كاتب الموضوع :
غيمة كبرياء
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: حبات مطر من غيمة الشتاء | بقلمي .
الغيمةُ الثالثة :
حبّةُ المطرِ الأولى :
صفحةُ جديدة ، يومٌ جديد ، تاريخٌ جديد ، حدث جديد !
[ الخامس من يناير لعامِ ألفين و أحد عشر :
في الحقيقةِ أن " سالفةَ " الخِطبةِ تلكَ حقيقة و لكنها ليست اليومَ كما قـالت أمي ، لأنَ اليومَ بالأساس هو ذلكَ اليوم الذي يسبق يوم الزفاف و يُسمى [ يوم الحناء ] الخاص بِـ [ فـارس ] لكنني متأكدة أنها قريبة ، قريبةٌ جداً ، و الأهم من ذلك أنني سأبقى مع جدتي ، لذا سأحاول نسيان ما سيحدثُ في المستقبل كونه مُستقبلاً و لكل حادثٍ حديث ! ، أعتقد أنّ اليوم جديرٌ بأن يُطلق عليهِ [ يوم الذكريات ] فَهُنا نشأتُ و ترعرعت لسنوات عديدة لا تقل عن عشرِ سنوات ، و لكنني لم أستطع الاستمتاعِ بذكرياتي ، فسرعانَ ما جاءَ معظمُ أهلِ أمي للبدء في التجهيزات لمساءِ اليوم ، و ذهبتُ كي أساعدهم اذا احتاجوا لي مع أنني لا أفقهُ شيئاً في هذا ! ، و اذا لم أفعل سيقول انني غير [ سِنعة ! ] ، لذا ذهبت ، فتوجهتُ بِصُحبةِ [ حُور ] للخيمةِ التي نُصِبَت في الساحةِ الشاغرةِ أمام منزل جدتي .
ابتدأت [ حور ] الحديث قائلةً : لو يسووا الحنا فِ البيت يكون أحسن .
فقلتُ لها : عادي ، كله واحد ، بس بكره وين ؟
فقالت تستهزء : بالشارع ! ، وين يعني ؟ بقاعة لاه .
فقلتُ لها : شدراني أنا يعني !
حينها سمعنا صوتاً مُستهزءاً أمقته للغاية يقول : رشـأ ؟!
فالتفتُ لِمصدرِ الصوت و أنا أحاول تهدئةِ نفسي .
فقالت تلك الهَوجاءُ [ عبير ] ابنة خالتي التي تساويني عُمراً : سمعنا يقولوا انخطبتي ، ليش ما قلتي ؟ ترا عـادي ما نحسد !
فالتفتُ إليها قائلةً : و بعدين ؟
فقالت [ عبير ] بِخُبث : و لا خايفة لا يصير شي ؟ في النهاية يطلع من نوع الرجال إلي ينتمي له أبوك الله يرحمه ، ءء صح محد يعرف هو حي و لا ميت .
فقالت [ حور ] : الرحمة للحي و الميت .
لكنني طبعتُ على وجهها خمساً لن تنساهنَّ ما حيِيَت ، لدرجةِ أن الجميع التفت لِمصدرِ الصوت ، و كنتُ متأكدةً أن أمي كادت أن تقتلني في تلكَ اللحظة !
فجاءت خالتي والدةُ [ عبير ] لِتعرف ما الذي حدث ، عَرف الجميع أن ما حدثَ شيء كبير لأن الآنسة [ عبير ] ذرفت بعض الدموع .
فقالت [ عبير ] و هي تمسك خدّها المصفوع ! : الله يصبر خالتي عليك .
فابتسمتُ لها و قد اختفت علامات الغضب من على وجهي : آمين .
كنت أريد أن أزيدها قَهراً ، لكن أمي قلبت كل شيءٍ حين جاءت و سحبتني من يديّ بعيداً عن أنظارِ الجميع .
فقالت بغضب : مجنونة انتي ؟ شسويتي ؟ متى رح توقفي مشاكل ؟
فقلتُ لأمي بنفسِ النبرة ! : خلها تتأدب أول شي ، تراني رحمتها المفروض أذبحها .
فسألتني أمس و غضبها يزداد : ليش ؟ ، شسوت ؟
فقلتُ و قلبي يحترق لأنني لا أدري هل دافعتُ عن شخصٍ ميتٍ أو حي ؟ : تتكلم على أبوي ؟ أكسر راسها .
فقالت أمي بنبرتها الغاضبةِ المعتاد : و أكيد كان معها حق ، لا تنسي من يكون أبوك ، لو كان أب صح ما كان رماك أنتي و اخوك علي ّ .
فقلتُ : أوكيه ؟ هو رمانا أنا و أخي كذا ، و انتي ؟ شوفي شسويتي فينا ؟ أخوي ما نعرف وينه ! ، و أنا رح تزوجيني غصب بعد ما مسحتي فيني الأرض .
فتلقيتُ كفاً من أمي ، لم يكُن أقل قوةً عن كفِ ذاكَ اليوم ، و لكنني لم أرد عليها ، فقط خرجت متوجهةً لمنزلنا لأختلي بنفسي بواسطةِ سـيارةِ [ حُور ] !
ذهبت سريعاً لغُرفتي و أول شيءٍ فعلتهُ هو كسرُ الإطارِ الذي يحوي الصورةً العائلية الوحيدةَ لنا ، بعدها قمتُ بتكسيرِ بقايا الزجاجِ بيديّ كالمجنونة !
كنتُ أرى الدمَ ينصب منها لكنني تجاهلتُ ذلك ، بعد دقائق أحسست أن عقلي الذي فقدتهُ مؤقتاً قد عـاد ، لكن بعد ماذا ؟ بعد أن امتلئت يديَ اليُمنى جُروحا أما اليد اليُسرى لم يُصبها شيء و أنا أحمد الله على هذا كوني عسراء ، فلكنت ُ سأعاني صعوبةً في القيام بأعمالي ! .
فقمتُ بلفها بِرِباطٍ طبي ، و باقِ الوقت مكثتهُ في صـالةِ المنزلِ لوحدي ، و لم أعُد لهناكَ مرةً أخرى ، انتصفَ الليل و لم يعودوا فنمتُ هناك في مكاني على الصالةِ ، و قد أدركت أنني أخطأت في طريقةِ حديثي مع أمي و لكنها تقهرني و أعلم أيضاً أن هذا ليسَ عُذراً و أيضاً تذكرتُ أنني افتعلتُ شجاراً ما كان يجبُ أن يحدث لأنني أذكر أن عبير في الأساسِ متزوجة و هي أم لطفلة و فقط كانت تريد اغاضتي ، أحسست انني أخطأت حين صفعتها مع انها أخطأت في حقِ أبي الحي الميت كثيراً أيضاً .
فأنا مُتناقضة ] .
بعد ما قرأ [ مُراد ] هذهِ الصفحةَ عرف أن [ رشـا ] كانت مشوشةُ تماماً لأن طريقةِ سردها لما حدث في ذلك اليوم لم يكن مرتباً جيداً و أسلوبها مختلف و بصراحة الأحداث مُختلِطة ! .
[ السادس من يناير لعامِ ألفين و أحد عشر :
اليومُ و لِأول مرة منذ سنوات أستيقطُ بهذا الشكل ، فقد أحسست أثناء نومي أنني أهوي من مكانٍ ما و أحسست بألمٍ في رأسي ، و ما إن فتحتُ عينيّ حتى رأيتُ النفسي قد سقطتُ من الأريكة ، مثلما كنتُ سابقاً أسقطُ من السرير !
فأقبلت [ حُور ] نحويّ : تعورتي ؟
قلتُ و أنا أمسح رأسي رأسي بكفِ يدي اليُسرى كوني عسراء : لا ما تعورت ، الا راسي ارتج قولي انتي !
قالت حور : أجيب ثلج و لا شي ؟
فقلتُ و أنا أبتسم : شكلِك نسيتي انني من صغري و أنأ أطيح لما أنام ، بس بكم آخر سنة تعدلت هههه !
قالت حور : اليوم رح تروحي ؟
فانقلبَ مزاجي فوراً : لا ، بس بليل بعد ما تخلص هَالسخافة رح أروح لبيت جدتي .
حُور : ليش ؟
فقلتُ و أنا أقف و أشيحُ بوجهي لجانبٍ آخر : ما أتحمل أجلس هنا ، و بنفس الوقت لا تنسي آخر كلام قالته خالتِك ! .
حُور : بخصوصِ الخطوبة ؟
قلت : أيوا .
حُور : شدراك انتِ ؟ يمكن يكون هذا الشي خير !
ققلتُ : حور لا تبدأي بهذي المحضرات !
فقالت حُور : انتِ متضايقة عشـان كلام عبير عن عمي ؟
التفتُ لِـ [ حور ] أعتقد أنها المرةُ الأولى التي أسمعُ فيها أحداً يتكلمُ بحُسنٍ عن والدي الحي الميت ! .
فقلتُ لها : كم الساعة ؟
نظرت إليّ [ حُور ] بنظرات تعني أنها تتعجب من تناقضي الكبير هذا ! ، لكنها ردت دون نِقاش في ماهيةِ الحديثِ السابق : 3 العصر !
فتوَّسعَ بؤبؤ عيني ، ففهمت [ حور ] ما أعنيه فقالت : كنت ببيت جدتي و انتي تعرفي انه لازم نكون هناك من الصباح و خالتي بعد ، فما بقى حد .
فابتسمتُ لها ابتسامةَ سخرية : عـادي ! ، رح أروح أصلي الي فاتني قبل لا يأذن أذان العصر ! .
بعد أن أديتُ فرضي ، ذهبت ُ للساحةِ الخلفيةِ لمنزلنا أنا و مضربُ التنس العتيق الذي أصبح مُعَمِّراً ! ، ففي الحقيقة هو لوالدي لذا أحبهُ و أحب اللعب بِه ! ، دائماً ما كان يُقال لي أنني ورثتُ حب هذهِ الرياضةِ من والدي ، فجلست أتمرنُ مع نفسي على الجدار !
إذا أن الكرة تصدمُ الجدار و تعود إليّ و هكذا ! ، قد كنتُ ألعبُ بسهولةٍ و سلاسة مع انني كنتُ أفكر في أشياءٍ أخرى عديدة كَعودتي لِـ أمريكا ، و غضاب أمي و كلام عبير و والدي الحي الميت و في النهاية تلك الخطبة القَسرية !
لكن حبل الأفكار بي انقطع حين سمعت [ حُور ] تناديني فصدمتِ الكُرة أعلى مقدمةِ رأسي ، فمسكت ذاك المكان : شكلي اليوم رح أفقد الذاكرة .
بعد أن ذهبت لِـ [ حور ] أخبرتني أنها هي و أمي ذاهبتان لمكان العُرس مجدداً فقلت لها أنني لن أذهب !
فبقيتُ بنفسي لبعضِ الوقت ، حتى حلَّ المساء و ذهبتُ لبيت جدتي ! ، لأنني أريد المكوث معها ، هُروباً من كل شيءٍ مؤلم مثلما كنتُ صغيرة !
فمر الوقت و جدتي تحكي لي قصص الأولين من أقرانها ، فهي لم تستطع الذهاب للعرس بسبب آلامِ مفاصل رجلها ، لكنها في ذلك اليوم احتوتني و جعلتني أرسم ابتسامةً على شِفاههي نسيت كيفية رسمها منذُ مدة و في نفس الوقت قالت لي ، عبارة من المستحيل أن أنساها :
[ تمسكي الله ، الله مَعك ] .
هذا كانَ كُل ما حدثَ اليوم ، فظننتُ أنها بدايةٌ لأشياءٍ أجمل و أكثر اشراقاً ] .
كان [ مُراد ] يريدُ معرفةَ ما حدث لاحقاً !
فهَّم بسرعةٍ ليفتح الصفحة التي تليها :
[ السابع من يناير لعامِ ألفين و أحد عشر :
لستُ سوى انسانةٍ منحوسة ! ، تمشي فِ الشارع المخالفِ للحظ ! و السعادة و الفرح ! ..
اليوم حينما استيقظتُ صباحاً ، أول شيءٍ فعلتهُ هو النظر للساعة و تعجبت أنّ الساعة الآن الواحدة ظُهرا ً ، فخرجت مسرعة لغرفة جدتي فليس من عادتها أنّ تنام هكذا !
لكنني رأيتُ أمي و خالاتي و [ حُور ] و بعض النساء ، و الجميع يذرف دمعاً غزيراً ، فاقتربت مني [ حور ] و عدنا للغرفةِ التي كنتُ أنام فيها ،
رشـا : شاللي صـاير؟
حُور ألقت خبراً كالصاعقةِ دون أيّة مقدمات : جدتي ماتت ! . ]
لِهذا الحد انتهت تلكَ الصفحة !
[ العاشر من يناير لعامِ ألفين و أثني عشر :
مضت ثلاثةُ أيامٍ كانت مليئةً بِالحزن و انقضت أول عشرةِ أيام لي قَضيتهُ هنا في بلادي ! ، و كانت أياماً محفوفةً بِالمشاكل التي إلى الآن لم تنتهي ! ، و عبارة عبير التي قالتها يومِ أمسٍ لا يزال صداها يتردد في أذني [ شفتي كيف أنِك تجيبي النحس لكل مكان تكوني فيه ؟ ] ، في الحقيقة لم أندم أنني نمتُ ذلك اليوم مع جدتي ! ، و لن أندم أيضاً .. و لكنني الآن أحس بخوفٍ شديد ، كنت أظنُ أنّ أمي ستلغي تلك الخطبة السخيفة ّ! ، لكنها جاءت اليومَ و أكّدت لي أنها ستكون غداً ! ، و أنا و بِكُل صراحةٍ لا أريد التفكير في الشيء الذي سيحدث ! ] .
أسرعَ [ مُراد ] في طيِّ هذهِ الصفحة و فَتْحِ التي تليها لأنهُ يعرف معظم ما حصلَ ذلكَ اليوم !
[ الثامن من يناير لعامِ ألفين و أثني عشر :
اليوم هوَ يومُ الخطبةِ اللعينة ِ تلك !
كلُ ما في الأمر أن أمي جرّتني جراً لِـ أقابل تلك الأسرة ، و كنتُ ابتسم من وراء قلبي و لو كان بمقدوري طردهم لَفعلتُ ذلك ! ، لكنني طبعاً أخشى بطش أمي ! و في نفس الوقت لم أُربى على فعلِ شيءٍ كهذا ، لكنّ ما إن أمعنتُ النظرَ في تلك المرأة ، أحسست أنّ شكلها ليس بغريب ، و بعد أن ذهبوا ، اقتربت مني [ حور ] و بيدها صَحيفة فبَسطتها و وضعتها امام عينيّ و قالت مازحة : تعرفي من هذا ؟
فقلت لها باستهزاء و لم أنظر للصحيفةِ حتى ! : زوجِك !
و أردفت بنبرتي العاديّة بعدها : يعني شعرفني فيه ؟
فقالت و هي تحاول استفزازي : عم أولادِك
ففتحت عينيّ : انتي جنيتي ؟ ما كَنِك رحتي لبعيد ؟ أصلاً ما رح أتزوجه و رح تشوفي و ..
لم أستطع إكمال حديثي بعد أن قرأت الاسم و تمعنتُ في الشكلِ : مُراد ؟!
فأسرعت [ حور ] لترى الصورةَ جيداً : هذا هو ؟
فقلتُ بصدمة : ............ ]
|