الفصل الثاني
بعنوان : أنين لا يتوقف
لا أحد يسمع ما يقوله قلبك
لا أحد يسمع الحقيقة
في عقبات الحياة و معاركها الكاذبة
لا أحد يرى الحقيقة
وبعد سنوات ستتذكر الذكريات و أنت حزين
والندامة لن تترك و لا قدرك و لا ملاحقتك
و جمرة حبك لن تستسلم للمياه الباردة
و تلك اللحظة لن تعاش مرة اخرى
لا يوجد مكان تذهب اليه
ولا باب تدقه
و ستفهم عندما تبقى لوحدك في هذه الدنيا
يوجد كلام كثير تريد أن تقوله
و لكن لا أحد يسمع
تعبت من أن أحب لوحدي أيتها الدنيا الكاذبة
لازالت تستلقي على ذلك السرير , تستيقظ لتبكي وتصرخ , يداها مقيدتان بالسرير , لمنعها من ضرب نفسها وايذائها , سجينة حزنها وتعاستها , تعاقب لذنب لم ترتكبه , نتنظر تنفيذ الحكم عليها ,
تُنسى ، كأَنك لم تكن شخصاً ، ولا نصاً وتنسى !
تُنسى، كأَنك لم تكن خبراً ، ولا أثراً تُنسى
سلاماً على كلِّ من مرَّ على جرحي ولمْ يُلقِ التحية ..!!
,
يرتب ملابسه وأشياءه ليستعد لسفره الطويل , ولكن هناك شيء ناقص , , أين هي عروسه ؟ , كانت من المفترض أن تكون معه , ليس هذا ما خطط له , أن يجهز لسفره وحده , ويسافر وحده , ليعيش في ذلك البد البعيد وحده , كانت تعيش في جميع خيالاته حين يتخيل نفسه في بريطانيا , دائماً كانت تعيش في مخيلته , ولكن أين اختفت الآن ؟
تذكَر ذلك اليوم , اليوم الذي كان من المفترض أن يكون يوم زفافه منها , كان سعيداً جداً , وفرحته لا يمكن وصفها , ثم اختفى كل شيء
حينما وصلت له تلك الرسالة المجهولة , تخبره أن يتمهل في الزواج , والا سيندم , , ثم ذلك الظرف والصور التي افقدته صوابه
كانت تلك صورها , لم ولن ينسى ذلك الوجه الذي طبع في مخيلته منذ ان رآها , أخبر والدته لتأكد له أنها هي , ويذهب والده ليخبر والدها بفضيحة ابنته, وانتهى ذلك الزواج قبل أن يبدأ
دخلت غرفته : يومه سلطان خلصت تجهيز اغراضك ؟ والا اساعدك ؟
سلطان : لا يومه خلصت
ام سلطان : حبيبي ,ان شاء الله ماتكون بعدك متضايق من اللي صار
سلطان : شلون ما اتضايق يومه , انا كنت بتزوج وفجأة انتهى كل شي
ام سلطان : لا تضيق خلقك يا يومه , اللا صار كله خيره من رب العالمين , ربي كشفها لك من البداية عشان لاتتورط معها , الله يجزيه خير اللا رسل الصور وفضحها قبل لاتتزوجها
سلطان : الحمد الله على كل حال
ام سلطان : بكرة ادورك لك على الاحسن منها ولاينكسر خاطرك يا يومه
,
في ذلك القصر الراقي , تجلس بجانب زوجها الذي عاد أخيراً من سفره , ,كان المكان مزين بالبالونات الملونة بالأحمر والأبيض , ومشكلة على شكل قلوب , وتتوسط الصالة طاولة وُضِعَ عليها قالب كعك وردي , كُتِب عليه , ياسمين وسامي الى الأبد
قالت وهي تضع قطعة من الكعك في فمه : حبيبي , ماتصدق قد ايش وحشتني , والله ماكنت عايشة بدونك
سامي وصوته غير واضح بسبب فمه المليء بالكعك : يا بعد عمرري انتي , انا بعد ماكنت عايش بدونك
كان يتأمل تلك الشابة الجميلة بإعجاب شديد , كانت ترتدي ثوب ذهبي طويل , وشعرها المصبوغ بالأشقر منسدل على جانب واحد ,أما هو فيرتدي قميصاً مشجر و بنطال , كان يحاول أن يبدو شابَا , حيث قام بصبغ شعره ولحيته بالأسود ليخفي شيبه , علَه يصغر من سنه الذي قارب للستين ,
في هذه الأثناء دخل وليد ومعه مروة الى القصر , لفت انتباههما صوت الموسيقى القادم من الصالة
وليد : مرت ابوك عندها عزيمة ؟
مروة : مادري , يجوز , برووح أطل اشوف
مروة وهي تطل على المدخل المؤدي الى الصالة : ههههههههه وليد تعال شوف
وليد : وش فيه ؟ ليه تضحكين
مروة : هههههههههه تعال شوف ابوي رجع من السفر
وليد اقترب منها واخذ ينظر الى مانتظر اليه , : هههههههههههههه يسعد لي جوك ياشيخ
مروة : تعال نسلم عليه
وليد : انتِ روحي , أنا مالي خلق , بعدني شايل في قلبي عليه بعد اللي صار مع الريم
مروة وهي تمسك يده : يلا تعال وبلا دلع , خلينا نضحك شوي
سامي ولمح ابناؤه متجهين اليه , مروة : هلا يوبه الحمد الله على السلامة
سامي : الله يسلمك يا مروة
مروة وتقدمت اليه وقبلت رأسه باحترام : تو مانور البيت
سامي : منور بأهله حبيبتي شلونك ؟
مروة : الحمد لله يوبه
سامي وهو يرمق وليد الواقف بمسافة بسيطة عنه : وانت ليه ماتجي تسلم على ابوك
وليد ببرود وبدون لاينظر اليه : سلام
سامي : وش ذا السلام البارد , كذا تسلم على ابوك الا ماشفته من شهرين , انت ماتستحي على وجهك
مروة وهي تحاول تغير الموضوع : يوبه ليه صابغ شعرك ؟ صاير شباب حتى تبين وكأنك في عمر وليدوه
سامي وقد اعجبه إطراء مروة : والله ؟ لايق علي ؟
مروة : أي مررة يوبه , ولا كأنك في العشرين
وليد ولم يستطع كتم ضحكته : ههههههههههه
سامي وانحرج من ضحكة وليد وعرف معناها : انت ليه تضحك ؟
وليد وتجاهل والده وترك الصالة متجهاً الى غرفته
سامي : قليل أدب أنا اوريك
ياسمين وهي كتف زوجها : حبيبي ماعليك منه , لاتعصب , خله يولي شتبي فيه
سامي : لا بس قلة ادبة زادت عن حدها
ياسمين : ماعليك منه حبيبي , الحين تروح وتتركني , وانا تعبت طول اليوم وانا اتعدل واتظبط لك
سامي : ماعليه حبيبتي عصبت شوي , اسمحي لي
مروة وشعرت ان موقعها بينهما خطأ فقالت : تصبح على خير يوبه اترك تاخذ راحتك مع زوجتك
تركتهما واتجهت لوليد الذي كان يصعد الدرج
مروة : ولييد هههههههههه انت متى بتعقل عن هالحركات
وليد : انتِ ماشفتي البالونات والجو الرومنسي اللي عايش فيه , وزوجته كأنها بنته , ما قدرت امسك نفسي هههههههههههه
مروة : وجع نزل صوتك لا يسمعنا
وليد : مايهمني
,
في صباح يوم جديد , تلقت ياسمين مكالمة من نور
ياسمين : بس لازم يكون ولي الامر موجود معها اذا بتدخلينها الدار
نور : بس ابوي تعبان هالفترة , مافي غير هالحل ؟
ياسمين : امم طيب انا برسل لك اوراق على البريد , عبيها وفيه اثباتات لازم تجيبينها معك وبحاول احل الموضوع
نور : طيب مشكورة حبيبتي ماقصرتي
ياسمين : ولا يهمك
اغلقت الهاتف , واقتربت من زوجها الجالس على السرير
ياسمين بدلع : حبيبي ليه متضايق ؟
سامي : متضايق على هالولد , شكله بعده حاقد علي بعد اللي صار
ياسمين : حبيبي انت سويت هالشي لمصلحته , كلها كم يوم وينسى ويعرف غلطه ويجي يعتذر منك
سامي : بس شكلي قسيت عليه هالمرة , وانا ما اتحمل اشوفه مكتئب كذا , يظل ولدي الوحيد وماعندي غيره
ياسمين : حبيبي لا تشغل بالك , كلها كم يوم ويرجع كل شي مثل ماكان صدقني
سامي : ان شاء الله
,
قامت بخطوات متثاقلة من السرير ,مشتتة الذهن ,مثقلة بالهموم ,نظرت الى صورة زفافها التي على الكومودينة , كم كانت سعيدة وقتها , فقد احبته بصدق ,انه كريم وطيب ولكنه يفقد اعصابه بسهولة , فيصبح جافاً ,عديم الاحساس ,استفزازي , كأنه ذو شخصيتين متناقضتين يحل احداهما محل الاخرى بالتناوب
تساءلت في نفسها ان كانت لازالت سعيدة معه , فبعد قصة "هالة " اصبحت حياتهما لاتطاق لكثرة الشجار و أعصابه التي لا تهدئ
انتِ تبغين تجننيني , اقولك مو متحمل وجودها ف المستشفى تبغين تجيبنها بيتي بعد
الزمي حدودك معي يانور واسمعي الكلام ولاتردين ف وجهي , اختك هاذي ما ابغاك حتى تشوفينها تسمعين والا لا؟
كلماته الجارحة أصبحت كالكوابيس ترن في اذنها طوال الليل ,الى متى ستتحمل عصبيته وجنونه عليها ؟ لايمكنها العيش مع تعييره لها ولأهلها الى الأبد
مدت يدها اليه وهززته بخفة : منصور , قوم أذن الفجر
همهم بصوت ناعس : طيب
اختلست نظرة الى وجهه الجذاب البارد , وحدثت نفسها ( مو حرام الا تسويه فيني يا منصور ؟)
,
,
كان يجلس في غرفته , وعلى ملامحه امارات الضيق , اليوم هو يوم زفافها , اليوم ستصبح لغيره , وستحرَم عليه للابد
بدون ان تطرق الباب , داهمت مروة الغرفة : ولييدوه ,
وليد : نعم شتبغين ؟
مروة وهي تجلس على السرير وتقابله : وش رايك نروح للبحرين نغير جو , اليوم بجيبون السلطان سليمان بعظمته عشان يغني في مهرجان هناك
وليد : مالي خلق
مروة : يلا عاد , خلاص تراك ابثرتنا برومنسيتك الزايدة , وتزوجت ويعني ؟ خلاص نهاية العالم ؟
وليد : مريو اقلبي وجهك , مابتروحين العرس الليلة ؟
مروة : وليه أروح ؟
وليد : مريو تراها اختك , ماعليك مني , لا تجيبين لنفسك المشاكل مع امك بسببي
مروة : هههههههههه أنا وامي مشاكلنا ماتخلص , وانا ماباروح العرس لأني ما احب الأعراس واجوائها البايخة مو عشانك
وليد : والريم ؟
مروة : الريم صحيح اختي , بس بالطقاق يعني هي تدري ان انا ماحب هالاجواء
مروة وهي تضرب رأسه : افف خلاص لا تفكر فيها , مررة مصدق حالك انك تحبها انت تدري ليه موقادر تشيلها من بالك ومتأثر فيها ؟
وليد ببرود : ليه ؟
مروة : عشانها هي اللي تركتك , مو انت اللي تركتها , انت في العادة اللي تنهي العلاقة مع كل بنت كنت معها , بس هالمررة صار العكس هي اللي تركتك وكملت حياتها
أخذ يفكر بكلامها , ويتسائل في نفسه ان كان صحيحاً أم لا , مروة ابنة عمه التي لا يعتبرها سوى اخت واقرب شخص له , كانت تعرفه أكثر منه , كانت تجمعها معه علاقة اخوية جميلة , كانت تحبه أكثر من ماتحب اختها الغير شقيقة "الريم "
يتبع