لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


أوجاع ما بعد العاصفة بقلمي / برد المشاعر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سأترك المقدمات هذه المرة لكني أريد التنويه عن أمرين قبل بداية الرواية أولا : أشكر شكرا كبيرا

موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-04-15, 02:24 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي أوجاع ما بعد العاصفة بقلمي / برد المشاعر

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


سأترك المقدمات هذه المرة لكني أريد التنويه

عن أمرين قبل بداية الرواية


أولا : أشكر شكرا كبيرا الأخت العزيزة الغالية ( تفاحة فواحة )

لما قدمته لي من عون في السابق وأعتذر منها لأني لم

أكتب هذا الشكر في ختام روايتي السابقة ( منازل القمر )

لنسياني هذا الأمر بسبب استعجالي في وضع الفصل

الأخير مخافة أن لا أدرك تنزيله

فشكرا لك غاليتنا التفاحة ولكل مجهودك معي



ثانيا : هذه الرواية الفصول فيها مقسمة لثلاث جزئيات

كل جزئية بقصة مستقلة لكن ثمة تداخل سيكون في الأحداث

لأن الأبطال تجمعهم نفس المدينة والأمكنة بدون أي صلة قرابة

التقسيم كان فقط من أجل السلاسة والسهولة في الأحداث

وكي لا يضيع القارئ بينهم



والآن أترككم مع الفصل






الفصل الأول


تكملة النص بالمرفقات





ودمتم في حفظ الله ورعايته

 
 

 

الملفات المرفقة
نوع الملف: zip a.txt.zip‏ (11.8 كيلوبايت, المشاهدات 55)
عرض البوم صور برد المشاعر  

قديم 04-05-15, 03:52 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل اﻷول)

 

الفصل الثاني


النص بالمرفقات

 
 

 

الملفات المرفقة
نوع الملف: zip b.txt.zip‏ (16.1 كيلوبايت, المشاهدات 29)
عرض البوم صور برد المشاعر  
قديم 07-05-15, 03:24 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الثاني)

 

الفصل الثالث







يسمحون لأوجاعهم أن تبكي ويتهموننا بها

ولا يحق لنا نحن أن نتوجع




*

*




لم يكن يوما لأتخيل موتها أو مرضها أو ألمها

أي شيء إلا هي أي أحد إلا تلك

أنا ... نعم حتى أنا أما هي فلا , نزلت ركضا

بعدما وصلت في وقت قياسي بسبب سرعتي الجنونية

وصعدت السلالم وطرقت باب تلك الشقة بعنف ونسي

عقلي أن يخبرني أنني أملك المفتاح , فتحت لي أول

المفاجَئِين بقدومي أنا تحديداً وفي هذا الوقت بالذات

لتقول بصدمة " نواس !! "

اجتزتها وكأني أدفعها دفعاً من أمامي وتوجت من

فوري لغرفتها وفتحت الباب بقوة ليهالني منظرها متكورة

على الأرض تئن بألم ممسكة لمعدتها وشقيقتها تحاول التحدث

معها وفهم ما بها وأنا لا أستمع سوى لأنينها المتألم المختلط

بالبكاء المكتوم ,نظرت لي فرح بصدمة وكأن هذا الرجل

مكانه في هذا المنزل أمر مستحيل فألجمتها الصدمة وأنستها

سيل الشتائم التي كانت تتوعدني به ما أن تراني

دخلت دون أي تردد أو تراجع ودون أن تتحول عيناي عنها

ولا برمشه صغيرة , توجهت نحوها لأمارس حق المسئول

عنها ,لم أتحدث معها ولم أحاول سؤالها ما بك أجيبي ؟!

بما تشعرين !! هل آخذك للمستشفى

كل ما فعلته تلك اللحظة أن حملتها من الأرض بين

ذراعي كما حملتها طفلة في ذاك اليوم وهي مريضة بالحمى

لأوصلها لدكان والدها ليأخذها للمستشفى , لم أكن أحمل

لها ذاك الوقت أي مشاعر غير مولودة لخالتي بين يداي

وها قد أعاد التاريخ نفسه وحملتها اليوم ليس كحملي

لها ذاك اليوم وليس بمشاعر كمشاعري تلك اللحظات

حتى خوفي عليها كان مختلفا , يقولون أنه بقدر الحب

يكون الجرح فهل بقدر الجرح يزيد الحب ! هل تصح

هذه المعادلة الآن أم هي المسئولية على عاتقي ليس إلا

نزلت بها للسيارة وضعتها في الكرسي بجانبي وغادرت

بها كما جئت بأقصى ما أستطيع من سرعة ونظري عليها

أكثر من الطريق وهي تحضن خصرها بشدة وتتكئ على

زجاج النافذة عند أبعد نقطة لها عني لتحاول كتم أنينها

وإخفاء دموعها التي بقيت وحدها تعبر عن كل ذاك الألم

لم أحاول التحدث معها سوى مرة واحدة حين ناديتها

باسمها ولم تجيب فلذت بالصمت فأنا أكثر من يقرأ

صمتها قبل حروفها , كانت المرة الأولى التي أناديها

باسمها ولا تجيبني فعلمت حينها أن أول الخيوط

الرفيعة بدأ ينقطع ( هنيئا لك أيها القدر المرير )

كانت تلك أولى الجمل التي حدثتني بها نفسي حينها

وأنا موقن أنها لن تكون التهنئة الأخيرة له

وصلت بها للمستشفى وجلست أنتظر في صمتي

وهدوئي المعتاد ولا يعلم ما يحدث في داخلي من

ضجيج غير قلبي, آخر ما كنت أتصوره أن تمرض

وسن يوم مرض الوسن , أن تمرض الفرس وفارستها

في ذات الوقت , أن يضربانني بخنجرين في ذات اليوم

وذات المكان , بعد لحظات دخل جواد وفرح ووالدتها

مسرعين نحوي لأتذكر حينها فقط أني تركت عائلتها

خلفي ولم أفكر حتى في جلبهم معي



*

*



كنت أتصور أن يؤثر وقع الخبر على وسن

لكني لم أتخيل أن يكون هكذا , تصورت أن يغمى

عليها أن تصرخ وتبكي بهستيرية على غير عادتها

لكن ما حدث معها صعقني وفتت قلبي وأنا أراها تتلوى

على الأرض من الألم , سحقا لهذا الشيء البغيض

المسمى حب , وصل ذاك المغرور وأخذها من بيننا

دون حتى أن يسأل إن كنا نريد الذهاب معه

متهكم يضنها ستبقى دائما شيء يخصه هوا ويتحكم به

ويعجز عن مجرد فهم أسبابها وتفهم ما كانت تمر به

وكأنه يستمتع بتعذيبها وهي ترتجي منه الصفح والغفران

لكني أعرف شقيقتي جيدا ما أن يخرج وحش القوة من

داخلها ستنسفه وتنسف مشاعرها معه وأتمنى أن يكون ذلك

قريبا , كم تمنيت أن قطعت إصبعي الذي اتصل به بالخطأ

بدلا عن جواد , لكن ليس الآن لن أقطعه لأني سأشير به

لوجهه يوما وأنا أخبره بأنه هوا من أضاعها منه ولا يبحث

عنها مجددا , اتصلت بجواد فجاء بسرعة لأخذنا حيث طار

بها ذاك المغرور , وصلنا عنده وكل واحد منا يلقي سؤاله

بصيغة مختلفة وفي نفس وقت فقال بضيق

" لا تتحدثوا جميعكم لم أفهم منكم شيئا "

تمتمت حينها بكره " مغرور ولن تتغير أبدا "

نظر لي من فوره وكأنه قرأ همسي أو فهمه

فأشاحت بنظري عنه وقلت ببرود

" ماذا قال الطبيب عن نتائج أفعالك بها "

كنت أعلم أن رجلا كنواس ما كانت لتستفزه كلمات

من فتاة في نظره مجرد مراهقة في ثوب امرأة فهذا

رأيه بي دائما , نظر جهة والدتي وقال بجدية

" ماذا حدث ؟! كيف مرضت وهل هي المرة الأولى "

نظرت لي من فورها فاستلمت مهمة الإجابة عنها

قائلة " ليس من مصلحة أحد وأولهم وسن

أن تعلم كيف ولما مرضت "

نظر لي بجمود وبدون تعليق لأنه فهم الجواب فأنا

من غبائي قدمته له جاهزاً , عاد بنظره لوالدتي وقال

" هل هي المرة الأولى "

ما أن فتحت فمها لتتحدث حتى قفز واقفا لأنه يرى

ما يحدث خلف ظهورنا وهوا خروج الطبيب من

غرفتها نظرنا جميعنا باتجاهه فقال بهدوء

" من ولي الفتاة والمسئول عنها "

قال نواس من فوره " أنا "

قال مبتعدا بخطواته " اتبعني من فضلك "

سار خلفه ولحقنا به جميعنا ودخل معه لغرفة الطبيب

وبقينا نحن في الخارج وكأنه وحده الأحق بمعرفة ما بها




*

*




جلست أمامه محاولا اختراق عينيه وفهم ما يجري

لما لم يقل مجرد ألم بسيط وأعطيناها مهدئ وستغادر

معكم , لما لم يقل سوء تغذية أو إرهاق بسيط أو حتى

انهيار عصبي بدلا من الاختلاء بي هكذا هل سيصفعني

هوا أيضا على قلبي كما فعل بي الطبيب البيطري اليوم

وهوا يخبرني أنه علينا نقل الوسن للعيادة , قلت بتردد

" ماذا هناك أيها الطبيب "

تنهد وقال " ما صلة قرابتك بها ؟ هل أنت زوجها "

ابتسمت بألم وقلت " لا ولكني وليها القانوني وأنا ابن خالتها "

قال من فوره " أريد من يجيبني عن بعض الأسئلة

أعني شخص يعيش معها "

وقفت في صمت وخرجت لهم وقلت ناظرا لزوجة

والدها " هلا دخلتي معي يا خالة "

نظرت لابنتها ثم لي وقالت " بالتأكيد "

دخلت وهي تتبعني وجلسنا أمام الطبيب الذي قال من

فوره " هل عانت من هذه التقلصات والآلام سابقا "

قالت بعد صمت " أمامي لم يحدث "

قال " هل تشتكي من معدتها دائما "

قالت " لا "

قال مباشرة " هل تتقيأ دائما هل تلازمها

نوبات إسهال هل ؟ لاحظتم شيئا "

قالت بحيرة " لا أعلم "

قال بنفاذ صبر " ومن سيعلم ألستِ تعيشين معها

أحضروا لي من يملك أجوبة لو سمحتم "

قالت من فورها " لا أحد يملك جواب ما تريد لأن

وسن لم تشتكي حياتها من شيء إن شعرت بالألم

أو الحزن سجنت نفسها في سريرها ولا شيء

ولا حتى بكاء ولا كلام فمن سيجيبك "

تنهد وقال " كما توقعت إذاً "

خرجت من صمتي وقلت " كما توقعت

ماذا ؟! أخبرني ما بها "

نظر جهة زوجة والدها وقال

" ما ملاحظاتك على طعامها "

صمتت لبرهة تفكر ثم قالت

" أحياننا ترفض الطعام "

قال " هل ترفض أكله نهائيا أم تجلس

على الطاولة ثم تغادر "

أجابت من فورها " لا ترفضه نهائيا "

كتب شيئا في الورقة أمامه ثم نظر لها وقال

" أخبرتني أنها تنزوي على نفسها عند الحزن

فكم يطول ذاك معها وكم يتكرر "

نظرت جهتي ثم قالت " ليلة كاملة "

قال من فوره " كيف تعبر عن انفعالاتها أحياننا "

هزت رأسها وقالت " بلا شيء فقط تقول أنها تريد النوم

لم يسبق حتى أن اشتكت في حياتها مما يضايقها وعند

الصباح تبتسم وتتحدث وكأن شيء لم يكن "

حك حاجبه بقلمه وقال " متى يحدث ذلك "

تنهدت وقالت " العام الماضي كان بكثرة

هذا العام نهاية كل أسبوع "

قالت جملتها الأخيرة ونظرها علي فأنا من يعلم

كما تعلم هي أن ذاك اليوم موعد زيارتها لخالتها

المريضة التي تكون والدتي , تنهد الطبيب

وقال " هي القرحة النفسية إذا "

نظرت له بصدمة وقلت " قرحة ماذا !! "

قال بهدوء " أتمنى أن لا تكون وصلت لمرحلة التقرحات

وسنفهم ذلك منها وحدها مادام لا أحد يملك الأجوبة "

نظرت للجالسة أمامي بصدمة لا تقل عن صدمتها ثم نظرت

للطبيب وقلت " كيف نفسية لم أعلم أن للقرحة أنواع "

قال " هذه إحدى الأمراض النفسجسدية وهي تعرف

بهذا الاسم لارتباطها بالحالة النفسية وهي المسبب

الأساسي لها وتكون نتيجة للكبت النفسي "

بقيت أنظر له بصدمة فتابع " الضغوطات النفسية

المصحوبة بالكبت النفسي تؤثر على المنطقة الدماغية

المسئولة عن التوتر والانفعال وبالتالي تؤدي للزيادة في

حركة اضطراب وظائف الجهاز الهضمي بإفراز هرمونات

عصبية تؤدي للتقلصات والآلام وتتطور للتقرح وكل هذه

الأعراض نفسية لا تجدي معها الأدوية ولا الكشوفات

تزداد بالإطراب النفسي نتيجة للكبت ولا تخف إلا

بتخفيف تلك الضغوط "

كانت عيناي تتنقل بين عيني الطبيب بذهول محاولا

استيعاب ما أسمع ثم قلت " ماذا تعني بلا تجدي

معها الأدوية والكشوفات "

تنهد تنهيدة طويلة وأجاب " أعني أنه ثمة أمراض

مرتبطة بالحالة النفسية تصيب القلب, الأمعاء

, المعدة , الدماغ وحتى الجلد وتكون مسبباتها

الكبت عند المريض يتوهم أنها لأسباب عضوية

فيبحث عن الأدوية ويجوب المستشفيات والعيادات

وبلا فائدة وفي النهاية يكون الجواب أنت لا تشتكي

من شيء والحقيقة أنها نفسية فقط "

قال بحيرة " وكيف شخصت ذلك قد يكون

مجرد مرض عضوي "

هز رأسه وقال " يمكنك السفر بها حيث تريد و ستعود

إليا هنا فمنذ رأيتها للوهلة الأولى علمت أنه أعراض

تلك الأمراض التي تسببها تلك المنطقة في الدماغ "

كتب شيئا جديدا في ورقته وتابع " رسالتي التخصصية

في أمريكيا كانت عن هذه الأمراض تحديدا وأعرف

المريض بها من النظر لعينيه ولا أنصحك بأن تدمر

صحتها بنقلها لطبيب آخر كي لا تصل لمرحلة

اضطراب البلع النفسي "

قلت بصدمة " وما يكون ذاك "

نظر لنا ثم قال " في المرحلة المتقدمة من توهان

المريض في هذه الحالة بين الأدوية والمستشفيات

تتشكل لديه حالة نفسية جديدة وهي أنه لا يمكنه

بلع الطعام وتسمى باضطراب البلع النفسي

ويتوقف عن الأكل نهائيا "

قلت بضياع " والحل "

رفع كتفيه وقال " لدى الأطباء النفسيين

وليس العضويين "

قلت بضيق " بما تهدي لن آخذها لطبيب نفسي أبدا "

ابتسم بسخرية وقال " متى سنتحرر من معتقد أن

الطبيب النفسي لا يذهب له إلا المجانين "

قلت بجمود " أعلم أنه ليس المجانين من يذهبون له

لأنه هوا من يذهب لهم في مستشفياتهم "

ابتسم وقال " يعجبني ذكائك فلما اعترضت إذا "

قلت بضيق " لأنهم يزيدون الأمور سوءً في أغلب

الأحيان ويوهمون المريض بما ليس فيه "

قال بذات ابتسامته " هل جربت أحدهم يوما "

قلت من فوري " لا طبعا ولكن لي صديق

عانى من أحدهم حتى كاد يفقده عقله "

تنهد وقال " أنا نصحتك وأنت حر سأكتب لها بعض

المسكنات تأخذها عند الحاجة ولن ننفعها بشيء غيره

ولازلت أكرر وأقول لا تضيعها بين الأطباء والمستشفيات

وستلاحظ بنفسك أنها حالة نفسية تظهر عند الضغوط

النفسية المكبوتة وستصدق كلامي "

ناولني وصفة العلاج وهوا يقول " يمكنكم إخراجها

ما أن تستفيق وتنتهي قارورة المغذي , حمدا

لله على سلامتها "

أخذت الورقة منه ووقفت من فوري وخرجت

وزوجة والدها تتبعني , نظرت لجواد وقلت

" عد بهم للمنزل سأعيدها بنفسي ما أن تستفيق "

قالت فرح بضيق " لا سنبقى هنا ونأخذها معنا "

قلت بأمر " قلت أرجعهم للمنزل يا جواد "

نظر لها وقال " هيا لنغادر ليس وقت مشاحناتكما "

نظرت له وقالت بغضب " زوجي أنت أم هوا "

ثم قالت مغادرة " كان يفترض بي أن

تزوجته هوا وليس أنت "

نظر لي نظرة أفهم مغزاها جيدا ثم نظر لوالدتها وقال

" هيا يا خالتي نلحق بها قبل أن تتهور بفعل جنوني "

ثم غادر وهي تتبعه , إن كان ثمة من ستنزع الأخوة

بيني وبين جواد فستكون ناقصة العقل تلك

تنهدت بضيق وعدت جهة غرفتها وفتحت الباب بهدوء

ودخلت كانت نائمة وتتنفس بهدوء , اقتربت منها وجلست

أمام سريرها ومددت أصابعي ليدها ثم أعدهم بسرعة

وأشحت بنظري جانبا أمنع نفسي لست أعلم مما , من

النظر لها أو من التعاطف معها , ما الذي أوصلنا إلى

هنا يا وسن , لما فعلتي ذلك بي هل أنا طفل في نظرك

لهذه الدرجة لتصيري خطيبة غيري وزواجنا قريب

دون أن تعلميني قبلها وكأني نكره وكأني شيء وجوده

كعدمه , لما لم تفكري بي حين جاءني الأغراب يخبرونني

عن خطبتك لغيري ويا لا السخرية أخبروني وأنا في السوق

أشتري أثاث غرفة النوم , كنت كالمهرج أمامهم بل كان

مظهري مضحكا أكثر منه وأنا أنكر ذلك وأقول

لهم أنتم تكذبون وأن ذلك لم يحدث , بعد وقت

فتحت عيناها ببطء وجالت بهما في الغرفة حتى

وقعتا علي فقلت بهدوء " الطبيب طمـ.... "

توقفت عن الكلام مصدوما حين جلست من فورها

ونزعت إبرة المغذي من يدها ورمتها بطول يدها ووقفت

خارج السرير فوقفت أيضا وقلت " وسن هل جنـنتِ "

صرخت بغضب " أخرج من هنا هيا "

بقيت أنظر لها بصدمة فأمسكت أوراق الكشوفات

ورمتني بهم وقالت بصراخ " أخرج من حياتي يا نواس "

بقيت أنظر لها بصدمة فمرت من أمامي وخرجت من

باب الحجرة وأنا أسير خلفها بسرعة في الممر أناديها

أأمرها بالتوقف ودون جدوى وكأني أتحدث مع الجدار

أدركتها أخيرا وأمسكتها من يدها وأنا أقول

" وسن توقفي عن هذا "

رمت بيدي عنها في صمت دون أي حرف ودون أن

تنظر إلي وتابعت سيرها متجاهلة إياي تماما

وصلتْ لخارج المستشفى فركضت خلفها وأمسكت يدها

بقوة وسحبتها جهة السيارة فتحت الباب وأجبرتها على

الصعود وهي تقاومني في صمت وكأنها بكماء , أدخلتها

لها بالقوة وأغلقت الباب وركبت وخرجت بها من المستشفى

وأنا أكتفي بالتأفف وضرب المقود حتى كدت أحطمه وهي

تحاول فتح الباب والسيارة تسير فخرجت من صمتي

وقلت بغضب " مجنونة أنتي يا وسن ما الذي قلب حالك هكذا "

كانت تهز الباب وتضربه بقدمها دون كلام ثم اتكأت على

زجاج نافذته بيدها وانخرطت في نوبة بكاء شديدة

حاولت التحدث معها ودون فائدة وكأني أرى أمامي

وسن أخرى بل فتاة لم أعرفها من قبل , انحنت بعدها

تمسك خصرها بقوة فقلت بغضب " أيعجبك هذا

كل ما أنتي فيه الآن من ألم بسببك أنتي "

وصلت عندها للصيدلية نزلت بسرعة بعدما أغلقت

باب السيارة واشتريت المسكن الذي وصفه لها الطبيب ثم

عدت لها وأخذتها للمنزل , وصلنا ففتحت لها الباب وناولتها

كيس الدواء فأخذته مني ثم نزلت من السيارة ورمته بطول

يدها في الشارع ودخلت باب عمارتهم وصعدت للأعلى






****************************************************

******************************************








كنت واقفة أنظر له بصدمة , كيف يخرجن جميعهن

وأبقى وحدي معه ! كيف يغلقون الباب خلفهم ويتركوني

هنا , ما يريد مني هذا !! لما الرجال يعشقون غلق الأبواب

علي معهم , هل سيفعل كما فعل زوج الخالة عفراء حين

أغلق الباب علي وبدأ يسحبني من ساقاي ولا أعلم لما وهي

تصرخ به من الخارج وتطلب مني أن اهرب منه , ما

يريدون مني ماذا ؟؟ جلس على الكرسي ونظر لي وقال

" لما لم ترفعي يدك لتجيبي "

كنت أنظر للباب وكأن عقلي يقول لي أهربي فورا

نظرت له ثم نظرت للطاولة تحتي وقلت بتوتر

" كنت خائفة من أن تكون الإجابة خاطئة "

قال بعد صمت " لا تكذبي في الجواب عن السؤال

الثاني , لما أنتي من يمسح اللوح دائما "

نظرت له وقلت بعينان تمتلئ بالدموع

" أستاذ لا أريد خسارة دراستي أرجوك "

نظر لي مطولا بحيرة ثم قال " ولما ستخسرينها "

أخفضت رأسي وقلت " أوقفني لأجيب كلما أردت

وسأمسح اللوح دائما ولا تسألني لما أرجوك "

تنهد بقوة وقال " سما ارفعي رأسك وانظري إلي "

رفعت رأسي ونظرت له فقال " الفتاة في الأمام

في المقعد الأوسط هي السبب أليس كذلك "

لذت بالصمت فقال " ستجبين على سؤالي أو

لن نخرج من هنا إلا لمكتب المدير "

هززت رأسي بلا دون كلام فقال " إذا تكلمي "

قلت بدمعة نزلت من عيني " ولن أخسر دراستي "

نظر للطاولة تحته وقال " لن تخسري شيئا فلا تبكي "

مسحت دموعي وقلت " هي والطالبتان في

الأمام يمنعون غيرهن من الإجابة "

رفع رأسه ونظر لي وقال " في جميع الحصص "

قلت " نعم "

هز رأسه وقال " أي جنون هذا وكيف تسكتون لهم "

قلت من فوري " من تعترض يلفقون لها تهمة

ضد القوانين وتطرد من المدرسة , أرجوك لا

تتحدث معهم في الأمر , جميع مدرسي المواد باتوا

يعلمون بمستوى الطالبات من أوراق الامتحان "

وقف وقال " أنا لا يعجبني هذا الوضع "

وصل عند الباب فقلت " أستاذ لا ... "

قال دون أن يلتفت إلي " لا تقلقي لن يعلموا شيئاً "

ثم خرج وتهاويت أنا على المقعد , يا إلهي أي كارثة

هذا من أول حصة له معنا حدث كل هذا فما سيبقي لباقي

العام, حمدا لله على الأقل لم يسحبني من ساقاي فلن أجد

الخالة عفراء هنا لتضربه على رأسه كما فعلت مع

زوجها اتكأت على طاولة المقعد مسنده لرأسي بذراعي

فدخلت وجدان ورفيقتها ووقفت عند رأسي وقالت

واضعة يديها وسطها " ماذا كان يريد منك الأستاذ

نزار ولما أغلق الباب عليكما "

عدلت جلستي وقلت ببرود

" وبخني لأني وقفت لأمسح السبورة "

قالت ببرود مماثل " ولما يوبخك وحدكما "

وقفت وقلت " لا شأن لك "

دفعتني من كتفاي وقالت " ماذا تقولين "

دفعتها أيضا وقلت " هل تعلمي ما سألني "

نظرت لي بحيرة فقلت " قال من التي تمنع الطالبات

من الإجابة عن الأسئلة لترسب في مادتي وتعيد العام

ولم أجبه أنها أنتي فابتعدي عني أو أخبرته "

نظرت لي مطولا بصدمة ثم قالت بسخرية

" كاذبة "

ابتسمت ذات ابتسامتها وقلت " في رأيك لما

أخرجني لأحل المسألة وأنا لم أرفع يدي "

ثم قلت مغادرة من أمامهما " ابتعدي عني بمشاكلك أو

أضعت عليك العام بأكمله وقولي حينها أني كاذبة "

ثم تركت لهم الفصل وخرجت لساحة المدرسة




*

*




خرجت من الفصل وتوجهت لمكتب المدير ولم أجده

فجلست هناك ثم فتحت هاتفي فوجدت مكالمات كثيرة

من جابر ورسالة منه أن ألتقي به بعد ساعتين , المهم

لا مكالمات من والدتي يعني أنه لم تسوء حالتها

" كيف كان يومك معهم "

رفعت رأسي للجالس أمامي وقلت بابتسامة

" جيد , متى دخلت لم أشعر بك "

ضحك وقال غامزا بعينه " هذا لأنك

كنت مسافر بذهنك في هاتفك "

ابتسمت وقلت " لا تأخذك الأفكار

بعيدا هل تراني مراهق أمامك "

ضحك وقال " وهل المراهقين فقط يفعلونها "

ابتسمت بسخرية وقلت " إما مراهقين

أو بعقول مراهقين "

ضحك كثيرا ثم قال " كما قال عنك

جابر لا أمل في زواجك "

وقفت وقلت " جئت لألقي عليك التحية

وأغادر هل تأمرني شيئاً "

قال بابتسامة " رافقتك السلامة لا أريد إلا

أن تنهي معي العام "

ضحكت وخرجت دون تعليق وغادرت المبنى مارا

بالساحة فشد انتباهي الفتاة الجالسة وحدها مبتعدة عن

الجميع تمسك كتابا في يدها وعيناها عليه , تبدوا غامضة

جدا , لما كانت خائفة مني طوال الوقت ! ولما ليس

لديها من يردع شر تلك الطالبة عنها , طالبة بذكائها

وتفوقها فكت رموز تلك المبرهنة كيف لوالديها أن لا

يتابعا مستواها , خرجت من المدرسة ورميت من رأسي

كل تلك الأفكار فلأجد حلا لمشاكلي أولا ثم أفكر بمشاكل

طالباتي , ركبت سيارتي وغادرت




*

*




أخرجت الهاتف من ملابسي مخبئة له في الكتاب في

يدي لأنه ممنوع على الطالبات هنا , جربت الاتصال

مجددا بها ولكن هاتفها كان مقفلا , لما يا ترى هل أخذه

زوجها منها أم قتلها , أجيبي عليا يا خالة أرجوك أنا

خائفة وهم يعرفون مكاني ولا أعلم كيف أتصرف

رن حينها الجرس فدسست الهاتف في ملابسي وعدت

للفصل لأن الفسحة انتهت , وأنهيت باقي يومي الدراسي

كالمعتاد ولم أمسح السبورة اليوم مطلقا

لقد تخلصت من جبروتهما أخيرا ومن اليوم لن تتحكما

بي , خرجت عند نهاية الدوام وركبت الحافلة التي تنتظرنا

في الخارج أوصلني حيث الطريق الفرعي الذي يضعني

عنده دائما ونزلت ووقفت حتى ذهبت الحافلة ثم نظرت

يمينا ويسارا ثم ركضت خلف الأشجار كي لا يلحظ

أحد توجهي لذاك المكان









****************************************************

******************************************











أحسست أن جبلا سقط على كتفاي حتى حطم قلبي

كيف يكونون أبناءه وأنا رأيت بعيني أوراق تثبت أنهم

أبناء والدي منها ! ولكن اسمها موثق مع اسمه في

عقد الزواج ولم تحضر لي عقد زواج يخصها ووالدي

كنت أنظر له مفجوعة وهوا ينظر لي ببروده المخيف

ذاته وكأنه ينتظر أن أتخطى الصدمة , قلت بصوت

مرتجف " أبناءك "

قال بجدية " نعم ومنها "

هززت رأسي وقلت " كيف والأوراق التي

أحضرتهم والدتهم لي "

قال من فوره " مزورة "

قلت بغير تصديق " لماذا مزورة وكيف "

نظر للسقف وابتسم بسخرية وقال

" فأر لعب بعقل أسد هل تصدقي "

ثم نظر لي وقال " اختطفتهم وهربت بهم لخارج البلاد

أو هكذا ظننت وبمساعدة والدك وبقيت أبحث عنهم في

الخارج وهم هنا أمامي , لقد زوروا أسمائهم كي لا أجدهم

وماتت لتموت الحقيقة معها وباقي الحكاية لديك "

قلت " ولما لا تكون التي لديك هي المزورة "

تحولت ملامحه للحدة وعاد كما كان بادئ الأمر

وقال بصرامة " اسمعي جيدا كان بإمكاني أخذهم من

مدرستهم دون حتى أن أعلمك وكنت أستطيع تقديمك للعدالة

بتهمة التورط مع خاطفين والاتفاق معهم لتقضي باقي سنين

حياتك في السجن فلا يغرك معاملتي اللينة معك "

قلت بغضب " أي لين وأي جنون هذا الذي تتفوه به كيف

تأتي لإخباري بفاجعة كهذه وتريد مني استقبال الأمر وكأن

شيء لم يكن , هل تراني جدار تقول له بكل بساطة

سنأخذ منك أبناءك ولا يتحدث "

قال بحدة " هم أبنائي وليسوا أبنائك وجئت لأبلغك

لتري أمورك معهم وأخبرتك أني عاملتك بلين كأول

امرأة في حياتي لأنهم عندي والرجال سواء دائما "

قلت بحرقة " هل تعي أنت ما تقول هل تفهم معنى

أني ربيتهم أني أحبهم أكثر من نفسي "

قاطعني قائلا " أعلم وأخبرتك أني لا أريد هذه الأفلام

ربيتهم وسهرت لمرضهم وأطعمتهم بيدي و و و و

أعلم بكل هذا ولا داعي لإخباري "

سندت رأسي بيدي المسندة لها على الطاولة وأنا أشعر

بهموم الدنيا كلها نزلت عليه , من أين خرجت لي أنت

من أين ؟؟ كيف يأخذهم مني , كيف ينتزع قلبي ويرحل

به ولكنه ليس أفضل حالا مني فهوا والدهم وأخذوهم

منه لسنين , سامحك الله يا حسناء وأبي معك أيضا لقد

قتلتموني , مسحت دموعا تسللت من عيناي ونظرت له

وقلت ببحة " ولما اخترت مكان عملي تحديدا لتتحدث

معي أم تريد أن تترك لي بصمة شوشرة هنا "

قال وهوا يلعب بأصابعه على الطاولة ونظره عليهم

" ما كنتي لتوافقي على الخروج معي وأنتي كدتِ تأكلينني

فقط لأني قلت أغلقي الباب علينا ومنزلك لا يمكنني

زيارتك فيه لأني لا أريد أن أقابلهم قبل أن تخبريهم بالأمر "

وقفت وقلت ورأسي أرضا " أترك لي الأمر

حتى نهاية الأسبوع "

قال بجمود " لا تفكري كما فكرت

والدتهم لأنك مراقبة "

نظرت له وقلت بضيق " ما تضنني يا هذا بأي قلب

سأحرم والد من أبناءه , عليا أن أمهد لهم ولنفسي

الأمر ليس البشر كلهم متحجرين مثلك "

وقف وقال بغضب " نبهتك مرارا على التمادي معي

فلا تلعبي بأعصابي أكثر "

غادرت من أمامه غير مكترثة لكل ما يقول وشبه لا

أسمعه فوصلني صوته قائلا وأنا عند الباب

" خلال أيام قليلة سأكون في منزلك لأخذهم "

خرجت ولم أضيف أي كلمة وغادرت المصنع برمته




*

*




كنت أود التعامل معها بلين لكنها أفقدتني أعصابي

أعترف أني لا أعرف كيف أتعامل مع النساء لكنها

رأت أجمل وجوهي فلو كانت رجلاً لخرج من هنا

يعرج ولا يرى سوى بعين واحدة , من الجيد أنها

وفرت عليا كثرة الكلام والنحيب والرجاءات

عقلها أكبر مما تصورت , ما ينقذها مني تأكدي من

أنها ليست مسئولة عما حدث منذ سنين وليست متفقة

معهما , وقفت على دخول مدير المصنع الذي قال بحنق

" تخرج قبل الدوام وتترك عملها أي استهتار هذا "

أمسكته من قميصه ونظرت له نظرة حارقة وقلت

" أقسم إن وصلني أنك فصلتها من عملها أن تنسى

أن لك مصنعا وستلقى مني مالا تحب "

قال برجفة " لم أكن سأفصلها كنت سأخصم من راتـ.... "

هززته بقوة وقلت " لا أريد أن أعيد ما قلت أترك لها

هذا الأسبوع تأتي متى تريد ولا تعتقد أني غافل عنك "

ثم خرجت وتركته رفعت هاتفي واتصلت بنزار فأجاب

من فوره فقلت " هل نلتقي الآن "

قال " حسننا أنتظرك في المنزل , والدتي

لا تبدوا جيدة اليوم "

قلت بضيق " نزار متى ستضع عقلك في رأسك

دعني أساعدك في عمليتها "

قال بضيق أكبر " في ماذا ستساعدني في تكاليف العملية

الباهظة فوق المعقول أم في تذاكر السفر وتكاليف

الأدوية والإقامة , كم مرة سأشرح لك الأمر "

تنهدت وقلت وأنا أركب سيارتي " تعلم أني أستطيع

دفع كل شيء رغم أنه كثير فدعني على

الأقل أساعدك في جزء منه "

قال ببرود " عندما أجمع مبلغا جيدا سأستلف الباقي

منك , بسرعة أنا أنتظرك لا تتأخر أريد النوم

تعلم أني استيقظت مبكرا اليوم "

أنهيت المكالمة منه وتوجهت من فوري لمنزله فهوا

يبعد عن هنا مسافة لا بأس بها لأنه في أطراف المدينة




*

*




خرجت من المصنع وكأنني أخرج من الجحيم

من كذبة من مسرحية سخيفة لم تعجبني

كيف ذلك كيف يكونون أبناءه ! كيف لعب بي والدي

ووالدتهم تلك اللعبة , بل ما علاقة أبي بها ولما فعل

ما فعل !! من يجيبني عن كل هذا بل كيف يأخذون مني

قلبي وروحي وعيناي التي أرى بهما , بقدر سعادتي

أن لهم والدا بمركزه وقوته سيحميهم من عقبات الزمن

بقدر تألمي وموتي لفكرة أني لن أراهم مجددا أنهم ليسوا

لي ولن أراهم يكبروا أمامي , كيف أستيقظ صباحا دون

ضحكاتهم وحديثهم الذي لا ينتهي , بل كيف أنام ليلا

دون أن أحضنهم وأقبلهم وتنام ترف في حضني , أي

ظلم هذا أي ظلم ؟ وصلت المنزل بدموعي التي لا تتوقف

دخلت وارتميت جالسة أرضا أبكي بحرقة وألم ولم أتحرك

من مكاني حتى سمعت باب المنزل يفتح حيث أن سائق

الحافلة هوا من يدخلهم لأنهم يرجعون قبلي بقليل

دخلوا وما أن رأيتهم حتى فتحت ذراعاي لهم فركضوا

نحوي يتسابقون لحظني فرحين أني عدت مبكرا ولا

يعلمون أني مت مبكرا بل حلمت حلما جميلا واستيقظت

منه مبكرا , قبل أن يكتمل وأنعم به , كنت أضمهم لحضني

وأبكي ولست أعلم كيف سأشرح لهم كل ما يجري




*

*




وصلت للمنزل قرعت الجرس ففتح لي

وصافحني مبتسما وهوا يقول " هيا تفضل

لحسن حضك لم نتغذى بعد "

قلت وأنا أدخل خلفه وأغلق الباب

" تزوج يا رجل وارحم نفسك "

تأفف وقال داخلا أمامي " وتزوج أنت بدلا

من جلب أبناء لتربيهم المربيات "

وقفت عند جدار غرفة والدته مستندا بيدي عليه

وقلت " أنا جربت وانتهى الأمر أنت تحتاج لزوجة "

أمسك كتفي وقال " أدخل هيا لتسلم على والدتي فهي

لا تتوقف عن السؤال عنك "

ابتسمت له ودخلت خلفه حيث المرأة القابعة على

السرير دون حراك عدلت من جلستها وهي تقول

" مرحبا يا جابر أين أنت لا أراك "

اقتربت منها قبلت رأسها وجلست مبتعدا وقلت

" مشاغل الحياة يا خالة "

تنهدت وقالت " ليوفقكم الله هل أعدت أبناءك "

نظرت للأرض وقلت بهدوء " خلال هذين

اليومين سأذهب لأخذهم من منزلها "

تنهدت وقالت بحزن " هل فعلت كما أوصيتك "

قلت ببرود " حاولت قدر استطاعتي "

اتكأت على الوسائد خلفها وقالت

" أنتم الرجال لا تشعرون كما نشعر نحن

النساء لكنت رحمت حالها "

قلت بضيق " هل أترك أبنائي لها رحمة

بها ؟ أي كلام هذا الذي تقولينه "

قالت بابتسامة " لم أعني ما فهمت "

نظرت لها باستغراب وقلت " ما عنيته إذا !! "

قاطعنا نزار داخلا بصينية الشاي وهوا يقول ضاحكا

" قد تكون تقصد أن تتزوجها فوالدتي تعشق كلمة زواج "

ضحكت بصوت عالي وقلت " هل جننت أنا لأكررها "

نظرت لي ثم له وقالت ببرود " لم ترافق ابني

وتصادقه لسنين عبثا , بالتأكيد سيكون عقلك مثله "

ثم نظرت لي وقالت " هل يعجبك حالك هكذا "

نظرت لنفسي وقلت " وما به حالي "

قالت بخبث أعشقه فيها " وجهك شاحب يحتاج

شيئا يضيئه وجسدك أصبح كالجبل يلزمه

شيئا يلينه قليلا وينحفه "

ضحكت دون تعليق لأني أفهم مغزى كلماتها , هذه

السيدة تجعلني إنسان آخر في دقائق ووحدها تعدل

مزاجي السيئ دائما , قال نزار " وكيف استقبلت الفتاة

الأمر أتمنى أن لا تكون نالت صفعة منك "

قلت ببعض الضيق " ما تضنني يا أحمق , أنا لم أرفع

يدي يوما حتى على زوجتي لأرفعها عليها "

قال بعفوية " أعرفك عندما تفقد أعصابك ومؤكد

لم تستقبل الأمر ببساطة "

أمسكت كوب الشاي وقلت ببرود

" بل تقبلت الأمر رغم أن ملامحها لم تنذر

بخير كتمت كل وجعها وغادرت "

تنهدت والدته وقالت " مسكينة الأمر لن

يكون سهلا عليها "

قلت ببرود " ذلك ليس ذنبي ولست بأفضل

منها ثم هي ما تزال صغيرة ستتزوج

وتنجب أبناء وتنساهم "

نظرت لي بنصف عين وقالت

" وكيف تبدوا ؟؟ هل هي جميلة "

ابتسمت لها بمكر وقلت " بل لا تمد للجمال بصلة "

قالت بضيق " أقسم أنك وصديقك هذا أكبر عقد

البشرية وأسأل الله أن يرينى فيكما يوما

تجركم النساء خلفهم كالبعير "

ابتسمت لها ثم نظرت جهة نزار وفتحت الملف

الذي يحوي جميع المعلومات والصور على

الطاولة أمامي وقلت " تعال لنناقش هذا علينا

أن نخرج بواحد من الخمسة "

وقف وقال " الغداء يكاد ينضج لنتناوله

أولا ثم نرى ما سنفعل "

قلت وأنا أرتب الأوراق " بل الآن فعليا

المغادرة ليس ورائي أنت فقط "

سحب كرسيا وجلس أمامي وقال " أمري لله

إن احترق الغداء أحرقت لك أوراقك "

وزعت الورق على الطاولة وقلت " هذه الصور

مجموعة للمكان وهؤلاء الأشخاص الذين دخلوا

إليه وأوقات دخولهم , أريد من دماغك الهندسي

الآن أن يحسب لي , الوفاة كانت عند الثانية

ولا أحد منهم خرج إلا بعد الثالثة ولكل واحد

منهم ستكون له حكاية أنا لم أحقق معهم بعد

وأريد أن نخرج بواحد لأقتله أو أعلم منه "

نظر للأوراق مطولا ثم للصور ثم خرج قليلا وعاد

بآلة حاسبه وورقة وقلم وجلس وبدأ يكتب فيها ويقول

" إذا كانت الوفاة عند الثانية وتحطيم كل هذا الجزء

من المصنع سيستلزم ما بين الثلث للنصف ساعة

وإن حسبنا طبعا مساحة المصنع تلزم

عشر دقائق للوصول للداخل "

قاطعته قائلا " الدماء على الباب الخلفي يعني أنه

قتله بعد كل ذاك التحطيم بحوالي الربع ساعة

لأن البقع كانت ممسوحة عن المقبض فقط "

قال " جيد ... قطر المصنع من الخلف والسلالم "

حسب مطولا ورسم خطوط كثيرة قسم بها نموذج

المصنع ثم قال " الذي دخل عند الحادية عشرة بالتأكيد "





نهاية الفصل

 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر  
قديم 11-05-15, 02:11 AM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الثالث)

 

الفصل الرابع











دخلت المنزل متوجهة من فوري لغرفتي التي أغلقتها

خلفي ولحقت بي فرح وأمسكتني من ذراعي قائلة

" وسن ما بك لما عدتما سريعا "

خلصت يدي منها وقلت " اتركيني وحدي "

سحبتني قبل أن أصل للسرير وقالت

" وسن على هذه المهزلة أن تنتهي أنتي تدمرين نفسك

بسجنها في هذا السرير هل تعلمي ما قال الطبيــ ... "

صرخت فيها بحرقة " أخرجي واتركيني وحدي قلت لك "

قالت بصراخ غاضب ملوحة بيدها في

الهواء " لا لن أخرج ويكفيك انطواء على

نفسك لقد دمرتِ صحتك "

قلت بغضب " وما الذي تبقى فلتذهب هي أيضا "

ثم ارتميت على السرير أمسك اللحاف وأضغط به على

النار المشتعلة في أحشائي وأئن بوجع مكتوم فجلست

بجواري وقالت ببكاء " وسن تكلمي قولي ما في قلبك

خففي على نفسك شقيقتي الحبيبة "

قلت بصعوبة " اتركيني يا فرح أرجوك "

قالت بهدوء " هل تحدثتما ماذا قال لك "

قالت بألم " لم يقل شيئا ولن يقول بعد اليوم ولن

أسمع منه , انتهى كل شيء "

خرجت وعادت بعد قليل وأجلستني مرغمة وهي تقول

" خذي الحبوب هي مسكنات للآلام فقط ستريحك وتنامي "

أخذتها منها وعدت مرتمية على السرير فغطتني

باللحاف وغادرت وتركتني لألمي وبكائي وهمومي

ودموع تحتضنها وسادتي , لأول مرة أراه ليس نواس

الذي أعرفه الذي أحببته لسنين منذ رأيته أول مرة وأنا في

منزل خالتي حين فوجئت بشاب لا أعرفه يقف عند الباب

يدخل دون أن يفتح له أحد , نظرت له وكأني لأول مرة في

حياتي أرى رجلاً , كنت في الخامسة عشرة حينها لكني كنت

بعقل فاق سني كما يقول الجميع فكم كرهت حديث زميلاتي

عن الشباب والعلاقات الغرامية والرسائل واللقاءات وكل

تلك الأمور التي تعبث بعقول المراهقات , لكن ذاك الذي

رأيته يومها كان من كوكب آخر وشيء ما في قلبي قال لي

هذا لك أنتي ملكك منذ سنين , كنا نحدق في بعضنا وكأن كل

واحد منا يرى الجنس الآخر للمرة الأولى لأستفيق لنفسي

فركضت نحو خالتي وغطيت شعري وأنا أقول

" خالتي هناك شخص غريب في البيت "

نظرت لي بصدمة وتوثر ثم قالت

" من الغريب الذي سيدخل أنتي تتخيلي يا وسن "

هززت رأسي وقلت " لا متأكدة , إنه عند البـــ .... "

قاطعني حينها طرقات على الباب وصوت رجولي

عميق يقول " أمي هل أنتي هنا "

قفزت حينها خالتي وقالت بصراخ " نواس ابني نواس "

ثم ركضت للخارج ولم أسمع بعدها سوى بكائها

وصوته الثقيل وهوا يقول " أمي لما البكاء الآن أنا

مشتاق لضحكتك لا لدموعك "

نواس الفتى الذي غادر البلاد وهوا ابن السابعة عشرة ولا

نعرف عنه سوى حديثهم المحب له وحكايتهم القديمة عن

طفولته , الشاب الذي كل ما أعرفه عنه رسائل تقرأها

خالتي بدموع وسلام منه لنا جميعا بالاسم واحدا واحدا

ونقود يعيل بها والدته وشقيقه الوحيد , رجل لا أعلم

أحببته قبل أن أعرف من يكون ومن نظرتي الأولى له

أم أحببت حبهم له وحديثهم عما فعل من أجلهم وما

ضحى به وهوا فتى لم ينهي دراسته الثانوية بعد , حب

احتل قلبي ليكبر مع الأيام والسنين لأجد نفسي خطيبة له

بعد عام من قدومه لأن والدي رفض موضوع الزاج قبل

سن التاسعة عشر أو العشرين لنستمر بعدها مخطوبان

لأربعة أعوام , لا أعرفه كالخطاب الآخرين لا مكالمات

ليلية لا رسائل غرامية ولا خروج برفقته ولا حتى مع خالتي

كان كل شيء بالنسبة لي ليتحول عالمي للآ شيء من دونه

يوم زارني والدي في غرفتي وحكا لي حكاية كالخيال عن

ديون وتجارته في دكانه وتاجر كبير وسجن ومبالغ خيالية

ليفجعني بأني طوق نجاته الوحيد لأني سأكون القربان

لذاك الرجل لأني سلعة ستكون ثمن تهور والدي وتوقيعه

على كل تلك الشيكات , لم أعرف ما أجيبه وأنا أرى الترجي

في كلماته وعينيه فلذت بالصمت لأجد نفسي بعد ساعة

مرتبطة به بل مخنوقة به وخبر خطبتي منه في كل مكان

فبدأت مأساتي وأصبحت الشيكات تحت توقيعي بدلا من

والدي كي تكون مهري ليلة الزواج منه وكأن أحدهم أخبره

أن والدي سيموت وعليه أخذ الوعود والمواثيق لكي لا نخل

بالاتفاق , لم أرى نواس بعدها لأشهر وكأنه ذاب من العالم

لم يكلمني ولم يعاتبني , اختفى فقط كالحلم الطويل الذي

استفقت منه وكالسعادة التي أعطوها لي لخمس سنين

وأعادوها في ظرف ساعة , وبعد عشر شهور مات والدي

وشقيقي في حادث سيارة وأصبح ذاك التاجر يطالب بنقوده

أو بي إما أنا أو نقوده أو السجن فرفضت الزواج منه بعدما

ضاع والدي ورضيت بالسجن على الارتباط بمثله ليخرج

نواس مجددا ويسدد كل تلك الديون التي من ضمنها طعنتي

له يوم ارتبطت بغيره وزواجنا بعد شهر ومن ضمنها صدمته

والسكين التي ضربه بها والدي في ظهره واستبدله بغيره

لم يقبل بعدها أعذاري ولا شرحي للأمر وأني لم أوافق

وكنت في موقف سيء وإن كان في مكاني لفعل مثلي

وهوا من ضحى بدراسته ومستقبله وأحلامه من

أجل عائلته فلما أنا لا يحق لي



*

*



كان اليوم سيئاً على الجميع وأولهم وسن وما أصابها

عدت بفرح ووالدتها لشقتهم ولم نتوقف عن الشجار

طوال الطريق , كيف أجزء نفسي لأجزاء بين شقيقي

الأكبر الذي فعل الكثير لأجلي وبين زوجتي التي باتت

تكرهه كرها أعمى درجة أن ترى أنه يتحكم بي وبتصرفاتي

وقراراتي وبين ابنة خالتي التي أعجز عن فعل شيء

لأجلها ونحن البقية المتبقية من أهلها , ما أن وضعتهما أمام

عمارتهم حتى غادرت للمزرعة حيث معتصم ينتظرني

هناك منذ وقت لأننا سنجرب ترويض الفرس الجديدة

العنيدة وهي هوايتنا المحببة , وصلت المزرعة التي لا تبعد

أكثر من نصف ساعة في منطقة شبه جبلية وهي ملك

لنواس حيث خيوله جميعها وتجارته الجديدة وهي ذاتها

مدينة معتصم , وصلت المزرعة ونزلت من السيارة بقرب

ساحة الخيول حيث أراه من بعيد سبقني ويمسك لجامها

محاولا تثبيت حوافرها على الأرض , اقتربت منه وقفزت

من السياج قائلا " سبقتني يا محتال "

قال ضاحكا وهوا يحاول ركوبها

" هل تريد أن انتظرك حتى تنتهي من غرامياتك "

أمسكته وهوا يكاد يقع لأنها جمحت منه وقلت

" أي غراميات يا رجل لا تحسدني على آلا شيء "

ضحك وقال " كان عليك ترويضها قبل أن تتزوجها "

رميت بيدي في وجهه وأخذت منه حبل اللجام وأمضينا

وقتا طويلا نحاول معها وبلا فائدة , إنها مُتعبة ولم يعرف

أحد كيف يتصرف معها , بعد ساعتين من المحاولات

ربطناها لأحد المصالب ووقفنا عندها وقال معتصم

" لا أمل يرجى من هذه الفرس ولم تتعبنا واحدة مثلها "

ضحكت وقلت " يبدوا أننا سنستسلم كما فعل وليد ومعاذ قبلنا "

ضربني على كتفي وقال " بل بقي الرومانسي صاحب

الوشوشات في الأذنين نواس "

ضحكت وفتحت فمي لأتحدث على دخول سيارته

ففك معتصم لجامها وقال " ها هوا جاء مدير

جمعية الرفق بالخيول "

صهلت الفرس حينها حتى كادت توقعه وتضربني

بحوافرها على قفز نواس من السياج ووجه لا إله إلا

الله لا يبشر بخير , نواس ليس من طبعه كثرة الغضب

ولا يغضب بسهولة فما دهاه , أخذ من معتصم اللجام

والسوط وصرخ بنا " أخرجا من السياج "

نظرنا لبعضنا باستغراب فصرخ أكثر " الآآآآآآآن "

قفزنا خارجه على صوت الجلد وصهيل الفرس فالتفتت

للخلف ليظهر لي المشهد الذي لم أره حياتي نواس يضرب

الفرس بقوة بل بعنف وجنون وبدون تركيز , وقفت مصدوماً

دون حرك من هول ما أرى , نواس الأكثر رفقا بيننا في

التعامل مع خيوله يتصرف هكذا ! نظرنا أنا ومعتصم

لبعض وكأننا نتخاطر ذهنيا ثم قفزنا قفزة واحدة لداخل

الساحة وأمسكت اللجام من يد نواس وأمسك معتصم نواس

من ذراعيه محكما قبضته عليه لأنه ببنية جسدية أقوى مني

ثم أبعده عنها وهوا يصرخ به " نواس هل جننت منذ

متى تفرغ غضبك في الخيل "

سحبت الفرس الهائجة بعيداً محاولا تهدئتها ولو قليلا

ومعتصم يسحب نواس للخلف وهوا يريد الخلاص منه

يبدوا أن أموراً كثيرة حدثت معه بعدي فما الذي جعله

يجن هكذا , ترى أتحدث ووسن في موضوع خطبته !

أرغم معتصم نواس على الخروج والابتعاد فغادر مغتاظا

جهة منزل المزرعة واقترب معتصم مني وقال

" هل جن شقيقك أم ماذا "

هززت رأسي بحيرة وقلت " إن لم توصلنا

النساء لمستشفيات الأمراض العقلية فللسجون بالتأكيد "

ضحك بهستيرية مستندا بخشب السياج فقلت بضيق

" نعم تضحك دورك قريب يا عاشق "

وقف على طوله ولعب بيده في الهواء وقال " لن أفضح

نفسي لامرأة قبل أن تصبح كالإشارة في يدي كي

لا انتهي لما انتهيتم له جميعكم "

ربطت لجام الفرس وقلت " من تقصد بكلامك "

ضحك وقفز بقربي في الساحة وقال

" الكثيرين غيركم بل والملايين "

أشرت له برأسي وقلت " هه سنرى يا قوي إن

لم تلعب بعقلك طفلة "

نظر لي بغيض فضحكت وقلت

" هيا نعيد الفرس لإسطبلها وتأخذني حيث

وعدتني البارحة أم نسيت "

قال بضيق وهوا يفك اللجام " وهل ينسى شخص ورائه

أنت , اليوم سيأتي جابر ولا أريد رؤيته لا مزاج لي له لنؤجلها

يومين لندخل الحديقة ونخرج ولا أحد يدري عنا ككل مرة "

ثم سلمني اللجام وقال " سأغادر الآن أراك عند المساء اتفقنا "

قفز خارج الساحة وابتعد فصرخت مناديا له وقلت

" هيه معتصم "

لوح بيده متجاهلا لي وغادر وكأني لا أكلمه , أعدت

الفرس للإسطبل وتوجهت للمنزل ودخلت فقابلني وليد

قائلا " ما به نواس "

قلت بحيرة " ماذا حدث "

أشار بإبهامه خلف كتفه حيث إحدى التحف مهشمة على

الأرض وقال " رماها في طريقه ودخل لغرفته أخذ شيئا

وغادر في السيارة الصحراوية , أين يريد الذهاب "

تنهدت بقلة حيلة وقلت " أعلم أين سيذهب لا تقلق

عليه وسيعود خلال يومين "

وكما توقعت اختفى نواس ليومين وأنا خاصمت فرح ولم

أجب على اتصالاتها يومين أيضاً فعليها أن تعلم أن نواس

ليس كأي شقيق ولن أكافئه على تضحيته لأجلي بأن أعصي

أوامره يوما مهما كنت غير راض عن تهميشه لي فيما

يخص عائلتهم ولأني أفهم أسبابه أمسك نفسي عن مخالفته




*

*




طرقت الباب بقوة وصرخت بها

" وسن افتحي الباب أو جلبت من يكسره "

وطبعا لا حياة لمن تنادي , اقتربت مني والدتي وقالت

" توقفي عن الصراخ لقد فضحتنا مع الجيران

والكل بات يعرف صوتك من أميال ويميزه "

قلت بحدة " والحل يا أمي يومان تسجن نفسها لا طعام

لا دواء لا ماء ولا نعلم حية أم ميتة "

تنهدت وقالت " مادام صوت باب الحمام يغلق وقت كل صلاة

فهي حية وبخير , تعرفينها حين تسجن نفسها لن يخرجها أحد "

قلت بحنق " بل عليها أن تخرج أو تتركني أدخل لها وذاك الأحمق

جواد لا يجيب على اتصالاتي ليأتي ويكسر الباب أو يجد لنا حلا "

قالت بحدة " وكيف سيجيب عليك بعد سيل الشتائم الذي وجهته له "

قلت ببرود ونظري على الباب " تلك هي الحقيقة ولم أكذب فيها "

هزت رأسها بقلة حيلة وقالت " ابنتي ولن تتغيري , حين

يجن جنونك لا تميزي الصواب من الخطأ "

قلت بنفاد صبر " أمي ارحميني أقسم لست

بمزاج عتاب ولا توبيخ "

تأففت وغادرت وطرقت أنا الباب مجددا وقلت برجاء

" وسن افتحي لي الباب هل ترضين بعذابك وعذابي معك "

ولا جواب طبعا فضغطت على أسناني بقوة وقلت

" أقسم يا وسن وها قد أقسمت إن لم تفتحي الباب الآن





اتصلت بنواس ليحظر حالا ولك أن تختاري "

بعد قليل فتحت الباب وتوجهت من فورها جالسة على

السرير فدخلت وقلت بضيق " ما الذي ستجنيه من سجنك

لنفسك سوى خسارة محاضراتك والموت جوعا "

قالت ببرود وعيناها على الأرضية " لن أذهب لها بعد اليوم "

فتحت فمي من الصدمة وقلت بتلعثم " ما ماذا ... أأعيدي "

نظرت لي وقالت " لن أدرس بعد اليوم ولن آخذ مليما منه

وسأعمل كي لا نعيش عاله على أحد ولديا دين كبير

عليا أن أسدده ولو بالدرهم "

قلت بصدمة " وسن هل تعي معنى ما تقولينه وهل

تضني أن نواس سيرضى "

قالت بلامبالاة " تلك مشكلته وما لدي قلته وهوا ليس

مسئول عني لا هوا والدي ولا شقيقي ليتحكم بي "

قلت بجدية " ولكنه وليك قانونيا "

قالت بضيق " وهل الولي القانوني يتحكم بي أدرس أم

لا وأعمل أم لا هذه حرية شخصية ولن يثنى كلامي

هذا إلا الموت فليقتلني أولا حينها "






****************************************************

******************************************








دخلت المدرسة بخطوات ثابتة وسريعة بعض

الشيء وتوجهت من فوري لمكتب المدير فوجدت فتاتين

هناك تعطيان الباب بظهرهما مقابلتان له , كنت سأعود

أدراجي لكنه أشار لي بيده أن أدخل فدخلت ملقيا عليه التحية

وصافحته وجلست لتظهر لي الفتاتان وهما وجدان وسما

وكانت وجدان تنظر للمدير بكل ثقة وابتسامة انتصار وسما

رأسها للأرض تمسح دموعها , قال السيد منصور

" الحقيقة لدى إحداكما ويجب أن تظهر "

قالت وجدان بجدية " أقسم أن هذا ما حدث

والدليل واضح أمامك "

رفعت سما عيناها المحمرتان من البكاء وقالت

" لا ليس صحيح وأنا لا أعرف ذاك الشاب ولم أقابله

حياتي ولا أعلم من أين جاءت هذه الرسائل "

قال بحزم " وكيف تدخل حقيبتك وأنتي لا تعلمي , هل

تعي معنى أن تتهمي إحدى زميلاتك أنها من دسها لك

وهي بريئة ... إنه الطرد يا سما "

قالت برجاء مكسور " لما لا تصدقني منذ متى وأنا أفعل

هذه الأمور , أنا لم أعرف شبابا في حياتي كيف أتفق معه

على موعد عند سور المدرسة , أقسم أني بريئة "

ضرب بيده على الطاولة وقال بحدة " سأعرف بطريقتي

والمذنب لن يسلم من العقاب "

اقتربت منه وهمست له في أذنه " اصرف وجدان واترك الأخرى "

نظر لي بحيرة ثم نظر لهما وقال " وجدان عودي لفصلك "

خرجت باستعلاء بعدما رمت سما بنظرة سخرية فقلت ما

أن خرجت " ما القصة يا سما وما علاقتك بالأمر "

كان السيد منصور سيتحدث لكني أشرت له بيدي فسكت

فقالت ببكاء " وصل بلاغ للمدير أنه توجد في حقيبتي رسائل

من شاب يكتب في الأوراق اسمي وكانت بالفعل في حقيبتي

لكني لم أكن أعلم عنها أقسم وربي يشهد على ذلك "

تنهدت وقلت " توقفي عن البكاء وامسحي دموعك

واحكي ما حدث منذ أول حصة لي معكم "

مسحت دموعها بكم زيها المدرسي وقالت " لم أعد أستمع

لأوامرها لا أمسح السبورة ولا أفتح باب الفصل وأرفع يدي

للإجابة أيضا فكادت لي هذه المكيدة أقسم أنها وراء هذا "

قلت بجدية " والدليل يا سما كيف تتهمينها دون دليل ألا تعلمي

أنها ستستغل هذه النقطة لصالحها وستتضررين أنتي "

هزت رأسها وقالت " أنا مطرودة في كلا الحالتين اتهمتها

أو لا , على الأقل أحاول إثبات براءتي "

قال في السيد منصور " وإن حضر الشاب للمكان الموجود

الورقة وحسب الموعد "

قالت بثقة " دعه يتعرف على شكلي إن استطاع

أقسم أنه لن يستطيع ذلك "

قال من فوره " وإن تعرف عليك "

مسحت خدها وقالت " مكيدة أقسم أنها مكيدة وأنت تعلم كما

الجميع أنه لا سند لي مثلها يردعكم عني لكني ما علمت أنك

ظالم أبدا وتحدثت وقلت ما قلت على أمل أن تنصت لي

وتنصفني فلا أحد لي بعد الله غيرك , لما كلكم ضدي ؟ اسأل

الأستاذ نزار هوا يعلم ما تفعله وجدان ورفيقتاها بنا "

قلت له بهمس خافت " دعها تعود لفصلها "

نظر لي بجمود فأومأت له برأسي بثقة فنظر جهتها وقال

" عودي لفصلك الآن وسأتحقق من الأمر بنفسي "

أنزلت رأسها للأسفل وقالت " شكرا أستاذ نزار "

وغادرت من فورها وكأنها تخبر المدير بخذلانه لها

بشكرها لي فقط , ما أن خرجت نظرت له وقلت

" بالفعل تلك الطالبة تكيد لزميلاتها "

قال بجدية " كيف نتهمها دون دليل "

قلت بضيق " وما الدليل إن كنتم لن تصدقوا كلام الطالبات "

قال بعد صمت " والد الفتاة صاحب منصب في الدولة

وليس من مصلحة أحد إيذائها تفهمني يا نزار بالتأكيد

فلا تورط نفسك في مشاكل لست ندها فهي ابنته المدللة "

وقفت وقلت " وهل ستسمح لها أن تعتوا في الأرض فسادا

فقط لأنها ابنته , هي تمنع الطالبات حتى من رفع أيديهن

للإجابة ومن خالفها كادت له لتطرده وقد هددتهن

بذلك وبصريح العبارة "

تنهد وقال " يجب أن يكون هناك دليل أقدمه لوالدها "

قلت بضيق " لا تطرد سما إذا أم أن ذلك أيضا يحتاج لدليل "

ضحك وقال " أجلس هيا وأخبرني ما قصتك مع هذه

الفتاة لتغضب هكذا من أجلها "

جلست وقلت ببرود " أنا لست غاضب من أجلها بل

من تصرفات الأخرى وصمتكم عنها "

قال ببرود مماثل " إن تأكدت أنه قادم لأجلها

فولي أمرها أو الطرد "

قلت بضيق " وما مشكلتك مع ولي أمرها "

قال " ترجتني مرتين أن لا أفصلها لأنه لا يمكنه الحضور

وأخبرتها أني لن أخرق القوانين مجددا إن لزم الأمر إحضاره "

قلت بحيرة " ولما ترفض الإفصاح عن السبب "

رفع كتفيه بلامبالاة وقال " الحال كما رأيت بنفسك

ترفض الكلام وصديقة والدتها تلك لم تعد تجيب على

اتصالاتنا لأن هاتفها مقفل على الدوام ولا علم لنا سوى

عن اسم المدرسة السابقة لها "

قلت باستغراب " أليست طالبة لديكم من أول العام "

هز رأسه بلا وقال " جاءت بعد بدايته بشهرين "

قلت من فوري " ولما لا تستعلمون عنها , أعني اسم عائلتها "

قال بهدوء " هذا ليس من شأننا أنت تعلم هذه الثانوية خاصة

ولا احتكاك لنا بأولياء الأمور إلا إن جاؤوا بأنفسهم أو استدعينا

أحدهم لسبب من الأسباب المدرجة في القوانين , صديقة والدتها

كانت على اتصال بنا وانقطعت عنا من مدة , هي لا تحمل نفس اسم

عائلتها أو عائلة والدتها لكنها هي من سجلتها لدينا وحتى اسم الفتاة

في أوراقها جميعها لا يحمل لقبا لها فقط سما أحمد عبد الله , لا

والدها ولا والدتها كل شيء مبهم ولا يحق لنا التدخل , وكما أنت

تراها أمامك كثلة من الصمت والغموض "

قلت بحيرة " غريب أمر هذه الفتاة وتبدوا

خائفة جدا ومن كل شيء "

لاذ بالصمت فقلت " ما اسم مدرستها السابقة ؟! "

ضحك وقال " أخبرتك أن تخبرني عن قصتك معها "

قلت بضيق " يالها من مخيلة هذه التي لديك

إنها طفلة أمامي أتعي هذا "

اكتفى بالابتسام دون تعليق وأخرج ملفها وقال

" مدرسة الرجاء الثانوية للبنات "

نظرت له بدهشة وقلت " هذه المدرسة تكاليفها

باهظة جدا ومشهورة "

رفع كتفيه وقال " صديقة والدتها تلك دفعت لنا ثمن الثلاث

أعوام كلها أي لن تعجز عن الدراسة في تلك المدرسة "

وقفت وقلت " هذا جرس الحصة عن إذنك "




*

*




لا أعلم لما المواقف السيئة تكون بحضور ذاك الأستاذ

فلا فضيحة تحدث لي إلا وهوا شاهد عليها , منذ يومين

دبرا لي مقلب وأوقعاني في الممر على لحظة دخوله وساعدني

لأقف وانهرت باكية من الإحراج فازدادت غيضا وكرها لي

لأنه أوقفني وكأنها تحسدني على الموقف المحرج ذاك , كانت

وقعت هي وحضت بتلك الفرصة الذهبية بدلا من إحراجي , دخلت

الفصل وجلست في مقعدي وبعد قليل انتهت الحصة وخرج معلم

الفيزياء فوقفت والتفتت لي وقالت " تريدي توريطي في

غرامياتك إذا , سترين يا ... هه حبيبة أستاذك "

نظرت لها بصدمة على صوت شهقات البنات كلهم وفتحت

فمي لأتحدث فطرق أحدهم الباب ودخل الأستاذ نزار لأنها

حصتنا معه فجلستْ هي بعد أن رمتني بنظرة احتقار وجلست

أنا أمسح دموعي التي رفضت التوقف ولم أنتبه حتى لما يشرح

في الحصة لأني كنت منهارة تماما وهوا اكتفى بالصمت دون

أن يوبخني ولا يخرجني وبعد نصف ساعة قال وهوا يكتب على

اللوح " سما أخرجي واغسلي وجهك واشربي بعض الماء ويكفي بكاء "

وقفت وغادرت الفصل متوجهة لدورة المياه وأكملت بكائي هناك

ثم غسلت وجهي وعدت للفصل وجلست مكاني في صمت وكان

هوا جالسا على كرسيه وأمامه أوراق الاختبار المبدئي لنا لأنه

دخل على نصف العام تقريبا ولا يريد أن يعتمد درجات المدرس

السابق فقط , كان نظري على الطاولة ولم أرفعه فوصل صوته

قائلا " طبعا نتائج الاختبار ليست مرضية لي كيف لطالبات في

الثانوية العامة أن تكون إجاباتهم بهذا الشكل المخزي "

عم الصمت بعدها سوى من صوت تحريكه للأوراق

ثم قال " سما "

نظرت له من فوري بخوف , لما يُدم النتائج ثم أنا أول من

ينادي باسمها ؟ وقف بعدها وأخذ دبوسا من لوحة الإعلانات

خلف كرسيه حيث يثبت لنا المعلمين إعلانات الامتحانات

عليها وتبث ورقتي هناك وقال " علامة كاملة وورقة مرتبة

ونظيفة , كل من أراد منكم حل لإحدى المسائل يرجع لورقتها

لا أعلم فيما تنقص عقولكن عنها "

ثم عاد لكرسيه وجلس وقال " سلمى وثريا ونوال كانت درجاتهم

جيدة وهناك طالبة تعرف نفسها جيدا أقول لها لا داعي للكلام بين

الأسطر والإشارات الهابطة لأنه لا يمكن اللعب معي ولا بي وقد

حصلت على صفر وهي تستحقه وإن كان لديها اعتراض فلتقف

ما أن تصلها ورقتها وعليها أن تتدارك الأمر في باقي الاختبارات

كي لا ترسب لأني سآخذ من هذا الاختبار ثلث الدرجة "

قلب بعدها الأوراق وقال مادا بهم للطالبة أمام كرسيه

" وزعيها عليهم دون أن تقلبيها أسمائهم في الخلف "

رن حينها جرس الحصة فوقف من فوره مغادرا ووقفت

وجدان وتوجهت لورقتي وأمسكت طرفها بأطراف أصابعها

وقالت " انظروا وهذا الدليل يعلق ورقتها على اللوح "

قالت الأخرى " نعم دليل واضح وملموس "

وقفت وقلت بغضب " كاذبة وكريهة أرينا ورقتك إن استطعتِ

أم أنك الفتاة التي تحدث عنها , هل تحاولي رشوة المدرس "

صُدمت دون كلام وتأكد شكي أنها هي فقالت متداركة الأمر

" خطة فاشلة لتغيير الموضوع يا ثنائي الغرام "

قلت بغيض " لن يصدقك أحد "

نظرت للطالبات وقالت " هل من معترض على كلامي "

نظرن لبعضهن بصمت ودخلت حينها معلمة المادة الأخرى

وجلسنا, كنت سأضربها على كلامها لكني الخاسرة

الوحيدة في ذلك , إن طردني المدير سأضربها حتى

أتعب قبل أن أغادر وألقنها درسا لن تنساه وأمام الجميع




*

*




غادرت الفصل خارجا من المدرسة , لدي الحصة بعد القادمة

عند السنة الثالثة أي معي خمس وأربعين دقيقة لأذهب وأعود

المدرسة ليست بعيدة كثيرا أي أن الوقت يكفيني, ركبت سيارتي

وضحكت على نفسي , يبدوا أن جابر أصابني بعدوى المحققين

ولكن عليا معرفة سر هذه الفتاة ولما تخفيه , وصلت لمدرستها

السابقة ودخلت لمقابلة المدير , طرقت الباب ودخلت فوقف

مرحبا بي فصافحته وجلست قائلا " جئت أريد منك بعض

المعلومات عن طالبة كانت تدرس لديكم بداية العام في السنة

الأولى وانتقلت من هنا بعد شهرين "

أخرج ورقة وقال " أعطني اسمها وسبب السؤال عنها "

قلت " سما أحمد عبد الله هي طالبتي لي الآن في مدرستها

الجديدة ومستواها في المادة فوق الممتاز وبدايتها كانت لديكم

وأود عمل بحث عن تفوق الطلبة في المراحل الثانوية وأسبابه "

نظر لي بفخر وقال " الجذور دائما هي الأساس فاذكر اسم مدرستنا "

يالك من متعجرف ألا يكفيك شهرتها , قلت بابتسامة

" هل لي أن أعلم من الذي سجلها لديكم ومن سحب ملفها ولما "

نظر لي باستغراب ثم قال " من المفترض أن تسأل

عن معلميها وليس من سجلها "

قلت بثقة " لكل مرحلة أسئلتها ونحن في المرحلة الأولى "

نظر لي باستفهام ويبدوا أنه مغرور ولا يريد أن يظهر

غبائه لي فقال " والدها قام بتسجيلها بداية العام وسحبت

ملفها صديقة لوالدتها تدعى عفراء "

قلت من فوري " وهل كان والدها يزوركم

ليقيم مستوى ابنته "

قال " دائما "

قلت " ولما ليس هوا من أخرجها ونقلها من هنا "

قال بلامبالاة " صديقة والدتها جاءت وقالت أنهما

مسافران وتركاها لديها "

قلت بجدية " وكيف لمدرسة معروفة كمدرستكم

تعطي ملف طالبة لديها لشخص ليس وليها "

وقف وقال بضيق " هل جئت لتحقق معي أم ماذا "

وقفت وقلت " لم أتخيل أن تكونوا بهذا الاستهتار

فحتى المدارس الحكومية لا تفعل جريمة كهذه "

قال بغضب " أخرج من هنا الآن "

قلت بابتسامة سخرية " تأخذ الرشوة إذاً "

ضرب بيده على الطاولة وقال بغضب أكبر

" إن لم تخرج الآن من المدرسة استدعيت لك الأمن "

وضعت يدي على الطاولة وقربت وجهي منه وقلت

" بل أنا من سيضع سمعة مدرستك في الحضيض إن

كنتم تبيعون الشهادات أيضاً "

ثم خرجت وتركته فليحلم بكابوس مرعب الليلة لأني لن

أكترث له ولا لجرائمه , إذا والداها ليسا هنا لكن كيف

يضعانها عند امرأة غريبة ويسافران وكيف يسافر قبل

نقلها من هناك ولما ترفض قول أين هما ! وأين اختفت

تلك المرأة أيضا ! يالها من لغز محير , وصلت المدرسة

على وقت الحصة وكنت سأدخل الفصل حين استوقفني

صوت منادي " أستاذ نزار "

التفتت للخلف فكانت وجدان , نظرت لها بجمود فوقفت

أمامي وقالت ونظرها للأرض " لقد فهت الأمر خطأ أقسم لـ.... "

قلت بجدية " فهمته كما رأيته وقدمي اعتراضك للمدير أو ولي

أمرك وسأتناقش معه , أو لما تتعبي نفسك سأستدعيه أنا "

نظرت لي وقالت بخوف " لا سوف يوبخني ويفهمني مثلك "

قلت " سأتغاضى عن الأمر إن أوقفتي مهزلة الشاب الذي

سيأتي لسور المدرسة وأضنك تفهمينني جيدا ولن نتناقش

في الأمر فكل واحد منا يفهم الآخر ولك أن تختاري "

ثم تركتها ودخلت الفصل




*

*




كانت هذه الحصة الترفيهية وأستغلها دائما بالجلوس في

المكتبة , اتخذت مكانا متطرفا وأخرجت هاتفي ووضعته

في الكتاب وجربت الاتصال بها مجددا ... أرجوك خالة

أجيبي , أنا خائفة كيف تتركيني أنتي أيضا ألستِ وعدتني

بمساعدتي , حاولت وحاولت ودون فائدة فبدأت بالبكاء

لأنه الشيء الوحيد المتبقي لدي فحتى دراستي سأخسرها

كنت أبكي بصمت فرأيت حينها أصابع رجل تمتد لهاتفي

وتأخذه من يدي









****************************************************

******************************************







مرّت عدة أيام على ذاك اليوم المشئوم ولم يزرنا

والدهم حتى خلت أنني كنت أتوهم وأنها كانت كذبة أو كابوس

واستيقظت منه ولكن يالا خيبة الأمل فقد اتصل بي اليوم ولا

أعلم حتى من أين تحصل على رقم هاتفي , وأي سؤال غبي

هذا فكيف لضابط في الشرطة الجنائية أن يعجز عن معرفة حتى

متى آكل , منذ ذاك اليوم وأنا أنام وثلاثتهم في حضني وليس

ترف وحدها كالعادة , لم أستوعب حتى الآن فكرة أن يذهبوا

مني فكيف سأشرحها لهم ولكن والدهم سيكون هنا في الغد

ولم يعد لديا وقت , كانت فرحتهم اليوم لا توصف حين أخبرتهم

أنهم لن يذهبوا للمدرسة غدا يعتقدون أننا سنذهب للتنزه كأيام

العطلة لا بل جهزوا أغراض اللعب عند البحر, يا رب ساعدني

كي أمهد لهم الأمر , مؤكد سيفرحهم كون أن لهم والد

سيحقق كل رغباتهم التي عجت أنا عن تحقيقها لكن كيف

سأقنعهم أنه والدهم وليس والدي وأنهم ليسوا إخوتي ولن

أكون معهم , عليا أن أكون قوية من أجلهم كما كنت دائما

آآآآه يا رب كما أعطيتني القوة لتحمل مسئوليتهم وأنا صغيرة

فأعطني القوة لأواجه قدري بدونهم وبدون وجودهم فهم مع

والدهم سيكونون أفضل خصوصا والد بمركزه وشخصيته

سيحميهم من كل شيء خصوصا الفتاتان , عليا أن أزيح

أنانيتي جانبا وأفكر فيهما فستكبران وتحتاجان لمن يحميهم وأنا

أكثر من يعلم ما سيواجهانه وهما دون رجل يسندهم ويردع

عنهم المتربصين بهم , غطيت أمجد وأعدت ساقه تحت اللحاف

هذا المتعِب كل ليلة أزوره أكثر من مرة في غرفته لأغطيه

جيدا وكأنه يلعب كرة القدم وهوا نائم , ترى هل يوجد هناك

من سيتفقده كل ليلة ويغطيه ويمشط له شعره في الصباح

من تنام ترف في حضنه كل ليلة لأنها تخاف النوم وحدها

ولا تنام دون حكاية تجعلها تنام دون أن تشعر , هل يوجد

من سيستوعب حالمية بيسان وعالمها الخيالي الذي يسيطر

حتى على فهمها للدروس , نمت هذه الليلة على أصوات أفكاري

ودون شعور واستيقظت على صوت منبه الساعة لصلاة


الفجر , أيقظتهم معي ككل صباح وأدخلتهم الحمام , كان

أمجد في الداخل ونحن خارجه حين قالت بيسان بتذمر وهي

تفرك عيناها الزرقاء الغامقة الواسعة " ماما لما لا نذهب

للحمام الآخر لن يخرج أمجد لقد نام في الداخل "

ابتسمت بعينان تمتلئ بالدموع ومسحت على شعرها

الأشقر وقلت " لن تفترقوا عني اليوم حبيبتي "

طرقت عليه الباب دون كلام كما علمتهم فخرج يتثاءب

نظرت للخلف فكانت ترف مرمية على السرير بالعرض وقد

عادت للنوم فابتسمت وأوقفتها لتصحوا وأدخلت الفتاتان بعده

للحمام ثم دخلنا معا ليتوضئوا أمامي وضوءً صحيحا ككل صلاة

وكل يوم وبقيت كالعادة أنتظر الآنسة ترف وهي تغسل كل عضو

خمسين مرة بدعوى أنها لم تغسلها جيدا ثم صلينا جميعنا معا

كعادتنا , كم أتمنى أن يجدوا هناك من يهتم بصلاتهم كي يكبروا

عليها , تناولنا الإفطار معا ككل صباح مع تساؤلاتهم الطفولية

عن سبب إفطارنا مبكرا ثم وقفت وقلت " سآخذ الأطباق للمطبخ

أريدكم في صالة الجلوس ثلاثتكم فثمة أمر سنتحدث عنه "

ثم قلت بمرح " من سيسبق الجميع إلى هناك "

ركضا أمجد وبيسان وبدأت ترف بالبكاء وهي تهز قديها

لأنها لا تستطيع النزول وحدها هذه القزمة فأنزلتها وقلت

" أنتي الفائزة "

فركضت لهم تصرخ أنها فازت عليهم , وضعت الأطباق

في المطبخ وذهبت لهم وجلست على الأرض وقلت

" تعالوا اجلسوا أمامي "

جلسوا على خصومة شديدة طبعا بين ترف وأمجد من

يجلس في المنتصف فتأففت بيسان وقالت بتذمر

" ما بكما النبلاء لا يجلسون هكذا يالكم من همجيين "

ضحكت رغما عني بدلا من توبيخها على نعتهم بالهمجيين

ثم قلت " أمجد أنت الرجل وهي صغيرة فدعها تجلس "

ابتعد قائلا بتذمر " دائما صغيرة وأنا رجل لماذا "

جلست طبعا تلك الأنانية تمسح الدموع العالقة في رموشها دون

كلام, مددت يداي لهم وقلت " مدوا أيديكم وضعوها في يداي "

امتثلوا لأمري فنظرت لأعينهم الصغيرة الجميلة التي علمت

الآن من أين اكتسبوها وقلت بجدية " عدوني أنكم ستكونون يدا

واحدة هكذا عندما تكبروا "

قال أمجد فهوا في عمر يستوعب هذا الكلام

" نعم ماما أعدك "

قالت بيسان " أجل إمبراطورا "

قبلت أيديهم الصغيرة وقلت " هل تتمنون أن يكون لنا والد "

قال أمجد من فوره " كل أصدقائي يتحدثون عن أبائهم

وما يفعلون لهم وأنا ليس لدي أب ولكن الرسول

كان أيضا بلا أب كما أخبرتنا "

هزت الفتاتان رأسيهما بنعم دون كلام فتركت أيديهم وقلت

" وإن أصبح لنا والد "

نظروا لي باستغراب وصمت فقلت بابتسامة

" أي كان لنا والد ولا نعلم عنه "

ضمت بيسان يديها لصدرها وقالت بسعادة

" حقا لنا والد "

هززت رأسي بنعم فقال أمجد بابتسامة واسعة

" ويشتري لي دراجة "

هززت رأسي بنعم أيضا دون كلام وأنا أرى السعادة في

أعينهم ثم قلت " قد يصعب عليكم استيعاب ما أقول ولكن

بالفعل لكم والد ولم نكن نعلم عنه هوا يحبكم وجاء ليأخذكم

معه ,لديه مال كثير ومنزل كبير وجميل وكان

يبحث عنكم كثيرا حتى وجدكم "

قالت بيسان " ولما تركنا !! "

ابتسمت بعفوية يبدوا لي عقول الصغار أكبر مما نتخيل

مسحت على وجهها وقلت "هوا لم يترككم حبيبتي هوا

فقط فقدكم وضعتم منه أنتم ووالدتكم "

بقوا ينظرون لي في صمت وعدم استيعاب فقلت

" ألستم تريدون والدا يحقق لكم كل ما تتمنونه

وتتحدثون عنه لزملائكم "

قالوا معا " أجل "

قلت بابتسامة " وأنتم لكم والد ستفخرون به كل حياتكم هوا

ضابط كبير ومعروف والكل يهابه ويخشاه "

قالت ترف بحيرة " هل هوا مخيف ؟؟ "

ضحكت وقلت " لا هوا ليس مخيفا هوا يمسك المجرمين

ويضعهم في السجن فهم يخافون منه "

قال أمجد من فوره " كفريق الشرطة في الكرتون "

ابتسمت ووضعت يدي على رأسه وقلت وأنا ألعب

بشعره الناعم " بل كرئيس المحققين في كونان "

تنهدت بعدها وقلت " سيأتي اليوم هنا وعليكم استقباله بأدب

وتقبيل يده والتحدث معه بهدوء كما علمتكم دائما "

هزوا رؤوسهم بالموافقة دون كلام , سيصعب عليهم استيعاب

ذلك ولكن الأمر مجرد مسألة تعوّد وسيعتادون الوضع الجديد

قلت بابتسامة " جهزت لكم كل أغراضكم وستذهبون

معه لمنزلكم الكبير الجميل "

قال أمجد " ألن تذهبي معنا !! "

ها قد استيقظوا للنقطة الصعبة في الموضوع , قلت

بابتسامة " لا بني هوا والدكم أنتم وليس أنا "

قالت ترف " ولما ليس والدك "

ابتسمت على الفكرة وقلت " لا حبيبتي هوا ليس والدي أبدا "

قالت بيسان " كيف ماما ألستِ شقيقتنا كما أخبرتنا "

قلت " نعم حبيبتي كنت أضن ذلك ولكن كان ثمة حقيقة مخفية عني

وهي أني لست شقيقتكم ووالدكم ليس والدي ووالدي ليس والدكم "

هز أمجد رأسه وقال " كيف !! لا أفهم "

آخ إن كان أكبرهم لم يفهم فكيف بالفتاتان , قلت بهدوء

" عندما كنتم صغارا ضعتم ووالدتكم من والدكم ولم

يجدكم فوجدكم والدي وأخذكم معه وسجلكم باسمه ثم مات

وماتت والدتكم فضننت أنا أنكم إخوتي والحقيقة ليست كذلك "

نظروا لي بشيء من الاستيعاب ثم قالت بيسان

" كيف لا تذهبي معنا لا أريد أن أذهب من دونك "

مسحت دموعا غلبتني وقلت " عليكم أن تذهبوا

هوا والدكم ولا يجوز أن أذهب أنا "

قال أمجد " وإن يكن أليس منزله كبيرا خذي غرفة وابقي معنا "

قفزت ترف لحضني وقالت " لا ماما لن نتركك أبدا "

وقلدها الآخران وتشبثوا بحضني لتنطلق دموعي

التي كنت أكبتها منذ الصباح حتى قالت بيسان

" ماما لما تبكي نحن لن نتركك "

تماسكت وأبعدتهم ومسحت دموعي وقلت " بل سأغضب منكم

إن قلتم أمام والدكم أنكم لا تريدونه أو لا تريدون الذهاب معه مفهوم "

بقوا ينظرون لي بعيون دامعة فتنهدت وقلت بهدوء

" عليكم احترامه ومقابلته بأدب حسناً "

بقوا على حالهم فقلت بضيق " هل تريدون إغضابي منكم "

هزوا رؤوسهم بلا فقلت بجدية " إذا افعلوا ما أقول "

قال أمجد " تزوجيه إذا "

نظرت له بصدمة كيف خطر بباله هذا الكلام ويقوله أمام

شقيقتاه, كيف نسيت أنه بعمر ستخطر كل هذه الأفكار عليه

قلت بحزم " أمجد لا تكرر هذا القول ولا واحدة منكما تقولها

أمام والدكم فيضن أنها أفكاري أنقلها لكم وسوف أبدوا سيئة

في نظره ولم أربكم جيدا فهمتم "

قال أمجد وعيناه أرضا " آسف ماما "

قالت ترف " ما يعني تتزوجينه هل هوا مثل

حفل الزواج الذي حضرناه "

تنهدت وقلت " ترف إنسي هذا الكلام ولا تفكري

فيه ولا تتحدثي عنه مفهوم "

لاذت بالصمت فقلت " أعلم أنكم أصغر من استيعاب الأمر

ولكنكم ستعتادون ذلك وتسعدون بالعيش مع والدكم , هيا

بسرعة لغرفكم لتبدلوا ملابسكم لقد وضعت لكم

ثيابكم على اسرتكم ... بسرعة هيا "

غادرت الفتاتان وبقي أمجد ولم أستغرب هذه الحركة منه

هوا في الثامنة الآن وفتى ذكي لن يفوته شيء مما قلت

نظر لي وقال بهدوء" لما لن تذهبي معنا ما في الأمر إن ذهبتِ "

أمسكت وجهه بيداي وقلت " أمجد أنت كبير وعقلك أكبر حتى

من سنك وتفهم جيدا معنى كل ما قلته أليس كذلك "

هز رأسه بنعم فقلت " هيا إذا والدكم سيأتي في أي وقت "

وقف وغادر في صمت , كان على ذاك الصخرة أن يساعدني

في هذا الأمر بأن يتقرب لهم ويخرج بهم ليتعلقوا به ثم يخبرهم

بالأمر بدلا من أن أحكي أنا لهم قصة طويلة بطلها غير

موجود, أعانكم الله يا أحبائي فلستم أفضل حالا مني




*

*




كنت جالسا على مكتبي أطرق على الطاولة بأصابعي

أي لقاء سيكون لي معهم وما قالته تلك الفتاة لهم عني

قد تحاول حشو رؤوسهم ليكرهوني ويطلبوا البقاء معها

فالنساء ماكرات , عليا أخذهم إن بالطيب أو بالإكراه وسيعتادون

شيئا فشيئا على حياتهم هناك , سمعت طرقات على الباب ثم

دخل حيان ضرب التحية مستقيما ثم قال " اتصل مأمون وقال

أن السيد أسعد أشار بــ... "

قاطعته قائلا وأنا أقف " أترك كل شيء سأخرج الآن وحين

أعود نتفاهم أخبروا الفريق أن يتركوا الموقع , اتصلت

بأسعد سيشددون الحراسة عليه "

ثم خرجت من فوري ركبت سيارتي وغادرت باتجاه منزلها

نزلت وطرقت الباب ففتحته لي ترتدي حجابا وملابس ساترة

وقالت وعيناها أرضا " صباح الخير تفضل يا سيد "

دخلتُ في صمت ولحقت هي بي تاركة الباب مفتوحا وسارت

أمامي قائلة " أعذرني عليا تركه مفتوح فأنت أول رجل

يدخل منزلي وأنت تعلم الجيران إن لاحظوا دخولك

فلن أسلم من الشائعات "

تبعتها في صمت وتوجهتْ بي لغرفة الجلوس ووقفت

عند الباب وقالت بهدوء " تفضل بالجلوس سيكونون

عندك حالا وسأنزل أغراضهم بنفسي "

ثم همّت بالمغادرة فقلت " عذرا يا آنسة "

التفتت إليا فقلت " هل تحدثتِ معهم في الأمر "

قالت باختصار ونظرها أرضا " نعم "

قلت " وما مدى استيعابهم لذلك "

نظرت جانبا وقالت " هم صغار ويصعب أن يتفهموا

بسرعة ولكن حين يكونون لديك هناك سيفهمون برؤيتهم

لأرض الواقع , لقد شرحت لهم كل شيء وأنهم ضاعوا منك

ووالدتهم وأن والدي وجدهم وسجلهم باسمه "

ثم رفعت عيناها لعيناي وقالت برجاء " أرجوك يا سيد لا

تشوه صورة والدتهم ولا حتى والدي لديهم , هم فهموا أن

لهم والد وفرحين بالأمر , فقط يصعب عليهم استيعاب أني

لست شقيقتهم وأنك لست والدي وأني لن أذهب معهم

فعليك أن تصبر عليهم قليلا وتفهم موقفهم "

تنفست بقوة وقلت بضيق " ولما أعطيتك كل هذا

الوقت أليس لتشرحي لهم "

قالت بضيق مماثل " أخبرتك أنهم صغار وإن قضيت

عمري أشرح لهم فلن يستوعبوا "

ثم غادرت من فورها وتركتني فجلست على إحدى أرائك

المجلس, غابت لوقت ثم دخلت يتبعونها ثلاثتهم بملابس

مرتبة ينظرون لي بريبة أو خوف لا أعلم , نزلتْ لمستواهم

وهمستْ لهم شيئا فتقدم أمجد مني قبل يدي وقال

" مرحبا أبي "

مسحت على شعره مبتسما له فاقتربت بيسان ورفعت

فستانها لتنحني ثم نظرتْ جهة الفتاة فنهتها بحركة من

رأسها فاعتدلت في وقفتها ثم قبلت يدي وقالت

" مرحبا بابا "

تقدمت بعدها ترف صعدت بجانبي على الأريكة تنظر

لي بتفحص ثم قالت " هل أنت والدنا حقا "

قلت مبتسما " نعم "

قالت من فورها " وتملك منزلا جميلا ونقودا

كثيرة كما قالت ماما "

نظرت للفتاة ثم لها وقلت " نعم صغيرتي "

عندها احتضنتني بقوة وقالت " دع ماما تذهب معنا أرجوك "

قالت حينها أرجوان بحدة " ترف "

ابتعدت عني ونظرت لها فقالت بغضب

" كم مرة سنكرر ما قلناه "

قالت ورأسها للأسفل " آسفة ماما "

قالت بضيق " وأين ما أوصيتكم به "

أمسكت يدي وقبلتها وقالت " مرحبا أبي "

قالت حينها أرجوان ورأسها أرضا " أغراضهم جميعها

عند الباب وكتبت في ورق كل الأمور التي يحتاجون

لأحد لمساعدتهم فيها "

ثم رفعت نظرها لي وقالت " أرجوك لا تفرضوا في

صلاتهم هم يؤذونها معي كل وقت بوقته , أمجد يمكنه فعل

كل خصوصياته بنفسه من الاستحمام لتغيير ملابسه

أرجوك لا تسمح لامرأة بالتدخل في أموره واجعلوا

له غرفة مستقلة "

ثم غادرت الغرفة في صمت وصوت لباب أغلق خلفها ويبدوا

لا تريد توديعهم , وقفت وقلت " هيا سنغادر لمنزلنا أخرجوا للسيارة "

بقوا ينظرون لي في صمت فقلت بحزم " للسيارة بسرعة "

خرجوا ببطء يلتفتون لكل زوايا المنزل بحثا عنها ثم

انطلقت ترف راكضة جهة إحدى الغرف المقفلة وبدأت

بطرقها قائلة ببكاء " ماما لا أريد الذهاب تعالي معنا "

تحركت بيسان ناحيتها فقلت بأمر " بيسان أمجد للخارج الآن "

نظرا لي فقلت بحدة مشيرا بإصبعي للباب " فورا "

خرجا من فورهما وتوجهت جهة ترف وسحبتها من يدها

وأخرجتها معي على صوت بكائها المرتفع فلا خيار لدي فإن

أطعتهم فلن أغادر بهم أبداً , سيكون الأمر صعبا عليهم ولكنهم

سيعتادون الوضع ويكبروا وينسوها




*

*




سحبني من يدي وقال " بسرعة لنغادر فأنت حين

تدخل هنا تنسى نفسك "

ضحك وقال " وأنت حين تعلم أن شقيقك جابر في

الطريق تخرج من عقلك "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " معك حق كان عليا

تركك هنا ليأتي ويجدك في هذا المكان ليقطع لك رأسك "

ضحك وخرجنا معا ركبنا سيارتي وخرجنا من المنزل وبعد

مسافة رأيت شخصا في الطريق فوقفت فورا ونزلت من

السيارة ووقفت مستندا عليها بيدي وقلت

" أين حافلتك تعودين سيرا على قدميك "

نظرت لي ببرود وقالت بغنجها المعتاد

" وأنت ما الذي تفعله هنا هل تلاحق فتيات الثانوية "

قلت من بين أسناني " بتول احترميني أفضل لك "

قالت بسخرية " واحترمني أنت أولا ما قصدك بكلمة أين حافلتي "

فتحت باب السيارة الخلفي بغيض وقلت " اركبي سأوصلك "

نظرت لي بجمود فضربت على سقف السيارة وقلت

" بتول لا تفقديني أعصابي "

دفعت الباب وقالت " فقط لأنه معك شخص

ولا أريد إحراجك أمامه "

أغلقت الباب خلفها بقوة وركبت السيارة وانطلقت

قائلا بأمر " لا تعودي للمنزل سيرا مرة أخرى "

قالت بصوتها الرقيق " كيف !! أبات في المدرسة إذا "

أوقفت السيارة بقوة فقالت " آآآي أنفي ضرب الكرسي يا متهور "

همس لي جواد ضاحكا " مهلك يا رجل ما كل هذا "

نظرت له بغيض فضحك في صمت فانطلقت بالسيارة

مجددا وقلت " إن وجدتك مرة أخرى كما اليوم

فحسابك معي سيكون عسيرا "

وضعت يدها وسط جسدها وقالت " حمدا لله والدي لم يمت بعد "

كررت الحركة بشد سرعة السيارة فقالت بتألم

" أنفي أنفي ألا تفهم "

وصلنا حينها لمنزلهم نزلت وفتحت لها الباب فنزلت

تتأفف وتبعتها حتى باب منزلهم فالتفتت لي وقالت

" لا توصلني مرة أخرى تفهم "

قلت مقلدا لطريقة كلامها " بل سأقطع رأسك إن

عدتي سيرا يا بتول "

ضربتني على صدري بحقيبة يدها الصغيرة وركضت

للباب الداخلي ثم التفتت لي وفعلت حركتها المعتادة مخرجة

لسانها ودخلت وأغلقت الباب خلفها بقوة , ابتسمت بعفوية

وأنا أمسد ضربتها على صدري وقلت هامسا بابتسامة

" لن ينام في هذا الحضن غيرك أنتي وحقيبتك

أيتها العلكة ولكن عليا تقويمك أولا "

عدت لسيارتي ركبت فقال جواد ضاحكا

" معتصم مهلك على الفتاة هي لم تخطأ "

شغلت السيارة وانطلقت قائلا

" علكة وتحتاج من يحولها لشيء صالح للأكل "

ضحك كثيرا ثم قال " أقسم أنك تعشق دلالها

وغنجها وإن تغيرت لن تعجبك "

قلت بضيق " اسكت فورا قال أعشق غنجها قال

إنه يصيبني بالغثيان "





*

*




" ترف لا تقفي على المقعد اجلسي فورا "

جلست وقالت بحزن " ألن نرى ماما مجددا "

تأففت وقلت بحدة " ما الذي كنا نقوله الآن "

قالت بهدوء " سنزورها لاحقا "

عادت للصمت فنظرت لأمجد الجالس في الكرسي

الذي بجانبي فنظر لي وقال بهدوء " هل منزلنا بعيد "

قلت وقد عدت بنظري للطريق " ليس كثيرا "

ثم نظرت في المرآة وقلت " بيسان ما بك "

قالت بصوت منخفض " أريد الحمام "

يا إلهي ما هذه المشكلات , توقفت عند المحطة وأنزلتها

لتدخل الحمام فوقفتْ عند الباب فقلت " هيا بسرعة إنه الحمام "

قالت " لا أستطيع الدخول وحدي "

قلت بضيق " أنتي لستِ صغيرة عمرك سبع

سنين لما لا تدخلين وحدك "

قالت وهي تقفز " لا أستطيع بسرررعة "

تأففت ودخلت معها ثم أخرجت هاتفي واتصلت بأرجوان

فأجابت من فورها فقلت دون مقدمات " كيف لطفلة في

السابعة لا تستطيع دخول الحمام وحدها لابد وأن

ترف تفعلها في فراشها إذا "

قالت بحدة " مهلك لتسمع الجواب أولا ثم ألقي

بسيل شتائمك ... هل قرأت الورقة "

قلت بضيق " لا "

قالت من فورها " لا تلقي باللوم عليا إذا "

قلت ببرود " وهل لي أن أعرف السبب "

تأففت وقالت " لقد علقت في حمام المدرسة واحتاجوا

لوقت لإخراجها فأصبحت تخاف البقاء وحدها

فيه ..... وداعا "

ثم أغلقت الخط في وجهي فتأففت وقلت معطيا

ظهري لها " هل انتهيتِ "

جاء صوتها من جانبي " نعم "

خرجنا فقالت ونحن نقترب من السيارة

" ماما تقول لنا لا تتحدثوا في الحمام لما تفعل أنت ذلك "

تنهدت بضيق وقلت " معها حق بيسان أنا كنت مُطرا فقط "

أركبتها السيارة لأطمئن أن الباب مغلق جيدا وركبت وتابعنا

طريقنا , جيد أنهم توقفوا عن البكاء فلم يسكتوا إلا حين أخبرتهم

أننا سنزورها دائما , اضطررت للكذب عليهم لأنه الحل الوحيد

مؤقتاً , ستصل المربيان غدا ولا أعلم كيف سيمر اليوم فلا

أمي ستهتم بهم ولا زهور التي تسجن نفسها طوال الوقت في

غرفتها فلا حل أمامي سوى الخادمات , وصلنا القصر دخلت

بسيارتي نزلت ثم أنزلتهم ودخلت وهم يتبعونني , توجهت

حيث والدتي والتفتت لهم وقلت " افعلوا كما سأفعل أنا حسنا "

نظروا لي باستغراب فهززت رأسي بيأس , يبدوا أنهم لا

يتلقون الأوامر إلا من تلك الفتاة , نزلت عندهم وهمست لهم

" تلك جدتكم هناك فافعلوا معها كما أخبرتكم

أمكم أن تفعلوا معي حسنا "

هزوا رؤوسهم بحسنا فتنهدت بضيق وعدلت وقفتي , يبدوا

لن نتخلص من تلك الفتاة بسهولة ولو بذكرها فقط , توجهت

لوالدتي وقبلت يدها وتنحيت جانبا فاقتربوا منها وفعلوا مثلي

فنظرت لي وقالت " جيد لا نحيب وبكاء يبدوا لا يرغبون بها "

قلت بجدية " بل تعلقهم بها كبير وأكثر مما تخيلت وكل ما

يصبرهم وعود وهمية بأنهم سيرونها دائما "

ثم أدرت رأسي جانبا وقلت بصوت مرتفع " سيلا "

حضرت خادمتان ركضا وقالت إحداهما " نعم سيدي "

قلت بجدية " خدا الأولاد لغرفهم ولا تفارقوهم اليوم أبدا مفهوم "

قالا وهما يمسكون أيديهم ويسيرون بهم " مفهوم سيدي "

جلست بجانب والدتي فقالت بهدوء " ماذا قررت بشأنهم "

قلت ونظري للأرض " ستصل المربيات غدا وألحقتهم

بالمدارس هنا وسأجلب لهم مدرسين خصوصيين أيضا

وسائق يتكفل بتوصيلهم وجلبهم يوميا "

قالت بضيق " مربيات !! وفيما تجدي المربيات غير

الهروب دائما كالخدم وتضيع تربيتهم من مربية لأخرى "

قلت بضيق أكبر " وما الذي سأفعله لهم فلا حل لدي "

قالت من فورها " تزوج "

نظرت لها بصدمة فقالت بجدية " هل قلت شيئا غريبا , أنت

بحاجة لامرأة ثابتة هنا ترعى الأبناء بمساعدة الخادمات "

قلت بتذمر " أمي ما هذا الهراء هل جننت لأتزوج من جديد "

قالت متجاهلة كلامي " ابنة راضية كانت تدير روضة أطفال

بصرامة ونظام قوي تزوج بها ستربيهم جيدا "

قلت ببرود " الموضوع منتهي الكلام فيه أمي "

قالت بصرامة " جابر لم أعرفك تكسر لي كلمة

وأريد التحدث معهما اليوم "

وقفت وقلت " لا تضعي نفسك في موقف سيء أمامهم

يا أمي , لن أعصي لك أمرا يوما لكن مسألة الزواج

وحدي يقررها وقلت لن أتزوج "

قالت ببرود " فكر بمصلحة أبنائك "

تنهدت وقلت " المربيات حلي الوحيد أو أنتي وزهور "

قالت بسخرية " زهور !! وأي زهور بقيت لنا بعد

طلاقها وفرار زوجها بفعلته "

قلت مغادرا " ها أنتي ربيتنا جميعنا فأشرفي على تربيتهم بنفسك "

وخرجت من هناك فورا قبل أن تحاصرني بهذه الأفكار

الجديدة , عليا العودة للمكتب ينتظرني عمل كثير هناك




*

*



وضعت له القهوة على الطاولة على دخول بتول

تمسح دموعها فقلت بضيق " خير إن شاء الله

من المعلمة التي أهانتك اليوم "

نظرت لي وقالت ببكاء " أمي ما بك تكرهينني هكذا "

هززت رأسي بيأس وقلت بهدوء وأنا أسكب القهوة

" ما الجديد لديك "

قالت بعبرة " معتصم ... أقسم سأخبر والدته ووالدي وسيرا "

تأففت وقلت " عدنا لنفس الأسطوانة ما به هذه المرة "

قالت بكره " أكرهه لما لا يتركني وشأني "

تأففت مجددا وقلت " سلمي على خالك أم

أصابك العمى من البكاء "

صعدت السلالم راكضة تبكي وجلست أتنهد بضيق

فقال بضحكة " مهلك عليها هي ما تزال صغيرة "

قلت بضيق " أي صغيرة هذه إنها في السادسة عشر ولا

تجدي في شيء , كله من وراء منصور دللها حتى أفسدها

حتى أنه تركها تدرس هنا في الثانوية الحكومية ولم يضعها

معه هناك في مدرسته الخاصة وكله بحجة أنها تريد

صديقاتها لقد أفسدها وأنا المتضرر الوحيد "

اكتفى بالابتسام في صمت فنظرت لعينيه وقلت

" رضا ماذا عنك يا أخي الشيب بدأ يغزوا شعرك إن

كنت لا تراه , لما لا تتزوج بدلا من العيش وحيدا "

أرخى نظره أرضا وقال " لا رغبة لي

بالزواج هل أجبر نفسي مثلا "

تنهدت وقلت " زهور لا تصلح لك يا رضا عليك الاقتناع بذلك "

نظر لي وقال بضيق " ومن تكلم عن زهور الآن "

قلت ببرود " لأنه لا سبب وراء عزوفك عن الزواج إلا انتظارها "

أشاح بنظره للجانب الآخر دون كلام فقلت بهدوء

" زهور نسخة عن والدتها وكم عارض منصور شقيقه

زواجه منها رغم أنه أكبر منه , لم تربي أبناءها إلا

على الجلد والقسوة وقتلت مشاعرهم , معتصم الذي انزلق

من بين يديها لم يرحمه أي منهم ورأوا أنه فاسد وصعلوك

ولم يتربى جيدا رغم أنه شاب جيد من جميع النواحي فأبعد

زهور عن قلبك قبل رأسك فكما فشل زواجها الأول سيفشل

غيره وكما رفضتك والدتها سابقا سترفضك مجددا "

وقف وقال " أميرة هل سيطول الحديث في

الأمر لأني سأغادر حينها "

قلت بابتسامة " حسناً لن أتحدث فيه فاجلس هيا "




نهاية الفصل الرابع ...... أتمنى يكون نال إعجابكم

 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر  
قديم 14-05-15, 03:13 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الرابع)

 

الفصل الخامس




مر يومان آخران وأنا أحاول التحدث معها وعذلها

عن قرارها المجنون وبلا فائدة , لقد جنُت وسن بالتأكيد

لا ورفضت حاجيات المنزل التي أحضرها الرجل المكلف

بإيصالها لنا ولم تذهب للجامعة منذ أسبوع وتخرج كل يوم

لتبحث عن عمل , لو علم نواس فسوف يجن جنونه بالتأكيد

واستغرب أين يكون عنها كل هذا , ارتديت حجابي وحملت

حقيبتي وغادرت المنزل متوجهة من فوري لمنزل خالتها

فعليا مقابلة جواد الذي لم ينتهي غضبه مني حتى الآن

وكأني المذنبة وليس شقيقه , وصلت منزلهم وطرقت

الباب ففتحت لي الخادمة وقالت من فورها

" مرحبا سيدة فرح تفضلي "

تنهدت بضيق كم أكره كلمة سيدة هذه لأنها تشعرني

أنني عجوز , لما وسن آنسة وهي أكبر مني بعامين

وأنا السيدة , كله بسبب هذا الجواد , دخلت في صمت

وتوجهت من فوري لغرفة والدته وطرقت الباب وفتحته

فوقفت الممرضة الخاصة بها وقالت بهمس " نامت للتو "

هززت رأسي لها بحسناً وخرجت وأغلقت الباب بهدوء

ثم توجهت للمطبخ حيث الخادمة وقلت " هل جواد هنا "

قالت " نعم في غرفته قال سينام منذ وقت "

ما هذا النوم وقت المغرب !! تركتها وتوجهت لغرفته

من فوري وفتحت الباب بهدوء فكانت مظلمة تماما

أغلقت الباب واقتربت من سريره وشغلت ضوء السرير

ونظرت له مطولا بابتسامة وهوا يغط في نوم عميق

تغضب مني إذا كل هذه الفترة ولا تجيب على اتصالاتي

قربت وجهي من وجهه ونفخت بهدوء على عينه فتغيرت

ملامحه قليلا دون أن يستيقظ , كتمت ضحكتي وكررت

الحركة مجددا وهوا على حاله فلم أشعر سوى بذراعيه تلتف

حول خصري وأوقعني على صدره وكبلني بهما فقلت بضحكة

" لقد أفزعتني أيها الممثل أبعد يداك عني "

شدني بقوة أكبر حتى كدت أختنق وقال من بين أسنانه

" كيف تدخلين دون إذني ها , وتضايقينني أيضا "

قلت بصوت مختنق " جواد أقسم أنك تخنقني اتركني الآن "

انقلب بي على السرير لأصبح في الجانب الآخر وهوا جالس

يمسك ذراعاي مثبتا لي على السرير ثم قرب وجهه مني وقال

" ما الذي تفعلينه هنا ألا تعلمي أني غاضب منك ولا أريد رؤيتك "

قلت بابتسامة صغيرة " لكني لست غاضبة منك

فما المانع من قدومي "

ضغط على ذراعاي أكثر ووضع أنفه على أنفي وقال

" ما الذي تفعلينه في غرفتي أجيبي "

قلت بابتسامة ماكرة " أسرق زوجي هل لديك مانع "

ابتعد عن وجهي قليلا وضحك ضحكة صغيرة فقلت بهدوء

" أترك يداي جواد بسرعة "

هز رأسه بلا دون كلام فقلت " اتركني أجلس

ونتحدث بروية "

هز رأسه مجددا وهوا يقول " تئ تئ تئ "

قلت بضيق " ما الذي تريده بهذا "

قال بابتسامة جانبية " ستتلقين عقابك "

رفعت حاجباي وقلت " وما يكون هذا العقاب "

قرب شفتيه من أذني وهمس قائلا

" ما تحرمينني منه دائما وأنتي زوجتي "

حركت رأسي وقلت " جواد أحذرك ابتعد فورا "

غمز بعينه وقال " قبلة صغيرة فقط لا تخافي "

قلت بغضب " جواد يا مجنون قلت لا يعني لا "

اكتفى بابتسامة جانبية ونظره على شفتاي فقلت بحدة

" جواد أقسم أن اصرخ بكل صوتي "

رفع رأسه وضحك ثم نظر لي وقال " ستضعين نفسك

في موقف سيء فهذه غرفتي وأنتي من دخلت لها بملء

إرادتك فجِدي لك حجة أمامهم حينها "

قلت بجدية " وسن تركت الجامعة "

نظر لي بصدمة فتابعت " ورفضت أغراض المنزل

أيضا وتبحث عن وضيفة "

افلت ذراعاي من قبضة يداه وقال بحدة

" مجنونة كيف تفعل ذلك "

جلست مبتعدة عنه أمسد ذراعاي وقلت بضيق

" آلمتني يا متوحش غيرت رأيي لن أتزوج بك "

قال بنظرات جامدة " منذ متى لا تذهب للجامعة "

قلت بهدوء ونظري للأسفل " منذ اليوم الذي

عادت فيه من المستشفى "

وقف وقال بغضب " مجنونة هذه الفتاة , لو علم

نواس سنكون في مشكلة جميعنا "

شغل الإضاءة وتوجه للخزانة فتح بابها بقوة

وأخرج ثيابه فقلت " ماذا ستفعل "

نظر لي وقال بغيض " سأستحم وأذهب لها


أو له .... هل ستمانعين "

وقفت وقلت بضيق " جواد لا تفرغ غضبك بي

جئت هنا أريد أن نصلح الأمر "

قال بسخرية " يا سلام ومن التي أفرغت غضبها

بي يومها أليس أنتي "

تنهدت وقلت بهدوء " أنا آسفة أعلم أنني أخطأت ولكنه .... "

قاطعني بحدة واضعا إصبعه على شفتيه " ولا كلمة يا فرح

كل شيء إلا نواس فهمتي لو طلب مني المشي على النار

لمشيت ثم هوا لا يتدخل في أي أمر يخصني ولا حتى علاقتي

بك ومنذ بدايتها فلن أعترض عن أي كلمة يقولها تفهمي "

قلت بضيق " وهل ترى ما يفعله بها صواب هل يحق لك

أنت أن تشعر بشقيقتك وأنا لا , أقسم أن قلبي يحترق عليها

كل حين , لا يمكن لنواس أن يكون أحبها يوما "

قال بغضب " لو فعلتِ أنتي معي ما فعلته هي معه

فسأتصرف مثله وأكثر رغم حبي الشديد لك "

نظرت له بصدمة فقال بجدية وهوا يغلق باب الخزانة بقوة

" لا شيء أقسى على الرجل من جرح كرامته يا فرح فكيف

من امرأة والكارثة أن يكون يحبها "

قلت بحزن " لماذا كلكم ضدها لماذا "

ونزلت دموعي مباشرة وبدأت بمسحها فاقترب مني

واحتضنني وقال بهدوء " لست ضدها أقسم أني أشعر بها

وأتمنى أن تصل لحل معه ولكن ما حدث أحدث شرخا

كبيرا يصعب تجبيره يا فرح وأنتي تري بعينك

أنه أتسع الآن أكثر "

دسست وجهي في حضنه أكثر وأنا أمسك قميص

بجامته بقبضتي بقوة وقلت ببكاء " حالها لا يسر أحد يا

جواد من سيئ لأسوأ ولم يعد وحده الغاضب منها فهي

أيضا أطلقت العنان لوحوش كرهها "

ضمني له بقوة وقال " لا أحد منهما يكره الآخر

ولن يزيدهما هذا العناد سوا تعلقا ببعض

وضياعا وتشتتا صدقيني "

ابتعدت عن حضنه ونظرت لعينيه وقلت

" كيف وهوا يقرر الزواج بغيرها "

هز رأسه وقال " أقسم أن مشاعره نحوها لم تتغير

ذرة ويحيرني قراره المجنون ذاك "

لففت خلف ظهره ودفعته بيداي نحو حمام الغرفة

وأنا أقول " هيا بسرعة استحم وغير ثيابك لتذهب

معي وتتحدث معها قبل أن يعلم شقيقك "

سحبني من يدي لأصبح أمامه وأمسك ذراعاي وقال

" لعلمك لازلت غاضب منك ولن أرضى إلا بهده "

ثم قبل خدي بقوة وتركني ودخل الحمام , مسحت

على خدي بابتسامة ثم خرجت من الغرفة

وجلست في الخارج انتظره




*

*




هل نعشق رؤية الأشياء تشتعل أمامنا لأنها تعبر عنا أم

لنشعر أنه ثمة ما يحترق أكثر منا , أقسم أن التي تشتعل

في جوفي أكبر من هذه بكثير , كنت أنظر للنار بشرود

ممسكا رأسي بيداي حين جلس بجانبي وقال بهدوء

" ماذا يا نواس أمازال رأسك يؤلمك "

فركته بأصابعي وقلت بضيق " بل وقلبي أيضا "

ضحك ضحكة صغيرة وقال " هل تذكر ما كنت تقول لي

حين كنا نعمل معا في تلك البلاد بعد أن أقرأ رسائلها المحبطة "

ابتسمت بألم وقلت " الكلام ليس كالتطبيق أبدا "

ضحك بصوت مرتفع وقال " هل تذكر حين كنت تقول نحن

لم نُخلق من أجل الحب بل هوا من خُلق من أجلنا فعلينا أن

لا ندعه يتحكم بنا ويسرق مستقبلنا ويقتل أحلامنا "

رفعت رأسي وقلت بابتسامة سخرية " شعارات يا خاطر كلها

شعارات كتبها أناس لم يعيشوا الحب قطعا ولم يعرفوه "

ثم ابتسمت ابتسامة صغيرة ونظرت له وقلت

" لو يعود بي وبك الزمن الآن لتلك الأيام أتعلم ما سأقول لك "

وضع يده على كتفي وقال

" أعلم وهيا أدخل معي ألا تخاف أن يباغتك ثعلب أو حية "

قلت " سأقول لك تستحق ما أتاك منها من

دفعك لذلك سوى نفسك يا غبي "

ضحك وطوق رقبتي بذراعه وقال بهدوء " أتذكر حين كنا

في الماضي نقلد السكرانين ونقول حماقات كلها حقيقة تعبر

عما في داخلنا , ما رأيك لو لعبنا تلك اللعبة الآن "

ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " كل هذا ولم

أسكر بعد !! لقد قلت كل ما لدي "
ربت بيده على كتفي ثم وقف وقال " هيا ندخل

الخيمة بقائك طويلا في الخارج ليس في

صالحك , البر ليلا مخيف يا صديقي "

وقفت أنفض ثيابي فقال " افتح هواتفك على

الأقل ليعلم أهلك أنك هنا "

قلت ببرود " لا تخف يعلمون أين أنا الآن , أنت اذهب

وانظر ما حدث مع إبلك يبدوا لي خصومة كبيرة بينهم "

ضحك وقال ونحن ندخل الخيمة " اتركهم حتى الصباح

نتخلص من الموتى ونعطي الأوسمة للفائزين "

ضحكنا معا ثم قلت " اذهب ونم مع زوجتك أو

لن أبقى معك يوما آخر "

جلس وقال وهوا يسكب الشاي " لا تخف علي , إن

أردت النوم معها فلن أخجل منك , دعها وصراخ طفليها

فالنوم هناك أشبه بالموت البطيء "

جلست وقلت " أنت تظلمهم بالعيش هنا

ارحم زوجتك يا رجل "

شرب رشفة من الشاي وقال " هي اختارت

هذا أنا لم اجبرها "

اتكأت على الوسادة وقلت بضيق " وهل كنت تنتظر

منها أن تتركك مع مواشيك وإبلك هنا وتبقى وحدها

هناك ؟ هي تفعل هذا من أجلك فافعل شيئا من أجلها "

اتكأ وقال بضيق " نواس رقة القلب كثيرا لا تجدي مع

النساء فلا تكن هكذا فحنيتك الزائدة ستضيعك حين ستتزوج "

تنهدت بيأس ولم أتكلم فنظر لي وقال

" ماذا فعلت في موضوعك ذاك "

نظرت لسقف الخيمة بشرود وقلت بهدوء

" مازلت عند قراري وسأتم أمور الخطبة قريبا "




*

*





جلست أضرب بقدمي على الأرض حتى خرجت تتبعها

فرح ووقفت وقالت بهدوء " مرحبا جواد قالت

فرح أنك تريد التحدث معي "

نظرت لها وقلت بضيق " السائق أخبرني أنك لا تذهبين

للجامعة, ما كان عليا الاعتماد على غيري في إيصالكم لها "

قالت ببرود " نعم ولن أذهب لها مجددا "

وقفت وقلت " والسبب "

قالت بذات برودها " أضن أن السائق

أخبرك عن السبب أيضا "

مثلت فرح خلفها الإغماء من الصدمة فعقدت لها

حاجباي لتفهم أنه ليس وقت المزاح الآن وقلت بنفاذ

صبر " هل من العقل هذا الذي تفعلينه "

نظرت للجانب الآخر وقالت بلامبالاة

" بل وكل العقل ولا أحد يقرر عني أنا لست طفلة "

قلت بحدة " وهل تترك دراستها إلا الطفلة بل وحتى الأطفال لا

يفعلون ذلك , إنها سنتك الأخيرة يا وسن كيف تضيعين تعبك "

أشارت لي فرح من خلفه أن أقلل من حدتي فتجاهلتها

وقلت " لم أرك علقتِ على كلامي "

قالت بجدية " ما لدي قلته لن آخذ مليما من أحد

وسأسدد ديوني ولو أفنيت عمري في ذلك "

تنفست بقوة وقلت بهدوء " وسن لا أريد أن يصل

الموضوع لنواس فاتركي عنك الجنون وعودي

لدراستك لأنه إن علم فلن يرحمني حتى أنا "

اكتفت بالصمت متجاهلة كل كلامي فقلت بجدية

" في الغد تذهبي للجامعة أو تصرفت في الأمر بنفسي "

قالت مغادرة " أخبرتك سابقا لست طفلة

ولا أحد له علاقة بما أفعل "

نظرت لفرح فرفعت كتفيها وقالت " لن يردعها أحد

ولا حتى نواس أعرفها جيدا حين تركب رأسها "

قلت بضيق " إن لم تذهب غدا فأخبريني "

ثم رفعت لها إصبعي وقلت مهددا

" ويا ويلك مني يا فرح لو كذبتي علي "

أمسكت يدي وقبلت إصبعي وقالت بابتسامة

" كم أحب هذا الغاضب يا بشر "

ثم ركضت باتجاه غرفتها ووقفت عند الباب فابتسمت

وقلت بهمس " عودي هنا حالا "

هزت رأسها بلا وأرسلت لي قبلة بيدها ودخلت الغرفة

وأغلقتها خلفها , أقسم أنه لا مفسد لعقولنا غيركن يا النساء

غادرت منزلهم وعدت للمنزل نمت وعند الصباح اتصلت

بفرح وأخبرتني أنها لم تذهب للجامعة فجربت الاتصال

مجددا بنواس وهاتفه على حاله مقفل فاتصلت بخاطر

لأني أعلم أنه معه الآن فأجاب من فوره فقلت

" مرحبا خاطر أعطني نواس بسرعة "

جاء صوت نواس بدلا منه قائلا " ما بك يا جواد

ماذا حدث هل والدتي بخير ؟؟ "

قلت بضيق " لو كانت تشغل بالك ما غادرت للبر

أسبوع وتغلق هواتفك أيضا "

قال ببرود " جواد لا تنفخ لي رأسي وقل ماذا لديك "

قلت من فوري " وسن "

سكت حتى ضننت أنه أغلق الخط ثم قال

" إن ماتت فأغلق الخط دون أن تقولها لي "

ابتسمت وقلت " لازلت تكرر هذه الجملة يا نواس "

قال بجدية " ما بها هل تعبت مجددا "

قلت بهدوء " بل فقدت عقلها ... تركت الجامعة

وترفض الأغراض والنقود التي ترسلها إليهم

وتبحث عن وضيفة أيضا "

صرخ من فوره " وما تفعله أنت هناك , كيف تتركها

توقف دراستها ضننت أنني أعتمد على رجل تركته ورائي "

قلت بضيق " لا تلقي باللوم علي فلم أتصل بك إلا حين


علمت أني عجزت عن إقناعها وإجبارها تعرفها عنيدة

وجن جنونها منذ خبر خطبتك "

أغلق الخط في وجهي دون تعليق فتأففت وأعدت الهاتف

لجيبي, سيكون هنا في غضون ساعات وستبدأ

المشاكل التي لم تنتهي




*

*





هز رأسه وقال " عذرا يا آنسة يلزمك شهادة

خبرة لتعملي هنا "

قلت بضيق " أنا أتقن اللغة الانجليزية والكتابة

على الطابعة فلما الشهادة , يمكنكم اختباري بأنفسكم "

هز رأسه بلا دون كلام فخرجت صفر اليدين كما في

كل مكان دخلته , عليا مواصلة البحث ولن أيأس أبدا

حتى أحصل على الوظيفة , استمررت في لف المكاتب

والشركات حتى تعبت وقررت العودة للمنزل حينها

رن هاتفي فأجبت من فوري قائلة " مرحبا خالتي كيف أنتي "

قالت بلوم " لو كنت أعنيك لقمتِ بزيارتي هذا الأسبوع كعادتك "

قلت من فوري " أنا اتصل بك دائما وكنت سأزورك عما قريب "

قالت من فورها " أين أنتي الآن "

قلت " خارج المنزل وسأعود له حالا "

قالت " إذا مري عليا الآن قبل أن تعودي للمنزل

أريد رؤيتك مشتاقة لك بنيتي "

لذت بالصمت فقالت " نواس في البر تعالي

الآن يا وسن أو غضبت منك "

قلت بهدوء " حسننا "

ركبت سيارة أجرة وتوجهت لمنزل خالتي وقرعت

الجرس ففتحت لي الخادمة وقالت بابتسامة

" مرحبا آنسة وسن تفضلي "

دخلت وقلت مبادلة لها الابتسامة " مرحبا فتحية

كيف أنتي وأهلك جميعهم هناك "

قالت وهي تغلق الباب خلفي " بخير جميعهم , من

كثرة ما أقول لهم أنك تسألين عنهم أصبحوا يسألون

عنك كلما اتصلت بهم "

ضحكت وقلت " بلغيهم سلامي إذا "

قالت بعد ضحكة صغيرة " لي شقيق غير متزوج

فما رأيك لو زوجتك له وسفرناك لهم "

ضحكت وقلت " هل أعتبره عرض حقيقي "

ضحكت وقالت " بالتأكيد "

قلت وأنا أبتعد عنها وأقترب من غرفة خالتي

" لن يعيش معي سعيدا يا فتحية فيبدوا أنني لا أصلح للرجال "

وضعت يدي على مقبض باب الغرفة فشعرت بيد أمسكت

بذراعي بقوة وسحبتني للغرفة المجاورة وأغلقت الباب






****************************************************

******************************************









أمسكت الهاتف من يدها وسحبته فنظرت لي بصدمة

فقلت بهدوء " مؤكد تعرفي أن هذا ممنوع هنا

وعقوبته الطرد يا سما "

وقفت وقالت برجاء " أرجوك لا تخبر المدير , احتجت

أن أتحدث به هذا الوقت خصيصا أقسم لن يتكرر ذلك "

فتحت آخر مكالمة لها فكانت هي الوحيدة وتحت اسم

( الخالة عفراء ) ثم نظرت لها وقلت " ما قصتك يا سما "

نظرت للأرض وقالت بتلعثم " لــ لااا شيء "

تنهدت بضيق وقلت " أين والداك ؟؟ "

نظرت لي في صمت فقلت " أجيبي إن كنتِ

تريدين استرجاع هاتفك "

عادت بنظرها للأرض وقالت " مسافران "

وضعته في جيبي وقلت " إذا نتقابل عند المدير "

أمسكت بكم قميصي عند ذراعي وقالت

" لا أستاذ أرجوك لا أستطيع إخبارك "

نظرت لها بحيرة ثم قلت " ولما !! مما تخافين يا سما "

قالت بارتباك " منكم كلكم "

غضنت جبيني وقلت " من نحن كلنا "

بقيت على صمتها ويداها ترتجف وهي تحاول إخفائهما

فقلت " أين والداك يا سما لآخر مرة سأسألك "

امتلأت عيناها بالدموع فقلت بجدية " هل هما مسافران حقا "

هزت رأسها بلا دون كلام فقلت " ومع من تعيشين إذا "

هزت رأسها مجددا وقالت " لا أحد "

نظرت لها بصدمة محاولا ترجمة ما يحدث , إذا هناك

احتمال واحد فقط وهوا أن يكونا ميتان ولكن لما لا تريد

أن تقول وما حدث مع المرأة التي كانت معها لأنه

يبدوا أنها تتصل بها ولا تجيب, قلت بهدوء

" سما مابك ولما أنتي خائفة من كل شيء "

نزلت دموعها فمسحتها وقالت " لا أستطيع قول شيء

أرجوك أستاذ , إن كنت تريد أخذ الهاتف للمدير فافعل "

وضعته داخل الكتاب وقلت مغادرا

" إن رأيته مجددا معك سلمته للمدير فورا "

ثم غادرت وتركتها وقد زادت شكوكي كبرا حولها , يبدوا

ورائها حكاية وليست أي حكاية ولن تفصح عنها بسهولة

لأنها لا تتق بأحد على ما يبدوا وخصوصا الرجال

عدت للمنزل أخذت والدتي للمستشفى من أجل الكشف

الروتيني ثم عدت للمدرسة ولكن لم أنزل من سيارتي

حتى غادرت الحافلة بالطالبات فانطلقت ورائهم

جال بي ذاك السائق المدينة كلها تقريبا رغم عددهم القليل

إلا أن كل واحدة منهم تسكن في مكان , كانت سما الأخيرة

معه في الحافلة , توجه لطريق مفتوح ليس به مباني قريبة

وأنزلها هناك , ظننت أن منزلها عند تلك المنازل وستتابع

سيرها لهم لأنها انتظرت حتى غادر السائق ثم نظرتْ في

كل اتجاه ولم ترني لبعد سيارتي ثم دخلت الأرض المليئة

بالأشجار ومن صدمتي نزلت من السيارة فورا وركضت

نحوها ودخلت من حيث دخلت لكني لم أجد أحدا أو لم

أدركها , ركضت في أماكن واتجاهات متفرقة فكانت كلها

أشجار طويلة ومتباعدة , أين اختفت وأي اتجاه سلكت

يا ترى !! بل أين ذهبت وهذا المكان خالي من المساكن

والمباني , بحثت كثيرا ثم عدت لسيارتي وغادرت

المكان بلغز جديد بدلا من حل الألغاز السابقة عنها






*

*




" دعاء انتظري لما لا تجيبين على اتصالاتي "

التفتت لها ويداي في جيوب معطفي الطبي الأبيض

وقلت " رهام ما الذي تريدينه مني أخبرتك أن

تنسي موضوعه وأني لن أتدخل في شيء "

وقفت تلقف أنفاسها وقالت " دعينا نتحدث قليلا "

تنفست بقوة وقلت " رهام لما لا تريدي أن

تقتنعي أنك خسرتِ نزار للأبد "


تأففت وأمسكت يدي وسحبتني منها متوجهة بي لإحدى

الغرف الفارغة وهي تقول " ألست صديقتي يا دعاء يفترض


بك مساعدتي في أن أعلم فقط مشاعره اتجاهي "

قلت ببرود " ولما لا تسأليه بنفسك "

قالت " لا أريد أن يراني بعد كل هذه السنين قبل أن

أتأكد أولا أنه لم يتزوج حتى الآن لأنه لازال يحبني "

قلت بسخرية " ولما كل هذه الثقة لقد خذلته وتركته

بدلا من أن تتزوجا وتبقي مع والدته ليسافر هوا ويدرس

كما كنتما متفقان فما تتوقعين منه الآن لقد دمرتِ قلبه

وأحلامه وحتى مستقبله "


تأففت وقالت " دعاء هوا طلب صغير

وتعجزي عن تحقيقه لي "

قلت مغادرة الحجرة " سيأتي بعد قليل لأخذ والدته

يمكنك سؤاله بنفسك "

ثم غادرت باتجاه الممر الذي يحوي غرفة الكشف

لا تستحقينه يا رهام فاتركيه لمن تستحقه لأني لن

أتركه لغيري أبدا , وصلت الغرفة طرقت الباب ودخلت

وقلت وأنا أساعد والدته لتجلس على الكرسي المتحرك

لأنها لا تسير أكثر من خطوات معدودة

"الطبيب يقول أن حالتك أفضل بكثير "

جلست بتعب وقالت " شكرا لك يا ابنتي لا أعرف

كيف أشكرك على كل ما تفعليه لأجلنا "

قلت مبتسمة وأنا أسحب بها الكرسي وأخرجها

" وما الذي فعلته يستحق كل هذا , هوا أقل من واجبي "

قالت بحنان " أطال الله في عمري لأحضر

زفافك لمن يستحقك "

قلت بذات ابتسامتي " دعواتك لي إذا "

ضحكت وقالت " لا ينقصك شيء لتحتاجي دعواتي وألف

من يتمناك , أنتي فقط لا تتركي العمر يركض منك "

ابتسمت بعفوية ولذت بالصمت , تبدوا لي والدته ليست بالهينة

وتعلم أنني أنتظر أن ينتبه ابنها للمخلوقة الموجودة

أمامه, وصلنا المصعد على خروج نزار منه ينظر لوالدته

بابتسامة , أقسم أني بحاجة لدعوات كل البشر ليشعر بي

ويراني أمامه لا أعلم أي غباء أصاب رهام يوم تركته

وهوا يحبها بصدق وجيداً فعلت لأني أجزم أنه لم

يعد يفكر بها , قال وهوا يمسك مني مقابض كرسيها

" شكرا لك أيتها الممرضة لقد أتعبناك معنا "

قلت بابتسامة " متى ستتوقف عن مناداتي بالممرضة "

قال وهوا يتحرك بالكرسي دون أن ينظر لي

" حتى تتركي الطب والمستشفى "

ضحكنا ثلاثتنا وأدخل والدته المصعد وانغلق بابه

بعدهم على الفور فتنهدت بقلة حيلة وغادرت لعملي





*

*





" ما رأيك في نزهة جميلة في الحديقة ولا

تعترضي يا أمي رجاءً "

قالت ونحن نخرج من المصعد " ما رأيك لو نؤجلها قليلا

حتى أخرج وأحفادي وزوجة ابني "

تنهدت وقلت " أمي فلنخرج الآن ووقتها لكل حادث حديث "

قالت بضيق ونحن نغادر باب المستشفى

" لن يرتاح لي بال وأنت تنتظر السراب على أمل

أن أشفى بالعملية فيضيع عمرك على الآ شيء "

تأففت وقلت بضيق " كم مرة سنقول ونعيد ذات

الكلام, سنذهب للحديقة رغما عنك هذه المرة "

وصلنا السيارة وأوقفتها وساعدتها على ركوبها ثم

طويت الكرسي ووضعته في الخلف وركبت وقلت

" الجو رائع اليوم والتنزه فيه فرصة لا تعوض "

قالت بعد ضحكة " لو كنا دعونا عوني وزوجته وأطفاله

وجابر وأبنائه لنتعرف عليهم بدلا من الخروج وحدنا "

ضحكت وقلت " ولما تعكرين مزاجنا بصراخ

الأطفال , اتركينا نتنزه في هدوء "

قالت بهدوء " ترى ما حل بجابر هل أخبرك إن أخذهم "

نظرت لها ثم للطريق وقلت " نعم منذ أيام أخذهم لمنزله "

تنهدت وقالت " كم يرق قلبي على المسكينة التي

ربتهم لابد وأنها في حالة سيئة الآن "

ضحكت وقلت " كم كنتي تعارضيني على المثل الذي

يقول ( من ربى في غير ابنه كمن زرع في غير

أرضه ) هل أتاك صدقه الآن "

قالت بضيق " هذا المثل غير صحيح ولا يجوز قوله

لأنه يحث الناس على عدم رعاية اليتيم والمحتاج فلست أنا

من أعترض على المثل دين الله لا يقول بهذا ثم هي ما أدراها

أنهم ليسوا من حقها هي ضحية كجابر وكالأطفال المساكين "

ضحكت وقلت " مهلك علي لما كل هذا الغضب استلميه هوا

لعله يقتنع بأن يتزوجها , هذا حله الوحيد ليرتاح الجميع "

نظرت جهة النافدة وقالت ببرود " لو كنت أجدي في فن

الإقناع لأقنعت ابني الذي يعيش معي كي يتزوج "

ضحكت واكتفيت بالصمت لأني أعلم نتائج هذا الحديث

إن أطلنا الخوض فيه , تنزهنا مطولا في الحديقة العامة

وتناولنا الغداء في الخارج ثم عدنا للمنزل وفي اليوم التالي

غادرت بعد العاشرة للمدرسة لأن حصصي بعد وقت الفسحة

اليوم لن أنتظر حافلتها بل سأنتظرها هناك لأعلم أين ستذهب

دخلت واقتربت لحجرة المدير على صوت صراخه العالي

دخلت فكانت وجدان في الداخل بثياب مبهدلة وشعر متناثر

والسيد منصور يصرخ بها " مطرودتان أنتي وهي وكما

أخذت هي ملفها وغادرت في صمت افعليها أنتي وبسرعة "

خرجت تردد بغضب " والدي من سيأخذ بحقي من الجميع "

نظرت له مطولا بصمت حتى هدأ تنفسه الغاضب

ثم قلت " لم أرك يوما غاضبا هكذا , ماذا حدث "

تأفف وقال " يظناها فوضى أو حلبة قتال وهما تعلمان

أن الشجار بالأيدي ممنوعا هنا فالطرد عقابهما الوحيد "

نظرت له بحيرة ثم قلت " ومن هي الأخرى

التي أخذت ملفها وغادرت "

قال ببرود وهوا يفتح درج الطاولة " سما طبعا

من غيرهما سبب المشاكل "

خرجت من عنده مسرعا , مشكلة .... إن غادرت المدرسة

فلن أعلم كيف أصل لحقيقتها , أتمنى أن لا يخيب ظني في

أنها لن تغادر حتى يأتي سائق الحافلة , إن وجدتها فلن أتركها

حتى أفهم منها كل ما تخفي ولو مرغمة , لففت من فوري

خلف مبنى المدرسة وكما توقعت كانت تجلس هناك ممسكة

ملفها في يدها فاقتربت منها بخطوات سريعة وهي وقفت

من فورها ما أن رأتني متجها نحوها





****************************************************

******************************************









فتحت الباب على صوت طرقاتها القوية وخرجت وأنا

لم أعدل حجابي جيدا وقلت بضيق وأنا أغلق الباب خلفي

" سوسن يالك من مزعجة ألا تعرفين الصبر أبدا "

ضحكت وقالت ونحن نسير

" بل يبدوا لي أنتي التي أصبحتي تنامين كثيرا في الصباح "

دسست وشاحي في ثيابي وتنهدت وقلت بحزن

" بل أهرب بالنوم كي أستيقظ وأخرج بسرعة "

قالت بهدوء " وضعك صعب يا أرجوان

لكنك ستعتادين مع الوقت "

ثم ضحكت وقالت " لو أعلم فقط كيف تركك مدير

المصنع المتعجرف ذاك تتغيبين لأسبوع كامل "

ابتسمت بسخرية وقلت " لا تفكري كثيرا في الأمر

اتصلت به منذ أيام وقال لي أن لا أذهب للمصنع

وأن والد الأطفال هوا من طلب منه هذا "

ضمت يداها لصدرها وقالت بحالمية " يا عيني على

الرفق بالفتاة المسكينة , يبدوا أنك دخلتِ قلبه "

قلت بضيق ونحن نسلك الطريق " غبية ولم يتغير فيك شيء "

ضحكت وقالت " لو كنت مكانك لتصرفت بحكمة أكبر "

وقفت ووقفت هي لوقوفي وقابلتها وقلت ويدي وسط

جسدي " وما الحكمة الأكبر سيدة سوسن "

قالت بغنج وهي ترمش بعينيها رمشات سريعة

" لكنت أوقعته في شباكي ليتزوجني وأكسب كل شيء "

سرت وتركتها وأنا أردد بضيق " غبية وأنا أغبى

منك أقف أسمع لترهاتك , قال يتزوجني قال

هذا لا يصلح للزواج أبدا "

قالت وهي تتبعني " ولما يصلح إذا "

قلت ببرود " يصلح كعمود خرسانة في قواعد إحدى

الأبراج ليثبتها ولن تسقط حتى تفنى الأرض "

ضحكت كثيرا وقالت " لو سمعك لقطع لسانك لقطع

ووضعه في مقلاة وأضاف له الفلفل والطماطم وطهاه "

قلت بضيق ونحن ندخل مبنى المصنع " ويعطيه لك طبعا

لتأكليه فيصبح لك لسانان لأنه ينقصك ثرثرة فارغة "

دخلنا وجلسنا فقالت ضاحكة " لو لم أراه بعيني لصدقتك

آآآه يا قلبي على الوسامة والشخصية الفولاذية "

قلت بسخرية " لو تحدثتِ معه لتغير رأيك به , بث

اشك أن حسناء كانت محقة في الهرب بأبنائها منه "

ضحكت وقالت وهي تفرد القماش على الطاولة

أمامها " أقسم أنك تنبشين قبرك بيديك افرضي

أن له جواسيس هنا وسمعوك "

ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " يالا مخيلتك يا سوسن

لم يبقى لديه مهمة سوى التجسس على غبيتان مثلنا "

وضعت القماش من يدها ونظرت لي وقالت

" وكيف قضيتِ الأسبوع كله في المنزل , خروجك

منه كان أرحم من بقائك فيه لوحدك "

تنهدت وقلت " بل سافرت لقرية خالة والدتي وقضيت

باقي الأيام معها هناك , كنت سأفقد عقلي لو بقيت فيه "

نزلت مني دمعتان مسحتهما وقلت بحزن

" كم أتمنى لو فقط أعلم عن أخبارهم , لا أريد التحدث

معهم... فقط أحد يخبرني ما يفعلون هناك "

قالت بحزن " ولما لم تتصلي بهم "

قلت بحسرة " وكيف وليس لدي سوى رقم والدهم فما

سيفكر بي إن اتصلت به , ليثه أعطاني رقم والدته أو شقيقة

له لأكلمها لكنه كالصخرة لا يهتم لمشاعر أحد "

قالت بهدوء " من الأفضل لك أن لا تتحدثي معهم يا أرجوان

لأن حالك سيسوء أكثر حينها وعليك أن تري حياتك وتتزوجي

وتنجبي أبناء لك وستنسيهم بالتأكيد "

قلت بصدمة " أبناء !!! لن أكرر خطئي مرتين ليأخذهم

والدهم مني ويتركني مذبوحة , سأكون مجنونة إن فعلتها "

أخذت مني علبة التطريز وقالت ببرود " أقسم أنه لا عقل

لديك وها قد جاءك كلامي سابقا وسأذكرك يوما بكلامي

وكلامك اليوم عندما يشيب شعر رأسك وتتحسري

على أنك لم تتزوجي وتنجبي أبناءً "

تجاهلتها وشغلت نفسي بما في يدي , معها حق فهي لم تجرب

ما قاسيته لكان كلامها مختلفا , إن كانوا أبناء غيري وتعلقت بهم

بجنون وأكاد أجن لفراقهم فكيف أن يكونوا فلذة كبدي وأحملهم

في أحشائي , أقسم أن ينقلوني لمستشفى المجانين فورا




*

*




اقتربت من غرفة الفتاتين ولم أجدهما فتوجهت لغرفة

امجد ونظرت من خارج الباب , كان يقف على السجادة

وهما بجانبه ويصلون العصر , نظرت ترف الواقفة في

المنتصف لي وابتسمت فضربتها بيسان على رأسها وأعادت

يدها على الأخرى عند صدرها فبكت ترف ونظر لهما

أمجد قاطعا صلاته وقال بغضب " كم مرة سنعيدها ما بكما

أنتما أقسم أن أخبر أمنا عندما سنزورها أنكما لا تصليان "

وضعت بيسان يداها في وسطها وقالت " كاذب نحن نصلي

أنت من تسهر في الليل على التلفاز وستغضب حين أخبرها "

ابتعدت خطوتين كي لا يروني لأعلم المخالفات التي باتوا

يفعلونها, قالت ترف " أنتي يا بيسان أكلتِ الحلوى كثيرا

بالأمس وماما تقول دائما نأكل واحده فقط كي

لا تؤلمنا أسناننا ومعدتنا "

قالت بيسان " ومن التي تبولت في فراشها البارحة

وقرصت المربية أذنها ونومتها على الأرض "

قالت ترف ببكاء " هي التي لم تدخلني للحمام قبل

أن أنام كما تفعل ماما , لا تخبريها ستغضب

مني كثيرا كتلك المرة "

مررت أصابعي في شعري بضيق وأنا أستمع لسيل

المخالفات التي يفعلها كل واحد منهم وينتظرون اللقاء

المزعوم بتلك الفتاة ليخبروها , تنفست بقوة ثم فتحت

الباب أكثر فسكتوا ما أن رأوني ونظروا لي ثلاثتهم

بصمت فدخلت لهم وتوجهت ناحيتهم وأوقفت أمجد

وأوقفت الفتاتين خلفه ثم وقفت في المقدمة وقلت وأنا أقف

مقابلا لهم " سنصلي الآن ولا أريد أن أسمع صوتا مفهوم "

قالت ترف " ولما أمجد في الأمام أريد أن أكون معه أو أمامه "

تنهدت بضيق وقلت محاولا تهدئة نفسي

" لأنه شاب وأنتي فتاة هكذا هي قوانين الصلاة "

قالت معترضة " ولما في منزل ماما هناك كنا

نصلي بجانبها جميعنا "

تأففت وقلت " لأنها امرأة لا تقف إلا بجانبكم أنا

رجل أقف في الأمام وأمجد خلفي ثم أنتما "

قالت معترضة " بل أنا في الأمام "

قلت بحدة " ترف "

سكتت تسجن عبرتها ودموعها تملأ عينيها فتنهدت

بضيق وأشرت لأمجد بأصبعي ناحيتهما وقلت

" قف بجانبهما هناك ولا أسمع صوتا حتى ننتهي مفهوم "

وقف بجانبهما وابتسمت ترف ابتسامة رضا وكأنها

هي على رأسه وليست بيسان , نظرت لها وقلت

" لا أحد يحرك رأسه ولا يديه أو يلتفت لأني سأراه "

قالت ترف من فورها " كيف ترانا !! "

أمسكت ابتسامتي وقلت " لديا عينان خلف

رأسي أرى بهما من خلفي "

شهقت بقوة على صدمة الآخران ثم قالت

" أين ؟؟ لم نراهما "

قلت " أخفيهما بشعري , بسرعة قفوا لننهي هذه المسألة "

وقفوا وصليت بهم وبعدما سلمت التفتت لهم فكانت
أعينهم معلقة برأسي من الخلف فقلت بجدية

" في الصلاة نظركم يكون للأرض وليس للأعلى "

قالت ترف بصدمة " هل رأيتني !! "

قلت بذات الجدية " نعم وسأراك دائما , هيا بسرعة

للطابق الأرضي سيأتي المدرسون حالا "

وقفوا وخرجوا في صمت , تنفست بقوة ووقفت أبحث

عن سيدات السمو , وجدت إحدى الخادمات فقلت لها

" أين المربيات "

قالت من فورها " في المطبخ سيدي "

قلت بحزم مغادرا " أخبريهن يلحقن بي لمكتبي حالا "

توجهت للمكتب وما هي إلا لحظات ودخلن , وقفن أمامي

في صمت فقلت بحدة " هل لي أن أعلم أين تتسامرن

وتتركن الأولاد وحدهم "

قالت إحداهن " كنا نشرب شاي العصر و... "

قاطعتها بغضب " القصر أمامك مليء بالخدم يحضرون

لك الشاي أينما تكونين باتصال واحد للمطبخ ولا تقولي

أن الهواتف غير موصولة بالمطبخ "

ثم ضربت على الطاولة بيدي بقوة وقلت بغضب

"وأين الصلاة يا مسلمات وشرطي الإسلام لقبول

الجميع , ألا تخجلن من أنفسكن والأطفال يصلون

وأنتن تتسامرن كبنات الشوارع "

قالت إحداهن " أنا أصلي فقط كنت ... "
ثم سكتت فقلت بغضب أكبر " كنتي ماذا وهل ثلاثتكن

كنتن , لا تضحكي علي فلست جاهلا ولا طفلا وأنجبت

هؤلاء الأبناء من امرأة مثلكن وليس من جدار "

نظرن للأرض بخجل فقلت بحدة

" ومن التي ضربت ترف ونومتها على الأرض "

لذن بالصمت فقلت بصراخ " تكلمن "

قالت إحداهن بخوف " لقد كانت .... أعني "

قلت بغضب " تعني ماذا .. بالت في فراشها أليس كذالك "

لاذت بالصمت فقلت بحدة " وهل سألتِ نفسك لما يا فاضلة "

لم تجب فتابعت " لأنك لم تدخليها الحمام قبل أن تنام وقد

أخبرتكم سابقا أنها تخاف في الليل وإن نامت لن تستيقظ

وحتى إن استيقظت فلن تخرج من فراشها ومن تحت

اللحاف , قلت أو لم أقل "

قلن بهمس " قلت "

قلت بذات الغضب " ولما يسهر أمجد على التلفاز

وتأكل بيسان الحلوى كثيرا ومزقت ترف كتاب شقيقها

ولم يستحم أمجد اليوم حين عاد من المدرسة و و و و و

لا تظن إحداكن أني غافل عما يجري , ألست من سلم

لكل واحدة منكن أوراقا لنظام حياتهم من استيقاظهم لنومهم

مكتوبة بدقة وبالتفصيل ... حدث أو لم يحدث "

قلن بذات الهمس " حدث "

وقفت مستندا بيداي على طاولة المكتب ونظري عليهم

وقلت بحدة " وهل تعلمن أن من كتبت كل ذلك ليست

والدتهم وكانت تعتني بهم بالمجان دون راتب سخي

ولا قصر وخدم تحت إمرتها "

لذن بالصمت فقلت بحزم " سبق وقلت لا تمد إحداكن يدها

على أي منهم وكل مخالفة تأتيني لتخبرني بها ولكنكن ضربتن

كلامي كله عرض الحائض , هذا ولم تتجاوزن الشهر هنا أي

استهتار هذا لو كانوا أبنائكم هل كنتم ستتصرفون هكذا "

قالت إحداهن " ولكننا ... "

قاطعتها بصراخ " ولا كلمة تفهمي "

ثم قلت بحزم " التي ضربت ترف تجمع أغراضها وسيوصلها

السائق أما الاثنتان الأخريان تعودان لعملهما , إن فارقتم الأولاد

لحظة عاقبتكم بأسوأ من الطرد ومن تضرب ستُضرب ومن

تهرب تعلم أني أستطيع جلبها من تحت سابع أرض , تأتيني

هنا وتقول أنها تريد ترك عملها والمغادرة مفهوم "

قلن بصوت واحد " مفهوم "

ثم خرجن وجلست أتنفس بضيق محاولا تهدئة نفسي

مستهترات وإن لم أسمع حديث الأولاد بنفسي لاستمرت

المهزلة لشهور أو سنين , بعد وقت سمعت طرقات

على باب المكتب فقلت " تفضل "

فتحت الخادمة الباب وقالت " سيدي السيدة الكبيرة

تطلبك في جناحها "

تنهدت بقوة وقلت " أخبريها أنني سأمر بها عند خروجي "

قالت من فورها " حاضر سيدي "

ثم أغلقت الباب وغادرت , غرقت في بعض الأوراق لوقت

ثم خرجت وتوجهت لجناحها طرقت الباب ودخلت

فكانت جالسة على كرسيها تقوم بتطريز قطعة من الحرير

في يدها , اقتربت منها وقبلت رأسها وجلست قائلا

" أخبرتني الخادمة أنك تريدينني "

قالت ببرود وعيناها على القطعة في يدها

" وضع أبنائك لا يعجبني سبق وقلت ولم أرى شيئا تغير "

ها قد عدنا للنقطة التي لم نخرج منها , قلت بهدوء ممزوج

ببعض الضيق " نبهت المربيات عن الأخطاء ولن تتكرر "

قالت بذات برودها " ليس ذلك أعني "

لذت بالصمت فقالت بصرامة " أمور كثيرة خاطئة ولا يستمعون

لتنبيهاتي لهم عليها , كل شيء ماما تقول أفعلوا هكذا ماما

تقول لا تفعلوا هذه وماما وماما كل كلامها دستور مقدس

لديهم ولا يعجبني كل ما ربتهم عليه , أريدهم كما ربيتكم

وليس نسخ مصغرة عن معتصم "

تنهدت وقلت " هم صغار وسينسونها ويقتنعون بما تقولين تدريجيا "

قالت بحدة وعيناها لازالتا على آلة التطريز الدائرية في يدها

" أي ينسونها وهم لا يتوقفون عن ذكرها وكل شيء يريدون

أن يُروها إياه حين يذهبون إليها , بيسان تخبأ قطع الشكلاتة

الفاخرة لتأخذها لها , هل على هذا ربتهم لصوص ويتسترون

على بعضهم ليخبروها هي بما فعل كل واحد منهم لا ويهددون

بعضهم أمامي ... سأخبر ماما أنك فعلت وقلت "

قلت بضيق " وما الذي سأفعله ؟ أغسل أدمغتهم لنحشوها

من جديد , هذا الأمر صعب وسيحتاج لوقت يا أمي "

قالت بجدية " بل تخبرهم أنهم لن يروها مجددا ليقتنعوا بذلك

وتتصل بها لتتحدث معهم وتفهمهم أن يأخذوا الأوامر مني "

وقفت وقلت " سأرى ما سأفعل حيال كلامها معهم أما

أن أخبرهم أنهم لن يروها مجددا فليس وقته أبدا "

نظرت لي للمرة الأولى منذ دخولي وقالت

" ومتى يكون الوقت برأيك أم نظري أنا خائب ولا يصيب "

قلت بضيق " أمي لما تحبين تفسير الأمور كما تريدين أخبرتك

أني سأخبرهم ولكن ليس الآن أنتي تري بنفسك ترف لازالت

تبكي طوال الليل وتطلب حضنها لتنام فيه وبيسان ترفض

دخول المربيات معها للحمام ولا تستوعب الدروس إلا منها

وبطريقتها التي أجهلها وأمجد لا يفعل شيئا إلا إن أخبروه

أنهم سيخبرونها أنه لم يفعله وكلما رأوني يسألون

متى سيذهبون إليها فأن أخبرهم أني لن آخذهم لها

أمر ستكون عواقبه وخيمة ولا تحمد عقباها "

عادت بنظرها ليديها وقالت ببرود " عليهم أن لا يثنوا

كلمتي ويصبحوا كما أريد وينسوا كل ذاك التاريخ الفاسد

الذي عاشوه يركضون في الممرات ويتزحلقون على السلالم

ويريدون اللعب في الحديقة بالتراب , ترف تأكل بفوضى

وكأنها طفلة في الثالثة وغيره الكثير وكله يرونه مسموح

لأن تلك الفتاة قالت أنه مسموح "

قبلت رأسها وقلت مغادرا " لا تُزعجي نفسك سأتصرف في الأمر "

وصلت عند الباب فأوقفني صوتها قائلة " تحدث مع شقيقك مجددا "

أمسكت مقبض الباب وقلت " اتركيه يضيّع سنيناً

أخرى من دراسته هوا الخاسر "

قالت بضيق " من المفترض أنه سيتخرج هذا العام من

الجامعة , شاب متفوق في دراسته يضيع كل هذه

السنوات بسبب العناد "

قلت مغادرا " اتركيه يدرس ما يريد إذاً "





*

*




دخلت القصر بخطوات سريعة وصعدت السلالم بخفة

فأنا لم أزره منذ أكثر من أسبوعان , والدتي مؤكد في جناحها

وجابر غادر أمامي وزهور الغائب الحاضر , ما أجمل

المكان وكلهم غير موجودين , وصلت الطابق الثالث فشدني

صوت ضحك أطفال وركضهم , يبدوا أنه دخل هذا الجحيم

أخيرا شيء يحييه , مؤكد هم أبناء جابر ... تقدمت نحو ممر

غرفهم فركضت باتجاهي طفلة بشعر أشقر وفستان طويل

حتى اصطدمت بساقاي دون أن تشعر فعادت للخلف ونظرت

لي بعيناها الزرقاء الغامقة , كانت نسخة عن زهور وكأنها

ابنتها وليست ابنة جابر فقلت بابتسامة " مرحبا بالجميلة "

أمسكت ثوبها ونزلت لتحييني وقالت بابتسامة جميلة

" مرحبا "

ههههه يبدوا أن والدي ورث أحد أحفاده هوسه بتلك الحقبة

المنسية, مددت يدي لها فوضعت يدها فيها فقبلتها وقلت

" مرحبا كونتيسة "

ضمت يداها لصدرها بسعادة وقالت " أنت أحد النبلاء حقيقي "

ضحكت وقلت " نعم أنا اللورد معتصم ومن أنتي "

قالت رافعة لثوبها " الأميرة بيسان "

أمسكتها من خصرها ودرت بها عدة لفات وهي تضحك

ثم أوقفتها حيث كانت وقلت " ما رأيك في

هذه الرقصة أيتها الأميرة "

قالت بسعادة " رائعة ومن أنت "

ثنيت قدمي ونزلت لها أمسكت يدها وقبلتها مجددا

وقلت " عمك معتصم "

نظرت لحركاتي بدهشة وسرور ثم قالت " ما يعني عمي ؟؟ "

وقفت وقلت بضيق " رائع لم يخبروهم حتى أن لهم عما "
قالت " لما أنت غاضب "

نظرت لها وقلت بابتسامة سخرية

" ستكبرين وتعلمي لما , هذا إن لم يجعلوك نسخة عنهم "

كانت تنظر لي باستغراب وعلامات الاستفهام تدور حول

رأسها فقلت بابتسامة " أنا شقيق والدك يعني عمك "

قالت بسرور " أنت شقيق الإمبراطور "

ضحكت بصوت مرتفع ثم قلت

" نعم للأسف وأبن إمبراطورة الإمبراطورية "

ضحكت وقالت " قلها مجددا "

ضحكت وقلت " إمبراطورة إمبراطور الإمبراطورية "

عادت للضحك تخفي فمها بيدها الصغيرة فقلت

" وأين ترف وأمجد "

أشارت بإصبعها للخلف وقالت " ترف مع بتول

والمربية وأمجد يدرس "

ابتسمت ابتسامة جانبية وقلت " جيد الأحباب مجتمعون هنا "

مددت يدي لها وقلت " هلا أوصلتني معك كونتيسة "

قفزت من السرور وأمسكت يدي وقالت " بالطبع دوق معتصم "

ضحكت وقلت وأنا أسير معها " لورد ولست دوق "

نظرت للأعلى حيث وجهي وقالت " وما الفرق بينهما "

ضحكت مجددا وقلت " لا أعلم ولا يهم "

وصلنا لغرفة شبه مفتوحة وقفت عند الباب فكانت المربية

تقرأ كتابا عند الشرفة وبتول تعلم طفلة صغيرة وقصيرة كيف

ترقص بتمييل خصرها بغنج كالعلكة مثلها , دخلت بيسان

وقلت بمرح " ترف انظري هذا عمي يعني شقيق بابا "

ركضت الطفلة ناحيتي واحتضنت ساقاي فرفعتها من ذراعيها

وقبلتها ثم أنزلتها ونظرت لها وقلت وأنا أحرك يداي كموجة

" لا تدعيها تجعلك مثلها كالعلكة تكفينا واحدة "

ضحكت وبدأت تعبث بيداها محاولة تقليد حركتي فضحكت

عليها ثم نظرت لبتول فتجاهلتني ونظرت للجانب الآخر وتأففت

في صمت فضحكت وقلت " حتى التأفف أصبح له موضة
جديدة بنكهة الفراولة "

توجهت عند باب الشرفة ووقفت وقالت

" تعالي يا ترف لنخرج للشرفة "

كتفت يداي لصدري متكأ على الباب وقلت بسخرية

" حد علمي أنك تكرهين الأطفال ويع مقرفين "

وضعت يدها وسط جسدها وقالت " وما دخلك أنت ولما

تتجسس على أفعالي , أنا أكره الذكور أمثالك أما الفتيات لا "

قلت بعد ضحكة " لقد ضيعتي معالم الحديث لا تعرفين

حتى كيف تتكلمي بحدة وغضب "

قالت بضيق " الم تكن غير موجود لأيام ما جاء بك يا متعجرف "

قلت مقلدا لها " ولما تتجسسين على تحركاتي يا علكة "

تأففت وخرجت للشرفة فضحكت وقلت بصوت مرتفع

" أرجوا أن لا تعلمي أشقائك رقصك هذا "

نظرت للمربية الجالسة فكانت تنظر لي باستغراب فرميتها

بنظرة جامدة فأبعدت نظرها عني , غادرت من هناك وتوجهت

لغرفتي وأخذت ما جئت لأجله وغادرت القصر





*

*





كنت منهمكة في عملي ولا شيء يغطي صمت المكان

سوى أصوات تحريك آلات التطريز حين رن هاتفي ونظرت

للمتصل ففوجئت برقم ذاك الرجل , ما يريد مني يا ترى !!

هل أحد الأولاد به مكروه أو أنه سيوبخني على أحد تصرفاتهم

كذاك اليوم حين أخذهم من منزلي , ولكن مر ثلاث أسابيع منذ

أخذهم ولم يتحدث معي خلالها أبدا لكان وبخني منذ وقت , بلعت

ريقي وكل مخاوفي من أن مكروها أصاب أحد أبنائي , أمسكت

هاتفي وابتعدت لمكان متطرف وأجبت , كنت أتمنى أن أقول

أي شيء ... كيف هم ما أمورهم ولكن ذاك أبعد من البعيد

و ما لم أقدر منع لساني من قوله وعلى الفور

" هل أحد الأبناء أصابه مكروه "

جاء صوته مباشرة " لا هم بخير "

تنهدت براحة فقال " هناك أمر أود التحدث فيه

فاسمعيني للأخير ودون مقاطعة لو سمحتِ "

قلت من فوري " هل رأيت أحد أطفالك يقاطعك
وأنت تتحدث "

سكت لوقت ويبدوا أنه يسترجع الأحداث ثم قال

" لا لم يحدث "

قالت " إذاً لن أربيهم على شيء وأفعل عكسه "

قال بهدوء " بعض السلوكيات لديهم لا تتماشى مع نظام

حياتنا ويرفضون تغييرها والانصياع لأوامر الوالدة بحجة

أنك من أباح أو منع تلك الأمور وهذا الأمر تسبب لي

بالمشكلات وعلينا أن نجد له حلا فلست بمزاج لهذه الأمور "

انتظرت حتى سكت ثم قلت " مثل ماذا "

قال من فوره " لم أتصل لأحكي لك يومياتنا أريد منك

التحدث معهم وإقناعهم أن يستمعوا لأوامر جدتهم

ما تنهاهم عنه لا يفعلوه وما تأمرهم به عليهم تنفيذه "

كررت مجددا " مثل ماذا "

تأفف وقال " هل سنعيد في كل مرة "

قلت بضيق " عليا أن أعلم ما هي الأمور التي أنا ربيتهم عليها

وكانت خاطئة لأني رعيتهم بعيناي وقلبي قبل يداي وبما أنهم

اعترفوا أني من نهاهم أو سمح لهم بذلك فهوا في نظري ليس

بخطأ أما إن كان سلوكا من عند أنفسهم فليس لي به دخل "

قال بنفاذ صبر " قلت أن هذا الموضوع أزعجني وأريد أن أنهيه

لا أن تعقديه أكثر ولاحظي أني لازلت أتحدث معك باحترام "

قلت ببرود " وأنا أتحدث معك بنفس درجة احترامك لي "

قال بحزم " أريد أن أنتهي من هذا الأمر بأيسر الحلول

فلا تطريني لاتخاذ السبل الأخرى "

قلت بصدمة " تضربهم !! هل تضرب أبنائي "

قال بحدة " هم أبنائي قبل أن تعتبريهم أبناءك ولن تمتد

يد أحد عليهم حيا كنت أو ميتا "

قلت بجدية " أتمنى من يدين اعتادت على تعذيب البشر أن

لا تمتد على مخلوقات صغيرة وبريئة ولعلمك أنا أدعوا كل

ليلة وكل صلاة وأطلب من الله أن يقطع رزق كل يد

تمتد على واحد منهم "

قال بضحكة جامدة وصخرية مثله

" يبدوا لي دعائك وصل السماء "

قلت بعد صمت طويل وبهمس " من ضربهم "

قال " شخص مستهتر وانقطع رزقه المهم سأتصل بك

حين أكون معهم وستحدثينهم كما اتفقنا "

قلت ببرود " نحن لم نتفق وأنا لم أوافق "

قال بغضبه المعتاد " لعلمك يا آنسة لم اتصل بك لأني

عاجز عن حل المسألة وأترجاك أن توافقي ورقبتي بين يديك "

قلت باختصار " ما لديا قلته وهم أبناءك وافعل ما يحلو لك وأسأل الله

أن تنقطع يدك إن امتد على أحدهم .... وداعا فأنا في مكان عمل "

ثم أغلقت الهاتف وعدت وجلست مكاني أتأفف بعصبية فقالت سوسن

" ما بك ستحرقين القماش بأنفاسك الحارقة , من الذي اتصل بك "
لذت بالصمت ولم أجب فقالت ببرود

" تبدوا لي مكالمة غرامية مع ذاك الضخم الوسيم "

قلت بغيض " سوسن تصمتي الآن وإلا ... "

قالت بضيق " حسناً حسناً فقط لا تفرغي غضبك بي "

أنهيت ساعات العمل بمزاج كالبارود ثم خرجت وعدت

للمنزل في صمت تام مع ثرثرة سوسن التي لا تنتهي وكدت

أحتضن باب المنزل من فرحتي لأني وصلت , لأنها نفخت لي

رأسي ... أدرسي ثانيتا وعودي للدراسة أي دراسة هذه وأنا

نسيت ما درسناه في الثانوية فبأي دماغ سأدخل الجامعة

فتحت باب المنزل ودخلت فشهقت من الصدمة حين وقع

نظري على الجالس على الكرسي المقابل للباب وبكل أريحية

وثقة وقال بجموده ذاته " أغلقي الباب خلفك فلم تعد المرة

الأولى التي يدخل فيها رجل لمنزلك "




*

*





تجلس عند شرفة غرفتها والهواء يلعب بخصلاتها

الذهبية فتبعدهم عن وجهها كل حين لتمر أناملها على أثر

ذاك الجرح في نهاية فكها تحت أذنها اليمنى , جرح عمره

فقط ليلة زواجها الأولى منذ أربعة أعوام , جرح عميق في

أول ليلة لها مع رجل لم تعرفه يوما والدتها اختارته ليكون

زوجها لأنها في نظرها لا تجيد أن تختار , أول ليلة هكذا فكيف

بباقي ليالي الشهر الأول والوحيد لأنه أصبح بعد ذلك طليقها وفر

لخارج البلاد, أبعدت أناملها عن ذاك الجرح وذاك الماضي

وحدقتيها الزرقاء الغامقة تدور حول ما في يدها ببرود وكأنها

تبحث عن شيء تحت حبر الكلمات , تتلمس بأطراف أصابعها

البيضاء الطويلة حواف الورق وكأنها تحكي لهم حكاية من

لمسات باردة وأنفاس هادئة وصمت مميت وتغفل عيناها عن

الجالس هناك في تلك النافذة البعيدة مثبتا جسده عليها بإحدى

قدميه متكأ بظهره على حافتها وكأنه خرج من إحدى الأساطير

بخصلات شعره المتطايرة على جبينه وقميصه بأزراره

العلوية المفتوحة يتطاير مع الريح نصف جسده يظهر لكل

من مر بجوار نافذته الجالس عليها ووجهه كله للخارج

متكأ برأسه على نافذته الوحيدة مثله ينظر بكلى عينيه إلى

هناك إلى البعيد حيث تلك النافذة في ذاك القصر يراقبها

في صمت وسكينة وكأنهما خلقا من هدوء رغم الضجيج

حولهم , يتراءى لمن يراه وكأنه ينظر للفراغ

بينما هوا ينظر لتلك التي تملأ كل فراغه






* * *





رفعت الخصلات المتمردة ودسستها خلف أذني ولففت

بجسدي أكثر جهة النافذة وقلبت الصفحة على عنوان

( القصاصة الثالثة ... عبور محيط الألم )

قلبت صفحة العنوان وقرأت ( كانت أميرة على زهور شرفتها

أميرة على فساتينها وعطرها , أميرة حتى على أميرات زمانها

بل وأميرة رقصت على قلبي بحدائها العالي وأحدثت فيه ثورة

كبيرة من العشق الجنوني بدلا من أن تحدث ثقوبا عميقة بسبب

كعبيه المدببان , أميرتي تعالي وغيري عالمي وانثري رياحينك

على عتبات صدري المهجور وحلمي المكسور وجبيني الميت

من الشوق إليك , أميرتي أنتي رغم الزمن رغم الألم ورغم جور

السنين ستبقي أميرة الفارس صاحب السيف المكسور والجواد

الميت من لم يتبقى لديه سوى عشقه لك وجنونه بك لأنه أصبح

في نظرك مجرد طيف لأمير سافر مع النور وغاب

مع الشمس ولكنك لازلتِ على قلبه تلك الأميرة البيضاء )

أغلقت الكتاب ليقع نظري مجددا على عنوانه

( قصاصات من حلم ضائع )

ومن ثم على اسمه تحته ( للكاتب رضا أسعد الحارث )

ابتسمت بسخرية ثم مزقت الأوراق التي قرأتهم ككل مرة

ورميتهم من النافذة الواسعة أمام كرسيي حيث كنت أجلس

ليتطايروا مع الريح وأبعدت خصلات شعري الذهبية عن

وجهي وقلت بابتسامة ميتة " كاذبون جميعكم أنتم الرجال

ويصعب أن أصدقكم مجددا بسهولة وخصوصا أنت يا

رضا يا من صنعت جثة من امرأة تدعى زهور "







المخرج خاطرة بقلم حبيبتنا منى سعد





من نواس الى وسن





انت يا صغيره حلم الطفوله وحلم الشباب

عبر براءت عيناك تعلم قلبي ابجدية الحاء والباء

لكي في صدري قدسية لا تصل يد النساء

عيناك سيوف غزت مشاعري واخضعت حصون قلبي

واستوطنت كل لحظات عمري

وعندما يتنازع حبك وكبريائي يربح حبك على قلبي بلا منازع






وسن ل نواس


لا تعاقبني بذنب اقترفته بحقك وانا مقيدت اليدين ومسلوبة الاراده

فنا كنت معلقه بين السماء والارض

بين ان اقطع حبل السري لحبك لاخرج للحياه

ام ابقى جنين يتكون في رحم الاحلام



شكرا لك منون من كل قلبي

 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أوجاع ما بعد العاصفة, رواية
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 01:42 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية