لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-08-15, 12:02 AM   المشاركة رقم: 46
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الثلاثون)

 

النص بالمرفقات

 
 

 

الملفات المرفقة
نوع الملف: zip 22.txt.zip‏ (18.2 كيلوبايت, المشاهدات 18)
عرض البوم صور برد المشاعر  
قديم 20-08-15, 05:20 AM   المشاركة رقم: 47
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الواحد والثلاثون)

 

يسعد صباحكم جميعا

قبل ما نبدأ بالفصل اعتذر على تأخري لأني خلصت كتابة

الآن فلو لاحظتوا أي خطأ أو تقصير فيه فالتمسوا لي العذر

لأن أواخره لم أراجعها أبدا



ثانيا الأخت في المنتدى الآخر زهرة القمر وكل من سال هناك

عن خلف أسوار المدينة للآن ما قررت إما بتكون شخصية من

أبطال رواية جديدة أو بتكون مستقلة والمرجح هوا الخيار

الأول إن شاء الله



ثالثا الفصل هالمرة ما فيه تقسيم لثلاث جززئيات مثل السابق









الفصل الثاني و الثلاثون والأخير












بعد مرور ثلاثة أشهر











اقتربت منها وهي تعطيني ظهرها سارحة في شيء ما في

الخارج أمام نافذة غرفتها بل يكاد يكون المكان الوحيد الذي

تتصل به مع العالم الخارجي تقف بثوبها الفضفاض رغم

أن حجم بطنها لم يكبر كثيرا حد أن ترتدي ملابس واسعة

وضعتُ يدي على كتفها وقلت مبتسمة

" ماذا تشاهدين كل هذا الوقت "

قالت بهدوء ونظرها على الأطفال عند الرصيف

" ترى هل سيصبح ابني يوما يلعب هكذا مثلهم "

اتكأتُ برأسي على كتفها وأحطت خصرها بذراعي وقلت

" بالتأكيد وابني معه وسنمضي اليوم نفك أيديهم من شعر بعض "

اكتفت بابتسامة صغيرة ولم تعلق فقلت " وسن ماذا

قررت بشأن ما تحدثنا عنه البارحة "

نظرت للأسفل وقالت " لن أغير كلامي يا فرح على جواد

أن يعود لدراسته ما أن يبتدئ الفصل الجديد هناك لن

أسمح له أن يضيعها بسببي "

ابتعدت عنها ونظرت لها وقلت " ليس بسببك هذا من أجلك

وفرق كبير بينهما ثم هوا لم يشتكي حتى لي ولا لك ولن يوافق

نواس أن تسافري معنا ولا أن تبقي وحدك هنا ولن توافقي

أنتي على الرجوع له "

ابتعدت عن النافذة وجلست على السرير وقالت

" من حقي أن أقرر مصيري وأكمل دراستي وعلى

جواد أن يسافر إن كنت معكم أو لا "

تنهدت بيأس ثم توجهت نحوها وجلست أمامها وقلت

" وسن هل يرضيك أن يأخذ نواس ابنك منك ويحرمك منه

من حق نواس أيضا أن يراه ويربيه فلا تتخيلي فرحته حين أخبره

جواد أنك حامل حتى أنه بنا في حديقة منزله ما يكاد يكون مدينة

ألعاب من أجله على أمل أن تعيشا معا هناك أو يراه حتى أيام معينة

في الأسبوع , وسن لا تقسي على نفسك وعليه معك أنظري كيف

يأتي دائما على أمل أن يتحدث معك فقط وما أن نخبره برفضك يغادر

في صمت ولم ييأس أبدا , وسن نحن لسنا متضايقان منك ولم يوافق

جواد أن نبقى في شقة والدي على الذهاب لمنزل والده إلا من أجلك

ولم يعد يفكر في السفر من أساسه ولن أوافق أنا على أن أسافر معه

وأتركك ولا أرى فكرة سفرك معنا سديدة ولن يوافق عليها نواس

فلا تنسي أنه زوجك "

أمسكت رأسها وقالت بضيق " ليطلقني ويرحمني إذا أريد أن

أعيش حياتي كما أريد أنا , أسافر أبقى أمر يخصني أدرس

أعمل أموت لا أحد له بي دخل "

ثم رفعت رأسها ونظرت لي وقالت ودمعتها تعانق رموشها

" حتى متى سيسير الجمع للأمام إلا أنا أتراجع للوراء متى

سأعيش كأي بشر له حرية الاختيار تعبت يا فرح تعبت "

حضنتها وقلت بحزن " يكفي يا وسن أنا آسفة لم أقصد إزعاجك

توقفي فما صدقنا أن استغنيت عن المسكنات ورضيت بالعلاج

لن أفتح الموضوع معك مجددا "

ابتعدت عني ومسحت دموعها فأمسكت يدها وقلت

" ما رأيك أن تذهبي معنا لزواج صديق جواد فأنتي أيضا

مدعوة وستغيرين من أجوائك هذه قليلا "

هزت رأسها بحسنا وقالت " سأذهب من أجلك فقط لأني

أعلم أنك لن تذهبي إن لم أذهب معكما "

قلت مبتسمة " بالتأكيد فلن أستمتع بشيء إلا وأنتي

معي يا شقيقتي الصغرى "

ابتسمتْ بحزن وقالت " من يرى كيف تعاملينني لن يقول إلا ذلك "

وقفت وقلت " وما أفعل مع قلبي الذي يحبك "

ثم قلت مغادرة " سأذهب لجواد قبل أن يجن من صراخ ابنه

فأنا وعدته أني لن أتأخر عليه "

خرجت من عندها ووجدته ينتظرني في الصالة فاقتربت

وأخذته منه وقلت بهمس مبتسمة ونظري عليه

" هل نام حبيب ماما ما أجمله يا بشر "

قال بعد ضحكة " فقط لأنه ابنك "

ابتعدت به قائلة ببرود " وهل لديك كلام غير ما قلت

أم فقط لأنه يشبهني "

تبعني حتى غرفته وقال " ماذا كانت النتيجة "

وضعته في مهده ثم وقفت والتفت له وقلت

" لم يتغير من كلامها شيء "

تنهد بضيق وقال " ولا حتى بعدما علمت أنه طلق زوجته

ومن شهرين فما الذي تريده بالتحديد "

قلت بهمس " أصمت جواد قد تسمعك "

قال بضيق " أقسم أن بقائها معنا على قلبي كالبلسم لكن

هذا ليس بعقل وأنتي تري بعينك حال نواس "

هززت رأسي بقلة حيلة ثم نظرت له وقلت

" وافقت أن تحظر الزفاف معنا "

قال باستغراب " حسنا وما المشكلة "

أغلقت باب الغرفة وقلت " يا غبي أليس شقيك سيحضر

أيضا وهوا صديقه مثلك "

قال بحيرة " هل تعني لقاء مدبر بينهما "

هززت رأسي بنعم وقلت " وأخيرا فهمتها , أنت فقط

تحدث معه واترك الباقي علي "

تنهد وقال " أتمنى أن ينجح هذا "

قلت مبتسمة " عليه أن ينجح وعلى شقيقك أن يعرف كيف

يكسب الجولة في صفه فهوا يعلم كما الجميع أن وسن

تحبه ولم تتوقف عن حبه أبدا "

هز رأسه بحسنا وقال " أتمنى ذلك "

ثم نظر لي وقرص خدي وقال " ومنذ متى

تهتمين لنواس هكذا "

أبعدت يده وقلت مغادرة الغرفة " من اجل شقيقتي طبعا

فلا أريد أن تعيش وابنها وحيدان "





*

*





وضع هاتفه على بطني كعادته وبدأ يحركه فضربت له يده

وأنا أراقب والدته الجالسة تنظر للصحن في يدها وقلت بهمس

" معاذ أبعد عني خردتك هذه وكأنك تستكشف الألغام "

ضحك دون تعليق ونظرتْ والدته لنا وقالت " ما بكما

تتهامسان وتضحكان لا يكون كله علي "

ضحك وقال " أمي لن تفلحي أبدا في حركات

أمهات الأزواج "

قالت مبتسمة " ولا ملاك تستحق أن أكون عدوا لها

كل خوفي عليها منك فقط "

ماتت ضحكته وقال بضيق " الله أكبر ضاعت علينا "

ضحكتْ وهزت رأسها وعادت لما تفعل وأعاد هوا هاتفه

على بطني فابتعدت عنه وقلت بضيق " معاذ أقسم أن

أغضب منك ماذا بك معي "

قالت والدته ضاحكة " لا يكن يضنك جهاز شحن "

شعرت بالدماء صعدت لوجهي من الخجل منها وها هي كانت

ترى كل شيء وكله بسبب هذا الأحمق , نظرتُ له ثم لولدته

بمعنى هل ارتحت الآن فضحك وقال " هل هذا جزائي لأني

أبحث عن ابني الذي لم يظهر حتى الآن "

شهقت بصمت من الصدمة وعضضت شفتي أهدده فرفعت

والدته رأسها وقالت " وما بك مستعجل وأنتما تزوجتما للتو "

قال بضيق " ولما لا ؟ أعرف نساء يحملن من ليلة الزفاف "

كاد يغمى عليا من الصدمة مع صوت ضحكة والدته قائلة

" وهل تركت فيها ما يحمل تلك الليلة وأنت كدت تقتلها من

الخوف , لو تأخر ابنك أعوام سيكون بسببك "

حركت له رأسي بمعنى معها حق فوضع ساق على الأخرى

وقال ببرود " أتزوج عليها حينها لا دخل لي أريد أبناء "

نظرت له بصدمة وقلت " خالتي أنظري ما يقول "

ضحكت وقالت " تهديد بلا نتيجة ابني وأعرفه وقالها لي

بلسانه لا يريد غيرك "

نظرت له بنصف عين فقال " أضحك عليها كي لا تشتغل

لي محامي دفاع عنك "

توجهت جهة والدته وجلست بجوارها أحادثها بهمس وهي

تضحك ليس على شيء سوا لأني لم أكن أقول شيئا مفهوما

فحاول جاهدا سماعنا ثم قال " أمي ألن تغيري رأيك

وتذهبي معنا لزفاف معتصم "

وضعت الصحن على الطاولة وقالت " لا طاقة لي على السهر

اذهبا أنتما واستمتعا لما تفسدا سهرتكما لتعودا بي مبكرا "

أخرج هاتفه قائلا " كما تريدين وتحملي النتائج من معتصم "

ثم اتصل بأحدهم وقال " مرحبا جواد ما به نواس هاتفه مقفل "

سكت لوقت ثم قال " ومتى ستقرر شقيقة زوجتك أن ترحمه

لما لا يفكر به أحد أحواله لا تعجبني هذه الفترة ولست مطمئنا "

انتبهت له بتركيز وهوا يقول " لا أعلم أشعر أنه يخفي شيئا

ولست مطمئنا حاولوا تليين رأس تلك العنيدة "

" حسنا رغم أني أعلم انه لا أمل يرجى منها لكني سأخبرها "

ثم أنهى المكالمة ونظر لي وأشار برأسه كي ألحقه ثم توجه

لغرفتنا ودخل وأنا أتبعه وقلت ما أن دخلت

" من تقصد أنها لا أمل يرجى منها "

أمسك وجهي وقبل شفتاي وقال " أنتي طبعا

وصديقتك فجدي حلا لها "

أمسكت يداه المحتضنة وجهي وقلت " حاولت أقسم أني

لم أترك طريقة لم أجربها , لا أحد منكم يعرف وسن مثلي

عنادها غير طبيعي وقد ناقشتها جهدي رغم أني لو كنت

مكانها لفعلت مثلها "

نظر لي بصدمة مبعدا يداه عن وجهي ووضعهما في جيوبه

وقال ببرود " اسمعوا من يتحدث "

قلت بجدية " نعم وأقولها وأعيد تزوج عليا فقط وسترى "

قال " ها هكذا إذا وماذا ستفعلين لي "

كتفت يداي لصدري وقلت " سأخبر والدي طبعا

وللمستشفى يا معاذ "

ضحك بسخرية وقال " هذا إن وقف في صفك "

قلت بحزن " معاذ مزحة هذه أم حقيقة ترى أني بلا سند "

حملني من على الأرض وقال " حقيقة وأنا سندك يا بطتي وزنك

ازداد فضعي في حسابك لا أحب المرأة الممتلئة "

تعلقت في عنقه وقلت " لم تخبرني ماذا كان يريد والدي "

قبل خدي وقال " قال يريد زيارتك "

ماتت ابتسامتي ونظرت له بشيء يشبه الصدمة والخوف

فتوجه بي للسرير ورماني عليه وقال " ما بك وكأن جنيا سكنك "

قلت بتوجس " لم يفكر في زيارتي سابقا فماذا يريد الآن "

رفع كتفيه بمعنى لا أعلم ثم توجه لباب الغرفة أغلقه وعاد

ناحيتي وقفز بجانبي فقلت " معاذ ماذا تفعل هنا

ألم تقل أن لديك موعدا مهما "

سحبني نحوه وقال " نعم لكن ثمة أمر آخر أهم وعلى ابنك هذا

أن يأتي رغما عنه لذلك علينا أن نكثف الجهود "

قلت ضاحكة وأن أحاول الابتعاد عنه " معاذ يا مجنون

اتركني والدتك سيأتيها ضيوف الآن توقف "

ولا حياة لمن تنادي فلو أحمل فقط لأرتاح منه ومن زنه

بل لأسعده مثلما يسعدني وخلصني من اكبر همومي أن

أضيع باقي عمري بين الأقدام وأستغرب سبب طلاقه من

زوجته الأولى ولا أرى شيئا يعيبه



*

*





كنت واقفا عند النافذة أشاهد الأرض المغطاة بالثلوج والمارة

الذين وكأنهم يعبرون فوق التراب بمعاطفهم الصوفية وفراء

قبعاتهم الذي يحضن وجوههم , مكان أسوء ما فيه أنه لا يشعرك

بالانتماء له رغم روعة كل تفاصيله , الجمال الحقيقي هنا هوا

لعب الأطفال بالثلوج فالأطفال لا يتغيروا مهما تغيرت الأمكنة

خطَطّتُ بإصبعي خطاً طويلا على زجاج النافذة الذي يغطيه

بخار تدفئة الغرفة ونظرت لنهايته وابتسمت بحزن ... ثلاثة

أشهر مرت أشعر وكأنها ثلاثون عاما بأيامها ولياليها الطويلة فقد

أمضيتها بين غرف المستشفى وخروجي الوحيد من أجل الجامعة

حياة باهتة الشيء الإيجابي الوحيد فيها أني حققت شيئا من أحلامي

وأسعى للآخر وأخشى أن لا أشعر بلذته أبدا حتى بعدما أحققه

" نزار "

التفت بسرعة لها وتوجهت نحو سريرها فقالت بصوت

متعب " أعطني بعض الماء بني "

أشربتها الماء وساعدتها لتجلس وقلت " نمتِ كثيرا حتى

ضننت أنك سافرتِ في غيبوبة "

قالت بضحكة متعبة " وأنا لم أشعر بأني نمت سوا دقائق "

قرّبت لها صينية الطعام ووضعتها في حجرها وجلست معها

وقربت لها اللقمة لفمها فأكلتها وقالت " لا حاجة لأن تطعمني

بني يمكنني الأكل وحدي يكفيك تعبك معي "

قلت بتذمر " أمي كم مرة سنقول ونعيد ذات الكلام لو أطعمتك

لحمي بيدي فلن أوفيك حقك علي فمن رباني غيرك وتعب

وسهر هل هذا الذي أفعله سيتعبني الآن "

قالت بحنان " يوفقك الله يا نزار ولو من أجل بِرك بي "

أطعمتها لقمة أخرى وقلت " الطبيب حدد وقت العلاج الطبيعي

وستسيرين يا أمي , ستعود لك عافيتك ما أن تجري العملية

الأخرى فقط علينا بالصبر لأشهر معدودة "

قال بهدوء " حمدا لله على كل ما يعطي فلم أتحرك لسنوات فهل

سأتذمر الآن من أشهر بسيطة , أخبرني أنت عن دراستك "

مددت لها كوب العصير وقلت " كل شيء يسير على ما يرام

البداية ليست مُتعبة كما توقعت ومادام لدي اللغة سيتيسر كل شيء "

وضعت الكوب وقالت " الله لا يضيع تعب من اجتهد المهم

أنك حققت حلمك أخيرا وكل مناي أن أراك كما تريد "

أطعمتها ملعقة حساء وقلت مبتسما " لازلت في أول

الطريق وأمامي أعوام لأتخرج "

قالت بابتسامتها الحنونة " وما أسرع ما تمضي الأعوام بني

فوحدهم المرضى ومنتظرين البعيد من يشعرون بطولها "

دخل الطبيب حينها فأبعدت صينية الطعام من حجرها ووضعتها

على الطاولة فاقترب وحيانا وأخذ أوراقها وقال " جميل كل شيء

بعد العملية يسير على ما يرام وسنبدأ المرحلة الصعبة وهي

المشي فهل أنتي مستعدة "

نظرت لي والدتي وقالت " ماذا يقول هذا الأشهب "

ضحكت وقلت " قال أنك في تحسن مستمر وأن تمارين

المشي قد تتعبك قليلا وعليك أن تتحملي الألم في البداية "

تنهدت وقالت " تحملت الكثير هل هذا سيؤثر بي , أخبره

فقط أن يسرعوا لقد كرهت المستشفى "

ضحكت وقلت " ومن كانت تقول قبل قليل متى كتب

الله أن أتعافى فهوا خير "

قالت باستياء " في منزلي وليس المستشفى "

خرج الطبيب بعدما طمئنني على حالتها وتحدثنا عن الخطوة

القادمة ونسبة حاجتها للجراحة الأخرى ثم جلست بجوارها

وأعدت صينية الطعام فقالت " شبعت بني يكفي طعامهم لا يطاق "

قلت مبتسما " لا يعترفون هنا بوجباتنا الدسمة فلا

تنسي أنه مستشفى "

تنهدت وقالت " كم اشتقت لتلك المعكرونة التي تعدها سما

وآكل منها حتى أشبع ترى ما تفعله الآن "

نظرت للأرض بحزن ولذت بالصمت وكأنه ينقصني يا أمي

لتزيديها علي فلن أفكر في نسيانها وأنتي لا تتوقفين عن

ذكرها كل حين , قالت بهدوء " نزار "

رفعت رأسي ونظرت لها فقالت " اتصل لي بها وأنا فقط

من سأكلمها دعني أطمئن عليها "

قلت باستياء " أمي حتى متى سنتحدث في هذا إن كانت

رفضت توديعنا هل ستحدثنا الآن "

قالت من فورها " لها أسبابها وهي لا تعرف أرقامك هنا

فدعني أكلمها وحدي كما قلت لك "

وقفت وأخذت وصفة العلاج وقلت " وهي غيرت رقم هاتفها

أيضا أي أننا لن نعرفه "

قالت باستغراب " وكيف علمت هل جربت الاتصال بها "

حملت معطفي وقلت مغادرا " نعم فلا تفكري في هذا مجددا

لأنه أصبح مستحيلا "

ثم خرجت من المستشفى ولبست معطفي وأمسكته جيدا على

جسدي وسلكت الطريق بخطوات سريعة كي أعبر الشارع

ترى ما الذي يحدث معك يا سما فليس من الطبيعي أن يعاودني

ذات الحلم مرة أخرى وأرى الذئاب تهجم عليك خصوصا أن

قضية والدك انتهت ونال المجرمين جزائهم فما سر هذا الحلم

فأنا لا أعلم عنك شيئا منذ قدومي هنا ولا أحد يمكنه أن يجلب

لي أخبارك , دخلت الصيدلية وأنا أخرج هاتفي وأرسلت

رسالة لمن قد يجد لهذا حلا فما يدريني ما يحدث معها الآن





*


*





خرجت والدتهم من أمامنا وكأن الأمر لا يعنيها وتركتهما معي

فوقفت وقلت بضيق " لا أحد منكم يتحدث عن والدي ووالدتي

ما الذي تريدونه مني أموال ولديكم ما يغطيكم ويزيد حصصكم

من مال جدي وأخذتموها فما تريدون بعد وقلت زواج لن أتزوج

بأحدكم لتحفظوا مالكم حجة سخيفة فأنا أريد أن أنهي دراستي

ولا أحد له الحق ليتحكم بي "

قال بسخرية " عشنا وسمعنا لو سمع أعمامك حديثك هذا

يا طفلة لقطعوا لسانك "

دخل حينها أسامة على ذات المشهد المتكرر وقال بحدة

" حمزة صلاح كم مرة سنعيد ذات الكلام "

رمى يده في الهواء وخرج قائلا " لا يُكبر رأسها غيرك يكفي

مرغت سمعتنا في التراب بأن عاشت عاما كاملا مع رجل غريب "

شعرت بغصة في قلبي واحتقان في عيناي لكني كابرت على

دموعي ككل مرة وأمسكتها بالقوة وصرخت به قبل أن يخرج

" ذاك أشرف من أمثالك وأنا أشرف من أفكارك الناقصة ولم

يتحدث عن هذا أحد سواك من قبل لتقول أني مرغت

سمعتكم في التراب "

وقف عند الباب حيث وصل والتفت لنا وقال بسخرية

" أتبتي لنا العكس إذا ووافقي على أحد أبناء أعمامك لنعرف

سبب رفضك للجميع إن لم يكن هوا من تلاعب بك وتركك وسافر "

تنفست هواءً مُرّا دخل رئتاي كالشوك حتى ملأهما وقلت بجمود

" وذاك غرضكم ولن أحققه لكم لن تلمسوا قرشا واحدا من أموالي

ولو رميتها من الجسر للبحر واقسم أن اشتكي عليكم للعدالة "

قال الواقف أمامي وبسخرية " هه عشنا وسمعنا تشتكي على

عائلتك ليُكتب خبر آخر في الجرائد عنك غير السابق "

أمسكني أسامة من يدي وسحبني حتى أدخلني غرفتي وأغلقها

عليا ولم أسمع بعدها سوا صوت شجاره وأخويه كالعادة كل

نهاية أسبوع بعدما يجتمعوا وباقي عائلتهم

لقد تعبت وسئمت هذه الحياة وأتعبت هذا الشاب معي , لا

أعلم لما أخويه ليسا مثله لقد حشا لهما أبناء عمي الآخر أدمغتهم

وأصبحت أنا وصمة العار ومن ستجلب لهم من سيأكل أموالي

التي يعدونها أموالهم وأنه لا حق لي فيها , صدق نزار حين

خرج من حياتي فلأي وحوش كنت سأجلبه أقسم أن ينهشوه

كالكلاب ويخرجوه وخالتي بذل لم يروه حياتهم ويتكرر معي

ماضي والدي لأترك مالي وأهلي فقط لأرضي قلبي وأكون

مع زوجي , هذا إن تركوني له

جلست على السرير وقبضت على اللحاف بيدي لتنزل الدموع

كل واحدة تلحقها الأخرى وقلت بحرقة " لكني أحتاجه أحتاجك

بجانبي يا نزار لأستمد قوتي منك فانظر لمن تركتني "

ثم انهرت على السرير وغمرت وجهي في اللحاف وذهبت

لعالمي الوحيد الذي يحويني وهوا البكاء , لولا أسامة لا أعرف

ما كان سيحدث لي وما سيفعلون بي هؤلاء فقد ماتت ضمائرهم

من أجل المال فحتى والدتهم لا تهتم لشيء سوا سهراتها وحفلاتها

ولا تتحدث معي إلا للضرورة والضرورة هي دعوة وجهت لي

لأذهب معها وحسنتها الوحيدة أنها لا تعاملني بقسوة

مسحت دموعي على صوت رنين هاتفي وجلست ونظرت

للمتصل فكانت بتول فأجبت عليها فقالت مباشرة

" سما سأنتظرك وعليك أن تأتي فلن أقبل أي أعذار "

قلت بحزن " لا أعتقد ذلك لا مزاج لي لحضور شيء "

قالت بصدمة " ولا حفل زواجي "

تنهدت وقلت " سأفكر وأتحدث مع أسامة لكني لا أعدك "

قالت بحزن " يكفيني غياب الجميع فلا تحرميني من

وجودك أيضا وكوني معي "

قلت بهدوء " ألم يرجع والدك بعد "

قالت مباشرة " لا ولا يبدوا سيرجع قبل موعد الزفاف

ومكتوب لي أن أزف له وحيدة مثله "

قلت " وخالك "

تنهدت وقالت بحزن " سيسافر اليوم "

قلت بهدوء " ولما لم تؤجلوه أكثر فزوجة جابر

لم تخرج من حزنها بعد "

قالت باستياء " إن تبعتها لن تنتهي من الأحزان نريد أن

نغير الأجواء قليلا فلا تتأخري وتأتي على وقت الحفل

مباشرة كالضيوف وداعا "

ثم أنهت الاتصال وكأنها متأكدة من حضوري فرميت الهاتف

جانبا ليطرق أحدهم باب غرفتي فقلت " تفضل "

فدخل أسامة وترك الباب مفتوحا كعادته واقترب مني وقال

" سما لا ترضخي لأحد كما اتفقنا "

هززت رأسي بحسننا ثم قلت بيأس " لكني تعبت من كل

هذا أقسم لو لدي حل يريحهم ويرحمني لفعلته إلا أن

أترك مال والدي لهم "

جلس على الكرسي وقال " وماذا بشأن الدراسة فالعام

سيبدأ خلال أيام "

هززت رأسي بحسنا وقلت " افعل ما تراه مناسبا وأنا موافقة

عليها مادامت من اختيارك فهي في النهاية مدرسة "

قال مبتسما " إذا هناك أمانة لك عليك أن تذهبي لمكان ما لتتلقيها "

نظرت له باستغراب وقلت " لي أنا !! لكن ممن "

وقف وقال " من واحدة تحدثي عنها منذ فترة وسألت لك عليها

هنا وتقصيت أخبارها وعلمت أنها تركت شيئا لك "

ثم قال مغادرا " سأتركها لك مفاجأة حتى نهاية الأسبوع "





*

*





نزلت من على ظهرها وهي لا زالت تسير لتتابع ركضها

ووقفت أنا عند جواد الذي قال " لاحظ أنك لم تعد تركبها

كثيرا وهذا أمر ليس جيدا للخيول "

بقيت أتابعها بنظري دون رد فقال " هل ستذهب

لزفاف معتصم غدا "
نظرت للأرض حيث كنت أبعد حجرا بقدمي وقلت

" لا أعتقد "

قال بهدوء " عليك أن تذهب لترى وسن "

رفعت نظري له سريعا وبقيت أنظر له باستغراب فقال

" تحدثت معها فرح بالأمس ووافقت وهي ستدبر لك الأمر

اذهب هناك في الغد وهي ستتصل بك "

قلت بحيرة " متأكد أن فرح من ستفعل هذا !! "

ضحك كثيرا ثم قفز جالسا على خشب السياج وقال

" نعم وهذه فرصتك بما أنها رضت الخروج "

نظرت جانبا حيث الخيول ووضعت يداي وسط جسدي وقلت

" وهل سأحتاج لكل هذا لأرى زوجتي "

قفز واقفا أمامي وقال " وسن تريد السفر معنا "

نظرت له بصدمة وكنت سأتحدث لكنه سبقني قائلا

" تصر على أن لا أوقف دراستي أكثر وتريد

الذهاب لإكمال دراستها "

ابتسمت ابتسامة تخالط الحزن مع السخرية وقلت

" ولا تقل تريد أن أطلقها إن رفضتْ "

تنهد وقال " نواس عليك أن تجد حلا غير بقاء كل واحد منكما

في مكان فهذا لن يجدي في شيء فكل ما تفعله أنك تذهب وترسل

فرح لها طالبا رؤيتها وهي ترفض وأنت تغادر وعلى

هذا المنوال لأشهر وبلا فائدة "

مررت أصابعي في شعري ونظرت للأعلى وتنفست بقوة وقلت

" وما الحل برأيك أضربها وأجلبها هنا مرغمة "

ثم أنزلت رأسي ونظرت له وقلت " أكبر ضربة قسمت ظهري

يا جواد يوم علمت بسبب قبولها بالصقار وتركها لي تلك الفاجعة

شلتني ولم أعد أريد أرغامها ولا مضايقتها في شيء فأنت لم تعش

معنى ما عشته لكنت جننت فتخيل أن تلوم شخصا لأعوام وتعاقبه

على ذنب يظهر في النهاية أنه بريء منه , فحتى صحتها فقدتها

بسببي فلست على استعداد لأخسرها وابني دفعة واحدة "

أمسك كتفي وقال بجدية " وسن مجروحة منك لكنها لازالت

تحبك قد يصعب عليها رفض ما يخبرها دماغها به أنك لا

تحبها وتزوجتها مرغما وتحملتها من أجل صحتها وطلقت

زوجتك لأنها هي طلبت الطلاق وغيره الكثير لكن الواقع

واحد وهوا أن الحب لا يموت بسهولة "

هززت رأسي بقلة حيلة وقلت بيأس " والحل يا جواد أخبرتك

مرارا أني لا أريد أرغامها ولا مضايقتها في شيء مجددا فيكفيها

ما أتاها مني , أقسم أن قلبي يأكلني عليها وفكرة أن ابني يكبر في

أحشائها وهما بعيدان عني أمر أقسى من الموت لكن ما باليد حيلة

لقد عجزت عن إيجاد طريقة فحتى هاتفها لا تفتحه ولا تخرج "

تنهد وقال " اذهب غدا وقابلها وتحدثا فلا تعلم قد يكون بفائدة "

هززت رأسي بحسنا ونظرت للوسن الواقفة هناك , سأذهب

ولو لأراها فقد أتعبني الشوق لها وهي تحرمني منها لأشهر

ولازال لديها المزيد





*

*





شددت فستاني من يدها وقلت بتذمر " ترف لا

تتعبيني معك فوق تعبي قلت لا يعني لا "

قالت ببكاء " ولما لا أرقص معهم ماما أرجوك "

قلت ببرود " لن نكرر دائما نفس الكلام فصحتك لم ترجع

كما كانت بعد ولم يزيلوا البلاتين منك ورئتك لا تتحمل ذلك

فاجلسي عاقلة فالحفل لم يبدأ بعد لتعكري لي مزاجي "

غادرت من عندي مستاءة هذه العنيدة لا تتغير أبدا ولا تراعي

صحتها حتى تشفى تماما وأنا الملامة طبعا إن حدث لها شيء

نظرت للخلف وقلت " هل كل شيء جاهز "

رفعت سيلا رأسها وقالت " نعم سيدتي وسنخرجه حالا "

اقتربت منهم وقلت " لا ليس بعد لازلنا أول النهار وقد نضطر

لتسخين ما سيحتاج تسخينا أردت أن ننتهي باكرا فقط كي لا

تكثر علينا الأعمال فيما بعد , خذوا قسطا بسيطا من الراحة

ثم سننتقل للتالي "

ثم قلت مغادرة " مدكم الله بالعافية وسيلا اتبعيني رجاءا "

صعدت بعدها للأعلى وهي خلفي وقلت " ستغيرين ثياب

ترف و بيسان وتساعدينهما ليستحما أشعر أني متعبة اليوم

أكثر من السابق "

دخلنا الغرفة وقالت بقلق " هل تشعرين بشيء سيدتي هل

أخبر السائق يأخذك للمستشفى "

قلت وأنا أخرج الثياب من الخزانة " لا داعي لذلك كله بسبب

الإرهاق وسأكون أفضل ألبسيهما هذه أعرف أنهما ستعاندان

لكن لا تكترثي لهما وأنا سأذهب لأرى أمجد "

هزت رأسها بحسنا فخرجت من هناك ونزلت للطابق الثاني

لو سيكون هناك ما سيقتلني وطفلي سيكون صعود السلالم ونزولها

وصلت غرفة أمجد وفتحت الباب ودخلت وقلت بصدمة

" ما هذا الذي يحدث هنا !! "

وقف أمجد على طوله يمسك بعض الثياب في يديه وقال

" عمر من فعل هذا أمي أقسم لك وأنا أحاول ترتيبها "

دخلت وقلت بضيق " عمر لا تعجبني جميع تصرفاته وكثرة

احتكاك به وأخاف أن تصبح نسخة عنه "

قال وهوا يحاول ترتيب وطي الثياب " قال يريد قميصا من عندي

وتسبب بكل هذه الفوضى وذهب سأعيدها كما كانت لا تنزعجي "

تنهدت بقلة حيلة ثم أمسكت يده وأخذت منها الثياب وسرت

به لطرف السرير وجلست وأجلسته أمامي وقلت بهدوء

" أمجد بني لا تغضب من كلامي أنا ربيتكم بطريقة لا أريد

أن تكبروا إلا عليها وأنت تراني متعبة هذه الفترة حتى

التنفس يتعبني فلا تأخذ على كل حدّتي معك "

هز رأسه بحسنا ثم وقف وقبل رأسي وقال " آسف أمي لن

أدعه يكررها مجددا أنا فقط تعلمت منك أن لا أمسك شيئا

يطلبه مني أحد ولم أتصور أن يفعل هذا "

وقف وضمته لحضني وقلت " ها قد بدأت تكبر أخيرا بني أنا

أعني كل شيء ليس هذا فقط , أسأل الله أن يمد في عمري

حتى أراك رجلا "

ابتعد عن حضني وقال " وأصبح شرطيا أيضا "

ماتت ابتسامتي وقلت ببرود " ألن نتخلص من هذه

الشرطة أبدا "

هز رأسه بلا مبتسما فأمسكت أنفه وقلت بابتسامة حزينة

" أعان الله زوجتك عليك إذا "

ثم توجهت نحو الباب قائلة " سأطلب من إحدى الخادمات أن

تأتي لترتب الغرفة فاستحم وغير ملابسك بني حسنا "

ثم خرجت على صوته قائلا " حاااااضر "

عدت للأعلى طبعا ولغرفة الفتاتين ودخلت الحمام وقلت

" ترف لا تتعبي سيلا بالسباحة كالإخطبوط "

ضحكت بيسان وقالت ترف بضيق " أنظري ماما كيف

تضحك علي وأنتي السبب "

قلت خارجة من هناك " سأعطيك وحدك شوكلاتة

الفستق وهي لا "

وغادرت على صوت اعتراض بيسان وتوجهت لجناحي

اتصلت ببتول فأجابت من فورها فقلت " ما بك صوت بكائك

يخرج من ثقوب الهاتف "

قالت باستياء وبكاء " لما والدي هكذا لم يعجل في الرحلة

وتركها لنهاية الأسبوع تصرفي أنتي في الأمر "

قلت ببرود " أخرجيني من كل هذا وانسي الفكرة "

قالت بتذمر " لما تفعلون بي هذا حتى خالي رضا بقي

لليوم وسيغادر بعد قليل وقبل الزفة لما حظي هكذا

وجميعكم ضدي "

تنفست بقوة وقلت " ومعتصم وحده اليوم لن تختلفا في شيء

راعي مشاعره أيضا ويكفي بكاء كالأطفال "

أغلقت الخط في وجهي تلك المدللة فكل ما يعنيها زفتها أمام

صديقاتها فما سأقول أنا التي تزوجت بلا زفاف من أساسه , يبدوا

لي معتصم تسرع في زواجه بها الآن , دخلت غرفتي وجلست

أمام مرآة التزيين وفتحت شعري ثم فتحت الدرج ونظرت لكل ما

فيه دون أن ألمس شيئا , لا رغبة لي في كل هذا ولا أراه وقتا

للتزين لكن حتى متى سأحزن بل وعلى ماذا وماذا هل سأظهر

أمام الناس شاحبة كالشبح فوق التعب والإرهاق خصوصا أن

بتول ومعتصم لم يتركا أحدا لم يدعوانه الليلة زيادة على ضيوف

والدتها , أغلقت الدرج ووقفت وتوجهت للخزانة وأخذت حجابي

وعباءتي ولبستهم وغادرت القصر لمنزل عمهم , سأترك المزينات

يفعلون ذلك فلا مزاج لي ولا طاقة , دخلت المنزل ولغرفة بتول

فورا حيث الفوضى وفريق التجميل فعليا العودة للقصر سريعا

فالوقت يسرقنا





*

*





جلست على كرسي الانتظار أنظر للأرض ولا أرى شيئا سوا

أقدام المارة يتحركون في كل اتجاه تحملهم لأماكن عدة كما

تحمل حكاياتهم في أجسادهم الهائمة , نظرت بعدها لقدماي ثم

وقفت فعليها أن تحملني مع حكايتي أيضا للبعيد حيث مكان لا

أسمع فيه عن هنا أي شيء فها قد كُتِبت آخر فصول حكايتي ولا

أريد أن أكون هنا وهي تنتزع الطلاق مني ولا قدرة لي على توقيع

ورقة طلاقنا بيدي , فعلت ما في وسعي أتممت معها جلسات العلاج

وكل شيء ولم أطالبها لا بفرصة للتحدث عن وضعنا ولا أن تصفح

عني أو تعطيني فرصة أخرى لأصلح ما كان فهي اختارت منذ

البداية وأنا حاولت وفشلت فسأرحل وأبحث عن موطن لفشلي

حملت حقيبتي وتوجهت للقطار الذي بدأ الراكبون يتزاحمون

لركوبه وما أن خطوت بقدمي اليمنى داخله حتى استوقفني

الصوت الذي نادى " رضااااا "

كل ما قاله لي عقلي وقتها أنت تتوهم وهذا هوا فقط بداية الجنون

ستسمع صوتها في كل مكان وستراها في كل الشوارع وتركض

خلف شبيهاتها اللاتي لا يشبهنها أبد سوا في عقلك , لكن قلبي كان

له رأي آخر فقال أنظر تأكد لن تخسر شيئا لو التفت قبل أن تضع

قدمك الأخرى وتركب وبالفعل سبق القلب العقل ككل الأوقات

ونظرت للخلف برأسي فقط لأجد أنه للصوت صورة والصورة

واقع والواقع يقف أمامي ... زهور بمعطفها الشتوي الأحمر وحجابها

الأبيض خداها المحمران من البرد وعيناها الزرقاء تُدمع نعم تبكي

لا ليس زهرتي من تبكي بعد اليوم , دفعني أحد الراكبين وأضاع

عليا فرصة الركوب لأن القطار تحرك , لا بل أعطاني الفرصة

لأعود للوراء ولا يأخذني القطار معه وتبقى الصورة مكانها

فلن تلحق بي حينها مهما حاولت

التفت لها مجددا وأوقعت الحقيبة من يدي للأرض حين ركضت

نحوي ومدت ذراعاها لي وقفزت لحضني وتعلقت بعنقي وأعادت

الحياة لعروقي والوطن لقدماي وقدماي للوطن من جديد

أجل هي , نعم واقع يا رضا وها أنت تلمسه بيديك وتشعر ببرودة

خدها على خدك وأنفاسها الحارة رغم البرد تلفح عنقك وشيء ما

يسيل عليه وهوا دموعها , ضممتها بقوة أكبر وأنا أحملها عن

الأرض وقلت " يا رب أمهلني من العمر ولو يوما واحدا ولا

تأخذ روحي حتى أروي قلبي من قربها "

فما كان منها سوا أن تعلقت بعنقي أكثر وقالت ببكاء " لا تقل

هذا يا رضا لا تتركني مهما حدث فلن يقرب غيرك هذه

المرأة التي عادت لك عذراء من جديد "

ابتسمت وضممتها بقوة وحنين واحتياج وقلت بهمس

" سنركب القطار القادم إذا فما رأيك "

تركت عنقي وأنزلتها للأرض ونظرت لي وقالت مبتسمة

" وحفل الزواج هناك فلا أحد يعلم بخروجي ولن يحضر

من العائلة معهما أحد "

مسحتُ دموعها من على خديها بكف يدي وقلت " وما شأننا

نحن بمن تزوج وبقي يكفي أن نخبرهم كي لا يبلغوا الشرطة

باختفائك فجأة ثم طائرة والد العروس نزلت منذ قليل "

ثم ضممتها لصدري ونظرت للسماء الملبدة بالغيوم وقلت

" من يصدق أن يومي سيتغير هكذا من يصدق أن ما كان

يفصلني عنك وعن الرحيل خطوة على باب القطار وتلاشت "

نظرت لي للأعلى وقالت " إذا سنركب القطار القادم ليبقى كل

شيء كما كان ويتغير وجودنا معا "

قبلت أنفها وقلت مبتسما " وهوا كذلك لكن علينا

انتظار ساعة ونصف "

مسحت على خدها وقالت مبتسمة " إذا أريد الفوشار "

فضحكت وضممتها لحضني بقوة وقلت " لم تغيرك السنين يا

زهور رغم كل ما حدث طفلتي زهور هي لم تتغير وسأشتري

لك الدنيا وأجلبها عندك , أنتي فقط تمني "





*

*





انتهيت من هناك ثم عدت للقصر وارتديت الفستان الذي اشتريته

حديثا يناسب المناسبة وجسدي ثم نزلت لأشرف على الخادمات

لننهي كل شيء سريعا خصوصا أننا صرنا منتصف النهار

وصلت رسالة لهاتفي فرفعته وفتحتها فكانت من زهور

وفيها ( لا تنشغلوا على غيابي أنا مع رضا )

فابتسمت بسعادة ما أن قرأت الكلمات في الرسالة فكم حكت لي

بتول عن جنون خالها بها وحبه لها منذ طفولتهم وكان سيسافر

اليوم وتُطلق منه وهذه الرسالة تعني أن الأمور تصافت بينهم

رفعت الهاتف وضممته لحضني فهذه الفتاة تستحق أن تسعد

بعدما رأت

نظرتُ فجأة للحركة عند باب وماتت ابتسامتي وأنا أنظر

للواقف هناك ينظر لي بصمت مكتفا يداه لصدره





*

*





منذ وصلت ووقفت هنا ووجدتها ترتب ما على الطاولة بانسجام

بقيت مكاني أراقبها بفستانها الأزرق تجمعه قطعة كريستالية تحت

الصدر وينزل منسابا لأول ساقيها قرابة الركبتين , شعرها ملفوف

ولا زال يعيق حركتها بكثافته وطوله , وشيء آخر بطنها نعم كبر

وبرز من فستانها رغم أنها دخلت شهرها السادس للتو , وصلت

رسالة لهاتفها ففتَحتَها ولم أتبين ملامحها بعد بسبب شعرها الكثيف

لكن لحظة احتضنت الهاتف علمت أن ما جاءها أسعدها كثيرا

شعرت لحظتها بشيئين في صدري الشوق لذاك الحضن وشيء

آخر وهي الغيرة نعم غرت ولا أعلم من الهاتف أم من صاحب

الخبر مما جعلني أصدر صوتا بحركتي لتنتبه لي وبالفعل التفتت

نحوي من فورها وماتت ابتسامتها على أعتاب عيناي , لازالتِ

عاتبة إذا بل وحزينة ومجروحة , سحقا للبعد يا أرجوان إن لم

يرقق قلبك بعد , اقتربت منها وهي عادت لما كانت تفعل متجاهلة

لي فوصلت عندها واستندت بيدي على الطاولة واقفا بجانبها وملت

لها قليلا حتى كان وجهي مقابلا لجانب وجهها وقلت بهمس

" ما سر هذا الخبر الذي جعلك تحضنين الهاتف هكذا "

أبعدتْ شعرها خلف أذنها وهي تستمر في تجاهلي ولم تنظر

لي ولا مجرد النظر فنفخت على شعرها وقلت بابتسامة جانبية

" هل هكذا تستقبل الزوجة زوجها الذي لم تراه منذ أشهر "

لم تتحدث أيضا ولم تبدر منها أي ردة فعل فمددت يدي لذقنها

وأدرت وجهها ناحيتي لتعانق عيناي عينيها في صمت من كلينا

فأبعدت وجهها مجددا وقالت ببرود " حمدا لله على سلامتكم "

ابتسمت بل ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " سلامتنا !!! حتى

السلامة لا تريدي أعطائها لي وحدي "

أولتني ظهرها لتغادر فأمسكت يدها ولففتها جهتي وأمسكت

وجهها بيداي ورفعته ليقابل وجهي وخللت أصابعهما في

شعرها وقلت " ولا حتى اشتقت لك يا جابر "

بقيت على صمتها تنظر لعيناي فقربت وجهي لها حتى

تلامست شفتينا وقلت بهمس " كم كنت أسمعها منك

في أوقات أفارقك فيها لأيام فقط "

اضطرب تنفسها بشكل واضح وحاولت التراجع للوراء والابتعاد

عني لكني شددتها لي بقوة وقبلتها بعمق ثم أبعدت شفتاي وقلت

" رغما عنك يستقبلني حضنك وشفتيك يا أرجوان "

أبعدت وجهها جانبا وقالت ببرود " حتى هذه

أصبحت بالأوامر يا جابر "

أعدت وجهها أمام وجهي وقربت شفتاي مجددا وهمست

" نعم إن كانت ستجعلك تنطقين يا غضوب "

كنت سأكرر تقبيلها وأروي عطشي بعد لكن أوقفني الصوت

الذي نادى من خلفي قائلا " بابااااا "

فتركتها والتفت فإذا بترف راكضة نحوي فاستقبلتها بذراعي

ورفعتها للأعلى وقبلت خدها وقلت " مرحبا بالمشاكسة العنيدة

أراك صرتِ أفضل "

حضنتني وقالت " اشتقت لك كثيرا بابا لا

تغب عنا هكذا مجددا "

ضحكتُ وضممتها بقوة وقلت " حسنا من أجل هذه

الكلمات فقط لأن غيرك نسيها "

دخلت حينها بيسان وقفزت صارخة ما أن رأتني وركضت نحوي

فأنزلت ترف ونزلت لها واحتضنتني قائلة " بابا لا أصدق

متى عدت ؟؟ ولا تذهب ثانيتا هكذا "

ضحكت ثم قبلت خدها وقلت " حاضر "

قالت ترف " هل عادت جدتي معك "

وقفت وقلت " نعم لكنها متعبة قليلا وفي المستشفى

أين أمجد "

قالت بيسان " في غرفة عمي معتصم اتصل به وطلب

منه أن يأخذ من عطره ووافق "

ثم قالت بعبوس " وقال نحن لا وماما رفضت حتى أن

نأخذ من عطرها وقالت الفراولة فقط "

لعبت بغرتها بأصابعي وقلت " وحين تقول ماما لا يعني لا

أم تريدوها أن تذهب مجددا وتتركنا "

هزتا رأسيهما بلا فورها فضحكت ونظرت جهة الباب الآخر

الذي أتيت منه وقلت " سما تعالي "

فخرجت من هناك وتقدمت نحونا وأول ما فعلته أرجوان أن

شغلت نفسها بالطاولة مجددا وكأنه لم تحكي الجرائد كامل قصتي

معها وما حدث وشاع , اقتربت منا فقلت " هذه زوجتي أرجوان

يا سما سبق وتقابلتما في المستشفى "

نظرت أرجوان ناحيتنا ولو كارهة للأمر فأنا أعرفها عند هذه

المواقف لن تُخجلني , مدت سما يدها لها وقالت

" مرحبا سيدتي سررت بلقائك "

صافحتها أرجوان قائلة " شكرا لك وأنا كذلك "

وضعتُ بعدها يدي على كتف سما وقلت " ستبقي هنا اليوم ولن

ترجعي هناك حتى الغد وأنا معك كما اتفقنا "

كانت ستعترض لكني سبقتها قائلا " سما لن تكوني هناك الليلة

ولن أؤمن عليك ساعة أخرى بعد , ستنامين هنا وغدا نُتم كل

شيء , أخبرت أسامة أنك ستباتين مع صديقتك ولن يتحدث

أحد بل لن يكون هناك لسان يتكلم بعد اليوم لأن حسابه

سيكون معي وعسيرا "

ثم شددت بيدي على كتفها بقوة وقلت " رحلة عودتي كانت ستكون

نهاية الأسبوع وقدمتها لليوم ما أن وصلتني الرسالة التي

تخبرني أنك قد تكونين في خطر "

نظرت لي بحيرة وقالت " رسالة ممن !! "

ابتسمت وقلت مغادرا " من مجهول طبعا استمتعي بوقتك هنا "

وخرجت من هناك وتركتهم لأنه عليا أن أتوجه حيث الرجال

لو أعلم فقط كيف علم نزار أنها تمر بهذه الظروف وحتى رقم هاتفها

ليس لديه وأنا قطعت أخبارهما عن بعض فلم أخبر أي منهما عن الآخر





*

*





غادر جابر وتركني في مواجهة زوجته وحدي التي يبدوا الاستياء

باديا عليها ولا ألومها في كل هذا , نظرتُ ناحيتها وقلت " لا تغضبي

من وجودي في حياتكم سيدة أرجوان فجابر لم يعاملني أكثر من ابنة

أو شقيقة ومعروفه لا أنساه ما حييت لأني مررت بخطر كبير وهوا

بحكم وضيفته وإنسانيته لم يقف متفرجا كالبقية , أعذرك وأفهمك وما

حدث كان شيئا لا تحتمله أي زوجة لكن الأمر لم يكن بيدي وكله مدبر

لأجل حمايتي فلا تحقدي عليا أرجوك لأني أريد أن نكون صديقتان

من أجل جابر لأنك زوجته ولأنه يستحق ومحضوضون أنتم به "

ابتسمت وقالت " لا تفكري هكذا يا سما أبدا فالذي بيني وبين جابر

لا دخل لك به وإن كنتي فردا فيه ولن أحقد عليك ولن أكرهك

وقد قرأت قصتك وما حدث من الجرائد وتعاطفت معك كثيرا

وفخر لنا أن يكون جابر من ساعدك "

ابتسمتُ بارتياح لكلامها وقلت " كنت سأذهب لمنزل بتول لكنه

أصر أن آتي هنا وأتعرف عليك أولا حتى أنه من المطار جاء

لمنزل عمي وأحضرني معه أولا لأن مشاكلي لازالت عالقة

وكل تفكيره في حلها , سعيدة بأن تعرفت عليك وأنك

متفهمة لموقفي "

قالت مبتسمة " لا يحق لي محاسبتك يا سما يكفيك ما أتاك

وبتول تنتظرك منذ وقت سيأخذانك بيسان وترف هناك "

هززت رأسي بحسنا مبتسمة وشكرتها وغادرت برفقتهما لمنزل

عائلة بتول وأشعر أن هما كبيرا انزاح من على صدري فكم

خشيت من مواجهتها وأن لا تكون تفهمت الوضع وما حدث

لكن ما يحيرني من أين علم جابر ومن أخبره هل هوا أسامة يا

ترى !! لكني حذرته كي لا نزعجه هناك خصوصا أنه سافر

بوالدته في نفس ذاك اليوم وما أعلمه أن حالتها كانت سيئة جدا

لن أنسى تلك اللحظات ما حييت حين دخل علينا رجاله وكأننا

في مهرجان رئاسي ووقف لهم جابر وبدئوا يضربون التحية

وهوا يهنئهم على ما فعلوا واحدا واحدا فذاك الدخول كان خشية

منهم أن نكون تعرضنا لخطر خصوصا أنهم ما أن أمسكوا

رئيس الجمارك علموا برسائل التهديد التي وصلت لجابر

يبدوا أن الإثارة في حياتي لن تنتهي أبدا

وصلت منزل بتول وعادتا ابنتا جابر لقصرهم على الفور , كم

تعجبني تربيتها الجيدة لهم ولا أستغرب الآن أنها حين رفضت

أن يستخدما عطر الكبار انصاعوا لها وجابر أيضا يبدوا يقف

مع قراراتها ويحترم طريقة تربيتها لهم فكم من أباء تقول الأم

شيء فيأتي ويكسره أمام أبنائه ليفعلوا ما يريدون

دخلت المنزل واستقبلتني والدة بتول وأوصلتني لغرفتها فدخلت

ووجدتها جالسة هناك وحدها فوقفت في الفور واحتضنتني قائلة

" سما حمدا لله أنك أتيتِ "

قلت بابتسامة " وكيف لا أحضر زواجك , كم

تبدين جميلة يا بتول "

ابتعدت عني وقالت " ما قصدك هل كنت قبيحة "

ضحكنا معا ثم قالت " اسمعي عليك أن تتزوجي بعد عام

من الآن حين تصيرين في عمري الآن كي نتعادل "

ضحكت وقلت " ولما "

حركت يدها المخضبة بنقوش الحناء في الهواء وقالت

" لا دخل لي بك لا أريد أن أتزوج وأنجب أبناء

وأنتي عزباء حرة طليقة "

أبعدت يدها من أمامي وقلت " إف أبعديها رائحتها مقرفة "

ضحكت وقالت " ستتزوجين وتضعينها رغما عنك وليس في

يديك فقط ولن تتخيلي طلبات الرجال "

قلت بقرف " مستحيل أكره رائحتها منذ كنا في الهند

فكم يحبونها هناك "

أخذت الكيس الموجود في يدي وقالت " هدية لي شكرا يا

سما فأنتي بالتحديد كنت أنتظر هديتك "

قلت مبتسمة " أسامة من اختارها لك لأني لم استطع الخروج

بالأمس فجلبها وقال أنه لا يجوز أن آتي لك بدون هدية "

قالت بحالمية " يا عيني على الوسيم صاحب الذوق

تزوجيه قبل أن تأخذه غيرك "

نظرت للأسفل ولم أتحدث فقالت " لا تكوني لازلت

تحبين ذاك الذي تركك وسافر يا غبية "

أشحت بوجهي جانبا وقلت بحزن " نزار اختار حياته ولا شيء

يجمعنا ولا يحق لي ذكره إلا بالخير فلن أنسى ما فعل من أجلي "

تنهدت وقالت " لكن هذا مؤلم لقلبك كثيرا كيف يذهب هكذا

ويتركك والمرجح أن لا يرجع أبدا "

شعرت بغصة في حلقي وأكثر في قلبي ونظرت للأسفل

وقلت بحزن " اتركينا من هذا الآن "

أمسكت يدي وقالت بحماس " نعم وأخبريني من أحضرك مؤكد

ابن عمك ذاك , دائما أبناء العم رائعين اسأليني أنا "

قلت مبتسمة " وما غيّر رأيك فجأة "

ضحكت وقالت " لا أعلم لكني أصبحت أحبه حقا وأموت

إن نظرت له واحدة ولو من بعيد "

قلت بابتسامة " يعني عليا أن لا أفكر في فعلها "

ضحكت كثيرا ثم قالت " لا طبعا أنتي صديقتي المقربة وعليا

أن أتقبل اقترابك منه , هيا أخبريني كيف أتيتِ وقد قلت لي بنفسك

أن أسامة لا يمكنه جلبك هذا الوقت ولا تريدي إحراجه "

قلت بهدوء " ليس هوا من أحضرني بل جابر "

نظرت لي بصدمة وقالت " ماذا جابر !! هل عاد "

كنت سأتحدث لكنها سبقتني بصرختها وركضت للباب

خلفي قائلة " أبي لا أصدق أنك أتيت "

التفت لهما فكانت تحضنه وتبكي وهوا يطبطب على ظهرها

قائلا " يكفي من تبكي في ليلة زفافها هكذا , مبارك لك يا

ابنتي وسامحيني فكل شيء خارج عن استطاعتي "

قالت ببكاء وهي متعلقة به " لم يكن سيكون لليوم أي طعم

إن لم تحضر وتزفني لزوجي "

مسحت دمعتي ونظرت للأرض , كم أنتي محضوضة يا بتول

فأنا يوم سأتزوج لن يكون أحد معي لا أب لا أخ ولا أم ولا حتى

عم أو خال أو جد سأكون وحيدة وأزف له وحيدة هذا إن

تزوجت , قالت بتول بحزن " دعونا أعمامي وعمتي ولم يأتي منهم أحد "

مسح على رأسها وقال " لن نجبر أحد على أن يحبنا ويعترف بنا

ما عليكم فعلتموه والذنب ذنبهم الآن "

ثم نظر بعدها لي وقال " سما هذه أنتي !! "

وبدأ ينظر لبتول ولي باستغراب ثم قال " هل تعرفان بعضكما "

قالت بتول " نعم درست معي هنا في الثانوية بضعة

أشهر وصرنا صديقتين "

قال " هذه سما التي قلتي أنها صديقتك وزارتك

مرة !! لم أتوقع أنها أنتي "

قالت بتول " والآن أخبرني أنت من أين تعرفها "

قال " درستْ في ثانويتي في العاصمة أيضا "

قالت مبتسمة " ظهر أنك تعرفين جميع العائلة وأنا من

ظننت أنه لا يعرفك أحد غير جابر "

قال باستغراب " وما علاقة جابر أيضا !! "

ضحكت بتول وقالت " أبي ألم تقرأ ما عجّت به الصحف

المحلية بعدما أمسكوا عصابة المصانع "

أمسك أنفها وقال " ومن أين سأقرئها وأنا سافرت مع جابر "

قالت " لا تقلق سأعطيك واحدة فيما بعد وتفهم كل شيء

فسما كانت في خطر وجابر من ساعدها "

نظر لي وقال " إذاً ظهر ورائك حكاية كما كان

يقول مدرسك نزار "

نظرت للأسفل وقلت " بلى وهوا من ساعدني

وعرّفني على جابر "

قال ضاحكا " وأنا من طردتك لكن نزار ورائك ورائك حتى

اكتشف سرك فذاك الشاب ينذر وجوده "

نظرت للأرض بحزن وأشعر أني لحظات وسأبكي , لما لا

يساعدني أحد على نسيانه رغم أن منزلي تغير والوجوه

وحياتي إلا أن ذكره لم يختفي ويبدوا لن ينتهي أبدا





*

*





ركبنا القطار في رحلة لأكثر من ساعة وأنا في حضنه نشاهد

النافذة ونتحدث ورضا كما كان لا يسكت أبدا ولم يترك شيئا لم

يستغله ليتغزل فيا به حتى أنه حين نمر بشجرة قريبة يقول

( أنظري يا شجرة هذه حبيبتي الفاتنة ) وكم أضحكني ببعض

تعليقاته وكلامه , حضنت خصره بذراعي بقوة وغصت

بوجهي في كتفه وقلت " لا تتركني ثانيتا يا رضا أرجوك "

ضمني له بقوة وقال " أبدا يقطعوا عنقي ولا أعيدها الموت أهون

علي من ذلك وأقسم أن أعوضك على كل ما كان يا زهرتي "

وقف حينها القطار وكانت محطتنا ونزلنا معا ووقفنا في

المحطة وقلت " أين سنذهب الآن ؟ "

رفع كتفيه بمعنى لا أعلم فضحكنا معا ثم قلت " ما رأيك

لو نرجع لحفل الزفاف أفضل من أن يسألونا فيما بعد

عن رحلتنا ولا نعرف ما نقول "

ضحك كثيرا ثم قال " لا إلا هذه فستدخلين حيث النساء

وأذهب أنا للرجال فمالي وشيء يبعدني عنك "

اتكأت على كتفه وقلت " إذا خذني حيث تريد المهم أننا معا "

خرج بي من المحطة وركبنا سيارة أجرى ولم يخبرني أين

سنذهب حتى وقفت السيارة ونظرت من حولي وقلت

" ماذا سنفعل هنا !! "

نزل وقال " انزلي وستعرفين حالا "

نزلت ووقفت بجانبه فوضع يده على كتفي وسار بي حيث

باب مدينة الألعاب الكبير فقلت باستغراب " سندخل هنا !! "

قال ضاحكا " نعم فمَن كانت تقول لي في الماضي بصوتها

الطفولي الذي أعشق ( رضا لو فقط فقط أدخل مدينة

الألعاب , لما لا تأخذني لها ) "

ثم ضمني لكتفه وقال ونحن ندخل " وأنا سأحقق لك كل ما

كنتي تطلبيه طفلة وعجزت عن تحقيقه لك "

مسحت دمعتي وقلت بسعادة " لم أتمنى أكثر من

أن نكون معا "

أمسك أنفي وقال " ولم تكوني تقولينها لي يا مخادعة "

وقفت وقابلته ووضعت يداي وسط جسدي وقلت " كاذب قلتها

لك مرة ووبختني عليها كثيرا وقلتَ أن هذا الكلام لا

أقوله لأي شاب كان مرة أخرى "

ضحك رافعا رأسه للأعلى ثم نظر لي وقال

" وهل تذكري ما قلتيه لي حينها حتى وبختك ذاك التوبيخ "

ضحكتُ وحككت خدي بسبابتي وقلت " قلت لك

تزوجني حين نكبر "

حضنني وقال ضاحكا " كدت أجن حينها من الفكرة ومن فكرة

أن تقوليها لغيري من الأطفال ويعتاد لسانك عليها "

حضنته بقوة وقلت " أخفتني يومها فهي كانت أول مرة تصرخ

بي وتوبخني ولم أتحدث عن الزواج بعدها أبدا "

أبعدني عنه وقال مبتسما " أريد فقط أن أعرف يومها من

أين جئتني بها وأنتي منعزلة عن كل شيء "

قلت بعد ضحكة " سمعتهم عند والدتي يتحدثون عن واحدة

تزوجت شخصا وسيعيشان معا في منزل عائلته فركبت الفكرة

في رأسي أن من يتزوج شخصا يذهب معه ويعيشان معا

وكان ذاك كل قصدي وغرضي مما قلت حينها "

أمسك يدي وسار بي قائلا " لو كنت أعلم لقلت لك

وقتها قولي يا رب يتحقق ذلك "

ضحكنا معا ثم أخذني حيث القطار وقال أني تحدثت عن هذا

تحديدا وأركبني معه مرغمة رغم أنني رفضت وكنت خائفة بحق

لكنه لم يكترث لي وكنت طوال رحلتنا المرعبة تلك متمسكة به

وأصرخ بقوة وندمت أني في طفولتي طلبته , ولم يترك بعدها

شيئا لم يجعلني أركبه وحتى المراجيح بل واشترى لي حلوى غزل

البنات وكل ما كنت أحكي له عنه من رؤيتي لها مرة في التلفاز

مصادفة , وبعدما انتهى يومنا هناك خرجنا ووقفنا في الخارج

وقلت " والآن أين سنذهب بعدما طردونا وأغلقوها "

ضحك كثيرا ثم سار بي على قدمينا وقال " سنبحث عن

فندق نقضي فيه ليلتنا ونتعشى طبعا "

وقفت فوقف لوقوفي وقال " ما بك حبيبتي هل هناك شيء "

نظرت ليدي وأنا أحرك بأصابعها زر معطفي الكبير وقلت

بخجل " أممم كنت أود أن ... أن أقول أني لم أحضر معي

ثيابا ولا أريد لليلتنا الأولى أن تكون إلا مميزة كما أريد "

أمسك يدي وسار بي ونحن نقطع الشارع وقال " أوامرك

زهرتي سنتعشى ونقضي ليلتنا نتسكع كالمجرمين

وصباحا نعود للعاصمة ولشقتنا حسنا "

قلت مبتسمة وأنا أجارى خطواته السريعة " موافقة أخشى

فقط أن يمسكونا الشرطة ويأتي جابر ليخرجنا "

ضحك وقال ونحن نقف عند الرصيف " ستكون حينها

فضيحة بمليون جنيه حينها "

ثم ضحكنا معا وتابعنا سيرنا حيث لا وجهة محددة






*


*







قضيت الوقت في غرفتي وسما معي حتى وقت الزفة ولم

تفارقني أبدا ووحدها من صديقاتي من تركتها تراني أما البقية

فلن أتركهم يروني قبل أن أزف هناك , لففت يمينا ثم يسارا

وقلت " هل كل شيء مضبوط يا سما "

قالت مبتسمة " نعم كم مرة قلتها لك رائعة وتخطفين الأنظار "

قلت مبتسمة " وهكذا أريد أن أكون في زفتي أمامهن جميعا "

قالت باستغراب " غريب أمرك كل حديثك عن زفتك أمامهم

ولم تذكري زوجك أبدا وما سيكون رأيه "

رفعت كتفاي وقلت " ذاك لم يترك شيئا مفاجأة فقد سبق ورآني

متزينة في زواج خالي رضا وشقيقته زهور فلن يتغير عليه شيء

رآني دون حجاب مرارا وحتى بالبيجامات القصيرة وبدون

أكمام وأفسد على نفسه "

قالت بحيرة " وإن يكن أنتي اليوم لن تكوني

كيوم زفاف خالك أبدا "

استدرت جهة المرآة وقالت " ستري وسأحكي لك لن يتغير

عنده شيء فحتى كلمة جميلة قالها لي يومها "

دخلت حينها والدتي وقالت " بسرعة فوالدك ينتظر في الأسفل "

قلت بحزن " وخالي رضا ؟؟ يبدوا ذهب "

قالت مبتسمة " نعم ولمكان مجهول وأخذ زوجته معه "

نظرت لها بصدمة ثم صرخت وضممت يداي لبعضهما

وقلت " قولي قسما أنها ذهبت معه "

توجهت نحوي ورفعت غطائي وقالت " انزلي بسرعة

بعد أشهر قد تصبحين أُماً ولازلتِ مجنونة "

تحركتُ معها وسما تتبعنا وقلت ببرود " أصبحت أما منذ أن

أنجبتِ لنا ابنيك الأخيرين "

ثم نزلنا للأسفل وغادرت سما لتكون مع المدعوين في قصر

عمي فهم يملكون صالة ضخمة خصصها من أجل المناسبات

غطت لي والدتي جسدي بالغطاء المخصص دون أن ترفع قبعته

لراسي ووجهي وهي تمسح دموعها وقال والدي " ما يبكيك

الآن وها هي قريبة منك أم تقلدين غيرك فقط "

قالت بضيق " وما شأنك بي لا أعلم مما مخلوقة قلوبكم أنتم الرجال

ثم هي وزوجها سينتقلان للعاصمة قريبا من أجل دراستهما

وهي ابنتي الوحيدة والأولى "

شعرت بالعبرة من كلامها فأمي رغم المسؤوليات التي تلقيها على

عاتقي وانتقادها الدائم لي وتوبيخي باستمرار إلا أنها تحبني ولا تريد

فراقي , حضنتها وقلت ببكاء " أحبك أمي أطال الله في عمرك حتى
تري أبنائي وتربيهم كما ربيت لك أبنائك "

ضحكت من بين دموعها وضربتني على رأسي وقالت

" استحي من والدك على الأقل "

غطى لي والدي شعري ووجهي وأخرجني من هناك مع والدتي

في سيارته طبعا رغم أن القصر قريب جدا ونزل بي في القصر

وأوصلني حتى باب القاعة وأزال غطائي ثم قبل جبيني وقال

" أسعدك الله يا بتول يا ابنتي كوني عونا لزوجك وسندا له وأبعدي

عنك الدلال , معتصم رجل يُعتمد عليه فلا تخسريه زوجا كي

لا أخسره صهرا قبل أن يكون ابن شقيقي "

قبلت يده ورأسه وقلت بدمعة علقت في رموشي " ليحفظك الله

لي يا والدي أقسم أني من دونك لا أساوي شيئا سامحني

على تقصيري معك "

مسح على خدي وقال " لا أذكرك أنك قصرتِ معي يوما "

ثم نظر جهة والدتي وقال بابتسامة جانبية " هناك من

عليك طلب هذا منها "

التفت لوالدتي وحضنتها وقلت " سامحيني يا أمي "

حضنتني وقالت بحنان " ليسعدك الله يا بتول ويحفظك لم

أغضب منك يوما لأسامحك ولا أعلم كيف سيصبح المنزل بعدك "

قلت بابتسامة حزينة " كئيب طبعا وكله ذكور إلا أنتي "

ضحكا معا وقالت والدتي " هيا بسرعة سيدخل لك والدك

فيما بعد فادخلي للضيوف الآن "

قلت بصدمة " من هنا !! "

قالت باستغراب " ومن أين إذا ؟؟ "

قلت معترضة " من الأعلى طبعا لأنزل من السلالم الموجود
داخل القاعة كما خططنا أنا وأرجوان "

تنهدت وقالت " ما الفرق ثم ما سيصعد بك السلالم بفستانك هذا "

قلت بتذمر " لا دخل لي لا تفسدوا ما أريد في حفلتي "

تأففت وقالت " أمري لله سأرفع الفستان وأنتي ارفعيه

من الأمام واصعدي "

توجهنا حيث السلالم وصعدت للطابق الثالث لأنزل من هناك

فثمة سلالم مشترك مع الطابقين يُنزل للقاعة مباشرة حيث قاموا

بتزيينه وفرشه بالورود والبساط الأحمر لأنزل للمنصة مباشرة

وإن لم يحدث هكذا كما أريد فسأفقد عقلي لهم هنا

وصلنا للأعلى وكانت أرجوان تنتظرني عدلت لي فستاني ثم

نزلت مع والدتي لأنزل وحدي السلالم , انتظرت قليلا ليشغلوا

إضاءة السلالم لحظة نزولي ثم توجهت جهتها لأنزل وما أن وصلت

هناك حتى خرج لي معتصم من خلف العمود الضخم في حافتها

ببذلته الرسمية السوداء وشعره مسرح بإتقان فقلت بشهقة

" معتصم ماذا تفعل هنا "

أمسك يدي وسحبني منها وحملني بين ذراعيه وقال

" أنتظر جميلتي وفاتنتي طبعا , كم مرة سأقول انك في

أجمل حالاتك وتظهرين لي بشكل أروع "

قلت بعدم استيعاب " ماذا تفعل هنا ولما رفعتني هكذا "

قال وهوا يلف بي حول العمود للسلالم " لأنزلك طبعا "

شهقت بقوة ولم أعرف ما أقول لأننا نزلنا وظهر لي الحضور من

الخلف ولا مجال لتغيير أي شيء بعدما أفسده , علمت أن ما أريد

لن يحدث لكن ليس هكذا , قلت بتذمر وبكاء بين تصفيق

الحاضرات لنا " أفسدت كل شيء يا معتصم "

كنا حينا منتصف السلالم فأنزلني وأمسك يدي ونزل بي قائلا

" أنتي تريدين وأنا أريد والله يفعل ما يريد "

قلت باستياء " بل أنت فعلت ما تريد "

قربت رأسه مني وهمس " ابتسمي فالجميع ينظر لك "

قلت بسخرية " بل ينظرون لك أنت وكل خوفي

أنك جئت ليروك "

ضحك ووصلنا للأسفل وعاد وحملني مجددا حتى المنصة وأجلسني

هناك وغادر بخطوات سريعة وجميع الأنظار بدلا من أن تكون

منتبهة لي أصبحت منتبهة له مغادرا , ذاك المحتال هل ينقصه

ليعرف أكثر أنه وسيم وملفت للنظر





*

*





وقفت في منتصف الممر الذي أخبرتني عنه فرح وأشعر أن وجودي

هنا كله خاطئ أكاد أدخل قصرهم وأنا رجل غريب ووسن تأخرت

وكم أخشى من نتائج هذا المخطط , كنت سأتراجع وأعود من حيث

جئت حين سمعت كعب حداء فالتفت ووقفت مكاني أشاهدها وهي

تبحث عن شيء ما أو أحد ما وهذا مخطط شقيقتها توصلها هنا

والباقي علي أنا وعليا أن أدخل لها , اقتربت وبقيت لوقت أرسم

تفاصيلها بعيناي المشتاقة وهي لم تنتبه لي , فكم قاس هوا البعد يا

وسن ولو تعلمي كم أتعذب من الشوق والحنين ولو تشعري بي ما

تركتني يوما واخترتِ حتى السفر بعيدا عن البلاد التي أنا فيها

بقيت واقفا اروي عطش عيناي بها بفستانها القرمزي المنحوت

على جسدا ورغم بروز بطنها قليلا إلا أنه لم يفسد فيه شيئا

شعرها مرفوع للأعلى وخصلات منه تعانق جبينها وأطراف

وجهها وكانت هذه المرة الثانية فقط أراها فيها متزينة بعد تلك

المرة في زواج جواد وفرح فلم تترك لنا الظروف أي فرص

فحتى زواجي بها كان في توقيت سيء أبعد ما ستفكر فيه حينها

أن تتزين لي , انتبهت لوجودي أخيرا ونظرت لي بصدمة واقفة

مكانها لتتحول نظرتها لشيء لا أفهمه ولم أجد له تفسيرا , قولي

أنه الشوق يا وسن قولي أنه الحب أنه الفقد والاحتياج واركضي

نحوي وارتمي في حضني , أرخت نظرها لتغلب على ملامحها

نظرة اللوم والعتاب , لم تكن كرها ولا حقدا كانت جرحا ولوما

نعم , خطوت ناحيتها عدة خطوات وكنت سأتحدث لولا أن دخل

علينا صوت كعب حداء آخر خرج من الممر الذي جئت منه ليتحول

نظر وسن هناك وبصدمة حتى خُيل لي أنها لم تعد تتنفس فالتفت

بريبة للواقفة خلفي فكانت مي , لا ليس أنتي والآن تحديدا ومِن هذا

الممر بالذات , بل لم أتوقع أن تحضر وكيف !

وقفت تنظر لنا بصدمة لا تقل عن صدمتنا ليعيد نظري ضحكة

وسن الصغيرة الساخرة ثم قالت بأسى " لا يترك القدر فرصة

لا يعطيها لك لذبحي يا نواس "

ثم غادرت عائدة من حيث جاءت , نعم اختفت في لمح البصر

وزادت الظنون لديها ظنونا فما سيخبرها عقلها غير أني ومي

كنا هناك أو متفقان على اللقاء هنا وهي سبقتنا , ما هذا الحظ

الذي لديك يا نواس , عدت أدراجي مجتازا لمي التي لازالت

تنظر لي بصدمة ولم تتحدث بشيء ولا أنا لأني خرجت فقط

وفي صمت , ودّعت معتصم لأغادر وباركت له ووصلت عند

جواد الذي كان يتحدث في هاتفه قائلا " ما بها !! حسنا أخرجا

أنا أنتظركما "

قلت بريبة " ما بهم "

قال متوجها لسيارته " وسن يبدوا تعبت في الداخل "

مررت أصابعي في شعري وأشعر أن آخر الحصون التي تبقت

لدي لمقاومة القادم قد انهارت ثم ابتعدتُ عن السيارة ليخرجا ولا

تراني وعدت للمزرعة وليلة سوداء مرت علي لم أترك فيها هاتفي

وكلما اتصلت به قال أنها لا تتوقف عن التقيؤ والألم ولا تتحدث

بشيء كعادتها , بعد ساعتين اتصلت به فأجاب بعد وقت

وقال بصوت فيه نوم " نعم يا نواس "

قلت " كيف هي الآن "

قال ببحة " بخير ونامت أخيرا , لا تقلق ونم أنت أيضا "

قلت بأسى " وأي نوم سأنام ستصحو من نومها وتعود لأوجاعها

أعرف مرضها جيدا , اسمع ما سأقول يا جواد "

بقي صامتا يستمع لي وأغمضت أنا عيناي بألم وقلت

بصوت ضعيف " خذاها وسافرا "

قال بصدمة " ماذا تقول !! "

قلت من فوري " نفذ ما أقول فعلى وسن أن تبتعد وتزور الطبيب

المتخصص هناك وتبدأ في العلاج فهنا لن تزداد إلا سوءا ولن

ترضى الذهاب مجددا للطبيب النفسي فأنت تعلم نظرة الناس

هنا لمن يذهبون له "

قال من فوره " ولكن كيف تتركها تذهب ... وأنت "

قلت بحزن " أفضل لي من أن تموت أمام عيني وابني معها "

قال بريبة " ولا تقل أنك ستطلقها "

قلت مباشرة " لا طبعا وهل لي قلب على ذلك لأرجع

وأبحث عن فرصة أتزوجها بها مجددا "

قال بحيرة " لا أعلم ما أقول لقد فاجأتني يا نواس كيف ترضى

بهذا فقد يطول سفرنا لسنوات ثم أنا مقتنع ببقائي هنا ولم

تعد لدي الرغبة في السفر "

قلت " أفعل ذلك من أجلها فعليها أن تشفى ثم

لكل حادث حديث "

قال بهدوء " لا أعلم ما أقول لك "

قلت " ما قلته هوا الصواب فهوا أقسى عليا من الجميع

لكن لا حل غيره مؤقتا على الأقل "

تنهد وقال " أخشى أن تكون العواقب بالعكس "

قلت بأسى " لن تسوء أكثر من هذا سأحجز لكم في أقرب رحلة

وخذاها قبل أن أضعف وأغير رأيي , أقسم لولا خوفي عليها من

مرضها ما وافقت أن تبتعد عني شبرا ولا أن تخرج من المزرعة

ولو مرغمة وسنتصافى إن اليوم أو الغد "

قال بقلة حيلة " كما تريد ولن أخبرها طبعا أنك من

طلب هذا كي لا تكبر ظنونها أكثر "

قلت " يكون أفضل واسعيا جهدكما لتباشر العلاج بسرعة

وكل التكاليف سأرسل ثمنها لك "

قال " حسنا هل تأمرني بشيء آخر "

قلت بغصة " لا واعتنيا بها جيدا وبابني ... وداعا "





*

*





ما أن انتهى الحفل وغادر الجميع بدأت الخادمات في العمل الذي

لن ينتهي قبل الصباح بالتأكيد فوقفت بينهم وقلت , أنتم تعبتم اليوم

كثيرا وظُلم في حقكم أن تسهروا الليل في ترتيب وتنظيف كل هذا

فأخرجوا الطعام من هنا وأغلقوا القاعة واتركوا كل شيء للغد

حتى تناموا وترتاحوا لكن باكرا طبعا "

كانوا وكأن ساعة الفرج جاءتهم وأنارت وجوههم مبتسمات

وبدأن على الفور بإخراج باقي الطعام وصعدت أنا للأعلى وزرت

الفتاتين وأمجد وتأكدت من أنهم ناموا وتغطوا جيدا وتوجهت

لجناحي , لن أتصرف بغباء كالسابق وأنام بعيدا ولن أرضى عنه

بسهولة طبعا فكان عليه إخباري بسبب إشاعة زواجه لا أن يأتي

ويزف لي الخبر وكأنه مبسوط جدا بردة فعلي ويريد أن يختبرها

لثاني مرة يفعلها أخفى عني أمر خالته حتى كبرت مشاكلنا وعظمت

والآن كاد يقتلني وابنه لا وحين خيرته لم يكلف نفسه ولو أن يقول لي

الحقيقة وقتها بل خرج وتركني وجلبها لي اليوم ويده على كتفها وقدّم

رحلته من أجلها , أعلم أنها مجرد مسئولية وفتاة يتيمة يرى أنه مسئول

عنها لكن ليراعي مشاعري أيضا أنا في النهاية امرأة وهي امرأة ولو

كانت صغيرة فهي فاتنة ومميزاتها كثيرة ولولا فارق العمر بينهما لكنت

قطعت له يده التي امتدت لها أمامي , زفرت بقوة بل بضيق وشغلت

التدفئة في الغرفة الباردة وتوجهت لغرفة الملابس أخذت فستانا قطنيا

قصيرا وسميكا وواسعا من الأسفل ليريحني فلن ألبس له قميص نوم

وأحتفل بقدومه , وضعت فستاني الذي كنت ارتدي حيث الثياب التي

سيتم أخذها لمعمل الغسيل واتكأت على المرأة وسرحت في الأرض

لا أنكر أني اشتقت له بل واشتقت جدا وكاد يغمى عليا حين رأيته

أمامي قبل موعد قدومه فلم أره منذ ذاك اليوم في المستشفى ولم اسمع

ولا حتى صوته لأني كنت أتصل لأبنائه به ليكلموه حين يطلبون ذلك

وأنا لم أتحدث معه وحمدا لله أنه حين أشاع ذاك الخبر عن موته كنت

في المستشفى لكنت حينها لن افقد جنيني فقط بل وحياتي معه وهوا دبر

كل ذلك ويعرف أني في المستشفى ولن أعلم قبل الصباح والمخطط

كان أن تسمع خالته لأن ما فهمته من معتصم حين تحدث مع عمه

منصور أن الطبيب اقترح هذا على جابر منذ وقت وهوا رفض وقرر

حينها فعلها وطبعا أصبح الجميع يعلم بقصتها وحقيقة أنها ليست والدتهم

وحكت لي بتول ما حدث يومها وكيف انهارت أعصابها وحدثت معهم

أمور هنا لولا عقل معتصم الكبير لخرجت للشارع مجنونة ولن يجدوها

وجاء جابر سريعا وسافر بها كما هوا مخطط لطبيبها هناك ومنذ ثلاث

أشهر وهوا وعمه منصور معها هناك ويبدوا عانت كثيرا وما

فهته أن حالتها تحسنت قليلا وجلبوها هنا ووضعوها في مستشفى

خاص حتى يحين وقت إخراجها , حين كان جابر هناك قرر أن

يرسلوا له والدتي أيضا ويفعل كل ما في وسعه لتتحسن حالتها

ولو قليلا وما أن بدءوا في إجراءاتها أخذ الله أمانته وماتت فكم

حزنت على فراقها فهي بقية أهلي ولم ترى لا أبنائي ولا أبناء

ابنتها حسناء وعانت طويلا وحين كتب لها الله أن تخرج أخيرا

لأنها كانت ميتة بحكم القانون سبق لها الموت

ارتجف كل جسدي وخرجت من أفكار حين سمعت باب الغرفة

وهوا يغلق وهذا جابر بالتأكيد , وقفت مكاني ولم أتحرك وأنا أسمع

حركته في الغرفة وفتحه للخزانة ثم توجه للحمام يحمل في يده منشفة

ووقف مكانه وعاد خطوة للوراء ونظر لي بالداخل ثم تابع سيره

قائلا " من ماذا هاربة هناك "

تنهدت بضيق وخرجت لحظة دخوله الحمام , ها قد بدأ بالسخرية

مني مزاجه في أحسن حالاته لكن لا مزاج لي له ويبدوا يسعده تعكير

مزاجي المعكر من أساسه , أخذت كريمة ترطيب وجلست على

الأريكة وبدأت بذهن يداي وقدماي فخرج سريعا بمنشفته ودخل

غرفة الملابس وخرج بعد قليل يرتدي بنطلونا وقميص داخلي

أبيض فقط وتوجه نحوي وجلس بجواري وأخذ علبة الكريمة

مني ووضعها جانبا وقال " كيف كان الحفل "

لم أجب طبعا فتسللت يده لرأسي وأخرج مشبك الشعر منه

وفتحه لينزل خلف ظهر الأريكة وكان مصير المشبك الأرض

طبعا فها قد جاء عدو المشابك , خلل يده فيه وقال

" هل سيطول هذا الصمت "

نظرت للأسفل ولم أجب فمد يده الأخرى لوجهي وأمسك ذقني

ورفعه وأدار وجهي له وقال هامسا وعيناه في عيناي

" هل أخبرتك اليوم حين أتيت أنك كنتي جميلة "

الله أكبر هذا تطور جديد فلم أسمعها منه سابقا مهما تزينت

ولبست نعم يريد أكل عقلي بكلمتين , ضننت أنك لا تتقن أسلوب

الرجال هذا في الخداع أو لا تعترف به يا جابر لكني أخطأت

بقيت أنظر له بصمت فقبّل شفتاي بشفتيه قبلة صغيرة وتحسسهم

بها فشعرت أنها سرت كارتعاشه في كامل جسدي وتوترت أنفاسي

فأتبعها بأخرى فأبعدت وجهي لأني سأضعف وهذا ما لا أريده حتى

نتفاهم أولا , أعاد وجهي ناحيته مجددا وقال " أرجوان هناك أمر لم

تعرفيه عني سابقا وهوا أني أكره ما لدي أن أتحدث لشخص يتجاهل

ما أقول وكأني جدار أمامه ولا أريد بالفعل أن أخطأ معك

فلا تحديني على ذلك "

أنزلت رأسي للأرض وقلت بحزن " وهل تعرف أنت ما أكره

وتتجنبه أم معادلة من طرف واحد فقط "

وضع ساق على الأخرى وقال " جميل سمعنا صوتك أخيرا "

ثم وضع ذراعه على كتفاي وقال " وما هذا الذي تكرهيه "

قلت ونظري لازال للأسفل " أن تتجاهلني أيضا وكأني جدار

في أمور كانت ستضع بل ووضعت حياتنا على المحك خالتك

وحقيقتها ومرضها ثم الفتاة وإخباري بزواجك بها أنا لست من

الإجرام أن أواجه خالتك بحقيقتها لو حكيت لي عنها بل كنت

سأراعيها وأتفهمها وننقد زواجنا من الضياع أو تراني فردا من

عصابة المجرمين وسأسلمهم الفتاة وأخبرهم عنها , ثم ماذا إن

علمتُ ليلتها بأي طريقة كانت بخبر موتك المزيف هل فكرت

في ذلك يا جابر , ماذا سيحدث لو كُنتَ عاملتني كزوجة

كإنسانة كشريكة في السراء والضراء كي لا يغرق

مركبنا وأكون أنا الملامة "

مال لكتفي وقبّله وقال " كل هذا تحمليه في قلبك علي "

قلت بحزن " وأكثر "

ضحك وضمني له بذراعه وقال " حسنا قولي كل شيء "

قلت بضيق " جابر لا تعاملني كالمعلولة نفسيا تتركها

تفرغ ما في قلبها وتتجاهل حل كل هذا "

تنهد وقال " حسنا وكيف نحل مشاكل فاتت وانتهت "

وقفت ووضعت يداي وسط جسدي وقلت " لا لم تنتهي لأنه

ستتبعها أخرى وغيرها وغيرها وطبعك لن يتغير لأنك مقتنع

به أنا أعرف أنك رجل عاقل وعادل أو ما كنت تحدثت أبدا "

اتكأ بمرفقه على ظهر الأريكة وسنّد رأسه بيده ناظرا لي

للأعلى وقال " نعم لكنتِ نمتِ في غرفة أمجد سابقا "

قلت بضيق " هل رأيت نفسك كيف تحاسبني أيضا على

كل شيء في الماضي ولا تنساه "

قال ببرود " كي لا يتكرر طبعا "

تركته وتوجهت للشرفة المغلقة ووقفت أمامها مكتفة يداي

لصدري وقلت " ولما معي كانت مشاكل قديمة لن نحلها الآن "

وقف وتوجه نحوي ووقف خلفي وضمني له بذراعيه وقال ويداه

تحضن بطني " حسنا وما حلها في رأيك سيدة أرجوان "

قلت مباشرة " لا تتكرر "

قبل خدي وقال مبتسما " هل أجلس أسرد لك مهامي وعملي

ومخططاتي لكل يوم إذا "

قلت ببرود " لا تسخر مني يا جابر أنت تفهم قصدي جيدا

ما تراه سيتسبب بمشاكل بيننا تُعلمني به وكأني نفسك وإن

خرج مني حرف منه فاقطع عنقي أنا راضية "

دس وجهه في شعري وقال " حسنا أوامرك مولاتي هل

ننتهي باقي ليلتنا على خير "

قلت " لا ... حقق لي شروطي أولا "

قال بعد ضحكة صغيرة " وشروط أيضا كل هذا

ولم تنتهي شروطك "

قلت " نعم فانا لم أتحدث عنها بعد "

تحسس بطني بيديه وقال " وكيف هي صحة ابن والده "

قلت ببرود " ابنة وليست ابن ولا تهرب من موضوعنا "

قال " فتاة إذا جيد كثرت الفرص لأبناء عمي منصور "

لذت بالصمت ولم أعلق فابعد يداه ولفني ناحيته وقال

" وما هي شروطك لنرى "

نظرت لعينيه وقلت " وتحققها أم ستسمعها وتسخر مني فقط "

قال بابتسامة جانبية " أسمع وأرى "

رفعت سبابتي لشفتاي وقلت " أقسم يا جابر أني لن أتنازل

عنها وإن وصلت بيننا المواصيل لأقصاها "

وضع يداه وسط جسده وقال " ولا تنسي يا أم قَسم أنك أقسمت

أن لا تطلبي الطلاق وإن ذكرته أمامي مجددا كسرت لك

رأسك ولن أطلقك مهما حدث "

قلت ببرود " لا تخلط المواضيع ببعضها "

قال بضيق " وما قصدك بأن تصل بيننا لأقصاها "

قلت بهدوء " أنت بدأت تفقد أعصابك ولن نتفاهم هكذا "

هز رأسه بلا ولم يتكلم فحضنته أنا هذه المرة ونمت برأسي

على صدره وقلت " جابر أقسم أني أنا هي لم تتغير فراعني

أنا امرأة وبشر ولي حقوق عليك أيضا "

ضمني له بذراعيه وقال " ولم أنكر هذا يا أرجوان ورغم تعبي

جالس معك منذ وقت في حرب بالكلام لنصل لحل لكل هذا "

ثم أبعدني عنه وأمسك وجهي وقال " قولي ما لديك

وسأعمل جهدي لتحقيقه "

قلت مبتسمة " وهذا ما أريد وستستطيع تحقيقه إن أردت ذلك "

أنزل يداه لذراعاي وقال " حسنا قوليها ولا تكثري "

لويت شفتاي وقلت " دائما تفسد جملك بكلمات تختمها بها "

ضحك كثيرا ثم قال " أقسم أني اشتقت "

نظرت له بصدمة فقال بمكر " اشتقت لأن أتوقع ردود

أفعالك وأخطأ كالسابق "

تنهدت بيأس فقال " بسرعة لننام ألا تشعري بالتعب "

قلت بنصف عين " ننام ... سنرى "

ضحك وقال " كله نوم هيا قولي ما لديك "

قلت " أول شيء أريد منزلا لي وحدي أنا من آمر وأنهى فيه "

أبعد يداه عن ذراعاي ووضعهما في جيوب بنطاله وقال

" يا ظالمة يا أرجوان ألستِ الآمر الناهي هنا ثم نكاد

نجد حلا لمشكلة خالتي وستشفى "

هززت رأسي بلا وقلت " يبقى ليس منزلك ومنزلي

والجميع حقهم فوقي "

قال " هذه محلولة والمنزل جاهز لكن خالتي لن تكون إلا معي "

هززت رأسي بحسنا وقلت " ولست أمانع ذلك بل لن

أوافق على غيره "

قال مبتسما " الأولى حللناها فهاتي الثانية والأخيرة "

قلت ببرود " في أحلامك فمازال هناك اثنتين "

قال بذات ابتسامته " أمري لله قولي هيا "

أشرت بأصابعي وقلت " ثنيا تترك الشرطة بجميع مجالاتها

ولا تكون ولا حتى شرطي مرور لا أريد أن نخسرك وأن أسهر

ليلي آكل نفسي انشغالا عليك فكم حرمتني النوم لليالي وأنت

في عملك وحتى أحلامي أصبحت كوابيس بأنهم قتلوك "

أمسك أنفي وقال " حاضر "

قلت بصدمة " حقا وافقت بسهولة ظننتك سترفض "

قال ببرود " وهل كنتي تبحثين عن أمور أرفضها "

هززت رأسي بلا فقال " هذا لأني عاهدت نفسي سابقا حين

أصيبت ترف أن أترك الشرطة ما أن تنتهي قضية المصانع

فقط بقي لي أمرين سأقوم بهما أولا "

ثم أمسك أنفي مجددا وقال " أتحفينا بالثالثة "

أبعدت يده وقلت " كلامك ذاك في السابق "

نظر لي بحيرة وقال " أي كلام "

قلت بضيق " نعم نسيته بسهولة معك حق "

بقي ينظر لي بعدم فهم فقلت " التعود والعشرة والبطيخ أريد

أن أفهم حالا قصدك به ومكانتي لديك "

وضع يديه وسط جسده ينظر لي في صمت فقلت

" سنبقى هكذا حتى الصباح أو تتحدث بالحقيقة "

قال " أي حقيقة "

قلت بغيض " جااااابر تكلم حالا "

رفعني ورماني على السرير وقال " لم أفهم بعد "

جلست وقلت " بل تفهم "

جلس بجواري وقال " حققت لك اثنتين فاشطبي على

الثالثة ونكون تعادلنا "

هززت رأسي بلا وقلت " هذه هي الأهم "

حضن وجهي بيده مخللا أصابعه في شعري وقبّل خدي

وعنقي وأعادني للوراء نائمة على السرير وقال بهمس

" لو كانت الأهم ما تركتها في الأخير "

قلت باستياء وهوا منشغل بقبلاته لخدي وعنقي

" جابر لا أريد لتلك الليلة أن تتكرر وتقتلني بها "

ابتعد عني حينها وقال بضيق " أرجوان والمطلوب في

هذه الليلة الطويلة "

جلست مجددا وقلت " قل فقط أن ما بيننا ليس عشرة وتعود

وغريزة وباقتناع منك ولن أطالب بغيره لأني يئست منه "

بقيت انظر له منتظرة جوابه لحظة أن سمعنا طرقات على

باب الجناح سريعة ومنخفضة ومتتالية فقفز واقفا وتبعته

قائلة بخوف " يا رب إلا أبنائي "

وخرج وأنا أركض خلف وفتح الباب فكانت بيسان واقفة أمامه

وقالت باكية " بابا ترف مريضة كثيرا تعاليا بسرعة "

فخرج راكضا وأنا اتبعه حتى دخلنا غرفتيهما وكانت في سريرها

تئن وتتنفس بصعوبة يتحرك معها صدرها وينتفض من حين

لآخر فبدأت بالبكاء وحملها جابر وقال " أرجوان يكفي جنون

ولا تنسي صحتك ستكون بخير "

خرج بها وأنا أتبعه قائلة " علمت أن ركضها وحركتها

الكثيرة اليوم لن تمر بخير هذا "

وصل السلالم والتفت لي وقال " أحضري لي قميصا بأزرار

بسرعة وأنزليه لي للأسفل ولا تنزلي هكذا "

ثم نزل مسرعا وركضت أنا جهة الجناح ودخلت وأخرجت له

قميصا ولبست عباءتي وحجبي ونزلت فكان قد وضعها في السيارة

فأعطيته القميص وقلت وهوا يلبسه " سأذهب معكما لا تمانع

جابر أرجوك "

ركب السيارة وقال " حسنا بسرعة "

ركبت معها في الخلف وغادرنا فورا وكان يغلق أزرار القميص في

الطريق وأنا أحضنها في الخلف وأبكي بصمت وتفكيري معها ومع

بيسان التي بقيت هناك تبكي , مسكينة يا ابنتي كم ستشهدين من

فواجع وأناس تمرض أمامك , نظرت لجابر وقلت " بيسان

وحدها هناك وأصبحت تخاف اتصل بالفتاة سما تبقى معها "

أخرج هاتفه فورا واتصل بها فأجابت سريعا وقال " اعذريني

أيقظتك من نومك لكننا خرجنا للمستشفى وأريدك أن تبقي مع بيسان "

سكت قليلا ثم قال " لا .... ترف تعبت قليلا وأخذناها معا وشقيقتها

تخاف منذ رأتها مصابة وسأطمئن إن كنتي معها "

قال بعدها " شكرا يا سما "

" نعم بالتأكيد سنطمئنك وداعا الآن "

ثم أعاد الهاتف لجيبه ووصلنا للمستشفى وأنزلناها هناك وأدخلوها

قسم الطوارئ ودخل لها طبيبان سريعا وبقينا نحن في الخارج ولم

يتحدث أي منا مع الآخر والتوتر فقط بلغ حده عندي , خرج الطبيب

سريعا وتوجهنا نحوه فقال في الفور " يبدوا أجهدت نفسها كثيرا

وقد حذرنا من هذا , ما بكم وكل شيء كان يسير على ما يرام "

قلت من فوري " حاولت جهدي لكنها طفلة ولعبت

كثيرا مع الأطفال "

هز رأسه وقال " لا تقلقا ستكون بخير ولقد نامت الآن , رئتها

ما تزال متعبة وعليكم الاهتمام براحتها أكثر أعلم أنه أمر صعب

على طفلة لكن الإهمال ستكون عواقبه سيئة على مستقبل

رئتيها وتنفسها "

قال جابر " هل هي بخير الآن "

قال " نعم سيدي أبقوها هذين اليومين هنا وستكون أفضل "

ثم غادر وتركنا فضممت يداي لصدري وقلت بهمس

" حمدا لله جاءت على هذا "

فحرك جابر رأسه وتنفس بقوة وكأنه يمسك نفسه عن الكلام

فقلت " جابر لا تلقي باللوم علي أقسم أني كنت أرعاها أكثر من

نفسي وصحتي وأمامك الطبيب قال أن كل شيء كان على ما يرام

ومن كثرة ضغطي عليها ومراقبتها تركتها تلعب بالأمس فقط

حتى الرقص منعتها منه "

نظر للأرض ومرر أصابعه في شعره وقال " دعينا نرجع للقصر

الآن وسنعود صباحا "

أمسكت ذراعه وقلت " أتركني معها "

رفع رأسه ونظر لي فقلت بدمعة محبوسة " ليس من أجلها فقط

بل ومن أجلك وأجلي أتركني حتى تخرج "

هز رأسه بحسنا وغادر وتركني وقد فهم بالتأكيد معنى كلامي

لا أريد أن ترجع تلك الأفكار لرأسي واشعر مجددا انه ينام معي

من أجل غريزته وتعوده وكل تلك الأشياء التي غرسها في عقلي

سابقا فرفضه الكلام في الأمر سيجعلني أرجع لذات الظنون وقد

أقول أشياء أندم عليها لاحقا كما حدث في السابق , أعلم أنه عاد

من سفر دام لأشهر ومن المفترض أن ينام مع زوجته وليس

وحيدا لكن مصاب أخف من أسوء منه





*

*

 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر  
قديم 20-08-15, 05:28 AM   المشاركة رقم: 48
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الواحد والثلاثون)

 







ما أن وصلنا الفندق ودخلنا جناحنا حتى رمى الغطاء عني والطرحة

وبدأ يفك تسريحة شعري فقلت " معتصم ماذا تفعل "

قال وهوا يخرج المشابك ويرميهم " لا يعجبونني هل لديك اعتراض "

قلت باستياء " أنت هكذا تهوى إفساد الأمور خصوصا

لو كانت تخصني "

أزالها جميعها وأنزل شعري على ظهري ثم أمسك وجهي

وقبل شفتاي قبلة صغيرة وقال " غيري هذا الفستان

والبسي لنخرج "

قلت بصدمة " نخرج !! "

جلس على الأريكة وقال " نعم أم تري من العقل ما يفعله الجميع

وهم يغلقون على الفتاة غرفة ويرعبونها على خوفها وتوترها

وكأنهم في سباق مع الزمن وليس كل شيء ملحوق عليه ويأتي

بروية وباستمتاع ..... بسرعة لا تتأخري "

تركته ودخلت الغرفة وأغلقتها خلفي , تفكيره غريب لكنه سليم

فغلقه علينا الباب الآن سيسبب لي التوتر بالتأكيد واقترابه مني

كما يفعل حين يقبلني سيسبب لي الذعر , غيرت ملابسي وخرجت

له فوقف وقال " هيا فسهرتنا الليلة طويلة ولا تقولي أنك

متعبة وتريدين النوم "
قلت بحماس " لا طبعا فأين سنذهب "

أمسك يدي وأخرجني من الجناح قائلا " لجميع الأمكنة الرائعة

وأولها البرج ولن نرجع قبل الفجر وننام فورا "

خرجت معه وشعرت الآن فقط بمعنى كلامه ومعه حق على

ماذا يستعجل الرجال , معتصم بالفعل إنسان مختلف لمن يعرفه

عن قرب والمدة الماضية والظروف التي مرت بها العائلة أكدت

لي كل ذلك وأنه رائع حقا فقط لو تبتعد عنه الفتيات بأعينهن





*

*





ما أن اتصل بي جابر حتى خرجت بحثا عن ابنته رغم أني لا

أعرف كيف أتحرك في قصرهم فهوا كبير ولا أحفظ فيه شيئا

وجدت السلالم فنزلت منها للأسفل ولحسن حظي وجدتها عند

باب المنزل تبكي هناك فتوجهت نحوها ونزلت عندها وحضنتها

وقلت " بيسان توقفي عن البكاء والدك اتصل بي وقال أنها بخير "

ابتعدت عني وقالت " هوا اتصل بك "

وقفت وأمسكت يدها وقلت " نعم هيا اصعدي معي لغرفتك حتى يعودا "

هزت رأسها بلا وقالت " سأنتظرهم هنا "

نزلت لها مجددا وقلت بهدوء " هل يرضيك أن يغضب منك والدك "

هزت رأسها بلا فقلت " إذا اسمعي كلامه فهوا من طلب مني

أخذك لغرفتك وإن جاء ووجدك هنا سيغضب "

سارت معي وإن مرغمة وصعدنا حيث غرفتها وشقيقتها وهي من

أوصلني لها طبعا وحاولت جهدي تسليتها بل إلهائها بأن أخرجت

كتب التلوين وقصصهم أسألها عنهم حتى طرق أحدهم باب الغرفة

ودخل فكان جابر فانطلقتْ نحوه مسرعة ونزل لها هوا وحضنها

وقال " هي بخير توقفي عن البكاء "

قالت بعبرة متعلقة بحضنه " أين هي لم تحضرها إذا "

قال ماسحا على ظهرها " الطبيب قال من الأفضل تركها ليومين

ووالدتك بقيت معها وستكون بخير هذا فقط لأنها لعبت كثيرا

بالأمس هيا بيسان لا تتعبي سما معك "

ابتعدت عن حضنه تمسح دموعها وقالت " وهل ستأخذني

لأراها اليوم "

مسح على شعرها وقال " إن وجدت وقتا سوف آخذك أو آخذك

غدا هيا لسريرك بسرعة "

توجهت لسريرها في الفور ووقف هوا وقال " سما آسف لإزعاجك

لكن لو لم يكن لديك مانع فنامي معها هنا ولا تتركيها "

قلت مبتسمة " أبدا لا أمانع وحمدا لله على سلامة ترف "

قال مغادرا " سلمك الله وكوني جاهزة باكرا سنغادر معا "

ثم أغلق الباب وغادر وجلست أنا بجوار بيسان في سريرها

حتى نامت ثم نمت على سرير شقيقتها ولم أستيقظ إلا على

صوت يوقظني ففتحت عيناي فكانت الخادمة وقالت

" آنستي السيد جابر يطلبك في الأسفل "

وقفت بسرعة ودخلت الحمام, يبدوا أني نمت بسبب سهري

البارحة ولم أشعر بالوقت , غسلت وجهي وخرجت وكانت بيسان

ما تزال نائمة , غيرت ملابسي ونزلت له سريعا فكان جالسا في

الأسفل يتحدث في هاتفه ووقف ما أن رآني وخارج ولازال يتحدث

به وأنا تبعته حتى ركب سيارته وركبت بجانبه وانطلقنا ثم وضع

هاتفه في جيبه وقال " الجميع ينتظرنا في منزلك هناك "

نظرت له وقلت " تقصد منزل عمي "

نظر لي ثم للطريق وقال " بل منزلك الذي كان منزل جدك

ليعترفوا أول شيء أنه ملك لك رغما عن أنوفهم وستعيشين فيه "

نظرت وقلت " وحدي !! "

وقفنا عند الإشارة وأخرج هاتفه الذي يرن قائلا " هوا ومنزل

عمك في نفس السور إلا إن كنتي تريدين البقاء حيث كنتي "

نظرت للأسفل وقلت " بلى أريد أن أبتعد عنهم لكن

كيف سأعيش وحدي "

أجاب على هاتفه قائلا " نعم أتركوه سآتي له بعد قليل "

ثم أعاده لجيبه وقال " سما العقيد سالم حدثني عنك مجددا كما

أن أسامة أيضا يقترح أن تتزوجا لتكف ألسنتهم عنك "

نظرتُ له بصدمة وقلت " أسامة قال ذلك !! "

تحرك بالسيارة وهز رأسه بنعم دون كلام فقلت بأسى

" ولما يتزوجني ليضحي من أجل أن لا أبقى وحدي

وأن يحميني منهم "

تنهد وقال " لو لم يكن مقتنعا بذلك ما عرض الأمر علي ولا

تُجبري نفسك على شيء يا سما أنتي صغيرة وليس من حق أحد

إجبارك على الزواج الآن ولا حتى ظروفك , يمكننا أن نوفر لك

خادمة وامرأة تهتم بشئونك وتبقين في منزلك هناك ستكون ونيس

لك وستكونين صداقات كثيرة وتُنهي دراستك ثم تقرري الزواج بمن

تريدي كما أن سالم يقترح أيضا خطوبة فقط الآن والخيار لك وحدك "

نظرت جانبا للنافذة ولم أعرف ما أقول هل أرفض الزواج وأنا في

أمسّ الحاجة لمن يكون معي وبجانبي أم أتزوج وأنا غير مقتنعة

بهذا وأراه ليس وقته والأسباب كثيرة !!!

وصلنا حينها لسور منزل جدي وعمي ودخلنا بالسيارة للداخل

وأوقفها أمام منزل جدي ونزل وأنا نزلت معه ودخل أمامي بكل

ثقة وكأنه منزله أو اعتاد زيارته ودخلتُ أنا خلفه , كانت المرة

الأولى أدخله فمن كثرة ما أنكروا ملكيتي له وأوجعوا لي رأسي

كرهت حتى رؤيته ولو من باب الفضول , كان كبيرا وفخما وأثاثه

وكأنه جديد ولم يُستعمل أبدا , معهم حق طماعون مثلهم ينكرون

حقي وحدي فيه , وصلنا للمجلس ووقفوا جميعهم أعمامي وأبنائهم

ما أن دخل جابر فهذا سيحترمونه رغما عن أنوفهم ولو خوفا منه

وقف وأنا بجانبه ووضع يده على كتفي ولم يحيي أيا منهم وكأنهم

جماد أمامه ثم قال بشخصيته تلك التي كنت أراه بها مع رجاله

وصوت ثابت ونبرة حازمة " جميعكم تعلمون لما

أنتم هنا في منزل سما "

نظر لهم بالواحد ثم قال " أقسم وأنا جابر حلمي إن مس أحد قرشا

من أموالها أو جرحها بكلمة ولو صغيرة أن ينسى طعم وشكل الهواء

الخارجي ويتعفن في السجن بل سيذوق عذابا لم يره سابقا , لقد وكلت

محاميا خاصا لها سيحسب شهريا كل عائداتها وأرباح حصتها من

محلاتها وأسهمها والآلات المستأجرة بل وستدفعون لها إيجار الجزء

الذي تملكه من مستودعات جدها ولا تضنوا أني غافل عن كل تفصيل

مهما كان صغيرا وسأتابع مع المحامي بنفسي كل شيء وأقسم أن

كل قرش يضيع منها سيُحسب لكم سنوات سجن

وهذا منزلها بحكم القانون وستعيش فيه ومن له قوة فليقل غير ذلك

أو يناقشها أو يخرجها منه وسيرى حينها من يكون جابر حلمي ولا

يكن بظنكم أنه لن يصلني ما سيقال لها حتى إن هددتموها بكلام لن

تقوله فسأعلم عنه ومن يمسها سيمسني ويمس سمعتي وشرفي

وتعلمون معنى ذلك جيدا فإن كان لدى أحدكم اعتراض فليقله

أمامي الآن أو ليبلع لسانه "

سكت ولم يتحدث أحد سوا أعينهم تحدق به في صمت فقال

" هل لديكم اعتراض على ما قلت "

قالوا معا بنبارت مختلفة " لا "

قال بجدية " والمهزلة الأخرى وهي تزويجها بأحد أبنائكم هل

هي فوضى أم حظيرة أغنام , وصاية سما ستكون لدي أنا لا

أعمامها ولا المحكمة ولن أزوجها إلا برضاها وموافقتي ومن

له رأي فليقله الآن "

وكان الجواب الصمت طبعا ولو كارهين فنظر لي وقال

" هذا منزلك واتفقت مع أسامة وستصل الخادمات ومدبرة المنزل

خلال يومين أو ثلاثة ومدرستك التي اختارها جيدة ومناسبة , إن

احتجت شيئا فاتصلي بي فقط ولو برنة حسنا "

هززت رأسي له بحسنا مبتسمة فقال " سنجتمع غدا ومحاميك

وأسامة معنا طبعا ونتم باقي الإجراءات اتفقنا "

هززت رأسي بحسنا فربت على كتفي وخرج قائلا

" أسامة اتبعني "

وخرج أسامة خلفه ليتبعهم البقية الواحد يتبع الآخر ولم يجرؤا على

قول شيء ولن يفعلوها مجددا رغم خوفي من مكرهم بي ولو أن جابر

أخافهم ويعلمون جيدا أنه يهدد ويفعل , تنهدت بارتياح فأخيرا لا

منغصات ولا كلمات طائرة وإهانات وتجريح بل ولن أرى

وجوههم ولو كنت سأعيش وحدي

نظرت من حولي للمكان الواسع الفارغ الميت رغم الرقي والفخامة

ثم تنهدت بأسى , ترى هل كُتب لي أن أعيش وحيدة كل عمري ؟

يا رب ألهمني للصواب لأفعله ولو كرهته نفسي





*

*





خرجت من عند ابن عم سما بعدما اتفقنا على كل شيء وعاد

لفتح موضوع الزواج وإن سألتها عنه وأخبرته أنها لم تعطيني

ردا , يبدوا أن هذه الفتاة تدخل قلوب الرجال وبدون دق أبواب

ولن تبقى لك يا أحمق يا نزار حتى تكون كما كنت تحلم وتعود

هذا إن كنت ستفكر فيها بعدما تصير في ذاك الوقت أو لا تجدها

هي خصوصا مع ظروفها الحالية فقد تتزوج ولو كارهة لذلك

ركبت سيارتي وغادرت من عندهم وتوجهت من فوري لمن

ينتظر هنا من ثلاث أشهر بل وأنا أنتظر أكثر منه هذا اللقاء

دفعت الباب ودخلت على صوته قائلا " متى سترحمونني إما

اقتلوني أو أخبروني عن جريمتي "

اقتربت حتى ظهر لي ورآني لتنفتح عيناه من الصدمة وقال

" جابر!! "

كان معلقا من يديه للأعلى وقدميه على الأرض فاقتربت منه

وأمسكت قميصه وقلت من بين أسناني " بل سيدك جابر يا إمعة "

قال بخوف " ماذا فعلت ماذا تريد مني "

تركت قميصه بقوة وتوجهت للدرج في المكتبة الصغيرة هناك

وفتحته وأخرجت منه سوط تدريب الخيول وضربت به على الأرض

واقتربت منه قائلا " أريد أن تذوق ما أذقته لغيرك يا متوحش "

قال من فوره " اذهب لها واسألها هي عن ....آآآآآآآآآآآآآآه "

وسكت صارخا بجلدة مني على وجهه جعلت فمه ينزف دما

وقلت بحدة " تصمت قبل أن تدنسها بكلماتك النجسة يا نجس "

ثم نظرت للواقف معنا وقلت " أخرج وأغلق الباب وابتعد "

فضرب التحية وخرج من فوره وأغلق الباب فجلدته الثانية

وقلت بغضب " لو لك لسان فقل الآن ما كنت تريد قوله "

ضربته مجددا وقلت " شقيقتي أشرف من جد جدك الذين ولدوك

وطبيب من شهد على أن ما حدث لها كان حادثا في طفولتها , هل

هكذا يتصرف الرجال يا صعلوك , كنت جلبتها لي إن عفتها فأهلها

لن يعافوها وما كانت ستمتد يدي عليها وأنا شقيقها لتفعلها

أنت وكنت سأزوجها بسيد سيدك يا حيوان "

وانهلت عليه جلدا ولم أكترث ولا لصراخه المتوجع فكل ما كان

أمامي حينها صورتها وهي تبكي وسنين سجنها لنفسها وكلام

الطبيب عما أصابها من تشوهات بل وقد تُحرم من الأطفال لكل

عمرها بسبب هذا الهمجي , ضربته حتى تعبت وكلما غاب عن

الوعي صببت الماء والملح على جسده لكي يجرب كيف كان يفعل

لها ولولا العمر لما عاشت بعد كل الذي رأته

أمسكته من شعره ورفعت رأسه ووجهه المغطى بالدماء وقلت

" شهر كامل من هذا العذاب ولا تفرح بأن اتعب فهناك من سيتناوبون

عليك , شهر مثلما فعلت بها وبعدها ستسجن لأربع سنين كما حدث

معها تماما وأقسم إن فقدت القدرة على الإنجاب بسببك أن تدفع

الثمن أغلى من الأطفال وأرني وقتها كيف ستنجبهم "

ثم خرجت وتركته وقلت للواقفَين بعيدا " يرتاح ساعة كي لا

يموت سريعا ثم تعاودون ضربه وساعة بساعة وسآتيه دائما "

ضربا التحية وقال أحدهما " حاضر سيدي "

ثم غادرت من هناك وعدت للقصر ودخلت وقلت للخادمة

التي مرت أمامي " أين سيلا "

وقفت وقالت من فورها " مع الأولاد سيدي "

قلت " أخبريها تجهز ملابس لأرجوان وترف وماذا

عن زهور هل عادت "

هزت رأسها بنعم وقالت " منذ وقت وقالت ستنام

ولا أحد يزعجها "

توجهت للسلالم " وصعدت لجناحي واستحممت وحين خرجت

وجدت حقيبة صغيرة ومؤكد وضعتها سيلا وبها الثياب فأخذتهم

معي ونزلت وغادرت القصر مجددا للمستشفى لكن ليس لترف

بل لآخر ودخلت على الطبيب فوقف وصافحني قائلا

" مرحبا سيدي "

صافحته وقلت " كيف هي اليوم "

جلس مع جلوسي وقال " جيدة فبعدما استفاقت بادئ الأمر تذكرت

كل شيء لكن حالات النسيان التام لازالت تزورها وهذا أمر لا

خوف منه قد يزول مع الوقت والعلاج وحتى إن بقي لن يؤثر

فيها كثيرا خصوصا إن استوعبتم حالتها "

قلت " ولن ترجع لحلتها السابقة مجددا ؟؟ "

هز رأسه بلا وقال " لن ترجع هي فقط ستحتاج لوقت لتتجاوز

حزنها فكأنها فقدت أبنائها للتو "

قلت " هل أستطيع رؤيتها "

قال بهدوء " لا أحبذ ذلك الآن ثم سنجمعها بأبنائك أولا "

قلت " ماذا إن عادت لها تلك الحالة برؤيتهم "

وقف وقال " لا تخف ثم أبنائك فتى وفتاتين ونريد أن ترى الأطفال

أولا ونُعرفها أنهم أبنائك , هي تذكركم جميعا وتعرف أسمائكم فقط

الصور ستكون لديها مشوشة في عقلها الباطن كما أنها تعلم بأنها

ظنت أنكم أبنائها لسنوات "

وقفت وقلت " جيد نفس النتيجة عند طبيبها هناك "

هز رأسه وقال " لقد بدل مجهودا كبيرا ورائعا معها شككت

أن تنجحوا في ذلك "

قلت بهدوء " رأينا أياما صعبة جدا هناك وكادت تفقد عقلها للأبد "

خرجنا بعدها من مكتبه وتركني أراها من خلف الزجاج , كانت تجلس

على سريرها وسارحة في الأرض , أتمنى من الله أن تخرجي قريبا

ولن أكون إلا ابنك جابر الذي عرفته ولن أنسى ما فعلته من أجلنا ما

حييت ولن تكوني إلا والدتي التي فقدتها صغيرا

خرجت بعدها من عندها وركبت سيارتي واتصلت بمعتصم

فأجاب سريعا فقلت " كيف حالكم "

قال " بخير وكيف الجميع هناك "

تحركت بالسيارة وقلت " جيدون ترف تعبت البارحة وأخذناها

للمستشفى وهي أفضل الآن "

قال مباشرة " ما بها "

لففت بالمقود وقلت " لا شيء خطير يبدوا لعبت كثيرا مع

الأطفال وتأثرت رئتها , متى راجعان أنتما "

قال " ليس اليوم "

دخلت المستشفى قائلا " حسنا غدا "

قال " أمممم سنرى "

نزلت من السيارة وقلت " أريد أن نجتمع غدا بعد خروج

ترف ولا تتحجج ثم بعدها أذهبا حيث تريدان "

قال ببرود " ها قد قلتها بنفسك ولا تنسى مثلما

أهديت زهور رحلة لنا واحدة "

أنزلت الحقيبة وأغلقت الباب وقلت " حسنا وكأنه لا أموال لديك "

قال ضاحكا " أموال زهور ليست أقل مني هيا وداعا

لأني مشغول "

أعدت الهاتف لجيبي مبتسما ودخلت المستشفى ليرن مجددا

فأخرجته وأحبت قائلا " شعرتم بي سريعا "

ضحك وقال " ومن لم يسمع بعودتك حمدا لله على سلامتك

ولا تنسى موعدنا المؤجل "

وصلت الغرفة وقلت " حسنا أعطني القليل من الوقت "

ثم دفعت الباب ودخلت





*

*





خرج الطبيب من عندها بعدما أبعدوا جهاز التنفس أخيرا وما

كانت لحظات إلا واندفع الباب وكان جابر يحمل حقيبة في يده

ألقى التحية واقترب ووضعها على الطاولة ثم جلس على السرير

مع ترف مقابلا لي ومسح على شعرها وقال

" كيف تشعرين اليوم "

قالت بصوت ضعيف " بخير متى سأخرج "

قال مبتسما " بسرعة هكذا , ورائك ليلة أخرى هنا "

نظرت له مستاءة فرفع رأسه ونظر لي وقال

" ماذا قال الطبيب اليوم "

نظرت لها وقلت " قال أنها أفضل وغدا يمكننا

إخراجها قبل منتصف النهار "

قالت ترف " بابا صحيح سيصبح لنا أختا صغيرة "

أبعدت نظري وأنزلت رأسي أخفي ابتسامتي وارتباكي

من الموقف وقال هوا بصوت مبتسم " نعم "

قالت مباشرة " ستنام معي إذا "

قال بعد ضحكة صغيرة " يكون أفضل وتخلصينا من

صراخها طوال الليل "

وقفت وقلت " جابر هل نتحدث قليلا "

وقف من فوره وانتقلنا للغرفة الملحقة بغرفتها ووقفت ووقف

أمامي وقال مباشرة " أرجوان ليس مكانه هنا "

نظرت له باستغراب وقلت " جابر ليس ما في عقلك كنت

سأقول , ما تضنني ناقصة عقل لهذه الدرجة !! "

أبعد نظره عني وقال " بل أخشى أن ترجع أرجوان الغبية تلك

وأنا من ظننت القديمة قد عادت "

تنفست بضيق ونظرت للأرض , هكذا إذا يحمل في خاطره من

آخر كلامي البارحة في السرير , لما لا يحق لي سؤاله وأن

يجيب بصراحة أنا كأي أنثى أحبّت رجلا وتريد أن تعرف

مكانتها عنده وحقيقة مشاعره نحوها "

رفعتُ رأسي على صوته قائلا " عودي معي للقصر لا

أرى حاجة لبقائك أكثر "

قلت بنظرة حزينة معلقة في عيناه " بل أرى بقائي أفضل

أعرف أنه تصرف خاطئ مني لكنها رغبتي "

تحرك ليغادر فأمسكت يده وقلت " جابر انتظر "

وقف مقابلا لي فقلت وعيناي في عينيه " أردتها حلا

للمشكلة لا أن تعقدها أكثر "

غادر دون أي تعلق آخر, أعلم أنه لازال يحمل في خاطره علي

وأني أخطئ بما أفعل لكني خفت حقا من أن تأكل الظنون رأسي

مجددا خصوصا بعدما انتهت مشكلة خالته التي كنت أعتقد أنها

سبب كلامه ذاك

تنفست بقوة واستغفرت الله وتعودت من الشيطان ثلاثا وخرجت

عائدة لغرفة ترف و يبدوا أنه كان عليا العودة معه للقصر فهذه

ثاني مرة يطلب مني وأرفض ولم أُقّدر مشاعره كرجل متزوج

عاد من غياب أشهر للتو , آخ متى ستتوقفين عن الجنون يا

أرجوان





*

*





استيقظت مبكرا لنجهز أغراضنا فطائرتنا اليوم ولم أسأل لما

وكيف وافق نواس على سفري ولن أسأل أبدا لأني أعرف

الجواب ، لم أتمنى الموت كما تمنيته تلك الليلة وأنا أراها تدخل

للمكان الذي أتى منه فما يفعل هوا هناك وما جاء بها هي قرب

نهاية الحفل ومن ذاك الممر تحديدا إن كان العريس صديقا لنواس

وهوا طلقها حسب كلامهم ، كم كان وضعي سخيفا ومزريا وأنا

من دفعني الشوق له لحظتها وقرأ ذلك بالتأكيد واضحا في عيناي

فلم أتخيل أنه بعد هذه المدة التي أقنعت فيها نفسي كل جهدي أنه

ماض وانتهي ولا يريدني أن تنهار حصوني لحظة ما رأيته

وشعرت بجاذبية لحظنه أقوى من جاذبية الأرض لي ، سحقا لقلبك

يا وسن يستحق دائما ما يأتيه ، أخرجت علبة المسكن من الحقيبة

وأخذت منها واحدة وأعدتها لها ثم لبست حجابي ومعطفي وخرجت

وتقابلت وفرح في الصالة وقالت " جواد ينتظرنا لنذهب

للطبيبة هل أنتي جاهزة "

هززت رأسي بنعم وأخذت ابنها منها ودخلتْ هي لغرفتها لتلبس

حجابها وخرجنا معا ونزلنا للأسفل حيث جواد ينتظرنا في السيارة

ركبنا وغادرنا في صمت سوا من صوت فرح وهي تكلم ابنها وتغني

له حتى وصلنا ونزلتُ وفرح ودخلت للطبيبة وحدي ونمت على

السرير من أجل الكشف الشهري على صحة الجنين ، حرّكت

الجهاز أسفل بطني وقالت وهي تنظر للشاشة أمامها

" كما توقعت كيسين حمل "

قلت باستغراب " ماذا تعني !! "

نظرت لي وقالت مبتسمة " موعدك الشهر الماضي شككت

في هذا لكني لم أخبرك حتى أتأكد أولا , يوجد

كيسي حمل يعني تؤم "

قلت بصدمة " تؤم داخلي أنا "

قالت ضاحكة " نعم داخلك هل علمتِ الآن سبب سرعة

كبر حجم بطنك وأنتي في شهرك الثالث فقط "

نظرت للسقف وحمدت الله هامسة وأنا أتخيل أن يصبح لدي

تؤمان .... يا رب ما أرحمك , ثم سرعان ما سالت دمعتي من

طرف عيني حين فكرت في مستقبلنا معا وهم من دون أب وجواد

يأخذ معهم دور العم والوالد وماذا سأقول لهما حين سيسألانني عن

والدهما ، أدارت شاشة الجهاز ناحيتي وقالت وهي تشير عليها

بإصبعها " انظري هاهما هذا واحد وهذا الثاني "

نظرت لهما بحب وابتسامة وقلت " ما جنسهما "

قالت ضاحكة " ما يزال الوقت مبكرا لنعرف ، الشهر

القادم قد يظهر لنا جنس أحدهما "

بقيت لوقت أراقبهما وهي تحرك الجهاز لأراهما جيدا ثم خرجت

من عندها بعد سيل طويل من النصائح بأن أهتم بطعامي وراحتي

وصحتي كي لا يتأثر حملي خصوصا الشهور المتقدمة من الحمل

ركبنا السيارة وعدنا للشقة ودخلت غرفتي مباشرة وأغلقتها خلفي

بالمفتاح وجلست في زاويتها أبكي ، أنا من تريد السفر والابتعاد

فما بي حزينة هكذا ومستاءة وقد زادني خبر الطبيبة لي حزنا فوق

حزني وسيكون الأمر أسوء إن علمت فيما بعد أنه أعادها زوجة

له مجددا ، حضنت ساقاي بقوة وزدت بكاء على بكائي حتى طرق

أحدهم الباب فوقفت ومسحت دموعي وفتحته وتوجهت من فوري

جهة حقيبتي أغلقها فوصلني صوت فرح قائلة " ماذا قالت لك

الطبيبة هل كل شيء على ما يرام "

قلت ببحة " نعم "

توجهت نحوي وأمسكت كتفي ثم أدارتني ناحيتها وقالت

" وسن ما بك هل قالت لك شيئا سيئا "

ارتميت في حضنها أبكي وضمتني هي بذراعيها في صمت

فقلت بعبرة " قالت أنهما تؤم تخيلي اثنان بلا أب لم

أستطع حتى أن أفرح بهما "

ضمتني بقوة أكبر وقالت بسعادة " حقا تؤم كم هذا رائع يا

وسن وكم أنتي محظوظة بل أنا أيضا لأني خالتهما "

ثم أبعدتني عن حضنها وقالت " وسن يكفيك تعذيب لنفسك وله

أنتي بلسانك قلت للتو ابنان بلا أب فلما يكونان يتيمان ووالدهما

موجود لما رفضت أن تخرجي له حين جاء فجر اليوم

وكل غرضه كان توديعك قبل أن تسافري "

ابتعدت عنها فأمسكت كتفاي مجددا وقالت بحزم " وسن حين

سمعت من جواد أن حال نواس لا يسر لم أصدق لكني حين

رأيت وجهه اليوم أدركت معنى ما يقول يبدوا يكابر

على ألم كبير في داخله "

أغلقت أذناي وقلت ببكاء " يكفي يا فرح يكفي أرجوك

هوا لا يريدني يريدها هي "

قالت بضيق " ولما يأتي إذا كان يريدها , وسن ما بك أعماك

حقدك عليه وغيرتك منها , لم أكن يوما إلا في صفك ضده

لكني الآن أنجبت وجربت معني الأمومة والحاجة للزوج

وحقه في ابنه أيضا لأنه يتعلق به مثل الأم "

طرق أحدهم الباب ومؤكد جواد فتأففت وخرجت له , تحدثَ

ولم أفهمه وقالت هي بصدمة " وماذا تريد !! "

تكلم هوا ثم عادت فرح ناحيتي وأنا أمسح دموعي وأحاول

جر الحقيبة فأخذتها مني وقالت " هناك من يرفعها عنك لما

تحملين همها اهتمي بصحتك يا وسن أرجوك "

ثم وضعتها جانبا وقالت " هناك من يريد مقابلتك في

غرفة الضيوف وليس نواس طبعا "

خرجت حينها من الغرفة ، لابد وأنها ملاك فهي قالت لي البارحة

في الهاتف ستزورني اليوم قبل أن نسافر ، توجهت لغرفة الضيوف

وما أن دخلتها حتى وقفت مصدومة من التي وقفت لحظة دخولي

وكانت مي التي نظرتْ للأسفل وقالت بهدوء

" آسفة جئت بلا موعد مسبق "

شعرت بكل معنى للغيرة شعرت بقلبي ينطقها بالحرف هذه

من أخذت منك حبيبك ولازالت تفعلها ، كنت أشعر باحتقان

شديد في عيناي من حبس الدموع وبقلبي لحظات ويتفجر وبأن

أحشائي تتقطع من الألم ، فتحتُ فمي لأتحدث فسبقتني قائلة

" أحلفك بالله يا وسن وبأغلى ما لديك أن تسمعيني وللنهاية

وأن تسمعي حكايتي كلها فلا أعتقد أنك ممن يطردون

ضيوفهم أو يفتقدون لحسن الضيافة وأنا الآن ضيفتك

وأعلم بما تشعري وأقدر مشاعرك أيضا "

تنفست بقوة وشعرت وكأنها سكبت جليدا على انفعالي

وحاصرتني لأني كنت بالفعل سأفعلها وأطردها فأشحتُ

بوجهي جانبا وقلت " تفضلي بالجلوس "

فجلست مكانها السابق وجلست أنا في أقرب كرسي ولم أستطع

النظر لها لأنه أمر فوق طاقتي ، قالت حينها بهدوء " حكايتي بدأت

من أكثر من عام حين اتصلت بي صديقة لي وقالت لي حكاية خيالية

وكانت تبكي وتستنجد بي وأن والدتها مرضت ولا تملك المال ولا

تستطيع المجيء , لعبتها لأنها تعلم أني لا أخرج في الليل ولا أخرج

وحدي في أي وقت فأخبرتها أني سأخبر والدي أو أحد إخوتي يأخذني

لها أو يأخذ لها نقودا فقالت أنها تخاف أن يأتي شقيقها السكير في أي

لحظة ويجد أخي في الخارج وسيقتله وبالفعل صدقتها وتعاطفت معها

فشقيقها كان يسكر ويضربها ووالدتها ويأخذ مالهم فخرجت وحدي

وأخذت سيارة أجرى ووصلت منزلها ونزلت لأجد الباب مفتوحا

فاتصلت بها فقالت أنها في الداخل فدخلت بحسن نية لأجد ثلاث

شبان لا أعرفهم ولم أراهم من قبل وفي لمح البصر كتفوا يداي

وأغلقوا فمي كي لا أصرخ وأخذوني في سيارة "

كنت أنظر لها بصدمة وهي تمسح دمعتها التي نزلت وتابعت

" أخذوني لمكان لا أعرفه مقطوع وبعيد حاولت الفرار فبدءوا

بضربي بوحشية وقسوة حتى أغمي عليا من الضرب والخوف

ولم أسترد وعيي إلا بعد وقت لأجد نفسي في الخلاء في حضن

رجل أخفى الظلام والتعب والدماء ملامحه عني وكان يطمئنني

أن كل شيء على ما يرام وأنه أنقذني منهم وأني بخير ليغمى عليا

بعدها مجددا بسبب كثرة الألم الذي أشعر به وبقيت لبضعة أيام في

المستشفى غائبة عن الدنيا ولا أعلم عما حولي شيئا لأستيقظ بعدها

وأجد المصائب تنتظرني وأن تلك الفتاة اتصلت بأهلي وأخبرتهم أني

ذهبت مع شبّان وأنها ليست المرة الأولى وأنها نصحتني كثيرا ولم

أسمع لها وأخذت لهم هاتفي بعدما وضعوا فيه ذاكرة خارجية مليئة

بصور وأفلام خليعة وسجلت أرقام لشبان في هاتفي تحت أسماء

مموهة وكانت تكلمهم باسمي وأخبرتهم أنها غيرت رقمها أو أنهم

ذات المجرمين الذين اختطفوني كي حين يتصل بهم أحد بهاتفي

يخاطبوني باسمي ويتأكدوا من أنهم رجال والمصيبة لم تنتهي عند

هذه النقطة فقد نشرت الحكاية وروجت الأكاذيب والإشاعات

حتى أصبحت الحكاية على كل لسان "

مسحتْ دموعها التي بدأت تنزل بغزارة وقالت " وخرجت من

المستشفى لجحيم لا يعلم عنه إلا الله ضرب وشتم وسب وسجن

وتعذيب طوال النهار وعاملوني كحيوان إن رحموني هم استلموني

زوجاتهم بألسنتهم أي ضرب باليد واللسان ومات والدي بسبب نوبة

قلبية من الصدمة وشقيقي الأكبر قتل أحد الذين اختطفوني بل والوحيد

الذي وجدوه ومن قبل حتى أن يأخذوا شهادته وسُجن أخي وازدادت

مأساتي حتى كان اليوم الذي خطبني فيه نواس فمن يصدق أن الفتاة

التي أصبحت سمعتها في التراب يتقدم لخطبتها شاب ولديه مال كثير

لا ويعرف بقصتها وما حدث لها ووافقوا على الفور طبعا خصوصا

أنه أكد لهم أنه سيكتب في العقد أنه لن يطلقني قبل عام ولن يطلقني إلا

بزوج غيره يكتب عقدنا من سيكتب طلاقنا , وفي أول ليلة أخذني فيها

لمنزله أخبرني أن والدي كان له فضل كبير في ثروته وأنه هوا

من طلب منه قبل موته أن يخرجني من منزلنا ومن

بطش إخوتي وأخذ عليه عهدا بذلك "

قلت بصدمة " عاهده على ذلك !! "

هزت رأسها بنعم وقالت " بل وعاهد إخوتي وعمي أنه لن يعلم

هنا عن قصتي أحد ولا حتى والدته رحمها الله وعاهدني

وحدي عودا ثالثا وربط نفسه بهم رغم كل ظروفه "

قلت بحيرة " وبما عاهدك "

قالت بهدوء " نواس كان ينوي أن نعيش حياة طبيعية كزوجين

وأن لا يظلمني فوق الظلم الذي رأيته لكن ومن أول ليلة علمت

أنه يحب أخرى وأن حياته معي مستحيلة بل أنها مستوطنة في

قلبه وعقله وأسمها وسن لأنه قاله لي بنفسه فاتفقنا أن نعيش معا

زوجين على ورق فقط حتى يكتب الله أمرا آخرا "

وقفت على طولي وقلت بصدمة " م تكونا زوجين كان كان أعني ألم "

قالت من فورها " نعم كان كل واحد منا ينام في غرفة ولم يقربني

أبدا وطلب مني أن لا اخبر أحد وأنه لن يتكلم عما بيننا مهما حدث

كي لا تزداد سمعتي سوءا أكثر بل اكتشفت حديثا أنه فعل ذلك

من أجل شيء أهم "

مسحت دمعتها من جديد وقالت بألم " وهوا أني تعرضت للاغتصاب

حقا وهوا لم يخبر أحدا عن علاقتنا لكي إن تزوجت بغيره لا يشك

بي من سأتزوجه فإن كان زوجي الأول لم يلمسني فكيف

سأكون لست فتاة "

نواس ضحى كثيرا من أجلي ومن أجل سعادتي ورغم كل

المشاكل بينكما بسبب وجودي لم يتحدث عن سري لا فضيحتي

ولا وضعنا معا وراعا مشاعري وكنت أضن أنكما استمررتما

مع بعض ولم تصلا لهذه المواصيل ولم أعلم سوا ليلة قبل البارحة

في حفل الزواج حين دخلت مصادفة ووجدتكما وعلمت أن الوضع

بينكما سيء ولم يتحسن أبدا ولن يتحسن وأنتي لا تعلمين حقيقة

الحكاية ولولا أصر عليا عاصم يومها ما ذهبت لأنه منذ تعرف

نواس كون صداقة مع أصدقائه المقربين كما أن

الرجل الذي سأتزوجه صديق لهم "

قلت باستغراب " ستتزوجين صديقا لهم !! "

نظرت للأسفل وقالت " نعم فنواس لم يرضى تطليقي حتى أوافق

أن أتزوج وأخذ فتوى بالنسبة لشروط العقد وبما أنهم اختلفوا في

عدة المرأة التي اختلى بها زوجها دون أن يلمسها سقط الشرط "

ثم نظرت لي وقالت " لا أريد أن يحدث معك ما حدث معي فلم

أستطع الزواج ممن أحب لأن الجرح بيننا سيحول كل العمر

واخترت رجلا لا أعرفه كي لا ينتهي زواجي بذاك نهاية زواجك

بنواس لأن ذاك الشخص يعلم عن كل حكايتي وأنهم اغتصبوني

بل كان كل ذلك انتقاما منه فلو أنه هوا من اغتصبني لكان

أرحم عندي ولكان تجاهل الجرح أهون لكن هكذا يستحيل "

قلت بحيرة " غريب وأنتي تحبينه وراض بك "

نظرت جانبا وقالت بحسرة " لن أستطيع تجاهل أني تم تدنيسي

وأنه يعلم وأنه السبب سيَحُول ذلك بيننا كل العمر وكلما تشاجرنا

على أمر سنفتح الدفاتر وأجرحه بكلامي وتكبر المشاكل وننتهي

للطلاق لذلك اخترت غيره باقتناع مني ونواس اختاره لي ومدحه

كثيرا , زوجته متوفاة ولديه طفلين صغيرين قد يكون عوضا

لي وأكون عوضا لأبنائه عن والدتهم "

ثم وقفت وقالت " وسن لا تظلمي نواس ولا تضيعيه من يديك فلم

ترى عيني رجلا أحب امرأة مثله ولم أرى حياتي رجلا يبكي ولم

أتخيل أن يكون ذاك الرجل نواس "

نظرت لها بصدمة فقالت " نعم رأيته يبكي ليلة تزوجك ولم ينم

ليلتها بين غرفته وغرفتك حتى الصباح "

ضممت يدي لصدري وقلت بدمعة محبوسة " أين كان مخفيا

عني كل هذا عني وأنا ضننت أنه وحدي من ضَحّى ووحدي

من جُرحت "

قالت بهدوء " بل كان واضحا أمامك حتى راضية استطاعت

أن تفهم حقيقة وضعنا أما أنتي فلا ألومك لو كنت مكانك لما

ترك لي الحزن والحسرة عقلا أرى به شيئا "

ثم اقتربت مني حتى وقفت أمامي وأمسكت ذراعاي وقالت

" لا تتركي نواس يا وسن وعودي له فهوا أكثر من يستحقك

ويستحق أن يعيش بسعادة فقد عانى كثيرا "

ثم غادرت وتركتني بعدما أهالت عليا حقائقها كالصواريخ

وشعرت بالأرض تخونني وأني سأقع من طولي فتساندت

بالكرسي كي لا أقع ودخلت فرح ثم ركضت مسرعة حين

رأتني وأوقفتني قائلة " وسن ما بك "

قلت بصوت ضعيف " أحضري لي حجابي "

قالت باستغراب " ماذا ستفعلين به !! "

قلت بضيق " فرح بسرعة أحضريه وأخبري جواد

ليأخذني لمزرعة نواس "

خرجت مسرعة وأحضرته لي مع معطفي وقالت

" ما به نواس ماذا قالت لك مي "

أخذت حجابي منها وقلت وأنا ألفه على شعري " لا أستطيع

قول شيء خذوني لزوجي واذهبا للمطار "

قالت بصدمة وفرحة " وسن حقا ستذهبين له "

تحركت من أمامها قائلة " نعم "

فخرجت راكضة أمامي لغرفتهما ثم خرجت وهوا يتبعها وقال

متوجها نحو باب الشقة " سأنتظرك في السيارة "

ولم يسال حتى ما غيّر رأيي ولما سأذهب ومؤكد خمنا أن مي

شرحت لي أنه لن يرجعها ولن يتوقعا ما حكته لي أبدا , نزلتُ

بعدما لبست المعطف مرغمة بسبب إصرار فرح وركبت السيارة

وأخذني للمزرعة في صمت من كلينا طوال الطريق , كنت كالتمثال

وهوا احترم صمتي ولم يتحدث حتى وصلنا ونزلت من فوري ودخلت

المنزل أناديه بأعلى صوتي فخرجت راضية راكضة وقالت

" وسن هذه أنتي "

قلت " أين نواس "

قالت من فورها " ليس في المنزل لكنه هنا في المزرعة

لابد وأنه ... "

ولم أتركها تنهي كلامها لأني خرجت راكضة ولففت حول المنزل

ووصلت ساحة الخيول أبحث عنه في كل جهة وقلت لأحد

العمال " أين نواس "

أشار بإصبعه وقال " في إسطبل الوسن منذ وقت "

فركضت هناك مسرعة , نواس يا أغلى ما املك رفضتْ وسن

أن تراها فجئت لتبقى مع سميتها , رفضتك وسن واستقبلتك الوسن

فتحت باب الإسطبل ودخلت لأجده جالسا بجانبها ولجامها في يده

رأسه للأسفل وينظر للأرض فناديته وتوجهت نحوه لكنه لم يرفع

رأسه ولم ينظر لي فنزلت عنده ووضعت يدي على كتفه وقلت

" نوا أ ..... "

ليسقط جانبا وأغلقت فمي بيدي لكن صرختي كانت أقوى من أن

يكتمها شيء





*

*





خرجت بترف اليوم من المستشفى وكان السائق من جاء لإخراجنا

ويبدوا أن جابر عاد لغضبه مني مجددا وصرنا كالأطفال يرضى

واحد ليغضب الآخر وحتى إن اعتذرت فلن يعجبه , وصلنا القصر

ووجدنا الجميع هناك زهور وزوجها وبتول ومعتصم ووالدة بتول

وعمهم وأبنائه , دخلنا ونظرت لهم ووضعت يداي وسط جسدي

وقلت " كل هؤلاء الرجال هنا والسائق مَن يحضرنا مِن

المستشفى , حسنا ولو من أجل ترف "

ضحكوا جميعهم وقالت بتول " يبدوا أنهم أرادوا أن

يفاجئوكم بوجودهم هنا "

ضربها معتصم على رأسها وقال " أنتي لا تعرفين كيف

تدافعي على زوجك أبدا "

حكت رأسها ونظرت له وقالت بألم " معها حق ماذا تفعلون

أنتم بل أين والدها المصون "

دخل حينها جابر من ورائنا قائلا " من هذا الذي يتحدث عني "

أغلقت بتول فمها وقالت " زوجتك "

فنظرتُ لها بصدمة وضحك علينا الجميع وحمَل جابر

ترف وقال " كيف حالك الآن "

قالت مبتسمة " بخير "

رفعها للأعلى وقال ناظرا لها " فعلتِ لي حسنة بمرضك تلك

الساعة بل بنومك في المستشفى ليومين "

نظرت له بصدمة فما يعني بهذا الكلام أنها خلصته مني أم من

حديثي ذاك والأسوأ أنه يعني خلصته من بقائي معه اليومين

الماضيين , أنزلها ونظر لي فأشحت بوجهي عنه وانضم للبقية

وأخذ الحديث يكثر وأنا جلست مبتعدة ولم أتحدث أبدا فنظر جهتي

وقال على مسمع من الجميع " ابتسمي لا أريد أن تأتيني

ابنة عابسة طوال الوقت "

فضحكوا جميعهم حتى الأطفال لتخرج الأبخرة من دماغي

ونظرت للجانب الآخر متجاهلة الجميع , لا وتمزح يا لا خفة

دمك يا رئيس الشرطة الجنائية أدام الله هذا النعيم

قال عمه " لن تجد مثلها ولو جبت البلاد بأكملها "

حمحمت زوجته حينها فقال ضاحكا " بعد زوجتي طبعا "

فوقفت وجلست بجواري ويبدوا أنها أعلنتها حربا مثلي واعتزلتهم

فوقفت بتول وانضمت لنا وجلست وقالت " وأنا مع والدتي

وسأغضب معها "

ووقفت زهور وجلست معنا أيضا قائلة " وأنا مع نون النسوة "

فشهق زوجها وقال " ما الذي فعلته أنا يا زهرتي "

فضحكت وعادت ناحيته وجلست بجواره وقال معتصم

" جابر عليك أن تراضي زوجتك لترضى الباقيات علينا "

قال متجاهلا الأمر " ترف لا تركضي كثيرا "

قالت زهور " كيف حال خالتي هل زرتها "

قال بهدوء " نعم وقال الطبيب ستخرج قريبا "

توجهت ترف نحوه وجلست على فخذه وقال وهوا يمسح على

شعرها " وسننتقل لمنزلنا في العاصمة ما أن تخرج "

قال عمه " وقصركم هذا هل ستتركونه "

قال " لا أعلم قد أبيعه ويأخذ كل ٍ حصته "

وقفت بيسان من عز لعبها وقالت " لا بابا ليس قصر

الكونتيسات "

قالت زهور " رغم أن أغلب الذكريات فيه تعيسة

لا أريد أن نبيعه "

قالت بتول " زهور ما رأيك لو تغني لنا بصوتك الجميل "

قال معتصم " ضننا أنك غاضبة مع والدتك "

تجاهلته ونظرت لزهور وقالت " هيا ونريد أن تعزفي أيضا "

قال زوجها " لا هذا كثير وثمة ملكية خاصة "

وقفت وتوجهت نحوها وسحبتها من يدها قائلة " هيا دعونا نسعد معا "

وقفت معها ضاحكة وقالت بتول " بسرعة جميعنا لغرفة البيانو "

وقف رضا أيضا ومعتصم وغادروا وتبعهم عمهم منصور بعدما

أخذ زوجته معه وتبعهم الأطفال وقفزت ترف من على فخذ

جابر وسحبته من يده قائلة " هيا بابا ألن تذهب معهم "

وقفت أنا حينها وغادرت جهة السلالم لأصعد لجناحي فأوقفتني

اليد التي أمسكت يدي وسحبتني معها وكان جابر و سار بي ناحية

الغرفة في صمت حتى دخلنا وكانت زهور واقفة عند البيانو

وقال لها " سأعزف أنا وتغني أنتي فما رأيك "

قالت مبتسمة " موافقة طبعا فلم نسمع عزفك من سنوات "

صفقوا أبنائه بحماس وترك يدي وتوجه نحوها وجلس أمامه

ورفع غطائه وقالت بتول " ماذا ستغني لنا "

قال لها جابر شيئا بصوت منخفض فانحنت له وهمس لها

في أذنها فابتسمت له ووقفت مستوية وقالت

" هيا اسكتوا أو لن أغني "

سكت الجميع وحتى الأطفال وجلسوا جميعهم واكتفيت أنا بالوقوف

عند الجدار حيث كنت وكتفت يداي لصدري وبدأ جابر بالعزف

ونظره على حركة أصابعه وكان بارعا مثلها تماما حين سمعتها

تلك المرة وطبعا لأني لم أكن أسمع الأغاني لم أعرف ما تكون

وتبدوا من اختياره حتى بدأت زهور بالغناء لتظهر أنها أغنية عبد

الحليم حافظ ( أهواك ) التي غنيتها سابقا فرفع حينها رأسه ونظر

ناحيتي وهوا لازال يعزف فسافرت بنظري للأرض في صمت

وسكينة دون أي ردة فعل ثم عدتُ ورفعت نظري به وكان لازال

ينظر لي وهي تتابع غنائها فمرت ذكريات ذاك اليوم جميعها أمامي

وكيف كان يريد إيقاعي في حوض الاستحمام واشترط أن أقبله بنفسي

كل كلمة قلناها وكل حركة وهمس مرت أمامي وكأنه اليوم فنزلتْ

من طرف عيني دمعة ورفعتُ أصابعي لها ومسحتها على صوت

تصفيقهم لأن الأغنية انتهت وتوقف جابر عن العزف وتوجه رضا

ناحية زهور وقبل يدها وضمها لكتفه وقال

" لابد وأنه أنا المعني بالأغنية أليس كذلك "

ضحكت وقالت " بل هي من اختيار جابر ولا

أعلم من المعني بها "

ثم غمزت لي مبتسمة فابتسمت لها ونظرت للأرض وقالت بتول

بعدما ضربت معتصم على رأسه " وأنت لما لا تعزف ولا

تغني مثلهما لا نفع منك أبدا "

ضحك ودفعها وقال " أنا رسمت لك لوحة رائعة إن نسيتي

فأرني أنتي ما تفعلين من أجلي "

صفقت بحماس وقالت " أعرف هذا "

ثم أمسكت رأسه وقبلت خده ليضحك الجميع ولم تخجل ولا

من والديها هذه المشاغبة فأنا شعرت بأني سأموت من الإحراج

ووقف والدها حينها وقال " هيا يا أميرة "

وقفت معه وقال جابر " ما بكما الوقت مبكر تناولوا الغداء معنا "

قال مغادرا وهي تتبعه " مالكم والعجوزان استمتعوا بوقتكم

عمر أحضر أخوتك واتبعنا "

وقف عمر حينها متذمرا وحمل عدي وخرج وقصي في يده

وقالت بتول ضاحكة " حمدا لله أول مرة ليس أنا من يوصلهم خلفهم "

فضحك معتصم وقال " دورك في الطريق أريد عشرة أبناء "

وضعت يداها وسط جسها ونظرت له بضيق فهمس لها شيئا

جعلها تضربه فضمها لكتفه وقال جابر " هيه بيننا أطفال "

قال معتصم ببرود " لما لا تنبه شقيقتك وزوجها أولا "

نظرت لهما فكان يحضن كتفها ويتهامسان ويضحكان ورأسيهما

متقاربان ويدها في يده الأخرى ثم نظرتُ لمعتصم وبتول وتنهدت

لما وحدنا وكأننا أقطاب مغناطيس متشابهة إن لم أبادر أنا بالشيء

لا يحدث وكأنها جريمة , عدتُ بنظري لزهور ورضا ثم نظرتُ

لجابر فكان متكأ بمرفقه على البيانو ومسندا رأسه بيده وينظر لي

نظرة أفهم معناها جيدا وهوا ( لا تقارني ) فأبعدتُ نظري عنه

ليعيده صوت تمرير إصبعه على النوتات مصدرا صوتا تصاعديا

جعل الجميع ينظر ناحيته ثم ضغط مفتاحين وقال ونظره على مفاتيح

البيانو " حين كنت في كلية الشرطة كنت أرى حديث الشبان هناك

عن العلاقات الغرامية وحب الفتيات مَن زوجته ومَن قريبته ومَن

حبيبته وأراها أمور تافهة وأنتقدهم علنا بأنهم يضيعون وقتهم في

تفاهات ويُنزلون من شخصياتهم درجة أن يعاكسوا فتاة في الشارع

ويصبح الشاب كالمهرج وكانوا يقولون ( هذا فقط لأنك لم تحب

وتجرب ) ومرت بي السنين وتزوجت وأنجبت أبناء ووجدت

أن الأمر كما كنت أجزم عليه وأن كل كلامهم مجرد تخاريف فارغة "

ثم رفع نظره بي وتابع والجميع منتبه له " وفي يوم تقابلت وفتاة كنت

ذاهبا لدق عنقها وكسر قلبها وجلب شيء من حقي أنا منها لأفاجأ

بها تقف في وجهي وتناقض تصرفاتي وقراراتي وترفض رأيي

من أول مرة أراها فيها رغم أنها تعرف مركزي ومكانتي ومع

مرور الأيام تزداد عنادا وتتحدث معي بحزم غير مبالية المهم

عندها ما تريد أن تقول سيقال وما تريد أن تفعل ستفعله فأرتني

المرأة من وجه جديد من منظور آخر لا أعرفه وحين صارت

أقرب إلي رأيت فيها أكثر من ذلك فلم أرى فيها سطحية النساء

وتفكيرهن في أمور ساذجة وسخيفة , لم أرى فيها الجُبن والخوف

من مواجهة الظروف الصعبة بل رأيت فيها الذكاء والحكمة القوة

والصبر لم أتخيل يوما أن ثمة امرأة تستطيع أن تقرأ صمتي ولا

أستطيع أن أتكهن بكلامها الذي ستقوله , لم أتخيل أنها ستعلمني

معنى أن أحتاج ... أحتاج أشياء كانت لدي ولا تعنيني "

عاد بعدها بنظره للبيانو مجددا وعزف مقطعا صغيرا ثم

رفع نظره بي مجددا وقال " لأجل كل ذلك أحبك أرجوان "

فنزلت دمعتي رغما عني ووقف هوا ومد لي بيده فركضت نحوه

وارتميت في حضنه وطوقني بذراعيه فقلت بهمس " ما أسعدني

بك يا جابر هذا كل ما أريد أن لا شعورك نحوي عشرة وتعود

ولن أطالبك بقولها مجددا "

قبل خدي وقال هامسا أيضا " ولا أنا سأقولها إلا في المناسبات "

ضحكت ودسست نفسي في حضنه أكثر فقال معتصم " هيه بيننا أطفال "

فابتعدت عن حضنه حينها أمسح دموعي وقفزت ترف وقالت

" وأنا أريد أن أغني فاعزف لي بابا "

فجلس وقال ضاحكا " حسنا ما هي الأغنية "

قالت مبتسمة " فراشتي فراشتي "

ضحك وقال " لا أعرفها "

مدت شفتيها مستاءة فقال مبتسما " حسنا غني وسأحاول عزف لحن لها "

صفقت بحماس وقالت " رائع "

ثم بدأت تغنيها وهوا يحاول عزف لحن لها وما أن كررتها مجددا

حتى عزف لحنها بشكل صحيح وانضمت لها بيسان وبدئتا تغنيان

وهوا يعزف وأنا أنظر لهم بسعادة وحب وأشعر أن كل الدنيا اجتمعت

عندي وصرت أملكها ولا أريد أكثر من هذا , وقف معتصم وهوا يغلق

أذنه منزعجا منهم وسحب بتول من يدها حتى أوقفها وخرج بها وتبعهم

رضا بزوجته أيضا ثم توقف جابر عن العزف وصفقتا هما معا بحماس

ووقف وهما للبيانو ثم توجه نحوي ومرر أصابعه على خدي وقال

" متعب وأريد أن أستحم وأنام وتاريخ طويل لو أحكيه لك تنهاري

فاسبقيني بملابس فورا "

مررت يدي على صدره وهمست له " من عيناي وقلبي "

أمسك أنفي وقال مبتسما" بل من الخزانة يا زوجة وزير

الداخلية الجديد "

فماتت ابتسامتي وقلت بتذمر " لاااااا ليس هذا اتفاقنا "





*

*





ما أن سمع العمال صرختي حتى ركضوا ودخلوا علينا الإسطبل

وأخرجوه وكان من حسن حظنا أن جواد ما يزال هنا وصديقه

وليد أيضا فأخذوه للمستشفى وأنا ركبت مع جواد ومنذ ذاك الوقت

وأنا هنا وفرح معي بعدما أحضرها جواد لأني كنت سأجن له في

المستشفى ودموعي حتى الآن لم تخف ولم تنشف

ضمتني لها وقالت " يكفي يا وسن ارحمي نفك يا شقيقتي أرجوك

من أجل ما في بطنك "

قلت ببكاء " كيف أسكت وكيف ارتاح يا فرح لا أعلم كيف لازلت

بعقلي حتى الآن ولم أمت وطفلاي معي من الصدمة ماذا لو

يموت ماذا سيحدث لي "

مسحت على ذراعي وقالت ببكاء " لن يموت وسيكون

بخير يا وسن أنتي فقط اهدئي "

قلت بعبرة " ليثني لم أتركه يوما ليثني ذهبت معه

فجرا لما حدث ما حدث "

قالت بحزن " لا رادّ لقضاء الله يا وسن أدعي له بدلا

من التحسر وتعوذي من الشيطان "

قلت بصوت ضعيف مكسور " يا رب احفظه لي ولأبنائي

يا رب لا تتركنا بعده ولا تأخذه منا يا رب "

وبقينا على ذاك الحال ابكي في حضنها وادعوا الله وهي تبكي

معي وتأمم على دعائي حتى خرج الطبيب وركضنا جميعنا

نحوه وقال " من يقرب له منكم "

قال جواد " أنا شقيقه "

قلت من فوري " وأنا زوجته وقدمي على قدميكما "

تحرك حينها قائلا " اتبعوني "

فتبعناه وأشعر في كل خطوة أخطوها خلفهما أن قدماي تتيبسان

خشية ما يخبئه هذا الرجل وما سيفجعنا به و دخل غرفة عيادته

ونحن نتبعه وجلس وجلسنا أمامه وقال مباشرة " جلطة دماغية وحمدا

لله جاءت خفيفة ولأنه صغير في السن سيشفى منها سريعا

هل سبق وجاءته سابقا "

نظرنا لبعضنا وقال جواد " لا "

قال الطبيب " مستحيل سبق وأصيب عصبه بهذه الجلطة ويبدوا

كان يتعرض للشمس لساعات طويلة وفترة طويلة أيضا في

ماذا كان يعمل "

قال جواد " عمل لسنوات في البناء وأعمال يدوية مختلفة "

هز رأسه وقال " كما توقعت ويبدوا أصيب ذاك الوقت

بجلطة مشابهة وعاودته الآن "

قال جواد " وما نسبة خطورتها وتأثيرها عليه مستقبلا "

حرك نظارته بسبابته وقال " لا خوف منها قد تتعبه في أشياء

بسيطة كضغط العمل والمشاكل والتعرض للشمس طويلا وتكون

في بعض الآلام في الرأس , سنكتب له علاجا يداوم عليه لفترة

وعليه أن يكشف دائما وكل شيء بيد الله "

خرجتُ حينها من صمتي وقلت " يعني لم يمت ولن يموت "

قال الطبيب مبتسما " وأين أنتي من كل حديثنا "

هززت رأسي وقلت بدمعة انسابت على خدي

" قل لم يمت أريد أن أسمعها منك "

قال وهوا يكتب في الوصفة أمامه " لم يمت ولن يموت إن شاء الله

أكبر منه سنا يصابوا بهذه الجلطات ويشفوا منها وسريعا أيضا "

مد الورقة لجواد وقال " هذا العلاج يداوم عليه من الآن ومرتين

يوميا واتركوه هنا حتى نهاية الأسبوع لنجري له الكشوفات

اللازمة ولا يوقف العلاج حتى آذن له "

أخذها منه وقلت " هل نستطيع أن نراه "

وقف وقال " هوا متعب الآن فشخص واحد ولوقت قليل "

وقفت وقلت " إذا أنا "

قال مغادرا مكتبه " حمدا لله على سلامته ولا تزعجوه

كثيرا من أجل صحته "

ثم خرج ونحن نتبعه وتوجهت فورا نحو غرفته التي نقلوه لها

وفتحت الباب ودخلت فكان ممددا على السرير ومغمضا عينيه

فنزلت دموعي ما أن رأيته وقلت بصوت مخنوق " نواس "

ففتح عينيه قليلا ونظر لي ثم أغمضهما كان يحاول قول شيء

وتحريك يده ولم يستطع فتوجهت نحوه وارتميت على صدره

وقلت ببكاء " نواس لا تركني وابنيك لا ترحل عنا لا

أستطيع العيش من دونك "

شعرت بيده على رأسي وخرج صوته ضعيفا كالهمس " ابني "

رفعت رأسي ونظرت له وقلت " نعم الطبيبة أخبرتني اليوم أنهما

تؤم ابق من أجلي وأجلهما يا نواس أرجوك "

أغمض عيناه مجددا وقال بهمس " حمدا لله حمدا لله "

فضممت يده لصدري ولم أفارقه أبدا رغم أنه ذهب في نوم

عميق ولم يعد يشعر بمن حوله لكني لم أرضى إلا بان أبقى بجانبه





*

*

*

*

*

*





وهكذا تمر الحياة وتتعاقب أقدارنا بعض الفراق لحظات وينتهي

وبعضه سنوات وينتهي وبعضه يدوم للأبد .... نعيش أحيانا أوجاعا

تسبق عاصفة تحمل وجعا أكبر منها ونعيش أغلب الأحيان ما يعرف

بأوجاع ما بعد العاصفة ونعاني تبعات ذاك الإعصار الذي مر بنا

لا شيء في الحياة أسمه سعادة للأبد ولا تعاسة للأبد لكن في الخيال

كل شيء يجوز فهوا يشبه الأحلام

وبما أننا تركنا بطلين من أبطالنا معلقين في مصيرهما ووجعهما

دعونا نحرك عجلة الزمان للأمام لنرى أين سارت بهم الحياة وماذا

أنتج لهم الفراق وعلى ماذا رست عاصفة أوجاعهم




*

*

*

*








بعد مــــرور أربــــــع ســـــنوات









سحبتُ كوب القهوة من أمامها وقلت " سما كم مرة قلت

لا تشربي القهوة أمامي وأنا حامل "

تجاهلتني ونظرت للجانب الآخر فأشرت بعيناي للجالسة معنا

وهززت رأسي بمعنى ما بها فرفعت كتفيها علامة لا أعلم ثم

أشارت للجريدة على الطاولة وقالت " بتول لم تقرئي خبر

المهندس الذي استلم الإشراف على مشروع أكبر برج

في أوروبا سيبنى حديثا "

قلت ببرود " وما شأني به ليس برجي ولا برجك "

ضحكت وقالت " نعم لكن المهندس من بلادنا واسمه .... "

وقفت حينها سما وقالت " سأرجع للمنزل "

قلت بصدمة " وتتركين محاضرتك غريبة سما من

تتحدث أم واحدة أخرى "

أبعدت نظرها وقالت " نزار مريض منذ الصباح

وبالي منشغل عليه "

قلت ببرود " ذاك المدلل كل أسباب مرضه من تدليلك له

لو أخذته للطبيب فلن يجد به شيئا "

غادرت مستاءة وأحوالها اليوم لا تعجبني , نظرت للجالسة

بجانبي وقلت " وما جد في الأمر ليست أول مرة يمرض فيها

لما لم تتصل بأسامة ليأخذه للمستشفى كالعادة "

هزت رأسها وقالت " لا أفهم ما يجري معها اليوم لا شيء سوا

ذاك السلسال بالوردة الحمراء تضغط عليه بين أصابعها حتى

كادت تحوله لقطع ولم تتحدث أبدا "

تنهدت بضيق ورفعت الجريدة من على الطاولة وقرأت خبر البرج

بتمعن حتى وصلت لأسم المهندس وانفتحت عيناي من الصدمة

وأنا أقرأ اسمه ( نزار وجدي الأحمدي ) هذا سر انزعاجها إذا

سما آخر ما كنت أتصور أن يكون هذا الأمر لازال يؤثر بك رغم

كل هذه السنين واختيار كل واحد منكما لحياته وعالمه فها هوا أصبح

مهندسا معماريا كبيرا في وقت قياسي ولم يرجع ولن يفكر في ذلك فكل

من سافر للدراسة لا يعود وأنتي رضيت بحياتك واخترت ما يناسبك فيها

فلما ترجعي لنقطة البداية , رميت الجريدة وتنهدت بضيق فقالت

زهرة " ما بك أنتي أيضا انتقلت لك العدوى ماذا في

هذه الجريدة يعكر المزاج هكذا "

وقفت وقلت " أنا أيضا لن أحضر المحاضرة ابني مريض

وسأرجع للمنزل "

ضحكت وقالت " ما كل هذا التقليد هذا وتخصصك

ليس كتخصصها "

قلت مغادرة " انتهى الحديث في الأمر "

خرجت من مقهى الجامعة ووجدت سما لم تغادر بل تتحدث في

الهاتف فتوجهت نحوها فكانت تقول " نعم يا علياء كيف هي

حرارته الآن "

" حسنا قادمة بعد قليل "


" لا لا داعي لأن تخبريه سآخذه أنا إن لزم

الأمر وداعا الآن "

وضعت يدي على كتفها وقلت " اذهبي لمحاضرتك وأنا

سأذهب لأطمئن عليه "

التفتت لي وقالت " لا تتعبي نفسك يا بتول ثم أنتي أيضا

ورائك محاضرة "

قلت ببرود " ليست أول مرة يمرض يا سما "

أبعدت نظرها وكأنها تهرب من عيناي فقلت " نزار أليس كذلك "

نظرت لي بصدمة ثم أشاحت بوجهها وقالت " لا طبعا فنزار اختار

يوما وكل ذهب في حال سبيله وهذا الكلام لم يعد يجوز يا بتول "

مدت يدي لها وقلت " أعطني السلسال إذا "

نظرت لي بضياع وحيرة فقلت " السلسال الذي طلبت مني من

أربع سنوات أن آخذه للتصليح وقال صاحب المتجر خذوه

للذهاب لأنه ذهب ابيض "

غادرت وتركتني واقفة مكاني فهززت رأسي بقلة حيلة

وغادرت لمحاضرتي





*

*





حركت يداها في الهواء وكأنهما محروقتان وقالت

" ماما دعيني أمسكه قليلا "

فضحكت ومددته لها برفق فأمسكته بين يديها وقالت

" ما أجمله ماما أجمل من هذه "

صعدت مرام حينها على السرير وقالت

" أنتي قبيحة , أليد أن أحمله مثلها "

أخذته من ترف وقلت " هذا ليس لعبة ستوقعانه "

دخلت حينها عمتي وقالت " أين أمجد ألم يقل أن والده يريدني "

قلت مبتسمة " بلى وتحدث معك قبل أن يخرج "

أمسكت رأسها بيدها وقالت " نعم نسيت "

ثم غادرت وأنا أراقبها بابتسامة وشفقة فهي أصبحت هكذا

تنسى بسهولة كل شيء لكن المهم أنها عادت لطبيعتها ولا

أصدق أن هذه تلك نفسها , نظرت للأسفل وأبعدت يدها وقلت

بصدمة " مرام ماذا تفعلين له , ما يحدث لابنة زهور لن

يتكرر هنا تفهمي "

بكت من فورها وقالت " أين بابا وحده يحبني "

قلت بضيق وأنا ارفعه لحضني " وأين يكون برأيك

ولن تريه حتى تنسي ما حدث "

" من هذا الذي يشتمني هنا "

رفعت رأسي ونظرت له عند الباب وعضضت شفتي بإحراج

وركضت مرام له وحملها ودخل قائلا " هكذا إذا سيدة أرجوان "

حركت كتفي وقلت " ليس على النفساء حرج "

ضحك وجلس على السرير وأنزلها وقال " كنا في ليس على

الحامل حرج وصرنا في النفاس وماذا بعد "

ثم حمله من حجري وقبل خده وقال " هل تسمع والدتك

وما تقول بما نعاقبها الآن "

قلت ببرود " لا تُعلم ابني التمرد والعصيان "

ضحك وأعاده لحجري وقال " وما ستعلمينه أنتي "

قلت بمكر " الرومانسية والرقص والغناء طبعا "

قال ببرود " نعم والنتيجة فنان "

ضحكت وقلت " وما بهم الفنانين "

قال بسخرية " لا لا شيء لكن حينها سأطردك أنتي وهوا للشارع "

ثم نظر جهة الباب وقال " أين أمجد هل يدرس أم لا "

وضعت الصغير جانبا وقلت " لا تخف عليه لن يتغير شيء

وها هما مسجونان طوال الوقت ويدرسان "

وقف حينها وقال " لا تنسي زوجة وزير الثقافة وابنتيها

سيأتيان الليلة "

رفعت رأسي له وقلت " لم أنسى وكل شيء جاهز "

مال لي وقبل خدي ثم غادر وأنا أراقبه مبتسمة و ليحفظك الله لنا

يا جابر وإن كنا يئسنا من وجودك الدائم معنا فوجودك في الحياة

يكفينا ومن دونك ن نستطيع فعل شيء





*

*





نظرت له وهوا يتململ في وقفته ويتأفف وقلت

" اصلب وقفتك هل هذا شكل مهندس "

قال بتذمر " ما هذا الملتقى البائس هل هذا ما نستحقه "

قلت بسخرية " وما به ملتقى طلبة الهندسة لتتعرف على

الشباب الطموح "

قال ببرود " نزار أتركني في همي "

قلت بضيق " عامر نزعت لي مزاجي ماذا أقول أنا طائرتي كانت

ليلة البارحة واليوم واقف هنا تحمل قليلا "

نظر حيث تجمع لطالبات وقالت " حاضر أمرنا لله ها هم قادمات

لك يا دينجوان النساء "

ابتسمت ولم أعلق واقتربن منا وقالت إحداهن " أستاذ هل

ستدرس عندنا في الجامعة "

قلت " لا "

قالت الأخرى " لماذا !! نريد فعلا مدرسين أكفاء "

قال عامر " لا يسمعك أساتذتك ويرموك في الشارع "

ضحكت وقالت " ظننت أنكم جميعكم ثقال دم "

نظر للبعيد وقال " وما سر أولئك الطلبة هناك طوال الوقت "

التفتت وقالت " أولئك طلبة الهندسة الكهربائية يقدمون

نمازج عن اختراعاتهم "

قالت أخرى " يتعبون أنفسهم ستفوز المدعوة سما الشاطر

كالعامين الماضيين "

نظرت لها بصدمة وقلت " من قلتي !! "

نظرت لي وقالت " سما رفعت الشاكر نابغة طلبة الهندسة

الكهربائية في جامعتنا في العاصمة تدرس في السنة الثالثة الآن "

قالت الأخرى " غريب ليست معهم "

غادروا وهي تقول " يبدوا جامعتهم لم يأتوا "

ثم ابتعدوا عنا وعيناي علقتا على الطلبة هناك , يااااه يا سما طالبة

في أصعب مجال من مجالات الهندسة و متفوقة أيضا , لم أتخيل أن

تصلني الأخبار عنك من أول يوم أعود فيه إلى هنا , ترى أين أنتي

وكيف أصبحت وماذا تغير في حياتك

" هيييييه نزار "

نظرت له وقلت بضيق " ما بك تصرخ هكذا "

قال " دعنا نغادر البعض غادروا قبلنا "

خرجت برفقته وبالي ليس معه ولا معي بل في جامعة العاصمة

للهندسة , دخلت بالسيارة للمنزل ونزلت ودخلت وصعدت السلالم

ولغرفتي فورا , جلست على السرير واتصلت بأحدهم وأجاب من

فوره قائلا " سيصلان اليوم لا تقلق "

قلت " أريدهما عربيتان كما أخبرتك أكره الخدم غير العرب

بل ومسلمات شرط أساسي "

قال من فوره " حسنا هل تريدهما طويلتان ورشيقتان وشقراوان "

ضحكت وقلت " أولئك أتركهم لك , سأنتظرك الليلة هل ستأتي "

قال من فوره " بالطبع هل أفوتها لا أكون حسام إن فعلتها وداعا الآن "

أنهيت الاتصال منه ثم اتصلت بوجهتي الأساسية فأجاب من في

الطرف الآخر قائلا " مرحبا "

قلت على الفور " مرحبا المهندس نزار الأحمدي معك "

قال من فوره " مرحبا سيد نزار ظننتك سترفض العرض "

قلت " وأنا لم أقبله بعد "

قال بخيبة أمل " ظننتك وافقت , حسنا درّس لهذا الفصل فقط "

قلت " لا رغبة لي وليس من أجل هذا اتصلت "

قال " تفضل بما نخدمك "

قلت " جدول محاضرات السنة الثالثة هندسة كهربائية "

قال " حسنا هل لديك فاكس أو بريد لأرسله لك "

قلت " لدي الاثنين وسأعطيك عنوانه حالا "

بعد قليل وصلت الورقة وأخرجتها منه وتتبعت الأيام , الخميس

هوا يوم الغد جيد المحاضرة الثانية فقط الساعة التاسعة





*

*





وضعه فوقها وأنا أتبعه قائلة " لا نواس أقسم ستوقعه من

عليها فهوا لا يزال صغيرا "

قال وهوا يسير بها وهوا فوقها " ثلاث سنوات ونصف وصغير

هذا رجل لا تعلميه الخوف لديك تؤمته أفسديها كما تريدين "

وضعت يداي وسط جسدي أراقبه حتى عاد به وأنزله وقال

" ها هوا سليم ليس به ولا خدش بسيط "

رفعته وقلت " لا تكررها ثانيتا اجلب أبناء من الشارع وضعهم

فوق خيولك كيف تريد "

ضحك وقال " وأبناء الشارع أليس لديهم أهل يخافون عليهم "

ثم اقترب منا وأخذه مني وأنزله للأرض وقال " ما رأيك بجولة

أم أنتي صغيرة أيضا وستقعين "

قلت بحماس " لا لن أقع وريد أن أركب الوسن "

حملني بين ذراعيه وقال " من يسمعك يضنك لا تركبينها أبدا "

تمسكت بعنقه وقلت " ليس معك هذا شيء مختلف "

ثم قبلت خده وحضته وهوا متوجه بي نحوها ووضعني فوقها

وركب خلفي وسار حتى وصلنا لأحمد ومد له يده فأمسكها فورا

وحمله فوقها معنا وقال ضاحكا " رجل خيول كوالدك تماما

وكل الخوف على شقيقتك إن كانت ستكون كوالدتها "

ضربته بمرفقي للخلف وقلت " ومن مثلك تكون ابنتك كأمهما "

قال بضحكة " لا أحد طبعا فقط سنصبح في عنيدتان "






*

*





ما أن كانت الساعة التاسعة إلا ربع صباحا حتى خرجت من

المنزل وتوجهت لجامعتها ووقفت عند مواقف السيارات , أريد

أن أراها ولو من بعيد فقد يكون تزوجت ولديها أبناء ولا يحق

لي الاقتراب منها والتحدث معها , أعلم أنه سلوك مراهقين

لكن رجوعي هنا من أجلها فقط وإلا ما كنت رجعت ولا شيء

كان سيجعلني أعود

وقفت أنتظر حتى وقفَت على مقربة مني قليلا سيارة فاخرة مرتفعة

وزجاجها مظلم وبقي من بداخلها قليلا رغم أنه فتح الباب ثم انفتح

أكثر ونزلت منها .... نعم هي ضالتي سما بملابسها الأنيقة وحجابها

زهري اللون , سما ابنة العشرون عاما , المرأة في كل شيء الآن

وحتى سنها , أخرجت حقيبتها وبعض الورق وأغلقت الباب ثم وقفت

تخرج هاتفها من الحقيبة وأنا لن أحكي لكم شيئا عن شعوري حاليا

لم أعرف ما أرى في وجهها وأترك , هذه سما التي كنت أريد أن

تكون لي حتى وقفتها وحركاتها نضجت كثيرا أصبحت ملئها ثقة

بل أصبحت أنثى تتفجر أنوثة والنظر لها فقط يشرح النفس

أنزلت رأسي وضغطت على عيناي بأصابعي وقلت " تمهل

يا نزار فقد تكون أصبحت حليلة لغيرك "

رفعتُ بعدها رأسي ولم أجدها ومؤكد دخلت فتحركت بالسيارة

وخرجت من هناك بعدما أشعلت قلبي بدلا من أن أروي عطشه

كوني لي يا سما أرجوك لا تفجعي قلبي وأجدك لغيري فأن يكون

كل هذا المجتمع فيك لرجل آخر شيء سيحول قلبي لرماد

هززت رأسي بقوة وسرت بسيارتي ألف الشوارع كالتائه أبحث عن

ماذا لا أعلم وأريد ماذا لا أعلم أيضا وكل ما أعرفه أني سأصاب

بالجنون إن لم أعرف تزوجت أم لا وويل قلبك يا نزار إن كانت

تزوجت ونسيتك ولم تنتظرك ولست ألومها طبعا

أجريت بعدها بعض مشاويري الضرورية ثم وقفت بسيارتي أمام

منزل جدها وعمها , قد لا تكون هنا إلا إن لم تتزوج أو تزوجت

أحد أبناء عمها , تنفست بقوة ونزلت من السيارة فغرضي من هذه

الزيارة هوا ابن عمها الذي زارني سابقا , نظرت للشيك في يدي ثم

لباب منازلهم , عليا أعيد هذا المال لأصحابه وقد أعلم منه شيئا عنها

وأين هي الآن , وصلت الباب وأدخلني الحارس حين أخبرته أني أريد

رؤية السيد أسامة ودخلت الحديقة ووقفت وأشعر أن خطواتي تخونني

هل أنت على استعداد لهذا يا نزار فقد يفجعك بأنها زوجته أو تراها

معه , عد من حيث أتيت وأعلم من بعيد أفضل لك , كنت سأتراجع

وأعود للخلف لولا أوقفني المنظر الذي أمامي وهوا طفل في سن

الثالثة أو قرابة الرابعة يركض نحوي مسرعا وكأنه هارب من

أحدهم لأنه كان ينظر للخلف كل حين حتى وصل عندي وحضن

ساقاي وقال " خبئني ماما قادمة وستمسكني "

لأسمع بعدها على الفور صوت من بعيد ينادي

" نزار تعالى فورا سأجدك وسترى "

فأغمضت عيناي بقوة , صوتها نعم هي وقال ماما وأسمه نزار

سمته باسمي , ليتك لم تأتي لمنزلهم يا نزار بل ليتك لم ترجع من

هناك , لا ليثك لم تراها يوما وتعرفها , أبعدته عني لأغادر لكنه

تمسك بي بقوة وأعاق حركتي لتخرج من كنت سأهرب منها

قائلة " نزار كم مرة قلــ..... "

وسكتت فجأة واستويت أنا في وقفتي فلا أمل من الخلاص منه ولا

من الهروب منها , كانت تنظر لي بصدمة وعدم استيعاب ومعان

كثيرة في ملامحها ليرتفع تنفسها تدريجيا وتمتلئ عيناها الزرقاء

الواسعة بالدموع وقالت بهمس وابتسامة حزينة " نزار "

ثم هزت رأسها بلا غير مصدقة وأنا جمدت مكاني أنظر لها فقط

وكل تفكيري في أنها ضاعت مني وانتهت وأصبحت لغيري وابنها

عمره يؤكد أنها تزوجت بعد سفري مباشرة أو بأشهر قليلة

كسرتُ نظري للأسفل أشعر بحسرة لم أشعر بها حياتي ثم رفعته

فجأة حين وصلني صوتها قائلة من حيث تقف على بعد خطوات

" قل أنك نزار ولستُ مخطئة "

قلت بابتسامة حزينة " كيف حالك يا سما "

لتركض حينها نحوي مسرعة وقفزت لحضني وتعلقت بعنقي

تبكي وتقول " نزار عدت أخيرا لا أصدق لا أصدق "

أغمضت عيناي بألم فما معنى هذا تركض لحضني وابنها يقف

خلفي كيف أفسر كل هذا يا سما أرجوك , تعلقت بعنقي أكثر

وقالت بعبرة وهمس " اشتقت لك نزار اشتقت حد الوجع "

حينها فقط تحركت يداي وضممتها بذرعاي بقوة فأقسم أنك لست

لغيري كيف لا أعرف ولا يهم لكني بث متأكدا من ذلك

بكت كثيرا وبوجع وهي متعلقة في عنقي وتدس وجهها فيه

بكت كل سنين غيابي عنها بكت فراقنا وبكت رحيلي دون

وداعها بل أبكتني معها وعلمتني معنى دمعة تسقط من عين

الرجل , ضممتها بقوة وقلت " يكفي يا سما يكفي أرجوك "

فارتخت ذراعاها حينها ونزلت للأرض وابتعدت عني ورفعت

رأسها ونظرت لي ورفعت أناملها ومسحت من على جفن عيني

ورموشي الدمعة التي علقت هناك وقالت ببحة " افتقدك يا

أبي وأمي وأخي وكل من كان لي في هذه الحياة "

شعرت حينها بمعنى انكسار الروح وأن فصل السنة تغير من

حولنا فضممتها لحظني بقوة وقلت " لم تتزوجي يا سما أليس

كذلك قولي أنك انتظرتني ولم تتزوجي "

قالت بحزن " ما كان قلبي سيطاوعني لفعلها عاندني لآخر

لحظة ورفض أن يكون لغيرك يا نزار رغم علمه أنه

قد يراك مجددا "

أبعدتها عني ثم نظرت للفتى وقلت " وهذا من يكون "

حملته من الأرض وقالت " هذا ابن الخالة عفراء كانت حاملا

حين وجدوها وأنجبته بعد أشهر من العناء والنزيف وأوصت

أن يعطوه لي ولا يتركوه في دار الأيتام فربيته ولن أتركه ما

حييت لأنه وصيتها لي ولأن الله استجاب دعائي ووجدت

شيئا أرد به فضلها علي "

مسحت بكفي على خده وقلت " وسميته نزار "

نظرت له وقالت بحزن " ما كنت سأنجب ابنا لأسميه

عليك فسميت ابنها "

ثم قالت له مبتسمة " نزار هل تذكر حين أقول لك أن

والدك مسافر وسيعود "

هز رأسه بنعم فنظرت لي وقالت " وهذا هوا والد قد عاد "

ارتمى حينها في حضني مبتهجا فأخذته منها وقبلت خده وقلت

" نزار ابن نزار كيف تكون هذه "

مسحت عينها وقالت مبتسمة " تكون كيفما تكون لا شأن لي بكما "

ثم أمسكت يدي الممسكة له وقالت وكأنها تذكرت شيئا " خالتي "

قلت مبتسما " نعم معي هنا في منزلي وأصبحت تسير

أيضا وشفيت تماما "

نزلت دموعها مجددا وقالت بابتسامة حزينة " كم أنا مشتاقة لها "

ثم أخذت الفتى مني وقالت " سأعطيه للخادمة وأعود لك

لنذهب لها حالا فلا تذهب انتظرني "

ثم غادرت مسرعة وأنا أراقب كل خطواتها , كيف أذهب بعدما

وجدتك يا سما وتنتظرينني بلا وعود ولا طلب مني بذلك , آخر ما

كنت أتخيله أن تبقى على حبها لي حتى الآن أن لا تموت مشاعر

تلك المراهقة لتثبت لي أكثر أنها كانت مراهقة في جسد امرأة بل

وسيدة كل النساء

عادت بعدها تعدل حجابها على رأسها مسرعة حتى وصلت

عندي وسحبتني من يدي وسارت بي قائلة " بسرعة مشتاقة

لرؤيتها حد الجنون "

سرت معها حتى سيارتي وقلت " ستركبين معي أم في سيارتك "

نظرت لي باستغراب وقالت " ومن أين علمت أنه لدي سيارة "

حككت أذني بإحراج وقلت " رأيتك صباحا تنزلين منها في جامعتك "

وضعت يداها وسط جسدها وقالت " هل ستدرس في الجامعة "

هززت رأسي بلا مصدوما فقالت بضيق " وماذا تفعل هناك هل

تغيرت أطباعك بسبب بنات الغرب "

ضحكت وقلت " لا طبعا "

نظرت جانبا مستاءة وكتفت يداها لصدرها فقرصت خدها

وقلت " سما لا تجعليني أتهور هيا لتري والدتي وأعود

هنا ليزوجك وليك لي اليوم قبل الغد "

قالت متوجهة لسيارتها " وليي ليس هنا ولا يعيش هنا "

ثم فتحت باب سيارتها وقالت " لأنه جابر فجده اليوم إن كنت تقدر "

ثم ركبت السيارة وأغلقت بابها خلفها سحقا جابر وليها يعني لن

أحصل على موعد معه قبل أسبوع وزير الداخلية ذاك

خرجت بسيارتي من هناك وهي تتبعني حتى وصلنا منزلي

هنا ونزلت معي ودخلنا وأمسكتها من يدها وقلت سائرا بها

" أريدها لها مفاجأة "

ثم بحثنا عنها كثيرا حتى وجدناها في الحديقة الخلفية تجلس

على الأريكة ومنشغلة بشيء ما في يدها فاقتربت منها وخبأت

سما خلفي وقلت " أمي هناك مفاجأة لك معي "

نظرت لي باستغراب ثم لأقدامنا لتقف من فورها

وقالت بدهشة " سما قسما أنها سما "

فخرجت حينها من خلفي وركضت لحضنها وارتمت فيه وعادت

للبكاء مجددا وقالت وهي تتمسك بها بقوة " خالتي كم اشتقت

لك ولهذا الحضن أقسم أن بعده لم أجد حضنا ولم أنم في حضن

أحد , لمن تركتموني ورحلتم لمن ولماذا "

نظرت لي والدتي حينها وهي تمسح دموعها وكأنها تقول لي

( انظر ما فعلت بها ) اليوم فقط ندمت أني لم آخذها معي ورغما

عن الجميع لكن الماضي لا يمكن لأحد تغييره , ابتعدتْ عن حضنها

ومسحت لها والدتي دموعها وأجلستها معها على الأريكة وقالت

" كيف حالك يا سما وما هي أخبارك "

نامت في حضنها كعادتها في الماضي وقالت " بخير ما دمتُ

رأيتكم مجددا فانا بخير أخبريني عنك أنتي "

ضمتها وقالت " كما تري أمامك صرت بأفضل حال ولا ينقصني

غير وجودك ليتزوج هذا الأعزب ويرحمني "

قلت حينها " لا تنكري أنك منذ سافرنا لم تعودي

تذكري الزواج أبدا "

مسحت على رأس سما وقالت " وما شانك أنت

ارحل هيا واتركنا "

جلست على أحد الكراسي وقلت " في خيالك لن اخرج إلا

وسما معي ولجابر فورا لنتزوج "

ابتعدت حينها سما عن حضنها وقالت " انظري لابنك وما

يقول خالتي , يريد أن يتزوجني هكذا وبدون ولا حفل زفاف

ثم أنا لم أوافق بعد "

قلت بصدمة " لم توافقي "

ضحكت أمي وقالت " معها حق أنظر لهذه الحسناء الفاتنة التي

زادتها السنين جمالا على جمالها ماذا تفعل بك أنت , كانت

تريدك ذاك قبل أربعة أعوام "

قلت بضيق " حسنا وما تغير أنا هوا نفسه "

قالت سما " لا انظر كيف أصبح في رأسك بعض الشيب لقد

كبرت كثيرا , أنت كنت تريد سما المستقبل وأنا الآن

أريد نزار الماضي "

وقفت حينها وتوجهت نحوها وسحبتها من يدها قائلا

" قفي معي بسرعة وسنخرج بجابر من تحت الأرض

وأتزوجك الآن واحتفلي فيما بعد كما تريدين "









نهاية الفصل أو نهاية الرواية





أردت أن أتوسع أكثر في ختام قصصهم في المستقبل لكن الوقت لم



يسعفني فأحب أن أشكر كل الشكر الأخوات بلومي وتفاحة فواحة على

مساعدتهم لي لإنجاح الرواية لتظهر بأفضل وجه كما أشكر الغالية

فيتامين سي شكر كبير على ما قدمته لي

واشكر شكرا من أعماق قلبي

شيماء علي

عمر البعد

فيتامين سي

طعون

حكاية أمل

بلومي

منى سعد

الأميرة البيضاء

طالبة هندسة

أم ميدو

تفاحة فواحة

همس الريح

لولوة بنت عبدالله

شيماء عبدالله

شموخهه

رديناآ

ليال شتاء

خناجر الزمان
Obaida


التربوية
sarry boo


أم اسعودي

مالكا قلبي

فيت المشاكسة

لأن القمر في شرفتي أجمل

آريج الآزهار

كيلوبترا

لحظات عمري
Nourarashed


منوني
Rahmouna


بلادي

فآرغة

كوتشي
IMANECRAZYGIRL


روض وسميه
islam ahmed


نزف جروحي

عذرا مأرب

جزيرة

جود صالح اكرم

دمعة خشوع

ابراق نعيم

هلا انور
IMANECRAZYGIRL


أم مروان

امل لا ينتهي

الحالمة دوما

همس الوجووود

هلا انور

غروور

رحاب المانوليا

أمل وترقب
shosho sabry


ألم الواقع الحزين

ترانيم الصمت

دلال الدلال

الحالمة دوما

أبها

الكنينة
love big


عيون سليمان
Tiha


أم عموووري
najla2013


تيجر

رحيف ال

عشق القمر

حنين الحربي
Daliaa

taleen Syrians

khaledya

meesh

elham farrag

sweety noma

Bisho roze


أسووووم

زهرة البيلسان

تسكعات فكرية





والأخوات متابعاتي في المنتدى الآخر




Hlkdi


هنو العمري

غدور

زيارة خاصة

أم سلطام

همتي في الثريا

عذراء سوداء القلب

زهرة القمر
huda 87


فلسطينية الهوى
rghd.m

dream amira

dodoalbdol

sloomi

dodah123


حالمهه
Hidaya


أراك حلما

ألم الواقع الحزين

نداء الحق

سمراء الجنوب

نواعم

همتي في الثريا

دلع ألماسة
Lattof






أشكركم على كل كلامكم الطيب في حق روايتي ودعمكم وتشجيعكم

لي أحبكم في الله جميعا ولا تنسوني لأني لن أنساكم



 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أوجاع ما بعد العاصفة, رواية
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 07:49 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية