لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-08-15, 04:18 AM   المشاركة رقم: 41
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الثامن والعشرون)

 

النص بالمرفقات

 
 

 

الملفات المرفقة
نوع الملف: zip 19.txt.zip‏ (22.3 كيلوبايت, المشاهدات 14)
عرض البوم صور برد المشاعر  
قديم 12-08-15, 08:45 AM   المشاركة رقم: 42
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل التاسع والعشرون)

 

الفصل الثلاثون






النص بالمرفقات




****************************************************
******************************************

 
 

 

الملفات المرفقة
نوع الملف: zip 20.txt.zip‏ (18.3 كيلوبايت, المشاهدات 22)
عرض البوم صور برد المشاعر  
قديم 12-08-15, 08:47 AM   المشاركة رقم: 43
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل التاسع والعشرون)

 

النص بالمرفقات

 
 

 

الملفات المرفقة
نوع الملف: zip 21.txt.zip‏ (18.4 كيلوبايت, المشاهدات 16)
عرض البوم صور برد المشاعر  
قديم 12-08-15, 09:03 AM   المشاركة رقم: 44
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل التاسع والعشرون)

 





مر عليا باقي يوم أمس من أصعب أيام حياتي بعدما سمعت

ذاك الانفجار وأصابني شيء يشبه الحمى وليس بحمى ورغم

أن عم جابر أخبرني انه رآه بعينيه وأنه بخير إلا أن تلك الحالة

لم تغادرني بسهولة فقضيت ساعات أرتجف تحت اللحاف كالورقة

واتصل السائق بالجناح لأخذي للمستشفى ومؤكد أنها أوامر من جابر

وأنا رفضت أما هوا فلم يتصل ولا للاطمئنان علي أو طمأنتي عليه

فهوا غاضب بلا مزاح ولا مكابرة هذه المرة

ورغم أني استيقظت صباح اليوم بحال أفضل إلا أنني لازلت أشعر

بصدى الانفجار في عظامي وكأنهم فجروها فيا أنا , لما يعرض

نفسه لكل هذا الخطر لما لا يفكر بنا بأبنائه بعده بل وبخالته التي

لا يعلم سرها ويرفع همها غيره , نظرت لي ترف وقالت

" ماما لما لم يصعد بابا لنا لكي يرانا حين جاء بالأمس "

نظرت لها باستغراب وقلت " جاء بالأمس "

هزت رأسها بنعم وقالت " أمجد رآه من الشرفة وناداه وحياه

بابا من الأسفل لكنه لم يصعد لنا أمازلتما متشاجران "

تنهدت بقلة حيلة ولم أعرف ما أقول فجابر زرع الفكرة في أدمغتهم

حين جلبني وتحدث أمامهم ولن يصدقوني مهما تحججت , إذاً كان

هنا بالأمس بعد ذاك الانفجار ولم يصعد ولا لطمأنتنا عليه كم أنت

قاس عليا يا جابر وعتابك وعقابك يبدوان طويلان وقاسيان جدا

وقفت وخرجت من الغرفة قاصدة جناحي فتقابلت وعمتي وقالت

ما أن رأتني " متى ستخرجين من هنا وتريحيني من رؤيتك "

ابتسمت لها وقلت " ولما وأنا أحبكم وأريد البقاء معكم وجابر لن

أغيره ناحيتك فهوا من قال لي مرارا والدتي فوق الجميع ولا أحد

بمكانتها عندي ولا أنتي ولا كل نساء الأرض "

هددتني بسبابتها قائلة " أنتي أخرجته من هنا وأقسم إن تضرر

ابني وفقدته بسببك أن تموتي على يدي أنتي وأبناء شقيقتك

الذين لا أعترف حتى أنهم من ابني "

نظرت لها بصدمة وهي غادرت دون أن تضيف شيئا بل ما

الذي تركته لتضيفه بعدما هددتني بقتلي لا وتتهم شقيقتي في شرفها

مجددا وتنكر أبنائه لذلك هي لا تشعر بهم أو تغيظني بهذا فقط

لكني لن أتصرف كحسناء حين أخذت تهديدها بعين الاعتبار وهربت

خوفا منها فلو كان جابر وطبيبها يعلمان أن بإمكانها فعل هذا ما تركوها

هنا ولا تركوني وأبنائه معها ولا أنكر أني خائفة منها أيضا فإن كان

البعض طبيعيين جدا ويقتلون فكيف بها مريضة وحيال جابر بالضعفين

توجهت لجناحي ودخلته ودخلت غرفتي وأغلقت الباب خلفي واستندت

عليه , ماذا لو لم يخبرني عم جابر بالحقيقة لكان كلامها الآن نتيجته

سلبية على علاقتي وجابر وكنت سأصر على الطلاق أكثر , رفعت

رأسي للأعلى وأمسكته بيدي وفتحت فمي أتنفس بقوة لأطرد هذا الشعور

المقرف والغثيان القوي , أشعر أن في أنفي ومعدتي جثة متعفنة وأشعر

بالدوار والغثيان , توجهت بعدها للتقويم على أحد جدران الغرفة وتتبعت

التاريخ بإصبعي لقد تناصف الشهر ودورتي غائبة لشهرين هل كل هذا

بسبب مضاعفات الحبوب أو أني ........ اتكأت عليه بجبيني ومسحت

بكف يدي أسفل بطني وأغمضت عيناي ببطء , هل أنت هنا حبيب ماما

وهدية والدك الذي أرادها لي , هل أتيت لتزيد أعبائي إن لا قدر الله وفقدت

والدك أم أني أتوهم فقط فليس بإمكاني ولا الخروج لأحضر جهاز اختبار

الحمل ولا سبيل لأتأكد من صحة ظنوني خصوصا أنها تجربتي الأولى







*

*






أمسك يداه للخلف وعصر له وجهه على الجدار وأنا واقف معهما

يداي في جيوب سترتي وقلت " حتى الآن لم أتدخل وأمد يدي

عليك فقل من أرسلك وماذا تفعل هناك أو تحولت لجثة تحت يداي "

قال بتألم " ما لدي قلته سيدي أقسم لك "

دست بحدائي على أصابع قدمه بقوة وحركته عليهم ومزقت جلد

أصابعه تحته متجاهلا صراخه المتألم وقلت من بين أسناني

" لقد خيرتك وأنت اخترت وهذا ليس طبعي فستنطق وصبري

أطول من صبرك إن كنت لا تعلم "

قال بتألم " ليس لدي شيء مهم ولن تستفيد مني في شيء "

قلت بسخرية " لعبة قديمة لا تنطلي على رجل حقق

مع الآلاف قبلك "

ثم زدت من الضغط على قدمه وقلت " لم ترى ولا

نصف قوتها بعد بل لم تجرب يداي "

صرخ بتألم وأنا أزيد من ضغطي تدريجيا ثم أبعدتها وقلت

" أتركه لي هذا يبدوا يريد أن يجرب يدي بالفعل "

قال حينها على فور " أنا عبد مأمور سيدي "

أمسكته منه وقلت " أعلم وأريد معرفة هذا الذي جعلك عبدا له "

قال بارتجاف " الرائد مختار أسعد السـ "

صفعته وأمسكت شعره بقبضتي وضربت رأسه على الجدار

وقلت بحدة " ما أسعدني بك وبه رجال البحرية شرطة تقتل

الناس بدلا من أن تحميهم ويجرونكم أنتم طلبة كليتهم معهم

هل هذا ما يعلموه لك في كليتك هل هكذا تحمون الوطن

والمواطن أين ضمائركم يا حثالة "

قال بصوت ضعيف والدماء بدأت تسيل من رأسه " استغلوا

حاجتي فوالدي لديه عملية وأحتاج للمال ضننت الأمر

عاديا كما قالوا لي ثم بدئوا بتهديدي "

بدأت بصفعه دون تركيز وأنا أصرخ بغضب " تنقد والدك على

حساب أرواح الأبرياء هل تعلم كم مات بسبب أفعالهم من رجالي

ورجال الشرطة والعامة قبلهم هل تعلم كم امرأة ترملت وأبناء

تيتموا ومصانع توقفت وأرزاق قطعت لكي تجري عملية

لوالدك ، لو كل من احتاج فعل مثلك لانتهينا يا صعلوك "

أبعده عني وقال " لن تستفيد شيئا من ضربه فما لديه قاله "

بصقت عليه وقلت " أبعدوه عن وجهي والليلة يكون خارج البلاد

ومكانه جاهز ولا تفرح بهذا كثيرا فستكون في سجن حتى النور

لا يدخله لتأتي هنا للمحاكمة فيما بعد هذا إن تركوك أسيادك

على قيد الحياة "

ثم خرجت وتركت المكان وتوجهت بخطواتي للمنزل

دخلت وقلت " خليل وسالم وأسعد وفلاح يكونون في

مكتبي هنا خلال أقل من ساعة "

ثم صعدت للأعلى وتوجهت لجناحي دخلت وكانت سما تقف

عند حوض الأسماك الفارغ تشاهد الأحجار والأصداف والتفتت

ما أن دخلت فوقفت عندها وقلت " سما كوني حذرة وآمني بشيء

واحد أن الموت أمر محتوم ساعته لا تتقدم ولا تتأخر "

قالت بهدوء " اقتربوا منا إذا "

قلت متوجها جهة غرفتي " وصلتني رسالة تهديد منذ

قليل ولأول مرة , المهم افعلي كما قلت لك إن

دنا منك الخطر أكثر "

دخلت الغرفة وللحمام مباشرة استحممت ولبست ثيابا أخرى

ونزلت لمكتبي في الأسفل وكان الأربعة في انتظاري فتوجهت

للمكتب ووقفت خلف طاولته ورميت لهم بهاتفي فرفعه أسعد وقرأ

الرسالة الموجودة فيه ومده للذي بجانبه ثم قال " وصل التهديد

لك إذا وبكل جرأة يفعلونها ويهددون من هوا أعلى منهم "

قلت بسخرية " هذا لتعلم أن ثمة من أقوى ممن عرفناهم

ليرسل تهديدا كهذا "

قال فلاح " ماذا يعنون بأن تترك القضية لغيرك "

قلت ببرود " يعني يحلمون أن أسلمها لمن يغطي على أفعالهم

ويهددونني حال رفضي أن لا ألوم إلا نفسي الحثالة "

قال أسعد " نظمت دوريات كبيرة من رجال الشرطة حيث

أمرتنا والجميع يعمل على قدم وساق "

هززت رأسي بحسنا وقال سالم " الشرطة العسكرية

تحت إمرتك أيضا "

قال فلاح " الجيش أيضا جاءتهم أوامر من الوزير احتياطا

وصاروا تحت إمرتك "

نظر له خليل وقال باستغراب " وما دخل الجيش بكل هذا "

تحركت من خلف المكتب ووقفت معهم وقلت " يبدوا أن

العنكبوت بدأ يحرك ذيوله والوزير ورئيس البلاد

اعترفا بخطورة الوضع أخيرا "

ثم نظرت لساعتي ورفعت نظري لهم وقلت " لدي اجتماع بعد

ساعتين مع وزيري الداخلية والخارجية وسأطلعهم هذه المرة

على كل ما وصلت له والأسماء التي تحصلنا عليها من أدلتنا "

قال سالم " غريب ما غير رأيك فجأة "

قلت بجدية " الرسالة طبعا فأنا أفهم مغزاها جيدا فعلى الوزير

ورئيس البلاد أن يضمنا لي أن يمسكوا الفاعل وينال عقابه كان

من يكون ومهما كان مركزه أو يخبروني منذ الآن أنه سيكون

هناك تورية ومداراة فضائح فأترك ليس هذا الأمر فقط بل

والشرطة بما فيها وأعيش حياتي وعائلتي كرجل عامي

وأحميهم هم على الأقل بما أني لن استفاد شيئا "

قال أسعد " معك حق تفكر هكذا فإن تبين أن ثمة ذراع

كبيرة في الدولة وراء هذا قد يغطوا عليها بتعهدات وسجن

لأبرياء لإغلاق ملف الجريمة فكم حدثت سابقا في دول أخرى "

قلت بجدية " ولهذا سأطرح أوراقي أمامهم ، عقيد سالم تعلم ما

الذي في عهدتك حتى أعود والبقية ابدءوا التحرك كما أمرت

وإن أتتكم إشارتي تجلبوهم للتحقيق معهم "

قال أسعد " هل تفكر فعلا في التحقيق مع ضباط في البحرية "

قلت بجدية " وسأرفع يدي عليهم إن لم يعترفوا لكن

هذه الخطوة ستكون للضرورة فقط "

ثم خرجت من عندهم وتبعني سالم قائلا " لم يجدوا

شيئا في أغراض الفتاة سيدي "

وقفت والتفت له وقلت " هل كان تفتيشا دقيقا أم العين

في جانب والعقل في آخر "

قال مبتسما " ألا تثق في فريقهم فكم عملوا

معك في التحقيقات "

هززت رأسي بحسنا وغادرت من عنده ، لو فقط أجد

الدليل الذي لديك يا سما فأنا متأكد أن فيه هلاكهم





*

*





رفعت هاتفي وبحثت عن اسمها , تلك العلكة المحتالة فليلتها

سهرت انتظر مكالمتها وفي النهاية اتصلت بي وادعت أنها لا

تسمعني وكانت أذكى مني وسأريها ، اتصلت بها فأجابت

وقلت ما أن فتحت الخط " تسمعينني الآن بالتأكيد "

قالت بصوت مرتفع " ماذا تقول معتصم أخبرتك أن

سماعة هاتفي لم تعد تعمل جيدا بعدما وقع مني

ولا أسمع جيدا ما تقول "

قلت بابتسامة جانبية " لا بأس يا علكة لابد

وأن جزء منك التصق بها "

قالت بغضب " لست علكة وأقسم إن قلتها لي مجددا

أخبر جابر أنك تتعمد مضايقتي "

ضحكت وقلت " ظننتك لا تسمعين ما أقول "

قالت بغيض " بلى لكن هذه سمعتها "

قلت بسخرية " بل أرى أن هاتفك تحسنت حالته فجأة "

قالت ببرود " هاتفي ولا شأن لك به يمرض متى

يحب ويتحسن متى ما يريد "

تنهدت بضيق وقلت " بتول واحد زائد واحد كم يساوي "

قالت بذات برودها " عشرة "

قلت ضاحكا " لهذا أنتي فاشلة في الدراسة "

قالت بضيق " جئت به من ابن عمي وليس من غريب "

قلت بعد ضحكة " نعم وعلاماتي طوال سنين دراستي تشهد "

تأففت ولم تعلق فقلت " بتول واحد زائد واحد تساوي

اثنين سهلة فلا تعقديها "

قالت من فورها " شرط أن يكون كما أريد "

تنهدت وقلت " وأخيرا يا متحجرة ، أتحفيني بشروطك "

قالت بضيق " معتصم ما هذا الأسلوب عاملني باحترام "

قلت من فوري " حاضر يا قلب معتصم وعيناه أتحفيني

بأزهارك وهداياك "

قالت ببكاء مصطنع وغنج " أقسم أنك تسخر مني وسأريك "

تنهدت وقلت " وأنا أقسم أنك واهمة فقولي ما لديك "

قالت ببرود " نتزوج رسميا بعد أن أنهي الثانوية "

قلت " وغيره "

قالت " لن يكون هناك أبناء حتى أتخرج من الجامعة "

قلت " وغيره "

قالت " فقط لم يعد هناك غيره "

قلت " لن نؤجل شيئا وسأتركك تغيرين سير دراستك لما

تريدي بل وتقلصي الأعوام كي تكسبي العامين اللذان ضاعا

منك فحتى هذا العام الذي نجحت فيه ستخسرينه لكني

سأتدبر الأمر فماذا قررت "

قالت بمفاجأة " حقا تستطيع ذلك وأدرس ما أريد "

قلت " نعم فقط خلصينا من شروطك الحمقاء "

قالت بضيق " شروطي ليست حمقاء ولن

أتنازل عنها وهي من حقي "

تأففت وقلت " بتول ستدرسين ما تريدين وأنا بنفسي سأساعدك

والأبناء لن يعيقوك مع وجود الخادمات وأبناء جابر ، ارحميني

فكل غرضي أن نكون معا فلما نؤجلها كل ذاك الوقت وهي متيسرة "

قالت بغنج " لا أريد أن أحمل ويكبر بطني يع أكره الحوامل "

قلت ببرود " تفكيرك سطحي كسنك "

قالت بضيق " رأيت بعينك كيف تسخر مني

وتريد أن تتزوجني لـ..... "

قلت بحدة " بتول توقفي عن لعب الأطفال تعرفين جيدا أني

أحبك ومتمسك بك وتماطلي وتتحججي "

قالت باستياء " توقف عن الصراخ بي هكذا "

قلت بنفاذ صبر " بتول لا أصدق أن من ربت أشقائها

تخاف من مسؤولية الأبناء فدعينا ننتهي من هذا "

قالت بهدوء " ولن يرجع معتصم القديم ويسخر مني مجددا "

قلت بذات هدوئها " لن يرجع بح قتلناه وصلبناه فاقتنعي

أنه كان يحبك يا غبية "

قالت باستياء " طريقته في الحب لا تعجبني فإن

عاد ستطلقني فورا "

تنهدت وقلت " حاضر هل نقول مبروك وأذهب لعمي فورا "

قالت من فورها " لا طبعا أريد حفل زواج كبير تحظره كل

زميلاتي وشهر عسل وأن أسجل في المعهد كما وعدتني أولا "

قلت بقلة حيلة " لا بارك الله في الشيء المسمى حب وفي الغبي

المدعو قلب حاضر أمري لله ألا تريدي أن أزفك بسلم من السماء "

ضحكت وقالت " لا طبعا هل تفاول عليا بالموت لتتزوج بأخرى "

قلت بمكر " ما رأيك لو تتركي لي باب منزلكم الخلفي

مفتوحا الليلة لنتفاهم في أمور الزفاف "

شهقت بقوة وقالت " وقح ولن تراني حتى تحقق كل ما

طلبت وويلك يا معتصم إن فكرت أن تقنع والدي بإلغاء

الحفل .... وداعا "

قلت من فوري " هيه انتظري "

لكنها أنهت المكالمة ، لا بأس فالمهم حدث أخيرا وانتهينا ، كم

أتعبتني معك يا بتول من قال أن اللعب بعقول المراهقات أمر

سهل فقد كذب ، وضعت هاتفي في جيبي ووقفت وأخذت

محفظتي ومفاتيحي لأغادر الشقة قاصدا الجامعة وتقابلت ومعاذ

خارجا من المطبخ يغني وفي يده كوب شاي فقلت ضاحكا

" ما أخبار العريس يبدوا مبسوطا بجنيته "

جلس على الأريكة وقال ببرود " أولا أنا لم أتزوجها بعد

لتقول عريس وثانيا اسمها ملاك وليس جنية "

قلت متوجها جهة باب الشقة " جنية ملاك أو حتى ناقة المهم

أنها خلصتك من عقدة ما بعد الطلاق "





*

*







كنت جالسة مع بيسان أعلمها بعضا مما سيتعبنا العام القادم

فأمجد مر بها حديثا وأتعبني فيها فسمعت صرخة ترف الباكية

والسبب معروف طبعا فالتفت وقلت بهدوء " أمجد بني

أعطها لها أنت رجل وعليك أن تسايرها "

قال بضيق " دائما تأخذها مني أليست تلعب بها صباحا "

تأففت وقلت بنفاذ صبر " أقسم أن روحي في رأس أنفي

وكارهة حتى نفسي فارحموني قليلا "

اختطفتها حينها من يده وركضت بها جهة باب الشرفة وضربته

لينفتح وخرجت بها ووقف أمجد ليلحقها لحظة سماعي لشيء

أعرف ما يكون من الصفير الذي يحدثه لأقف على

طولي وصرخت " توقف يا أمجد "

فوقف مكانه وتوجهت جهة الشرفة راكضة ودموعي بدأت

بالنزول وكل ذرة في قلبي تقول يا رب خن توقعاتي يا رب

اقتربت من أمجد وسحبته بعيد واقتربت لباب الشرفة لتوقفني

مكاني الرصاصة التي ضربت حديدها وكانت تقصدني بالتأكيد

فانبطحت أرضا وقلت صارخة ببكاء " ترف أجيبي إن كنتي تسمعينني "

ولا جواب طبعا كانت رصاصات بكاتم صوت ويبدوا أصابوها

زحفت نحو باب الشرفة أكثر ودموعي تغسل الأرض تحتي

وأنا أقول بعبرة " يا رب كله إلا أبنائي أقسم أن أفقد

عقلي إن أصابها مكروه "

كنت أقترب من فتحة الباب على صوت بكاء ومناداة أمجد

وبيسان لي وأنا أصرخ بهما ليبتعدا ولا يقتربا مني مهما حدث

حتى رأيت جسد ترف المرمي على أرض الشرفة والدماء حولها

فضربت وجهي في الأرض أناديها وأبكي رغم أني أعلم أنها لن

تجيب ، وصلت لساقها بصعوبة وسحبتها منها حتى وصلت بها

الباب ثم قلت " أمجد انزل للحراس فورا وأخبرهم مؤكد منهم

من سمع صوت صفير الرصاص حذرهم من الصعود لنا ومن

أن تعلم جدتك أطلب منهم الاتصال بوالدك أو عمك منصور

بسرعة يا أمجد وإياك أن تشعر جدتك بشيء "

ركض مسرعا وأنا أدخلت ترف بعدما طلبت من بيسان أن

تخرج من هنا كي لا ترى شقيقتها هكذا ، وصلت بها للداخل

ولففتها سريعا في لحاف سريرها ولبست حجابي وضممتها

لحضني ووقفت بها ولا أعلم أي قوة تحركني حينها لأن عقلي

لم يكن معي وكل ما كنت أفكر فيه أن نصل بها للمستشفى سريعا

فليس هذا وقت بكاء وعويل ولا حتى لأرى إن كانت حية أو ميتة

خرجت بها من الغرفة وصرخت باسم سيلا بأعلى صوتي فكانت

في لحظة راكضة نحوي وقالت بفزع " ما بك سيدتي وما هذه

الدماء ومن تحملين ولما .... "

قاطعتها قائلة " ليس هناك وقت للشرح الآن ، ترف أصيبت

أدخلي الغرفة ونظفي الدماء ولا تقربي الشرفة مهما حدث

أغلقيها بحذر وابقي مع الأولاد ولا أحد يقترب من الشرفات

ولا تعلم جدتهم بشيء مهما حدث يا سيلا إياك وأن يقولا شيئا

لأحد عما حدث خديهما لجناحي واسجنيهما معك هناك واهتمي

بهما جيدا حتى أعود "

ثم ركضت مسرعة ونزلت السلام وتوجهت بها لباب القصر

لأجد الحراس على قدم وساق في الخارج فقلت لأمجد الواقف

عند الباب " أصعد لسيلا بسرعة واعتن بشقيقتك ولا تقتربا

من شرفة الجناح مفهوم "

هز رأسه بحسنا ودموعه لا تتوقف عن النزول فخرجت

وأعطيت ترف للحراس وغادرت معهم أحبوا ذلك أم كرهوه

وقلت ما أن ركبت السيارة " هل اتصلتم بجابر "

قال الذي يقود السيارة " قالوا انه في اجتماع مغلق مع الوزراء

ولا يمكن إعلامه بأي شيء حتى يخرج لأنه لن يجيب على

أحد ولن يرى اتصالاتهم "

هل هذا وقته الآن يا جابر , كانت مخاوفه في محلها وها هم أبنائه

أصبحوا مستهدفين ، قلت بسرعة " عم جابر أخبروه بسرعة "

قال الجالس بجانب السائق " هوا في السيارة التي خرجت خلفنا "

ضممت يداي لحظني أبكي بصمت وادعوا بكل ما يأتي على

خاطري من دعوات ثم فتحت اللحاف من على رأسها وهي في

حضن أحد الحراس بجانبي ومسحت على شعرها أبكي بحرقة

وقلت " يا رب صبرني يا رب "

ثم مددت يدي المرتجفة لعنقها وأنظر للذي يمسكها بصدمة

فقال " هل هي حية سيدتي "

هززت رأسي بنعم غير مصدقة ثم نظرت أماما وقلت

" بسرعة ما بكم هل تريدون أن تموت بين أيدينا "

قال وهوا يلف بالمقود يسارا " ها قد وصلنا نحن نسير

بأقصى سرعة لدينا "

دخلنا سور المستشفى ونزلنا ركضا جميعنا وأدخلوها غرفة

العمليات فورا وتركوني لا أعلم حتى كم رصاصة أصابتها

وأين وكل ما أعلمه أنها دخلت حية وقد تخرج ميتة ، كنت

أجوب الممر وأبكي وأهلوس كالمجنونة وأشعر أن عقلي لحظات

ويطير من رأسي لحظة دخول عم جابر راكضا مع حارسين

آخرين ووصل عندي فأمسكت يده وقلت ببكاء " ترف ستموت

يا عمي قتلوها أمام عيناي طفلة , تدفع ثمن لعبة موت "

قال محاولا تهدئتي " ستكون بخير يا أرجوان هدئي من

روعك ولا يموت أحد قبل يومه فكبري عقلك "

ضربت يداي ببعضهما وقلت بنحيب " أي عقل بقي بي لأكبره

أي عقل يا عمي أقسم إن فقدت حياتها أن أفقده معها أعيدوا

لي ابنتي أرجوكم لا أريد شيئا غير هذا "

هز رأسه وقال " لا حول ولا قوة إلا بالله ما هذا اليوم "

تركته وعدت أجوب الممر ثارة واتكأ على الجدار ثارة أخرى

ونحيبي يصل لآخر الممر وعم جابر يحاول تهدئتي حينا ثم

يذهب يبحث عمن يدخل ويخبره عن شيء وباقي الوقت يحاول

أن يتصل بجابر ومرت ساعة ونحن على حالتنا تلك حتى خرج

من آخر الممر جابر وخلفه ما لا يقل عن خمس رجال متوجها

نحونا بخطوات سريعة وهم خلفه فركضت جهته وارتميت في

حضنه أكمل بكائي هناك ولم أكترث لا بعمه ولا الحراس ولا

رجاله فوحده من أحتاجه الآن أحتاج وجده وحضنه وحتى سماع

صوته فقد أتعبني الشوق والاحتياج ، أمسكني بذراعه وابتعد بي

عن الجميع وعمه يتبعنا وقال " ألم يخرج أحد من الأطباء بعد "

قال عمه " لا هم في الداخل من أكثر من ساعة ولم

يخرج أحد حتى الآن "

شدني بذراعه بقوة وقال بغيض " سحقا للأنذال

يهددون وينفذون "

قال عمه " حمدا لله أن أرجوان كانت معهم لكان أمجد

لحق بها وستتبعهم بيسان بالتأكيد لولا أن تصرفت بسرعة

وبحكمة لكنا الآن في ثلاثة "

قال " هل علمت والدتي "

قال عمه " لا كل شيء بخير "

ثم قال بضيق " ما هذا يا جابر كيف يدفع الأطفال ثمن

اللعب مع المجرمين أنت تعرض عائلتك للخطر والله

وحده يعلم من القادم "

قال بجدية " يريدون أن أترك القضية ماذا سأقول لأهالي

الضحايا وأهالي رجالي ورجال الشرطة .... لا أريد أن أخسر

عائلتي ولست كفئا لإرجاع حقكم وحماية غيركم "

تنهد عمه وقال " أعلم وأرى ما يقول الناس في مواقع التواصل

في الإنترنت ولا تذكر القضية إلا واسمك في كلامهم والجميع

يعلق أماله عليك لكن ما ذنب عائلتك وأبنائك ماذا إن ماتت ترف

الآن أو أصيبت بعاهة مستديمة ستبقى تشعر بالذنب كل حياتك "

قال بهدوء " الشرفات كانت حلهم الوحيد ولم أفكر فيها وفي

أن يستخدموا قناصة لأجل ذلك وهذا إن دل على شيء يدل

على أنهم تيقنوا من أني بث أقترب منهم "

رفع بعدها هاتفه الذي يرن لأذنه وأنا لازلت على حالتي

متعلقة به أدس وجهي في صدره وأبكي وذراعه تضمني له

أجاب قائلا " أين أنت الآن يا معتصم "

" حسنا ما أن تنهي اختبارك تكون في القصر

ولا تخرج سوا لمادتك المتبقية "

قال بعدها بضيق " تنفذ بدون نقاش ترف أصيبت ونحن

في المستشفى ولا أريد أن أخسر الجميع "

" نعم ولا نعلم شيئا لازالت في غرفة العمليات كن هناك

واعتني بالبقية وحاذروا من الشرفات والنوافذ تغلق جميعها

وأخبر والدتي أن ترف لديها حمى ونوموها في المستشفى

واتصل برضا وحذره وزهور من الخروج ولا فتح نوافذ

شقتهم كذلك عائلة عمي منصور "

" لا لا تأتي عمي هنا معها والحراس كن هناك وافعل

ما قلت لك أنا أعتمد عليك ورائي عمل كثير "

" لا تقلق بشأني المهم الآن أنتم وداعا "

أمسكت بقميصه أكثر وزاد بكائي بعد كلامه الأخير وتخيلت

أن يأخذوه منا بسهولة ، إن لم يرحموا طفلة بريئة فماذا سيفعلون

معه ،انفتح حينها باب غرفة العمليات فابتعدت عنه بسرعة وأسرعنا

جهة الخارجان من هناك يزيلان كماماتهما والقبعات وقال أحدهما

من قبل أن نتحدث " رصاصة أصابت كتفها والأخرى رئتها اليمنى

أخرجناهما وستكون في العناية المشددة وتحت المراقبة لثماني

وأربعين ساعة إن اجتازتهما تخرج من مرحلة الخطر فعليكم

بالدعاء لها وحمدا لله على سلامتها "

وغادرا فأغلقت فمي بيدي وعدت لنحيبي المستمر وقال عمه

" احمدي الله أنها لم تمت وأن الرصاصة لم تصب عمودها

الفقري وهي في هذا السن لكانت أصبحت مشلولة لباقي عمرها "

بقيت على بكائي حتى انفتح باب الغرفة مجددا وأخرجوا

سريرا يجرونه وهي فوقه كالجثة لا تتحرك فركضت معهم

كل خطوة تسبقها ألف دمعة وكل ما أريده أن أراها فقط

أدخلوها غرفة العناية وانتقلنا لذاك الممر وقال جابر " لا نفع

من بقائكم هنا ليومين أرجعا أأمن لكما وأنا سأكون على اتصال

بهم هنا وسأزورها كلما استطعت "

رفعت نظري به وقلت ببكاء " لا أريد الذهاب أتركني

معها ما سيضر ذلك "

قال بضيق " أرجوان هذا ليس وقته والطبيب أمامك قال

لن يراها أحد قبل يومين فما نفع بقائك هنا "

قلت بعبرة " نفعه ما نفعه لا يهمني قدر النار المشتعلة

في قلبي بقائي هنا أريح لي "

قال بحدة " هل يجب أن يشهد كل مكان عام على

صوتي وصوتك كالأطفال يا أرجوان "

قال عمه " تعوذا من الشيطان واتركها معها يا جابر وأنا

سأكون هنا معهما ومؤكد لن تترك ترف بدون حراسة مشددة

فلن يصيبنا شيء دعها تطمئن عليها وأنا بنفسي سأوصلها للقصر "

تأفف ثم رفع هاتفه لأذنه قائلا " أريد انتشارا أمنيا وحراسة

مشددة حتى على الأطباء هنا مفهوم "

ثم وضع هاتفه في جيبه وغادر وتركنا وأعلم أن غضبه مني

ازداد أضعافا لكن المهم عندي الآن أن أكون بجانبها فكيف

سأبات ليلتي هناك في القصر وهي هنا لا أعلم عن حالتها شيئا

وما مرت لحظات إلا وكان الممر مليء برجال الشرطة وانتقلت

أنا وعم جابر للغرفة المجاورة لها لكن الجمرة التي في قلبي لم

تكن تتركني أرتاح فكنت كل حين أخرج لأراها من الزجاج

في باب الغرفة وهي على حالها الأجهزة محيطة بها والأنابيب

موصولة من كل جانب وهي كالميتة لا تتحرك ومرت عليا

ليلة مأساوية قضيت أغلبها أتقيء في الحمام وأحشائي تتقطع

وكنت أجاهد نفسي وأكابر كلما خرجت وتقابلت وعمه كي

لا يرجعوني للقصر وكلما علمت منه أن جابر هنا لا أخرج

من الغرفة كي لا نتشاجر مجددا





*

*





منذ اتصل بي معتصم وقال ما أوصاه به جابر وأنا في حالة

وسوسة فلم أفارق الغرفة جالس بجانبها وهي نائمة أخاف أن

لا تعمل بكلامه وتفتح باب الشرفة أو النافذة فلم يحذرنا جابر

من فراغ فمن لي إن قتلوها فالجميع سيعيش حياته ووحدي من

سأعاني بعدها , ومرت ساعات الليل الطويل وأنا على حالتي

جالس بجانب رأسها على السرير وأراقب ملامحها , نومها

هادئ وتنفسها منتظم عكس ما كانت أول ليلة نمت هنا تئن

وتبكي وتتحدث كثيرا وهي نائمة ولا تشعر بنفسها فيبدوا أنها

أخرجت شيئا مما تكبته وتخلصت منه , مررت أصابعي على

خدها ببطء فتحركت متضايقة فأبعدت يدي بسرعة لكنها لم

تستيقظ فابتسمت على نفسي وكيف أتحايل عليها في نومها

فقط لألمسها بأصابعي وسرعان ما ماتت ابتسامتي وأنا أرى

الأثر الذي ظهر من فخذها حين ارتفع الفستان قليلا فمددت

يدي ورفعت الفستان للأعلى ووقفت على طولي مفجوعا

من أثار التعذيب أعلى فخذيها ، النذل الحقير ما هذا الذي

فعله بها كيف يعذبها هكذا في مكان كهذا ، أمسكت الفستان

بقبضتي بقوة وغضب العالم كله يعميني وشددته للأعلى بقوة

وعنف لأرى باقي جرائمه فجلست هي مفزوعة تغطي

نفسها وقالت بحدة " ابتعد يا رضا ماذا تفعل "

لوحت بيدي وقلت بغضب " كيف تسكتين عن كل هذا يا

زهور كيف ، الوغد الحقير انظري ما فعل بك "

غطت نفسها برجفة وقالت ببكاء " أنت السبب أنت "

فتحت فمي لأتحدث ثم أغلقته وخرجت من الغرفة وأخذت

هاتفي وخرجت به للمطبخ واتصلت بجابر فلم يجب كعوائده

فأرسلت له ( أجب فورا الموضوع مهم ويخص زهور )

اتصل بعدها بقليل ففتحت الخط وقلت مباشرة " أين ذاك

الكلب أين وفي أي بلاد فأنا من سيقتص منه بنفسي "

قال مباشرة " ما بك وما بها زهور "

مررت أصابعي في شعري وأمسكته وقلت بحرقة " تعال وانظر

أي جرم ارتكبه فيها وأعطني مكانه فلن ينقذه مني أحد "

قال صارخا " رضا تحدث ماذا فعل وأنا من سيسلخ

جلده عن عظمه "

تنفست بقوة وقلت " علينا أن نتقابل وتعلم بكامل القصة مني "

قال من فوره " قادم لك حالا لا تغادر من شقتك "

أنهيت الاتصال معه وعدت جهة الغرفة ووقفت عند الباب

فكانت تجلس على السرير تحضن ساقيها وتبكي فأغلقت الباب

بهدوء وتركتها وحدها لتهدأ قليلا أولا وجلست في الصالة حتى

سمعت جرس الباب فتوجهت نحوه وفتحته فكان جابر وقال

مباشرة " أريد أن أراها معك أين هي "

أدخلته وأغلقت الباب وقلت " دعنا نتحدث أولا لأن

نفسيتها لن تسمح "

قال بجمود " رضا ما الأمر لطالما كنت أشك أن

سرا ما وراء ما حدث لزهور "

توجهت للأريكة بصمت وتبعني وجلس أمامي فقلت

" لا تتحدث حتى أكمل كلامي "

لم يعلق وأنا أعرف جابر بمقدار ما عقله كبير غضبه لا يرحم

ومؤكد خمن شيئا أعرف ما يكون ، نظرت لعينيه بتبات وبدأت

أسرد عليه ما حدث منذ ذاك الزمن البعيد فأنا أعرف المحققين

حتى حركة حدقتا العينين ونبرة الصوت يدققون عليها ويحللونها

وما أن انتهيت حتى قال " ماذا غير فخذيها يا رضا وأنت تفهمني "

نظرت للأرض هوا فكر في هذه وترك باقي الأمور

كلها ، قال بحزم " تكلم يا رضا "

قلت بهدوء " لم أره "

قال بعد صمت وبصوت مصدوم " معك منذ هنا أكثر

من شهر ماذا كنتما تفعلان "

نظرت جانبا وقلت " شقيقتك لن تتخطى الصدمة بسهولة

لو اقتربت منها قد تفقد عقلها "

وقف وقال " سيرى ذاك الإمعة ولن أكون جابر إن لم أبكيه

دما كان جاء وأخبرني بدلا من تعذيبها الحثالة "

رفعت نظري له فأشار لي بإصبعه وقال " وأنت يا رضا أقسم لو

قالت زهور غير ما قلت ولم يكن حادثا سترى على يداي تعذيبا

لن تنجوا منه وإن بقيت حيا تكمل باقي عمرك في السجن "

وقفت وقلت " جابر أنت تعرفني جيدا وأقسم أنه

كان حادثا ولم أقصده "

قال بغضب " كنت تحدثت منذ البداية يا غبي هل يعجبك

ما صارت له شقيقتي بسببك والله يعلم ما يكون مخفيا "

ثم أشار لي بإصبعه مجددا وقال " ما يمسكني عنك حتى الآن

أني كما قلت أنت أعرفك جيدا ومنذ صغرنا لكن إن فقدت

زهور شيئا بسبب ما فعله ذاك وخسرت أمومتها أقسم

لن أرحمك حتى أنت "

ثم تركني وتوجه جهة الغرفة فلحقت به وأمسكت ذراعه وقلت

" جابر هي في حالة سيئة الآن وهذا ليس وقته "

رمى بيدي عنه وفتح باب الغرفة ودخل وأنا أتبعه فكانت

على حالها وجلستها وبكائها فتوجه نحوها وجلس بجوارها

وقال بهدوء " زهور "

فرفعت رأسها ونظرت له وارتمت في حضنه من فورها

تبكي بمرارة وهوا يمسح على رأسها قائلا " يكفي بكاء أقسم

أن أمزقه تمزيقا ولن يرحمه مني أحد "

ثم ضمها بذراعه لحظنه أكثر وأخرج هاتفه واتصل بأحدهم

ثم قال بأمر " الصعلوك عاطف رفعت صفوان ملفه لدى النقيب

أسعد يكون في هذه البلاد خلال أربع وعشرين ساعة وفي

مكتبي بعدها بساعتين مفهوم "

أنهى بعدها الاتصال ثم وقف وأوقفها معه فقلت " أين تأخذها "

قال بحزم " للمستشفى طبعا لأرى إن كان غيره سيزور مكتبي "

وهوا يقصدني أنا بالتأكيد , قال بعدها ناظرا لها

" أين عباءتك وحجابك "

قالت بصوت ضعيف " في حقيبتي "

أجلسها على السرير وتوجه لحقيبتها فتحها وفتش فيها حتى

أخرجهما وعاد لها فقلت " جابر إن ..... "

قاطعني بحدة وهوا يمدهم لها " اشتري حياتك مني

يا رضا واصمت "

تأففت ولذت بالصمت وساعدها هوا لتلبسهما وخرج بها

فتبعتهما حتى الأسفل وركبت سيارتي وتبعت سيارته





*

*







غادرت بها من شقتهما في صمت من كلينا سوا دموعها التي

تعصر بها قلبي عصرا وتمزقه ، أين كنت عنك كل هذا يا زهور

أركض خلف الجرائم وآخذ بحقوق الناس وشقيقتي نصف إنسانة

جسد بلا روح بل ومشوه أيضا وأنا أضنها عزلة مطلقة هروبا

من كلام الناس ، ما هذا اليوم الذي يهد الجبل ابنتي التي بين

الحياة والموت هناك وشقيقتي التي ظهرت لي بحقيقة قسمت

بها ظهري لنصفين ، توجهت بها فورا لمستشفى خاص معين

بل قاصدا طبيبا بعينه ما أن اتصلت به ترك نومه ومنزله

وسبقني للمستشفى ، أقسم إن كان ما في عقلي حدث لك يا

زهور أن يفقد ذاك الإمعة رجولته وعلى يدي وليريني كيف

سيعيش حياته وحسابي مع رضا لن يقل عنه ، أوقفت السيارة

في موقف المستشفى فخرجت زهور حينها من صمتها وقالت

بصوت مرتجف ضعيف " أقسم أني لم أضيع شرفي وشرفكم

يا جابر فارأف بي يا شقيقي يكفيني ما رأيت من تعذيب "

شددتها لحظني وقلت " تنقطع يدي قبل أن تمتد على أنثى مثلك

يا زهور كيف وهي شقيقتي التي أعرف كيف تكون ولست هنا

لأتأكد من صدق كلام رضا وحقيقة ما حدث وحتى إن فرضنا

ذلك فهوا الملام وليس أنتي فأنا أعرف أي ظروف تربيتي فيها

وبإمكانه أن يستغل ذلك ليحولك لضحية انزلي معي فهناك طبيب

هنا عليه التأكد من أمر ما وذاك الحثالة زوجك السابق حسابه

سيكون معي عسيرا ويذوق ما أذاقك لن ينقص من ذلك

شيء وحتى سنوات سجنك لنفسك "

تمسكت بي أكثر وقالت بنحيب " أضاعوني يا جابر

ودمروا حياتي ومستقبلي "

شددتها لي بقوة وأشعر بألم وحسرة لم أشعر بها حياتي فكلامها

هذا يزيد من شكوكي أكثر ، قبلت رأسها وقلت " سأتأكد بنفسي

ولن ينجوا مني كليهما إن صدق كلامك وظنوني فاتركينا ننزل

فالطبيب ترك نومه ينتظرنا "

نزلت تتبعني في صمت ودخلنا لقسمه مباشرة لتأخذها الممرضة

لإحدى الحجرات وأغلقت الباب خلفهم وجلست أنا أمامه وقلت

" أريد أن أعرف أين وصلت التشوهات في جسدها وهل أفقدتها

شيئا كأنثى وفقدت أمومتها أو لا وما يمكن إصلاحه بعمليات

التجميل لكل الآثار في جسدها ولا تفكر في أتعابك فقط أريد

خبرة هذا الشعر الأبيض "

قال مبتسما " ألا تثق في هذا العجوز الذي أمامك بعد "

قلت بجدية " أريدها أن ترجع كما كانت حورية بين

النساء وفي نظر نفسها قبل غيرها "

وقف وقال " ثق بأني سأفعل ما في وسعي ودعني

أكشف عليها ونرى "

وقفت وقلت " لا أريد أن تدون عنها شيئا ولا معلومة

بسيطة .... أي وكأن هذه الحالة لم تدخل لك "

هز رأسه بحسنا وقال " كن مطمئنا "

خرجت بعدها ووجدت رضا في الممر فاقترب مني وكان

سيتحدث فأشرت له بسبابتي على شفتاي أن يسكت وقلت بحزم

" لا أريد أن أسمع صوتك يا رضا واشتري سلامتك مني وابتعد

أو قطّعتك بأسناني قبل يداي وأفرغت فيك غضبي من الجميع "

تأفف وابتعد واقفا عند الجدار المقابل لي ووقفت أنا بجانب

باب غرفة الطبيب وبدأ هاتفي يرن دون توقف ولم أستطع أن

أجيب على أحد من البركان المشتعل داخلي ليرن بعدها هاتف

العائلة فأخرجته على الفور وكانت أرجوان فأجبت عليها قائلا

" ماذا بكم "

قالت مباشرة " يريدون دما وفصيلتي ليست كفصيلتها

لابد أن لك نفس الفصيلة "

نظرت لساعتي وقلت " لا يمكنني المجيء الآن انظروا في

رجالي هناك قد يكون منهم من يحمل نفس الفصيلة

حتى أتمكن من المجيء "

قالت باعتراض " لكن هم لـ....."

قاطعتها بحدة " يكفي لا تشتغلي لي كالمصلح ... لكنها

ابنتك وليس هم , لا أستطيع المغادرة لكنت أتيت "

قالت بهدوء حزين " لم يكن هذا ما سأقول , رجالك سيحتاجون

لاختبار لدمهم ولن أسمح أن يعطوها أي دم من أي

شخص أما أنت شيء آخر "

مررت أصابعي في شعري وتنفست بقوة وقلت

" سأتصل بمعتصم يأتيكم حالا عمي أين الآن "

قالت مباشرة " نام منذ قليل ولم أحب إزعاجه فهوا لم ينم

أبدا وحين طلبوا الدم بداية العملية قال أن زمرة دمه

مختلفة والآن يريدون المزيد "

تأففت وقلت بضيق " ولما يتحدثون معك أنتي ورقمي لديهم

وطلبت منهم مهاتفتي إن أرادوا شيئا ثم ما يريدون بالدم

الآن بعدما انتهت العملية بساعات طويلة "

قالت بغصة عبرة " الممرضة هي من أخبرتني وقالت أنهم

يتصلون بك ولا تجيب "

تنفست بقوة واتكأت برأسي للأعلى وقلت

" سأرى ما يمكن فعله "

ثم أنهيت المكالمة معها وأنزلت رأسي وضغطت بأصابعي

على جبيني ، هل تمسك غضبك عن الجميع لتنفثه بها يا جابر

هل ستجعلها متنفس لغضبك وتترك السبب فقط لأنك مستاء

من نفسك قبلها وطلبها الطلاق أرسلك للجنون ، انفتح باب

الغرفة وخرجت منه الممرضة وقالت " يمكنك الدخول سيدي "

تبعتها وأغلقت الباب خلفنا وتوجهت هي للغرفة التي أدخلت

لها زهور ودخلتها وخرج لي الطبيب وجلس في مكتبه وجلست

أنا أمامه وقلت " ما تقييمك لوضعها "

هز رأسه وقال " ما هذه الوحشية حتى حالات الاغتصاب

الجماعي التي تأتيني ليست هكذا "

قلت بتوجس " أخبرني بالمفيد صدقت ظنوني أم لا "

نظر للورقة أمامه وقال بهدوء " التشوهات بسبب التعذيب

وصلت لمناطق من يراها رأي العين يحكم أنها انتهت لكن الحقيقة

العكس , الجراحة ستساعد كثير والرحم أيضا يعاني مشاكل بسبب

الضرب الذي وجه له , أخبرَتني المريضة أنها متزوجة الآن وزوجها

لم يلمسها لكن كان يسهل عليها اكتشاف أنها طبيعية من بعض المقدمات

كما فهمت منها لكن الصورة المزروعة في دماغها جعلتها تعتقد أن

الجوهر كالظاهر ومعها حق فهذه وحشية حتى الوحوش بريئة منها "

أنزلت رأسي وأغمضت عيناي بقوة وتنفست بارتياح ثم

رفعت رأسي ونظرت له وقلت " المهم أنه يمكن إصلاح كل

هذا حتى الخدش الصغير في جسدها أريده أن يختفي "

هز رأسه بحسنا وقال " سنبدأ جلسات العلاج بالأشعة متى ما

أمرتني وهناك جراحتين سنجريهم لها ثم عليكم تحويلها لطبيبة

نسائية لأنها قد تواجه مشاكل في الإنجاب فرحمها متحرك من

مكانه بسبب قوة الضرب عليه والمبايض أيضا متضررة ولم

تحض منذ ذاك الوقت مما زاد فكرة الأمر سوءا على نفسيتها

وزاد من أوهامها وكلها مشاكل مع تقدم العلم أصبح

يمكن حلها ولو أخذت وقتا "

وقفت وقلت " أريد أن تجري لها العمليتين أولا فأثار الضرب

ملحوق عليها كما الطبيبة النسائية أيضا وأريد أن نبدأ الأسبوع

القادم سأتدبر أمري وأجد وقتا لهذا وأكون هنا معها "

وقف وقال " إذا على بركة الله وحدد فقط اليوم الذي يناسبك

وسأكتب لها حبوبا تبدأ بأخذها الآن وحتى وقت العملية الأولى "

ضغطت قبضة يدي وقلت بغيض " سحقا للحقير أقسم أن

أمسح بوجهه الأرض "

تنهد وقال " لو طلت من فعل هذا فلا ترحمه لأنه

لم يرحمها بكل ما تعني الكلمة "

نظرت جهة زهور الخارجة من الغرفة تلف حجابها وقلت

" لن يمسكني عنه إلا موتي وأسأل الله أن أعيش لأجل

هذا فقط وبعدها فلأمت لا يهم "

ثم توجهت نحوها فأسرعت لحظني وارتمت فيه تبكي فضممتها

بذراعاي لصدري وقلت بهمس " أنتي بخير يا زهور وامرأة

كاملة لا ينقصك شيء كلها عمليتان بسيطتان وجلسات علاج

وستعودين كما كنتي والبقية ستتولاه الطبيبة النسائية وذاك

الصعلوك غدا سيكون هنا عندي وسأريك فيه عجائب قدرتي "

قالت ببكاء " هل حقا لم يحدث لي شيء لا تكذبوا علي "

قال الطبيب من خلفي " تأكدي من ذلك سيدة زهور وإجاباتك

عن أسئلتي أكدت لك ذلك دون دليل فوحدها تكفي "

أبعدتها عن حضني ومسحت لها دموعها وقلت " الباقي كله

تشوهات تزيلها عمليات التجميل ومشاكل ال‘نحاب حلها سهل

لدى المتخصصين بذلك أنتي طبيعية يا زهور ولا تشتكي

من شيء ليتك فقط حكيت لي منذ ذاك الوقت "

أنزلت رأسها وقالت بحزن " ماذا كنت سأقول لك "

تنهدت بقلة حيلة واستسلام بالفعل ماذا كانت ستقول لي وأنا

رجل ولا امرأة سوا والدتي التي بنت الحواجز بينها وبين

زهور وحتى صديقات لم يكن لديها ، وضعت ذراي على

كتفيها وخرجت بها من عنده وسلكنا الممر مجتازان لرضا

الواقف هناك وتحرك من مكانه قائلا " جابر "

وقفت وقلت " لا حاجة لك بها وستطلقها فلا أنت أو هوا كفؤ

لها ورحمتك من يدي فقط لأن الطبيب طمئنني عليها وأملاكك

التي أخذتها منك في العقد سترجع لك وانتهى كل شيء "

نظر لها وهي كانت رأسها للأرض وقال " لكني أريدها

هي لا ثروتي ولا أي شيء ومهما قال الطبيب "

تابعت طريقنا وقلت " إذا زهور من تقرر وليس الآن طبعا

وغدا موعدنا عند كاتب العقود لنعيد لك أملاكك "

خرجنا لموقف السيارات ووقنا عند سيارتي وقلت

" هل نذهب للقصر أم لمنزلي هنا في العاصمة "

نظرت لي وقالت باستغراب " منزلك هنا !! "

فتحت لها الباب وقلت " نعم منزل ومركز شرطة في آن واحد

وسيعجبك هيا اركبي أعلم أنك لا تريدين العودة للقصر حاليا "

كانت ستركبها لولا أوقفها الصوت المنادي لها " زهور "

فالتفتنا له كلينا فقال ناظرا لها " لن أطلقك يا زهور حتى تطلبي

أنتي ذلك ولا أريد مما أعطيتك شيئا لأني سأترك البلاد لكن

تأكدي من شيء واحد أني راض بك ولو نصف امرأة

وحتى الأبناء لا أريدهم "

ركبت السيارة في صمت ولم تعلق بشيء على كلامه فنظر

لي وقال " لا تحرمني منها يا جابر فأنت لم تجرب

معنى الحرمان "

قلت متوجها جهة بابي " أخبرتك أنها من سيقرر

وأنا وأنت ننفذ ورغما عنك "

ثم أخرجت هاتفي وابتعدت قليلا واتصلت بسما فأجابت

سريعا فقلت " آسف أيقظتك من نومك لكن شقيقتي ستكون

معك هناك هذه الفترة وكل شيء كما اتفقنا عليه حسنا "

قالت باختصار " حسنا "

فأنهيت المكالمة معها وعدت جهة السيارة وركبت وغادرنا

ورضا واقف مكانه , أعلم ما يشعر به الآن لكنه السبب فيه فكل

ما مرت به شقيقتي هوا سببه الأساسي فلو أنه تحدث منذ البداية

ما وصلنا لهذه النقطة ، قلت ونحن نقترب من المنزل " زهور

هناك شيئان في منزلي عليك معرفتهما قبل أن نصل "

نظرت لي باستغراب فعدت بنظري للطريق وقلت " رجالي

ينتشرون في طابقه الأرضي فلا تنزلي له أبدا وفي الأعلى

ستكون معك ساكنة أخرى تشاركنا الطابق "

قالت بعد صمت " ساكنة تشاركنا تقصد امرأة تسكن معك "

قلت بهدوء ونحن نجتاز الباب الخلفي له ونقف

" نعم جيهان زوجتي "

شهقت بقوة واضعة يدها على فمها وقالت بصدمة

" تزوجت على أرجوان "

فتحت باب السيارة ونزلت منها قائلا " نعم ولا

تسأليني لما فعلت ذلك "

أوصلتها للغرفة التي كانت فيها سما سابقا ووقفت عند الباب

وقالت " جابر أرجوان لا تستحق منك هذا , يومها اتصلت

بي تسأل إن كنت تتصل بي لتطمئن عليك , لا تدمر زواجكما

فلن تكون هناك واحدة أفضل منها "

قلت بابتسامة جانبية " وما بكم كلكم معها ضدي

أنا شقيقكم وليس هي "

قالت بابتسامة حزينة " لأن هذا يذبح المرأة وليس يجرحها

فقط كنت أخبرتها على الأقل "

قلت مغادرا " ظروفي اضطرتني لهذا تصبحين على خير "

كان هناك الكثير أريد التحدث معها فيه يخص ماضيها الذي

ظهر حديثا لكن وقت الفجر بات يقترب وعليها أن ترتاح

وعليا أن أصلي وأذهب للمستشفى ، نزلت السلالم وقلت

للواقف أمامي " أصبح اثنتان في عهدتك وقت غيابي

يا عقيد سالم "

قال مبتسما " هل تزوجت الثالثة "

ضحكنا معا وقلت مغادرا " استعدوا الليلة "

قال أحدهم بصوت مرتفع " موعدنا معهم الليلة إذا "

قلت وأنا أفتح الباب " نعم فالرجال يراقبون المكان منذ

أيام فاستعدوا لاقتحامه ولزيارة منزل شاهدنا الجديد فجرا "

ذهبت بعدها للمسجد ووصلت على الأذان صليت الفجر

وغادرت فورا للمستشفى ودخلت حجرة الطبيب ليقف لي

مباشرة وقال " استقرت حالتها بسرعة وهذا مؤشر جيد

اتصلنا بك كثيرا ولم تجب لنعلمك بهذا وأنها تحتاج دما "

قلت " هل أستطيع الدخول لها "

تحرك من خلف مكتبه قائلا " لدقائق فقط وباللباس

المعقم ولن ندخل غيرك طبعا "

لبست بعدها ما قال وتوجهنا لغرفتها كانا معتصم وعمي

منصور لازالا يقفان مع رجالي هناك فدخلت غرفتها مباشرة

من أجل التعقيم وأغلقت الباب خلفي واقتربت من سريرها

وجثوت على الأرض عند رأسها وقبلت جبينها الصغير وقلت

بهمس " سامحيني يا ترف سامحيني يا بنتي كنتم ضحية عملي

أعدك أن أتلاك الشرطة وما فيها فقط تنتهي هذه القضية ولن

تكونوا ضحايا لميتين القلوب مجددا فيكفي ما خسرت "

أمسكت بعدها بيدها الصغيرة بين يداي أنظر بحزن لملامحها

البريئة النائمة الهائمة في سواد قاتم لا ترى غيره ثم قربتها

من شفتاي وقبلتها وقلت " عودي لنا سريعا يا قلب والديك

يكفي السنين التي خسرتكم فيها "

ثم أعدتها لها بجانب جسدها كما كانت وخرجت من الغرفة

وأزلت ما كنت أرتدي واقترب مني عمي منصور وقال

" زوجتك في الغرفة حتى الآن اطمئن عليها أيضا فصحتها

تبدوا سيئة وتكابر فقط وأقنعها لترجع للقصر بعدما

استقرت حالة ترف "

نظرت لباب الغرفة الموصد ثم له وقلت " وأنت عد لمنزلك

لترتاح بل أرى أن تجتمعوا في القصر جميعكم وتتبادلوا أنت

ومعتصم البقاء هنا حتى تتحسن حالتها قليلا , لو كان بإمكاني

البقاء بقربها طوال الوقت لبقيت لكن الأمور لدي هناك تزداد

حسما وعليا أن أكون مع رجالي "

تنهد وقال " كل ما تريده سنفعله سأنقل زوجتي وأبنائي للقصر

أنت فقط تحدث مع زوجتك بدلا من هذا الجفاء الذي بينكما "

نظرت له باستغراب فقال " لا يحتاج الأمر ليشرح لي أحد

وزوجتك لم تخبرني بشيء رأيتك كيف تصرخ بها وأرى كيف

تتجنب هي الخروج من الغرفة كلما كنت هنا , أعرفك عاقل

دائما يا جابر فلا تترك للشيطان مدخلا بينكما "

تنهدت بقوة وأمسكت كتفه وقلت " المهم تعود بها الآن

للقصر وتجتمعوا فيه جميعكم لأضمن حمايتكم "

ثم تركته وتوجهت للغرفة الأقرب لغرفة ترف وفتحت

بابها ببطء





*

*





انفتح الباب وقفزت واقفة لأن الذي دخل لم يطرقه وأنا كنت

مضجعة على السرير فلم يعد بإمكاني الجلوس طويلا خصوصا

بعدما زرت الطبيبة هنا فجرا وأجرت لي اختبار حمل وتبتت

شكوكي ونصحتني كثرا بالراحة خصوصا بعد التعب هذان

اليومان , بقيت أنظر بتوجس للباب الذي فتح ولم يدخل منه

أحد ليظهر لي جابر من خلفه وقد خطى خطوتين للداخل ثم

أغلقه خلفه فشعرت بمشاعر لا أعرف ما أقول عنها لكن أول

ما خرج مني أن قلت " قل أنها بخير ولم تمت "

قال بهدوء " هي بخير وحالتها مستقرة كما تعلمي "

قلت مباشرة " وأنت تبدوا مرهقا حد الانهيار "

أبعد وجهه ونظره عني وقال " عودي للقصر مع

عمي منصور سيكون أفضل "

بقيت عيناي معلقتان في ملامحه وهوا يشيح بوجهه عني هكذا

هل كل هذا عتاب ولوم يا جابر لما يحق لك وحدك هذا ما ذنبي

أنا وكيف كنت سأقدر ظروفك وأنا لا أعلم عنها , اقتربت منه

حتى وقفت أمامه وقلت " وأنت متى ستعود لمنزلك "

نظر لي مباشرة ثم قال بابتسامة جانبية " منزلي أنا فيه الآن يا أرجوان "

أنزلت نظري للأسفل وقلت بابتسامة حزينة مقهورة " تعيد كلامي

إذا , فلا تنسى أنك لم تعترف به منزلا لي وأعدتني للقصر "

وصلني صوته قائلا " وطلبتي الطلاق أيضا وتصرين عليه

وظهر أن حياتك من دوني تساوي يا أرجوان "

رفعت نظري له بسرعة وتعلقت عينانا في بعضهما وقلت

بدمعة محبوسة " أرجع لنتفاهم على كل ما تريد ويكفيك

معاقبة لي فقد اكتفيت "

ابتعد وأمسك مقبض الباب وقال وهوا يفتحه " عودي للقصر

مع عمي لا أريد أن يتأذى المزيد منكم "

وكان سيغادر لكني أمسكت يده حتى وقف ونظر لي فقلت

بهمس وعيناي في عينيه " سأنتظرك الليلة ولن أنام "

ثم تركت يده وتوجهت جهة السرير لآخذ حدائي وهاتفي وسمعت

خطواته وهوا يخرج دون أن يضيف شيئا , عدلت حجابي وخرجت

من الغرفة وأغلقتها ونظرت يمينا فكان جابر يقف مع رجاله موليا

ظهره لي يكلمهم والجميع منتبه له بتركيز يد في جيب سترته

والأخرى يمسح بها مؤخرة رأسه تتخلل أصابعها في شعره

الحريري الكثيف يفرض على الجميع الانتباه له حتى وإن كان

لا يسمعه , شخصية تراها عن بعد بشكل مختلف من الاقتراب

منها وصدقوا الذين أطلقوا عليه في مواقع التواصل ( الرجل

الذي لم تعفه الرجولة )

" هل نغادر يا أرجوان "

نظرت للجانب الآخر حيث عمه وهززت له رأسي بحسنا

وغادرنا في الاتجاه الآخر تاركة قلبان لي ورائي أحدهما

يصارع المرض والموت والآخر يصارع الموت والمجهول

ولا أعلم من سيرجع لي منهما أو سأخسر المزيد

غادرنا المستشفى في صمت ورجال لجابر أوصلونا حتى

القصر ولم يغادروا إلا بعد نزولنا , قال عمه ما أن دخلنا

" سأذهب لجلب عائلتي هنا وسنبقى جميعنا معا فهكذا طلب

جابر لأكون أنا ومعتصم أحدنا في المستشفى والآخر هنا مع

البقية وكما اتفقنا يا أرجوان ترف مريضة ومحمومة فقط "

هززت رأسي بحسنا دون كلام وتوجهت للسلالم وصعدت

للأعلى ولجناحي فورا وأول ما فتحت الباب توجها أمجد

وبيسان نحوي راكضان فنزلت لهما وحضنتهما بقوة وقلت

" توقفا عن البكاء هي بخير وستخرج قريبا "

لكن بكائهما لم يتوقف وقال أمجد " سأعطيها اللعبة

متى تريد فقط ترجع لنا "

أبعدتهما عن حضني ومسحت دموعه وقلت " أمجد بني

أنت رجل وتأخذ مكان والدك والرجل لا يبكي هكذا "

مسح دموعه بسرعة وابتسمت بحزن على سعادته بكلامي ثم

مسحت دموع بيسان وقلت " يكفي بكاء ولا تخبرا أحد عما حدث

كما اتفقنا فعائلة عمكم منصور سيأتون للبقاء معنا هنا وسنقول

للجميع أن ترف لديها حمى شديدة لذلك هي في المستشفى

فوالدكما طلب أن نقول هذا مفهوم "

هزوا رؤوسهم بحسنا وأخرجتهما لغرفتيهما وقلت لسيلا

" نظفي جناحي وعطريه جيدا سأكون مع سعاد وأبنائها لباقي

النهار وأريد الجناح كما أعرفه سابقا وأثق بك "

هزت رأسها بحسنا وغادرت في الفور ونزلت أنا للأسفل وطلبت

من الخادمات أن يجهزوا لعم جابر وعائلته غرفا لهم في الطابق

الثاني حيث جناح زهور سابقا وغرفة أمجد ومعتصم فذاك الطابق

غرفه الأكثر حيث أن الطابق الأرضي لا غرف به

وقضيت باقي يومي معهم بين أبنائهم الصغار وأبنائي وأتبادل

الأحاديث مع بتول وسعاد رغم أن قلبي وعقلي هناك مع ترف

وأخرج كل حين لأتصل بمعتصم وأطمئن عليها وأحاول جهدي

أن أكون طبيعية أمامهم حتى حل الليل وذهبت لجناحي استحممت

وجففت شعري ولبست فستانا أنيقا ووضعت ماكياجا وجلست أنتظر

الغائب الذي أملي في قدومه أقل من عدمه بكثير لكن قلبي كان يقول

لي ( قد يخون توقعاتك ويأتي ) حتى مر الليل والساعة تلحق الأخرى

ولا أمل يبدوا من قدومه فاتكأت برأسي على ظهر السرير ومررت

يدي أسفل بطني ببطء , يبدوا لا أمل أن نخبر والدك عنك الليلة

بل يبدوا أنه لن يعلم بك أبدا فوالدتك آخر اهتماماته , نظرت للساعة

على الجدار فكانت تشير للرابعة ولا شيء سوا الوحدة هنا وتصورات

في عقلي عن مجيئه وما سيحدث وكيف سيستقبل خبر طفله ولا شيء

مما يدور في مخيلتي حقيقة , نظرت للجانب الآخر ومسحت دمعة

نزلت من طرف عيني وقلت بابتسامة حزينة

" لا تفسدي ماكياجي حتى يره أولا "

لتلحقها الأخرى والثالثة ووقفت على طولي حين دار مقبض

الباب ببطء ثم انفتح










نهاية الفصل

 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر  
قديم 17-08-15, 12:00 AM   المشاركة رقم: 45
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الثلاثون)

 

أعتذر منكم كلكم من شوي بس خلصت كتابة الفصل والنت

مقطوع عندي من ساعات طويلة وأخذت جهز أخوي عشان نزلته لكم


أتمنى ينال إعجابكم وايكون عند حسن ظنكم وإنكم تعذروا أي قصور

فيه بسبب ضغط الوقت










الفصل الواحد و الثلاثون










دخلت مي وكل كلامها إصرار على رأيها ولا ألومها

مَن ترضى أن تعيش مع رجل زوج وليس بزوج , له

زوجة غيرها تأخذ حقها وحق نفسها منه وهي لا دور

لها سوا إلقاء اللوم عليها في كل شيء واعتبار وجودها

السبب في أي شيء يحدث من مشاكلي ووسن لمرضها

الدائم وحتى وليد لازال ينتظر وعودي بالحديث معها

وها هي النتيجة سمعت حديثنا ولا نفع من إخفاء ما حدث

عنها ، رن هاتفي فنظرت للمتصل فكان وليد فلم أقدر أن

أجيب عليه ولم أعرف ما أقول له وهوا من ينتظر مكالمتي

بعدما سأتحدث معها ، عاود الاتصال مرارا وتكرارا

فأجبت وقلت مباشرة " أنا عند الساحة تعال لي هنا "

ثم أغلقت الخط وأعدت هاتفي لجيبي ووصل هوا

عندي بعد قليل ووقف أمامي وقال " ماذا حدث معك

فقد اتفقت يومها مع عمها وعاصم وقالا القرار لها "

قلت من فوري " لأجل ذلك إذا اختفيت يوما كاملا "

أبعد نظره عني وقال " كان عليا حسم الأمر معهم أولا "

قلت بهدوء " مي سمعت كل حديثنا يومها "

نظر لي بصدمة وقال " أي حديث !! "

تنهدت وقلت " الحديث الذي دار بيننا في المكتب

عن حادث اغتصابها "

قال بصدمة " سمعت كل شيء !! "

هززت رأسي وقلت " تقريبا وخمنت أنه أنت

من أخرجها يومها "

قال بعد صمت " وماذا عن ما اتفقنا عليه هل حدثتها عنه

فأنت من اشترط أن تكلمها أولا "

نظرت للأسفل وقلت " رفضت الزواج بالكلية "

قال من فوره " لما وهي كانت تريدني "

رفعت نظري له وقلت " ليس سهلا عليها أن تعلم بكل ذلك

وأنك السبب مهما كانت أسبابك وهي تصر على ترك المزرعة

من قبل أن ينتهي العام ونحن الآن نعبر الشهر التاسع منه وها

هي اختارت الابتعاد بطلاق أو بدونه وبدون زواج "

قال بضيق " كيف هذا يا نواس كيف تبقى معلقة فالشروط

تقضي بزوج غيرك لتطلقها "

أبعدت نظري عنه وقلت " لا يبدوا لي مي من النوع الذي

يرضى بالعيش على الجراح يا وليد "

قال باستغراب " ما معنى كلامك هذا !! "

نزلت بنظري للأرض وقلت بحزن " أعني أن الجرح سيبقى

حائلا بينكما مهما تغاضيتما عنه ومن ناحية مي خصوصا ستبقى

ترى نفسها ناقصة في نظرك بسبب اغتصابها لأنك تعلم وستبقى

تذكّرك دائما أنك السبب أي أن اجتياز الجراح أمر صعب

جدا يا صديقي "

ثم رفعت نظري له وهوا ينظر لي بحيرة وقلت بسخرية " حتى

أنا ووسن رغم كل ذاك الحب الذي دام لسنوات وبقي حتى الآن

لازلنا نعاني ضغط جراحنا جرحي القديم منها وجرحها الحديث

مني وكلما تشابكت الخيوط تذكر أحدنا وذكّر الآخر بجرحه منه

ليفتح له الثاني دفتره أيضا ومي إن كانت كما أعرفها فلن ترضى

هكذا حياة خصوصا وهي تشهد تجربتي ووسن أمام عينيها "

هز رأسه وقال " لو لم تكن صديقي لقلت أنك تكرهني ما كل

هذا التشاؤم يا نواس وأنا من علقت آمالي عليك في إقناعها

بي وبنسيان الماضي وتجاوزه "

تنهدت وقلت " حاولت جهدي ولن أقول لك غير حاول ولا تيأس

لكن ضع جميع الاحتمالات نصب عينيك فالحياة كل شيء فيها

متوقع وأنا لن أترك مي دون زواج منك أو من غيرك "

تركني حينها دون أن يضيف شيئا وغادر وابتعد خلف الظلام

أعلم أنني قسوت عليه لكن عليه أن يعلم الحقيقة ويتوقعها فمي

تقرأ المستقبل بعين الحاضر وتعلم جيدا أن الماضي لن يتركهما

وشأنهما وهذا كان واضحا جدا من كلامها , إن كنا أنا ووسن

لازلنا نصارع جراح الماضي حتى الآن فكيف سيكون الحال

معهما ولست ألومها ولا ألومه فالحب أمر مجهد حد الوجع

والجرح موجع حد الإجهاد وفي هذه المعادلة ينجح الجرح

أغلب الأحيان , دخلت المنزل وتوجهت من فوري لغرفة وسن

بعدما حُسم الأمر مع مي فعصام هوا من سيستأجر منزلا لهما

ولن ترجع لإخوتها ورغم أنف الجميع , هوا فقط يريد أن يرتب

أموره لبعض الوقت وبنهاية العام سأطلقها لأنه وعدني بإقناعها

بالزواج من أي كان وأنا طبعا من سأختار ذاك الزوج لها وليد

أو غيره فلا أريد أن تكون لأي رجل كان يظلمها فوق ما رأت

من ظلم , وصلت باب غرفة وسن وفتحته لأفاجأ به مغلق من

الداخل جربت كثيرا وبلا فائدة طرقت ولم تجب فطرقت مجددا

وقلت " وسن افتحي الباب لما تغلقيه على نفسك "

والنتيجة واحدة فصعدت للأعلى وجلبت المفتاح الآخر وفتحته

لأفاجأ بها تجمع أغراضها في حقيبتها فوقفت مصدوما مما أرى

أمامي وهي تخرج ثيابها بعشوائية وترميهم فيها وتمسح دموعها

بقوة وقهر وتتجاهلني تماما ولم تنظر جهتي ولا مجرد النظر فتوجهت

نحوها وأمسكت يدها وأخذت منها الثياب التي فيها ورميتها في

الخزانة وقلت بحدة " وسن هل جننتي ما هذا الذي تفعلينه "

سحبت يدها مني بقوة وقالت بغضب " نعم جننت جننت

يوم صدقت أكاذيبك يا نواس "

ثم أشارت لنفسها وقالت ودموعها عادت للنزول " تكذب علي

وتمثل أيضا وأنا من غبائي صدقتك , نهايتها تشفق عليا يا نواس

يا ابن خالتي يا قطعة من هذه التي أمامك "

قلت بصدمة " ما معنى هذا يا وسن ما تعني بكلامك "

ابتسمت ابتسامة ساخرة خرجت معها ضحكة متألمة بحرقة

وقالت بأسى " تطلب منها أن تتنازل وتستحملني لأنك لست

بأقل منها ودست على جرحك مخافة أن أصاب بالسرطان

وأموت , آخر ما توقعته أن تكون بهذا الانحطاط يا نواس "

أمسكت ذراعها وهززتها وقلت بحدة " توقفي عن إهانتي هكذا

يا وسن هل لأني أخاف على صحتك أكون منحطا لأني أحبك

وأداريك كي لا أفقدك تنزليني لهذه الدرجة "

قالت بسخرية " وتعترف أيضا تخاف على صحتي وتراعيني

من أجل ذلك هل أصبحت بهذا الوضع المزري لتشفق

عليا أنت وزوجتك "

تركت يدها بقوة وقلت بغضب " يكفي تفوها بالحماقات يا

وسن من أين يرسل عقلك هذه الأفكار "

عادت لإخراج أغراضها وقالت " من الجنون طبعا ألا تخشى

أن أجن أيضا وأنا من غبائي أضنك تحبني حقا وأن كل

كلامك ذاك حقيقة وهوا تمثيل "

أخذت منها الثياب مجددا ورميتهم على الأرض وقلت بغضب

" يكفي جنون فلا خروج لك من هنا تفهمي "

قالت بغضب أشد " بل سأخرج إن اليوم أو الغد ولن أرجع لك ولو

حفيت هذا إن فكرت في أن تحفى من أجلي فلتبقى لها وحدها من

تهمك وتراعي مشاعرها كثيرا سحقا لكم معشر الرجال قلوبكم صوان "

قلت بصراخ غاضب " هل أنا من أصبح الملام الآن لما لا تري

أن كل هذا من أجلك أنتي فما سيجبرني على أن أدوس جرحي

وأنسى ما فعلته وأخاف على صحتك هل هوا الانتقام أيضا "

قالت بحدة " نعم تمُن عليا بذلك وتتبجح بأنك دست على جرحك

من أجلي لا يسمعك أحد ويضن أني ارتكبت جرما لو كنتَ جدار

لرأفت لترجي لك ونسيت لكنك حقود وبقلب أسود يا نواس لم ولن

تنسى مهما حدث واسمعها مني يا ابن خالتي مثلما لم تنسى فلن

أنسى لأنك جرحتني كما جرحتك يوم تزوجت بها وتركتني ولا

مجال لأسامحك كما فعلت اليوم وكنت سأرضى بالعيش مع واقعك

لأنك لا تستحق لا حبي ولا تضحيتي ولا شيء لأنك أجوف

من الداخل تسيرك مصالحك "

شددتها من ذراعها بقوة وسرت بها نحو السرير ورميها عليه

فانقلبت للجانب الآخر وأمسكت معدتها فقلت بغضب

" هل ارتحت الآن هذا فقط لتعلمي أنك الملام الوحيد في كل

هذا أنتي سبب أوجاعك وستنتهين على يديك أنتي "

قالت بتألم وهي تخفي وجهها عني وتمسك خصرها بقوة

" أخرج واتركني يا نواس لم اعد أريد رؤيتك ولا سماع

صوتك ولا شفقتك علي أخرج من حياتي أكرهك تفهم "

