوص المصنع بس بعيد عن أخو مصطفى، هو بيتعامل وكأنه وصى علينا، وده تصرف مش لطيف منه..
ناولها بطاقته الخاصة المرفق بها تليفوناته: دى نمرى الخاصة ميعرفهاش غير الناس العزاز يا هانم، وقت متحبى كلمينى نتقابل فى الوقت والمكان اللى تحدديه..
--------
عاد كامل حيث ينتظره رشدى بسيارته المستعدة للانطلاق: عملت ايه مع الواد ده؟
تنهد كامل بخيبة أمل: عادل نسخة مصغرة من أبوه، خلطة عجيبة بين غضب أبوه مع اصرار أخوه و عناد أمه..
التفت اليه سائلا: وانت عملت ايه مع مرات مصطفى؟
رشدى وقد وفق بمهمته: باين عليها النصاحة.. واضح كده ان عادل فارد قلوعه عليها وهى عايزة تخلع بالميراث.. شكلها هتبعلنا..
أومأ كامل برأسه: تمام.. المهم الرجالة مأمنة الفيلا؟
رشدى بثقة: مفيش نملة بتدخل أو تخرج من غير متترصد..
تابع كامل: وفيلا هدى الجوهرى؟
ظهر الضجر على ملامح رشدى: أنت مش هتنسى الحيزبون دى؟
فهم كامل ما يلمح اليه رشدى: هى كبيرة عيلة الجوهرى دلوقتى، وحفيدها معاها.. لازم يتأمنوا هم كمان.. الناس اللى برة مش هيهدوا الا لما يخلصوا على العيلة دى، فلازم نخرجهم من الصورة بشكل آمن وسريع.. ونرجع تانى نلعب سوا ع المكشوف..
رشدى: طيب.. رجالتى بلغونى أن صاحب مصطفى متولى حمايتهم..
كامل بتحذير: متثقش فى حد.. رجالتك ميغفلوش عنهم مهما حصل..
رشدى: حاضر..
تابع كامل: عينك متغفلش عن عادل والأرملة.. الاتنين دول يفضلوا تحت الميكرسكوب..
----------------------------
يتبع ج4 والاخير
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بسمه_السيد
|