كاتب الموضوع :
غيمة كبرياء
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: حبات مطر من غيمة الشتاء | بقلمي .
بسم الله ،
لا تشغلكم عن الصلاة و ذكر الله .
الغيمة الرابعة :
حبة المطر الثانية :
تمرُ الأيام و الأشهر و تنتهي ، و في الخامس عشر من شهر فبراير لعامِ ألفين و ثلاثة عشر ، و الذي كان يوماً ماطراً ، كانَ [ مُراد ] مستلقٍ على سريرهِ و عيناهُ مُرتكزتانِ على السقفِ ، في الحقيقة بعد كل ما حدثَ في الأمس يعتقدُ أنهُ فقد كل أملٍ قد يعيدُ له [ رشا ] ، و لكنه في ذاتِ الوقت نادم لأنهُ لم يفعل شيئاً حين طلبت عائلة [ رشـا ] منهُ الانفصال سوا الانفصال ! ، فلو أنه تخلى عن كبريائهِ سراً و حاول معرفةَ السبب ، لكان قد فعل شيئاً بكل تأكيد ، و في ذات الوقتِ كان يعتقدُ أن [ رشا ] فقدت ذاكرتها بسبب صدمة نفسية و ليس بسبب إصابة في الرأس كما هو الواقع ، لأنها لو فقدتها بسبب صدمةٍ نفسية لكان من السهلِ عليها استعادةُ ذاكرتها عن طريقِ المكان و الأشخاص كما يظن هو .. وقفَ [ مُراد ] بالقربِ من النافذة يراقب الغيوم الماطرة التي تشبه قزحيتي عينيّ [ رشا ] حين تذكر كل ما حصل بالأمس و ابتسم بسخريةٍ على نفسه :
كان الجميعُ قد اتفقوا على اللقاء في مكانٍ قريب لطالما التقوا فيهِ خلال كل هذه الأشهر ، و لكن اليوم الأمر مُختلف لأن [ سوزان ] من طلبت منهم ذلك و قد جاءت دون [ رشا ] ، و لكنها جاءت بصُحبةِ [ حور ] التي لم يروها سوى مراتٍ عديدة تُحسب على أصابع اليدِ الواحدة ، كانت علاماتُ الاستياءِ ظاهرةً على كل ٍ من [ حور ] و [ سوزان ] حين قالت [ سوزان ] :
رشا رح تتزوج ! .
انتقلت أنظار الثلاثةِ [ مُراد ، أحمد ، ميّادة ] إليها و هي مفتوحةٌ بأكملها ، ففي الحقيقةِ ما سمعوهُ كان صدمةً بالنسبةِ لهم .. رشا ستتزوج ؟
ميّادة : أنتِ أكيد تمزحي ؟
سوزان : و هالشي ينمزح فيه ؟
حُور : هذي الحقيقة ! ، و بنفس الوقت عرسها الأسبوع الجاي .
أحمد بصدمة : الأسبوع الجاي ؟ بهالسرعة ؟
حُور : أنا بعد انصدمت ، ليش بهالسرعة ؟ مع انها ما كانت تعرفه و لا شي .
ميّادة : عادي .. نقدر نعتبره زواج تقليدي ، بس شالحل ؟
كانَ الجميع لا يريدُ من [ رشا ] أن تتزوج من هذا الشخص .. لا أحد يريد لأجلها و لأجل [ مُراد ] ، مع أن [ مُراد ] هو الشخص الذي يملك رغبةً أكبر لمنع هذا الزواج إلا أنه لم يتحدث و لم ينطق بأيًّة كلمة إلَّا حين ذهب الجميع و لم يبقى أحد سوى [ حور ] لأنها في الحقيقةِ كانت تُريد التحدث إليه .
حور : صدقني أنا حاولت أمنعها بس ما قدرت ، هي مقتنعة ! .
مُراد : إلي رح تتزوجه من هنا ؟ و لا رح ترجعوا الخليج ؟
حُور : لا ، أهله كلهم هنا .. أصلاً خالتي ما رضت ترجع و مراد ما رضى يرجع إلا عشان رشـا .. كلهم رجعوا لعمي مع انه بصراحة دمر حياتهم عشانها ، بس أنا و خالتي رح نرجع أول ما تتزوج رشـا .
صمتت قليلاً ثم أردفت : قلت كل هذا ، لأنني أعرف انك مستغرب ليش رجعت رشا لأبوها و من هالكلام ، و اذا تبغى تعرف كيف عرف أبوها رح أخبرك ، عرف لأنه من زمان ما تركهم و كان يراقبهم من بعيد لبعيد ! .
مُراد : هذا الشي ما يهمني بهالوقت ، بس خلاص رشا راحت و ما أقدر ارجعها .
عاد [ مُراد ] بذاكرتهِ على صوتِ البرق ، كان يفكر للرجوعِ للمنزل فلو أن [ رشا ] ستتزوج و تكمل حياتها ، فلماذا يبقى هو هنا؟ ، فقد تعب من كل ما قد جرى له ، لكن حبل أفكارهِ انقطع للمرةِ الثانية بعد دقائق حين اتصل أخوهُ [ فراس ] و كانتِ الأجواء قد هدئت ! .
فراس : شصار عليك ؟
مُراد : ما صار شي مهم ، خلاص هي راحت و ما رح ترجع .
انصدم [ فراس ] و ظنَّ شيئاً آخر مخالفاً لمقصد [ مراد ] ليقول بأسى : الله يرحمها .
ضحك [ مراد ] مع أنه لا رغبةَ له بالضحك ، لكن ردة فعل [ فراس ] أضحكته : بسم الله عليها ما ماتت .
أردف بجدّية و أسىً ممزوجين : رح تتزوج .
ليصمت و يردف من جديد : واحد غيري .
حاول [ فراس ] بقدرِ المستطاع تخفيف أوجاعِ أخيه حتى يختم جمل المواساةِ بِـ : يومين و أكون عندك .
مُراد : يومين و تكون عندي ؟
فراس : أيوا ،
بعدها أردف بنبرةٍ لم يفهمها [ مُراد ] ءَهي عتاب أم ماذا ؟ : و لما تكون فاضي كلَّم أمي دايماً تسأل عنك .
بعد ما أنهى [ فراس ] المكالمة ، وضعَ [ مراد ] الهاتف في جيبهِ ، و تذكر أمهُ فجأةً و كم هو مقصر في حقها ! ، مع أنها لطالما كانت ورقتهُ الرابحة ، إذا قال والدهُ له لا تدخلت أمهُ لتقنع والده بأيَّة طريقة ، و لطالما كانت سعيدة بأنه سيتزوج ، مع أنه في السابقِ كان يقول لها أنه لن يتزوج أبداً ، و لكن [ رشا ] دخلت حياته لتقلبها رأساً على عقب ، هو يعلم أن حياة أمهُ مملة ، فهي لا تملك إلا هو و [ فراس ] و والدهما مشغولٌ بالعمل و هما كذلك ، و في ذاتِ الوقت قد أكمل [ فراس ] التاسعة و العشرين من عمرهِ قبل أشهر و لا يزال كما هو ، لم يرتبط إلى الآن .. و أما هو فسيكمل بعد أشهر من الآن الـسابعة و العشرين ، فهو يكبر [ رشـا ] بعامين اثنين مع انهما درسا سويّة ، و لكن [ رشـا ] دخلت للدراسة في الصف الأول الابتدائي متقدمة بسنة ! ، حينما هو قد أجَّل سنةً دراسيةً كاملة في الفترةِ التي مرضت فيها أمه ، ليكون بقربها و لا يكون بعيداً عنها ، فلو أن [ رشا ] درست مع من هم في سنها و لو أن والدته لم تمرض ، لربما لما مرّ بما يمر به الآن ، و لكن هذا الكلام غير مفيدٍ الآن ، و في ذاتِ الوقت هو يتسائل ، فقد قضى مع [ رشا ] شهور عدة لكنها إلى الآن لم تتذكره ، و لم تلمح له حتى أنها تتذكره ! .
،
في الجانبِ الآخر من المدينة ، كانت [ رشا ] جالسةً على طرفِ الغرفة و هي تمسك رأسها بكلتا يديها ، الصداعُ يغزو رأسها و ترى صوراً مشوشة كالعادة في هذه الـ6 أشهر ، بعد فقدانها لذاكرتها ! ، ترى مُراد .. ميّادة .. أحمد بكثرة ، تراهم أكثر من الجميع ، لكنها لم ترى أختها [ سوزان ] سوى مرتين اثنتين ، و لم ترى والدها أبداً .. كانت تحس بمشاعر غريبة منذ أن رأت ذاك الشاب المدعو [ مُراد ] لكنها الآن تعتقد ُ أنهُ قد كان جُزءاً من ماضيها الذي فقدته ، و في ذات الوقت الصُداع يزداد و صورٌ مشوشةٌ عديدة تزور ذاكرتها و ترحل سريعاً و هي لا تستطيع سوى أن تتألم .. و مع شدةِ الألم أصبحت تُبعثر الأشياء الموضوعةَ فوق تسريحتها و طاولتها المكتبيةِ و تصرخُ أحياناً ! ، فقد كانت [ رشا ] تعاني من هذا الصداع و الذكريات المشوشة على فتراتٍ متباعدة طوالَ هذهِ الأشهر الستة .
في الجانبِ الآخر من المنزل كانت [ سوزان ] تجلسُ في حديقةِ المنزل أو كما يسمى الفناء الخارجي للمنزل ، كانت تفكرُ في أنها لم تكن بذلك السوء الذي يجعلها تقتل أحداً من أجل مسابقةٍ غبية لا تعنيها بتاتاً و لكن وُجب عليها التمثيل ، صحيحٌ أنها لم تكن تعرف أن [ رشا ] اختها و لكنها في ذات الوقت حتى لو كانت تعلم ، لما تغيّر شيء ! ، فلطالما حاولت أن تفعل شيئاً حسناً لِـ[ رشا ] ، فلطالما عاشت وحيدةً مع والدها دون أم أو أخت أو أخ .. لذا أرسلت مذكرة [ رشا ] التي وجدتها بين أشياءها لِـ [ مُراد ] ! .. قطع حبل تفكيرها ، صوتُ أخيها [ مُراد ] : أختي الجميلة .
نظرت إليه [ سوزان ] : انقلع .
ليرد عليها : الحياة غريبة ياخي .. صح ؟
نظرت للفراغ الذي أمامها دون أن تلتفتَ إليه : واجد ، لدرجة إني ما توقعت بيوم من الأيام انه واحد نفسك يطلع أخوي .
ليردَ عليها بذاتِ النبرةِ التي تكلمت بها : و لا أنا توقعت انه وحدة مثلك تطلع اختي .. المهم كم عمرك بهذا الوقت ؟
سوزان رمقته بنظرةٍ بعدها أجابت : 22 .. خير ؟
مُراد يقول بعد تفكير : 5 سنوات ! .
لتردَ عليه بدون أي انفعال مع انها فهمت مقصده : و انت أعتقد .. أمم 6 صح ؟
بعدها أردفت بنبرةٍ شبه حازمة : هذا الشي ما عاد يهم ، أهم شي أمك و البقية يروحوا من هنا بأسرع وقت .
مُراد : حتى أبوي .. و ربعك ، لازم كلهم يروحوا من هنا .
في الحقيقةِ علاقةُ [ سوزان ] بأخيها [ مُراد ] ليست متوترةً أو غير قوية .. هي قويةٌ فعلاً و لكن الاثنانِ يرفضان الاعتراف بالطرفِ الآخر كأخٍ .. أو بشكلٍ عام كقريب .. لماذا ؟!
،
بعد يومين تماماً .. يسمعُ [ مُراد ] الذي كان جالساً يتأملُ الفراغَ بيأسٍ صوت الجرس ، ليفتح الباب ، فتفاجأ حين رأى أنهُ [ فراس ] ، ليقول : ما خبرتني كنت رح أجي المطار .
ليرد عليه [ فراس ] : ما لازم ، و لا تستغرب كيف عرفت عنوانك ا..
قاطعهُ [ مُراد ] : أيوا .. الله يخلي أحمد .
ليضحك [ فراس ] و تتضحَ غمازةُ وجنتهِ اليمنى ، ليقول [ مُراد ] : ادخل ، و لا تبغى تجلس قدام الباب ؟
بعد أن دخل [ فراس ] قال : حالتك صعبة ، لا تخاف إلي سويته بآخر شهرين ما بيروح ببلاش .
التفتَ إليه [ مُراد ] و الحيرةُ ظاهرةٌ على وجهه : إلي عرفته إنه أول 6 شهور بعد ما يفقد الانسان ذاكرته هي أهم فترة ، و أحسن فترة ليتذكر .
هزَّ [ مُراد ] رأسه بالإيجاب بمعنى أنه فهم ، و قد اشتعلتَ جذلةُ نور في قلبه ! .
،
في ذاتِ الوقت ، في أحد المتنزهات القريبة ، كانت [ ميّادة ] تجلس لوحدها مُنتظرةً [ رشا ] ، ظلَّت تراقب ساعتها ، فقد تأخرت [ رشا ] لربع ساعة ! .. بعد دقائق جاءت :
رشا : تأخرت ؟
أجابت [ ميّادة ] : لا .
قالت [ رشا ] بنبرةٍ جادة : ميّادة ، اوعديني انك ما رح تكذبي عليّ؟
ركزّت [ ميادة ] عينيها المليئتين بالاستغراب على [ رشا ] : صاير شي ؟
أعادت [ رشا ] كلماتها بنفس النبرةِ الجادة .. لا بل أكثر جديّة : اوعديني انتي .
قالت [ ميّادة ] بعد تفكيرٍ عميق و تردد واضح : أوكيه ، أوعدِك .
لتقول [ رشا ] : أنا أعرف انك تعرفيني من كم سنة ، مُراد .. كان بحياتي صح ؟ يعني كنت اعرفه من قبل لا أفقد ذاكرتي .
ظلّت [ ميادة ] صامتةً دون أن تنطق بحرفٍ واحد ، لِتردف [ رشا ] :
من أول مرة شفته فيها و أنا حاسة بشي غريب ، شعور ما قدرت أفسره ، بس ميّادة انتِ أكيد تعرفي .. صح ؟
بعد تفكيرٍ دام للدقائق و توترٍ بدا واضحاً على وجهِ [ ميّادة ] قالت باقتضاب : صح .
لتقول [ رشا ] : من كان ؟
قالت [ ميّادة ] باختصار : واحد كان يدرس معنا ، علاقتك فيه نفس علاقتك بأحمد .
لتقول [ رشا ] : لا هو أكثر من كذا .
لتقول [ ميّادة ] و هي تقف و تتحاشى النظر لعينيّ [ رشا ] و تنظر لساعتها : تعالي لنفس هالمكان الساعة 6 .
و انصرفت تاركةً [ رشا ] في حيرة ، و لكنها كل ما حاولت تذكر من يكون هذا الانسان تحس بألامٍ في الرأس .. لكنها واثقة أن له مكانةً كبيرة في قلبها ، هي واثقة حتى لو لم يخبرها أحد .. فهي صحيحٌ أنها لا تعرف صلته بها في الماضي ، لكن قلبها يخبرها انها تعرفه ، و أن هنالك شيئاً قد حدثَ بينهما .. و يستحيل ُ أن تكذب عاطفتها ! .
،
بعد أن رحلت [ ميّادة ] من المتنزة ، توجهت حيثُ يقطنُ [ مُراد ] ، هي تفعلُ كل هذا الآن كي لا تحسَ بتأنيبِ الضمير لاحقاً ! .. فهي لا تريدُ أن تكون سببَ تفريق أحد ! .. لذا طرقتِ الجرس مرةً واحدة ، و بعد لحظةِ صمتٍ طويلة ، فتح أحدهم الباب ، لتقول [ ميّادة ] : عطيني مذكرة رشا و لا تسأل ليش .
ظلَّ [ فراس ] ينظرُ إليها طويلاً .. لتقول له [ ميّادة ] : مضيع شي بوجهي ؟
لتردف بعدها : مُراد .. جنيّت ؟
لتسمع صوتَ [ مُراد ] الذي وقف خلف [ فراس ] ، فلم تكن [ ميادة ] تعرف شكل [ فراس ] و ظنّت أنه [ مراد ] فالشبه بينهما كبير : من عند الباب ؟
أول ما رأى [ مراد ] الواقف أمام الباب : ميّادة ؟!
لتقول له دون مبالاةٍ لِـ [ فراس ] : عطيني مذكرة رشا و لا تسأل ليش .
علم [ مُراد ] أن [ ميّادة ] تفعل هذا لتساعده ، فما بدت ذات أسلوبٍ مستفز و عصبي إلا أنها في أعماقها طيبة ، ليذهبَ [ مُراد ] و يعطيها لِـ [ ميّادة ] التي حين استلمتها ذهبت دون أن تنطق بأي حرف ، طوالَ الطريق كانت تفكر ما إن كان ما ستقوم به سيصلحُ الأمور أم يفسدها ، نظرت لساعتها و التي كان عقربها الصغير يشير للخامسة و الكبير للرقم عشرة ، لذا ذهبت فهي تعلم أن [ رشا ] لن تتأخر ، بما أن الموضوع يخص ذاتها القديمة ، و كان ظنًّ [ ميّادة ] صحيحاً فحين وصلت ، كانت [ رشا ] جالسةً على أحد المقاعد ، اقتربت [ ميّادة ] منها و حين وصلت قالت : اقرأي هذي و رح تفهمي كل شي .
بعد تلكَ الجُملة انسحبت [ ميّادة ] دون أيَّةِ كلمةٍ زائدة ! ، فلطالما حذرتهم [ أم رشا ] أنها لا تريد منهم أن يذكروا [ رشا ] بأيٍّ شيءٍ يخصُ ماضيها من أجل مصلحتها ، فَـ [ ميّادة ] تعلم أن [ أم رشا ] تريد مصلحتها و بما أن ماضي [ رشا ] مليءٌ بالآلام و البؤس ، لكن [ ميّادة ] تعرف أن مصلحة [ رشا ] تكمنُ في معرفةِ ماضيها و استعادته ! .
،
بعد سويعاتٍ قليلة ، تماماً بعد أن أنهت [ رشا ] قراءةَ تلكَ المذكرة التي اكتشفت أنها لها في الماضي ، ففي الحقيقة توجدُ فيها الكثير من الألغاز التي لم تستطع حلها ، لكنها عرفت من يكون [ مُراد ] ، و مع كل هذا إلا أن آلام رأسها راودتها من جديد لدرجةِ أنها صارت تصرخُ من الألم ، حتى جاءت [ سوزان ] و رأتها على الأرضِ تمسك رأسها بكلتا يديها : رشا .. رشا صار لك شي ؟ .. رشا !
بعد لحظاتٍ طويلة ، توقف الألم فجأة ! .. و اختفتِ الصور المشوشة و الخيالات التي كانت تزورها كل يومٍ بصحبةِ الصُداع .. لتقول لها [ سوزان ] : ارتاحي انتي الحين ، و أنا برجع بعد شوي .
بعد أن ساعدتها [ سوزان ] على الاستلقاء على السرير ، اطفأت المصابيحَ و خرجت ، و لكن [ رشا ] استيقظت بسرعةٍ حين رأت محتوى آخر رسالةٍ أرسلتها [ ميّادة ] ، لترتدي معطفها فالجو بارد ، و تتسللُ ببطئٍ حتى تخرجَ من الباب ِ الخلفيةِ دون عِلم أحد ، و تمشي لوحدها فِ الشارع متوجهةً لحيثُ يعيشُ [ مُراد ] .
في نفس المنزل .. بعد نصف ساعة ، كانت [ سوزان ] في غُرفتها وسط مجموعةٍ من الصور التي لطالما مقتتها ، فقد وصلتها هذهِ الصورُ قبل أيام ، و بجانبها [ مُراد ] أخاها الذي هو أيضاً بنفس حالتها ، لتقول : ما رح يخلونا و يقطعوا الشر .
لتردف : اعتقد اني خلاص رح أسلم نفسي ! .
ليرمقها [ مُراد ] بنظراتٍ ما بين الغضبِ و الاستغراب : مجنونة انتِ ؟ مجنونة !
كانت تُريد أن تردَ عليه لكن رسالةً من رقمٍ غريب قطعت حديثها و قد كانت بالانكليزية :
[ 90.2s ، استمتعي بالغوصِ في بحر الندم و العيش في سماء المُعاناة ]
فتحت [ سوزان ] كلتا عيّنيها حين رأت نهاية الرسالة :
[ vox 9 ] .
و في ذاتِ الوقت كانت قد وصلت رسالة لِـ [ مُراد ] :
[ 50.20M ، استمتع بالجنازةِ و ارتدِ الأسود و تحمّل نظراتِ اللوم
Vox 9 ] .
لينظر َ [ مراد ] أيضاً لِـ [ سوزان ] و يقولا في وقتٍ واحد : رشا !
ليخرجا في نفس الوقت و هما يجريان لغرفتها التي كانت خالية ، أمسكت [ سوزان ] بشعرها و أعادته للخلف كما تفعل حين تكون متوترة : وين راحت ؟!
التفتت لِـ [ مُراد ] الذي كان قد وقعت عينهُ على المذكرةِ و فهم كل شيء ليخرجَ سريعاً و [ سوزان ] وراءه ، كانا يجريان و قلوبهما تخفق بقلقٍ و خوف ، كانا خائفانِ من أن يحصلَ مكروهٌ لِـ [ رشا ] ، ليقف [ مُراد ] عن الجري حين اتصلت به أمه لِتصدمهُ بصوتها المصدوم البائس ، بِـ : الحق ، اختك ماتت ! .
،
لا إله إلا أنت سُبحانك إني كنتُ من الظالمين .
اللهم صلِّ على محمد ،
| لا أحلل من ينقل الرواية دون ذكر اسمي | .
أنتظر ردودكم و توقعاتكم فلا تفصلنا عن النهايةِ سوى بضعِ حبات مطر .
|