فخرجت حينها ضاربا باب الغرفة بقوة وهذه كانت النتيجة لأننا

تجاهلنا الجراح ولم نشفيها ضننا أنه يمكننا تجاوزها وهي تنزف

لكن الأمر لن ينجح بالطبع , هي سمعت جزء من حديثنا على ما

يبدوا وربط عقلها الأحداث كما يريد وظهرت وسن الحاقدة من

جديد التي ظننت أنها ماتت مع نواس المجروح لكنهما وعلى ما

يبدوا لازالا على قيد الحياة وسيقفان بيننا للأبد , توجهت لمكتبي

وقضيت ليلتي هناك ليلة لم تشرق عليها شمس الصباح وكلما

اقتربت من غرفتها سمعت صوت تقيئها يصل للباب وها قد عدنا

لنقطة البداية , لو فقط ترحم نفسها ولو بالمسكنات لكنها لا تتغير

تهوى تعذيب نفسها وتعذيبي ويبدوا أنها كمن يريد الانتحار لتموت

بالبطيء وهي باتت متأكدة أن في هذا موتها

ومر بعدها باقي الأسبوع لم أرها فيه قط ولا أسمع أخبارها سوا

من سائقها أنها تذهب للجامعة فاختباراتها هذا الأسبوع ومن راضية

التي تأخذ لها الطعام وهي ترفضه أغلب الأحيان وثيابها لازالت

في حقيبتها حتى الآن لا أعلم ما يخبرها عقلها وأين تريد الذهاب

كان الوقت ليلا والليل مقمرا وأنا أقف مكاني الذي أصبح كالإدمان

وهوا ساحة الخيول وكأنه بات يذكرني بشيء آخر كان لي وضاع

مني وما أكثر ما أخسر في هذه الحياة , رن هاتفي ونظرت للمتصل

فكان جواد فتجاهلته لأنه لا مزاج لي لأحد لكن إصراره جعلني

أجيب عليه فقال مباشرة " وأخيرا ... كل يوم أقول قد يكون

مشغولا والنتيجة تتهرب مني "

قلت بهدوء " كيف حالكم "

قال بضيق " كيف حالنا برأيك فرح كانت ولادتها منذ يومين

ولا أحد منكما يجيب أنت وزوجتك لأخبركما ولا أسمع حتى

صوتك في غربتي هذه وظروفي تلك "

قلت " حمدا لله على سلامتها المهم أنها وابنك بخير ماذا

سيفعل لك اتصالنا "

قال مباشرة " ما بكما ستتكلم الآن يا نواس "

قلت بحيرة " ومن أين علمت أن بنا شيئا "

تنهد وقال " من وسن طبعا اتصلت بفرح في ليلة لا يعلمها غير

الله وسمعتُ صوتها ونحيبها بأذني وهي تترجانا لنعود هناك

ونأخذها معنا , نواس لا أريد أن نخسرها وأخسر زوجتي

فولادتها تعسرت وجاءت قبل موعدها بأيام بسبب ذلك "

قلت بضيق " عجزت معها يا أخي فعلت كل ما أقدر عليه

وهي لا تختار سوا أن تتألم حتى تنتهي أرحموني أيضا

أنا في النهاية بشر لما وحدي الملام "

قال بهدوء " سأوقف دراستي وسنرجع "

قلت بصدمة " ماذا تقول !! "

قال " ما سمعت أنا لست على استعدا لأخسر ابنة خالتي

وزوجتي في آن واحد ففرح لن ترتاح أعرفها تعذب نفسها

حتى تنتهي نهاية وسن بل سينتهي زواجنا بالطلاق على هذا

الحال ووسن إن بقيت هكذا ستتقهقر حالتها أكثر ونندم وقت

لا ينفع الندم , بقي لي مادتان ثم سأكمل جميع إجراءاتي ونرجع

ونأخذها معنا , على الأقل تستقر أموركما وتجدا حلا لكما

بعيدين عن بعض "

قلت بضيق " بماذا تهدي يا جواد أين تأخذها هل هي فوضى "

قال بهدوء " فكر في الأمر فهوا الحل الوحيد وفي كل الأحوال

سأوقف دراستي وسنرجع ووسن على علم بذلك ... وداعا "

ثم أنهى الاتصال وتركني أتأفف بغيظ , لهذا إذا هي تركت

حقيبتها جاهزة تنتظر عودتهما لترحل من هنا ولم يظهر أن

كلامي وحدي تمثيلا بل هي أيضا كل كلامها تبخر وتريد تركي

بسهولة ولم تعطني ولا مجالا لأبرر لها ما سمعت بل ما الذي

لدي لأقوله لها فلا الحقيقة أستطيع قولها ولا الكذب سيجدي لأن

حباله قصيرة دائما ونهايته أسوء من الصدق , رن هاتفي مجددا

فنظرت للمتصل وكان رقم شقيق معتصم رئيس الشرطة الجنائية

فنظرت له باستغراب ظننت أنه نسي كلامه ومقابلته لوسن بل وأنا

نسيت أمره تماما فما قصته معها , أجبت عليه فقال مباشرة

" سأكون لديكم واثنان من رجالي بعد ساعة لا أريد غيرك

وزوجتك تحضرا وحدكما فقط ولا تتسرب أي معلومات

عن الأمر لحمايتها "

قلت بتوجس " ولما تكون في خطر ما القصة "

قال " ستعلم كل شيء في وقته وداعا "

ثم أنهى الاتصال دون أن يوضح ولو شيئا بسيطا وترك اللغز

يزداد تعقيدا فما معنى أن تكون في خطر ومن هذا الذي قتل

والدها وشقيقها ولما ستكون في خطر إن تكلمت , بقيت مكاني

أصارع الوقت وهوا يصارعني حتى رن هاتفي وكان هوا المتصل

وعلمت أنه الضيف المنتظر قد وصل , اتصلت بالعمال ليفتحوا

له الباب وانتقلت أمام المنزل لاستقباله لحظة دخول سيارة سوداء

مظلمة لا يظهر من بداخلها واقتربت حتى وقفت أمامي وانفتحت

أبوابها الثلاثة ونزل منها ثلاث رجال وعرفته فورا ومن لا يعرفه

ولم يره في الصحف أو التلفاز , تصافحنا وقال مباشرة " نريد أن

نراها سريعا ونغادر كي لا نحدث شوشرة وشبهة "

هززت رأسي بحسنا ودخلت وهم يتبعوني حتى أوصلتهم لمكتبي

وتوجهت لغرفتها ووقفت أمام بابها أفكر في هذا الصراع الداخلي

وأصارع الأفكار التي تريد الدخول لي حتى أمسكت مقبض الباب

وأدرته ببطء وفتحته وكانت المرة الأولى أدخلها منذ تلك الليلة فقد

تحولت وسن سجينة لغرفتها في الأسفل ومي سجينة لغرفتها في

الأعلى منذ تحدثت معي ليلتها وكأنها تريد أن تبتعد عنا كي لا تسوء

الأوضاع بيننا بسببها ولا تعلم أنها سيئة من دون وجودها , دخلت

الغرفة فكانت تجلس على مكتبها ولم ترفع نظرها جهتي أبدا ويبدوا

علمت أنه أنا دون أن تنظر للباب , قلت بهدوء

" هناك من يريد مقابلتك "

لاذت بالصمت لوقت ثم قالت ببرود دون أن تنظر إلي

" لا أريد أن أرى أحدا "

تنهدت وقلت " هذا لا يستطيع أحد رفض طلب مقابلته

حتى أنه لم يطلب أخذ إذنك "

رفعت نظرها بي أخيرا لتعطي عيناي المجال لتروي عطشها مما

حُرمتُ منه لأيام فسحقا للجراح وللكبرياء لما لا تركض لي وترتمي

في حضني وأضمها لصدري بقوة ويُمحى من ذاكرتنا كل شيء كان

متى سنتجاوز ألآمنا يا وسن بل وكيف , أبعدتْ نظرها بل ووجهها

عني عندما طال تأملي لها وقالت " ومن يكون هذا "

قلت بجدية " رئيس الشرطة الجنائية جابر حلمي "

وقف من فورها وقالت " جاء أخيرا "

نظرت لها بصدمة وقلت " ما قصتك معه "

تحركت قائلة بجمود " ثلاث أعوام ليتذكروني

تأخروا عني كثيرا "

بقيت جامدا مكاني وهي تجتازني خارجة من أمامي ولم أستطع

ترجمة شيء مما يجري فليفهمني أحدكم ما الحكاية !! يأتي لمقابلتها

وهي تنتظر قدومه من ثلاث أعوام أي وقت وفاة والدها وشقيقها

فلما لم تذهب هي له مادامت تنتظره , خرجت أتبعها وهي تلف

حجابها ودخلتِ المكتب وأنا خلفها وجلستْ مقابلة له حيث كان

يجلس على أريكة صالون المكتب وبجواره الرجلين اللذان جاءا

معه ووقفت أنا دون جلوس وقال من فوره بنظرة ثابتة لها

" مؤكد أخبرك زوجك من أكون أم تريدين أن أُعرف عن نفسي "

قالت ونظرها لازال للأسفل " لا يحتاج لا أن يخبرني ولا

أن تعرف عن نفسك فأنا أعرفك "

نظر للذي بجانبه وقال " دون كل شيء يا عقيد خليل ولا

تنسى لا تكتب اسمها الآن "

هز ذاك رأسه بحسننا وأخرج دفتره وقلما من جيبه وانشغل به

يملأ بعض خانات الورقة الفارغة أمامه وقال

" إن كان ثمة خطأ فصححيه لي "

ثم بدأ يكتب ويقول " العمر اثنان وعشرون عاما طالبة في كلية

العلوم قسم الأحياء فصيلة الدم آي سالبة متزوجة وليس لديك أبناء

توفي والدك وشقيقك في ...... "

وبدا يسرد لها تفاصيل دقيقة عنها وكلها صحيحة حتى انتهى

وتكلم حينها شقيق معتصم قائلا " سيدة وسن أنا هنا من

أجل مقتل والدك وأنتي لديك علم بمقتله طبعا "

هزت رأسها بنعم وأنا أنظر لها بجمود وهذا يؤكد كلامه

جلستُ لأن هذا اللقاء يبدوا يحتاج لأرتكز على شيء وقال

" كان حادثا مدبرا على طريق ....... سببه انزلاق لسيارتهما

عند المنحدر لأنها كانت مطاردة من سيارتين "

قالت بهدوء " مجريات الحادث لا أعرفها ولا أستطيع

توثيقها لكم لكني أعلم أنه مدبر "

قال " وتعلمين من وراء هذا "

هزت رأسها بنعم وأنا لازلت أنظر لها بصدمة وقالت

" خالد الصقار ومن يعمل لإمرتهم وقد تم تهديده

لأشهر بل وتهديدي معه أيضا "

نظرت لها ولهم أحاول ترجمة شيء من هذا وقال هوا

" ولما هددوك وبماذا "

قالت ولازالت كما هي نظرها لم ترفعه بهم أبدا

" هددوني وقت خطبتي بالصقار بل من أول ليلة لها "

قال " لماذا وبماذا "

قالت بهدوء " ليلة حكا لي والدي أن ذاك التاجر يريد الزواج

بي ولم يأخذ موافقتي بعد فزرته في غرفته وقت الفجر وترجيته

أن لا يفعل ذلك وأني مخطوبة لابن خالتي ولا يجوز أن نفعل هذا

به فلاحظت التوتر والخوف باديا عليه ويترجاني أن لا العب مع

من هم أكبر مني لكني كنت مصرة واخترت خطيبي حينها وهددته

بأني سأهرب له وأترك المنزل إن هوا أرغمني عليه أو يخبرني

مما هوا خائف فأخذني لمكتبه واتصل بأحدهم أمامي وكان يصرخ

بوالدي وقال ( أقسم إن اطلع أحد على ما بيننا وحتى ابنتك أو علمتُ

أن الأمر قد تسرب ستخسر حياتك على يدي وإن رفضتني

ابنتك ستدفع الثمن غاليا )

قال بهدوئه ذاته " وبما هددك "

رفعت حينها رأسها ونظرت لي وقالت بحزن

" هددنا بحياة نواس "

وقفت حينها على طولي أنظر لها بصدمة وهي عادت بنظرها

حيث كان للأرض أمامها وقالت " إما أن أصير خطيبة له تلك

الليلة أو يموت نواس وإما أن أصمت أو يموت والدي بل

وجميع عائلتي سيلحقونه حال تكلمت فاخترت أن يموت داخلي

وحدي أن يموت قلبي وحلمي على أن أفقد الجميع وأولهم

خطيبي وابن خالتي "

قال بنظرة ثابتة " ولما لم تتحدثي بعدما مات والدك "

هزت رأسها بلا وقالت " لم أستطع خفت عليهم خفت أن يؤذوا

أحدا إن زرت مكتبك أو مكتب الشرطة تمنيت أن أدركتم أنتم

الأمر , جريمة مدبرة وواضحة ماتت تحت الركام انتظرتكم

طويلا وتأخرتم كثيرا حتى ضاع أكثر مما كان "

قال " وها أنتي تحدثت الآن ألا تخشين منهم "

قالت بنبرة ساخرة " لم يبقى الآن شيء أخشى عليه فليثهم يأتوا

ليقتلوني ثم أنا أعلم من وقت قدومك هذا أنكم أدركتم خطورة الأمر

ولا تريدون أن يعلم أحد بأقوالي التي سأقولها لكم "

قال بجدية " نريد أي دليل ملموس لديك أي شيء قد ينفعنا

وإن كان بالنسبة لك ليس ذا أهمية "

وقفت حينها من فورها وخرجت من المكتب مجتازة لي ولم

ترفع ولا نظرها بي فنظرت له وقلت " كيف يكون كل هذا

ولم تخبر عنه أحد ولا حتى أنا "

وقف ووقف رجاله معه وقال " لكي تحميكم طبعا فإن تكلمت

سيحاربونها بكم بل قد تكون هي أول ضحاياهم خصوصا أنهم

لا يعلمون أنها على علم بما حدث لوالدها فأن تتكلم يعني أن تضع

الشبهة حول نفسها وسيبدؤون بتهديدها خصوصا إن كانت

تملك دليلا ضدهم وهذا هوا الظاهر "

دخلت حينها وسن ومدت له بورقة وقالت " هذه صورة

عن الورقة التي قتلوا والدي من أجلها "

أخذها منها وفتحها وقرأ فيها ثم نظر لأحد رجاله وقال بصدمة

" أذون لإدخال ممنوعات وليست مزورة "

لتتحول الصدمة لرجاله وقال أحدهم " شرطة الجمارك

معهم أيضا !! مصيبة أعظم من سابقتها "

طوى الورقة لأربع ودسها في جيبه وقال " لو كنت أعلم أن

لديك دليلا كهذا لجئتك منذ وقت وطويل لكننا فعلا لم نعلم عن

مجريات ما حدث لوالدك إلا بعد موت الصقار ولم آتيك وقتها

كي لا يشك أحد بالأمر وانتظرت أن يمر على موته وقت فلستِ

وحدك من خسر أحدا بسببه "

هزت رأسها بحسنا وقالت ونظرها للأرض

" لا يهم فالأمور تساوت عندي "

ثم خرجت من فورها وتوجهت لغرفتها وخرج هوا ورجاله

يتبعونه مغادرين المكان وتركوني جامدا مكاني كأثاث هذا المكتب

كانت تحمينا بل فعلت ما فعلته لحمايتي أنا وافقت عليه وتركتني

كي لا يقتلوني , تحملت لومي وجفائي بل واتهاماتي لها كل هذه

السنوات وقتلت نفسها بالصمت وترجي الصفح مني وهي تواصل

تضحيتها كي لا يتأذى أحد وأنا أولهم بينما أنا لم أرحمها فكم قالت

أنه رغما عنها ولا يد لها فيه لكني ظننتها حجة من أجل إنقاذ والدها

ولم يكن الأمر أموالا كما ظن الجميع لا ديون يريدها منه ولا شيء

يمكنني توفيره ففي الحكاية مساومة بالأرواح ومنذ أول ليلة طلبها

فيها للزواج , هززت رأسي بقوة غير مصدق ولا مستوعب لما

يجري , كيف هذا يا وسن كيف تحملي كل هذا في قلبك وكنتِ

ستحملينه لآخر عمرك لو لم يفكر هذا الرجل أن يأتي بهذه

الطريقة التي تضمن لك حماية الجميع بل قالتها بصريح

العبارة ( لم يعد يعنيني شيء )

أي حتى إن قتلوها أو قتلوني لأننا البقية المتبقية لهم , انهرت

جالسا على الأريكة وأمسكت رأسي بيداي وعقلي لحظات ويتوقف





*

*





ما أن طلعت شمس الصباح ورأيت زوجة نواس الثانية خرجت

لجامعتها حتى دخلت لراضية في المطبخ وقلت

" راضية هل تخدميني في أمر "

فالتفتت بسرعة وقالت بفزع " بسم الله , وليد ما بك أصبحت

كالأشباح تدخل فجأة وتكلمني وأنا غافلة "

قلت بضيق " وكيف تريدين أن أكلمك "

قالت مبتسمة " قل أحم قل يا راضية قل أيتها

الجميلة السارحة "

ضحكت وآخر ما كنت أفكر فيه الضحك ثم قلت

" لا الأخيرة لا تفكري فيها لأني لن أقولها "

رمت يدها ناحيتي وعادت لما كانت تفعل وقالت ببرود

" إذا أخرج ولا تتحدث معي "

قلت بهدوء " العمال أخبروني أن سيارة سوداء مظلمة مجهولة

دخلت البارحة المزرعة واستقبلها نواس هل لديك علم بها "

نظرت لي وقالت بتوجس " بسم الله ما هذه المواصفات لا

نكون في فيلم بوليسي ولا نعلم "

هززت رأسي وقلت " يبدوا لا علم لك بشيء واتركينا الآن في

المهم اصعدي لمي في غرفتها وناديها لي "

نظرت لي ببرود بمعنى هل هي فوضى أم ماذا فتنفست بقوة

وقلت " راضية مي ونواس سينفصلان ومؤكد لا علم لك وأريد

التحدث معها في أمر مهم وإن علمت أنه أنا فلن تنزل

لذلك علينا إيجاد حل "

قالت بصدمة " وصل الأمر لأن ينفصلا "

نظرت لها باستغراب فتنهدت وقالت " حتى الأعمى يلاحظ

أن علاقتهما ليست كزوجين طبيعيين لكني فكرت أنه

بسبب زواجه بأخرى "

نظرت للأرض وقلت " مي طلبت الانفصال منذ البداية وهما

متفقان ومتفاهمان على هذا وإن خرجت مي من هنا لن أتمكن

من التحدث معها فساعديني يا راضية "

قالت بعد صمت " لا أعدك بشيء لكني سأحاول فهي لا

تخرج من غرفتها أبدا ولأي سبب كان فإن فشلت ورفضت

فلا تلقي باللوم علي "

قلت قبل أن تغادر " إن أخبرتِها أنه أنا فلن توافق "

نظرت لي باستغراب وقالت " وما قصدك بهذا نكذب

عليها مثلا "

قلت " لو سينجح الأمر افعليه "

هزت رأسها بلا وقالت " مستحيل ستغضب مني بعدها وأنا لا

أحب أن يحدث ذلك بيننا فانس الفكرة يا وليد "

قلت بإلحاح " لن تغضب أنتي فقط أخبريها أن شقيقها يريدها

ولن تغضب منك لأني أنا من طلب منك هذا "

هزت رأسها رافضة وبإصرار فقلت بضيق " والحل الآن "

قالت ببرود " أخبرها الحقيقة طبعا "

تنهدت وقلت باستسلام " أمري لله وأقنعيها بمعرفتك فأعرفك لحوحة "

قالت ضاحكة وهي تخرج من أمامي " لا فبعد زوجة نواس الأخرى

اكتشفت أني فاشلة في الإقناع والزن أيضا "

ثم غادرت ونظري يتبعها حتى اختفت ووقفت أنتظرها على

نار حتى دخلت المطبخ مجددا وهزت رأسها بقلة حيلة فقلت

" ألم أقل لك أنها سترفض إن أخبرتها أنه أنا "

رفعت كتفيها وقالت " رفضت وبإصرار وقالت أنها

ستغضب مني إن أنا تكلمت معها في الأمر ثانيتا "

تأففت وخرجت دون أن أضيف شيئا وجربت الاتصال بها

مجددا ولا تجيب فأرسلت لها ( مي أجيبي هذه المرة فقط )

ثم اتصلت بها ولا أمل من كل ذلك بل وأغلقت هاتفها أيضا





*

*





هززتها من كتفها وقلت " وسن تكلمي على الأقل وأنا أكلمك

ما بك تحولت لتمثال وهاتي لي حلا لمصيبتي "

قالت ببرود " وما الحل وعقد قرانك اليوم "

قلت ودموعي تصارع للنزول " تعبت من البكاء ومن الصياح

لو أن الجدران تشعر لرحمت حالي أسأل الله أن يصاب ذاك العريس

بشلل نصفي اليوم ويتوقف كل شيء بل أن يموت ويريح البشرية

منه , وبكل بساطة يرسل لي مع والدي وأخبر خالي ليسألني أين أريد

أن أسكن هنا في العاصمة أم في مدينته لا بارك الله فيه من عريس

ولا زواج ويهتم كثيرا أين سأعيش بل وهل يهم عندي أنا هذا فكلها

جهنم وجحيم ويريد أن تراني والدته المصون هذا ما ينقص أرى

والدة زوجة والدي تلك العقرب التي أنجبت العقربة الصغيرة "

ثم ضربت بيدي على فخذي وقلت بعبرة " سأموت يا وسن سأموت

من ناري المشتعلة بداخلي كيف سأكون وذاك المخيف في مكان

واحد ما هذا الحظ الذي لدي "

مسحت دمعة تسللت من عينها فحضنتها وقلت ببكاء " سامحيني يا

وسن فهمي جعلني أنسى همومك ليثنا لم نصبح صديقتين لقد

تشاءمت من هذه الصداقة "

قالت بعبرة " لما لا أموت وأرتاح يا ملاك حتى فرح تأخرت

في عودتها أريد أن أخرج من منزلهما سوف أفقد عقلي إن بقيت هناك "

أبعدتها عني ومسحت دموعها وقلت " وسن توقفي عن كل هذا وفكري

في صحتك خصوصا بعد الذي علمته لا أريد أن أخسرك فوحدك

من سيدعمني ويشجعني تعيستان للأبد "

حضنتني مجددا وقالت بحزن " سامحيني أنتي أيضا يا ملاك

أفكر في همومي وأنساك ليثه كان بيدي شيء أفعله من أجلك

لكني لست بأقل منك "

قلت ببكاء " لا بارك الله في الحب أتعسونا وقت

امتحاناتنا لو رسبنا فبسببهم "

ثم أبعدتها عني وقلت " توقفي عن البكاء وتعذيب نفسك يا

وسن ولا تنسي صحتك لا تستحمل كل هذا "

وقفت وحملت أوراقها وقالت " علينا أن نركز في مادتنا القادمة

فهي الأصعب بين البقية فليس لنا غير دراستنا نتمسك بها

فنهاية كل واحدة منا الطلاق "

وقفت أيضا وقلت " نعم معك حق فنهايتي كزوجاته السابقات

سيطلقني بلا أدنى تفكير ووقتها لن أرجع لوالدي مهما فعل وسأعمل

بشهادتي وأنفصل عنه هذا إن لم يكن لي وقتها ابن من ذاك المتوحش "

ثم قلت بابتسامة كرتونية " أي أنه قد يكون لنا مستقبل سعيد آخر بعد ذلك "

نظرتْ للأسفل بحزن فقلت باستياء " أنا لا أحبه أنتي ونواس ما ذنبكما

تصلان للطلاق "

قالت مغادرة " ونواس لا يحبني أيضا فلسنا مختلفتين وليس بأقل

من صديقه الذي تخلى عنك "

هززت رأسي بقلة حيلة وتبعتها للداخل , معها حق عليا

أن أفرغ غضبي وطاقتي كلها في دراستي فلا أحد لي غيرها

يتيمة وأبويها لازالا على قيد الحياة , آه لا أعلم كيف سأركز

وزواجي من ذاك اليوم يا رب أرحمني

أنهيت يومي واختباري على خير وأجبت إجابات مرضية وعدت

للمنزل بعدما وضعنا اللمسات الأخيرة على مشروعنا فهوا يأخذ

أغلب وقتنا ونحتاج لأيام قليلة فقط وسيكون جاهزا , دخلت المنزل

لأفاجأ بالهدايا الموجودة فيه وإيمان وابنها منسجمان في تفتيشها

وحتى جدتي أمامها هدية مخصصة لها وقفز سفيان قائلا

" عمتي ملاك أنظري ما أحضر لي زوجك "

قلت بصراخ غاضب " ليس زوجي لا تقل زوجك تفهم "

ثم توجهت لغرفتي دخلتها وأغلقت الباب خلفي بقوة وجلست

على الأرض أبكي وها قد حُسم الأمر يا ملاك وأصبحت زوجته

والجميع سعيد بذلك وكأنهم لا يعلمون ما ينتظرني ثم من أين لذاك

البخيل أن يحضر كل هذه الهدايا فليست عادته , يا رب خذ روحه

وارحمني منه يا رب أرملة أرحم لي من أن أصير زوجة فعلية

له وحتى من أن أكون طليقته , رن هاتفي فنظرت للمتصل ووقفت

على طولي حين وجدت اسم والدي هوا المتصل فبلعت ريقي مرارا

وأجبت عليه فقال مباشرة " زوجك مستعجل وسيأخذك في آخر

يوم لك من الامتحانات "

قلت ودموعي تنزل تباعا " لكن .... ورسالة تخرجي "

قال بحدة " البطيخ رسالتك تنهيها عنده لا مشكلة لديه , هوا أسبوع

واحد وفي نهايته سيأخذك من هناك أرسلت مهرك لخالك أم

تريدي حفل زفاف وتفاهات ناقصة ككلام والدتك "

قلت بخوف " لا أريد شـ شيئا كل مـ ما تريده سيحدث "

فأغلق الخط حينها في وجهي , ما هذا الأب المتحجر أين

منظمات حقوق الإنسان لتأخذ بحقي منه





*

*





مرت أيام اختباراتي أخيرا وأنا لا أعرف سوا غرفتي والممر

المؤدي للخارج وحتى نواس لم أره من ليلة جاء رئيس الجنائية

ذاك اليوم , أحيانا أسمع صوت خطواته في الممر ليلا ويحاول

أن يفتح باب الغرفة وحين يجده مقفلا من الداخل يغادر رغم أنه

يملك المفتاح , فرح وجواد سيصلان هذا الأسبوع وسأغادر من

هنا وإن فجرنا المنزل أنا وهوا ولن أبقى يوما واحدا فليهنأ بزوجته

ولا داعي لأن يضحيا لأجلي ولا يكن حين علم بسبب تركي له

وقبولي بالصقار أنّبه ضميره فليأتيني بعذر الآن لزواجه منها

فلن أعذره أبدا كما فعل معي ولن أنساها له

سمعت طرقات متقطعة على باب الغرفة فلم أجب فزاد الإصرار

والطرق فتوجهت للباب وفتحته فكانت راضية وفي يدها صينية

طعام وقالت مباشرة " حلفتك بالله أن تأكلي وترحمي زوجك على

الأقل فقد رأفت لحاله من كثرة ما يطلب مني أن أحاول معك "

أبعدت نظري عنها وقلت ببرود " لا أريد ولا رغبة لي في الأكل "

تنهدت بأسى وقالت " أنظري لوجهك في المرآة شاحب ومصفر

وجسدك زاد نحولا , تضغطين على نفسك بالدراسة والسجن

هنا وهذا ليس في صالحك "

لم أجب عليها فهزت رأسها بقلة حيلة وقالت " على الأقل زوري

خروفك وغزالتك وانظري مكانهما وجمالهما , كيف لا تزوريهم

وأنتي من جلبهم , بالنسبة لي صرت أزورهما كل يوم من روعتهما "

نظرت لها باستغراب وتذكرت حينها فقط أننا بالفعل أحضرناهما

هنا تلك الليلة حين عدنا من البر , قلت بهدوء " وأين وضعوهما "

قالت مبتسمة " خصصوا لهما مكانين بجانب إسطبل الوسن

جعل لهما نواس حظيرتين صغيرتين ورائعتين "

ثم دخلت ووضعت صينية الطعام وقالت " تناولي شيئا بسيطا

ولو من أجل دراستك ولا أريد أن أعود وأجدها كما تركتها "

ثم غادرت من فورها وأغلقت الباب خلفها فنظرت للساعة فكانت

السادسة ونصف فتوجهت للنافذة وفتحتها فكانت الشمس قد غابت

للتو ولم تظلم الدنيا تماما فأخذت حجابي ولففته على شعري وخرجت

من غرفتي وكان المنزل هادئا تماما فحتى صوت مي مع راضية لم

أعد أسمعه حتى وقت ذهابي أو عودتي من الكلية ولم أرها ولا

بالمصادفة , مررت براضية في المطبخ ووقفت عند الباب

وقلت " راضية هل نواس موجود "

التفتت لي وقالت " غادر المزرعة منذ قليل "

هززت رأسي بحسنا ثم قلت بعد تردد " زوجته لا صوت

لها هل هي ليست في المنزل "

تنهدت وقالت بحزن " غادرت مع شقيقها منذ يومين "

نظرت لها باستغراب وقلت " تركت المنزل !! "

التفتت لما كانت تفعل وقالت " نعم "

فغادرت وتركتها , لم تحتمل أكثر إذاً ويبدوا خيّرته بيني وبينها

فهي قالت له بنفسها أنها لم تعد تحتمل هذا الوضع , لو كانت صبرت

قليلا لكنتُ تركت لها الجمل بما حمل ولا تقلق فسيذهب قريبا لإرجاعها

لأني من سيترك لهم المنزل بما فيه , خرجت من المنزل ولففت جهة

إسطبل الوسن مجتازة العمال الذين يعيدون الخيول لإسطبلاتها وكنت

مطمئنة لأني رأيت صديق نواس الذي كان يعيش في المنزل معهم وهوا

شاب مهذب وخلوق ولن أخاف من العمال في وجوده , وصلت لحظيرتيهما

فكانت رائعة بسياج خشبي جميل مقسومة لنصفين ومكان ليدخلا له وقت

يسوء الطقس أو تهطل الأمطار , فتحت باب حظيرة الخروف ودخلت

وتوجهت نحوه وأمسكته وجلست وأجلسته في حجري أمسح على صوفه

الأبيض الجميل ليلفت انتباهي الشيء المعلق في أذنه فكانت قطعة

من الفضة على ما يبدوا ومكتوب فيها ( شبل ) الاسم الذي سميته له سابقا

" لم تسمي الآخر لكنا وضعنا له اسمه أيضا "

نظرت بسرعة لمصدر الصوت فكان نواس يقف عند باب الحظيرة

فوقفت من فوري وركض الخروف مبتعدا وتوجهت للباب لأخرج

فأمسك بذراعي قبل أن اجتازه وقال بهدوء " وسن دعينا نتحدث

ولو للمرة الأخيرة "

أبعدت وجهي جانبا وقلت " لا "

تنهد وقال " لما لم تخبريني حقيقة ما حدث

لما تركتها حتى الآن "

ابتعدت عنه للخلف عدة خطوات ونظرت لعينيه وقلت

بسخرية " وهل كنت ستصدق حكايتي "

ثم هززت رأسي بلا وقلت " بالتأكيد لن تصدقني لأن حقدك علي

قد أعماك فلو كنت تحبني فعلا لكنت عذرتني دون أن تبحث عن

السبب وأنا الآن من لن تغفر لك زواجك منها وتركك لي فجد عذرا

تقنعني به أو لا تتعب نفسك لأني لن أصدقك مهما قلت وفعلت

فأنت انتهيت من حياتي يا نواس "

أغلق الباب ودخل وتوجه نحوي وأمسكني من ذراعاي وهزني

وقال " كيف أنتهي من حياتك يا وسن ما هذا الذي تقولينه "

قلت وأنا أحاول أن أتخلص من قبضة ذراعيه " نعم انتهيت

وباختيارك أنت ومنذ البداية تركتني بإرادتك وتزوجتني مرغما

والآن انتهى كل شيء فاذهب لها وأرجعها لترضى عليك "

ففاجأني حينها بأن ضمني لحضنه بقوة وشدني لصدره بذراعيه

وقال بهمس " يرضيك ابتعادك عني يا وسن يرضيك أن أبقى

من دونك ارحميني فوحدك من بقي لي ويعنيني"

قلت بحرقة " ولما أنت أرضاك ذلك ولوقت طويل فكم ترجيتك

أن تعذرني لكنك لم تفعل أنت السبب يا نواس "

ارتخت حينها قبضة ذراعيه عن جسدي حتى تركني وابتعد

جهة الباب وقال موليا ظهره لي " جواد ينتظرك عند باب المنزل

اذهبي معهم وارحمي نفسك على الأقل من أخذ المسكنات

التي عدت لها من جديد "

فغادرت الحظيرة راكضة حتى وصلت باب المنزل وكان جواد

هناك يمسك طفلا صغيرا في لفافة وفرح تقف بجانبه فركضتُ

نحوها من فوري واحتضنا بعضنا حضنا ملئه شوق وبكاء وحزن

وقلت بعبرة " أخرجوني من هنا يا فرح ولا تتركوني ثانيتا أرجوكم "

فقالت ببكاء " لن نتركك يا وسن وستغادرين معنا ستحضر

الخادمة حقائبك حالا ولن تدخلي المنزل أبدا "

ثم أركبتني السيارة وركبت معي وغادرنا ما أن أخرجت

راضية حقائبي الجاهزة منذ أكثر من أسبوعين





*

*







تنهدت وقالت " ملاك توقفي عن البكاء فهذا لن

يغير في واقعك شيئا "

قلت بنحيب " لما أنا حظي من بين الخلق هكذا أنهي امتحاناتي

برؤية وجهه البشع ما بكم تحجرتم جميعكم ولا أحد يشعر بي ولم

تجدوا حلا سوا هذه العبارات التي أسمعها منكم على الدوام نصيبك

وقدرك واصبري , أشعروا بي يا عباد الله هذا وحش وليس ببشر "

هزت رأسها بقلة حيلة ثم قالت " خالك ينتظرك فاخرجي له

قبل أن يصعد لنا والدك يا ملاك "

تأففت ووقفت وأخذت عباءتي بقوة من على السرير ولبستها

فقالت " دعيني أصلح لك زينتك قليلا فبكائك أفسدها "

قلت بتذمر " اتركيني وشأني يكفي تزينت له مرغمة

هل بظنك سيرى وجهي وما أضع عليه "

سحبتني للكرسي مرغمة وقالت " بل رغما عنك سأعدلها لك

وأزيد من مثبت الماكياج لأني أعرفك ستندبين طوال الطريق "

أطعتها مرغمة وأقسمت على نفسي أن لا أبكي أكثر وأري ذاك

الحقير دموعي فأنا أعرفه سيسخر مني كما كان يفعل في الماضي

غطيت وجهي وخرجت وأنزلني خالي وركبنا سيارة والدي ولم

أستطع ولا حتى التحدث في وجوده فصمته بالنسبة لي رحمة لأنه

لا يتحدث إلا غاضبا وعريس الغفلة لم يكن معنا طبعا , وصلنا لمكان

لا أعرفه ولم يعنيني وسرنا مسافة طويلة حتى وصلنا له لم تكن

طويلة جدا لكنه يبدوا خارج العاصمة ثم نزل والدي وفتح لي الباب

فنزلت ووقفت بجانبه متمنية أن تنزل عليا صاعقة من السماء وتقتلني

ولا أدخل هنا , كان منزلا يبدوا عليه الرقي بعض الشيء أي ليس

متواضعا وقال والدي " أدخلي فوالدة زوجك تنتظرك وهوا قال

أن لديه شيء مهم وسيأتي بعد قليل "

تنهدت بأسى واستسلام ودفعت الباب ثم التفت له وقلت

" سامحك الله على هذه البيعة التي بعتني فيها يا

والدي فأنا لن أسامحك "

ثم دخلت من فوري كي لا يصبح عنقي في قبضته وخطوت

الخطوات سريعا كي أدخل ودخلت المنزل بعد تردد , ما هذا

اليوم يا ملاك تدخلين وحدك لمكان لا تعرفيه ولأول مرة أزوره

ووالدته المصون تنتظرني , لم أرى والدة زوجة والدي منذ صغري

ولا أذكر شكلها لأن تلك المجنونة قاطعة الأرحام كانت على خلاف

مع الجميع ولا أحد يحبها ولم يكن يزورها سوا شقيقها السكير ذاك

فهوا على شاكلتها , دخلت ووجدتها في الداخل وبجانبها فتاتين وبقيت

واقفة أنظر لهم باستغراب , لا يبدون لي يشبهون تلك المجنونة هذه لابد

وأنها شقشقتها المسافرة مع زوجها والأخرى زوجة شقيقها الآخر فلم

أسمع عنهم سوا حكاياتها للناس عن عائلتها التي هجرتها وتدعي

أنها تواصلهم دائما , تقدمت مني والدته وقالت

" مرحبا بك في منزلك يا ملاك "

وقالت إحدى الأخيرتين " فعلا ملاك ولم يخبرنا ذاك

الأحمق أنك جميلة هكذا "

كنت أنظر لهم باستغراب وكأنني لأول مرة أرى بشرا في

حياتي حتى قالت الواقفة هناك " أتمنى أن يَركز هذه المرة

ولا يطلق ملاكا مثلك "

يا إلهي متأكدين جدا من أنه سيطلقني كغيري سامح الله الحظ الذي

رماني عليه وعليكم , تقدمت مني والدته وأمسكت يدي وقالت

" تعالي ادخلي ما بك خائفة هكذا ويديك باردة كالجليد "

قالت ابنتها ضاحكة " أمي معها حق تخاف وتخجل

أليست عروس "

نظرتْ لها وقالت " أين شقيقك حتى الآن ما هذا الذي

يفعله ذاك المجنون "

قالت الأخرى ناظرة جهة باب المنزل " ها هوا قد جاء أسمع

باب المنزل الخارجي يُفتح لابد وأنه يدخل سيارته "

وقفتُ حينها كالملدوغة وبدأت أرتجف من الخوف والقهر أو

كبت الدموع أو لا أعرف ماذا وقالت والدته " غرفتك هناك وأنا

سأذهب مع ابنتي فخذا راحتكما في المنزل ومبارك لكما يا

ملاك , ابني طيب كثيرا فقط يحتاج امرأة تفهمه "

ثم خرجوا وتركوني وحدي نعم تركوني في المنزل أواجهه لوحدي

توجهت راكضة جهة الغرفة التي قالت عنها وأغلقتها خلفي بالمفتاح

لن أسمح له بالاقتراب مني ولا لمسي وسأهرب من هنا صباحا ولن

أعود ولن يجدوني مهما بحثوا عني , شعرت بحركة جهة نافذة الغرفة

فابتعدت والتصقت بالجدار أرتجف من الرعب , من هذا الذي جاء هنا

لو أنه جرب فتح الباب ولم يُفتح له لقلت أنه سيدخل لي من النافذة

انفتحت النافذة بقوة فصرخت بكل صوتي وغطيت وجهي بيداي

لحظة سماعي لقفزة لأحدهم منها للغرفة وصوت رجولي قائلا

" تظنين أنك ستهربين مني يا ملاك الليل وتتزوجين بغيري بعدما

لعبت بي , لا ليس معاذ من تفعل به واحدة مثلك هكذا "

أبعدت يداي بسرعة ونظرت له بصدمة وقلت

" مـ مـ معاذ "

اقترب مني وقال " نعم معاذ وهل بظنك سأنسى

بسهولة انتقامي منك على فعلتك "

قلت برجفة وأنا ابتعد يمينا ملتصقة بالجدار " ابتعد عني يا

معاذ أرجوك لا تسبب لي فضيحة معه سيقتلني إن وجدك هنا "

قال بسخرية " نعم وهذا ما أريده سيدخل ويجدني معك

وليس في أي وضع "

ثم شدني لحضنه بقوة وأنا أصرخ من الخوف حتى أظلمت

الدنيا في عيناي ولم أعد أرى شيئا حولي وغبت في سواد قاتم

لم أخرج منه إلا بعد وقت وأنا أشعر بقطرات من الماء البارد على

وجهي وفتحت عيناي بصعوبة وأول من وقع عليه نظري والدة

زوجي فقلت ببكاء " أقسم أني لم أفعل شيئا يا خالة هوا من دخل "

مسحت على وجهي وقالت بحنان " بسم الله عليك يا ملاك لا

تخافي يا ابنتي ماذا حدث لك "

دخلت في نوبة بكاء لحظة دخول ابنتها بكوب عصير قائلة

" هل استفاقت أخيرا "

ثم نظرت جهة النافذة وقالت بضيق " أرعبتها يا مجنون أصبر

عليها قليلا فهي تتزوج لأول مرة في حياتها "

ثم اقتربت مني أكثر قائلة " أنتم الرجال لا أعلم ما بكم تفقدون

عقولكم ما أن تتزوجوا ولا تراعون خوف وخجل المرأة أبدا "

نظرت بريبة جانبا حيث تلك النافذة المشئومة وحيث كانت تنظر

وتحدث أحدهم بأشياء لا أفهمها لتقع عيني على الجالس في النافذة

ينظر لي بابتسامته المشاكسة فجلست مفزوعة وأسقطت كوب

العصير من يدها دون قصد ووالدته تسمي الله بخوف وقالت

" معاذ أخرج حتى ترتاح قليلا لقد أصبحتَ لها مصدر رعب "

قفز حينها من النافذة وقال " أنتم أخرجوا واتركوني وزوجتي

سنتفاهم بمعرفتنا "

فغادرت السرير حينها ووقفت في الجانب الآخر منه وقلت

" من أنتم وأين أنا "

وضعت ابنتها يدها على صدرها وقالت " بسم الله الفتاة

فقدت ذاكرتها بسببك "

لتنطلق ضحكته العالية ثم اقترب مني وأنا أصرخ أن يبتعد عني

لكنه لم يأبه لي حتى وصل عندي وحملني بين ذراعيه وقال

" توقفي سببتِ لنا فضيحة مع الجيران هذه والدتي والأخرى

شقيقتي ومؤكد تذكري أن والدك من أوصلك بنفسه هنا "

قالت حينها والدته " افهمنا الأمر يا معاذ ما بكما وما بها زوجتك "

نظر لي وقال مبتسما " أخرجوا هيا واتركونا لا شيء بنا "

فخرجتا من فورهما وأغلقتا الباب خلفهما وأنا لازلت أنظر له

كالدمية لا أفهم شيئا ولم أعرف ما أفسر وما أترك فرماني على

السرير وقال " مبارك يا عروس ما رأيك بهذه المفاجأة "

بقيت أنظر له بصدمة كالميتة فحرك أصبعه أمام وجهه وقال

" واحدة بواحدة وهكذا تصافينا يا حبيبة أحزان السنين "

فما كان مني حينها سوا أن نزلت دموعي بغزارة تعبر طرف

عيناي وتنزل لشعري وقلت بهمس " أنت هوا زوجي "

فهز رأسه بنعم ثم جلس بجواري على السرير وانحنى لوجهي

وقبل شفتاي قبلات كثيرة وقال " نعم يا زوجتي وهذا منزلي

ومنزلك بما أنك لم تختاري العاصمة "

فصرخت بقوة وأبعدته عني وغادرت السرير ليطرق أحدهم

الباب ووصلنا صوت والدته قائلة " معاذ ماذا بكما أخرج

واتركها الليلة الفتاة خائفة ومتوترة أخرج بني أرجوك "

فأمسك يدي وسحبني نحوه وقال " هل يعجبك كل هذه الفضائح

الآن وسنضطر لأن نحكي لهم الحكاية غدا طبعا لأنك الآن لن

تخرجي من هنا أبدا "

وشدني لحضنه يقبل خدي فقلت بعبرة " لماذا فعلت

هذا بي لماذا يا معاذ "

فحملني ورملني على السرير مجددا وقال " عقابا لك على ما

فعلته بي طبعا يا جنية "










****************************************************

******************************************









خرجت من الجناح أتبعه ودخلنا للغرفة التي كنت فيها سابقا حيث

وجدنا فتاة رائعة الجمال وتشبهه في أشياء كثيرة في ملامحها

نظرت لي باستغراب مطولا ثم قالت " هذه زوجتك يا جابر "

نظر لي وقال " نعم ألا تعجبك "

نظرتْ له ثم لي ثم له وقالت بصدمة " لكنها طفلة "

قال بعد ضحكة " كل هذه طفلة ألا تريها امرأة كاملة أمامك "

قالت بحيرة " نعم ولكنها صغيرة يا جابر صغيرة جدا "

وضع ذراعه على كتفاي وقال " اقتربي يا جيهان وسلمي على

زهور شقيقتي ستكون رفيقتك هنا وستحبينها فهي مثلك

قليلة كلام وحركة "

اقتربت منها بتوجس وأعرف ما تشعر به حيالي وأعذرها

لكن كما قال لي جابر سابقا للضرورة أحكام وهوا يضحي

براحة باله وليس سهلا أن ينشر كهذا خبر وهوا متزوج فَعليا

أن أقدر هذا , مددت يدي لها وقلت " سررت بمعرفتك "

نظرت ليدي مطولا ثم صافحتني وقالت " هل أخبرك

أنه متزوج ولديه أبناء "

نظرت له ثم لها وقلت " نعم ومرتين أيضا "

هزت رأسها وقالت " لا أعلم كيف تفكر يا جابر "

أمسكنا كلينا من كتفينا بذراعيه وقال متوجها بنا جهة الأريكة

" أفكر فيما أجبرني على أن أكون هكذا يا زهور كما سبق وأخبرتك "

ثم جلس بنا هناك وقالت هي " أخبر زوجتك إذا قبل أن تعلم من

غيرك فذاك لا يجوز , تزوجت هذا من حقك لكن أن تسمع من

الناس وليس منك أمر لا يقبله عقل وأعرفك عاقلا يا جابر "

وضع ساق على الأخرى وقال " حسنا أي أوامر أخرى "

تنهدت وقالت " لا ومن يستطيع أن يأمرك "

وقف بعدها وقال " إذا جهزي نفسك غدا موعدنا مع

الطبيب يا زهور لا تكوني نسيتي "

هزت رأسها بلا وقالت " وكيف أنسى هذا "

ثم غادر دون أن يضيف شيئا ووقفت أنا من فوري فوقفت هي

لوقوفي وقالت " أخبريني فقط ما جعل جابر يتزوجك

وهوا يحب زوجته "

هززت رأسي بلا وقلت " لا أعلم "

نظرت لي باستغراب وقالت " لا تعلمين !! "

قلت بهدوء " لا تحقدي علي يا زهور فأنا ضحية ظروف

أجبرتني لأكون هنا "

قالت مبتسمة " لم أحقد عليك أبدا يا جيهان فقط أقنعيه

يخبر زوجته ويقنعها بهذا "

هززت رأسي بحسنا وخرجت مسرعة وكأني أهرب منها وعدت

للجناح فورا ودخلته ودخلت غرفته فكان هناك مضجعا على السرير

بملابسه ويغطي عيناه بذراعه فشعرت بحماقة ما أفعل أدخل غرفته

هكذا هل صدقت أنه زوجي أم ماذا , كنت سأخرج حين أوقفني

صوته قائلا " تعالي يا سما "

فالتفت له فكان على حاله فقلت بهدوء " آسفة يبدوا أنك ستنام وأنا

دخلت دون استئذان بسبب توتري من لقاء شقيقتك "

قال ولم يرفع ذراعه عن عيناه " تعالي أجلسي "

اقتربت وجلست على الكرسي وقلت " هل ستنام هكذا ببذلتك "

قال مبتسما " زوجتي الأخرى كانت تجهز لي ملابسي وتلبسها لي

أيضا ما أفعل مع الزوجة الثانية المهملة "

نظرت للأرض بخجل من كلامه هذا فمهما كان أنا لست

زوجته فعلا , قال بهدوء " سما نزار سيسافر "

رفعت رأسي له بسرعة وكان على نومته لم يغيرها فقلت

بعينان تمتلئ دموعا " قرر أن يسافر "

قال " نعم النقود كانت تكفي العملية وأن يدرس وأنا ساعدته

بمعرفتي هناك وقبلوه على الفور يكفي أضعت عليه فرصته

هنا والمنزل بطلب منك "

نظرت للأرض وقلت بحزن " ما كان سيأخذ المال لو لم

نفعل ذلك أعرفه جيدا "

تنهد وقال " يريد أن يراك قبل أن يذهب "

وقفت على طولي وأبعد هوا ذراعه عن عينيه وقال

" لكني رفضت إلا إن كان لك أنتي رأي آخر "

قلت وقد نزلت أولى دمعاتي " لا أريد يا جابر حتى إن ضعفت

وطلبت ذلك منك فارفض واضربني حتى الضرب لا أريد

أن أراه يكفيني حتى هنا "

جلس وقال " توقفي عن البكاء يا سما واجلسي "

مسحت دموعي وجلست حيث كنت وقال بهدوء " لن يحدث إلا

ما تريدين يا سما لقد خدمتيه خدمة العمر فلم تري التفاؤل في

عيني نزار فالسفر والدراسة وعملية والدته بالنسبة له حلم حياته

الذي عاش سنينا على أمل تحقيقه لكن طلبه رؤيتك ورائه

أمر لا يريد الإفصاح عنه "

هززت رأسي بلا وقلت " دعه يرحل ويكون كما يريد فبعدما قابلت

ابن عمي وفهمت منه حقيقة وضعي في العائلة اقتنعت بكلام نزار

ورأيه فأنا وهوا كالمستقيمان المتوازيان لا يلتقيان مهما امتدا , كل

ما أريده أن تشفى خالتي وأن يحقق هوا حلمه ولو يجرب ويفشل

المهم يصل هناك وكنت أكيدة أنه سيسافر ما أن يقبل المال فأنا

أعرف جيدا كيف يفكر "

تنفس بقوة وقال " المبلغ كبير جدا يا سما وأثر تأثيرا واضحا في

حصتك ونزار لم يقبله عبثا أخشى أنه شك في الأمر "

هززت رأسي وقلت " لا يهم المهم أنه قبله لأني كنت أخشى من

أن يرفضه وحصتي شيء يخصني وحدي وسيرجع كما كان بما

أن كل شيء يتحرك ويخرج أرباحا وليس واقفا مكانه وحتى إن

كنت سأخسر كل مالي من أجلهما فلن أمانع "

قال " وأعمامك وأبنائهم أتركي أمرهم لي فلابد سيلاحظون خروج

الأموال , أسامة لن يقصر معك رجل يقاس بالذهب وأعرفه جيدا وأنا

بجانبك دائما يا سما ولا تحلمي حتى أن أوافق تزويجك لرجل

يطمع في مالك "

قلت بابتسامة حزينة " لا تقل أنك ستبقى تتحكم بزواجي

حتى آخر عمري "

ضحك وقال " وهذا ما سيحدث وصايتك لن أسلمها لأعمامك أبدا

أناس مثلهم لا يستحقون هذا وسيستغلونه , لذلك إما أسامة أو أنا أو

القانون لتزوجك المحكمة برضاك فقط "

قلت بهدوء " إذا أنت لكن لا تجعلني أندم يوما حين ترفض

زواجي بمن أريد "

ضحك وقال " يبدوا نسيتي نزار سريعا "

نظرت للأرض وقلت بأسى ودمعة محبوسة " هل تنسى أنت

امرأة أحببتها بسهولة هل هذا سهل لديكم أنتم الرجال "

قال من فوره " لا بالطبع "

رفعت نظري له وقلت " هل جربت الحب يوما "

ضحك كثيرا ثم عدل جلسته واتكأ على ظهر السرير وقال

" يبدوا أن هذه الجلسة بدأت تزداد حماسا "

نظرت له باستغراب وقلت " أنت شخصية غريبة حقا يا جابر "

قال بهدوء " وما الغريب بي ألست بشريا "

قلت مبتسمة " بلى لكن يصعب فهمك واستنتاج ردود أفعالك "

قال بابتسامة صغيرة " هناك امرأة استطاعت كل هذا ولم تفشل "

قلت بفضول " وهي التي أحببتها "

هز رأسه بنعم فقلت بحماس " يالها من جبارة كيف تمكنت

من جلبك لمصيدتها "

ضحك وقال " حتى أنا لا أعلم "

قلت بهدوء " أعذر فضولي لكن هل هي إحدى زوجاتك

أم أنها ماضي وانتهى "

قال " بلى زوجتي الحالية "

قلت بحزن " أخشى أن يدمر خبر زواجك زواجكما وأنت تحبها "

نظر للبعيد وقال " اتركيها لعل هذا يرجعها تلك التي أعرفها

فكل تفاصيل حياتي تفتقدها "

بقيت أنظر له باستغراب فنظر لي وقال " هيا أخذتي أكثر من

حصتك معي فلم افتح قلبي لأحد قبلك ولا أقرب المقرين لي أنتي

كالساحرة بالجناحين ترفرفين حول القلوب وتخرجين كل ما فيها "

ابتسمت على تعبيره الغريب وقلت " بل أنت رجل رائع يا جابر

وزوجتك محظوظة بك وما فهته من كلامك منذ قليل أنها تغيرت

عليك وتتمنى عودتها كما كانت فأخبرها بحقيقة زواجك بي أو

على الأقل أقنعها أنك تزوجت بسبب ظروف أرغمتك على

هذا فأنا لا أريد لك التعاسة أبدا "

هز رأسه بحسنا وقال " اتركيني أنام قليلا ورائي عمل

بعدد شعر رأسي "

وقفت وقلت " حسنا طردة مقبولة لكن أخبرني أولا

ماذا جد في القضية "

عاد لنومته السابقة ووضع ذراعه على عينيه وقال " وجدنا شيئا

جديدا يؤكد انغماس شرطة الجمارك أيضا في الأمر وهذا متوقع

البحرية والجمارك جهازان متصلان لكن لم يظهر لنا بعد أي

أسماء منهم كما في البحرية ولابد وأن يقع الرأس يوما "

قلت بهدوء " وصورة عائلتي أريدها جابر أرجوك ولو

أن تضعها في مكان آمن حتى تنتهي القضية "

قال بهدوء " لم نجدها حتى الآن "

قلت باستغراب " اختفت "

قال " نعم وسنبحث عنها مجددا في القبو "

أطفأت حينها النور وغادرت فلا أريد أن أزعجه أكثر

خرجت من غرفته ودخلت لغرفتي هناك وجلست عند النافذة من

بعيد كعادتي اتكأ على حافتها أشاهد السحاب والغيوم , ستسافر يا

نزار ستبتعد للأبد وستفصلك عني البحار والقارات وليس كيلومترات

بسيطة فقط كما الآن , كم أتمنى لو كنت بجانب خالتي وأراها تسترد

عافيتها وأن آخذ بيدك حتى تكلل حلمك بالنجاح لكنك ترفضني بكل

تفاصيلي يا نزار وأنا أيضا لم أعد أريد ذلك كي لا يؤذوك عائلتي فإن

كان والدي تبروا منه فقط لأنه تزوج من يتيمة فقيرة فكيف بي وهم

ينتظرون زوالي ليتقاسموا حصتي كيف إن جلبت لهم معي زوجا من

عامة الناس مؤكد سيهينونه حد الوجع ولن أستطيع ولا ردعهم عنه

ووقتها سيختار تركي مجروحا ومطعونا في رجولته

بعد وقت غادرت من أمام النافذة وتوجهت للخزانة وأخرجت

الرواية التي لم أقرأها منذ وقت طويل , ترى ما سيحدث مع

ردين وهل ستفارقهم مثلي أم لا وهل ستحب فراس أم سيُكرهها

على العيش معه , توجهت للسرير وجلست عليه وقرأت من حيث

توقفت (( عدت لسجن نفسي من جديد ورغم محاولات عمتي سعاد

لم أنزل لكني اليوم رضخت لها فقد رأفت بحالها وترجيها لي

خصوصا أن من هنا اليوم ابنة عمة عمي رياض رحمه الله

وشقيقة الجد أي عمة عمتي سعاد ولم تتركني أنزل حتى سرّحت

شعري ووضعت كحلا خفيفا وأحمر شفاه بحجة أني عروس

وأنهم لم يروني سابقا ويريدون رؤيتي , كيف ننسى أنه مر فقط

أشهر قليلة على وفاته لنتزين ونبتهج لكني أطعتها لأني أراها

تحاول إسعاد الجميع ليعيشوا حياتهم الطبيعية أما هي فهي الأكثر

حزنا بيننا وفقدا له فهوا زوجها حتى النوم كانت تنام بجواره

نزلت للأسفل وتوجهت حيث يكونون بعدما أخبرتني أن وائل

مسافر ليومين وأن أشرف خارج المدينة ولا خوف من دخولهما

وأنا بدون حجاب فلست بمزاج مشاكل مع الرجل الثالث الموجود

هنا وهوا فراس طبعا , دخلت غرفة الجلوس وكانوا ثلاثتهن هناك

فتوجهت نحوهم وسلمت عليهما , توقعتهما أكبر من هذا بكثير وأنهما

عجوزان لكنهما في عمر ليس بكبير جدا , قالت عمتها " ما شاء الله

يا سعاد زوجة ابنك أجمل مما سمعت عنها متى ستزوجونهما "

ضحكت الأخرى وقالت " كيف صبر لكم عليها حتى الآن "

نظرت للأسفل ليس خجلا من حديثها بل كرها له , ما يريده بي

يتلهف هكذا , مسحت عمتي سعاد على شعري وقالت

" وفراس كان مصرا أن يأخذها لمنزلهما لولا أني

عاندته في ذلك حتى تخرج من حزنها أولا "

نظرت لها باستغراب من كلامها هل هوا حقيقة أم فقط

أمامهما لحظة دخول أحدهم وقالت عمتها " ها هوا

العريس حظر كنا نتحدث عنك للتو "

توجه ناحيتي وجلس بجواري وكأنه ليس من بث سمومه

بي ذاك اليوم بل ووضع يده على كتفي ووضع ساق

على الأخرى وقال " وماذا تقولون عني "

ضحكت ابنة عم والده وقالت " نقول متى ستتزوج

وتُفرح والدتك "

استرخى في جلسته أكثر وقال " وأنا متزوج الآن أم

تريدون تزويجي بالثانية "

شهقت عمتي سعاد وضحكتا هما عليها وقالت عمتها

" الله أكبر ما أوسع عينك مع هذه الجميلة تريد زوجة أخرى

بل هي نعني فمتى ستفرح والدتك برؤية أبنائك "

أبعدت وجهي جانبا فلم أعد أحتمل هذه الجلسة , قال أبنائه قال

هذا لا يفكر في الأبناء يريد فقط كسر رأسي وأنفي بل أنا التي

لن أحمل منه أبدا , قال حينها " في القريب بما أنه لن

يكون هناك حفل زواج "

نظرت له بسرعة وصدمة فنظر لي وقال بابتسامة باردة

" أم تريدين حفلا ورقصا وغناء "

بقيت أنظر لعينيه بجمود لوقت ثم قلت بصوت

منخفض " أنت أكثر من يعلم ما أريد وتريد "

قرب شفتيه من أذني وهمس " أريد زوجة تضع عقلها في

رأسها وقبله حجاب فوقه فكم مرة قلت لا أريدك من

دون حجاب أمام أخوتي "

وقفت حينها وقلت " بعد إذنكم "

ثم خرجت لأني إن بقيت هنا ستكون حربا والخاسرون فيها كثر

ولساني لن يرحمه أبدا وسأحرج عمتي سعاد أمام قريباتهم

وصلت غرفتي وأغلقت بابها بقوة لينفتح بعدي فورا ودخل فراس

وأغلقه خلفه وقال " متى ستحترمينني أمام الناس يا ردين "

قلت ببرود " وماذا فعلت لا شتمتك لا سببتك ولا عيرتك بعيوبك "

توجه ناحيتي وأمسك ذراعي بقوة وقال من بين أسنانه

" قلت تحترميني وكلامي أعتقد واضح لك وتعلمي

معنى ما أعني وما فعلتِه جيدا "

استللت يدي منه وقلت " اخرج من غرفتي "

نظر لي بغضب يتطاير من عينيه وقال بحدة " أعيدي ما قلته "

لحظة فتح عمتي سعاد باب الغرفة ودخلت وقالت وهي تغلقه

" ما بكما لما هذا الصراخ "

أشار لي وقال بحدة " تعالي وتفاهمي مع من تقولين لي وصية

والدك ويتيمة ووووو أنظري ما تقول وتفعل لا تحترم كبير ولا

تقدر أحد وأولهم زوجها "

قلت بضيق " قلت لكم لا زوج لي وكله كان بطلب من عمي

رياض وانتهى بموته وستطلقني فورا "

قال بغضب " في أحلامك يا ابنة مالك الحزين "

قالت وقد تجمعت الدموع في عيناي " لن أسمح لك أن

تسخر من والدي "

قالت والدته بحدة " فراس أخرج حالا "

كان سيتحدث لكنها قالت بأمر " أخرج ولا تتحدث "

فخرج يتأفف بغضب وقلت بعبرة " أرأيت ابنك , كيف سأعيش

معه وهوا يعاملني هكذا ولن يردعه عني أحد ولا عمي رياض

أقسم أني لن أجعله يهنأ بها "

أمسكت ذراعاي وأجلستني على السرير وقالت

" أجلسي واستمعي لي جيدا "

ثم جلست بجواري وقالت " ماذا حدث بينكما يومها

بعد نزولك لجده "

نظرت لها بحيرة وقلت " ولماذا "

تنهدت وقالت " لأني أرى مزاجه أصبح سيء ومع الجميع من

يومها وهوا من قال لي قبلها وبلسانه أنه سيأخذك لمنزلكما

دون حفل وأنه عند وصية والده له "

قلت بسخرية " يضحك عليك ليس إلا فقد هددني قبل وفاة

والده وبعدها وقال أنه سينتقم مني بزواجه بي "

قالت بهدوء " لكنه يصر على زواجكما والعناد لن يجدي في

شيء يا ردين ولا تنسي أنه زوجك ويمكنه إخراجك

من هنا متى أراد "

هززت رأسي بلا بقوة فتنهدت بأسى وقالت " تعوذي من الشيطان

يا ابنتي وجنبينا المشاكل واذهبي مع زوجك "

قلت بتذمر " لما أنا من عليها أن تتعوذ من الشيطان وتذهب مع

شيطان آخر لما هوا لا يكبر رأسه ويُخرج من قلبه حقده علي

هوا لا يريدني فليطلقني بالحسنى "

قالت بجدية " وأين ستذهبين إن طلقك يا ردين عمك رياض لن

يرضى عنا يوم الحساب إن أخرجناك للشارع "

قلت بضيق " وابنك يعلم انه لا أحد لي غيركم لهذا يريد فرض

رأيه علي , وعليه أن يطلقني وسأخرج للشارع وأحللكم

من مسؤوليتي أما الجميع أحياء وأموات "

وقفت وقالت " ردين لا تكثري المشاكل مع زوجك سبق ونصحتك

بها وسأعيدها فكل هذا ستكون عواقبه وخيمة والزوج سند

أمام الناس حتى لو كرهتِ عشرته "

ثم خرجت من عندي وأغلقت الباب وتركتني مع الأفكار تموج

بي موج البحر , يخطط لأخذي معه هناك إذا ليستفرد بي لن تهنأ

بها يا فراس يا ابن رياض وسترى ما ستفعله بك ابنة مالك الحزين

انتظرت حتى انجلى الليل وجمعت جميع ثيابي واتصلت بالرقم الذي

أعرفه وأحفظه جيدا فأجابت عليا صاحبته سريعا قائلة

" نعم من معي "

قلت بهمس " أزهار "

قالت " نعم من أنتي "

قلت " أنا ردين "

قالت بصوت مبتسم " مرحبا ردين أين أنتي

يا ناكرة العشرة "

قلت " ليس وقت عتاب الآن أخبريني هل عرضك

لي ما يزال قائما "

قالت من فورها " بالطبع أنتي فقط أشيري وأنفذ "

نظرت للباب وقلت " أريد سيارة تأخذني وسأعطيك العنوان

الذي تجدني فيه ونتفاهم لاحقا "

ثم أعطيتها أسم الشارع الآخر وتسللت من الباب الخلفي وخرجت

راكضة لأجد سيارة في انتظاري فركبتها وغادرنا في الفور فلنرى

كيف ستجدني يا فراس وبماذا ستبرر للجميع ))

كانت الصفحة قد انتهت فقلبتها ولم يتبقى سوا صفحة واحدة مكتوب

فيها (( أين ذهبت ردين وكيف أمضت أربع سنوات عجز حتى

فراس أن يجدها فيهم بل وأين سيجدها وكيف وماذا سيحدث

كل هذا سيكون في الجزء الثاني من ( خلف أسوار المدينة ) ))

أغلقت الرواية وقلت بضيق " يالها من كاتبة مخادعة لو كنت أعلم

ما قرأتها منذ البداية , أين سأجد الآن التكملة بل لن أبحث عنها

ولن أقرأ روايات مجددا "

ثم رميت الرواية بعيدا وكل تفكيري فيها فأين ستذهب بالفعل بل

أين اختفت كل هذا وكيف وما مصيرها من فراس حين سيجدها

مؤكد لن يرحمها أبدا






*

*






رتبت كل شيء في حقيبتها وأنا أقول " ماذا نسينا يا أمي

فلن نستطيع العودة له إن وصلنا هناك "

قالت وهي تمد لي مسبحتها " لا شيء هذه آخر شيء لي هنا "

أخذتها منها ووضعتها في الحقيبة أيضا فقالت بهدوء

" ألن نودع سما أبدا ولا نراها "

شعرت بحرقة في قلبي فالتفكير في هذا الأمر يؤرقني حقا ولا

أجد له حلا , قلت وأنا أغلق سحّاب الحقيبة " رفضت ذلك يا أمي "

قالت باستغراب " مستحيل ترفض سما أن تودعني وتراني "

وقفت ورفعت الحقيبة وقلت " بلى اتصل بي جابر وأخبرني لقد

سألها ورفضت وعلينا أن نعذرها في هذا "

تنهدت وقالت بحزن " فليحفظها الله هذه الصغيرة رأت ما لا

يستطيع الرجال تحمله وحرمت كل شيء حتى الرجل الذي أحبته "

وضعت الحقيبة جانبا وقلت " لا تنسي يا أمي فطائرتنا وقت الفجر

إن لم انزل لك اتصلي بي كي لا تفوتنا "

هزت رأسها بحسنا وقالت " الليل لم يحل بعد ولازلنا

أول النهار لتوصني بإيقاظك "

قلت مغادرا الغرفة " لأني بث أخاف أن يقف أي

شيء ضدي مجددا "

خرجت من غرفتها وصعدت للأعلى وأمسكت هاتفي واتصلت

بجابر مجددا وما أن أجاب حتى قلت " دعني أراها ولو من

دون علمها يا جابر أرجوك "

تنهد وقال " لو أفهمك يا رجل وأفهم كيف تفكر "

قلت بتذمر " أسدي لي هذا المعروف يا جابر فأنت لن

تراني قبل أعوام كثيرة "

قال باستسلام " أمري لله تعال لمكتبي الآن "

خرجت من الغرفة قائلا " قادم لك حالا "

ثم خرجت من المنزل وركبت سيارتي وانطلقت لمكتبه فورا

وأدخلوني له فقال ما أن دخلت " أغلق الباب وتعال "

أغلقه واقتربت منه وهوا جالس وأمامه حاسوبه ينظر له بتركيز

ثم نظر لي وقال " تعالى اجلس ألست تريد رؤيتها "

جلست وقلت بحيرة " هنا !! "

أدار لي الحاسوب وقال " نعم أم تريد أن آخذك لها وهي

رفضت ذلك , أنظر هذا المقطع يهمك بالتأكيد ولا تطلب

مني شيء غيره لأني لن أوافق "

نظرت للشاشة حيث ظهرت صورتها تجلس أمام نافذة تنظر للسماء

شعرها مفتوح وغرتها أصبحت في نهاية وجهها مدرجة على شعرها

للخلف تزداد جمالا في كل حالاتها وعيناها الزرقاء الواسعة تلمع من

حبسها لدمعتها كانت الصورة قريبة وواضحة وظننتها ثابتة حتى رفعت

يداها لصدرها وضمتهما له وقالت بحزن " يا رب أحفظ نزار

وخالتي فلن أراهما مجددا "

ثم نزلت الدمعة الأولى من عينها وقالت بأسى " أحبك نزار وأيقنت

أنك لست لي ولن تكون لي مهما طال الزمن وأتلهف لرؤيتك

لكني لا أستطيع فكل شيء انتهى نعم انتهى وللأبد "

لتظلم الصورة بعدها فرفعت نظري به فأدار الحاسوب وقال

" ها قد حققت لك طلبك وغيره لا تحلم به "

قلت بصوت ضعيف " متى كان هذا "

أغلق حاسوبه وقال " البارحة بعدما علمت بخبر سفركم

أنت قررت نسيانها يا نزار فاتركها تنساك "

وقفت وقلت " ومن قال أني قررت ذلك "

وقف أيضا وقال " وما معنى أن تسافر لأعوام وتتركها دون

حتى أن تطلب منها أن تنتظرك , سما من الذكاء أن تفهم معنى

ما يجري أمامها بل باتت موقنة من قراراتك ومقتنعة بها "

قلت بحيرة " هي قالت لك ذلك "

خرج من خلف مكتبه ووقف بجانبي ووضع يده على كتفي

وقال " نعم وبلسانها فانظر لمستقبلك ولتنظر هي لمستقبلها بما

أنك رفضت أن أزوجها لك وهناك أمر أخير ستفعله لها "

نظرت له بحيرة فقال " عليك فتح باب القبو لنا مجددا لنبحث

عن صورة عائلتها فهي تسأل عنها باستمرار "

نظرت للأرض وقلت بحزن " الصورة عندي وليست في القبو "

قال باستغراب " لديك أنت !! "

نظرت له وقلت " نعم وكنت أود أخذها معي لكن بما أنها تريدها

سأحضرها لك فأعطني وقتا لأغير لها زجاج بروازها أولا لأنه

انكسر تلك الليلة ولا تخبرها أنها كانت معي "

تنهد وقال " حسنا فعلت ولا تفكر أن تأخذ نسخة عن الصورة

فوالدها وهي فيها وخذ البرواز فقط ليركبوا لك عليه الزجاج

وليس الصورة أيضا "

هززت رأسي بحسنا وخرجت من عنده وعدت للمنزل وأشعر

أني تركت قلبي هناك معه بل معها حيث المكان الذي لا أعلمه

حتى اليوم , ترى هل ستجمعنا السنين مجددا يا قلب نزار هل

سيكتب لنا لقاء ولو بعد أعوام

وصلت المنزل مثقل بهموم لن تغادرني رغم أني بث أدنوا كثيرا

من تحقيق أهم أحلامي لكن يبدوا أن سما أهم منها فكيف أحققه

وهوا الأصعب بينها , عليا أن أقتنع كما اقتنعت هي بكلامي وسوف

تنساني وتجد من هوا أفضل مني بالتأكيد وقد يكون ابن عمها ذاك أو

غيره منهم أو غيرهم جميعهم كالضابط ذاك فمؤكد ستوافق عليه ولو

بعد حين , دخلت المنزل وصعدت لغرفتي وأخرجت الصورة من

حقيبتي فحتى صورتها لن تذهب معي كما كنت أريد , جلست على

كرسي مكتبي وتذكرت المقطع الذي أراه لي جابر وكأنه أمامي الآن

كُتب لك يا سما أن تبقي وحيدة لأن الظروف ضدنا وما لا تعلميه أني

تركت قلبي معك هنا وسأرحل من دونه

هززت رأسي أحاول ولو طرد تلك الأفكار وليس طردها هي لأنها

لن تخرج ثم أخرجت القطعة المتبقية من زجاج البرواز وكانت قرابة

نصفه وكنت سأقيس حجمه لأجلب له غيرها لكني لاحظت أن القياسات

مكتوبة في طرفها السفلي الذي كان مخفيا في خشب البرواز فأخرجت

قلما ودفترا لأسجلها ثم توقفت أنظر لها بتركيز , غريب هذه يستحيل

أن تكون مقاسه لأنها أصغر !! رفعت الصورة ببروازها ونظرت لها

بتمعن , يبدوا لي حجمها بين الـ 25 ـ 30 سم عرضا وحدود الـ 20 سم

طولا أما المكتوب فيبدوا 9سم عرض و9 طول أي مربع لثلث الصورة

تقريبا فما السر يا ترى , أخرجت عدستي المكبرة ونظرت لباقي الكتابة

الصغيرة ونقلتها في الورقة ولأنه سبق لي أن درست الهندسة فسهل علي

فك رموز المكتوب وهوا ( جهة الشمال ارتفاع 11 سم نزولا 9سم وحد

تقاطعي 21 سم و9 سم جنوبا ) فقلبت الصورة وطبقت المعادلة على

خلفيتها وحددت خطا بالقلم على جميع الاتجاهات المذكورة فكانت النتيجة

مربع في الزاوية اليسرى من الأعلى فبدأت بلمس حدوده بالضغط عليه

بقوة وفتحت عيناي على اتساعهما من الصدمة وأنا أتلمس الشيء الموجود

فيها هذا يبدوا الدليل الذي يبحثون عنه لديها لكن يا ترى ما سر أن كتبوا

وحددوا المكان بهذه الدقة , نعم هوا نظام طمس الأدلة وأي خطأ في

إخراج هذا الدليل ستكون نتيجته أن يتلف تماما وهذا تحسبا لأن يقع في

يد شخص من العصابة تحديدا وهوا يشبه النقل المصرفي للأموال في

حوافظ خاصة تفتح بطريقة معينة وفي حالة سرقها أحدهم وفتحها بطريقة

عادية ستتشوه جميع الأموال بالحبر الأزرق وتصبح ورق بلا فائدة

رفعت هاتفي واتصلت بجابر كثيرا ولم يجب فأرسلت له

( جابر أجب الموضوع مهم جدا وخطير )

عاودت الاتصال ولم يجب أيضا أين ذهب هذا الرجل هل هذا وقته الآن

جلبت مشرطا من الدرج ومررته على الأجزاء التي حددتها , عليا

أخراجه فورا فمن يعلم إن كان سيبقى حتى يجد جابر رسالتي أم لا

مزقت القطعة الورقية بحذر وبطء حتى تعرق جبيني وكل خوفي من

أن يضيع الدليل أو تتمزق صورة سما وعائلتها وما تبقى لها منهم

أنهيت العمل بعد وقت وقلبت الصورة وأول ما ظهر لي أن الصورة

لم تتمزق فارتحت من نصف المشكلة وبقي الأهم , رفعت الصورة

ليقع القرص الذي كان موجودا بداخلها ووقفت على طولي أنظر له

بصدمة , نعم هذا هوا الدليل دليل قتلة عائلتك يا سما كان معك

طوال الوقت وضعه والدك هنا لتجديه يوما ما , رفعت القرص

وشعرت أن مهمتي بدأت الآن وهي إيصاله لجابر سالما








****************************************************

******************************************

 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أوجاع ما بعد العاصفة, رواية
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 08:04 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية